عرض مشاركة واحدة
قديم 24-11-11, 01:17 AM   #22

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

3- الأجنحة المضيئة

إرتدت سارة ثيابها المؤلفة من تنورة صوفية انيقة وقصيرة ، وبلوزة زرقاء تنسجم معها لونا ، ومشطت شعرها الأشقر الى الوراء وتركته نصف مسدول ، سعيدة بالحرية التي جعلها تشعر بها بالمقارنة مع الطريقة الرصينة التي إعتادت أن تصفّف بها شعرها من أجل العمل مؤخرا ، ولمست بشرتها الصافية الملساء ببعض البودرة ، ووضعت مسحة من أحمر الشفاه الوردي على فمها الممتلىء ، ثم هرعت هابطة الدرج.
اخذت سارة تراقب الطريق ، وبدأ هيو الشرح:
" على ساحل ( مل ) يوجد قبر يدّعي السكان انه قبر إبنة اللورد ألين وقبر حبيبها سيد الفا ، وتزعم السطورة انهما غرقا وهما يحاولان أن يعبرا لوخ غويل ناكبل على ظهر مركب ، ومن المحتمل ان يكون الشاعر توماس كامبل قد سمع بهذه الحكاية عندما جاء للعمل هنا مدرسا عام 1795".
" إنني أذكر القصيدة".
وغامت عيناها وهي تنظر خلال النافذة الى المرتفعات الوعرة ،وسرت الرعدة في جسدها.
" لا يبدو ان شيئا قد تغيّر هنا ، وكأن القصة حدثت البارحة".
" إن جزيرة كهذه لتتحدى الزمن ، إذا نظرت الى ما بعد الفا لأمكنك أن تري مزيدا من الجزر الصغيرة ".
سرحت سارة بنظراتها الى تلك الجزر كالمسحورة ، وبدت لها الجزر البنفسجية الباهتة ، الرابضة في غياهب البحر علىى طول خط الفق بإتجاه الغرب ، وكانها ترقد على حافة العالم ، فغلبها الصمت وهي تتامل روعة المنظر ، إن البقع المماثلة لهذا المكان هي التي تلهم الشعراء وتدفعهم الى كتابة قصائدهم.
" لقد أحبّ عمي هذه الجزر – جزر الهييريديز ، إذ كان رجلا إسكوتلنديا يفيض قلبه بالحب العميق لمسقط رأسه ، ولكنه من المؤسف انه لم يقبل على العمل بمثل هذه الحرارة".
لم تفت سارة لهجته الجافة ، وأحست للحظة بنفور شديد منه ، قد يبدي إهتماما بالماضي مرددا اساطيره الرومنطيقية ، ولكنه لن يسمح لنفسه مطلقا بان يتأثر بها الى حد كبير ، فلا يوجد للأحلام سوى مكان ضئيل في نفسه.
" الم تقع ابدا تحت رحمة عواطفك؟".
سألت سارة بتهور وقد ثارت في مخيلتها صورة زعيم ألفا المنكود ، فحطت عليها نظراته بخفة.
" انت لا تتوقعين ان أجيبك على هذا السؤال يا سارة".
وإعترتها موجة من الإضطراب الحار ، أن سارة بلا شك أفضل من آنسة وينتون ، ولكن مخاطبتها بإسمها المجرد من شانه أن يضع علاقتهما على صعيد آخر ، وإتسعت عيناها وهي تحدق امامها مترددة ، إن أسلوب حياتها الآمنة نسبيا حتى الآن لم يزودها بالمرونة الفكرية التي يمكن تكييفها بحيث تؤهلها لمجابهة رجل من هذا النوع ، ولأول مرة في حياتها أحست بإضطراب في عواطفها يسببه رجل ، وبعدم القدرة على العثور على الكلمات المناسبة.
وإنحدرت اشعة الشمس مضيئة جانب وجهه مما اسبل عليه إنطباعا بالحيوية الفائقة فسّرته سارة بالقسوة ، ورماها بنظرة أخرى تومض بالشقاوة وكأنه على علم تام بقلة خبرتها ، واجدا في ذلك مدعاة للتسلية .
" من الان فصاعدا ساناديك (سارة) ان عبارة ( آنسة وينتون ) تستغرق وقتا طويلا".
" بالطبع ، وآمل أن تحذو اختك حذوك عندما تاتي".
ومال الطريق نحو الظلال ، وشعرت سارة بان الطريقة الرسمية التي تفوهت بها عباراتها الخيرة قد بعثت التسلية في نفسه ، فشعرت بأعصابها تتوتر غيظا ، وإستدارت اليه وعيناها تشتعلان.
" أنت تحب إغاظتي".
" إن شيئا فيك يستفز المرء ، هناك الكثير الذي يمكن ذكره في مجال الأخذ بالثأر ، ولكنك أحيانا تردين الكيد بمثله".
" لا تنس أنك رئيسي".
" ها.... ها".
وإبتسم ثانية وهو يراقب إستياءها الواضح.
" لا تدعي امرا كهذا يحبط إندفاعاتك الطبيعية".
تخيلت سارة مدى السعادة التي ستشعر بها لو إستطاعت توجيه صفعة الى وجهه ، ألا يستطيع أي شيء أن يخترق تحصينات سور هذا الأسلوب الواثق المصقول ؟ إنه يلعب بالألفاظ ناثرا إياها بإستخفاف ، وكأنه يتلذذ بالأضطراب الذي تثيره.
" هل سمعت عن أختك؟".
" نعم ، هذا يذكرني ! ". وتلاشى مرحه بفجائية مزعجة :" لقد خابرتني جيل بعد الغداء ، ستصل غدا".
" إنني اتلهف للقائها".
وعلى الرغم من تحفظاتها السابقة فقد غمر صوتها رنين الصدق ، إن وجود جيل يشكل حاجزا بينها وبين هذا الرجل الذي يتارجح مزاجه كرقاص الساعة بين مشاعر الإعجاب بالذات وبين نوع من التسامح المزعج.
هزّ هيو كتفيه بلا مبالاة ، بينما سرحت سارة بنظراتها عبر النافذة المفتوحة ، محاولة أن توجه دفة افكارها نحو معابر أكثر سلامة ، وسارت السيارة على طول الشاطىء الغربي نحو قرية برغ وخليج كالغري ، وشرح هيو انهما بأتباع الطريق يستطيعان أن يشاهدا بعض معالم الساحل قبل الوصول الى قرية توبرمري ، وكانت المناظر تتغيّر من مكان الى آخر ، وبدت الأرض قفرا ، غير مأهولة . والمستنقعات أكثر جدبا وإمتدادا.
شردت عينا سارة اللتان لاح فيهما بريق الإهتمام فوق أعشاب الحلنج ، وفجأة دون تفكير ، امسكت بذراعه بشدة ما جعل السيارة تحيد عن الطريق قبل ان يستطيع إستعمال الفرامل.
" آسفة!".
قالت لاهثة وهي تشير الى طائر جثم بهدوء فوق عمود طويل.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس