عرض مشاركة واحدة
قديم 11-02-12, 09:12 PM   #8

عذاب الفراق

? العضوٌ??? » 1776
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 993
?  نُقآطِيْ » عذاب الفراق will become famous soon enough
افتراضي





قناع من الخداع 7


الفصل الأول


" اعذريني ... عفواﱟ . "
ابعدت ميرديث نظرتها الحسودة عن العائلات التي تسلم
على بعضها البعض في المدخل الطويل واستدارات نحو
الرجل الذي كان يتكلم مع انها كانت متأثرة جداﱟ ، ثار
انتباهها الرجل الواقف امامها .
هناك انسجام رائع الجمال به من رأسه حتى قدميه . كان
يرتدي معطفاﱟ من الصوف الناعم يناسب لون عينيه الداكنتين
اما الشال الحريري الانيق لونه فاتح كلون شعره . وهذا ، ما
فاجأها ، كان يشبه لون الذرة . الوان متشابكة منسجمة . امر
مذهل .
سألت : " هل يمكنني ان اساعدك ؟ " محاولة ان لا تجعله
يشعر بدهشتها الواضحة في عينيها الزرقاويين . تحدث
بالانكليزية معها لأنه نظر الى قبعتها المصنوعة باليد ،
ومعطفها الرخيص الثمن . فهي مما لاشك فيه غير ايطالية ،
قرر ذلك بوضوح ، لابد ان هذه المرأة هي انكليزية !
ابتسمت له ، فأنارت الابتسامة وجهها .
قال بنعومة : " هل هذه الطائرة آتية من لندن ؟ "
لم يعجب ميرديث ردة فعله لأن الناس عادة لا تبقى عدائية
مع نظراتها الصديقة . كان يتكلم بلهجة محايدة ... لكي يخفي
تحتها غضب قوي يسيطر عليه . اقتربت منه اكثر ، وقالت :
" هذا صحيح . لقد عمت الفوضى في برنامج الطيران ، اليس



8 قناع من الخداع

كذلك ؟ لقد تأخرنا في الوصول في الموعد اكثر من يوم
بسبب عاصفة ثلجية عنيفة . " حاولت ان تعادل بأوزان
الحقائب الست التي تحتوي ثيابها ، شعرت بمسكات
الحقائب تترك اثراﱟ على يديها .
ادار الرجل الايطالي رأسه ، من الواضح انه كان يتذكر
طباعه قال بحدة : " شكراﱟ لك . " كان يمسك بيده بطاقة وهو
ينظر الى باب الخروج للقادمين وكأنه يتوقع ان يدخل منه
ألد اعدائه .
سألت ميرديث : " لا اعتقد انك كنت بانتظاري ؟ " متمنية بحرارة ان لا يكون .
قال براحة : " اه ، حسناﱟ، لم افكر بذلك . " وهي تشعر بعدم
الارتباك بسبب تصرفه الوقح . كان من المفروض ان
ينتظرها احد ما من قبل مصرف دو أورو ، وهذا الشاب
الاشقر بالتأكيد لا يشبه موظف في مصرف ... مع انه قد يكون
السينيور كورزيني . اصبح وجهها حزينا فجأة ، وتطلعت
الى الغرفة الخالية بقلق ، وتذكرت سبب مجيئها المعيب .
الابتزاز . انه عمل مشين . مجرد التفكير به ، جعلت قدميها
ترتجفان والحقائب تسقط من يديها المتعبتين . حاولت
ميرديث يائسة ان لا تسقط ثيابها من الحقائب لتجد ان قدميها
تنزلقان بسبب الثلج الذي دخل الى القاعة .
" انتبهي ! "
شعرت للحظة او اكثر بحماية يدين قويتين ثم سقطت فوقه
وهي تشعر بالصوف الناعم لمعطفه .
رفعت رأسها ، وهي تشعر بدفء في وجهها من جراء
الصوف الناعم في معطفه ، احست على الفور بنفس بارد

قناع من الخداع 9

كالثلج على جبينها . لابد انه مليء بالعضلات تحت تلك الهالة
من الاناقة المفرطة .
قالت معتذرة : " آه ، كم هو مخجل ! إنني آسفة . " اصطدمت
عيناها بنظراته الباردة : " معطفك الجميل ... "
ارتجفت رموشها ، وابتعدت عنه لتلتقط اغراضها
المتبعثرة ، وهي تعلم كم تبدو مرتبكة .
سألت بقلق : " اعذرني ... هل يحتاج معطفك لتنظيف ؟ "
متمنية ان لا يرسل اليها الفاتورة . فلديها ما يكفي من
المشاكل أمامها ، من دون التفكير بصرف اية اموال اضافية
من مدخراتها القليلة .
زاد وجهه تجهماﱟ ، وقال بلهجة غاضبة : " نعم . " واخذ يدفع
ببعض ثيابها في الحقائب .
رأت ثيابها امامه فقالت : " ارجوك ، يمكنني ان افعل ذلك
بنفسي ... " وهي تشعر بالوضع السخيف الذي اوقعت نفسها به .
نظر اليها بتعالٍ ، لكنه استمر في حزم اغراضها ، وبدا
وجهه ينم عن استخفاف واضح بها .
قال محذراﱟﱟ: " راقبي اين تضعين قدمك في المستقبل . " وقف
وهو يسند حقيبتين الى قدمه . انحنى يلتقط البطاقة التي كان
يحملها ثم قال غاضباﱟ وهو ينظر حوله في القاعة الفارغة :
" هل انت اخر القادمين ؟ "
" نعم ، لقد مزقت حقيبتي بسبب الحزام الحديدي . " ارادت ان
تفسر له سبب توزع امتعتها على عدد كبير من الحقائب
الصغيرة . ابتسمت وهي تتذكر كم ساعدها المسؤول ثم
قالت : " اعطوني هذه الحقائب ، وقدم لي رجال الجمارك
فنجاناﱟ في القهوة ، ومسحوا دموعي و ... "


10 قناع من الخداع

قاطعها الرجل بخشونة ، ليوقف كلامها فجأة : " آه ، لقد
انتظرت من اجل لا شيء ."
قال ميرديث متعاطفة معه : " اه ، ما هذا الحظ السيء . " كان
يبدو عليه انه يستطيع تحطيم كل ما يقف في طريقه . تنهدت
قائلة : " حسناﱟ ، من الافضل ان اجد قارباﱟ يقلني الى فنيس . "
بعد ان تاكدت انه لم يحضر احد ليصطحبها .
جمعت الحقائب المبعثرة ، كانت قد اقلت نصفهم الى باب
المدخل لأنها وجدت من الصعب السير وحملهم معاﱟ . سيدة
الحقائب تصل الى فينس ، هذا ما فكرت به ، وهي تحاول ان
ترفع من معنوياتها الى ما ستصادفه في هذه الرحلة .
" توقفي مكانك ! "
رفعت ميرديث حاجبيها من المر السريع الذي سمعته .
استدرات لترى الايطالي المغرور يسير على الثلج
باتجاهها . سألت بقلق : " هل سأنتظر طويلاﱟ ؟ فهذه الحقائب
ستمزق ... "
" ليس هناك اي قوارب ، فالمياه متجمدة وهي غير عميقة .
عليك الذهاب بالتاكسي . " رأى مظاهر الخيبة في وجهها
فاضاف : " لكن لا تقلقي ، فالانتقال في القتال ما زال عادياﱟ ...
وبذلك يمكنك متابعة الطريق بمركب . "
قالت مازحة : " انا أذهب في تاكسي ؟ " تجاهلت جملته
الاخيرة . " شكراﱟ كثيراﱟ على هذه المعلومات ، لكن فتيات مثلي
لا يستأجرن تاكسي . الا تعلم ذلك من تصميم قبعتي ؟ انها فقط
للفتيات اللواتي ينتظرن النقل العام . " ابتسمت له ابتسامة
كبيرة والاحساس بالفرح من قلبها جعله يخفف من طبعه
السيء قليلاﱟ .


عذاب الفراق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس