عرض مشاركة واحدة
قديم 28-03-12, 12:28 AM   #1288

malksaif

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية malksaif

? العضوٌ??? » 120710
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,545
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » malksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي عاشق ليل لا ينتهى

الفصل العشرين

دلفت للمنزل فوجدت جميع الوجوة قلقة ومضطربة إحتضن عمى عبد الله طلال وأخذ يعنفة برفق لذهابة للميدان بدون أن يخبرنا ..ميساء أول من سألت عن صلاح فأخبرتها بتصميمة على البقاء هناك ...صمت عمى قليلاً يفكر وعلامات الجدية مرتسمة على ملامحة قال " كيف الوضع هناك ليلى ..؟" كذبت علية وقلت " الأمور على خير ما يرام عمى ..أركان ذهب كى يكون بجوارة .." مسح الرجل الكبيروجهة بإرهاق وجلس أمام شاشة التلفاز وهو يردد أدعية هامسة ...رن هاتفى فوجدت رقم غريب فأجبت " السلام عليكم .." وردنى صوت شقيقى الصغير المتوتر "وعليكم السلام ...أنا علىّ ...كيف حالكم ليل ؟.."أحسست بلوعة عاصفة تجتزنى من جذورى لقد إشتقت الى هذا الرجل الصغير الذى كان رجلى الوحيد لأمد بعيد قلت بهدوء " إننا بخير عزيزى كيف حالك أنت وما الأوضاع عندكم ..ولماذا لم تتصل من هاتفك ورقم من هذا ؟" زفر بضيق وقال " الوضع هنا سىء للغاية ليلى لذلك لن أستطيع النزول بإجازة لبعض الوقت وهذا رقم أمن فخطوط الضباط مراقبة ...هل نزل صلاح لميدان التحرير ؟.." جلست بجوار شمس المترقبة وقلبى يحمل شكوكاً لسؤالة فأجبت " نعم لقد نزل ومعة أركان ..لماذا خطوطكم مراقبة؟؟" قال بهمس كمن يخشى الكلمات " يخشون تحيز الضباط لصفوف المتظاهرين ..إسمعينى جيداً ليلى ..يجب أن يعود صلاح وأركان للمنزل وجودهم فى الميدان خطر على حياتهم هل تفهمين خطر محدق بهم ..." إبتعدت عن الجلسة العائلية وهمست " ماذا تقصد علىّ؟.." فرد بفروغ صبر " ياليلى فقط حاولى إعادتهم للمنزل فالميدان مرصود من قوات الأمن بالوقت الحالى ويسعون لجمع أسماء المتظاهرين للقبض عليهم هذا يعتبر إنقلاب على الحكم .." إستندت على حافة النافذة وجسدى بأكملة يقشعر من خطورة القادم الذى إرتسم بأبشع صورة بداخلى فقلت " حسناً علىّ سأحدثهم وأنت إعتنى بنفسك عزيزى وهاتفنى يومياً للإطمئنان عليك ..." أغلقت الهاتف وجسدى ينتفض من شدة القلق على العنيديين القابعين بميدان التحرير ..لمس طلال يدى وأخذ يضغط ليعرف ما قالة علىّ وجعل وجهى شاحباً هكذا ...راوغتة كثيراً ولكنة يرى بشفافية يفتقدها الكاملين جسداً ....نكس رأسة وعاد ليجلس بجوار جدة يراقب الشريط السفلى بقناة الجزيرة ويحاول إلتقاط الكلمات وتجميعها من شفاة المذيعين ....ترقرت الدموع بعينى وأخذت هاتفى ودلفت للمكتبة هاتفت أركان فوصلنى صوتة من وسط الضوضاء العالية "ليل ما الأمر ؟.." فأخبرتة بما قالة علىّ وساد الصمت حتى ظننت أن الخط قطع حتى أتانى صوتة الثابت يقول " لاتقلقى ليل سيكون كل شىء على مايرام"..لاأعلم لما صرخت فيى وجهة وقلت " كل شىء لن يكون على ما يرام ...لاشىء على ما يرام كيف تتوقع منا أن نكون هادئين وأنتم وسط الخطر هكذا .." سمعت صوت الصراخ من حولة ثم قطع الخط بغتة ...لفترة ظل الهاتف على أذنى أوهم نفسى أن صوتة سيصل الىّ بأية لحظة ولكن صوت غلق الخط قمع وهمى ...جلست على الكرسى بإرهاق وعقلى يصدح بالأفكار ماذا أفعل الأن ؟..إن ذهبت لهم سأعرض العائلة لخطر القلق وطلال لن يتركنى ...وسأجرهم خلفى الى ميدان الخطر ..

نشوة لذيذة تغرقنى حتى حد الإختناق وأنا جالس بمكانى هذا على تلك الحشائش الخضراء بوسط الميدان ....الهتافات لا تنقطع ...لا تكل ...لا تمل .....رغم أن الوضع ساكناً لدرجة التوتر , المحلات التجارية المتناثرة بالمنطقة أوصدت أبوابها منذ الصباح خوفاً من بطش الأمن والتجاء الشباب اليهم ...لازالوا يخافون ....لم تصل اليهم حمى الثورة بعد ..كما هيئة المنازل التى تشبة من هجرها ساكنيها إلا تلك النوافذ المشرعة الفضولية التى تفتح بغتة بأوقات الهدوء القليلة لترى الوضع وتحمل ذهولاً ساخراً من موقف الشباب ووجودهم المصمم مع هتافاتهم التى تهز الوجدان .......لففت عنقى بكوفيتى وأنا أشعر بالسعادة تغمرنى ....لم أعد قلقاً أو خائفاً لقد إنتقلت الىّ حماستهم مع أثير حروفهم المخضبة بحب الوطن مهما قسى .....عشرات الألاف من المتظاهرين لايزالون ها هنا ...ينتظرون أية تعليقات لحكومتهم .....نفضت قطرات الندى الليلى من على كتفى وتدثرت بمعطفى جيداً فبرودة يناير تخترق الأجواء بصقيعها ولكنهم لا يهتمون ......الحماسة تزيد ولا تضعف , حقيقة ظننت ببعض الوقت إنهم ربما يتراجعون عندما يجدون لامبالاة حكامهم وعدم إنصياعهم لثورتهم إلا أنهم تحفزوا أكثر وكأن موقف أولياء أمورهم دفعهم للتشبث بموقفهم .... صمودهم أثار إعجابى , راقبت صغيرى يفرك يدية ببعضهما طلباً للدفىء وسط رفاقة الذى عرفنى عليهم ..شريف ..خريج كلية هندسة بتقدير جيد جداً ويعمل كعامل بناء بأحد شركات المقاولة ...عبد اللة خريج كلية طب مرتبة لايتعدى 300 جنية ....محمود جارنا بأخر الحى ويعتبر أصغرهم سناً ولقبة صلاح بالفدائى ....فى وسط ضحكات ذلك الشاب ذو العيون الخضراء والملامح الهادئة ..مراد العيسوى مسيحى والصديق المقرب لصلاح يعمل معة بالأثار ...إبراهيم كامل خريج كلية تربية قسم لغة إنجليزية فتح لة والدة محل بقالة بعد أن فشلت جهودة بتعين طفلة الوحيد بوزارة التربية والتعليم ....وكثيراً من الإسماء والوجوة التى إتسمت بالشجاعة والطموح هزمتهم حكومتهم المعتقة منتهية الصلاحية ...كان دورى المحبب لنفسى هومراقبتهم وهم يعملون لتوزيع زجاجات المياة التى أحضرتها وكمامات للوقاية من الغز المسيل للدموع وبعض السترات التى تحمي من إبتلت ملابسهم جراء رشهم بخراطيم المياة الخاصة بالمطافىء والإطمئنان المتواصل على كل مداخل الميدان الذى يقف فية أحد النشطاء خوفاً من أية هجومات مضادة من قبل قوات الأمن التى زاد إنتشارها فى الليل ...يضربون ضربات إستطلاعية بالغاز المسيل للدموع كل فينة وأخرى .....

شيء مؤذي أن تجد نفسك واقفاً أمام مخاوفك فتستحضر كل ما يتركك واهناً وعرضة للأسوء.... تفتح حينها صدرك دفعه واحده فينفجر شيء غاضب.. وقاتم , مشوش. ...بداخلى إنفتحت جروح ناعمة، ومسافة غامضة في الأعماق.... لاشيء الأن يعفينى من حنين ثقيل في القلب وإحساسى الساخن بالدوخة وعدم التوازن....ها هو الوطن ....الوطن الحقيقى ..مصر التى قالوا عنها لن تقوم بها ثورة إلا إذا تحرك أبو الهول من مكانة ها هى تنتفض بثورة حرية لم يرى التاريخ مثلها يوماً....
إقترب منى صلاح بإبتسامة واسعة لا تفارق ثغرة وتوسد يدية على الحشائش قربى وهو يحمل جهاز الكمبيوتر المحمول خاصتة ويقول بفرح ممتزج بالرهبة " المظاهرات تعم كل المحافظات ...الأمن يتصدى لهم بالغاز المسيل للدموع مثل حالنا ها هنا ..." نظرت لة وهو يبشرنى وأيدى القلق تزحف لدواخلى وأوأدها بعنف محاولاً الإنسجام بحلم صغيرى الذى قاطع تفكيرى بقولة " ما رأيك أركان ؟.." ياإالهى لم أعد أنا شقيقة القدوة أصبح صغيرى قدوتى وإلهامى ...قلت وأنا أحدق بة " يعجبنى جنونكم وأتمنى أن يتحقق ذلك الحلم المستحيل .." ضحك وهو يقترب منى أكثر وقال " أحب هذا النوع من الجنون الفكرة كلها كانت مزاح من البداية أركان ...مزاح مجنون ما لبث أن إستقطب كل فئات الشباب على الفيس بوك وتويتر وكأنهم كانوا يبحثون عن ذلك الجنون وإستنهزوا فرصة إقتراحة.... الحال ها هنا من سىء لأسوأ ...وأظنك جربت ذلك كثيراً ناهيك عن سيناء وما بها لقد طردنا قسراً من أرضنا بسببهم أركان ...هل تصدق أن لدينا 48 مليون فقير منهم مليونان ونصف المليون يعيشون في فقر مدقع.... لدينا 12 مليون مصري بدون أي مأوى ومنهم مليون ونصف يعيشون في المقابر.....والحاشية والرئيس يعيشون بقصور مذهبة ....لم يعد الناس يجدون حتى لقمة العيش يا أخى وهناك أكثر من 3 مليون شاب عاطل ونسبة البطالة بين الشباب تجاوزت 30% ومصر تحتل المركز الأخير بين 139 دولة في معدل الشفافية في التوظيف....يا أركان مصر تلد كل 23 ثانية طفل بمستقبل مبهم المعالم وحياة ممتلئة بالضنك عن أخرها ..وأيضاً قانون الطوارىء الذى يجيز لأمثال عرفان ما يفعلوة بالشباب والذى يصل بمعظم الأحيان للتعذيب والقتل ...ما حدث معى مجرد قشرة واهية مما يحدث بالبلد هنا فى الواقع الحقيقى من يتحدث يقطع لسانة ومن يفكر فى مصلحة البلد يقطعون رأسة ..."نظرت لة بألم وقلبى ينتفض حنقا ًكل ما قالة صحيح كان لابد من هذة الثورة حتى تعيد تصويب الأمور وترسم مستقبلاً أفضل للأجيال القادمة ....ولكن حديثة عن عرفان أثار وجعى وقلت " أعلم بكل ذلك ولكن ما يحيرنى حقاً هل تنتقم صلاح؟..." رفع طرف شفتية بسخرية وقال " لم يأتى وقت الإنتقام بعد ..هذا الوقت يلى الثورة عندما نعيد كل شىء بمكانة .." قلت بعملية " أرى أنكم مجموعات ولستم موحدين " ..قال " لسنا منظمين بالفعل ولكننا تجمعنا لغاية واحدة وهدف واحد وهذا هو المهم ...نجحنا بأن نجمع كل أولئك بيوم واحد وميعاد واحد فلما لا تنجح ثورتنا " لم أحب إحباطة بظنونى وصمت وأنا أراقب عينية تغفل وهو يحدثنى فإنفجرت ضاحكاً مما أيقظة فقلت " أتنام بأى مكان يا أيها المجنون ...أنا لاأصدق .." رد على بمزاح وهو يتثاءب " عيناى هى من تنام فقط إنما عقلى مستيقظ دائماً وأبداً ...صحيح كنت أود سؤالك بشىء .." توقفت عن مراقبة الميدان المكتظ وقلت بإهتمام " ماذا ؟..."إشتعلت بعيناة مكر محبب وقال وهو يخرج هاتفة " لقد تحدثت من هاتفى أكثر من أربع ساعات بالأمس مع من ياروميو ؟.." رفعت حاجبى بتهكم أخفى حرجى وقلت " أيها الشقى ...." إنفجر ضاحكاً وهو يقول " مع جولييت أكيد ...فيما كنتما تتحدثان كل ذلك الوقت ؟.." تجاهلتة وقلت " لاشأن لك أيها المتطفل .." تزايد ضحكة وقال " نعم ..نعم...تتحدثون من هاتفى حتى الصباح ولا شأن لى ....يالهذا الجيل المعقد .." لم أجيبة وصمت أفكر لقد إشتقت اليها منذ فصل الخط بيننا وهى تخبرنى عن علىّ , يروق لى قلقها وأشعر به يتسلل لأوردتى يدفئها ويتغلغل بقلبى يعيدة للحياة بعد موت طويل ...قطع جلستنا صوت ركض وإنفجارات بعيدة وبعض طلقات نار تضرب بالهواء , رفاق صلاح يصرخون " إنهم يعتقلوننا .." هببت وقفاً فى نفس اللحظة التى وقف فيها صغيرى يحمل حقيبتة ويرتدى كمامة الغاز ويعطينى واحدة ونبدأ بالركض لمساعدة المصابين ومحاولة ردع قوات الأمن بالحجارة من أن يخترقوا حصوننا البشرية ...
مر بعض الوقت من كر وفر كأننا بحرب دامية ولسنا بوطننا ...وقع الكثير من المصابين وبدأ بعض الأطباء بتجميع جهودهم وإقامة مشفى ميدانى لإيواء المصابين الذين ينزفون محاولين تضميد جراحهم بالإسعافات الأولية بأقل الإمكنيات المتوافرة ..تفرقت عن صلاح لبعض الوقت وحاولت عبثاً البحث عنة ولكن كل فرد من هؤلاء الصغار كان صلاح ....فتجاهلت نداء الدم ولبيت نداء الوطنية بإنقاذ من يقع تحت أقدام الراكضين ...لقد نجحوا بتشتيت المظاهرة وبدأ الشباب يهربون للشوارع الفرعية ولكن ما لبثت عدة دقائق حتى تجمعوا بوسط الميدان مرة أخرى من الشوارع المقابلة ....وهو يصيحون" بإسقاط النظام وسلمية ..سلمية "...لم يعد هتاف للإصلاح أصبح هتاف لإسقاط النظام بأكملة ....وإقرار بأن ثورتهم سلمية حتى النهاية ...مهما فعلوا من تنكيل بهم ...

لقد مر يومين لم أرى وجهى إلا بعيون المتظاهرين المكممة بالحزن والغضب الساطع ...فقدنا عدد من الشباب الذى يترواح عددهم مابين السبعة والعشرة ..لم نستطع تحديد عددهم بعد ..إعتقل المئات وألقوا بالسجون ومنهم شريف وأصيب إبراهيم أيضاً أثناء مرور عربة مصفحة بجوارة ...لكنة لم يوافق بالرحيل , صمم على المكوث وهو يربط قدمة المصابة ....إصابات الإختناق كانت كثيرة هذا غير الإصابات الخطيرة التى أوصلناها فى الصباح الباكر للمشفى الميدانى وطلبت نقلها الى مشفى متخصص لضرورة إجراء عمليات هامة ...إقترب منى صلاح بوجهة الملطخ من الأتربة وقميصة البيج الذى تغير لونة جراء الوقوع ووشمتة بعض بقع الدم من نقلة المصابين ...إلا أن شىء أخر بعينية لفت إنتباهى ليس وحدة بل جميع من بالميدان وأنا معهم ...نظرة ألم لم يصلها الإنكسار الكامل بعد ...قال بهدوء " لقد نفذت زجاجات المياة والأغطية ..." فأجبتة وأنا أخلع معطفى لأضعة على كتفة " حسناً سأحضرها وسأمر على والدى أطمئنة الهاتف لا يكفى ولولا حضور عبد الرحمن بالأمس كان والدك سيجن جنونة ..." هز رأسة بالموافقة وهو يدلك ذراعة التى ضربه عليها أحد أمناء الشرطة وفى محاولة عابثة لجذبة من أيديهم تناولت خبطة قوية بعصا على جبهتى مكان الجرح الذى أصبت بة أيام السجن فعاد ينزف من جديد مما شل حركتى لبعض الوقت لم يكن الألم ما إستوقفنى إنما من ضربنى المرتين فالفرق بينهما يفصل بينة السماء والأرض ....وأصابنى سؤال مهترىء ما هذا الذى يحدث ها هنا ؟؟ ...أمسكت جرحى بيدى وصلاح يحاول هذة المرة جذبى وقلت بصراخ " لماذا ؟.." فتراجع الجندى لاأعلم هل رهبة أم ندم حتى إقتنصة أحد الشباب وأوسعة ضرباً فى محاولة بائسة منى لإبعادة عن الجندى قلت " لا ....لاتفعل ...إنة مصرى ..."فرد الشاب " هم من بدأو ...أنسيوا أننا أيضاً مصريين ؟.." رد الجندى بقوة " إن لم أفعل ذلك سأكون خائن ..." فأجاب صلاح " إن ما تفعلة الأن هو الخيانة بعينها ...."تركنا وذهب ....ساد الصمت برعونتة علينا أثناء عودتنا الى جوف الميدان كلاً يحمل شيئاً بغيضاً بداخلة لا نعلم الى أين سيوجهنا .......أفقت من شرودى فزفرت بضيق وقلت " لتذهب معى صلاح حتى تغير ملابسك ونعود سوياً" نظر لى نظرة فولاذية وقال " لن أرحل من هنا حتى نحصل على ما نريد وإلا نموت هنا "...وفجأة وجدتة يهتف بكل كيانة وبأعلى صوتة " حرية ..حرية ...لن نخضع ..."وكأن صوتة الوحيد كان إشارة لتجمع رفاقة وصوت هتافاتهم جلجلت الميدان فى لحظة لم ولن أراها بحياتى ما حييت ....
إبتعدوا بهتافاتهم التى لازال صوتها يصدح بأذنى يلفون الميدان ...توجهت الى المنزل وقلبى يشتعل قلقاً ليس على صغيرى فقط ولكن عليهم جميعاً لقد نمت بيننا أربطة خفية حميمة وأصبحت أحفظ وجوههم وحالاتها ...يصلنى طموحهم وألمهم ....وصلت للمنزل بعد حوالى الساعة فالشوارع لازالت حركتها بطيئة ورجال الأمن يوافقون على رحيل أياً كان من الميدان ولكن الدخول سيكون شبة مستحيل ...دققت باب البيت ففتحت لى ليل وساد الصمت برهة وهى تضع يدها على فمها مذهولة من الإصابة الطفيفة بجبهتى وفكرت "أة ياليل لو رأيتى ما يحدث هناك ..." قلت " السلام عليكم ..أنا بخير لا تهلعى أرجوكِ" قالت وهى لازالت غارقة بحالتها " ما هذا ؟...وأين صلاح ؟.." قلت وأنا أقترب منها محاولاً الدخول للمنزل إلا أنها لم تلاحظ ولم تبتعد فقلت بهمس " إنة جرح بسيط وصلاح لازال بالميدان وأنا عائد الية ..جئت فقط لأطمئنكم أين أبى ؟.."لم تتحرك فلمست كتفها بخفة فأفيقت وسرعان ما إبتعدت من الطريق وعلامات الذعر لازالت تلوح فى الأفق ...قالت بتلعثم " إنة بالداخل .." ما كادت تنهى كلماتها ورأيت والدى يهرع الىّ عيناة تحمل لهفة إشتقت اليها ولم أراها منذ عودتى إلا الأن فوجئت بة يضمنى بقوة ويقول " حمداً لله على سلامتك .." لم أستطع تمالك نفسى ووجدت عيناى تترقرقان بالدموع فأغمضتهما بعنف كى لا تلمحنى ليل وشمس التى إقتربت من جمعنا وضغطت على ظهرة بقوة أعيد ذاتى الى أركانها ....إبتعد والدى عنى قليلاً وقال بثبات " صلاح بخير ؟.." فقلت وأنا أشد على يدة " نعم أبى بخير لا تقلق .."قالت ليل " إنكم حمقى لا أحد قد سأل فيما تفعلونة كيف توافق على طيش صلاح هكذا.." ضايقتنى عصبيتها المفرطة على غير العادة وقلت كما قال صغيرى " لن نترك الميدان إلا والحرية ترفرف ها هنا من جديد " وأشرت لموضع قلبى ...فنظرت لى للحظات صراع يدور بعقلها أعلم جيداً ما تحملة بين جوانحها ككثير من الشعب لازال الخوف من الوحش الكاسر الذى أوهمهم بة أجدادهم وأباؤهم يشتت عزيمتهم ويريد وأد شجاعتهم ويضربهم بسياط الخوف كى يخضعوا ولا يرفعوا أنظارهم للنور ...يخشاهم هذا الفرعون يخشى كثيراً يقظتهم ....ووعيهم لذلك كان ينفى أصحاب العقول دوماً للخارج كى لا يفتحوا عيون البسطاء على أشياء تهدد مراكزهم وسلطتهم ..علموا كيف يدخلون لكل بيت ولكل شخص كالوباء المسرطن الذى يزحف بالجسد حتى ينهية عن بكرة أبية .....

لم أصدق نفسى عندما رأيتة أمام عيناى روعنى منظرة وتلك الضمادة الخفيفة التى حاول إخفاؤها بشعرة ...لم أعد أستطيع السيطرة على مشاعرى أمامة ..ما يحدث يأجج ثورة عارمة بداخلى لم أعد أتمكن من السيطرة على أى شىء بحياتى ولكننى لأول مرة منذ أمد بعيد أشعر براحة غريبة تغمرنى ....وبختة لتحريضة لصلاح ومساندتة لة من شدة خوفى عليهم لاأحتمل فكرة فقدهم هم أيضاً...يكفينى قلقى على علىّ وبعدة ..أريدة أن يكون بجوارى يطمئننى لا أن يذهب لميدان ممتلىء بالأمن الذى يتحين الفرص لقتلهم ......يتضخم وجود هذا الرجل بحياتى حتى ملأها بشكل مقلق ..سمعتة يقص على والدة ما حدث بعد أن إستقبلتة والدتة إستقبالاً حافلاً بالدموع والدعوات وتعجبت لصمودها وتشجيعها لة على الرغم من موقفها عند سجن صلاح فالأن ربما لن يعود لها أبداً وعندما واجهتها بذلك قالت بهدوء " سيكون شهيد وليس سجين ظلم ..." أما والدة الذى كان لا يجلس بمكان واحد ولا ينام ولا يأكل إلا ما يبقية على قيد الحياة ساندة بقوة وقرر الذهاب معة للميدان ..حتى طلال عندما علم بحضورة خرج من غرفتة وكان قد إعتكف بها منذ أعدتة حتى إنة لا يحدثنى إلا بأضيق الحالات , عينية لاتقابلان عيناى , غاضب من موقفى المستبد معة بعدم ذهابة للميدان مرة أخرى رغم توسلاتة العديدة عندما غاب صلاح وأركان يومين ...جلس بجوار غريب الدار يراقب كلماتة وإشاراتة التى حرص على التحدث بها كى يفهم طفلى ما يقولة ...كدت أفقد عقلى وتركتهم الى غرفتى حتى لاأثور عليهم وعلى حمق تفكيرهم ...وجدت شمس تدلف خلفى بدقائق تقول " ليلى أركان يريد بعض الأغطية لقد ذهب مع عبد الرحمن ليحضرا ملابس لصلاح وسيعودوا قريباً.." لم أرد عليها وتوجهت نحو غرفة الخزين الشتوية التى أحتفظ بالأغطية بها فصدمتنى ريان وهى قادمة من غرفتها مسرعة وتقول " هل جاء عمى أركان حقا أمى ؟؟.." لم تنتظرإجابتى وهرعت نحو منزل جدها عبد الرحمن لمقابلة بطلها المغوار ....لم تعد ريان كحالها أيضاً...تغيرت كثيراً لقد أخبرنى أركان أنة تحدث معها فيما فعلتة مع ميساء وعنفها كثيراً لولا ندمها الالذى وصل لة كان سيأخذ موقف حازم منها كما أخبرها ..أما معى فقد بأنا نكون أقرباء ..لم تصل علاقتنا لنكون أم وطفلتها بعد وأكاد أجزم أن السبب بذلك أنا نفسى فأنا أخشى الإقتراب منها لأنها تذكرنى ببلال .....أة يابلال ...ياالله لم أتذكرة منذ فترة طويلة لم يعد ييشغلنى كما كان ..لم أعد أحقد علية كما كنت فيما سبق ....خرجت وبيدى بعض السترات والأغطية على خبر بقناة الجزيرة تؤكد فصل شبكات الإنترنت على مستوى الجمهورية ....وبعض ردود من أعضاء الحزب الحاكم برفضهم موقف المتظاهرين ويستنكرون ما يحدث بالميدان ...الى جانب بعض التهديدات المبطنة التى مزقت مشاعرى من شدة الخوف ...

وداع ليل كان جافاً وطفولياً لحد المرح حتى أنها رفضت مصافحتى قبل المغادرة ..فقلت وأنا أمد يدى لها " حسناً ألن تصافحينى قبل ذهابى ..؟" قلت بتعنت " لا لن أفعل لأنك تنساق وراء صلاح الطائش وتأخذ والدك أيضاً معك كنت دوماً منطقياً وعملياً ..ماذا فعل بك هذا الصغير الثائر ؟.." تزايد ضحكى وأنا أختلس نظرة من على باب المنزل لوالدى الذى يرتدى شالة أما المرآة لا يصلة صوتنا وقلت " ماذا أعتبر هذا ياليلى السرمدى .." تخضب وجهها وزفرت بغيظ ثم قالت من بين أسنانها " أنت أبلة .." وهربت الى داخل المنزل فأشرق قلبى بحياة مضيئة كالنهار, ودعت والدتى وشمس وريان التى إستمرت بالبكاء منذ رأتنى وحتى ذهابى ...أما طلال الغاضب فحاولت إقناع ليل بذهابة إلا أنها رفضت وحقيقة لم أضغط وشعرت بالإرتياح لقرارها فطلال لن يحتمل ما يحدث وكلى يقين أن القادم سيكون أسوأ ...أعلم أن حضور والدى الى الميدان كان من أجل الإطمئنان على صلاح وإتفقنا على أن يعود للمنزل مرة أخرى لأن عبد الرحمن بمفردة مع العائلة وإذا حدث شىء لن يستطيع حمايتها وحدة ....وصلنا عن طريق المترو لتوقف حركة السير للميدان الضبابى الذى أغرقتة القنابل المسيلة للدموع والغضب من إستنكارات الحزب الوطنى وقطع وصلات الإنترنت فاقمت الموقف ...كانت خطوط الهاتف ضعيفة فلم أستطع الوصول لصلاح الدين ..توجهت مع والدى الى منتصف الميدان فوجدت أحد أصدقاء صلاح محمود يركض وهو ملثم نحو المشفى الميدانى فأوقفتة وسألتة عنة فقال " إنة مع الشباب يحاولون مركزة المتظاهرين بالميدان لأن بعضهم يحاول الخروج نحو وزارة الخارجية ومقر الحزب الحاكم حتى أن بعضهم يريد الذهاب لمقر الرئاسة يخشون من تشتت المظاهرة فيضعف جمعهم وتوأد بدون عناء من قبل قوات الأمن "....تركنا وذهب بطريقة بعد أن أعطيتة زجاجات المياة والأغطية ولم أترك معى سوى القليل من أجل صلاح .....فى حين وقف والدى يراقب ما يحدث بفرحة ممتزجة بالدموع التى تجمعت بعينية وساد الصمت الذى أصبح أبلغ من كل الكلمات ومرت حوالى الساعة ووجدنا صلاح بهيئتة المبعثرة يتجة إلينا ويرمى بنفسة فى أحضان والدى ..ويهمس والدى " الله معك فلا تخف ..." لم يكن هناك وقت فأخذت والدى خوفاً من بطش القوات وإتجهنا لمترو الأنفاق الذى إمتلأ عن أخرة بالمواطنين ودعتة وشد على كتفى وقال " صلاح أمانة برقبتك ...لا تخذلنى .." فقلت بتصميم " لن أفعل أبى " فأجاب " كان الله معك أركان ..." راقبت المترو وهو يسير بطريقة وقلبى يرتجف كعصفور صغير تحت المطر أهذا يحدث حقاً لى ؟....أتلك هى عودتى اليهم ...؟؟؟؟؟.....عودتى بكل كيانى الى وطنى ...قلبى الخافق شعرت بة سينفجر من شدة فرحة وعدت أدراجى للميدان ...ألاحق حلم كادوا يسحقونة بتشتتهم ولكن سرعان ما أفيقوا لما يحدث وبقت معظم المظاهرة بميدان الحرية ....مر الليل مرور ضيف ثقيل.... الدماء تنتشر مع صدى الإعتقالات , الكر والفر لازال هو المسيطر على الأوضاع , عرفنا من المتظاهرين أن المدن الكبرى مثلها مثل حالنا فتشجع الشباب المنهك القوى أكثر وشدت عزيمتة على الإستمرار ...ظهر صبا ح الجمعة التى لقبها الشباب بجمعة الغضب ومنذ الصباح الباكر إجتاح الميدان أعداد مهولة لأفراد جماعة إسلامية ذاقت الكثير على مر تاريخها من حكام مصر عامة ..أكلت المعتقلات السياسية الكثير من جلودهم ...ظلموا كثيراً الحق يقال وكانوا يناضلون دوماً للوصول للسلطة ....كان صلاح حانقاً وغاضباً من وجودهم إلا أن رفاقة رحبوا بهم فأخذتة بجانب وسألتة ما الأمر " فأجاب بغيظ "لا شىء .." صمم على حفظ ما بعقلة بداخلة وشعرت بموجة تنظيم تسود الميدان وأخذوا الإخوة القادمين بالمساعدة بكل شىء بداخل الميدان الى نصب خيام لهم وعمل تكتلات بخطيب ملتحى ينصح الشباب بالوقوف والصمود مهما كانت الظروف ... كثر عدد المصابين الذين رفضوا الرحيل ...كانت الأخبار تردنا عبر شبكات الإنترنت والهواتف المحمولة التى ما لبثت أن إنقطعت هى الأخرى ...فأصبح الجو هستيرياً ولا أحد يعرف ما يحدث ..لا شىء ينتقل إلا عبر المتظاهرين والقادمون من منازلهم وقد شاهدوا القناة التى أصبحت منفذنا الوحيد لما يحدث بالخارج بعد تجاهل جميع قنوات التلفزيون المصرى والإعلام لما يحدث ....مع تزايد لامبالاة الحاكم زاد غضب الشعب ووصلنا أن المتظاهرين بالأسكندرية والسويس قد تمكنوا من السيطرة على المدينتين وطرد رجال الأمن منها بعد حرق مراكز الشرطة ....وفى الطريق للميدان واجة الشباب قوات الأمن وتم إلقاء قنابل مسيلة للدموع لمنعهم من الذهاب للميدان خوفاً من تضخم الأعداد التى وصلت لخمسون ألف والرقم فى تزايد مستمر....وفى حدود الخامسة بعد الظهر ظهرت قوات الجيش المصرى التى أثارت ذعر خفى بالنفوس ولكنهم صمدوا ...وبعدها بنصف ساعة أعلن حظر التجوال من قبل الحاكم العسكرى والذى رفض من المتظاهرين وظلوا على حالهم بدمائهم التى سقيت الطرق الأسفلتية وتأوهات مصابينهم الملقيين على قارعة الطرق ...تحدوا السلطة بكل أنواعها وبدأت الهتافات التى تردد صداها حتى وصلت لعنان السماء رافضة لحكم مبارك ونظامة ..والمطالبة برحيلة الفورى ....والتأكيد على سلمية المظاهرة وعدم سعيهم للعنف ...ظهرت بضعة إشاعات بإلقاء الرئيس كلمة إلا أنها لم تتحقق ....أصبح منظر القتلى والمصابين شىء عادى نتناوب فى حملهم الى خيمة كبيرة وضعت بالقرب من وسط الميدان حتى يعودوا لذويهم قطعة واحدة ....الدموع أغرقت المشاعر وكل شخص بالميدان أشبعت أحاسيسة بالقهر والظلم ونمت شجرة الإصرار أكثر وعلم كل واحداً منهم أن وقت العودة أصبح مستحيلاً أمام جبهتين لا ثالث لهم إما هم وإما نحن ......فالعودة تعنى المعتقل والبقاء يعنى الحرية أو الشهادة لا أكثر ولا أقل ...

قراءة ممتعة و................
الفصل الجديد بالمشاركة القادمة ....


malksaif غير متواجد حالياً  
التوقيع









رد مع اقتباس