عرض مشاركة واحدة
قديم 04-01-09, 08:10 PM   #18

واثقة الخطى

نجم روايتي وكاتبة ومحرر لغوي في قلوب أحلام وقاصة في قلوب أحلام القصيرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية واثقة الخطى

? العضوٌ??? » 1327
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 10,003
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » واثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
افتراضي

لفصل الحادي عشر


" كيف تجرؤ؟!"
وأكملت بغضب انعكس على صوتها فأضحى قاسياً عالياً:" من الذي أعطاك الحق لتفعل هذا؟!"
قال جون متلعثماً:" جوليا، هل علمت....؟!"
قاطعته صارخة:" بالطبع، وهل كنت تنوي الاستمرار بخداعي؟!، لم اعتقد يوماً أنك مجنون إلى هذا الحد!، ما الذي كنت ترجوه من فعلتك تلك!"
قال بتوسل:" لو أنك تعطيني الفرصة لأشرح لك فقط!"
" تشرح ماذا؟، حتى لو أمطرتني بوابل من الأعذار الغبية فلن أقبلها!"
" أرجوك جولي، أعطني المجال لأشرح لك فقط!..."
قاطعته ساخرة:" الكرة في ملعبك فالعب!"
" حسناً، ربما لم يخبرك آليك بـ..."
قاطعته بغضب:" لا تذكر اسمه أمامي وإلا سأقتلك!"
" حسناً حسناً، لكن اهدئي أولاً!"
قالت ساخرة:" أوه أنا هادئة، ( ثم أكملت صارخة) كيف لي أن أكون هادئة بعد أن علمت بأن أخي اللورد المستقبلي هو من دبر عملية اختطافي؟!"
قال معتذراً:" أعلم بأنني كنت مخطئاً، لكن اسمعيني أرجوك، بدأت القصة عندما اقترحت بنفسي على آليـ... أقصد اقترحت عليه أن يختطفك......."
قاطعته قائلة والشرر يتطاير من عينيها حتى كاد يحرقه:" اقترحت؟!، وتقولها بكل برودة أعصاب!"
" دعيني أكمل على الأقل!"
عدت إلى العشرة بصوت منخفض لتهدأ، لكنها لم تفلح في ذلك، فقالت بعينين متقدتين غضباً:" تكلم باختصار!"
" كما سبق أن ذكرت لك قبل قليل، اقترحت عليه أن يختطفك!، وذكرت له أسبابي لكنه رفض رفضاً قاطعاً وذكر رأيه الصريح بي في تلك اللحظة دون تردد!، أعلم أنك تعتبرينني مجنوناً أنت الأخرى، لكن أسبابي كانت منطقية جداً ومقنعة!، إلا أنه وبالرغم من ذلك كله لم يقتنع بها!"
سألت بغضب ساخر:" وما هي أسبابك المنطقية؟!"
قال متنحنحاً:" حسناً، اسمعيها إلى النهاية ثم أدلي برأيك، بصراحة عندما خطبك جوليان..."
" وما دخل جوليان بالأمر!؟؟"
" اسمعي إلى النهاية وستعرفين الجواب، لقد كنت طوال حياتك سريعة الانفعال وكثيرة الضحك، لكن عندما خطبك جوليان أحسست أنك تغيرت قليلاً، كانت ابتسامة السعادة لا تفارق وجهك إلا أحياناً"
"والمقصود؟!"
" وبعد أن تركته، أصبحت مرحة جداً، حتى أن الضحكة لم تفارقك يوماً مذ تركته، وقد استنتجت من هذا كله أنك كنت تحبينه، ثم وعندما اكتشفت خيانته، تركته من أجل ألا تتمرغ كرامتك في الوحل، فأصبحت تضحكين دائماً لتخفي حزنك، حتى عنا نحن أقرب الناس إليك!، ففكرت في أنك لو وجدت مكاناً يمكنك أن تقضي فيه بعض الوقت لوحدك بعيداً عنا وعن كل من تعرفينه، لأمكنك أن تظهري حزنك بدلاً من كبته على هذا النحو الخطير، فالكبت كما تعلمين يولد الانفجار....."
انفجرت قائلة:" وها أنا ذا قد انفجرت لكن ليس بسبب هذه التفاهات التي تدعوها أسباباًَ منطقية، بل بسبب تفكيرك السخيف، ألم تتساءل يوماً عن السبب الذي جعل الضحك يهجرني كما تقول؟؟، لماذا لم تأخذ الأمور بظاهرها؟؟، أنا لم ولن أحب جوليان أبداً، كنت أكرهه كثيراً خلال فترة خطوبتنا القصيرة، لكنني مع ذلك حافظت على ابتسامتي من أجلكم، كيلا تكتشفوا أنني لا أريده، فلم يكن باستطاعتي رفضه كما تعلم، وإلا قد يخلق هذا مشكلة بين أهالينا!، ثم عندما تركته لخيانته لي سررت كثيراً وعادت السعادة إلى حياتي من جديد، فغدوت أسعد فتاة في العالم، إلى أن....."
قال متفاجئاً من المعلومات التي أخبرته بها جوليا للتو:" أهذا صحيح؟، لماذا لم تخبرينا من قبل؟، كنت ستتزوجين من شخص تكرهينه، أنا آسف لأنني فعلت ذلك، فلم أكن أعلم بأنك حقاً سعيدة!"
قالت بهدوء يخفي غضباً عارماً:" لا بأس، فقد كانت نواياك شريفة بالرغم من كل شيء، إنما ما يغضبني حقاً هو...."
حثها جون قائلاً:" ما هو جوليا؟"
صرخت قائلة:" لماذا وافق على خطتك الغبية؟"
" تعنين آليك..."
" أوه بالطبع أعنيه هو، ومن غيره يقبل بهذا؟؟"
" صدقيني لقد رفض ....."
قاطعته قائلة:" لكنه وافق في النهاية وهذه هي المشكلة!"
" لكن..."
قالت بصورة قاطعة:" هذا يكفي جون، لا تحدثني بشأنه مطلقاً بعد الآن، ومهما كان السبب!"
ومشت بخطوات متزنة واثقة، كيلا يشعر جون بعذابها....
صرخ جون قبل أن تتوارى خلف أحد الأبواب قائلاً:" تذكري هذا جوليا، آليك وافق مرغماً على هذا..."

جون قبل أن تتوارى خلف أحد الأبواب قائلاً:" تذكري هذا جوليا، آليك وافق مرغماً على هذا..."
دخلت آلي في هذه اللحظة إلى غرفة الجلوس، وعلامات الإرهاق تبدو جلية على وجهها، فقالت:" هل سمعت صراخاً قبل قليل، أم أنني كنت أحلم؟"
قال جون بحزن:" نعم، فقد وصلت جوليا إلى هنا قبل قليل..."
اتسعت عيناها وقالت:" هل أخبرها آليك بالأمر؟"
" أوه بالطبع، ولهذا عادت إلى القصر!"
" وكيف حالها الآن!؟"
" حالها لا تسر الصديق ولا العدو حتى!"
" المسكينة، أين هي؟، سأذهب لأخفف عنها وأشرح لها بعض الأمور!"
" لا، لا تذهبي إليها الآن، فما زالت في طور الصدمة، وتحتاج إلى بعض الوقت بمفردها!"

دخلت جوليا إلى قاعة رياضية، وهي قاعة مخصصة للتدريب على لعبة التنس..
أمسكت بالمضرب، أحست بالحنين إلى تلك الأيام التي كانت تلعب فيها التنس، مرتاحة البال، لا يشغل فكرها شيء آخر.
ألقت بالكرة بقوة على الجدار، فارتدت نحوها بقوة مماثلة، فضربتها بالمضرب وبمهارة..وهكذا استمرت تضرب الكرة بقوة تزداد مع كل لحظة تمر...
اغرورقت عيناها بالدموع، ومع ذلك استمرت بضرب الكرة، حتى لم تعد تستطيع التحمل أكثر، فسقطت على الأرض... وانفجرت بالبكاء، أطلقت العنان لدموعها التي طال حبسها... فنزلت غزيرة كالأنهار شاقة طريقها عبر خديها...
فبعد أن صعقها آليك بالخبر في أليريا، وقفت فجأة ناسية صداعها تماماً..
قال آليك:" لقد كان جون..."
قالت بهدوء فاجئها هي الأخرى:" اخرس!"
وقف لحظة امتدت إلى اللانهاية... ثم ودون سابق إنذار استدار وخرج...
عاد بعد لحظة، وألقى على سريرها بجواز سفرها قائلاً:" أظنك تحتاجين إلى هذا!"
لم تجب، فقط اختطفت جوازها وحقيبة يدها..
ونزلت إلى الأسفل ناوية الرحيل..
أوقفها بقوله:" جوليا!...."
لم تجب ولم تستدر لتسمع قوله....
أكمل:" ستحتاجين إلى طائرة للعودة!"
نظرت إليه بغضب قائلة:" لا أريد طائرتك!" وخرجت...
قال بحزن:" لقد انتهى كل شيء قبل أن يبدأ حتى!"

أوقفت سيارة أجرة ووعدت السائق بهدوء بهبة سخية إذا أوصلها إلى المطار...
صادفت الكثير من المشاكل، حيث أنها ما زالت صغيرة جداً على السفر بمفردها، وأنها يجب أن تحضر ورقة موقعة من والدها يذكر فيها أنه موافق على سفرها...
وافق المدير على مقابلتها بعد أن عرفت بنفسها...
وبعد الكثير من النقاش وافق على إعطاها تذكرة لركوب الطائرة، واتفقا على أن تدفع المال عندما تصل...
وصلت بعد حوالي 3 ساعات كانت أثناءها هادئة تماماً، لم تبك ولم تحزن أبداً، بل تصرفت بشكل طبيعي تماماً حتى أنها ابتسمت للمضيفة حين قدمت الأخيرة الوجبة لها...
وصدّت شاباً كان يتحرش بها طوال الرحلة بطول أناة، بل إنها لم تلمه على ذلك، فقد كان خطأها أن لم تبدل ملابس السهرة الحمراء التي كانت ترتديها بأخرى عادية....
وعندما وصلت إلى المنزل، واستمرت بالصراخ على جون، لم تظهر سوى غضبها من جون....
لكن بعد أن أصبحت لوحدها في غرفة مقفلة، لم تقو على منع دموعها من الانهمار...
فبكت وبكت وبكت..... حتى أنهكها البكاء، فغسلت وجهها، وصعدت إلى غرفتها تنشد الراحة...
لكن ما أن وضعت رأسها على الوسادة حتى وجدت الدموع المتبقية طريقها إلى الخارج... اشتد صداعها أكثر فأكثر مما ساعدها على ذرف المزيد من الدموع....

" جون، هل تتأخر جوليا في النوم عادةً؟"
" لا، لماذا تسألين؟"
" لأن الساعة الآن التاسعة تقريباً ومع ذلك لم تنزل حتى الآن لتتناول الفطور معنا!"
" سأصعد لأناديها إذن!"

طرقات توالت على الباب، أعقبها صوت جون قائلاً:" جوليا، هل استيقظت؟، هيا انهضي فقد حان وقت تناول الطعام!"
كانت قد توقفت عن البكاء منذ مدة قصيرة، لكن ما أن سمعت صوت جون حتى تفجرت الدموع من جديد..
" اذهب واتركني وحدي!"

جون قبل أن تتوارى خلف أحد الأبواب قائلاً:" تذكري هذا جوليا، آليك وافق مرغماً على هذا..."
دخلت آلي في هذه اللحظة إلى غرفة الجلوس، وعلامات الإرهاق تبدو جلية على وجهها، فقالت:" هل سمعت صراخاً قبل قليل، أم أنني كنت أحلم؟"
قال جون بحزن:" نعم، فقد وصلت جوليا إلى هنا قبل قليل..."
اتسعت عيناها وقالت:" هل أخبرها آليك بالأمر؟"
" أوه بالطبع، ولهذا عادت إلى القصر!"
" وكيف حالها الآن!؟"
" حالها لا تسر الصديق ولا العدو حتى!"
" المسكينة، أين هي؟، سأذهب لأخفف عنها وأشرح لها بعض الأمور!"
" لا، لا تذهبي إليها الآن، فما زالت في طور الصدمة، وتحتاج إلى بعض الوقت بمفردها!"

دخلت جوليا إلى قاعة رياضية، وهي قاعة مخصصة للتدريب على لعبة التنس..
أمسكت بالمضرب، أحست بالحنين إلى تلك الأيام التي كانت تلعب فيها التنس، مرتاحة البال، لا يشغل فكرها شيء آخر.
ألقت بالكرة بقوة على الجدار، فارتدت نحوها بقوة مماثلة، فضربتها بالمضرب وبمهارة..وهكذا استمرت تضرب الكرة بقوة تزداد مع كل لحظة تمر...
اغرورقت عيناها بالدموع، ومع ذلك استمرت بضرب الكرة، حتى لم تعد تستطيع التحمل أكثر، فسقطت على الأرض... وانفجرت بالبكاء، أطلقت العنان لدموعها التي طال حبسها... فنزلت غزيرة كالأنهار شاقة طريقها عبر خديها...
فبعد أن صعقها آليك بالخبر في أليريا، وقفت فجأة ناسية صداعها تماماً..
قال آليك:" لقد كان جون..."
قالت بهدوء فاجئها هي الأخرى:" اخرس!"
وقف لحظة امتدت إلى اللانهاية... ثم ودون سابق إنذار استدار وخرج...
عاد بعد لحظة، وألقى على سريرها بجواز سفرها قائلاً:" أظنك تحتاجين إلى هذا!"
لم تجب، فقط اختطفت جوازها وحقيبة يدها..
ونزلت إلى الأسفل ناوية الرحيل..
أوقفها بقوله:" جوليا!...."
لم تجب ولم تستدر لتسمع قوله....
أكمل:" ستحتاجين إلى طائرة للعودة!"
نظرت إليه بغضب قائلة:" لا أريد طائرتك!" وخرجت...
قال بحزن:" لقد انتهى كل شيء قبل أن يبدأ حتى!"

أوقفت سيارة أجرة ووعدت السائق بهدوء بهبة سخية إذا أوصلها إلى المطار...
صادفت الكثير من المشاكل، حيث أنها ما زالت صغيرة جداً على السفر بمفردها، وأنها يجب أن تحضر ورقة موقعة من والدها يذكر فيها أنه موافق على سفرها...
وافق المدير على مقابلتها بعد أن عرفت بنفسها...
وبعد الكثير من النقاش وافق على إعطاها تذكرة لركوب الطائرة، واتفقا على أن تدفع المال عندما تصل...
وصلت بعد حوالي 3 ساعات كانت أثناءها هادئة تماماً، لم تبك ولم تحزن أبداً، بل تصرفت بشكل طبيعي تماماً حتى أنها ابتسمت للمضيفة حين قدمت الأخيرة الوجبة لها...
وصدّت شاباً كان يتحرش بها طوال الرحلة بطول أناة، بل إنها لم تلمه على ذلك، فقد كان خطأها أن لم تبدل ملابس السهرة الحمراء التي كانت ترتديها بأخرى عادية....
وعندما وصلت إلى المنزل، واستمرت بالصراخ على جون، لم تظهر سوى غضبها من جون....
لكن بعد أن أصبحت لوحدها في غرفة مقفلة، لم تقو على منع دموعها من الانهمار...
فبكت وبكت وبكت..... حتى أنهكها البكاء، فغسلت وجهها، وصعدت إلى غرفتها تنشد الراحة...
لكن ما أن وضعت رأسها على الوسادة حتى وجدت الدموع المتبقية طريقها إلى الخارج... اشتد صداعها أكثر فأكثر مما ساعدها على ذرف المزيد من الدموع....

" جون، هل تتأخر جوليا في النوم عادةً؟"
" لا، لماذا تسألين؟"
" لأن الساعة الآن التاسعة تقريباً ومع ذلك لم تنزل حتى الآن لتتناول الفطور معنا!"
" سأصعد لأناديها إذن!"

طرقات توالت على الباب، أعقبها صوت جون قائلاً:" جوليا، هل استيقظت؟، هيا انهضي فقد حان وقت تناول الطعام!"
كانت قد توقفت عن البكاء منذ مدة قصيرة، لكن ما أن سمعت صوت جون حتى تفجرت الدموع من جديد..
" اذهب واتركني وحدي!"
أتظنين أنني أخطأت؟"
" بماذا أخطأت؟"
" بأن جعلت آليك يخطف جوليا؟؟"
كادت أن تجيبه بالإيجاب، إلا أنها رأت وجهه المعذب فقالت بثقة لا تشعر بها:" بالطبع لا، فنواياك كانت طيبة!، ولم تفعل هذا إلا لمصلحتها!"
" لكن آلي، كنت أعتقد أن خطتي نجحت أكثر مما كنت أتمنى، إلا أنني الآن لم أعد واثقاً من شيء!"
" إنها تحت تأثير الصدمة حتى الآن فلا تضغط عليها، لابد أن تعود جوليا المرحة قريباً"
" على أية حال، ما رأي آليك في الموضوع؟؟"
" لا أدري، فهو يرفض التحدث إليّ مهما كان السبب، لقد طلب التحدث إليك عدة مرات إلا أنك كنت مع جوليا فلم أرغب بمقاطعتكما"

بقيت جوليا تتقلب في فراشها، ودموعها جارية على خديها.......
لم تأكل شيئاً طوال النهار ومع ذلك لم تشعر بالجوع مطلقاً......
كرهت كل شيء حولها، أحست بالإختناق في غرفتها المقفلة، فحاولت الخروج، إلا أنها لم تستطع الوقوف لدقيقة على قدميها دون أن تستند إلى شيء...
غيرت رأيها وعادت للسرير تبكي من جديد إلى أن نامت......

في صباح اليوم التالي، جاءت إحدى الخادمات حاملة صينية الفطور إلى غرفة جوليا على غير العادة.... طرقت بابها تستأذن للدخول، صرخت بها كما فعلت مع كل من حاول أن يدخل غرفتها...
إلا أن الخادمة أورورا ذات السنوات العشرين قالت بصوت منخفض:" عندي شيء مهم لك ليدي!"
كانت تعرف هذه النبرة، فغسلت وجهها ورفعت خصلات شعرها عن وجهها بيدها وفتحت الباب، دون أن تكلف نفسها عناء ترتيب نفسها...
قالت باستعجال:" ماهو؟؟؟"
قالت أورورا مبتسمة:" لقد كنت أنظف غرفة التدريب خاصتك هذا الصباح فوجدت شيئاً، من الواضح أنه مهم بالنسبة إليك!، لابد أنك كنت تبحثين عنه!"
" أين هو؟؟"
" إن وعدتني أن تأكلي سأعطيك إياه!"
" أورورا، لست في مزاج يسمح لي بالمزاح، فأعطينيه بسرعة!"
" لا أستطيع، أنا لم أجادلك يوماً ولم أعصك مذ توظفت هنا، لكنني في سبيل أن تأكلي مستعدة لفعل أي شيء، كأن أعطي السيد جون ذلك الشيء والذي يحوي شيئاً خاصاً جداً لا ترغبين أن يراه أحد بالتأكيد وخاصة السيد جون!"
وافقت على مضض قائلة:" حسناً، أدخلي الفطور وأحضري هذا الشيء!"
ابتسمت وقالت:" أمرك ليدي!"
دخلت فراعها ما وجدت عليه الغرفة من فوضى وإهمال...
" يجب أن أنظف الغرفة......"
قاطعتها بصوت لا يقبل الجدل:" اتركيها كما هي وأعطني ذلك الشيء بسرعة فقد نفذ صبري"
" سأعطيك إياه، لكن أغمضي عينيك أولاً!"
" أورورا!"
قالت بامتعاض:" حسناً حسناً"
ناولتها حقيبة سهرة أنيقة رائعة، حمراء اللون لامعة، مع خطوط خفيفة بيضاء....
نظرت إلى الحقيبة طويلاً ثم رفعت رأسها ببطأ وصرخت فجأة قائلة:" أهذا ما تعتبرينه شيئاً، يا للسخافة أورورا، وما هو الأمر المهم في حقيبة سهرة تافهة؟؟؟"
قالت متلعثمة:" كنت... كنت أعني ما بداخلها... لقد كنت أعتقد......"
" لا تعتقدي شيئاً مرة أخرى، أخرجي وأتركيني وحدي!"
خرجت أورورا راكضة من الغرفة، لم تهتم جوليا مثقال ذرة بأورورا، بل أقفلت الباب وبكل برود، استلقت على سريرها لتكمل بكاءها، إلى أن لمحت من بعيد صينية الفطور...
وعلى الرغم من الدموع التي غسلت وجهها لم تستطع المقاومة، فقد كانت تتلوى من الجوع منذ الفجر وحتى الساعة.....
أكلت قليلاً ثم جلست تفكر في .... أليكس فورد بالطبع!
لابد أنك تنفست الصعداء وشكرت ربك حين خرجت من بيتك!
أوه بالطبع فلم أكن سوى عائق يمنع ذهابك إلى خطيبتك الشقراء الرائعة الجمال، أيفا.... ويا له من اسم...
أكره هذا الاسم، وأكره صاحبته، أكرهك أنت أيضاً آليك.......
رن هاتفها الخليوي فجأة، ومع أنها عادة تتجاهله، إلا أن دافعاً دفعها لترى من المتصل...
وجدت ولدهشتها الشديدة أن المتصل أليكس فورد، لم تكن تعرف رقمه، لكن شخصاً ما عبث بهاتفها وحفظ رقمه عندها.... رمته بغضب على الأرض...
ودخلت في نوبة بكاء جديدة......

في اليومين التاليين أكلت ما يكفي لجعلها تعيش، وخلالهما لم تفتح باباً لأحد سوى أورورا التي لم تعد تمازحها أو تحدثها عن أسرتها كما في السابق.....
جاءتها آلي عدة مرات، لكنها كانت تطردها في كل مرة ومع ذلك لم تغضب آلي منها ولم ترفع صوتها أبداً...

" آلي، ما العمل؟؟، سيصل والديّ بعد يومين وجوليا ترفض الخروج من غرفتها!"
حاولت أن تخفف عنه:" لن يعلم والداك بشيء، سرعان ما ستخرج جوليا من عزلتها تلك وتعود كما كانت!"
" لكن لا أستطيع الكف عن التفكير فيما لو......"
" لا تخشى شيئاً، ثق بي ستتناول الغداء معنا اليوم وسترى بنفسك!"
صممت آلي على أن تضع حداً لهذا الأمر، فأخذت تفكر في طريقة تجعل جوليا تنزل إلى الطابق السفلي...

مسحت دموعها التي أصبحت رفيقتها هذه الأيام بيدها بعصبية...
" إن كان يستمتع بحياته دوني، فلم أترك الأيام تمر دون فائدة؟؟، لماذا أندب حظي العاثر؟؟؟، إنه لا يستحق هذه الدموع، لا ولا يستحق أيضاً هذه الليالي التي أبكيه فيها.... إنه لا يستحق مني أي شيء، فما هو سوى مجرم، أجل مجرم وإن كان بتشجيع من أخي الساذج!، على أية حال، ماذنب أولئك الخدم الذين ما انفككت أصرخ في وجوههم طوال الأيام القليلة الماضية؟؟، ماذنب أخته فيما جرى؟؟، كل اللوم يقع عليه وحده، وسواء شئت أم أبيت ستكون آليسا قريبتي، فسيتزوجها جون قريباً، وعليّ أن أحسن معاملتها رغم كرهي لها، ليس لها تماماً.... بل كرهي موجه نحو أخيها السافل!......لن أفكر فيه بعد الآن، وإذا رأيته يوماً ما سأهز كتفي وأنسى الأمر برمته وأتعامل معه كأي غريب ألتقيه لأول مرة..... سأعود إلى حياتي السابقة، وسأبدأ منذ اللحظة!"

على مائدة الغداء فوجئ الثنائي بدخول جوليا.....
قال جون بسرور:" هل هذا يعني أنك لم تعودي غاضبة مني!؟"
قالت بهدوء:" لم أكن غاضبة منك أنت!"
" لابد أنك غاضبة من أخي إذن!"
ألقت عليها نظرة غاضبة ثم قالت بهدوء بعد أن تمالكت نفسها:" لا لست غاضبة منه، لأن الغضب يعني التفكير، وهو لا يستحق أن أفكر به!"
أحست آلي بالإهانة لكنها اعتادت على هذا من جوليا فقالت:" لا بأس، آليك يستحق ذلك!"
" إن كنت لا ترغبين بكسب عدائي، فلا تذكري اسم ذلك الحقير أمامي من جديد!"
تدخل جون مدافعاً:" جوليا، آليك ليس......"
قاطعته قائلة:" لا يهمني ما تعتقده، لكن تذكر هذا جيداً، إن ذكرت اسمه أمامي فسأخبر والديّ بكل ما حدث، وأتركك لتواجه العواقب وحدك، أنا لا أطلب منك سوى أن تنساه إذا كنت معك، فهل أطلب الكثير؟"
لم يشك جون في أنها قد تفعل هذا، فقال باستسلام:" لك ما تريدين!"
ومر اليوم بسلام.......
تلاه يومان أخريان، حاولت جوليا أن تبدو فيهما طبيعية إلا أنها كانت في مزاج سيء جداً....
كانت تجلس معهما في الحديقة تستمع بذهن غائب إلى حديث الخطيبين السعيدين...
اقترحا عليها عدة مرات أن يخرجا في رحلة، إلا أنها كانت ترفض باستمرار مما أثار قلق جون.. لكنه سكت ولم يعلق على الموضوع بشيء، وكما طلبت جوليا منهما أن ينسيا آليك تماماً، لم يذكراه أبداً، إلا أن المشكلة تكمن في أنها هي نفسها التي لم تستطع نسيانه لحظة واحدة كما كانت قد قررت...

" سيصل والدي اليوم بعد الظهر!"، قالها جون مسروراً.....
قالت آلي بارتباك:" هل سأعجبهما يا ترى؟!"
نظرت إليها جوليا دون اهتمام، فقد كانت رائعة جداً بعينيها الواسعتين العسليتين، وشعرها البني الفاتح الناعم، وبشرتها الفاتحة...... لقد كانت مثالاً للجمال الأليري......
قال جون مبتسماً:" أوه بالتأكيد فأنت رائعة الجمال، وبالتأكيد ستعجبينهما!، أمي تريد أن ترى زواجي منذ مدة طويلة، ولذلك فقد سرت كثيراً عندما أخبرتها بأنني سأخطب!، وأتصور أنها الآن تنتظر بفارغ الصبر وصولها كي تراك، فقد قلت لها بأنني سأتزوج من ملكة جمال أليريا كلها!"
أحمرت وجنتاها وقالت مغيرة الموضوع:" بالمناسبة، أمي أيضاً تريد ان ترى زواج آليك، لكنه كان يرفض دوماً، لكن قبل أن يسافر والديّ هذه المرة، وافق على أن يتزوج قريباً، ووكّل أمي بمهمة اختيار الزوجة المناسبة!، أنا لا أستطيع الانتظار إلى أن تعود أمي لأرى على من سيكون الاختيار!"
كانت جوليا تستمع بهدوء، لم ترغب بفعل أي شيء يذكرهما بوعدهما لها....
لكن بعد أن أنهت آلي حديثها، وضعت جوليا الملعقة من يدها بصوت مسموع، وقفت فجأة وقالت:" لقد شبعت!" وخرجت من الغرفة...
قالت آلي بذعر:" أوه، ما العمل؟؟، لقد نسيت وذكرت آليك أمامها!، إنها غلطتي!"
" لم يكن خطاك!، سأذهب إليها بعد قليل وأعتذر مع أنني مللت الإعتذار!"

أما جوليا فقد خرجت بهدوء من الغرفة وما أن أصبحت آمنة من نظرات جون وآلي أخذت تركض حتى دخلت غرفتها فأقفلت الباب.....
جلست تفكر فيما سمعته قبل قليل....
آليك لم يكن خاطباً!!........ لم يكن.... يا للفرحة...
أخذت تضحك بهستيرية حتى طفرت الدموع من عينيها......
وفي غمرة فرحها تذكرت شيئاً كانت قد قالته أورورا منذ عدة أيام...
شيء يسعدها أو من هذا القبيل موجود في حقيبة السهرة..
أخذت تبحث عنها في كل مكان حتى وجدتها، فتحتها فرأت بداخلها شيئاً أثار عجبها...
كيف لم تتذكره من قبل؟؟؟، لم تعرف الجواب...
أخرجت هدية آليك الحمراء من الحقيبة، مزقت غلافها، فرأت ورقة مع شيء آخر...
انتزعت الورقة بقوة، ولم تنظر إلى الشيء الأخر....




عزيزتي الليدي جوليا...
سأعترف لك بشيء لا يعرفه أحد سواي عني!
ربما ترينني واثقاً جداً بنفسي.... جريئاً...إلا أنني في الحقيقة مجرد جبان.... أكبر جبان في العالم...
أتعلمين لماذا؟؟؟ سأخبرك بالسبب...
لأن لدي شيئين لم استطع أن أخبرك عنهما وجهاً لوجه...
لذلك كتبت هذه الرسالة لك، علّك تفهمين ما أمر به من عذاب في سبيل إخبارك بهما...
الأول: هو أنني كاذب، أجل كاذب في كل ما أخبرتك به عن أختي وأخيك، فأختي ليست مطلقة بل إنها لم تتزوج مطلقاً.....
أعلم بأنك مصدومة جداً الآن... بل إني أكاد أرى ما ارتسم على وجهك من الذهول والتساؤل في هذه اللحظة...
لابد أنك تتسائلين عن السبب الذي يجعلني أختطفك...
لقد اقترح جون عليّ أن اخطفك لمدة ثلاثة أسابيع، حتى يتسنى لك الوقت لنسيان جوليان الذي كان خطيبك فيما مضى، وحبيبك حالياً...
لم أرضى بهذا الأمر إلى أن حصل أمر ما جعلني أوافق مرغماً على هذا فاختطفتك.... ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.... فقد حدث ما ليس بالحسبان.. وهذا هو الأمر الآخر الذي لم أستطع أن اعترف لك به، ألا وهو أنني... أحبك.. أحبك ليدي بالرغم من كل شيء...
إلا أنني لا أستطيع أن أطلب منك أن تحبيني في المقابل، لأنني لا أستحق حبك بعد ما فعلته، ولأن جوليان في قلبك إلى الأبد...
في النهاية أعلم أنك تكرهينني جداً بعد أن عرفت عني هذه الأشياء... إلا أنني أرجو أن تتذكري أنني أحبك... وسأظل أحبك طوال حياتي...


انهمرت دموع السعادة غزيرة من عينيها، مسحتهما بسرعة، اتصلت بسائق طائرتهم الخاصة، فلما أجاب، قالت:" مرحباً رايان، أنا جوليا!"
"أهلاً ليدي، كيف أخدمك؟"
" جهز الطائرة خلال ربع ساعة!"
" أمرك ليدي!
قطعت الاتصال ووقفت تتأمل نفسها في المرآة، فرأت فتاة أخرى، لأول مرة في حياتها ترى نفسها بهذا الشكل المزري...
استبدلت ملابسها على عجل، فلبست تنورة واسعة قصيرة سوداء، وبادي أصفر... ووضعت وردة صفراء في شعرها الذي تركته منسدلاً على كتفيها... لبست حذاء طويلاً أسود، تعطرت، واختطفت حقيبتها وخرجت راكضة من المنزل...
عندما هم جون بالصعود لاقناع جوليا بأن آليسا لم تكن تقصد شيئاً عندما ذكرت اسم آليك، رآها مندفعة تنزل الدرج، ثم خرجت دون أن تكلف نفسها عناء تفسير سبب الضحكات القوية التي كانت تطلقها بين حين وآخر وهي تنزل الدرج، أو تخبره بوجهتها...
وقف وعلامات الصدمة مرتسمة على وجهه:" لابد أنها جنت!"




















الفصل الثاني عشر


نزلت من السيارة مسرعة ، فدفعت للسائق مستحقاته وانصرف ..
وقفت أمام فيلا تملكها عائلة فورد، الآن ستدخل وستبني ما هدمه جون ، أخذت تنظر إلى ذلك القصر الذي لا يبعد عنها سوى خطوات معدودة ، حاولت أن تدخل إلا أن شريط الذكريات مر بتفاصيله الحلوة والمرة في ذهنها ...
ترددت ، لم تستطع أن تتقدم نحو البوابة لتراه ، فتراجعت إلى الخلف وارتطمت بشخص طويل القامة...
التفتت إلى الخلف ، و إذا بها تقابله وجهاً لوجه ...
اختفت تعابير الدهشة من عينيه بسرعة لتحل محلها نظرة دافئة:" هل سامحتني أخيراً ليدي؟"
لم تتكلم ولم تبد حراكاً ، كل ما استطاعت أن تفعله في هذه اللحظات العصيبة هو أن تملأ عينيها بالدموع........
لم يتمالك نفسه فضمها فجأة بين ذراعيه، فجاءت ردة فعلها السريعة أن تفجرت الدموع الغزيرة من عينيها، شاقة طريقها كالسيل على خديها ....
" جولي، أرجوك لا تبكي ، لا تعذبيني أكثر"
فما كان من دموعها إلا أن زادت في الانهمار، وقالت من بين الدموع:" لماذا كذبت علي آليك؟ لماذا جعلتني..." واختنق صوتها ، واجهشت بالبكاء...
" لم أقصد ذلك، صدقيني ، دعيني أخبرك بالقصة كاملة ، مع أنني لا أظن أن الأعذار التي سأقدمها تفيد، لكنني سأدلي بها على أية حال"
رفع يده يمسح بذلك دموعها، ثم أمسك بيدها جاراً إياها معه لتدخل إلى القصر، ومن ثم إلى غرفة المعيشة.......

تركها فجأة وقال لها بصوت خالٍ تماماً من المشاعر:"ليدي براون، هل لك أن تتفضلي بالجلوس؟، فسيطول الحديث"
جلست مرفوعة الرأس و قد عزمت أمرها على أن لا تظهر له ضعفها إلا إن اعترف لها بنفسه بأنه يهتم بها ولو قليلاً..........
قالت ببرود:" تفضل واختصر لو سمحت"
لم يفاجأ بهذه اللهجة، بل قال وبكل بساطة :" لماذا عدت إلى هنا؟"
" لا شأن لك بي!"
" حسناً كما تريدين، أنتي بالتأكيد متشوقة لمعرفة الحقيقة الكاملة!"
" وما أدراني لعلها تكون قصة ملفقة كالعادة!"
" أقسم لك على أنها ستكون الحقيقة هذه المرة!"
" تكلم إذن!"
" حسناً بدأت القصة عندما كنت أجلس مع جون ذات يوم نتكلم عن الرحلات وكيفية قضاء عطلة الصيف لهذه السنة، فأخبرني وبكل جرأة، بأنه يريد أن يقضيها برفقة أختي آلي ، لم أعترض فوالدي قد سبق أن وافق على هذا الأمر ، باعتبار أنهما مخطوبان و زواجهما سيكون قريباً، فسألني عن مشاريعي للعطلة ، فأخبرته بأن لدي العديد من الأصدقاء العزاب الذين قد يسافرون معي، فقال ما رأيك بإجازة فريدة من نوعها؟، فقلت له: تكلم ، فكما تعلمين كنت أثق به تماماً وبأنه ذو عقل متزن، إلا أنه فاجأني بأغرب رد على الإطلاق، فقد قال ومن دون أدنى ذرة تردد: اختطف أختي! واقضي معها الإجازة! لم آخذ كلامه على محمل الجد فقد حسبته قد قال ما قاله على سبيل المزاح فقط! إلا أنه كان جاداً تماماً، تجادلنا كثيراً حول هذا الأمر ، إلا ؟أنه أخبرني بأن عنده من الأسباب المنطقية ما يعطيه الحق لطرح هذه الفكرة .... رفضت الاستماع إليه في بداية الأمر إلا أنني ما لبثت أن رضخت لرغبته بسماع الأسباب، سماعها فقط وليس تطبيق الخطة الغبية التي اخترعها، أخبرني أنك كنت مخطوبة منذ فترة قصيرة لذلك اللورد جوليان، وقد كنت تحبينه كثيراً، وكان هذا يبدو جلياً على وجهك، فقد كنت مرحة جداً أثناء فترة خطوبتك منه، إلا أنك ذات يوم علمت بأنه يخونك مع صديقتك ، فآثرت كرامتك على حبه ، ففسخت خطوبتك منه فوراً ومن دون نقاش ، فبدأت تظهر عليك منذ تلك اللحظة علامات السعادة الكبيرة، فعرف جون أنك تعانين الأمرين في سبيل نسيان جوليان ولكنك كنت تخفين ذلك عن الجميع، لذلك وفي سبيل إعادة الابتسامة الحقيقية إلى شفتيك، كان جون مستعداً لفعل أي شيء، ففكر طويلاً حتى توصل إلى هذا الحل، وهو أن ...."
صرخت ساخطة:" تخطفني!!، و أنت وافقته دون نقاش!"
قال ببساطة:" بل تناقشنا في الموضوع أولاً!"
استشاطت غضباً فقالت:" هذا لا يغير من الأمر ففي النهاية وافقت على اختطافي!"
قال مهدئاً:" لم انتهي من سرد قصتي بعد!، اسمعي، كما قلت لك من قبل لم أوافق في البداية، ومع ذلك استمر في إقناعي، حتى صدق أخيراً أنني لن أوافق أبداً، فسكت عن الموضوع، ونسيته أنا"
قالت متأففة:" وبعد ذلك؟"
" اقترح عليّ أن نذهب إلى ذلك النادي المسمى بـ كريستال روز، فذهبت معه، وهناك حصل ما ليس بالحسبان، فقد مرت أمامنا مراهقتان تلبسان الملابس الخاصة بالتنس، لم أنتبه لإحداهما لأن اهتمامي كله كان منصباً على الأخرى، بشعرها الطويل المتموج، ذو اللون الغريب، والمنسدل على كتفيها........"
رقص قلبها فرحاً إلا أنها تظاهرت بالبرود والملل، وقاطعته قائلة:" اختصر لو سمحت!"
" حسناً، أذكر أن جون في هذه اللحظة أشار إليك قائلاً بأنك أخته الصغرى، ثم ذهب ليطلب الطعام من.. لا أتذكر تماماً من أين، لأني لم أكن منتبهاً له في تلك اللحظة!"
سكت قليلاً ثم أكمل قائلاً:" كنت أعرف بأني أتصرف كالأبله، فتظاهرت بعدم الاهتمام وقلت له بأنك لا تشبهينه، فأخبرني ضاحكاً بأن لون شعرك الغريب هو الذي يجعلك مميزة، وانتهى الموضوع عند هذه النقطة!"
" وبعد؟؟؟"
" بعد ذلك أكملنا سهرتنا على الساحل، وبينما كنا مستغرقين في الحديث عن العمل، إذا به فجأة يسألني عما إذا كنت قد فكرت في موضوع الاختطاف، فأجبته لا شعورياً بالإيجاب وبأني فكرت في الأسباب فوجدتها مقنعة، أعلم بأني حينها لم أكن في وعيي فقد كنت غارقاً في التفكير بك!"
" تباحثنا في الخطة مطولاً حتى استقرينا على خطة بسيطة، تقتضي أن يفتح لي جون الباب الساعة 1 بعد منتصف الليل، فأدخل و أخدرك إن لم تكوني نائمة و أذهب إلى غرفة في شقة حقيرة في أحد الأحياء الفقيرة، استأجرناها خصيصاً لهذا الغرض، والبقية تعرفينها!"
" سؤال أخير، هل كنت أنت صاحب الفكرة القائلة بأن آليسا طليقة جون؟"
" لا، لقد كان الأمر كله من بنات أفكار جون!"
قالت تحثه:" أهذا كل شيء!"

" هذا كل شيء!"
وقفت بعصبية وقالت:" إذن لم تعد حاجة لوجودي هنا، لقد عرفت أخيراً القصة وانتهى الأمر، أشكرك لإخباري بها!"، حاولت أن تخرج إلا أنه أمسك بذراعها قائلاً:" بل هناك داع لبقائك، لم انهِ كلامي بعد!"
رفعت رأسها بجرأة وقالت وهي تنظر في عينيه مباشرة:" ظننت أنك قلت قبل قليل بأنك انتهيت!"
" كنت أعني بالنسبة لموضوع الاختطاف!"
قالت ببطء:" وهل هناك ما نتكلم بشأنه عدا موضوع الاختطاف؟؟"
" أوه بالطبع يوجد، اسمعي، لا أدري إن كنت قد قرأت رسالتي...."
"لا، لم أقرأها!"
"وهذا ما اعتقدته، وهذا سيصعب الأمور أكثر! تباً لجوليان!"
سألت ببراءة:" أية أمور!؟ وما دخل جوليان بالأمر؟"
" الأفضل أن تجلسي"
نظرت إلى يده الممسكة بذراعها، ففهم فوراً ما كانت تعنيه نظراتها، تركها معتذراً...
" لقد أخبرتك بكل شيء تقريباً إلا أنني لم أخبرك بالأمر الأهم ألا وهو أنني أحبك، أحبك أكثر مما قد أحب أحداً طوال حياتي، فهل ستسامحينني يوماً ما؟"
مع أنها كانت تعلم بهذا من قبل، إلا أنها لم تستطع أن تمنع نفسها من الإحساس بالصدمة لاعترافه بهذا أخيراً.... قررت أن تعذبه قليلاً قبل أن تخبره بحقيقة شعورها نحوه، إلا أنها عندما رأت ما ارتسم على وجهه من ألم، تراجعت عن ذلك، وقالت بدلاً من ذلك ووجهها يحاكي الدم في إحمراره:" بالطبع، فإن لم أسامحك بهذه الكلمة فبماذا سأسامحك إذن؟؟، فأنا الأخرى غارقة في حبك إلى أذنيّ"
أمسك ذراعيها بيدية بقوة آلمتها:" أ.. ءأنت جادة؟؟، أخبريني، لا تمزحي في هذه الأمور!"
قالت ضاحكة:" بالطبع جادة، أنا أحبك آليك!"
شدد من قبضتيه وقال بغيرة:" وماذا بشأن جوليان؟؟؟، أنت تحبينه!"
" أنا أكرهه، أكرهه يا آليك، وأرجو أن تصدقني، لا أدري لم لا يصدق أحد بأنني لا أحبه، لربما كنت ممثلة بارعة حقاً، عندما تظاهرت بحبه!"
" أهذا صحيح؟؟"
صاحت حانقة:" أتركني آليك، أتشك بي!؟؟"
احتضنها وقال:" أنا آسف، لكنني لن أتركك مهما توسلت!، وأنا لا أشك بك! وأظن أنك قرأت رسالتي بالرغم من كل شيء!، كيف كان شعورك عندما قرأتها!"
قالت هامسة:" لقد فرحت وصدمت بسبب الإعتراف الثاني، في الحقيقة هذا هو السبب الذي دعاني للمجيء إلى هنا"
أجلسها إلى إحدى الأرائك، ثم جثا على ركبته وقال:" ربما تعتقدينني قادم من إحدى العصور الغابرة، لكني أقسمت في صغري على أن أخطب حبيبة قلبي بهذه الطريقة، فهل تراك تقبلين بي؟"
" زو.. زواج؟!"
" أجل"
قالت وقد اصطبغت وجنتاها بحمرة الخجل:" عليّ أن أفكر بالأمر أولاً"
" أتقصدين أن عليك أن تخبري أهلك أولاً؟"
تلاشى الخجل منها فجأة وقالت بحدة:" لا، فإن كنت سأعتمد على رأي جون أو سأثق بحكمه، فسأكون قد نصبت مشنقتي بنفسي!"
" إذن ما هو الرد، فأنا لا أطيق الانتظار!"
تذكرت شيئاً فقالت:" ربما أيفا لن يعجبها الأمر!"
" أيفا!!، آه لعلك تقصدين ابنة عمي المسكينة!، أيفا ليست خطيبتي ولن تكون لأن زواجها سيكون بعد عدة أيام!"
فاجأته بقولها:" أعلم بهذا!"
"ماذا؟؟؟"
" أعني أنني كنت أعلم بأنك لم تكن خاطباً من قبل، وأنك كنت تكذب طوال الوقت!"
" أهذا صحيح؟؟، هذا يعني أن جهودي في جعلك تشعرين بالغيرة ضاعت سدى!"
ضربته مازحة وقالت:" لقد نجحت أيها الأحمق، حتى أنني كدت أضيع الفرصة من بين يدينا بسبب الغيرة أيها الغبي!"
" إذن لم أكن أعاني وحدي!"
ضحكت وقالت:" هذا ما يبدو، أتعلم لقد تساءلت كثيراً كيف عرفت أن جوليان لورد دون أن يخبرك أحد بذلك!"
" لقد كان جون هو من أخبرني بذلك!"
" لا تقل بأن مخبرك السري كان هو جون نفسه!"
" أوه بالتأكيد كان ذلك الغبي هو نفسه الجاسوس!"
" لكن......"
قاطعها قائلاً:" لم اسمع ردك حتى الآن، وقد تعبت من الجلوس على الأرض بهذا الشكل!"
قالت ببراءة:" لا تجلس على الأرض إذن!"
" لا تلعبي دور البريئة معي، أتقبلين الزواج بي ليدي جوليا براون؟"
أخذت نفساً طويلاً ثم قالت:" أقبل الزواج بك أليكس فورد!"
أخرج خاتماً من جيبه، أنيق التصميم، ناعماً، لون ياقوتته الخضراء يحاكي اخضرار عينيها... ببساطة كان رائعاً وباهض الثمن، يناسب ليدي بجمال جوليا... ألبسها إياه فجاء مقاسه مناسباً تماماً...
اغرورقت عيناها بالدموع، فقالت:" آليكسي، هل هو....."
" أجل حبيبتي، لقد أوصيت به من أجلك أنت فقط، فقد كنت آمل أن أتمكن من أن أختطف قلب الليدي جوليا كما اختطفتها من قبل!"
همست قائلة:" إذا كان هذا ما أردته فقد نجحت تماماً، نجحت بشكل أكبر مما قد تتصوره يوماً!"


واثقة الخطى غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس