عرض مشاركة واحدة
قديم 18-06-12, 07:07 PM   #1204

raghad165

نجم روايتي وعضوة في فريق التصميم وقاصة وكاتبة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية raghad165

? العضوٌ??? » 80695
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 5,014
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » raghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond reputeraghad165 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   al-rabie
¬» قناتك NGA
?? ??? ~
جُل ما عظّمه في عينيَّ • صِـغر الدنيا في عيـنيــــه =))
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


- قبلها بليلةٍ -


فتحت ناي باب السيارةِ بذهولٍ تزايد وهي ترمِقُ سلام بنظرةٍ .... ضائِعة ،
نظرَةٌ أسْرَتْ في سلام شعورًا أفاد بأنّ ناي ليستْ بخير ... ليبدأ قلبُه بالهبوط وهو يفكر بـ .... ، يا الله ، لا تكن سناء .. !! أصبع اتهامه اتجه نحوَها و فقط .. لأن شيئًا مما في الداخل لا يمكن أن يجعل حال ناي بهذا السوء سواها خاصة وهو يراها تستقرُ بجانبِه بحركاتٍ منهَكةٍ بطيئة أشعرته بأنها عجوزٌ في الغابرين ... وهكذا بدأ ضميرُهُ بوخزه ... ليلوم نفسه على تركِها وحيدةً هناك .. كان يجدر به انتظارها إلى حين خروجِها من غرفةِ أبيها ليحول بينها وبين لقاء سناء .. لقاءٌ شعَر بأنه إن كان سيكون كارثيــًا على ناي الهشة جدًا عندما يتعلق الأمر بوالدتِها ... ومع ذلك كاحترامٍ لقداسةِ الدمعةِ التي شارفتْ على السقوطِ من مقلتِها آثـَرَ الصمتَ إلى أنْ تُقرر هي البدء بالكلام ..
ناي التي شعَرَتْ فوْرَ دُخولِها سيارة سلام بدخولها دوّامة حقيقيّة سببها عدم تصديقِها لما جاءت والدتها للحديث عنه بعد هذه السنوات .. وجدت نفسها تغوص في لجةٍ سحيقةٍ مما أفقدها إحساسها بكل شيء ... قوةٌ غريبة كانت تشدُها إلى البعيدِ حيث كانت طفلةً ... لتبحث عن مشهدٍ واحدٍ على الأقل يكون سعيدًا لها مع أمها لكنها عبثًا كانت تحاول ...... ليس هنالك شرٌ مطلق نعم .. ولكنها لم تستطِع تذكر لحظةٍ نادرةٍ بعدما تكالبت عليها تلك اللحظات المؤسفة التي قضَتْها مع والدتها بضربة رجل واحدة ...
ظلت صامِتَةً لمدةٍ طويلةٍ قبل أنْ تَضحكَ بمرارةٍ غير مصدقةٍ لكل ما حدث .. مما جعل سلام يخاف في أولِ الأمر ليتملكه من بعدُ شعورٌ بالقلق إزاءها ... ولذا ردد كمن يوقِظُ أحدًا بـ " ناي " عدة مرات ...
ضحكُها انقلبَ فجأة لبكاءٍ مريرٍ عندما فكّرت بأنها الآن تحرقُ نفْسَها حرقًا .. وتأكل بعضَها بعضًا على امرأةٍ لا تُفكّر الآن – إن كانت تفكر– إلا بالنتائج التي ستجنيها من حوارِها مع ابنتها .. دون أن تكترث لنداء سلام مما جعله يشعُر بالعجزِ الكامل أمام انهيارها ...... لكنّها فاجأتْه أخيرًا أيما مفاجأة عندما بدأت تتكلمُ وهي تركّزُ بصرها على الطريق وكأنها تتحدث أمام المرآة وبلا مبالاةٍ تامةٍ تامةٍ توقّع نقيضها ...
- أتدري يا سلام ... قمةُ الغباءِ أنْ تكترث لمن لم يكترث لك ... ولذلك يا عزيزي أعترف بأنني غبية ...
فوجئ تماماً بحديثها الغريب ... وتأكد من شكوكِه إزاء سناء .. لقد تحدثتْ معها بالتأكيد .. إذ أن ناي جلبت سيرة " الاكتراث " .. أراد استدراجها لتحكي له عن طبيعةِ الحديث الذي دار بينهما ... فقال بتساؤل كاذبٍ ...
- عن ماذا تتحدثين .. ؟ ولمَ تنعتين نفسكِ بالغبية !
أجابته بهدوءٍ وثباتٍ استغربهما بشدةٍ ... بعدما نسفت طريق الدموع الذي أخذ يثير حكاك بشرتِها بمسحةٍ قاسيةٍ بيديها مرت بها على وجنتيها بالكامل وهي تنهضُ بنفسِها وكأن ما كانت فيه محض تأثيرٍ عرضيٍ لتعود إلى حالتها الطبيعية بشكلٍ سريعٍ جدًا .. لا بل وتظهر ابتسامةً نابعةً من القلب ميّزها سلام ... لتبدو غير متأثرة بالمرة وكأنما تتحدث عن شخصٍ آخر .. لكنه ما فكّر أبدًا بأنها وصلتْ فعلاً لقمة ذهولِها من نفسِها قبل كل شيء ...
- لأنني لم أكن أتوقع أن تقول سناء شيئًا عندما تراني غير الذي قالتْه ومع ذلك عندما قالته تفاجأت تمامًا .. وكأنني ما تخيلتُ أنني سأسمعه في حياتي .... لكن الحمد لله هناك تجديدٌ في خطابها منذ آخر مرةٍ .. ففي السابق كانت تنعتني بالمراهقة الغبية .. أما الآن بالمرأة اللئيمة ... ( وضحكتْ بمرحٍ تام لتكمل ) تقول أنني صرتُ مثلكَ ... هههه وربما أكثر ...
شعرَ سلام فور سماعِه لكلامِها بالدماء تفور في بدنه ... وبوجهه يحتقنُ من شدة حرارتِه حتى فكّ ربطة عنقِه رغبة بالتبريد على نفسِه من شدة الغضب الذي استعر في خلاياه كلها ... ليكتفي بقوله الساخط ..
- إنها امرأة مريضة ... دعكِ منها ...
أكملتْ ناي بسخريةٍ شديدةٍ وبتلقائية وهي تكمل له ما قالته والدتها ..
- رجتني أن أقول لك : كف عن تدميرها في السوق ... يكفيكَ ما فعلتَه بها كانتقام ...
لتصمت فجأة وقد صُعِقَتْ مما قالته أخيرًا ... فطوال فترةِ ما بعد لقائها بوالدتها كانت تفكر بشيءٍ واحد .. الحوار الذي دار بينهما وشعورُها برغبةٍ حقيقيةٍ بنفيها من حياتِها لأنها ليس من الممكن أن تكون " أمًا " ليسَ من الممكن أنْ تكون بلا قلبٍ و بلا رحمة ... لكنها ما تنبّهت سوى الآن وهي تسترجع كلامها كله إلى أمر أخبرتها به ... أمرٌ أخذَ عقــلُها يفقد صوابه بغيةَ معرفتِه والتأكد من صحتِه .. لتقول أخيرًا بوجومٍ شديد وهي تنحّي رأسها صوبه ...
- ماذا فعلتَ لأمي ، سلام ؟
يشهدُ الله أنّ ما فعَلَه كان لأجلِها وحدها ... لكي يكفّ شر تلك الإنسانة عنها ... لكنّه لمْ يُفكّر مِنْ قبلُ بطبيعةِ رد فعلها إن هي علمت بالأمر وهذا أسرى فيه رهبةً خفيفةً سرعانَ ما تحوّلت لغضبٍ جسيمٍ قال على إثرهِ من بينِ أسنانه ..
- ماذا قالت لكِ تلك الحرباء ... ؟
تساؤل سلام لمْ يأتِ في محلّه أبدًا ... إذ أن ناي كانت في وضعٍ لا يحتَمِلُ أن يوجه إليها فيه أيّ تساؤلٍ وإن كان صغيرًا .... كانت تحتاجُ لإجاباتٍ وافيةٍ وفقط ... ولهذا ردتْ عليهِ وهي تقطب حاجبيْها بوجومٍ لم تحلحله مطلقًا ..
- لم تقل أي شيءٍ إضافي ... لكنني أحتاجُ لإجابةٍ منكَ أنت والآن ... ماذا فعلت بها سلام ؟... ( وأكملت وهي تمسد صدغيها بتعبٍ ) لأن رأسي لمْ يعد قادرًا على الاحتمال .. سينفجر في أي لحظة من كثرة الأفكار التي تعصفُ به ..
من أينَ يبدأ .. تساءَل وهو يتفادى حادثًا محققًا ليقول أخيرًا لها : سنتكلمُ في البيت ... لستُ مستغنيًا عن أرواحنا لأجل امرأة كهذه ....
فورَ وصولِهما البيتَ ... اطمأنت ناي على رويد الذي كان قـد نامَ في سريره ... لتشكرَ المربّية على قضائها تلك الساعات برفقة رويد ولتنقدَها مبلغًا من المالِ قبل أن تصرِفها ... توجّهتْ نحو غرفة النوم وبدّلت ثيابها كما كان سلام قد فعل ... لتجلسَ أخيرًا بجانِبِه ... وتنظر إليه نظرةً متوسّلة ... لتومئ إليه برأسها بمعنى أنها جاهزة للاستماع إليْهِ ... ليبدأ القول بنبرةٍ صنفتها ناي بالمترددةِ بعضَ الشيءِ لأنها تعرف نبرته المعتادة الثابتة جيدًا ...
- ناي .... عندما عدت ذات يومٍ ووجدتكِ على تلك الحالةِ لمْ أصدّق أنكِ تعانين لأجلِ امرأةٍ لا تكترثُ لكِ ... أصلاً لا تتكلمُ عنكِ بصفتك ابنة لها إلا في حديثِ الصحافة ... ( وأكمل بأسف وهو يشهر يده أمامها ) أما أنتِ فتكادين تشعلينَ حياتنا على العشرِ توترًا كلما سمعتِ لها مقابلةً أو قرأتِ عنها مقالاً ما ... ( بتوضيحٍ أردَفَ قبلَ أنْ تفهمه بشكلٍ خاطئ ) لا ألومُك ... لو كنتُ مكانكِ لفعلتُ أكثر بكثير مما فعلتِه ... لكنني كرجلٍ لم أستطِع أن أرى عائلتي في خطرٍ حقيقي دون أن أفعل ما في وسعي لإنقاذها ....
وبعدها أشاحَ بوجهه عنها وهاجِسُ ما قد تفعَلُه إن علمتْ بتتمةِ التفاصيل نظرًا لطيبتِها التي يراها متجاوزة جدًا للحد الطبيعيّ يلوح أمامه .. لتستنطِقَهُ أخيرًا وهي ترفع حاجبًا قائلةً بصدمة ...
- وماذا فعلت لتنـقذها ؟ قل ... تكلّم ... ( وأكملتْ برجاء ) لا تطل صمتَكَ .. أرجوك ...
بعينٍ كاملةٍ نظرَ إليها بعد أن رفع رأسه الذي كان منكسًا للحظاتٍ بشموخٍ وعقله يقول له أنه لم يفعل أبدًا شيئًا يخجلُ منه ... ليردَ عليها قائلاً بقوةٍ تناسبه ...
- أبدًا ... توجهت إلى مكتَبِها وحذرتُها من العودةِ مجددًا لذكر اسمك أو اسم رويد على لسانِها في أي حديث كان ... لكنها لم تكترث لتحذيري ولم تحسـِب له حسابًا ... وبالتالي استحقّت عقابي لها .. لتعرفَ أن سلام ابن مجد ما كان ليلقي كلامه أرضًا ...

ومع آخر كلمةٍ قالها كانت شفتها تهتزُ في محاولةٍ للتماسكِ .. ورموشها تتذبذب بسرعةٍ بغيةَ تبديدِ أي دمعةٍ ستـُرْديها صريعةً للبؤس في مهبِ نظرِ سلام !! .... يا لكِ من مسكينةٍ يا ناي .... يا لكِ من بائسة ... أظننتِ حقًا أنه فعلها من أجلكِ !!!! .... تلقـّيْ إذن ؛ ها هو ذا يقول بملءِ فمِه أنها استحقّت عقابه لها لـ " تعرف من يكون " ... ولتعرف " أن كلامَه لا يـُلقَ أرضًا " .... وأنتِ التي كدتِ تطيرينَ منَ الفرحِ لكلامِه الذي أشعركِ بقيمتك في أمسّ حاجتكِ لأحدٍ يشعرك بأنك مهمةٌ حقًا لديْه .. حمدًا لله إذن أنكِ لم تطيري ... كنتِ ستقعينَ غزًا على رأسك فوقَ وقعتكِ أصلاً ... صدق من قال " جاء الحزين ليفرح ... فلم يجد له أيَ مطرح "
هزّتْ أخيرًا رأسَها بانكسارٍ وهمهمتْ بمعنى " أكمِل " ....
- دخلتُ ندًا لها عن شركةِ ترِنش في مناقصةٍ ضخمة ... ورغبتُها بكسبِ التحدي أعمَتْها عن التكاليف اللازمة لتغطية المشروع .. خاصةً عندما علمتْ أن سلام الذي أتى لمكتبِها محذرًا إياها من قبل هو الممثل للشركة .. قدّمَتْ عرضًا "واقعًا" وبذلك رسا عليها المشروع ... لكنها سرعان ما اكتشفت أنها أخطأت خطأ جسيمًا عندما تكالبت عليها الديونُ من كلِّ صوْبٍ .. فما كان منها إلا أن عرضت جزءًا من أسهم شركتِها للبيع .... وهكذا اشتريتُ أنا ..... وبعدَها صرتُ أعارِضُ كل اقتراحاتِها في اجتماعات مجلس الإدارة ... ولمْ يكن صعبًا عليّ أن أقنِع المُدراء بوجهة نظري التي كانت تكون أحيانًا في منتهى الغباء .. إلا أنّ اسم سلام معلى وحده كان كفيلاً بجعلهم يقولون نعم لكل ما أقوله ....
أنهى حديثَهُ ليتنفس الصعداء ... وكأن حملاً ثقيلاً قد انزاح عن كاهله ... لكنّ التعبيرَ الذي ارتسم على وجهها ما كان ليريحه أبدًا ..... صفّقت له بمرارةٍ ... وهي تـشعُر بخوارٍ تامٍ لم تقدِر على إثرِهِ من التحركِ بغيةَ مغادرةِ الغرفة ... لتُفَكّر أخيرًا بأن لكل مَنْ يحيطونَ بها أجندةٌ خاصة عندما يتعلق الأمر بها ...
- لمَ تنظرينَ إليّ هكذا ... لا تقولي أنكِ أشفقتِ عليْها .. أصلاً هـي أبرمت صفقة مع شركةٍ مشبوهةٍ لتزويدها بالاسمنت ومواد البناء ... ليتبيّن فيما بعدُ أنّ المواد التي تستوردها الشركة مغشوشة ... لكن المشرف على البناءِ كان صديقي الذي يعرفُ بدوره تاريخ بعض تجاوزاتها وغشّها فلم يمانع عندما عرضتُ عليهِ أن يُطلعني على تفاصيل عقودِها مع تلك الشركة المشبوهة بغيةَ كشفنا لأي محاولةٍ للغش ... وبالفعل كان كل شيءٍ خالّا بالمواصفات .... تخيّلي أنها كانت ستهدِمُ مستقبل كثيرٍ من العائلات في المجمع السكنيّ بغية الحصول على المال ! ..... لا أستغربُ أبدًا ... فهي ما تورّعتْ عن هدم بيتِها ... وبالتالي هدمُ بيوتِ الناس لن يكون صعبًا عليْها .... واللهِ لو عرفتِ خفايا عملِها ما نظرتِ إليّ بتلك الطريقة ...
لمْ تستَطِع أن تعقّب على كلامِه بشيء ... أعصابها أتلفت من زخم المعلومات التي قالَها منذ قليل فما كانت قادرة على تأدية عملها بشكلٍ فعال .. كما أن قلبها ظل ينزف مجروحًا من كلام سناء الذي كان لا يزال رطبًا في مسمعها ... ولذا كانت تشعر بتعبٍ شديدٍ ..... أخيرًا دسّت نفسها في السرير وهي تقول بوَهن ...
- أريدُ أن أنام ...

*

صباح اليوم التالي ...

استيقَظَ سلام على نغماتٍ مشرقةٍ جعَلَتْهُ ينفِضُ رأسه ليصدّقَ أنّ التي تغني هي " ناي " ... ناي نفسُها التي كانت في قمةِ كآبتِها البارحة ... شطَحَ قليلاً في تَفكيره وهو يتخيل ما جرى لها لتستيقظ متبدلة الحال .. لكـنّ تمايُـلها بدلالٍ أمام المرآةِ بحركاتٍ ناعمة بينما كانت تقولُ الكلماتِ وكأنها توجه رسالةً لنفسِها أعماهُ عن التفكيرِ سوى بهذه اللحظة التي ظنّ لوهلةٍ أنّ أحلامه اقتنصَتْها من أيام زواجهم الأولى ..
الدنيا حلوة وأحلى سنين .. بنعيشها واحنا يا ناس عاشقين
ننسى اللي فاتنا ونعيش حياتنا عالحب متواعدين ... انسى
انسى اللي راح على طول على طول .. ما تسيبش زعلك مرة يطول ...
افرح شوية واضحك شوية .. كدة خلي روحك عالية وهــاي
ويا قلبي غني كمان وكمان .. وصل غنايا لكل مكان
وانا لو عليا دلوقتي جاية ... علشان اقول يا زعل باي باي
الدنيا حلوووة ...
كانت تهزُّ كتفيها وكأنها تتخلّصُ من حِملٍ ثقيلٍ ... بينما أمسكت مِشطَها بيديها الاثنتين وقربته من فمِها وهي تحرّكه بتلقائيةٍ أمامها ... أغمضت عينيها بغنَجٍ وهي تدندن أخيرًا بـ " الدنيا حلووووة "
وجّهتْ نظرها نحو سلام عندما رأته من خلالِ المرآة وهو يرفَعُ نَفْسَه قليلاً ليضع يده اليمنى خلفَ رأسِه وعلى فمه ابتسامةٌ واسعة وكأنه يرغبُ برؤية الحدث بأبعادٍ ثلاثة .. قبلَ أنْ يُحرّكَ حاجبيْه مستغربًا وكأنّه يتساءَل عن سر هذا التحول الكبير ... لتتحركَ نحوَهُ بحركاتٍ خفيفةٍ كدوريٍّ يتدرب على الطيران ...
جلستْ بجانِبِه على حافة السرير وابتسامَتُها تمتد لتصلَ مساحاتٍ ما وصلَتها من قبلُ ... لمْ تكن ابتسامةُ الفمِ فقط .. إنما ابتسامةُ العينيْنِ والوجنتينِ ... كلها على بعضِها كانت تبتسم ... مما انعكَسَ عليهِ ليبتسم بدورِه ابتسامةً عريضة ... قبلَ أن تقولَ بصفاءٍ وهي تمرر يدَها على شعـره القصير الذي تخلّلَتْه شعيراتٌ بيضاء قليلة زادته وقارًا ..
- صباح الخير ....... حبيبي
انفلتت منه نغمةٌ قصيرة أشبهُ بضحكةٍ كتعبيرٍ عن استمتاعِه الشديدِ بتدليلِها غير المتوقّع له ... خاصةً وهو يتأمل وجهها القريبَ منه ينظُرُ إليه بهُيامٍ خالص وأنامِلُها الرقيقة تعبثُ بشعرِه كعبثِ نسمةٍ صيفيةٍ عليلةٍ بغصنٍ لمْ يشمّ رائحة الهواءِ منذ زمن ... أخيرًا حركت رأسَها بخفةٍ وهي تقولُ برغبةٍ لسماعِ " صباح النور " تنفلتُ من بينِ شفتيْه لكي تتأكد من أن صباحها قد اكتمل فعليًا ...
- ستَظَلُ صامتًا ؟
رَفَع يدَهُ الحُرّة ليتحسس وجهها بلطفٍ شديد وكأنه يناغي طفلاً له من العُمُر أيام قبلَ أنْ يقول بهمس ...
- في العادة عندما أحلم .. ما إن أتكلم حتى ينتهي كل شيء ... ولهذا أفضّل أنْ أظلّ صامتـًا ...
اقترَبَتْ مِنهُ أكثر ... وأسبَلَتْ أهدابها الكثيفة حولَ عينيها سرمديتي البريق وكأنما تحميهِما من اكتساحِ نظرِ سلام الوقحِ لهما ... قبلَ أنْ تقولَ بطمأنة : لكنك لا تحلم ...
هزّ رأسَهُ رافضًا ... ليقولَ أخيرًا بعدم تصديق : أقرصيني لأتأكد ...
حركت رأسَها وهي تقولُ بجرأة : أنا لا أقدر على قرصِك لتتأكد ... يمكنني أنْ أقبلك إن أحبَبْت ...
وكان يحيطُ وجهها بأنامِلِه المشتاقة ... يمسكُ به وكأنه يخشى ضياعه من بينِ يديه ... يقبّلها بشغـفٍ حتى شعَرَ بدمعةٍ ساخنةٍ تسقط من سماء عينيها لتستقرّ على أرضِ إحدى يديه المحيطتين بوجهها سقوط النيازك .... تصلّبَ جسَدُهُ بإباءٍ مستهجنًا دمعتَها ... ليُبْعِدَها عنه بلطفٍ خشيةَ جرحها ... ليقولَ بعدها وقد اختفت ابتسامتُه ليحلّ محلّها الضجرُ ....
- كان عليّ أنْ أعرِف أنهُ كان حلُماً ...
ارتَعَشتْ بشدةٍ وهي تهزُّ رأسَها خوفَ أنْ يفهَمَها بشكلٍ خاطئ لتقولَ بتوسُّل ...
- لا ..... لم يكن حُلُما ( ومسحت دمعتها لتبتسم مجددًا ذات الابتسامة المميزة ) أنا أبكي لأنني اكتشفتُ مؤخرًا حقيقةً كان ينبغي عليّ اكتشافُها منذ زمنٍ سلام ...
وعدّلَتْ مِنْ وضعيتِها لتلائم الكلام الذي ترغب بقوْلِه ... بينما حرَفَت بصرها بعيدًا عنه وكأنها تخجلُ من نفسِها ...
- أبكي لأنني اكتشفتُ أنني نغّصتُ حياتنا الجميلة لأجل لا شيء .... ( وأطرقت قليلاً لتكمل ) عندما فِقتُ صباحًا .. كنتَ إلى جانبي ... كما تفعلُ دائمًا ... بإخلاصٍ وكرمٍ لا متناهيين ... ما كان أحدٌ ليصبِرَ على امرأةٍ تكدّر حياتها بهذه الاستمرارية سواك أنتَ سلام ... سلام الذي أحتاجُه بشدةٍ وقد أفقد عقلي إن اختفى من حياتي يومًا ........... البارحة ... فكرتُ بغباءٍ كبيرٍ بأنّ ما فَعَلتَهُ كان انتقامًا لنفسِكَ قبلَ أي شيء ....
حرك رأسَه نافيًا بشدة وهو يقول بانفعالٍ : قطعًا هذا غير صحيح ...
رفعتْ سبابتها اليمنى حتى لامست شفتاه وقالت " هششش " ... لتكمل بنبرةٍ متعقلة ..
- للوهلةِ الأولى فكرت بالأمر على أنه هكذا .. كنتُ مستنزفةً بالفعل بعد الحوار العقيم الذي دار بيني وبين أمي سلام .. والشيطان كان يريد أنْ يخرّبَ بيننا ولذا هرعت إلى النومِ خوفًا من أن أقول شيئًا أندم عليْه .... إلا أنني عندما صليتُ الصبح وجلستُ أطلب من الله عونًا وجدتُ أن عقلي يخبرني نقيضَ ما فكرت به تمامًا .... لأصِلَ إلى أنّك ما كنتَ لتفعل شيئًا مما فعلته لولا أنك رغبتَ صدقًا بحمايتي ... أصلاً لولايَ لما كان لكَ ناقة ولا جمل في كل مهاتراتك مع سناء ..
عيناه كانتا تجولانِ عليْها بإعجابٍ شديدٍ ومفاجأةٍ لكلامِها الذي كان عقلانيًا بشدةٍ .. عندما قالتْ أخيرًا بـحسرة ..
- لنْ أكونَ من بعد اليوم " ناي " الحمقاءَ جدًا ... الحمقاء لأنها كادت ستسمح لحبّها بالذهاب مع الريح لأجلٍ عُـقدةٍ لن تحل ... كما لنْ أسمَـحَ لسناء بأن تعكر حياتي بوقوفها الدائم كعائق بيني وبين السعادةِ الحقيقيّة التي أنشُدُها معك ومع رويد ... وربما أنجبنا طفلاً آخر .. منْ يعرف ... المهمّ أننا سنعيش حياتـنا بتفاصيلها ولن أسمَحَ لأحدٍ بأن يشغلني عنك ..
سلام الذي سمِعَ لتوّه ما تاق لسماعه منذ مدةٍ طويلةٍ كان يرى في ذلـك انتهاءً لكل مشاكِلِهم وهذا كان كثيرًا عليه .. لذا كانَ يرْغبُ بأن يسمع جوابًا قاطعًا منها مجددًا ... وبتأكيد تساءل :
- لستِ غضبى مما فعلتُه .....
حركت رأسَها نفيًا وهي لا تزال مبتسمة وقالت : أنتَ أدرى بعملك مني ... ولذا لا دخل لي به ..... ثم أرجوك ... عندما نكون معًا لا أريد للعملِ أن يقف بيننا ... ولا أي شيء آخر أيضًا .... فقط أنتَ وأنا ...
كان يهمُ بتقبيلِها مجددًا عندما جاءَ رويد حبوًا ... ليلتفت عنها سلام قائلاً بنزق .... : يبدو أن هناك أنتِ وأنا وهو ....
ليضحَكا معًا بعدَها .... هبت ناي لتحضِرَه تحت أنظار سلام ... الذي سألها أخيرًا عن الساعة .... لتجيبه بأنها ستكمِلُ الثامنةَ بعد قليلٍ ... ليتذكّر أنّ أمه تنتظره وعائلتَه على الإفطار ...

*

يتبع ..


raghad165 غير متواجد حالياً  
التوقيع
إذا مررتم من هنا، فادعو لي ولوالديّ بالخير والتوفيق والصلاح.


ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
ربّنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلِنا
ربّنا ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به واعفُ عنّا واغفرْ لنا وارحمنا
أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين
رد مع اقتباس