عرض مشاركة واحدة
قديم 25-08-12, 12:11 AM   #4847

maroska

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وأميرة حزب روايتى للفكر الحر وعضوة القسم السياحى المميزة

alkap ~
 
الصورة الرمزية maroska

? العضوٌ??? » 141454
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 4,911
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » maroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond reputemaroska has a reputation beyond repute
افتراضي

سارة


السابعة صباحا


ابعدت عيني عن الساعة المعلقة امامي على الجدار لكي اسلطهما من جديد وبكل انتباه على الافطار الذي كنت اعده .. ابتسمت وانا افكر بان مواعيده مضبوطة حتى في حياته الشخصية .. كنت استمع في نفس الوقت الى صوت المفتاح الذي كان يدار في قفل باب الشقة .. فتح الباب عندها رفعت رأسي انظر ناحيته .. كان يرتدي بذلته الرياضية وبيده يحمل الجرائد التي يشتريها بنفسه عندما ينتهي من جولته الصباحية للركض.


"صباح الخير." قلتها وانا أكمل اعداد التوست .. رد لي التحية بنشاط كبير قائلا:" صباح الخير سارة .. الرائحة لذيذة جدا."


ضحكت على كلامه وانا اعلق عليه قائلة:" انا ايضا احب رائحة التوست المقلي بالبيض."


اقترب من المطبخ الواسع الذي كان تصميمه مفتوحا على جميع انحاء الشقة ووقف من الناحية الثانية لمنصة المطبخ ينظر الي قبل ان يقول بنبرة صوت تغيرت فجأة:" لم اكن اتحدث عن التوست .. بل كنت اقصدك انت بكلامي .. اصبحت اشتاق لدخول من ذلك الباب دوما لان رائحتك من تكون في استقبالي."


كلماته جعلتني ارتبك بقوة لدرجة بانني اوقعت الفنجان الذي كنت اجلبه من واحدة من أدراج المطبخ الكثيرة .. استوعب بسرعة ان افصاحه عن مشاعره كان لها اثرا سلبيا علي لذلك تنحنح بصوت مسموع قبل ان يقول:" سأذهب لكي استحم بسرعة واجهز نفسي قبل تناول الافطار."


راقبته وهو يصعد الدرجات بخفة بينما بذلته الرياضية تظهر بوضوح جسده الرياضي الرشيق .. كنت اشعر بذنب كبير موجود في اعماق ولكنني احاول تناسيه حتى اعيش لكن كلماته نفضت الغبار ثانية عن ذلك الالم لكي ينهض من سباته القصيرة جدا.. لا انكر بانه ما جعلني اصبر على المكوث معه ومقاومة هذا العذاب الذي يسببه لي ضميري كان بسبب معاملته لي التي لم يخلي فيها شروطي أبداً .. طيلة الاسابيع السابقة كان حريصا على الا يزعجني وعلى ان يمدني بالثقة فيه اكثر مما ينبغي .. كان حريصا على ان يخفي مشاعره علي مع انني كنت اعرف بانه يتلوى من عذاب الشوق والحب وانا اعيش معه في نفس البيت لكنه مضطر لمعاملتي برسمية .. فقط في الايام الاخيرة بدأت اشعر وكانه بدأ يفقد صبره .. لم يعد يحتمل اخفاء مشاعره اكثر وهذا ما يخيفني ويزيد من عذاب ضميري .. اعرف بانه لن يتجاوز معي الحدود أبداً .. لكن يكفي بأن اعرف بانه مازال مصرا على ان حبنا ليس بخطء أبداً.. زفرت الهواء بضيق شديد .. فكلما افكر اننا لا يمكن ان نكون سعيدين مع بعض يَعتمرنِ الحزن الشديد .. لا اعرف كيف علي ان افترق عنه خصوصا بعدما عشت معه تحت سقف واحد .. علمت الكثير عنه ماذا يحب ان يأكل .. ان يشرب .. ما هي عادته اليومية؟؟ جلساتنا مع بعض .. حواراتنا .. نقاشتنا مع انني كنت احاول قدر المستطاع تجنب الالتقاء به وأعمد الى ان أنام باكرا قبل عودته.


...


احتل هدوء غريب الاجواء تخللته فقط اصوات حركتنا ونحن نتناول وجبة الافطار بذلك السكون الرهيب .. كل منا كان متوترا من الاخر .. خائفا من اتخاذ الخطوة الاولى لخلق حديث طبيعي مع الطرف الثاني .. فهو كان مترددا من بدء بالحديث معي اولا لأنه لم يكن يعرف ان كنت قد تجاوزت كلماته التي أمطرني بها عند دخوله للبيت ام لا .. وانا الاخرى لم اكن اعرف كيف علي ان اتعامل معه وقد اثبت لي من جديد بانني ارتكب خطأً كبيرا بمكوثي في بيته ولكن في الاخير وكالعادة كان هو الاجرأ لكي يضرب كل شيء بعرض الحائط ويكسر ذلك الصمت قائلا:" كيف امضيت يومك البارحة؟؟ لم التقيك في المساء حتى تخبريني لأنني عدت متأخرا للبيت."


تظاهرت بالهدوء وانا اجيبه:" حسناً لم يكن يوما عاديا فبعد انتهاء محاضرتي التقيت بحسناء وذلك تم بعد موعد حددته معها قبل ايام."


باستغراب سألني وهو يضع فنجان القهوة على الطاولة:" ولكنكِ كنت قد قاطعتهم."


نظرت اليه وانا اكتم غضبي من كلماته لكي اعاود القول بكل هدوء مدعية بان الموضوع لا يسبب لي أي الم:" لم اقاطعهم بل هم من قاطعوني ومن طردوني من البيت."


بكل ثقة اجابني:" لا يهم .. لديك بيتي."


"لكنه ليس بيتي."


"ولماذا؟" سأل ذلك وهو يرفع كلتا حاجبيه عاليا مستغربا بحدة من كلامي عندها اجبته بصدق قائلة:" لأنها الحقيقة .. انا فقط ضيفة فيه فأنا قبلت دعوتك بالبقاء فيه لحين ان انظم أموري وأجد وظيفة مناسبة وبيتا يأويني."


"حسنا كما تريدين."


كانت نبرته هادئة لا تبعث بالاطمئنان أبداً على غير ما يبدوا .. كان رافضا تماما لفكرة بان اغادر بيته والان بكل بساطة وسهولة يستسلم لرغبتي .. ما الذي تخطط له يا بيتر؟؟ سؤال لم ينطق به لساني بل بقي طي الكتمان في صدري وانا أنظر إليه يرتشف قهوته بكل هدوء .. حاولت ان احافظ على هدوئي انا الاخرى وألا اشعره بأنني اشك في نواياه عندما اكملت الحديث بشكل طبيعي عن لقائي بحسناء:" انا من طلبت من حسناء واصررت عليها بمقابلتي .. كانت متحفظة جدا وهي تتحدث الي و حتى عندما كانت تجيبني عن اسئلتي حول الاوضاع في بيت والدي .. إجابتها كانت مختصرة وكل ما فهمته منها بأن كل واحد منهم في طريق مختلف عن الاخر حتى لو كان بيت واحد يجمع بينهم .. الاوضاع متأزمة جدا بينهم .. اتعرف انني اشعر بالذنب الشديد لأنني السبب في تحطيم القليل من الحب الذي كان في ذلك البيت .. كرهني الجميع بسبب ظروف ولادتي وحسناء واسيل اصبحا على عداوة بسبب مواجهتي لهم بالحقائق المخزية.. لو كنت صمت ولم اقل شيئا كان ذلك ليكون افضل للجميع."


نظر الى داخل عيني وكانه يريد التأثير في والمشكلة بانه لا يعرف بانه يستطيع ذلك بكل سهولة:" سارة ما فعلته كان متوقعا .. انت لست بإنسان الي لديك ايضا مشاعر واحاسيس يجب ان تراعيها ويراعيها الكل .. انك تتعاملين مع الجميع من دون أن تهتمي لرغباتك .. لقد كنت ستؤذين نفسك بقوة ان كتمت كل ما كان يتأجج في داخلك .. انت اصلا لم تكوني قادرة على الصمت عن ما عانيته لسنين طويلة اكثر من ما فعلت .. كان ولابد ان تفجري كل ما لديك في أي لحظة امامهم وقد فعلتها."


زفرت الهواء بحزن وانا اجيبه موافقة على كلامه:" معك حق .. لم اكن لأستطيع ان اخفي امراً خطيرا كذاك .. لم اكن استطيع ان اتحمل الاتهامات التي توجه لوالدتي وحدها مع انه ليس ذنبها هي فقط .. كان علي ان اظهر الحقيقة وان والدتي لم تكن لكي تكون بذلك السوء لولا الظروف الذي تسبب فيها والدنا وزوجاته."


قلت ذلك الكلام لكي يسرح فكري بعيدا الى المستشفى حيث والدتي ما تزال ترقد هناك .. صحيح بانني امتنعت عن زيارتها واكتفيت بالاطمئنان عليها فقط باتصالاتي بالطبيب المكلف بعلاجها .. اعرف جيدا بانها والدتي ولكنها المتني وحاليا لا استطيع تحمل ان اقف امامها من جديد وأنظر الى عينيها لأنني اشعر بالخجل الشديد في مكانها من ما فعلته ولأنها ايضا امي ومهما كنت غاضبة منها لا استطيع ان اتخلى عنها ولهذا سأفعل المستحيل لكي أستمر في علاجها.. ابتعدت بأفكاري عن والدتي لكي اعود للنظر الى بيتر من جديد فوجدته يتأملني عندها حاولت ان ابعد نظراته التي كانت تتغلغل الى داخلي مسببة لي اضطراب غريب وانا اقول:" لقد اعادت لي حسناء بعض حاجياتي الضرورية منها بعض الثياب و بعض الكتب وحتى حاسوبي المحمول."


"لماذا؟ لقد اشتريت كل ما تحتاجينه."


تذكرت المبلغ الذي تداينته منه من اجل ان ادفع تكاليف المستشفى لأمي لهذا الشهر والتي تأخرت بها كما كان علي شراء بعض الحاجيات الضرورية ولكنني مع ذلك ما كنت استطيع ان اترك حاجياتي المهمة في البيت عند والدي وخصوصا كتبي وحاسوبي الذي به اشياء غالية جدا منها ما يخص دراستي والاخر يخص مذكراتي .. تحدثت اذكره بديني قائلة:" سأرجع لك الدين عن قريب جدا."


بكل حدة وصرامة اجابني:" لم يكن دينا .. وانا لا انتظر منك ان تعيديه لي."


"يبدوا بأن هذا النقاش اخره شجار."


رفع الي رأسه وحدق الي لدقائق معدودة قبل ان يقول ببرود:" لما لا تدعين امر الدين فيما بعد لأنه حقا لا داعي لكي تتحدثي به وانت لم تجدي وظيفة بعد وذلك بسببك ايضا لأنك رفضت ان تعودي للعمل معي"


"تعرف لما لم اعد .. لأن الحديث سيكثر علينا."


فاجئني عندما ضحك عاليا قبل ان يقول:" اكثر مما حصل؟؟ لقد اصبحنا مشهورين والمجتمع البلجيكي يعلم كله باننا نعيش مع بعض مع انهم ذهبوا بخيالهم بعيدا وانت تعرفين جيدا ما اعنيه بكلامي."


اعتلت فمي ابتسامة مريرة المت وجهي بقوة كما المت قلبي وانا اقول له:" اتعرف بان حسناء طرحت علي في الاخير نفس السؤال الذي يخطر في بال الجميع .. كيف اعيش معك واتقبل كل كلام الجرائد والمجلات وهي تنسب الي علاقة غرامية معك .. كيف لم اهتم لسمعتي التي تضررت كليا؟؟"


بسرعة سألني: "وبماذا اجبتها؟"


رفعت إحدى حاجبي بخبث وانا اسأله: "هل تريد ان تعرف بماذا أجبتها أم أنك أنت أيضا كنت تطرح نفس سؤالها بينك وبين نفسك وتريد ان تعرف الجواب الان."


صمت في البداية ولم يجبني بشيء ولكنه قطع صمته بالصدق كعادته وهو يقول:" هذا الامر لا يهمني بقدر ما يهمني وجودك بجانبي .. اذا اردت ان تجيبي فضولي فلا بأس وإن كنت لا تريدين فهذا ايضا لابأس به لأن الامر مجرد فضول ولن يفرق معي كثيرا."


تلاشت الابتسامة المريرة من على وجهي وحلت الجدية على ملامحي التي اخفيت بها الحزن الشديد الذي كان يقتلني من الداخل هو وعذاب الضمير وقلت له:" لو انه قبل اسابيع فقط وقبل ان أعرف حقيقتي جاء احد ما وأخبرني بأنني سأوافق يوما ما على العيش في بيت غريب مع رجل لست متزوجة به لطردته من امامي شر طردة ولكن الان وبعد ما حصل تغير الكثير في حياتي من اهم ما تغير بانه لم يعد لي شيء احسب له خطواتي .. العائلة التي كانت تهتم لسمعتي طردتني من حياتها وانا الاخرى لم يعد لي احد يعرفني بمعنى الكلمة في هذا البلد لذلك لم يعد يهمني ما سيقوله عني الجميع فمن هم؟ سوى غرباء سيقرؤون الخبر ويتحدثون عنه بتسلية وبعد فترة سينسونه .. انا وحيدة الان."


لم يكن الرضى أبداً مرتسما على ملامحه فشعرت بأنني غير قادرة على النظر الي عينيه مباشرة اكثر مما فعلت .. فنظرت امامي اهرب من عينيه وعندها سمعته يقول:" لما تصرين دوما على إلغائي من حياتك .. إنك معي ولست وحدك."


نهضت من مكاني فجأة وقلت:" اعتقد يا بيتر بانه قد حان الوقت لكي تذهب الى عملك كما علي ان اذهب انا الى الجامعة."


نهض هو الاخر من على الطاولة لم يبدي أي رغبة في ان يلح علي بمناقشة ذلك الموضوع الذي كان يؤلمني فأنا كنت اعرف بانه علي ان ابقى وحيدة حتى لو كان بيتر موجودا.. وكأنه يعلم بالصراع المحتد بداخلي ولا يريد ان يزيد من حدة الصراع لذلك ابتسم في وجهي وهو يعدل من ربطة عنقه ويقول:" بالعكس مازال الوقت مبكرا على الذهاب الى مكتبي لذلك يمكنني ان اوصلك الى الجامعة."


بادلته الابتسامة وانا اقول:" كما تريد .. فقط دقيقة."


ذهبت الى مرآة ضخمة كانت قريبة مني تحتل تقريبا الجدار بأكمله وتأكدت من ان حجابي مازال معدلا كما يجب والذي لم اكن أنزعه في حضوره ابدا مع انني كنت انزعه عندما كنت اعمل معه لكي استدير اليه واحمل حقيبتي واتقدم منه أبدأ يوما جديدا احارب فيه نظرات الاخرين وتطفلهم علي.


..........


حسناء


وضعت بسرعة يدي على فمي امنع ذلك الاحتمال القوي من ان يتحقق .. لكن هيهات شعور الغثيان كان يتضاعف وكيف لا وبجانبي شخص يقلب معدتي بمعنى الكلمة .. لماذا حظي سيء دوما هكذا؟؟ أأغير المدرسة الى حيث ذهبا كمال ومايا هروبا من مايكل الحقير لكي اجد كريها مقرفا اخر ينتظرني في المدرسة الجديدة؟؟ وماذا؟؟ كمال ومايا يجلسان مع بعض وانا احظى برفقة هذا الكريه ذو الرائحة النتنة .. هل يحاول تقليد مصاصي الدماء يا ترى؟؟ بشعره الاسود الحالك المصبوغ بكل تأكيد والذي لم يلائم وجهه الشاحب شحوب الموتى ابدا وبملابسه السوداء المخيفة وجسمه الذي هو ليس اكثر من هيكل عظمي مغطى بجلدة رقيقة؟؟ لو كان هذا هو هدفه فأود لو اعلمه بان تقليده سيء جدا .. فحتى ابطال افلام الرعب تلك استسيغ أشكالهم على هذا الذي يجلس بجانبي ويدعي تركيزه على شرح الاستاذة .. حاولت ان ابعد عيني عنه قدر المستطاع فنظرت إلى الطاولة امامي لكي ارى اصابعه الذي كان يطرق بها على الطاولة بصوت منخفض لا يسمعه غيري على ما يبدوا .. ازدادت رغبة التقيأ لدي بشكل لا يحتمل لمنظر اظافره الطويلة المطلية بعضها بالسواد والتي كانت قذرة كثيرا .. الحجاب ممنوع لأنه يظهر بان الشخص الذي يرتديه مختلف عن غيره .. ولكن غريب الاطوار هذا وعابد الشياطين هذا ليس مختلفا عن الاخرين لأنه حر ان يختار لباسه .. أهذه هي الحرية؟؟


لم استطع الاستئذان حتى من المدرسة عندما نهضت بسرعة على قدمي اركض الى دورة المياه افرغ ما في بطني ولم اعد الا بعد مدة ليست بقصيرة .. كنت قد استعدت فيها بعضا من قوتي .. دخلت القسم من جديد معتذرة للجميع .. وطمأنت المدرسة انني اشعر الان بأفضل حال واصررت على الا ازور الطبيب .. فاخر ما اريده هو ان يجد عثمان سببا لكي يبرهن لي بان زواجي يجعلني اهمل دراستي مع ان دانييل ليس له ابدا أي علاقة بمرضي بل كله بسبب ذلك الشخص الذي لا أستحمل حتى النظر في وجهه من بعيد فكيف اجلس بجانبه؟


جلست على مقعدي ثانية وانا اشيح بوجهي لناحية الاخرى واعد في نفس الوقت الدقائق الباقية التي لم يكن قد بقي منها الكثير لانتهاء الدرس .. عندما انتهت الحصة اخيرا تنفست الصعداء لرحيل ذلك الشبح النتن عندها استطعت ان ابعد يدي عن انفي مع انني كنت ما ازال اشعر ان اثر رائحته تملأ المكان وعلى إثر ذلك حاولت جمع حاجياتي بأسرع ما يمكن...


"هسنا انتظري دقيقة لو سمحتِ"


رفعت رأسي إليها فوجدتها تومأ لي برأسها فتمتمت لها بالموافقة وانا مستغربة من طلب الاستاذة.. بقيت واقفة مكاني عند مقعدي بينما أراقبها وهي تودع الطلاب وبعد ان خرج الجميع اقفلت باب القسم علينا حتى لا يتطفل على حديثنا الذي لم اكن اعرف عما سيدور أي احد .. طلبت مني الجلوس بمقابلها .. بينما هي عادت الى كرسيها خلف مكتبها وبادرت الى سؤالي قائلة:" لما ترفضين زيارة الطبيب؟"


اه ثانية .. وماذا كنت تتوقعين حسناء غير انها ستتحدث اليك بشأن هذا الموضوع؟؟ .. فكرت بذلك بينما لساني اجابها بشيء اخر:" لأنني لا أعاني من شيء .. فقط إعياء وتعب واحيانا اصاب بالغثيان لأتفه الاسباب .. انا دوما هكذا .. حساسة قليلا."


اجابتني بصراحة قائلة:" انا لا استطيع ان أسكت عن الامر لأنه تكرر اكثر من مرة .. لا اعرف ربما تحبين الدراسة كثيرا ولا تحبين البقاء في البيت ولكن يجب عليك ان ترتاحي وتزوري الطبيب .. لأنني لأظن بأن الامر عادي."


شعرت بأن لساني ملجم فلم اجد بما اجيبها به .. كنت اعرف السبب لحالتي هذه ولكنني لم اكن قادرة على ان اخبرها بان غثياني يسببه ذلك الولد الذي تفوح منه رائحة كريهة وشكله يثير اشمئزازاي .. انه بكل تأكيد لا يَغتسل .. عندما رأتني لم اجيبها بشيء .. ابعدت عينيها عن عيني لكي تحطهما على يدي اللتان كنت افركهما ببعض كعادتي دوما عندما اريد قول شيء ولا استطيع او عند شعور بالتوتر .. لكن عينيها حطتا بالضبط على الخاتم الذي يحيط بأصبعي قائلة:" سمعت من زملائك بانك متزوجة .. تعرفين بانها قصة متداولة الان بقوة في هذه الثانوية لاستغرابهم لفتاة صغيرة تتزوج بهذا العمر."


اعرف اعرف .. ولكن ماذا افعل اعلي ان انزع خاتم زواجي من يدي .. كنت اتمنى ذلك لولا أن دانييل لن يحبذ الامر أبداً مع انني اكره بان اضل محط انظار واستغراب الجميع .. اكملت المرأة قائلة تستدرك كلامها عندما لاحظت وجومي الذي عقب كلامها الفضولي:" انا اسفة لا اقصد التدخل في حياتك الخاصة ولكنني اريدك ان تزوري الطبيب بأسرع وقت .. لذلك لا اتوقع حضورك الى المدرسة إلا بعد ان اطمئن عليك."


"حاضر." قلتها على مضض وانا انهض من مكاني عندما توضح لي بأنها قد انهت حديثها .. لكنها اضافت قائلة قبل ان ارحل من عندها:" ومن الافضل ان يرافقك زوجك."


ودعتها بنزق وخرجت من المدرسة بعدها بسرعة .. حتى انني لم انتظر حتى اودع كمال ومايا وكما كان متوقعا كان دانييل ينتظرني كعادته عند سيارته امام باب الثانوية .. لم يرني عند خروجي فمن الواضح بأنه كان مشغولا بشيء مهم على هاتفه .. لذلك تقدمت بعصبية من السيارة وفتحت بابها بعنف .. فتفاجأ لأمري مما جعله يبعد بسرعة اهتمامه عن الهاتف ويحدق الي وانا استقر في المقعد بجانبه .. اقتربت منه وطبعت قبلة سريعة على وجنته لكي اعود الى النظر امامي بغضب...


"ماذا هناك؟"


انفجرت بسرعة وكأنني كنت انتظر الضوء الاخضر للبدء في اخراج ما يعتمر بداخلي من نار متأججة:" لقد اصبحت حديث الطلاب .. الكل يتهامسون علي وحتى الاستاذة ارادت التطفل على حياتي الشخصية." .. "اعرف من زملائك انك متزوجة." رددت جملتها تلك وانا اقلد صوتها باستهزاء وعندها سمعت دانييل يقول بهدوء استفزني:" وما الذي يغضبك في هذا؟"


نظرت اليه بشرر يتطاير من عيني وانا اهتف قائلة:" كيف ما الذي يغضبني بهذا؟ تعرف انني لا احب ان اكون محط انظار الجميع .. الكل مستغرب لزواجي لأنني ما زلت ادرس وفي سن صغيرة."


بنفس الهدوء اجابني وهو يدير المحرك بعملية:" انت من اصررت على تغيير مدرستك والقدوم الى هذه المدرسة الحكومية وانا لا أعرف كيف وافقت على هذا."


صرخت بقوة وقد انهمرت دموعي فجأة وبسرعة كبيرة:" دانييل انت تعرف جيدا بان المدرسة التي كنت فيها لم تكن افضل من هذه .. كنت العربية الوحيدة هناك بكل تأكيد كنت سأجن.. ثم انه حتى لو كنت قد بقيت هناك تحت سقف واحد مع مايكل الحقير كان سيكون الوضع اسوء لأنه لابد ان يعلق على زواجي بسخرية."


ظهرت الرقة بوضوح في نبرة صوته وهو يسألني قائلا:" ولماذا تبكين الان؟"


"لأنك اغضبتني."


"انا لم اغضبك كل ما فعلته انني ناقشتك بكل هدوء وروية بحوار انت من بدأ فيه."


استمرت دموعي بالنزول وانا اقول له:" الكل يضغط علي .. فغدا لا يجب ان اذهب الى المدرسة وعلي الذهاب الى الطبيب مع انني لا اعرف ماذا علي ان اخبره به .. بان لوني يتغير واشعر بالغثيان والدوار كلما رأيت تلميذا قدرا معي في المدرسة؟؟ بكل تأكيد سيظن الطبيب بأنني اسخر منه."


"مجددا تلك الاعراض؟؟"


اجبته وانا احاول كفكفة دموعي:" اجل مجددا وهذا ما يثير غيظي اكثر .. انا لست مريضة لما لا يصدقني احد منكم؟"


نزلت دموعي اكثر عندما لم يجبني بل اهتم بتوقيف السيارة اولا امام المطعم الذي كنا نرتاده من اجل تناول طعام الغذاء ثم بعدها التفت الي أخيرا وهو يقول:" انا اصدقك ولكن مع ذلك احب ان اطمئن على صحتك .. من المأكد بأنك ايضا لست مرتاحة في هذا الشعور."


"لا لست مرتاحة." اعترفت بذلك وانا اتركه يقترب مني لكي يمسح الدمعات التي كانت ما تزال تجري على وجهي..


"اشتقت لك."


ابتسمت بخجل وان اهرب بعيني عن عينيه بينما اشعر بيده تمتد الي لكي يقربني اليه اكثر...

..........
يتبع...


maroska غير متواجد حالياً  
التوقيع
ملوك تحت رحمة العشق

رد مع اقتباس