عرض مشاركة واحدة
قديم 02-09-12, 06:34 PM   #101

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



،

في صباحٍ داكِن تطلُّ الشمسُ من خدرِها غاضِبة تحرقُ ملامِح المارَّة ، الرياضُ المُزرَّقة من إتهاماتِهم الباطلة ، الرياضُ الخجولة مثقُوبة بكدماتٍ من كذبِ البعضْ على عفتِها ، الرياضْ الصاخِبة صيفًا و الدافئِة شتاءً تلمُّ شملً القلُوب حولِها ، تبقى الفتنةُ بقمرٍ طلّ من سماءِ الرياض ، يا من تركت الرياض . . كيف الحياة بدونها ؟ رُغم التذمر و الشكوى من هذه الأرض ، إلا أنَّ الجفافُ يبقى " بللُ " و العشاقْ يربطهُم رضـا الله و النجُوم ضياءٌ تشهد بسبابةِ القمَر.

في مُنتصف طريق بقي تقريبًا 5 ساعات حتَى يصِلُوا إلى حائِل ، يُوسف بهدُوء : نزلي الكرسي عشان يرتاح ظهرك
مُهرة أنزلت يدِها بجانب المقعَد حتى تضغط عليه لتُردف : ماينزل
يُوسف ألتفت عليها : مو الأولى الثانية
مُهرة بخوف : شوف الطريق طيب
يُوسف خفف سُرعته و ركَن سيارتِه جانبًا لينحنِي عليها من الجهة الأخرى ،
مُهرة أخذت نفسًا ولم تزفُره من قُربه ، شفطَت بطنها من قُربه وهو يحاول إنزال الكُرسِي ، تسمعُ أنفاسِه و دقاتِ قلبه ، أنزله إلى أن قارب المرتبة الخلفية : كِذا تمام ؟
مُهرة بصوتٍ مُرتبك : إيه
يُوسف عاد لمقعدِه و حرَّك سيارتِه : فيه محطة قدامنا إذا تبينا نوقف عندها ؟
مُهرة : لأ
يُوسف : كلمتي أمك ؟ يعني قلتي لها !
مُهرة : لأ بس أوصل أشرح لها .. ماراح تفهمني من التليفون
يُوسف : تدلين بيتهم
مُهرة : لأ بس نوصل للقصيم ويبقى ساعتين على حايل أكلمهم ويعطوني العنوان
يُوسف تنهَّد : طيب ، .. *صمت لدقائِق يُحيطهم ثم أردف* .. ودراستك بالرياض ؟
مُهرة : أوقفها عادِي

،

الضوءُ يخترق النوافِذ التي تُشبه السجُون ، يقطعُ الزجاج أعمدةٍ كثيرة و رائِحة المكان مُقرفة تُثير الغثيان ،
مُغلق عيناها بوشاحِها ومُثبت أقدامها بالكُرسِي الخشبِي الممتلىء بالرسومات والعبارات التعصبية ، في مكانٍ مُظلم و كأنهُ مهجور.
سعَد : طيب .. لآ ولا يهمك ... تآمر آمر إن شاء الله ... وأغلق هاتِفه ، سحب كُرسي ليجلس أمامها ،
سحب اللاصِق من فمِها ليُثير الحمرة حول ثغرها : مين اللي اعطاك الفلوس ؟ أبي كلمة وحدة
لا رد يأتِي ،
سعَد : صدقيني ماهو بصالحك أبد ، يعني لو وصل موضوعك لبوسعود و بوبدر .. بتكونين في عداد الموتى
أمل : . . . . . .
سعَد : بعِّد لين العشرة إن ماتكلمتي يؤسفني أنه بيتم التبليغ عنك . . . واحد . . إثنين . . ثلاثة . . أربـ
أمل : ناس
سعد أبتسم بإستخفاف : أحلفي عاد ؟ ناس ؟ تصدقين أحسبهم حيوانات
أمل أشاحت نظرها بعيدًا عنه و الألمْ يسيرُ ببطء بين ملامِحها بعد أن نامت ليلتها على هذا الكرسي ،
سعد بغضب : أنطقـــــــــــــــــي !! . . كنتِ راح تعيشين زي ماتبين .. وش تغيَّر ؟
أمل : . . . . . .
سعد : لا توجعين راسي عندي ميَّة شغلة غيرك ، غادة مع وليد الحين ولا ندري عنهم شي والبركة بأفعالك !! تكلمي عن كل شي تعرفينه ، لا والله يصير شي مايعجبك
أمل : هي تحب وليد
سعد بغضب : مالك شغل تحبه ولا تكرهه قولي لي شي يفيدني بعيد عن هالخرابيط
أمل : مدري قالوا بيطلعون برا باريس
سعد : طبعا ماراح يقدرون لأن جوازها هنا .. أبغى إسم المدينة اللي راحوا لها
أمل بإرهاق : وقلت لك مااعرف
سعَد بهدُوءٍ مُخيف : أفكِّر بردة فعل سلطان بن بدر و عبدالرحمن آل متعب إذا عرفوا عنك
أمل بلعت ريقها و الخوفُ يتشكَّلُ بأنفاسها المُتصاعِدة ،
سعَد : مقرن يبي يساعدك ويبعدك لكن أنتِ تجبرينه يتصرف معك كذا !!

،

في الضاحية الشرقية لباريس ، مقبرةُ دي بلفيز في مُربع المسلمين ، وكَّل شركة فرنسية تدفع لهُم الرسُوم في شراء المقابر هُنا حيثُ أنّها تُشترى و حسبِ المُدة فـ كُل عائلة عبدالعزيز و أُمِي كل 30 سنة يجب أن نُجدد الشراء لهم وإلا أخرجت السُلطات الفرنسية الجثث و أحرقوها ، وقف عند قبرِ أُمه و قرأ من القرآن " رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا " ، أحمَّرت عيناه وهو يجمع كفُوفه ليدعِي " اللهم أبدلها دارًا خيرًا من دارها و أهلاً خيرًا من اهلها و أدخلها الجنةِ و *تحشرج صوتِه ليصمت ثوانِي ثم يُردف بصوتٍ موجوع* و أعِذها من النار و من عذاب القبر ، اللهم تجاوز عن سيئاتها و جازِها عن الحسناتِ إحسانًا و عن السيئات عفوًا و غُفرآنا ، اللهم أجمعنا في يومٍ لاريب فيه .. أكمل دُعاءه بخشوعٍ تام و عيناه تبكِي وجعٌ "
مرَّت دقائِق طويلة و هو امام قبرِ أُمِه ، قبل أن يذهب عنها أبتسم لم يراها كثيرًا . . توفيْت و هو في ثاني متوسط ، ليتهُ كان معها في آخر أيامها ، أيامُ مرضِها و علاجُها الذِي توجَّب عليه الذهاب لباريس . . ربَّ ضارةٍ نافعة ، لو لم تأتِي للعلاج في باريس لما رأيت غادة.
وقف أمام قبرِ هديل ، دعَى لها كثيرًا و كأنها أخته ، هو فعلاً يشعُر بأخويتِه مع هديل وحميمية الأخوة بينهُما رُغم أنَّ لا موقفًا يُذكَر بيني وبينها .. إلا أنها أختُ من أفديهِ برُوحِي و أختُ من تملَّكت قلبي.
أقترب من قبرِ والِد عبدالعزيز ، دعَى لهُ بالمثل إلا أنَّه تأثَر أكثر أمامِه و صوتُه يختنق و يتحشرج و يقِف بمساحاتٍ شاسعة تُشبه الخواء الذِي يواجه قلبه الآن في وحدتِه ، وقف أمام قبرِ والدة عبدالعزيز ، قرأ بعضُ آيات القرآن و دعَى لها .
أتَى الدور على القسم الأكبرِ من قلبه ، وقف هذه المرَّة على رُكبتيْه أمام قبرِها ، شدّ على شفتيْه ويحاول أن يبتسم أن يفرح ، يُريد أن يصِل شعُوره إليْها ، قبل أن آآتي إلى هُنا قرأت أداب زيارة المقابر حتى لا أقع بشيءٍ منهي عنه و قرأتُ حديثًا صحيحًا شعرتُ بأنَّ عُرسًا يُقيم في قلبي " ما من رجل يزور قبر ‏أخيه ويجلس عنده إلا استأنس به ورد عليه حتى يقوم " هذا يعني انها تشعُر بيْ ؟ يالله يا غادة أُريد أن أُخبرك عن حُزنِي دُونك و انَّ الحياة ناقِصة تتشعبُ منها زوائِدٌ مهما حاولت أن أُعطيها بعضُ الأهمية إلا أنَّها تعجز أن تحلُ جزءً من قلبِي مثل ما حييتِ هُنا – قلبي - ، " نزلت دمعتِه ليُكمل بأحاديثِ نفسٍ لا يُجرؤ أن تخرج بصوتِه ، تعبنا يا غادة ، لا عزيزٌ سعيد و لا أنا ، لا نحنُ نحن و لا الحياةُ ترتضِي أن تُسعِدنا ، يالله ياغادة لو تعرفين أو تدركين كيف أنني غير قادِر على العيش و الحياة ! والله لستُ بقادِر و أخافُ السخط على قدرِه يا غادة . . يا جنُونِي . . يا حبيبتي ، أولُ مرة أرى باريس بهذه الثيابُ الرثَّة ، أول مرَّة أفقدُ اللهفة في عينيْها ، أول مرَّة أجِد أن باريس جافة مُفلسَة ، أيامُنـا القديمة و تفاصِيلُنا المُباغتة لذاكرتِي التي تمِّر ببُطء على قلبي حتى تنزلق بِك يا رُوحي ، يا سمائِي . . يا أرضِي ، يا كُل شيء ، تراكمت الغيُوم يا غادة و لم تبقى السماءُ كما عهدتِ . . تراكمت ولم ترحمُ العطشى و الحزانى ، لم ترحمهم وتُمطِر.
أتشعُرين بي الآن ؟ يارب أنك تُشعرين بيْ ، أنا لم أنساك و لم أنسى وعدُنا لبعض ، والله لم أنسَى.
كانت الحياة أقصَر من أحلامِنا الممتدَّة على قارِعةِ حُبِنا ، أحلامُنا التي كانت أن نشيخ سويًا و أحفادِنا حولنا ، لم نشيخ يا غادة و لم نرى أطفالُنا حتى . *بكَى بشدَّة و بصمتٍ مُطبق شدَّ به على شفتيْه إحترامًا لهذا المكان و أن لا يجبِ النواح فيه*
كانت أقصَر يا غادة ، والله ستكُون الحياة أسعَد لو تركتِ لي طفلاً ، فقط طفلٌ واحِدٌ ياغادة ، أنا أحببتُك و أحببتُ أن تُبللين جُحرِي بطفلٍ يقع و يتشبثْ ، يسرقُ من تفاصِيل أُمِه الكثير ، أن يُشبهك ،
تذكرين المرةِ التي قُلت لكِ فيها " الأربعين الشبيه اللذين يحشرُون أنوفهم بقصائِد الشُعراء لا وجود لهم و لم تصدقيني "
أتُصدقيني الآن ؟ أين أشباهكِ يا غادة ، أين هُم ؟
أُريد أن أحكِي لك الكثير ، الكثير مما حصَل ، عُدنا للرياض التي كُنتِ تشتاقين إليها ، عُدنا يا غادة ولم تكُونِي معنا.
لم تتغيَّر كثيرًا ، أرضُ لم تطأ بها قدماكِ هي عنصرٌ كونِي مُكتَّظ لا أحد يلتفتْ إليه و الآن باريس تدخلُ تحت هذا المصطلح بعد أن كانت حسناءٌ راقِصة تسرقُ من عينيْكِ ضياءُها و مِن رقةِ شفتيْك فتنتُها . . آآآه يا غادة لِمَ المُدن تتشابه ؟ لِم الأرضُ بأكملِها تُشبه غصةً في صدرِي تلعبُ بأعصابِي ولا ترحل ، لِمَ كُل شيء في غيابِك " باهِت " ، لا شيء يُذكَر بعد ، سنَة كاملة لم أفعل بما شيئًا يستحقُ الذِكر حتى الأمور البسيطة كانت في وقتِنا هي أهمُ الأشياء ولكن فقدتك و فقدتُ كل أشيائِي خلفك.
قبل أن أرحَل أُريد أن أُخبرك ، . . . . *خرجَت شمسُ باريس الخجولة و أشعتُها الخافتة لتعكسَ دمع ناصِر على ملامِحه*
أُريد أن أقُول أنني أحببتُكِ أكثرُ مما يُدرَك في هذه الحياة الوضيعة و لم أتوقَع أن خسارتِي فادِحة إلا و أنا أرى السماء تُطوِي سُحبها المُتمايلة بين همساتِنا لتقطع خيطًا بيني وبينك.
أُريد أن أقُول يا غادة أننِي أشتاقُك . . ، أشتاقُك و جدًا ،
أدعُو الله أن يُسامحنِي على إحتفاظِي بصورِك و بكلماتِك و بأقراصٍ تضمُ مشاهِدٌ تضحكِين بها كإتساع الشمس و قطراتُ المطَر و تبكِين فيها كرذاذِ عطرٍ لا يكفُّ عن السؤال عنك.
أدعُو الله أن يعفُو عنِّي لما أفعله الآن ، رُغمًا عنِّي أضعفنِي فُقدانِك في ليلتنا التي جلسنَا سنين نُفكِر بها ، في ليلتنا التي كان يجب أن أُصلِي معك شُكرًا أنَّ سقفُ حُبي بات يجمعُنا على أرضٍ واحِدة ، في ليلتنا التي كان يجبْ أن نوثِّق بها حُبنا لأطفالنا ، في ليلتنا يا غادة أتى موتُك خاطِفًا قتلنِي و قتل عبدالعزيز من خلفِي.
أدعُو الله أن لا يجعلنا من الساخطين على أقداره ، والله لا أُريد ، والله لا أُريد أن أكون مجنُونًا هكذا ، لا أُريد أن يغضب مني الله ببُكائِي ، لا أريد يا غادة ولكن رُغمًا عنِّي ، لا أُريد أن أضعف ولكن حُبك أقوى ، لا أُريد أن أنكسِر ولكن غيابُك أقسى ، لا أُريد أن أنهار ولكن حضُورك أكثرُ إتزانًا ، لا أُريد يا جنُونِي لا أُريده ولا أُحبه و الله على كُل هذا هو الأعظم وهو القادِر على أن يُخفف من جمرةُ أشتياقٍ واقفة في حلقي ، كل شيء يا غادة يتطفَّلُ ليظهر أمامِي ليُذكرني بك وكأنِي نسيتك ، كانت أُمنيتي سابقًا أن نشيخ سويًا و لكن الآن أُمنيتي أنَّ الجنة تجمعُني بك لأحبك من جديد.
أستمَّر دقائِقٌ يحاول أن يتزِن و يُطفأ حُرقة دموعه ، وقف وجمع كفيَّه ليدعُو لها و نصف ساعة و أكثَر وهو يدعُو إلى أن قال مودِعًا " يالله إنك فطرت إبن آدم على قلبٍ ضعيف ينشغلُ بلهوِ الدُنيـا فـ يارب علِّقني بِك و أرحمني و أرحمها كما ترحمُ عبادِك الصالحين ، يالله أني لم أُحببها لأجلِ دُنيا فانية ، يالله أني أحببتُها طاعةً فيك لم تُشغلني يومًا عن ذِكرك فـ يارب كما أحببتُها بالدُنيا حُبًا عظيمًا قائِمًا على طاعتِك و على رضاك أن تجمعني بها في أعلى جنانِك "

،

مُستلقي على السرير الوثِير و رائِحتُها تُثير حواسِّه الناعِسة ، صُداعٌ يقضُم خلايـا مُخه و يفتحُ عيناه ببطء.
نظر للسقف مُستغربًا إلى أن أستوعب ماجاء بِه إلى هُنا ، مدَّد ذراعيْه بإرهاقٍ و تعب بعد أن أستنزفت كُل قوَّاه بالأمس العنُود ، يالله يا هذه الأنثى يشعُر بأنَّه يكرهها أكثر من اليهُودِ أنفُسهم ، تحرُرها الزائِد و مظهرها الذِي يشعُر به دائِمًا بالتقزز ، يخجَل من أن تكُون إبنة عمِته بهذه الصُورة ، سيئَة جدًا حتى أخلاقُها تشوِّهها كثيرًا رُغم أنَّ ملامِحها تُشبه عمته الأقرب لقلبه ولكن تبقى عمته أجمل بكثير و هي لاشيء يُذكَر عِندها ، هذه العنُود سأعرف كيف أُعيد تربيتها من جديد و أجعلها تحترم عاداتنا وتقاليدنا ولو كان رُغمًا عنها.
تأمَّل الغُرفة التي هو بِها مرةً أُخرى ، غُرفة الجوهرة في أيامها الأخيرة هُنا ، لا يعلم لِم شعَر بضيق من أن يدخل جناحه ولا يعرف كيف قادتِه أقدامه لغرفتها هيَ ، مازال يرنُّ في إذنه بُكائِها و كوابِيسها.
مقهور جدًا من طريقة إستغفالي هذه وأنا الذي لم أعتاد أن أحدهُم يُهينني بهذا الشكل كيف وأنتِ الجوهرة ؟
أنا قادِر على العيشْ دُونِك لم تكُوني يومًا أهم من والديْ ! ولكن بي من القهر ما يجعلُنِي أردُّ إساءتِك ليْ ، أُريد أن أردَّها بأقربِ فُرصة ، أُريد أن أُذيقك مرّ ما ذِقتهُ مِنكِ ، ليتك تشعُرين بشعُور الرفض الذي كنت أراه بعينك إن حاولتُ الإقتراب مِنك ، شعُور سيء يُثير أعصابي و يُغضبني ، لمْ تشعُري يومًا بفِكرة أنني زوجُك و ألقى الرفض من كُل جانب !
أنتِ و تُركِي ستدفعُون الثمن غالِي و أنا أُقسم بذلك.
دخل للحمامْ المُلحق بالغُرفة ، بلل وجهه و كالعادة توضأ رُغم أنه ليس بوقتِ صلاة ،
خرَج و أنتبه لبعضُ الحركة في غُرفةِ سُعاد ، دخل و لقيَ حصَّة و عائشة ، رفع حاجبه : وش قاعد يصير ؟
حصَّة بحزِم :سعاد والله يرحمها بتبرَّع بأغراضها للفقراء ، فيه محتاجين كثير ومنها نكسب أجر
سلطان بهدُوء : طيب ماهو كان لازم تستشريني ؟ قلت لك يا حصَّة مليون مرة عن هالموضوع
حصَّة بحزم أكبر : أنا أكبر منك ومفروض تحترمني وتحترم شوري
سلطان بإنفعال : أيّ شوري أيّ بطيخ !! هذي أشياء تخصني
حصة بهدُوء تُريد أن تختبره : بس الجوهرة أكيد بتجي قبل العيد ومايصير تشوف هالغرفة في بيتها
سلطان : والله ؟ ومين قال بتجي ! حصة لو سمحتِ أطلعي أنت وعايشة وأتركوا الغرفة
حصة بنبرةٍ خبيثة : ليه نايم بغُرفتها اليوم ؟
سلطان يُظهر اللامُبالاة و الإستغباء في آنٍ واحِد : أيّ غُرفة ؟
حصة وهي تمسك الكُتب وتُسلِّمها لعائشة : مدري أي غرفة بس يقولون لك اللي قلبه على حبيبه يدور عليه ويجيبه
سلطان الغاضب لانت ملامِحه ليبتسم : مخك متبرمج على أفلام أبيض وأسود
حصَّة بإبتسامة : سعاد بحّ . . طيب ؟
سلطان : عطيني الكتب بحطها في مكتبتي
حصَّة : أنت ماتقرأ كتب رومانسية وأدب ليه أحطها لك
سلطان : إلا أقرأ .. جيبي بس
حصَّة : علي ؟ خلك على كتب المجانين حقتك ومالك دخل بهالكتب
سلطان بجدية : عطيني أبيها . . الجوهرة تقرآها
حصَّة بضحكة : صدق ؟
سلطان : أسألي الجاسوس اللي جمبك
عايشة بإندفاع وخوف : أنا ما يقول شي
حصَّة : مالك دخل بحبيبتي عيوشة
سلطان بسخرية : يا عيني بس !!
حصة : أوَّل قولي الجوهرة تقرأ الكتب الأدبية ؟
سلطان : والله تقراها
حصة : طيب أخذها أجل .. مدَّت له الكتب
سلطان : خل عايشة تحطها في صندوق واحد وتجيبها المكتبة انا أرتبهم
حصَّة و هدُوء سلطان يُغريها بالأسئلة : متى راح تجيبها ؟
سلطان بضحكة يُردف : تحزنيني والله عاد أمس مكلِّم أبوها نتفق على الطلاق
حصَّة توسَّعت محاجرها : من جدك ؟
سلطان بجدية : حصة الله يخليك الموضوع منتهي وماأبغى أتناقش فيه وهي تعرف مصلحتها وأنا أعرف مصلحتي
حصَّة بإنفعال : ننععععم ! لا والله ماتطلقها .. وش تطلقها ماصار لكم سنة عشان تطلقها ؟ مهما كانت هالمشكلة العظيمة اللي بينكم وأدري أنها سخيفة بس مايصير
عائشة عندما علت الأصوات أنسحبت بأطراف أصابعها وملامح الخوف تظهَر بملامحها ،
سلطان : خلاص ولا يهمك اطلقها عقب ماترجعين لندن
حصة بغضب : تستهزأ فيني ؟
سلطان يقترب منها ليُقبل رأسها وبنبرةٍ خافتة : الموضوع منتهي
حصَّة بحزنٍ واضح على ملامحها : طيب ليه ؟ سلطان أنت كبرت مايصير تبقى كِذا !! بكرا تتقاعد وش بتسوي ؟ قولي بس وش بتسوي ؟ أنا خايفة عليك وأبيك تعيش حياتك زي مالكل عايش .. يكفي شغل ماراح يجيك كثر ماراح من عُمرك في هالزفت شغلك ، وش أستفدت منه ؟ طيب قلنا نسلم أمرنا لله وتبقى في هالشغل لكن حياتِك !! أنا ماشفت الجوهرة بس واثقة أنها ما تستاهل الطلاق .. مرَّة وحدة بحياتك حاول تحافظ على شخص .. أنت منت ملاحظ أنك تخسر الناس بسهولة !! منت قادِر تحميهم .. لآتقولي أنا أحمي غيرهم .. لكن أحنا أهلك و الجوهرة أهلك يا سلطان .. يا روحي الله يخليك يكفي اللي مضى ، لا ترخص هالناس اللي حولك .. بيجي وقت تحتاج فيه لأحد يسمعك ويكلمك .. رجِّعها عشان خاطرِي وبعدها يحلها ربِك ، و كل مشكلة لها حل
سلطان تنهَّد : أنا ماأصلح أكون كذا ، ماأعرف أكون زوج ولا غيره .. أنا ماأصلح الا بمكان شغلي وبجلس فيه لأني أحبه و هو حياتي كلها .. ومستغني أنا عن هالحياة الثانية اللي مع الجوهرة و غيرها.
حصَّة و أختنقت محاجرها بالدمُوع : مستغني عنَّا ؟ يالله يا سلطان ماأعرف كيف قلبك حجر كذا !! ليه ماتحس أنه بكرا بتشيب وهالشغل بيستغني عنك مثل ماأستغنى عن غيرك و بتبقى بروحك لا زوجة ولا أهل ..
سلطان بصمتٍ يتأمل عيناها التي تُجاهد أن لاتبكِي ،
حصَّة تُكمل : إذا تغليني ولو شويَّة يا سلطان لا تخسر نفسك أكثر من كذا .. لآتخسرها ورجِّعها .. لآتطلقها بس عشان ترضي عقلك .. لأن هالعقل اللي تفكر فيه مصيره بيتخلى عنه وماراح تلقى بقلبك إلا ذكرى ناس أنت خسرتهم بنفسك !! .. رمقته بنظراتٍ راجيَة وخرجت.
سلطان وقف في مُنتصف غُرفة سعاد و أفكارِه تهوَى كما تسقُط قطراتُ الماء من المباني ، أصطدم به أكثرُ من فِكرة و حديثُ حصَّة مُوجع لقلبه ، كم خسَر في حياته ؟ فترةُ الشباب الطائشة و عمِي عنَاد و إبنه نايف في رحلتِنا الغارقة على شواطىء صقليَّة ، أُمِي الجنَّة و لا جنةٌ في الدُنيا سواها و أبِي الرائحة العتيقة التي يحتفُظ بها قلبي ، أجدادِي الذِين باغتهُم المشيب حتى ماتُوا تباعًا و المصائِبُ لا تأتِي فُرادى ، من بقيَ ؟ كان يجبْ على والديْ أن يُفكِرُوا بوِحدةِ إبنهم بعد عُمرٍ طال ، لو أنَّ لديْ أخ الآن قريبًا من عُمري كان الأمر سيكُون مسليًا رُبما كنت سأعلمه على الفروسية أو رُبما أُعلمه على انواع الأسلحة و من الممكن أن يُعلمني شيئًا .. كنت سأجِد مُتسعًا لأحتفِظ بهذه الحياة كما رددتها عمتِي ، ولكن حياتي ليست مُغرية لأنَّ أتشبث بها ، أصابني الله في حُبِ عملي حتى أفقدنِي الكثير و مازال.

،




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس