عرض مشاركة واحدة
قديم 04-10-12, 02:28 PM   #130

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الجزء ( 47 )
،

أرتدى ثوبـه الأبيض ذو طلةٍ كلاسيكية ، يعتلِي رأسهُ شماغٌ أحمَر ، بأصابعه هذَّب شُعيرات سكسوكتِه السوداء التي تعكسُ بياض بشرتِه التي تميلُ للسُمرَة ، وضع قلمه الأسود والمحفُور به بطريقة عُثمانية " عبدالله القايد " أخذ محفظته السوداء و هاتِفه – جالكسي – و نزل بخطواتٍ سريعة للأسفل و رائحة العُود تسبقه لأمه
والدته : تبارك المساا
ضحك لينحني مُقبلاً رأسها : متبارك فيك يا أميمتي ...
أتته الصغيرة ذات الشعر البُندقي والبشرة البيضاء ، تركضُ بخطواتٍ متذبذبة ، فتح لها ذراعيه لتدخل بها : هلا بشيخة البنات كلهُم
والدته تسكبُ له القهوة : كل هالكشخة لمين ؟
أبتسم فيصل ليُردف : معزوم
والدته أبتسمت والتي لا يتضح عليها عُمرها أبدًا إبتداءً من شعرها البنِي المرفوع نهايةً بجسدِها المشدُود : و ولد عبدالله مايقولنا وش هالعزيمة ؟
فيصل وهو يُلاعب رِيفْ بيديْه : معزوم على تمايم ولد ريانة حبيبة قلبك ! *أردف كلمته الأخيرة بضحكة*
والدته بدهشة : منصور تزوَّج !!
فيصل : والله يا أميمتي أنك غايبة عن هالعالم ! تزوج وعنده بزر وحتى يوسف تزوَّج
والدته : ماشاء الله ، الله يوفقهم ويهنيهم
فيصل بهدُوء : ماصارت ! عازلة نفسك عن العالم وناسك وحبايبك .. خلاص أطلعي وونسي روحك !
والدته بمثل هدوئه تُضيِّع الموضوع : عطني ريف لاتوصخك ....
فيصل تنهَّد ووقف : تآمرين على شي ؟
والدته : سلامتك وأنتبه على نفسك
فيصل قبَّل كفَّها المُعطَّر بالجنَّة : إن شاء الله . .
خرَج و ركب سيارته البي آم دبليو السوداء ، نظر لنفسه بالمرآة و عقله يغيبْ لأحداثٍ يكرهُها ، أولُ لحظةٍ شتم فيها عبدالرحمن آل متعب و أولُ كلمةٍ سيئة لفظها بوجهِ سلطان بن بدر و أول حقدٍ نفث به على وجهِ عبدالله اليُوسف والِد منصُور .
لا ينسى أبدًا عندما قال لسلطان العيد في وجهه و أمام الجميع " راح أخليك تترجاني " يالله يا وقاحة تلك الكلمة و يا وقاحة نفسي حين قُلتها له .
كل الأشياء السيئة كانت ترتطمُ به عندما توفى والِده إثر التدريبات و ترك كُل الذنب عليهم ، قطع علاقتِه بتلك العوائِل رُغم حبه لهم سابقًا ، قبل سنةٍ تقريبًا تبدَّل الحال و رُغم ندمه على بعض أفعاله التي فعلها بأشخاص لاذنب لهم سوى إرتباطهم بتلك العائلة إلا أنه تغيَّر عندما تعرَّف على شخصٍ أستطاع أن يجعلُ منه شخصًا آخر ، و لأجل هذا الشخص أنا هُنا في الرياض ، قريبًا جدا سأُصلح الأخطاء و سأردُ دين هذا الشخص .
تمتم : يارب أشوفك يا ناصر

،

رسالةٌ قديمة على البريد الإلكتروني تحمل تاريخ 17/12/2009 ،
" رتابـة الأيام تشطُر الحياة سوادًا ، تعال إليْ في مثل يومٍ كهذا أشتهِيكْ كالسماء و أكثر "
ترك حاسُوبه الشخصي ليبحث في الأرفف عن أقراصِ دائريـة تحملُ له الذكرى و تُشبع شوق نظره إليْها ، لايعرفُ لماذا كان يُحب أن يصوِّرها دائِمًا رُبما لأنه يخشى فقدانها لذلك أراد أن يحتفظ بها ، لم يكُن شغوفًا بالتصوير كحالته معها ، كانت شيءٌ إستثنائِي يوثق به حتى الأشياء البسيطة ، تلك الأشياء التي تتركُ في قلبه عمقٌ لا يُسَّد بسهولة ، من يحفظُ الذكريات كثيرًا يخافُ الفُقد ،
أدخل السي دي ليجِد أن الفيديُو مشوشًا ولا يعمل ، شتمُه كأنه إنسانٌ واقِف أمامه ليُدخل السي دي الآخر و فتح له على صفحةِ بياضٍ مُمتدة من قلبها ،
" تُخرج لسانها بشغب و من خلفها ربيعُ باريس الزاهي ، وضعت نظارتُها الشمسية مُردفة : عادي أفصخ حجابي دام مافيه أحد ؟
ناصِر الممسك بالكاميرا : طبعًا لأ
غادة تنزعُ الحجابْ بهدُوء ليتراقص شعرها على كتفيْها والهواءُ يُداعبه ، المكانُ الأخضر جنَّـة تخلُو من الجميع الا ظلالِهم : في قلبك موافق وهذا يكفيني
ناصر : على كيفك قررتي أني موافق !! ...
سارُوا للداخلِ أكثر مُبتعدين عن الأطراف التي توازي الطُرق ، ألتفتت عليه : صورني وبرسلها لهديل عشان تتحمس و توافق على اللي خاطبها
ناصر بضحكة : مين خطبها ؟
غادة : ماأعرفه بس ولد السفير وأبوي مدحه وطيَّره للسماء بس عيَّت تقول ماأبي آخذ واحد عنده ميول سياسي
ناصر بحماس : عبدالعزيز وش قال ؟
غادة : كنك داري ههههههههههههههههه قام يتطنز عليه طلعه ولا شيء !!
ناصر : لأن هو ذاك اليوم مع عادل يقول إذا قررت أتزوج بتزوج بنت شخص بسيط ماراح أتزوج بنت واحد عنده منصب مهم ! وحتى خواتي ماراح أرضى تتزوج واحد ولد شخص مشهور ولا شخص له منصب كبير
غادة : أصلا كل يوم أكتشف في عبدالعزيز عقد بشرية في مخه !! أمس أقوله أنت ولد شخص مشهور وله منصب سابق يعني ممكن فيه ناس تشوفك بهالمنظور قام ضحك وقالي أنا حالة إستثنائية
ناصر : بذكرك باليوم اللي راح يجي ويتزوج وحدة توازيه في المستوى الإجتماعي
أنتهى الفيديو ، يالله لو أكملناه لثواني لو للحظاتٍ بسيطة فقط لأراها أكثر لأسمَع أحاديثٍ أخرى ، لو فقط يا غادة تأتين كالحلم و أراكِ .

،

دخَل سلطان وكعادتِه رمى سلاحه الشخصي مع مفاتيحه على الطاوِلـة الخشبية و أتجه للغرفة العارية من كُل شيء وتضمُ تُركي ، أتجه خلف الكُرسي المربوط به وفتح قيْدِه ، جلس أمامه بصمتْ ،
أنحنى تُركي بوجهه ليجهش بالبُكاء كطفلٍ صغير ، لا أحد حوله ! لا أُم و لا أب ! لا أحَد يشعُر بألمِ تُركي الذي لا نفهمه ، أو كيف يشعُر ؟ لا عُذر يُبرر له ما فعَل و الله لا عُذر يشفي حُزن الجوهرة و كسرُها الذي جفَّ و صعبٌ على الحياة أن تُبلله !
لكن لِماذا ؟ لِمَ فعلت هذا ؟ كيف نسيْت الله و فعلتُها غدرًا من وراءِ ظهر أخيك ؟ كيف فقط قُل ليْ أيُّ الأعذار ستُخفف وطأة مصيبتنا !
سلطان بهدُوء الأموات الذي يلفُهم لولا بُكاء تُركي : أخوانك يسألون عنك ! قولي بس وش أسوي فيك ؟ أنت تدرِي أني مقدر أشتكي عليك وماعندي شهُود ! لكن الله ماراح يضيِّع حق أحد ! ولا راح أرضى أنك تبقى هنا وتكرر اللي سويته مع الجوهرة بغيرها !! راح تعترف يا تُركي ولا كيف ؟
تُركي ولا يردُ عليه الا بالبكاء المُزعج لكل روح إنسانية ، بُكاء يُفكِك قسوة الحجر .
سلطان عقد حاجبيه : أعترف لأن خلاص محد راح يفيدك لا عبدالمحسن ولا عبدالرحمن ! كلهم يدورون عليك و عبدالمحسن أكيد ماراح يسكت والله يعلم وش مخطط يسوي فيك !
تُركي ببحة قاتلة جعلت سلطان يشتُم كل هذه الحياة لأنها تُشبه بحة الجوهرة في البُكاء : أذبحوني ... ماأبي هالحياة .. ماأبيها
سلطان بحدة : و لا هي تبيك ! محد يتشرف أنك تمشي جمبه حتى الشوارع تكرم منك !!
تُركي ببكاء يتخلى فيها عن رداء الرجولة الشرقية : والله أني أحبها
سلطان و نفسه مُرهقة من هذا الحديث ، وقف ليُعطيه ظهره ويلفُظ بحرقة : بنت أخوك ! فاهم وش يعني بنت أخوك !!! .. ألتفت عليه ليصرخ ... مايجوز لك .. أفهم أنها ما تُحل عليك
تُركي بصراخ آخر : طيب أحبها !! والله أحبها ... أقسم لك بالعلي العظيم أني أحبها غصبا عني .. غصبًا عني أحبهاا
سلطان بسُخرية غاضبة : تعرف عن مين تتكلم !! تتكلم عن زوجتي يعني ممكن أحرقك في جحيم حبها عشان أعلمك كيف تحب
تُركي بصوت مُضطرب وخافت : ماتفرق معي .. ماعاد تفرق .. أما حياة مع الجوهرة أو فلا .. ماأبي هالحياة
سلطان : لا تحدني أجرِّك الحين للتحقيق وأخليهم يعتقلونك رسميا وساعتها ماراح يفيدك هالحُب
تُركي و الجرُوح تنتشر على وجهه ، رفع عينه بإتجاه سلطان : قلت لك ماتفرق
سلطان بغضب : عقوبتك مثل عقوبة الزاني المحصن يعني القتل !!
تُركي : ماتقدر تثبت شيء أنا والجوهرة نحب بعض والله نحب بعض
سلطان و تنرفزت حواسه بأكملها ، دفع الكُرسي الذي كان جالسًا عليه و هو يُشير بسبابته : يعني ماراح تعترف
تُركي ودمُوعه مازالت تُبلله : أثبت أنه الجوهرة ماتحبني !!
سلطان بحدة : لآ تنسى أنك أغتصبتها
تُركي : لأ هي جتني
سلطان بغضب : أغتصبتها
تُركي : لأ
سلطان و يُكرر عليه حتى يستفزه ويعترف : أغتصبت بنت أخوك وأنت عارف أنه حراام
تُركي : لأ .. والله لأ
سلطان : أغتصبتها
تُركي ببكاء : لآآآآ أنا ماأغتصبت أحد
سلطان صرخ : أغتصبتها
تُركي : لأ
سلطان : جيتها في آخر سنة لها بالثانوي وأغتصبتها لأنك مالقيت أحد في البيت !! لأنك جبان مقدرت تسوي أفعالك الا بغياب أخوك
تُركي بجنُون : لأ
سلطان : أنت اللي تتحمل الذنب كله ! أنت اللي راح تتعاقب وأنت يا تركي اللي بتطيح في شر أعمالك
تُركي يهز رأسه بالرفض : كذااب .. لأ ..
سلطان : كلهم بيوقفون ضدك !! أخوانك و أهلك كلهم بيستحقرونك ! بتموت في فضايحك يا تركي
تُركي يضع كفيْه على أذنِه و طريقةُ الجوهرة تُعاد بهيئةٍ أخرى ، يكرهُ هذا التشابه بأفعالهم ، يكرهه أشد كُره ليصرخ بغضب : روح وقول للقاضي والله أنا أحبها ! وشوف وش بيسوي فيك !
تُركي مازال واضع كفوفه ليسدُ إذنه وهو يرفضُ الإستماع له
سلطان : أغتصبتها !!! أعترف وخلك رجَّال لو مرة وحدة !! ... أنت أصلاً حرام عليك الشارب !!!! اللي عمره 11 سنة أرجل منك ... *صرخ به* أعترررررررررررررف لأن لو وصلت أمورك للمحكمة صدقني ماراح تفلت من العقاب !! أعترف باللي سويته و لاتنسى مين أنا !! حط في بالك دايم إذا أشتكيت وش بيصير ! خل هالشي في بالك
تُركي : ماسويت شي .. ماسويت شي .. ماسويت شي ... كرر كلماته كثيرًا في جنُون.
سلطان : أغتصبتها ... أنت يا تركي أغتصبتها بدون رضاها
تُركي صرخ : لأ
سلطان : إلأا أغتصبتها .. أغتصبتها و 7 سنوات تتحرش فيها !!
تُركي : لأ .. أنا ماني كذا
سلطان صرخ : أغتصبتها
تُركي بصراخ يبكي : لأ .. والله لأ
سلطان بعصبية : لآ تستهين بإسم الله على لسانك !! لا تحلف فيه كذب .. خاف ربك في نفسك
تُركي بتعبْ : لأ .. لأ
سلطان بهدُوء : أغتصبتها يا تُركي و راح تلقى جحيم هالدنيا قدامك
تُركي : لأ . . ماأغتصبتها
سلطان صرخ : إلا أغتصبتها
تُركي : ماأغتصبتها
سلطان يشد على أسنانه لينطق من بينها : إلأا أغتصبتها
تُركي بإرهاقٍ بكى : أيهه بس والله ماكنت أبي أسوي كذا .. هي والله اللي خلتني أحبها .. شفتها ومقدرت أمسك نفسي
سلطان بغضب صفعه ليرتمي على الأرض ، إعترافه وإن كان متوقعًا إلا أنه شطر كل ذرة رحمة في قلبه : هان عليك أخوك !! هان عليك ربك قبل كل شيء !
تُركي : ما هو بإيدي
سلطان بصرخة أرعبته : هذا إغتصاب عارف وش يعني أغتصاب !!! كيف تنجذب لها وهي بنت أخوك ! كيف تشوفها بهالطريقة القذرة !!!!!!
شدَّهُ من ياقتِه : راح أجيب أخوك وقدامه بتعترف وبعدها يا تُركي أطلب من الله حسن الخاتمة !!

،

في أطرافِ الليل المتسرِب بين جُدرانِ الوحدة ، غادر الرياض و ترك قلبٌ من بعدِه مثقُوب ، ترك أنثى غجريـة يرفرفْ قلبها على شوكٍ منثُور ، ترَك حُزنًا مُتلبِسٌ في عينيْها ، تركها و لم يعرفُ ثمَن ضحكاتها و لا فرحها ، لم يعرفُ كيف يُجازِي الحياة بها إلا بالجرح !
منذُ الأمس وهي لم تخرجُ من غرفتها ولم يدخلُ جوفها إلا الماء ، منذُ الأمس وهي تبكِي بحُرقة و تنامُ لبُضعِ ساعات وتستيقظُ باكية ، منذُ الأمس وهي لا تستوعبُ فجيعة ما يحصلُ بها ، منذُ الأمس و هي ميتــة نسبيًا بعد أن حشرُوا الأشواك في قلبها .
منذُ الأمس وهي ساقطة على سريرها لم يبقى قطعةٌ قطنية لم تتبلل ببكائِها ! أحترقتْ وغابُ وهجُ هذه الحياة بعينيْ ،
جلست على سريرها وهي تحتضنُ الخُدادية المُزخرفة بألوانٍ مُبهجة تجلبُ العصافير وأصواتها ، وهذا المفروض إلا أنَّ البُكاء أفقد القُطن شهيتهُ بالحياة ،
يهدأ بكاءها لحظة و يعتلي مرةً أخرى ، يزرعُ بها سمُوم الحقد و ينبتُ بقلبها ألفُ غصنٍ من الحزن ذابل ، يالله " قد إيش موجوعة منك "
أرتجفت وهي تُعاود بُكائِها ، خرج صوت كلماتها بين بُكائها وهي تلفُظ : آآآآه
من يُطهِر قلبي من هذه الأشواك ؟ من هذا الحُزن ؟ من يُخبرني كيف أبتسم مرةً أخرى ؟ تعبت و ربُ هذه الحياة مُتعبة من كل هذا ! لِمَ كل الأشياء التي تُحزنني هي منك يا عبدالعزيز ! لِمَ كل الأشياء الحزينة التي ليست مِنك هي تتواطؤ معك حتى أبي !! أبي الذِي أتيتُ من ضلعه تواطؤ معك و مع عذابِي ! يالله أكان هذا عقاب الطيش ؟ أكُنت أستحق كل هذا ؟ منذُ اليوم الأول الذي رأيتُك به و كسرني بها أبي بعقابه إلى هذا اليوم و أنا لا أفهمُ لِمَ كل شيء يقف معك يا عبدالعزيز !
حتى أنا ! حتى أنا لا أعرف كيف أستحقرُك ؟ أو كيف أُحزنِك ! حتى " أنا " تعصيني و أُحبك ! لِمَ أُحبك ؟ " ليه "
أرتفعت شهقاتها وهي تسألُ نفسها " لِمَ تُحبه "
و إني فهمتُ حديثهم عندما نطقُوه " إن الله يُمهل ولا يُهمل " أمهلني الله الكثير حتى أُصحح أخطائِي ، أمهلني ولم أتعلم ! أتبعتُ عنادِي وحقدِي حتى أكسُره و بالنهاية كسرنِي ! و بالنهاية كسرني حتى أبي .
و أنا الذابلة بالحُب من رأسي إلى أقدامِي : كسرُوني ، الله عليك كيف قدرت يا عزيز تجرحني بهذه الطريقة ؟ و ربُ هذا الحُب لِمَ تستهينُ بقلبٍ وهبك حُبًا سرق من الحياة كل شيءٍ لأجلِ ان يعيشك !
هان علِيك كثير بأن تُسقطني حُزنًا !! هان عليك و أستسهلُه قلبك ، ليتَك شعرت بحُرقة كلماتك على قلب أنثى تعشقك مثلي ،
. . منك لله يا أناني .


،

جالِس على الأريكة النحيلة وبين يديْه السبحة و هالاتٌ من الضيق تطوف حول عينيْه و تعرجات جبينه تكشفُ حزنه ، تقدَّمت إليْه بكأس شايْ ساخن و رائحة النعناع تفوح منه : لا تحمِّل نفسك فوق طاقتها
أخذ الكأس و جلست ضي على الطاولة التي أمامه : لا عبير ولا رتيل طلعوا من غرفهم اليوم
ضي بضيق : حاولت أكلم رتيل بس مافتحت لي الباب
عبدالرحمن بهدُوء : ماعدت أعرف وش الغلط ووش الصح
ضي تمسك كفِّه لتشد عليه : مو أنت اللي علمتني أنه الأشياء اللي تزعجنا نسويها عشان نحفظ أنفسنا !! و رتيل أكيد فترة وبعدها راح تتفهم الموضوع وتعرف أنه هذا بمصلحتها
عبدالرحمن : اللي شاغل بالي أنه اللي صار , صار من عز ! هو حتى نفسه يجرحها ، كيف رتيل ؟ .. أكيد سمَّعها كلام يسم البدن ! أكيد قالها شيء خلاها تثور بهالطريقة ! ... عز يأذي نفسه ويأذي اللي حوله دايم
أنزل الكأس ليُردف بحزن : وأنا كل ماقلت هانت جد علمِ جديد
ضي أخفضت رأسها و هي التي تتألمُ من ألمه وتشعُر بحُزن بناتِه وبناتِ قلبه ،
أردفت : كل شي بيتصلح إن شاء الله
عبدالرحمن وقف ولكن يدِ ضي قاطعت إتجاهه : لآ تضغط عليها ، أتركها هاليومين
عبدالرحمن بغضب : مقدر أتحمل وأصبر !! هذي بنتي يا ضي كيف أسكت وأنا أشوفها كذا .. ترك يدها وصعد للأعلى ،
ضي تلألأت دمعة على خدها ، لاتبكِي من أجل ما يحدُث ، تبكِي من ألمِ الأب على إبنته والتي أفتقدتهُ طوال حياتها .
طرق الباب ولا ردُ يأتيه ، بصوتٌ خشن موجوع : رتيل ..
رفعت عينها بإتجاه الباب الذِي يُطرق ، وصوتُه يلتهم كل خلية في عقلها ! يلتهمُه ويُحزنها !
عبدالرحمن : رتيل عشان خاطر أبوك أفتحي الباب
رتيل ولا ردٌ تنطقه و دمُوعها تواصل الرثاء .
عبدالرحمن بهمس : رتييل .. تعرفين أني بأضعاف حزنك أتألم ! أفتحي واللي تطلبينه بسويه حتى لو ماني موافق عليه !
رتيل مع كلماته الخافتة أزداد بُكائِها ، أتجهت بخطواتٍ مُرتجفة للباب !
عبدالرحمن بنبرة هادئة : هذي أول مرة يا رتيل تطولين فيها بزعلك مني !
رتِيل ودَّت لو أنها تفتحُ الباب ولكن بها من القهر ما يجعلُها تكره النظر له وللجميع ، بها من القهر ما يجعلُها تُفكِر بصورة شيطانية لا علاقة لها ببراءة عينيْها ، بها من القهر ما يجعلُها تُفكِر بفعلٍ خبيث توجهه لعبدالعزيز تعلم هي أنها ستؤذي نفسها ولكن الأذى الأكبر سيكون على ظهرِ عبدالعزيز ، أعرفُ أن من يُحب لا يؤذي غيره ولكن أنا ؟ أنهنتُ بما فيه الكفاية.
جلست على الأرض الرُخامية وهي تضع ظهرها على الباب وتسمعُ لحديثِ والدها ببكاءٍ شديد.

،

في صباحٍ فوضويْ بغُرفةِ يُوسف ، ركَل بنطاله الجينز من على الأرض وأخذ يُغلق أزاريره بعجَل وفتح هاتفه ليتصل عليها ويطمأن ، ثانية تلو ثانية ولا ردّ ، نزل بخطوات سريعة ليكتبُ لها رسالة " بس تصحين كلميني "
أدخل هاتفه بجيبه وألتفت عليهم مجتمعين جميعًا على طاولة الفطُور ،
رفع حاجبه : صباح الخير
والده : صباح النور
يوسف وهو واقف سكب له من الحليب الساخن
والدته : أجلس وأفطر زي الناس
يُوسف : مستعجل
والده بسخرية : عسى بس خايف يطير منك الدوام
يوسف بضحكة أردف : أخاف أنطرد
والده أبتسم : لا جد وش عندِك ؟
يُوسف : يمكن أروح حايل فماأبي أطلع متأخر وتظلم عليّ في نص الطريق
والده : أنتبه على نفسك
يُوسف : إن شاء الله ، يمه تكفين خلي الشغالات يرتبون الغرفة مررة قذرة
هيفاء وهي تأخذُ قطعة من الزيتون الأسود و تُردف : ارحمني يالنظيف
يُوسف : أقول كملي أكلك لا أخلي الزيتون يطلع من خشمك
هيفاء ضحكت ليتناثر العصير الذي كانت تشربُه من فمِها
ريم بتقزز : يا مقرفــــــــــــة
يوسف : ههههههههههههههههههههههههه ههههه
بو منصور وقف : يا مال اللي مانيب قايل .. وخرج.
والدتها : أحترمي النعمة في أحد يضحك وهو يشرب
هيفاء تمسح بقايا العصير : كله من هالحقير
يوسف ضحك وأردف : أحمدي ربك أنه منصُور مو هنا ولا كان خلاك حشرة وعطاك محاضرة بالأتيكيت ... يالله مع السلامة .. وخرج مُتجهًا لسيارته ، أخرج هاتفه الذي يهتز وفتح الرسالة " معليش مشغولة شوي "
شد على شفتيْه و بقيْ متوقفًا لثوانِي طويلة ، أرسَل " كنت بقولك أني بجي حايل "
ثواني طويلة حتى أهتز هاتفه و فتح الرسالة " حيَّاك ، طبعا مجرد زيارة "
بدأ ضغطه بالإرتفاع والغضب يعقد حاجبيْه ، ركب سيارته مُتجهًا للشركة و مُتجاهلاً الطريقُ الآخر الذي يتوجه للقصيم ومنها لحائل.
في جهةٍ أخرى ضحكت ومسحت الرسائل : أحسن
وضحى : بس والله الكلمة وقحة ههههههههههههههه أجل مجرد زيارة يعني طردة
غالية : أجل تنفخ ريشها علينا ،
وضحى : ماأتخيل ردة فعله كيف بتكون أدنى شي بيقول ماهي متربية أجل كذا ترسلي ههههههههههههههه
غالية ضحكت لتُردف : خلي الجوال هنا وأمشي نطلع قبل لحد يشوفنا

،

من خلفها قطع إتجاهها للباب بصوتٍ خشن و رجولي صاخب : على وين ؟
العنُود ألتفتت : بطلع
سلطان : طيب !! وأنا أسألك وين ؟
العنُود تنهَّدت لتُنادي والدتها : يمممممه
أتت حصة من الغرفة : يالله صباح خير !! ..
سلطان : فهمي هالشي بنتك فيه أحد يطلع بهالوقت !!
العنود : إيه أنا بروح أفطر مع صديقاتي وش دخلك أنت !!
سلطان : تكلمي معاي بأدب
حصة : خلاص يا سلطان !! خلها تروح
العنود بغضب ثارت : يمه تترجينه بعد !! كيفي بطلع ومالك حق تسألني فاهم !
سلطان الذي أخذ إجازة من عمله اليوم ، أردف بهدُوء : أفصخي الجزمة وأضربيني بعد
العنود تأفأفت : لا ماهي حالة تحاسبني على الطالعة والنازلة !! أبوي للحين عايش وأمي بعد !
حصة : خلاص لاتكثرين حكي وروحي أقلقتيني ... خرجت العنُود لتلتفت حصة عليه : يعني فيها شي لو راحت مع صديقاتها ! هي بروحها تكرهك وتنتظر عليك الزلة
سلطان بسُخرية يُردف وهو يتجه لطاولة الطعام : زين علمتيني عشان ماأقولها شي وتمسك علي الزلة
حصة ضحكت لتُردف : أستغفر الله بس أنا قايلة ماراح أكلمك بعد
سلطان أبتسم وألتفت عليها : تعالي أفطري معي ماأحب أفطر بروحي
حصة : لأ وتراني زعلانة بعد
سلطان : طيب تعالي وبراضيك
أتت حصة بطيبة قلبها وجلست أمامه وبجدية : أمس مقدرت أنام من التفكير ! كيف تضربها بسهولة ! مايجوز أبد تسوي فيها كذا من عذرها يوم راحت عند أهلها أجل تضربها وتسكت ! زين بعد مادخلت أهلها وخلوك تطلقها ! من متى المرة تنضرب ؟ ولا أنت تبي تعيد عادات الجاهلية !!!
سلطان بهدُوء : موضوع منتهي من زمان وخلاص لا تفتحينه وتنكدين علي هالصبح
حصة : طيب أجبر خاطرها في كلمتين !! تعلم شوي الكلام الحلو
سلطان ضحك ليُردف : علميني على إيدك
حصة : تتطنز !! أتكلم جد ، حسن أسلوبك معها ! أجل أمس خليتها تجيب لك القهوة وتطلع منك تبكي
سلطان : هي حساسة تبكي بسرعة
حصة : لا والله !! وهذا عذر ! إلا أنت أستغفر الله بس مانيب قايلة كلمة شينة بحقك
سلطان : أشوفك واقفة مع الكل ضدي
حصة : لأن اللي تسويه غلط ولا يرضي أحد
سلطان بهدُوء : خلاص يا قلبي الله يخليك سكري على الموضوع
حصة : هذا أنت تعرف تقول يا قلبي وياروحي طيب قولها شوي مو بس " تُقلد صوته الثقيل " الجوهرة
سلطان ترك كُوب الحليب لينفجر بالضحك ويُردف : طيب أبشري
نزلت الجوهرة بخطواتٍ هادئة وهي التي لاتعلمُ بأمرِ إجازته ، ألتفتت ولم تتوقع بأن تراه ،
بصوتٍ مُرتبك : صباح الخير
حصة : يا صباح الفل و الورد
الجوهرة أكتفت بإبتسامة ، وهمَّت بالصعود مرةً أخرى لولا وكزةُ حصة لسلطان الذي نطق : تعالي
الجوهرة : مو مشتهية بس كنت بشوف حصـ .. بترت كلمتها لتقُول .. أم العنود
حصة : ناديني حصة وماعليك منه .. *وجهت الحديثُ له* الحين إسمي ولا إسمك !! كيفي أبيها تناديني حصة
سلطان كتم ضحكته وأخذ يشربُ من الكُوب بصمتْ
حصة : تعالي يا روحي أفطري خلي سلطان يتهنى بأكله *أردفت كلمتها الأخيرة بخبث وقصد لسلطان*
سلطان ضحك بخفُوت وألتفت على الجوهرة لتقع عيناه الضاحكة بعينيْها المُرتبكة : تعالي .. وأشار لها على الكرسي الذي بجانبه
حصة تُراقب بشغف ما سيحصُل الآن و سلطان " رايق " لأبعدِ حد .
أتت الجوهرة وجلست بجانبه ليُفاجئها سلطان بسحبِ كُرسيها ليُلاصق كُرسيْه ،
حصة تسكبُ للجوهرة من الحليب الساخن و مدتُها إليْها : أخذي تغذي مهو نافعك أحد ..
سلطان بإبتسامة نقية تُظهر صفةُ أسنانه : مُعاذ الله من أنك تقصديني
حصة بضحكة : إلا أنت بجلالة قدرك
سلطان أبتسم : بسوي نفسي ماسمعتها
الجوهرة المُرتبكة بقُربه و رائحة العُود تتشنجُ معها أعصابها ، أخذت الكُوب وبأصابع مُرتجفة يهتزُ معها الحليبْ السائل ، و أعيُن سلطان تُراقبها وهي تشربْ .
الجوهرة لم تستطع أن تتذوقْ الحليب وأرجعته للطاولة وكل حواسها ترتجفْ ، لا تعلم لِمَ تشعُر بأن هُناك شيءٌ غائب عنها تجهله يجعل سلطان بهذه الصورة .
حصة : فيك شيء حبيبتي ؟
الجوهرة : لأ .. ولا شيء بس برد
حصة : عاد التكييف مقصرة عليه الصبح ...
سلطان يُفاجئها ليضع ذراعه على أكتافها ويسحبها ببطء نحوه و يُقبل رأسها مُستنشقًا ذراتِ الهواء من بين خصلاتِ شعرها ،
حصة وتشعُر بنشوة إنتصار : أنا بخليهم يجددون الحليب .. وأتجهت للمطبخ تاركتهم ،
الجوهرة و قلبُها ينتفض ، لا تعرفُ بأيّ التناقضاتِ تأتيتها وأيُّ شعورٍ يُباغت قلبها ،
سلطان بصوتٍ خافت : بردانه من أيش ؟
الجوهرة و فكيْها يرتجفان ، صمتت وهي تغيبُ فعليًا عن هذا العالمْ و حرارةِ أنفاسه تُسكِنها و تُهدأ عُمق حواسها ،
سلطان تنهَّد مُثبتًا ذقنه على رأسها و ذراعه مازالت تُحيط بها ، بتنهيدتِه تجمَّعت دمُوع الجوهرة ، كتمت نفسها وهي تشدُ على شفتيْها حتى لا تبكِي .
بعد هدُوءٍ لدقائِق طويلة و رأسُ الجوهرة على طرفِ صدره ، بحُمرة وجنتيْها حاولت تسحبُ نفسها لتنكشفْ رقبتها كالمُعتاد ، أقترب سلطان و لامستْ شفتيْه أثارُ ضربِه كأنهُ يحاول يشفِي الآثارُ بقُبلاتِه .
أبتعدت الجوهرة بإرتباك وهي تسحبُ نفسها مع الكرسي و تضع مسافةٌ قصيرة فاصلة بينهُما ،
سلطان بلل شفتيْه بلسانه وأردف : خلي عايشة تجيب لي القهوة لمكتبي .. وتركها .
الجوهرة وضعت يدها على صدرها وقلبُها لايتزن بنبضاته ، تشعُر بأن الأشياء تذوب من حولها و تذبل ورُبما حتى تتراقص .
حدَّثت نفسها لتُهذِّب تصرفاتها وربكتها ، لا تضعفين يا أنا ! هو شكّ بِك و أساء لك ، لن تلمسني بسهولة يا سلطان و لن أُسامحك و إن أحببتُ الوطن الذي وهبتني إياه .

،




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس