عرض مشاركة واحدة
قديم 27-12-12, 10:21 AM   #12

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


منورين القصه


الفصل الـــــــــرابـــــــــــ ـــــــع

~~~~~~~~~

~ يا قلب اصبر !! ~

******************


فَلا تَقْنَطْ و إنْ لا قــــ ــيتَ هَمًّـــا يَقْبِضُ النّفَــــــسا

*************************


** صـــــــــــــــبـــاح الــأربعاء **

الرياض

قصر أبو خالد


05 : 4 صباحاً


اجتمعت كل النساء في إحدى المجالس في الدور الأول من القصر ، لانتظار الجنازة و الصلاة عليها في المسجد الكبير القريب .

كان الجو مؤلمًا للروح و النفس ، فليس هنالك سوى الدموع و الشهقات الخافتة التي تصدر بين فينة و أخرى.

مسحت عبير دموعها الغزيرة عن وجهها المحمر و همّت بالنهوض ، لكنها شعرت بإرهاق شديد فعاودت الجلوس و هي تتأوه واضعةً يدها على جبينها ، ربتت عليها ربى و هي تهمس من بين دموعها : عبير .. قومي خذيلك غفوه قبل الصلاه .. شكلك مرهقه كثير .

هزت عبير رأسها نفيًا و هي تهمس بإعياء : ما أقدر يا ربى .. و من وين بيجي النوم ؟؟.. بس كنت بتطمن على عروب .. تدرين تعبانه شوي و ما قدرت تنزل .

ربتت ربى عليها مجددًا و هي تهمس : ولا يهمك .. أنا بروح أتطمن عليها .

و نهضت من مكانها ثم سارت نحو الباب الرئيسي للمجلس ، و منه إلى أول مصعد صادفها ، و لم تكد تدلف إليه و يغلق الباب عليها حتى تنفست الصعداء و هي تغمض عينيها ، كأن الدموع و الشهقات كانت تخنقها .

توقف المصعد عند الدور الثاني ، الخالي من أي مخلوق سوى عروب ، حثت الخطى نحو الجناح الذي تنام فيه و لم تكد تصل إليه حتى طرقت الباب ثم فتحته بهدوء ، تحركت نحو حجرة النوم ، و توقفت عند مدخلها كانت الحجرة مظلمة ، باردة .

مدت يدها إلى مفتاح تشغيل الضوء و هي تهمس : عروب ؟؟!! .

تأملت الحجرة الخالية التي غمرها الضوء ، و توقفت عيناها عند السرير و فراشه الأبيض المبعثر و من ثم التفتت إلى باب الحمام و هتفت: عرووووب ؟؟ .

لم يأتها أي رد ، تقدم منه و طرقته : عـــروب ؟؟ .. انتي هنا ؟؟.

زوت ما بين حاجبيها و فتحت الباب ، و لم تجد أحدًا ، جالت ببصرها في المكان بحيرة و همست و هي تغلق الباب : معقوله تكون نزلت ؟؟ .

خرجت من الجناح ، و حثت الخطى نحو الجهة الأخرى ، علّها تقابلها في الطريق قبل أن تنزل للدور الأول ، كانت عيناها تجولان في أنحاء القصر المظلم إلا من إضاءات خافتة .

و في الطريق ، توقفت في مكانها و هي تنظر إلى السلالم العريضة المؤدية للدور الثالث و الضوء يسقط عليها من الأعلى ، رفعت رأسها .. و لم تر أحدًا .

قبضت على طرفي طرحتها المسدولة على كتفيها و همست : من اللي يطلع هناك ف هذا الوقت ؟؟ .

غمرها فضول شديد زاده قلقها على عروب و المؤشرات الغريبة المحيطة بتغيرها ، شجاعة غمرتها و جعلتها تسير على أطراف أصابعها إلى أن و صلت إلى السلالم ، امتطتها ببطء شديد و عندما اقتربت من الأعلى.. تــــــــجــــمــــدت الـــــــــدمـــاء فــــــي عــــــــــروقـــــــها و جـــــحــظــت عــيـــناهــا ، شعرت برغبة شديدة في القيء ،و ضعت يدها على بطنها و تساقطت الدموع من عينيها ، تراجعت إلى الخلف ثم أسرعت بالنزول إلى الأسفل و الخوف يمزقها و رجفته تحاصر جسدها و عندما ابتعدت عن السلالم لمسافةٍ بسيطة ، اختبأت في أحد الأركان وسمحت لشهقة مكتومة بالفرار قبل أن تهتف بصوت مرتفع تردد صداه : عـــــــــــــــــــروووو ووب .

@@@@@@@@@@@@@@@@@@

الرياض

00 : 6 صباحاً


يقود سيارته في صمت حزين ، حرك بصره بضيق و هو ينظر إلى هاتفه المحمول و تمتم في حنق : هذا واشبه ما يرد ؟؟ .

عاود الاتصال مرةً أخرى بعصبية .. و ما من إجابة ..

أخذ يفكر قليلاً .. كان يعلم بأن تركي يفعل المثل مع جده ..أي أنه يراقبه في كل شارةٍ و واردة من دون أين يعلم ، ليس لرغبةٍ في أذية إنما لحماية نفسه فقط .

طرق على عجلة القيادة .. ثم قال : مستحيل ما وصله الخبر ..أكيد عرف من عملائه اللي في الدمام .. آآآخ ..الله يسامحك يا تركي .

بحث في قائمة الأسماء و بصره يلاحظ الطريق بحذر بين فينة و أخرى ، و عندما لمع اسم " عديل الروح" ضغط على السماعة الخضراء و انتظر .. ثم : ألو .. السلام عليكم .. كسرت التلفون على تركي ما يرد .. أقـ رفع حاجبيه في دهشة من السؤال وهتف: ايه عزام معك .. و اشبك مضيّع يا ياسر ما شفت الرقم ؟؟ ......... نعم ؟؟!!!!!!!!!!!.. انت في المطار ... عمي أجبرك ؟؟!!!!!!! .. زين ........ لا تشيل هم ... احتسب الأجر والله يعينك ... لا تخاف بتلحق .. المسافه بسيطه بين الرياض وجده .......ايه .. بيصلّون عليه الظهر مو الفجر .... يلا ....... سلام عليكم .

أعاد هاتفه إلى جيبه بعد أن أنهى المكالمة و علّق بصره بالطريق ، ثم زفر في حرارة و همس بصوت متهدج : الله يرحمك يا جدي .

و غير وجهته إلى قصر جده .

@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

جدة

منزل هديل

30 : 7 صباحاً


(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً )


تنهدت براحة و أغلقت مصحفها ثم وضعته على الرف بجوارها و نهضت من فوق سريرها ، توقفت أمام المرآة و التقطت فرشاة الشعر الحمراء من على الرف ..

.......... : ماماااااااااااا.. مامااااا .

ابتسمت و هي تسرح شعرها أمام المرآة وهتفت بحنان: نعم يا قلبي .. أنا هنا .

دلف ابنها ذا الأربع إلى الحجرة و صاح : حاله منى دات ( خاله منى جات ) ,,

و قبل أن تستوعب ما قاله طالعتها منى من عند الباب بعباءتها السوداء وجهها الباكي ..

وضعت هديل يدها على قلبها و هتفت بخوف عارم: منى ؟؟؟؟؟؟؟!!! .

شهقت منى في حرقة و هتفت: رائــــد مـــــــــات .

قطبت هديل حاجبيها و صاحت : ايــــــــــيييييش ؟؟ .

صرخت منى في انهيار و هي تحرك يديها : أقلك مااااااااات .. سار له حادث سياره في الدمام.. دوبه أبويه مكلمني .

ثم ركضت و ألقت نفسها بين ذراعي هديل لتنفجر في بكاء حار ،هديل التي خفق قلبها بشدة و شحب وجهها و تسارعت أنفاسها الموجوعة و ارتعدت فرائصها من هول الخبر ، لم تكن مصدقة و لكن جسد منى الذي ينتفض بين ذراعيها كان أكبر دليل ،منى القوية ، الصلبة ..الشديدة ..التي لا تذرف الدموع إلا نادراً صريعةٌ الآن بين ذراعيها .

أطرقت برأسها لتتساقط دموعها رغماً عنها و همست: إنا لله و إنا إليه راجعون .

اعتصرت شقيقتها بين ذراعيها و سقطت كلتاهما على الأرض و كل منهما تهتف باسم .. رائـــــــــــــــد .

@@@@@@@@@@@@@@@@@@

جدة

00 : 8 صباحاً


أوقف سيارته أمام شركة حسن ناصر ، نزل بسرعة و دخل إليها ثم توجه مباشرةً إلى الدور الثاني و من ثم إلى مكتب ( مسعود رجب ).

طرق الباب و فور ما أتاه الرد فتحه سريعاً و هتف بقلق حملته ملامحه : خــــيــر ؟؟ !!! ..

رفع مسعود رأسه في حدة..

فاستطرد القادم قائلاً بتوتر : اش اللي صار ؟؟ .. فجعتني .

أشار إليه مسعود بالجلوس وهو يهتف بنفاد صبر: مراد لا تعلّني برجتك .. اجلس .

جلس مراد سريعاً و تنفس مسعود الصعداء ثم قال : رائد ولد حسن توفى أمس في حادث سياره في الدمام .

انعقد لسان مراد و امتقع وجهه ..

تابع مسعود و هو يعتصر ورقةً بيضاء بين أصابعه : طبعاً حسن سافر .. ودق عليا قبل شويه .

هتف مراد بلهفة : هاه .. عساه طيب ..كيف نفسيته .. ؟؟ .

حرك مسعود يده بلا مبالاة قائلاً : هذا حسن .. ما عليك .. المهم .. المصيبة مي هنا .

سأله مراد بترقب : هـــــــــــــاه ؟؟ .

رمى مسعود الورقة لتسقط في سلة المهملات و قال في خفوت : متعب بن علي الـ ***** كان معاه في نفس السياره .

ارتد مراد في عنف و صاح في صدمة: كـــــــــــــــــييييييي يف ؟؟؟؟؟؟؟!!

هتف مسعود بحماس: أقلك حسن كان قالب الدنيا لكن لما عرف انه الثاني مات معاه في الحادث هدّى اللعب شويه .

تنهد مراد في ارتياح و هو يمسح على جبينه ..فتراجع مسعود في كرسيه و قال بنبرة حانقة ساخرة: لا ترتاح .. في بلوى أكبر .

التفت إليه مراد في خوف و هتف : خيييييييييييييييير ؟؟ .. تراك أبلشتني .

دفع مسعود جسده للأمام و همس: تركي .. طلع له علاقه بمتعبوووه .

قطب مراد حاجبيه و همس : عــــــــلاقه ؟؟؟؟!! .

ضرب مسعود بيده على مكتبه الأسود و هو يهتف مؤكدًا : اييييوه .. الظاهر انه يسير حفيده .. ولد ولده .

هب مراد من مقعده فزعاً و صرخ : انتا تجننت .. هذاك تركي بن الوليد الـ***** و الثاني متعب بن علي الـ***** و لاّ ما انتبهت للأسماء ؟؟؟؟؟؟.

حك مسعود رأسه بعصبية و قال بصوت منخفض : يا حبيبي .. في سر كبير ف العايله ما يدري عنه إلا ناس قليل .. بس قدرت أعرفه من واحد من عملائهم بالقوه و بكم قرش .

رفع مراد حاجبيه في قلق و يداه ترتعدان و سأله: اش هوا ؟؟ .

قرّب مسعود وجهه من مراد و قال بحذر : اسمعني زي الناس .

@@@@@@@@@@@@@@@@@@

جدة

القصر

15 : 8 صباحاً

ببطء .. فتحت عينيها ، الإرهاق يكبل حركتها و الصداع يلقي بشباكه على رأسها ، استكانت في مكانها و هي تحاول أن تركز على المنظر أمامها ، قطبت حاجبيها و هي تدقق النظر .. ثار في عقلها تساؤل بريء

** .. بلاط ؟؟ .. بلاط أبيض!!!!!!! ..اش جابني في الحوش .. ؟؟ **

رفعت رأسها و وضعت إحدى يديها عليه ثم همست بإرهاق : أنا وين ؟؟ .

ضغطت على عقلها قليلاً محاولةً التذكر و شهقت بعنف ،جحظت عيناها رعبًا وهي تعتدل جالسة ، تلفتت حولها في هلع و هي تتمتم : لا .. مــ ..مـــســـتــحـيل!!!!!!!!!! .



كانت حجرة صغيرة خالية لا يسكنها شيء من الأثاث ، فقط جدران بيضاء كئيبة ، و بلاط أبيض مرقط باللونين الأسود و الرمادي و هناك في أقصى اليمين حمام صغير بمغسلته ، و في الجهة المقابلة باب معدني أسود اللون .

خفق قلبها بانفعال و همست بخوف : يا رب .. يا ربي رحمتك .

أًغروقت عيناها بالدموع ، و ضعت يدها على وجنتها حيث كانت الصفعة و هتفت بحرقة: ليش يا أبويه .. ليش .. ليش رميتني على غفله .. لييييييش ؟؟؟؟ .

تساقطت الدموع من عينيها و تعالى لهيب أنفاسها ، وقفت على قدميها و هي تشعر بقليل من الدوار ، وقعت عيناها على ثوب صلاة ملقى بجوارها ، تجاهلته و توجهت إلى الباب المعدني في طرف الحجرة و هي تتمتم بحروف متقطعة: يالله .. يارب .. يا رب استعنت بك يا رب .

توقفت أمامه و يدها معقودتان أمام صدرها ، تأملته للحظة .. أسود ، مخيف ، وقعت عينها على مقبضه فسارعت يدها تمسك به .. حرّكته .. و لكن لا استجابة .. صرخت في قهر و هي تحركه بعصبية أكبر و تطرق على الباب بيدها الأخرى .. و أيضًا .. لا استجابة.

عضت على شفتها في انهيار و هي تهمس : يالله .

شعرت بأنها تختنق ، تراجعت إلى الخلف قليلاً قبل أن تغمض عينيها لتسقط دموعٌ أخرى

و تذكرت ........ " خليكي قوية "

تمتمت في حرقة ودموعها تشق طريقها على وجنتيها : حاضر يا ماما .

اقتربت من الباب مجدداً و مدت يدها ببطء وطرقته بقوة ..مرة ..مرتان ..ثلاثة ..

انقبض قلبها في قهر عندما لم تلقى أي استجابة ، عادت إلى آخر الحجرة و هي تفكر ..و تفكر و .. هزت رأسها في رفض باكي و صاحت : لاااا .. لاااا .. و الله ما أخليك تسوي فيني كذا يا تركي أنا أوريك مين رهف .

و اندفعت بجسدها الرقيق نحو الباب تنشد المحاولة و قبل أن تصل ..انفتح .

@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

جده

مكتب مسعود

في نفس اللحظات


ارتجفت شفتا مراد و هو يهمس : يعني .. يعني أبو خالد كان عنده ولد و غيّر اسمه .. و دحين ميت .

أومأ مسعود برأسه و هو يتطلع إلى عينيه قائلاً : ايوه .. بس ما أعرف اش اسمه القديم و لا اسمه الجديد .

ازدرد مراد لعابه قبل أن يقول بصوت خائف: لو طلع اللي تقوله صح راح تسير مصيبه مالها أول ولا آخر ..

د .. دحين اش راح نسوي ؟؟.

هز مسعود كتفيه و هو يتراجع في مقعده : لا علم لي .. حسن اللي راح يقرر .. خصوصًا إنه خلاص أعطى بنته لتركي .

ضرب مراد جبهته و صاح بصدمة : ولّيييييييييييييييييييييي يييييه .

رفع مسعود قدميه و وضعهما فوق سطح المكتب ثم شرد ببصره و هو يقول : الظاهر الأوراق القديمة راح تنفتح قريب و الدنيا بتنقلب فوق تحت .

اقشّعر جسد مراد من وقع الكلمات فأطرق برأسه و تمتم برهبة : تتوقع ..تــ ــتوقع تركي له علاقه فيه فـ

لم يتمكن من إتمام جملته بسبب تلك الغصة التي خنقت أنفاسه .

رمقه مسعود بنظرة غريبة قائلاً : كم عمره تركي ؟؟؟؟.. فوق العشرين .. و انتا كنت متأكد

وقتها إنه ما عندها أولاد .. يعني مستحيل يكون ولده .. هذا لو كان هوا اللي نقصده مو أحد ثاني .

حرك مراد رجله بتوتر شديد : اش قصدك .. يعني فيه احتمال إن الوليد ما يكون ز

قاطعه مسعود على الفور بحماس : ايوه .. فيه احتمال كبير .. احنا لازم نتأكد من عدد أولاد أبو خالد أول .. بعدين نقدر نحكم .

أومأ مراد برأسه و عقله الثائر يستعيد ذكريات أعــــــــــــــــــــوام مضت .

@@@@@@@@@@@@@@@@@@

جدة

في نفس اللحظات
أمام منزل أبو سلمان


غادر المكان بصمت وهو يخفي دموعه و وجهه الشاحب ، غادر و هو يضع يده على قلبه .. صدمتان عنيفتان في يوم واحد و لكن ..

(الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)

كانت تتردد في رأسه .. و تربط على قلبه .

سار في الشارع الممتلئ بالمعزين لمسافةٍ لا بأس بها و همّه الوحيد أن يختبأ عن الكل ، همه الوحيد أن يخلو بنفسه .

انعطف ناحية اليمين ، حيث كراج إحدى السيارات ، دلف إليه .. واختبأ في ركنه المنزوي أسند ظهره و رأسه للحائط و بدأ يسقط شيئاً فشيئاً حتى لامس جسده الأرض ، هنا و ضع وجهه بين كفيه و أخذ يبكي ..

~ مازن ~

يبكي بصمت ، ليس هناك سوى الدموع و أنفاسه المتسارعة وشهقاته المكتومة و من بين دموعه همس : يا ربي ..يا ربي ارحمهم و اغفر لهم ..يا ربي ثبتهم ..يا ربي ثبتهم ..جاسم .. و .. و رائد ..يا رب ثبتهم ..يا رب ثبتهم .

و اختتم دعائه بشهقة عنيفة فجّرت أطنانًا من الدموع ، رفع يديه و وضعهما فوق رأسه و من بين شفتيه انساب دعاء بصوت رخيم ، دعاء الشقيق لشقيقه و ابن خالته ، دعاء يزداد عمقًا مع تلك الذكريات .. التي تتداخل في عقله .

@@@@@@@@@@@@@@@@@@

جدة

القصر
17: 8 صباحاً


انعقد لسانها و اضطربت أنفاسها ، تراجعت إلى الخلف و عيناها معلقتان به، هذا هو زوجها ، هذا الذي ينظر إليها ببرود هو زوجها ؟؟!!!!!!!!!!!!.

وجه سؤاله إليها بصرامة و هو يغلق الباب : اش هذا الإزعاج ؟؟ ..مجنونه انتي ؟؟

اشتدت عضلات وجهها من شدة رنين الباب المعدني و هو يُغلق ، كتمت دموعها قدر المستطاع ، دموع يذرفها قلبها في الخفاء و هتفت بقوة لا تدري من أين اكتسبتها : رجعني بيتي .

عقد يديه أمام صدره و قال بسخرية : بــــيـــتـــك ؟؟ .

تفجرت عروقها قهرًا من بروده فصرخت بحنق : ايوه بيتي .. انتا أصلاً بأي حق تخطفني ..تحّسب ما عندي أبو ؟؟ .

أجابها ببرود : الظاهر غباءك مستفحل .

تقدم إليها ببطء و هو يقول من بين أسنانه : بيتك .. انسيه .

ثم استطرد شامتًا : و أبوكِ .. خليه يجي يدور عليكِ اذا كان يقدر.

عضت على شفتها بحنق و هي تتراجع للخلف و هتفت بصوت متحشرج : لا تقرب مني .

لم يلقي بالاً لكلماتها و استمر بالسير قائلاً : خليه يجي و يشوف بنته و حبيبة قلبه ، خليه يجي ويشوف اش راح يسير لك .

شعرت بخوف شديد يعتريها ، خوف أسقط قناع شجاعتها الزائف و حقن قلبها بسيل من الخفقات العنيفة، أغروقت عيناها بالدموع و صاحت: لااا .. انــــــــــــــتــــا الـــــــــــمـــجــــنــ ـون .. مو أنا .

و بسرعة شديدة ركضت من جانبه إلى الباب و ..أحست بالحجرة تدور من حولها ، تأوهت في إعياء و جثت على ركبتيها ، ترددت خفقات قلبها المرتعد في أذنيها و لهيب أنفاسها يحرق شفتيها ، وضعت كفها على جبينها و همست : يا الله .. اش اللي سار لي ؟؟!!!!!..

تناهى إلى مسامعها صوته الساخر : بنت عز ..أكيد مو متعوده على الجوع .

تذكرت أنها لم تتناول طعاماً منذ عصر البارحة و لا بد أن الخوف قد استنفد جميع طاقتها المتبقية .

وقف أمامها و نظر إليها باستحقار و هو يغمم : من اليوم لازم تتعودين عليه .

رفعت بصرها إليه ، فاصطدمت نظراتها التائهة الضعيفة التي تحمل لمعةَ من الاتهام و التساؤل البريء

ببصره الخاوي من أي لمحة للرحمة و قالت في خفوت : ليش تعاملني بهذي الطريقه ؟؟ .

استدار إلى الباب و هو يقول بنبرةٍ فجّة: أعاملك بالطريقة اللي تعجبني و هذي هيا الطريقه اللي تستحقينها .

.

حاولت أن تُبقي على رأسها مرفوعًا ، لكنها كانت تشعر بشيء قوي يجذبها إلى الأرض ، صدرت منها همهمة باكية قبل أن تضع رأسها بضعف على البلاط و أصوات خطواته تملأ أذنيها و عقلها.

و قبل أن يغادر التفت إليها بنظراتٍ القاسية و قال : تعرفين هذي الغرفه سويتها ليه ؟؟ .

لم تقوى على النطق ، و أنفاسها تضيق من لوعة الموقف ، ولم ينتظر هو إجابتها بل قال في برود عجيب : عشان أتفنن ف تعذيبك .

اقشعر جسدها من وقع كلماته ، و أغلقت عينيها لتسدل الستار على عقل أنهكه الألم و روح أُشبعت من سيل الفواجع .

أما هو فقد خرج وأوصده خلفه .

@@@@@@@@@@@@@@@@@





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس