جدة
القصر
20 : 8 صباحاً
وصل إلى القصر من الجهة التي تؤدي إلى قسم مرام ، و بما أن وجهه يبدو مألوفاً للحراس بالإضافة إلى أنه من الأشخاص المصرح لهم بالدخول بأمر من مرام شخصياً ، فقد دلف إليه بكل سهوله .
نزل من سيارته و توجه إلى الباب الفرعي الصغير ، فمرام في نفس القصر و لكنها في مكان مستقل بمفردها .
صعد إلى جناحها بسرعة و عندما وصل .. طرق الباب و انتظر للحظات.. و ما من مجيب ، عاود الطرق .. مرة ..مرتان ..ثلاثة .. و لا رد .
تنهد قائلاً في ضجر : لا حول ولا قوة إلا بالله .
حرك مقبض الباب و دخل إلى الجناح بكل سهولة ، كانت غرفة الجلوس الفاخرة خالية .
هتف منادياً : خـــــــــالـــتـي ... خـــــــالتـــييييي .
قطب حاجبيه و همس محدثًا نفسه : ذي وينها ؟؟ ..دايم تستقبلني عند الباب .
تجاوز غرفة الجلوس ثم تنحنح و هتف بصوت مرتفع : يا عــــرب .
أيضًا لم يسمع حسّها ، حسم أمره و دخل إلى غرفة النوم .. ولا أحد .
زوى ما بين حاجبيه و هو يجول ببصره في أنحاء الحجرة الفسيحة : ما كنّه جاتها الرساله من أبوي ؟؟؟؟..
خفق قلبه عندما خيّل إليه صوت أنين ، تلّفت في حدة و هو يرهف سمعه بتركيز .. و كأنه شخص يئن ..
هتف بقلق و هو يخطو داخل المكان و يبحث ببصره عنها : خالتي ؟؟ .
توقفت عيناه عند المدخل المؤدي إلى دورة المياه ، تقدم إليه و قلقه يزداد مع تزايد الأنين ، قابله باب الحمام بزجاجه الليموني المثلج الذي يحمل قطع صغيرة على شكل أزهار ملونة متناثرة هنا و هناك ، و قطع الخشب المطلية باللون الأصفر التي تزين أطرافه .
كان الباب مواربًا توجه إليه و الأنين يعلو .. و يعلو ..
هتف بقلق عارم: خـــــــــــــــالــــتــ ـي مرام ؟؟ .
توقف أمام الباب قبل أن يدفعه بيده ، جحظت عيناه و صرخ بهلع : خــــــــــــــــــــــــ الــتييييي !!!!!!
كانت مرام مسجاةً في ركن الحمام ، و الدماء تغطي يديها و البلاط من تحتها ، حتى ثيابها اصطبغت بذات اللون الأحمر القاني ، عيناها مغمضتان و وجهها يحاكي وجوه الموتى من شدة شحوبه ، ركض ياسر نحوها صائحًا : خــــــــــالتــــــــــي !!!!!!!!..
توقف أمامها وقلبه يوشك على التوقف من شدة الخفقان و عيناه تدوران بصدمة ملتاعة على جسدها المسجى ، نزل إليها و مد ذراعيه .. وضع إحداهما تحت ظهرها و الأخرى تحت ركبتيها فتلطختا بالدماء التي على الأرض ، همّ بحملها و لكنّ عيناه تعلقتا بالدماء الغزيرة التي تحيط بها و حركة قميصها التي تدل على تنفسها الضعيف .. شعر بقلبه يهوى بين ضلوعه ، تركها و هب واقفًا مرةً أخرى و ركض خارج الحمام .
.
~ في جهةً أخرى ~
رتب أوراقه و مستنداته و وضعها في حقيبته السوداء خرج على عجالة من مكتبه و ..
: تـــــركـــــــــــــــــ ــي .
التفت إلى مصدر الصيحة و هتف في حدة : ياسر !!!!!!!..
كان يلهث بشدة و أمارات الرعب تعلو وجهه و الدماء تغطي جزءً من ثوبه الأبيض
صاح و هو يشير بيده إلى الخلف: الـــــحقــــني بــــــــــســرعه .. خـــــــــــالــــــــــت ـــي .
ألقى تركي بحقيبته على الأريكة و ركض إلى الجناح و تبعه ياسر الذي كان يهتف بصوت لاهث : دقيت على الإسعاف لأني ما أعرف وين المستشفى .. بس ما قدرت أشيلها لـ
لم ينتظره تركي ليتم حديثه بل توجه سريعاً إلى الجناح ، صاح ياسر : في الحمام .. في الحمام .
أكمل طريقه و.. كأن صاعقة أصابته من منظرها ، اقترب منها تركي ركضًا , ما زلت تأن و تنفسها ضعيف نوعًا ما ، نزل إلى الأرض وحملها بين ذراعيه بسرعة ثم نهض واقفًا ، تعلقت عيناه بها للحظة .. برسغيها .
صاح ياسر وهو يقترب منه : ميـــــــن ســـوا فـــــــــيها كــــذا .. ؟؟ ..
أشاح تركي بوجهه ثم غادر المكان سريعاً ، لحقه ياسر و هو يهتف : اسمع صوت الإسعاف .
صاح تركي و هو يركض بكل ما أوتي من قوة : تــــــــــصـــــرف مــــــعـــاهـــم.. أنــــــا راح أنـــقــلـها بـــســـيـــارتــــي .
قطب ياسر حاجبيه في ضيق وصرخ : تـــركـــي هــذا مــــو وقـــتــك لازم نـــلــحق عــلـيـها .
صرخ تركي بدوره و هو يواصل طريقه إلى المصعد: أقــــلـــــك صـــــــرّفـــــــهــــم .
لم يحاول ياسر أن يتجادل معه أكثر لأنه يعرف تركي ، صلب الرأس عنيد جداً .
تركه يفعل ما يريد و خرج هو من الباب الآخر .
.
حملها تركي إلى داخل سيارته بعد أن وضع عليها غطاءً ليسترها ثم استقل سيارته و انطلق بأقصى سرعته ، كان ذلك في ثوان معدودة ، أخرج هاتفه من جيبه و ضغط بتوتر على أرقام جهازه النقال و فور أن أتاه الرد هتف : ألو .. أحمد .. وينك؟؟؟ ..طيب بسرعه قابلني في المستشفى ..بسرعه محتاجك ضروري ..
مع السلامه .
.
و بعد ساعة و عشر دقائق
جدة
المستشفى
30: 9 صباحاً
في أحد الممرات الخالية يسير ذهابًا و إيابًا و هو يتحدث في هاتفه المحمول : مستشفى **** **** **** ....... ياسر .... قلتلك بعدين أشرحلك ، الحكايه طويله .
وصله صراخ ياسر العصبي : تـــــــركــي لا تـــفــكـر تـــلــعـب عـــلي .. فــهــمــني الــحــيـن واش اللــــي صــــار .. من اللي سوا فيها كذا ؟؟.
خرج أحمد من إحدى الغرف بمعطفه الأبيض و السماعة حول رقبته و أشار إلى تركي بيده ، أومأ تركي برأسه في صمت و صراخ ياسر يخرق طبلة أذنه ، قال في حنق : ياسر لا تقعد تصارخ .. ناقصك أنا ؟؟.
هتف ياسر بنفاد صبر : أصلاً أنا ليش أحرق دمي ..الحين جاي المستشفى .
و أغلق الخط ، زفر تركي في حرارة و هو يعيد هاتفه إلى جيبه ثم توجه إلى أحمد الذي ربت على كتفه قائلاً بتعاطف : تعال الكافتريا .. وروّق شويه .
.
و بعد ربع ساعة
كان يجلسان إلى طاولة صغيرة و أمامها كوبان من القهوة ، سأله أحمد باهتمام : و مين كان معاك ؟؟ .
أجابه تركي و هو يتراجع في مقعده : ياسر .. بس الظاهر مع الفجعه ما انتبه لشي ، دق على الإسعاف لكني شلتها بسيارتي عشان لا يفتحون تحقيق على إنه محاولة انتحار .
زفر أحمد و هو يومئ برأسه : طيب دحين روح تأكد من الموضوع عشان نقدر نحسم النتيجة.
سأله تركي بحيرة : اش قصدك ؟؟ .
قال أحمد و هو يمسك بكوب القهوة : لو اللي شاك فيه صح .. راح يكون الموضوع سهل ..لكن لو ما لقينا أي دليل .. فالموضوع أصعب .
هز تركي رأسه نفياً و هو يتذكر شيئًا ما : مستحيل يكون الموضوع جديد ..أنا متأكد إني راح ألاقي شي .
ابتسم أحمد مطمئنًا : إن شاء الله .
نهض تركي من مكانه و هو يقول : خلاص .. أنا دحين رايح .
تراجع أحمد في مقعده و هو ينظر إليه و سأله: و ولد عمك .. ؟؟ .
هز تركي كتفيه مجيبًا : و الله ما أدري .. انتا اش رايك ؟؟ .
أطرق أحمد برأسه مفكراً ثم قال ملوحًا بيده : خلاص .. ما في غير انك تصارحه بالحقيقه .
ابتسم تركي بسخرية : انتا تحسبه راح يتقبل الموضوع بهذي السهوله ؟؟؟ .
أجابه أحمد بعد أن ارتشف من كوب القهوة : و الله هذا الحل الوحيد ..حتى لو ما انتبه لشي ..
مستحيل يكذّب الدم اللي شافه .
تنهد تركي و هو يشيح ببصره إلى جهةٍ أخرى : يسير خير.... يلا مع السلامه .
و سار في طريقه نحو الباب الخارجي .
@@@@@@@@@@@@@@@@
الرياض
قصر أبو خالد
45 : 9 صباحًا
في تلك الصالة الملكية الكبيرة التي امتلأت بعددٍ من الرجال ، اقترب عزام من عمه أبو فيصل و سأله بخفوت : عمي .. ليش أخرتم الدفن لصلاة الظهر ؟؟؟.
زفر أبو فيصل في حرارة : اسأل أبوك و أبو ياسر .. ما حبيت أتخانق معهم ف مثل هالوقت .
و تركه بملامحِ ترسم كل الضيق و الحزن .
نظر إلى ساعته ، تأخر ياسر ؟؟!!! . سار إلى الخارج حيث الحديقة الخضراء و همّ بالاتصال عليه ، إلا أن اتصالاً آخر سبقه ، رأى اسم شقيقته يزين الشاشة ، نزل مع السلالم الصغيرة و هو يقول : ألو .
أتاه صوت شقيقته الباكي : ألو .. عزام انت وين ؟؟ .
قطب حاجبيه و هتف : ربى .. خير واش فيه ؟؟ .
هتفت متجاهلةً سؤاله : أنا في حجرة المعيشة اللي جنب البير .. تعال بسرعه الله يخليك .
@@@@@@@@@@@@@@@
حجرة المعيشة
46 : 9 صباحًا
دلف إلى داخل الحجرة من بابها المطل على الحديقة فطالعته ربى بوجهها المحمر ، أغلق الباب خلفه و هتف : خير ؟؟ .
كانت يداها ترتعدان و وجهها شاحب ، و الكلمات تتصارع في صدرها تأبى الخروج ، اقترب منها و أمسك يديها و هو يسألها بقلق : يا بنــــت .. واشبك ؟؟.
ابتلعت ريقها ثم تمتمت بصوت متحشرج : اسمع .. بقلك شي .. أنا من أول كاتمته .
تأملها في قلق جمّ و قال : ربــ
قاطعته وهي تبكي : عزام ..الله يخليك .. أنا من أول ساكته .. بس خلاص معاد أقدر أتحمل أكثر .
أجبرها على الجلوس ثم نظر إلى عينيها قائلاً بحزم : قولي اللي عندك .
ابتلعت ريقها مجددًا ثم قالت بنبرة مرتعدة : أمـ .. أمس .. قريب الساعه أربعه في الليل ، طلعت الدور الثاني .
هتف عزام بنفاد صبر و هو يضغط على كفيها : طيب .
شهقت و هي تردف : كـ .. كنت أدور على عروب ، .. إلين لقيتها في الدور الثالث .
ثم انفجرت تبكي بحرقة و هي تهتف : و .. و .. فارس .
اختلج قلب عزام بين ضلوعه فأمسك كتفيها بقوه و صاح : فــــــــــــــارس و اشــــبــه .
هتفت بألم و حرقة : كان يتحرش فيها .
ارتد جسده في عنف و هتف بصدمة : ايـــــــــــش ؟؟!!!!!!!!!! .
استطردت من بين دموعها : ما عرفت اش أسوي ..هي كانت تبكي و هو مكمم فمها بيده ،قمت حطيت نفسي أناديها و قدرت أطلعها .
غطت وجهها بين كفيها كانت ترتعد كارتعاد كلماتها : واش أسوي ..ما قدرت اكلمها .. ما قدرت ..
جريت على غرفتها و قفلت الباب و للحين مو راضيه تفتح .
الدم أصبح يغلي في عروقه ، ثارت ثائرته وهب واقفاً وهو يصيح : الـــحــيـــو** .. أنا أوريه .
هبت ربى بدورها و أمسكته مع ذراعه : لاااااا .. عزام الله يخليك لااااا .. حنا فـ عزا الحين .
أزال يدها عن ذراعه بعصبية و هو يصيح : ربــــــــــىاااا .. ابعدي ..و الله لا أطبق الدنيا على راسه الــكـــلـ* .
خرج بسرعة متجاهلاً نداءاتها الراجية و توجه إلى الصالة المهيأة لاستقبال المعزين ، دلف إليها و الشرر يتطاير من عينيه ، دار ببصره في أنحاء المكان و لا وجود لفارس ، قطب نادر حاجبيه عندما لاحظ تلك النظرة و ذلك الوجه الغاضب، توجه نحوه و قال: عـز
قاطعه بغضب دفين و هو يتطلع إلى عينيه : وين فارس .. ؟؟ .
قال نادر في حيرة : داخل في المجلس الأزر
و لم يتم عبارته لأن عزام اختفى من أمامه ..
التفت نادر بقلق إلى فيصل و نواف و قد شعروا جميعهم بأن هنالك خطبٌ ما .
أسرع نادر خلفه و لحقه نواف ، أما فيصل فقد فضّل البقاء .
.
في داخل المجلس الكبير ، الذي يتميز بدرجات اللون الأزرق .
ضحك في سخرية و هو يتحدث في هاتفه المحمول : .. لا ياشيخ .. هذا اللي ناقص .. أقوووول اسكت .. بس نتظر العزا ينتهي و بعدين مسـ
: فــــــــــــــــــــــــ ـــــــــارس ..
التفت فارس في حده إلى مصدر الصوت و قبل أن يدرك هيئة المنادي ، لكمة قوية أصابت خده الأيسر سقط الهاتف على إثرها من يده ، تراجع إلى الخلف في صدمة و جحظت عيناه و هو ينظر إلى عزام الذي أمسكه مع تلابيبه و هو يصرخ : يالــــــــــــــرخمه يالـــحـــقـيـــر .
وجه إليه لكمةً أخرى في بطنه و أخرى على خده الأيمن ، تناثرت قطرات دم بسيطة من بين شفتي فارس ذلك الذي أدرك الأمر لتوه فاشتعل غضباً ، صرخ بغيض و اندفع نحو عزام بدوره ليشتعل الموقف أكثر و أكثر .
دلف نادر إلى المكان و شهق في فزع و هو يرى القتال الحامي ، صرخ : عـــــــــــزااااااام .. فـــــــــــاااارس ؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!.
ركض نحوهما برعب و لحقه نواف .
سقط فارس أرضاً لتسقط _الغترة _ و عقالها من فوق رأسه ، جثا عزام فوقه ، و أخذ يضربه بشدة ، قهر يزلزل أركانه و نيران محرقة تشتعل في صدره ، لم يعد يرى شيئاً أمامه سوى فارس و الدماء التي تغطي وجهه .
أمسك به نادر و صرخ : عزاااااام .. بااااااااااااس .. بــــــــــــــــــــــــ ـس .
دفعه عزام إلى الخلف و لهث في شدة و هو يواصل ضربه: اتـــــــــــــركني .. خليني أأدبه الحقير ، خليني أعلمه الأدب .. خااااااااااااااايــــــــ ــــن.. ما عنده ذمه و لا ضمير .
حاول فارس أن يدفعه باستماتة لكن لم يقدر ، احتقن وجهه و الدماء تشوش رؤيته و صرخ : ابــــــــعد عــــــــني يالـ####### .
هب نادر من مكانه و ركض إلى الخارج لينادي عمه و صراخهما يملأ المكان من خلفه ، اندفع نواف نحو شقيقه عزام و أمسك بكتفيه و هو يصيح : عـــزام لا تقتل ولد عمك .. تعوذ من ابـــــــــــــليس .
دفعه عزام هو الآخر فاستغل فارس هذه اللحظة و لطم عزام بكل قسوة على عينيه و هو يهتف : حـــــــــــل عنـــــــي يا خســـــــــــــيس .
تراجع عزام إلى الخلف من الألم مما سمح لفارس بالنهوض ، ولكن عزام استدرك الموقف سريعًا و اندفع نحو فارس مجددًا و غضب الدنيا مرسوم على وجهه و هو يصيح: والله ما راح أرحمك يالـ
.............. : عــــــــــــــــــــــــ ـــــــــزام !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
جدة
منزل حسن
في نفس اللحظات
ركضت نزولاً من الدور الثاني بعد أن فرغت من البحث و هي تصرخ بعصبية : مـــــــــــستــوراااااا .. مســــــتوراااااااااااااا ا .
أتت الخادمة تركض و ملامح الذعر على وجهها من شدة الصراخ : نأم مدام .
سارت هديل نحوها و هي تصرخ بعصبية : و ين رهــــــــف ؟؟؟؟!!!.
هزت الخادمة رأسها في حيرة و هي تقول : ما يئرف .
ضربت هديل بيدها على فخذها و هي تصيح : كـــــــــــــــيــف يـــعــــــــــني ما تعرفين ؟؟ .
هزت الخادمة كتفيها و هي تهتف بقلة حيله : و الله مدام ما في يأرف ..أمس في اجي بابا تركي .. أنا في فكي باب ..هوا في قول فين رهاف .. أنا قول فوق .
شهقت هديل في ذعر وأمسكت الخادمة مع كتفيها و صاحت : ايييييييييش ؟؟ تـــــــــــــركـــــــي ؟؟!!!! .. و مـــــــــــــــــــــيــ ن قــلّــك تــــــــفـــتـــحـــيــل ـه ؟؟!!!!!!!!!!! .
اقشعر جسد الخادمه من شدة الخوف و هتفت تحاول الدفاع عن نفسها : هدا بابا هسن .. و الله بابا هسن .. هوا في قول افته باب .
صفعت هديل وجهها في صدمه و هتفت : أبـــــــــــــــــويــــ ه ؟؟!!! .
أومأت الخادمة برأسها في خوف و هتفت مؤكدةً : و الله بابا هسن .
صرخت هديل بهلع و هي تلوح بيدها: و بــــعــديـــن فــيـــن راحـــــــــت؟؟؟؟!!!..انــت� �ي فين كــنــتـي .. كيف مــا شـــــــفــتــيـها ؟؟ .
أجابتها الخادمة و قد أُغروقت عيناها بالدموع من عصبية هديل المفرطة : أنا في تأبان .. ألى طول في نوم .. ما يئرف مدام فين روه و الله ما يئرف .
احتقن وجه هديل من شدة الغضب فصرخت : خلاص روحي .
انطلقت الخادمة إلى المطبخ أما هديل فشهقت في ألم وانفجرت تبكي : يا حبيبتي يا أختي .. يا حبيبتي يا رهف .
دلف مازن إلى المنزل و هو يهتف بقلق : خــــيــــر ؟؟ .
التفتت إليه و قالت من بين دموعها : ما أدري .. ما أدري ، أبويه جواله مقفل .. وهيا جوالها هنا و الخدّامه تقول انه تركي أمس جا البيت و طلع فوق .. و راحت نامت ولا تدري عن شي .
قطب حاجبيه و سأل بصرامة مخيفة و قلبه يخفق بعنف: وهيا بأي حق تفتحله الباب ؟؟ .
أجابته في انهيار و هي تلقي بجسدها على الأريكة : تقول أبويه .. ما تسوي شي إلا بأمر أبويه ... آآآآه .. يا أختي .. آآآه يا حبيبتي .
استدار إلى الباب هاتفًا : أنا رايح أبلغ الشرطه .
قفزت من مكانها و صرخت: لااااا .. مازن استنى .
التفت إليها قائلاً في عصبية : اش تبغين .. البنت مختفيه .. و الكلـــ* هذاك يمكنه شالها .
وضعت يدها على كتفه و همست بصوت باكي : لا .. اسمعني ..أبويه و أنا أعرفه .. مستحيل يسمح لتركي يدخل البيت إلا إذا انكتب الكتاب .
هتف بصدمة : اش قصدك .. ؟؟ .
غممت بحرقة : قصدي واضح .. أبويه عنده الفلوس في المقام الأول و مستحيل يعطي تركي رهف إلا إذا استلم المهر و بعد كذا ما يهمّه زواج و لا شي ثاني ، أهم شي رهف تطلع من البيت .
غمّم بقلق : يعني كـ
قاطعته بصوت متهدج : ايوه .. خلاص .. انكتب الكتاب .. يعني هيا دحين مع زوجها .. واحنا ما في يدنا نسوي شي .. خلاص .. خلاص .
قال بعدم اقتناع : بس .. هديل .. لازم نتأكد ..
هزت رأسها نفياً و هي تحاول السيطرة على أعصابها المحترقة: متأكده .. بعد زواجي أنا و غدير متأكده .
سألها في حيرة : بس .. كيف ما بلغتكم ولا دقت عليكم .. كيف ما شالت جوالها ؟؟ .
عضت على شفتها بحنق ثم قالت : مازن .. إذا كنت تعرف حسن ناصر و اللي يختارهم لبناته .. فلا تسأل عن شي .
@@@@@@@@@@@@@@@@
الرياض
قصر أبو خالد
المجلس الأزرق
57: 9 صباحاً
التوتر كان سائداً على المكان و ما زاد الطين بله تلك الدماء التي غطت ثوب فارس و التي لم يسلم منها ثوب عزام .
تبادل نادر و نواف نظرةً قلقة و هما ينتظران الكلمات التي سينطق بها أبو فيصل الذي كان الشرر يتطاير من عينيه و هو يلقي نظرات التأنيب و العتاب على الطرفين المتقاتلين الجالسين على مقعدين منفصلين و طرح سؤاله مؤنبًا : واش المهزله هذي .. ؟؟ عزا جدكم و تضاربون ..ليش ؟؟ .. لهالدرجه شايفين الوقت مناسب.
أطرق كل منهما برأسه .
أردف أبو فيصل بعصبية : أعتقد ان موضوع الورث و الشركه بيجيب كل المشاكل و البلاوي اللي تكفينا ..جايين انتم الحين عشان تكملون الناقص .
و لم ينبس أحدهما ببنت شفه ، عقد أبو فيصل يديه أمام صدره و قال بصرامة : و الحين أبي أعرف واش سبب هالتصرف ؟؟.
صاح فارس في غيض : أنـا مالي دخـ
قاطعه أبو فيصل في قسوة : انت اسكت ،انت الوحيد اللي ما أنتظر منك شي ، عيال عمك كلهم قايمين بالعزا وانت مختفي مع مكالماتك الخايسه .
عض فارس على شفته بغيض و تأوه بألم عندما تذكر أنها لم تسلم من المعركة ، وضع كفه عليها ليمسح الدماء الغزيرة التي تدفقت و لا زالت تتدفق .
التفت أبو فيصل إلى عزام و صاح : عـــــــــزام .. تــــــــــكلم .
شعر عزام بالتوتر ..ماذا يقول ؟؟ ..كيف يبرر موقفه ؟؟ ..
استسلم لغضبه و عصبيته و لم يفكر بالعواقب فقاداه إلى حبل المشنقة .
هتف أبو فيصل مجددًا : عـــــزام ؟؟!! .
ابتلع ريقه و فارس ينظر إليه بتشفي ، كان يشك في أن ربى قد رأته ، فهو يعرف صوتها جيدًا و قد سمعه البارحة و هي تنادي عروب .
قبض عزام على كفه و رفع رأسه ببطء ليطالعه وجه عمه الصارم ، غمم: عمي .. أنـ .. أنا ..
سأله أبو فيصل بنفاد صبر : انت ايش؟؟ .
استجمع عزام طاقته و قال باختصار : مشكله بيني وبين فارس .
ساد الصمت بعد كلمته و فارس ينظر إليه بتساؤل حاقد ، أما أبو فيصل فقد قال معاتبًا : مشاكلكم المره الثانيه حلوها بدون طق و اذا ما قدرت تصبر انقلع برا انت وهو و فكونا من شركم .
لم يتعجب أحد من ردة فعله العادية ؛ لأنهم كانوا يعرفون مقدار تلك المعزّة الكبيرة التي يكنها عمهم لعزام و ثقته العمياء بكل ما يفعله .
التفت إلى فارس و صاح : فـــــــــــــاارس .
هب فارس من مقعده قائلاً بخوف : سم .
أشار إليه أبو فيصل بعصبية : فز مع عيال عمك بسرعه .
و غادر المكان ، لحقه فارس و لكن بعد أن منح عزام نظرةً حاقدة و هو يتوعده بيده .
.
تنفس نادر الصعداء ثم رفع هاتفه و اتصل على ياسر : ألو .. السلام عليكم .
رد عليه ياسر بخفوت: و عليكم السلام ..
قال نادر بحيرة: وينك انت للحين ما جيت ..يلا .. بيصلون عليه الظهر .
زفر ياسر في حرارة : صارت لي كم شغله .. المهم .. إن شاء الله خمس دقايق و أحرك على المطار .
رد عليه نادر : أوكي .. مع السلامه .
.
.
أغلق ياسر هاتفه ثم وضع رأسه بين يديه و تمتم : لا إله إلا الله .
تركي كان على الكرسي المقابل ، تحدث بهدوء : يلا .. توكل على الله و امشي .
رفع ياسر رأسه و سأله بعينين حزينتين : واش تبيني أقلهم ؟؟ .
هز تركي كتفيه ببساطة: عادي .. تعبانه مره و ما قدرت تجي .
أومأ ياسر برأسه ثم قال و هو ينهض : وانت .. ؟؟ لازم تحضر العزا .
أجابه تركي و هو يلتقط مجموعة أوراق من الطاولة بقربه : أدري ..بس مو فـ أول يوم .
قطب ياسر حاجبيه قائلاً بضيق : تركي .. هذا جدك .
نهض تركي من مكانه و اتجه نحو الباب و هو يقول : ياسر .. الحق الطياره لا يفوتك الإقلاع .
و لم تكد قدامه تطآن الممر حتى تصاعد رنين هاتفه نظر إلى شاشة جهازه فطالعه " رقم غريب ".
تردد للحظة قبل أن يجيب : ألو .
وصل إليه صوت رجل : ألو .. الأستاذ تركي ؟؟ .
أجابه تركي بحذر و هو مستمر في سيره : ايوه .. مين معايا ؟؟ .
.............. : عبّاس رأفت الـ*****.
الاسم ليس غريباً عليه (عبّاس رأفت ؟؟!!! )
كرر تركي الاسم : عبّاس رأفت؟؟!!! ..
أجابه عبّاس بصوته الثقيل: ايوه .. تذكرتني ؟؟ .
قطب تركي حاجبيه محاولاً التذكر ، ثم قال بنبرة شبه واثقة : العميد عبّاس رأفت ؟؟.
هتف عبّاس : ايوه .. أحسن الله عزاك ..و عظم الله أجرك .
قال تركي و هو يتوجه للشرفة المطلة على الحديقة : جزاك الله خير .
قال عبّاس على الفور : ما راح أطّول عليك يا ولدي بس .. أتمنى أشوفك في أقرب فرصة يا تركي .
فتح تركي الباب و هو يسأله : ليش .. في أي موضوع مهم ؟؟.
أجابه عبّاس مطمئنًا: لا أبداً .. بس نفسي أتطمن على ولد أعز أصحابي .
لم ترق نبرة صوته لتركي الذي توقف عن السير و قال : إن شاء الله .
ودّعه عبّاس قائلاً : في حفظ الله .
رد عليه تركي و هو يدلف إلى داخل الشرفة : مع السلامه.
وضع هاتفه داخل جيبه و أخذ يتأمل الحديقة للحظة و هو يتكئ بمرفقيه على السور .. عبّاس رأفت، و عبد الله صلاح الذي قابله عند المقبرة ، هذان الاثنان كانا من أعز أصدقاء والده ، و لكن مضت فترة طويلة على آخر لقاء بينهما 3 سنوات تقريباً ، زفر في حرارة و عاد إلى مكتبه ، ليجد عمر بانتظاره .
و قف فور رؤيته لتركي و قال باحترام : كيف أخباركم يا طويل العمر ؟؟ .
صافحه تركي مجيبًا: نحمد الخالق.
ثم أشار إلى المقعد بيده قائلاً : تفضل حياك .
جلس عمر ، و جلس تركي على المقعد الجلدي خلف المكتب ثم فتح الملف الذي أمامه : اكتملت البيانات ؟؟.
أومأ عمر برأسه و هو يقول : ايوه .. كل اللي طلبته عن أعمال الوالد الله يرحمه .
تصفح تركي الملف قليلًا ثم قال : إلا ما قلتلي يا عمر .. اش صار على طلبية الوالده اللي كلمت عنّها ياسين ، قدر يجيبها ؟؟.
ابتسم عمر و هو يتذكر والدته : إيوه وصلوا .. وكلهم عجبوها وأدّتهم أشغالهم ، معاد وحده تحاول فيني من أمس أخرّجها .. و لسّا أدور لها صرفه .
رفع تركي رأسه وسأله : ليه .. اشفيها ؟؟ .
هز عمر كتفيه : تقول كأنها رجال .. منظرها و هيئتها .. حتى وجهها ، يعني ما ارتاحتلها .
صمت تركي للحظة كأنه يفكر في شيء ما ، ثم قال و هو يغلق الملف : جيبها القصر .. أنا أدور لها شغله عندي .
رفع عمر حاجبيه قائلاً بابتسامة : و الله ؟؟.
نهض تركي من مكانه و نهض عمر و هو يستمع إليه: ايوه .. بس عجّل عليا لأني أبغاها تخلّصلي شغله ضروريه .
ابتسم عمر براحة : تآمر يا طويل العمر .
سار معه تركي إلى الباب الخارجي للدور الأول و بعد أن ودّعه رفع هاتفه المحمول و ضغط على رقم ما ، ثانيه واحدة و قال: ألو .. ياسين .. وقف الطلب .
أغلق الهاتف .. و خرج إلى سيارته .
@@@@@@@@@@@@@@@@
جده
أمام البحر
الفيلا
في نفس اللحظات
تحرك شعرها بنعومة مع نسمات الهواء العليلة ، و تعلق بصرها بالبحر الأزرق و أمواجه المتفرقة التي تبعث هديرًا تردد في أذنيها كأجمل لحن ، أغمضت عينيها و استنشقت الهواء بعمق .. فتحتهما و طالعتها الشمس التي أخذت تتسلل من بين الغيوم .. همست في صوت حالم : غريب جوّك يا جده .. الصيف قرب و السما غيوم .
ثم ابتسمت بمرح قائلةً : صادق اللي قال في جده تمر عليك فصول السنه كلها فـ يوم واحد .
و أردفت ضاحكة : واختباري النهائي يبدأ السبت و ما ذاكرت زي الناس .
نظرت إلى ساعتها و تأففت : من أول ما جيت و أنا قدام هذا الشباك .. اش الطفش هذا ؟؟.
حثت الخطى نحو الباب و منه إلى حجرة والدتها ، دلفت إليها : السلام عليكم .
نظرت إليها ساميه من جانب عينها و هي منشغلة بوضع مساحيق التجميل و هتفت بحنق : اش السلام عليكم حقتكِ هذي .. انتي بنوته .. قولي صباح الخير .. صباح الورد .. صباح النور .
زوت جوري ما بين حاجبيها و قالت : ماما .. إلقاء السلام سنه و رده واجب .
حركت ساميه شفتيها بامتعاض و هتفت : لقطينا بسكاتك و خليني أسوي المكياج .
زفرت جوري في حزن و جلست على إحدى الأرائك ، أخرجت مصحفها الصغير من جيبها و مضت تراجع شيئًا من حفظها ،و عندما انتهت أعادت المصحف إلى الجيب و والدتها مستغرقة في عملها، انتظرتها للحظات أخرى و عندما طفح بها الكيل تململت في مكانها و هي تهتف بضجر : يوووووووووه .. مامااااااااا .. طفشت و الله طفشت ..خلاص أبغى أرجع للقصر .. الله يخليكِ .
التفتت إليها والدتها و صاحت بغضب : مسرع طفشتي .
أغروقت عينا جوري بالدموع و هي تهتف بصوت باكي: اش أسوي .. انتي طول الوقت برا ..و أنا زي الجنيه لوحدي هنا و منتي راضيه تخليني أطلع أنا ما جيت هنا عشان تحبسيني .. طفشااااااااانه .
أخذت تتطلع إلى وجهها في المرآة بتمعن و قالت: أقلك احمدي ربك إني وافقت أجيبك .. بعدين عندي شغل .. ما تفهمين .
ثم رمت الماسكرا الزرقاء و التفتت إليها قائلةً : عندك الحديقه اطلعي تمشي فيها.
نهضت جوري من مكانها و أخذت تشد خصلات شعرها و تصيح:آآآآآآه .. يا ماما .. الحديقه مملللللللللله .. آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه .
أخذت تقفز في مكانها و هي تبكي : حتى جوالي مو معايا و التلفون مقفله عليه ف غرفتك .. ليييييييه .
هبت ساميه من مكانها و صرخت بعصبية : أوووووووووووه ..تراكي زودتيها .. فارقي عن وجهي يلااااا .
انفجرت جوري بالبكاء و ركضت إلى غرفتها .
أما ساميه فقد زفرت في حنق : أعوذ بالله ..طالعه نكديه على أبوها .. خليكِ تنحبسين عشان أشوف كيف تقدرين تكلمين هذاك الزفــــ* .
تصاعد صوت الموسيقى الصاخبة من هاتفها المحمول فركضت إليه بسرعة و هتفت بدلال: ألوووو .. هلا حياتي .. دحين دحين طالعه ، يلا سلااااااام .
حملت حقيبتها و خرجت بعباءتها المزركشة .. و .. بلا حجاب يغطي رأسها .
.
و في الحجرة
ألقت بنفسها على السرير و هي تبكي بقهر : ليييش يا مااامااااا .. ليييييييييش ؟؟.
ضربت بقبضتها على الوسادة في حنق : أنا اش سويتلك تعامليني كذااااا .. تركي أخويااا يعاملني أحسن منك .
شهقت بعنف ثم رفعت رأسها عن الوسادة و قفزت من فوق السرير ركضًا إلى خزانة ملابسها فتحتها و أخذت تفتش بين أغراضها في عصبية مفرطة و هي تبكي إلى أن وجدت دميةً صغيرة لدب أبيض في رقبته شريطةَ حمراء ، تفجرت دموعها أكثر و هي تضم الدب إلى صدرها بشوق وحنين مؤلم ، صاحت بألم : ويـــــــنــك يا أحـــــــمـــد ويــــــــنــك ؟؟؟ محتاجه أشوفك .. محتاجه أكـــــــــــــلـــــــــ ــمـك .
جثت على ركبتيها في انهيار و هي تهتف بحرقة : يــا ربي .. يا ربي ساعدني .. يا ربي حققلي أملي يا رب .. يا رب فـ الشي اللي يرضيك يا رب .
و أطرقت برأسها لتترك دموعها تنساب في انكسار جريح .
@@@@@@@@@@@@@@@@