عرض مشاركة واحدة
قديم 27-12-12, 03:20 PM   #20

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



جده


المستشفى


00 : 11 مساءً



........ : صورنا الأوعية الدماغية و أجرينا أشعة مقطعية على المخ .

هز تركي رأسه بتفهم فأردف الطبيب : الجسد ما تعرض لإصابات خطيرة .. كسر في الذراع و الرجل و رضوض متفرقة في الجسم .

سأله تركي و هو يعقد يديه أمام صدره : هل تتوقع أي مضاعفات لحالتها؟؟.

خلع الطبيب نظارته و قال : بدري نحدد ..الآن هيا في العناية المركزة .. لأن إصابة الراس تحتاج لهذا الشي .. نستناها تفوق و بعدها نسويلها عدة فحوصات و .... مهم كمان إننا نعاين حالتها بعد مالإصابة يعني ضربة الراس تتعافى .. عشان أعطيك التشخيص الأكيد .

ثم ربت على كتف تركي وقال: لا تخاف أستاذ تركي .. زوجتك راح تكون بخير بإذن الله.. بس هيا محتاجه وقفتك جنبها .

شكره تركي فأومأ الطبيب برأسه و غادر المكان ، توجه تركي إلى المقعد الذي أمامه وزفر في عصبية و هو يجلس هامسًا : يا ترا .. اش نهايتها معاكِ ؟؟


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@


~ الـــــــاـ ثـــــــنـــــــــين ~


الرياض


الشركة


مكتب نادر


00 : 1 ظهرًا



رمقه عزام بنظرةٍ متضايقة و غمم : يعني ايش ما رجع ؟؟ له أشكل من شهرين مختفي وللحين ما رجع !!!.

تراجع نادر في مقعده و هو يرتشف من كوب الشاي : قلتلك آخذ اجازه .

هتف عزام بنفاد صبر : وييين ؟؟ .

هز نادر كتفيه : ما أدري .. المهم إني اللي عطاه الموافقه أبوك .. و أبوي عصّب يوم درى بالسالفه بس الحق ينقال ان له فتره طويله ما أخذ اجازه .

ظهر الغضب واضحاً على وجه عزام فدفع نادر جسده إلى الأمام و قال : أنا أبي أفهم .. انت واش بينك و بينه ..؟؟ ما يكفي ذيك المطاقه اللي إلى الحين وحنا موب عارفين سببها ، كنت بنادي عمي أبو نواف ذاك اليوم لكن أبوي كان قريب و سمع أصواتكم و الحين لو تدري واش كثر شايل على فارسه فـ قلبه.

نهض عزام من مقعده و هو يتمتم : علّه يطلّع روحه .

زوى نادر ما بين حاجبيه و سأله : واش قلت ؟؟ .

لوح عزام بيده و هو يغادر المكان : مو شي مهم .

سار في الممر لبضع خطوات و إذ بوالده أمامه ، ابتسم عزام و قال : هلا بالغالي .

نظر إليه والده بنظرة غريبة ثم قال : الحقني ع المكتب بسرعة .

و غادر المكان ، قطب عزام حاجبيه في تساؤل و قال بقلق : خير ؟؟ .. اللهم اجعله خير .


@@@@@@@@@@@@@@@@@


جدة


القصر


في نفس اللحظات


سارت في ذلك الممر الطويل ، ببطء شديد و هي مطرقة برأسها تعد خطواتها و تتأمل خيوط أشعة الشمس التي تسللت من خلال النوافذ الزجاجية الكبيرة ، رفعت رأسها عندما شعرت بدنو المكان المطلوب ، توقفت أمامه للحظات و تنفست الصعداء ثم طرقت الباب و حينما أتاها الرد دلفت إلى الداخل .


@@@@@@@@@@@@@@@@


الرياض


الشركة


مكتب أبو نواف



20 : 1 ظهرًا



نهض من مقعده و الغضب يزلزل أركانه و هتف بصدمة : نـــــــعم !!!!! .

قال والده الجالس على المقعد خلف المكتب و هو ينظر إلى عينيه : نعم الله عليك .. اللي سمعته .

تمتم عزام بهدوء مصطنع : يبه .. انت تجبرني على الزواج ؟؟!!! .

قال والده بصرامة : أعتقد انك في سن الزواج .. ليش التأخير .. و أعتقد ان سمعت بنت عمك تهمك.

قطب حاجبيه باستنكار و هتف : أبوي .. سمعة ايش ؟؟ لأن خطوبتها انفسخت .. تقول سمعه ؟؟ .

نهض والده من مكانه منهيًا النقاش: انتهى الموضوع .

هتف عزام في حرقة : بس يبه أنا ما أبيها و

قاطعه والده في غضب هادر : عـــــــــــــــــــزام!!!! !!!!!!!!!!!!!! .

أطرق عزام برأسه على الفور و هو يحاول أن يحافظ على هدوء أعصابه ، صك والده على أسنانه و هو يقول : بنت عمك لحمك و دمك يالـ .. يالشهم .. موب كذا كان يناديك جدك .

قبض عزام على كفه في حنق و استنشق والده الهواء بعمق ثم قال : الكلام في الموضوع انتهى ..

اطلع برا .

شعر عزام بغصة تخنقه و خرج من المكتب و النيران تشتعل في صدره ، لم يشعر بنفسه إلا وهو أمام سيارته ، استقلها و انطلق بأقصى سرعته و هو يهتف بحنق : مين كان يتوقع ؟؟!!!. .

ضرب على المقود بقبضته و صاح بقهر : مـــــــــــســــــــتحــ ــــيييييييييييل .




@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@



جدة


القصر


مكتب تركي


30 : 1 ظهرًا



....... : جوري ؟؟ .

الغصة تخنقها و الكلمات محبوسة في صدرها ، لا سبيل إلى الفرار فقلبها .. مرهق .

نادها مرة أخرى : جيجي ؟؟ .. طالعي فيني .

تساقطت دموعها على كفيها و انطلقت شهقاتها المكتومة من بين شفتيها ، تنهد في حرارة و أشاح بوجهه و بعد لحظة تمتم : خلاص .. تقدرين تطلعين .

هتفت بحرقة : لاااا .

التفت إليها في صرامة قائلاً : قلتلك خلاص ..أنا مقدر وضعك و راح أتصرف بنفسي .

هزت رأسها في ألم و نهضت من مكانها ثم توجهت إلى النافذة و مضت تتأمل حوض السباحة في الخارج و من حوله الأعشاب الخضراء و الأزهار ، تمتمت : تركي .. أنا ما أبغى أثقل عليك أكثر .. بس .. هذي أمي .. أمي .

انفجرت بالبكاء و أردفت : انتا ما تدري قد ايش صعب عليا إني أتقبل هذا الكلام .. صعب .. صعب .

نهض من مقعده و وضع يديه على المكتب قائلاً: قلتـ

قاطعته على الفور : أنا أدري انه واجب عليا إني أحدد و أعطيتني فرصة عشان أفكر .. بس .. ما قدرت .

و التفت إليه و الدموع تملأ وجهها : تركي .. أنا أحبها .. أحبها .. لكن كل ما أتذكر المنظر .. أحس .. أحس ..

اختنقت الكلمات في صدرها فهزت رأسها في أسى ثم أشاحت بوجهها و تركت العنان لدموعها ، أطرق برأسه و لم يحر حديثًا .. لم يكن شيءٌ يمنعه من تحطيم ساميه سوى نظرة واحدة إلى عيني تلك الطفلة التي يحبها ، كان يدرك أن متعلقة بوالدتها ، و رغم كل شيء .. تبقى والدتها .. ربما هو بالذات من يدرك مرارة فقد الأم لذلك يتراجع دائمًا عن قراراته بشأن زوجة أبيه ، لا يريد أن ينتزعها منها بدون أن يوضح لها الأمر بصراحةٍ تامة .. هي أمها و لها الحق في الذهاب إليها و زيارتها لكنه لن يتركها تعيش معها و هي بوضعها المشين ذاك.

تنفست الصعداء ثم عادت لتقول : انتا ما تدري قد ايش أنا ممتنة لك ..قد ايش فرحانه انك أخويه .. قد ايش أشكر ربي انه رزقني بأخو زيك .

رفع رأسه بصدمة و همس : جوري !! .

استطردت بابتسامة عذبة: انتا عوضتني عن بابا .. صحيح ما كنت تتكلم معايا كثير .. و لا أشوفك كثير .. لكن .. يكفي اني كنت أحس بالأمان و الفخر كل ما شفتك .. و .. و أنا دحين .. مـ .. مالي أحد .. يعني .. مـ .. ما أقدر أرجع و أعيش معاها .. و أنا أعرف إنها لسا على وضعها القديم .. و .. و إذا .. إذا تبغى تشوفني .. يكــ .. يكون الموضوع ...... بحـ .. بحضورك شخصيًا .

و عادت لتنظر إليه مجدداً و الدموع تلمع في عينيها : و ...... هذا كل اللي عندي .

لم ينبس ببنت شفه بل اكتفى بالنظر إليها ..إلى .. طفلته .. كما يسميها .. طفلته .. التي كبرت الآن و أصبحت فتاة شابة ، أشاح ببصره و لاح على شفتيه شبح ابتسامة و هو يغمم : كبرتي يا جيجي .. أول مره أحس .. انك .. كبيره.

و بالرغم من ألمها و الدموع التي تغرق وجهها ضحكت قائلةً : لا يا حبيبي .

ووضعت يدها على خاصرتها مردفة باستعلاء : أنا من أول كبيره .. بس انتا اللي يبغالك نظارات .

اقترب منها و هو يكرر كلامها ساخراً : أنا يبغالي نظارات ؟؟؟؟!!!! ..

و عندما توقف أمامها ، تذكرت شيئاً ما ، قالت بخفوت : توتو .. متى راح تتزوج .. سمعت أول إنك راح تتزوح .. اش سار على موضوعك ؟؟ .

لم يرق له سؤالها و ظهر ذلك جلياً على وجهه ، عاد إلى مكتبه و هو يقول بجفاء : كنسلت الموضوع .

تحدثت باندفاع : ليييييييييييييييه .. اذا ما عندك خبر تراك عجّزت .. ما بقيلك شي وتطق الثلاثين .

ابتسم وهو يقول : يلا .. روحي و كملي أكلك .

أومأت برأسها على مضض و هي تهمس : ما راح أسيبك يا خبلون إلين تتزوج .

رفع أحد حاجبيه و سألها : اش قلتي ؟؟ .

رفعت رأسها و هتفت بنظرةٍ حانقة : مالك دخل .

و أشاحت بوجهها في دلال قبل أن تغادر المكان .


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@



جده


القصر


35 : 4 عصراً



كانت منهارة تماماً ، لم تتوقف عن البكاء طوال الساعات السابقة التي تلت الحادث .

صفعت نفسها و هي تصرخ و تشهق: آآآآآآآآآآآه .. أنا السبببببب ..أنا المسؤوولة .. آآآآآآه .. ليش خليتها تطلع .. ليش أعطيتها المنظار .. ليييييييييييييش .

عقدة الذنب تنهش قلبها و تؤنب ضميرها وضعت كفيها على وجهها و ..

~ رهف ماتت يا مرام .. ماتت .. ماااااااااااااااااااتت ~

انفجرت تضحك بشكل هستيري ثم أخذت تهز رأسها و هي تصيح : لاااااا .. لااااااااااااااااااااااا .. مــــــا مـــاتــت ..مـــــــــا مـــــــــــــااااااااااا ااااااااتــــــــــــــــ ـــت .

~ إلا .. ماتت بعد حاث السياره .. ماااااااااااااااااتت .. ماتت ~

اعتصرت رأسها بكفيها و صراخها يدوي في الجناح : لاااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااا ..أقـــــــــــلــــك مـــــــــــا مــــــــــــــــاتــــــ ـــــت .. مــــــــــــاااااااااامـ ــــــــــــــاتـــت .. ما تـــــــــــــــــــــفــ ــــــــهم ؟؟؟؟.

~ مرام .. انتي السبب .. اقتلي نفسك عشان تكفرين عن اللي سويتيه .. اقتلي نفسك يا مـــــرام .. اقتلينفسك ~

نهضت من مكانها و أخذت تدور في الحجرة و هي تبكي بعنف : لا .. لا .. مـــــــــــــــا راح أقــــــــتــــل نـــــفــــــســـــي .. لاااااااااااااااااااااااا .. لا تـــــــــــقـــلـــي اقــــــــــتــلــي نــــــــفـــــســـك .. لااااااااااااااااااا .

أمسكت بالتحفة الموضوعة على الطاولة و ألقتها بكل قوتها على الجدار و هي تصرخ: انـــــــــقلللععععع .

تحطمت التحفة و تناثرت قطعها الخضراء الزجاجية في أنحاء الغرفة ، اصدم شعاع الشمس بإحداها فانعكس الضوء الأخضر على وجه مـــــرام ، شهقت .. و تعلق نظرها بجزء من الغرفة صرخت في ذعر و استدارت ركضاً : لااااا .. أســـــــــــــد فـــــــــــ الغرفه .. أســــــــــــــد .. أســـــــــــــــــــــــ ــاااااااااااااااااااااد .. لاااااااااااااااا .

تصلبت قدماها عندما شعرت بمن يمسكها مع كتفيها أخذت تلهث في شدة و هي مطرقة برأسها ، رفعته ولم تكن الرؤية واضحة جداً كانت تحس بدوار شديد ، همست من بين دموعها الساخنة : تركي ؟؟ .

أتاها الرد فوراً : لا .

حاولت أن تدقق النظر و هي تتراجع إلى الخلف و لكنه لم يسمح لها بالابتعاد ، بل أطبق على كفيها و قال بحنو : مرام .. اهدي شويه .

قطبت حاجبيها فانسابت الدموع المتجمعة في عينيها ، همست بخوف: انتا مين ؟؟ .

وضع كفه على وجنتها و قال : أنا عمّار .

شهقت في رعب و صرخت : لاااااااااااااااااااااا .

قطب حاجبيه و سمح لها بالتراجع ، تراجعت للخلف خطوة و انهارت فاقدة الوعي ، أسرع بحملها قبل أن تقع على الأرض ، تأملها للحظة قبل أن يضمها إلى صدره بشوق عميق ، طبع قبلةً دافئة على رأسها ثم تطلّع أخرى إلى وجهها المحمر المبلل بالدموع و خصلات شعرها المتناثرة حوله بشكل طفولي ، تلك الخصلات السوداء التي أضفت على وجهها جمالاً بريئاً دافئاً ، اعترى الألم ملامحه الحزينة فأغمض عينيه و هز رأسه لينفض ذكريات مريرة اندفعت إليه ، توجه بها نحو السرير و بعد أن انتهى من تغطيتها التفت إلى الخلف و قال : ليش ما علمتني من بدري .؟؟ .

عقد تركي يديه أمام صدره و أجابه : حضرتك اللي تأخرت .. وحالتها ما ساءت إلا من شهرين تقريبًا .

نظر إليها عمّار مجدداً و سأله : و ين أدويتها ؟؟.

أدخل تركي يده في جيبه و أخرج ورقة مطوية .. فردها و مدها لعمّار الذي أخذ يقرأ ما خط عليها.

كان تركي متأكدًا بأن وراء انفصالها عن زوجها سبب ما و هذا ما دفعه للبحث عن الدواء ، تأمل عمّار طويل القامة عريض المنكبين ، مفتول العضلات ، أصلع الرأس ، يرتدي نظارات طبية أنيقة خلفها عينان دائريتان سوداوان ذات أهداب قصيرة و ترتكز على أنف ذا أرنبة عريضة تحته شفتان غليظتان ، و سأله دون أن ينظر إليه : تعرف اش نوع مرضها ؟؟ .

فرك عمّار جبهته في توتر و قال : ايوه .. فصام متناثر أو .. فصام الشباب.

نظر إليه تركي في تساؤل : و يعني ؟؟ .

جلس عمّار بجوار السرير و أجابه : يعني ضعف في التركيز و تقلب في المزاج و خلط ذهني ..و أفكار غريبه .. حتى الكلام ما يكون مترابط .. و فـ أحيان كثيره تسمع أصوات تحرضّها إنها تسوي شيء معين .. يمكن عشان كذا حاولت تنتحر ، يعني كانت تسمع أحد يقلها اقتلي نفسك .

و وضع كفيه تحت ذقنه و هو يغمم : يبغالها عناية كبيرة .. وضعها حرج .

تأمله تركي قليلاً ثم قال : أفضل انك تخرجها من هنا و تعالجها برا .

التفت إليه عمّار وغمم بجفاء: لا تشيل هم .. ما راح نثقل عليك .. أنا داري انك مو طايق جلستها عندك .

و نهض من مقعده و هو يقول : دحين أجهز ترتيبات السفر .. بس .. أعتقد انه راح يكون عندك شوية ضمير ..و تخليها هنا إلين ما تتقبل فكرة وجودي في حياتها مره ثانيه .

ابتسم تركي في سخرية و قال: خليها .. على كل حال هوا أولاً وآخراً بيتها .. و في نفس الوقت جنب بيتي .. و أنا ما أبغى عندي مجانين في القصر .

و خرج من الحجرة ، تنهد عمّار في ضيق و أغمض عينيه ثم هز رأسه في أسى : يا ربي ..

اش راح أسوي دحين ..؟؟ .


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@


*الثـــــــــــــــلاثـــ� �ــــــــاء **

جدة


المستشفى


00 : 10 مساءً*



وضعت يدها على رأسها في إعياء شديد و الدوار يعصف برأسها، كانت تحس بملمس الشاش الأبيض و الضمادات تحت يدها ، أزاحت يدها المعافاة إلا من جروح بسيطة و مضت تتطلّع إلى المنظر الذي أمامها دون أن تنبس ببنت شفه ، كانت عاجزةعن الكلام أو التفسير و هي تنظر إليه واقفًا بمعطفه الأبيض و السماعة الطبية حول رقبته و في نهاية الحجرة هناك أخرى ترتدي زيًا بذات اللون الأبيض و تنظر إليها من البعيد ، عادت ببصرها التائه إلى الطبيب فشعرت بغشاوة بيضاء على عينيها صاحبها خيط من الألم اخترق عقلها ، تأوهت في إرهاق شديد و عادت تغمض عينيها و هي تضع يدها على رأسها .

اقترب الطبيب ببطء و جلس على المقعد المجاور ، سمعت صرير الكرسي و هويتحرك على البلاط فاشتدت أعصاب وجهها بتوجع ، لم تقوى على فتح عينيها و صوت رجل ماينساب إلى أذنها كأنه يأتي من بئر عميقة : كيفك دحين ؟؟ .

حاولت أن تحرك شفتيها و لكنها عجزت ، أرخت يدها مجددًا و همست بعد عناء : راسي يعورنيييي .

أومأ برأسه في تفهم و مد يده يلتقط الملف على الطاولة المجاورة قبل أن يفتحه ، ضغط على مؤخرة القلم الفضي ليخرج رأسه ثم بدأ بالخط على الورق و هو يقول متعمداً : لاتشيلين هم .. طبيعي هذا التعب بعد الحادث .

فتحت عينيها ، و نظراتها التائهه معلقة بالسقف الأبيض ، حركت أصابع يديها للحظة ، و هي تبحث عن تساؤل ما في عقلها ،و عندما عجزت .. همست باستنكار : حادث ؟؟!!!!! .

توقف الطبيب عن الكتابة و أخذ يتفحص تعابير وجهها بنظراته الخبيرة و قال : انتي وين الآن ؟؟

مدت يدها الضعيفة ببطء ثم وضعتها على وجنتها الباردة ، أخذت تمرر أصابعها عليها و هي تكرر الكلمة السابقة بحاجبين معقودين و صوت خافت : حادث ؟؟!! .. حادث ؟؟!!! .
حاولت أن تبحث عن شيء في ذاكرتها عن حادث ما وهي تنقل بصرها من الطبيب ليدها وقدمها المغطاتين بالجبس وعندما لم تحر جوابا حاولت تذكر أي شيء لكنها سرعان ما أغمضت عينيها بشدة والآلام تنتشر في رأسها مجددًا دفعها لأن تصرخ و هي تضع يدها عليه: راســـــيييييييييييـي .

هتف الطبيب و هو يغلق القلم : معليش .. معليش يا رهف .. كم يوم و إن شاء الله يخف الألم .. لا تحاولين تفكرين كثير .. و ريحي نفسك لأقصىدرجه .

وحين همست بحيرة وهي تتأمل السقف بجمود : رهف !! رهف !! رهف !!.
نهض من مكانه و وجه بضع كلمات إلى الممرضة و هو ينظر إلى المحلول المعلق ، أغلق الملف بعد ذلك و خرج مع الباب ليجد شابًا وسيمًا يقف في الجهة اليمنى و هو ينظر إليه بترقب ،قال على الفور و بنبرة شبه واثقة : فقدان ذاكره ؟؟ .

زفر الطبيب و هو يغلق الباب و قال بخفوت : صعب إني أأكد هذا الشي لأن الضربه كانت على راسها .. يمكن التوهان اللي هيا حاسه فيه بسبب الضربه .. عشان كذا لازم نستناها تتعافى و بعدها راح يبان اذا انضرب مركز الذاكره .. لكن يا أستاذ تركي .. ما أقدر أنكر إنه في اشتباه فقدان.

أومأ تركي برأسه و هو يشيح ببصره بضيق فقال الطبيب : لا تشيل هم .. إن شاء الله ربي بيفرجها .. و أول ما أتوصّل لأي شي راح أتصل عليك فورًا .. و الممرضات راح يتانوبون على الجلوس معاها 24 ساعه .. و الآن .. أنا مضطر أمشي .

التفت إليه تركي و قال باحترام : جزاكِ الله خير يا دكتور .

ابتسم الطبيب قائلاً : و إياك .

ثم تركه و غادر .. ، أما تركي فقد عقد يديه أمام صدره .. و أخذ يسير في الممرالهادئ و هو يحدث نفسه هامسًا : يا ترى فقدتي ذاكرتك يا بنت حسن و لا لسا.
زفرفي حرارة ثم استطرد : إذا نسيتي كل شي .. فالخطه راح تتغير .

ثم مسح وجهه المرهق بكفيه و سار نحو المصعد.





.



.


.



.


الــــــــــــــسبـــــــ ــــــت


في إحدى طرقات مدينة تبوك


00 : 10 صباحًا




لم يتمكن من رؤيتها و هو يجلس مرغمًا في تلك السيارة التي تقوده إلى حيث يُعقد القرآن و إلى جواره يجلس الرجلان اللذان تشاجرا معه في الشقة، كان يتمنى أن يخنقها بيده ليقتلها قبلهم جمعيًا ، تلك الحقيرة في نظره و التي أرخصت نفسها بتلك الصورة المشينة ، شعر بالدماء تغلي في عروقه و قلبه يخفق و يخفق ، عقله الثائر يبحث عن إجابة لاختفاء عبيد و مصلح من بهو المبنى وقت نزوله ، لا شك بأنهما متواطئان مع هذه الجريمة النكراء كما يبدو .. حاول أن يتنفس الصعداء و عيناه معلقتان بتلك السيارة البيضاء التي تسير إلى جوارهم و يقودها طلال و الفرح ينطق في ملامحه ، حاول أن يمد بصره أكثره ، علّ نظراته النارية تحرق عينيها لو نظرت إليه .. تلك الخبيثة ، و لكن طلال تجاوزهم بسرعة كبيرة ، فضحك الرجل الذي يقود السيارة و هتف : مستعجل الأخ.


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@


الرياض


الشركة


مكتب أبو فيصل


30 : 1 ظهراً


هب أبو فيصل من مقعده و هو يصرخ في سماعة الهاتف : يالأهــــــبــــللللل كيف خليتهم يضحكون عليك

بذي الطريقه .

أجابه ياسر في توتر : عمييي و اللي يعافيكأنا ف وضع ربي عالم به .. مانيب ناقص أي تهزيء .

صرخ أبو فيصل مجدداً بغضب حقيقي: لأنك غبي و متخلففف .. في أحد يوقع في المشكله اللي انت وقعت فيها .. هذا وانت ياسر .. يعني بالله ما قدرت تفك نفسك من خطتهم القذرررره .

تنهد ياسر في غيض : عمييييييي .. أقلك تجمعوا علي الثلاثه .. و الله الموضوع تم بسرعه ..

و الله إلى الآن موب مستوعب شي .

شعر أبو فيصل بوضع ابن أخيه الحرج ، حاول أن يهدئ من ثورته قليلاً و هو يهتف : ليش ما دقيت علي و لا على واحد من عيال عمك .. يجي يفكك من ذي المصيبه قبل ما تصير .. والحين هم ويــــن لا بارك الله فيهم الـ####### و بعدين فين عبيد و مصلح ؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!! .

هز ياسر رأسه في ضيق : ما أدري .. ما أدري .. مختفين ولا شفتهم من اليوم اللي جيت فيه .. كل شي تم بسرعه .. ما أدري كيف .. حسيت نفسي مثل المسير .. و .. مـ .. ما أدري .. والحين كل الصور عندهم .

جلس أبو فيصل على مقعده و بعد لحظة صمت قال بصوت مرتفع : اسمع .. تترك كل شغلك هناك ..

و ترجع .

سأله ياسر : و الدوره ؟؟.

صرخ أبو فيصل : إخــــذوووهااا .. بالبلى اللي ما يردها .. شف مصيبتك و بعدين فكر بالدوره .. الحين ترجع الرياض .. ما تنتظر و لا دقيقه ..و جيب معك الـ##### لا تبهذلها الحين .. خليني أشرب من دمها لجل تطلع الصور من عيونهم .. ســـمــــعــــت؟؟؟!!!! .

أغمض ياسر عينيه بضيق و هو يقول: ايه .

هتف أبو فيصل : و لا تخاف .. أبوك ما بيدري عن شي .. الموضوع بيكون بيني و بينك .

شعر ياسر براحة شديدة هذا أكثر ما كان ُيهمه في الأمر ..والده العصبي .. الشرس .. الذي لا يعترف بمبدأ النقاش و التفاهم .

تمتم بخفوت: تسلم يالغالي ..خففت عني .. وريحتني من حمل ثقيل .

زفر أبو فيصل بضيق : انتم يا عيالي ما يجي من وراكم إلا البلى ..يلا بس .. انتبه لنفسك .. سلام .

أغلق سماعة الهاتف و اتكئ بمفرقيه على المكتب و هو يقول بحنق : يالأهبل .. دبسوك فـ زواج قذر ..

و الله انك على نياتك .


.




و في تبوك حيث الشقة المشؤومة


أغلق السماعة بألم و ألقى بجسده على المقعد خلفه و هو يزفر ، لا يدري كيف تم الأمر بهذه البساطة ؟؟ بل لا يدري كيف وصل إلى هنا من شدة التفكير .. كل ما يعلمه الآن أنه وصل إلى الشقة المشئومة و أن الخبيثة دفعها زوج أمها الحقير إلى الحجرة الأخرى و لم يراها أبدًا .

.

ما أكبره من هم .. ذلك الذي يحمله ..و ما أكبرها من مصيبة .. تلك التي وقعت على رأسه ، وضع يديه فوق رأسه و هو يشعر بصداع شديد ، هتف بتضرّع : يا ربي ..يا حي يا قيوم .. يا ربي فرج عني يا كريم .

رفع يديه و أخذ يدعو بدعاء الكرب بخشوع : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك عدل في قضاؤك ماض في حكمك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي و جلاء حزني و ذهاب همي .


*


ما أعظمها من لذة تلك التي يحصل عليها كل من اختلى بنفسه .. و انشغل بذكر الرحمن و مناجاته خالياً و دموعه تبلل وجهه و تغسل كل ما يعتمر في صدره من الهموم و الغموم .

ما أعظمها من لذة .. يشكو فيها إلى الله ما أهمه و ما أقض مضجعه و يسأله من رحمته الواسعة و عفوه و مغفرته و هو يعلم يقيناً بأن الله سبحانه و تعالى ..

# حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا #


*

مسح دموعه عن وجهه و هو يحس براحة كبيرة .. سبحان الله !!! ، قبل ذلك كان يشعر بأن الدنيا ضاقت عليه بما رحبت و لكن .. إنه التوكل على الله و تفويض الأمر إليه سبحانه .


.


نهض من مجلسه و خرج من الحجرة ثم توجه إلى الحجرة المجاورة و نظر إليها .. يا الله .. كم يكرهها .. كم يحقد عليها .. كم يشعر بالاشمئزاز منها .. كم يشعر برغبة في القيء كلما تذكر ما فعلته .. صك على أسنانه و قال : انقلعي و دوريلك شي تغطين فيه جسمك يالـ#########، بعد ساعتين طالع الرياض .

هي .. لم تنبس ببنت شفه بل اكتفت بوضعيتها .. برأسها المسجى على ركبتيها و لم تحرك ساكناً ، بكت في صمت عندما غادر الحجرة .. و هل توقفت عن البكاء طوال الفترة السابقة ؟؟. .

كانت غارقة وسط كومة من التساؤلات ، تساؤلات عديدة جدًا ، و من بينها الانقباض الذي تشعر به في قلبها عندما تتذكر طلال ، هل اغتال عفتها و طهارتها أم أنها لا زالت كما كانت ؟؟، ابتلعت ريقها و هي تصرف عنها هذا التفكير الذي لن يفيدها الآن ، و شغلت بالها بعقدة الذنب التي تمزقها و تغرس الطعنات في قلبها لأنها تواطأت معهم في هذه الجريمة ، و لكنها عندما تتذكر تلك المسكينة المسجاة على فراش المرض تتجلد بالصبر قليلاً .

يا إلهي !! .. اقشعر جسدها و هي تتذكر وجهه الممتقع أمام القاضي و نظراته الحارقة التي يلقيها عليها و التي أحست و كأنها تنزع عنها ثياب النقاء و الطهر و العفاف ، هو الآخر ضحية مثلها ، و لكنه الطرف الأقوى و بيده أن يقتلها لو أراد ، احتضنت نفسها عندما وصلت إلى هذه النقطة و غاصت بين ركبتيها أكثر و الخوف ينبض مع الدماء المندفعة من قلبها لينتشر في أجزاء جسدها .

تحاملت على نفسها و نهضت من مكانها تشعر بدوار شديد فلم تتناول طعاماً منذ مدة .. و كيف له أن يصل إلى جوفها و هي في هذه الحالة ؟؟ .

سارت ببطء و هي تستند بالجدار حتى بلغت باب دورة المياه ، أدارت رأسها إلى حيث حجرته خفق قلبها بعنف عندما تذكرت نظراته، أغمضت عينيها لتتساقط منهما دموع حارة ، وضعت كفها على شفتيها .. تمنع شهقاتها المتألمة ، أكملت طريقها إلى الداخل و أغلقت الباب خلفها ثم توقفت أمام المغسلة و ترددت قليلاً قبل أن تنظر إلى نفسها في المرآة .. رفعت بصرها .. و ..

: لاااااا ..

انطلقت صيحتها المخنوقة التي تلاها بكاءها الشديد ، جثت على ركبتيها و هي تصيح : آآآآه .. اش صار فيكِ يا تساهير ..اش صااااااااااااار ؟؟ .


@@@@@@@@@@@@@@





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس