عرض مشاركة واحدة
قديم 20-02-13, 12:57 PM   #30

درة الاحساء

نجم روايتي ومشرفة سابقةومصممه

 
الصورة الرمزية درة الاحساء

? العضوٌ??? » 213582
?  التسِجيلٌ » Dec 2011
? مشَارَ?اتْي » 6,499
?  نُقآطِيْ » درة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond reputeدرة الاحساء has a reputation beyond repute
افتراضي



28
انتهيتُ من إرتداء ملابسي ووقفت ارتشف قهوتي بالشرفة واستنشق الهواء العليل المُحمل برائحة الزهور العطرة ، وأتأمل زهور البنفسج التى تزخر بها الحديقة كما كانت تولان تحب..!
شعرت بضيق شديد بمجرد تذكري لتلك المرأة..، وبدأت الشعب الهوائية بصدري تنقبض وتعرقل عملية التنفس وكأنما تريد أن تمنع تلك الرائحة من التغلغل بداخلي..
فكرت أنه قد آن الأوان لكي نستبدل هذه الزهور بزهور أخري.. وقررت قراراً مفاجئ بأن أذهب للبحث عمن يعتني بالحديقة لأطلب منه أن يعمل على قطف تلك الزهور واستبدالها بزهور الياسمين مثلاً..؛ فهى بيضاء جميلة اللون..، رقيقة الشكل..، عطرها أخاذ..، والأهم من هذا أنها ستحتل مكان زهور البنفسج..، وأننى أنا من أخترتها وليست تولان..!
غادرت غرفتي بالفعل وهممت بالتوجه إلى الأسفل غير أنني قابلتُ معاذ بالردهة ، والذى ابتسم لدى رؤيتي ثم قال :
" صباح الخير.. من الجيد أنكِ أرتديتِ ثيابكِ باكراً.."

قلت :
" لم أشأ تأخيركَ عن عملكَ.."

ابتسم وقال :
" حسناً لنتناول فطورنا أولاً ثم نغادر على الفور.."

قلت بسرعة :
" لن أتناول فطوري.. أقصد أن أمي تنتظرني لنتناول جميعاً فطورنا معاً.."

هز كتفيه قائلاً :
" لا بأس.. "

وأضاف بسرعة :
" أذن فلتجلسين معي بينما أتناول فطوري لكى تفتحين شهيتي.."

ارتبكت وقلت :
" فى الحقيقة.. كنت ذاهبة للحديقة.. أقصد.. لمقابلة المسؤول عن الحديقة..؛ فإن بعض الزهور لا تروقني وأريد استبدالها بزهور أخرى.."

وأضفتُ بتردد :
"هذا لو لم يكن لديكَ أى إعتراض..؟"

لست أدري لم أسعدت جملتي معاذ بهذا القدر ..؛ فقد تهللت أساريره فرحاً وقال :
" بالطبع لا.. أنا نفسي لا أحب زهور البنفسج وكنت أريد التخلص منها منذ وقتٍ طويل لكني لم أجد الوقت لذلك.."

هل قلت أننى أريد استبدال زهور البنفسج بعينها..؟ لا أظنني فعلت ذلك..!
شعرت بالدماء تتصاعد إلى وجهي وتحاشيتُ بقدر الأمكان النظر إلى معاذ بينما أقول :
" أظن أنا يجب أن نعمل على تجهيز غرفة للصغير لحين عودته إلى المنزل.. كما يجب مرعاة أن تكون الغرفة قريبة من الجناح الخاص بنا.."

قال معقباً :
" على أى حال أفعلي ما يروق لكِ.. وإذا كانت هناك أشياء أخري تريدين تعديلها فلا ترجعي إلىّ.. إنه منزلكِ أنتِ تفعلين به ما يروقكِ.. كما أننى لا أفهم بهذه الأمور.."

توجهت إلى الحديقة وبحثت عن المسؤول عنها وطلبت منه أن يستبدل زهور البنفسج بأكملها وأننى حتى لا أريد أن ألمح واحدة منها بالحديقة.. إنه منزلي أفعل به ما يروقني.. ألم يقل معاذ هذا..؟
بعد ذلك استقلينا سيارة معاذ وتوجهنا إلى منزل عائلتي.. كنت مشتاقة كثيراً إلى أمي فلم يكد معاذ يتوقف بسيارته حتى أمتدت يدى إلى مقبض الباب لأفتحة وما كدت أغادرها حتى وجدت معاذ بدوره قد غادرها وتوجه نحوي قائلاً:
" سألقى التحية عليهم أولاً.."

ابتسمت وقلت : " طبعاً تفضل.."

وتوجهنا معاً إلى الداخل دون أن نتبادل كلمة أخري.. وكالمعتاد لقى معاذ ترحيب حار من الجميع.. خاصة أشقائي الصغار..!
لم يطل مكوثه بمنزلنا.. فقط بقى هناك لدقائق قليلة واستطاع أن يرفض دعوة أمي بالمكوث معنا لنتاول الفطور بتهذيب ثم أشار لي بأن أرافقه إلى الباب بينما جلست أمي وأنهمكت فى إعداد المائدة..
توقف معاذ عند عتبة الباب واستدار لينظر إلىّ قائلاً:
" ما رأيكِ بنزهة ليلية فى اليخت..؟ "

قلت :
" اليوم..؟! "

قال :
" بلي.. سأمر عليكِ فى السابعة.. ما رأيكِ..؟"

ابتسمت وقلت :
" وهل أرفض عرضاً كهذا..؟ "

قال :
" عظيم.. إلى اللقاء.. "

واستدار لينصرف غير أنه لم يلبث أن توقف ثانية وألتفت إلىّ قائلاً :
" أريدك أن تحضرى جميع أوراقكِ اليوم لكى يتسني لى إدخالكِ إلى الجامعة.. فلم يتبق على بدء العام الدراسي سوى أيام.."

تفاجئتُ وابتهجت فى آنٍ واحد وقلت :
" حقاً..؟ ستقوم بتقديم أوراقي إلى الجامعة..؟"

قال مازحاً :
" بلي.. على شرط أن تكوني طالبة مجتهدة.."

ثم أضاف :
" أعتني بنفسكِ جيداً.. أراكِ فى المساء.."

~ ~ ~ ~ ~

ذهبت لأصطحاب أروى فى تمام السابعة كما أتفقنا مسبقاً.. وبينما كانت تودع عائلتها كنت أتأمل ذلك المنزل المتهالك الذى قضت أروى طفولتها به والتى لم أتخيل يوماً أن ثمة أشخاص يتحملون العيش تحت تلك الأسقف المتشققة وبين تلك الجدران المتصدعة..
تذكرت أول مرة دخلت فيها إلى هذا المنزل.. لكم شعرت بالعطف الشديد على تلك العائلة الفقيرة وذلك الرجل الذى تم سجنه بسبب مبغ تافه كهذا..!
قاطعت أرو أفكاري حينما ألتفت إلىّ وقالت :
" هيا بنا.."

قررنا أن نحضر طعاماً جاهز من إحدي المطاعم ثم نذهب لنتناوله باليخت..
وللمرة الثانية أكون وحدي مع أروى فى عرض البحر.. لا يرافقنا سوى أحلامنا.. ولا يقطع الصمت المخيم علينا سوى أمواج البحر المتلاطمة..
كانت أروى تبدو سعيدة للغاية..؛ لأول مرّة أراها مبتهجة هكذا..
وكم أسعدني هذا..!

قالت أروى بعدما انتهينا من تناول الغداء :
" أحضرت أوراقي كاملة.."

قلت :
" عظيم.. غداً سأبعث بمن يقدم أوراقكِ إلى الجامعة.."

ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها وقالت :
" أريد أن أقوم بدراسة القانون.. "

قلت :
" أذن.. لكِ ما تشائين.. فقط أشيري بأصبعكِ لكل ما تشتهيه وأنا علىّ التنفيذ.."

اتسعت ابتسامتها أكثر.. تلك الابتسامة التى طالما تمنيتُ أن أراها ترتسم على شفتيها.. والتي عاهدت الله يوم زواجنا ألا أجعلها تفارق شتفيها قط..!
قالت بخجل :
" لا أدري ماذا أقول لكَ..؟ فكل الكلمات لن تكفي لشكرك.. لقد حققت لي حلم عمري.. حقاً أنا ممتنة لكَ.."

أثلجت صدري كلماتها وبعثت السرور إلى نفسي ، قلت :
" لا داعي لقول أى شئ.. إننى لم أفعل شئ يذكر.."

قالت أروى بإصرار :
" بل فعلت الكثير من أجلي.. فى الوقت الذى كنت أسئ معاملتكَ به كنت تعمل جاهداً لتسعدني.."

وصمتت لبرهة بدت خلالها مترددة مشتتة ، وراحت نظراتها ترتفع إلى وجهي تارة وتارة أخرى تنخفض إلى مستوي البحر..
وأخيراً قالت :
" كان الخطأ من البداية.. أقصد فى الطريقة التى تعرفنا بها.. "

وأضافت بتشتت فكر :
" لو كنا ألتقينا فى وقتٍ أخر.. وفى مكان مختلف.. أعتقد أن الأمور كانت ستختلف كلياً.."

وصمتت لبرهة أخري ثم أضافت بصوت هامس بالكاد ألتقطه أذنىّ :
" فقط لو لم ترغمني على الزواج منكَ.. لو كنت طلبتها بشكل مختلف.."

~ ~ ~ ~ ~

أدركني الندم حينما تلاشت ابتسامة معاذ وحل محلها استياء شديد..
أى هراء هذا الذى أتفوه به الأن..؟ ما الذى دفعني لأفسد تلك اللحظات الجميلة التى نقضيها معاً.. كم أنا غبية..!
أطرقت برأسي أرضاً وقلت معتذرة :
" أنا حقاً أسفة.. أرجوك أنسى ما قلته لتوي.."

رفعت نظراتي إليه فوجدته ينظر إلى وجهي بجدية.. وقال :
" أروى.."

ومن نبرة صوته شعرت بأهمية ما سيقوله.. وانتبهت حواسي كلها..
قال بعد برهة صمت قصيرة :
" يوم جئتُ إلى منزلكِ وعرضتُ عليكِ الزواج.. أو أرغمتكِ على الزواج كما تقولين.. لم يكن لدي خيار أخر.. كنت واثق أنِ سترفضينني لذا قلت لكِ هذا لكى تقبلين الزواج مني.. "

هتفت لا شعورياً :
" ولماذا أنا بالذات..؟ لقد قلت لي ذات يوم أن آلاف الفتيات تحلمن بالزواج منكَ وأنا واثقة من هذا بالطبع.. فلماذا لم تتزوج ميار مثلاً.. أو تعود لتولان.. أو تتزوج أى فتاة أخري..؟ "

قال معاذ مباشرة :
" كان بأمكاني لكني لم أريد الزواج بأى فتاة.. "

هنا.. توقف قلبي تماماً وكذلك توقفت عينىّ وأمتزجت نظراتي بنظراته ولم أقدر على الأشاحة عنه..
قال بصوت كالهمس :
" الفتاة الوحيدة بهذا العالم التى أردتها زوجة لي.. كانت على وشك الزواج من شخص أخر يوم قابلتها لأول مرة.. "

لم يتوقف قلبي فقط بعد جملته.. لقد توقفت حواسي كلها وكأن لكلامته وقع المخدر على جسدي..
شعرت كأن أطرافي قد شلت فلم أعد قادرة على تحركيها.. أما عينىّ فلاتزال تنظران إليه ولا أجد القوة لتحريكهما..

تابع معاذ حديثه :
" لأول مرّة أشعر بالعجز.. فأنا ولدت وحولي كل شئ يحلم به أى شخص.. تعودت أن أحصل على ما أريد وما لا أريد.. لن أنكر أن هذا جعلني أنانياً بعض الشئ.. أرفض الهزيمة والتخلي عما أرغب به.."

ثم أضاف بأكتئاب وضيق شديد :
" هذا من أسوأ عيوبي ولم أدرك هذا إلا الأن..؛ فقد أكتشفت مؤخراً أن تحقيقي لما أريد يدفع ثمنه شخص أخر.. ولكي لا يتحطم قلبي أنا حطمت قلبكِ أنتِ.. سامحيني أروى.. فأنا لم أكن عادلاً معكِ قط.. ولو كان بيديّ لأرجعت الزمن وأصلحتُ الأخطاء التى أرتكبتها بحقكِ.."

معاذ نظر إلىّ ينتظر ردى.. وأيضاً لم أقوى على الحديث.. حتى لساني بات عاجزاً عن النطق..!
بعدما فقد معاذ الأمل فى أن يسمع أجابتى وجدته ينتقل ليجلس بجانبي وقبل أن استوعب أى شئ وجدته يمسك بيدي ويحتضنها بين راحتيه ويقول بتردد وخوف :
" أروى.. أنا لست طامعاً فى أن تبادليني مشاعري تلك.. على الأقل فى الوقت الحالي.. ما أرجوه منكِ الأن هو أن تجيبني على سؤال واحد فقط.. وأرجوكِ أجيبيني بصدق.. ألازلتِ تشعرين بشئ نحو ذلك الشخص..؟ أقصد ذلك الذى كنتِ ستتزوجين منه..؟ "

أنطلق لساني فجأة يجيبه دون شعور :
" لا..! "

تغيرت قسمات وجهه من الخوف والتردد إلى الرحة والاطمئنان.. بل والسعادة أيضاً..!
شعرت بيديه تضغطان على كفي مما جعلني أفيق فجأة مما أنا فيه فسحبتُ يدى من يديه ولففت ذراعي حول جسدي ثم رحت أنظر إلى أى شئ وكل شئ عداه..
قال :
" هل تشعرين بالبرد..؟"

" أجل.. قليلاً.."

" هل ترغبين بالعودة أذن..؟ "

" لا..!"

وحينما نظرت إليه وجدته يبتسم ثم ينهض ويدلف إلى الكابينة ثم يعود حاملاً بطانية..
قال :
" نضع هذه باليخت للطوارئ.."

وأقترب مني ولفها حول جسدى ودثرني بها جيداً ثم جلس بجانبي..
رفعت رأسي إلى القمر الفضى الذى كان يرسل أشعته الفضية ويضئ اليخت وشردت بأفكاري بعيداً..
من كان يتخيل أن حياتي ستتبدل هكذا فى غضون أشهر قليلة..؛ من كان يتخيل أن معاذ الذى كنت أظنه سيسئ معاملتي سيكون سبباً فى إدخال البهجة لحياتي..؟
من كان يتخيل أن كرهي له سيتحول حباً..؟ وحياتي معه ستكون سعيدة هكذا..!
أذن فمن الممكن أن يبدأ المرء حياته تعيساً ثم يصبح سعيداً بعد ذلك..
الحمد لله..


درة الاحساء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس