عرض مشاركة واحدة
قديم 10-03-13, 11:15 PM   #14

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الحادي عشر

فتح جوشوا عينيه في الوقت نفسه الذي سارع الشبح المتسلل إلى خيمته بالهجوم على مفرشه، أندحرج بسرعة البرق يميناً بينما أنغرس السلاح الفضي الذي لمع في حلكة الليل بتهديد.
التقطت عيناه تفاصيل الشبح الطويل المتخفي وراء رداء أسود لا يكشف سوى عينان ضيقتان تتطايران شراً... لم يكن يحلم.. أمامه رجل ينوي تصفية حسابه.
أستعد للهجوم التالي الذي شنه الرجل بوحشية، نجح مرة ثم مرتين من تلقي السكين في بطنه أو صدره لكنه تأوه عندما شعر ببشرة ذراعه تتمزق وبسائل دافئ ينزلق على طول أصابعه.
يبدو إن رؤية الدم زادت من أصرار الرجل الذي قطع المسافة بينهما بخفة ورشاقة لينهي أمره مرة واحدة، تمكن جوشوا من أفشال خططه الشرس ووجه قبضته الحديدية إلى وجهه الملثم مما أفقده توازنه وسقط أرضاً، دون أن ينتظر ثانية واحدة التقط ذراع خشبي بالقرب من المدفأة وهوى به بكل قوة نحو الرجل الذي تمكن من تفادي الضربات بمهارة، ترددت حول الخيمة بضع أصوات وأدرك جوشوا بأنه لم يعد بمفرده، أهالي القبيلة فقهوا لما يحدث في خيمته، زمجر الرجل بوحشية وحاول القضاء عليه في آخر محاولة تفاداها جوشوا بنجاح ووجه ركلة مؤلمة لما بين ساقيه مما جعله يتأوه بألم ويفر هارباً قبل وصول أحد.
وضع جوشوا يده على ذراعه المصاب وهو في حالة ذهول تام، لولا الألم الرهيب في ذراعه لما صدق إنه تصارع بشكل مميت مع أحدهم اللحظة.
"جوشوا..." التعبير المرتعب على وجه 'هاكان' الذي اقتحم الخيمة مع ثلاث رجال هنود أخرين أكد له بأن ما يعيشه ليس كابوساً بل حقيقة. "هل آذاك؟؟"
هز رأسه بالنفي بينما تبادل الرجال بضع كلمات بلغتهم الأم قبل أن يخرج أثنين منهم من الخيمة ويبقى 'هاكان' و'شيلان' الذي تقدم من جرحه ليتفقده بعين خبير بينما قال هاكان:
"أتمنى أن يعثر على السافل بقية الرجال الذين لحقوا بأثره..."
"آآآآآه..." تأوه جوشوا من بين أسنانه عندما ضغط شيلان على الجرح لإيقاف النزيف...
"تحتاج لخياطة" علق شيلان وهو يقف من مكانه بينما فتح باب الخيمة مرة ثانية وظهرت الجدة 'سورا' ونرفيلي التي أسرعت نحوه بعينين متسعتين من الجزع والرعب.
"رباه من كان ذاك الغريب؟؟" مسدت على وجه جوشوا الشاحب وهي تجثو بالقرب من مفرشه "هل أصابك بسوء؟"
" يبدو إن عدوي المجهول دفع مكافئة أكبر من والدي كي يصل لي قاتل مأجور ويحاول التخلص مني..."
"أو ربما عدوك المجهول هو نفسه من أتى ليقضي عليك..." علقت الجدة سورا وهي تجلس بالقرب منه وتتطلع إلى عينيه بصرامة "إنه هو 'شااتيما'(الزائر)..."
لا إرادياً شعر جوشوا برجفة أثلجت الدم في شرايينه، هل تواجه حقاً قبل قليل مع الرجل الذي أسقط الطائرة وتسبب بفقدان سبع سنوات من ذاكرته؟؟
"يجب ان نأخذك إلى الكونت ديكاتريس... يملك جيش من الأمن وسيصعب على القاتل الوصول إليك هناك..." تدخل هاكان بهدوء مما دفع الجدة سورا إلى التقطيب والغرق في التفكير، شدت يد نيرفلي على وجهه برقة لتثير انتباهه، التقت نظراتهما وابتسمت إليه مشجعة:
"يجب أن تذهب أنت إلى والدك جوشوا... تجرؤ القاتل على مفاجئتك في سريرك في منتصف الليل دليل على خوفه من وصول الكونت إليك... أفعل هذا لأجل زوجتك وطفليك..."
"فقدت سبع سنوات من ذاكرتي نيرفلي... أخبريني كيف سأحمي عائلتي ونفسي من هذا التهديد الذي لحق بي إلى هنا؟؟" علق جوشوا ببرود، عاد شيلان بمعداته الطبية وتركت له نيرفلي مكانها ليبدأ بسد الجرح وتطهيره.
"ثق بحدسك 'شااتيما' (الزائر)..." نصحته سورا بصرامة "فأنت... إنسان محظوظ في النهاية وهناك... طاقات غنية حولك فأستغلها ولا تنسى... العقبان... يملكون بعد نظر أكثر من غيرهم... أنت رجل شديد الذكاء ومقدس الدماء... الرياح معك فأقرأ رسائل همهماتها وفك ألغازها فلن تخذلك..."
"سيكون كل شيء على ما يرام..." قال هاكان بعد أن ابتعدت العجوز سورا وغادرت الخيمة تردد كلمات مبهمة دفعت وده نيرفلي للتشنج.
"ما الذي قالته سورا؟" سأل جوشوا مقطب الجبين "لما يلف كلامها كل هذا الغموض؟ أنا لا أفك ألغاز الرياح..."
"فقط كن حذراً" قالت نيرفلي بابتسامة مطمئنة "سوف أكون معك أيضاً خلال لقائك بالكونت لأطمئن عليك"
"لا أظنها فكرة جيدة..." تدخل هاكان وهو يواجه شقيقته التي تصلب وجهها ورمقته ببرود:
"لما لا؟؟ جوشوا صديقي وأريد أن أرافقه إلى العاصمة..."
تحول الكلام إلى الهندية مما أزعج جوشوا الذي كان يتمزق بين آلم خياطة ذراعه والكلمات الخشنة والخالية من الرقة التي يوجهها هاكان لشقيقته.
"هذا يكفي" قاطعهما بحدة وهو يغادر مكانه ليتطلع مباشرة في عيني الهندي الذي أكفهر وجهه وتصلبت نظراته البندقية بقسوة "سوف تأتي معنا نيرفلي... سوف أسعد بتقديمها لعائلتي كالمرأة التي أعتنت بي خلال غيبوبتي الطويلة... بالنسبة لما تفكر به 'هاكان' فلا تقلق... سوينا الأمر"
"لا شيء بيننا ولم تجمعنا سوى صداقة طاهرة..." قالت نيرفلي وهي تهز رأسها بتحد "... سبق وحذرتني 'سورا' بأن رابط مقدس يجمع جوشوا بامرأة بيضاء، لم أتفاجئ أمس عندما أخبرني كل شيء ولم يتحطم قلبي... أريد فحسب أن يعود سالماً إليها وإلى طفليه فلا تمزج الأمور 'هاكان' وتوقف عن معاملتي كطفلة..."
تركت الخيمة كالعاصفة وجوشوا مجدداً بين يدي شيلان... شعور بالراحة يغمره، على الأقل... سيبقى صديقها المقرب كما آلف منذ أشهر.
عادت سورا بعد قليل وقد أضافت عقد عظام الضباء على صدرها وسطل فيه سائل يشبه الدم ثم بدأت برش الخيمة بالسائل الأحمر بواسطة عصى من قصب ثم ارتفع صوتها الحاد بكلمات حادة آمرة ومترجية أحياناً تدور على كل الأركان قبل أن ترشه هو نفسه بالسائل، نظر إلى هاكان وقد تسلل الاشمئزاز إلى وجهه يحاول إبعاد الدم عنه:
"ما الذي تفعله جدتك؟؟"
"تقوم بتطهيرك وتطهير المكان وطرد الشر..." رد هذا الأخير وهو يتابع حركات جدته الهائجة تقريباً "أتمنى أن تفلح الدماء بإنقاذ جلدتك من الهلاك إيها الزائر..."
* * * * *
تقلبت ديامانتي في الفراش وأدركت فوراً بأنها بمفردها بين الشراشف المجعدة، فتحت عينيها ببطء ثم استوت في وضعتيها واستندت على كوعيها لتصطدم بالشبح الجالس على المقعد أمام سريرها.
الخطوط الشاحبة للفجر تسللت من الشرفة المفتوحة وسقطت على شعره المشعث الحالك السواد وصدره المرمري المكشوف، نظراته الغامضة تهاجمها بشراسة دون أن تنبس شفاهه المزمومة بكلمة.
تسللت يدها بحذر نحو الشراشف وسحبتها إلى صدرها، حركة لم تغب عن الرجل الذي يسجنها بنظرات مشتعلة شرسة.
"نادمة؟" السؤال كان بارداً، خالياً من أي رقة.
لفت نفسها جيداً بين الأغطية لتتمكن من الجلوس بحرية ومواجهة هذا الرجل الذي أحبها قبل ساعات بطريقة خيالية ويواجهها الآن وكأنها ألد أعدائه، لم تضع في رأسها بسحبها الأغطية الكشف على الدليل الوحيد الذي يشير على عذريتها الضائعة، أنسحب الدم من وجهها وحاولت بسرعة إعادة الشراشف مكانها.
"ما الأمر ديامانتي؟؟ هل تحسبينني رجلاً غبياً ويسهل خداعه؟؟" سمعته يبصق بكلماته، تطلعت نحوه بعصبية بينما يغادر مقعده بحركة جافة ويدنو منها ببطء مرعب.. "السؤال هو... لماذا؟؟ لماذا أنا؟؟"
غصة مؤلمة في حلقها منعتها من الكلام، لغبائها ظنت بأنه لم ينتبه للأمر بينما تجاهد لكبت آلامها في صدرها، تحجرت الدموع داخل مقلتيها لكنها لم تجبه، هي نفسها كانت ضائعة وتحتاج الجواب عن هذا السؤال الملح في رأسها، لماذا نيوس؟ دراكو فعل كل شيء كي يتمكن من الحصول عليها، حتى إنه لم يتردد بوضع خاتم عائلته العريقة في أصبعها ورغم ذلك... لم يفلح بما نجح به نيوس بمجرد التسلل ليلاً إلى غرفتها... تشعر بالعار من نفسها، إذا قارنت نفسها بحالة نيوس ليلة أمس فقد كانت أشد ثمالة منه... شربت الكثير من الشمبانيا ترفض التفكير بردة فعل دراكو عندما يعثر عليها ويطلب هديته الثمينة... التي من حقه بالتأكيد... إنه زوجها بحق الله ...
"سوف أتزوج بعد ثلاثة اسابيع..." قال من بين أسنانه بقسوة "هل تخليت لي وببساطة عما يأمله كل رجل بشدة وبدون شروط؟؟ ماهي خططك أجيبيني "
"توقف نيوس..." توسلته ديامانتي، صوت ضميرها المعذب أكثر إيلام من كلماته القاسية... تريد الموت في هذه اللحظة "أنت من أتى إلى غرفتي لا تنسى هذا بينما تهاجمني وكأنني المسؤولة الوحيدة عما حدث"
"كان يكفي الإشارة إلى هذا كي أختفي من محيطك..." أشار إلى الأثر الباهت في السرير ثم أمسك فجأة بذراعها وهزها بعنف إلى أن تأوهت من شدة الألم كان غاضب مثل الشيطان مطلقاً لم يرعبها رجل كما يفعل نيوس الآن"أحذرك ديامانتي... إن تعمدتِ الإيقاع بي في سبيل الحصول على أي شيء مني فأنتِ مخطئة... سوف أتزوج ليز ولن أغير خططي من أجلكِ مطلقاً..."
"من يجبرك على تغيير خططك 'دون ليونيداس' " انتزعت ذراعها من يده ودفعته عنها بعنف، كانت تتحرق لتجرحه كما يجرحها، كيف يفكر بأنها تعمدت إغرائه لأهداف غير شريفة؟؟ كانت تموت رغبة لتخبره بأنها الأميرة ديامانتي دراكو فالكوني، وبأن تغيير خطط زواجه من ليز لا يهمها "أخرج فوراً من غرفتي ولا تعود مطلقاً..."
من خلال دموعها رأته يلتقط قميصه ويخفي عرض عضلات صدره الرائعة خلف القماش المجعد وكأنه أذعن لطلبها، أشاحت بوجهها بعيداً تثبت الخطوط الأولى للشمس في السماء دون أن تراها حقاً... رباه... ما الذي فعلته بنفسها؟
"استديري..." سمعته يقول بصوت أجوف "أطيعيني فوراً"
"أرحل..." تمتمت من خلال أسنانها دون القدرة على التطلع نحوه.
فجأة إنهالت عليها قوة ساحقة أجبرتها على التمدد مجدداً فوق السرير، قبضة حديدية أطبقت على معصمي يديها وثبتتهما فوق رأسها، بالكاد تلتقط أنفاسها تحت ضغط الجسد الرجولي المشدود والذي يسحق صدرها، اختلطت أنفاسهما الثائرة، بدا وجه نيوس مشدوداً من شدة السخط بينما مقاومتها تضعف بسبب فارق الوزن والقوة بينهما.
"أنت تخنقني..." همست بصعوبة من تحته.
"هذا بالفعل ما أتمنى فعله..." رد عليها بصوت جليدي قبل أن يقرب شفاهه منها، أدرات وجهها إلى اليمين لتسقط قبلته على وجنتها المبللة بالدموع.
"أتركني..."
"لا أترك امرأة إلا وهي شديدة الرضى 'أغابامو'..." بحركة خالية من الرقة أبعد الشراشف التي تختبئ خلفها، شهقت بعنف وتخبطت بقوة عندما شعرت بيده عليها، مقاومتها نجحت بدفعه لحدود الغضب، شعرت بطريقته في لمسها بنوع من العقاب أو الانتقام، كان يقتص منها بأبشع الطرق وقبلاته القاسية لا تشبه عاطفته قبل ساعات، لا تريد تكرار التجربة، يكفيها ما تشعره من اشمئزاز نحو نفسها.
"كلا..." صرخت بقوة وهي تقاتله بشراسة، غرزت أظافرها في ساعده لكنه بدا بعيداً جداً عن التأثر بها، سحقها بثقله مجدداً هذه المرة بملابس أقل، أحست بجسدها يخونها رويداً، انسالت دموعها وشهقت من الألم بينما أصابعه تشد شعرها بعنف كي يثبتها مكانها..."أرجوك نيوس... أنت تؤلمني"
"أنتِ آلمتني أولاً..." قذف بصوت جهنمي في إذنها، شعرت بأنفاسه الثائرة تحرق بشرة وجهها بشراسة، توسلت وتقاتلت وخدشته بأظافرها لكن الوحش الضاري فوقها لم يتركها إلا بعد أن أضعف مقاومتها وحصل عليها بكل رضى امرأة متلهفة للغرام.
تكورت مكانها كالجنين تخنق عبراتها في الوسادة بينما عاود ارتداء ملابسه بكل هدوء وكأنه لم يتصرف كحيوان حقيقي قبل بضع دقائق.
"سوف أراك في المساء 'كارا'... أتمنى أن تكوني أكثر تجاوباً وتعاوناً"
"أذهب إلى الجحيم..." صرخت به من خلال شهقاتها وهي ترمقه بكراهية وحقد، كيف أستطاعت أن تميل لهذا الشيطان الذي تبرق عيناه في هذه اللحظة بكل انتصار؟؟ لقد اغتصبها تقريباً قبل قليل ويتمنى حقاً أن تسامحه يوماً على هذا؟
هز حاجبيه الكثين وقال بصوت معسول:
"يا لهذه الطريقة الفظة في الكلام من امرأة منحتني عذريتها قبل ساعات..." ثم لمعت عيناه ببريق حديدي وهو يزرر قميصه بأصابع ثابتة "بما إنكِ لا تتوقعين وعوداً بالحب والارتباط ولا تنتظرين أن أغير خططي بشأن زواجي القريب... يسعدني أن تظلي عشيقتي... فعلى هذا المنوال منحتني نفسك هل أنا مخطئ؟؟... ليز متفهمة جداً، لن تزعج علاقتنا أو تتدخل بها"
"أنت رجل كريه نيوس..."
"أحذري لسانك اللذيذ 'كارا' أكره النساء المتجردات من اللباقة... إن عاودتي الكرة فسأسعد بتعليمك بعض المبادئ في الأداب... طريقتي لن تعجبك فأنا معلم إستثنائي"
التهديد نجح بإخراسها وانكمشت أكثر في مكانها عندما شعرت به يجلس على حافة السرير وينحني على كتفها البارز من خلال الأغطية التي تتشبث بها وكأنها طوق نجاتها ويقبله بكل رقة..
"لا أنكر بأن لي ضعف وشهية غريبة نحوك منذ أن سقطت عيناي عليك في التوسكانا... فأنت امرأة فاتنة وبالتأكيد لا يدهشك هذا النوع من ردود الأفعال الذكورية؟"
لامس خصلات شعرها الذهبية الناعمة رغم محاولتها الابتعاد وغرس رأسها أكثر تحت الأغطية...
"آسف ديامانتي... لن أترككِ لغيري بعد أن عرفت بأنني الأول في حياتك..."
كلماته نجحت بإخراج مخالبها تمتمت بكراهية:
"ما الذي تنوي فعله مع زوجتك في هذه الحالة؟"
"الأحتفاظ بكلتيكما..."
"حتى إنك لا تحبها..."
"ولا أحبكِ بالمقابل..." رد نيوس بنعومة وهو يغرس أنفه بين خصلات شعرها الذهبي، قبلها قبلة طويلة قبل أن يستنشق عبيرها المغري ويتلذذ به "إنه الظمأ والجوع 'كارا' وأنوي أشباع نفسي بكِ... أعدكِ أن تحبي خططي عندما تأخذين قسطاً جيداً من النوم ويتحسن مزاجكِ... أنت شريكة فراش رائعة عزيزتي"
أنسالت دموع حارة على وجهها بينما تبتعد خطواته نحو الباب وما هي إلا ثوانٍ حتى تردد الصوت الخافت لإنغلاقه وشعرت بأثر الهجران والأسى عليها.
* * * * *
"كيف حالها؟؟"
رغم المسافة بينهما يستطيع إدواردو رؤية وجه المريضة بوضوح، كانت تجلس في نفس الأريكة تحت شجرة اللوز ككل مرة يزور فيها المصح الخاص جداً والمكلف في حدود 'سانت غالن' السويسرية، أشد المصحات النفسية سرية وكفاءة.
"بالتأكيد أفضل بكثير من السابق..." سمع الطبيب الخاص يقول وراء ظهره تتخلل كلماته رضا كبير "بدأت بالكلام والتجاوب مع الممرضات... حتى إنها ابتسمت أمس على دعابة قلتها... إنها مؤهلة للشفاء التام لكننا بحاجة لبعض الوقت، لا تفارق دميتها وترفض التخلي عن حذرها..."
ترك إدواردو عينيه تنزلق مجدداً حول الجسم الذي فقد هزوله وامتلأ صحة وعافية، لم تعد تشبه شيئاً الفتاة المثيرة للشفقة التي وجدها مرمية في ذلك المشفى الحقير قبل أشهر.
عندما ثبت بأن جثة لينيتا دا ماتا مفقودة بدأت شرطة البرازيل بالتحرك فوراً لفك اللغز بينما أحتفظ هو بمعلوماته لنفسه، لا يريد أن ينتشر خبر مماثل عن عائلته في الصحف الصفراء، مارك أنطونيو كان ليفقد عقله إن أدرك بأن أم ولديه لم يمس جسدها يوماً الصندوق الذي استلمه قبل سنوات من مستشفى لندن ودفنه في ريودي جينيرو.
وجد الطبيب في انتظاره عندما طار فوراً إلى أوكرانيا وإلى المصح الذي تتواجد فيه الغريبة ليندا، عندما دخل غرفتها ورآها بعينيه المتعبتين اللتين لم يغمضهما طيلة أسبوع أدرك بأن الصورة لم تعطي حقها للفتاة التي تكمشت في مكانها وأعتلى وجهها الرعب والخوف، كانت هزيلة ومثيرة للشفقة بعظامها البارزة خلف الطبقة الرقيقة لملابسها الرثة، لكن عندما هزت نحوه عيناها الرماديتين الغارقتين في دموع تائهة نطق بلا تفكير:
"لينيتا..."
الفتاة تصلبت لثانية وبعد ذلك أصابتها نوبة عصبية أفقدتها الوعي، أخبره الطبيب بأنها تتعرض لهذا النوع من الأزمات وليس لحضوره أي علاقة... بلا تردد فعل اللازم وتم نقل ليندا أو لينيتا إلى سويسرا بسرية تامة.
كما توقع التحليل الذي قام به ليبعد أي شك من قرابة المرأة لحفيديه كان إيجابياً بـ99.99 في المئة... كنته حية ترزق... لكنها مجنونة لسوء حظ الجميع.
للآن لم يخبر كاثرين ولا مارك أنطونيو لأنه متأكد من عاطفة مارك نحوها وأيضاً استخدامه قلبه بدل عقله عندما يتعلق الأمر بلينيتا دا ماتا... لم يفكر مرتين قبل أن يجلبها إلى بيته ويظهرها إلى المجتمع.
لا يناسب الجميع ظهورها الآن في عائلته، سوف ينتظر إلى إن تشفى... طفليها بحاجة لأم عاقلة وليس مجنونة... عموماً أستعمل أشد دور التحريات الامريكية البريطانية كفاءة لفك لغز وغموض ما حدث خلال السنوات الماضية إلى الآن... يقسم أن يعاقب بشدة من دمر لينيتا دا ماتا ومعها مارك أنطونيو وسرق ست سنوات من عمر حفيديه الغاليين رالف وجو ليكونا مع والدتهما كباقي الأطفال في عمرهما.
"هل أستطيع التكلم معها؟؟" عاد إدواردو إلى الحاضر وابتعد عن شرفة المكتب الطبي المطلة على الحديقة التي تفرق فيها بضع مرضى آخرين مرفوقين بممرضين و أطباء... "عندما كلمتها في أوكرانيا أصابتها أزمة عصبية..."
"قلت تلك الأزمات دون ريتشي... إذا كنت تشعر بنفسك مستعداً للتكلم معها...؟؟"
هز إدواردو رأسه بالموافقة ودون أن ينتظر لحظة أخرى أخذ المصعد المؤدي إلى الطابق السفلي ثم الحديقة.
سقطت عيناها الرماديتين عليه ما إن أصبح على بعد نصف خطوة منها، مرت سحابة من الأنفعالات الغنية في العينين الواسعتين لكنها على الأقل لم تدخل في نوبة، كما قال الطبيب يبدو بأنها بدأت بالتجاوب مع العلاج وتغيرت تماماً عن المرة الأولى التي تم فيها اللقاء بينهما في ذلك المصح السيء.
جلس على مقعد فارغ غير بعيد عنها، لم يبتعد عنها بعينيه ولا بدراسة وجهها الجميل الذي أستعاد إشراقته تماماً كما كان عليه الحال عندما جلبها مارك أنطونيو للمرة الأولى إلى المنزل... يتأبط ذراعها بفخر.
لا ينكر بأنه أنجذب إليها وذكرته بكاثرين في العمر ذاته، حتى إن هذا الشبه في الأصول والبشرة والشعر ما دفعه للتساؤل إذا كان حب مارك لكاثرين وتعلقه الشديد بها ما دفعه لأختيار شبيهتها دون غيرها... لكن ما حدث بعد ذلك دفعه تلقائياً للتحفظ، علاقتها بإمانويلا كسرت الثقة والأعجاب اللذين حملهما لها... وعدم سقوط مارك بين ذراعي توأم حبيبته جعله يعيد التفكير بشأن تعلقه بالشبه فحسب... مارك أحب لينيتا بصدق.
تصرف فحسب كباقي الأباء وأرباب الأسر الذين يخشون على عائلتهم ومصير أطفالهم، ربما مارك كان غارقاً في حبها لكنه لم يجرؤ على الزواج بها كما توقع... كان مريضاً من الماضي وخائفاً من المستقبل .. وهذا بالتأكيد أراحه وأدرك بأن علاقتهما سوف تنتهي ذات يوم لا محالة وإن عليه الصبر فحسب...
لم يتوقع أن تنتهي علاقتهما بمآساة ولا أن تترك خلفها طفلين يتيمين... أنزعج مجدداً بسبب غموض كل هذه اللعبة الدنيئة التي دامت لسنوات وقلبت حياة عائلته بأكملها رأساً على عقب... يقسم أن يصل إلى الحقيقة ويعاقب الجاني.
"مرحباً" تسلل صوت لينيتا كالموسيقى إلى رأسه، رغماً عنه شعر بعينيه تحرقانه بشدة، يعرف بأن مارك من عليه التواجد في هذه اللحظة هنا، والله وحده يدرك كم يكلفه إخفاء الأمر عنه من جهد.
"مرحباً..." رد إدواردو بهدوء مخفياً إنفعالاته، تجولت عيناه على ملامح وجهها الهادئة ثم إلى الدمية التي تعصرها بشدة بين أصابعها..."ما هذا؟؟... طفل؟؟"
لدهشته رمقته بسخرية وارتسمت ابتسامة تسلية على فمها.
"هل تراه طفلاً أنت؟؟"
سؤال وجيه، فكر إدواردو بعصبية وهو يستدير حوله يستنجد بالطبيب، ما هذا المأزق؟؟ هل كان مضطراً للإشارة إلى الدمية التي لم تفارقها لحظة؟؟
"وأنت؟؟" نجح بترك الكرة في ملعبها، عكس ما توقع تجاهلت سؤاله تماماً وركزت فحسب على وجهه تدرسه بشدة.
"أنت تشبهه..." سمعها تقول بخفت، تقطيبة عميقة حفرت جبينها.
"أشبه من؟؟" سألها بحذر.
أشاحت برأسها بعيداً، الشمس أنعكست على لون شعرها الحالك السواد، عكس حالته المزرية في مصحة أوكرانيا، كان نظيفاً، مسترسلاً على كتفيها وبراقاً، كانت تتلقى عناية فائقة في المكان ترتدي إحدى الفساتين الصيفية التي أقتناها شخصياً مع إحدى الممرضات، راقب نظراتها تغيب للحظات عن الواقع قبل أن تستطرد:
"الرجل في مخيلتي..." ثم عادت تحوي وجهه ببعض الحنين "أنت تشبهه..."
"هل ترغبين برؤيته؟؟" سألها بلطف.
لم ترد بسرعة، غرقت في أفكارها للحظات أصابعها تدعك ببعض العصبية ثوب الدمية، عندما عادت للنظر إليه كانت عيناها غارقتين في حزن دفع قلبه للاعتصار في صدره، مرة أخرى أقسم أن يدفع الثمن من تسبب لها بكل هذه المعاناة.
"أخبروني بأنه ميت..."
"من؟" سألها إدواردو بإصرار، غضبه وحنقه يزداد فوراناً في شرايينه.
"لا أدري..." تمتمت بغصة "لا أذكر.."
"لا بأس عزيزتي..." حاول أخذ يدها لكنها رفضت مواساته، أعاد يده إليها ثم سألها بنفس اللطف متجاوزاً إخافتها أو إرعابها "ذلك الرجل في مخيلتك... هل تذكرين اسمه؟"
هزت رأسها بالنفي، عادت تعصر مجدداً الدمية بين يديها، ثم هزت نحوه وجهها وابتسمت بحزن:
"إنها مجرد دمية... أعرف بأنها ليست حقيقية... لكنني تعلقت بها، كانت رفيقتي منذ مدة طويلة" فجأة أشرق وجهها وعادت ترمقه ببعض النصر "مارك... اسمه مارك أنطونيو..."
هوى قلب إدواردو بين ضلوع صدره، عندما أتى بها إلى هنا كانت حالتها يائسة وصدمتها النفسية قوية، مطلقاً ولو في أحلامه الأشد إستحالة كان ليصدق شفائها لاسيما بهذه السرعة.
"أنتِ محقة..." هنئها بلطف "هل ترغبين برؤيته لينيتا؟؟"
"اسمي ليندا..." صححت له بثقة.
رباه... هل تتذكر اسم مارك وتنسى اسمها؟؟
"حسناً ليندا... هل ترغبين برؤية الرجل في مخيلتك؟؟"
"أخبروني بأنه لن يعود..." قالت وكأنها تكلم نفسها، رويداً ارتفعت يدها نحو عنقها ومسدته مرة ومرتين قبل أن تبدأ حركاتها بالخروج عن المعقول، غادر إدواردو مقعده ليشير إلى الممرضة التي توجهت نحوهما بسرعة، عندما وصلت هذه الأخيرة كانت لينيتا غارقة في الدموع تدور في حلقة من الكلمات الغير مفهومة.
"لا بأس عزيزتي..." سمع الممرضة تقول برقة وتتأبط ذراعها كي تأخذها إلى غرفتها، راقبهما إدواردو بغصة يبتعدان نحو البناية البيضاء، ذراع الممرضة حول خصر لينيتا التي كانت تهتز من الارتجاف وكأنها ورقة في مهب الريح.
* * * * *
متى سيتخلص من هذه الانفعالات الغبية التي طال أمدها وأبت تحريره كلياً من جحيم حب فرجينيا ديكاتريس؟ تساءل أندريس ببعض الحقد الممتزج بالتعب والملل، التعب من المقاومة والحرب طيلة سنوات ليعيش حياة طبيعية بعيداً عن التفكير بهذه المرأة التي لم تغير السنوات من جمالها شيء ولا من حدة مزاجها المتمرد والشيطاني، ويشعر بالملل من هذه المقاومة الخاسرة... فقط لو لم تقتحم حياته في الماضي... فقط لو لم يُلعن بها إلى آخر أيام حياته.
"ما الذي تصنعينه هنا فرجينيا؟" سألها بإرهاق وتعب، لم ينم الليلة الماضية ولا التي قبلها، كان مدمر الفؤاد والروح كلياً... إذا ثبت بأن الرجل الضيف في قبيلة "التاكا" ليس جوشوا... سوف يموت بالتأكيد.
"اتيت لأمنحك دعمي..." أمام تصلب وجهه هزت رأسها الجميل ولمعت عيناها الزرقاوين بتحدٍ "آنجلا وطفليها أيضاً..."
كانت الساعة تشير إلى السادسة بتوقيت الألسكا، فرجينيا أتت من المطار رأساً إلى الفندق الذي يقيمون فيه منذ أشهر عديدة.
"زوجكِ من يحتاج للدعم دونا ريتشي..."
"زوجي السابق تقصد..." اقطب أندريس وانتبه للمرة الاولى للتعب البادِ على قسماتها الرائعة "أنتهى كابوسه وشفي تماماً... لن تتأخر المحكمة بالنطق بالطلاق... لا تتعمد مناداتي بــ'دونا ريتشي' لأنني عدت مجدداً فرجينيا ديكاتريس شئت أم أبيت..."
"طالما تمنيت لو تحتفظي باسم ديكاتريس إلى الأبد فرجينيا... لا أحد أجبرك على تركه.."
"أنت دفعتني لتركه ذلك المساء في فلورانس..." صمتت بسرعة وشحب وجهها بينما ضاقت عينيها وتراجعت في مكانها هامسة "لا أريد أن نتشاجر... أين هي آنجلا؟"
"برأيك أين يمكنها أن تكون في السادسة صباحاً غير سريرها..." رد عليها ببرود وهو يستدير نحو آلة القهوة الجاهزة ويصب له فنجان...
"منذ متى توقفت عن شرب القهوة اليونانية المتبلة؟؟" لم تمنع نفسها من القول.
رأته يهز كتفيه العريضين ودون أن يستدير نحوها قال:
"منذ أن توقفتِ عن صنعها لي..."
لا إرادياً أعمت الدموع عينيها المُرهقتين، منذ أشهر لا يخرج من رأسها، كانت تعيد السيناريو آلاف المرات في رأسها، الطريقة المناسبة لإخباره بشأن فلور وأبوته.. لكنها الآن مشلولة الإرادة والعزيمة، تشعر بأنها ظلمته إلى أقسى الحدود، بأنها أنذل امرأة شهدها التاريخ.
"يا لها من فوضى..." تمتمت بتعب وأنهارت فوق أحد الارائك.
ابتسامة متهكمة وخالية من التسلية ظهرت على وجه الكونت، ابتسامة قسوة وشماتة، وكأن معاناتها ومقاساتها تريح عذابه بشكل أو بآخر، شعرت بأن عليها على الأقل شرح موقفها والحصول ولو على صداقته قبل قذف قنبلتها في وجهه، إن قام برميها بالرصاص بعد ذلك فستموت مرتاحة وسعيدة... بلعت كبريائها وهمست:
"رغم كل الألم والإساءة التي ألحقها أحدنا بالآخر... أحببتك بصدق أندريس"
أخذته كلماتها على حين غرة، آخر ما توقعه هو هذا الأعتراف الغير عادي من امرأة غير عادية، هز حاجبيه الكثين وأنطلق فجأة في ضحك عميق خالٍ من المرح. راقبته بقلب منقبض، كانت تشعر بكراهيته في كل قهقهة، حقده مرسوم بحدة في النظرات التي رماها بها بعد أن هدأت هستيرية ضحكه.
"ألا تظنين إن اعترافك تأخر قليلاً عزيزتي؟"
"أعرف..." ردت بصدق "لكنني لن أموت بسلام دون أن أخبرك بأن قلبي لم يخفق لرجل آخر غيرك... رغم نذالتك وحقارتك كونت ديكاتريس..." غادرت مقعدها عيناها تقدحان شراً وشوقاً "لم أحب غيرك..."
زم أندريس شفتيه بإشمئزاز ووضع فنجانه الفارغ مكانه بعنف..
"أعرف سبب هذه النظرات وهذه الاعترافات... إذا كنتِ بصدد الطلاق من روبيرتو ريتشي من أجلي فأنتِ تضيعين وقتكِ... لا آخذ قمامة الأخرين فرجينيا"
بعنف وجهت لوجهه الوسيم صفعة قوية ترددت في أرجاء الصالون النائم، من خلال لهاثها والغضب الأسود الذي أعمى عينيها أدركت نيته بينما تشعر بألم حارق على خدها، وضعت يدها مكان الصفعة التي أعادها إليها في نصف ثانية وامتلأت عينيها بالدموع بينما انزلقت أصابعه إلى شعرها وشدها نحوه يتمتم بندم..
"آسف... آسف حبيبتي"
ضمها إليه بقوة وتركت ذراعيها تشدانه إليها لدرجة الأختناق، تركت الحرية لدموعها وانطلقت عدة شهقات من روحها الممزقة، تمتمت بعذاب في صدره الدافئ... تركته يقودها إلى الكنبة حيث جلست قبل قليل راقبته يخطو نحو البراد الصغير ويخرج علبة صودا باردة، بعد قليل كان يضعها على وجنتها المتورمة، يجاهد بإخفاء آثار أصابعه التي تركها على بشرتها الرقيقة:
"آآآآه..."
تأوهت عندما ضغطت أصابعه أكثر على علبة الصودا، هزت عينيها المحمرتين نحوه، تأملت بالصمت الخطوط الرقيقة التي رسمتها السنوات في زاوية عينيه، إلى الخصلات الحالكة السواد التي تخللتها شعيرات بيضاء زادت من جاذبيته، كان يشع جاذبية، جميل المظهر مغرٍ و فاتن، لا يختلف كثيراً عن الشاب المرح والعابث الذي سلبها قلبها من النظرة الأولى، وكأنه شعر بنظراتها، سمحت رموشه الكثيفة لمقلتيه الخضراوين بتفحصها بدوره، أعتصر قلبها بينما تقارن هذه العينان الرائعتين بفلور... أبنتهما.
وضعت يدها على علبة الصودا لتبعدها عن وجنتها دون أن تقاطع التواصل بينهما بالنظرات، بعد تردد لامست آثار أصابعها على الوجنة الخشنة وامتلأت روحها بالشجن.
"هل تذكر عندما...عندما التقينا للمرة الأولى..؟؟"
أدار وجهه نحو يدها وقبل راحتها قبل أن يعود إلى عينيها، شبح ابتسامة في زاوية فمه.
"كنت تنتعلين حذاء أسود عالي... ضربتِ كلب الحارس على فكه لأنه كشف أمركِ بينما تتسللين خفية لتدخنين سيجارة..."
ابتسمت فرجينيا واغرورقت عينيها بالدموع..
"ليست المرة الأولى حيث التقينا"
لامس وجهها برقة وهز رأسها موافقاً.
"أعرف... لكنني سقطت في حبكِ ذلك المساء فرجينيا... بينما تتسببين بإرتجاج مخ للكلب المسكين..."
رغماً عنها ضحكت من خلال دموعها، شاركها أندريس الضحك لثوانٍ قبل أن يعود لجديته ويتفرس في وجهها...
"أريد لو نعود للوراء... كي أحبك بالطريقة الصحيحة وأوفر عليكِ المعاناة... آسف جينا، كنت معمياً بكبريائي الغبي"
التكلم عن الكبرياء ذكرها مجدداً بفلور، ليست متأكدة من ردة فعله لأن تقلبات مزاجه تحفظها عن ظهر قلب، ثم إن موضوع فلور قد يقلب الجنة إلى الجحيم وينسى لطفه الحالي لينتقم منها لما تبقى لهما من عمر.
"هل يمكنني تقبيلك؟؟" سألته بتردد.
"هل أنفصلتِ حقاً عن روبيرتو؟؟" سألها بهدوء وهو يمسح آثار الدموع من وجهها، هزت رأسها بالإيجاب وقطعت المسافة بينهما، لراحتها لم يبتعد وقبلها بحنو ذكرها باللقاءات السرية بينهما في الماضي، بينما يتسللان إلى غرف بعضهما ليلاً بعيداً عن حماية الكونتيسة الزائدة لأبنها المدلل الوحيد... الكونتيسة الذي أسعدها التخلص منها مرة إلى الأبد، أخذت قبلتهما منحنى آخر أكثر حميمية، دست أصابعها في شعره وتلذذت بهذا اللقاء الذي انتظرته طويلاً وحلمت به... لكن سعادتها الحالية مغتصبة سلفاً هي تعرف، ابتعدت عنه عندما تسللت يديه حواشي قميصها لينتزعه من بنطالها الجينز.
"أندريس لا..."
"أفتقدك جينا... مر وقت طويل حبيبتي..." طبع قبلة مستعجلة على شفاهها "أنا أحتاجكِ"
"وأنا أيضاً... لكن... هناك ما يجب أن أخبرك به"
"جينا... لقد تكلمنا وتبادلنا العذاب بكل أنواعه خلال سنوات طويلة ألا يكفي ؟؟"
اختنقت في الدموع، عاد قلبها يعتصر مجدداً بعذاب، ضميرها المثقل يكاد يفقدها رشدها، شهقت بشدة وتلعثمت في كلماتها المتسارعة التي قذفتها دون انتظار:
"أرجوك سامحني أندريس... كان يجب أن أتخلى عن كبريائي الغبي وأزحف على ركبتي أمامك وأفعل كل ما تطلبه مني..."
لم يجب، فقط احتفظ بها كما هي، باكية ومنتحبة بين ذراعيه إلى أن مرت موجة الدموع وزالت آثاره، أخذ وجهها بين يديه وتطلع إلى عينيها الحمراوين:
"هناك ما يجب أن أخبرك به..."
"لا..." وضع أصبعه على شفاهها المرتجفة وأطل الحزن من نظراته "أنتِ مرهقة حبيبتي... استريحي فقد قطعتِ مسافة طويلة بالطائرة في هذا الطقس الرديء... لاحقاً، سوف نتكلم طويلاً... أريد أن أحصل على غفرانكِ أيضاً"
مسحت أصابعه آثار الدموع على وجهها لكنها رفضت الاستسلام، إن لم ترتمي الآن في النار فلن تقدر أبداً لاسيما بمزاجه الحالي واستعداده الغريب لنسيان الماضي ككل، لا تريد أن تسقط في هذا الشرك وتنسى مهمة قدومها إلى هنا... أخذت نفساً عميقاً
"لا يوجد ما أسامحك عليه أندريس... إما فيما يخصني..." صمتت عندما أهتز صوتها أكثر مما دفع أندريس للتدخل والمسح على وجنتها و كأنه يهدئ من روع فتاة صغيرة.
"اسامحك فرجينيا... مهما كان ما ستخبرينني به..."
"حتى بالتكلم عن فلور..."
"فلور... ابنتك؟؟" سألها برقة.
انهمرت الدموع مجدداً من عينيها وتمتمت بحرقة:
"ابنتنا..."
الرقة واللطف اللذان تخللا تصرفاته وكلماته وملامح وجهه أختفيا رويداً بينما يستوعب أكثر في كلامها، اليد التي كانت بصدد مسح دموعها تجمدت لثوانٍ قبل أن تسقط إلى جانبها، الشحوب الذي تسلل إلى وجهه كان مرعباً ومخيفاً.
"أنا آسفة أندريس..."
"فلتحترقي في الجحيم مع أسفك فرجينيا..." همس بصوت منخفض عكس قوة كلماته المريعة، تقبلت الهجوم الأول ومدت يدها إلى وجهه لكنه أبتعد عنها بقسوة.
"قلت بأنك مستعد لمسامحتي..." تمتمت متوسلة بينما يهجر المقعد قربها ويخطو بوحشية فوق السجاد الوثير الذي يكسو أرض الصالون:
"أخفيتِ عني ابنتي لأربع وعشرين سنة وتنتظرين أن أمسح هذا بإشارة يد وأخذكِ بين ذراعي؟؟ أنتِ تثيرين قرفي... رباه كم تثيرين قرفي..."
تكمشت في مكانها عندما رمى بالمزهرية الأنيقة عرض الحائط وتحطمت هذه الأخيرة إلى أجزاء غير بعيد عن المكان الذي تجلس فيه، أشار لها بينما صدره يعلو وينخفض بغيظ، ملامحه السمراء تشوهت تماماً من المقت والكراهية :
"أغربي من وجهي قبل أن أقتلك فرجينيا..."
كانت بصدد الهروب فعلاً من المارد المتوحش الذي أصبح عليه الرجل المتحضر قبل ثوانٍ عندما انفتح باب الجناح وظهر رجلين مسلحين، تفقدا المكان بعين ناقضة:
"هل كل شيء على ما يرام سيدي الكونت؟ سمعنا ضجة"
"خذا هذه المرأة من هنا..." أشار نحو فرجينيا وعيناه تتطايران شراً.
"أندريس أنت لست جاداً ألا يمكننا التكلم بتحضر ولو لمرة واحدة في حياتنا؟؟" صرخت به فرجينيا بتعاسة، لكنه تجاهل توسلاتها و أتمم أوامره لحارسيه الشخصيين...
"أعملا على أن تبقى بعيدة عني بألف متر على الأقل..."
"لا تستطيع منعي من الأقتراب منك لأن آنجلا والطفلين معك..."
ضجة أخرى وحراس آخرين اقتحموا المكان، هزت فرجينيا عينيها إلى السماء... رباه... كل هذه الفوضى من أجل مزهرية مكسورة؟؟ اهتمام أندريس أنتقل لرجل آخر لم يكن يرتدي بدلات الحراس الرسمية ولا سماعة الاتصالات على إذنه، أشار أحد الحراس للزائر ذي الملامح الهندية والشعر الطويل الحالك السواد.
"يصر هذا السيد على رؤيتك..."
"لست وحدي سيدي الكونت...هناك شخص بغاية الأهمية معي وله علاقة مباشرة بالمختفي جوشوا ديكاتريس" قال الهندي بلكنة هادئة دفعت أندريس للتدخل فوراً...
"بحق الشيطان ما الذي تنتظرونه..."
تعلقت عيناه بالقامة الطويلة التي ظهرت على العتبة، يتلقى عادة زيارات من أشخاص يدعون معرفتهم بمكان أبنه، لا يتذكر عدد الناس الذين منحوه معلومات خاطئة وآمال زائفة، لكن في نظرات هذا الهندي شيء من الثقة والنبل، خمدت إنفعالاته لوهله أزاء اعترافات فرجينيا ونسي أمرها بينما يتفحص الدخيل ببعض الأصرار، لا يشعر بأنه بخير... قنبلة فرجينيا حطمت القليل من الاحتمال المتبقي لديه... فليرحمه الله... وليحمل هذا الزائر أخبار حقيقية عن جوشوا.
دفع هذا الأخير رسملة معطفه الذي يخفي فيها رأسه وظهر وجهه المختفي خلف لحية ونظارة شمسية، علقت أنفاس أندريس بينما الرجل الأبيض يزيح نظارته الشمسية ويقف على بعد خطوتين فقط منه رغم مظهره المتشرد تقريباً تعرف أندريس على المقلتين الخضراوين.
"مرحباً أيها الكونت"
ألم بحدة السيف أخترق صدره في الجانب الأيسر جعله ينطوي بجسده، يده على كتفه الأيسر وأحساس بالتخدير والضعف يزحف إليه بسرعة مريبة، شعر بأن الأوكسجين لا يصل إلى رئتيه كما يجب، بأن روحه تنتزع منه ببطء...تضببت الرؤية أمامه فجأة ونجح الألم بصبغ العالم باللون الأسود.
***
فتحت بيلا عينيها وهي تشعر وكأن قطاراً مر على جسدها، لم تكن المرة الأولى التي تعود فيها لوعييها، عندما فتحت عينيها في المرة الأولى وجدت جدتها بالقرب منها، وفي المرة الثانية الطاقم الطبي، ثم تعرفت على فاليريا وماريا وباولو، أما الآن تشعر بأن الغرفة غارقة تماماً في الصمت مما أراحها، تستطيع التمتع ببعض الخصوصية واستجواب السماء عما تفعله في الحياة؟؟ فعلت ما أستطاعت لتتحرر من هذا الجسد وهذا العذاب الذي لزمها منذ الحادثة والذي أزداد حدة بنبذ حبيبها لها... عادت تفتح عينيها ببطء عندما شعرت بحركة ناعمة قربها، استلزمها كل طاقتها لتستدير نحو النافدة حيث يقف رجل طويل القامة، خصلات شعره الذهبية تلامس ياقة قميصه المقلمة، كان يمنحها ظهره ولم ينتبه بعد لإستعادتها وعييها.
انطلق قلبها بالعدو سريعاً إلى أن هدد بالقفز خارجاً... أليكس... حبيبها أليكس آتى ليطمئن عليها.
دفعت يدها عفوياً إلى شعرها تتساءل بحرقة عن مظهرها، مسحت على وجهها تلامس الابتسامة السعيدة التي قفزت بفرح على شفتيها.
"أليكس... حبيبي"
استدار نحوها وتجمد الدم في شرايينها كما ابتسامتها والدموع داخل مقلتيها.
"آسف ألا أكون حبيبك بيلا ميا..."
بلعت ريقها بصعوبة وصمت ضربات قلبها إذنيها، عاد الضعف سريعاً إليها، أحست بالدموع تهدد بالسقوط بسبب خيبة أملها :
"دون مارك أنطونيو..." تمتمت بهمس ممزق "أنا آسفة..."
"مما تأسفين؟؟" سألها بهدوء وهو يغادر النافذة ويدنو من سريرها "علاقتكِ السرية مع اليكس..؟؟ حرق قلب جدتك المسكينة وجدك وعائلتك في استراليا بسبب محاولتكِ الغبية بالإنتحار...؟؟"
كانت شاحبة كالأموات، الهالات السوداء تحيط عينيها الفيروزيتين، ووجنتيها المتوردتين عادة بارزتين، لكن هذا لم يدفع للشفقة بها، كان غاضب جداً من تصرفها... أليكس لا يستحق أن تنهي حياتها من أجله.
أخبرهم الطبيب بأنها محظوظة لأن كمية الأدوية التي تناولتها لم تتلف كليتيها، كان شاهداً في الأيام الثلاث الماضية عن الجحيم الذي عاشته عائلتها، والدتها المسكينة أخذت أول طائره قادمة من سيدني الأسترالية نحو التوسكانا، أما والدها فقد قاد ليومين كاملين سيارته ما إن أخبرته والدته بمصاب أبنته... لن يغفر لها حماقتها.
"لا تقتــــص من جداي 'دون مارك أنطونيو'" توسلته بصوت ضعيف وبدأ ذقنها الصغير بالاهتزاز "أنا المســـــؤولة عما حــــــدث... سوف أترك التوســــكانا وأرحل إلى أستــــــراليا لن أسبب لك ولا لأليكس أي مشــــاكل أخرى..."
"أعتقدتكِ فتاة عاقله إيزابيلا..." قال مارك متجاهلاً كلامها، ثبتها بنظرات صارمة خالية من الرقة "كيف تورطتي معه بهذه السهولة؟؟"
"لا أدري..." اعترفت بغصة وانهمرت الدموع على وجنتيها الشاحبتين "ليس ذنبه ما حدث... أنا فقــــط من منح علاقــــــتنا... قيمة أكــــــبر"
"علاقتكما؟؟" هز مارك حاجبيه بعدم تصديق، هل بيلا ساذجة لهذه الدرجة؟؟ هل تصدق بأن شقيقه البلاي بوي يهتم لأمر فتاة شبه معاقة ومن عائلة فقيرة مثلها؟؟ "أليكس من النوع الذي يتجول طويلاً بين المحلات دون أن يشتري شيئاً... هل فهمتِ قصدي.؟؟؟ لا أظنه قد سمى ما حصل بينكما بـ...علاقة."
"أعرف..." همست بألم، رؤية الدموع في عينيها الجميلتين مزقا قلبه "أخبرني بأنني آخر امرأة يمكنه الارتباط بها... أشار إلى اعاقتــــي وووو... وأتهمني بالغباء... إنه محق 'دون مارك أنطونيو'... فأنا حفيدة السائس وهو..."
"سافل..." أكمل مارك بصوت أجوف، فتحت بيلا شفتيها لتعترض، أليكس ليس سافلاً... لكنه واقعي ووحدها من يتحمل ضعفها إتجاهه، تذكرت فجأة المقال الذي سحب منها آخر جهدها للتحمل، استبدلها بملكة جمال إيطاليا... برهان آخر على الفرق الشاسع بين طبقتيهما... يستطيع هو الخروج مع النجوم بينما هي تملك الاختيار بين أبن البقال والسائس المتدرب... بالتأكيد إذا تقبلا إعاقتها.
"بيلا..." تنهد مارك ووضع يده على ذقنها لتنظر مباشرة في عينيه "أنتِ أجمل وأنعم وأرق امرأة التقيتها في حياتي... سوف أخبرك سراً، كنت بالمقابل محطم القلب عندما توفيت لينيتا... ظننت بأن حياتي انتهت برحيلها، حتى أنني لم أعش حدادي بسبب الاكتئاب والغضب الذين سمما حياتي لفترة طويلة، لكنني استيقظت على حقيقة إن الحياة مستمرة ولا تتوقف بسبب قلب محطم..." ابتسم لها برقة ودفع بخصلة ناعمة بعيداً عن وجهها "تجربة حب فاشلة لا تعني نهاية العالم، فكري في جديك ووالديك... فكري في كل الأمور الإيجابية وفي كل الناس الذين يعشقونك... فكري في 'رالف' و'جو'... منذ دخولكِ إلى المستشفى وهما في حالة اكتئاب حاد..."
شهقت بيلا بذعر ولاح الألم في نظراتها الفيروزية:
"عـــــزيـــــزاي... آسفة... آسفــــــة 'دون مارك انطونيو'، لم أقصد إيذائــــهما..."
اتسعت ابتسامة مارك وشعر بأن هذه الفتاة الصغيرة المنكمشة في هذا السرير الطبي منذ ثلاثة أيام هي شمس بيته، لن يتخلى عنها مهما هددت والدتها الاسترالية بأخذها معها:
"هل تعرفين إنهما رفضا كل هدايا عيد مولدهما إلى أن أحقق رغبتهما الغالية...؟؟"
هزت بيلا حاجبيها بعدم فهم، شعر بأنه يفعل الصواب أخيراً بفتح الموضوع هنا وفي هذا الوقت... بيلا تناسب خططه بشكل كبير، طفليه يحبانها ونقاوة روحها تذكره 'بلينيتا'... إن عقدا خطبتهما فسيعلم أليكس درساً قاسياً في الأخلاق والمبادئ وسيتخلص من ضغط عائلته للزواج:
"هل تتزوجيني بيلا...؟؟"
رغم آلامها الجسدية استوت بيلا في جلستها بسرعة إلى أن اصابتها الدوخة وهي تتطلع بذهول وعدم تصديق إلى الرجل... الوسيم جداً... الفاتن جداً... والمجنون جداً جداً... سيد القصر الذي رفضت قطعاً الأعجاب به لأنه ضرب من المستحيل، وتركت نفسها تتخيله في كل أساطير الحب التي تسمعها منذ مراهقتها بينما يجلب طفليه إلى قصر الدوقية ويستقر بلا زوجة ولا عشيقة، الرجل الكامل... الكامل جداً.
"ماذا؟؟؟"
"لم يسبق لي أن طلبت هذا من امرأة..." اعترف متنهداً "أنتِ الوحيدة التي أعرض عليها هذا... لأن العرض... في الحقيقة مختلف قليلاً عن العروض العادية للزواج"
" 'دون مارك أنطونيو' لا أدري إن كان الدواء أثر سلبــــياً على ذاكرتــــي المحــــطمة أم أنني صـــــرت عاجـــــــزة عن فهم المــــــقاصد... هل حقاً طلبت يدي بينما شقيقك طردني شر طــــــردة من حياته وأدمى قلبـــــي ومعها كرامتــــي...؟؟"
"لأنه غبي، وهذه فرصة من ذهب لتدمي قلبه وكرامته بالمقابل..."
أمام ملامحها استرسل مارك بالشرح لخططه بإختصار شديد، بعد قليل تطلعت إليه بعجز ترمش بقوة وكأنها تنزل في متاهة لا بداية ولا نهاية لها:
"وما الذي ستـــــ...ـــجنيه أنت من كل هذا؟؟؟"
" الحرية..."
"ســـ..ـــوف يسخر منك المجـــــتمع إن ظهرتُ معك سيدي، أنت رجل مـــعروف جداً ومثير للجدل، الصــــحافة لن تـــــتأخر بالتـــــحري عني وأكتـــــشاف كل ما لا أريد أخـــــبار العالم به... أتـــــوسل إليك أنـــــسى الأمر... لا أريد الانـــــتقام من أليــــكس أحبه أكــــــــثر من التسبـــــــب بالأذى له"
تأمل وجهها الجميل للحظات، عينيها الفيروزيتين الواسعتين ورموشها المبللة بالدموع الأخيرة التي ذرفتها، تساءل لمرة لا يعرف عددها إن كان أليكس أعمى أم مجنون كي لا يفقه لعشق هذه الأخيرة له ولا يسارع بالتشبث بهذه الفرصة التي تمنحها الحياة مرة واحدة... ألم يحدث معه الشيء نفسه مع لينيتا؟؟ كان سعيد جداً معها فجأة... تبخر كل شيء وكأنه لم يكن بسببه هو فقط، رفض الزواج بها ودفعها للهروب ثم وجدها صدفة ليجبرها على العودة إلى لندن والتسبب بقتلها، على أليكس أن يدرك قيمة ما يفر من بين اصابعه:
"سوف يحصل جداك على الأرض التي يحلمون بها منذ سنوات ومبلغ مغري لتقاعدهما، وأنتِ... سأمول دراستكِ ومشروعاتك وسأبقى بجانبك عندما تنتهي لعبتنا الصغيرة... أحتاج مساعدتك للتخلص من ضغط عائلتي وسأحررك في أقرب فرصة أعدكِ..."
* * * * *
القى دراكو نظرة دائرية على ردهة الفندق وتعرف أخيراً على فلور من بين موظفي شركة التأمين الذين أتوا لنقل مجموعة المجوهرات الثمينة إلى البنك، تسللت ابتسامة رضى إلى فمه بينما يقطع المسافة بينهما دون أن يبتعد بنظراته القاتمة عن هذا الجسد الساحر الذي يضم داخله وريث آل فالكوني، كانت ترتدي بنطال فضفاض وكنزة بلا أكمام، لكن تدويرة بطنها بارزة بشكل أوضح من فستان السهرة الذي رآها وسطه قبل أيام.
كانت بصدد توقيع بعض الأوراق عندما وصل إليها، شعرها المصفف على هيئة ذيل حصان يترك خطوط فكها وعنقها الطويل الأنيقة بارزة تشبه التحف التي يتم أخدها في هذه اللحظة خارجاً، كل موظف تأمين مرفق بشرطيين.
انتبهت لوجوده أخيراً، الابتسامة التي كانت تمنحها للرجل الذي أختفى بأوراق التسليم موقعة تلاشت فوراً، وحل محل اللون الوردي لوجنتيها شحوب فوري.
"مرحباً 'كاريسيما'..."
"أتوسل إليك أن تتركني وشأني ضقت ذرعاً بملاحقة رجالك لي أينما ذهبت... لا تظنني غافلة عن الحصار الذي تشنه علي"
"أنا أقوم بحمايتكما أنتِ والصغير..."
قاطعته بوحشية بينما عينيها الخضراوين تبرقان بكراهية:
"ليس ابنك... رباه لما ترفض تصديق هذا..."
لأنها لم تخرج مع رجل منذ أن هجرت إيطاليا إلى الولايات المتحدة، فرانكو الوفي جمع أكبر عدد ممكن من المعلومات عن فلور، كان رجل في حياتها قبل أن تأتي إلى إيطاليا لكنهما لم يتصلا ببعض أو يلتقيا منذ عودتها، بالكاد تغادر معملها وتختلط بالناس... هناك نسبة عالية بأن من ينمو في أحشائها ابنه، وسيتأكد من الأمر بعد بضع أشهر.
"بما أنك واثقة جداً من نفسك 'كارا' فلن تمانعي بفحص جيني بعد الولادة..."
الأصفرار الذي زحف إلى وجهها مجدداً لم يترك له أي شك، فلور حامل منه وإذا ظن بأنه سيصدق ادعاءاتها ويتركها وشأنها فهي تحلم بالتأكيد... فليتحمل نتائج مغامراته الغير محمية، آخر أمنياته أن يجمعه شيء مماثل مع أي فرد من عائلة ريتشي.
"أنت متزوج أيها السافل... أغويتني وسخرت مني بينما الجميلة 'ديامانتي' تحمل اسمك... ما الذي تنوي فعله بزواجك إذا ثبت بأن طفلي منك؟؟ هل فكرت بهذا الأحتمال؟؟"
"زواجي لا دخل له بوريث فالكوني... سوف أسحقك كحشرة حقيرة إن تلاعبت بي وأختفيتِ مع أبني هل أنا واضح؟؟ سوف نبقى على اتصال 'كارا' إلى أن يحين موعد ولادتكِ، إن أكدت التحاليل بأن شكوكي لا صحة لها فسأتركك بسلام... أما إن حدث العكس... فأعلمي إن ما يخص عائلة فالكوني يبقى لها... نهار سعيد عزيزتي"
أصاب فلور الذعر بينما يمنحها دراكو ظهره العريض ويعود أدراجه إلى الباب الزجاجي للفندق.
هل سمعت جيداً؟؟
ما يخص عائلة فالكوني يبقى لها؟؟ ما الذي يقصده بحق الجحيم؟؟ أن يأخذ طفلها منها إن أثبتت التحاليل بأنهما يتشاركان نفس الدماء والجينات؟؟
أعمت الدموع عينيها وأسرعت نحو المصعد الذي أقلها إلى غرفتها، وجدت حقائبها جاهزة على السرير المزدوج كما طلبت من مساعدتها تماماً، بعد قليل سوف يصل دافيد ليعودا إلى الولايات المتحدة.
دنت من النافدة وهي تشعر بالاختناق الرهيب... إذا كان يتوهم دراكو فالكوني بمظهره الغامض المهيب ولباسه الأسود وشعره الطويل وتعابيره المهددة بأنه سيرعبها فهو... تنهدت بحرقة... فهو محق.
لقد نجح بإرعابها، هي التي أمضت الأسابيع الأولى من حملها ممزقة بين الاختيار الأصح لهذا الحمل الغير متوقع، أخذت مرتين موعد مع طبيب نسائي لوضع حداً لهذا الحمل الغير مرغوب به، في المرة الأولى لم تذهب إلى موعدها بدعوى غثيانها... أما المرة الثانية... فقد فرت هاربة ما إن طلبت منها الممرضة تبعها للقاء الطبيب... شعرت بأنها أشد دناءة من فرجينيا... فهذه الأخيرة احتفظت بها رغم كل شيء.
لكن عندما فحصها طبيبها ليطمئن على حملها وسمعت للمرة الأولى ضربات قلبه أقسمت أن تفعل المستحيل لحماية هذا الكائن الضعيف والهش الذي ينمو بحب في أحشائها، وندمت حتى على محاولاتها لإجهاضه... حتى وإن كان والده حقير وسافل ومتزوج، فهذا الطفل طفلها هي وعليها حمايته...
عليها الالتجاء إلى عمها... قررت بعد تفكير عميق، عليها استشارة عمها إدواردو فهو محامي دولي وسمعته عالمية، هو فقط القادر على أبعاد دراكو فالكوني من حياة أبنها للأبد...
حان الوقت لتخبر عائلتها بأمر حملها... فدافيد شقيقها أنتبه مؤخراً لتغيير جسمها بالتأكيد كما انتبه دراكو... لكنه للآن لم يعلق بشيء... تظنه ينتظر هذه الخطوة منها.
* * * * *
انتبه جوشوا فوراً للمرأة الشقراء التي اقتحمت المكان لاهثة، عينيها الزرقاوين تبحثان بلهفة عن شخص ما قبل أن تثبته هو بعدم التصديق...من لا ينتبه لهذه التحفة الهشة من البورسلان؟؟ كانت شديدة الجمال، ملامحها مرسومة بشكل كامل، شعرها أشقر مثل السنابل الطازجة وبشرتها... هل سبق ورأى بشرة صافية ومخملية بهذا الشكل؟
"جوش..." سمعها تتمتم بحرقة عينيها الجميلتين غرقتا في الدموع "حبيبي هل هذا أنت حقاً؟؟"
آنجلا... هذه هي آنجلا إذاً.. زوجته الارستقراطية والنبيلة... رباه... طالما كره الانتماء لهذا النوع من العائلات، كيف انتهى به الأمر بالسقوط في شرك الزواج من وريثة ريتشي؟
بالقرب منه 'هاكان' و'نيرفلي' أمام باب غرفة نوم 'الكونت ديكاتريس' الذي انتقل طاقم تطبيب عاجل يخص الفندق بإنتظار المروحية الطبية التي ستنقله إلى المستشفى، تخيل كل شيء من هذا اللقاء مع والده سوى إصابة هذا الأخير بذبحة صدرية، بالنسبة للطبيب فإن الكونت تعرض للكثير من الضغوطات النفسية مؤخراً، يشعر جوشوا بأنه مسؤول على وضع الرجل الهش في هذه اللحظة، عاد ليتفحص وجه الشقراء الجميلة التي القت بنفسها بين ذراعيه، أغمض عينيه بينما يتسلل إلى أنفه عبق الزهور البري بشكل مألوف، رغم جهده رفضت ذراعه ملامسة الجسد الرشيق الملتصق به وتعلقت نظراته بالمرأة السمراء وراء زوجته والتي تحمل بين ذراعيها طفلة شقراء الجدائل خضراء العينين، ملاك حقيقي يمص أصبعه الصغير بنهم... بلا تفكير تمتم بشوق:
"ليليان..."
"أبي..."
يكاد لا يصدق إن الاسم انتقل إلى شفاهه بعفوية، ابتعد عن زوجته ليدنو من الطفلة الصغيرة التي مدت نحوه ذراعيها تطالبه بحملها، بعد أقل من ثانية شعر بجسدها الصغير الدافئ وأغمض عينيه يستنشق عبيرها المألوف بنهم، ليليان... هذه الصورة الجميلة التي تعاوده يومياً في أحلامه لم تكن سوى لطفلته الصغيرة والرائعة... طفلته التي لم تخشاه وتعرفت عليه فوراً رغم هيئة المتشرد ولحيته الغير حليقة... كيف يعقل أن يتذكر ابنته ولا يتعرف على آنجلا؟؟
"جوشوا؟؟" سمع صوتها خلف ظهره، استدار نحوها ووجد وجهها الجميل غارقاً في الدموع وانفعالات شتى، بدت محطمة ومصعوقة من ردة فعله اتجاهها "هل أنت بخير؟؟"
"أنا بخير..." تمتم بهدوء قبل أن يعود ويركز على ابنته، اشرق وجهه بشدة وقربها من 'نيرفلي' و'هاكان' بفخر:
"إنها تشبهني أليس كذلك؟؟"
"نعم... كثيراً..." اعترفت 'نيرفلي' برقة وهي تمسك بيد الطفلة التي ابتسمت ملئ فمها.
"تكلم إلى زوجتك وأشرح لها موضوع ذاكرتك جوشوا... لا تبدو بخير" تدخل 'هاكان' بصوت منخفض وهو يشير إلى الشقراء الفاتنة التي كانت كالثمتال مكانها تتطلع إليه ومعالم الصدمة على وجهها.
جلست بعد قليل آنجلا على المقعد الجلدي في غرفتها بينما اهتم جوشوا بإغلاق الباب ورائه، وصلت الطائرة المروحية وأخذت الكونت أندريس وبرفقته قريبته التي قدمت نفسها كفرجينيا ديكاتريس، كانت تتطلع نحوه بغرابة وهو يتفهم ردة فعلها وتوهانها... هو نفسه لا يعرف الطريقة الصحيحة التي عليه اتباعها مع امرأة لا يتذكرها ولا يشعر سوى بالانجذاب الغير مفهوم إلى جمالها الراقي... ردة فعل طبيعية تتكرر معه كلما أثارت أنثى اعجابه.
"أريد فقط أن أشير إلى نقطة مهمة آنجلا..." بدأ ببعض الانزعاج وهو يأخذ مكانه غير بعيد عنها، التعاسة وعدم الفهم الذين ارتسما في جوف عينيها الرائعتين زادا من عصبيته "الحادثة أفقدتني ذكريات العديد من السنوات... منها ذكرياتنا معاً"
شعرت آنجلا وكأنها تلقت لكمة مؤلمة في معدتها، قبل قليل بينما تهرع إليها خالتها فرجينيا تصرخ بهستيرية بأن جوشوا عاد وإن الكونت أصيب بذبحة قلبية جراء الانفعالات الكثيرة والأرهاق العاطفي، ظنت بأنها تعيش حلماً مستحيلاً... جوشوا يعود بهذه البساطة بعد أن قلبوا الألسكا عليه منذ أشهر؟؟ شعرت بأنها ستموت من المفاجئة وستفقد عقلها من السعادة، ارتدت ملابسها على عجل فيما اهتمت خالتها بليليان ولحقت بها بينما تركض بسرعة لجناح الكونت... تعرفت على حبيبها فوراً رغم لحيته النامية وملامحه الباردة والبعيدة تماماً عن الرجل الذي أحبها في ذلك الشاليه قبل أن يطير إلى مصيره... أحست به يتشنج تحت ذراعيها عندما أحتضنته، وكأنه يرغب بالتخلص منها، تلقت صفعة عنيفة بينما يركض إلى ابنتهما ويهجرها هي وكأنها لا تعني له شيئاً... اشارت لها فرجينيا بأنه غريب الأطوار قليلاً... لكنها تتفهمه... لقد تعرض لحادث مريع وعاش لخمسة أشهر ونصف في قبيلة نائية... لكن أن يخبرها اللحظة بأنها لا تعني له شيئاً وقد فقد كل ذكرياتهما يفوق احتمالات صبرها... إحساسها أسوء بكثير من خبر سقوط طائرته... بلعت دموعها وحاولت التكييف مع الوضع المريب، دنت منه ووضعت يديها على يديه تعصرها بشوق:
"لا بأس حبيبي... سوف تستعيد ذاكرتك مع الوقت... المهم إنك بخير"
"احتاج للوقت للتعود عليك وعلى زواجنا..." طلبه بدى واضحاً، يريدها أن تضع مسافة بينهما إلى أن يتذكرها، سحبت يدها وأعمت الدموع عينيها هامسة برجاء:
"أنت تحبني جوشوا... ألا تتذكر حقاً مشاعرك نحوي؟؟"
عضلة دقيقة اهتزت بعصبية في فكه، نظراته الخضراء ثبتتها للحظة قبل أن يهز رأسه بالنفي:
"آسف..."
"لا بأس..." ابتسمت من خلال دموعها الغزيرة وتسلحت بالشجاعة "هل تريد رؤية 'أندريس جينيور'؟؟ لقد تركتني حاملاً قبل بضعة أشهر ... حامل بطفلنا الثاني" مسحت بأصابع مرتجفة دموعها وحاولت التحلي بالصبر والصلابة كما آلفت منذ أشهر... زواجها على المحك منذ فترة ويحتاج كل جهدها ليتم انقاذه "يقول الكونت بأنه يشبهك كثيراً.. وإنه... صورة طبق الأصل عنك عندما كنت رضيعاً"
"الكونت أندريس هجر أمي قبل أن أرى النور كيف له أن يدعي شيئاً مماثلاً؟؟"
اجفلت اللهجة الباردة آنجلا التي فغر فمها من هول الصدمة وهزت رأسها بغير تصديق:
"فقدت حقاً الكثير من ذكرياتك جوش... الكثير"
* * * * *
"طلعتك مُريبة 'كارا' "
طالما أحبت ديامانتي صراحة ومُباشرة 'سيبيروس' في الكلام لكن الآن تتمنى لو تقفز على عنقه لتخنقه بيديها لملاحظته.
رتبت الادوية بعد أن حقنته الحقنة الاخيرة للنهار، وهزت كتفيها دون أن تستدير نحوه.
"شكراً للمجاملة..."
"أنتِ بحاجة لإجازة" تابع العجوز غير متأثر بجفائها "منذ أن بدأتِ العمل هنا لم تغادري قط هذه الجزيرة"
والضغط يزداد حدة لشدة الخناق، توقفت عن ترتيب ما في يدها وانحنى رأسها بين كتفيها... منذ أيام يتابع نيوس سياسته اللعينة معها دون التراجع ولو للحظة أمام نوبات الغضب أو توسلاتها، إلى متى ينوي معاقبتها؟؟؟... يتخذها عشيقته رغم أنفها ولخجلها لا يترك غرفتها إلا وهي متشبعة بالأثارة والنشوة... كم تكرهه لسلطته وتأثيره عليها.
"أنت بحاجتي سبيروس..." تمتمت ببعض الاكتئاب "وقعت عقد عمل لمدة سنة مع دون نيوس"
"سوف تهتم بي تلك البدينة الحمقاء فلا تهتمي بأمري وأذهبي في أجازة لأسبوع."
فقط لو أستطيع... فكرت ديامانتي بأسى وهي تواجه العجوز الذي مد يده نحوها، دنت منه والتقطتها بين يديها قبل أن تجلس على المقعد بالقرب منه، بحنان لامس شعرها، رقته ذكرتها بوالدها الراحل... كيف انتهت حياتها بهذا الشكل وفي هذا المكان؟ هاربة من جحيم دراكو لتلتجئ إلى جحيم أكبر وأشد ألماً؟...
"هل سبق وسمعتي بجزيرة سبيوس؟ إنها قطعة من الجنة عزيزتي وتمتلكها عائلتي منذ زمن، ليست مساحتها كبيرة مثل جزيرة القمر بيد إنها مناسبة للاسترخاء والاستجمام..."
"دون سبيروس..." تنهدت ديامانتي وابتسمت مرغمة "شكراً لك... لكن عرضك لا يهمني حقاً..."
انحنت لتقبل رأسه بكل حنان وغاصت في عينيه السوداوين:
"شكراً لأنك هنا..."
"قد يتعامل نيوس كحقير حقيقي لكنه نبيل 'كارا'.. مزاجه هو الآخر جهنمي هذه الأيام وبغيض..."
"لا أعرف لما تلمح..." قالت بصوت بارد وهي تعقد ذراعيها فوق صدرها، تظاهر بالبراءة ولوى شفته السفلى كطفل صغير.
"أعرف متى يسيء حفيدي لأنثى... هل ناقض عملك؟"
"لا..." تمتمت ديامانتي وهي تتخلص من القبعة السخيفة على رأسها ثم مسدت على خصلاتها الشقراء "اتممت دورتي دون سبيروس... لن تتأخر المهدئات بعكس مفعولها، نم بهدوء وسأراك لاحقاً"
عندما اغلقت باب غرفة مريضها وانطلقت بخطوات بطيئة في الممر الخالي تاهت في أفكارها، نفس الأفكار السوداء التي تداهمها منذ ما حصل مع نيوس تلك الليلة المشؤومة، تريد الرحيل والاختفاء من حياتها، لكنها تخشى أن تسقط في يد دراكو ما أن تتجاوز حدود الجزيرة.
"هل يمكننا التحدث قليلاً ميس سانتو بينيديتو؟؟"
اجفلت على صوت بارد خرجت صاحبته من العدم، خطيبة سيد القصر، الإنجليزية التي يتخلل جمالها غموض الدمى وسحرها البارد، لم تجد ديامانتي داعٍ للاعتراض على دعوة صاحبة المكان، لابد إنها ترغب بمعرفة الجديد عن أحوال سبيروس، لكن ما إن أغلقت باب المكتبة عليهما حتى تلاشت ملامح اللامبالاة لليز وتشوه وجهها في غضب جهنمي.
"أيتها العاهرة المبتذلة هل تعتقدين بأنكِ ستأخذين مكاني بمجرد أن تدفئي سرير خطيبي ليلاً ككل عاهرة رخيصة؟؟"
تراجعت ديامنتي إلى الوراء لكن المرأة التي تهتز حقداً وغيرة خدشت ذراعها الشبه مكشوف من زي التمريض.
"سوف نتزوج خلال أسبوعين منح جسمك الجميل له لن يفيدك بشيء... " الصدمة جمدت الفتاة مكانها، دلكت ذراعها المصابة وهزت عينيها الواسعتين من القلق نحو التنين الكاسر الذي ينفخ النيران من أنفه وفمه ويهدد بتشويه وجهها "لا سلطة لي على قرارات نيوس حالياً... لكن ما إن أحمل اسمه حتى أرميك من هنا مرة إلى الأبد..."
ثم غادرت المكتبة كالعاصفة وتركتها بمفردها مع إذلالها وتعاستها.



أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس