عرض مشاركة واحدة
قديم 17-05-13, 02:20 PM   #9

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25

10 -

زفر(باسل) في ضيق بعد أن طالع صفحة الرياضة بإحدى أشهر الصحف اللندنية اليومية وقرأ تعليقاتها الساخرة على مستواه في المباراة الأخيرة.
وفي غيظ طوى الجريدة وقذفها على طول ذراعه لتسقط في نهاية الشرفة التي يستلقي على كرسي بحر فيها، وإلتقط من جواره كتاباً حاول أن يغرق أفكاره فيه إلا أنه فشل فزفر ثانية وهو يضع الكتاب على صدره وأسبل جفنيه عله يفلح في أن يقنع عقله بالنوم.
لكن عقله العنيد أبى وهو يعيد أمام عينيه مشاهد من الأيام الثلاثة التي سبقت حضوره إلى دوفر.


تذكر كيف صدمته(سارة) بصراحتها حينما قالت له ببساطة ـ"أرجو ألا تغضب من قولي يا (باسل)، أرى أنه لا داع لحضوري مبارياتك مادمت لا أفقه شيئاً في كرة القدم، وأعتقد أنه يمكنني استغلال وقتي الضائع في المباريات لحساب دراستي بحيث أكون لك وحدك بعدها ولا يشغلني عنك شيئاً."

قالتها ببساطة وكأنها رتبتها من قبل،
أو لعلها حفظتها عن ظهر قلب قبل أن تقذفه بها كطلقة مدفع مدمرة.
لم تتخيل كم كانت صراحتها تلك قاتلة له،
ولا كيف نبهته لأول مرة إلى أنهما ينتميان إلى عالمين مختلفين لا علاقة لأحدهما بالآخر.
لقد تصور أن الحب قادر على إقامة الجسور وربط الأطراف المتناقضة، إلا أن عقله خانه هذه المرة..
ليس عقله فحسب، بل قلبه أيضاً.
مشكلته تكمن في كونه يحبها بشده ولا يستطيع جرح مشاعرها،
بل إنه لا يظهر ضيقه أو غضبه أمامها حتى لا تكرهه.
ولذا يكتم مشاعره تلك بداخله، وتكون النتيجة فشله في عمله.
نعم فشله،


لقد لعب المباراة_لأول مرة في حياته_ بخشونة غير متوقعة جعلته يحصل على إنذار بالطرد، بل لقد طُرد فعلاً من المباراة التي خسرها فريقه بسببه وبسبب عنفه. وفي مجتمع يحكمه الإعلام كانجلترا لم تتركه الصحف ولا محطات التلفاز، فخرج العنوان الرئيسي يقول متهكماً ’هل انتهى شهر العسل في حياة(باسل حسان)؟‘ و’هل سبب تألق(باسل) هو سبب أفوله؟‘ وغيرها من العناوين المثيرة للأعصاب.
والأدهى أنه عندما طلب من زوجته العودة معه إلى مصر كي يريح أعصابه تحججت بعملها وبأنها لا تستطيع إهماله خاصة بعد أن وصلت إلى مرحله لا بأس بها،
ثم عادت فاقترحت عليه في رقة الذهاب إلى دوفر على أن تلحق به بعد يومين. ولم يكن بوسعه سوى أن يترك لندن إلى دوفر هرباً من جحيم الصحافة رغم أنه لم يغادر أرض المملكة بعد.


ومن أعماق قلبه إنطلقت آهة قوية حملت بداخلها شعوره بأنه مُستَهلَك وبأنه وقع ضحية لزوجته التي إستغلت حبه لها لمصلحتها الشخصية، وإنساق هو مدفوعاً بحبه ورغبته في إرضائها.
إلا أن قلبه إنتفض في قوة مدافعاً عن حبيبة عمره التي لم يحب سواها وهتف بعقله قائلاً ’ما فائدة المال إذا لم نُسعد به من حولنا؟‘
وفي مرارة أجابه عقله’أنت على حق، ولكنك مثلما تعطي تتوقع أن تأخذ. أنا لا أشتر حبها أو عطفها، بل أريدها أن تعطيني إياه بدون مقابل مثلما أعطيها حبي مجاناً. إنها لا تحب المال ولا تبذره كبعض النساء، بل على العكس تنفقه بحذر في مواضعه دون إسراف.‘

كل ما كان يحتاجه في هذه اللحظة هو حبها وحنانها،
يريد أن يلقي رأسه على صدرها مثلما إعتاد أن يفعل مع أمه وأن تمسد له شعره كما لو كان طفلاً.
نعم، إنه يريد أن يعود طفلاً،
لكن دون أن يفقد رجولته.


وعلى حين غفلة تسلل النوم إلى أجفانه وحمله بعيداً عن عالمنا حتى أنه لم يشعر بباب الغرفة يُفتح ولا بإقتراب أحد منه إلا حينما حجب ظل شخص ما الشمس عنه وسمع صوتاً أنثوياً محبباً إلى نفسه يهمس ـ"حرب طروادة؟! يا له من كتاب."

فتح عينيه لحظتها ليجدها تقف عند رأسه وتنحني فوقه حتى تكاد رأسها تلامس الكتاب على صدره.
نفس المرأة التي كان يفكر فيها منذ قليل والتي إشتاق لرؤيتها وسماع صوتها.
وبدهشته التي فاضت في صوته هتف دون أن يتحرك قائلاً ـ"(سارة)؟! كيف جئت؟"

منحته إبتسامة عذبة وهي تنظر إليه مقلوبة الرأس قائلة ـ"لأول مرة أرى الصورة مقلوبة، أفضلها على النحو الصحيح."

قالتها وهي ترفع نفسها وتطبع قبلة سريعة على جبينه قبل أن تدور حول المقعد لتجلس أمامه وتحتضن كفيه بين كفيها قائلة ـ" أوحشتني ولم أستطع الجلوس وحدي بالبيت لأكثر من يوم فحزمت حقيبتي و...هاأنذا."

عقد حاجبيه وهو يعتدل قائلاً ـ"سألتك كيف جئت وليس لماذا."

هزت كتفيها ببساطة قائلة ـ"بسيارتك الرياضية التي أهديتني إياها بعد فوزك بأول مباراة بعد زواجنا، ولا تنس أن معي رخصة قيادة دولية أخذتها من مصر قبل زواجنا."

قال بعدم اقتناع ـ"ولكن الطريق..."

قاطعته قائلة في سرعةـ"لا تنس أنك صحبتني عليه مرتين. صحيح أنني كنت نائمة في رحلة العودة لكني لم أنس الطريق واستعنت أيضاً باللوحات الإرشادية. هل ضايقك حضوري المفاجئ؟"

إبتسم في عذوبة وقال وهو يقبل كفيها في حب ـ"من رابع المستحيلات أن يضايقني وجودك. أنا فقط مندهش لأنك قلت أنك لن تستطيعي القدوم قبل ثلاثة أيام من الآن. فلماذا غيرت رأيك؟"

أراحت رأسها على صدره قائلة ـ"إنها قصة طويلة، هل عندك استعداد لسماعها؟"

قبل رأسها هامساً ـ" المهم ألا تكون مملة."

ضحكت في صفاء وهي ترفع رأسها عنه قائلة ـ"إسمع يا سيدي.. طبعاً لقد إفتقدتك في المقام الأول وأحسست أني كنت قليلة الذوق معك خاصة بعد المباراة، لكن ما أدهشني حقاً هو أنني حينما قابلت مشرفي أمس فوجئت به ينظر إلي شذراً ويسألني بدهشة ’ماذا تفعلين هنا؟ لماذا لم تسافري مع زوجك؟‘"

عقد(باسل) حاجبيه ثانية وهو يسألهاـ" كيف علم بسفري؟"

ضحكت(سارة) ثانية وهي تجيبه قائلة ـ"هذا ما سألته إياه فأجابني بأنه يعرف أنني زوجتك وأنه من مشجعي فريقك ومن أكبر معجبيك هو وأولاده. لا أخفي عليك أنني دُهشت لذلك وسألته بذهول’ هل تشجع كرة القدم‘ وأجابني بكل ثقة بالإيجاب ثم تابع قائلاً أنه ظل لسنوات كثيرة يظن أن واجب العالِم الأول هو علمه وعمله وأنه لا شيء آخر يأتي على القائمة مثلما علمه مشرفه على رسالة الدكتوراه، وأنه غير رأيه بزاوية180درجة عندما مات هذا العالِم وحيداً في شقته وإكتشفوا جثته المتعفنة بعد ثلاثة أيام."

إرتسم الإمتعاض على وجه(باسل) بينما تابعت هي قائلة ـ"ويومها قرر أن يعيش حياته مثل أي شخص عادي فتزوج مساعدته وأنجب منها، بل ويشعر بالندم على كل يوم عاشه وحيداً."

رفع حاجبيه في دهشة متسائلاً ـ"أهذه القصة حقيقية؟"

أومأت برأسها إيجاباً وقالت وهي تعود لوضع رأسها على صدره وتحيطه بذراعيها ـ"بالتأكيد، وأهم ما فيها أنني أدركت أنه لا طعم لأي فوز دون وجودك إلى جواري، وأن كل إنجازاتي العلمية لا معنى لها إذا فقدت حبك."

تسللت أصابعه تفك عقصة شعرها وتتخلله في حنان قبل أن يعتدل جالساً ليواجهها هامساً ـ"أحبك."

غاصت في بحور عينيه للحظات قبل أن تضحك فجأة بصوت عال فعاد يرفع حاجبيه في دهشة قائلاً ـ"ما الذي يضحكك؟"

قالت من بين ضحكاتها ـ"لقد تذكرت شقيقتي(نهاد) عندما قالت لي أنها لا ترى سبباً واحداً مقنعاً يجعلك تحبني، خاصة وأنها كانت تراني أشبه بالذكور عن الإناث."

ضحك بدوره على قولها ثم ما لبث أن قال بصدق وعيناه تغزوان عينيها ـ"أنت أجمل وأرق أنثى رأيتها في حياتي. صحيح أن مرآة الحب عمياء لكني أصر على أنك الأجمل بالفعل. والأهم هو أن الحب الحقيقي لا سبب له، أنا نفسي لا أعرف لماذا ولا كيف وقعت في حبك. أنت أيضاً حينما تسألين نفسك لماذا تحبينني أو ستحبينني ولا تجدي لذلك سبباً..حينها فقط يكون حبك لي حقيقياً."


تأملت ملامحه الوسيمة للحظات هتف فيها قلبها بأنه يحب هذا الرجل، إلا أن عقلها العلمي هتف بها قائلاً ’أنت تحبينه لأسباب، وطبقاً له هذا ليس حباً‘.
وإنتفض قلبها يدافع عن حبه الوليد هاتفاً ’وما أدراني أنني لا أحبه لنفسه؟ أنا لم أجرب الحب من قبل، سأتبع نصيحة(بروفيسور انجلز) وأعيش حياتي كأي إنسانة. يجب أن أحب وأن أشعر بحبه.‘
وإثباتاً لنواياها الحسنة أحاطت عنقه بذراعيها وتركته يحتويها في حنان أشعرها بمدى حبه لها، وحينها أدركت بالفعل كم تحب هذا الرجل وتحب وجوده إلى جوارها.

***************


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس