عرض مشاركة واحدة
قديم 05-06-13, 12:38 PM   #6

مغربيةوأفتخر
alkap ~
? العضوٌ??? » 296441
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 762
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » مغربيةوأفتخر is on a distinguished road
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك max
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني


2- أخدها الهلع امام منظر الطريق الوعرة المهملة. لا يعقل ان يكون هذا مدخل قصر فخم. وبخوف متزايد خطر لها ان تشن لا بد ان يكون محتالا.

-هاهي موبينغ... قلب الشرق الغامض.
وابتسم جوليان باركلي بسخرية وهو يشير الى مجموعة سطوح تتلألأ في شمس المغيب.
ولتوقها الى رؤية المحطة الاخيرة في رحلتها انحنت فيفيان الى الامام وتفحصت المناظر الحوية من هذا الارتفاع ومن هذه المسافة بدت موبينغ اكبر بقليل من قرية منتشرة.
-ما هذه القبب البيضاء؟
تطلع جوليان من فوق كتفها
-اه هذا قصر السلطان والقبة الكبرى تشير الى الحريم حيث يقفل على نسائه الجميلات.
-حقا؟
أخذت الطائرة تهبط واصبح بامكانها ان ترى طريقا واسعة يجللها العشب ودروبا خاصة وحدائق فسيحة على جانبيها.
قال لها جوليان
-هذا هو شارع غوبنغ حيث يقيم الصينيون الاغنياء ومعظم الاوروبيين اما نادي السباحة فابعد بقليل... طبعا لديك حوضك الخاص لذا لست مضطرة الى القدوم الا اذا اردت ذلك.
-حوضي الخاص؟
-ألم تعلمي ان السيد كاننغهام بنى حوضا لدى شرائه البيت؟ لم يره احد منا لكن الشائعة تقول انه يليق بهوليود.
-لم تكن لدي اي فكرة ارسل لي المحامون بعض التفاصيل عن المنزل واضافوا انه توجد حديقة كبيرة وعدة اطيان من الممتلكات الصغيرة.
رفع جوليان حاجبا ساخرا
-ممتلكات صغيرة هه؟ انه لكلام متواضع حقا في الملكية ما يشكل عمليا قرية لقد جعل عرابك هوايته اعادة تأهيل سجناء محليين باعطائهم قطع ارض للحرائة لا تقلقي فحسب معلوماتي ليس بينهم مجرمون خطيرون.
فقالت بصوت منزعج
-يا الهي لم اعلم باحتمال وجود مستأجرين أين تقع الأملاك؟ هل يمكنني رؤيتها من هنا؟
أشار بالنفي
-انها في الطرف الاخر من المدينة دعيني اتي الى البيت لأطمئن الى استقرارك بسلام ففكرة انتزاعك الى المجهول بمفردك لا تروق لي.
بدأت الطائرة تحط وفيما كانا يشدان حزام الامان قالت فيفيان
-هذا لطف بالغ منك يا جوليان لكني افضل الذهاب بمفردي. الخادم يجيد الانكليزية وسأكون على اتم ما يرام.
حمل جوليان حقيبتها بيد وتأبط ذراعها باليد الاخرى وتوجها معا الى الجمارك. وفيما كانت تنظر الى ضابط الجمارك وهو يفحص حقيبتها بشكل الي لمس جوليان يدها عندما استدارت وجدت صينيا قصيرا ونحيفا يقف بجانبهما كان يرتدي بدلة قطنية ناصعة البياض ويمسك بقبعة بنامية وعلى كمه شريطة سوداء عمره صعب التحديد يتراوح ما بين الاربعين والستين عاما ووجهه خال من اي تعبير.
قال بصوت ناعم ورفيع
-أهلا وسهلا في موبينغ يا انسة كونيل انا تشن خادم المرحوم السيد كاننغهام الاول انني انتظر تعليماتك.
قالت فيفيان
-كيف حالك تشن؟
ثم تسائلت عما اذا كان هظا الرد يصلح لاستقباله المتقيد بالرسميات مدت يدها تلقائيا لكن الصيني انحنى امامها ثانية وقال
-السيارة بانتظارك عندما تصبحين جاهزة.
وقف جانبا واشار الى صبي صغير يحمل الحقيبة.
واذ فاجأ هذا اللقاء فيفيان استدارت لتودع جوليان ولمحت غمزة خفيفة فاقترح قائلا
-ما رأيك في الذهاب الى النادي هذه الليلة؟ لا يمكنك قضاء سهرتك الاولى وحيدة فان جئت في حوالي الثامنة سيكون لديك الوقت لتتعرفي على الوضع ويمكنني ان اعرفك الى بعض المقيمين البريطانيين.
-اذن سأكون جاهزة في الثامنة.
احتفظ بيدها اكثر مما يجب فبعث وميض عينيه احمرارا في وجنتيها.
قادها تشن الى الموقف حيث شاهدت سيارة رولز رويس قديمة الطراز.
وفكرت فيفيان حين اوصلها الى المقعد الخلفي الوثير
-يا للسماء ما هذا الغنى
في البداية جلست مستقيمة وتواقة الى رؤية كل شيء لكن عندما وصلا الى المدية لاحظت ان السيارة كانت تلفت الانظار فانكفأت الى زاوية بعيدا عن العيون السوداء الفضولية التي كانت تحدق فيها. ثم اضطر تشن الى السير ببطء لأن المارة كانوا يتجولون في الشارع غير عابئين بالسيارات المقبلة وتوقف في مكان ما للسماح لصف طويل من اطفال المدارس الصينيين بالعبور ورأت فيفيان امرأتين انكليزيتين تسيران على الرصيف. ولدى محاذاتهما الرولز رأتهما تسمرتا في مكانهما محدقتين فيها وكأنها شبح.
بعد اجتيازهما المدينة زاد تشن سرعته. ثم تركا الطريق العام وسلكا طريقا أضيق تتخللها من جانب منحدرات تكسوها الأشجار ومن الجانب الاخر نهر بطيء.
أخذها الهلع امام منظر الطريق الوعرة المهملة. لا يعقل ان يكون هذا مدخل قصر فخم وبخوف متزايد خطر لفيفيان أن تشن لابد ان يكون محتالا أمسكت بطرف المقعد وهي تتسائل عما اذا كانت ستتجرأ على القفز من السيارة والعودة الى الطريق على امل اللقاء بسائق اخر. ليتها قبلت عرض جوليان بمرافقتها.
لكن حين مدت يدها لتفتح الباب مالت السيارة في انعطاف مفاجئ تنهدت ارتياحا واستلقت الى الوراء على الجلد المنجد.
كان تحولا مذهلا منذ لحظة بدا وكأنهما يدخلان غابة اما الان فالطريق ممهدة بالحصى الناعم وتحيط بها جنائن خضراء تتخللها شجيرات منسقة ثم انعطفا مرة ثانية ولأول مرة رأت فيفيان ارثها بيت الينابيع السبعة.
البيت طويل ومنخفض تعلوه أفاريز صينية معقوفة فيها مصاريع نوافذه الخضراء مفتوحة على الجدران البيضاء كانت هناك شرفة فسيحة تمتد على طول الواجهة ونباتات مزهرة تلتف حول الأعمدة الرشيقة التي تسند السقف كالعرائش.
انتزعها همس تشن المهذب من تمتعها العميق وبدون ان تتفوه بكلمة تبعته الى الشرفة عبر بوابة ضخمة من الخشب الى بهو معتم ومبرد بمراوح عالية.
والتقت عيناها بستى أزواج من العيون البنية.
فقال تشن
-هؤلاء هم خدمك يا انسة كونيل.
انحنت ست رؤوس ملساء احتراما ثم أطلق تشن ستة أسماء اسيوية وكأنه قائد وحدة عسكرية يقدم جنوده للتفتيش وفي الأخير قدم فتاة صينية كاللعبة ترتدي بدلة قطنية وسروالا واسع الساقين كانت تدعى كيم.
قال تشن بانكليزية خالية من الاخطاء
-لم يكن لدى السيد كاننغهام نساء هنا انما لدى سماعي بمجيئك أخذت المبادرة بتوضيف وصيفة لك.
-شكرا تشن كان ذلك في غاية الاهتمام.
ثم ابتسمت لكيم وحصلت في المقابل على انحناءة خجولة.
وسأل تشن
-هل ترغبين أن تقودك الى غرفتك؟
-نعم أرجو ذلك كان الجو حارا جدا في الطائرة وأود الاستحمام.
-حسنا سأطلب الشاي بعد ان تتناولي الطعام وترتاحي سأريك البيت.
ثم صفق فاختفى الخدم باستثناء كيم. كلمها تشن بالصينية ثم التفت نحو فيفيان قائلا
-انها لا تتقن الانكليزية جيدا. فاذا وجدت صعوبة في افهامها رغباتك اقرعي الجرس وسأحضر.
فتحت الوصيفة بابا واشارت لفيفيان بأن تتبعها. اجتازتا حجرة انتظار ودخلتا شقة أوسع بكثير من الاولى حسث الجو منعشا.
واكتشفت فيفيان فيما بعد ان هذا الجزء من البيت مكيف. كانت النوافذ محجوبة بستائر حديدية مستقيمة تتخللها الشمس بتألق ذهبي جميل. في مواجهتها سرسر ضخم تعلوه لوحة مرصعة بعرق اللؤلؤ ويغطيه دثار من الحرير العاجي مطرز بأزهار قرمزية. ويتشكل الأثاث الأساسي من أريكة منخفضة تراكمت فوقها طراريح مطرزة وخزانة خشبية ضخمة محفورة ومكتب قرمزي. اما الارضية فكانت مبلطة ببلاط فستقي وتكسوها عدة سجادات أنيقة من صنع بخاري. وفيما كانت فيفيان تستحم سمعت ادخال حقيبتها الى الغرفة المجاورة ولما دخلت الغرفة كانت كيم قد جهزت لها ثيابا نظيفة.
بعدما ارتدت ثيابها ومشطلت شعرها قادتها الوصيفة الى الشرفة حيث جهزت عربة الشاي قرب مقعد من الخيزران. وعلى الرغم من عدم اعتيادها على نكهة الحليب المعلب شربت كوبين من الشاي وتناولت عدة سندويشات رقيقة.
لم تكد تنتهي حتى ظهر تشن وسألها
-هل ترغبين الان في رؤية المنزل؟
فقفزت واقفة وقالت
-بالتأكيد (وأضافت) تشن هل كان السيد كاننغهام يشغل الغرفة التي أشغلها الان؟
-كلا يا سيدتي فان غرفته تقع في الطرف الاخر من الباحة الداخلية.
شعرت بأنها لن تنسى مدى الحياة هذه الجولة الاولى في المنزل.
فكل غرفة تبدو أكثر روعة من سابقتها. شرح لها تشن ان المنزل بني على شكل مستطيل يحيط بفناء داخلي بحيث تتمتع كل غرفة بنوافذ على جهتين في الايام الحارة من النهار تكون الستائر مغلقة والنور الخافت يظل مريحا للبصر.
لدى وصولهما الى قاعة الاستقبال شهقت فرحا فكل شيء هنا مصمم على شكل تموجات رمادية مختلفة بدءا من الجدران وانتهاء بأغطية الكتان الرمادية الغامقة التي تغطي الكراسي والأرائك. ان مثل هذا التصميم مثير للقشعريرة وللكابة في بلد كانكلترا اما هنا في الخط الاستوائي فانه يوحي ببرودة معتدلة وباتساع المكان.
قال تشن وهو يقودها نحو خزانة واسعة ملأى بالأوعية الغريبة الأشكال وبالثناثيل الصغيرة المنحوثة.
-هذه هي مجموعة الجاد الشهيرة انها غنية جدا استغرق جمعها سنين عديدة.
لفتت انتباهها لوحة معلقة في فجوة في الجدار. كانت تمثل بيتا ابيض يطل على شاطئ. وفجأة أحست احساسا غامضا بأنها تعرفها. اقتربت أكثر ورأت في الزاوية اليسرى توقيع م. كونيل. فهنا على حائط غرفة الاستقبال يوجد تذكار لجنة طفولتها المفقودة.
-هل تشعر سيدتي بتوعك؟
-لا لا أنا بخير يا تشن.
وكبتت الدموع المفاجئة التي لسعت جفنيها ثم قالت بنعومة
-هذه صورة البيت الذي ولدت فيه. رسمها أبي. وقد توفي منذ سنوات عديدة.
لم يبدي الصيني أي تعليق لكن تعبيرا غريبا تأرجح في عينيه السوداوين. وبعد قليل سألها
-هل ترغبين في رؤية الفناء؟
-نعم بكل تأكيد.
تقدمته عبر الباب وقد بهرها سطوع الشمس الذي لم يتضاءل ووجدت نفسها في حديقة مسورة. ولدهشتها رأت شجرة ياسمين كبيرة تحمل كمية كثيفة من الأزهار البيضاء وتحتها أريكة هزازة مظللة ووراء الشجر حوض منخفض يحيط بتمثال حجري.
ابتعد تشن ولمس مفتاحا كهربائيا على جدار البيت فانبعثت هسهسة خفيفة وفجأة انطلق ستار من الماء فوق الحوض فانتفضت فيفيان وصاحت
-اه بالطبع الينابيع.
سبعة نوافير بالفعل اعلاها يخرج من رأس التمثال بينما تتدفق الست الأخريات على الجوانب كبتلات زهرية رائعة متألقة.
وصاحت
-ما أجملها ان خريرها كالموسيقى.
وكطفل مستمتع مدت يديها ليتساقط عليهما رذاذ الماء الناعم.
كانت كل قطرة تلمع كالبلور. وعندما استدارت لتكلم تشن كان قد ذهب.
جلست في الفناء تراقب النوافير وبين حين واخر تسقط بتلة من اغصان الشجرة ومرت فراشة زمردية الجناحين فوق كتفها. كان خرير الينابيع مهدئا للغاية فاستلقت على الأريكة الهزازة وشعرت بالنوم يتسلل اليها تسللا.
عندما استيقظت كان نور الشمس قد خف وكيم تقف الى جانبها مبتسمة وهي تحمل كوبا كبيرا من العصير. قالت برضى
-لقد نامت سيدتي جيدا.
أخذت فيفيان تشف العصير وتطلعت الى ساعتها. انها السادسة والنصف تسائلت في أي وقت ينوب تشن تقديم العشاء وجاء الجواب على تساؤلها بظهور صبيين صغيرين من الخدم يحملان طاولة وضعاها بجانبها وشرعا في وضع الصحون.
عندئذ خرج تشن وقال
-كان من عادة السيد كاننغهام تناول العشاء هنا لكن اذا كانت سيدتي لا ترغب في ذلك...
-بل أرغب في ذلك اذ لا يمكنني ان افكر في مكان اجمل منه لتناول الطعام.
فقال تشن وهو يقرب شوكة ويصحح مكان الابريق
-الليلة ستذهب سيدتي الى النادي مع السيد باركلي لذلك طلبت العشاء ساعة قبل الموعد المحدد.
كادت فيفيان ان تسأله كيف عرف انها ذاهبة الى النادي حين تذكرت انه كان يقف الى جانبها عندما وجه اليها جوليان الدعوة الى ذلك. وعلى الرغم من ان وجهه يشكل لغزا الا انها بدأت تكتشف الكثير عن الخادم الاول لعرابها بطرق غير مباشرة. لم يكن خادما عاديا كما بدا واضحا. وملامح السلطة وتالفه مع كل قطعة من مجموعة الجاد كانت تشير الى انه كان على علاقة وثيقة بعرابها.
تسائلت عما شعر به ازاء مجيئها. هل استاء في سره؟ هل يشك في امرها؟ هل ادرك انها ستبقى هنا فترة قصيرة؟ مهما تكن الاجوبة على اسئلتها فقد باتت لديها قناعة راسخة بأنه من المهم جدا ان تكون على علاقة ودية مع تشن.
كان العشاء ممتازا. قرص من العجة خفيف كالريشة تبعه قريدس بالتوابل ثم فاكهة أناناس مع القشوة.
قبل ان تدق الساعة الثامنة بثوان نعدودات سمعت فيفيان هدير سيارة تصعد الطريق وبعد برهة لفت سيارة مكشوفة الغطاء المنعطف الاخير وتوقفت مثيرة هبة من الحصى. ولما قفز جوليان من مقعد القيادة بادرها وهو يصعد الى الشرفة ويرفع يدها ليقبلها
-مرحبا تبدين في غاية الانتعاش والجمال. (وأضاف) بالمناسبة لقد انتشر نبأ وصولك النار في الهشيم. كنت امل أن أدخل بك النادي لأراقب وجوههم وانا أعرف عنك. ولكن يبدو أن ثرثارتين راتاك تعبرين المدينة في سيارة كاننغهام وتكفلتا باذاعة الخبر فورا.
فقالت مترددة
-نعم رأيتهما. لقد بدتا في غاية الذهول. اني أخشى مقابلة الجميع.
-لاتقلقي. سأهتم بك. كان يجب ان تحملي معطفا فالطقس بارد فيما بعد.
فكرت فيفيان بحرج ان المعطف الوحيد الذي تملكه هو عبارة عن سترة صفراء من الصوف المحبوك. وفيما توقفت مترددة ظهرت كيم في المدخل وهي تحمل على ذراعها شالا من الحرير الأبيض.
قالت
-الليل قارس جدا. خذي سيدتي هذا.
فسألها جوليان
-أي نوع من الرجال يمثل خادمك الأول؟ ففكرة قضائك الليل بمفردك لا تروقني.
فقالت بثقة
-سأكون في امان كلي في البيت. فتشن يبدو كفؤا وكيم في غاية اللطف.
-لا يمكنك مطلقا ان تطمئني الى الصينيين. فقد ينحنون احتراما امامك لسنوات ثم يقطعون عنقك بدون رحمة اذا كان ذلك يناسب مصالحهم.
وحين رأى نظرتها المشدوهة أضاف بسرعة
-هذا لا يعني انك قد تتعرضين شخصيا لخطر كهذا. فعرابك كان على اتفاق معهم. من الضروري أن تريهم بأنك الرئيس والا استغلوك بطرق ملتوية.
تركته يقودها عبر غرفة الانتظار الى القاعة الرئيسية بتوتر يبعثه خوف الظهور على المسرح ولكن مع ابتسامة توحي بالرزانة وما ان عبرا العتبة حتى لف الصمت القاعة بأسرها. لم يستغرق ذلك عشر ثوان عاد بعدها طنين الحديث لكن فيفيان شعرت خلالها ان اربعين عينا اخذت تتفحصها من قمة رأسها الى أخمص قدميها. ولولا يد جوليان على ذراعها لأسرعت هاربة.
بدت المسافة القصيرة الى المقصف وكأنها مائة متر. وعندما ساعدها جوليان على الجلوس على احد المقاعد العالية وجلس الى جانبها شعرت وكأنها بذلت جدها عضليا عظيما.
-ماذا تتناولين؟
-عصير اذا سمحت.
-لابد ان تأخذي شيئا أقوى من العصير ما رأيك؟
-أفضل تناول مرطب خفيف.
-كما تشائين.
أخذت فيفيان تراقب اخوانها الاوروبيين خلسة. معظمهم كانوا متوسطي العمر باستثناء مجموعة من الضباط الشبان في احدى الزوايا وامرأة شقراء تجالس بعض الرجال الماجنين قرب النوافذ.
قال جوليان وقد تبع نظراتها
-الرجال ذوو العيون المحتقنة بالدم مزارعون يممضون اجازتهم الاسبوعية اما الشقراء الجميلة فزوجة ضابط يقضي معظم وقته في الادغال. انها تشغل نفسها في غيابه كما ترين.
-ألا تعتقد انها تصيغ الامور بطريقة مشوهة للسمعة؟
-ليس تماما فلا احد يهتم هنا بهذه الامور الصغيرة فالزواج المبارك سرعان ما يصبح مملا في الشرق وجميعنا متحررو الافكار.
انعكس امتعاضها على وجهها فتلاشت ابتسامته الساخرة وسألها سريعا
-ما بك؟ هل العصير حامض؟
اشارت بالنفي لم يكن الوقت مناسبا لتناقشه حول المناقب وسيعتقد انها ساذجة جدا لو باحت له بأنها ليست متحررة الافكار كمواطنيها. وبرغم بغضها للطريقة المستهترة التي تحدث بها عن تسليات السيدة الشقراء لم تشأ ان تنفد دعمه عند هذا الحد.
وفجأة انبعث صوت
-جوليان يا لك من شقي لماذا لم تحضر الحفلة التي اقمتها يوم الجمعة؟
واقتربت امرأة قصيرة بدينة ذات عينين سوداوين براقتين وتسريحة معقدة مصبوغة بالأزرق وهي تنظر الى جوليان بمزيج من العتاب والغنج.
فقال وهو يقبل اناملها البدينة بحركة مسرحية
-مرحيا يا مادج. اسف بخصوص الحفلة فقد انشغلت تلك الليلة ألم تقرأي رسالتي؟
فقالت بخبث وهي تلكمه بمروحتها مداعبة
-عمل؟ لا اصدق ذلك. اعتقد انه كانت لديك مهمة اكثر اثارة مع احدى جميلاتك الصينيات يا ماكر.
فسعل جوليان وبدا عليه الارتباك. ثم قال بشيء من التسرع
-مادج اعرفك الى الانسة فيفيان كونيل. فيفيان... السيدة كارشلتون.
فقال السيدة كارشلتون وعيناها تتفحصان وجه الفتاة وقامتها بسرعة وشمولية
-أهلا بك في موبينغ يا عزيزتي اذن السيد كاننغهام كان عرابك لقد صدمنا جميعا نبأ وفاته كان رجلا رائعا.
فسألتها فيفيان
-هل عرفته جيدا؟
-ليس بشكل حميم طبعا كان متحفظا كالعديد من الرجال اللامعين لكنني كنت شديدة الاعجاب به واذا كان بامكاني مساعدتك بأي مجال فيجي أن تطلعينني على ذلك فورا.
-هذا لطف منك.
-هراء سيكون من دواعي سروري اعتقد انك في غاية الشجاعة لتأتي الى هنا بمفردك كيف وجدت البيت؟
-لم تسنح لي الفرصة بعد لاستكشافه بدقة.
-اقدر ذلك جوليان لماذا لا تاتي بالانسة كونيل الى طاولتنا؟ الجميع متشوقون للتعرف اليها.
خلال ساعة واحدة وجدت فيفيان نفسها تتعرف الى سلسلة من الغرباء الذين تحدثوا عن المرحوم جون كاننغهام بعبارات ودودة بحيث يصعب عليها التصديق بأن عرابها كان ناسكا مشاكسا وعلى خصام مع مواطنيه الاوروبيين. الا ان جوليان نفسه قد اكد لها من قبل اقوال السيد ادمز.
كانت تصغي الى فكاهة طويلة يرويها رجل ممتلئ الوجه ذو شارب احمر عندما بدأت السيدة كارشلتون فجأة تلوح لقادم جديد.
فتطلعت فيفيان حولها ورأت فتاة في عمرها تقريبا تقف عند الباب.
وهتفت السيدة كارلشتون.
-حبيبتي كارا تعالي واجلسي معنا.
وبعد تردد بسيط تقدمت الفتاة نحوهم.
حتى لم لم تتمتع كارا ميتلاند بقامة متناسقة وملامح كلاسيكية لكانت استرعت الانتباه فألوانها تركيبة نادرة من الشعر الاسود والعينين الزرقاوين والبشرة البيضاء العاجية يبرز مفاتنها فستان مفصل كثوب اغريقي تاركا كتفا عاريا مشدودا عند الخصر فيما اظافرها الطويلة مطلية بطلاء احمر فاقع.
لم تبتسم كارا وكانت في صوتها نبرة سخرية او عداء. احست فيفيان بمدى انعدام اللون في شعرها الاشقر وفستانها الباهت ازاء جمال كارا المفعم بالالوان.
بعد ان جلست كارا الى جانبهم قالت السيدة كارشلتون لفيفيان
-ياعزيزتي لابد انك وكارا في العمر ذاته؟
فسألتها فيفيان
-هل تقيمين في الملايو منذ مدة طويلة؟
اجابت الفتاة الاخرى
-منذ ستة اشهر امضيت معظم حياتي في الترحال. بعد فترة يكتشف المرء ان كل الاماكن تتشابه كثيرا... وفي النهاية يصبح الامر مملا.
نظرت السيدة كارشلتون الى كارا وقالت
-يفترض في سنك ان تكون الحياة مغامرة مليئة بالفرص والتجارب.
فنظرت اليها كارا بازدراء وقالت ببرودة
-انت دائما مثالية يا مادج.
فقالت السيدة كارشلتون ببعد نظر
-ستغيرين رأيك عندما تعرفين الحب.
فلفت كارا ساقيها واخذت تراقب حذائها الفضي وسألت بتهكم
-ولمن تقترحين ان امنح قلبي الفتي؟ لأحد مرؤوسي والدي المندفعين؟ ان رواتب الضباط الصغار ضئيلة جدا للأسف ولا اريد الحرمان في حياتي.
طقطقت مادج باسنانها وقالت
-هناك بعض العزاب المناسبين في موبينغ يا عزيزتي الدكتور سترانسوم مثلا فهو وسيم جدا واعتقد ان دخله جيد.
فضحكن كارا
-طوم متزوج من عمله يا مادج واذا نزل يوما من عليائه فسيكون من اجل فتاة جدية لا تمانع في ان تتقاسمه مع مجموعة من الاهلين المرضى.
نفضت رماد لفافتها ثم اشعلت لفافة اخرى وتابعت قائلة
-اني اتسائل احيانا اذا كان طبيبنا المحترم يشكو الوحدة فعلا فقد يكون مسليا اكتشاف ذلك.
فشرحت السيدة كارشلتون لفيفيان
-الدكتور سترانسوم شاب صارم جدا وهو يمارس الطب في الحي الصيني ولسبب ما يفضل المرضى الوطنيين على الاوروبيين.
فاجابت
-لقد التقيته وفهمت انه كان صديقا لعرابي.
فنظرت اليها المرأتان باهتمام مفاجئ وسألتها مادج
-بحق السماء اين التقيته؟ ظننت انك وصلت اليوم؟
-كان في الطائرة القادمة من لندن الى سنغافورة وجلسنا في مقعدين متجاورين.
فتبادلت المرأتان النظرات وسألت كارا
-ما رأيك فيه بعد هذه الرفقة؟
-تبادلنا حديثا مقتضبا. كان يقرأ معظم الوقت.
فعلقت كارا وفي عينيها الزرقاوين لمعة استمتاع
-تصرفه نموذجي فلو اضطر سترانسوم الى الاقامة في جزيرة خالية برفقة فينوس لأبقى أنفه مدفونا في كتاب علمي
واضافت السيدة كارشلتون
-الانسة كونيل التقت جوليان ايضا في طريقها من سنغافورة وهو الذي رافقها الى هنا هذا المساء.
فقالت كارا بعدم اكتراث
-حقا؟ من نقيض الى اخر فجوليان حساس بقدر ما سترانسوم حصين لا تدعي سحر جوليانيجرفك يا انسة كونيل فانه لا يصدق البتة.
اثناء اجتيازهم البهو وخروجهم الى الهواء الطلق قالت فيفيان لجوليان
-لم ادرك مدى اختناق الجو في الداخل.
-هل ضجرت؟
-ولماذا اصاب بالضجر؟ كم هي جميلة الانسة ميتلاند. اتسائل كيف تحافظ على بشرتها في هذا المناخ.
-انك اول امرأة تتفوه بكلمة طيبة بحق كارا في غيابها. جميعهن حسودات ويستمتعن بتهشيمها.
-لابد ان يكون ذلك صعبا او أر في حياتي احدا في جاذبيتها.
-انها فعلا فاتنة انتظري حتى تريها في نوبة غضب فتحت هذا القناع يختفي مزاج هرة متوحشة.
ثم امسك بيدها وقال بنعومة
-لاشك ان وجودي امس في سنغافورة كان ضربة حظ.
سحيت فيفيان يدها بلطف سارا بصمت فتسائلت متضايقة عما اذا كان رفضها المهذب قد اغضبه.
سألها
-هل حذرك احد مني؟
-بالطبع لا لماذا تسأل؟
-انها مجرد فكرة.
-هناك شيء لابد ان اقوله لك لابد انك لاحظت اختلافا في شخصيتي وسبب ذلك انني انسانة غير معقدة. كانت حياتي ضيقة المجالات و...
وتوقفت بحثا عن الكلمات الملائمة لشرح مشاعرها فتابع جوليان عنها
-... ولست معتادة على تشابك الايدي مع الغرباء اليس كذلك؟
احمرت وجنتاها ببطء وحمدت ربها على ظلمة السيارة واضافت
-لست متأكذة من انني اريد تغيير نفسي.
راقبتها يبتعد في سيارته ثم اجتازت كوخ الحارس الهاجه واطفأت نور الشرفة وتسللت الى غرفتها كانت كيم ملتفة على نفسها على سرير ضيق خارج الغرفة ومع ان فيفيان لم تشك مطلقا بمخاوف ليلية الا انها اطمأنت الى وجود الوصيفة بجوارها.
فتحت فيفيان عينيها ونظرت بحيرة الى السقف غير المألوف ثم تذكرت اين هي وقذفت الغطاء بعيدا وضعت قدميها على الارض وهي تتلمس مداسها كانت الغرفة تسبح في ظلال خضراء وحالما وفعت الستائر المسدلة تدفقت اشعة الشمس المتوهجة في صبح استوائي عبر النوافذ.
الينابيع صامتة والحوض يتألق في اشعة الشمس الصباحية. وبينما كانت تجمع بعض البتلات المخملية البيضاء التي وقعت من شجرة الياسمين خلال الليل سمعت صوت طرطشة ماء على مقربة منها. تذكرت حوض السباحة وتسائلت عمن يأخذ غطسة مبكرة.
هبرت الممر وحديقة العشب الى منصة القفز. كانت دائرة الامواج تتسع تحت الخشبة العليا لكن الحوض بدا خاليا للوهلة الاولى. ثم لفت انتباهها لمعان المعدن ورأت أن أحدا قد ترك علبة سجائر معدنية على العشب.
سمعت صوتا في الطرف الاخر من الحوض فاستدارت لترى رأسا داكنا يطفو مجددا. وبعد ان حددت المكان تمكنت من رءية شكل اسمر غامض يتجه نحوها. ولدى اقترابه عرفت انه رجل. وقبل وصوله الى الحافة بمسافة قصيرة ارتفع الى سطح الماء وأمسك بمقبض الحديد وتأرجح الى الارض المبلطة انه الدكتور سترانسوم.
حدق أحدهما في الاخر دقيقة طويلة وبدهشة متبادلة ثم ضاقت عيناه غضبا وسألها
-بحق السماء ماذا تفعلين هنا؟
-انني... انني اقيم هنا ماذا تفعل انت؟
-أليس هذا واضحا؟ ماذا تعنين بأقيم هنا؟
فقالت ملسوعة بترحيبه الخشن
-هذا هو بيتي الان السيد كاننغهام تركه لي.
فمسح الماء المنساب على جبهته وقال بجفاء
-يبدو انني اتطفل كان كاننغهام قد سمح لي باستعمال الحوض لم اكن اعرف ان المالك الجديد قد وصل لن اتطفل مرة اخرى.
وقبل ان تتمكن من الرد عليه اخذ علبة السجائر ومشى نحو الشجيرات.
-دكتور سترانسوم.
فاستدار وكان جسمه الطويل القوي العضلات يتألق . تقدمت فيفيان نحوه وقالت بحياء
-أرجوك لا تذهب ليس هناك ما يمنع استمرارك في استخدام الحوض.
وعندما لم يجبها تابعت
-السيد كاننغهام كان عرابي الم يقل لك انه ترك لي المنزل؟
-لم نبحث في الامر ابدا.
ثم انحرفت نظرته الى نقطة تتعداها على طاولة من الخيزرانتحت مظلة مفتوحة.
-صباح الخير سيدتي. صباح الخير سيدي.
فقالت فيفيان اذ رأت على الصينية ابريق قهوة وفنجانا واحدا وصحنا من شرائح الأناناس
-صباح الخير تشن كيف عرفت أنني هنا؟
-لم أعرف سيدتي هذه قهوة كانت للسيد الطبيب.
-اه فهمت ارجو ان تحضر لي فنجان اخر ربما استطعت ان اشاطر الطبيب قهوته.
-نعم سيدتي.
-ألن تجلس دكتور سترانسوم؟
فتردد لحظة ثم جلس قائلا
-لابد أن يبدو لك هذا غريبا جدا. وأخشى ان يكون تشن غير مدرك بأن الوضع قد تغير في مثل هذه الساعة لا يكون حوض النادي مفتوحا وفي حياة عرابك اعتدت المرور من هنا للسباحة وتناول فنجان قهوة في طريقي الى العيادة.
فقالت بلطف
-لاأرة غرابة في ذلك. بل يبدو ترتيبا معقولا جدا ولا داعي لايقافه بسبب وجودي هنا.
ثم سكبت القهوة وقدمت له الفنجان.
-تناوليه أنت سأنتظر الفنجان الاخر هل لي أن أدخن؟
-طبعا ليتني عرفت انك كنت صديق عرابي خلال الرحلة.
أخذت ترشف القهوة الساخنة ثم قالت بتودد
-أخشى أن أكون تصرفت بغباء شديد في رانغون وأعطيت عن نفسي انطباعا سيئا. أرجو أن لا تسجل ذلك نقطة ضدي.
وأضافت
-قيل لي انك احد القلائل الذين عرفوا عرابي عن كثب واعتقد ان وجهتي نظركما كانتا متشابهتين أريد أن أتصرف بوحي من قناعاته.
قطعت الحديث عودة تشن بالفنجان وبصحن أناناس اخر.
ابتسمت له فيفيان شاكرة وعندما عادت قالت بقلق
-لا أظنه يستلطفني.
فقال الدكتور سترانسوم
-لايعرفك بعد. هاهو سنغ العجوز قادم لم يضيع وقته.
تبعت نظره فرأت صينيا عجوزا يتطلع بحذر عبر الشجيرات.
وبعد استكشاف سريع خرج الى العراء وهو يحمل حقيبة في يد وصرة قماش كبيرة في اليد الاخرى.
وردا على نظرتها المستفسرة شرح لها الطبيب
-سنغ تاجر متجول ويأتي الى هنا مرة في الشهر اظنه عرف بوصولك ووضعك على رأس قائمته. هل أتخلص منه؟
-أرجوك لا أريد أن أرى بضاعته. لماذا كان حذرا الى هذه الدرجة في خروجه من الحرج؟
-لأنه لص عتيق ولو راه تشن لطرده لا تلوميني ان هو سلبك.
وضع الصيني أمتعته على العشب على بعد خطوات منها وتقدم وهو ينحني بتذلل وابتسامته العريضة تكشف أسنانا نافرة ملبسة بالذهب.
-صباح الخير سيدتي. صباح الخير سيدي. هل ترغبين في رؤية أغطية للطاولات وعاجا وبورسلين وملبوسات نسائية جميلة جدا؟ انها رخيصة جدا ونوعيتها ممتازة.
فقالت فيفيان متجاهلة نظرة الطبيب المستمتعة بسخرية
-نعم أرجوك.
جلب سنغ حقيبته وفتحها عند قدميها في الصرة اغطية طاولات مطرزة وبيجامات حريرية زاهية الالوان وقمصان من النايلون ومناديل مطرزة باليد. اما الحقيبة فاحتوت على مجموعة من علب صدفية وتماثيل عاجية وحلى فضية وزينة صينية رائعة التلوين.
كان سنغ بائعا خبيرا يعرف ان السيدات الانكليزيات يملن الى شراء ما يفوق امكانياتهن. وربما ان هذه الانسة الشقراء الشعر قريبة السيد المرحوم كاننغهام فلا بد انها ثرية جدا ولن تعترض على رفعه اسعاره بضعة دولارات. وبعين حذرة على الدكتور أخرج أجود أنواع بضاعته قائلا
-أتعجبك هذه؟ انها من النايلون الامريكي. جميلة جدا هه؟
فهزت فيفيان رأسها نفيا وحاولت الا يحمر وجهها ثم سألت بعجل وهي تشير الى سترة من الحرير. كان الحرير بخضرة شاحبة ومطرزا بشكل رائع بالطيور والازهار قبة ضيقة على الطراز الامبراطوري الصيني القديم ومربوطا من الامام بحزام حريري.
فسألت
-هل لي أن أجربه؟
-بالتأكيد بالتأكيد.
أدخلت فيفيان ذراعيها في الكمين الواسعين لمست التطريز الرائع بأنامل هيابة. كان معطفا يلائم أميرة.
بكم هذا؟
فراح سنغ يسرد حسنات المعطف قبل ان يقول في النهاية بأن ثمنه خمسون دولارا فسألت الطبيب
-كم يساوي بالعملة الانكليزية؟
-حوالي خمسة جنيهات ونصف.
-اذن ساخذه.
وبرغم محاولات سنغ لحملها على رؤية ما تبقى من الاشياء أقنعته بأنها أنهت مشترياتها ودخلت البيت لتأتي بالمال.
ما ان رجل البائع الماكر حتى اعلن الدكتور سترانسوم ان عليه الذهاب الى العيادة فسألته
-ستستمر في استعمال الحوض أليس كذلك؟
-اذا كانت تلك رغبتك.
ودفعها دافع لم تتمكن من تحديده الى مد يدها للمصافحة. ولبرهة شدت أصابعه الرشيقة السمراء على يدها بقبضة مؤلمة ثم رحل.
بعد الغذء قالت فيفيان انها تريد الذهاب الى المدينة للتسوق فانحنى تشن وقال
-سأجلب السيارة ربما كان من الأفضل أن ترافق كيم سيدتي لئلا يطلب الباعة أسعارا باهظة.
-نعم فكرة جيدة اغلب الظن انها تعرف افضل المحلات.
بعد نصف ساعة اوقف تشن السيارة في وسط المدينة وفتح لها الباب قائلا
-سأنتظر هنا حتى تعود سيدتي.
-قد يستغرق ذلك وقتا طويلا خذ السيارة الى البيت يا تشن سأعود برفقة كيم في عربة.
فرفض تشن قائلا
-ليس من المعتاد ان تركب السيدات الانكليزيات في هذه العربات.
-ولملا؟ كل الاخرين يفعلون ذلك.
-العربات ليست دائما نظيفة. سأنتظر
فردت بحزم
-ولكنني أريد الركوب في عربة. انها تبدو نظيفة بما فيه الكفاية كيم يمكنها اعطاء التعليمات للسائق.
فقال بصوت خالي من التعبير
-كما تريد سيدتي.
فأكدت له
-لاتقلق سنكون في المنزل وقت تناول الشاي. تعالي يا كيم.
طوال الساعة التي تلت استكشفت فيفيان السوق بينما كانت وصيفتها الصغيرة تعدو وراءها كحارس متيقظ.
لم يكن للحوانيت نوافذ بل كانت تطل مباشرة على الطريق وبضائعها تنتهك الممر. دهشت فيفيان لمرأى علب عرض للمجوهرات في جانب من الحانوت ونحاسا يضرب الأوعية والمقالي في الجانب الاخر. كانت مخازن الحرير في معظمها تخص هنودا يقفون في المدخل ويسخبون بضائعهم لعرضها على المارة. وحالما يرون سيدة انكليزية يرمون عليها ثوبا من القماش أو قطعتين من النايلون ويثرثرون برشقات من الكلام ثم يرفعون أكتافهم تعجبا وازدراء عندما ترفض الشراء وتتابع طريقها.
فجأة شعرت بلمسة خفيفة على ذراعها ورأت كيم تدلها على محل على الرصيف الاخر.
-سيدتي هذا جيد.
واذ تذكرت ما قاله تشن بأن الوصيفة ستجنبها السلب تبعت الفتاة الصينية الى المخزن المختار وابتاعت بارشاد منها عدة قماشات للفساتين أخدتها الى عند الخياطة وبعد فترة وجيزة كانت كيم مثقلة بالطرود فيما حملت فيفيان طردا يحتوي ثوبا للسباحة وعلبة للماكياج. وباحساس خفيف بالذنب أدركت أنها صرفت مبلغا كبيرا من المال لكن كل شيء كان في غاية الرخص وهي لم تجلب معها الا القليل من انكلترا بحيث وجدت مبررا لهذا التبذير الرائع.
وما ان خرجتا من مخزن بائع الاحذية حتى سمعتا صوت سيارة في الشارع ورأت فيفيان جوليان يبتسم لها من سيارته.
هبط من السيارة واتجه نحوهنا قائلا
-مرحبا كنت ذاهبا لاراك. هل أوصلك الى البيت؟ ماذا كنت تفعلين؟ تبتاعين المدينة كلها؟
-تقريبا لكنني اعتقد اننا بذرنا بما فيه الكفاية ليوم واحد. ارحب بالعودة في السيارة. فحجارة الرصيف هذه حارة كالجمر.
فقال بسعادة
-جيد ادخلي. سأضع أغراضك على المقعد الخلفي. ولكن أين سيارتك؟ هل ينتظرك خادمك الأول في مكان ما؟
-كلا أرسلته الى البيت. كنا سنعود في عربة لو لم يصادف مرورك من هنا.
فقال بصوت بدت عليه الصدمة لدرجة ان فيفيان قررت الا تطلعه بانها ركبتها بعد الظهر
-يا الهي لا يمكنك استخدام هذه الاشياء النتنة.
ولدى اجتيازهم سوق السمك لمحت قامة طويلة تقف عند المنعطف. كان الدكتور سترانسوم. وعندما مروا من امامه ابتسمت له ولوحت بيدها لكنه لم يرد التحية فتسائلت بانزعاج عما اذا كان تقصد ذلك ام انه لم يرها؟




نهاية الفصل الثاني


مغربيةوأفتخر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس