عرض مشاركة واحدة
قديم 19-02-14, 11:18 AM   #16

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

إن جمال المرأة يكمن في عفتها وحيائها وسترها وتدينها وحسن خُلقها ، لا في تقاطيع وجهها ولا تعرجات جسدها ولا في مساحيق تنشرها على مفاتنها ، إن المرأة تجمل في عين الرجل بصوتها الخافت ومشيتها الخجولة وعبائتها الفضفاضة ونقابها الذي لا يبين أي جزء من وجهها ، بل إنها تجمل أيضاً بقفازاتها التي تحكم عليها قبضة الستر .

إن الرجل - ولو كان غير متدين - فإنه يميل إلى المرأة المستورة النقيّة التي يرى فيها مملكته الخاصة التي لا يمكن أن يطّلع عليها أحد ، تلك التي يرى فيها نبعاً للطهارة يغسل كل ما بدا من بعض عيوب مظهرها ، الغريب أن النساء يغفلن كثيراً عن هذا وينشغلن بأشياء أخرى هي أقرب ما تكون فاتنة للرجل الذي يرغب التمتع بها وبجسدها فقط ؛ فإذا قضى وطره منها رماها غير آسف على ما سيحلّ بها ، ولو أنهنّ التفنَ إلى ما ذكرته من وصفات الجمال لجاءهنّ الرجل ممن يرغبون أن يستوطنوهن ويسكنوا إليهنّ .

لا أرى في " رؤى " إلا تلك المرأة التي يرغب الرجل أن يسكن إليها ، فقد رأيت منها وسمعتُ وعشتُ مواقفَ لا يمكن أن تُفسّر إلا بذلك ، بل بقيتُ بعد أن عرفتها أرقبها .. أرقب تصرفاتها .. أرقب ما تكتبه في تلك المجلات التي نصدرها ، فإذا هي امرأة تخاف الله وتخشاه وتعظّمه ، وإذا هي امرأة عاقلة رزينة ليست جانحة ولا ثقيلة ، لقد رأيت فيها ما كانت أمي تذكره عنها .. بل وزيادة !

ريّان : وماذا بعد ذلك ؟

إياس : كنت أودّ أن أخبر أمي بما قد رأيتُ من أمر " رُؤى " ، وأنها معي في دوامي وفي نفس مؤسستي بل وبجانب مكتبي ، لكني خشيتُ .. خشيتُ ماذا ؟ لا أدري ! ولكني كنتُ أخشى أن أخبر أمي بذلك ، بقيتُ هكذا أتابع " رؤى " وأستقصي أخبارها .. أزداد لها حباً وبها إعجاباً حتى جاء رمضان ، وفي الليلة الأولى منه وبينا أنا ووالدتي عائدين من صلاة التراويح ، أمسكتُ بيد والدتي وقلتُ لها ...
إياس : أظن يا أمي أنه حان الوقت لنستخير ربنا في موضوع زواجي من رؤى ، وإني لأسأل الله أن يكون الخير وما يختاره فيما أتمنّاه وآمله وأرجو ، وهو أن يُيسر لي الزواج منها ويسعدني بها .
أم إياس : والله يا ولدي ما صليت وتراً منذ أن علمت أنك ترغبها بعد سؤالنا عنها .. إلا ودعوت الله لك بأن يُهيّء لك من أمرك الرشد ، وأن يرزقك من حيث لا تحتسب ، وأن يُسعدك برؤى إن كان في سابق علمه - سبحانه - أن سعادتك معها .
إياس : جزاك الله خيراً يا أمي .. أعلم أنك لم ولن تُقصّري يوماً في توفير ما يسعدني ويُقر عيني ، أسأل الله أن لا يحرمك جنته ، وأن لا يحرمني منك في جنته ، فإن كان في الجنة نعيم بعد لقاء الله ورسوله فهو لقياك أنتِ يا غالية .
أم إياس : رفع الله قدرك يا ولدي .. غداً تأتي حبيبة القلب فتأكلك لقمة واحدة لا تبقي لنا منك ولا حتى الفتات ، لكني أحسن الظن بربي وأسأله أن لا يحرمنا منك وأن يجعلك لي ولوالدك قرّة عين ومصدر أنسٍ وسعادة .
إياس : حفظك الله لي ولا أبقى من يصرفني عنكِ ، على أي حالٍ .. من الآن سأنقطع إلى عبادة ربي ودعاءه مُخلياً بالي من أي شيء ، فإن أتى شوّال فاتّصلي بأهل رؤى واخطبيها لي منهم دون أن تخبريني بذلك ، واجعلي موافقتـهم لي مفاجأة ، فإني أحسن الظن بربي وهو - سبحانه - لا يرد داعيه وطرق بابه .

إياس : ومنذ دخل رمضان وأنا أدعو ربّي في كل وقت .. في كل وقت دون استثناء وأتحرّى أوقات الإجابة ، أرفع يديّ إلى السماء في آخر الليل .. وفي السّحر .. وعند الفطور .. في سجود التراويح والقيام ، بل ووالله العظيم أني كنت أحياناً أتذكّرها فأرفع يديّ وأنا عند إشارة المرور ، وكم مرة دمعت عيني رافعاً سبابتي أثني على الله وأنا أسير في سيارتي وأسأله بأسمائه أن يجيب دعائي .

حتى جاءت العشر الأواخر من رمضان .. كان صدري مليئاً بالحاجات والمطالب التي لا طاقة لبشرٍ بها ، و لا ينبغي لمخلوقٍ أن يسمعها ، ليس غير الله يقـدر على استقبال بوحي وتلك الشكوى ، فقصدتُ مكة مع رفقة أريد أداء العمرة وكأني لأوّل مرة أعتمر ، هي الحاجة إلى الله إذا عصفت بالقلب جعلت منه مستكيناً خاضعاً يستشعر كل خطوة يخطوها إلى الله !

عشتُ عمرة طويلة لا أظن أن يتكرر وقتها أو ما عشت فيها إذ استغرقت مني ست ساعات ، طفتُ كُليَ بالبيت سبع أشواط ، وقلبي لا يعرف سوى العظيم الذي لا ترد عند بابه حاجاتنا ، كنتُ أهتف باسمه دون شعوري ، ورغم الزحام الشديد إلا أني كنت أشعر بأني كنت وحيداً معه ، كأنه ينظر إليّ وأنا ألبي دعوتـه ؛ وقد خلعت كل الألبسة والأسمال ورميت الخلق ورائي ظِهرياً ،وانتزعت كبرياء نفسي .. وعفنها ،يكفيني للقائه ما يسترني من إزار ورداء سألف بهما إن مُت ،وتكفيني معيّته التي تغشاني ، وأبيتُ - بعد الشوط السابع - إلا أن أستلم الحجر الأسود ، فزاحمتُ وزاحمتُ حتى بلغته ، قبلته تعبـداً لله واقتداء برسوله وأداءاُ لسنة نبوية محمديّـة وطيفُ " عُمر " ماثلٌ أمامي .

وفي مكانٍ لا ترُد في الدعـوات ، حيث " مُلتزم الكعبة " - وهو ما بين الحجر الأسـود والباب - ؛ كان اللقاء بالذي وسعت كل شيء رحمته وقهرت كل شيء قدرته وأحاط بكل شيء علمه ، من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يُجـار عليه ، طرقتُ بابـه .. سألتُه .. دعوتُه .. استغثتُه .. شكوتُ إليه .. نثرت كل ما في قلبي بين يديه .. حتى أحسست ببرد السكينة تغمرني وبالرضـا يغسل فؤادي ..

لكني كلّما تذكرتُ ذلك الموقف .. تعجبتُ .. عجباً لأقدامي إذ استطاعت حملي في حضرة الحي القيوم ، عجباً لقلبي إذ لم يتوقف مهابةً وإجلالاً وتعظيمـاً وتقديسـاً .. وهو يناجي ملك الملوك ، عجباً لدموع عيني لم تجفّ إذ هي بباب القريب المجيب ..

وفي غمرة حديثنا انفجرَ إياس يبكي وهو يحدّثني ويردد ( سبحانه .. سبحانه .. سبحانه ) !


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس