عرض مشاركة واحدة
قديم 19-02-14, 11:19 AM   #17

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الحادي عشر



أخذتُ أطبطب على كتف إياس وظهره وهو يبكي بحرقة كأنما لامس في حديثه جرحاً غائراً ، لا أفشي سراً إن قلتُ أنه أبكاني بحديثه ووصفه فكيف ألومه وقد عايش تلك الأحداث بنفسه وذاق لذتها وحلاوتها بكامل شعوره وإحساسه ، كنت أحاول تسليته والتخفيف عنه ، والحقيقة أنه غشاني بذلك الموقف المهول الذي لا أملك أمامه إلا أن أسكت وأشاركه بكاءه ، ولكني كنت أخشى على صاحبي لكثرة ما بكى ، كنت أردد على مسمعه ( هوّن عليك .. هوّن عليك ) فيهز رأسه ويخفض صوته إلى أن هدأ قليلاً وبدأ يسكت عن بكائه وإن كنت أعلم أن دمعه ما يزال منهمراً وأنا أراه ينسكب على خدّه مبللاً لحيته الخفيفة .

رفع إياس رأسه بعد أن سكت عنه بكاؤه وقام عجِلاً نحو حامل المصاحف وجاء بواحد يحمله في يده ، قبّله ثم اعتنقه في لحظة هدوء وسكون وأنا أرقبه لا أتحدّث ولا أسأل وإنما تركته ليفعل ما يشاء إن أراد أن يكمل حديثه أو أن يقف ، وفي هذه الأثناء التفت نحوي وقال ...

إياس : ربنا عظيم يا ريّان .. عظيم عظمة لا يمكن أن نتخيلها ، عظيم عظمة تأخذ قلبك ولبّك لمجرّد أن تمشي خطواتك الأولى وأنت تدخل بيته المحرّم ، فتبدأ الكعبة تتراءى لك من بعيد وتظهر لك هيبتها رويداً رويداً ، حتى تصل إلى أولى عتبات صحن الكعبة ؛ حيث الجلال والرهبة والتعظيم والحب والخوف والرجاء .. كلها تحيا في قلبك وتهتز فيه وأنت تشاهد الكعبة بكاملها أمامك والناس حولها يطوفون في سكينة ، إننا حينما نذهب إلى مكة لأداء العمرة لا نستشعر هذه المعاني ولا نلتفت إليها ، مشغولون بما معنا من نساء وأطفـال أن لا يضيعوا في فوج الزحام ، مستعجلون نريد الانتهاء من عمرتنا في أسرع وقت ونتباهى في ذلك إذا جلسنا مع رفاقنا سوياً ، ليت شعري ما لهذا شُرعت زيارة البيت !

ريّان : إيــــه .. صدقت يا أخي .. صدقت .

إياس : بعد أن انتهيت من عمرتي عُدت إلى مقرّ سكني ، انشغلتُ في تلك الرحلة - لأول مرة في حياتي - بالعبادة تماماً ، انقطعتُ عن كل شيء من ملاذّ الطعام والشراب ، حتى القيل والقال ما كنت ألتفتُ إليه ولا أبغيه ، إلتزمتُ كلام ربي صباح مساء في ثلاثة أيام قضيتها هناك ، ليس لي من عملٍ فيها إلا الصلاة والقرآن والذكر والدعاء ، كنتُ أدعو في كل حينٍ متى ما تذكرتُ طلبي من ربّي ، كنتُ ألح عليه إلحاحاً وأعيد طلبي عليه وأكرره مرات كثيرة .

ريّان : أشعر أن بعض المطالب أحياناً تزيدنا قرباً من ربنا .. دون أن نشعر !

إياس : ثم بعد أيامٍ ثلاثٍ قضيتها في رحاب بيت الله ؛ عُدتُ وكلي أمل بالله وثقة به أنه لن يُخيبني ولن يردني صفراً ، عُدتُ من هناك وكأني ضمنتُ رؤى من فرط يقيني ، بدأت أخطط ماذا سأفعل وأين سنذهب وما نوع الأثاث الذي سنختاره وما الطعام الذي تُحبّه ، جاء العيد فصارت بهجته بهجتين .. بهجة العيد وبهجة ثقتي بأني سأفوز بـ " رؤى " ، وبعد العيد كنتُ أسأل أمي كل يوم - وكأن المسألة مسألة وقت لا أكثر - هل اتصلت بهم أم لم تفعل ، وكنت حينها لم أترك الدعاء ولا سؤال ربي طلبي ، كانت أمي تعجب من ثقتي بموافقتهم بل كانت تظن أنهم لن يوافقوا بسهولة كوني طالب لم أنهي دراستي الجامعية بعد .


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس