عرض مشاركة واحدة
قديم 19-02-14, 11:19 AM   #18

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

بقيتُ أنتظر وأنتظر وطال الانتظار حتى ظننت أن في الأمر خلاف ما توقعت وتمنّيت ،فطلبتُ من والدتي أن تأتي لغرفتي وقاسمتها أن تخبرني الحقيقة وأن تبصرني بما يجري ولا تخفي عني شيئاً ، تغيّر وجه أمي الباسم الذي اعتدته مشرقاً متفائلاً يمنحني الحياة عندما أراه كل صباح ، أخذت بيدي .. والدموع تتزاحم في عينيها ولأول مرة أراها تبكي لأمر لا يكون لله كالدعاء أو تلاوة قرآن .. ضغطت على يدي قليلاً وقالت لي ...

أم إياس : أنا أمّك يا ولدي .. أتعرف ما هي الأم ؟! أنا أعرفك أكثر من أي مخلوق يمشي على هذه الأرض ، أعرف خلقك وطيبة قلبك .. أعرف كرمك وسمو سجاياك .. أعرف تديّنك وحبّك لربك .. أعرف حتى تقاسيم جسدك ، أنت رفيق لي أكثر من عشرين سنة ، حملتك على يديّ هاتين وأرضعتك من صدري ، أزلت القذارات منك واستمتعتُ ببولك علي لباسي وقيئك في حجري ، رتبت لك دروسك ورسمتَ أول حروفك ويدي على يدك ، بقيتَ تكبر أمامي وأنا أشاهدك وأتأمل النبتة التي غرستها فيك حتى حفظت القرآن صغيراً وأنت طفل ، أعرف ماذا تحب .. وماذا تكره .. ما الذي يسعدك .. ومالذي يحزنك ويغضبك ، لذا .. عندما أقول أنهم همُ الذين لم يفوزوا بك ولم يربحوك لابنتهم فأنا صادقة غير كاذبة ولا خائنة !

إياس : أتعرف يا ريّان !؟ برغم قساوة وقع الخبر عليّ إلا أن رؤيتي لعيني أمي وهما غارقتين بالدموع من أجلي كان أقسى على قلبي ، قمتُ من فراشي لأتي لأمي بمنديل أمسح به دمعها بيدي ، أخبرتها أن لا تحزن فالأمر لا يستحق الحزن ، كنتُ أريد أن لا تعيش ألمي وحرارة ما أجده في صدري ، فابتسمت وقالت ...
أم إياس : سأجد لك امرأة تستحقك فعلاً !

إياس : ابتسمت لها شفتاي لتطمئنها أني بخير ، ولكن قلبي كان يرعف دماً ويجثم عليه ألم رهيب ، جُننت يا ريّان حينها .. جُننت ، صِرتُ أهذي بعد خروج أمي من غرفتي بكلامٍ لا معنى له ، حتى إني تسخطت على ربّي - عز وجل وتبارك وتقدّس - إذ لم يستجب دعائي ، ولكن التربية التي ربتني عليه أمي وأنعشها في صدري والدي كانت حاضرة في تلك الأحداث ؛ فبرغم ما أنا فيه من سكرة إلا أني لا شعورياً تناولتُ المصحف وشرعتُ أقرأ فيه ، أقرأ وأبكي .. أقرأ وأبكي .. أشعر بإقبال على القراءة .. ثم أشعور بشيء كالغضب تسخطاً يدفعني للتوقف فألزم نفسي بالقراءة إلزاماً ، كنت أقرأ في سورة غافر حتى وصلت قول الله : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ... الآية ) ، فسجـدتُ وأنا أبكي مناديـاً ربي ( يا ربِ دعوتك فلم تجبني .. يا ربِ دعوتك فلم تجبني ) ، وبقيت أكررها وأنا أشعر بمرارة في صدري ، أسأل الله أن يعفو عني .. كلّما تذكرتها الآن استحييت من ربي وتصدقتُ واستغفرتُه من حمقي وجهلي وعدم احترامي لجنابه المقدّس !

لم أذهب للدوام ذلك اليوم .. بل صليتُ المغرب ثم العشاء فنمتُ بعدهما سريعاً وقد هدّ البكاء المتواصل في دعائي لربي طاقتي وأخذ مني كل جهد ، قمت في آخر الليل قبيل الفجر وصليت ركعتين أطلت فيها القراءة ومن ثم خرجت إلى المسجد قبل الأذان بدقائق ، فتحتُ أضواءه وصليت الوتر خفيفة واستندتُ إلى سارية متأملاً مفكراً في أحداث اليوم السابق وما جرى فيه ، أذّن الفجر وصلينا ثم بقيتُ في المسجد أنظر إلى المستقبل وأن كل حلمٍ قطعته صار أشبه ما يكون بمفرقعة انفجرت وانتهت .

وبعد تأملٍ وتفكيرٍ وأخذ ورد مع نفسي عزمتُ أن أمضي في حياتي قُدماً وأن أترك ما حدث خلف ظهري ولا ألتفت إليه ، وهكذا عُدتُ إلى البيت والابتسامة تملأ وجهي وتناولتُ الإفطار مع والديّ ثم خرجتُ إلى جامعتي ، وعُدت من جديد إلى نظامي حياتي السابق .

بعد أسبوع تقريباً .. بدأت " رؤى " تعود إلى ذهني من جديد ، صرتُ أفكّر فيها كثيراً ولا أحدّث بما في نفسي أحداً ممن هم حولي ، فالأمر انقضى ولا مجال للعودة إليه ، تطوّر الأمر إلى أن صرتُ أحلم بها في نومي ، حيث رأيت أكثر من ست مرات رجلاً يأتيني في منامي وهو يشير إلى بيت الدكتور ويقول لي ( مرة ثانية .. مرة ثانية .. مرة ثانية ) ثم ينصرف !


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس