[Mai sherif]

8:

00 مساءاً
باحد المطاعم الراقيه .. التي تقع في العاصمه .. والتي منذ ان عبرت
بوابتها .. اعامل كملكة .. احد النذال .. استقبلنا بإبتسامه .. دلنا الي الطاوله .. واضاء الشموع المحيطه بها .. ليسحب اسامه لي الكرسي لاجلس .. ويجلس هو امامي .. ديكورات راقيه ببهاء .. إضاءه موزعه بدقه فخمه .. وموسيقى الكمان هي الوحيده التي تُثير ضيقي .. جلسنا بجانب احدى الطاولات الملاصقه للنوافذ الزجاجيه العريضه التي تحتل الحائط باكمله .. والتي يُزين اطلالتها نهر النيل العظيم .. ورغم رقي المنطقه المحيطه.. الا ان بساطة اصحاب الارض فرضت سيطرتها علي المكان.. حيث وقفت احدى عربات بيع حمص الشام ذو الرائحه الذكيه .. ليجتمع حولها الرواد بهدوء .. ليتناولوا كاساتهم بنهم وبفرحه .. وعربه اخرى يقف عليها رجل ناهز الستين .. يسعى بشرف الي كسب رزقه .. ببيع اكواز الذره المشويه .. ورواده مستمتعين .. باطيب مذاق على الاطلاق .. والكثير من الناس اصطفت على طول السور الفاصل بين المياه واليابسه .. هاربين من ضغوط الحياه البائسه .. والاطفال تتراكض خلف بعضها البعض بفرح عارم .. لأتذكر طفولتي انا كذلك .. كانت طفوله مشاغبه .. لطالما ارهقت والدتي بكثرة متطلباتي .. لتصرخ بعلو صوتها .. وتعطني الاذن بالذهاب لبيت جدتي .. حيث حسن ورفاقه .. لاتبعهم .. رغم اعتراضه وسخطه .. كنت له كظله .. وطالما اوقعته في مشاكل بسبب عدم استماعي لكلامه.. ليعيدني للبيت .. رغم اعتراضي .. وبعد القاء خطبه طفوليه طويله .. ينهيها دائما ب " انا ولد ومبلعبش مع بنات".. ليذهب حيث كان .. تاركً اياي خلفه باكيه .. الغريب انني احاول ان ابحث عن اسامه بين رفاق حسن .. لكني اصل دائماً لحاره سد .. طريق مغلق ليس له مخرج .. مازال غامض بالنسبه الي .. معادله صعبه اعجز عن حلها .. ورغم مرور الشهر على خطبتنا .. مازلت عاجزه عن الوصل الي اعماقه .. لا اعلم .. هل هو تقصير من جهتي .. ام انه متحفظ بزياده ... هو اصحبني اليوم الى
هنا .. وانا سأستغل انفرادنا .. لاتحقق من اسئلتي المحيره بشأنه ..

" مقولتيش .. ايه رأيك في المكان .."..
" حلو قوي يا اسامه .."..
" يعني مبسوطه .."..
" اه قوي .. بس انت عارف الاحلى ايه .."..
" انت طبعاً .."..
" ههه .. ماشي .. شايف الناس الي تحت دي .."..
" اه مالهم .."..
" قعدتهم احلى .."..
" طيب تعالي .."..
" هنروح فين .."..
" تعالي بس .."..

مد كفه ليقبض على كفي برقه .. سحبني خلفه .. وبخطوات سريعه .. توجه الي بوابه المطعم .. ومنها الي خارج المبنى .. لنعبر الطريق بسرعه .. واخيراً الي احد المقاعد الشاغره امام نهر النيل مباشره ..
" ها مبسوطه كدة .."..
" ههههه انت مجنون والله .. الناس فوق كانوا بيبصوا على جوز المجانين الي بيجروا .. ههههه"..
" ههههه ممكن يفتكرونا سرقنا حاجه .. تخيلي .. هههه"..
" ههه ساعتها ولا هعرفك .. انا بريئه .. وانت الي بتجري وساحبني وراك .."..
" ماشي .. الكارنيه في محفظتي .. يعني انت وش متهمه وانا قبضت عليكي ههههههه.."..
" ههههههههه .. ماشي يا ندل .."..
" ضحكتك حلوه قوي .. شكلك كله بيتغير لما تضحكي .."..
" للاحسن ولا للاوحش .."..
" انت تفتكري ايه .."..
" معرفش .. انت الي شايف .."..
" اممم .. طيب هبقى اقولك بعدين .."..
" بطل رخامه .. قول بقى.."..
" عوزاني اعاكسك يعني .."..
" لا خلاص .. متشكرين .. سعيكم مشكور .."..
" هههههه انت في عزا يا بنتي .. بتبقى زي القمر .. وعنيكي .. بتلمع بطريقه .. عمري ما هشوف زيها .. "..
"........……"..
" سكتي ليه !!.."..
" نفسي اوصل للي جواك بجد .."..
" ازاي .. مش فاهم .."..
" يعني .. انا مش قادره اوصل لاي حاجه غير الي انت بتحب توصله ليا .. معرفش .. حاسه انك غامض .."..
" انتِ مسألتيش .. عشان اجاوب .."..
" يعني لو سألتك هتجاوب .."..
" اكيد .. ايه الي يمنع يعني .."..
"
طيب .. اذا سألت عن حاجه .. كانت في الماضي .. هتجاوب بردو؟..".. " اسألي يا ندا .."..
" انت .. هو انا اول واحده في حياتك ؟.."..
" ارتبط رسمي بيها .. اه .. ليه بتسألي ؟.."..
" يعني كنت مرتبط قبلي بحد ..."..
" حد ازاي .. طبيعي زي اي شاب يعني يا ندا .. ومتمتش لانها مش نصيبي .. عادي .. بتحصل .."..
"
يعني ايه عادي وبتحصل .. حاجه زي دي متتخباش .. مقولتليش ليه ؟..".. " انت مسألتيش يا ندا .. ثم هو انا هحاسبك على العرسان الي جولك
ومحصلش بينكم نصيب مثلاً .."..
" اكيد لا .. بس انت كنت خاطب .."..
" مين قال الكلام ده .. كان في موضوع .. ومتفقناش .. وارده .. وبتحصل ...."..
" هي مين .."..
" هتفرق معاكي في ايه ..."..
" لا هتفرق .. بنت خالتك صح؟!.."..
" ندا .. موضوع .. ومليش فيه نصيب .. ملهوش لازمه الكلام فيه .."..
" انا عاوزه اعرف .. ريحني وقول .."..
" لا مش لازم تعرفي .. المهم انا معاكي .. والماضي مش لازم يتعرف .."..
" ليه .. مخبيه ليه .. انا كنت صريحه معاك .. وانت بتلعب معايا لعبة القط والفار .. وكده انت هتتعبني .. "..
" اولا انا مش مخبي .. بس مش انجاز عظيم اني اعرفك حاجه لا هتقدم ولا هتأخر في علاقتنا .. ثانياً .. انا مش بلعب معاكي ولا حاجه .. انت سألتي وانا جاوبت .."..
" لا بتلاعبني يا اسامه .. رافض تقول البنت .. وكمان رافض تقول امتى حبتني .. وازاي عرفت عني حاجات انا متأكده ان حسن نفسه ميعرفهاش عني .. مخبي .. ومش عاوز تريحني .."..
" متدخليش دي في دي .."..
" لا هي كده يا اسامه .. هي حلقات بتركب عشان نجمع السلسله الي هتربط بينا .. وانت مش عاوز تديني فرصه .. نفسي افهمك .. نفسي اعرف انت بتفكر ازاي .. ليه غامض .. "..
" انا واضح معاكي يا ندا .. بس في حاجات تتعرف بأوقات معينه .. مش اكتر .. وموضوع البنت ده .. ملوش داعي يتعرف من اساسه .."..
" بس انا عاوزه اعرف .."..
" مش هتفرق .."..
" هتفرق معايا انا .."..
" انا شايف انها مش هتفرق .."..
" مين هي .. بنت خالتك صح ؟؟.."..
" ندا .."..
" رد يا اسامه .."..
" نداا.."..
" هي صح!!.."..
" اللهم طولك يا روح .."..
" هي بنت خالتك .. طيب ليه حصل مشاكل بينكم .. ومين الي ....."..
" انت عاوزه تتخانقي وخلاص.."..
" انا مش بتخانق .. انت الي مش عاوز تقول حاجه .. وانا كده مش مرتاحه .. "..
" مش مرتاحه !!.."..
" اه .. بصراحه .. انت بتلف وبتدور .. وانا مبحبش الاسلوب ده .."..
" يعني ايه ؟.."..
" يعني يا تكون واضح وصريح معايا .. يا كل واحد يروح في حاله ..".
" نعم !!.."..
" زي ما سمعت .."..
" بتنهي علاقتنا .. عشان موضوع تافهه لا هيقدم ولا هيأخر .. ومعرفتك بيه .. مش هتجيب غير المشاكل !! .. هي دي قيمتي عندك يا ندا ..".
" لا هنهي علاقتنا عشان مش عارفه اتفاهم معاك .. مش قادره اوصل للي في دماغك .. قولي انا اعرف عنك ايه .. غير امور ظاهريه .. بتحب تلبس ايه .. تاكل ايه .. مين اصحابك .. شغلك .. حياتك الي انت بتوصفهالي .. كل ده ظاهري .. نفسي اعرف ايه الي جواك بجد .. وانت غامض ومربك .. وانا مبحبش الامور الوسط .. يعني يا ابيض يا اسود .. الرمادي لون مبحبهوش .."..
" وموضوع ارتباطي دا هو الي جوايا .. ده الي هيقربك او هيبعدك عني!! .."..
" انا عاوزه اعرفه .. هيفرق معاك ايه ؟.."..
" وانا مش عاوزك تعرفيه .. افهم بقى الفرق الي هيحصل .."..
" انا تعبت .. بجد .. انا عاوزه امشي .. يلا .."..
" ………"..
" متبصليش كده .. انا مش بيبي صغير قدامك .. طلبت منك طلب .. وانت رفضته .. وتعبتني معاك .. وانا مبحبش الاسلوب ده .. خلينا نمشي ..".
. " متكبريش الموضوع يا ندا ..".. "مش هكبره .. عاوزه امشي .. يلا .. يا اما هاخد تاكسي .."..
" ندا .."...
" خليك انت انا هاخد تاكسي .."..
" تعالي هنا .. انا ساكت من الصبح عن انفعالك الي ملهوش اي لزمه .. وانت مصممه نتخانق .. طيب استحملي .. اتفضلي على العربيه ..."..
" لا شاكرين لافضالك علينا .. "...
" ندا .. انا عفاريت الدنيا بتتنطط في وشي .. اقصري الشر واركبي .. ومسمعش صوتك .."..
" هاخد تاكسي .."..
" اركبي .."..
" لا.."..
" اركبي بدل ما اركبك غصباً عنك .. واقصري الشر يا ندا .."...
" هتعمل اي هيعني .."...
" قدامي على العربيه .."..
" لا .."..
" ندا .."..
" ابعد ايدك .. متلمسنيش .."..
" اركبي .."...
" لا .."..
" ندا .. "..
" لا مش هركب .. ولو مابعدتش عني .. هصوت اولم الناس عليك .."..
" نعم!!.."..
" زي ما سمعت .. اوعى عاوزه امشي .."..
" انت بـ...."..
" في حاجه يا انسه .. الكابتن ده بيدايقك .."..
" اه بيعاكسني .."..
" مش تحترم نفسك يا كابتن .. انت معندكش اخوات بنات .."..
" ربنا يسهلك يا اخ .. اتكل على الله دي خطيبتي .."..
" لا مش خطيبته.."..
" وكمان بتتبلى على البنت ... لا دا انت عاوز تتعلم الادب .."...
" تعلم مين الادب .. امشي من هنا بدل ما اتغابى عليك .. وانت قدامي على العربيه ..".
" اتفضلي انت يا انسه .. كلامك معايا انا ي ا كابتن .."..
" تعالي هنا .. قولت لك اتكل على الله .."..
" لا دا انت عاوز تتربي .."...

لكمه تلاقها على وجهه .. ثم توالت اللكمات ما بينه وبين الرجل .. وقفت لثواني اشاهد العراك .. لاسرع الخطى الي اقرب تاكسي .. في حين بدات الجماهير بالتجمع .. لمشاهده العراك .. او المشاركه فيه .. او محاولة فضه .. تحركت العربه .. وانا اكاد ابكي .. تصرفي الان متهور .. لكنه يستحقه .. كدت انا ان الكمه .. لكن الله بعث لي ذاك الرجل ليحل مكاني .. ولينتقم لي .. مرواغ من الدرجه الاولى .. وانا لم اتعامل مع من هم على شاكلته بحياتي .. ليبتلني الله به .. دوناً عن كل البشر .. لارتبط به .. اشعر بانني تسرعت بالارتباط به .. ليست مشكله .. مازلت على بر الامان .. لكن .. هناك شئ ما بداخلي .. يقلقني كلما فكرت بانهاء الخطبه .. شئ ينمو ببطء .. ليحتل جزء من تفكيري .. لا اعلم ماهيته .. لكني فعلاً كنت اريد ان اعرف من تلك الفتاه .. ان سألتموني لما ؟.. اجيبكم بلا اعلم .. حيره تملكتني .. وغضب انتابني من اصراره على اخفاء هويتها .. اتصرف وكأنني اغار .. او انني كذلك وانا لا اشعر .. هل هي غيره .. ام تملك .. ام جانب اناني بداخلي .. ام غموضه الذي زاد عن الحد .. لا اعرف .. فقط انا حائره .. قلقه .. وبرأسي تدور الالاف من الافكار ..