[انثى الهوى]

بسم الله الرحمن الرحيم
نبدا مع اللوحة الثانية من لوحات المرحلة الزرقاء

أحد لوحات بيكاسوا للمرحلة الزرقاء(رجل أعمى مشرد مع غيتار 1903م)


لما أحتل الألمان باريس ،كان بيكاسوا فيها مُراقبا،وزاره أحد الضباط الألمان وسأله حين شاهد لوحاته عن الحرب،أنت رسمتها؟ قال بل انتم من فعل ذلك!
لدي قناعة يعززها قلب بيكاسوا العاشق،ان مراحله الفنية ارتبطت بالمرأة التي سكنت قلبه بدأمن الزرقاء 1901-1904 فالوردية 1905-1907 مع الفاتنة أوليفي بل حتى من انقذه من الفقر وموت باريس البطئ هي أيضا امرأة : جرتريد ستاين التي اشترت منه بعض اللوحات وعرفته على الأثرياء بعدها صعد نجم بيكاسوا .
عاني بيكاسوا الأمرين في باريس وذاق طعم التشرد،وانتج خلالها لوحاته الشهيرة1901-1904 باسم(اللوحات الزرقاء)واغلب الظن أن بيكاسوا التقط هذا اللون من الرسم العمودي المتشح بالزرقة من الرسام الاسباني لي قريس احد اشهر رسامي القرن السادس عشر،وهنا بعض لوحات بيكاسوا الزرقاء كان بيكاسوا دوما يحاول نسيان هذه المرحلة الزرقاء ويقول أنها(مجرد مشاعر)..

نظراً لطغيان اللون الأزرق على كثير من تفاصيل لوحاته في تلك المرحلة

حيث أصبح اللون الأزرق رمزاً للوحشة والحزن والخواء

وأحياناً التأمل الصامت

كانت مرحلة رائعة تفيض بالجمال رغم أنها تفيض بالمعاناة والخيبة وفقدان الأمل

الوجوه فيها كئيبة وكالحة ذات لون أزرق بارد

وفي لوحة عازف الجيتارا العجوز تمكن بيكاسو من التعبير ببراعة عن التدهور النفسي والمعنوي والبدني لفئة الفقراء والمعدمين

حيث يبدو العازف العجوز الأعمى بملابسه الرثة وجسده الهزيل وهو يعزف على جيتارته بلا إهتمام

وقد أتخذ وضعية جلوس غير مريحة وبدا كما لو أنه لا ينتظر عزاء أو إشادة من العالم المحيط به

أو كما لو كانت الحياة تسربت من جسده النحيل ولم تعد تعني له شيئا

وهذا الرجل الطاعن في السن كما يبدو من هيئته الرثة

رجلاً شريداً يعاني الوحدة وإنعدام الأنيس

اللون الأزرق يسطر سيطرة تامة على تفاصيل اللوحة لذلك فهي تثير فينا بعض المشاعر الكامنة بالوحدة والشعور بالبرد القارص

وأغلب شخصيات لوحات بيكاسو تمثل شخصيات هامشية معدمة ذات نمط حياة بوهيمي مثل الشحاذون والمعاقون وذوي العاهات والمنبوذون والكادحون الذين لا يملكون فلساً

حاول بيكاسو في هذه المرحلة الزرقاء أن يسلط الضوء على فئة منفصلة إنفصال تام عن المجتمع المحيط

تعيش في الشارع وتتسول اللقمة

تعاني فقدان الأمل وإنعدام الثقة في المستقبل

لقد صور بيكاسو من خلال لوحاته الشقاء والحزن تصويراً بليغاً

مختاراً لها اللون الأزرق الذي يبعث في النفس الأمل

ويمنحها الإطمئنان والهدوء...

و من الجدير بالذكره أن أحد أسباب جمال هذه اللوحة هو وجود لوحة أخرى بدأها بيكاسو تحتها. ثمّ و من المعتقد أن ّ اللوحة الأولى ، المغطاة ، لم تنل إعجاب بيكاسو أو ربما لم يكفيه التعب و الإنكسار الذي فيها لإيصال فكرته. و نظرا ً لعدم توفّر المال الفائض و الكافي لدى بيكاسو في مرحلته الزرقاء لإستبدال القماش المستخدم في اللوحة الأصلية بقماش جديد ، فقد قام بأعادة طلاء القماش نفسه و استخدامه مجددا ً لرسم اللوحة التي بين يدينا اليوم " عازف الغيتار العجوز . "
يستطيع الناظر إلى اللوحة ملاحظه خيال اللوحة الأولى المغطاة ؛ سيدة تبدو عارية إلا أنّ فيها شيئ ما يذكرنا بموناليزا