الى الطابق العلوى اشرق الصباح بالنور حيث انسكب على وجهها المتورد
وامتزج يالق عينيها اللتين عكستا بعض الحس من مظهر امها الفائق
الاناقة ... لايمكنها ابدا ان تنافس مونيكا فى هذا المضمار , فهى ماتزال
تحب ان تركض حافية على المرج الاخضر وتترك شعرها يطير فى
الهواء كالعصفور ... فكرت فى نفسها وهى تنزع الروب بسرعة وتحدق
الى صورتها فى المراة , و ربما هى تشبه عائلة والدها الاوسترالية وقد
ورثت عنها تصرفاتها العفوية مع الجنس الاخر وهذه النزعة الاندفاعية
التى تغيظ سيمون فى معظم الاحيان . من اليوم فصاعدا عليها ان تحاول
الابتعاد عن طريقه حين لا تكون على المستوى المطلوب من الاناقة
والترتيب كى لا تعرض نفسها لانتقاده مرة اخرى .
فى السيارة , وفى الطريق الى عملهما , سالته :
كنت تفكر فى افتتاح مكتب فى وسط المدينة , هل تعتزم تنفيذ الفكرة ؟
اجابها بهدوء وبتكاسل ناقضته حركة اصابعه العصبية :
تلك الفكرة مؤجلة نظرا الى بعض الاعتبارات .
ماذا تعنى ؟
هذا تعبيرك الدائم , اليس كذلك يا ليزا ؟ الا يمكنك ابدا ان تقراى
ما بين السطور ؟ بصراحة تامة , اقصد اننا سنبقى حيث نحن لبينما اعين
مديرا عاما ولبينما تعود الانسة براون من رحلتها .
ربما هى تستحق هذه الضربة على يدها كطفلة مذنبة ولكن لايكف عن
مضايقتها بتعلقاته اللاذعة الغامضة . كيف يقدر ان يتغير , وما بين لحظة
واخرى , من الرقة والحنان والحماية الى التانيب والاقحام بدون ان
يطرف له جفن ؟ وها هو الان يضيف ببرود :
لا احسبك تسعين الى الاطراء فى باكورة الصباح يا ليزا ؟
اجابته بجفاء :
ثق انى لا اطلبه منك بتاتا . فى الاسبوع الماضى تلقيت بطاقة بريدية
من الانسة براون قالت فيها ان اختها تتحسن , وهكذا فقط لا تتاخر فى
العودة كما اظن .
احست برغبة فى معاكسته فاصرت على متابعة الموضوع :
اعتقد انك قد ترجع الى لندن فى نهاية المطاف .
اجابها وهويطلق تنهدا قصيرا لا يخلو من الضيق :
قد افعل , انما ليس فى الوقت الحاضر . يبدو ان الامور تجرى على ما
يرام فى لندن وكان غيابى قد زود اخى بالحافز المطلوب على العمل . انه
يتقدم فى كل المجالات ولا اريد ان اعرقل سيما ان المشاغل كثيرة
هنا تتطلب وجودى , اضافة الى ذلك , لدى مدير اعمال ممتاز فى لندن
كما اخبرتك سابقا .
بادلته تحديقه البارد بنظرة غاضبة من عينيها المتسعتين واحست للمرة
الثانية انها معلقة فى الفضاء وانها ليست سوى مخلوقة صغيرة تقاوم بوهن
لتتخلص من نظرة وحش شرهة قد تلتهمها فى اية لحظة .
لكن تحرك السير انقذها مؤقتا من ورطتها اذا ازاح بصره عنها وقال
بلهجة امرة :
كفى عن الكلام . تصرفى كبنت مطيعة .
تحركت السيارة الى الامام مدفوعة بقوتها الذاتية وبقوة الرجل الذى
يقودها . لقد خاطبها كما لو انها طفلة تقيعت حيث هى وامتثلت لامره
لدى عودتها الى البيت مساء اخبرتها مونيكا ان سيمون قد طلب موافقتها
على ان تقيم له سلسلة من حفلات العشاء , واردفت موضحة :
لقد مل تناول العشاء فى الفنادق وشقته صغيرة لا تتسع لاقامة
الحفلات . اصبح لديه الكثير من المعارف ويرغب فى توطيد علاقته بهم ,
وهكذا طلب مساعدتى فى هذا المجال .
اتقصدين بدعوة الناس الى هنا ؟ لا ارى كيف ستساعدينه بذلك .
انك تخلطين الامور وهذه عادتك ليزا . من المهم للشركة ان يتعرف
سيمون باسرع ما يمكن الى رجال الاعمال المحليين والى المنطقة ,ومن
الصعب عليه ان يفعل ذلك فى فندق .
قطبت ليزا اذ دخلها ارتياب مفاجىء . هل هذا ما قصده بالقول انه
يريد التوصل الى معرفة طريقة ؟ انه لايعتزم حتما ان يستعمل امها كاداة
للكشف عن هوية العابثين بدفاتر الشركة , و قد لا يتجاوز مبلغ
|