يؤمن الكثيرون حول العالم بقوة التمني، ويغتنمون كل فرصة تسمح لهم بإطلاق أمنية مهما كانت بسيطة أو صعبة التحقق، وللتمني حول العالم الكثير من الطرق لكنها جميعاً تجتذب الناس والكثيرون يسافرون حول العالم من أجل أن يطلقوا أمنيةً لعل الحياة تصبح أجمل، واليوم رحلتنا ستكون للتعرف على أساليب الأمنيات وأماكنها حول العالم..
وسنبدأ من أميركا وتحديداً من "التفاحة الكبيرة" نيويورك، ففي ساحة التايمز ينتصب "جدار الأمنيات"، حيث يكتب الناس أمنياتهم على قصاصاتٍ من الورق الملون ويثبتونها على الجدار بالمسامير، وفي عشية رأس كل سنة ميلادية يتم إطلاق هذه القصاصات في الهواء لتتحقق رغبات أصحابها عما قريب.
وبما أن الأوريغامي "الأشكال المصنوعة من الورق" هي تقليدٌ قديم، فإن الحمامة الورقية هي رمزٌ للسلام في هيروشيما اليابانية تم ابتكاره من قبل فتاةٍ يابانية تدعى "ساداكو ساساكي" توفيت نتيجة سرطانٍ في الدم ناتج عن الآثار الإشعاعية للقنبلة الذرية التي تم قصف هيروشيما اليابانية بها، وأصبحت هذه الحمامات الورقية رمزاً لتمني السلام هنا في اليابان.
أما في الهند فإن المناديل هي التي تحمل الأمنيات، وتسمى مناديل الصلاة، وكذلك في نيبال، وهي عبارة عن قطع مستطيلة ملونة من القماش، يتم تعليقها وربطها على المرتفعات كما في إيفريست والهيمالايا، وفي الأماكن التي من المعروف أنها مقدسة كالمعابد.
لربط هذه المناديل هناك تقاليد لا بد من الالتزام بها عند التمني، ففي البداية تأتي هذه المناديل في خمسة ألوان يجب تعليقها من اليسار إلى اليمين على الترتيب: أزرق، أبيض، أحمر، أخضر، أصفر، وكلٌ من هذه الألوان يحمل رمزاً معيناً هو أحد العناصر الخمسة في الكون وهي العناصر المقدسة في الديانات كلها تقريباً؛ فالأزرق للسماء والفضاء فيما يرمز الأبيض للرياح والهواء، أما الأحمر فهو يرمز إلى النار، والأخضر إلى الماء، واخيراً يرمز الأصفر للأرض، وربط المناديل الخمسة يمنح التوازن والصحة من خلال التوازن والانسجام بين هذه الألوان الخمسة معاً.
ويُشاع أن هذه المناديل تحمل الأمنيات لله لكن هذا الاعتقاد خاطئ، ففي الحقيقة تقول الأسطورة بأن الرياح حين تهب في المنطقة التي تعلق فيها المناديل، فإنها تحرّك المناديل فينتشر السلام على كل الكائنات من خلال الرياح التي تحمله، وبذلك يتحقق السلام للعالم.
أما في إيطاليا وهوانغشان الصينية فإن العشاق اختاروا "أقفال الحب" لتحمل أمنيتاتهم بالحب الدائم الأبدي، وذلك من خلال وضع قفلٍ على أحد الجسور في إيطاليا وقفله، وكثيراً ما يحفر العشاق أسماءهم على هذه الأقفال قبل وضعها لتبقى هناك كذكرى في المكان الرومنسي هذا.
في اليابان، شجرة الأمنيات هي الطريقة المتبعة هناك إذ يقوم كل شخصٍ يكتابة أمنيته على ورقة ويطويها ثم يعلقها على أغصان الشجرة التي تقع في مزار شنتو بمدينة كيوتو اليابانية، وحين تطير هذه الورقة من على الغصن فهذا يعادل تقديم قربان، ويبشر بتحقق الأمنية لصاحبها.
في تركيا فإن مهرجان الربيع باسطنبول هو المكان الذي يقوم الناس بالتمني فيه، من خلال ربط منديلٍ على شجرة الأمنيات، وفي الأساطير القديمة كانت فتيات الريف التركي تقوم بعقد منديل في الشجرة طلباً للزواج، وحين تعرف أو ترى منديلها قد سقط من الشجرة فهذا مبشرٌ بأنها ستتزوج عما قريب.
في إنكلترا يلجأ البعض عندما يتمنون إلى تثبيت عملة نقدية معدنية في جذوع الشجر، عن طريق دقها داخل الجذع، وبذلك أصبحت الأشجار تملك ثروة كبيرة من خلال ما تحمله في جذوعها من عملات.
وبالعودة إلى إيطاليا حيث أشهر الأماكن التي تحمل أمنيات الناس، ينبوع ترافي في روما، هذه البحرة التي تقف فوقها منحوتة مبدعة، وتقول التقاليد بأنكَ إذا أردت أن تتحقق أمنيتك، فإن عليك أن ترمي قطعة نقود بيدك اليمنى من فوق كتفك الأيسر لتستقر قطعتك النقدية بعدها في قعر البركة التي يبلغ مجموع ما يُرمى فيها يومياً من العملات حوالي 3000 يورو، وتستخدم حكومة روما هذا المبلغ لدعم "سوبر ماركت المشردين"، ومع ذلك فإن البركة تعرضت لكثير من محاولات سرقة العملات من قعرها !!
أخيراً إلى آيسلندا حيث مضيق "نيكولاسارجا" حيث يرمي الناس أيضاً عملاتٍ معدينةً فيه على أمل تحقيق أمنياتهم، وتقول الأسطورة بأنك إذا استطعت تمييز العملة التي رميتها في قعر مياه المضيق الصافي فإن أمنيتك ستتحقق لا محالة.
في النهاية فمن منا لا يملك أمنيةً يريد أن يحققها يوماً ما، ولكنه ربما لا يستطيع زيارة أحد أماكن الأمنيات التي مررنا بها، عندها فالحل الأسهل يبدو في انتظار أحد الشهب المارقة في السماء لتغمض عينيك وتتمنى ما تحب قبل أن يختفي الشهب، أو يمكن أيضاً أن تكتفي بالتمني قبل إطفاء عيد ميلادك وتأمل بأن تتحقق أمنيتك يوماً ما.