علمت شانا بالبديهة ان هذه المزرعة التي يتحدث عنها هي
- وهل أصحابها أصدقاء لك ؟
تردد قليلآ ثم قال ينظر مباشرة إليها :
- ابنة صاحبها .. خطيبتي !
أطلقت شانا تنهيدة لم تستطع كبحها تمكنت بعدها من القول :
- خطيبتك ! ما أروع ما أسمعه .. أنا .. أنا مسرورة بيري...
دفعتها رغبة خارجة عن إرادتها إلى أن تسأله عن خطيبته .
وكأن اهتمامها سلاه , فتألمت لذلك .
- إنها سمراء بقدر ما أنت شقراء .
لم تتصور قط أن يحب سمراء .
- شعرها أسود , عيناها بنيتان ...
- أنت لا تريدين معرفة المزيد عنها , أليس كذلك شانا ؟ لا
أحسبك تهتمين بمعرفة فتاة أوشك على الزواج بها .
احمر وجهها برقة , وعادت تعبث بالطعام .
- لا .. أنا آسفة .. كان فضولآ ليس إلا .
- ستقابلين سندي ووالديها قريبآ , فهم قادمون لقضاء يومين
هنا . وسيكون هناك آخرون كذلك , فسأقيم حفلة وفي الليلة التالية
سنعرض فيلمآ . فنحن نصنع تسليتنا بأنفسنا , فهل تعرفين عاداتنا ؟
ما أملَ هذا الحديث إن قارنته بالمواضيع التي كان يتطرقان
إليها في الماضي حيث كان ينسيان مرور الوقت كان يقول لها :
(( سأعوضك عن كل هذا حين نصبح في المزرعة .. سنجلس معآ
بعد العشاء , على الشرفة في الهواء البارد لنتسامر )) ولكن ذلك
الحديث كان في الماضي البعيد .
حينما انتهت وجبة الطعام شعرت بالراحة ذلك أنها تستطيع
الآن الانسحاب . راقبته وهي في غرفتها يتجه نحو ريك الخادم
الذي كان يمسك له حصانآ كستنائيآ كبيرآ , علمت فيما بعد أن اسمه
(فايتر) أي المقاتل , ثم راحت عيناها تتأملان الفرس وفارسها حتى
اختفيا في المراعي البعيدة .
ابتعدت عن النافذة . لن تقدر على الاحتمال أو الاستمرار بل
لن تسمح لتفكيرها بأن يبحث عما كان من الممكن ان يكون ...
لقد ضاع بيري إلى الأبد لها , ويجب أن تعتبره شخصآ عرفته في
ماضيها . شخصآ كان لطيفآ معها بشكل غير عادي ثم أصبح غير
ذهبت إلى غرفة عمتها تقرع عليها الباب :
- عمتي . هل أنت أفضل حالآ الآن ؟ هل أيقضتك من النوم ؟
- لا يا عزيزتي .. لم أكن نائمة .. شانا .. يا طفلتي العزيزة لا
تعلمين شدة ندمي على اصطحابك إلى المزرعة . هل أخبرك بيري
ابتسمت شانا ابتسانة مشرقة .. زائفة :
- لا تبدين منزعجة من هذا الخبر ابدآ .
- لا .. لست منزعجة . غريبة حياتنا يا عمتي , فنحن نحتفظ
في ذاكرتنا بصورة ما سنوات و سنوات , أتعتقدين أن هذه الصورة لم تتغير وأنها ستكون على ما هي عليه حين نلقاها ثانية ؟ بعد لقائي
ببيري وجدت أنني ما عدت منجذبة إليه كما كنت .
حدقت فيها العمة من موضعها على السرير .
- عمتي .. لقد ولى الأمر بكل بساطة . أعجبني بيري يومآ ليس
تنهدت العمة بعد أن أمعنت النظر قليلآ بوجه ابنة أخيها .
- يا لهذه الراحة .. ليس لديك فكرة عما كانت عليه حالتي
حين علمت بأمر خطوبته .. ذكر أمامي الخبر بعد أن تركتنا وقد
شعرت عندئذ بأنني عليلة من الذنب . وما ذلك إلا لأنني ألححت
في طلبي وأصررت عليك حتى تريه بعد هذه المدة . أترين ..
اعتقدت أنه ما زال على حبك باقيآ . لم أستطيع حضور الغداء ..
لم استطع مواجهتك .. ولكن بما انك شفيت من حبه , فلا
سبب يجعل ضميري يتألم , ومع ذلك آسف على هذا الوضع
لأنكما لطيفان وطيبان غير أننيل لا أرجو إلا أن تكون خطيبته امرأة
- لن يختارها إن لم يكن واثقآ منها عمتي .
- لا أعتقد هذا .. حسنآ .. نحن الآن هنا .. وليس علينا إلا
- فعلت كل ذلك من أجلي .. أليس كذلك ؟ أنت رائعة
عمتي .. وأنا سعيدة بوجودي معك .
وتهدج صوت عمتها من التأثر وهي ترد :
- وأنا كذلك سعيدة , لأنك معي عزيزتي ..
- إلا أنني لن أكون أسعد إلا حينما تستقرين . فلن أدوم لك .
حين نعود الى الوطن , يجب عليك حقآ ان تفتشي عن زوج صالح
خاصة بعد أن ولى حب بيري من قلبك .
هزت شانا رأسها موافقة , ثم استدارت نحو الباب وقالت
- سأقوم بنزهة .. أراك ساعة الشاي .