عرض مشاركة واحدة
قديم 07-12-14, 09:38 PM   #53

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله الرحمن الرحيم
البارت السابع الثلاثون

,
,
المملكة العربية السعودية – حائل
فتح الباب وتسند بكتفه عليه
انتظر لدقائق
حتى ظهرت سيارة احمد
ابتسم بشوقٍ وهو يقترب منها
أوقف احمد سيارته وترجل منها
اقترب من يوسف باشتياق كبير
عانقه بكل ما أوتي من محبة
بكل ما أوتي من اشتياق
وبادله الآخر
بكل ما أوتي من افتقارٍ لصديقه !
قال يوسف بمحبة
: والله ان ترحب
ضحك احمد
: الله يبقيك
دخلا الى المنزل
لم يستطع منع عينيه المتمردة
من ان ترتفع للأعلى
ليلمح اختفاءها خلف الستارة
ابتسم بخفة
وزفر عشقًا !
كيف للطفلةِ التي تعبث بداخلكِ
ان تبعثر قلبي
ان تتلاعب باحساسي المرهق !
كيف لكِ كلّ تلك الهالة التي تجبرني على القدوم من الرياض
لأشعر بكِ قريبة !
يا ذات الشعر السرمدي
والهدب المترامي
ويلٌ لقلبي منكِ !
,
,
المملكة المتحدة – لندن
حملها بخوفٍ وهو يهتف
: ملاك ! ملاك بابا وش صار لك
حاولت والدته الاقتراب ليقول بنبرةٍ متملكة
: اتركيها
تراجعت بوجوم
وضعها على الاريكة وخرج يطرق الباب على عبد العزيز بقوّة
فتحه عبد العزيز بهلع وهو يهتف
: خالتي سارة صار عليها شي !
قال وليد برجاء
: اطلب لي الاسعاف , اختي فقدت وعيها
زفر عبد العزيز براحة لم يلحظها وليد
واتصل فورًا بالاسعاف
كان وليد كالمجنون يسير بلا وعي
قلبه متآكلٌ على شقيقته
التي ربّاها ورعاها
ابنة قلبه
خليلة روحه
ظلّ يسمّي عليها بخوفٍ وحسرة
حتى سمع طرقات عبد العزيز وندائه
: يا وليد الاسعاف وصلت
نهض بسرعة وهمّ بحملها ليباغته فريقٌ مسعف
اقتربوا ليقول وليد
: انا بشيلها
قال عبد العزيز بالانجليزية , ولا يزال بالخارج
: يقول انّه سيحملها
قال أحدهم
: نخشى ان تضرّها او تؤلمها !
قال وليد وقد أضاع انجليزيته
: ماهي مكسورة , فقدت وعيها بس
أخبرهم عبد العزيز بذلك ليتنحوا جانبًا
ويحملها وليد وينزل بها الى سيارة الاسعاف
ويحَ قلبي ان كان سبب سقوطكِ مسجيّة يا ملاك
ويلٌ لي ان كنت السبب !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
دخل وأشار لأحد العاملين في المطعم
اقترب العامل ليطلب منه طاولة لخمسة أشخاص
أشار له العامل ان يتفضل ومن معه
ليجلسوا على الطاولة
سحب الكرسي لزوجته لتجلس , وجلس بجانبها
جلست والدته مقابلةً له
وداليا مقابلةً لزوجته
ووالده في مقدمة الطاولة بينه وبين والدته
ابتسم وهو يمدّ لوالدته لائحة الطعام
: وش مشتهية يمه
قالت بجمود
: أي شي
نظرت داليا الى اللائحة
وبحثت عن أغلى طبق
لتطلبه ببرود
ابتسم صقر بهدوء وهو يدركُ مقصدها
: ما يغلى عليك , بس الطبق ايطالي وأساسي في النعناع , وانتي عندك حساسية من النعناع !
قالت بغيض
: انا مشتهية آكله
قالت والدتها وهي تكتم حدتها
: آخر مرة بغيتي تموتين منّه , انسي
تأففت وأعادت بصرها الى اللائحة
قالت مها بلطف
: اذا مشتهية ايطالي...
قاطعتها بابتسامةٍ مكرهة
: شكرًا لك ما احب احد يعطيني رأيه
رفع صقر حاجبه
وعقدت مها حاجبيها منزعجة
قال صقر وهو يرمق داليا بتهديد
: مها وش حابة تاكلين ؟
كانت متضايقة من تصرف داليا
قالت بهدوء
: عادي
ضمّ كفّها الى كفه وهو يقرب اليها لائحة الطعام
لتختار لهما نفس الطبق
,
جلسوا حَول الطاولة
قبل ان يجلس تركي التفت خلفه ليلقي نظرة
سقط بصره على عائلة عمّه
صُدِم من الصدفةِ المقيتة التي جمعتهم في ذات المكان
التفت الى رتيل وقال
: رتول تعالي مكاني
نهضت من مكانها بهدوء وجلست بجانب علي
ظنّوا جميعًا انّه يسعى للاصلاح بينهما
جلس مقابلًا لها وارتاح
شهقت هديل وهتفت
: شوف...
وضع كفّه على فهمها فورًا وهمس
: شششش , انتبهت لهم وغيّرت مكاني مع رتيل انطمي
قالت والدته
: خنقتها وش فيك
قالت هديل بارتباك
: معليش عَلّيت صوتي , بس كنت بقول لرتيل تشوف المينيو
ارسل تركي لعلي
( صقر واهله وراك )
اشار له لينتبه لهاتفه
رأى الرسالة والتفت ببطئ
ثم عاد الى مكانه وهو يزفر
ابتسم بهدوء والتفت الى رتيل
: وش تبين
قالت بغير اكتراث
: الحقيقة انا مو مشتهية شي , ولا حابّة اجلس في المطعم
قالت امّها بحنان
: وش تبين طيب ؟
قالت بعد صمت
: ناخذ سفري ونروح مكان نشم هوا
نهض علي فورًا
: يلا اجل مشينا
نهضا هديل وتركي كالقروصين حين رأيا صقر ينتبه لوجودهم
اسرع تركي وغطّا رتيل بجسده
: يلا حنا نروح السيّارة وانت جيب الأكل وتعال
لكنّ صقر كان قد رآها !
نهض من مكانه بلهفة
التفتت اليه زوجته
: شفيك !
كان ينظر اليهم وكأنه يرجوهم ان يسمحوا له بالاقتراب
اقترب بهدوء ليسحب تركي اخته ويهمّ بالسير للباب
تعرقلت وكادت تسقط لتسرع يدا صقر بالتقافها
قالت بانزعاج
: تركي كنت بتطيحني
لم يبتعد " علي " الذي تظنه , يديه عنها
قبل ان تقول " ابتعد "
ضرب قلبها بعنف
ليست ذراعا علي التي تحاوطانها برفق
ليست انفاس علي التي تلامس وجهها برقة
ليس قلب علي الذي ينبض بجانب كتفها الأيمن !
ازدردت ريقها وقالت تعاند نفسها
: علي ابعد عني
قال بنبرةٍ تَخُصها وحدها
: على اساس مصدق انّك تظنيني علي
اضطربت انفاسها
وكاد قلبها يقفز من بين أضلعها
ضيقٌ متجبرٌ وقعَ على روحها الضعيفة
اختناقٌ أصابها
ارتجفت بشدة
يا الله !
يا بحةً استوطنت فؤادي
يا صاحِب الكَفّ الخشنة الضخمة
التي ما ان تمسني حتى تصبح رقيقةً ناعمة
يا اسمر الوجنتين
سمرتك التي تُعذب قلبي الذي يجلس بسكونٍ داخل قلبكَ القاسي
مضت السنون وانا ابتلع مرارة غيابكَ اللاذعة
طوتني الأعوام يا سيّد روحي
مرّت الأعوام وانا اشهق غيابك الموجع
حتى جئت فلقمتني شهقاتٍ أطول
يصعب زفيرها !
لا استطيع اخراج غيابك الفاسد من عقلي
انّه كورمٍ خبيث ينهشني
يصعُب عليّ تجاوز ما فعلته وما تفعله
زفرت بحدّة ورفعت رأسها الى تركي برجاء
قالت بنبرةٍ هزيلة
: علي باعني الصبح لا تبيعني بالليل
اقترب تركي وقال بصوتٍ منخفض , بأحرفٍ تخرج ملتهبة ودّ لو يحرق صقر بها
: ابعد عنها , لا تفضحنا
قال صقر بحنين
: تعالي
أوشكت على الانهيار
: تركي طلبتك
قالت ام علي ببكاء
: صقر يا يمه الله يرضى عليك اكفينا شرّك , ابعد عن رتيل بنمشي , لا تفضحنا
قال بحرقة
: زوجتي !
قال علي وهو يكاد يقتل صقر
: صقر احنا بمكان عام , ابعد عنها
قالت رتيل وهي تتمسك بتركي , وتكاد تسقط من الدوار الذي أصابها
: ترككي
سحبها تركي , وتركها صقر منكسرًا
شدّ تركي على جسدها الضعيف وهو يسألها بقلق
: فيك شي ؟
أتسألني يا أخي !
مالذي لم يُصبني لتسألني , مالذي لم يؤرق قلبي ويجرح أهدابي
مالذي لم يجرح وجنتي من ذرف الدموع
اتسألني يا تركي لتجاملني
ام انّك حقًا تجهل !
التفتت الى طاولة صقر
وتمنت لو لم تلتفت
عاد اليها بعد ان رجته ام علي
جلس بجانب امرأة لم تنظر اليها
رأت عمّها وزوجته
وداليا !
ياهٍ على الخيبة التي هبطت على روحها !
قالت بهمس
: يلا نمشي
زفر تركي وهو يساعدها على السير
,
,
المملكة المتحدة – لندن
مستشفى سينت ميري
خرجت الطبيبة عاقدةً حاجبيها
قالت متسائلة
: ما بها ؟
قال وليد بندم
: تعرضت لصدمة
هزّت رأسها
: واضحٌ جدًا , يجب مراعاتها والاعتناء بها , ربّما تدخلُ في حالةِ صمت , ابقَ قريبًا منها
هزّ رأسه ايجابًا وهو يزفر تعبًا وخوفًا على صغيرته
قالت الطبيبة
: انتظر حتى ينتهي محلول المغذي , وسآتي بعد قليل لأطمئن عليها واعطيها وصفة الدواء
ابتسمت وابتعدت
دخل الى الغرفة واقترب منها
مسح على شعرها بحنو
قال هامسًا
: اعيذك بكلمات الله من كل ما يؤذيكِ
فتحت عينيها ببطئ , وقالت ببحة
: وليد
ابتسم
: عيونه
حاولت تعديل وضعها ومنعها
: ارتاحي ابوي
قالت بتردد
: وش صار
هزّ رأسه نفيًا
: ما صار شي
قالت بخوف
: مدري وش صار علي , تخيلت اشياء !
حبس زفيره وقال
: ما عليك شرّ ان شالله
نظرت اليه طويلًا قبل ان تبكي
قال بضيق
: ليه ليه , وش صار الحين
هزّت رأسها بهستيريا
: وليد لا تجنني , لا تسايرني وتهبل بي , وش اللي صار
قال بعد صمتٍ لثوانٍ
: ملاك , يا قلب اخوك , انتي ارتاحي وبس تطيبين عندنا وقت طوييل نقول فيه كل اللي نبيه , بس ارتاحي
قالت بخوف
: واذا طلعت وين بتوديني
ظلّ صامتًا , لتقول ببكاء
: للي طلعت من قبرها !
زفر بحدّة ونهض ليخرج من الغرفة
سينفجر !
ستقتله تلك الملاك
تنبّه الى انّه تركَ والدته ولم يُطمْئنها حتى الآن
ثم تذكر انّه لا يحفظ رقمها !
ضرب الحائط بقدمه متضجرًا
ظلّ ينتظر ملاك في الخارج
لن يدخل ليستمع الى هذيانها
مرّت خمسةَ عشرة دقيقة لتأتي الطبيبة وتلقي نظرةً على ملاك ثم أعطت وليد وصفة الدواء متمنيةً لملاك الشفاء
أمسك بيدها وسار الى خارج المستشفى
أوقف سيارة الأجرة واتصل على عبد العزيز ليعرف مكان البيت
توقفت السيارة أمام العمارة بعد دقائق
نزل وليد وساعد شقيقته
وصعدوا الى شقة السيدة سارة
نظرَ اليها وفكّر كيف يقنعها
قال بعد تردد
: اسمعي , ما راح يصير بينك وبينها أي احتكاك , بس احراج نجلس في بيت الرجال , وبكرة ولا بعده بنرجع الرياض , اعتبري نفسك في فندق !
قالت بذعر
: فكرة وجودها ترعبني !
قال برجاء
: تكفين ملاك
ازدردت ريقها , قالت بهمسٍ راجٍ
: يارب
طرق وليد الباب
وفتحته السيدة سارة بعد ثوانٍ
وبلهفة
: حبيبتي الحمد لله على سلامتك , عسى ما شر
قال وليد بلطف
: بدخلها ترتاح
اشارت لهما ان يدخلا
دخلا , والتفت اليها وليد بخجل
: في أي غرفة ادخلها
قالت بحنان
: في غرفة وحدة ودها لها
اخذها وليد الى الغرفة
استلقت على السرير
غطّاها وليد وجلس قريبًا
كانت تشعر بالارهاق والرغبة في النوم
بسبب المحلول المغذي
مرّت دقائقُ ثقيلة , لتنام
نهض وليد وخرج الى الصالة
كانت والدته تبكي بصمت
حين شعرت به رفعت رأسها وقالت بحبٍ عميق
: حيّ هالشوفة , تعال يا روح امّك
اقترب وجلس امامها أرضًا
قال بلا تصديق
: يمّه
مسحت على رأسه بحنين
: يا لبيه
أراح رأسه الى رجلها وهو يقول
: مو مصدق والله
انحنت لتقبّل رأسه طويلًا
: يا روح امّك , والله يا وليد خايفة اكون نايمة واقوم , ان كان حلم ليت الله ياخذ روحي فيه , ياخذها وانت بحضني يا حبيبي
قبّل يدها بجزع
: بسم الله عليك , ما صدقت لقيتك !
ابتسمت بوجعٍ وهي تتأمله
: كبرت كثيير !
ظلّ صامتًا
قالت بعد تردد
: شلونها ملاك
زفر بتعب
صمتَ بخجلٍ منها , بمَ يُجيبها !
قالت بصبرٍ طويل
: صبرت عمري كلّه يا وليد , بصبر على ملاك وعلى كذبتك
تهدج صوته ليقول
: غصب عنّي ! ما لي الّا اقول امّك ماتت يا اختي , انا امّك وانا ابوك وانا اخوك , ما لي قلب يتركها تتعذب مثلي , مالي قلب يا يمّه والله , لا يغرّك طولي وعرضي وشنبي , قلبي عند ملاك ضعيف وتعبان ما فيه شدّة , ملاك وخاتي عايشة ضعفي وقوّتي
قالت والدته بلهفة عميقة
: عايشة !
ابتسم بحسرة
: خالتي طيّبة الحمد لله , انتظرت وصبرت معاي , قبل حول السنة ابوي قال لي امّك ميتة , واحترت شهرين ما عرفت اقول لها اللي تنتظرينها ماتت , يوم قلت لها انهارت , بعدها كشفت كذبة ابوي ولا قدرت اعلمها الصدق , افضل انتظر بروحي , اتعب وانتظر واصبر في امر كنت يائس منّه
كانت تبكي بشجن
أي علقمٍ تجرعه هذا الشاب !
الذي يبدو كهلًا
أي مرارةٍ تحمّل قسوتها على روحه وصمت
كم صبر وكم عانى , كم انتظر !
سحبته الى صدرها
علّها ترويه بعضًا مما فقد
علّها تعيد اليه جزءً من ما أعطى
علّها تطمئن قلبه , انّه لم يعد وحيدًا
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة ونصف صباحًا
فتحَ عينيه بتعبٍ وصعوبة
تلفت يبحث عن أحدٍ حوله
حاول مناداة احد
وفشل
جاهد جسده ليتحرك
فأصدرت الأجهزة انذارًا بتحركه
خلالَ ثوانٍ مُلِأت الغرفة بالأطباء والممرضين
قال أحدهم
: الحمد لله على السلامة !
لم يستطع الحديث
ليقرب له الممرض كوبَ ماء
شرب نصفه دفعةً واحدة , وأبعده الممرض وهو يقول بلطف
: كفاية , مو زين تكثر
سعل مرهقًا
قاموا بالفحوصات اللازمة
وخرجوا جميعًا سوى طبيبٍ واحد
قال بلطف
: ان شالله بكلم أهلك ويجون يشوفونك اليوم , الحمد لله على السلامة
قال ببحةٍ تجرح حنجرته
: دكتور
همهم الطبيب باهتمام
قال متسائلًا
: وش فيني ؟!
قال الطبيب باهتمام
: ما تذكر !
تحدث بتعب
: اذكر انّي تصوّبت , ولا اذكر شي عقبها
هزّ الطبيب رأسه متفهمًا
: الرصاصة صوّبت مكان صعب , وانت كنت في غيبوبة لفترة طويلة , الحين تحتاج الراحة والهدوء , وبنرجع نسوي لك فحوصات نعرف وش الضرر ووش المضاعفات , بس انت لا تجهد نفسك
قال بتعب
: الله يخليك كلم اهلي يجون ضروري
ابتسم يطمئنه
: أبشر
وخرج ليتركه , لم تمر خمسةَ دقائق حتى غرق في سبات عميق
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة صباحًا
فتحت الباب وزفرت مقتربة
: ما ودّي أحلف انّك ما نمتي من امس !
قالت بعد صمت
: نمت وصحيت الفجر وما جاني نوم بعدها
جلست أرضًا امامها
قالت بمرح
: ندبس علي وتركي بفطور برى ؟
قالت وذعرٌ فشلت في اخفائه يظهر على مقلتيها
: لا ما ابي
قالت هديل بعد صمتٍ لثوانٍ , وبحقدٍ مضحك !
: آآخ لو تصح لي فرصة , والله انّي اتوطى الشايب العايب اللي ما يستحي على وجهه ذا , يموت على الحريم من وحدة لوحدة !
فتحت رتيل عينيها بصدمة
ورُغم وقاحة تعليق اختها
الا انها انفجرت ضاحكة
ضحكت حتى دمعت عينيها
حتى سعلت بشدة
ضحكت هديل بحزن من ضحكها
كأنها لم تضحك منذ أعوام !
نسيت ضحكتها
نسيت جمالها وربيعها
نسيت رقتها , ومنظرها المريح !
دخلت ام علي وابتسمت بحنان
: الله يجعلها ضحكة خير
أمنتا بصدق , ورتيل تمسح دمعتين تعلقتا في مقلتيها
جلست ام علي على السرير وقالت
: ننزل نسوي فطور ؟
قالت هديل بدلال
: رتيل ودّها بفطور من برى , صح رتول !
رفَعت رتيل أحدَ حاجبيها
لتقول ام علي ساخرة
: حتى لو طلبتني بنفسها ما في , قومي يلا انتي وهي راسي صدّع ابي شاهي
قالت هديل
: يا ذا ادمان الشاهي اللي عندك يمّه , ماهو زين حبيبتي !
دفعتها والدتها برجلها بخفة
: قومي قومي
نهضت بملل
: يعني خلاص ما في فطور برى ؟
: هديييل
تأففت وهي تسحب رتيل
: قومي , صلحي لنا فطور محترم
قبل ان ترفض رتيل , قالت ام علي
: أي والله ودّي بفطور مرتب من يدّك
نهضت على استحياء
لم تستطع ردّ طلبها
نزلت الى المطبخ , وهي متعبة
منكسرة
خائبة !
تتأفف كثيرًا , وتزفر أكثر
قالت هديل
: وش فيك ؟
قالت بنبرةٍ لا روحَ فيها
: ما فيني شي
قَبل ان تجيبها هديل رنّ هاتف والدتها
رفعته وابتهجت من الاسمِ الذي ملأ الشاشة
ردّت بحب
: هلا والله
قال مبتسمًا
: يا هلا فيك , شلونك
هزّت رأسها وكأنّها تراه
: الحمد لله , وانت ؟! وملاك شلونها !
صمتَ لثوانٍ , ثم زفر
: الحمد لله طيبين
قالت بقلق
: صاير شي !
ضحك متصنعًا
: لا وش بيصير يعني , خالتي وين
: امّي فوق وجوالها تحت , اصبر بطلع لها
: خلاص ما له داعي , انا الحين عندي شغلة بخلصها وان شالله ان قدرت اتصل وقت ثاني , سلمي عليها وقولي لها وليد بيجيب لك أجمل مفاجأة في حياتك
قالت بفضول
: وش بتجيب ؟!
قال بوجوم
: مو شغلك
: تكفى ولييد علمني ماني معلمة أحد
: انقلعي
ضربت الأرض معترضة
: وش شايفني بزر
: هديل حبيبي جد مشغول , فارقي
قالت ساخرة
: وش عنده وزير الخارجية
ضحك منها وأغلق الهاتف
التفتت الى اختها
قبل ان تتكلم , صرخت بفزع
: رتيل جرحتي نفسك
فزّت رتيل بانتباه
نظرت الى اصبعها وفتحت عينيها بصدمة
تعرج جبينها من الألم
قالت هديل بلا تصديق
: ما حسيتي وانتي تقطعين اصبعك !
تأففت وهي تحبس دمعات الألم
اقتربت هديل بحنو
: بسم الله عليك , تعالي انظف لك الجرح وأغطيه
نزلت دمعةٌ يتيمة من عينها اليمين
قالت هديل وهي تعانقها
: يا حبيبييي انا , سلامات يا روحي
ألمٍ يدكُ روحي يا هديل , لن تستطيعي مداواته
جَرحٌ غائر فيّ ينزف وجعًا وخيبة
تفشلين في تضميده
متعبةٌ انا يا أختي
أرهقني ذلك الصقرُ جدًا
أرهقني اليُتم
أرهقني اشتياقي الى صدرٍ لا أخشى البكاء عليه
كيف لليتم ان يظلّ يؤلمنا مهما كبرنا !
كيف لوجعه ان يتضخم مع كل سنةٍ تنقص من أعمارنا
كيف لمرارته ان تتحاذق أكثر , وكأنّها تزيدُ علينا مصائبنا
انّي أبكي امًا افتقدها
امًا لم أتوسد قلبها سوى اسبوعان من عُمري
اسبوعان لو متُ ألف مرةٍ لا أذكر منهما شيئًا !
أفتقدها يا هديل وربِ السماء
انّي أنعى أبًا , كان من حقّي أن أعيش في كنفه
كان من واجبه تجاهي أن يحملني , ثم يمسك بيدي ويعلمني كيف أمشي
أستحقُ منه عناقًا وقبلة , أستحق منه حكايةً قبل أن انام
استحق منه ان يشهر بعتابه وغضبه في وجه صقر
اريدُ بالحاح , رؤيةَ صقر خاضعًا أمام ابي !
انّي مكسورةٌ يا أختي
مكسورةُ قلبٍ وخاطر
جريحة روحٍ انا يا اختي
أنساني صقر يتمي
ثمّ يتمني أضعافًا !
لمَ يؤذيني صقر في نفسي
لم يركل حبّي الهزيل
لم يسخر من يتمي المُر
خبئيني عنه يا هديل
خبئيني حتى لا يجدني ابدًا
اقتليني يا هديل ان استطعتي !
أرجوكِ اقتليني , لاذهب لوالديّ
لم يَعُد في الدنيا ما يُغري لأبقى
شهقت بفزع حين لامست يدُ ام علي أدمعها
قالت ام علي بوجعٍ وحسرة
: وش فيك يا امّي
قالت بانكسار , كسر فؤاد ام علي !
: ابي امّي يا خالتي ! ابي اروح لها تعبت والله
تأوّهت ام علي وجعًا , تأوّهت حرقة وحسرة
عانقتها وبكت رغمًا عنها
: ليش تسوين فيني كذا يارتيل لييش , ليش توجعيني فيك , ارحمي قلبي يا يمّه , ارحمي ضعفي فيك وفي اخوانك
كانت تشعرُ انّها تهوي
وكأنّ الأحرف تتسلق الى حنجرتها , وتغرق في غصتها
كأنّ الأدمع تحتبس في قصبتها الهوائية
لا هي تغسلُ مقلتيها
ولا هي تتلاشى , وتسمح لها بالتنفس
كان تنفسها مرتجفًا
متعبًا
همست برجاء
: ياارب
ابعدتها ام علي وهي تمسح على وجهها بحبٍ ملتاع
حبٍ عميقٍ لا تفقهه هذه الطفلة
حبٍ تجهل حجمه
ولا تعترف بوجوده !
اجتذبتها لتضع رأسها في حجرها
مسحت على شعرها وهي تهمس بشجن
: بسم الله ارقيكِ من كلِّ داءٍ يؤذيكِ , أعيذك بعزة الله وقدرته من شر ما تجدين وتحاذرين , اسأل الله العظيم ربْ العرش العظيم أن يشفيك – غصّت بأدمعها اللتي تحرق روحها – يارب ارفع البلاء عن بنتي , يارب ان اسألك راحة البال لها , ياربي يا حبيبي ما لنا غيرك تشافي لي هالبنت وتفرج همها وتمسح على قلبها , ياربي طال ابتلائي بها , ان كان بذنبٍ أذنبته فاغفره لي وشافِ ابنتي , وان كان اختبارًا على صبرنا فارفعه عنّا , ياربي ما لي قوّة على وجعِ بنتي , يارب انّك ترى ضعفي وقيلة حيلتي , فارفع عنّا البلاء , لا اله الّا انت سبحانك انّي كنت من الظالمين , أعوذ بالله من الشيطان الرجيم , بسم الله الله الرحمن الرحيم.......
راحت تتلو بشجنٍ من كتاب الله
يقاطع تلاوتها بكاءٌ مُر
يشبه نظرة طفلتها التي تتوسد حجرها
طفلتها التي كانت ترتجف وتبلع ألمها
ألَمٍ كخناجر مسمومة
تجرح قلبها بقسوَة !
أين تكون يا صقر
ومالذي تفعله !
,
,


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس