عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-09, 02:09 AM   #17

المطر الباكي
 
الصورة الرمزية المطر الباكي

? العضوٌ??? » 79893
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,068
?  نُقآطِيْ » المطر الباكي is on a distinguished road
افتراضي

4/خيانة ذاكرة
###
كان الصمت المخيف الثقيل هو الذي أيقظ إدنا تلك الليلة..بقيت مستلقية جامدة في فراشها، تفسر سبب توترهابالصمت الخانق الذي يسبق عادة هبوب العاصفة. لكن العواصف العاتية الخطيرة لا تثور في مثل هذا الوقت من السنة.. هكذا، مثلها في ذلك مثل أبويها، وكل المحليين الذين يسكنون سانت باتريك، صرفت النظر عن جرس التحذير الذي أطلقت أحاسيسها. وقررت أن الأمر لا يعدو أن يكون عاصفة عادية.. وكانت على وشك العودة الى النوم، حين وصلت إليها أصوات آهات أمها المثيرة للشفقة عبر الجدار الذي يفصل غرفتيهما.
حين وصلت إدنا إلى جانب أمها، كان باتريك جايمسون يتصل عبر الهاتف ليستدعي طائرة هليكوبتر لنقله و زوجته إلى"ماهي"لإجراء جراحة طارئة.. كانت غريس جايمسون تعاني من ألم مبرح، ولا حاجة لطبيب ليشخص لها غثيانها الشديد، والوخزات المؤلمة الحادة في جانبها الأيمن على أنها نوبة التهاب الزائدة الدودية.. فالعيش في جزيرة منعزلة كان يوجب على أسرة جايمسون أن تكن على معرفة وحذر تامين بأي إشارة مرض.
في أقل من عشرين دقيقة، حطت طوافة المستشفى الصغيرة على المهبط البدائي المرصوف في حديقة المنزل وحمل مايلز غريس بين ذراعيه، ونزل بها السلم ، ليمددها برفق على المحفة..وقال باتريك جايمسون لإبنته:
ـ سأتصل بك حالما يكون لدي ما أخبرك به..في هذه الأثناء من الأفضل إغلاق كل مصاريع النوافذ الخشبية المقاومة للعاصفة. يبدو أن عاصفة قوية على وشك الهبوب.
انتظرت إدنا الى أن أقلعت الطوافة، ثم أخذت للإستعداد للعاصفة.
استغنت عن مساعدة الخدم، الذين لكل منهم منزله ليهتم به، ثم أعدت هي ومايلز المنزل لأي شئ يخبئه الجو الذي لايمكن التكهن به.
اتصل والدها بعد ساعة، ليقول لها أنهم وصلوا المستشفى بأمان، وإن أمها الآن تخضع للجراحة.. ولقد وصلا في الوقت المناسب، قبل أن تنفجر الزائدة.
كانت الساعة قد بلغت الثانية، قبل أن تنسحب هي ومايلز كل إلى غرفة نومه..وكانت إدنا مرهقة جدا بما قامت به من جهد في منتصف الليل، ومشغولة الفكر بحالة أمها.
استيقظت بعد ساعتين من النوم المتقطع، كل أحاسيسها متوترة لوقع المطر الشديد على المصاريع الخشبية الواقية من العاصفة، وعلى صوت الريح الشديد المخيف..على الفور، تذكرت مخطوطة قصة مايلز، ومخطوطة السيناريو الذي تعمل على وضعه، والموضوعين ،دون اكتراث،في خزانة خشبية في السقيفة.
وأسرعت إلى الخارج، لتقف لحظة عند باب غرفة مايلز، تفكر في أن توقظه، كي لا تذهب إلى الشاطئ وحدها..لكنها عرفت أنه سيمنعها من الخروج، وهكذا قررت أن تتابع ما بدأته لوحدها.
كانت مضطرة لتتصارع مع باب المطبخ الخلفي الضيق في وجه الريح الشرسة العاتية، وعلى الفور أصيبت بالبلل من جراء المطر البارد، الذي أخذ يلسع وجهها، وكأنه أطراف خناجر مدببة. كانت الريح تهب في اتجاهها، تعوي كحيوان جريح، تقاومها في كل إنش تتقدمه وهي تنزل السلم إلى الشاطئ. كان يجب أن ترتدي أحد المعاطف الواقية من المطر، الموجودة في خزانة في الردهة الرئيسية.. لكنها كانت مبللة حتى العظام، ترتجف بردا بشكل مثير للشفقة.
في منتصف الطريق توقفت، وقد غمرها الرعب من الجو المجنون الذي رمت نفسها فيه.. هذه ليست عاصفة عادية.. ولم يعد لديها أي شك في أن هذه عاصفة هوجاء، ربما تكون مقدمة لإعصار.
فجأة برز جسم ضخم ضبابي من قلب ذلك الجحيم، جعلها تكاد يغمى عليها من الرعب..وفقدت قدماها ثباتهما على الدرجات الحجرية المنزلقة، وبدأت تترنح دون شئ يحول دون إنقلابها رأسا على عقب، إلى الأسفل حيث الرياح العاصفة.
وما لبثت أن شعرت بالأمان وهي تميز في ذلك الجسم مايلز في معطفه الواقي من المطر.
ـ أيتها الحمقاء..ماذا تفعلين هنا؟
صاحت ليسمعها:"المخطوطات ! إنها في السقيفة ! ".
فرد صائحا:"إنها معي !".
دس ربطة كبيرة ملفوفة بعطف واقي من المطر بين ذراعيها، وفجأة كانت قدماها متدليتين في الهواء، وهو يرفعها تحت ذراعه وكأنها دمية متراخية.
كان وصول إدنا قد استغرق أكثر من عشرين دقيقة وهي تنزل مواجهة للعاصفة..إنما الآن، ومايلز يتسلق السلم مع اتجاه الريح، فقد أصبح خارج باب المطبخ في أقل من خمس دقائق، اذ كانت الريح تكادتدفع قدميه عن الأرض دفعا.
ما إن أصبحا أمام المنزل ، حتى أعادها إلى الأرض بعد أن تأكد من أنها أمسكت بحاجز الشرفة الحديدي، ثم جرها معه إلى الداخل مغلقا الباب في وجه العاصفة المجنونة.
أخيرا أصبحت صفحات الكتابين آمنة فوق منضدة المطبخ، رغم بلل طفيف لحق بها.
قال وهو يخلع لمعطف:
ـ في المرة القادمة التي تقررين فيها دفع ضحية مسكينة لعمل إبداعي عبقري، تأكدي من أن يصنع نسخة ثانية من عمله.. أنت مبللة جدا أيتها الحمقاء..وأنا كذلك. أين مفتاح النور؟
تركته وشقت طريقها في الظلام إلى مفتاح النور..لكن لم يحدث شئ، فقالت باستسلام:
ـ انس الأمر، من الصعب أن يعمل المولد في عاصفة كهذه. ستجد مصباح"الكاز"خلفك، عى الرف الأعلى..لا بد أنه ممتلئ. وعلبة الكبريت إلى جواره.
بعد دقائق من الشتائم المتدفقة، أضاء المطبخ نور باهت كليل.
ـ أين المدفأة؟.. لا أذكر أنني رأيت مدفأة في المنزل.
ـ نحن لسنا في انكلترا..إننا لا نحتاج أبدا إلى تدفأة هنا.
كا منشغلة بالموقد القديم الطراز، الذي يحتفظ به لمثل هذه المناسبات، التي يفشل فيها مولد الكهرباء بإعطاء الطاقة للفرن الحديث..حرارة الموقد اللطيفة جعلتها تحس بعدم ارتياح في ملابسها المبللة. وقالت له:
ـ هناك بعض البطانيات في الخزانة التي في الردهة الرئيسية..من الأفضل أن تخلع ملابسك، بينما أحضرها إليك.
أحست أنها أفضل حالا الآن وهي سيدة الموقف، فهي معتادة على العواصف بعكسه هو.
كان قد خلع قميصه ووقف قرب الموقد، يدعك جسده البارد بشدة بمنشفة المطبخ.. كان الضوء الباهت للمصباح يقع على ظهره النحيل القوي. ولم تستطع تحويل عينيها عنه. بدا وكأن له عينين في مؤخرة رأسه..فقد أجفلها بقوله:
ـ توقفي عن التحديق بي يا إدنا.. وبدلي ملابسك !
رمت إليه ببطانية وهي ترتجف، ثم ذهبت إلى غرفة مجاورة وبدلت ثيابها المبللة.
عندما عادت حاولت أن تحمي نفسها من نظراته، وهي تشعر بالذنب، فقالت:
ـ أوه..يا مايلز..أنا آسفة..لم أكن أقصد أن..
ارتفعت عيناه لتنظر في عمق عينيها:
ـ اصمتي، قطتي الصغيرة..نحن الآن بين يدي الأقدار، كما أعتقد..ولا جدوى من محاربتها.
سألته مستغربة:
ـ أنت لست غاضبا.. إذن؟
تجاهل سؤالها ،واستدار عنها:
ـ هيا يا إدنا فلنصعد إلى فوق، فنحن بحاجة للراحة بعد هذا العناء.
دفعها أمامه:
ـ هيا..من الأفضل أن تسيري أمامي، فأنت تعرفين المنزل أكثر مني.
والتقط المصباح.
سارت أمامه مباشرة إلى غرفة نومه، وتملكها شئ من الدهشة وهي ترى أن صوت العاصفة والمطر والريح في الخارج أصبح خفيفا جدا ، إلى درجة همهمة بعيدة مخنوقة، بالمقارنة مع ضربات قلبها العنيفة..ثم قال:
ـ أنت جميلة، أتعرفين هذا؟ أحاسيس تدلني على أنني لا شك رأيت بضع نساء في أيامي، مع أنني، لا أستطيع أن أتذكر واحدة منهن..لكن ماأعرفه أنك تخطفين أنفاسي بجمالك..
أدارت رأسها لتواجهه، فإذا به يركز عينيه على وجهها عينيها اللتين تسمرتا عليه. لم يستطيعا إخفاء المشاعر المكشوفة في نظراتهما، فقد كانت نوعا من المشاعر تملكت الروح والجسد معا. أخيرا أخفضت نظرها، لم تعد تستطيع تحمل المزيد من العذاب لكشفها عما في نفسها..
ثم قال:
ـ أوه..كم أحبك يا إدنا !
وعرفت من شدة وقوة الكلمات أنه أعطاها بذلك عهدا .فابتسمت والدموع تترقرق في عينيها:
ـ و أنا أحبك يا مايلز.
فجأة شعرت بالخوف، والرعب من المجهول، فهي لا تعرف إلى أين يقودها هذا المجهول الغريب الحبيب.
ابتعدت عنه وقلبها يعصف في مسار مغاير
تمتم قائلا:
ـ نامي الآن يا إدنا.. وإن لم تسمعيني قبل الآن:أحبك.
في الصباح نزلت إلى تحت فالتقت به،قالا دفعة واحدة عن العاصفة التي كات تزمجر بالأمس:
ـ لقد انتهت.
وضحكا معا ،وسألها مايلز.
ـ أترغبين في تفقد الأضرار في الخارج؟
واتجهت إدنا فورا إلى الهاتف، لتتصل بالمشفى لتسأل عن أخبار أمها. لكنها رفعت صوتها بحيث يصل إلى المطبخ حيث كان مايلز يحضر الفطور.
ـ الهاتف مقطوع.
رد عليها:
ـ وكذلك المولد..لا كهرباء..
سألها بعفوية، بعد أن رمت ملابسهما المبللة إلى سلة الغسيل:
ـ هل أنت معتادة على الخدم؟
ـ أستطيع العناية بنفسي جيدا دونهم، إذا كان هذا ما تقصد..إذا كنت تظن أن نقص المال قد يبعدني عنك فأنت تضيع وقتك سدى..هذا إلى أنك ستجني الملايين من كتابك.
لكنها ندمت على كلماتها قبل أن تنهي جملتها..فقد خبت ابتسامته، ونظر إليها بمزيج غريب من السخط وشئ يشبه الندم. ثم قال بهدوء:
ـ كلي فطورك يا إدنا..واصمتي.
لكن الضرر حصل..وذكرى ذلك الزجر الغاضب أصبح الآن يغشى أفقها الأزرق.
كانت الشمس تشرق متألقة فوق الفوضى الموحلة التي تركتها العاصفة ورائها.زلكن الضرر، بوجه عام، كان قليلا. وكان أهل الجزر معتادين على تقلب جو المحيط الهندي الذي لا يمكن التنبؤ به.
سقيفة الشاطئ ذهبت..عمدانها كانت مدفونة تحت السقف النخلي..لكن الطابعتين المحميتين بغلافيهما لم تتضررا.. حتى الخزانة الخشبية المتداعية كانت ما تزال هناك، وقد تناثرت حطاما ،بوقوع أحد الأعمدة عليها، ولحسن الحظ كانت فارغة،ليس فيها سوى بعض أدوات الكتابة و ورق الطباعة الفارغ..
تنفست بارتياح لوصولهما إلى الخليج، ووجدا أن"غريس" يخت العائلة، يتأرجح بهدوء فوق المياه الساكنة، وهو ما زال مربوطا بمرساة بأمان..وقالت إدنا متنهدة:
ـ سبق و انجرف اليخت إلى البحر مرتين في الماضي. تعال، لنعد ونتصل بالمستشفى عبر الراديو في المركب.
جاء صوت باتريك جايمسون الرنان بعد قليل، يخفي قلقه خلف توبيخ متوتر:
ـ حان الوقت لتتصلي..كنت أحاول الإتصال بالمنزل منذ السادسة صباحا.
ـ الهاتف مقطوع يا أبي..ولقد تأخرنا في النوم..كيف حال أمي؟
كانت غريس بخير كما أكد لها والدها، لكن كانت فرصة عودتهما إلى المنزل قبل نهاية الأسبوع ضئيلة جدا..فلا وسائل نقل.."ماهي" على عكس سانت باتريك، ضربتها العاصفة بشدة، وقد سادت الفوضى كل شئ..وسألها بحذر:
ـ ما هي الأضرار.. عدا خطوط الهاتف؟
عرفت ما يريد فعلا أن يسمعه:
ـ أنا بخير يا أبي، وكذلك مايلز..المنزل لم يمس،مولد الكهرباء توقف، لكننا سنتدبر أمرنا يا أبي..لا تقلق، بلغ أمي حبي.
ـ سأفعل ..وقولي لمايلز إنني أشكر له مساعدته..أحس بالإرتياح لوجوده هناك ليرعاك..وداعا الآن.
الصمت في قمرة اليخت، لم يكن يقطعه سوى همهمة المحيط..وكان مايلز يقف خلفها، صمته ينطق بأكثر من الكلمات.
استدارت بغضب تواجهه:
ـ لا تنظر إلي هكذا يا مايلز..فهذا أمر سخيف..فقد كنت ترعاني..ليلة أمس، كان يمكن أن تطيح بي العاصفة و أنت..
قاطعها بهدوء: "اصمتي يا إدنا".
و ابتعد عنها متجها إلى سطح المركب.
لحقت به ، فقال:"كدت أفقد سيطرتي على نفسي بالأمس وهذا ما لا أريد أن أتعرض له ثانية فربما لم أستطع في المرة الثانية تمالك زمام نفسي وفقدت السيطرة".
ـ إنك ..إنك لا تفكر بما قلته منذ أيام عن تركك الجزيرة فيما لو فقدت القدرة على ضبط نفسك..أليس كذلك؟
كان يقف قرب سياج المركب، ينظر إلى الجزر البعيدة السابحة في الضباب في الأفق الأزرق.
ـ لا يمكنك يا مايلز..لا يمكن أن تذهب ! ليس الآن !
استدار ليواجهها، فتنفست الصعداء وهي ترى وجهه منفرج الأسارير:
ـ لا تفكري بهذا يا إدنا..والآن، ما هي الإجراءات العادية في الجزيرة بعد العاصفة؟
لم يكن لديها خيار سوى طاعة أوامره حرفيا..وفيما بعد،أبعدت أية فكرة عن المستقبل، وأية لهفة أو كآبة من رأسها.
ذلك الصباح حين عادا إلى المنزل، وجدا سوزي و بلاك منكبين على العمل بنشاط، ينظفان المكان عائدين إلى عملهما المعتاد في منزل أسرة جايمسون. وانتظرا عودة سوزي و بلاك إلى عائلتيهما، ليسبحا،ويغطا، ويجولا في أنحاء الجزيرة، يتجنبان بحذر أية مواجهة قد تؤدي بهما إلى تصاعد مشاعر لا يمكنهما السيطرة عليها.
لكنهما كانا أكثر استرخاء في الأيام التالية..
وكانت هذه أجمل أيام حياتها..وبسببها بالضبط، لم تعد قادرة على التكيف مع أي نوع جديد من الحياة فيما بعد.
كان كريما في حبه،مع ذلك لم يكن جياش العاطفة و لا رومانسي بشكل مطلق..و لم تعد إدنا بالنسبة له روحا خالية،كما لم يعد هو أمير الأحلام..كانا مجرد رجل و امرأة، تربط بيهما علاقة حب.
الليلة التي سبقت عودة ريس وباتريك جايمسون إلى المنزل، لم تعد إدنا تستطيع كبح التوتر. سألت:
ـ مايلز..ماذا غدا؟
ـ تعنين اليوم ..أليس كذلك؟
ـ تعرف ما أعني..ماذا سيحدث حين يعودان؟
ـ ماذا لو عدنا إلى العمل؟
ـ أرجوك يا مايلز ..أجبني..
ـ لست أدري..دعينا نقرر و نحن نواجه الواقع..أيمكن هذا؟
لدهشتها تكيفا فورا مع التغيير الحتمي لحياتهما في وجود والديها..و عادا فعلا إلى العمل، و إلى رياضتهما المتنوعة. و أبقيا حبهما تحت رباط محكم..
لكن الإحساس باقتراب المصير المحتم، أصبح دائما الآن في نفس إدنا..كانت تشعر وهي تراه كل يوم في وقت الفطور بارتياح شديد وكأنما كانت تتوقع أن يختفي أثناء الليل..لم يقل لها أي شئ عن خططه، ولا أظهر لها أي دلائل عن وصوله إلى قرار..لكنها عرفت أن المجهول قادم، وهي عاجزة عن فعل أي شئ يمنع ذلك.
كان الوقت بعد عشرة أيام من عودة أبويها..وكانا يعملان في سقيفة الشاطئ، ظهرا إلى ظهر كالعادة..طابعتاهما تتنافسان معا في طقطقة شرسة.
فجأة صمتت طابعته، وقال دون أن يلتفت:"كيف حالك يا إدنا؟".
ردت بأدب ساخر:"بخير..شكر لك".
استدار إليه مبتسما:
ـ هذا على الأقل جسر تمكنا من إجتيازه.
ـ هل ستخبرني قبل أن ترحل؟
رد برقة:
ـ لا ..أنا آسف يا حبيبتي..لا أظنني قادرا على مواجهتك.
ـ سأقول لك وداعا الآن إذن.
ـ وداعا يا إدنا.
التفت إليه تواجهه..وبقيا ينظران إلى بعضهما للحظات يأس لا زمن لها، وبصمت كمل. ثم جعلها ترفع رأسها لتلتقي عيناها بعينيه الزرقاوين العميقتين، وكأنما يحاول طبع صورتها في ذهنه.
الألم الصرف الذي رأته في عينيه خرق قلبها. فابتسمت تحاول إراحته، ناسية بؤسها للحظات. أخيرا، رد عليها بابتسامة متكسرة، وتركها.
أدارا ظهريهما لبعضهما ليعاودا الطباعة.


المطر الباكي غير متواجد حالياً  
التوقيع
مثلي ما صار بحياتك .. لا ولا عمره بيصير
رد مع اقتباس