عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-09, 04:36 AM   #18

المطر الباكي
 
الصورة الرمزية المطر الباكي

? العضوٌ??? » 79893
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,068
?  نُقآطِيْ » المطر الباكي is on a distinguished road
افتراضي

في اليوم التالي كانت تسبح باكرا في الصباح كعادتها، و على مسافة بعيدة من الشاطئ، حين شاهدت طائرة صغيرة ذات مقعدين تحط على المدرج الصغير تحت المنزل.. وذابت كل قراراتها المتصلبة ،وهي تسبح بجهد إلى الشاطئ.. حين وصلت أخيرا إلى الشاطئ، كانت الطائرة الصغيرة تتحرك استعدادا للإقلاع..عبر النافذة رأت طيف مايلز وجانب وجهه المتكبر. وما كان عليه سوى أن يدير رأسه ليراها تقف، على عمق الركبتين في الماء، جامدة دون حراك.. لكنه استمر ينظر إلى الأمام بثبات..ثم اختفى.
اكتشفت فيما بعد ذلك النهار، أن مايلز تحدث مع والديها يوم عودتهما بالضبط من المستشفى في"ماهي".. وكان عنيفا في إصراره على أن يكون صريحا معهما.
بالطبع، لم دهشا لسماع حبه لابنتهما.. لكن صدمتهما جاءت حين فهما أخيرا أن لا مجال للزواج.
قالت غريس وصوتها يقطر ألما و إشفاقا:
ـ لم يخف عنا شيئا يا إدنا..أخبرنا حقيقة مجيئه إلى سانت باتريك ،وعن فقدانه لذاكرته.. إنه رجل دون ماض، دون هوية، وليس من حقه أن يربطه معك.
ـ أتعنين ،أنك و أبي شجعتماه على الرحيل؟
تدخل والدها:
ـ لا..لم نفعل..فأنا لم أحتج إلى مراجع لأشكل رأيا حوله..لأنني أعرف الرجل الطيب حين أراه.
قالت غريس بحزم:
ـ اقترح والدك أن يبقى هنا، ويبدأ حياة جديدة..لكنه رفض. قال إنه مضطر أن يعثر على هويته قبل أن يقبل بثقتنا به.. وهو محق يا إدنا، يجب أن تنتظري عودته، معافى تماما..أو..
أكملت إدنا الجملة:
ـ أو أن أتعلم العيش دونه..أعرف هذا، لقد سمعته يقول هذا مرات و مرات..حسنا جدا..لا يمكنني فعل شئ غير هذا، أليس كذلك؟ لم أسأل عن رأيي، و لا استشارني أحد..أنتم، و مايلز، والجميع، تدارستم مستقبلي بعناية وتعقل..لكن ما من واحد منكم أخذ مشاعري بعين الإعتبار..أنا شابة، والحياة كلها أمامي..وسأتجاوز المحنة..أليس كذلك؟
نظر والدها بصمت إلى هذه المرأة القاسية التي جاءا بها إلى الحياة. وأكملت:
ـ حسن جدا ..قد أكون شابة، وحياتي كما تقولون ما زالت أمامي. لكنني ،أبدا، أبدا، لن أتجاوز محنتي أو أنسى مايلز. ولن يكون لي رجل غيره..لذا من الأفضل أن تقولا له هذا في المرة القادمة عندما يتصل بكما.
لكن، لم يكن هناك"مرة قادمة"فبالرغم من وعده أن يعلم الوالدين بمكان وجوده، إلا أنه لم يتصل أو يكتب، أو هكذا قالا، على الأقلربما لحمايتها.
لحسن حظها، تملكتها غريزة الحفاظ على الذات، للأيام التي تلت، الأسابيع،والأشهر..فهي لم تكن تعرف الألم من قبل..لم تكن قد واجهت من قبل أي عداء حقيقي أو قسوة، لذا لم يكن لها دفاعات، ولا وسائل حماية ضد الألم الثابت المستمر، دون كلل..كانت خسارتها تبدو لها حية في كل زاوية من الجزيرة، كل نشاط يومي،كل صوت ورائحة، في الواقع ، في كل شئ شاركته مع مايلز..وبرح بها الألم، وسلبها حتى الغضب، أو الكراهية، للرجل الذي كان سبب كل هذا.. كانت تعلم أن الشوق إليها يؤلمه هو أيضا، وهذه المعرفة زادتها معاناة.
مرت ستة شهور..وعاد اليوم مجددا، يسجل مرور سنة على إلقاء الأمواج بمايلز على شاطئ الجزيرة، مع ذلك، كان الألم ما يزال حادا، قاسيا ،يدمر روحها كما كان دوما. وفي ذلك اليوم جاء ليون في عطلته السنوية ليخبرها بأمر هايدن جاكوبس.
لم تكن قد لمست سيناريو قصة مايلز منذ رحيله..فما ان عرفت أنه أخذ معه النسخة الوحيدة، غير المنتهية من عمله حتى فقدت الإهتمام بعملها..لكنها قبل تركها لسانت باتريك إلى انكلترا، نزلت إلى السقيفة، وأخرجت الملف السميك، تنوي استخدامه كدليل على علاقتها السابقة..إنه دليلها الوحيد الملموس في الواقع..عند ذلك فقط، وجدت رسالته الوداعية على قمة الأوراق المطبوعة.
"لن أطلب منك مسامحتي يا إدنا، فكلانا يعرف أنك لن تسامحيني..ولكن، تذكري فقط ،كلما فكرت بي، بأن ذاكرتي مهما كانت خائنة في الماضي، فستبقى دائما مخلصة لك. قلبي يقول لي إنني لم أحب يوما مثلك، وكياني كله يصيح عاليا أنني لن أحب سواك..لذا، يا حبي، إلى اللقاء...مايلز "

***


المطر الباكي غير متواجد حالياً  
التوقيع
مثلي ما صار بحياتك .. لا ولا عمره بيصير
رد مع اقتباس