عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-09, 11:13 AM   #20

المطر الباكي
 
الصورة الرمزية المطر الباكي

? العضوٌ??? » 79893
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,068
?  نُقآطِيْ » المطر الباكي is on a distinguished road
افتراضي

طعنة شوق كحد السكين ، أخرجت إدنا من ماضيها إلى فوضى الحاض اليائس.
بدا لها أن من الصعب أن تصدق أنها بالأمس فقط كانت مستعدة أن تتخلى عن ذراعها الأيمن لفرصة قضاء بضعة أيام في صحبة هايدن جاكوبس..أما الآن، فقد تمنت لو أنها لم تقنع نفسها بالدخول في هذا الموقف الصعب. كانت قد ظنت، أن الألم الذي خبرته بعد رحيل مايلز، قد أعطاها مناعة ضد أي شئ.. لكنها لم تفكر بالجهد الذي يفوق مقدرة البشر، والذي ستضطر إلى ممارسته على عقلها وأحاسيسها..فهذا أبعد بكثير من مقدرتها.
وقررت أمرا.
كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل، والوقت متأخر جدا للإتصال بدويل فرانسيس. لكنها ستتصل به في الصباح، وتطلب منه أن يبحث عن غيرها،ويبعدها عن هذا العذاب.
بدا لها هذا أمرا ممكنا، وسهلا..بإمكانها أن تسيطر على فوران الذكريات المؤلم، والشوق الذي يثيره مجرد النظر إليه، طالما الرجل نفسه يرفضها، بالعجرفة غير المكترثة. إنه يبدو مثل مايلز، وواضح أنه يتمتع بقدرة مايلز على السيطرة على أحاسيسها..ومثله مثل مايلز، كان يبهرها بذكائه الحاد، ومواهبه غير العادية..لكن حبها المستعصي، الذي لا يهتز، لمايلز،كان يرعاه ذلك المزيج الرائع من الدفء والمعرفة، والحنان، وكل هذ كان حصرا بمايلز وحده..قد يكسب هايدن إعجابها، لمواهبه وذكائه، لكنه لن يستطيع فرض سيطرته على قلبها.
لكنها خلال ذلك اليوم الأول، شاهدت عودته شيئا فشيئا إلى الرجل الذي عرفته يوما..كان في المصاحبة المتوالفة في عملهما، يخلع عنه تلك القوقعة القاسية الواقية،ليكشف طبيعته الأصلية، أكانت هذه طبيعته في حياته الحالية أم في تلك الضائعة المنسية.
وكأنها تقع في الحب مجددا..مع ذلك، فالفرصة في أن تجد السعادة في هذا الحب الجديد غير موجودة في الواقع.
لم تكن لتشك في أنها قادرة على أن تجعله يريدها..خلال السنوات الثلاث المنصرمة كان لديها الدليل القاطع على قوة تأثيرها على الرجال..لم تتطلبه يوما، ولا فهمته حقا، لكنها ليست عمياء لتتجاهل الواقع..ولم يزعجها هذا كثيرا وتمكنت دائما على أن تتوقع مسبقا تلك الدلائل التي لا مجال لنكرانها، فتولمن يحاول التأثير في مشاعرها إلى صديق مخلص طيب..ولم تشعر يوما بأي إغراء في أن تستجيب لأي منهم.
لكن مع هايدن،كانت تعرف أن لا قوة لها على المقاومة..وكيف تستطيع أن تقاوم، وهي عرفت حبه مسبقا؟
أمن الممكن، في بقائها قربه، وفي تحريكها ذاكرته بلطف، أن تستطيع استعادة مايلز إلى الحياة مجددا؟
مع ذلك هذا ليس ضمانا بأنه، وهو هايدن، سيحبها كما أحبها مايلز، وهو وحيد فاقد الذاكرة..أذناها كانتا تضجان بالكلمات المتألمة التي قالها تلك الليلة في السقيفة "إذا استطعت الثقة في مشاعر رجل لا ماضي له ولا مستقبل بل حاضر فقط مؤلف من قصة خيالية نصف منتهية، عن جزيرة مسحورة. إذن، نعم أنا أحبك".
كانت واثقة من أنه قد يسترجعها ما إن يعرف الحقيقة.. ولو لمجرد العرفان بالجميل، أو الإحساس بالواجب، فقد ضحى مايلز بحبه لها بسبب إحساس سخيف بالمسؤولية، الإنصاف، الفروسية، سمها ما شئت. وهايدن قادر كذلك على التضحية بنفسه، واستعادتها مجددا، ولنفس الأسباب تماما.. وهذا شئ لا يمكن أن تقبل به..فهي تريد حبه لا إحسانه.
بحلول الساعة الثانية، كانت ما تزال مستيقظة، رأسها يضج بذات الأفكار،تدور وتدور.. حتى أنها لم تكن قد خلعت ملابسها بعد.
قد يكون من الأفضل لها أن تستخدم ساعات اليقظة هذه، لتأخذ مشهدا من السيناريو القديم، وتجهزه لليوم التالي، حين يعودان للعمل معا.. يبدو أنه لا يمانع في أن تظهر شيئا من إبداعها، وهي واثقة من أنه سيوافق على معظم ما تقدمه له.
تمكنت من أن تصل المكتبة بسهولة..لا شك في أنها وهايدن تركا الأنوار مضاءة حين تركا الغرفة..فقد كان هناك شعاع ضئيل مترسب عبر غرفة الجلوس الواسعة إلى الباب. دخلت لترى أن الغرفة كان مضاءة فقط بمصباح يعطي نورا مباشرا إلى المقعد الجلدي.
لكن ما إن وصلت المنضدة، حتى بدأ قلبها يخفق بقلق.
عرفت أن شيئا ما قد حدث لحظة وجدت الدرج مفتوحا.لقد أبقته بنفسها مقفلا طوال اليوم، فآخر شئ كانت تريده، هو أن يلاحظ هايدن وجود المغلف الرقيق، الذي تحفظ فيه أول بضعة مشاهد من السيناريو الذي أنهته أيام سانت باتريك.
والمغلف اختفى.
لم تندهش كثيرا حين وصلها صوت من على المقعد الجلدي.
ـ إذا كنت تبحثين عن نسخة السيناريو، فهي معي هنا..وأنا متأثر بشكل بالغ.
كان جالسا مختبئا في المقعد. وحدهما ساقاه الطويلتان كانتا ظاهرتين، مرتاحتين على كرسي جلدي منخفض للأقدام. وأكمل:
ـ واضح أنك تشاركينني امتناعي عن النوم. لذا دعينا نتابع العمل..أتمانعين في أن تقتربي مني أكثر؟
حين لم ترد أدار المقعد الجلدي بسرعة ليواجهها.. الضوء المنخفض جعل عينيه الزرقاوين تلمعان بغضب بارد مفزع:
ـ قلت اقتربي !
مثلها مثل الروبوت المحول إلى البشر في قصته، وجدت نفسها تسير ببطء إلى أن وصلت إلى جانبه.
ـ اجلسي هنا ..على الكرسي المنخفض.
حين ترددت ، امتدت يده تشدها إلى الأسفل بقسوة ثم قال بصوت منخفض ناعم، جمده غضبه المكبوت:
ـ الآن ..دعينا أخذ الأمر قطعة قطعة.. لقد حصلت على الوظيفة منذ أكثر من أربع وعشرين ساعة..وعلى افتراض أنك كنت واثقة جدا من نفسك..فما زلت غير قادرة على معرفة شئ عن مشروع الفيلم، قبل اجتماعي بالمنتج الذي جرى قبل أسبوع..كيف تمكنت إذن من إنتاج ما يوازي ربع القصة، مقسمة إلى مشاهد منظمة، مشكلة بشكل مناسب بما فيها الحوار المكتمل؟
رفع صوته قليلا بعد أن بقيت صامتة، وهو يأمرها: "أجيبيني يا إدنا ".
كان عقلها يعمل بجنون..محاولا اختراع كذبة مقبولة.
ـ لدي قصتك منذ أكثر من شهر..أخذتها من.. دويل أعطاها لي..
ـ دعك من هذا يا حبيبتي..فهذه النسخة من القصة بقيت على كتمان شديد..فما هي القصة الحقيقية إذن؟
ـ أنا..أحد الموظفين الصغار هناك صديق مقرب مني حصل لي على نسخة.
ـ إذن استغليت بكل برود، نذلا مسكينا ليقوم بعمل إجرامي، يمكن أن يضع حدا لحياته المهنية، هذا إذا كان محظوظا..لماذا؟ لماذا تهتمين بالحصول على نسخة من قصتي؟
لم تعد مخيلتها قادرة على العمل، فنظرت إليه عاجزة، فأكمل يستجوبها بقسوة:
ـ أهي القصة نفسها؟ أم أن الأمر هو ما شككت به أول ما وقعت عيناي عليك؟.. أنت تسعين ورائي..فهل أنا مصيب؟
بدا لها هذا الرد الممكن الوحيد الآن..فأطرقت بضعف.
ـ هكذا إذن.. وصلنا إلى هذه النتيجة..حسن جدا، فلنسمع القصة. ما الذي تجدينه مهما بما يكفي لتذهبي إلى هذا المدى؟ مالي؟ اسمي؟أم مجرد افتتان بسحري؟
آخر كلماته اخترقت ضعفها، فصاحت به:
ـ أيها النذل..النذل البارد المتعجرف !
ـ نذل..أجل..كما أنني متعجرف، إذا كنت تصرين على ذلك..لكنني عل الأقل ذو كرامة..وهذا أكثر مما يمكنك أن تدعيه لنفسك.
كل بؤسها ومشاعرها المتؤلمة انفجرت دفعة واحدة، في ثورة غضب لم تصدق نفسها قادرة عليها. فاندفعت قبضتاها نحوه، تمطران صدره القاسي الذي لا يلين، بضربات متواصلة..تركها تنفس غضبها لحظات، م وبسهولة أمسك بقبضتيها بيد واحدة، ليوقف هجومها عليه.
صاحت:"أوه..لا ! ".
هذا ما كانت تخشاه طوال الوقت..المواجهة عن قرب مع وجهه النظيف الحليق، والذي يسلبها درعها الوحيد ضد ذكرى وجه مايلز الملتحي.
ـ أوه..أرجوك لا..دعني !
الألم الشديد الذي أحست به من قبضته الساحقة، كان خلاصها.
كان مختلفا تماما عن مايلز..وأحست برضى غاضب متوهج حين تركها، لتعود إلى الكرسي المنخفض.. وسألها بخشونة وهو يراقبها:
ـ حسنا، هل كان هذا يستحق الإزعاج؟
كانا الآن، هادئين تماما، وباردين كالثلج. وقالت:
ـ دعني أرى ما إذا كان بالإمكان الرد على سؤالك نقطة نقطة. بالنسبة لمالك ، يملك والدي ما يكفي ليبقيني وأخي في عيش رغيد، حى ولو لم نقم بأي مجهود لكسب معيشتنا. أما اسمك..حسنا، بصراحة، أفضل أن أكون مشهورة باسمي. أما بالنسبة لسحرك..فقد كنت حريصا جدا على أن تبقي هذا السحر مخبأ، كما يبدو، بقصد حماية نساء مثلي، من الإفتتان بك..لا يمكنك أن تصدق أبدا أنني قد أتحمل كل هذه المتاعب للحصول على مخطوطة قصتك، واستعبد نفسي في كتابة السيناريو لمجرد ما تصورته عنك ؟
توقفت مقطوعة الأنفاس،محاولة أن تملأ رئتيها بالهواء. لكنها أدركت الآن أنه كان يهتز بالضحك. وقل لها خلال ضحكاته:
ـ يا الله..أنت لم تتلعثمي مرة واحدة خلال كلامك! يجب أن تترشحي لمنصب رئيسة وزراء.
انتظرت متجهمة الوجه، إلى أن عاد إلى جديته فأكملت كلامها:
ـ سأقول لك لماذا كنت مصممة هكذا للحصول على كتابك..والعمل معك..أردت العمل في السيناريو، لأنه سيأثر كثيرا على مستقبلي المهني.
ـ كسكرتيرة ؟
اتجهت إلى شيء من الحقيقة بعد أن كذبت:
ـ أنا لست سكرتيرة..أنا كاتبة سيناريو.
ظنت أنها لمحت شيئا من خيبة الأمل، وكأنه فقد اهتمامه بها، من الواضح أنه يعتبر الطموح المتحجر أمرا مبتذلا.
ـ أتعنين أنك تحت وهم أن العمل معي سيدفعك إلى عالم كتاب السيناريو المغلق؟
ـ لا..فليس هذا ما أعنيه أبدا..لأنني كاتبة محترفة..مع تسعة سيناريوهات باسمي..ومنتجة كذلك لمسلسلات تلفزيونية، إضافة إلى روايات درامية..لكنني أردت أن يكون لي سجل في سيناريو قصة رئيسية لها اعتبار و أهمية أكثر من الروايات القصيرة..وأردت أن يكون لدي شئ جاهز أبدأ العمل به قبل أن يسبقني أحد..ولم أكن أعرف أنك ستصر على أن تقوم بالسيناريو بنفسك.
كانت بالتدريج تعود إلى الوقوع في حبائل عادتها القديمة من الثرثرة:
ـ هكذا طلبت من دويل أن يحصل لي على العمل معك. وكنت مستعدة إلى النزول لمستوى مساعدة، لأحصل على خبرة أستخدمها فيما بعد، أعني في وضع سيناريو يحمل إسمي.
فجأة رأت تلك النظرة القديمة الكئيبة تجتاح وجهه..كما حدث له في اليوم السابق حين سمع ضحكتها، ثم بعد ظهر اليوم وهو يراقبها تأكل السندويش..وسألت باشفاق:"ما الأمر؟".
ـ إدنا..اسمك إدنا..وأنت لم تنتحليه كجزء من خطتك للوصول إلي..أليس كذلك؟
ـ لا..لم أفعل هذا. إن اسمي هو إدنا فعلا.
لم يكن يصغي إليها بل بقي يردد اسمها :
ـ إدنا! إدنا! إدنا...إنه قريب جدا..لماذا لا أستطيع الوصول إليه؟
ترقرقت الدموع في عينيها..لقد شهدت مرور مايلز بنفس العذاب عددا من المرات، وهي لا تستطيع سوى مراقبته عاجزة:
ـ أوه..أرجوك مايلز..توقف عن تعذيب نفسك.
انزلق الإسم من بين شفتيها دون تفكير، وبشكل طبيعي، حتى أن لحظات مرت قبل أن تعي ما فعلت..راقبته وهو يرفع رأسه ببطء، يركز بجهد عينيه القاتمتين العميقتين عليها.
ـ بماذا ناديتني؟
فات الوقت للتراجع، فقالت بوضوح:"مايلز..ناديتك مايلز".
أسرت عيناه عينيها للحظات طويلة معذبة..لكنهما لم تظهرا أي دليل على المعرفة، ولا حتى الشك..ثم، وبصوت عادي، سألها:"من هو مايلز؟".
عاد الدم يتدفق مجددا في عروقها ،وأحست بارتياح غريب.
ـ أوه..إنه صديق.
ـ هل هو الموظف الصغير؟
مرت لحظات قبل أن تتذكر أنه يعني من ساعدها.
ـ الموظف الصغير؟ أوه..لا. بالتأكيد لا..فمايلز هو..كان شخصا مميزا.
ـ كان؟
ـ أجل.
ـ وهل مات؟
ترددت، محاولة أن تكذب، لكنها ترددت أمام تشاؤم غريب:
ـ لا..إنه فقط..رحل.
بقي صوته باردا جافا، لكنها أحست بالإشفاق منه عليها:"وأحببته؟".
أطرقت بصمت، فأكمل:
ـ أفهم من هذا أنك ما زلت تحبينه..هل لنا أن نتكلم عنه؟
ـ لا..لاأظنني أستطيع..يس بعد.
أمعن النظر متجهما في وجهها الخالي من أي تعبير:
ـ أوه..فهمت..إذن أنا كذلك أمر في فترة تجربة، أليس كذلك؟
ـ أرجو عفوك؟
قال بهدوء:
ـ أنا كذلك يجب أن أبرهن على أنني أستحق ثقتك..هذا ما كنت تحاولين قوله لي ..أليس كذلك؟
وقفت إدنا، وقد وصلت إلى نهاية قدرتها على التحمل، وقالت بهدوء محولة عينيها عن عينيه الماكرتين:
ـ أنت مخطئ ..لست مضطرا للبرهنة عن شئ..بإمكانك الحصول على ثقتي في أي وقت إذا شعرت أنك بحاجة إليها.
لم تر التعبير الذي ألان ملامح وجهه القاسي الوسيم:
ـ من الأفضل أن تذهبي إلى النوم الآن يا إدنا..وإلا فلن تكوني ذات فائدة لي في الصباح. لا تنسي، يجب أن تدخلي هذه المشاهد الأربعة إلى الكومبيوتر، قبل أن أعاود استعبادك في الساعة العاشرة.
ـ أتعني أننا لا زلنا معا؟ وأنني لست مطرودة؟
ـ يا الله..لا! لسوف توفرين علي الكثير من الوقت مع وجود نسخك الأولى..إضافة إلى هذا، لن أستطيع تحمل خسارتك..فأنت كاتبة سيناريو ممتازة.
كانت عند الباب حين قال:
ـ لمعلوماتك فقط يا إدنا..قررت أن أسترشد بغرائزك الأنثوية..لقد تخليت عن "اليكسيس" الروبوت البشري وهي الآن فتاة حقيقية من لحم ودم..وعلى وشك بلوغ سن الرشد..كي نتمكن من الحصول على قصة حب مقنعة.
أجفلت:"أنا لم أنتقد أبدا قصة الحب في قصتك..قلت فقط إن..".
ـ إنها جافة كثيرا ..وكلانا يعرف هذا..إذن، هذه هي فرصتك لتبرري ثقة دويل فرانسيس بك..ومهما كلف الأمر، عليك أن تحولي اليكسيس إلى إدنا وتتركيها تجد فارس أحلامها.
ـ ماذا؟
أدهشها ما يختزن في ذاكرته، وسمعت مايلز يقول عبر فم هايدن:
ـ لها نكهة أبعد بكثير، ولا شك أنك التقطت صدى "العاصفة"في قصتي..ظننت نفسي أخفيت الآثار جيدا، لكن يبدو أن كشفتني.. لن أهينك بعد الآن بشكوكي..لكن، يبدو مصادفة غريبة أن اسمك هو اسم أحد الأرواح.
ردت متهالكة:
ـ أجل ..أليس كذلك؟ والأكثر من هذا،أنني ولدت وتربيت في جزيرة مسحورة مثل التي في قصتك..ما رأيك بهذه المصادفة؟
كانت قد وصلت إلى الباب تقريبا..حين جاءها صوته الرقيق يوقفها، وديا، وعفويا بشكل مخادع:
ـ لحظة واحدة يا إدنا.
استدارت :"نعم؟".
ـ أعرف أننا تحدثنا في هذا من قبل، لكن اسمحي لي أن أسألك مرة أخرى ولن أكررها.أعدك..أكنت تعرفينني آنذاك؟
ـ آنذاك؟ أتعني حين...
ـ أعني حين كنت نفسي الأخرى..وكما اقترحت أنت بالأمس، حين كنت روحا ضائعة..هل عرفتني آنذاك؟
اتخذت قرارها في لمح البصر..وقالت بوضوح:
ـ لا..لا..لم أكن أعرفك!
تفرست فيها عيناه الباردتان عن كثب لوقت قصير، وقال بصوت منخفض:
ـ يبدو عليك الأسف..أعجب لماذا..
ـ لأنني كنت سأحب أن أساعدك لتكشف غموض فترة الضياع..والآن..
وترددت.
ـ نعم ..تابعي!
ـ لأنني أظن أنك كنت ستسعد بصديق مقرب.
وتركته دون كلمة أخرى.
لم تتصل بدويل فرانسيس في الصباح التالي..فقد نسيت في الواقع أنها قررت الإتصال به..فذلك اللقاء الليلي مع هايدن مسح من دماغها كل قرراراتها المتعلقة..ومهما كان الثمن، مهما كان الألم،فهي مصممة على البقاء، وجعل نفسها مساعدة لا يستغني عنها هايدن جاكوبس أبدا.. حتى لا يعود له الجرأة على أن يتركها خلفه.

***


المطر الباكي غير متواجد حالياً  
التوقيع
مثلي ما صار بحياتك .. لا ولا عمره بيصير
رد مع اقتباس