عرض مشاركة واحدة
قديم 15-12-14, 10:24 AM   #1

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
Rewitysmile10 و أيْنَعتْ ثِمارُه






أبي رحمه الله لم يكن رجلاً متديناً بمعنى التدين؛ لكنه كان ملتزما بأداء الفروض ومخافة الله في التعامل مع الناس وكسب الرزق الحلال والابتعاد عن المعاصي، فقط.. دون تفاصيل العبادات الاخرى لأي مسلم.
لكن.. هذا في ظاهره، فعندما أمعن النظر؛ أجد الكثير ما خلف الظواهر.
الان اتذكر عندما كنا صغاراً ويقلُّنا للمدرسة، كان يلقي على مسامعنا أحيانا آيات قرآنية متفرقة " أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى "
"يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ "
او يُلقي أبياتاً شعرية في محبّة الرسول وال بيته عليه وعلى آله الصلاة والسلام، وهو كان محباً للشعر بدرجة لا توصف ويحفظ عن ظهر غيب عشرات الأبيات، ان لم أبالغ وقلت المئات.
كنت أسمعه في ليال تجمع الأقارب في حديقة المنزل ومع تناول الشاي وأكل الحلويات العراقية يبدأ التباري بين ابي ومن هم في سنه في المساجلة بالأبيات الشعرية.
لم يكن الشباب يشاركونهم المساجلة احتراما للـ(مقامات المحفوظة) التي تربينا عليها فيكتفون بالحماسة والتشجيع احيانا وقد ينسحبون لبعض شؤونهم واهتماماتهم تاركين (الحلبة) لابائهم وامهاتهم.
اما الاطفال فمؤكد كانوا فقط متفرجين درجة ثالثة لاهين باللعب لكن آذانهم تلقط ما يحدث بين الكبار!
كان التنافس يشتد والضحكات تتعالى والعيون تلمع ببهجة ابداع الكلمات التي تمس الوجدان وتثري العقول والارواح.
يعلو صوت ابي على غير عادته لتصدح حنجرته بأبيات من شعر الجاهلية وحتى شعر العصر الحديث، كان منافسا لا يُستهان به ولا يستسلم بسهولة، حتى إني كنت أراه يبالغ في التحدي والاصرار وكأنه يستعيد روح الشباب المتمرد.
لكن معنا.. نحن اطفاله، أبي كان مختلفاً،
لم يكن رجلا جديا واضحاً، ولم يكن يبالغ في إلقاء الحكم المباشرة، كما لم يكن ممن يكثرون الكلام؛ لا في شعر ولا في حديث ديني، فقط يلقي على مسامعنا خلال رحلة الذهاب للمدرسة والإياب منها؛ لمحات سريعة مظللة بالمزاح احياناً او قد يكتنفها غموض فلا نفهم تماماً مقصده في احيان أخر!
يقولها ضاحكاً او غامزا ونحن نضحك، او يقولها وهو يبدو شاردا وكأنه يكلّم نفسه بينما نحن متلاهين عنه وعن مغزاه، لكنه كان أكثر من مدرك لما يفعله، انه زرع.. زرع أجاد غرس بذوره بطريقته وسقاه بتأن مزارع حكيم غامض.
الآن ارى نفسي، ارى اخوتي واخواتي، وبالأخص أخوتي القريبون من عمري وشاركوني رحلتيّ الذهاب والإياب هذه لسنوات، أراهم الآن بعقلية تشبهني في الكثير.
نفس الاساس.. نفس المنبع.. نفس الغرس، اسألهم ويسألونني؛ هل تذكر؟ هل تذكرين؟ ثم نضحك من قلبنا ونقول ان أبونا كان داهية! يملك مكر الطريقة إضافة لحكمة حسن الإلقاء، وامتلك الأهم؛ روح المسلم وعقليته، ولم يبخل بها على أولاده وبناته، فغرز تلك الروح وبنى تلك العقلية فينا.
لقد زرع زرعه.. وها هو الزرع أينع، وأدعو الله ان يرزق والدي ثماره في الجنة.



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 03-07-22 الساعة 10:48 AM
كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس