لا يفتى ومالك في المدينة..
جملة سمعناها كثيرا، واستشهدنا بها كثيرا.
ولكن وللأسف فكعادة التراث العربي في مبالغاته التي لايصدقها عقل، ولا يقبلها منطق،
يورد قصة عن فقه الإمام مالك رحمه الله.
قصة أقل ما يقال عنها إنها استخفاف بالعقول.
ورغم تفاهة القصة وسطحيتها إلا أنهم يستخدمونها
للدلالة على فقهه في مسألة عصيت
على كل الرجال إلا مالكا.
ملخص القصة أن امرأة كانت تغسل ميتة
فلما مرت على عورتها قذفتها بعرضها،
فالتصقت يدها بعورة المرأة. انكشفت
حال المرأة وأفتى من أفتى بقطع يد المرأة،
ثم عرضت المسألة على مالك فأفتى
بحد القذف على المرأة المغسلة
"الجلد ثمانون جلدة" ولما أنهى الجلد
انفصلت يد المغسلة عن عورة المتوفاة،
ولم تنفصل عند الجلدة 79 بل بعد الجلدة 80.
القصة من الإسفاف بحيث إن أول الرافضين
لها هو الإمام مالك رحمه الله.
روج لها الجهلة ومن لم يستطع أن يبلغ منزلة
الإمام مالك في فقهه وعلمه.
ومع ذلك نقول لا يُفتى ومالك في المدينة.
لا يُفتى ومالك في المدينة للأسباب الآتية:
أولها: أن مالك رحمه الله ولد وعاش في المدينة
وكانت ولادته عام 93ه.
فهو قريب عهد بالرسول صلى الله عليه وسلم.
وحفظ القرآن وتعلم الحديث في سن مبكرة.
وتعلّم على يد أئمة التابعين وكان من أساتذته
ابن هرمز الذي قال عن مالك "هو أعلم الناس".
أما شيخه الأول فهو نافع مولى
ابن عمر رضي الله عنهما.
وثانيها: أثنى عليه كبار الأئمة والمحدثين
كالشافعي والبخاري.
وثالثها: قرب عهده من عهد النبي
صلى الله عليه وسلم.
وكون مالك هو أعلم أهل المدينة قاطبة
فذلك يُهيئه للمقولة الشهيرة "لايفتى
ومالك بالمدينة".
رحم الله مالكاً..