عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-15, 07:36 PM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



رابط لتحميل الرواية

https://www.rewity.com/forum/t320847.html#post10220375


يعجز الإنسان في كثيرٍ من الأحيان عن وصف ما يراه بعينيه ..
إذا لم يكن له وقعه في داخله ..
ولا يقوى فعل شيء تجاهه سوى طرح السؤال ..؟؟

كان يوماً طويلاً.. وثقيلاً.. لم تشعر فيه بالوقت رغم ضجرها ومللها من الجلوس على ذلك الكرسي المتأرجح.. وهي تراقب حطب المدفئة وهو يحترق شيئاً فشيء.. وكأنه يشعل في جوفها نار لا تنطفئ أبداً..
إنها لا تذكر كم مضى عليها من الوقت وهي تبكي .. لا تذكر تلك الصور التي كانت تشاهدها في مخيلتها آنذاك .. كل ما تذكره وتشعر به هو أنها غاضبة .. وفي نفسها شيء قد تحطم وتكسر..
لقد انطفأت النار في المدفئة ولكنها أدركت أن ضوء الشمس قد انتشر في أرجاء البيت ولم تعد بحاجة إلى تلك النار التي لا تزيدها سوى اشتعالاً واحتراقاً ..
وقفت " ليلى علوان " لتتجه نحو النافذة .. ثم نظرت إلى السماء وهي تحتضن الشمس بعد طول غياب وكأنها تطلب منها الدفء بعد عناء ليلٍ طويل مع البرد والمطر ..
ياله من صباح .. كل شيءٍ فيه جميل .. الهواء .. الشمس .. والطيور .. حتى ذلك الثلج الذي
غطى جزءاً كبيراً من الأشجار .. كل شيءٍ حول " ليلى " كان جميلاً ولكنها تشعر بجماله ولم تتذوق فيه روعته ، أغلقت " ليلى " النافذة ثم الستار وأيقنت أن ذلك الجمال الرباني ليس له مكان في داخلها .. ولا يحق لها التمتع به حتى ولو مجرد النظر إليه..
كانت تسير في البيت تائهة كمن فقد الطريق إلى مناله .. ويدا تقع على كل شيء تمر عليه .. وتوقفت للحظة عندما وقعت يدها على صورة معلقة على الحائط .. كانت صورة لزوجها وهي تقف بجانبه في ليلة عرسيهما .. كانت الدهشة تحاصرها وهي تنظر إليها بكل تمعن حينها أحست بأحداث كثيرة تصب في ذاكرتها وصور مبهمة تتلاطم أمام عينيها .. أمسكت برأسها كأنها تخاف عليه من الانفجار .. حتى كادت أن تصرخ لتنقذ نفسها من ذلك الشعور المخيف .. وأغمضت عيناها عن تلك الصور البغيضة وقد حدث ما تريد .. حين جاءها صوت رنين الهاتف ونظرت إليه بتعجب ثم سألت نفسها " ترى من يكون المتصل " ..؟
اقتربت منه .. وحاولت رفع السماعة للإجابة عليه ولكنها لم تستطيع.. لقد كانت خائفة .. نعم خائفة.. ولكنها لا تدري لماذا ..؟ وممن تخاف ..؟
يا له من إحساس بغيضٍ ومخيف .. كيف تخاف من شيء لا تعرفه ..؟ ولا تدري ما أسبابه ..؟ ربما يأتي يوم تعرف فيه سبباً لمخاوفها .. كانت تحدث نفسها وهي تقول :
- ياه .. ماذا جرى لعقلي ..؟ هل أنا مجنونة ..؟ أم أني فاقدة الوعي ..؟ لا .. غير صحيح .. فلو كنت مجنونة لفقدت معرفتي بالأشياء .. ولو كنت فاقدة الوعي لما كنت الآن أقف على قدماي ولكنني شاردة .. نعم فأنا حتى الآن لم أحدد شيء في ذهني .. كل شيءٍ في داخلي مشوش وليس له ملامح واضحة ، وما قد يكون واضحاً أمامي هو أنني حزينة وبائسة ..
يا إلهي .. إنه جرس الباب ترى من الطارق .. في هذا الصباح الباكر ..؟ شرعت لتفتح الباب وإذا برجلٍ طويل القامة .. يلبس قميصاً بالياً وسروالاً يبدو عليه أنه لا يعرف المكواة .. نظرت إليه بحيرة وقبل أن تسأله من يكون قال وهو ينحني نحو إناء قد وضع في صندوق من الخشب :
- اللبن يا ست ليلى .. أنا آسف فقد تأخرت عليك قليلاً .. ولكنك كنت أنت أول
من أحضر إليه اللبن هذا الصباح ..
لم تنطق بحرفٍ واحد .. واكتفت بالنظر إليه .. ومتابعة حديثه والاستماع إليه .. ثم قدم إليها إناء صغير مليء باللبن وقال لها :
- تفضلي .. ودعي الحساب على العبد لله ..
ثم رفع يده محيياً ولكنها أمسكت بكتفه قبل أن يذهب .. ثم سألته قائلة :
- هل تعرفني ..؟ أقصد هل رأيتني من قبل ..؟
كانت نظراته إليها كلها تعجب وخوف .. فهو لا يعرف حقيقة ما حدث لها .. وكيف أنها لا تذكر أحداً ولا يمكنها التعرف على أحد ..
قال بعد أن رسم على وجهه ابتسامةٍ باهتة :
- وهل هناك من لا يعرف الست ليلى ..؟ نوارة الحارة وست الستات كلهم ..؟
ثم أشارت إليه برأسها لتسمح له بالذهاب .. وأغلقت الباب بهدوء .. ثم ألقت نظرة شاملة على البيت ..
كان بيتاً جميلاً .. وواسعاً .. يتوسطه الدرج .. ويملئه الأثاث الأنيق والتحف الثمينة .. يبدو أن كل شيء في هذا البيت مختاراً بعناية شديدة ..
عادت لتجلس على نفس الكرسي المتأرجح .. وأسندت رأسها المثقل بتلك الصور المبهمة .. ثم رفعت يدها إلى جبينها لتتحسس شيئاً ما عالقاً به ..
اعتلت الدهشة وجهها وقامت مسرعةً لتتجه نحو المرآة المعلقة على الحائط .. لتنظر إلى هذا الشيء فإذا به جرحٌ عميق قد تجمد الدم عليه حتى كون منه طبقةً سميكة .. يبدو أنه جرحٌ قديم .. سألت نفسها قائلة :
- كيف حدث هذا ..؟ ومتى ..؟ يا إلهي إنني لا أذكر حتى ألم هذا الجرح .. ترى من كان سبباً في ذلك .. من ..؟
يعجز الإنسان في كثيرٍ من الأحيان عن وصف ما يراه بعينيه .. إذا لم يكن له وقعه في داخله ولا
يقوى فعل شيءٍ تجاهه سوى طرح السؤال .. والاستفهام .. حوله حتى لو كان يرغب في التعبير
عنه وملامسته بيديه ..
إذن .. جرح عميق يتسبب في فقدانها الذاكرة بعد حادثٍ ألـمَّ بها بسبب سرعتها الجنونية وهي تكاد تفقد رغبتها في العيش والحياة .. بعد رؤيتها خيانة زوجها ..
رأته وهو يخونها مع امرأةٍ أخرى .. وأي امرأة ..؟ إنها صديقتها الحميمة " منى " التي استأمنتها على نفسها وبيتها وأسرارها ..
لم تحتمل ما رأته وراحت تركض بلا وعي .. حتى أنها استقلت سيارتها وسارت بها بسرعة فائقة .. والدموع تكاد تفقدها رؤيتها الطريق ..
حاولت تفادي ارتطامها بعمود النور لتصطدم بجدارٍ صلب لأحد المحلات التجارية وبعد بقيت فترة طويلة فاقدة الوعي لا تذكر شيء من حياتها سوى الآتي .. أما ما مضى فقد ذهب وتحطم وتناثرت حطامه كما فعلت هي مع ذلك الجدار ..

** ** ** ** ** **





التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 23-04-15 الساعة 07:45 AM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس