عرض مشاركة واحدة
قديم 20-01-15, 04:03 AM   #60

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانيةَ عشرةَ مساءً
أطلّت على المطبخ لتقول
: وش تسوين ؟
التفتت اليها وهي تقول بحيرة
: وش نطبخ للغداء
ابتسمت
: عادي أي شي , لا تشيلين همّه
: طيّب الشباب متى يرجعون ؟
: علي يخلّص على ثنتين ثلاثة , ووليد نفس الشي , ورتيل بعد ساعة يروح تركي يجيبها
أخرجت دجاجتان من البرّادة وهي تقول
: طيّب ليه ملاك وهديل ما يداومون
اقتربت لتساعدها
: ملاك اخذت اجازة على سفرتهم للندن , وهديل جدولها لعب يعني يومين اوف ويوم محاضرة ويوم محاضرتين
ضحكت منها , ثم قالت بهدوء
: ملاك وش تدرس ؟
التفتت اليها وهي تستشعر مرارة لفظها لسؤالها
زفرت ثم قالت
: بغت تدرس طب , وحاربت وكافحت عشان تدخله ووليد رفض , في النهاية دخلت اعلام
عقدت حاجبيها
: ليش رفض !
قالت بسخرية
: لأنّ فهد اخوه درس طب , قال ما نبي شي مشترك بيننا
قالت بصدمة
: لهالدرجة !
قالت ام علي بوجع
: وأكثر يا لطيفة , ولدك مريض , يكره اهله يكره اخوانه يكره ابوه وعمامه , يحقد عليهم لدرجة ما تتصورينها , ملاك من يوم اللي تركتيها ما سمح لها تشاركهم مجلس واحد ولا ركبت مع ابوها بسيارته , تخيلي كان يجمع مصروفه عشان يروحون ويجون بالتكاسي ! لين اشترى سيارة , ملاك ووليد ما اذكر مرّة شاركوا اهلهم نفس السفرة , اكلهم كلّه في المطاعم , ومستحيل يتركها في البيت ويطلع , واذا رجعوا البيت ما ينام الّا اذا قفلت باب غرفتها , واكثر واكثر
نظرت اليها بضياعٍ في مشاعرها
يا حبيبي يا بُني !
أوجعت نفسك وحبست شقيقتك في صومعتك
لأيّ حدٍّ شردّتك بعدي
يا صغير قلبي
كيف لم أحسب تبعاتٍ لرحيلي
كيف لم التفت لأنظرَ اليك
لو كنتُ التفتُّ التفاتةً صغيرة لتراجعت
لعُدتُ اليك
لدهست على كبرياءٍ تافهٍ حطّم عائلتي
شرد ابنيّ الوحيدين
أوجعمها , ولا زالا يتلويَان من تبعاته
موجعٌ ان اكتشف بعدَ هذا العمر انّي لا اصلحُ لأن أكون امًّا
موجعٌ جدًّا ان اكتشف فشلي الذريع
مخزٍ ان أرى قبحي الصريح , الذي تخفّى لأعوامٍ طويلة
يا لتفاهتي , وانا اظنّ انّي الخاسرةُ الوحيدة
كيف سأقابل ربّي بأمانةٍ ضيّعتها
التفتت الى شقيقتها , لتقول باختناقٍ ورعشةٌ في كفّيها
: يا ويلي من الله يا عايشة , وش سوّيت في عيالي , ضيّعتهم !
ربتت ام علي على كتفها بِحُلُم
: ان شالله ما ضيّعتيهم , انتي انجبرتي ما اخترتي , العمر قدّامك تردّينهم لك وتعوضينهم , المسألة مسألة وقت بس
هزّت رأسها بخيبة
: ما توقعت انّي تافهة لهالدرجة , اني سطحيّة وانانية !
: اذكري الله , لا تحاسبين نفسك وانتي مثلك مثلهم انظلمتي !
: كان لازم اتحمّل عشانهم , ان ما تحملت ما استحق اسم الامومة اللي شايلته من ثلاثين سنة , انا ما استاهل اكون ام !
دخلت هديل لتصمتان
اقتربت هديل بقلق
: خالتي تبكين !
ابتسمت بوجع
: البصل امّك تقطعه عندي وعيوني حسّاسة
ظلّت تنظرُ اليها بصمت , ثم ابتسمت بهدوء
: اساعدكم بشي ؟
قالت والدتها ساخرة
: ما شالله من وين طالعة الشمس اليوم !
ضحكت
: عشان ملاك رجعت , وحرام رتيل عندها اختبار اليوم وتعبت كثير بالمذاكرة , بفرحها بشي كذا
قالت ام علي
: حدّك تغسلين خضار وتقطعيه
اعترضت
: يممّه وش شايفتني يعني ! بتطيحيني من عين خالتي
أحاطت ام وليد كتفيّ هديل بذراعها
: ما عليك من امّك , الأمْ ما لها شهادة في بنتها , تعالي ساعديني , بقول لك تتبيلة للدجاج تبّليه وحطّيه في الفرن
قفزت بحماس
قالت ام علي مبتسمة
: اجَل نادي ملاك لا تقعد بلحالها
: نفسية ما تبي تجي
تركت ام علي ما في يدها
: انا بناديها
ذهبت الى غرفة الجلوس , وقالت بحزم
: بدون أي كلمة قومي معاي للمطبخ
قالت ببحّة
: ما ابي خالتي
: قومي ملاك , ضيفة شرف يعني ما تبين تقومين معانا !
ضحكت رغمًا عنها
: والله !
ابتسمت ام علي
: يلا يمّه قومي , وهذه هديل بتطبخ اليوم , تعالي يمكن يطلع منّك شي انتي بعد
نهضت بتكاسل
وقبل ان تخرج من الغرفة قالت برجاء
: تكفين لا تجبريني عليها , بساعدك انتي , لا تحطّوني في مواقف توجعني ولا بتساعد الوضع بشي
أشارت ام علي الى عينيها بعطف
: حاضر , بس توعديني وعد
: شنو !
: ما تحاولين تأذينها في أي كلمة او تصرف , واعطي لنفسك حق انّك تتقبلينها وتتآلفين معاها
زفرت , ثم هزّت رأسها ايجابًا
: طيب
سارتا الى المطبخ
ابتسمت ام علي
: انا وملاك بنشتغل سوى , وانتي وهديل اطبخوا سوى , ونشوف من اكلهم احلى
قالت هديل وعينيها تلمعانِ بحماس
: الله والله فكرة ! ليت رتيل معانا , عاد رتيل لحالها فريق وتهزمنا كلّنا
صرخن ثلاثتهن
: قولي ما شالله
تراجعت بصدمة , ثم قالت بانفعال
: بنضل اختي يعني , تف تف ما شالله
قالت ام علي
: قل اعوذُ بربِ الفلق , ان صار لها شي بغسلها بدمّك
قالت هديل بصدمة
: يما من بنتك انا ولا هي !
التفتت اليها ام علي وقالت ببطئ
: وش قلتي ؟؟
تراجعت وهي تقول بخوفٍ ابله
: ولا شي والله , قسم بالله ولا شي
ضحكت رغمًا عنها وأولتها ظهرها
اقتربت ملاك من خالتها وقالت بخفوت
: وش اسوي ؟
: نقعي خمس اكواب رز , بعدين تعالي قطعي الخضار
قالت وهي تُخرج كيس الأرز
: خضار حق ايش ؟
: بتسوين رز بالخضار ان شالله
ضحكت رغمًا عنها
: انا !
: ايه وش فيك اجل ناقصة يدْ ولا رجل ! هديلوه بتسوي دجاج مرّة وحدة
قالت هديل وهي ترفعُ احدَ حاجبيها
: يعني انا اللي ناقصني ايد ولا رجل ! بعدين لحظة انا وملاك بنسوي الأكل انتوا وش بتسوون !
سمعن حمحةَ تركي , اختبئت ملاك خلف بابِ المطبخ , وقالت ام علي
: تعال
اقترب ليطلّ على المطبخ , قال بصوتٍ بُحّ من النوم
: صباح الخير
ابتسمت ام علي
: صباح النور حبيبي , تبي فطور ؟
حكّ رأسه بكسل
: لا ما له داعي اذا الغدا ماهو مطوّل
: يبيله ساعة ان شالله , يعني تجيب رتيل تلقاه جاهز
التفت الى هديل
: وش تسوين بالمطبخ انتي !
قفزت اليه
: بطبخ بتعلمني خالتي , انا وملاك بنسوي الأكل اليوم
رفعَ حاجبه
: انتي وملاك ! اجل انا بجيب غداي من برّا اصرف
دفعته بغيض
: انقلع منت كفو
ضحك ببرودٍ وابتعد
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحاديةَ عَشرة وخمسٌ وأربعون دقيقة صباحًا
دخلت الى غرفة الاستراحة وهي تُنزل النقاب عن وجهها
رمت الملف على الأريكة ورمت بجسدها بجانبه
بعد ثوانٍ دخلت الأخرى وهي غيرُ منتبهة
نظرت اليها باستغراب
: انتي وش فيك اليوم ؟
لم تجبها
نادتها بصوتٍ عالٍ
: داليا !
التفتت اليها بانتباه
: هلا !
: وش صاير لك اليوم ! كلّش مو على بعضك
زفرت زفرةً طويلة , ثم قالت بهدوء
: ما في شي
اقتربت منها بقلق
: تكلمي وش صاير لك
: قلت لك ولا شي !
غضبت منها وهي تلوحُ بالملف
: تراني بهفّك بذا
قالت ببحّة
: صقر
جفلت رتيل , ارتعش كفّها وماتت نظرتها
قالت بنبرةٍ مهتزّة
: وش فيه !
هزّت داليا رأسها
: ما فيه شي وش فيك بتموتين علينا ! بس قال لي شي خلّاني افكّر
ارتاح جسدها بعد ان كاد يتمزقُ من شدّها وتقلصها
ازدردت ريقها الذي جف
قالت وقلبها ينبض بشدّةٍ ضعيفة !
قالت ببرودٍ لا يشبه ما تشعر به
قالت بنبرةٍ ميّتة
: ايه , اوكَي
رفعت داليا حاجبها , ثم قالت بسخرية
: ما عاد يهمني , ولا ابيه ولا افكّر فيه ! وآخر همّي وابيه يطلقني !
رفعت كتفيها تتظاهر باللا مبالاة
: يعني ولد عمّي مثله مثل عبد الله بزعل اذا صار له شي شين !
هزّت داليا رأسها ببرود
: ايه
تجاهلتها وهي تشيحُ ببصرها عنها
اقسِمُ انّي اكذب يا داليا
اقسم انني كاذبةٌ بلهاء
عاشقةٌ غبيّة
شوقي يفتت اضلعي
شوقي كبيرٌ على قلبي الهزيل
ذلك الرجل الذي لهُ قدرة احتواء العالم بين كفّيه
يعجز عن احتواء حاجتي
لا اعلم ان كانت حاجتي اكبر من العالم !
ام انّه اكبر بكثيرٍ من ان ينظرَ اليها !
رجلُ قلبي الرجل !
الممتلئ بشيء لا يشبهه احدٌ فيه
لا اعلم من اينَ يأتي صقر بفتنته المُحرجة
الفتنة التي تجعلُ الكونَ يتضاءلُ امامه
لا اعلم من اينَ يأتي صقر بقسوته !
قسوته الجارحة
قسوته ذاتُ المخالبِ الحادّة
لا اعلم الى متى ستبقى تستحضرني يا صقر
لتسحبني من عالمي
الى عالمٍ يحويكَ وحدك
الى عالمٍ لا يحوِي سوى غرورك !
اعتقني يا صقر
اعتقني حبًّا في الله !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
نهض من مكانه كالمقروص
هتف بصدمة
: نـعـم !
قال والده بهدوء
: اجلس , ما خلصت كلامي
قال بفيجعةِ الذي سقطت الدُنْيا بدناءتها على رأسه
: وش بتكمل يبه ! وش تبي تقول بعد ؟
قالت اميرة بحنان
: عزوز اجلس حبيبي , اسمع للآخر
التفت اليها ليصرخ
: وش اسمع اكثر , فيه مصيبة اكبر من اللي قلتوه !
قالت غالية برجاء
: لا تبالغ عاد , لا مصيبة ولا شي , وامر موجود ووارد في كل مكان !
صرخ بجنون وهو يقطع مقدّمة ثوبه بهيجان
: عندي مو وارد , عندي حرام وغلط وعيب ومصيبة وطامّة
قالت والدته ببكاء
: عزيز...
قاطعها بذهول
: انتي تفكرين كذا ؟ شلون طاوعك قلبك ؟ شلون قدرتي تطرين هالفكرة في بالك , انتي امّه ! اممممه اكثر انسانة حبّته في العالم , شلون يممه شلون , شلون يا امي وام بندر
قال والده بحدّة
: لا تحسس امّك انها اجرمت عاد
قال بتهديدٍ شديد
: ولا تفكرون تطرون لي هالسيرة مرّة ثانية , اكثر شي تمنّاه اخوي بحياته تبوني اخذه ببرود ! تبوني اكون دنيئ لدرجة آخذ حليلة اخوي ؟؟ - صرخ بجنون وهي يمسك برأسه – يمكن انّه داخل عليها بعد , قبل زواجهم بأربع ايّام مات , سنين وهو مملك عليها ويبيها , أشّر عليها بايده وطاح على رجلك وقال لك يبه تكفى ابيها , تبيني آخذ زوجة بندر يبه ؟ تبيني اتزوج حليلة بندر ! اصلًا هي لو فكّرت تتزوج انا بروح لأبو عمر وبذبحه ان عطاها – قال بحدّة – فجر لبندر وبس , تحرم على ايّ رجّال بعده
خرج من غرفة المجلس الى غرفته ليستبدل ثيابه بغضبٍ جم
ثم خرج من المنزل
ركِب سيارته وقادها بجنون
وهو يضرب الطارّة بكلّ قوّته حين يسترجع حديثهم البارد
طلبهم الدنيء جدًّا !
رحِمك الله يا بندر
رحمك الله يا شقيقي
رحلت يا بندر ليعبثوا بك من بعدك
احبّوك كثيرًا
ليطعنوك بأشدّ ما تحب
لم مُتّ يا اخي !
لم تركتني ليضعوني وسيلةً لغدرك
مشمئزٌّ من نفسي , اودُّ تغيير جلدي !
اودّ ان تدخل سيارته في غياهب الظلام
ليختفي غدري لكَ عن وجه الأرض
زوجتك !
حبيبتك الوحيدة
الوجه الذي حرّمت على عينيك الاناث من بعده
انثاك التي أبعدتها عن عملها , وعن الزيارات
وعن السير في الطرقات
ووددت كفّ جميع الأبصار عنها
يقترحون ان يتزوجها شقيقك الوحيد
يقترحون ان امسك بيدها , واقبّل جبينها امام مئاتٍ من ازواج الأعين البغيضة
ثم أغلقُ بابًا يضمّني معها في خلوة
شهق من افكاره التي وصلت الى هنا
شعر انّه خائنٌ فعلي
دمعت عينيه من الذي وصلَ اليه عقله
فتحَ ازرار ثوبه وهو يختنق
ويتذكّر موتَ بندر
قاده حُزنه بعيدًا عن طارة القيادة
عن الشارع العام
عن السيارات التي تسير حوله
لينحرف عن المسار ويشهق قبْلَ ان تصطدم السيّارة بعامودِ الإنارة الضخم !
,
,
المملكة المتحدة – لندن
الثانية وخمسة عشر دقيقة مساءً
انتهى من الأوراق الرسمية , وقّع عليها
ووقّع تعهدًا برعاية الطفلة وتحمّل مسؤوليتها كاملة
خرج من مكتب الإدارة الى باحة الدار الخضراء
نظرَ الى الأطفال
وابتسم بعطفٍ حينَ رآها
اقترب ليقول بلطف
: مرحبًا
نظرت اليه لثوانٍ , ثم أشارت الى نفسها بتساؤل
هزّ رأسه ايجابًا بابتسامة
اقتربت بابتسامةٍ مشرقة
ايقظت حداده الذي لم ينتهِ بعد على خالته
ذاتُ الابتسامة !
ذاتُ النظرة
لكنّها لا تشبهها ابدًا
قالت بلطف , وبلكنتها الانجليزية المدلـله
: مرحبًا
نزل ليجلس على ركبةٍ أمامها
داعب شعرها
: كيف حالك
: بخير سيدي
هزّ رأسه نفيًا
: بامكانك مناداتي سعود
عقدت حاجبيها
ليبتسم
: قولي ساود , سيكون اسهل
نطقت اسمه ببطئ وكأنّها تدرب لسانها على نطقه
قال بحنو
: حسنًا صغيرتي , يبدو اننا سنصبح صديقين حميمين
قالت بابتسامة
: لا مانع عندي
: انا قريبك , وسأسطحبكِ معي , عندِي لكِ مفاجأة
رفعت حاجبيها بحماس
: احب المفاجآت
نهض وهو يجاري حماسها
: اذًا هيا بنا , المربية تجمع حاجياتك لا بدّ انها انتهت , لم اسألك هل تناولتي طعامك ؟
: نعم منذ قليل
ابتسم ومدّ لها بكفّه
امسكت بيده وسارت معه
اخذ حقيبتها , وانحنت المربية لتقول متأثرة
: حبيبتي ستذهبين !
قالت بتردد , وهي ترمق سعود بريبة
: الن أعود ابدًا !
قال سعود
: بالتأكيد سأحضرك متى أردتِ لتري صديقاتك والآنسة إنجي
ارتاحت قليلًا , لتودّع المربية والأطفال , وتخرج مع سعود
وضعَ حقيبتها في الخلف , وربط حزامها
وسارَ عائدًا الى تشيلسي
حين انتصف بهما الطريق قالت بملل
: هل سنسير اكثر !
قالت معتذرًا
: انا آسف , المكانُ بعيدٌ قليلًا
: الن تخبرني الى اين نحن ذاهبين ؟
ابتسم
: اخبرتك بأنّها مفاجأة , ستحبينها كثيرًا
ابتسمت وهي ترتاح على مقعدها
قال بعد قليل
: لم تخبريني , ماذا اسميكِ ؟
رفعت كتفيها ببساطة , جعلت ابتسامته تتسع , يبدو انّ الطفلة قد اخذت من عائلتها تفاصيلَ صغيرة , بعيدًا عن الشكل
تشبهه حين يرفع كتفيه ببساطةٍ شديدة , ويرخي حاجبيه , وتميل شفتيه قليلًا الى الجانبِ الأيمن
قالت
: اسمي فيكتوريا , اصدقائي ينادونني فيكي
: اذًا سأناديكِ فيكي
هزّت رأسها موافقة
مرّ الوقتُ وهما يتحدّثان
حتّى ادخل السيارةَ الى المنزل
نزل من السيارة , لتنزل وتسير بجانبه
دخلا الى المنزل
التفت اليها وأشار لها بحركةٍ طفولية ان تصمت
ضحكت بخفوت وهي تغطّي شفتيها بكفّيها الصغيرين
دخل الى غرفة الجلوس وابتسم
: سربرايز !
دخلت خلفه مبتسمة
نهضت رونا وهي تقول بحنان
: أهلًا يا حلوة
رفعت حاجبيها بدهشة
لتقول
: سيدتي رونا !
اقتربت رونا وقبّلتها ما بين عينيها وهي تحبسُ أدمعها
نهضت السيدة جوليا وظلّت تنظرُ اليها بصمت
غرقت عينيها بالدموع
نهضت رونا وقالت بارتباك
: امّي هذه...
قاطعتها بنبرةٍ باكية
: عرفتها !
قال سعود
: نانا اليست جميلة ؟
اقتربت منها وجلست على ركبتيها امامها
قالت بتعب
: مرحبًا
انحنت فكتوريا بلطف
: مرحبًا سيدتي
مدّت السيدة جوليا ذراعيها , وقالت بنبرةٍ مختنقة , وشفتيها متقوستان توشكان على البكاء
: هل تسمحين لي بعناقك ؟
ابتسمت الطفلة وعانقتها
شدّت عليها وهي تغمض عينيها وتكبحُ آهةً طويلة ان تفلت
لم تموتي يا رنا , وابتسامتك على شفتي هذه الصغيرة
لم تموتي بعد , وانتي تسكنين نظرتها ولمعة عينيها
ارغبُ بعناقك يا ابنتي
ارغب بضمّك الى صدري الذي هجرتيه طويلًا
للمرة الأولى ارغب باخباركِ انّي ممتنة لكِ
على هذه الطفلة , التي ابقيتِها لي
شكرًا يا ابنتي , شكرًا بقدر ما افتقدك
شكرًا لأنّك تركتي لي قطعة من قلبك تنبض في حضني
قطعةً ستشاركني حياتي المقبلة
انزعجت الطفلة ورفعت رأسها الى خالتها
اقتربت رونا لتضع كفّها على كتف والدتها
: امّي
ابعدتها بهدوء
نظرت اليها لتقول بصدق
: هل تعلمين كم احبّك !
ابتسمت الطفلة وهي تشتت نظرها
قالت بخجل
: شكرًا لكِ
زفر سعود براحةٍ عميقة
جلس على الأريكة وقال
: فيكي اقتربي لأخبركِ امرًا
اقتربت وجلست بجانبه
: حسنًا يا صغيرة , هذه – أشار الى جدّته المبتسمة – جدتنا انا وانتِ , انا اسميها نانا , هل يناسبكِ ؟
: انّه لطيفٌ جدًّا
هزّ رأسه باستحسان
: حسنًا , وهذه – أشار الى والدته – انها والدتي , تستطيعين مناداتها خالتي , وسنكون سعداء لو ناديتها امّي
قالت بابتسامة
: هل استطيع ؟
قالت رونا بحنان
: بالتأكيد حبيبتي
صمتت لثوانٍ
ثم قالت
: افضّل مناداتها خالتي
حينها دخل ابو سعود
: السلـ... – قطع سلامه وهو ينظرُ اليها , ثم ابتسم – لا بد انكِ فيكتوريا !
قالت بدهشة
: هل تعرفني
ابتسم
: بالتأكيد , كيف حالكِ
: بخير , شكرًا سيدي
قال سعود
: هذا والدي , ناديه عمّي
أشارت له بيدها
: مرحبًا عمّي
اومأ برأسه بلطف
: مرحبًا حلوتي
قالت السيدة جوليا
: ستكونين سعيدةً هنا , اعدك
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثالثة مساءً
كانت تجلس على سريرها , ضامةً رُكبتيها الى صدرها
وفي يدها كوبُ قهوة
شاردةٌ في البخار الذي يتصاعد منه بهدوء وسكينة
تشعر انّها تشبهه
مستسلمة في حبّها لسعود
تستنزف مشاعرها معه
ويلفظها كبخارٍ يتصاعد
حتى يختفي آخر رمقٍ منه
ليتخلص سعود منها
كَكوب القهوة , الذي يفتر ان تخلص من بُخاره !
لن يكون بحاجته بعد ان يخرجه كلّه
سيستغني عنه
أرعبتها الفكرة
هل ستستغني عنّي يا سعود
هل ستتخلص منّي !
هل ستنبذني وتخرجني من حياتِك وكأنّي لم اكن
شعرت بنغزَةٍ في قلبها
انا التي رحلت وهجرت واستغنت وتخلّت
مشتاقة يا حبيبي
مشتاقةٌ يا سعود
اشعر انّي اتهاوى , انّي اضعف
لن اصمد أكثر
لا اظنّ انّ لي قدرة تحمّلٍ ستحويني اكثر
خائفةٌ من ان اعود وترفضني
احتقنت عينيها بالدمع
أمالت رأسها جانبًا بانكسار
دائمًا انا بلهاء
لا افقه سوى الهرب
هربٌ ابله
لو تعلم فقط انّي خشيتُ عليك
خشيتُ عليك من عمومتي
من الغولِ المرعب فارس
تركتك خلفي ليوجعني قلبي على فقدك
لكن لا يُصِيبك مكروهٌ بسببي
لم اتركك لانّي لا افكّر فيك
او لأنّي استغفلك كما اجزم انّك ظننت
احبّك يا سعود
يا رجلي الوحيد
اقسم انّي احبّك
لكنّ خوفِي عليك اكبر من ان اكون انانيةً في حبّك
وان اسحبك معي الى بوابةِ الموت التي تلتهمني وتلتهم عائلتي
سأحرص على ان لا تقترب منها
ان ولجتها يا سعود لن تنجو
لن تفلت من شرّها ومخاطرها
ثقْ بقلبك الذي يخبرك كم احبّك
لم أكن لأتجرأ على المقارنة بينك وبين والدتي
من المخزِ يا سعود وانت تعلم ذلك
ان اقدّم حبّي ونفسي على والدتي
امّي لم تكُن امًّا عادية
على الأقل في نظري !
عجزت يا سعود , عجزت !
لم استطع التخلّي عنها وهي تشارف على الموت
تخطّيت نفسي وحبّي , وتخطيتك
لأراها
ولم اكُن لأخاطر اكثر واعرضك لوحشيتهم السادية
التي بدأت بأبي , ثم بي , والآن خالد
ربّما في الغد فيصل او بندر
او حتّى امي !
يجب ان تعذرني يا سعود
يجب !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
توقفت حَرَكة السير في الشارع
سدّت الطريق ثلاث سيّاراتٍ للشرطة
وسيّارة الاسعاف
عاين الضابط مكان الحادث
وحاوطت الشرطة المكان بالأشرطة الصفراء
اقترب رجلا الاسعاف
نَزعا حِزامه بروية
حملاه ببطئ , ووضعها جسده النازف على السرير الخاص ليدخلاه الى السيّارة
بحث الشرطة في السيّارة عن شيءٍ يدلّهم على عائلته
قال احدهم
: ما في لا جوال ولا بطاقة
لينادي المسعف من داخل الاسعاف
: بطاقته طاحت من جيبه
اخذها الضابط ونظر الى الاسم
مدّها الى الشرطي
: كلّم مركز الأنظمة يطلعون رقم ابوه او احد يصير له
هزّ رأسه بطاعةٍ وابتعد
تحركت الاسعاف , وعاد الضابط الى السيّارة المتضررة ليعاينها بدقّة
,
ردّ على الهاتف بهدوء
: هلا , وعليكم السلام – قال بقلق – ايه نعم ابوه خير ان شالله !
اتسعت محاجره برهبة
انزلق الهاتف من بين اصابعه وارتجف جسده
صرخن الأربعة
: وش فيه
لم يقدر على الحديث
جثت ام بندر على ركبتيها امامه , وهي تقول بضعفٍ شديد , برجاءٍ ذليل
: تكفى طلبتك , وعزّة الله عليك , داخلة على الله ثم عليك , لا تقول عزيز صار له شي , تكففى – صرخت بانهيار – طلبتك يا ابو بندر طلبتك
قفزت تهاني بجنون
: يبه وش صار تكلم
حاوطت اميرة اذنيها وهي تهزّ رأسها برفض , وتقول بارتجاف
: مو عزوز يبه , مو عزوز تكفى
اقتربت غالية وهي تتشبث بآخر حبلٍ للصبر
: يبه وش فيه
قال بانهزام
: اللي اخذ بندر بحادث قدّر لعزيز نفس الحادث
صرخن الأربعة صرخةً واحدة
صرخةً حادّة
" لا " معترضة , رافضة
صرخن بالـ " لا " من أعماقهن التي لم تبرأ من جرحها القديم بعد
الـ " لا " ذاتها التي بُحّت أصواتهن منها في وفاة بندر
خشينها , أصابتهن الرهبة منها
بلعنها , خوفًا من ان تعاندهن وتؤذيهنّ !
قالت تهاني بانهيار
: ما يموت عزوز , ماهو على كيفففه ما يروح اخوي ما يروح , والله ما احللكم ولا اسامحكم , ذبحتوا اخوي , ذبحتوا عزييز
نهض بتثاقل , وهو يهتف بضعف
: لا لا , ما مات , ما يموت ان شالله , في المستشفى الحين
وكأنّه بشّرهن بالجنة
لينهضن بلهفة , يمسحن أدمعهن ويكدن يغشين ضحكًا
قال بضياع
: انا بروح له
على كلمةٍ واحدة هتفن بناته
: نروح معك
قالت ام بندر وهي تعجز عن الوقوف
: يا ربي يا حبيبي طالبتك طلبة ما يضر ولدي شي , يا رب لا تجعلني اتمم كلامي ولا تجعل لي وقفة بعد هالجلسة ان كنت كتبت على عزيز شي , يا ربي طلبتك ما يجي ولدي شي , طلبتك يا رب , يا رب انت اللي خلقت امومتي وتعرفها وتعرف فجيعتي في بندر , لا تفجعني بعزيز يا رب , يا كريم يا رب
انحنت اميرة بعطف
: قومي يمّه , قومي نروح للمستشفى , ان شالله ماهو جايّه شي
اتكئت على ابنتها لتنهض , وهي تترنح وتبكي
ولا تلهج بغير
" يا رب ما يجي ولدي شي يا رب "
,
,




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس