عرض مشاركة واحدة
قديم 20-01-15, 02:24 PM   #16

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

‏ الفصل الثالث والعشرون

كل مرة زفرت ليلي،أصبح الجزء اللولبي من النفس المتبخر أدق.كانت باردة إلى عظامها ولكنها لا تمتلك ‏لا القوة ولا الإرادة لتنهض وتضع جذع شجرة آخر على الفحم. إلى ماذا يشير ذلك. ؟
لم تكن واحـدة من الناس الذين ركزوا على المــوت وتصبح على وشك الموت وتغتاظ أكثر مـــن ذلك حتى ‏‎ ‎سارعت متوهمة في زوال القلق. على أية حــال بعد أن مــاتت أيمي تأملــت مــوتاً طبيعياً، متسائلة مــاذا ‏يبدو الطريق من حياتها إلى المستقبل، لم تسأل إذا كان هناك مستقبل. تلك نجمة الحياة المفعمة بالحيويـة ‏والطاقة حينما تقترب فجأة من الأرض وتزداد شدة ضوئها بشكـل هائــل ثم لــم تلبث أن تتلاشى بعيداً إلى ‏حيث ظلمتها، ببساطة كانت أبنتها قبل ذلك بأشهر أو بسنين لا تنقطع عن الوجود. أن أيمي مجرد انتقلــت ‏من بعد يحكمه عالم الطبيعة إلى عالم الروح.معتقدة بأنها ساعدت ليلي على النجاة من فاجعتها. ومع ذلك ‏أصيبت بحزن على طبيعة الرحلة بين العالمين.هل أن أيمي انزلقت إليها بسلام على سجادة الضوء؟أم هل ‏أن طريقها مظلماً ومرعباً ؟ كان ذلك عندما أتت ليلي لتفكر بشأن أو تتأمل فيمــا إذا كان موتهــا هادئــاً أم ‏مؤلماً. ولكنها ماتت فقط في كوابيسها من الاختناق بينما كانت وحيدة. على الأقـل سترحــل وهي تعلــم أن ‏الأزرق سيمسك.قبل أن أصبحت ضعيفة جداً،استخدمت سكين تقشير لتحفر أسم تيرني= الأزرق في أحدى ‏حجر المطبخ وهي تعتقد بأن ذلك سيكون أكثر تأثيراً من ملاحظة تكتب على أحد صكوكها الفارغة، والذي ‏يمكن أن يطل عليه الضجيج المؤكد للظهور خلال اكتشاف ونقل جثتها من القمرة.‏
تيـرني.‏
مجرد التفكير بالاسم ينخع البكاء من صدرها المتقلّص . كانت غاضبة على ذنبها . باحتقارها لذاتها فكّرت ‏‎ ‎بكيفية سقوطها بسهولة بسبب تركيبته النادرة من قوة البنية والحساسية ذلك اليوم على النهر، كم تاقـت ‏توقاً شديداً هذه الشهور الماضية إلى الفرصة التي ضحّت بها لرؤيته ثانية .لقد بدا عليه منذ البداية بأنــه ‏جيد وصادق. خذ ملاحظة ليلي: ما تبدو بتلك الحالة عادة. كانت هي كبيرة السن إلى حد ما لتتعلـم الدرس ‏الثمين ولسوء الحظ لم تكن لديها الفرصة لتطبقها على حياتها الخاصة،ولكنها على أية حال كانت تستحق ‏كتابة الملاحظة.أليس كذلك ؟ ربما يجب أن تتركها محفورة في الحجــرة أيضــا ، الطريقة التي يترك بهـــا ‏السجناء رسائل أخلاقية على جدران زنزاناتهم لشاغليها في المستقبل.‏
ولكن الآن لم تكن لديها القوة حتى لتمسك سكيـن التقشيــر.نوبات مــن بروز المخاط الناجــم عن السعــال ‏تركها ضعيفة جداً ولم تتمكن من الجلوس بعد ذلك.كانت بلا طاقة ولا تقول شيئاً عن الوقت. كانت هنالـــك ‏فائدة واحدة للموت.تمت الإجابة على السؤال الذي يستحيل تقديره.مثلا،هي عرفت الآن بما لا ريب فيه أن ‏الشخص لم يكن ليسير إلى ما بعد الموت في لهيب ضوء مبهر. وبالعاحب. سرق المــوت أكثر من شخص ‏مثل غسق متراكم بهدوء . كان التعتيم تدريجياً ، انكماش الرؤيا لا يمكن إدراكه تقريباً ، حتى بقيت نقطــة ‏الضوء الوحيدة والحياة.وبعد ذلك بقدر ما ابتلعت بالظلمة أيضاً حيث كانت محاطة كلها بشكل كامل. بحثت ‏عن أيمي بيأس في ظلمة منيعة، ولكنها لم تستطع أن تراها.لم تستطع أن ترى أي شيء . مسرعة أذنيها ‏بالرغم من ذلك عند ضجة من صوت آتياً منها من بعيد.كان أبوها يناديها إلى البيت من المكان الذي تلعب ‏في الصف الثاني من البيوت. ليلي! ليلي"‏
‏- أنا آتية يا أبي.تمكنت أن تتصوره واقفاً على شرفتهم، مكوراً قبضتيه مثل الكوب حول فمه،منادياً بلهفة ‏‎ ‎حتى ردّت عليه وأخبرته بأنها في طريقها إلى البيت.‏
‏- ليلي" بدا عليه خائفاً، مسعوراً، مرعوباً.‏
‏ ألم يستطع أن يسمعها ؟ لماذا لم يستطع أن يسمعها ؟
‎ ‎كانت تجاوبه قائلة"‏
‏- أنا في طريقي إلى البيت يا أبي. ألا تستطيع أن تراني ؟ ألا تستطيع أن تسمعني ؟ أنا هنا !‏
‏- ليلي ! ليلي! "‏


‏ 137‏



‏- أمال تيرني الجزء العلوي من جسدها فوق ساعده وضربه بقوة على ظهرها محدثاً صوت . نفثت قطعة ‏
‏ من المخاط في البطانية وهي تغطي حضنها. ضربه ثانية بين عظام كتفيها وهو يخرج بقوة مخاط أكثر ‏‎ ‎‎ ‎حيث أصبح يقطر من فمها.وحينما تخلّى عنها تخبّطت على ظهرها ميتة على الأريكة، رأسها متدلياً على ‏‎ ‎جانب واحد.مزّق قفازيه وصفع خديها وهي يجادل نفسه حيث كان وجهها دافئاً.أنها يده التي كانت باردة ‏‎ ‎‎ ‎وليس جلدها الرمادي الكئيب.‏
‏- دس يده داخل جيب سترتها،تحت بلوزتها،ضغط راحة يده على صدرها.فحينما شعر بنبض قلبها انطلقت ‏‎ ‎‎ ‎صرخة لا إرادية صدرت من حنجرته الفجّة الجافة . فتح الزمام المنزلق لجيب السترة الذي وضع فيــه ‏‎ ‎كيس دواءها. كانت عبارة عن حقيبة حرير خضراء مزينة بخرز بلوري كما وصفها هو‎ ‎تماماً . وحينما ‏‎ ‎‎ ‎فتحها وقعت قنينة الحبوب على الأرض وتدحرجت بعيداً عن النظر ولكن كانت بعدها علبــة الاستنشاق. ‏‎ ‎‎ ‎تفحص الرقع على العلبة بدقة حيث كانت مكتوبة باللغة اليونانية أيضاً . تذكّرها ذات يوم أخبرته بأنهـــا ‏‎ ‎كانت تستخدمها لمنع نوبات الربو.الشيء الآخر لتقديم الإسعاف للمريضة التي تعاني مـن نوبات شديدة ‏‎ ‎ولكنه لم يعرف أيهما كانت.دفع أحد البخاخات القصيرة فوق إحدى شفتيها الخالية من الدم، أستخدمهــا‎ ‎بين أسنانها وضغط العلبة قائلا" تنفسي يا ليلي. لا زالت ممددة تماماً رماديـــة كالموت لا تستجيب. دس ‏‎ ‎ذراعه تحت كتفيها ورفعها إلى الأعلى ثانية فصاح بوحشية" ليلي تنفسي! استنشقي. رجاءا. هيا، خذي ‏‎ ‎نفساً."وفعلت. فعل الدواء كما يفترض أن يفعل تأثيره وتخلصت بسرعة من تشنج العضلات الـذي ســــد ‏‎ ‎قصباتها الهوائية وبفعل ذلك أعيد فتحها. سحبت نفساً بصفير. ثم نفساً آخر. وبينما هي تستنشق النفس ‏‎ ‎الآخر فتحت عينيها ونظرت إليه ثم شبكت يديها حول يديـه التي لازالت تمســك بعلبــة الاستنشاق داخــل ‏‎ ‎‎ ‎فمها. ضغطت هي على العلبة ثانية.كان نفسها يقرقر، ويصفر، ويحدث أصواتاً مريعة .‏
‏- قال تيرني" موسيقى لأذني. "‏
‏ وفجأة دفعت علبة الاستنشاق بعيداً ، سعلت في يديها. قال" هنا" من الأريكة الأخرى، أنتزع منشفة كان ‏‎ ‎‎ ‎يستخدمها الليلة قبل الماضية ليدفعا إليها ويسند رأسها. سعلت فيها. كان السعال مؤلماً ومعذباً لجسدها ‏‎ ‎‎ ‎بشكل عام.أنحنى تيرني أمامها وغمغم مشجّعاً.وفي النهايــة توقف السعــال.أنزلــت‎ ‎المنشفة‎ ‎الملوثــة من‎ ‎‎ ‎فمها.أخذها منها. بدت مشلولة من نظرتـه، وحينذاك أدرك فقط كم يجب أن يظهر مخيفــً.مسح الثلج مــن‎ ‎‎ ‎رمشيه وحاجبيه وأستخدم الوشاح المتجمّد المتصلب تحت ذقنه فقال" أنا لست‎ ‎شبحاً.أنه أنا. ‏
‏- قالت بصوت خفيض بالكاد سماعه" أنت عدت ؟ لماذا ؟ "‏
‏- تلك كانت الخطة منذ البداية. أنت اعتقدت أنني كنت هاجرك لتموتين بحيث يمكنني أن أهرب. "‏
‏- أومأت بالإيجاب.‏
‏- إذاً وعدتك أن أعود وقد جلبت لك دوائك، هل يمكن أن تصدقينني ؟ "‏
‏- هزّت رأسها ببطء وهي تقول" لا. "‏
‏- صحيح أنني كنت أحاول إقناعك بأنك ستهدرين وقتا ثمينـاً ، لذلك لــم يكــن لدي خيــار سوى أن أتركــك ‏‎ ‎تفكرين بالأسوأ مني. لم يكن من السهل علي أن أذهب. "‏
‏ دفع نفسه بعيداً بركبتيه ووقف مستخدما مسند ذراع الأريكة كقوة رفع، متحركاً كرجل أكبــر من عمــره ‏‎ ‎‎ ‎بعقود.كانت قدمه خدرانة داخل جزمته.لم يستطع أن يشعر بالأرض تحتهما عندما جر قدميه إلى الموقــد ‏‎ ‎ورتّب عدة عيدان من الحطب في المشبك المعدني للموقد.‏
‏ ولكي يحصل على الفحم الميت ليشعله أنحنى ونفخ عليهما بهدوء.اشتعلا،وفي الحال كان اللهيب الجائع ‏‎ ‎‎ ‎يلعق في الجذوع.‏
‏ أرخى حقيبة ظهره، ووضعها على الأرض، ودفعها بمقدمة جزمته تحت نهاية المنضدة .حل الوشاح من ‏‎ ‎‎ ‎رقبته وأزال بطانية الملعب والقبعة من رأسه. مع سترته وأنزلهما فوق أحد الكراسي عند الحاجز بحيث ‏‎ ‎‎ ‎يمكنها أن تجف. وبشكل تجريبي ربّت خلف مؤخرة رأسه، ثم تفحص أصابع يديه والــدم الجديد. أما أن ‏‎ ‎جرحه لم يعد ينزف أو كان الدم متجمّداً.‏
‏ 138‏

‏ ‏

‏ جلس على الأريكة بالاتجاه المعااحب لليلي وحل رباط جزمته.ترنح وهو يزيل جزمتـه من قدمــه اليمنى، ‏‎ ‎‎ ‎وهو يعرف أن كاحله قد يكون متورماً بشكل سيء جداً بحيث لا يمكنه أن يلبسها مرة ثانية. ولكن إذا لـم
‎ ‎يحصل على دوران الدم بصورة أكثر إلى قدمه، فيمكن أن يفقد أصابع قدمه بسبب عظة الثلج.وهو يصرّ ‏‎ ‎بأسنانهِ من الألم أخرج قدمه من الجزمة المبلّلة ونزع جورابه . كان الكاحل متورّم قليلاً ، ولكــن ليــس ‏‎ ‎‎ ‎بشكل سيء كما دل عليه الألم. لم يرى علامات لعظة الثلج ولكنّه دَلَكَ أصابع قدميه بخشونة. أنّها تؤذي ‏‎ ‎كالجحيم حينما بدأ الدم يسري بها ثانية ، ولكن دل ذلك على أن الأوعية الشعرية لم تكن متجمّــدة بشكل ‏‎ ‎‎ ‎غيــر قابـل للترميم.ببطء بحيث لا يريد أن يخيفها،نهض وذهب ليجثو أمام الأريكة ثانية.حاول أن ينطق ‏‎ ‎‎ ‎باسمها ولكن نبرة صوته خرجت كأنها صهيل حصان فقال" هل أنت على ما يرام الآن ؟ "‏
‏- هي مجرّد هزّت رأسها مرة .‏
‏- يا للمسيح ، لقد نسيت حبات دوائك . لقد وجد قنينة الوصفة البلاستيكية البنية الصغيرة تحــت الكراسي ‏‎ ‎‎ ‎ذوات المساند. آدملها قدح الماء من المطبخ.استخدمت علبة الاستنشاق الثانية، ثم ابتلعت أحدى حبات ‏‎ ‎الدواء وعندما شربت لاحظ أن اللون قد عاد إلى شفتيها،وطمأنه ذلك أنها حصلت على الأواحبجين الكافي ‏‎ ‎‎ ‎رغم أن تنفسها لا زال يشبه صوت قربة اللحن.‏
‏- قال أن علبة الاستنشاق تلك أداة جيدة. أنا لا أعرف أيهما أستخدم . كان عندي جرعات متساوية وأخمّن‎ ‎‎ ‎بأنني التقطت الصحيحة. "‏
‏- أومأت إيماءة صغيرة.‏
‏- طافت نظرته على وجهها.كانت تتحرك وتتنفس وبـدا لونهــا يعــود , ولكنــه خاف أنه قد يكـــون مصاباً
‏ بهلوسة أخرى ، مثل العديد منها والتي جرّبها في رحلة عودته من السيارة . كانـت ليلي في منتصفهـــا ‏‎ ‎‎ ‎جميعها. في البعض، عاد ليجدها زرقاء من البرد ونقص الأواحبجين،بلا حركة،ميتة. وفي الأخرى كانت ‏‎ ‎متألقة ودافئة،متوهجة بالحياة،بحاجة إلى الجنس،تأخذه بشكل عاطفي عميقاً في نَفْسَها.وفي الحقيقة هي ‏‎ ‎ليست فاقدة الوعي والإحساس ولا شهوانية ولكنها مصابة بالدوار. شرح قائلا" لا‎ ‎بد وأنه أغمي عليك ‏‎ ‎قبل أن دخلت،ناديت باسمك عدة مرات ولكنك لم تجيبي،حتى أنك لم تتحركي.كان وما زال‎ ‎صدرك مثالياً. ‏‎ ‎‎ ‎أخفتني، قال ذلك وأنقلب صوته خشناً" أنا اعتقدت بأنني وصلت إلى هنا‎ ‎متأخّر جداً.‏
‏- قالت بأقل من الهمس، كذلك أنا.ثم تجعّد وجهها بالعاطفة. كما لو أن سداً منع دموعها برقّـة ثم فضحـت ‏‎ ‎‎ ‎فجأة عندما ملأت الدموع عينيها.‏
‏- رد آنياً. بنبض القلب،كان بجانبها على ألأريكة وذراعه على كتفيها المهتزين فقال"أنهما تماماً الآن. أنا
‏ عائداً، وأنت على قيد الحياة. "‏
‏- سقطت على صدره. رفعها في حضنه، هزّها كالطفل وهو يطويها في ذراعيه ويحني رأسه على رأسها. ‏‎ ‎‎ ‎أحسّها بردة فعل وهي تمسكه من بلوزته بمليء يديها.‏
‏- مسح شفتيه على شعرها قائلا " أش، أش ليلي، لا يفترض بك أن تبكين،أتتذكرين ؟ فأنت لا تريديـن أن ‏‎ ‎‎ ‎تجلبي نوبة أخرى بالبكاء. "‏
أمال رأسها إلى الأعلى وسرّح شعرها المتشابك إلى الخلف. فقال شكراً لله ، لم يعد لبشرتها لون الموت
الرمادي. مُحجماً رأسها بين يديه سيّر أبهامية على خدها ليمسح دموعها.‏
قال وهو ينظر بصورة مباشرة في عينيها"لا شيء يمنعني من العودة سوى الموت القصير الأجل هناك." ‏انخفضت نظرته إلى فمها . كانت شفتاها طرية ، مكتنزة قرنفلية اللون الآن، منفرجة قليلاً، مرتجفة، ندية ‏من شرب الماء، وربما الدموع، وفي قاعدة حنجرتها، خفق الجلد الناعم مع كل نبضة من قلبهــا.أزعجــهُ ‏كبح النزوات ، وقف ، رفعها معه ، وهو يحملها إلى نهاية الأريكة،حيث نزلا كلاهما على الفراش الحشو. ‏جلس وظهره قبالة مسند ذراع الأريكة، قدميه ممددة نحو النار ، ليلي في حضنه. وجّه مؤخرة رأسها إلى ‏صدره،حيث أسندت خدها إلى صدره.مد يده إلى أحدى البطانيات وسحبها فوقهما،ثم حضنها مطبقاً وأسند ‏ذقنه فوق الجزء العلوي من رأسها. رضخت لكل هذا. لم يخدع نفسه بالتفكير بأنها لعبت دور الحمل لأنها ‏

‏ ‏‎139‎



وثقت به. رأى الرسالة التي حفرتها في خشب حجرة المطبخ. كانت تسمح له ليحملها فقط بسبب الجروح ‏التي عانت منها وأنهكتها.بعد فترة طويلة سقطت نائمة.‏
حدّق في اللهب وذاق البهجة بالإضافة إلى التعاسة ليجعلها بهذا القرب، من وزن نهديها الناعمين اللذيــن ‏استقرّا على معدتهِ. وأصابعها تفتل التي أحيانا في صوف بلوزته.أراد أن يصدّق بأنها كانت تطمأن نفسها ‏بأنه لازال باقياً هناك رغم أنها قد تكون ببساطة ردة فعل انعكاسية للهياج والاضطراب اللاشعوري.حاول أن ‏لا يفكـــّر في كيفية نعومة لسانها الذي تحرّكَ تجاههُ حينما قبّلها في الليلة الماضية، أو الرقّة التوأميـة ‏حيث الرقعة المبلّلة التي صنعت من نهديها في مياه النهر الباردة في ذلك اليوم مـــن الصيف الماضي، أو ‏كم أراد بشكل سيء الاستحواذ عليها، بصورة كاملة . ولكنه بالطبع لم يفكر في مسعاه حول نهديها اللذين ‏كانا كل ما استطاع التفكير نحوه.أصبح اشتياق جلده لها شديد جداً بحيث أذعن لــه في النهايـة ودس يــد ‏واحدة تحت بلوزتها ثم نام.جاءت مستيقظة ضمن دائرة ذراعيه،إحساسها الآني بأنه كان مستيقظاً.جلست ‏ولكن، محرجة، حولت رأسها عنه. كان كل ما قاله أن النار تحتاج إلى رهز، بنفس قدر النعمــة الممكنــة، ‏تخلصت منه وجلست على كعبي حذائها. كان عليه أن يستخدم مسند الذراع ليرفع نفسه. لاحظت تجهّمـــه ‏وأشارت إليه تقول" أنا قطعة ضربت بعنف. " ثم أضافت تقول" ما كان يجب أن تتركني أنام لفترة طويلة ‏جداً. لم تكن مريحة بالنسبة لك. "‏
‏- أنا نمت أيضاً واستيقظت قبل خمس دقائق."‏
‏- كم نمنا ؟ "‏
‏- تفحص ساعة يده قائلاً" أربع ساعات. "‏
‏- أربع ساعات! أربع ساعات !‏
‏ كم كانت قادرة على النوم بسلام تلك الفترة الطويلة بين ذراعي رجل ظنّت أنه كان الأزرق ؟
‏ لا بد وأن تجربتها وهي على وشك الموت قد شوشت تفكيرها بشكل جذري.‏
‏ نظر إليها من أعلى رأسها إلى حتى أخمص قدمها قائلاً" كيف تشعرين؟ "‏
‏- أحسن كثيرا مما كنت أعتقد آخذة بنظر الاعتبار شدّة الحدث."توقفت لبرهة ثم قالت بلطف"أنا لم أعتقــد ‏‎ ‎أنك ."‏
‏- نعم لقد فعلت."‏
‏- لا . كان عندي توقف عاطفي وبكاء. "‏
‏- تلقيت رسالة ولكنني لم أضعها في كلمات، ويجب علي ذلك.‏
‏- شكراً لك تيرني."‏
‏- مرحبا بك. "دقّت الثواني قبل أن يلتفت ويذهب بعيدا إلى كرسي الحاجز حيث ترك سترته هناك.‏
‏- عرجتك أسوأ .‏
‏- نعم خلعت كاحلي بالطريق إلى السيارة. كنت محظوظاً بأنني لم أاحبره. "‏
‏- ماذا جرى ؟ "‏
‏- لم أستطع أن أرى أين كنت ذاهباً...."أعطى إيماءة حيث قال لا يهم أن أصاب,سيكون على ما يرام."‏
‏- سألته وهي تشير إلى الكيس الحريري على منضدة القهوة" هل كان ذلك تحت تأثير الضربة العنيفة كما ‏‎ ‎‎ ‎اعتقدنا ؟ "‏
‏- روى أخيراً كيف وصـل إلى السيــارة بعــد أن كــان على وشك أن يفقد الأمل تقريبا ً. كانت مغطاة بالثلج ‏‎ ‎‎ ‎بصورة كاملة،والجليد تحتها.وكأن الباب لم يفتح."ولكنه جرى.قال أن الجزء الأقوى كان مقاوماً للإلحاح ‏‎ ‎ليبقى.عرف إذا فعل،كان في خطر السقوط نائماً ومتجمداً فقال" حالما دخلت داخل السيارة ارتحت ثلاثين‎ ‎‎ ‎ثانية لألحق بنفسي،ثم أصبحت مشغولا.كان علي أن أقحم ذراعي خلال الفجوة بين لوحة سيارتك ومقعد ‏‎ ‎الراكب من جهة اليمين التي كان عرضها بوصات قليلة. "أراد أن يصل إلى أبعد من طول ذراعه قبل أن ‏‎ ‎تحسس الكيس الحريري في النهاية فقال متظاهراً" قرصت بعض القماش بين أصبعين. كنت خائفاً مــن ‏

‏ ‏‎140‎

‏ ‏

‏ أن أدفعه إلى الأمام،أن لا تصل ذراعي.ولكنني تصرفت بسحبه باتجاهي حتى تمكنت من أن أمسكه جيداً. ‏
‏- ومن ثم لابد أن تقوم برحلة العودة. بصدمة وكاحل مخلوع, "‏
‏- الشيء المهم أنني اجتزتها في وقتها.نظر إلى الموقد قائلاً " حسناً نحتاج إلى المزيـد مــن الخشب قبــل‎ ‎‎ ‎انتهاء الليل."‏
‏- هل ستذهب إلى الخارج حافي القدم ؟ "‏
‏- لبس سترته ولكنه كان يتحرك نحو الباب حــافي القدميــن قائلاً" أنا لــم أكن أعتــزم الخروج تلـك المدة ‏‎ ‎‎ ‎الطويلة." وقف على الشرفة وبسرعة أغلق الباب خلفه.كانت ليلي هناك لتمسك الباب وهي تفتحه حينما ‏‎ ‎‎ ‎حمل ملئ ذراعيه من الجذوع فقال" شكراً. "وعندما كدّس الحطب على الموقد" قال " رأيت رسالة أنـت ‏‎ ‎تركتيها في حجرة المطبخ."‏
‏- لم تعرف أن تجاوب، لذلك لم تقل شيئاً.‏
‏- وقف وواجهها قائلا" أنت لست الوحيدة التي يعتقد ذلك. أنا شغلت محـرك سيارتك وفتحـت المذياع على
‏ أمل سماع تقرير الطقس."كان لديها هاجس مضطرب عما كان آتياً.أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يبحث ‏‎ ‎عني( ذكر ذلك الشيء بشكل صحيح ) ثم نظّف طريقه وهو يتجاوزها إلى الشرفة ثانية. على ما يبدو أن‎ ‎‎ ‎أحد اتصالاتك بدوتش عبرت رغم ذلك ." أغلق الباب بعنف خلفهُ. غاصت ليلي في الأريكة. كانت تترنـح‎ ‎ولكنها لم تكن متأكدة إذا كان ضعفها قد أتى من الراحة أم الفزع. لو‎ ‎كان هو الأزرق، فهذه أخبار جيـدة. ‏‎ ‎ولكن إذا لم يكن فهي جرّمت رجل بريء . وفي موجة الثلج‎ ‎العاصف دخلَ ومعهُ حملَ ذراعٍ مـــن الحطبِ ‏‎ ‎‎ ‎ورفس الباب فأغلقهُ. أن التنبؤات تشير إلى انتهاء الثلج في هذه الليلــة. ستبقى درجـات الحرارة تحــت‎ ‎‎ ‎الأنجماد تماماً ولكن الظروف ستتحسن ."‏
‏- واصل تكديس الجذوع على الموقد. كانت نبرة صوته عادية وغير مكترث.قال"ستبقى الطرق غير قابلة ‏‎ ‎‎ ‎للعبور لأيام، ولكن مع أي فرصة، فهنالك فرصة في الخارج يمكن أن تنقذي غداً. "‏
‏- تيرني---"‏
‏- قال مقاطعاً بشكل عنيف " مع ذلك ما زال يتعين علينا العبور الليلة . ألتفت إليها وهو ينفض الغبار عن ‏‎ ‎‎ ‎يديه. " يجب أن يكون ذلك مشهد محزن بالنسبة لك. " تحرّك نحو حقيبة الظهر تحت نهاية المنضــــدة ‏‎ ‎‎ ‎فقال " تعرفين أين المسدس والأصفـاد إذا شعــرت أنك بحاجة إليهمــا. الآن حيث حصلــت على دوائــك ‏‎ ‎ومخزون من الحطب، يمكنك أن تعملين لوحدك حتى تصل المساعدة. "‏
‏- سألته هل أنك ذاهباً ؟ كانت مذهولة قبل أن تكون خائفة حيث أنه سيذهب ثانية.‏
‏- خن ضحكة مرة فقال"أنا مغوي،ولكن لا.حيث بث أسمي، فكل قروي في المناطق الجبلية سيروم الانتباه ‏‎ ‎‎ ‎إلي.أن اختبائي سيكون تذكار الصيد للفصل،وفي حالتي هذه سأكون فريسة سهلة.‏
‏- لا ، ستبقى معي حتى أحصل على بعـض الطعــام والراحة . ولكــن لا أجعلك تتذلل كل مرة آتي بقربــك.‏
‏- لذلك إذا تريدين أن تقيديني بالأصفاد إلى السرير ثانية،سأذهب بسلام ليس بشكل راغب بالضبط ولكنني ‏‎ ‎‎ ‎لم اعد للمعركة."‏
‏- أحنت رأسها ونظرت إلى ألأسفل على الأرض نحو قدميها التي تاحبوها الجوارب، ثم إلى الأعـــلى على ‏
‏ أصابع قدميه العاريتين، البارزة من تحت الحواشي الرطبة للجينز. لم تستغــرق طويلاً لتتخذ قرار وهي ‏‎ ‎‎ ‎تقول" لن يكن ذلك ضرورياً يا تيرني. "‏
‏- أنت لم تعودي تخافي مني ؟ "‏
‏- نظرت إليه وقالت ببساطة " لو كنت الأزرق لما عدت. "‏
‏- ولكن ألا ترين يا ليلي أن علي الرجوع، لأنجو بنفسي. كنت سأموت في الخارج بطريقة أو بأخرى."‏
‏- ولكنك لم تكن لتحييني. الأزرق سيتركني أموت. "‏
‏- أين تكون الإثارة في ذلك ؟ مشاهدتك تموتين لم يكن نفس الشيء كما في أخذ حياتك. لا على ألإطـــلاق.‏
‏- درسته للحظة طويلة وهي تتفحص عيونه لتجد فيها جوابا لأسئلة راوغ عنهــا بدهـــاء بأسئلة أكثر، أو
‏ ‏
‏ ‏‎141‎

‏ ‏

‏ الصمت،أو الأكاذيب،أو اللعبة،ولكنها حاولت أن تلعبها.قالت بشكل متعب"أنا لا أعرف من أنت،يا تيرني، ‏‎ ‎أو ماذا تنوي،ولكنني لا أعتقد أن نيتك إنهاء حياتي أو أنني سأكون ميتة ." أنا لا أثق فيك على الإطلاق ‏‎ ‎‎ ‎ولكنك أنقذت حياتي ." أخمّن أن ذلك يحسب لشيء ما . "على الأقل جداً جعلك متحرراً مـن الأصفــاد."‏
‏- ولكنه لم يعيدنا إلى حيث كنا ذلك اليوم على النهر.ماذا كان علي أن أفعل ؟ كم سيستغرق ذلك لنصل إلى ‏‎ ‎‎ ‎هناك يا ليلي ؟ "‏
‏ لم يتحرك لا هو.ولا هي . ومع ذلك بدت المسافة بينهما تضيق ، واستمرا حتى تحول الجذع في المشبك
‎ ‎المعدني للموقد، مرسلاً وابلاً من الشرر إلى المدخنة مبدداً المزاج .أمـال رأسه باتجاه الباب فقال " أنــه ‏‎ ‎‎ ‎أسهل حينما تمسكين لي الباب."‏
‏- أدارت الباب بينما قام هو بعدة رحلات أضافية إلى الشرفة من أجــل الحطب . وفي رحلتــه الأخيــرة إلى ‏‎ ‎الخارج أخذ معه سطل معدني،السطل الذي ملأه بماء الشرب والذي أصبح الآن فارغاً . وحينما عاد كـان ‏‎ ‎‎ ‎السطل ملآن بالثلج فقال " أريد أن آخذ حمّام. "قشط العديد من الفحم الحـار تحــت المشبــك المعدني في ‏‎ ‎‎ ‎الموقد، ثم بدأ بإذابته فقال" لسوء الحظ سيتعين علينا عمل ليفة حمّام. "‏
‏- قالت متسائلة" ليفة حمّام ؟ "‏
‏- ألم تسمعي تلك العبارة ؟ "‏
‏- لا منذ أن ماتت جدتي . "‏
‏- أنا تعلمتها من جدتي أيضاً. أخبرتني جدتي أيضاً أنه كان حمّام العاهرة . اشتعلت جدتي فيه.لم تكن تحبّه ‏‎ ‎يقول أي شيء يشم منه رائحة قذرة حتى عندما كنت ضمن مدى السمع."‏
‏- كم مرة كان ذلك ؟
‏- أجاب قائلاً " كل يوم أنهم رفعوني ."وبينما كانت تمثل ذلك اختفى في غرفة النوم وعاد بملابس الغسيل ‏‎ ‎‎ ‎ومناشف." كانت منشفتان فقط تركت عليهما الدماء."‏
‏- كيف تشعر برأسك ؟"‏
‏- أحسن الآن.أعطتني الصدمة لحظات عديدة سيئة عندما كنت في الخارج.قال ذلك وهو يشير نحو الباب، ‏‎ ‎‎ ‎غطّس أصبعه في سطل الماء فقال"أنا لا أعتقد أنه يصبح أكثر دفئاً من ذلك.هل تستطيعين أن تتحمليه ؟
‏- ظننت أن هذا لك."‏
‏- أنت تأخذين هذا السطل الأول."‏
‏- لا . شكراً. "‏
‏- أثاره رفضها المقتضب فقال" سأنتظر في غرفة النوم حتى تعطيني السطل فارغاً.هل هذا سيجعلك بأمان ‏‎ ‎‎ ‎من الاغتصاب؟ "ثم اخذ نفساً عميقاً وخفض رأسه وهو يهزّه،طاردا نََفَسَهِ بغضبه على طول.أعتقد بأنك ‏‎ ‎‎ ‎سوف تتمتّعين بالاستحمام. ذلك كل ما في الأمر."‏
‏- وصلت ليلي إلى حقيبتها اليدوية وهي تشعر بأنها معاقبة . وكان مــن بيــن المحتويات قنينـة بلاستيكية ‏‎ ‎‎ ‎صغيرة تحتوي على صابون سائل لغسل اليد . حملتها خارجاً فقالت ، بادرة مصالحة منغوليـا الجنوبيــة
‏ سأشترك فيها."‏
‏- أنا موافق. ستكون منغوليا الجنوبية التحسين الواسع على ما أشمّه الآن ." خطـا في غرفة النوم وهــو
‏ يقول خذي وقتك." فأغلق الباب.‏
‏- نزعت كل ملابسها واستحمّت بسرعة . برز جلدها المبلل بالقشعريرة حتى عندما كانت واقفة فعلاً نحــو ‏‎ ‎‎ ‎الموقد. أسنانها تصطك بلا سيطرة. على الرغم من هذا وضعت ماء فاتــر وملابس الغسيــل . والصابون ‏‎ ‎‎ ‎للاستعمال الجيد.جففت نفسها بسرعة ثم لبست ملابسها وفتحت باب غرفة النوم.انتهى كل شيء وبدت ‏‎ ‎‎ ‎رائعة."‏
‏- كان ملفوفاً في بطانية أخذها من السرير،ولكنه بقى مرتجفاً.سحب باب غرفة النوم وهو يغلقه فقال أنها ‏‎ ‎‎ ‎باردة جداً عليك في الداخل. أن تنفس ذلك الهواء يمكن أن يآدملك نوبة أخرى ."‏
‏- لقد أخذت دوائي. "‏
‏ ‏‎142‎



‏- قال بعناد" أنت لست داخلة إلى هناك. رؤيتك على وشك الموت مرة واحدة تكفي، شكراً. "‏
‏- أنا أكره أن يفوتك حمّامك."‏
‏- أنا لا. لست محتشم. ‏
‏- حمل ماء حمّامها إلى الخارج وألقاه بعيداً، وهو يعيد ملئ السطل بالثلج . بينما كان ينتظره أن يذوب ثـم‎ ‎‎ ‎يسخن،فتشت ليلي في المطبخ فقالت لقد حصلنا على قدور ومقالي.هل تعتقد أن بإمكاننا أن نسخّن علبة ‏‎ ‎شوربة في الموقد ؟
‏- بالتأكيد . "‏
‏- نظرت إلى فوق كتفيه ولمحته ينزع بلوزته فوق رأسه بطريقة غير قابلة للتوضيح يفعلهـا رجــل يجعــل
‏ شعره يقف إلى نهايته ويسحب ذراعيه من ردنيه فقط.‏
‏- لا تريد أن تفكر فيه بذلك الولع المتسامح فجنسها له خواص الآخرين،عبرت إلى شبّاك غرفة النوم ‏‎ ‎‎ ‎ودفعت الستارة جانباً. قالت" ربما أنه خيالي، يبدو أن الثلج قد هدأ قليلاً.‏
‏- أعتقد أن التنبؤات كانت صحيحة. "‏
‏- أنا أخمّن . "‏
‏- سمعت قعقعة إبزيم حزامه يضرب الموقد الصخري عندما أنزل الجينز . سمعــت القشط الهامس للنسيج‎ ‎‏ ‏على الجلد.الرذاذ الناعم وهو يغطس ملابس الغسيل في السطل . وضعت طرف سبابتها على لوح زجاج
‏ النافذة البارد ثم سحبت خط عمودي في الصقيع فقالت"أنا لا أعتقد أن أي من مكالماتي الهاتفية لدوتش ‏‎ ‎‎ ‎قد وصلت.أحسّت بأنه أوقف كل حركة وبقى واقفاً وهو يحدق في ظهرها.بعد عدة لحظات زمنية سمعت ‏‎ ‎‎ ‎رقرقة الماء وعرفت أنه مستمر في استحمامه . والذي يعني أن دوتش لم يسمع مني بأنك الأزرق. لذلك ‏‎ ‎‎ ‎لم يعين دوتش هويتك إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي، كانـوا يبحثون عنك لوحــدهم. ولمــاذا تيرني ؟ " ‏‎ ‎‎ ‎يمكنك أن تسألهم عندما يصلون إلى هنا. "‏
‏- أنا أفضّل أن تخبريني. "‏
‏ لم يقل أي شيء لمثل هذا الوقت الطويل ففكرت أنه كان ينوي تجاهلها. ولكن في النهاية تكلّم فقال" تلك ‏‎ ‎الفتاة مليسنت جن أنا أعرفها من مخزن التجهيزات الرياضية حيث كانت تكتب.كنت هناك أشتري جوارب ‏‎ ‎‎ ‎وفي غضون أيام ربما في اليوم ذاته أبلغ عن فقدانها . أنا متأكد بأنهم يتفحصون كل شخص لديه اتصال ‏‎ ‎‎ ‎معها."‏
‏- هل ذلك ما قالوه في المذياع، بأنهم كانوا يفتشون كل شخص ؟ أو كان أسمك هو الذي ذكر فقط ؟ "‏
‏- ربما أنا الوحيد الذي ليس لديهم خلفية عني . "‏
‏- كان ذلك توضيح معقول، ولكن إذا كان ذلك كل ما هنالك لماذا أصبح منزعجاً جــداً بشأنهِ ؟ وأيضاً شكّت‎ ‎‎ ‎في أسمه يمكن أن يذاع إذا أراده مكتب التحقيقات الفيدرالي لمقابلة روتينية فقــط . قالت" إذا لــم أكــن ‏‎ ‎‎ ‎قادرة على حفر أسمك في القمرة أفترض أني أستطيع أن أكتبه في الصقيع على الشباك. ‏
‏- فجأة كانت قد أدركت ما عملته بالضبط.مثل بنت المدرسة تكتب أسمها على غلاف كتابها حتى من دون‎ ‎‏ ‏وعي ما كانت تفعله، طبعت أسمه في الصقيع.محرجة بلا صبر على نفسها مسحت الاسم من الزجاج... ‏‎ ‎فقط لتراه في المسحة المائية التي تركت بيدها، انعكاس صورته. عاريا، ظهره مضاء بالنار،جلده المبلل‎ ‎متألقاً.انفرجت شفتاها بالهواء المستنشق السريع.ضمنت الرغبة عمقاً ضمن مركزها، نشر وتوسع غير ‏‎ ‎آبهة بمشاهدته،أنحنى إلى الأسفل لغطس الملابس في السطل.عصر الماء منها قبل وضعها على صدره، ‏‎ ‎وهو يحركها بحذر على أضلاعه المكدومة، تحت بطنه ‏
‏ المستوية ، ثم في الخضرة الغامضة بين فخذيه.‏
‏- أغمضت ليلي عيناها وضغطت جبهتها على اللوح الزجاجي للشباك . كان دمها يضخ ثخينا وحاراً. كـان ‏‎ ‎‎ ‎الزئير في أذنيها عالي جداً وبالكاد استطاعت أن تسمعه حين قال" أمكنك إنهاء ذلك.أن الزيت من جلدنا ‏‎ ‎‎ ‎يترك علامات على الزجاج حيث تدوم إلى أن يتم غسل الشباك."‏

‏ 143‏



‏- عن أي شيء كان يتحدث ؟ لم تستطع حتى أن تتذكر. رفعت رأسها لتمنع نفسها من النظــر إليــه ثانيــة
‏ تركت الستارة تنزل على الشباك قبل أن تفتح عينيها.‏
‏- قال " الآن على وشك الانتهاء.سمعت جلجلة إبزيم حزامه عندما ألتقط بنطلونه الجينز. وبعد ثوان قليلة ‏‎ ‎‎ ‎قال" يمكنك أن تستديرين الآن ."‏
‏- لم تنظر مباشرة إليه عندما جاءت ولكن تمكنت أن تراه خارج زاويـة نظرهــا تمكنــت أن تــراه يسحــب
‎ ‎رأسه من رقبة البلوزة.تحركت إلى داخل المطبخ قائلة"سأجهز الشوربة "بدأ صوتها طبيعياً بمعجزة. ‏
‏- جيد أنا جائع. "‏
‏- ذهبَ إلى الخارج ليفرّغ السطل.في الوقت الذي أنظمَّ إليها في المطبخ.فرّغت علبة الشوربة المركزة في ‏‎ ‎‎ ‎المقلاة وأضافت إليها بعض من ماء الشرب الخاص بهما.‏
‏- قال لها شكراً لمنغوليا الجنوبية. "‏
‏- مرحباً بك . "‏
‏- أنا أكره أن أطلب منك أن تعملين هذه ثانية، ولكن ألا تفحصين ذلك الجرح البليغ في رأسي ؟ "‏
‏- تعين عليها أن تلمسه فقالت" الآن ؟
‏- طبعا. "‏
‏- كما في السابق باعد أرجل أحد كراسي الحاجز وهو يحركه خلفه ثم فرّقت شعره المبلل. مبلل ؟ ‏
‏ كان شعره مبللاً ؟ لابد وأنه غطّس رأسه في سطل الماء، ولكن بالنسبة لها كبح الخزي. أدركت أنها ‏
‏ لم تر شيئاً فوق رقبته.‏
‏- قالت " لا يوجد نزيف جديد، ولكن من المحتمل أن أبدل أشرطة الضمادة. " نظّفت الجرح بإحدى ‏‎ ‎‎ ‎الضمادات المطهّرة ثم مرّا بنفس طقوس الجهد في الليلة السابقة قاطعين الجزء اللاصق من الضمادة ‏‎ ‎إلى شريطين بمقصّات تجميل الأظافر ثم وضعاها باتجاه معااحب على الجرح.‏
‏ حاولت أن تنجز المهمة بحل نفس المقدار قدر الإمكان،ولكن كانت حركاتها كانت غير بارعة . أحست‎ ‎به ‏‎ ‎‎ ‎يجفل وهي تعتذر لإيذائهِ.‏
‏- سخّنا مقلاة الشوربة في الموقد وأكلاها جالسين وأرجلهما متصالبة على الفراش الحشو . وقد اكتشفـــا ‏‎ ‎‎ ‎أنهما نهمين، سخنا علبة ثانية. وفي منتصف الطريق أثناء تناول الطعام قال لها" ليلي هل أنت على ما
‏ ‏‎ ‎يرام ؟
‏- رفعت رأسها، جفلت. قائلة" لماذا ؟أصبحت هادئة بشكل سيء أنا تعبة فقط، هي كذبت ، ثم عادت لتأكل ‏‎ ‎‏ حصّتها من الشوربة .‏
‏- لقد أطالا وجبة الطعام قدر الإمكان،ولكن بعد أن انتهيا،مازالا يواجهان الّليل ولا يستطيعــان عمــل شيئاً.‏
‏- وبعد عدة دقائق من الصمت،الذي احبر فقط بخشخشة النار قال لها"خذي راحتك بالذهاب إلى النوم متى ‏‎ ‎‎ ‎شئت. "‏
‏- أنا لست نعسانة ."‏
‏- أنت قلت بأنك متعبة. "‏
‏- متعبة ولكن لست نعسانة ."‏
‏- ذلك ما أشعر به أنا أيضاً. مرهق ولكن يقظ. "‏
‏- تلك الغفوة طويلة ."‏
‏- همم. "‏
‏- تلاه صمت آخر. وفي النهاية نظرت إليه متفحصة فقالت" لماذا ربّوك أجدادك ؟ "‏
‏- أمي وأبي قتلا في تحطم سيارة . كان السائق يقود بسرعة أكثر مما ينبغي ، لم ينتبه إلى علامــة تحذير‎ ‎‎ ‎طريق تحت ألإنشاء،لم يستطع أن يخفض السرعة في الوقت المحدد،وصعد في الواقع فوقهما.فقد عجن ‏‎ ‎سيارتهما. كانت ساعات قبل أن يتمكّنوا من قطع كل أجزاء البدن من الحطام. "‏

‏ 144‏



‏- لم تخدعها نبرة صوته الحقيقية . لم يستطع أن يخفي المرارة الأساسية فيها.‏
‏- حُجِبَت عني التفاصيل حينما حدثت،قال ذلك ولكن بعد سنوات حينما كنت كبيراً في السن بما فيه الكفاية ‏‎ ‎‎ ‎لأسأل عنها،سمح لي جدي بقراءة الجريدة التي كتب في أعلاها عن الحادث.أجدادي فقدا أبنتهما. كنــــت ‏‎ ‎‎ ‎يتيم. خرج سائق الشاحنة المهمل منها يمشي سليماً ولم يصب بخدش. "‏
‏- كم كان عمرك ؟ "‏
‏- حينما حدثت ؟ ثمانيــة أعوام.ذهــب أبي وأمي لقضــاء عطلة نهايــة الأسبوع ليحتفلا بذكرى زواجهمــا ‏‎ ‎‎ ‎العاشرة وتركاني مع أجدادي.وصل إلى المسعر وحرك النار فقال"حينما أدركت بعد جنازتهما أنه‎ ‎لم يكن ‏‎ ‎حلماً سيئاً،حيث كانا قد ماتا حقاً،رفضت العودة إلى بيتنا.أجدادي أخذاني ليحزما أشيائي ولكنني اختـــرت ‏‎ ‎‎ ‎أن أبقى في فناء البيت ولم أدخل.فعلاً لم أتمكن من أن أدخل تلك الغرف ثانية،وأنا أعلم بأن أمي وأبي لم ‏‎ ‎‎ ‎يكونا هناك ."‏
‏- قالت بهدوء " أنت تحبهما.‏
‏- أعطى لامبالاة خجولة فقال"أنا كنت طفلاً.أخذا كل شيء فعلاه من أجلي لغرض تحويله...نعم،أنا أحبهما. ‏‎ ‎كان أجدادي على ما يرام،أيضا.بالرغم من أنني لا بد وأن كنـت بوسيلة مــن وسائل الراحة التي أثقلــت‎ ‎‎ ‎كاهلهما ولم يجعلاني أشعر بتلك الوسيلة. في الحقيقة أنا لم أشك بأنهما يحبّاني."‏
‏- هل سبق وأن عدت إلى بيتك ؟ "‏
‏- لا . "‏
‏- أسندت ذقنها على ركبتيها المرفوعتين وتأملت لمحة حياته قائلة" أنت باقٍٍٍ بعيداً عن البيت الآن أيضاً.‏
‏ لديك المهنة التي تجعلك بعيدا لفترات طويلة من الزمن. "‏
‏- صوّب إليها تكشيرة معوجّة فقال"أراهن أن التقلّصات الناجمة عن الألم سيكون لها يوم رياضة‎ ‎بذلك. "‏
‏- هل كان اختيار المهنة تلك بشكل لا شعوري ؟ أم مدبّر ؟ " ‏
‏- زوجتي اعتقدت أنّه كان مدبّراً." ‏
‏- زوجة ؟ "‏
‏- في الزمن الماضي . كنا متزوجين لكل الأشهر الثلاثة عشر. "‏
‏- متى كان هذا؟ "‏
‏- منذ زمن طويل .‏
‏- كان كبر سنّي يسمح لي بالكاد أن أنتخب ، أقل بكثير من أن أتزوج . يجب أن لا أفعــل ذلك . كنتُ أنانيــاً‎ ‎‎ ‎ومنهمكاً بالذات.ليس جاهزاً لأستقر.بالتأكيد لست جاهزاً أن أُوبَخ بالقياس مـع أي شخـص. حبّي للسفــر ‏‎ ‎‎ ‎كان شكواها الرئيسية.بين العديد التي كنت أستحقّها ، قال ذلك بابتسامة حزينة . لقد أثّرت عليه‎ ‎خسارته‎ ‎‎ ‎لوالديه‎ ‎إلى أن بلغ سن الرشد وهي تؤثر على القرارت التي يتخذها ، مؤثرة على زواجه . ما هي‎ ‎الآثـار‎ ‎‏ ‏النفسية والعاطفية التي تركها ذلك الحدث المأساوي في عمر بن ذي الثمانية أعوام ؟هل أنه غطّى وشوّه ‏‎ ‎‎ ‎روحه ؟ لم يعد مستقرّاً،ربما أراد غضبه المكبوت مخارج أخرى.هل كان هو الأزرق؟الشريط والأصفاد، ‏‎ ‎‎ ‎تناقضاته وتهرّباته التي كانت من المهـم جــداً أن يزيلهــا . لو كانت قد بثّت في المذياع‎ ‎يعني أن شرطــة
‎ ‎كليري كانوا يبحثون عنه، تمكنت أن تفترض بأن أحدى نداءاتهـا الهاتفيــة إلى دوتش‎ ‎قد وصلت. ولكــن ‏‎ ‎مكتب التحقيقات الفيدرالي؟ كان هناك أجزاء جوهرية فقدت من شرحه لاهتمامهما به.سألت نفسها، أنت ‏‎ ‎تنظرين إليه للمرة الألف كيف أمكنه بأي حال أن يكون الرجـل الذي خطــف النساء وفي كافة الاحتمالات ‏‎ ‎‎ ‎قتلهن . من الواضح أنها ستعرف إذا كان مضطرب العقل ساكنا وراء عينيه . كانت هنالك كثافة فأحيــانا ‏‎ ‎‎ ‎يطلق شرر من الغضب أو الهياج ولكنها لم تومض بالجنون الناري‎ ‎المسعور للقاتــل المتسلسل. صوتــه ‏‎ ‎غير ممزوجا بالعاطفة والخوف،حيث سمعه يناديها خارج ذلك‎ ‎الفراغ.ثم لساعات غفل عن انزعاجه،كان ‏‎ ‎قد مسكها بين ذراعيه، لمسها بتلك الرقة و --- تبلورت‎ ‎نواياها حول ألإدراك المفاجئ . الملاطفــات التي ‏
اعتقدت أنها جزء من حلم عجيب لم تكن تحلم به على الإطلاق . كما لو أنه كان متناغماً مع أفكارها، أدار ‏
رأسه وثبّت نظرته‎ ‎الزرقاء عليها فقال"أنا أعتقد‎ ‎أنه قد حان وقت الذهاب للنوم . "‏
‏ ‏
‏ 145‏



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس