آخر 10 مشاركات
هذه دُنيايْ ┃ * مميزة *مكتمله* (الكاتـب : Aurora - )           »          عطش السنين ـ رينيه روزيل ـ 464 ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          مواسم العشق والشوق (الكاتـب : samar hemdan - )           »          24 - سجن العمر - جيسيكا ستيل ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          لقاء الخريف / الكاتبة : طرماء و ثرثارة ، كاملة (الكاتـب : taman - )           »          2- أصابعنا التي تحترق -ليليان بيك -كنوز أحلام(حصرياً) (الكاتـب : Just Faith - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          همس الجياد-قلوب زائرة(ج1 سلسلة عشق الجياد) للكاتبةالرائعة: مروة جمال *كاملة&الروابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          موضوع مخصص للطلبات و الاقتراحات و الآراء و الاستفسارات (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          أحزان نجمة ( تريش جنسن ) 446 ـ عدد جديد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-06-21, 03:07 PM   #1

غززل ?

? العضوٌ??? » 487520
?  التسِجيلٌ » Apr 2021
? مشَارَ?اتْي » 29
?  نُقآطِيْ » غززل ? is on a distinguished road
افتراضي عبق فريد * مكتملة *


تنويه : الرواية حصرية فقط بمنتدى روايتي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحاوطنا العطور من كل الاتجاهات، تحاصرنا وتأسرنا، يتنافس الجميع لصنع عبق تاريخي مميز.
وسط تلك المنافسة تنعزل مدينة بمنتصف الأرض، يسطو عليها نوع جديد من العطر ويجعلها تغفل عن بقية العطور، عطر يمتزج فيه اللاڤندر مع الياسمين، ليصنعا عبقًا لم يكتشفه أحًدا بعد، فيصبح عبق فريد.

***

الفصل الأول


زوجين من العيون يحدقون بها، يزيدون من توترها، تحاشت النظر إليهما، وأعادت خصلة من خصلات شعرها القصيرة وراء أذنها؛ لتخفف من توترها.
مرت تلك الدقائق الصامتة عليها كالأدهر، حتى قرر زوج من تلك الأعين الرأفة بها ونظر باتجاه زوجته وقال:
- سأنتظر بالسيارة.
ثم عدل هندامه وغادر، تاركًا خلفه زوجته التي لا تنوي أن ترأف برفيقتها بسهولة، وكيف لها أن ترأف بها بعد تداول أقاويل حول كونها عشيقة شقيقها؟
اعتدلت الزوجة في جلستها وقالت:
- إذًا، «إفيميا»
- «إفيوميا»، سيدتي.
لم تعلم «إفيوميا» كيف خرجت تلك الكلمات من حلقها؛ فقد شعرت أنها فقدت قدرتها على التحدث، أحمر وجه «إفيوميا» من كثرة التوتر، كانت تهز قدمها بحركة مستمرة؛ لتخفف من توترها؛ فأصدر حذائها الأسود ذو الكعب العالي صوت نغمة متكررة، قد يبدو لأي شخص آخر أن صوت حذاء «إفيوميا» هو الشيء الوحيد الذي يكسر الصمت الذي يعم الغرفة، ولكن بالنسبة إلى «إفيوميا» فقد كانت نظرات رفيقتها الغامضة وفمها المقوس بنصف ابتسامة لم تستطع تحديد إذا كانت قاسية أم ساخرة أم كلاهما لعبا دور البطولة على مسرح وجهها يحدثون ضوضاء صاخبة برأسها.
لم تكن «إفيوميا» تعلم الكثير عن تلك الشقيقة؛ فلم يخبرها عنها شريكها بالسكن - كما تحب أن تسميه - سوى القليل، لم تعلم أنها حديثة نعمة إلا بعد وفاته، ولكنها لم تبدُ كحديثة نعمة؛ فقد بدت كسيدة ماجدة بالفطرة، وكأنها تنحدر من سلالة أرستقراطيه، بدت حريصة على ألا تظهر بمظهر حديثة النعمة، حتى لا تتعرض لسخرية سيدات الطبقة المخملية، فكرت «إفيوميا» أن مظهرها كسيدة ماجدة يليق بها كأنها خُلقت لتكون سيدة ماجدة.
فكرت «إفيوميا» بأن تكسر حاجز الصمت؛ فلم تعد تحتمل هذا الهدوء؛ لذا نظفت حلقها وقالت بأسف:
- مؤكد أن ما حدث لـ «جيوم» آلمك، سيدتي.
توسعت ابتسامة رفيقتها القاسية تزامنًا مع ردها الساخر:
- عزيزتي، لا أظن أن الألقاب أصبح لها فائدة بيننا، بعدما وضعك شقيقي بمكانة كمكانتك الحالية، أليس كذلك؟
احمرت وجنتي «إفيوميا»، كانت تلك المرة من الخجل؛ فقد تلقت تَوًّا سخرية قاسية استشعرت ما تحتويه على ازدراء متخفي.
حاولت أن تخفي خجلها الذي علمت أنه تم فضحه بعد أن رأت تعابير الانتصار على وجه رفيقتها؛ فنظفت حلقها مرة أخرى وقالت:
- أجل أنه كذلك، «مادلين».
وقفت «مادلين» تلتف حول نفسها وما زالت تعابير الانتصار تغزو وجهها، وتأملت معالم غرفة المعيشة، وعندما عادت لتتلاقى عيناها بعيني «إفيوميا» تخشبت ملامح وجهها وأصبحت أكثر جدية، ثم قالت بنبرة خالية من الحياة:
- لا أعتقد أن العشيقة لها الحق بأن ترث ممتلكات معشوقها.
- لي كامل الحق في العيش بالشقة لقد دفعت بها مثلما دفع «جيوم»!
قالتها «إفيوميا» بانفعال بدا جليًا على وجهها، فقد كدحت لتحصل على تلك الأموال، حتى ولو حصلت عليها بطرق منكرة.
كل ما شعرت به «إفيوميا» في تلك اللحظة هو رغبتها برمي تلك الـ «مادلين» المتعجرفة خارج شقتها والبكاء إلى أن تتورم عيناها، أدهشها قهقه «مادلين» التي ارتفعت محطمة السكون الذي عم بعد قول «إفيوميا».
هدأت «مادلين» من روعها وقالت:
- أتظنين حَقًّا أنني أطمع في الحصول على تلك الشقة المهترئة؟
وتبع سؤالها الساخر نوبة أخرى من القهقهة راقبتها «إفيوميا» بصمت إلا أن انتهت.
جلست «مادلين» في مواجهة «إفيوميا» مرة أخرى، وقالت بمرح مصطنع:
- أنتِ يا عشيقة أخي، أنتِ حَقًّا مضحكة.
- لست عشيقة أخيكِ! لم أكن أكثر من شريكته بالسكن.
ازداد غضب «إفيوميا» وبدا من الصعب التحكم بأعصابها، بينما «مادلين» كانت تبتسم بانتصار وهى ترى رفيقتها تكاد تنفجر غيظًا والذي كان أكبر دليل على نجاح خطتها.
أومأت «مادلين» عدة مرات وقالت موافقة رأي «إفيوميا»:
- نحن معشر النساء لا نكون عشيقات، نفضل أن نكون معشوقات، يا بندقيتي. وصلت «إفيوميا» لذروتها ولم تعد تحتمل وجودها مع «مادلين» بنفس الغرفة، فنهضت بانفعال تحاول كتمانه وقالت بنبرة جاهدت أن تجعلها لبقة:
- أترغبين بفنجان قهوة، «مادلين»؟ فقد طالت زيارتك.
فهمت «مادلين» ما تشير إليه؛ لذا نهضت تحمل قبعتها بين أصابعها النحيلة وتقدمت لترحل، وعندما أصبح بينها وبين «إفيوميا» خطوة واحدة، قالت بابتسامة واثقة:
- لا أعتقد أن هذا هو لقاءنا الأخير، «إفيميا».
تعمدت تلفظ اسمها بطريقة خاطئة، ووضح هذا من الابتسامة التي وجهتها لـ «إفيوميا»، أنها تتعمد التقليل من شأنها.
أكملت «مادلين» طريقها نحو الباب وعندما وصلت إليه ارتدت قبعتها وغادرت.
ما إن سمعت «إفيوميا» صوت الباب يُغلق، حتى ارتمت على الأريكة ككومة من الخردة غير قادرة على الحركة، وقالت بنبرة تكاد تُسمع بسبب الرغبة المُلحة بالبكاء التي اجتاحتها:
- ما الذي فعلته بي «جيوم»!
وضعت يدها على فمها تكتم شهقاتها وأجهشت بالبكاء، كانت تعلم خطورة ما تفعله، ورفضت الاستماع لصوت المنطق، وخسرت أثمن ما كانت تملكه لباقتها، كانت تلعب بالنار، والآن احترقت كُلِّيًّا بالعار وللأبد.
********
صعدت «مادلين» السيارة وجلست بالخلف بجانب زوجها، فانطلق السائق باتجاه القصر الذي يقيمون فيه.
شعرت «مادلين» بعيني زوجها مسلطة عليها، ولكنها ظلت تنظر للأمام دون أن تنبس ببنت شفة، شعرت بشيء دافئ يحاوط يدها، نظرت لقدميها حيث تستقر يداها فوق تنورة فستانها الأسود، كانت يد زوجها تشد على يدها كنوع من المواساة الصامتة، أراد أن يخبرها أنه بجانبها وسيظل بجانبها وأنه مستعد لاحتواء حزنها، غضبها وخيبتها.
يعلم أنه لم يمضِ على زواجهم سوى شهرين، واليوم يرتدون الأسود حدادًا على شقيق «مادلين» الراحل، كان وجهها متخشب بتعبير بارد، كان متأكد أن الحزن الذي يعشش بداخل قلبها تُخفيه بقناع البرود، ولكن من يخدع؟ هو لا يعرف شيئًا عنها؛ فهي لم تبدِ أية سعادة أو حتى سرور حقيقي عندما عرض عليها الزواج، فقد اكتفت بابتسامة باردة مع الموافقة، لم يعلم حقيقتها سوى «جيوم»، المسكين «جيوم»!
لقد كان شَابًّا لامعًا، أفسدته الكحول، فبعد ليلة طويلة من تجرع الكحول حتى الثمالة، قاد سيارته بسرعة جنونية معمى من تأثير الشرب، حتى انتهى به المطاف بالنهر هو وسيارته ميت، ولم يعثروا على جثته حتى رغم مرور أسبوع كامل من الواقعة.
تنهد بأسى عند تلك الذكرى وحاول تجاهلها؛ لذلك قال:
- قد طالت زيارتك.
ابتسمت «مادلين» بسخرية وتأملت الشارع من النافذة الزجاجية التي على جانبها وقالت بغموض:
- ولكنها تستحق.
لم يعلق ليعود الصمت ليغلف السيارة حتى وصلت للقصر، ترجل السائق وهرول ليفتح الباب لـ «مادلين» لتترجل هي الأخرى وصعدت الدرجات القليلة لتصل لباب القصر متوقعة أن زوجها يلحق بها، ولكنه ظل بالسيارة، التفتت «مادلين» لتتفقد سبب عدم لحاقه بها.
- «دارت»!
نادته لتشد انتباهه وتخرجه من شروده؛ فترجل ولحق بها قائلًا موجهًا حديثة للسائق:
- يمكنك أن تأخذ بقية اليوم إجازة، «دان» لا أحتاجك اليوم.
أومأ السائق بطاعة ورحل مبتهجًا.
دلف الزوجان إلى القصر بصمت، وصعدوا لغرفتهم على الفور.
اتجهت «مادلين» ناحية المرآة وهمت بتحرير خصل شعرها الفحمي، تنزع دبابيس الشعر واحدًا تلو الآخر حتى قطع تركيزها صوت «دارت» الذي صدح قائلًا:
- ماذا بشأن «كلارا»؟
- ماذا بشأنها؟
أجابت بنبرة عادية وعادت لتكمل عملها بهدوء، أخذ «دارت» الغرفة جيئة وذهابًا ثم جلس على الفراش الضخم الذي يتوسط الغرفة المترفة وقال:
- تعلمين أنها كانت تكن الإعجاب لـ «جيوم».
انتهت «مادلين» من نزع جميع دبابيس الشعر، وانحنت لتخلع حذائها، ثم قالت بهدوء يثير الأعصاب:
- وقد مات «جيوم»، عليها أن تتخطاه.
- ليس الجميع بلا قلب.
توقفت «مادلين» عما تفعله بعد تلك الكلمات، ابتسمت بمرارة وقالت:
- إذًا دعها تبكي وتنوح حتى تفقد بصرها.
خلعت حذائها واتجهت نحو سحابة فستانها لتفتحه، تاركة زوجها الذي يغلي من أسلوبها المستفز دون أن تنظر إليه وكأنه طيف لا يُرى مما زاد غضبه، فنهض وأكل المساحة بينه وبين «مادلين» في خطوة واحدة وقال بنبرة أقرب للصياح:
- شقيقك من فعل هذا بها!
- لقد حذرتك مسبقًا منه.
لم تفكر حتى بالالتفات له وهي تلقى بردها البارد الذي كان القشة التي قصمت ظهر البعير، فقبض على مرفقها مجبرًا إياها على مواجهته وصاح بوجهها:
- إنه شقيقك!
لم يتحرك إنش واحد من وجهها وكأنها تمثال من الجليد أو شيء أكثر برودة وقالت بثبات انفعالي تُحسد عليه:
- ليس لأنه شقيقي يعني أن أُحاسب على أخطائه، وإن كان هذا ما تظنه إذن عليّ أن أُحاسبك على أخطاء زوجتك السابقة.
كانت تعلم أين تغرس خنجرها، وقد أصابت منطقة مميتة وهي تعرف هذا حق المعرفة، لوحت على وجهها تعابير الانتصار المعهودة عندما بدا عليه التوتر، ثم حرر مرفقها وحك مؤخرة عنقه، بدا تائهًا ومشتتًا، ثم قال بصوت متحشرج:
- دعينا. . دعينا لا نتحدث عن الأموات؛ فهذا لم يعد يفيد.
أدرك ما تفوه به تَوًّا؛ فنظر إليها بصدمة، تلك الخبيثة، جعلته يتفوه بما إرادته، أرغمته على إنهاء النقاش الذي بدأه.
ابتسمت بانتصار وقالت:
- هذا ما أظنه أيضًا.
تركته وفتحت خزانة ملابسها الضخمة؛ لتأخذ إحدى الفساتين القطنية المريحة متجاهله زوجها الذي انسحب من الغرفة بأكملها وذهب لمكتبه بالطابق السفلي من القصر.
******
بعد الظهر بقليل كانت «مادلين» قد انتهت من تناول فنجان قهوتها بالحديقة، وقررت الصعود لابنة زوجها المراهقة «كلارا».
كانت غرفة «كلارا» تقع بنهاية الطابق العلوي يفصل بينها وبين غرفة والدها وزوجة والدها مكتبة ضخمة أعدها «دارت» خصيصًا لمدللته الشابة، تخطت «مادلين» المكتبة، ثم غرفة «كلارا» وفتحت الباب دون أن تُكلف نفسها عناء الطرق، انتفضت «كلارا» عندما فُتح الباب، وبرزت آثار البكاء على وجهها الشاحب بوضوح رغم محاولاتها الفاشلة في إزالتها وهي تصرخ بوجه «مادلين»:
- ألا تعرفين شيئًا عن الذوق؟
لم تجب «مادلين» اكتفت بابتسامة ساخرة فقط، اقتربت منها حتى جلست على فراش «كلارا» وقالت:
- أتعلمين ما هى مشكلة النساء؟
ظلت «كلارا» صامتة ترمق «مادلين» بنظرات البغض والاحتقار ترد عليها «مادلين» بابتسامة مستفزة، ثم أجابت بسخرية:
- يظللن طوال حياتهن في بكاء مستمر حتى يفقدن أبصارهن، ثم يبكين لأنهن فقدن بصرهن.
لم تفهم «كلارا» ما ترمى إليه رفيقتها وقد بدا هذا جليًا على وجهها، اعتدلت «كلارا» في جلستها واسندت ظهرها إلى فراشها ذي الشراشف الخضراء، لقد كانت غرفتها أشبه بشجرة عملاقة، جميع أثاثها كان بالأخضر ودرجاته المختلفة، كان هذا يعكس روح «كلارا» النقية كما يقول «دارت»، ولكنها دائمًا ما تكون شرسة مع «مادلين»؛ لهذا قالت بعد فترة من الصمت:
- أتيت للسخرية مني؟
أطلقت «مادلين» ضحكة عالية عجزت عن كتمها وقالت بمرارة وكأنها على وشك البكاء:
- أتيت لأسخر منك على موت معشوقك الذي يكون أخي؟
لكنها لم تبكِ، لا يتذكر أحدهم متى كانت آخر مرة بكت بها «مادلين»، وكأنها ولدت بلا قناة دمعية، كانت نموذج حي للشخص بلا قلب، هذا ما فكرت به «كلارا»، قطع شرودها وضع «مادلين» يدها على ركتبها وقالت بنوع من التشجيع:
- عليك تخطى أمر «جيوم»، عليك أن تكوني قوية.
- لا أريد أن أكون بلا قلب مثلك.
أجابت بينما أعتلى وجهها نظرة الازدراء، هذا ما قاله والدها منذ بضعة ساعات، ولكنه لم يشر إليها مراعيًا مشاعرها عكس «كلارا» التي تتعمد فعل هذا، حقًا إنهما متشابهان تمامًا.
نهضت «مادلين» وهى تبتسم تلك الابتسامة الغامضة التي تخفي وراءها تخطيط ماكر وانسحبت من الغرفة.
فكرت «مادلين» في طريقها إلى الحديقة مرة أخرى، تلك الفتاة تذكرها بنفسها عندما كانت في عمرها، كلتاهما اقتحمت سيدة غريبة حياتهما ولكن الفارق أن والدتها ميتة ولكنها ستظل حية بقلب «دارت» بينما والدة «مادلين» كانت حية ولكنها ظلت ميتة بقلب زوجها.
تمتمت «مادلين» دون أن تزيل تلك الابتسامة الغامضة من على وجهها:
- كلا، عزيزتي «كلارا» كلا، لن أكون «ياسمين».





روابط الفصول

الفصل الأول .. اعلاه

الفصول 2, 3, 4, 5, 6 .. بالاسفل
الفصول 7, 8, 9, 10, 11, 12 الأخير نفس الصفحة





التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 28-07-21 الساعة 11:21 PM
غززل ? غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-06-21, 03:38 PM   #2

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي




اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...


للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html



هل الرواية حصرية لشبكة روايتي الثقافية ام هي غير حصرية؟ الرجاء الإجابة بحصرية او غير حصرية دون اضافات




واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا الغوازي, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء



قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

رد مع اقتباس
قديم 21-06-21, 02:22 PM   #3

غززل ?

? العضوٌ??? » 487520
?  التسِجيلٌ » Apr 2021
? مشَارَ?اتْي » 29
?  نُقآطِيْ » غززل ? is on a distinguished road
افتراضي عبق فريد

الفصل الثاني



كانت تجلس في غرفة المعيشة بمنزلها المتواضع وتقوم بتطريز قطعة قماش قطنية، بالها مشغول بالتي تقبع بالغرفة المجاورة، لم تستطع التركيز بما تفعله؛ لهذا تنهدت بقلة حيلة، وضعت قطعة القماش جانبًا ونهضت متجهة إلى الغرفة المجاورة، عازمة على خروج منها هذه المرة بنتيجة مُرضية.
- «ياسمين».
قالت منادية سيدةإن لم يكن الشيب أخذ مساره بين خصلاتها العسلية لبدت كشابة بمنتصف العمر؛ فـ «ياسمين» كانت وستظل فائقة الجمال، لا ولم ولن تُفسد الشيخوخة وجهها الملائكي، كانت «ياسمين» جالسة بالغرفة دون حراك، وكأنها تنتمي لأثاث الغرفة، كانت تنظر إلى الحديقة التابعة للمنزل، يبدو عليها التفكير، ولكن صعب اختراق عقلها لمعرفة ما تفكر به، ما إن سمعت النداء، تنهدت بملل وقالت:
- لا «ليلى» لن تنجحي هذه المرة.
ظهر على وجه «ياسمين» تعابير الاستغراب عندما لفظت اسم «ليلى»، ولكن «ليلى» كانت قد اعتادت على تلك النظرة فـ «ياسمين» لم تقتنع يومًا بهذا الاسم الذي بدا لها غريبًا وعديم المعنى، ولكنها احترمت رغبة والدها بتسميتها هذا الاسم؛ فقد كانت «ليلى» فلذة كبده الأولى، وكانت سعادته لا تضاهى؛ ولهذا السبب أعطاها هذا الاسم الغريب عن بلدهم؛ فقد كان متيم بالروايات والأساطير القديمة، يطالعها -ليل نهار- بلا كلل،يتشرب كل سطر منها وكأنها تُمثل له غذائه الذي لن يحيا بدونه، وكان يتأثر بالقصص الملحمية الرومانسية كالمسرحية الشهيرة «روميو وجولييت»، وكم تأثر الجمهور بتلك المسرحية التي لا زالت مُخلدة حتى يومنا هذا وكأنها تُمثل رمز الحب الأوحد، وقد تأثر والدها بتلك المسرحية نفس التأثير، ولكن على الرغم من هذا إلا أننا لا يمكن أن نتجاهل المقولة الشهيرة «لكل قاعدةٍ شواذ»، وكان هو الاختلاف لتلك القاعدة، فلقد جذبت اهتمامه إحدى الأساطير الأخرى التي رآها بنظرة الأفضل؛ فأطلق على «ليلى» هذا الاسم الذي كانت تُدعى به إحدى بطلات تلك الأساطير، رغبةً منه في أن تعيش صغيرته حياة ملحمية مليئة بالعاطفة.
قطع تفكير «ياسمين» صوت تنهيدة «ليلى» المتعبة؛ فبنظرها رأس «ياسمين» أكثر صلابة من الصخور، لا يُمكن أن يُملي أحدًا عليها رأيه أو يجبرها على شيء.
سحبت «ليلى» كرسي وجلست بجانبها، تنظر إليها بتمعن، وكأنها تخاف من أن تتركها يومًا، بعد عدة دقائق من الصمت قالت «ليلى»:
- ما رأيك بـ. . .
- لا
قاطعتها «ياسمين» برفض تام لتلك الفكرة مهما كانت؛ فهي تعرف ما تسعى إليه «ليلى»، ولكن هذه المرة قررت «ياسمين» أن ترفض جميع خططها.
حاولت «ليلى» الاحتجاج؛ فقالت:
- ولكن أمي. .
قاطعتها «ياسمين» مجددًا قائلة:
- رجاء «ليلى» لا أُريد، غدًا ربما.
نظرت «ليلى» للأرض بخيبة أمل، ثم نهضت منسحبة من الغرفة، من يراها يظن أنها على وشك البكاء، كطفلة رفضت والدتها إعطائها الحلوى؛ كيلا تؤلمها أسنانها.
ما إن سمعت «ياسمين» صوت الباب يُغلق، حتى اتجهت نحو خزانة ملابسها وفتحتها، فظهر درج سري بقفل بعد أن أزاحت ملابسها بعيدًا، خلعت القلادة التي لا تخلعها أبدًا والتي كانت تحتوي على مفتاح، وضعت المفتاح بالقفل وإدارته ففتح وأطلت رسائل وضع عامل الزمن لمساته عليها فأصبحت صفراء اللون، أخذت «ياسمين» رسالة عشوائية، وعادت لتجلس مكانها، ثم قرأتها بهمس:
«ياسمين العزيزة،
قد اشتقت لك كثيرًا، وقد طال فراقنا، لم أعد أستطيع تحمل تلك الحياة البائسة التي أعيشها، كل شيء يبدو بلا مذاق، بلا رائحة وبلا حياة بدونك، لم أعد أملك أي قوى تدفعني للاستمرار، أُريد الرضوخ لمطالب شيطاني، وأن أترك كل شيء وأتي إليكِ، ولكني خائف ومشتت، لا أعلم ماذا عليّ أن أفعل! أُريد لقائك في أقرب وقت.
المخلص دائمًا وأبدًا،
لاڤندر»
ترقرقت الدموع بعيني «ياسمين» ولم تستطع كبحهم، عانقت الرسالة بقوة وأطلقت العنان لنفسها؛ لتفرغ دموع متجمدة بعينيها منذ سنوات طويلة قاسية، عندما تلقت الرسالة للمرة الأولى، لم تعلم أن أبواب الجحيم كانت قد فُتحت على مصاريعها مستعدة لابتلاعها، وبدلًا من الهروب دخلتها بكل إرادتها، والآن تبكي تندمًا.
******************
عندما انسحبت «ليلى» إلى غرفة المعيشة مرة أخرى،وجدت زوجها يجلس مكانها ويمسك قطعة القماش التي تركتها،يتحسس التطريز البارز التي قامت به ويبتسم،ابتسامة تعرفها جيدًا؛فهي لا تُمحى من قلبها،ابتسامة عاشق غرق بالعشق حتى أذنيه،اقتربت منه بحذر حتى لا يشعر بوجودها،ولكنه أحبط مخططها عندما قال:
- لطالما كنتِ بارعة «لو».
لوت شفتيها بحزن مصطنع لاكتشافه مخططها وجلست بجانبه وقالت:
- أتيت مبكرًا، «دانيال».
لم تُحب «ليلى» أن تناديه «دان» كما يفعل الجميع؛فهذا الاسم يشعرها بأن زوجها صبي مناجم،بشرته سوداء متسخة من الفحم،أخرجها من شرودها قوله:
- لقد قال الرئيس إنه لا يحتاجني اليوم؛لذا عُدت لمنزلي السعيد.
أومأت «ليلى» بابتسامة خفيفة اختفت عندما قال:
- كيف حال «ياسمين»؟
تنهدت بحزن وأجابت بإيجاز:
- ما زالت لا تريد الخروج.
أخذ «دانيال» يدها بين يديه الدافئة وابتسم؛ليواسي قلبها الحزين ويدخل الدفيء له،فكانت الابتسامة المشرقة التي احتلت وجهها رَدًّا كافيًا.
سحبت يدها من بين يديه وقد بدا التوتر جليًا على وجهها،وكأنها تفكر بشيءٍ ما ولكنها تخاف أن تبوح به،استشعر «دانيال» قلقها؛لذا قال مشجعًا إياها على التحدث:
- ماذا هناك،عزيزتي؟
صمتت للحظات،تنظر في كل مكان بالغرفة عدا عيناه،تتحاشى النظر إليه،أخيرًا قالت بتردد:
- قد رأيت إحدى الإعلانات بالصباح،وكنت أفكر بأن «ياسمين» بحاجة للأطفال للترفيه عنها و. . .
لم تكمل حديثها بعد أن رأته يتجهم وتظهر علامات الانزعاج واضحة على وجهه،لكنها لا تستطيع أن تمنع نفسها،لقد مضى على زواجها من «دانيال» أكثر من سبعة أعوام،ولم ينجبا حتى الآن،كم من مرة حاولت إقناع زوجها بالذهاب ورؤية الطبيب لمعرفة سبب كل هذا التأخر،ولكنه كان دائم الرفض،فهو يرى أن التعمق بهذا الأمر سيخلق فجوة عملاقة بينهم،لن يستطيعوا سدها لاحقًا،وراح ينصحها بتناسي الأمر،ولكنه لا يشعر بالنيران المشتعلة بداخلها،لا يعلم بالخناجر التي تطعنها يَوْمِيًّا،تمزق نياط قلبها،لقد أرادت أن تكون أُمًّا وبشدة،عكس «دانيال» الذي لم يهتم يومًا بالأطفال،فلم يضره وضعهم بشيء،متغافل عن روح زوجته التي تنزف ألمًا.
عندما دام الصمت طويلًا،تابعت «ليلى» بتوتر:
- تعلم يمكن. . يمكننا الذهاب و. . تعلم لن تضرنا التجربة بشيء.
تنهد «دانيال» بتعب وقال محاولًا تجنب النقاش بهذا الأمر:
- لقد تناقشنا بهذا الأمر قبلًا، «ليلى»،لا أريد التطرق إليه مرة أخرى؛فهذا يسبب الكثير من الآلام.
اعترضت في محاولة فاشلة منها لإقناعه:
- ولكنك لا تستمع لي.
أخذ وجهها بين يديه وقال بحنان:
- تعلمين كم أحبك، «ليلى» وعندما عرضت عليك الزواج لم أهتم بتلك الأمور،لأنني أريد أن أحيا بقية حياتي بجانبك،وأن نكون سعداء معًا؛لهذا علينا أن نتناسى هذا الأمر وأن نتسلح بالصبر.
أومأت «ليلى» بخضوع وابتسمت؛فبادلها الابتسامة وقبل جبينها،ثم نهض وقال:
- سأذهب لتبديل ملابسي.
- حسنًا.
أجابته وأخذت قطعة القماش وعادت للتطريز،تحاول اتباع نصيحة زوجها.
*********************
وقفت «مادلين» أمام باب شقة «جيوم» أو شقة «عشيقة جيوم»؛ فلقد رحل شقيقها الصغير، وليس من العدل تخصيص تلك الشقة باسم شخص ميت، بينما هناك من يقطن بها بالفعل، وكأنها هكذا لا تقلل من شأن «إفيوميا»، كانت تعلم بداخلها أنها تقلل من شأنها، ولكنها أحبت أن تهينها بالعالم الواقعي وبخيالها، فهذا يساعدها في إكمال مخططها.
أخرجت من جيب فستانها المفتاح الذي كان يستخدمه «جيوم» والذي ذهب إليها مع أغراضه الأخرى بعد وفاته واستخدمته لفتح الباب.
كانت «إفيوميا» تجلس باسترخاء على أريكتها الناعمة تقرأ إحدى الكتب غارقة بالتفاصيل التي بين السطور، رغم عملها كراقصة بإحدى الحانات القذرة، والتي تحتقر ذاتها لكونها تعمل بها، إلا أن هذا لم يوقف شغفها بالقراءة؛ فقد كانت منذ نعومة أظافرها تهوى القراءة، كانت أحيانًا عندما تستغرق بقراءة، تفكر ماذا قد يفعل أحد زوار الحانة إذا رآها وهي تقرأ؟ سينفجر من الضحك، هذا مؤكد.
قطع تفكيرها صوت غريب يأتي من الباب، وكأن مفتاح يُدخل بقفل الباب وأحدهم يحاول فتحه، تسرب الخوف لقلبها، ولكنها قررت إخماده بالذهاب والتحقق من هذا الصوت، أخذت مزهرية وُضعت على طاولة قصيرة بجانب الأريكة للتزيين، نزعت بعض بتلات الياسمين التي بداخلها سريعًا واستخدمتها كسلاح،ثم اتجهت ببطء نحو الباب.
كانت «مادلين» تواجه صعوبة في فتح الباب، فقد كان حول القفل الكثير من الصدأ؛ لهذا استغرقت وقتًا طويلًا في فتحه، وما إن استطاعت فتحه، حتى وجدت «إفيوميا» أمامها ممسكة بمزهرية، تقف بوضعية الهجوم.
أطلقت «إفيوميا» صرخة سرعان ما تلاشت عندما رأت «مادلين» تقف أمامها بصمت، ولكن نظراتها الساخرة كانت تقول الكثير، خفضت «إفيوميا» ذراعيها واعتدلت في وقفتها، مجيء «مادلين» إليها وهيئتها الساخرة تلك جعلت «إفيوميا» تدرك أن الساعة القادمة ستشكل لها عذابًا عظيمًا، ولكن مهلًا من أين حصلت «مادلين» على نسخة من مفتاح؟ لن تعرف يومًا، هذا ما فكرت به وهي تبتعد عن مدخل الباب؛لتفسح المجال ل «مادلين» التي لم تحتاج دعوة للدلوف، دلفت «مادلين» لغرفة المعيشة وجلست على الكرسي الذي جلست عليه عندما أتت لتلك الشقة للمرة الأولى، جلست «إفيوميا» على الأريكة في مواجهتها، أخذت الكتاب الذي كانت تطالعه وأرادت أن تخفيه عن أعين رفيقتها، ولكنها فشلت وبجدارة؛ فقد رأت «مادلين» أنها تحاول أن تخفي شيئًا؛ فقالت وكأنها تخاطب طفلة لم تتجاوز الخامسة من العمر:
- ماذا تحاولين أن تخفي يا رأس البندق؟
كانت تلك هي المرة الثانية التي تشير فيها «مادلين» إلى لون عيني «إفيوميا» فقد بدت كحبتي بندق مسجونتان بين جفونها، تلك كانت المرة الأولى التي تشعر بها بالخزي تجاه لون عينيها، كانت «مادلين» مبدعة في سخريتها، فهي تقول كلامًا يبدو لأي شخص عادي، ولكن الطريقة التي تتلفظ بها حروف تلك الكلمات والنظرة التي تحتل وجهها في تلك الأثناء، تُشعر المواجه لها أنها تسخر منه بأبشع الطرق.
لم تنتظر «مادلين» إجابة رفيقتها وانتشلت الكتاب من بين يديها، نظرت إليه للحظات قبل أن تطلق ضحكة صاخبة وقالت بسخرية:
- أرى أن شقيقي كان يتمتع بعشيقة مثقفة.
- سيدة «مادلين»، أكره أن أُحرجك، ولكني أخبرتك مسبقًا أنني لم أكن عشيقة شقيقك.
خرجت تلك الحروف من فاه «إفيوميا» بصعوبة؛ فقد كانت تكز على اسنانها بقوة حتى شعرت أن أسنانها على وشك التحطم، رأت «مادلين» طريقتها في كظم غيظها لهذا تابعت المضي قدمًا وابتسمت بسخرية،ثم أجابت:
- أجل، وقد وافقتك الرأي مسبقًا.
اعتدلت «إفيوميا» في جلستها، ثم وضعت ساق فوق الأخرى في محاولة منها أن تبدُ واثقة من نفسها، عقدت ذراعيها إلى صدرها وقالت بسخرية اقتبستها من رفيقتها:
- هل ستُقدم السيدة «مادلين” تنازلًا وتُعطيني شرف معرفة سبب قدومها إلى هنا؟
لوح شبح ابتسامة على وجه «مادلين»، توسعت تدريجيًا،عندما أعادت هذا السؤال برأسها، ثم قالت بعد فترة من الصمت:
- أتيت لزيارتك، بالمعنى الحرفي لإهانتك.
جحظت عينا «إفيوميا» بصدمة، لم تتخيل يومًا أن «مادلين» بتلك الوقاحة! اعتدلت في جلستها مرة أخرى، نظفت حلقها استعدادًا لقول شيءٍ ما، لكنها لا تعرف ماذا عليها أن تقول، بدا الوضع برمته غريبًا ويُثير التوتر إلى نفس «إفيوميا» المسكينة، قطع شرودها قول «مادلين»:
- إذًا «إفيوميا«، كيف حالك بعد مرور أسبوعين من وفاة «جيوم»؟
- بخير.
أجابت «إفيوميا» بإيجاز وهى تفرك يديها بتوتر، لا تعلم ما الذي عليها فعله أو قوله، هذا الكيان الجالس أمامها يوشك على قتلها من التوتر.
كانت «مادلين» تتابع كل فعل تقوم به «إفيوميا» باستمتاع، عندما أتت إلى الشقة لم تسع لإهانة «إفيوميا»؛ فهى وإن كانت ذات شخصية بغيضة، إلا أنها كانت تبغض الإهانة وكل من يسعى إليها، أرادت فقط أن تُثير التوتر إلى نفس «إفيوميا» تجعلها تكاد تموت من الخجل والتوتر، أن لا تجعلها تعيش بسلام، عليها أن تُعاني، أن تعيش بخوف مستمر، لا تعلم ما هى الخطوة التالية التي ستخطوها، أرادت «مادلين» أن تنتقم منها، أن تتلذذ برؤيتها عاجزة، بداخلها كانت واثقة أنها لم تكن عشيقة «جيوم»، تلك الساذجة من المستحيل أن تكون عشيقة لأي أحد، ولكن الألسنة لا تصمت، والنظرات تقول الكثير، وهى لا تريد أن تكون موضوعهم الذي يتداولوه بينهم، رأت «مادلين» أنها قد أطالت مدة تعذيب رفيقتها؛ لهذا نهضت وعدلت فستانها ببطء يُثير الأعصاب، ثم قالت بقسوة:
- عليّ الرحيل الآن؛ فوقتي من ذهب ولا أُريد إضاعته على التفاهات، إلى اللقاء القريب، يا رأس البندق.
شددت على كل حرف من كلماتها، وكأنها تقول أن هذه الزيارة لن تكن الأخيرة، وأن العذاب سيطول؛ فقد عزمت «مادلين» على الإنتقام، ولن تتنازل عن إنتقامها.



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 21-06-21 الساعة 05:15 PM
غززل ? غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-06-21, 05:17 PM   #4

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



تم وضع تنويه الحصرية للمنتدى كما طلبتِ عزيزتي بالرسالة الخاصة
ارجو الانتباه الى وضع ترقيم الفصول لانك لم تضعيه للفصل الثاني فوضعته لك
كما ارجو الانتباه لوجود الحرف x في الفصلين ولا اعرف السبب.. انا شلته لك لكن اتمنى منك الانتباه عند تنزيلك للفصول القادمة
بالتوفيق يا رب


كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-06-21, 10:25 PM   #5

غززل ?

? العضوٌ??? » 487520
?  التسِجيلٌ » Apr 2021
? مشَارَ?اتْي » 29
?  نُقآطِيْ » غززل ? is on a distinguished road
افتراضي




الفصل الثالث

دمعة تتبع الأخريات، وكأنها تتسابق على من سيعبر وجنتها الرقيقة أولًا، ها قد مر شهرين منذ وقوع الفاجعة، لم تجف دموعها رغم محاولاتها الفاشلة، زجرت نفسها كثيرًا، حاولت التناسي كثيرًا، ولكن عيناها كانت تخذلها دائمًا وتضعف دائمًا.
كانت تجلس على أرضية غرفتها الخشبية، ملتصقة بالحائط أخضر اللون كسائر غرفتها، كان الحائط الوحيد العاري بلا أثاث، لم تكن غرفتها تحتوي على الكثير من الأثاث؛ لهذا انتصب هذا الحائط بشموخ بمفرده، دون الاعتماد على أثاث يستند عليه ليبرز مظهره، ولكن لم يكن بالحائط الجميل، فلونه الأخضر الفاقع جعله يبدو كمصباح دائم يزعج الأعين؛ لهذا قررت أن تكسر حدة لونه بالقليل من الأخضر الغامق، جلست محتضنة الحائط تحمل فرشاة ملطخة بالأخضر وأخذت ترسم شجيرات عشوائية تتطاير ورقاتها وكأن الرياح تداعبها لتجعل الورقات تطير بغير هدى بالأفق، لم تحتج للمياه لتخفيف الألوان، فقد كانت دموعها تتساقط واحدة تلو الأخرى نحو الصحن الذي وُضع به اللون، حتى جعله سائلًا كالمياه.
لم تكن تلك البارعة بالرسم التي تمتلك جميع مُعدات الرسم من أدوات وألوان متنوعة، لم تكن مبتدئة أو حتى هاوية بل لم تُمسك بحياتها فرشاة أو قلم تلوين، ولكنها أرادت أن تُشغل نفسها بأي شيء، لا تريد أن تظل تطفو بين ثنايا عقلها، أفكارها التي لم ترأف بها، جرحها الذي لم يلتئم بعد، لا تعلم إلى متى سيظل قلبها ينزف، إلى متى سترى طيفه بأحلامها وبيقظتها، إلى متى سيجعلها شبحه تُعاني، بغضته بشدة، هو السبب وراء معاناتها، بالطبع ستكرهه، لقد دُمر حبها النقي البريء يوم وفاته، اتلومه على موته؟
لا تعلم ولكن كل ما تعلمه أنها تتألم، تائهة بين آلامها، لا تعلم متى سينتهي هذا العذاب.
صدح بالخارج صوت حذاء يركض مسرعًا، ثم صوت شيئًا ضخم يرتطم بالأرض بصوت مكتوم وكأنه جسد بشري تهاوي ليسقط على الأرض، علمت أنها الخادمة التابعة لزوجة والدها «مادلين»، فبعد زواجها من والدها كان عليها أن تُتقن دور السيدة الماجدة التي تلعبه والذي لم يكن صعبًا عليها فهي بالأصل تنحدر من عائلة أرستقراطية ولهذا أحضر لها زوجها خادمة خاصة لتهتم بأمورها الشخصية، كان قد أحضر لها هي أيضًا خادمة خاصة بها، ك ولكنها لم تحتج لها؛ فهي لا تحضر أي حفلة من حفلات الطبقة المخملية، ولا يهتم والدها كثيرًا بهذا؛ فهو ما زال يراها طفلته الصغيرة ذات الضفائر، ولكن «مادلين» زوجته، وهي مجبرة على هذا، للحظة أشفقت عليها، فلم يمر على وفاة شقيقها سوى شهرين، والآن هي تتجهز لحضور إحدى الحفلات الراقية، ولكنها عادت مرة أخرى لتتذكر أن «مادلين» هي من أصرت على الحضور، قائلة إنها عليها المضي قدمًا، وأن حياتها لن تتوقف بسبب موت شقيقها؛ لهذا عاد الشعور بالاحتقار والازدراء ل «مادلين» للظهور على وجهها، كل ما يهم تلك الزوجة هو المال، مثلها مثل بقية النساء التافهات، صبت جميع تركيزها بالرسوم الخرقاء التي ترسمها وهمست باحتقار:
- المال يجعل من الصخور أحجار كريمة.
وكانت تلك رسالة صريحة لاحتقارها لزوجة والدها الذي تتفنن في إظهاره لها.
********************
كانت «مادلين» تقف مع مجموعة من السيدات يقفون على شكل حلقة، معروفة تلك الحلقة بالنميمة؛ فأينما اجتمعت النساء بمكان واحد، أتت النميمة كرفيق لهن تمسك بهن يدًا بيد، تعالت قهقهات تلك الحلقة عندنا أطلقت إحداهن عبارة ساخرة من محدثة نعمة شابة مرت بالقرب منهن، ولكن «مادلين» تقوست شفتيها بنص ابتسامة ساخرة من تلك الحلقة المنافقة، شد انتباهها صوت إحدى تلك السيدات التي كانت الأكبر سِنًّا من بينهم عندما قالت بحزن مزيف:
- كيف حالك «مادلين» بعد وفاة شقيقك؟ لقد حزنت من أجلك كثيرًا عندما وصلني الخبر.
كانت تعلم أنها تستدرجها نحو الساحة، كانت نظرات الجميع توحي بأنهم يجهزون سهاهم بأقواسهم، فما إن تقف بالساحة يطلقون عليها أسهمهم السامة واحدة تلو الأخرى، وكانت قد تجهزت؛ لهذا الأمر وعندما كانت على وشك الرد عليها، جاء ما كان بغير الحسبان، عندما علقت إحداهن بنظرات حزينة تحمل بداخلها الكثير من السخرية:
- أعتقد تشعر بالحزن الشديد حتى أنها ذهبت لمنزل عشيقة شقيقها، ربما لتتمكنا من مواساة بعضهم البعض.
كتم بقية من يقف بالحلقة ضحكاتهم بصعوبة، وتطلعت تلك السيدة لـ «مادلين» بانتصار معلنة أن تلك الجولة كانت من نصيبها، لتبتسم لها «مادلين» ورسمت تعابير اللامبالاة على وجهها ببراعة وهي تلقي بقنبلتها قائلة:
- لقد ظننت يا عزيزتي أنك لا تُمانعي أمر العشيقات هذا بعد أن اتخذ ابنك لنفسه عشيقة وذهب للعيش معها بنفس المنزل!
قالت كلماتها الأخيرة بنبرة منذهلة زيفتها ببراعة جعلت من يراها يظن أنها إحدى الممثلات ذائعات الصيت، ولكن تلك الحلقة كانت الشخص الوحيد الذي يُدرك أن الذهول البادي على وجهها مزيف.
رأت «مادلين» نتيجة ما قالتها على وجوه الأخريات؛ فوضعت يدها على فمها بعد أن ادعت الصدمة، ثم قالت:
- يالغبائي! لقد نسيت تمامًا أن ابنك العزيز قد عصى أمرك ورفض أن يتزوج تلك الفتاة التي اخترتها له ليبقي مع عشيقته.
تابعت بعد لحظة من الصمت بتعابير حزينة ونظرة شفقة:
- أسفي عليك، عزيزتي.
بعد قولها هذا غُلفت الحلقة بالصمت المقيت، البعض يطالع «مادلين» بالصدمة، والبعض الآخر بالغضب منضمين لصف تلك السيدة التي اشتعل وجهها بالغضب حتى أصبح أحمر اللون بعد تلك الإهانة التي وجهتها لها «مادلين» التي كانت تبتسم بخبث وثقة يلائمان وجهها القاسي.
تركتها تسعد بالجولة الأولى، ثم ألقت بقنبلتها التي أنهت المعركة لصالحها، تنازلت عنها بإرادتها الحرة لتضربها بقوة فلا تتمكن من الوقوف مرة أخرى.
كان كل من بالحلقة يطالعونها بغيظ؛ فلقد فشلت محاولتهم في استدراجها لتصبح موضوع سخريتهم، ولكنهم لم يظنوا أن فتاة القصر التي لم تعرف شيئًا عن الحياة والكيفية التعامل مع البشر سترد لهم إهانتهم أضعافًا مضعفة، لقد خُدعوا بوجهها الملائكي الهادئ، لم يعتقدوا أنها تُخبئ بجعبتها الكثير من القسوة وسخرية فاقت سخريتهم بمراحل، في تلك اللحظة علموا أنهم يواجهون خصمًا ليس بالهين، وأن الأفضل لهم ضمها لصفوفهم بدلًا من تكوين عداوة معها.
أدركت ما ترمي إليه نظراتهم، وكأنها استطاعت قراءة أفكارهم؛ لهذا قررت الانسحاب بعد أن انتهت مهمتها وأوصلت رسالتها لهم فأمسكت بأطراف فستانها الطويل أسود اللون ورفعتها قليلًا، ثم ابتعدت عن الحلقة؛ لتتنفس الصعداء لخروجها على ما يرام من بين براثنهم.
حمقى! صرخ بها عقلها مستنكر وجود أشخاص مثلهم بالحياة الواقعية، وكأن ما كانت تراه منذ لحظات ليس إلا فيلم سينمائي يحدث أمام عيناها، ولكن لسوء الحظ هم أشخاص حقيقيون، شعرت «مادلين» أنها مُحاطة بجمع من الغجر بداخل أزياء عصرية، ولباقة مزيفة، يعود لطفهم وودهم لسببين، الأول رغبتهم بالاستيلاء على أموالك، والثاني أنهم بحاجة لموضوع يناقشوه ويسخرون منه وغالبًا، ستكون أنت هذا الموضوع.
كانت تشعر بالاختناق، بدت تلك القاعة المترفة جحيم حي أمام عيناها، لم تَتَمَنَّ يومًا أن تنتمي للطبقة المخملية؛ فإن تعمقت بتلك الطبقة تجد أنها أرضًا خصبة للنفاق والجهل والفجور، فليس هناك جهل أقسى من جهل القلوب لترجمة المشاعر؛ فبالرغم من علمهم وثقافتهم البالغة إلا أنهم ببساطة بلا قلب، وكأن دمائهم الأرستقراطية التي تجري بعروقهم تعمل على إيقاف قدرة قلوبهم على فهم المعنى الحقيقي للمشاعر الإنسانية.
قاموسهم يحتوي عليها بالفعل، ولكنها تقبع في الزاوية المظلمة التي تحتوي على مفردات بلا معاني، وكأنهم جميعًا يمتلكون هذا القاموس الناقص والذي لم يفكر أحدًا في ملئ هذا الفراغ أو حتى فكر على ماذا قد يحتوي هذا الفراغ من معاني، كانت مجبرة على التعمق بهذا الوسط الحقير بنظرها، البشر يحتاجون إلى المال لكي يعيشوا وهي لا تختلف كثيرًا عنهم، وقد لبت ثروة زوجها هذا الاحتياج؛ فأصبحت لا تفكر بأمور المال فهي على علم تام أن تلك الثروة ستظل تلبي احتياجاتها حتى الممات.
بينما كانت شاردة بتفكيرها توقفت للحظات تدرك ما كانت تفكر به، ابتسمت بسخرية من نفسها؛ فهي تنعت النبلاء بعديمي القلب، وكأنها ملاك رقيق القلب، يبكي قلبها تألمًا للآخرين، ولكنه كان يبكي سابقًا،.كان يشعر سابقًا. . . كان يعمل سابقًا، لقد اضطرت لإيقاف قدرته على الشعور والبكاء؛ فالعالم أشبه بالغابة، لتعيش به عليك أن تكون الأقسى، وليست القوة هي من تجعلك مؤهلًا للعيش بتلك الغابة، فإن كنت الأقوى بقلب رقيق فلا فائدة من قوتك؛ لهذا تكمن التميمة التي ستحميك من شرور الغابة في القسوة.



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 24-06-21 الساعة 12:10 AM
غززل ? غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-21, 06:05 PM   #6

غززل ?

? العضوٌ??? » 487520
?  التسِجيلٌ » Apr 2021
? مشَارَ?اتْي » 29
?  نُقآطِيْ » غززل ? is on a distinguished road
افتراضي




الفصل الرابع

أتسمح السيدة «مادلين» بهذه الرقصة؟x
جذب انتباهها ذلك الكف الممتد بتهذيب، اتبعت عيناها امتداد ذلك الكف لتمر سوداويتها بذراع قوية تغلفها بذلة كحلية اللون، برزت عضلات صدره المفتولة بوضوح تحت قميصه ناصع البياض،xسارت سوداويتها ببطء شديد تتحقق من هيئة المتطفل على عزلتها،xلتصل لوجهه الأسمر الذي اتخذته الشمس لوحة أبدعت في رسمها.xكان ذا عينان رمادية بلون الدخان وشعر فحمي يقارب شعرها في اللون، رغم ما به من صفات تفتك بأي فتاة فتجعلها تتأمل وسامته لساعات بلا ملل،xإلا أن نظرات «مادلين» له لم تكن سوى متفحصة باردة،xوكأنها ترى تلك الابتسامة المعسولة التي تغرق في بحورها العديدات ابتسامة من مشعوذ مشوه،xطالت مدة صمتها وبدا أن ذلك الواقف منحني باحترام أمامها قد بدأ ييأس،xنظرت حولها فوجدت تلك المجموعة التي تركتها منذ لحظات تراقبها بفضول مليئة بالحقد،xفقالت في نفسها:
- لنعطي هؤلاء الرعاع شيئًا يتحدثون عنه.x
ابتسمت بثقتها المعتادة،xومدت كفها ليغلفه دفء كفه الساخن،xانحنى بوجهه أكثر لتستقر شفتيه على كفها النحيل الشاحب وقبله بتهذيب وهو يسحبها بهدوء نحو ساحة الرقص،xعندما استقرا بالمنتصف اعتدل بوقفته وحاوط خصرها بذراع والذراع الأخرى كانت ممتدة على جانبه متشابكة مع ذراعها بينما هي وضعت كفها ذا الأنامل النحيلة على كتفه وراحا يتمايلان على أنغام الموسيقي الراقية التي ملأت القاعة.x
كان ينظر إليها بهيام وتلك الابتسامة الساحرة لم تُفارق وجهه تقابله ابتسامة «مادلين» الواثقة من جمالها الأخاذ الذي سلبه عقله، بعد دقيقة من الصمت بينهما قطعه هو بقوله:
- لقد قابلت زوجك منذ عدة لحظات.x
اتسعت ابتسامتها وسيطر الغرور على ملامحها ولم تعلق،xعندما وجد أن رفيقته قد تسلحت بالصمت ولا تريد أن تُعطيه شرف سماع صوتها تابع قائلًا:
- عليّ الاعتراف أن السيد «دارتلاند» بارع الذكاء ويعلم جيدًا كيف يجني الأموال.x
أجابت بنبرة رزينة تعشش بها غرور وثقة لا يفارقوها:
- بالطبع هو كذلك،x وإلا لما تزوجته «مادلين».
قهقه مندهشًا من ثقتها المبالغ فيها، أتظن نفسها جائزة للبشر أجمع؟
لفتت قهقهته نظر القاعة بأكملها وهذا ما سعت له «مادلين»،xكانت تشعر بجميع الأعين عليهم يُتابعون تحركاتهم البطيئة باهتمام، كانت تعلم أن زوج من كل تلك الأعين التي كانت تراقبها كانت تخص زوجها الحبيب.x
- ياللهي تمامًا كما سمعت عنك،xالغرور سر جمالك الذي لا يقاومه أحد والثقة قاعدتك الأولى والأخيرة عندما تتعاملين مع الحياة.x
جذب انتباهها صوته وهو يتفوه تلك العبارات بنبرة ما زالت تسيطر عليها نبرة القهقهة والدهشة،xنظر إليها بهيام لم ترَ مثيل له من قبل،xشعرت بشيء يهتز بداخلها،xوكأن عواصف بصدرها تضرب قلبها،xتعلم هذا الشعور جيدًا،xإنه الخوف، ذلك الشعور الذي ينبئها قبل وقوع الفجائع، ولطالما كان صادقًا،xأدركت أنها أوقعت نفسها بورطة وعليها الابتعاد قبل السقوط بالهاوية؛xلهذا رفعت كفها من على كتفه العريض ونزعت ذراعها التي كانت متشابكة مع ذراعه وسحبت جسدها ببطء من بين يديه،xرفعت أطراف فستانها وقالت وهي تزيف ابتسامة واثقة ببراعة:
- أنت على حق، فأنت لا تتحدث عن أي شخص، بل تتحدث عن «مادلين».
تركته بمنتصف الساحة وهي تبتعد ببطء وعيناها الواثقة لا تفارق عيناه.x
عندما التفتت لتقف بمكان منعزل شعرت بقبضة من حديد تُحاصر ذراعها اليمنى،xنظرت باتجاه اليمين لترى من الذي يقبض عليها بهذه الطريقة ولكنها لم تحتج أن تتحقق من هيئته فقد كان دون شك زوجها الهادئ أو زوجها الذي كان هادئًا، كانت عيناه محمرة وقبضته تشتد حول ذراعها مع كل ثانية تمر،xلتكون صادقة لم تتوقع أن زوجها يمكنه أن يغضب يومًا بهذا الشكل وبالطبع ما لم تتوقعه يومًا أنه يمتلك كل تلك القوة، لقد آلمتها ذراعها بشدة، ولكنها رسمت قناع البرود باحترافية على وجهها،xخرجا كلاهما من المنزل الذي يقام به الحفل
وكأن «دان» شعر بخروج مخدوميه ووقف بالسيارة أمام باب القصر، هبطا السلالم القليلة بسرعة نتيجة لخطوات «دارتلاند» السريعة،xفتح باب السيارة وألقى بـ «مادلين» بداخلها بعنف وكأنها كيس من النفايات يُلقيه يمينًا ويسارًا كما يحلو له، أغلق الباب ثم استدار ليفتح الباب المواجه لها وصعد هو الآخر بجانبها،xفانطلق «دان» خارج فناء القصر إلى البوابة الرئيسية ثم إلى شوارع المدينة الصاخبة رغم تأخر الوقت.x
أسند «دارت» مرفقه على النافذة الزجاجية وقبضته متكورة بقوة حتى برزت عروقها بوضوح،xمسح على وجهه بضيق ثم وضع قبضته أمام فمه مباشرةً وكأنه بها يمنع فمه من إخراج الكثير من السباب والكلمات اللاذعة.x
عليها الاعتراف لقد تمادت هذه المرة كثيرًا،xلا تعترف بهذا لأنها تخاف من زوجها،xإنها لا تخاف أحد!x
هي تعترف لأنها عليها ذلك،xعليها أن تكون صريحة مع نفسها، لولا عقلها الذي يعشق المخاطرة لما كانت بهذا الموقف.x
ولكنها تريد أن تستمع قليلًا ألا يكفي ما عاشته من تعاسة بحياتها؟xك أليس من حقها أن تستمع وتشعر بالمعنى الحقيقي للمرح؟ نعم،xلها كل الحق بهذا. حتى وإن فعلت ما لا ينبغي أن تفعله امرأة متزوجة.x
منذ صغرها وهي تعيش حياة الرفاهية، تلك الحفلات لم تكن غريبة عليها رغم هذا لم تحضر أي حفلة منهم،xفي الحقيقة لم تحضر أي حفلة إلا بعد زواجها،xفكيف ستذهب لتلك الحفلات وهي تعيش في حالة حرب دائمة بقصر عائلتها، نزاعات لم ترَ مثلها، كراهية وحقد يفيضا من كل زاوية بالقصر،xلم يكن هناك مكانًا تذهب إليه طفلة أو مراهقة سوى غرفتها لتبكي حتى تغط بسبات عميق. هو على علم بهذا، يمكن القول إن هذا هو سبب زواجه منها، من يتمعن بزواجهم يرى أنه مجرد صفقة،xصفقة ابتدعها «دارتلاند» ليسكت الأفواه عن التحدث عن زوجته الراحلة،xوعدها بانتشالها من قصر عائلتها اللعين الذي يُذكرها بأشياء تتمنى لو لم ترَها أو تسمع عنها قبلًا وكان المُقابل أن تلعب دور السيدة القصر الحازمة والزوجة الفاتنة أمام الجميع.xلم تكن تلك الطريقة التي عرض بها عليها الزواج ولكنها استشفت أن هذا هو ما يطمح له عندما تعمقت أكثر بحياته.x
هو يعلم كل شيء عليه أن يدرك أنها كانت تستمع وحسب،xحتى وإن أخطأت هو يعلم عنها كل شيء عليه أن يُغفر، هذا إن أخطأت؛ لأنها لا تُخطئ!x
نعم هي لا تُخطئ هذا ما توصلت له بعد دقائق من التفكير، استجمعت شتات أفكارها وعندما كانت على وشك أن تتفوه بشيء قاطعها صوته غير القابل للنقاش:
- لا أريد سماع مبررات حتى نعود للقصر.x
كان يكز على أسنانه بقوة وقد وضح هذا من نبرته ولكن مهلًا، أيظن أنها ستقدم مبررات؟ ألم يفهم حتى الآن أنها لا تُقدم المبررات لأنها لا تُخطئ!x
**************
- هل ستفسرين ما حدث بالحفل وماذا يعني ما فعلتيه؟x
كان يقف في مواجهتها بعد أن أخذها إلى مكتبه بالقصر وأحكم إغلاق الباب حتى لا يسمع أحدهم ما يحدث، كان يبدو عليه هدوء مزيف رغم هذا برع في تزييفه.x
كانت تجلس على الأريكة أمامه باعتدال وكأنها طفلة تعلم أنها أخطأت وتنتظر العقاب، ولكن بعد أن طرح عليها سؤاله أسندت ظهرها للخلف ووضعت كفيها على الأريكة لتدعم جلستها غير المتزنة وأخذت رأسها تتمايل بدلال بينما ترتسم على شفتيها ابتسامة من فعل حماقة ولكنه على ثقة تامة من غفران الطرف الآخر لها، ثم قالت بنبرة خافتة مقاربة للهمس:
- لقد دعاني للرقص وقبلت دعوته كيلا أكون عديمة الذوق.x
ابتسم بسخرية وأومأ عدة مرات وهو يقول:
- بالطبع. .x بالطبع.x
عادت ملامحه للبرود واستطرد قائلًا:
- فضلتي أن تبدي كعشيقة لهذا الحقير على أن تكوني عديمة الذوق؟x
- عشيقة؟x
قالتها بعدم فهم حقيقي هذه المرة لم تكن تزيف جهلها،xورغم هذا لم يصدق ملامحها التي نطقت بالجهل فقد ارتسم على وجهه سخرية عندما سألها بدهشة مزيفة:
- ألم تشعر السيدة «مادلين» بالعناق الحميمي الذي غلفها به عشيقها؟x
امتعضت ملامحها ونهضت لتواجهه ولكنها بالكاد وصلت لأنفه رغم أنها تُعتبر طويلة،xكانت تُسيطر عليها الدهشة شعرت وكأنها كانت مُخدرة عندما كانت بالقاعة بين ذراعي هذا الغريب،xكيف لم تشعر بالقرب المبالغ به الذي يتحدث عنه «دارت»؟ ما الذي يحدث لها؟ تشعر بالخوف والجهل بيوم واحد؟xكلا!xلن يحدث هذا مجددًا، يكفي ما حدث بسبب هذا الغريب اليوم،xرغبتها بإثارة حقد الأخريات جعلها تعود «مادلين» القديمة كلا!xلن تعود لتلك الحمقاء القديمة كلا كلا كلا!x
صرخ عقلها بها وقد وضح على وجهها أنها تُصارع أفكارها بداخلها،xأرجعت إحدى خصلاتها الفحمية خلف أذنها وقالت باقتضاب:
- لم ألحظ ذلك، أعتذر إن تسببت لك بالإحراج.x
تحاشت النظر إليه لا تعلم لماذا ولكنها لم تريد أن تنظر لمقلتيه الباردة وهي تتنازل عن كرامتها،xحتى وإن كان اعتذارا باردًا بلا معنى.x
ابتسمت بقسوة وتابعت بنبرة خالية من الحياة:
- أتظن حَقًّا أنني قد أخونك؟x
أطلقت ضحكة خافتة من ظنه هذا وتابعت مندهشة:
- أنا! من بين جميع البشر؟xتظن أنني يمكنني أن أخون؟ أتظن أنني سأكون مثل السيد «لاڤندر»؟
ألقت بسؤالها الأخير بسخرية منه،xيظنها قد تفعل مثل والدها،xهي حتى توقفت عن مناداة بوالدها،x أصبحت تُشير إليه بهويته السرية والتي كُشفت منذ أعوامٍ عِدة،x تلك الهوية التي كانت يستعملها برسائله التي يبعثها لعشيقته السرية،xكانا يناديان بعضهم البعض بأسماء الزهور وكأن هذا سَيُمْحِي فداحة فعلتهما!x
أطلقت ضحكة أخرى وابتعدت عنه متجهة نحو نافذة تطل على حديقة القصر الشاسعة وتأملتها في عتمة الليل ثم عادت لتقول بسخرية:
- أتظن أننا سنتراسل بسرية وماذا؟xنستخدم أسماء المنظفات كهوية سرية؟x
تبع سؤالها الساخر قهقه مريرة، أخرجت منها جميع ما تشعر به،xوعقلها يصرخ «الجميع يخون لا تثقي بهم، لا تثقي به،xالجميع يخون!» لا يتوقف عقلها عن الصراخ بتلك الكلمات كلما تذكرت والدها، وكأن تلك العبارات تُمكنها من ممارسة حياتها بشكل طبيعي، وكأنها بالفعل كانت تعويذة سحرية،xفلقد تلاشت السخرية تمامًا وحل محلها البرود والثقة المعتادة لتقول بهمس غير مكترث:
- أعتقد أننا ناقشنا كل ما تريده،xإذا سمحت أريد الذهاب للنوم،xفعليّ الاستيقاظ مبكرًا لألعب دور سيدة القصر ببراعة.



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 27-06-21 الساعة 11:06 PM
غززل ? غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-21, 11:08 PM   #7

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

ليلتك سعيدة... نرجو من الكاتبة ترقيم المشاركات التي تقوم بتنزيلها ....

ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
قديم 30-06-21, 03:54 PM   #8

غززل ?

? العضوٌ??? » 487520
?  التسِجيلٌ » Apr 2021
? مشَارَ?اتْي » 29
?  نُقآطِيْ » غززل ? is on a distinguished road
افتراضي



الفصل الخامس

كانت تقف أمام نافذة واسعة، تنظر للأراضي الخضراء الشاسعة التي لا يمكن أن تصل عيناها الصغيرة لنهايتها، تعشق تلك الأراضي،xتلك التربة، منزلها الذي ينتصب فوق تلك التربة، لا يمكنها التوقف عن تأملهم وعيناها تفيضان عشقًا.x
رغم أن «أطياف المدينة» - كما تحب أن تسميهم - يلقبوها بالفلاحة لكنها لا تهتم فهم بنهاية الأمر كانوا ينتمون للريف ثم ذهبوا للإقامة بالمدينة فجعلتهم المدينة متعجرفين مثلها؛ لهذا تفتخر أنها ليست مثلهم وحتى وإن كانت فلاحة كما يقولون.x
رغم ملامح الفخر التي ارتسمت ببراعة على صفحة وجهها ولكنها عادت لتعبس بلحظتها،xفرغم حبها للريف ومنزلها إلا أن تُحفظ والدها يزعجها بل يحزنها بالمعنى الأدق، هي تبغض المدينة وتبغض الاختلاط بسكانها ولكن هذا لا يمنع حاجتها للاختلاط ببعض البشر، لقد منعها من الاختلاط من جميع البشر حتى جيرانهم حتى أصبحت تجد صعوبة كبيرة في التعامل مع البشر،xرغم عشقها الشديد لمنزلها إلا أنه كان السجن الذي سجنها به تحفظ والدها.x
- «سيسيليا». .x «سيسيليا» أين أنتِ يا فتاة؟x
استيقظت من شرودها على صوت والدتها لتركض في اتجاه صوت والدتها وهي تعدل من شالها الصوفي ليستقر على كتفها مجددًا فالطقس بهذا الوقت شديد البرودة وتلك الحمقاء تحب الوقوف أمام النافذة الواسعة وهي مفتوحة على مصاريعها.x
ولجت إلى المطبخ حيث والدتها تقف في انتظارها،xأوقفت ركضها بصعوبة حتى كادت تصطدم بوالدتها وقالت بلهاث وأنفاس متقطعة رغم قصر المساحة التي ركضتها:
- هنا. .x هنا ماذا هناك؟x
أعطتها والدتها صينية معدنية عليها فنجانين من القهوة وقالت والدتها وهي تزم شفتيها بعدم رضا على حماقات ابنتها:
- هاك قدمي القهوة لوالدك وذلك المُحاسب بغرفة الجلوس، تعلمين مراجعة الحسابات المعتادة بنهاية كل شهر.x
أومأت بطريقة ساذجة وأخذت الصينية منها لتسير ببطء حتى لا تنسكب القهوة.x
ولجت داخل غرفة الجلوس ذات الجدران سكرية اللون يحتلها الكثير من الأخشاب العتيقة والكتب ذات الموضوعات المملة.x
كان والدها يستقر على الأريكة بجانبه المحاسب الجديد والذي كان الشاب الوحيد الذي احتل هذا المنصب بالمزرعة التي يُديرها والدها فمن كان بمنصبه من قبله أشخاص على مشارف إنهاء عقدهم الخامس، وهذا ما زاد شعورها بالغرابة تجاه الموظفين بتلك المزرعة بعيدًا عن شعورها بالتوتر والخوف إن اضطرتها الظروف أن تختلط بهم.x
عندما لاحظ الجالسان بين كومة من الأوراق دلوف «سيسيليا» رفع الشاب رأسه فسقطت بعض خصلات فحمية على جبينه ولكنه تجاهلها وأزاح بعض الأوراق عن الطاولة لتقترب «سيسيليا» وتضع القهوة على الطاولة، ما إن اعتدلت في وقفتها وجدت نفسها في مواجهة عينان فحمية بهما بريق يشبه النجوم التي تضيء عتمة الليل، ابتسم لها المحاسب وقال:
- كيف حالك آنسة «سيسيليا»؟
- ب. .x بخير شكرًا لك.x
توترت بشدة حتى تلعثمت الحروف بفمها فتبع ردها هذا هروبها من غرفة الجلوس وهي تلعن نفسها بكل ما عرفته من لعنات بينما ازداد سخطها على تحفظ والدها فرغبته الشديدة بحمايتها من أي خطر محتمل حدوثه جعلها تبدو كطفلة لم تتعلم الحديث بعد.x
دلفت لغرفتها وأغلقت بابها، نزعت شالها الصوفي عن كتفيها واتجهت نحو نافذة تحتل جزء ليس بالهين من غرفتها الصغيرة وفتحتها على مصاريعها؛xلتُفصح المجال للرياح الباردة فتملأ غرفتها مسببة تطاير خصلاتها النحاسية،xابتسمت بعذوبة وهي تُبعد خصلاتها عن عيناها لتعود وتأخذ مسارها نحو وجهها مرة أخرى تنهدت باستمتاع وأسندت مرفقيها على حافة النافذة وبعد أن انتهت من مشكلة شعرها تلك عاد لخاطرها ما حدث بغرفة الجلوس لتشعر بقلبها ينبض بسرعة حتى كاد أن يخترق قفصها الصدري،xإنه نوع جديد من المشاعر لم تختبره قبلًا،xلا تشعر به إلا عندما تجتمع مع هذا المُحاسب، أُعجبت بلباقته عندما يتحدث، بابتسامته التي يبتسمها كلما يراها،xبكلمة «آنسة» التي لم يناديها بها أحدًا من قبل،xضحكت بخجل ووضعت يداها على وجهها لتخبئه ثم ابتعدت وألقت بنفسها على فراشها.x
وللحظة تساءلت،xكيف لهذه الكتلة من اللباقة أن تُقدم على الانتحار؟x
تتذكر بإحدى الليالي عندما كانت تجلس بجانب والدتها بغرفة الجلوس يحتسيان الشاي مستمتعتين بمذاقه،x لتسمعا صوت طرق على الباب،xفذهبت «سيسيليا» وفتحته لتجده والدها، اندهشت من عودته في هذا الوقت من الليل، فهي تعلم أنه عندما يذهب للمدينة لقضاء بعض الأمور لا يعود إلا في الصباح،xولكن تلك المرة لم يعد بمفرده بل كان يحمل شخصًا غريبًا بدا أنه فاقد للوعي أو ربما ميت!x
عاونته في إدخاله المنزل ثم تركها هي ووالدتها مع هذا الغريب وذهب؛ ليحضر الطبيب.x
وعندما استيقظ في صباح اليوم الذي تلاه، أخبرهم أن شقيقته اختفت منذ سنوات ولم يستطع العثور عليها؛xلهذا قرر الانتحار بعد أن فقد الأمل في رجوعها،xفذهب إلى النهر وألقى نفسه به،xبينما كان والدها عازمًا على العودة إلى منزله لعدم توافر الوقت لديه واحتياج العاملين بالمزرعة إليه، فعندما كان في طريقه إلى المزرعة توقف قليلًا للاستراحة من القيادة بجانب النهر الذي يقطع الأراضي الزراعية ليلاحظ جسدًا يطفو على النهر،xاقترب من النهر بدافع الفضول حتى تبين له أن ذلك الجسد إنسانا ليس حيوانًا مثلما أعتقد فسارع لإنقاذه وأخذه إلى منزله.x
ثم عرف منه أنه كان يعمل محاسبًا فأعطاه منصب المحاسب بالمزرعة بعد تقاعد المحاسب السابق ومنذ ذلك الحين أصبح هذا المحاسب صديقًا للعائلة.x
- «سيسيليا»!
قطع تفكيرها للمرة الثانية صوت والدتها فأغلقت النافذة سريعًا وذهبت لتلبي طلبها.
*****************
جلست بحديقة القصر الشاسعة، تمسك بمعلقة الشاي الفضية وتديرها بشكل عشوائي لتذيب السكر الذي وضعته بالشاي منذ ثوانٍ قليلة.x
كانت تفكر بما حدث الأسبوع الماضي، تعيد برأسها الثورة التي ثارها زوجها بعد محاولاتها إنهاء النقاش ببرود، تتذكر كيف قبض على ذراعها وراح يصرخ بها ويهددها بأنها عليها أن تنتبه لتصرفاتها لاحقًا وإلا لن يحدث ما يحمد عقباه،xثم حرر ذراعها واتجه إلى الباب وفتحه ولكن قبل أن يخرج أمسك مزهرية كانت توضع على طاولة صغيرة بجانب الباب للتزيين وألقى بها بأقصى قوته فتهشمت لآلاف القطع ليخرج ويصفع الباب خلفه.x
ومنذ هذا اليوم بات يتجاهلها ويقابل أي مواجهة بينهم بالبرود التام وهذا ما جعلها لا تنسى تلك المشاجرة وتعيدها بعقلها مئات المرات.x
رأتها «كلارا» من نافذة غرفتها التي تطل على الحديقة فقررت مشاركتها الشاي؛xلأسباب سعت إليها بعقلها، ذهبت للحديقة وسارت ببطء تجاهها وما أثار ريبتها شرود زوجة والدها بشيءٍ ما وتلك الابتسامة الساخرة التي تشق وجهها البارد،xجلست بجانبها فنظرت «مادلين» لها بغموض للحظة ثم ابتسمت بلطف لم تراه «كلارا» يومًا وقالت:
- مرحبًا بابنة زوجي العزيزة.x
استغربت «كلارا» تصرفات زوجة والدها فظهر على وجهها الريبة من أن تكون تلك التصرفات خلفها شيئًا تخطط له تلك الزوجة؛xلهذا سألتها ببرود:
- ما الذي تسعين إليه،x«مادلين»؟
تلفظت أحرفها ببطء وكأنها تنتقيهم بعناية حتى أنها لم تشعر بأنها أشارت لزوجة والدها باسمها للمرة الأولى.x
حذوت «مادلين» حذوها وأجابت بنفس النبرة الباردة ولكنها خالية من الثقة أو الغرور:
- أنتِ من أتيتِ إلى، ما الذي تسعين إليه، «كلارا»؟
إنها تلاعبها، لن تبوح بما في خاطرها والذي شغل بالها،xوهذا ما توقعته «كلارا» فزوجة والدها ليست امرأة يسهل اختراق عقلها، أترغبين باللعب سيدة «مادلين»؟ إذا هذا ما سوف تحصلين عليه.x
لم تجيب «كلارا» بل أخذت فنجانًا فارغًا تضعه الخادمة دائمًا في حالة قررت سيدتا القصر احتساء الشاي معًا،xنزعت المعلقة من بين يدي «مادلين» ووضعت بها السكر ثم صبت الشاي من إبريق زجاجي ثمين، أرجعت ظهرها للخلف قليلًا وهي تدير المعلقة لتذيب السكر،xثم نظرت لـ «مادلين» التي تراقبها بصمت بينما تحتسي شايها وقالت أخيرًا:
- ما الذي حدث بينك وبين أبي؟x
- ما الذي حدث؟x
كررت «مادلين» سؤالها وعادت لتتأمل الفراغ وترتشف من فنجانها ببطء، فعلت «كلارا» المثل ثم تابعت:
- بيوم الحفل،xلقد كان أبي يصيح بمكتبه، أفترض من أسلوبه بالحديث أنه كان يصيح بك.x
أنهت «مادلين» الشاي فأخذت الإبريق لتصب المزيد دون أن تضيف السكر وأمسكته بين يديها بقوة ثم قالت بعدها بعدم اهتمام وكأن ذلك الشجار لم يؤرق راحتها أسبوعًا كاملًا:
- لم أكن على علم أن والدك غيور.x
قطبت «كلارا» جبينها وتقوس حاجباها ليجتمعا بنقطة معينة فوق أنفها،xلم تفهم المشكلة وراء غيرة والدها فقالت ببراءة:
- أليس من المفترض أن يغير الزوج على زوجته؟x
أغمضت «مادلين» عيناها بتعب وأومأت برأسها ببطء وأجابت:
- أجل من المفترض،xولكن بهذه الأيام أصبحت الغيرة شيء نادر ولم أعلم أن «دارتلاند» من هؤلاء الذين يعملون بالصفات النادرة.x
لم تعلق «كلارا» اكتفت بمراقبة رفيقتها التي كانت تبدو - ولشدة دهشتها - مستاءة.x
****************
انتهت نوبة عملها عند بزوغ الفجر، أحكمت إغلاق معطفها الأسود حول جسدها النحيف وهي تخرج من الحانة إلى الشارع فقد كان الطقس بهذا الوقت بارد،xوضعت يداها بجيبي المعطف؛xلتدفئتهما.x
كان كل المارة بهذا الوقت عمال من جميع الفئات العمرية، من الصبية الصغار إلى الرجال الأشداء.x
يرمقها الرجال بنظرات احتقار اعتادتها رغم هذا ما زالت تُمثل لها خناجر مسممة تنغرس بقلبها،xبينما الصبية ينظرون لها باستغراب فما الذي قد تفعله سيدة شابة بالشارع في هذا الوقت من الصباح؟x
اعتادت كل هذا حتى أصبح رد فعلها الوحيد على هذا هو البرود، تطاير شعرها العسلي المائل للأشقر، أعادت الخصلات التي أعاقت رؤيتها ولكنها عادت للإعاقة رؤيتها مرة أخرى بسبب قُصرها فهي بالكاد تصل لنهاية أذنها.x
أسرعت وتيرة سيرها لتصل لمنزلها بأسرع وقت ممكن فالطقس لا يحتمل والبرد كاد أن ينهش في عظامها.x
وصلت أخيرًا للبناية التي تستقر بها شقتها ودلفتها دون إبطاء سرعتها.



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 30-06-21 الساعة 05:27 PM
غززل ? غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-21, 05:24 PM   #9

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الفل والياسمين... تم اغلاق الرواية لان تم تنبيهك مرتين من اجل ترقيم مشاركات الفصول التي تقومين بتنزيلها لكن الواضح لم تنتبهي لذلك اغلقت الرواية حتى تنتبهي لهذا التعليق، نرجو الاهتمام بالترقيم ...

كما انتبهت ان الفصل الذي نزل اليوم ليس في الحجم المطلوب ضمن القوانين نرجو التقييد والالتزام بالحجم المطلوب...

عندما تريدين تنزيل الفصل راسلني افتح لك الرواية ....


ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
قديم 02-07-21, 11:32 PM   #10

غززل ?

? العضوٌ??? » 487520
?  التسِجيلٌ » Apr 2021
? مشَارَ?اتْي » 29
?  نُقآطِيْ » غززل ? is on a distinguished road
افتراضي الفصل السادس

بينما كانت تعتلي درجات السلم بهذا المبنى متصدع الجدران بذلك الشارع المتهالك وكأنه ينتصب بالمدينة منذ العصور الوسطى،xسمعت سيدتين كانتا تودعن أزواجهن الذاهبين للعمل مبكرًا تتحدثان معًا في شيء ما ثم توقفتا على حين غرة،xأدركت أنهما توفقتا عن الحديث بعد أن سمعا وقع أقدام تصعد السلم بعد أن قالت إحداهما:
- رغم أن الرجال يعملون ويكافحون حتى يتمكنوا من جني الأموال التي تُعيل زوجاتهم إلا أن بعض النساء يفضلن أن يعملن على أن يكونوا ربات منزل دافئ لزوج شريف.x
- البعض،xعزيزتي يحبون حياة الفسق والفجور على الحياة الشريفة؛ لأنها الطريق الأسرع للثراء.x
أجابتها الأخرى بسخرية وكلتاهما نظرا إلى «إفيوميا» التي أبطأت من سرعتها وقابلت نظراتهم الساخطة ببرود تام وملامح متحجرة، ابتسمت بسماجة وأمالت رأسها وقالت بدلال زائف:
- صباح الخير.x
ثم تركتهما وصعدت لشقتها غير عابئة بتلك التي تنظر لها باحتقار أو تلك التي ضمت شفتيها بعدم رضا.x
دلفت لشقتها بعد صراع دام لدقائق بينها وبين قفل الباب القديم،xخلعت معطفها وهرعت نحو المدفأة لتلقي ببعض قطع الحطب بها وتشعلها، جلست بجانبها تكاد تلتصق بها فجسدها الضئيل لا يحتمل طقس هذه المدينة بالشتاء،xضمت ساقيها لصدرها وأراحت ذقنها على ركبتيها.x
تأملت اللهب الذي يعلو وينخفض على شكل سهام نارية بالمدفئة،xكانت شاردة بأحداث اليوم رغم أنه يوم روتيني معتاد بحياتها البائسة،x تستيقظ من النوم،xتتناول الإفطار، تروي زهور الياسمين المفضلة لديها، تقرأ الجرائد،xتملأ حوض الاستحمام وتجلس به بملابسها، تبدل ملابسها،xتكتب كل ما يخطر في بالها بدفتر قديم، ترتدي ملابس العمل، تذهب للعمل وتتعامل مع الزبائن الأوغاد،xيصيح بها مالك الحانة لأنها سَبت أحد زبائنه الذي أعمته الكحول،xتنتهي نوبة عملها عند الفجر،x تعود لشقتها، تستمع لعبارات جارتيها التي تُظهر العداوة والبغضاء الشديد لها، تدلف شقتها بعد عناء مع القفل،xتخلع معطفها، تهرع نحو المدفأة وتشعلها،xتجلس أمامها تراقب لهيبها بشرود.x
نفس الأحداث تتكرر كل يوم والشيء الوحيد الذي يتغير هو ازدياد بغضها لحياتها،xانسابت الدموع على وجنتيها المحمرة دون أن تلحظ،xمعلنة تمردها على برودها الذي تتعامل معه أمام نظرات البغض والاحتقار، لقد سئمت كل هذا،xسئمت حياتها الكريهة وتلك السمعة التي تلتصق بها،xسئمت نظرات الاحتقار والسخرية والبغض، سئمت كل شيء،xتتمنى لو تعود لحياتها القديمة بجانب والدتها وشقيقتها، للمرة الأولى يراودها هذا الشعور المؤلم،xعندما تصفعك حياتك الماضية وتبكي حسرةً على حاضرها ومستقبلها الذي تدمر على يدك،xعندها فقط تُدرك كم كنت أَحْمَق عندما قررت أن تُثبت للجميع استقلاليتك،xكمراهق يُدخن السجائر ليُثبت للجميع أنه أصبح راشدًا وهو لا يعلم أن ما يفعله ليس إلا عملية انتحار قانونية!
خبأت وجهها في ركبتيها وحاوطته بذراعيها ثم أجهشت في البكاء معلنة انهزامها أمام حياتها البغيضة،xمعلنة كم كانت وما زالت غبية ساذجة لا تعرف شيئًا عن الحياة بعد.x
*****************
جلست «مادلين» ذات الأعوام الستة عشر أمام والدتها التي بعالم آخر تصارع مرضها لنيل الحياة،xأرجعت خصلاتها الفحمية المشعثة فلقد أحبت أن تصففه بتلك الطريقة حتى يظهر مشعثًا لأنها وجدت أنها تبدو أجمل بتلك الطريقة.x
طالعت والدتها بشفقة وحزن حقيقي فبالرغم من أنها لم تكن يومًا على علاقة جيدة مع والدتها إلا أن مرضها الذي أتي بغتة جعلها تنقلب إلى صفها بعد أن كانت تفضل أن تكون بمنقطة محايدة.x
شعرت بيدين ضخمتين تستقران فوق كتفيها الهزيلين وصوت باتت لا تريد سماعها مرة أخرى لبقية حياتها:
- عزيزتي «مادلين»،x ما رأيك بأن تعودي للقصر؟xإن «جيوم» بمفرده وهو يحتاج لشخصٍ بجانبه، كما أن وجودك هنا لن يفيد بشيء.x
ثم طبع قبلة حنونة على خصلاتها الفحمية،xنهضت والتفت لمواجهته وهي تنظر له ببرود والبغض يشع من عيناها بوضوح كان كالخنجر المسموم الذي ينغرس بقلبه فلقد خسر عزيزته مرة وللأبد ولن تعود «مادلين» كما كانت قبلًا،xقالت ببرود وهي تقاوم رغبتها في البكاء وقد وضح هذا بعد احمرار عيناها بشكل ملحوظ:
- السائق ينتظر؟x
أومأ بصمت فتركته يجلس بجانب زوجته ورحلت.x
كانت طوال رحلتها إلى قصرها تفكر بما حدث في الأيام الأخيرة،xويزداد احتقارها لوالدها أكثر وأكثر.x
دلفت للقصر لتجد «جيوم» ذا التسع أعوام يجلس فوق الأريكة الفخمة بغرفة الجلوس المترفة ويبكي،xاقتربت منه وجلست بجانبه،xأخذته بين أحضانها تمسح دموعها تؤازر حزنه بصمت، ربتت على ظهره بحنان لم تكنه يومًا سوى له،x شقيقها الصغير المشاكس،xفصلت العناق وأخذت وجهه بين يديها تمسح دموعه وتربت على وجنتيه وقالت بحنان:
- لا تقلق عزيزي،xستتعافى والدتنا وستعود.x
ذرف «جيوم» المزيد من العبرات مسحتهم بصمت وتابعت:
- وعندما تعود عليك أن تكون نشيطًا لتلعب معها، أليس كذلك؟x
أومأ وهو يمسح دموعه بكف يده الصغير فتابعت:
- لهذا على «جيوم» الصغير أن يخلد للنوم حتى يصبح نشيطًا كفاية للعب،xأليس كذلك؟x
أومأ مرة أخرى فقبضت على يده تشجعه على اللحاق بها.x
وضعته بفراشه ودثرته جيدًا ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها لتسير بالردهة نحو غرفتها، في طريقها توقفت عند غرفة والديها التي كان بابها نصف مفتوح ويظهر من هذه الفُتحة ضوء يشع بالداخل،xاستغربت هذا الضوء فوالدها لم يعد للقصر منذ مرض والدتها وملازمتها المستشفى لصعوبة مرضها،xلهذا قررت الدخول للتأكد ربما إحدى الخادمات نظفتها ونسيت أن تُغلق الضوء، دفعت الباب ليُفتح على مصاريعه،xدخلت بخطوات بطيئة،xجحظت عيناها بصدمة وتنصمت مكانها عندما رأت والدتها تجلس على أريكة تحتل زاوية صغيرة من الغرفة الضخمة،xوينتصب بجانبها كرسي بلا ظهر فوقه يتدلى حبل معقود على شكل دائرة لا تعلم ما الذي يثبته بالسقف، نظرت والدتها إليها وابتسمت بحزن ووجهها شاحب، كانت تحمل رسالة بيدها وكانت تقرأها ربما، تركت والدتها الرسالة ووضعتها على الأريكة،xثم نهضت واعتلت الكرسي، وضعت الحبل حول عنقها وأحكمت إغلاقه حولها ونظرت إليها مرة أخرى وابتسمت لتقفز عن الكرسي تزامنًا مع صراخ «مادلين» التي عادت جميع حواسها في تلك اللحظة.x
*****************
استيقظت «مادلين» وهي تصرخ، اعتدلت في جلستها ونظرت حولها بخوف حتى أدركت أنه أحد كوابيسها المزعجة التي ظنت أنهم لن يزوروها مجددًا ولكنها أخطأت،xجلست على سريرها تحاول استعادة أنفاسها، وضعت يديها على عيناها تفركهما بقوة،xجذب انتباهها صوت الباب وهو يفتح بقوة حتى جعلها تنتفض من مكانها بعدما كانت قد هدأت تمامًا.x
وجدت نفسها في مواجهة زوجها الذي بدت اللهفة واضحة على وجهه،xكانت البذلة التي يرتديها في حالة يرثى لها وشعره مشعث وقد خلع ربطة عنقه وفتح أول زرين من قميصه الرمادي.x
اقترب منها وجلس بجانبها ثم أخذ وجهها بين يديه وسألها بقلق:
- ماذا حدث؟ هل أنتِ بخير؟x
كان تفكيرها تائه فهي لم تستوعب ما حدث بعد،xنظمت أنفاسها بأعجوبة،xثم عادت للبرود ونزعت يديه من على وجهها وقالت بنبرة خالية من الحياة:
- لا شيء،x فقط كابوس سخيف ليس أكثر.x
أحكمت الغطاء حول جسدها وأدارت جسدها لتوليه ظهرها محاولة العودة للنوم.
دام صمت قصير على الغرفة حتى شعرت به يبتعد عنها ويخرج وهو يغلق الباب دون أن ينبس ببنت شفة.
****************
استيقظت «كلارا» مبكرًا أكثر من اللازم،xفكان الجميع من بالقصر ما زال يغط في نوم عميق فقررت أن تستغل هذا الهدوء وأنا لا تضيع هذا الوقت الذهبي بالنوم، أزاحت الغطاء عنها ونهضت بنشاط لتقف أمام خزانة ملابسها لتنتقي شيئًا مميزًا تحتفل به بتلك الأوقات الذهبية،xانتقت فستان صوفي باللون السكري، ارتدته وحررت شعرها ليستقر على كلا كتفيها بهدوء.x
قابلت مدبرة المنزل وهي تهبط درجات السلم فابتسمت لها وطلبت منها أن تحضر إليها القليل من الشاي بالحديقة ثم اتجهت للباب الزجاجي وفتحته لتكون بالحديقة، جلست على المقعد الذي جلست عليه قبلًا عندما كانت تتحدث مع «مادلين» مما أعاد ذاكرتها لهذا الحديث،xسرعان ما نفضت تلك الذكرى من عقلها كي لا تشغل تفكيرها بتصرفات زوجة والدها الغريبة بالآونة الأخيرة.x
استنشقت هواء الشتاء البارد الذي يثير قشعريرة لذيذة بأنفها وابتسمت بسرور، دون أن تدرك أنها تناست ذكرى وفاة «جيوم» وكأن وفاته لم تحدث قط.x
أحضرت المدبرة صينية للحديقة ووضعتها على الطاولة أمام «كلارا» التي لاحظت أن مدبرتها العزيزة وضعت بجانب كأس الشاي والإبريق صحن من البسكويت المفضل لديها فابتسمت لها باتساع بادلتها المدبرة الابتسامة ثم اعتدلت وقالت وقد عادت ملامحه للجدية:
- آنسة «كلارا»، هناك شخص غريب أتى للقصر منذ لحظات يود مقابلة والدك ولكنه ما زال نائمًا،x ماذا على أن أفعل؟x
بدا من السذاجة أن تسأل المديرة العجوز الحكيمة مراهقة لا تعرف شيئًا عن الحياة ولكن بحكم عملها لا تحب أن تتخذ القرارات بنفسها فقد تؤدي إلى عواقب وخيمة.
فكرت «كلارا» للحظات وأتت لها فكرة أن ربما هذا الشخص هو مدير المزرعة الخاصة بوالدها يريد إعلامه بشيءٍ حدث بالمزرعة،xفمدبرة المنزل لا تعرفه فهو لم يأتِ للقصر قبلًا،xيكتفي بإعلام والده بالمستجدات عبر الرسائل ولكنها افترضت أن الأمر لا يحتمل الانتظار، لذا قررت أن تدعه للجلوس معها حتى يستيقظ والدها فهي تعرفه لأنه والد صديقتها وتحب أحاديثه معها ومع ابنته؛x لهذا قالت:
- دعيه يأتي ليشاركني الشاي حتى يستيقظ أبي.x
قطبت مدبرة المنزل حاجبيها بتعجب ثم أومأت بصمت مطيعة أمرها،xفبالنهاية هي مجرد خادمة تطيع الأوامر وحسب.x
صبت الشاي وأخذت ترتشفه بتلذذ،xوتتابع الباب الزجاجي منتظرة مدير المزرعة ولكن أتى ما بغير الحسبان،xفمن دلف كان شخصًا فارع الطول ذا بشرة سمراء وشعر بلون الفحم وعينان دخانية،xابتسم لها فبدا كتلة صارخة بالوسامة.x
اقترب منها حتى وقف أمامها مباشرةً فرفعت رأسها لتواجه عيناه الدخانية،xاتسعت ابتسامته وقال بلباقة:
- مرحبًا بك،x آنسة «كلارا».


غززل ? غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:06 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.