آخر 10 مشاركات
608 - المرأة الضائعة - روايات عبير دار ميوزيك (الكاتـب : samahss - )           »          554 - حب بلا أمل - catheen west - د.م (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          حبي الذي يموت - ميشيل ريد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          جنون الرغبة (15) للكاتبة: Sarah Morgan *كاملة+روابط* (الكاتـب : مستكاوى - )           »          ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          زوجة بالميراث (127) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          398 - لن تسامح - داي لوكلير (الكاتـب : سيرينا - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عيون حزينة (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب حزينة (الكاتـب : mira24 - )           »          رواية الورده العاشقه " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : sapphire - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-05-10, 09:44 PM   #11

بوسة دلع
 
الصورة الرمزية بوسة دلع

? العضوٌ??? » 108354
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 812
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » بوسة دلع has a reputation beyond reputeبوسة دلع has a reputation beyond reputeبوسة دلع has a reputation beyond reputeبوسة دلع has a reputation beyond reputeبوسة دلع has a reputation beyond reputeبوسة دلع has a reputation beyond reputeبوسة دلع has a reputation beyond reputeبوسة دلع has a reputation beyond reputeبوسة دلع has a reputation beyond reputeبوسة دلع has a reputation beyond reputeبوسة دلع has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك fox
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


[read]ثاااااااااااااااانكس ع طرررررررررررح[/read]

بوسة دلع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-05-10, 12:00 AM   #12

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي

تسلمى واثقة الخطى على البارتات الروعة ...


لم أحس أن فرناندو سيمشى على مخطط ساندرا و سيدبر مصيبة لأنجليتا لحتى يكرهها ألفريدو ... أتوقع أن يكون هناك دور كبير لأندرو >>> ما بعرف حاسة إن القصة لساتها بأولها ... الله يستر



واثقة الخطى متابعاكى و شكراً لك


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس
قديم 21-05-10, 03:27 AM   #13

واثقة الخطى

نجم روايتي وكاتبة ومحرر لغوي في قلوب أحلام وقاصة في قلوب أحلام القصيرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية واثقة الخطى

? العضوٌ??? » 1327
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 10,003
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » واثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
افتراضي

يسلمو على مرورك الاروع هبة

واثقة الخطى غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 21-05-10, 02:20 PM   #14

reahab
 
الصورة الرمزية reahab

? العضوٌ??? » 99735
?  التسِجيلٌ » Oct 2009
? مشَارَ?اتْي » 652
?  نُقآطِيْ » reahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond repute
افتراضي

بجد قصة رائعة اشكرك على مشاركتك لنا بها بس هى كده خلصت ولا استنى
:icon30:


reahab غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-05-10, 05:07 PM   #15

عاشقة رسول الله(ص)
 
الصورة الرمزية عاشقة رسول الله(ص)

? العضوٌ??? » 113433
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 122
?  نُقآطِيْ » عاشقة رسول الله(ص) has a reputation beyond reputeعاشقة رسول الله(ص) has a reputation beyond reputeعاشقة رسول الله(ص) has a reputation beyond reputeعاشقة رسول الله(ص) has a reputation beyond reputeعاشقة رسول الله(ص) has a reputation beyond reputeعاشقة رسول الله(ص) has a reputation beyond reputeعاشقة رسول الله(ص) has a reputation beyond reputeعاشقة رسول الله(ص) has a reputation beyond reputeعاشقة رسول الله(ص) has a reputation beyond reputeعاشقة رسول الله(ص) has a reputation beyond reputeعاشقة رسول الله(ص) has a reputation beyond repute
افتراضي


السلام عليكم
بارك الله فيك


عاشقة رسول الله(ص) غير متواجد حالياً  
التوقيع
************أنا امرأة غير اعتيادية .. أنثى . . نعم .. و لكن استثنائية. .لأن فيا قسوة .. حب .. غضب ..حنان .. كبرياء..عطاء .. أميرة على نفسي .. وملكة على عرش ذاتي...هل عرفتني الآن .. انا المستحيلة .. أنا الإستثنائية .. لأني عاصمة البوح .. وعاشقة الصمت في آن واحد .. وهل عرفت كيف يجتمع جمال البوح مع تمرد الصمت .. في آن واحد .. ألم اقل لك بأني أنثى إستثنائية**************************
رد مع اقتباس
قديم 21-05-10, 10:20 PM   #16

واثقة الخطى

نجم روايتي وكاتبة ومحرر لغوي في قلوب أحلام وقاصة في قلوب أحلام القصيرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية واثقة الخطى

? العضوٌ??? » 1327
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 10,003
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » واثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
افتراضي

لا باقي ان شاء الله انزله بكرة

واثقة الخطى غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 23-05-10, 12:27 AM   #17

واثقة الخطى

نجم روايتي وكاتبة ومحرر لغوي في قلوب أحلام وقاصة في قلوب أحلام القصيرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية واثقة الخطى

? العضوٌ??? » 1327
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 10,003
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » واثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
افتراضي

الفصل السابع



[[ الوقوف في وجه العاصفة [[






خيم الليل و (الفريدو) و (أنجليتا) جالسان في الغرفة الى جانب بعضهما يتجاذبان أطراف الحديث وعقلهما يفكر في فكرة واحدة صامتة كيف سيقنع أباه بهذا الزواج حتى نهض (الفريدو) مجددا وقال :



"لا أستطيع الإنتظار أكثر......سأذهب لأتحدث اليه....."


فاقتربت منه (أنجليتا) وقالت :


"ارجوك لا تتشاجر معه كن لطيفا وحاوره بالمنطق..من أجلي"


فابتسم وأمسك خديها وقال :


"لا تقلقي يا حبيبتي.....سأكون هكذا لأجلك فقط...."



وذهب الى مكتب أبيه......كان (فرناندو) تماما في المكان الذي تركه فيه قرب النافذة يفكر وغليونه في فمه فناداه (الفريدو) قائلا :


"أبي هل لي أن أحدثك؟!.......أرجوك"


فالتفت له .....كانت عيناه جاحظتان وجبينه متجعد وعروقة بارزة......كان الغضب واضح عليه حتى لو أنه حاول إخفاء هذا فقال (الفريدو) :


"أني أعتذر......أعتذر على كل شئ......ولكنى أحب (أنجليتا)....أحبها حقا.....ولن أتحمل الزواج بغيرها مطلقا....أعلم أنك غاضب ولكنك أيضا ذو عقل راجح وحكيم وستدرك ما أحس به وما دفعني لأن أتصرف وحدي........أرجوك يا والدي......إن مسامحتك تعني الكثير لي......نريد ان نعيش في سعادة......وسأفعل أي شئ تطلبه مني...."



كان غضب (فرناندو) كبيرا لكنه كان يعلم منذ يومان أو ثلاثة فقلل هذا من حدة غضبه كما جعله يفكر بمادية أكثر وأدرك أنها ليست مشكلة بلا حل بل لها حل ولكن الحل يحتاج وقتا وصبرا فتظاهر بأنه يحاول إقناع نفسه ثم قال :


"منذ الغد أريدك أن تكون في العمل.....لقد تقاعست في الأيام الماضية كثيرا......والآن إذهب "


فلم يملك (الفريدو) إلا أن ينصرف قانعا بهذا الكلام الى الأن......ولكن كان قلقا كما لم يكن مرتاحا لفكرة ذهابه وتركه لعروسه في أول أيام زواجهما......




بينما هو يحدث اباه كانت (سيسل) قد طرقت باب غرفة (الفريدو) ففتحت لها (أنجليتا) فنظرت (سيسل) لها بإزدراء وظلت تذرع الغرفة بعينيها بحثا عن أخيها ثم أغلقت الباب وراءها وقالت:


"انت وحدك هنا إذن.....أرجو أن يكون (الفريدو) قد ذهب للحديث مع أبي ليطلب منه السماح على هذا الخطأ الغير معقول بأن يتزوجك......لا أصدق أنك حتى تقبلين هذا لنفسك.....ولكن مهلا إن أخي عريس لا يعوض.....أنه الأمير الذي تنتظره أي فتاة......فما بالك بخادمة لم تطمع حتى في سائس......على أية حال سأعرض عليك عرضا مغريا......ما رأيك لو أعطيتك المبلغ الذي تريدين وتطلبين من أخي الطلاق؟!.....مثلي عليه أنك مللت منه كما مثلت عليه انك أحببته.....كم تريدين؟!......سأكون سخية جدا معك"



فكلمتها (أنجليتا) بهدوء ظاهر قائلة :



"يا آنسة (سيسل) مهما كانت نظرتك لي فهي لن تغير من حقيقتي.....فأنا أحب (الفريدو) لنفسه لا لماله أو نبل أسرته......وإذا غادر هذا البيت وعاش معي في كوخ متواضع فلن يكون هناك أسعد مني.....!!!!"


"آه أجل.....سوف تكون تلك نهايته إذا بقي متزوجا منك.....ولكن أتعلمين؟!....لن أسمح لك أن تنزلي بمستواه الى الحضيض لأنه زوجك.....فأنت من يجب عليه مغادرة هذا البيت لا هو ولن أسمح لك بتمزيق أسرتنا وتدنيس دماء اسرتنا العريقة.....على أية حال.....الكلام معك لا يفيد.....فالفعل أفضل.....والآن وداعا يا......عروس!!!"


وغادرت غاضبة ثم دخل (الفريدو) بعدها بقليل وقال قلقا :


"ماذا؟!.....هل كانت (سيسل) هنا؟!.....ماذا قالت لك؟!....هل قالت لك شيئا أزعجك؟!..."


فابتسمت (أنجليتا) برقة وقالت :


"لا.....لا تهتم...المهم أننا معا.....هذا هو ما يسعدني...."



ثم أخبرها (الفريدو) عن إضطراره للإنغماس في العمل منذ صباح الغد وألقى تعليمات للخدم بخدمتها وأخبرهم بحقيقة أنها عروسه كما أمر بإحضار ملابس لها وطلب إليهم إعتبارها سيدة البيت الجديدة وحذر من معاملتها بسوء تحت أي ظرف وكانت أقسى لحظة بالنسبة له أن يتركها ويذهب الى مقر شركات والده في ميلانو ولكن كان عليهما الصبر كما شجعته هي وطمأنته أنها ستكون بخير وقضت يومها الأول في الغرفة ولم تخرج منها حتى للوجبات كانت الوجبات تصل لها في غرفتها فلم تعلم كيف ستجلس على مائدة واحدة مع السيد (فرناندو) و (سيسل) ولكنها كادت تموت من الملل فنزلت الى مائدة الإفطار في صباح اليوم التالي وبدا على خادمتها الذهول والريبة من تصرفها ولكنها أطاعتها فجلست في الموعد ثم دخلت (سيسل) بعدها بدقائق فجلست وكأنها لا تراها ولا تلاحظها ولم تلقي لها حتى كلمة للسلام......ثم جاء بعدها بدقائق السيد (فرناندو) الذي نظر إليها بدهشة وسخرية شديدة وبدأ الثلاثة يأكلون والصمت يخيم عليهم كليا حتى بدأت تتناهى الى أذني (أنجليتا) همسات الخدم ونظراتهم الموحية إليها....كانت تعلم أنها أصبحت حديث الساعة الكل يتحدث عنها وعن اصلها ويسخر من تهور (الفريدو).....فنهضت ولم تستطع إكمال الإفطار ولم تدري الى أين تذهب.....فذهبت الى المطبخ حيث تجلس السيدة (سوزي) وعانقتها بقوة وهي تبكي وتقول:



"سيدة (سوزي).....الجميع يتحدث عني ويسخر مني.....لا أصدق هذا....كأني وباء يجب التخلص منه.....أخشى أن يؤثر هذا على (الفريدو)...."



لكن السيدة سوزي طمأنتها قائلة أنه لن يفلح العالم كله في تغيير رأي (الفريدو) أو إطفاء مشاعره فهي تعرفه جيدا وبعد أن هدأت ظلتا تتحدثان عن أمور أخرى فقالت (سوزي) :


"سيعود (الفريدو) بعد يومين على ما أظن ولابد أن يكون مشتاقا لك جدا...."


"وأنا أكاد أموت شوقا إليه......كما أشتاق لأبي و(نيلا) وللقرية.....ترى هل يعلمون عما حصل هم أيضا؟!......."


فسكتت (سوزي) فأضافت (أنجليتا) :


"لعلي أصبحت حديث القرية كلها أيضا......ابن آل (فان دييجو) يقرن اسمه بخادمة وضيعة.....حكاية مثيرة...ولكنها من نوعية القصص التي لا تبشر بنهاية سعيدة أو هذا قد تكون نهايتها مفتوحة أليس كذلك...."


فالتفتت لها وقالت :


"ما هذا الكلام؟!.....وماذا يهم فيما يقوله أهل القرية أو الخدم؟!....كل هذة مهاترات لا فائدة لها.....فلتركزي على مستقبلك انت و (الفريدو) و في كيفية إسعاده ولا تهتمي بأولئك الحمقى أبدا...."



فأفرحها قليلا كلام السيدة (سوزي) وعادت لتحبس نفسها في الغرفة من جديد.....لقد كانت الغرفة جميلة على الرغم أنها تخص رجل لكنها كانت مزينة بصورة فنية جدا فلم يزعجها الأمر ولم تفكر مطلقا بأن تطلب من زوجها تغيير شكل الغرفة لتناسب ذوقها ولكنها في قرارة نفسها لم تكن معتادة بعد على فكرة كونها زوجته فلم تسنح لها الفرصة لترسخ تلك الحقيقة في نفسها أو لتشعر بسعادة اقترانها به وقضاء الساعات وهي تحدثه أو تضاحكه واندهشت لذلك لأن أحدا لم يكلمها أو يزعجها أو يوجه لها كلمة إهانة ما على الرغم أن (الفريدو) ليس موجود وشعرت أن هذا لأن (الفريدو) حذرهم بشدة من هذا الأمر ولابد أنه وجه تحذيرا لأخته أيضا كما كانت أتفه من أن يوجه لها السيد (فرناندو) كلمة في نظره وظلت جالسة على السرير تحدق أمامها دون هدف تفكر وتفكر وشعرت أن تلك الليالي كالسنين بالنسبة لها وقالت كيف لها أن تتحمل هذا فيما بعد عندما يغيب عنها (الفريدو) طويلا ثم سمعت طرقا على الباب فتوجست خيفة ودخلت الخادمة تقول :


"عفوا يا سيدتي......لكن هناك زائر بانتظارك....."


فذهلت وتساءلت ترى من يكون ثم رجحت أنها ربما تكون (نيلا) وقالت :


"سأنزل حالا....."


وذهبت لإرتداء ملابس مناسبة .....




نزلت (سيسل) الدرج الرئيسي فرأت (اندريه) يقف وسط الساحة فشعرت بالحرج وفكرت أن تعود أدراجها ولكن الأوان كان قد فات فلقد رآها وقام بتحيتها.....فابتسمت مرغمة وقالت :


"آسفة لم يخبرني أحد أنك أتيت......أو أنك أتيت للقاء أبي؟!....."


"الواقع أتيت لأقابل السيدة (أنجليتا)......"


فتجمدت (سيسل) في مكانها وقالت :


"ماذا تقول؟!....لماذا؟!......."


"لأبارك لها......فأنا لم أرها منذ الزفاف كما أني كنت مع (الفريدو) في ميلانو ولأني عدت باكرا عنه طلب إلي أن أسلمها شيئا..."


فحدقت به بثورة وقالت :


"أكنت في الزفاف؟!.....وقادم لتبارك لها؟!....كان عليك أن تأتي لتعزينا يا (اندريه).....لا أصدق أنك لا تعترض على هذة الزيجة أم أن (الفريدو) استطاع أن يقنعك بأفكاره الحمقاء....."



" (الفريدو) لم يقنعني بشئ.....فأنا كنت مقتنعا من البداية...... (أنجليتا) فتاة رائعة وسوف تقتنعين بها يوما ما......أنها أنسب زوجة (لالفريدو)......ارجو أن تتقبلي رغبة أخيك....."



فرحلت من أمامه ثائرة فنظر اليها بسخرية واستغرب لتفاهتها وكيف ظهرت في تلك اللحظة مختلفة تماما عن الصورة التي وضعها فيها من قبل وكيف بدت له عكس ما كان يتوقع بل لقد تساءل كيف وقع في حبها فهي لم تكن أبدا تناسبه وعندما نزلت العروس البرونزية أمامه نظر إليها بتقدير ووجد نفسه يقارن بينها وبين (سيسل) مرغما وكانت النتيجة واضحة......أكثر شئ أسعده بشدة نظرة الفرح التي ظهرت على وجهها بمجرد أن رأته بل لو كانت تملك الشجاعة لهرعت الى ذراعيه راكضة ولكنها وقفت و الإبتسامة تعلو شفتيها وهي تقول :


"يا إلهي (اندريه).....كم أنا مسرورة برؤيتك.....أنه لطف منك أن تتذكرني...."


"أتذكرك؟!...أنا لم أفكر إلا فيك......أعني أن (الفريدو) طلب الي أن أقابلك بما أنه لن يعود قبل بعد غد ويقول لك ألا تقلقي عليه فبمجرد أن ينهي أعماله هناك سيعود مباشرة...."


"أشكرك كثيرا يا (اندريه).......أتمنى لو يعود بسرعة.....اني أشعر بوحدة هنا.....شديدة"


فمرر (اندريه) أصابعه في شعره وقال بارتباك :


"ليس لك أن تشعري بأي وحدة وأنا موجود......أستطيع أن آتي لزيارتك وقت ما أردت فأنا عندما أنهي أعمالي في البلدة أبقى متفرغا حتى المرة التالية.....آه على فكرة لقد أحضرت لك هذا....!!"


وأعطاها كتابا في يده فوجدته رواية رومانسية شهيرة وشيقة وقال :


"أفضل صديق في أوقات الفراغ.....إقرأيه كلما وجدت نفسك وحيدة......لقد أحضرته لك من مكتبتي الخاصة....كما يمكنك أن تأتي لتأخذي منها الكتب التي تريدينها.....كان (الفريدو) يفعل هذا دوما معي.."


فشعرت (أنجليتا) بسعادة رهيبة ولم تعرف كيف تشكره لم تعرف كيف يمكن ان يكون حساسا الى هذا الحد فلقد أحضر لها ما تحتاجه تماما ولم تستطع ان تقول شيئا لكن عيناها أشعتا إمتنانا وشكرا وقابلتها عينا (اندريه) الحنونة ثم قال :


"إياك أن تعتبري نفسك وحيدة......لا أعرف كيف تعتبريني ولكن أتمنى أن تعتبريني صديقا......صديقا مخلصا دائما الى جانبك في أي وقت تحتاجينه أنا لا أفعل هذا لأجل (الفريدو) .....فهذة رغبتي الخاصة...."


فابتسمت وصافحت يده برقة وقالت :


"انت أكثر من كونك صديقا يا (اندريه) ولن أجد شيئا أعبر به عن شكري لك......واتمنى أن تأتي لزيارتي كلما سنحت لك الفرصة....."


وبعد رحيله عادت (أنجليتا) مبتهجة جدا لغرفتها بينما كان (اندريه) في غاية السرور لأنه استطاع إدخال شئ من السلوى الى قلبها فلقد كان هذا كل أمله......



كانت (أنجليتا) تظن أنه بمجرد عودة (الفريدو) ستحل مشاكلها ولكنها كانت قد بدأت للتو فلقد كانت الأيام الثلاثة التالية هي أسوء أيام حياتها على الإطلاق فلسبب ما انشغل (الفريدو) في الأعمال التي وكلها أباه اليه بشكل مستمر وكان هو الآخر لا يستطيع أن يرفض إمعانا منه في طلب رضا والده وانتشر أمرها بسرعة رهيبة حتى وصل للأسر النبيلة في ميلانو وكل معارف أسرة (فان دييجو) كانت فعلا حديث المدينة.....مما زاد الأمر سوءا هو التجاهل التام الذي يعاملها به السيد (فرناندو) وكأنها ما تزال خادمة لديه ولم تكن (سيسل) أفضل حالا فلقد كانت تصر على إذلالها وأهانتها بالكلام ذو المعنى المزدوج......كانت (سيسل) مكتئبة وحانقة على حياتها لأقصى حد فقررت أن تخرج كل ما تشعر به في وجه (أنجليتا) ولم يكفهم ذلك بل قام السيد (فرناندو) بتصرف أكثر إذلالا مما سبق فلقد أصر على بقاء والدها (خوسيه) في عمله وكانت تلك كارثة أثارت (الفريدو) بشدة وحاول جاهدا مع والده أن لا يجعل حماه يعمل في الإسطبل فكان رده :


"ولما؟!....هذا عمله إنه لم يفعل خطأ حتى أصرفه من عمله.....إذا كنت خجلا فهذا خطأك وحدك.....لم يخبرك أحد أن تتزوج ابنة سائس...."


وكانت تلك كلمات كافية لإغلاق فمه ولم تعد (أنجليتا) تتحمل إهانتهم برابطة جأش مثل السابق فشيئا فشيئا بدأت تكتئب بشدة وتشعر بالمهانة والذل والوحدة أينما ذهبت فلقد كان (الفريدو) يغيب عنها طويلا وبمجرد عودته يحاول الجميع تجنبها فلقد كانوا يهينونها في عدم وجوده وفي أثناء وجوده يكتفون بتوجيه كلام لاذع ذات مغزى ومما أثارها حقا أنه إذا أتى أحد من أفراد الأسر النبيلة لزيارتهم في القصر فإنهم يعاملوها بإزدراء قاسي وكأنها حثالة لا تستحق النظر إليها فكانت تكتفي بالذهاب الى غرفتها والبكاء ذلا ومهانة لكن أكثر ما آلمها هو مرض والدها الذي بدأ يظهر واضحا ويزداد وهي لا تعلم السبب كما حزنت لأن والدها يخفيه عنها حتى لا يزيد من حزنها أضعافا فشعرت أن جميع الأبواب مغلقة في وجهها ولكن عندما أتى (الفريدو) من سفره تظاهرت بأن شيئا لم يكن وأخفت حزنها وقلقها عنه كالعادة ثم قال لها :


"سأضطر للسفر مجددا بعد غد..."


فاستدارت بعيدا عنه لتخفي دموعها فقال :


"أعلم أنه أمر فظيع بالنسبة لك....ولي أيضا ولكني سأحاول أن أقيم تقييما كاملا للمزانية حتى أرتاح لمدة أسبوعان وحينها أستطيع أن أبقى معك وقتا أطول يا حبيبتي....كم تمنيت لو أكون معك في حفلة العائلات في نهاية هذا الإسبوع......!!"


فقالت بحسرة :


"ماذا؟!...حفل آخر وأسر نبيلة؟!....سوف يفرحون بالسخرية مني من جديد....لا......لا يمكن أن أذهب للحفل...."


"لا يمكن ألا تنزلي لملاقتهم يا حبيبتي فالحفل في بيتنا وسيكون هذا تصرفا غير لائق مطلقا.....لكن لا تقلقي (فاندريه) سيعود من ميلانو غدا وقد يحضر الحفل وحينها لن تكوني وحيدة تماما....أليس كذلك؟!...."


وعانقها فظلت تمسك به بقوة وكأنها خائفة أن يسافر ولا يعود أن يتركها بلا رجعة كم تمنت لو أنها تبقى بين ذراعيه هكذا دائما فلن يستطيع أحد أن يمسها حينها لكنها استمدت منه القوة وقالت إنها يجب أن تكون أقوى وألا تستسلم بهذة السهولة فهذا حبهما و زواجهما ولن تسمح لأناس حمقى كهؤلاء أن يغيروا مشاعرها تجاه (الفريدو).....



وجاءت الحفلة وأرتدت (أنجليتا) ثوبا يليق بمركزها ونزلت و سألت (لوسيانو) رئيس الخدم عن الضيوف فأخبرها عن الحاضرين الى الآن لكن (لوسيانو) دائما كان يعاملها بشكل غريب فلقد كانت تحت امرته وبين ليلة وضحاها أصبحت سيدته كان تشعر أحيانا أنه يزدريها ولكنها فكرت أنها ربما تتخيل فحسب ثم وصلت الى المائدة حيث جلس افراد أسرة (فلاديمير) (فلوريا) و (ساندرا) أمها وهاهي والدة (اندريه) السيدة (جابريلا ديميتريوس) وبعد أفراد العائلات الأخرى الذين لا تعرفهم وكان من المؤسف أن (اندريه) لم يحضر حيث شعرت بعدم الأمان وأنه ليس لها ظهر هنا فجلست بعد أن ألقت تحية عامة وجاءت (سيسل) ووالدها ليحيوا الحضور وتجاهلوا كالعادة وجودها تماما وبدأ الجميع بالأكل وعزف الموسيقيون موسيقى خفيفة.....كانت جميع أحاديثهم فارغة تحرق في سمعة هذا وهذة فلم ترد ان تشاركهم وركزت مع الموسيقى وتخيلت أنها مع (الفريدو) الآن تحدثه تداعب خصلات شعره وتتعمق في لون عينيه حتى ابتسمت لنفسها فرأتها (سيسل) فشعرت بالحقد ثم نادتها لأول مرة في الحفل وقالت :


"آه (أنجليتا) ألم تسمعي السيدة(روزانا) وهي تشرح سبب تأخرها أنها تقول أن خيول عربتها أثارت ضجة في الطريق وعجز السائق معها على التصرف أو تهدئة الخيول.....على الأقل وجهي لها نصيحة بشأن ترويض هذة خيول....... "


فاندفعت الدماء في وجهها وسمعت الهمسات تنطلق في كل مكان فحدقت بكأسها وهي لا تعلم ماذا تقول فلم تكتفي (سيسل) بهذا بل قالت :


"ماذا ألا تريدين الإجابة؟!......إذن على الأقل اسئلي والدك.....ربما يمكننا استدعاءه الآن.....أوه أظن أنه أنهى دوام عمله أليس كذلك؟!....يا حسرتي..."


فقالت السيدة (روزانا) غير مصدقة :


"ماذا ؟!.....هل يعمل والدها في الأسطبل.....؟!...."


فضحكت (سيسل) بسخرية ونزلت دموع الحنق من عينا (أنجليتا) التي لم تدري ماذا تفعل حتى جاء صوت يقول :


"على الأقل يكسب ماله من عرق جبينه وليس مثل بعض الناس يتركون أعمالهم دائرة ويجلسون في بيوتهم بجانب المدفئة..."


فالتفت الجميع وكان هذا (اندريه) فقال بعد أن ركز عينيه على (أنجليتا) :


"أنا آسف وصلت متأخرا قليلا......أرجو ألا تكون قد فاتتني التحلية...."


وسحب كرسيا وجلس الى جانب (أنجليتا) التي ظلت تحدق به بسعادة وذهول فأعطاها منديله وقال بصوت خافت :


"لا يستحق أحدهم ذرة واحدة من دمعتك هيا أمسحيها وتجلدي ولا تعطيهم فرصة أبدا للنيل منك...."



فمسحتها بسعادة وقام بتحية أمه ومنذ ذلك الحين ولم يزعجها أحد بشئ واستمروا في الأحاديث التي لا تنتهي ولكن تلك المرة لم تشعر بالوحدة فلقد كان رفيقها مسليا يحكي لها عن مواقف طريف عن (الفريدو) وهو عندما كانا صغيران وقال :




"في البداية كنا نضرب بعضنا طوال الوقت حتى جاء ولد من ابناء الخدم كان ضخما للغاية وقام بضربي بقوة كان يساوي ضعف حجمي فجاء (الفريدو) وضربه فوق رأسه واتحدنا لنهزم هذا العدو الجديد ومنذ ذلك الحين ونحن لم نضرب بعضنا أبدا وقررنا توفير ضرباتنا لشخص غريب..."


فانفجرت (أنجليتا) ضاحكة كان مسليا أن تسمع عن صفات وتصرفات (الفريدو) وهو صغير فلقد بدى لها شقيا للغاية لكن شجاعا وجاء وقت الرقص فلم يتجرأ أحد على طلب مراقصتها ولكن (اندريه) لم يكن ليترك فرصة كهذة ودعاها للرقص....كان يرقص بخفة ويدور بها برقة وقالت له :



"أتعلم؟! أن تجيد هذة الرقصة أكثر من (الفريدو) ......"


"آه لا تذكريني برقص (الفريدو)....كان علينا أن نحضر له مدرسا للرقص من اقصى بلاد العالم ليستطيع تعليمه....أما هذة الرقصة فلقد علمتها له بنفسي ولكني لم أتحمل الى أن يتقنها"


فضحكت ثم فكرت قليلا وقالت :


"غريب كلما تحدثنا معا.....تحدثنا عن (الفريدو)......لما يحدث هذا دائما؟!...."


"لأن (الفريدو) هو القاسم المشترك بيننا فهو أغلى انسان عندي بعد والدتي وهو على ما أعتقد أغلى انسان عندك بعد أباك....."



"نعم......قد يكون الذي جمعنا في البداية ولكنه ليس الشئ الوحيد الذي يجمعنا......أشعر أن هناك الكثير من الصفات التي تجمعنا.....وكثير من الأشياء التي نحبها.....كما ما أحمله لك في قلبي ليس لأجل (الفريدو)......أنا فعلا أقدرك من كل قلبي يا (اندريه)...."


كانت هذة الجملة كافية لإرباكه بشدة فقال بعد أن أشاح بنظره بعيدا :


"وأنا أيضا أحمل لك في قلبي.....كل تقدير العالم.!!!"


وبعد أن انتهت الموسيقى أشارت أم (اندريه) الى ابنها وظلت تحدثه ثم جاء بعد قليل وقال :


"أرجو معذرتك يا (أنجليتا) إن أمي متعبة وسوف آخذها الى القصر الآن.....كما أني جئت من ميلانو الى الحفلة مباشرة وأحتاج الى بعض الراحة......ولكن أعدك أن أزورك قريبا..."


"أشكرك من قلبي يا (اندريه)......"


وبعد أن رحل نظرت حولها فوجدت الجميع منشغل ولن يشعرأحد بغيابها فمشت في الحديقة تفكر في (اندريه) وفي كلامه لها ومواقفه الرقيقة وتفكر في (الفريدو) وفي اشتياقها له ووجدت نفسها أمام كرسي خشبي بين الأشجار فجلست عليه تفكر وتستحضر في ذكرياتها حتى ظهر شخص وسط الظلام ظل يحدق بها دون حراك جلست فترة حتى لاحظت وجوده وما إن رأته حتى اقترب منها كانت تلك (فلوريا).......ظلت واقفة تحدق بها ومشاعر كثيرة تختلج في صدرها وظلت المرأتان متقابلتان وقالت (فلوريا) وقد بدأت دموعها تسيل :


"اعتقد أنك اسعد امرأة في هذا العالم......أليس كذلك؟!.....تزوجت رجل من عائلة عريقة.....وثري وضمنت حق أولادك وفوق كل هذا وسيم وجذاب وتتمناه كل فتاة في إيطاليا بأسرها......"


وازدادت دموعها غزارة ثم قالت :


"لم أكن أريد أي شئ من هذا......كنت أريد (الفريدو) فحسب.....أتعلمين؟! كنت أتمنى لو......لو كان خادما لما ترددت لحظة في الزواج منه....لهذا أنا لن أسامحك أبدا......لقد اخذت مني أعز ما أملك.....أخذت الشخص الوحيد الذي أحببت ولولا تمثيليتك لإستمالة قلبه وإغراءه لكنا الآن سويا....كان يفترض أن أكون أنا زوجته لا أنت.......ولكن أتعلمين؟!.....أني لن أتخلى عنه أبدا......لن أتركك تفوزين ولن أتركه في حوزتك....فسوف أدافع عن كل ما أملك.."




وجرت باكية ولكن (أنجليتا) استوقفتها قائلة :


"أنا لم أفعل شيئا لأثير حنقك هذا علي.....(فالفريدو) لم يكن ملكك يوما أبدا ولن يكون ملكك بعد اليوم وعليك أن تثقي في هذا......ولم تكن تهمني لا اسرته ولا أمواله وأنا واثقة أنك لن تصدقي هذا.....لأنك مثل الآخرين...تظنون أن من لا تجري في عروقه دماء النبل فلابد أن يكون حثالة انتهازي لا قيمة له.....ولكن عليك أن تعلمي أننا نملك مشاعر أيضا وأن النبل في القلب.."


فنظرت إليها بسخرية وقالت :


"وانت كذلك تنصحيني وتقدمين تقريرا عنا....بصفتك قد أصبحت واحدة منا......لكن لا بأس....أؤكد لك أنك لن تكوني كذلك طويلا....."



وجرت مسرعة فارتعشت (أنجليتا) بسبب برودة الجو وقررت العودة الى غرفتها والخلود للنوم مباشرة فلقد كان يوما صعبا وقاسيا عليها.......




أما (اندريه) فلم يستطع النوم هذة الليلة وهو يتذكر ما قالته له (أنجليتا) ويستحضره في ذهنه كلمة كلمة....ويعيد استحضاره من جديد دون توقف وكأنه يعيد سماع مقطوعة موسيقية تثير اعجابه وظلت صورتها بثوبها الرائع تظهر أمامه في ظلام الغرفة.......كان يشعر بسعادة ولهفة وهو يتذكرها ويشعر بارتياحها له ولكنه اصيب بحزن مفاجئ وظل يلعن نفسه لأنه هكذا يخون صديقه ويخون الأمانة.....لا يمكن ان يفكر في زوجة صديقه هكذا و قرر في داخله أنه لن يزورها حتى يعود (الفريدو) الى القرية...




قررت (أنجليتا) ألا تترك غرفتها فهي لا تريد المزيد من المواقف السيئة مع أفراد أسرة (فان دييجو) وتمنت لو أنها تستطيع زيارة والدها لأنها لم تره منذ ثلاثة أيام وقررت أن تزوره غدا وتبيت الليلة معه وبعد قليل طرقت الخادمة غرفتها وقالت لها أن هناك زائر في انتظارها ففرحت فربما يكون (اندريه) ولكنها كانت (نيلا) صديقتها من القرية..... كانت تبدو شاحبة وقلقة فأثارت قلقها هي الأخرى ولم تنتظر طويلا فلقد قالت (نيلا) بصوت خافت :




"أنا آسفة يا عزيزتي.....لكن والدك.....مريض جدا!!!!"



وبعد ذلك لا تتذكر جيدا ما حصل فلقد هرعت باقصى سرعة الى القرية ودخلت الغرفة التي وضعوه فيها ونزل منظره عليها كالصاعقة....كان ممددا فوق السرير يلتقط انفاسه بصعوبة شديدة.....كان في حالة ضعف شديدة جعلتها تنهار فلقد كان والدها دائما مثال القوة بالنسبة لها وهو يحميها من العالم وقسوته ولم تتخيل يوما أنها ستراه في هذا الضعف بحيث تكون هي في وضع من يحميه.....كانت تلك أقصى لحظات حياتها قسوة وأنهارت فيها باكية وتدافعت دموعها فأغرقت العالم....... كانت كمن أصابها مس من الجنون......أما هو فكان يضغط على يدها بين الفينة والأخرى ليطمئنها ويسكتها لكن دون جدوى وجلست الى جانبه طوال الليل وهو يهمس بكلمات قليلة في أذنها من وقت لآخر حتى قال لها قبل أن ينام :



"يا عزيزتي.....ما من شئ يدفعك للحزن....فأنا معك.....في قلبك...حتى لو لم أكن معك بالفعل....كما...أريدك أن تهتمي (بالفريدو)....وتقلقي عليه فهو الذي سيعيش معك ما تبقى من حياتك وهو الذي يجب أن تخدميه وترعيه.....متى سيأتي؟!.....كنت أتمنى أن أراه.....لكن لابد وأن يأتي بعد يوم أو يومين....أطلبي منه ان يزورني فأنا أريد أن أوصيه عليك حسنا؟!....والآن هيا ابتسمي....ألا تكفين عن البكاء ابدا....قد تصابين بالجفاف هكذا....."


فضحكت وسط بكاءها وضحك هو الآخر بصعوبة ثم خلد الى النوم ولم تعرف (أنجليتا) كيف حدث هذا ولكنها نامت هي الأخرى........ولكن في الصباح وجدته باردا متيبسا فلقد مات وكانت تلك آخر كلماته لها......




__________________


واثقة الخطى غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 23-05-10, 12:35 AM   #18

واثقة الخطى

نجم روايتي وكاتبة ومحرر لغوي في قلوب أحلام وقاصة في قلوب أحلام القصيرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية واثقة الخطى

? العضوٌ??? » 1327
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 10,003
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » واثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
افتراضي

الفصل الثامن



[[ الكارثة [[





كان (اندريه) في مكتبه يكتب بعض الأوراق عندما دخل عليه خادمه بالشاي وقال له :


"هل سمعت الأخبار الجديدة يا سيدي؟!....."


فقال بعدم اكتراث :


"ماذا لديك؟!.....أرجو أن تقوله بسرعة فأنا مشغول..."


"لقد سمعت زوجة السيد (الفريدو) لم تعد لبيتها منذ ثلاثة أيام........هذا أمر فظيع وغير مستحب للأسرة أبدا وسمعتها الآن على كل لسان...."


فنهض (اندريه) بذعر وقال :


"ماذا تقول؟!.....ولكن أين هي؟!...."


"يقولون أنها لم تعد الى القصر منذ موت والدها في القرية......"


"ماذا؟!.....السيد (خوسيه) مات؟!....يا إلهي.....ولما لم تخبرني؟!......."


"أنا آسف ياسيدي.....لكني لم أسمع هذا إلا أمس بعد أن انتشرت تلك الأقاويل عنها......"



فترك (اندريه) كل ما في يده وجرى مسرعا الى القرية بحصانه ووصل الى بيت (نيلا) وطلب رؤية (أنجليتا) وعندما دخل صعق لمنظرها.....كانت كمن فقد الحياة.....جسد بلا روح......مكللة بالسواد وشاحبة كالأموات كأنها لم تذق الطعام منذ أيام كما بدت في قمة يأسها كمن ترواده نفسه بالإنتحار ولكن عندما رأته نظرت له كطفل تاه وسط قوم لا يعرفهم ووجد أخيرا أحدا من أهله فسالت دموعها وجرت نحوه وظلت تبكي بحرقة بين ذراعيه وهي تقول :



"آه يا (اندريه).......يا (اندريه) لقد مات....مات الشخص الوحيد الباقي لي في العالم.....لقد مات أبي يا (اندريه) "




واستمرت في بكاءها فترة طويلة وهو تكاد أحشاءه تتمزق تأثرا وجزعا لأجلها ولأجل مصابها.....ظل يهدئها ويواسيها حتى تحولت شهقاتها لتنهيدات وبدأت تهدأ شيئا فشيئا فقال لها وقد أمسك يدها بقوة :


"أخبريني.....ماذا أفعل لأجلك؟!.....أطلبي مني أي شئ....أرجوك أي شئ"



فسكتت دهرا ثم نظرت إليه بعينين بريئتين معذبتين وقالت :


"أحضر لي (الفريدو)!!!!.....أنا في أمس الحاجة له.....أرجوك "



"لك ما تأمرين.....سيكون هنا في أقرب وقت ممكن.....ولكن أرجوك.....إفعلي لأجلي خدمة....عودي الى قصر (كازابيانكا) ..!!"


فنظرت إليه بذعر فاستمر قائلا :


"لقد بدأ الناس بالحديث عنك......وليس من الجيد أن تبيتي بعيدا عن بيت زوجك دون حتى أن تعلمي أهل زوجك بمكان وجودك وخصوصا أنه مسافر.....ارجوك إفعلي هذا لأجلي...."


"ولكن صدقني أنهم يتمنون عدم وجودي.....بل أني واثقة أنهم في أفضل أحوالهم.....كما لن أتحمل نظرة الشماتة في أعينهم....."


"لا أبدا لن يجرؤوا......جميعا.....تعالي معي وثقي بي....تجاهليهم كليا....."


فلم تملك إلا أن تستمع الى كلامه وعند عودتها لم يكن أحد منهم في استقبالها مطلقا فصعدت الى غرفتها وبقيت هناك حتى صباح اليوم التالي عندما طرقت الخادمة بابها لتدعوها للفطور فرفضت النزول أو تناوله من الأصل وجلست وفكرها هائم وعينيها مغرقتان بالدموع حين طرق الباب من جديد فصرخت قائلة :


"ألم تسمعي؟!.....لا أريد أن أفطر....."


فسمعت صوتا يقول :


"هذا أنا (اندريه) ....!!!"


فجرت مسرعة وفتحت الباب فابتسم لها وقال :


"لقد نفذت وعدي لك"


وتنحى جانبا فظهر زوجها وهو يرتدي معطفه وقبعته وما إن رآها حتى عانقها بقوة وهي صرخت بأسمه......شعرت أن هذا ما كانت طوال تلك الفترة أن تعود الى حضنه ليحميها فأخذها بين ذراعيه وحملها وجلس بها فوق الكرسي وظل يحن عليها ويمسح بيده على شعره ويناديها بأعذب الكلمات......كان اشتياقها له يضاعف حزنها أضعافا فما إن ظهر أمامها حتى أزيل جبل هائل كان يجثم على قلبها......وتراجع (اندريه) الى الخلف ورحل دون كلمة كان سعيدا لأنه استطاع أن يحقق لها أي شئ قد يسري عنها وشعر بالخزي لأنه امتنع عن زيارتها في أحوج أوقاتها لوجوده الى جانبها وقرر أنه لن يكرر ذلك أبدا......أما (أنجليتا) فلقد بقيت بين ذراعي زوجها فترة طويلة كانت بحاجة لأن تنهل من حنانه قدر الإمكان.....كان صوته الدافئ ورائحته ولمسات يديه كل تلك الأشياء كافية لأشعارها بالنعيم ثم قال:



"ياحبيبة قلبي.....عندما قال لي (اندريه) ما حصل لم أصدق.....تركت أعمالي وجئت فورا....ليتني كنت معك في تلك اللحظة العصيبة....ليتني قابلته وتحدثت معه.....كنت مشتاق له كثيرا .....لابد أنك عشت جحيما يا حبيبتي.....أنا آسف.....أنا جد آسف....."


"أرجوك يا (الفريدو)......لا تتركني من جديد......لن أتحمل...لن أحتمل الحياة وحدي ومعاملة الناس لي.....كل من حولي ....أنا أريد أن أبقى بقربك.....الآن لم يعد لي أحد.....لم يعد لي أهل.....انت الوحيد الذي تبقى لي في هذا العالم...."



فاشتد من إحكام ذراعيه حولها وقال :


"إياك يا حبيبتي أن تفكري أنك وحيدة.....لن أتركك مجددا....سوف أبقى معك فترة طويلة.....فلقد وعد (اندريه) بأن سيأخذ مكاني في الإسبوعان القادمان في كل الأعمال وسوف أبقى معك أطول وقت ممكن.....لن يزعجك أحد بعد الآن صدقيني..."


وعقب تلك الأيام أيام سعيدة......فلقد كان (الفريدو) معها كل لحظة في كل وقت يحاول تعويضها عما فات ويحاول إضحاكها وأن ينسيها كل ما يحزنها وكانت أغرب الأمور أن أسرته أصبحوا يعاملوها أفضل بكثير من السابق فلقد تغيرت (سيسل) تماما وأصبحت تعاملها جيدا بشكل مفاجئ غير منطقي كما أن السيد (فرناندو) أصبح يشملها عندما يطلق السلام على من بالمكان وأصبح يتبادل معها كلمات قليلة كان كل شئ مذهلا لا يصدق.....لم تكن تعلم أن (لالفريدو) تأثير السحر عليهم هكذا......حتى أن كل الناس الذين كانوا يزدرونها في السابق من ضيوف وأصدقاء أسرة (فان دييجو) أصبحوا يعملونها وكأنها واحدة منهم فزاد هذا من سعادتها وتضاءل يأسها شيئا فشيئا وبعد انتهاء للعشاء قالت لها (سيسل) :


"أرجو أن تكوني......قد أكلت جيدا يا (أنجليتا)......فالجو بارد هذة الأيام وعليك أن تعوضي من سعراتك الحرارية.......والآن لأترك الزوجان السعيدان وحدهما فلا أريد أن أكون عزولا "


فنظرت لها (أنجليتا) بعدم تصديق وأضاف السيد (فرناندو) :


"لما لا تتركي المنزل بأكمله وتتزوجي.....على الأقل رجل الأعمال الذي تقدم لك الأسبوع الماضي كان سيفي بالغرض..."


فتكدر وجه (سيسل) وقالت :


"لا يا أبي......لا أريد الزواج الآن....ومطلقا..."


فقال (الفريدو) لتغيير الموضوع :


"لا داعي لكل هذا....سنذهب وحدنا نحن الإثنان.....هيا يا عزيزتي لنصعد لغرفتنا...."



وبعد أن صعدا ترك زوجته لتقرأ وظل جالسا بالكرسي بقرب النافذة يحدق أمامه وهو يفكر.....ويتذكر.....يتذكر كلام والده له وكل ما دار بينهما منذ موت السيد (خوسيه) تذكر كيف طلب اليه والده أن يعاملها بشكل جيد فهي زوجة ابنه وتذكر عندما رد عليه والده بالكلمات التي ظلت تتردد في ذهنه كثيرا في الأيام الماضية حيث القال :


"ومن قال لك أنها ستيقى زوجة ابني......أسمع لقد صبرت عليك كثيرا انت وهي متزوجان منذ شهور وأظن أنه ما من شئ يجعلك تستمر في هذة الزيجة.....لقد أردت الفتاة وها قد أصبحت زوجتك لتتركها الآن ولتتزوج غيرها......إذا كنت قد استمعت بها كما تريد فماذا تريد أكثر من ذلك ولقد تركتك تفعل ما تشاء الى الآن....أما الآن فلقد حان وقت الجد ولا وقت لللعب وعليك ان تتخلص منها..."


فرد عليه بذهول :


"هل تظن أي تزوجت (أنجليتا) لأجل هذا السبب.....لا أستطيع أن أصدق أنك لم تفهم الى الآن....يا أبي...أني أحبها هل تعرف ما معنى هذا؟!....هذا يعني أني أريدها أن تكون زوجتى للأبد وأم أولادي...."


فاحمر وجه (فرناندو) غضبا وقال :


"أولاد من يا ولد؟!....هل نسيت من تكون هي ومن تكون أنت؟!.....أتتلاعب بي؟!.....أم تعاند عناد الأطفال؟!....."


"أني لا أعاند.....ولو كنت أفكر كما تقصد لما تزوجتها من الأصل وقرنت اسمي باسمها...."



فنظر إليه الأب نظرة جادة وقال :


"إذن ليس في نيتك أن تتركها؟!.....أبدا؟!...."



"لا يا أبي....أبدا....أرجوك....حاول أن تفكر بطريقة أخرى......لقد أصبحت الآن زوجتي وسينسى الناس من تكون.....وسننجب اطفالا ونعيش حياه سعيدة.....أرجوك يا والدي.....عاملها جيدا....لأجلي أرجوك...."



فلم يجبه والده حينها وظل (الفريدو) يسترجع هذا الموقف مرارا ويعيده وهو يحلل في تعبيرات وجه ابيه وما يخفيه وراءها فلم يستطع أن يتوصل لشئ كما أنه استغرب أن أباه استمع لكلامه وأصبح يوجه كلاما (لأنجليتا)......


" (الفريدو) ..!!!"



استدار الى زوجته التي قالت :



"مابك؟!.....أين ذهبت برأسك؟!....أتفكر بعملك من جديد؟!..."




"لا....أعني نعم.....الواقع سأضطر للسفر بعد غد من جديد (فاندريه) لديه بعض المشاكل هناك وسنضطر لحلها سويا سنغيب ثلاثة أيام ولا أدري من منا سيعود أولا ولكن....سأحاول أقناع (اندريه) أن يبقى هو وأعود انا....حتى أكون معك.....كما أنه غير متزوج فعليه أن يتحمل بعض العبئ عني...."


فابتسمت ونهضت وجلست على حجره وقالت :


"صحيح لما لم يتزوج (اندريه) الى الآن.....عليك أن تجد له عروس...كما لا تثقل عليه بالعمل....دع الرجل يرتاح قليلا.."


"أنا لا أفعل فنحن شريكان.....ولكن أتعلمين فكرة أن أجد له عروس هذة فكرة جيدة.....علي البدء في تنفيذها....تعالي الى هنا..."



وبدأ يدغدغها بقوة حتى ظلت تصرخ وتضحك في آن واحد وهي تحاول التخلص منه وظلا يلعبان معا بعضهما غير ملاحظان لمن يتنصت على بابهما فلقد كانت (سيسل) تفعل هذا كل ليلة منتظرة أن تسمع أي شئ قد يفيدها وما إن سمعت أن أخوها سيسافر بعد غد حتى جرت مسرعة لتخبر والدها بالأمر....




استيقظت (أنجليتا) لتجد (الفريدو) قد ارتدى ملابسه ويستعد للخروج ليسافر للمدينة فنهضت واقفة وقالت :


"أوه عزيزي ستغادر الآن؟!...."


"أنا آسف (أنجليتا) هل أيقظتك؟!....إذهبي للنوم وارتاحي..."


"ليس قبل أن أودعك.....انتبه لنفسك جيدا وأرجو أن تعود بأقصى سرعة ممكنة...."


فاقترب منها وعانقها وقال :


"لا تقلقي حبيبتي بمجرد أن أنهي أعمالي أنا واندريه هناك سنعود فورا.......سأشتاق لك كثيرا..."


وقبل رأسها ونظر لها النظرة الأخيرة قبل ذهابه فابتسمت بخجل وقالت :


"آسفة أني مشعثة وشكلي ليس جميلا.....لا أريد أن تتذكرني هكذا وانت هناك...."


فضحك بمرح وأمسك أنفها وقال :


"انت هكذا أجمل امرأة ألا تفهمين هذا؟!....هيا ارتاحي....تصبحين على خير....."


وبعد ان رحل وركب عربته الى المدينة ووصل الى مكتبه وجد (اندريه) هناك غارق في كومة من الأوراق فقال :


"ها أنا قد أتيت لأنجدك أخيرا......ألست سعيدا برؤيتي...؟!"


" (الفريدو) ؟!....حمدا لله....كنت بحاجة لتوقيعك على أوراق مهمة....لقد انهيت الكثير من العمليات سوف نعود للقرية في خلال ثلاثة أيام على الأكثر.."


"جميل ممتاز......هذا ما أردت سماعه....!!"


وفرح (الفريدو) لأنه سيستطيع أن يعود لزوجته بعد ثلاثة أيام فقط كان كلما خلى الى نفسه ظل يتذكرها فرآه (اندريه) وقال :


"فيما تفكر؟!.....مشتاق لزوجتك كالمعتاد....؟!"


"نعم يا (اندريه) ......الواقع أقلق عندما أتركها في القصر وحدها.....أعلم أن أبي و (سيسل) أصبحا لطيفين وبدأا يتقبلانها ولكن...لا أدري..."


"لا عليك غدا سنعود وسيكون كل شئ على ما يرام....."


وركب الإثنان القطار في اليوم التالي وقال (اندريه) :


"اسمع سأنام قليلا......اقرأ جريدة اليوم حتى أصحو مرافق..؟!...."



فضحك (الفريدو) وبدأ يقرأها فقرأ في الصفحة الأولي غرق سفينة (كاتينا) التي بدأت الإبحار أول أمس في عرض البحر ومات عليها الآلاف وملحق بالتقرير أسماء بعض العائلات التي ماتت فانقبض قلب (الفريدو) وشعر بأسى كبير تجاه تلك الأسر وحمد الله أنه ليس منهم ووصل الإثنان الى المحطة و ركبا السيارة الى حيث يوجد قصريهما فقال (الفريدو) :



"لن أذهب معك الى بيتك كالمعتاد.....سأعود (لكازابيانكا) مباشرة....فلما لا تأتي معي؟!...."
"لا بأس لا مشكلة لدي....."


وعندما كانت العربة تسير بين الحقول كان يلاحظ أن الفلاحين يحدقون به وهو بداخل العربة بشكل يثير التساؤل فلم يبال أحد بقدومه أو عودته من قبل هكذا وعندما وصلوا الى القصر لاحظ أن (لوسيانو) شاحب للغاية وأن الخدم يرمقونه بنظرات فاحصة فاستغرب بشدة وسأل (لوسيانو) :


"هل السيدة (أنجليتا) في غرفتها؟!...."



فرد بحدة وارتباك شديد :


"لا....لا يا سيدي....السيد (فرناندو) يريدك في مكتبه أولا..."


"حسنا سأري زوجتى أولا ومن ثم اذهب إليه...."


فأمسك بذراعه وقال :


"لا أرجوك ياسيدي....السيد (فرناندو) أولا....يجب أن تراه أولا"


فاندهش الشابان وهمس (الفريدو) (لاندريه) :


"هذا وضع غير مريح بالمرة...هناك مشكلة ما....وأتنمى ألا تكون (أنجليتا) طرف فيها......تعالى معي يا (اندريه) "


وذهب الإثنان الى مكتب السيد (فرناندو)....كان المشهد تماما مثل يوم دخل (الفريدو) على والده ليخبره بنبأ زواجه....والده يحدق بالنافذة وأخته تجلس على كرسي بجانب المكتب وتوجد على المكتب ورقة مطوية والى جانبها صحيفة ودخل (الفريدو) قائلا :


"مرحبا يا أبي....مرحبا (سيسل).....هل هناك شئ أردت قوله لي يا أبي؟.!..."


"أجلس يا (الفريدو).....وانت كذلك يا (اندريه) ....."


فنظر الشابان لبعضهما وجلسا والتفت (فرناندو) وهو ينفث الدخان من أنفه وهو يقول :


"ما سأخبرك به....سيكون خبرا قاسيا عليك يا (الفريدو).....ولكن لتعلم أنه كان قاسيا علينا كما سيكون عليك.....بل كان صادما لنا في الحقيقة...الواقع....يوم سفرك....كنت في مكتبتي في الصباح الباكر ففوجئت بزوجتك تدخل على دون حتى أن تعلم (لوسيانو) أو أي شئ وقالت أن الكلام يجب أن يكون سري بيننا.....في المرة الأولى التي جئت فيها بزوجتك لتعلمنا بهذة الزيجة اقترحت عليها مبلغا من المال مقابل أن تتركك وتعود سالمة الى كولومبيا فجاءت لي في ذلك اليوم وطلبت إلي أن أعطيها ضعف المبلغ على أن ترحل الليلة....ظننتها تمزح أو انت أرسلتها لأنك بحاجة الى المال ولم أعتقد أنها سترحل وتتركك حقا....فاعطيتها المبلغ الذي ارادته من الخزنة مباشرة وماهي إلا ساعة حتى اختفت من البيت بأكمله....ولم تظهر منذ تلك اللحظة ابدا....لم أصدق أنها ستفعل هذا فارسلت في أثرها (لوسيانو) ليبحث عنها ولأني أعرف أنها وأبيها قد أتيا عبر البحر سابقا فارسلته الى الميناء مباشرة كانت السفينة قد غادرت للتو ولم نستطع إيقافها.....والآن إقرا تلك الجريدة....إنها جريدة الأمس.....إقرأ الخبر..."



رمى (فرناندو) الجريدة الى قدمي (الفريدو) ولكنه لم يلتقطها وظل يحدق بها غير مستوعب وغير مصدق فلم يفهم (اندريه) ما يجري والتقط الجريدة فوجد خبر غرق السفينة ولكن لم يذكروا التفاصيل أو أسماء الغارقين.......فقال :



"ولكن.....مهلا...أليس هذا الخبر الذي جاء في الصفحة الأولى في جريدة اليوم..؟!...."



والتقط الصحيفة من حقيبته وظل يقرأ أسماء الناجين فلم يجد اسمها......وبدأ يقرأ في اسماء المتوفين.....فوجد اسمها في القائمة الأخيرة وقرأه بصوت مبحوح :


" (أنجليتا فان دييجو)......هذا.....هذا غير ممكن.... غير معقول.."


ولكن (الفريدو) نهض وأسرع خارجا دون كلمة فلحق به (اندريه) ووجده يتجه الى المطبخ وعندما دخل وجد السيدة (سوزي) تبكي بحرقة وعندما رأته قالت :


" (الفريدو).....يا عزيزي.....كم أنا آسفة لما جرى....."


فأمسكها وقال بذعر : "هل غادرت فعلا؟!.....هل كلامه صحيح؟!.....هل غادرت؟!....."


"نعم يا بني رأيتها وهي تتسلل خارجة.....ولم أفهم لماذا...لقد حدث كل شئ بشكل سريع للغاية......وعندما سمعت خبر غرق السفينة (كاتينا) انفطر قلبي حزنا.....كانت دائما تريد أن تعود الى كولومبيا ولكني لم أصدق أنها ستفعلها هكذا..."


فأدرك (اندريه) أنها لا تعلم شيئا عن صفقة المال ولكن (الفريدو) قال :


"لا من المستحيل أن أصدق....هذا لم يحدث كل هذا كذب....لا يمكن أن تكون ركبت على ظهر السفينة (كاتينا)......هذا كذب....."


فقال (اندريه) :


"سأذهب بنفسي لأتحقق من ركوبها من الميناء...."


وانطلق (اندريه) و (الفريدو) معا وتركا السيدة (سوزي) تبكي حزنا على المأساة التي أصابتهم.......وصل الشابان الى الميناء وظل يبحثان في السجلات حتى وجدا سجلات تذاكر السفينة وعثر (الفريدو) على اسمها فسقطت من يده وقال :


"لا لا يمكن أن تكون قد ركبت......ربما قطعت التذاكر ولم تركب.....اسمع يا (اندريه) هل....هل قرأت اسمها في الجريدة؟!....."


فقال (اندريه) بيأس :


"أجل......لقد كان اسمها من ضمن القائمة....."


"إذن فالنذهب لنتأكد....."

ووصل الإثنان الى مقر الإنقاذ الذين خرجوا بعض الجثث من السفينة فقال الضابط المسئول :


"بالنسبة للسيدة (فان دييجو) لم نعثر على جثتها فجثتها محبوسة داخل المقطورة ولا نستطيع إخراجها.....ولكننا عثرنا على هذة الحقيبة...."


وامتدت يد الرجل بحقيبة نسائية تعرف عليها (الفريدو) على الفور وهنا نزل الخبر عليه كالصاعقة......ربما هذا ليس كذبا...ربما ليس هذا كابوسا.....يبدو كأنه الحقيقة الواقعة....أن (أنجليتا) قد.....غرقت مع تلك السفينة وصعدت روحها الى السماء.....فهمس (الفريدو) :


"لا.....لا...هذا مستحيل...."



فأمسك (اندريه) بالحقيبة وفتحها فوجد متعلقاتها وبطاقتها الشخصية فوصل اليقين إليه أيضا إن الإنسانه الذي أحبها قد فارقت الحياة ولم تعد موجودة في هذا العالم ليعطيها حبه وانهار الإثنان أثر تلك الصاعقة......






((يتبع.....))


نهاية الدفتر الأول







كان من المستحيل (لالفريدو) أن يصدق أن زوجته الحبيبة قد ماتت....كيف سيستمر بحياته بعد تلك الكارثة وكيف سيتحمل (اندريه) فقدان حبه مرتين ......و (سيسل) كيف ستمارس حياتها بعد ان تأكدت من عدم عودة حبيبها (روبرتو) ....هذا ما سنعرفه في الدفتر الثاني......


واثقة الخطى غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 23-05-10, 12:38 AM   #19

واثقة الخطى

نجم روايتي وكاتبة ومحرر لغوي في قلوب أحلام وقاصة في قلوب أحلام القصيرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية واثقة الخطى

? العضوٌ??? » 1327
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 10,003
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » واثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond reputeواثقة الخطى has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
افتراضي

الفصل التاسع



[[ خطة محكمة [[





مرت ثلاث أشهر كان (الفريدو) لا يخرج من غرفته ولا يأكل إلا بالقوة وقد هزل بشدة ولم يعد يبادل أحدا كلمة الى والده أو (سيسل) كان يرد عليهما في بعض الأحيان وكان طوال الوقت يجلس بالكرسي أمام النافذة يحدق فيما أمامه دون أن يطرف له جفن وفي يده رسالة (أنجليتا) الأخيرة التي تركتها على المنضدة والتي قرأها والده وأعطاها له يوم سمع الخبر.....كانت بخط (أنجليتا) تخبره فيها أنها اشتاقت للعودة الى وطنها ولم تحتمل موت والدها شعرت بوحدة رهيبة وغربة فأرادت أن تبقى في بلدها لفترة حتى تستعيد جزءا من كيانها......وأشارت الى ابتعاده الطويل عنها وتركه لها خائفة وسط أناس يكرهونها.....كانت تلك الجملة تمزقه أشلاءا وتفتت كل ذرة في قلبه......ثم كتبت جملة أخيرة تقول :


"ولكني سأظل أحبك في قلبي طوال عمري فلا تبحث عني.....أنا من سيأتي إليك.....عندما يستقر كياني....."



لم يكن يدري ماذا يفعل......لقد ماتت بطريقة مفاجأة وظل سؤال طوال تلك الأشهر يرن في أذنه....لماذا؟!.....وتأتي جملة أخرى لتطرق عقله بقوة....




"أنا السبب.!!"


لم يستطع أن ينكر أنه كان السبب في كل ما حدث.....لم يستطع أن يصدق أن ذلك اليوم كان آخر يوم يراها فيه....كاد يختنق وهو يفكر هكذا لا يستطيع أن يتحمل كان هذا فوق طاقته...ظل يمسك رأسه الذي وشك على الإنفجار وظل يبكي بحرقة فكانت له أمنية واحدة في هذا العالم....هو أن يتوقف قلبه عن النبض ويسارع باللحاق بها......فلم يعد هناك سبب ليعيش أما (اندريه) فلم يكن أفضل منه حالا.....كان في أشد حالاته اكتئابا ويأسا ولكنه لم يكن يستطيع أن يظهر مشاعره لأحد فتلك المشاعر ليست من حقه وهي بلا مبرر فهي لم تكن زوجته فكان يمارس عمله كالمعتاد ويقابل الناس ويمزح معهم ويقابل أمه ويبتسم في وجهها كالمعتاد ولكن عندما يختلي لنفسه يصبح كالمجنون وتمنى من كل قلبه.....لو أنه كان يمتلك صورة لها....شعر برغبة قاتلة في رؤية وجهها أمامه....كان يتمنى تلك الأمنية من كل قلبه....ولكنها ذهبت.....ذهبت منه لللأبد وليس هناك سبيل للرجعة ولن يستطيع أن يفعل شئ لإعادتها.....أي شئ....



أما (فلوريا) وأمها (ساندرا) فلم يستطيعا أن يصدقا الخبر.....كانت (فلوريا) تشعر أنها العناية الإلهية التي خلصتها من هذا الكابوس ليبقى (الفريدو) لها وحدها كما أنه في أشد لحظات ضعفه فكانت تزوره كل يوم تقريبا وتحدثه وتسهر على راحته وأحيانا تحتضن رأسه وهو يبكي ليخفي ضعفه عن العالم.....كانت على الرغم من أسفها على حزنه سعيدة جدا لتجد فرصة لتثبت له كم هي مخلصة لحبه.....وكم هو بالحاجة لها في الوقت الحالي وكانت تعلم أن السيد (فرناندو) عرض عليه في تلك الأوقات الصعبة أن يتزوجها لكي ينسى الجحيم الذي يعيش فيه قبل أن يقضي عليه ولكنه كان يبقى صامتا دون رد......كانت تدعو ربها كل يوم أن يجيب بنعم....وكان لديها أمل كبير أن يستجيب الله لدعائها.....



أما السيد (فرناندو) فلقد كان حانقا بشدة على (الفريدو) الذي يترك العمل ويترك حاله هكذا حتى أوشك على الموت دون أي هدف وكأنه.....يموت ببطء.....كان سعيدا لأنه انتهى من تلك الخادمة ووالدها والآن يأتي ابنه ليندب حظه على فقدانهما فيضيع العالم لأنه حزين عليهما....كان يكثر من زياراته له في الآونة الأخيرة ليقنعه من أن السبيل الوحيد للنسيان هو الإنغماس في العمل والزواج (بفلوريا) التي تكاد تحرق نفسها لتضئ له ظلمة قدره فكان يكتفي بالصمت المطبق والتحديق في اللاشئ حتى أن (فرناندو) كان يرسل (سيسل) لتعيد كلماته على مسامع (الفريدو)......الى أن جاء اليوم الذي انهار فيه وقال :



"لا بأس......ساعود للعمل.....وإذا أردتم تزويجي.....فلتفعلوا ما تريدون.....فلم يعد يفرق عندي سواء (فلوريا) أو غيرها....."




فاسرع السيد (فرناندو) بتسجيل زواجهما رسميا قبل أن يعود (الفريدو) الى وعيه ولم يستطيعوا أن يقيموا إحتفالا لأن (الفريدو) رفض ذلك فلم تكترث (فلوريا) لأن كل ما أرادته أن تكون زوجته رسميا وكانت موقنة في قرارة نفسها أنها ستنجح في جعله يحبها ولكنها لم تعرف ما ينتظرها.....فلقد فوجئت أن زوجها كان مريضا.....مريضا نفسيا فلقد كان يتخيل (أنجليتا) في كل مكان أمامه ويحدثها وتحدثه كالمجنون ويقف لمحادثتها وأحيانا يتخيل أنه يعانقها.....كان طيف (أنجليتا) يخيم على قصرهم وينغص حياتهم.....إنها تذكر جيدا يوم كان يتقلب في نومه وهو يحلم بكابوس مزعج حتى حاولت إيقاظه وما إن فتح عينيه حتى ظنها (أنجليتا) ونهض وقام بمعانقتها بقوة وهو يرتجف ودخل في دوامة من البكاء الهيستيري وهو يقول :



"لقد قالوا لي أنك ميتة كنت أعلم أنهم يكذبوا فانت لن تتركيني هكذا أليس كذلك؟ّ!!...أنت تحبيني كما أحبك ولن تتخلي عني بهذة البساطة....أرجوكي قولي لي أنك معي وأنك لن تتركيني...."




فشاركته البكاء حسرة على نفسها وهي مضطرة أن تشاهد (الفريدو) الذي كان مثالا للرجولة والقوة والتفاؤل في نظرها ينحدر الى هذا المستوى ويفقد عقله شيئا فشيئا لأجل ارتباط قلبه بامرأة لم تعد تنتمي لهذا العالم الآن فقالت له :


"أجل يا (الفريدو) أنا لن أتركك....سأبقى الى جانبك دائما.....أنا أحبك من كل قلبي...."



فهدأ وعاد للنوم وعندما نهض اليوم التالي تصرف وكأن شيئا لم يكن كانت تعلم أنه احيانا يتصرف تصرفات لا يعيها وكان يمزق قلبها أن تتأكد كل يوم أكثر من الذي قبله انه من المستحيل لها أن تدخل قلبه فهو ببساطة لا يراها حوله ويعيش في خيالته المعذبة هو وزوجته الراحلة معظم ساعات يومه حتى أنه كان بإمكانها أن تعد الساعات التي كان يبقى فيها طبيعيا مدركا لموت (أنجليتا) فكانت تشتكي لأمها والسيد (فرناندو) فلا تجد آذان صاغية بل ويخبرونها أن عليها أن تتحمل.....وأن ما فيه شئ طبيعي نتيجة لشدة أساه.....بل ويلومونها احيانا أنها أختارته رغم ما فيه فعليها أن تتحمل نتيجة اختيارها فكانت تبكي الليالي أسفا على ما آلت اليه أمورها وأمور (الفريدو) وهي التي ظنت أنها حققت كل احلامها بالزواج منه وأن كل ما سيأتي هو السعادة فقط وليس غيرها.....كانت تحاول طويلا أن تجعله يحبها وأن ترعاه في كل وقت.....ولكنه كان يبدو كجسد بلا روح..........كان يبدو ميتا.............ولم تفلح محاولاتها في جعله حتى يبتسم.......



كان (اندريه) يلاحظ أن صديقه أصبح فعلا مريضا نفسيا وكان يحاول أن يجعله يتعقل دون جدوى فلقد أودت الصدمة بعقله تماما وأصبح يهذي ويتخيل اشياء لا وجود لها.....بدا على حافة الجنون....كان (اندريه) يشعر أن يتمزق فلقد فقد أغلى الناس له وهاهو على وشك أن يفقد أعز أصدقاءه أيضا....كانت الأشهر تمر ولا أمل في شفاء (الفريدو)....حتى مر عام تقريبا على تلك الصدمة المروعة وكان هو عائدا من ميلانو مع (الفريدو) فأوصله الى (كازابيانكا) ولكن (الفريدو) لم يتجه الى الباب بل اتجه نحو الحديقة فصرخ (اندريه) من العربة :


"ما تنوي أن تفعل يا مجنون؟!.....السماء تمطر بغزارة شديدة....اذهب الى بيتك ستصاب بالتهاب رئوي.."


فالتفت له (الفريدو) وياللعجب كان يبتسم ابتسامة ظافرة وهو يقول :


"أنها هنا يا (اندريه).....إنها هنا أكاد أراها....أنها تضحكني وتهرب مني وسط الأشجار....أشعر بروحها قريبة جدا مني.....بل أني اكاد أشعر بأنفاسها تلامس خدي....!!"


وانطلق بين الأشجار وهو يضحك فصرخ (اندريه) :


"ألم تفهم؟!.....أخبرتك ألف مرة أنك تتوهم هذا...كف عن جنونك هذا وعد للبيت..."


ولكن كالعادة لم يستمع له فاستسلم (اندريه) وقرر أن يتركه وشأنه وذهبت به العربة الى بيته كان المطر شديدا فعندما نزل (اندريه) نظر الى السماء وشعر وكأنها دموع.....دموع قلبه على ما وصل به حاله وحال (الفريدو) وظل يحدق في السماء حتى تبلل وجهه وقبعته ومعطفه وناداه الخادم :


"أرجو أن تدخل يا سيدي....أرجوك!!!"



فانزل عينيه باستسلام واستدار ولكن ما لبث أن تجمد في مكانه......وأعاد نظره الى ذلك الشبح الذي يقف بين الأشجار......كان الشبح يحدق به هو وحده لكنه كان دون معالم...ولكنه لم يشعر أنه لص مثلا بل شعر بشعور غريب وظل يقترب ويقترب دون أن يتحرك الغريب خطوة واحدة وما إن أصبح (اندريه) أماه مباشرة حتى استطاع أن يميز ملامح الغريب....




لم تكن سوى (أنجليتا)!!!!!!.....


كانت ترتدي معطفا يغطي كل جسمها وكانت شاحبة كالأموات على وجهها نظرة ساهمة ولكن عيناها كانت تحدق به دون شك.....كانت هي بلحمها وشحمها...ظل يحدق بها بذهول دون أن يكون قادرا على الإتيان بأي حركة حتى تحركت شفتاها وقالت :




" (اندريه) ......"


بصوت خافت فأخذها بين ذراعيه بسرعة خاطفة....كان يمسك بها بقوة وكأنه شعر أنها ستختفي من أمامه وهو يقول :


" (أنجليتا)؟!.....يا إلهي (أنجليتا)......الحمد لله.....لا أصدق ما أرى.....انت حية؟!......"


ثم ابتعد عنها ليرى وجهها بوضوح.....كانت تحدق به دون كلمة وكأنها لا تراه فقال :


"ما الأمر؟!....أرجوك....قولي شيئا...ماذا أصابك؟!....."


ثم شعر بشئ بين ذراعيها وهو يعانقها وعندما نظر بوضوح فوجده طفل رضيع مدثر بقماش سميك ليحميه من البرد والمطر كان الطفل نائما فذهل وقال :


"هل....هل هذا ابنك؟!..."


فهمست :


"(اندريه)...... (اندريه)....أنجدني...!!!"


ومن ثم سقطت مغشيا عليها......بين ذراعيه فأمسك بها وأمسك بالصبي حتى لا يسقط من يدها ثم نادى بصوت عال :


"فليساعدني أحد....أيها السائق.....فليساعدني أحد..."



بعد ظلام طويل سمعت (أنجليتا) صوتا ينادي باسمها.....كان يناديها من بعيد وظل يقترب ويقترب حتى فتحت عينيها فوجدت (اندريه) أمامها يناديها فقال عندما فتحت عيناها :


"صحوت حمدا لله.....لقد بقيت الليلة كلها هنا أحاول مناداتك...."


فنهضت بفزع وقالت :

"ابني؟!....ابني أين هو؟!...."

فأمسك (اندريه) كتفها وأرجعها الى حيث كانت وقال :


"لا تقلقي عليه....أنه نائم....لقد احضرت واحدة من القرية لترضعه بينما كنت نائمة...."


فوجدته نائم في حجره بهدوء فارتاحت ووجدت أنها نائمة على سرير كبير ذو ستائر عالية في غرفة ضخمة مليئة بالأثاث الفرنسي العتيق ولوحات زيتية لأشخاص لا تعرفهم فنظرت الى (اندريه) فرأته يتأملها بشوق ولهفة ثم قال :


"لا أصدق أنني أراك حقيقة....كم أنا سعيد لأنك....عدت.....الجميع هنا ظن أنك...."


"مت؟!...."


"نعم.....ما الذي حصل؟!.....هل ذهبت الى (الفريدو) ؟!...لابد وأن يجن من السعادة...أقصد أن يستعيد عقله...."



فادارت (أنجليتا) رأسها وانسالت دموعها على خدها بغزارة فدهش (اندريه) وقال:



"ماذا بك يا عزيزتي؟!......لما الدموع؟!....ألست سعيدة بعودتك؟!...."




"على العكس......بعد أن عدت أشعر برغبة في الموت...."


"ما هذا الذي تقولينه؟!.....لماذا ذهبت؟!...لم يكن عليك أن تري كلومبيا في مثل هذا الوقت العصيب ودون إخطار (الفريدو)....ثم كيف نجوت من السفينة؟!...."



"أي سفينة؟!.....ما الذي تعنيه؟!.....ربما سيكون صعبا أن أشرح لك...لقد كانت كلها خدعة السيد (فرناندو) .."


"ما....ماذا تعنين؟!....أشرحي لي ما حصل بالتفصيل...."


"لقد أجبرني السيد (فرناندو) و (سيسل) على كتابة تلك الرسالة (لالفريدو) وأجبراني على كتابة ما فيها كما أخرجاني من إيطاليا وحذراني من العودة مجددا وهدداني بالقتل وأخبروني أني لن اكون قادرة على العودة فبفضل نفوذ السيد (فرناندو) جعل اسمي من المحظورين دخولهم للبلاد....مما اضطرني الى المجئ بطريقة غير شرعية على سفينة أمتعة.....كان على أن أعود (لالفريدو) بأي ثمن..."


"ولكن هل تعنين أنها كانت مكيدة السيد (فرناندو) ؟!............ولكن لما انتظرت سنة كاملة حتى أتيت؟!...."


"عندما وصلت الى كولومبيا اكتشفت أني حامل فقررت أن أبقى هناك حتى ألد الطفل فلقد خفت على نفسي إذا عدت وحاولوا قتلي أن يقتلوا طفلي أيضا..."



"ولكن كيف نجوت من غرق سفينة (كاتينا)؟!..."



"(كاتينا)؟!....أنا لم أركبها.....لقد غرقت قبل أن أسافر أنا....لقد سافرت بعد غرقها بإثنا عشر ساعة......لكن لماذا تقول أني ركبتها؟!..."


"لأننا وجدنا حقيبتك ومتعلقاتك في تلك السفينة..."


"ماذا؟!....تعني الحقيبة التي رفضوا أعطائي إياها....لا بد وأن السيد (فرناندو) تحايل ووضع حاجياتي هناك عند رجال الميناء ورشاهم أن يقولوا أنها كانت موجودة على السفينة ليبدو أني كنت على تلك السفينة......الآن فهمت عندما قال لي أن (الفريدو) لن يسأل عني وسينساني...لأنه...سيظن أني مت...لابد أن السيد (فرناندو) عندما قرأ خبر غرق سفينة (كاتينا)....جاءت له تلك الفكرة...."



"يا لإلهي.....لابد وأن (الفريدو) سيسعد جدا برؤيتك..."



فعادت لبكائها مجددا وغطت وجهها بيدها وانسدل شعرها الأسود على كتفيها وهي تبكي بحرقة ثم قالت :


"لا.....لقد كان السيد (فرناندو) محقا.....لقد نسيني (الفريدو).....لقد كنت في (كازابيانكا) قبل أن آتي إليك....قابلت السيدة (سوزي) التي ذهلت لرؤيتي وعندما علمت أن (الفريدو) قد تزوج لم أتحمل الخبر وبكيت كثيرا وحينها كان (لوسيانو) ينادي عليها فقلت لها ألا تذكر شيئا عن ظهوري وأني سآتي لأراها مجددا ثم خرجت من هناك وأنا كمن شعر بزلزال وعندما عاد لبيته وجده حطاما........شعرت بوحدة قاتلة ولم أعرف لمن ألجأ.....كانت السماء تمطر بغزارة فلم أجد غير هذا المكان لآتي إليه......لقد وقفت فترة طويلة أحدق في بوابة القصر حتى أتيت أنت بسيارتك ورأيتني......لقد كنت كمن بترت كل جذوره....لا أعلم لو أنك لم تكن موجودا ماذا كنت سأفعل......فحتى زوجي الذي كنت أعشقه عشقا لن أعشقه لأحد من بعده قد نسيني وتزوج غيري في أسرع وقت.....لا أستطيع أن أصدق......أنه بعد كل ما بيننا استطاع أن يستبدلني بغيري بمجرد غيابي...."



فأمسك (اندريه) بذراعيها وهزها بقوة وقال :



"أفيقي من أوهامك هذة......لا تحكمي على شئ قبل أن تري بنفسك.....أنت لا تعرفين ما جرى له.....لقد فقد عقله عندما فقدك......أنه الآن كصورة بلا ألوان....مثل الورق الذابل...ليس فيه أي شئ يدل على أنه حي سوى أنه يتحرك.....انت نفسك إذا قابلته لن تتعرفي عليه......لم يكن يأكل أو يكلم أحدا كان يسهر الليالي حابسا نفسه في غرفته يبكي ويهذي.....حتى أن الجميع أصبح يعرف أنه مريض وأنه يتخيل طيفك في كل مكان ويحدثه......لقد أصبح مريضا للغاية وعلى حافة الجنون.....وأظن أنك العلاج الوحيد لحالته...."


"لا لن أذهب لرؤيته......لا أستطيع....."


"بل ستفعلين....يجب أن تفعلي...يكفيه ما عاناه طوال تلك السنة وهو يظن أنك ميتة....لن أتحمل يوما آخر يعيش فيه في عذاب دامي كل لحظة.....ستذهبين لمقابلته....يجب ان تفعلي...وليرى ابنه أيضا..."



وتركها وظل يحدق بالصبي ويلمس جلده الناعم ثم ابتسم بحنان وقال :


"أنه يشبهك كثيرا يا (أنجليتا).....لونه برونزي وشعره أسود.....ولكنه أخذ عينا (الفريدو) أليس كذلك؟!......عموما لقد أخذ أجمل ما فيه......أخذ سحر (الفريدو) وسحرك أيضا.....لا بد وأن يكون فاتنا وسيكون محطم قلوب العذارى عندما يكون شابا.....ماذا أسميته؟!...."


" (جوفاني) ...!!"


فنظر (اندريه) لها بدهشة وقال :



"غريب!!...لطالما أراد (الفريدو) أن يسمى بهذا الإسم....لقد اخترت الإسم المناسب.."


"أعلم......أنه الإسم الذي اتفقنا عليه انا وهو لنسميه لإبننا........لم اصدق عندما علمت انه ولد.....كنت اتمنى لو انجب بنتا...."


"سيطير (الفريدو) من فرط السعادة بتلك الأخبار.....انك تبدين متعبة الآن.....ارتاحي قليلا ومن ثم سآخذك اليه لتريه..."


فعاد الحزن الى وجهها من جديد وقالت :


"سمعت أنه تزوج (فلوريا).....لابد أنها سعيدة للغاية فهي كانت تحبه بشدة وتمنت لو تتزوجه.....لابد أنها ستمقتني إذا ظهرت في حياتهم من جديد...لابد أنهما استمتعا للغاية..."


"لا تقولي هذا.....لقد كان (الفريدو) يائسا من الحياة يرغب بالموت كما كان بحاجة لمن يراه ويسهر على راحته.....ولقد ألح عليه السيد (فرناندو) بهذا....لقد كانت تلك خطته....ذلك الخبيث....حتى أن الزفاف لم يكن باحتفال كبير أو أي شئ من هذا.....كان كل غرض (فلوريا) أن تتزوج (الفريدو) رسميا ولا يهمها شئ آخر....ولكني اعتقد أنها لن تحصل على سعادتها المنشودة أبدا فلابد أن (الفريدو) سيشطاط غضبا لما فعله والده ولابد أن تحصل مهزلة بينهما بعد ذلك....أتمنى لو تؤول الأمور الى الخير....ولكن عليك مقابلة (الفريدو) بسرعة...سأذهب لأطلب من الخادمة أن ترسل لك طعاما....هيا إرتاحي ولا تفكري بأي شئ.....وانت أيها الصغير نم جيدا وغدا ستلعب مع عمك طوال اليوم....."




ثم غادر الغرفة تاركا (أنجليتا) بين هواجسها ودموعها فهي لم تفق بعد من صدمة زواج (الفريدو)....ولم تدري ماذا سيكون وضعها بعد ذلك وتساءلت هل سيتخلى عنها وعن أحلامهما معا.......هل نسي حبها....أم أن الكلام الذي قاله صحيح....لكن ربما حاول مواساتها....ظل صراعها النفسي محتدما بداخلها وهي تحمل صغيرها بين ذراعيها ودموعها تتساقط على وجهه وهي تهدهده بحنان وتقول هامسة :


"حبيبي....سترى والدك وسيعانقك ويقبلك....نعم ستراه!!"



أخذ (اندريه) (أنجليتا) والطفل الى قصر (كازابيانكا) وابقاهما في العربة ودخل يسأل عن (الفريدو) ولكنه عاد وحيدا وطلب الى السائق أن يتجه بهم الى الحديقة ثم ترجلوا من السيارة وظل سائرا بها بضع دقائق ثم قال :


"كدنا نصل....أنه يجلس هنا عادة..."



ولكنها توقفت فاستدار وقال لها :


"ماذا؟!...ألا تريدين رؤية زوجك؟!....أنه على بعد خطوات من هنا...."


"كنت السنة الماضية أتمنى تلك اللحظة.....بل كنت أتخيلها من وقت لآخر ولكني لم اتخيل أبدا.....أنه سيفعل ما فعل.....لا أرغب بالذهاب لرؤيته....."



"هيا يا (أنجليتا) ....لا وقت للكلام.....أنه زوجك وانت زوجته ولن يستطيع أحد تغيير هذة الحقيقة.....كما أنا واثق أنك لو رأيته ستغيرين رأيك كليا وستزول بذرة الجفاء في قلبك ويغمره الحنان والشوق....."



ثم سار بها قليلا ونظر من خلف شجرة عملاقة حولها أشجار متشابكة تسبق ساحة الأزهار الذهبية التي يتوسطها جذع نائم على جنبه كان يجلس فوقه رجل فقال لها :


"هذا هو......تعالي وأنظري بنفسك....."


ثم حمل منها الطفل وهي توقفت مترددة وشعرت بقلبها يكاد يخرج من مكانه أنها على وشك أن ترى حبيب قلبها الذي افترقت عنه تلك السنة.....سنة كاملة تفصل بينهما....كالجدار وسألت نفسها هل سيستطيعان أن يمحوا تلك السنة التي شرخت حبهما ثم قالت لنفسها وماذا يعني.....هاهو الرجل الذي يعشقه قلبها أمامها....ستذهب اليه وهي لا تكترث بأي شئ حتى لو هجرها أو نعتها بالخادمة فهي تريد أن تراه وتستقر بين ذراعيه ولا يهمها ما سيكون قراره.....فرفعت بصرها ببطء ورأت رجلا هزيلا جالس على ذلك الجذع ينظر أمامه دون حراك.....كان شعره مشعثا بفعل الريح وحركات أنامله العصبية داخل خصلات شعره....كان وجهه شاحبا بشدة وعيناه ذابلتان محلقتان بالسواد وكأنه قضى سنوات دون ان يغمض له جفن باختصار لم يكن لحبيبها (الفريدو) المرح المفعم بالحياة أي أثر فتحطم قلبها لرؤيته وسالت دموعها....شعرت أنها تنظر لرجل شبه ميت......وتراجعت وهي تشهق بأسى فأمسك (اندريه) بذراعها وقال :


"إذهبي إليه!!......أعيدي إليه الحياة!!...أعيدي قلبه الذي فارقه راحلا معك....أنه لا يستحق منك حتى أن تشكي في حبه.....أذهبي وأنا سأبقى هنا مع (جوفاني) "



فترددت لحظة ثم سارت ببطء تجاهه ووقفت على مقربة منه....فلم يبدو عليه شئ يدل على أنه شعر بوجودها فنادته على مقربة منه.... نادته بصوت واهن:




" (الفريدو) ...."



فطرفت عيناه لحظة وبعد دقيقة من الصمت تحركت عيناه في اتجاهها وما إن رآها حتى دمعت عيناه وظل يحدق بها للحظة.....كان بريق عينيه منطفأ فسالت دموعها هي الآخرى ونادته من جديد :



" (الفريدو)..... (الفريدو) "


فأمسك برأسه وضغط على خصلات شعره ثم خرج صوته بكل أسى العالم وقال :

"نعم أظن أني مريض فعلا.....ربما أن ما يقوله عني الناس صحيح ولكني أراك.....أراك في كل مكان.....وكل مرة أراك بصورة أوضح من السابق.....حتى أنك تبدين لي كما لو كنت حقيقية....أه لو تعلمين كم أتعذب....الناس يظنونني مجنونا....(ثم رفع رأسه وقال)ولكن أتعلمين؟!....إذا كانت رؤيتي لك وملازمتك لي في كل مكان يعني الجنون..... فأنا أفضل أن أكون سيد المجانين على أن تختفي من حياتي.....أعرف أنك من خيالي لكن بالله عليك لما فعلت هذا؟!.....لما تركتني؟!....أتخبط في تلك الحياة وحدي....لما تركتي الأحزان تهزمني؟!....لما تركتني؟!..."


وغطى وجهه باكيا فكادت تنهار على الأرض حزنا واقتربت أكثر وقالت :


"يا حبيبي (الفريدو) ......انت روحي وإن تركتك.....فلقد كنت ميتة بدونك......كان يجب أن أفعل....وإلا لما كنت لأبتعد عنك ميلا واحدا....لو تعلم كيف كانت حياتي بدونك.....ولكني لن أتركك مجددا.....أبدا لن افعل....أرجوك تعالي إلي.....تعال.."


فرفع رأسه ودموعه على وجهه ونظر لها نظرة متشككة وقال :


"انك......انك تبدين حقيقية بشكل لا يصدق فانت تعلمين أن كل ما أريده هو ان أضمك بين ذراعي.....أرجوك لا تعذبيني..."



ثم نهض وهو ينظر إليها وتقدم خطوتين ثم قال :


"فليظنوني مجنونا لا يهمني.....فأنا أريدك بشدة...حتى لو كنت في خيالي.....تعالي وأسكني أحضاني....!!"


فاقتربت منه ووضعت يدها على وجهه قائلة :


"لن أعذبك ابدا صدقني يا (الفريدو).....أنا حقيقية لم أمت...أنا معك قلبا وقالبا يا حبيب فؤادي.....ولن نفترق بعد اليوم"


فلمع في عينيه الأمل ومد يدان ترتعشان وأمسك بها وظل يتحسسها ويتحسس وجهها وهو لا يكاد يصدق قائلا :


"انت حقيقية؟!...انت موجودة معي حقا؟!.....انت حية يا (أنجليتا) ؟!....هذا ليس حلما أليس كذلك؟!....."


"لا ليس حلما....خذني الى أحضانك.....فلقد انتظرت طويلا لتلك اللحظة..."


فعانقها......عانقها بكل الطاقة الموجودة بجسده.....وتشبث بها كما يتشبث الغريق بقشة.....كان يضمها بشدة حتى شعرت أنها ستختنق وقال :


"كنت أعلم أنك حية....كنت أشعر بأنفاسك في هوائي....ولم يصدقوني.....لم يصدق أحد قلبي"


فظلت هي تبكي بين ذراعيه وأصابعها تتخلل شعره وذابت تلك السنة بين نيران شوقيهما ولم يتبقى منها شئ وأستعر حبهما ليصبح أقوى من الماضي فالنيران الزرقاء لا تنطفئ حتى لو سكبت أطنان من المياة فوقها بل تزداد استعارا وهمس في إذنها:




"أحبك...أحبك.."


وقالت هي :


"وأنا أحبك يا أغلى انسان في الوجود.....انت عائلتي الوحيدة في هذا العالم.."


ثم نظرت في عينيه وقالت :


"أريدك أن تراه.....أن ترى (جوفاني) ..!!!"



وذهبت الى (اندريه) فأعطاها الصغير بين ذراعيها فعادت به الى زوجها وقالت :

"هذا .....هو (جوفاني).....بذرة حبنا معا.....أنه ابننا يا (الفريدو) ..!!!"


فابتسم (الفريدو) ابتسامة دهشة بين دموعه وحمل الصغير بين ذراعيه ثم قبله وقال :


"أنه.....أنه أجمل مخلوق وقعت عليه عيناي....أيها المخلوق الملائكي الصغير..."


ثم ظل يقبله حتى بللت دموعه وجه الصبي وحملت هي الطفل بين ذراعيها فعانقها وعانق الصبي وهو يبكي ونظر الى السماء وقال :


"يا اله السماوات.....أحمدك يا إلهي......أحمدك وأشكرك...."



وظل الثلاثة في أحضان بعضهم....ظل الحبيبان يبكيان فتأثر (اندريه) بشدة ومسح دموعه وتقدم منهم فنظر اليه (الفريدو) وقال :


"يا (اندريه)......أشكرك من كل قلبي....لقد أعدت الي روحي من جديد....!!"
فابتسم وقال :


"لم أفعل....بل هي التي لم تحتمل فراقك....."





كان السيد (فرناندو) جالسا يستمع الى (فلوريا) وهي تخبره عن الخبر الذي انتظر سماعه منذ سنوات فضحك بانتصار وهو يدخن غليونه ثم قال :


"لقد حصل ما تمنيت تماما....أحسنت يا (فلوريا).....أنت تستحقين عن جدارة اسم عائلتنا... .......(فان دييجو) !!!"


ولكن (الفريدو) دفع الباب بقوة ودخل وهو يكاد ينفجر غضبا فنظر اليها باشمئزاز ثم نظر الى والده وقال بصوت مثلج :



"إذن....فكل هذا كان من خطتك.....كيف فعلت هذا؟!....كيف أمكنك أن تفعل هذا؟!.....لقد كدت تدمرني وتحطم حياتي....كل هذا لأن زوجتي لم تأتي على هواك....كنت تريد أن توهمني أنها ماتت وهي حية؟!....أي قلب هذا الذي تحمله في صدرك؟!...."



فصعقت (فلوريا) لما سمعت أن (أنجليتا) حية وكاد يغمى عليها فصرخ (فرناندو):



"أخرس يا ولد......أنا أفعل ما يحلو لي....ليس انت من يعلمني كيف أتصرف.."



"لكنها حياتي.....حياتي أنا التي تتصرف بها....وليست شركة من شركاتك تفكر في مصيرها.......ولكني لن أسمح لك بأن تتحكم في حياتي من جديد ولن تكون لك سلطة علي بعد اليوم و (أنجليتا) ستبقى زوجتي وأم طفلي ولن أسمح لك بتغيير شئ من هذا....أما هذة المرأة...التي وضعتها في حياتي بأمرك......فلن تكون زوجتي بعد اليوم أبدا..."


فصرخ (فرناندو) :



"أتهددني يا ولد؟!....هل تعرف من تكلم ايها الشاب الأخرق؟!....إن النساء للرغبات فقط أيها الوغد ويمكن ان تستبدلها في أي وقت مع من تريد!!!..."


فصرخ (الفريدو) :


"نعم أنا لا أعرف من اكلم ولكن ما أنا واثق منه أنك لست أبي قطعا....وامرأة واحدة هي من تسكن كيانك وقلبك بحيث يكون مجرد النظر لغيرها مناف للعقل.....لقد عرفت الآن أن أمي كانت محقة بشأنك..."


وهم بالرحيل فصرخت (فلوريا) وقالت :



"لا يا (الفريدو).....لا تفعل....هل ستتركني؟! ....تتخلى عني بعد ان وقفت أنا الى جانبك وتفهمت حزنك واحتويته دون الناس جميعا؟!....انت تعلم أني أحبك ولم أحب غيرك طيلة حياتي..."

فالتفت لها ورأت في عينيه حال قلبه المجرد من العاطفة ناحيتها وقال :



"لا يهمني ذلك.....أنا أحب امرأة واحدة.....وهي (أنجليتا) فقط ليس غيرها...!!"


"لا لا تفعل....ألا يوجد في قلبك ذرة من الرحمة؟!....أقسم أني لست جزءا من تلك الخطة....ولم أعلم شيئا عن كونها حية وأقسم أني لو علمت لما وافقت على الزواج بك أبدا..."


"لن تمنعيني....لقد انتهى الأمر بالنسبة لي.....لن أكون (الفريدو) السابق الذي يراعي شعور الآخرين بعد اليوم ويسير حسب رغباتهم.....من الآن فصاعدا سأعيش حياتي كما أريد أنا أن أعيشها مع من أريد أن أعيشها ولن يتدخل أحد في قراري..!!"


وكاد يغادر فقالت :


"حتى لو كنت....حامل؟!...."


فتجمد (الفريدو) مكانه ونظر اليها بذهول وقال :

"حامل؟!...."


"نعم حامل.....في الشهر الثاني..!!!!"


واثقة الخطى غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 23-05-10, 07:30 PM   #20

reahab
 
الصورة الرمزية reahab

? العضوٌ??? » 99735
?  التسِجيلٌ » Oct 2009
? مشَارَ?اتْي » 652
?  نُقآطِيْ » reahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond reputereahab has a reputation beyond repute
افتراضي

بجد فعلا جميلة لا رائعة
بس انت كنت بتشوقينا اكتر
هى كام فصل يعنى لسة كتر اية رايك لو تنزلية كله مرة واحدة


reahab غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:30 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.