12-05-11, 12:52 PM | #1 | ||||
نجم روايتي وقاص فـي قـسـم قصص من وحـي الاعـضـاء
| العد التنازلي..... بسم الله الرحمن الرحيم ************************** في بعض الأحيان تتمنى أن يكون ما تمر به حلما عابرا ، أو حتى كابوسا مرعبا !!! .. لأن الحقيقة أشد رعبا منهما.... على غير عادتي لم أكن في فراشي الناعم .. ولا أتذكر أني غادرته ، لكنني ... يا إلهي أين أنا ؟ .... ظلام دامس يحف المكان ، وعدد لا يحصى من الناس يسيرون في نفس الاتجاه ، و كأنهم منومين مغناطيسيا ... يمشون ببطء ، وبيد كل واحد منهم شمعة صغيرة ، تتراقص شعلتها مع هبات النسيم الخفيفة ... أما أنا فقد كنت وسط هذا الحشد الهائل ، وكأننا بعثنا ليوم القيامة .... وكنت أحمل في يدي شمعة صغيرة تنير لي الطريق جزئيا ... لا أدري ما أعبر عنه ... على عكس ما تتوقعونه لم أكن خائفا أو مرعوبا من هذا الوضع الذي أنا فيه .. بل أجدني هادئا ومطمئنا إلى حد كبير .. ولا أفهم سبب ذلك ... و أجدني اتابع السير بخطى ثابتة مع الموجة البشرية الهائلة .. شيوخ ، ورجال و نساء و أطفال ... و الأغرب من ذلك هو أننا بلون بشرة واحد ... ولا تسألوني عنه ، فأنا مثلكم متفاجئ أنني لا أعرفه ، فلم يسبق لي أن ر أيته طيلة حياتي ... والكل يرتدي لباسا واحدا متشابها بلون أبيض ... ( يتبع .........) | ||||
13-05-11, 12:27 PM | #5 | ||||
نجم روايتي وقاص فـي قـسـم قصص من وحـي الاعـضـاء
| بسم الله الرحمن الرحيم ****** تتمة**** كان السيل البشري يتقدم بهدوء ، فلا تسمع إلا وقع أقدامهم ... ولم يكونوا يتكلمون مع بعضهم البعض ، وكأنهم أصيبوا بخرس مفاجئ .... لكنني كنت أحس بحاجة جامحة للكلام ، على الأقل لأعرف ماذا يجري هنا ... ولم نحن نساق هكذا كالخرفان إلى حتفها ؟ ... كان بجانبي مجموعة من الأطفال ، فسألت أحدهم بنبرة هادئة : - مرحبا ، أين نحن ذاهبون؟ هل تعلم ؟ ... حملق في بغرابة ، وتجهم وجهه ، ثم ابتعد عني مكشرا عن أنيابه ، ومهيئا نفسه للهجوم علي !!! ... وكأنه رأى شيطانا رجيما ... لم أحاول أن أسأل أحدا من الأطفال الشياطين مجددا لعلمي بعدم جدوى ذلك ... خاصة بعدما وجهوا لي نظرات غريبة ، تتطاير من أعينهم شرارات الغضب والكراهية التي لا أعرف لها سببا .... أخذت أقلب رأسي في جميع الاتجاهات ، و أتفرس الوجوه ، لكن للأسف لم أجد وجها واحدا أرتاح إليه ... فقد كانت كل الوجوه متجهمة ومنقبضة و عدوانية لحد كبير ... و كأنهم مرضى بداء الكلب أو داء وحش خطير ... ..... ( يتبع ....) ............ | ||||
14-05-11, 11:59 AM | #10 | ||||
نجم روايتي وقاص فـي قـسـم قصص من وحـي الاعـضـاء
| بسم الله الرحمن الرحيم ***** تتمة ***** لكنني لم أستسلم بعد ... أخذت أتفرس في الوجوه مجددا لعلي أجد أحدا آخر يمكنه ان يخبرني بما يجري هنا ، ويشفي غليلي فأرتاح ... كانت جميع الوجوه تعلوها ملامح القسوة والعدوانية بلا استثناء ... بعد فترة من البحث اليائس عثرت على شاب غريب الأطوار ، فقد كان يمشي وهو مغمض العينين ، وملامح وجهه أقل عدوانية من الآخرين ، استجمعت قوتي ، و اقتربت منه لأسأله ... تموقعت خلفه مباشرة ، ثم قلت له بسرعة وحذر : - أين نحن سائرون ؟ استيقظ فزعا من سباته العميق ، وكأنني صدمته بشاحنة !!!.. استدار نحوي بوجه يملؤه الغيظ والكراهية ، وبقبضة قوية من يده اليمنى لكزني على صدري ،فطرحني أرضا ... ومما زاد الأمر سوءا أنه لا أحدا من المارين ساعدني ، بل اكتفوا فقط بنظراتهم المسمومة العدائية ، وكأنهم يتلهفون هم أيضا لضربي لو استطاعوا ، لكنهم لحسن حظي لا يريدون أن يتوقفوا عن مسيرهم الآلي ... قمت ، و أنا أتألم من ضربة ذلك اللعين النائم !!.. وتمنيت ألف مرة لو أنني ماتكلمت معه، ولا سألته ... ونتيجة لما أصابني عدلت مؤقتا عن فكرة طرح الأسئلة على أي من هؤلاء المعتوهين الشرسين كي لا أصاب بأذى .. فاكتفيت بالمسير مثلهم ، وكأن شيئا لم يحدث .... وبينما أنا أسير مع البقية لوجهة الله وحده يعلمها ... لمحت من بعيد شيئا مثيرا ، لمحت شابة تمشي بمفردها مطأطئة رأسها ، غير مكثرتة بما يجري حولها ، مكتفية بالمسير مثل الجميع فقط ... كان إحساسا بداخلي ينبئني أنها مختلفة عن الباقين ... وكذلك كان ... لكن جسمي لم ينس بعد ألم اللكمة القوية ، فكنت في حيرة من أمري ، هل أذهب إليها و أسألها ؟ أم لا ؟ ... لكنني قررت أمرا آخر ، وهو أنني أقترب منها جيدا ، ثم أقرر ، هل أكلمها أم لا ؟ .. بدا لي الأمر هكذا أحسن ... كانت تبعد عني بأمتار قليلة ، فأخذت أقترب منها شيئا فشيئا ، والأنظار العدائية المسمومة لا تفارقني ... حتى صرت محاذيا لها تماما ... لم تكثرت لحضوري ، فقد كانت حاضرة بجسمها ، غائبة بوعيها ... فاكتفيت بالمشي معها حتى يترجح لي التحدث معها ... مشينا مسافة طويلة ، كدت أنسى معها مهمتي التي جئت من أجلها ... لكن حدث شيء جعلني أقرر فورا سؤالها ، وذلك أنني تناهى إلى مسامعي صوت غمغمة لم أتبين معناها ، كانت الشابة قد أصدرتها ، فأرهفت سمعي جيدا ، فسمعتها كأنها تتحدث مع نفسها بكلام منخفض جد لا يكاد يسمعه أحد ، مع جلبة المشي.... لم تشعر أنني كنت أتنصت عليها ، وإلا لاكتفت فورا عن مناجاة نفسها ... اقتربت منها أكثر ، حتى صرت ملاصقا لها ، ثم همست في أذنها اليمنى بسرعة دون أن يسمعنا أحد : - إلى أين نحن سائرون ؟ كان وقع كلماتي عليها شديدا ، فقد انتفضت بقوة ، و توقفت فجأة عن المسير ، ونظرت إلي بنظرة ليست عدائية ، بل بنظرة دهشة واستغراب ... وبعدما أفاقت من دهشتها ، تظاهرت بأنها لم تسمع شيئا ، وأكملت مسيرها ، لكن بحذر شديد مبتعدة عني ... فتيقنت أنها مختلفة عن الباقي ، فتابعتها عن قرب ، ولم أشأ أن أطرح عليها سؤالا آخر ... كانت تراقبني ، وتترصد حركاتي .. ثم بعد مدة قليلة اقتربت مني ، وهمست في أذني بحذر كما فعلت أنا معها : - هل أنت حقا لا تدري أين نسير ؟ فأجبتها باقتضاب : - نعم .. لأني لا أتذكر شيئا .. ردت علي قائلة ، والدهشة تغمرها : - ألم تتناول حبوب الذاكرة ؟ إنها في جيب سترك .. أدخلت يدي في جيب سترتي الأيمن ، فوجدت ثلاث حبوب بيضاء صغيرة ، فخفت أن أتناولها ، لكنها أشارت إلي بذلك ، فسرطها بسرعة ... فحدث لي أمر غريب ، وذلك أن مفعولها كان قويا وسريعا ، أحسست بصداع رهيب في رأسي ، و غثيان ، فأردت أن أتقيأ لكنني لم أستطع ... بقيت على هذا الحال برهة ، ثم زال هذا الألم المفاجئ ، واسترجعت ذاكرتي كاملة !!!!... وليتني لم أسترجعها ... ذكريات فظيعة ، سوداء قاتمة .... كنت تائها حتى ردني صوت الشابة الغريبة لوعيي : - هل أنت بخير ؟ - أجل ، انا بخير .. - هل تذكرت شيئا ؟ - نعم تذكرت كل شيء ، إلا سبب مجيئنا إلى هنا لم أتتذكره ... كانت تنظر بحذر هل يراقبنا أحد أم لا ؟ فلما اطمأنت بأن الكل منشغل عنا بالمسير ، قالت لي بنبرة حزينة : - بعد قيام الحرب العالمية الثالثة المدمرة ، اخترع العلماء فيروسا سموه بفيروس الكراهية ، حتى يجبروا كل من لا يرغب في الحرب بالقتال معهم ، بكره أعدائهم لكن الفيروس انتشر بشكل رهيب ، وعم جميع العالم بلا استثناء ، فدخلت الأرض كلها في حرب فناء ، بسبب كراهية الناس الشديدة لبعضهم البعض ، بسبب الفيروس اللعين الذي تطور أكثر ، وازداد مفعوله الخطير ، حتى إن الأم تقتل ولدها الصغير من دون أن تشعر بذرة إحساس بالندم ... وهوت الأرض بأكملها في حفرة الموت المظلمة !!!!... وما تبقى من البشرية هو ما تراه هذه الليلة يمشي معنا ... بضعة آلاف فقط ... - بضعة آلاف ؟ ولكن إلى أين نحن سائرون ؟ - إلى منصة العد التنازلي ... - وماهي منصة العد التنازلي ؟ ... وفجأة اهتزت الأرض تحت قدمي ، وكأن زلزالا قويا مدمرا على وشك الوقوع ، نتيجة لتدافع الناس الشديد نحو المنصة التي لم تكن بعيدة عنا ... والتي كان يصدر منها صوت غريب كصوت التحذير الذي تسمعه قبل حلول الكارثة ... فوق المنصة كانت هناك شاشة هائلة تظهر أرقاما بأحجام كبيرة .... يمكن مشاهدتها من بعيد ... كانت الأرقام تتغير بسرعة ..99 ..98...97... والموجة البشرية متجهة صوبها بأقصى سرعة ، الكل يود ان يصل هو الأول... مسكتني الشابة بيدها بقوة ، بعدما أصبت بذهول ، وجرتني معها ، فجرينا نحن أيضا ... كان العد يتناقص بوثيرة سريعة حتى وصل 25...24...23...22... - هيا أسرع سينتهي العد ، و ............ لم تستطع إنهاء جملتها ، فأنفاسها كانت منقطعة نتيجة العدو السريع ... 10..9..8 .............................5 ..4 .. - هيا أسرع لقد اقتربنا .. أسرع ، وإلا تركونا مع هؤلاء الوحوش ... يا إلهي !!! كانت المنصة مركبة فضائية لمخلوقات غريبة ، كانت بأيديهم أجهزة توجه أشعة لصدور الناس ... وكانوا يتكلمون بكلام غريب لا أفهمه ... 3.. 2 .... 1 ...... اقتربنا جدا من المركبة التي كانت تتهيأ للإقلاع ، فصرخنا أنا والشابة بأعلى صوتنا ، ملوحين بأيدينا : - هاي .. هاي ... انتظرونا ... انتظرونا ... لا تتركونا هنا ... ولحسن حظنا لمحونا من فوق ... فخرجت مجموعة منهم ، بعدما فتحوا باب المركبة مجددا ، وحملونا معهم ، وتركوا الآخرين لمصيرهم المجهول ... لم أصدق أننا نجونا أخيرا ... نظر كل واحد منا في وجه الآخر دون أن نتكلم بكلمة واحدة ، والفضائيون مسرورون بالعثور علينا ... تقدم صوبنا أحدهم رفقة أصدقائه الباقين ، ثم خاطبنا بلغتنا : - أنتما محظوظان .. مرحبا بكما بيننا ... أنتما الوحيدان من البشر اللذان لم يصابا بفيروس الكراهية ... استرخيا الآن .... لم أشعر بخطر من هؤلاء المخلوقات ، بل بالعكس كنت مرتاحا جدا معهم في مركبتهم الفاخرة والمريحة .. فاغتنمنا الفرصة ونمنا ، بعد عناء تلك الليلة المشؤومة.. كانت نومة رائعة .. وبعد مدة من الزمن أيقظنا مسؤول المخلوقات الفضائية ، وقال لنا بنبرة ارتياح : - لقد وصلتما إلى كوكبكما الجديد ... إنه مثل كوكبكم القديم تماما ... رافقونا إلى خارج المركبة الفضائية ، كانت الشمس مشرقة ، والنسيم عليل ، والأرض مكسوة بعشب أخضر رائع ... بقوا معنا للحظات قليلة ، ثم ودعونا بحرارة ، و كان آخرهم المسؤول عنهم الذي اقترب منا ، وهو يحدثنا لآخر مرة ، وقد جمع أيدينا مع بعض : - أنتما الآن تمثلان جنسكم البشري الذي يوشك على الانقراض في الأرض بسبب العدوان والكراهية ... أرجو ألا تنسيا ذلك .. ابدآ حياة جديدة هنا ، ملؤها الحب و الاحترام و التعاون ... أتمنى لكم حياة طيبة ، أنتما وذريتكما من بعدكما ... ثم نظر إلينا نظرة أخيرة ، ورجع إلى مركبته الفضائية ... شكرناه بدورنا ، وتمينا لهم رحلة موفقة ... وقبل أن يصعد في مركبته ، ويغلق الباب سألته : - هل سنراكم مجددا ؟ فرد علي ، وهو يبتسم : - آمل ألا يحدث ذلك .................... | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|