شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f202/)
-   -   96- لحظات الجمر - مارجري هيلتون - ع.ق (كتابة/كاملة)** (https://www.rewity.com/forum/t166838.html)

أمل بيضون 09-07-11 06:27 PM

فتحت فمها لترفض ثم تذكرت هوارد دوريل وعلمت أن في هذا نهاية أمله بالحصول على العقد , كانت عاجزة عن الرفض ولم يكن بأستطاعتها خذلانه الآن , قالت:
" عليّ حزم بعض الأشياء القليلة".
وتوجهت الى غرفة النوم.
" بالتأكيد".
وأسترخى على مقعده واضعا قدميه على المقعد الصغير المجاور , ثم أضاف:
" تذكري بأن الرحلة غير رسمية , وأنني أستطيع التباحث بشؤون الأعمال قرب ساحل البحر أو في مكتب الشركة".
وتنبأت هي بذلك إلا أنها ستحاول جهدها ألا يتم التباحث في العقد قرب ساحل البحر , فكرت بأمتئاب واضعة بعض ملابسها في حقيبة صغيرة.
كان الجو صاحيا والشمس مشرقة مما دعا غالبية سكان المدينة للجوء الى البحر فأكتظت الشوارع بالسيارات , الأمر الذي أشعر جيردا بالأمتنان لأنه شغل جوردان عن الحديث اليها , منذ ثلاث سنوات قامت بالرحلة نفسها , جنوبا قرب الساحل , حيث يلجأ جوردان بلاك عادة كلما أحس بالتعب , وجعلها الطريق تستعيد العديد من الذكريات المريرة وأصبحت مشاعرها أكثر سوداوية كلما أقتربا أكثر من نهاية الرحلة , ومجرد جلوسها بجانبه أشعرها بالقلق , أما العودة الى مكان الذكريات ....... ذكريات تحققت منذ ثلاث سنوات فهو أمر لم تحسب حسابه بعد .
كان الوقت عصرا حين أتخذ جوردان طريق جانبيا حول القرية , وأمتنعت عن سؤاله حين أوقف السيارة أمام كوخ صغير وقال:
" سنتناول الشاي هنا".
كان في الصالة الصغيرة أربع طاولات فقط , وبأستثناء زوجين شابين وطفلهما الصغير , بدا المكان خاليا من أي شخص آخر , وحين قدم إليهما الشاي والكعك , فضّل جوردان تناول الشاي وحده ثم قال:
" قلت بأننا سنصل عند السابعة".
ونظر إليها بشكل يتحدّاها فيه أن تناقش ذلك , ألا أنها أكتفت بالقول :
" لديك ثلاث ساعات أضافية أذن".
وساد بينهما الصمت وشغلت نفسها بالنظر خلال النافذة , الى المكان الريفي الجميل وهدوء المنطقة مع حضور جوردان وتوتر أعصابها المتزايد بمرور الوقت , رغم حرصها على عدم أظهار قلقها , ثم تحرك في مقعده فتبعته الى السيارة.
" أين سنذهب الآن ؟".
قال بادئا تشغيل السيارة :
" سنطوف حول المنطقة قليلا , ثم نسير قليلا بعد ذلك , لأنني بحاجة الى بعض الهواء النقي".
وبدت ملاحظاته واضحة بما فيه الكفاية , ألا أن جيردا لم تستطع غير النظر اليه جانبا , الأمر الذي ندمت له فيما بعد , حيث أدار رأسه بأتجاهها وأرتسمت على وجهه أبتسامة تهكم غريبة , وتحاشت النظر خاصة الى وجهه وشفتيه , وقال:
" هل لديك أيّ أعتراض؟".
بعد مسير أربعة أميال , ظهر البحر أمامهم , فأوقف جوردان السيارة في مكان بعيد عن الطريق العام , وأطفأ محرك السيارة , أستدار نحوها وبدأ قلب جيردا بالخفقان بسرعة.
" حسنا لم لا تتحدثين عن الأمر؟".
" أتحدث عن ماذا؟".
" عن سبب مجيئنا الى هنا".
" قلت أنك بحاجة الى هواء البحر النقي".
" صحيح ! أنك لم تتغيري أطلاقا".
وترك السيارة سائرا بأتجاهها وكان من المستحيل تجاهل يده الممدودة لتساعدها على الترجل على الأرض غير المستوية.
وأحتفظ بيدها في يده أذ بدا الأنحدار الى الساحل وكانت واثقة بمعرفته رغبتها في التخلص من قبضته والأنطلاق حرّة وحدها , بدأ الصفير بعد ذلك كأنه لم يلاحظ تعثر خطواتها عند أقترابهما من البرز الطباشيري , قال بلا مبالاة:
" هل لا تزالين بحّارة سيئة؟".
" نعم".
وجاء أعترافها أجباريا أذ علمت ما الذي سيتبع ذلك".
" تخلى ستيوارت عن الأبحار كما تعلمين".
" توجب عليه ذلك , أنه أمر مؤسف , أذ أحب الأبحار كثيرا".
ولعقت شفتيها الجافتين وأحست بالألم يسري في جسمها , وتسلق جوردان الى الفجوة وفرش السترة الطويلة على الأرض ثم أنحنى ومد يديه ليجذبها , وشعرت بأنها واقعة تحت سيطرته أكثر وأكثر , وأمسكت بيديه فجذبها الى جانبه , وللحظة ظنت بأنه سيجذبها أكثر وسيضمها بين ذراعيه , ألا أنه حررها وأشار لها بالجلوس.
جلس جوردان في وضع مريح وحدّق في البحر.
" أعتدنا جلبه الى اليخت في كرسيه المتحرك بعد أن صمم له مكان خاص ليصون سلامته , ألا أنه كره ذلك خاصة بعد أن أدرك فشله في المشاركة بأي شيء وتحولت الرحلات البحرية الى تعاسة للجميع , لذلك قررنا , في النهاية بيع اليخت , بعد ذلك , يئسنا من محاولة أثارة أهتمامه بالخروج من البيت , لأنه رفض تعلم قيادة السيارة الخاصة بالمقعدين كما رفض الخضوع لأي علاج , كان يجلس لساعات متواصلة وبيده كتاب لا يرغب حتى بقلب صفحاته , وتحول الى مخاوق لا يستطيع أحد الحديث اليه , وبدأت تنتابه نوبات غضب يلعن فيها ساقيه العاجزتين , وبلعننا لأننل نستطيع السير بينما عجز هو عن ذلك".
بقي صوته محايدا طوال فترة حديثه وملامحه قاسية كالعادة , وأستمر قائلا:
" أستمر الأمر عدة أشهر , الى أن عانت والدتي من أنهيار عصبي , فأرسلتها الى أيطاليا ثم الى الجزر اليونانية بصحبة مرافقة لها , وبقيت أنا وحدي مع ستيوارت , ونجحت بعد فترة قصيرة في أعادته الى الحياة , لأنه أكتشف أهتماما بالرسم وخاصة بالحركة الأنطباعية الجديدة , كانت لوحات ستيوارت مشابهة للكوابيس الليلية , ألا أن ما كان مهما هو ظهور الأهتمام بشيء ما , لكنني لم أستطع البقاء معه فترة غير محددة محيطا أياه بالناس والمتع , وحين عاد الى البيت جعلته يستقر في غرين ريغ وبدأ تدريجيا العودة الى أنطوائيته ويأسه , ولكن مع أختلاف ضئيل : بدأ يتقبل مصيره".

أمل بيضون 10-07-11 04:45 PM

تحرك جوردان ونظر مباشرة في عيني جيردا مضيفا:
" ألا أنه لم ينس أبدا".
فقالت :
" كما لم تنس أنت".
وفقدت سيطرتها على نفسها نتيجة لرتابة صوته وأستطراده في ذكر التفاصيل المؤلمة , ورفعت يديها المرتجفتين الى وجهها متسائلة:
" لماذا؟ لماذا تواصل لومي على عجز ستيوارت؟ ما حدث كان مجرد حادث".
" نحن نعلم بأنه كان حادثا , نعرف أصطدام ستيوارت , ألا أنني أعرف سبب الحادث , رغم أنه يرفض حتى الآن لومك".
" لماذا تواصل لومي أذن؟".
سألت بمرارة:
" لأنك لو حافظت على وعدك لأختلف الأمر , ألا أنك لم تفعلي ذلك , كنت أنانية , ولم تكوني قادرة على الأكتفاء برجل مقعد , أليس كذلك؟".
تحاشت الأجابة على سؤاله وهزت رأسها يائسة , كان من المستحيل أقناع جوردان بسوء حكمه , لقد حاولت منذ ثلاث سنوات , القيام بذلك وفشلت , قالت :" هل هذا سبب جلبك أياي الى هنا؟ أن تفتح الجرح القديم مرة أخرى , أنت تمارس تعذيبي بكراهيتك وحقدك , لا أظن أن ستيوارت يكرهني الى هذا الحد رغم أنه هو المصاب , ألا أن كل ما تهتم به هو رغبتك في الأنتقام , ولكن لماذا؟ ما الذي فعلته لك؟ وما فائدة الحقد الآن؟".
تساءلت بمرارة , هز كتفيه أستهجانا بدون أن يتأثر بألمها.
" لا أدري , كل ما أعرفه هو رغبتي بالعودة منذ مجيئك الى توبي تلك الليلة , لأرى هل تغيّرت خلال ثلاث سنوات , أو أذا ما زلت قادرة على الوقوف بشكل محايد , كما لو أن شيئا لم يحدث".
" هل تعني بأنك أردت أقناع نفسك بصحة موقفك السابق ؟ وأن الشك لا يراودك , وأنك لا تشعر بالذنب لأدانتك أياي؟".
" لم يكن هناك شك في الموضوع , كنا نعلم أن ستيوارت لم يكن في وضع عقلي يسمح له بقيادة السيارة تلك الليلة , وكان سبب ذلك جيدا : فقد ظن أنك قبلت الزواج به ثم أكتشف خداعك له مع رجل آخر , وقاد السيارة كالمجنون , ما الذي توقعته؟ أن يتقبل الأمر بصمت ؟ لو ان عاقلا لفعل ذلك بالتأكيد".
ثم أضاف جوردان بمرارة:
" كان عليه أكتشاف حقيقتك وحقيقة كونك أمرأة أنانية , باحثة عن ثروة تكسبها".
" هل ما زلت تصدق ذلك ؟ رغم أنني أخبرتك أنني كنت مع بليز تلك الليلة , بعد....".
وتوقفت غير قادرة على الأستمرار فلوى جوردان شفتيه علامة عدم التصديق.
" وتزوجت بليز , أليس كذلك؟ آمل أنه تمتع بصفقته".
وأرتعشت بشكل لا أرادي لقسوته وأستهانته بها , ثم قال:
" لم يكن هناك تفسير آخر لسلوكك المروع , حتى أذا أستثنينا وجود بليز , حين أكتشفت عدم قدرتك عل أخفاء الحقيقة , أجبرت على الأعتراف بأنك كنت مع ستيوارت في السيارة تلك الليلة , وصدقيني لو أن ذلك الشاهد الذي رآك تهربين من موقع الحادث , كان أكثر أيجابية لتكفل بأن يذكر أسمك في كل صحيفة في البلد ولتشوّه أسمك الى الأبد , كاشفا عن حقيقتك التافهة , ولكان ذلك أقل مما تستحقين حيث تركته وحده , فاقدا وعيه وهربت لتنجي بنفسك , ثم بدأت بأطلاق الأكاذيب لحماية سمعتك".
ورأت الأحتقار المرتسم على وجهه.
" ولكن الأمر لم يكن كذلك أطلاقا , لم لا تصدقني؟ فقد عدت الى مكان الحادث , في البداية ركضت طلبا للنجدة , ركضت باحثة عن هاتف عمومي وكان على بعد عدة أميال , وحين عثرت عليه كان عاطلا , وواصلت الركض.....".
" من الغريب أننا لم نعثر على أحد يثبت أنك أستدعيت سيارة الأسعاف , لماذا تضيّعين وقتك ؟ أذ نعلم جيدا ما حدث , كنت مذعورة الى حد أنك هربت بأقصى سرعة".
" لم أهرب , بل عدت الى مكان الحادث, ولكنني كنت متأخرة".
" أجدك محقة في هذا: كنت متأخرة".
" لكنني أخبرتك , أتصل أحدهم بالمستشفى من لمنزل , لا بد أنه كان راكب الدراجة النارية , وحين عدت لم أجد أحدا , أذ تم نقل ستيوارت الى المستشفى , ولم يكن في أمكاني عمل أي شيء".
كررت جيردا حديثها بتعاسة.
" وأسرعت الى منزلك محاولة التظاهر بعدم معرفتك بأي شيء , وصدقتك في البداية , رغم أن شحوب وجهك فضح الحقيقة وأحساسك بالذنب , ثم حثني ستيوارت على تجنب ذكر أسمك في القضية ولم يرغب بأقحامك في أي أشكال , وماذا فعلت أنت عرفانا بالجميل ؟ هجرته وتزوجت رجلا آخر , وها أنت تتساءلين لماذا أشعر بالمرارة؟".
شعرت جيردا بالألم في حلقها , وأدركت أنها لن تستطيع أقناعه ببراءتها ولا فائدة من أخباره بأن ما حدث لم يكن بسببها ما لم ترغب بأخباره الحقيقة كاملة , وهو شيء لن تفعله أبدا , أذ سيؤّدي ذلك الى إيلام آخرين , وساعدها أحساسها بالشفقة على الصمت وما دام ستيوارت قد أختار الصمت , فقد توجّب عليها فعل الشيء ذاته , ولكن الى متى ستبقى متحملة أتهامات جوردان المريرة؟

أمل بيضون 10-07-11 05:29 PM

تشنّجت يداها وغابت دموعها , ثم قال جوردان فجأة :
" لو كنت صادقة لما أستطعنا لومك الى هذا الحد , ونحن لسنا قديسين كما أن الرجل لم يعد يتوقع بقاء الفتاة ملاكا بريئا ولكنك خدعت الجميع بمظهرك البريء منذ البداية , فلو أخبرت الجميع أن هناك شخصا آخر بدلا من رمي شباك حول ستيوارت , لتغير الأمر , لكنك لم تفعلي ذلك , بل حاولت خداعي أيضا".
صرخت معترضة:
" أوه , كلا , لمني على حادث ستيوارت , أذا توجب عليك ذلك ولكن لا تتهمني بخداعك".
" ألم تفعلي ذلك؟".
كان قريبا جدا منها وأنتقلت نظراته المتألمة الى وجهها بطريقة أشعرتها بالحرارة تسري في جسمها .
" لا أتذكرك بغير ذلك , وربما لم تستطيعي حسم أمرك في الأختيار بين الأخوين ؟".
وأصبح لنظراته قوة غريبة عليها.
" صدم ستيوارت حين جئت معه لأول مرة , في عطلة نهاية الأسبوع وأخبرته بأنك لا تحبين الأبحار بالقارب , أدعاء كاذب , أذ أن صديقات ستيوارت يفضّلن الأبحار وقيادة سيارات السباق السريعة عادة , ولم تختر أي واحدة منهن التسكع في الضواحي الريفية مع شقيقه".
" لكنك طلبت مني ذلك".
ضحك بسخرية وقال:
" صدقتك أذ أن بعض الناس يخافون الأبحار , والأصابة بدوار البحر تفسد على بقية الناس عطلتهم , فلم يبق أمامي إلا أن أختار غير تسليتك بطريقة أخرى".
" قد لا تصدقني , لكنني كنت ممتنة لمساعدتك , لم أعلم حين قبلت دعوة ستيوارت أنه سيبحر وأنه توقع مني الذهاب معه".
" وهل كان أختيارك لبدلة السباحة صدفة أيضا؟".
أنه لم ينس شيئا , حتى ملابسها , حتى ....... وأرتعشت.
" كانت فرصة سانحة أنتظرتها طويلا , أليس كذلك ؟ لأختباري ولتحكم أذا ما كانت صالحة للزواج من أخيك ".
" كان لديك ذوق رفيع في أختيار ما أرتديته , ذلك المايوه الأزرق تعلوه السترة البيضاء ذات الأزرار النحاسية وصورة المرساة الحمراء الصغيرة .... لا عجب أنك أثرت غضب ستيوارت عندما رفضت الإبحار معه , ولم يراودني الشك في موقفك حينئذ".
" كلا".
أجابته بقوة عارفة بأنه مصر على كشف التفاصيل وحاجتها الى الهرب من المواجهة.
أمسكت بحقيبتها ونهضت واقفة ولكن جوردان تحرك أيضا , أمسك بذراعها وأدارها لتواجهه , تعثرت وكانت على وشك الوقوع ألا أن ذلك لم يخلصها من قبضته.
" لم تكوني مستعجلة في المرة الأخيرة".
قال ببرود , حاولت التخلص منه ألا أنه هز رأسه , وأبتسم بهدوء قائلا:
" لم تحن فرصة الهرب بعد".
أنكمشت أذ أحست بيده تلمس مؤخرة عنقها وتداعب شعرها الناعم مجبرا إياها على النظر اليه.
" لست الآن في الثامنة عشرة ولست بريئة كالسابق يا جيردا!".
أحست بقلبها يرتجف كما لو كان على وشك الأنفجار وإنتابها أحساس بالضعف أعاق صراعها معه للتخلص من قيده.
رفع رأسه وكانت عيناه شبه مغلقتين تحت جفنيه.
" هل نسيت أول مرة عانقتك فيها؟".
هزت كتفيها وأدارت رأسها جانبا متحاشي النظر اليه.
" في ذلك الوقت شككت ولأول مرة بسوء حكمي عليك , حين جلسنا هنا في تلك الأمسية وأبتعدت متراجعة الى الوراء , مذعورة , وشعرك مبتل بماء البحر وبدوت صغيرة وبريئة الى حد لا يتجرأ معه أي رجل على لمسك , وعانقتك لأكشف حقيقة ذلك".
وضحك بنعومة وواصل حديثه:
" هل تعلمين ما فكرت فيه في تلك اللحظات ؟ تخيلتك بطلة لأحدى قصص الأطفال , ظننت بأنك أستحوذت على البراءة في قلبك , كم كنت مخطئا".
أطلقت جيردا أنينا مؤلما فوضع يده تحت ذقنها ليجبرها على النظر اليه .
" كنت على وشك التراجع , حتى أنني أوشكت على تحذيرك من أخي لسمعته السيئة مع الفتيات".
توقف جوردان عن الحديث وألتوى فمه سخرية:
" لم أنس أبدا تلك اللحظة , حين وضعت يدك على كتفي وأقتربت مني".
في مكان ما أطلقت نوارس البحر صراخها , وبدت الأصوات كأنها صادرة من عالم آخر , فأرتعشت جيردا من ثقل الذكريات , وأستدعت كلماته الماضي بعذاباته وقارنته بالحاضر أذ تقف الآن في الموقف ذاته , قريبة منه وراغبة فيه , جوردان الآن وجوردان حينئذ , المساء الحار وملوحة البحر على جسديهما , كيف تستطيع أقناعه بأنه كان أول رجل يضع يديه عليها؟
سقطت يدا جوردان عن كتفيها فأحست بالضياع , كما لو أن جزءا منها توقف عن الحياة , قال ببطء:
" سألت نفسي عن عدد الرجال الذين خدعتهم بنظراتك البريئة وتلك التي في القلب , خدعتهم الى حد أنهم فقدوا عقولهم من أجلك".
إبتعدت عنه وكتفاها تشيران الى أندحارها , وتساءلت بمرارة:
" أنك واثق من معرفتك بكل شيء , أليس كذلك ؟".
" أنا واثق الآن , لم أعرف حينئذ عن قضية التقويم السنوي , وأن ستيوارت أختار لنفسه فتاة أعلانات رخيصة , لو علمت ذلك في حينه , لتغير الكثير من الأمور وما كنت سمحت بالخطوبة".
" تمنيت لو أنك علمت , تمنيت لو أنني لم ألتق بك في حياتي كلها , لا شيء يجعلك تصدقني , أنك مصمم على تصديق أفتراءاتك عني دون وجود برهان واحد على صحة ما تقول".
وخذلها صوتها , وفجأة لم تعد تهتم حتى بتظاهرها بالكبرياء وأخبرته:
" كنت أول رجل عانقني بتلك الطريقة , لذلك فمهما كانت الصورة المرتسمة في ذهنك عني , فإنك ساعدتني على خلقها".
" أنا؟ جيردا أن الوقت متأخر لمثل هذا النوع من الأكاذيب".
" أنها الحقيقة , وكرهتك ذلك اليوم بقدر ما كرهت نفسي".
" كراهية؟".
ولفظ الكلمة بلهجة شك وعدم تصديق :
" لأنني حاولت عناقك؟".
" نعم , ولأنني كنت حمقاء الى حد أنني وثقت بك".
نظر إليها غير متأثر بألتماع دموع الغضب في عينيها وقال:
" ماذا توقعت؟ فتاة ترتدي تلك الملابس وتسير الى جانب رجل , وحدهما , ثم ذعرت وتراجعت متذكرة أنك لا ترغبين في الأقتراب مني الى ذلك الحد وتظاهرت بالخجل والغضب".
ولمس خده بيدها وتفحّصها بنظرة بارد قبل أن يقول:
" لم تكن صفعة مقنعة أبدا".
وبدون وعي , شابكت يديها وأحست كأنها صفعته لتوها , وتمنت لو تستطيع أيذاءه بقدر ما آذاها حتى الآن , إلا أن الحافز أختفى بسرعة , أذ بدا محصنا ضد أن يلحقه الأذى , وأستدارت لتنظر بعيدا.
" حسنا , ما الذي سيحدث الآن ؟ هل تشعر بالأكتفاء ؟ هل تريد مني العودة لأخبار جيرنغفولدز أنهم خسروا الصفقة , وأن منافسيهم فازوا بالعقد؟".
وأستدارت لتواجهه قائلة:
" ولم ر تقول ذلك ؟ أنك لا ترغب بمنحنا العقد , أن موقفك واضح".
لم يتغير وجه جوردان , بل أنحنى وألتقط سترته ثم نظر اليها قائلا:
" يبدو أن دوريل لم يعلمك الكثير عن الجانب التجاري , أليس كذلك؟".
" لا أدري ما الذي تعنيه بقوبك , إلا أنني أثق عادة بغرائزي".
" وما الذي تخبرك به غرائزك الآن؟".
" أنني أضيع وقتي , وأنت أيضا تضيع وقتك".
" أذن ها أنا هنا أضيّع وقتي , كيف؟".
وقفز ثم مد يده لمساعدتها , إلا أنها تجاهلت يده الممدودة وكانت على وشك السقوط.
" لا فائدة مما يجري , أذ أنتهى كل شيء منذ فترة طويلة".
" ما الذي أنتهى؟".
وبدا متمتعا الى حد كبير بتعذيبه إياها ببطء وخاصة بأسئلته المتتالية .
" كل شيء , وأنت تعرف ذلك كما أعرفه أنا".
" أتظنين ذلك؟".
وحدّق في وجهها الحائر وهز رأسه قائلا:
" كلا لا أظن ذلك".
ورفع يده ومس خدها مضيفا:
" لم ينته شيء بعد , بل إنها البداية يا جيردا".

أمل بيضون 10-07-11 11:53 PM

3- الأفق المهجور


لم يتغير المكان كثيرا رغم مرور السنوات , ورغم توسيع الطريق الساحلي وهدوئه وكأن المدنية لم تمسه وبقيت الخضرة المحيطة به كما هي منسية منذ قرون.
وأحاطت أشعة شمس المساء الضبابية المنزل ونزافذه بلون ذهبي وخاصة عند ألتفاف السيارة قرب البوابة الخارجية , وزاد السلام المخيّم على المكان من ثقل أحساس جيردا بالتشاؤم وصدمت لأكتشافها أرتجاف ساقيها حين نزلت من السيارة , وتمنت , فجأة , لو أنها لم تكن موجودة في الشقة عند قدوم جوردان لرؤيتها صباح ذلك اليوم , كما تمنت لو أنها كانت قوية بما فيه الكفاية لرفض عرضه بقضاء العطلة معه.
دار حولمقدمة السيارة وأندمج ظله بظلها , ثم لمس ذراعها بأحدى يديه وقادها الى جانب المنزل , حاولت أن تمنع نفسها من الأرتجاف , ربما مرت ثلاث سنوات منذ سارت بالطريقة نفسها مع ستيوارت ليقودها الى باب الحديقة المستخدم من قبل الجميع.
بقيت غرفة الجلوس الكبيرة كما هي , المقاعد العميقة المريحة , منضدة كرة الطاولة قرب النافذة , قطع الأثاث غير المتناسبة , ألا أنها كانت ملائمة لبيت أستهدف وجود راحة المقيمين فيه , الكتب موجودة في كل مكان , والقنينة الزرقاء لا تزال في مكانها , في الخزانة الصغيرة قرب الزاوية , وساءلت جيردا نفسها عما أذا كانت أم جوردان لا تزال كما كانت ربة بيت فخورة بنفسها , وكانت غرف المنزل الأخرى متناسقة وجميلة , يحيط بها صمت يدفع الموجودين للتحرك بهدوء لئلا يؤثروا على كنوز السيدة بلاك , ربما أختلفت الأمور الآن , فكرت جيردا أذا تبعت جوردان عبر الغرفة الى قاعة صغيرة مطلية جدرانها باللون الأبيض , ولم تتذكر جيردا المكان .
" قمنا بأجراء بعض التغييرات منذ زيارتك الأخيرة للمكان".
قال جوردان موضحا.
" هذا هو مكتبي في المنزل الآن , توجب علينا أجراء التعديلات بسبب ستيوارت , فحوّلنا الطابق الأرضي للجناح الغربي الى شقة له بينما أحتفظت والدتي بغرفة الجلوس الأصلية والجناح الواقع فوق شقة ستيوارت , وأصبح الوضع أفضل بالنسبة الينا جميعا".
وقف عند قمة السلم وأومأ مشيرا الى الجانب الأيمن:
" أرتاحي هناك , أذ لديك متسع من الوقت لحين حلول موعد العشاء , أنولي عندما تكونين مستعدة وسأكون موجودا في غرفة الجلوس الكبيرة".
مد يده فأعطاها حقيبتها , تناولتها بصمت وبقيت واقفة في مكانها منتظرة أنصرافه لكنه رفع حاجبيه تعجبا , وقال:
" حسنا , ماذا تنتظرين؟ أو ربما تريدين مني مرافقتك لترتيب ملابسك؟".
" لن يكون ذلك ضروريا".
ثم توجهت الى غرفة الضيوف , فتحت الباب وأغلقته خلفها بعنف غير مناسب , بقيت ساكنة لعدة لحظات تفكر بسلوكه العادي معها , الى حد أأستعادت فيه هدوءها وبدأت تعتقد بأنها موجودة في بيت ريفي جاءت لقضاء عطلة نهاية أسبوع هادئة فيه.
ألا أن الأمر لم يكن كذلك , ولن تكون عطلتها هادئة أطلاقا , ولاحظت لأول مرة عزلة المكان وخلوه من السكان , وضعت حقيتها على السري ثم سارت نحو النافذة , فوجدتها مفتوحة , وأحست بالنسيم يداعب وجهها فأستندت بمرفقها على أطار النافذة وألقت نظرة شاملة على المكان المحيط بالبيت, كانت تواجه مقدمة المنزل , فرأت الأرض المكسوة بالعشب تحيط بها ممرات ضيقة مزينة بورود محتلفة الألوان , ثم رأت مقدمة المرسيدس عند الجهةاليسرى , قطبت جيردا جبينها , محدقة فترة أطول في الأفق المهجور قبل أن تتوجه الى حقيبتها الصغيرة , ففتحتها ورتّبت أشياءها, علقت بعضها في خزانة الملابس بينما وضعت أدوات الزينة عند المنضدة القريبة , رأت في المرآة عينيها وقد ظللهما التعب والقلق , وأستدارت برأسها فجأة لتبعد عن نفسها عدم الأحساس بالراحة وبدأت تنظف وجهها بالمستحضر الخاص بذلك.
عليها ألا تفقد أعصابها, كررت جيردا مخاطبة نفسها , أذ لن بستغرق الأمر أكثر من أربع وعشرين ساعة , يجب ألا تدع جوردان يحس بخوفها منه , لماذا يجب أن تخافه ؟ سألت نفسها محاولةرفع معنوياتها , ولكن الواقع كان شيئا آخر , فجوردان يكرهها ويلومها على ما حدث , كما أنه يمتلك القدرة على أيذائها , وخاصة من خلال رفضه توقيع العقد مع هوارد , وأن يؤذيها لأنها......
ورفضت جيردا مواجهة السبب الحقيقي , رافضة الأعتراف به , كلا , أنتهى الأمر منذ فترة طويلة , فلن تدفع له فرصة معرفة قدرته على أرباكها ذهنيا , وأبتعدت مذعورة من مواجهة عينيها المتعبتين في المرآة , وأعترفت أخيرا بأنها لن تحصل على راحة الباب ما لم تبتعد بأقصى سرعة عن جوردان بلاك.
كان سكونها الظاهري مجرد قناع حاولت التمسك به وهي تنزل الى الطابق السفلي , لم تر حتى تلك اللحظة أحدا , كما لم تسمع صوت أحد في المنزل وبقيت الأفكار السوداء محيطة بها وتحاول أختراقها مثل ظلمة لا تعرف مصدرها , وهكذا أنتابها أرتياح مفاجىء لسماع صوت فتاة منبعثا من الباب نصف المفتوح , المجاور لغرفة الجلوس.

أمل بيضون 11-07-11 09:29 PM

توقفت جيردا في مكانها وأختفى الصوت , ثم سمعت جوردان يقول:
" كلا , سنتعشى معه الليلة , لذلك عليك نسيان الأمر".
" لكنني رتّبت كل شيء , وأراد هو ذلك , كانت هذه فكرته مبدئيا".
" لا تهمني فكرة من كانت , لن تأخذي ستيوارت الى ميرافيل الليلة , وفي أمكانك.....".
" في أمكاني ؟ حسنا , وتستطيع الآن نسيان الموضوع".
وأرتفع صوت الشابة بغضب:
" لم يحدث ذلك دائما ؟ أنك مستعد لعمل أي شيء لتتخلص مني أليس كذلك؟ أنك تخشى فقدانه , وخاصة أذا ما أخذته بعيدا عنك , لأنك اردت دائما السيطرة عليه وتنظيم حياته حسبما تريد , لن تنجح هذه المرة , هل تسمعني ؟ وأعتقد أنك أنسان بائس لجلبها لرؤيته بعد أن خذلته , إنه لا يريدها ! أنه لا يحبها , أنه يحبني أنا ولن تستطيع منعه من ذلك ...... أنا......".
" أخرسي , أو غادري المكان حالا".
" لن أغادر المكان , كيف تجرؤ على مخاطبتي بهذه الطريقة ؟ إنك ....".
" سأخاطبك بالطريقة التي تعجبني , والآن توقفي عن الحديث مثل مراهقة غبية , أذ لديك الأسبوع بكامله لتتمتعي مع ستيوارت , هل أطلب منك الكثير أذا ما سألتك أحترام رغباتي أمسية واحدة؟".
" رغبات ؟ إنك أكثر من ديكتاتور , إنك....".
" ربما , أخبري ليون أنني أرغب برؤيته".
" لست خادمة لك ".
" أذا لم يعجبك الأمر , تعرفين ما عليك عمله".
وساد المكان الصمت , ثم سمعت جيردا صوت خطوات سريعة أعقبها صوت غاضب , وظهرت الفتاة , وجهها بيضوي شاحب لا يتناسب مع أحمر الشفاه الغامق اللون والشعر الأسود المتناثر بلا ترتيب , كانت على وشك البكاء وتوقفت للحظة مندهشة , أذ كانت تصطدم بجيردا , حدقت في وجه جيردا الى أن جاء جوردان فنظرت بكراهية الى كليهما وغادرت المكان مسرعة , متّجهة الى الصالة.
كانت ملامح جوردان قاسية وغاضبة وسيطر على صوته بسرعة طالبا من جيردا الدخول , وحلّ محل أحساسها بالعطف نحو الفتاة , أذ كانت الأخرى ضحية لجوردان , أحساس بمعرفة شخصية الفتاة.
بدأت الحديث متساءلة:
" هل كانت الفتاة سوزان لاموند؟".
" نعم , إبنة سير هيوبرت , هل تعرفينها؟".
" قابلتها مرة واحدة قبل سنوات".
ونظرت جيردا بعيدا قبل أن تستطرد:
" لم أكن متأكدة من شخصيتها".
" نعم , أنها سوزان , الطفلة الثرية المدللة , أنها في الثامنة عشرة من عمرها وعصبية الى حد لا يطاق , لا أدري ما الذي سيحدث لها أذا كانت في سن أكبر ". قال بقسوة وأضاف : " أعذريني , سأعود خلال لحظة".
وتركها مسرعا وغادر الغرفة وشعرت جيردا بالأمتنان لمغادرته غير المتوقعة , كي تجد وقتا كافيا لأستعادة قدرتها على التفكير , ترى ما سبب وجود سوزان لاموند في هذا المكان ؟ جلست جيردا على كرسي مريح , واجمة تحدّق في فراغ الغرفة , كان والد سوزان مديرا عاما لمؤسسة وينتفورد ولا يزال شخصية بارزة في عالم التجارة , وكانت هناك منافسة حادة بين سير هيوبرت وأرنولد بلاك , والد جوردان يعود تاريخها الى سنوات بعيدة , أذ وسع سير هيوبرت مرتين أعمال مؤسسته في حقل الألكترونيات على حساب أرنولد بلاك , مما أدى الى أعلانه الأفلاس , والآن بعد وفاة أرنولد , تقاعد سير هيوبرت وأصبح جوردان بلاك الرجل المسيطر على مركز مهم في مؤسسة عدو والده القديم لكنه نجح في ذلك بالتأكيد , وأذا ما صحت توقعت هوارد فأنه سيصبح رئيس مجلس أدارة المؤسسة خلال عام واحد.
هل كان الأنتقام سبب ذلك؟ تساءلت جيردا , إنه رجل قاس وبلا رحمة بالتأكيد , إلا أن جيردا لم تستطع إنكار مساوىء سير هيوبرت في الماضي.
أين هو موقع سوزان في القضية إذن؟
أستنادا الى حديثهما , الى طريقتهما في فضح موقفه , والطريقة التي خاطبها بها , بدا لجيردا أن العداوة القديمة حيّة كالسابق.
نهضت جيردا وخطت نحو النافذة , وشعرت بثقل في صدرها , ولم تعتقد أن ستيوارت كان يساعد سوزان على هزيمة أخيه , بحيث سيؤدي الأمر إلى خلق عداوة أخرى بين الأخوين , أغلقت عينيها بيأس , ما الذي حدث خلال الثلاث سنوات التي نجحت فيها في تحرير نفسها من تأثير عائلة بلاك؟ ترى هل ستعود مرة أخرى , مجبرة , الى حياتهم العاصفة ؟
ولم تسمع خطوات جوردان بلاك عائدا الى الغرفة , وجفلت أذ وضع يديه على كتفيها وقال بنعومة:
" ألم تسمعيني أدخل الغرفة؟".
" كلا".
وتحركت في مقعدها لتبتعد بهدوء عن ملمس يديه , وقالت :
" هل تزحف دائما بهذا الشكل لتخويف الناس ؟".
" ليس دائما , فقط حين يستغرقهم حلم اليقظة , ماذا حدث ؟ تبدين وكأنك تشعرين بالأسف لشيء ما".
بادلته النظرات الثابتة وهزّت رأسها قائلة:
" توقفت عن الأحساس بالأسف منذ زمن بعيد , وخاصة حين تقدمت بالعمر".
" لا بد أنه كان يوما حزينا".
هزت كتفيها فإبتسم بطريقته المتميزة ولاحظ :
" ألا تشعرين بالأسف من أجلي؟".
" إنك آخر شخص أشعر بالأسف من أجله , هل تنشد الشفقة الآن؟".
" أنني لا أنشد الشفقة أطلاقا".
" إنك لا تمنحها أيضا".
" إلا أنني أفعل ذلك يا عزيزتي".

أمل بيضون 11-07-11 10:22 PM

وكان يخلط الشراب في مكان ما خلفها , متذكرا دائما أن الشفقة ليست سوى مسكن مؤقت في أحسن حالاتها وهي تمرغ في الرثاء في أسوأ حالاتها , أي شراب تفضلين؟".
وقال الجملة الأخيرة دون أي تغيير في لهجته , فأجابت:
" عصير برتقال , رجاء , أين ستيوارت؟".
" يغيّر ملابسه أستعدادا للعشاء في مناسبة حضورك".
وناولها العصير مواصلا:
" ونتيجة للمشهد الدرامي القصير , طلبت من سوزان المغادرة طوال الأمسية".
" وهل لبّت سوزان أوامرك؟".
أومأ برأسه إيجابا وكان مستندا الى المكتب القريب محدّقا في كأسه قبل أن يشرب.
هكذا تجري الأمور أذن ؟ وتنهدت جيردا وبقيت الى جانب النافذة , من الغريب حدوث ذلك بسرعة , خاصة إنها سمعت الكثير عن عناد سوزان وسلوكها الجريء , وخاصة أذا طلب أحد منها إلغاء ترتيبات أستعدت من أجلها منذ بعض الوقت.
وأضاف جوردان قائلا:
" أخذها ليون..... أعتقد أننا سنشعر بحرية أكبر , أذا ما بقينا نحن الثلاثة وحدنا".
" هل سيتحقق ذلك؟ " ونظرت الى قدحها إلا أنها لم تشرب شيئا وقالت:
" من هو ليون؟".
" أنه يهتم بستيوارت , أذ يجب أن يرفعه أحد , ويضعه في الكرسي , كما يساعده على أرتداء ملابسه , ويساعده على........".
" نعم , أفهم ذلك , لم يجب علي........".
وأمتلأت عيناها بالدموع وأرتجف فمها وهمست:
" آسفة , لا بد أن الأمر فظيع بالنسبة اليه".
ودفعت بنفسها في مقعدها مدركة مدى خوفها من اللقاء المرتقب مع ستيوارت , ما فائدة ذلك ؟ تساءلت بعجز , لا بد أنها آخر شخص أراد الشاب المقعد رؤيته , لو أنها علمت فقط بخطة جوردان الحبيثة!
" إنك بحاجة الى الشراب , إشربي إذن".
وأذ قامت بحركة آلية محاولة أطاعة أمره , تحرك من مكانه وجلس إلى جانبها.
" هل أنت خائفة من لقاء ستيوارت؟".
سأل بنعومة:
" كلا , لست خائفة من رؤيته , أذا كانت تتضمن كلماتم معنى الخوف من مواجهة شيء مقيت , حين تتلفظ بها بتلك الطريقة".
وحاولت تجنب نظراته المحدقة:
" كلا ليس الأمر كذلك أطلاقا".
" ما هو أذن؟".
" هل من الحكمة لقاؤه ؟ ماذا سينجز ذلك؟ كيف سيساعد اللقاء ستيوارت؟".
وفقدت سيطرتها على نفسها وكادت أن تقترب منه أكثر لتلمسه إلا أنها تحكمت برغبتها.
" جوردان هل أنت واثق من صحة ما تقول ؟ ما حدث كان في الماضي , وليس منالصحيح أعادته الآن , أذ ليس في الإمكان تغيير الماضي".
" كلا , قد لا يكون للقائنا علاقة بما ذكرته , وأعتقد أنني أخبرتك بأنني سأوضح كل شيء هذا المساء , أو هل نسيت؟".
" لم أنس شيئا".
" أذن لا بد أنك توافقينني , حان الوقت لوضع نهاية للأمر".
" نهاية؟".
" نعم".
وتناول يديها وسحبها لتقف الى جواره.
" يبدو أنك غير قادرة على إدراك حقيقة واحدة بسيطة يا جيردا , إنك لا تستطيعين نسيان شيء لم ينته بعد".
وبقي ساكنا , ناظرا الى وجهها الحائر ثم لمس خدها بحنان قائلا:
" تعالي , حان الوقت لآخذك لرؤية ستيوارت".
وأذ رافقها جوردان بصمت الى الجانب الآخر من المنزل , شعرت جيردا بالتوتر في جسمها كله وتساءلت عما ستقوله خلال اللحظات الأولى الصعبة من اللقاء , وفجأة سألت نفسها أذا كان جوردان أخبر ستيوارت عن مجيئها , ولن تستغرب سلوك جوردان وحسّه الغريب بالدعابة لو أنه رتّب الأمر كله كمفاجأة لأخيه.
أرتجفت لسادية الفكرة , كلا , ليس في إمكان جوردان ... ولكن ربما لن يتعرف عليها ستيوارت , أذ مرت ثلاث سنوات منذ أفتراقهما وقد تغيرت هي كثيرا , لكنه سيتعرف عليها بالتأكيد.....
حين توقف جوردان ودفع باب الغرفة ليفتحها , تراجعت جيردا بشكل لا أرادي الى الوراء , شعرت بجفاف حلقها ,, كما لو أن كلمات الترحيب ألتصقت بلثتها , ثم أحست بيد جوردان على كتفها لتدفعها قليلا الى داخل الغرفة , كانت الغرفة كبيرة , والكرسي المتحرك يواجه النافذة , وتبخّرت كلمات الترحيب المهيأة مسبقا إذ لم تتوقع لقاء كهذا.
إستدار ستيوارت وقال بتجهم:
" أستغرقكما القدوم وقتا طويلا , أين كنتما؟".
وظنت للوهلة الأولى أنه يعنيها إلى أن تقدم جوردان خطوة الى الأمام:
" كنت أهتم بصديقتك الغالية , أنك تشجعها على إثارة الإضطراب هنا , والآن , أذا لم يكن بمقدورك أن تكون لطيفا , فكن مهذبا على الأقل".
" ألست مهذبا؟ مرحبا يا جيردا , مضى وقت طويل منذ لقائنا الأخير ".
تخدّرت في مكانها وكان رد فعلها آليا وغير واقعي , قال جوردان:
" أعد لها شرابا , سأراكما في غرفة الطعام".
وأنسحب من الغرفة دون أن ينظر اليها , ووقفت في مكانها ساكنة , لا تعرف ما الذي ستفعله , وألتقت عيناها بعيني ستيوارت الداكنتين.
وخطت الى الأمام , محاولة الأبتسام فقال:
" أوه , كلا , لا تفعلي ذلك أنت أيضا".

أمل بيضون 12-07-11 07:08 PM

وأشار بيديه رافضا وإبتسم لتعبير وجهها المصدوم:
" أنك تشبهين البقية تماما , فلو أنهم لم يروني منذ وقوع الحادث لتجنبوا النظر الى هذا".
وأشار بيده الى الغطاء الحريري الموضوع على ساقيه.
" ولأمتنعوا عن التفكير بساقي المشلولتين ولأجبروا أنفسهم على الأبتسام وسؤالي عن صحبتي , أنهم يثيرون تقززي".
قالت شاعرة بالحرج:
" أنا متأكدة بأنهم لا يعنون ذلك , لن أسألك عن صحتك أذن".
" من الأفضل ألا تفعلي ذلك , أذ أفضّل أن يتجاهلني الناس".
" ألن يكون ذلك قاسيا؟".
وأرادت أن تتساءل عما إذا كان تجاهله سيساعده على نسيان ساقيه المشلولتين , إلا أنها لم تجرؤ على قول ذلك.
" هل ترغبين بالشراب؟".
" كلا , شكرا".
ونظرت إلى الجهة البعيدة من الغرفة , محاولة تمالك أعصابها ومدركة لصعوبة موقفها:
" يا لها من غرفة جميلة !".
" ليست سيئة , هل هذا كل ما تريدين قوله؟".
عضّت على شفتها العليا وقالت:
" لا أعرفماذا أريد قوله أو ما الذي تتوقعه مني , إذ مضى وقت طويل منذ لقائنا الأخير".
" نعم وقت طويل جدا , أتمنى لو تقتربين قليلا , إذ لا أستطيع أنا القدوم بإتجاهك".
أقتربت منه ببطء , ونظرت اليه عن قرب رغم طريقته السيئة في معاملة الآخرين , كان لا يزال مزاجيا كالعادة , إلا أن المرض لم يغير كثيرا من ملامح وجهه , كان يشبه أخاه الى حد كبير رغم بعض الظلال المحيطة بعينيه , كان كعهده السابق , النسخة الصبيانية غير الناضجة لجوردان , الملامح الناعمة ذاتها , البشرة المخملية والشفة السفلى المكتنزة وكان الشعر هو الأختلاف الوحيد بين الأخوين , فشعر ستيوارت أسود مجعد أضفى على ملامحه نعومة خاصة , إضافة إلى أن عرض كتفي جوردان جعله يبدو كالطفل الى جانبه.
" هذا أحسن , تستطيعين الأقتراب مني وأنت مطمئنة على سلامتك , إذ كما تعلمين ليس بمقدوري ألحاق الأذى بك , حتى لو أردت ذلك".
إبتسمت وأجابته:
" نحن أكبر عمرا الآن وأكثر رزانة من السابق".
أختفى عبوسه ومد إحدى يديه نحوها مضمتها بين يديها :
" ربما كنت أكبر عمرا لكنني لست رزينا وها أنا أدرك الآن مقدار أفتقاري إياك".
" حقا؟ فكرت بك كثيرا , وتساءلت عن وضعك , ووصلت أحيانا الى حد الكتابة اليك , إلا أن الظروف ........".
ونظرت عبر النافذة الى الحديقة , لكنها لم تر الزهور ولا الخضرة المحيطة بها .
" ولم لم تكتبي أذن؟".
لم تجبه فشدّ على يدها بقوة أكبر وتساءل:
" لم لم تأتي لزيارتي في المستشفى؟".
" لم أظن أنك أردت رؤيتي".
وبدا تعبير ساهم على وجهه ثم قال:
" هل حذّرك جوردان من المجيء؟".
" كلا".
وكذبت , إلا أنها لم ترغب بسلوك طريق لا تحمد عاقبته فأضافت:
" بل ظننت أنه من الأفضل الأمتناع عن ذلك".
وصمت مرة أخرى وعلى وجهه سيماء التفكير , إلا أنه أبتسم أخيرا وقال:
" ربما كنت محقة".
فكرت بجوردان وأحست بمرارة الذكرى من جديد , كانت دوافعها خلال تلك الأيام المخيفة تحثّها لآداء الكثير , إلا أنها كانت أبعد ما تكون عن أتخاذ قرار حكيم , والآن أصبح الوقت متأخرا ولم يبق أمامها غير الندم.
قال فجأة :
" هل غفرت لي ما أرتكبته؟".
" بالطبع , سامحتك منذ زمن بعيد أذ أكتشفت أن ليس هناك ما يستدعي الغفران حتى........".
ومرر يده على وجهها قبل أن يقول:
" أنا مسرور لذلك , فقد غفرت أنا أيضا , لك كل شيء".
" هذا يجعلنا متساويين".
وعنت أن تكون كلماتها مرحة , إلا أن وقعها كان مختلفا فقالت :
" أتمنى ......".
بدأت الكلام ثم توقفت هازة رأسها:
" تتمنين لو أن الأمر لم يحدث؟".
" نعم........".
ولم تستطع أخباره أنها تمنت أيضا سماع كلمات الغفران من جوردان أيضا , تنهدت عارفة أن تحقيق ذلك أكثر صعوبة من لمس القمر وأحست بيد ستيوارت تمسد يدها.
" أنني مسرور لمجيئك اليوم".
إبتسمت وتجنبت نظراته , فحاولت تغيير موضوع الحديث بالأشارة الى الحديقة:
" من الرائع مغادرة الحديقة حين يكون الجو جميلا بهذا الشكل , لاحظت أن لا درجات هناك وهكذا تستطيع تمضية معظم وقتك في اخارج حين يكون الجو صحوا".
" نعم , أليس لديك شيء آخر للمقعد؟".
دهشت , أذ لم تسمع حركة الكرسي ونظرت اليه يقترب منها , وبدا في ملامح وجهه الهادىء ما أراده بوضوح , فتقدمت منه وعانقته.
بحركة خرقاء وضع يده حول عنقها وجذبها اليه بكل قوته القديمة .
أرادت في البداية التظاهر بالأستجابة ألا أنها علمت أن كذبها سيؤدي الى جرح مشاعره بعمق أكبر من الصدق فأنسلت بهدوء بعيدا عنه , وقبل أن يحررها لمس بهدوء خديها.
" لم تتغيري أطلاقا يا جيردا , تبدين مختلفة , أكثر ثقة بنفسك وأكثر جمالا , إلا أنك ما زلت في داخلك كالسابق , باردة ومكتفية بذاتك , وخائفة من أطلاق العنان لمشاعرك , هل تعلمين؟".

أمل بيضون 13-07-11 10:21 PM

وأسترخى في مقعده فأحست براحة أكبر , وأستمر قائلا:
" كنت أول فتاة أمتنعت عن الأستسلام لي".
" أن لك طرقك المقنعة".
" إلا أنها لم تنجح معك , هل تعلمين لم عرضت عليك الزواج ؟".
ونظر اليها نظرة جانبية تتذكرها تماما وإبتسم قبل أن يواصل حديثه:
" لأنك كنت البرهان على نجاح الطريقة التقليدية في إجبار الرجل على الزواج".
" هل كان ذلك السبب الوحيد لعرضك الزواج عليّ؟".
" كلا , ليس تماما , رغم أنني جننت للجوئك إلى أستخدام أسلوب قديم لأبتزازي".
" لم أفعل ذلك ".
" ألم تفعلي ذلك ؟ ظننت أن ما قمت به يدل على معنى واحد : تزوجيني أو لا شيء آخر , إلا أنك بقيت الفتاة الوحيدة التي شعرت بأنني مستعد للنظر في وجهها صباح كل يوم طوال حياتي".
" كان هدفك أذن الزواج بشكل دائم؟".
" نعم , وتمنيت دوامه ما دمنا أحياء".
" غير أنني لم أفكر بما قمت به بأعتباره أبتزازا على الأطلاق".
قالت مستعيدة قدرتها على الدفاع.
" كلا , ألا أنك قدتني وراءك كالحمل الوديع ".
وضحك ثم لمس زرا جانبيا موضوعا على جانب المقعد فتحرك بهدوء وصار فجأة الى جانبها , الأمر الذي لم تتوقعه , ثم نظر اليها وقال:
" تعالي سأريك ما أستطيع عمله بهذا المقعد".
وقفت وتبعته الى وسط الغرفة.
" أرى أنك أسرع مني في الوصول ".
" أطار أحيانا سوزان , مدّعيا بأنني سأصدمها , وكنت مرة على وشك ذلك".
" لا يثير ذلك دهشتي ".
قالت جيردا بجفاف ونظرت الى أرضية الغرفة الناعمة , الصقيلة وتخيلت ستيوارت منزلقا بمقعده بسرعة مخيفة يغطي بها أحساسه بالعجز , وكما لو أنه حدس ما تفكر به فقال:
" أنه الجانب السادي في ذاتي , نوع من عقدة التفوق , أذ عليّ أقناع نفسي بقدرتي على السيطرة رغم أصابتي بالعجز".
بقيت جيردا صامتة وتبعته حول الغرفة حتى أقترب في النهاية من الباب الموجود في الجانب الآخر من الغرفة , وأذا أصبح المقعد على مبعدة ثلاث أقدام منه أنفتح الباب آليا ثم أنغلق بهدوء وكادت جيردا أن تنحصر بينه , لولا أنها أستطاعت الأبتعاد في اللحظة الأخيرة.
" آسف , كان علي تحذيرك بأنه باب آلي".
ثم أستدار ليوضح لها بقية الموجودات في الغرفة , مشيرا بيديه الى الأشياء.
" أترين ذلك اللوح الجانبي بجانب الفراش؟ أستطيع بواسطته أدارة الراديو والتلفزيون أضافة الى التدفئة والتبريد والأضاءة , أستطيع فتح النوافذ , سحب المكتبة الصغيرة وأستدعاء ليون أو أحد الخدم".
" معجزة ألكترونية , ما هذا؟".
لمس الزر فأنسحبت الستائر تغطي النوافذ وأصبحت الغرفة مظلمة , إلا أن أحد الأزرار بقي لامعا فقال:
" ثم أختار الضوء الملائم , في الوقت الملائم".
تأملت الشاشة السينمائية , أجهزة التسجيل الضخمة , الباب الجانبي الموضوع بحيث يمكن أستخدامه في غرفتين في آن واحد , والأثاث الفخم والجدران المكسوة بخشب صقيل أضفى على المكان أبهة أنيقة , كل شيء يمكن شراؤه , وضع في غرفة ستيوارت ... ولكن هل يعوّض هذا عن.........؟".
وراقبها قبل أن يعلق بمرارة:
" سخرية القدر... أليس كذلك؟".
تجاهلت تعليقه وقالت:
" بذل أحدهم جهدا كبيرا لأنجاز هذا العمل ".
" كل شيء تحت سيطرتي , تم كل ذلك تحت رعاية وأهتمام أخي الكبير".
" هل قام بكل ذلك؟".
وأغمضت عينيها أذ أنطفأت الأنوار وأنفتحت النوافذ لتسمح بدخول أشعة الشمس.
" نعم , وجاء معه خبيران ساعداه على أتمام كل شيء , ولم ينسوا شيئا بأستثناء عكازين أستخدمهما بدلا من الساقين".
عاد الى الغرفة وتوجه نحو النافذة منتظرا أياها لتلحق به , وبدا في أنتظار أن تعلق على شيء ما , فقالت أخيرا ببطء:
" أليس في مستطاعهم عمل شيء؟".
" من أجلي؟".
أومأت برأسها أيجابا وتساءلت فيما أذا كان سؤالها حكيما.
" كلا , تم أجراء كل شيء من أجلي , عمليت متواصلة , علاج طبيعي وحتى العلاج بالأعشاب , وكان الجواب واحدا : ( الأعصاب ميتة ولا فائدة من أصلاح العطب ) الى أن حدث شيء في العام الماضي.....".
وتوقف ستيوارت ليشعل سيجارة , وسحب نفاضة السجائر حتى قبل أن تستطيع رؤيتها لتجلبها له:
" في العام الماضي , سمع جوردان عن أخصائي ألماني له خبرة كبيرة في الموضوع فذهبنا الى ألمانيا لرؤية الأخصائي".
وحين لاحظت تردده قالت:
" ثم...؟".
بدا على وجه ستيوارت ألم المعاناة ومرت وهلة قبل أن يجيبها:
" أظن بأنه كان أول من منحني القليل من الأمل , كان مستعدا لأجراء العملية , إلا أن نسبة النجاح لم تكن حتى خمسين بالمائة , بل الثلث فقط".
" ولم لم توافق؟".
" هل تظنين أنني أحمق , خاصة بعد أن وضع الأخصائي بعض المحاذير حين قال قد أسير ثانية ولكن بمساعدة عكازين , أضافة الى أنني سأعاني من عدم القدرة على التوازن , أنها مجرد أحتمالات , قد أصاب بذلك وقد تنجح العملية".
" ولكن أجراء أي عملية يحمل ضمنا بعض الخطر , أتذكر ما حدث حين كانت والدتي مريضة وبدت الدنيا مظلمة في عيني , إلا أنها في صحة جيدة الآن وهي أسعد مما كانت عليه طوال حياتها".
" بلا شك ". ثم تنهد قائلا: " ولكن حالتي مختلفة , لقد كان علي الأختيار , أذ حذّرني بأنني قد أموت أثناء العملية ..... فهل تقبلين المخاطرة لو كنت مكاني؟".
" لا أدري".

anvas 14-07-11 05:04 PM

راائع جدا،،
بلفعل روايه مميزه وغنيه بالاحداث
وفيني فضول كبير بدي ايش صار في لليله الحادث
بسس قطع متنااثره من الاحداث وبالكاد تعطي صوره كاامله عنها
باانتظاارك غاليتي امووله
^^

أمل بيضون 14-07-11 09:17 PM

بتصدقي أنفووسة هذه مش من الروايات المفضّلة عندي , وأنا ما بحبها بس لقيتها مش موجودة مكتوبة بالمنتدى , من هيك أنا عم طوّل بكتابتها , عادة بس أكتب ببقى عم بستمتع بالقراءة بس معها بحس بالملل .....


الساعة الآن 08:08 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.