شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f202/)
-   -   96- لحظات الجمر - مارجري هيلتون - ع.ق (كتابة/كاملة)** (https://www.rewity.com/forum/t166838.html)

أمل بيضون 22-06-11 01:30 PM

96- لحظات الجمر - مارجري هيلتون - ع.ق (كتابة/كاملة)**
 
https://forum.hwaml.com/imgcache2/hwa...329427_533.jpg

96- لحظات الجمر - مارجري هيلتون - روايات عبير القديمة


الملخص



الحقيقة عندما لاتقال تخلق في الضمير حالة كابوس تنمو وتنمو كالأخطبوط الشرس, وتروح تعبث بالحالة النفسية وتؤثر على التصرفات, حتى تصل لحظات الجمر, لحظات قول الحقيقة ...فكيف اذا كان الحب مختبئا وراءها , ينتظر بفارغ صبر أن تقال ؟ جيردا لم تكون تتصورأن جوردان بلاك يمكن أن يفكر بها بشكل جدي , بل كانت تحاول الفرار من كل مايربطها به حتى انها استقالت من عملها وعزمت على السفر . فجوردان رجل بلا رحمة وهو يمقتها ولا يتوقف لحظة عن التنكيل بعواطفها .لذلك بقيت على عهدها لأخيه ستيوارت الذي تعرض لحادث أليم ولم تخبره الحقيقة..... وبينما كانت على أهبة الخروج من كل مصائبها , قرع الباب شبح طويل القامة.....







روابط الرواية

word

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

text

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

anvas 22-06-11 03:02 PM

امممم
بداايه غاامضه ^^
كلي تشويق للفصول الجاايه
تسلمين غلآي^^

أمل بيضون 22-06-11 09:25 PM

1- أمرأة وحيدة


يوم الجمعة : عطلة نهاية أسبوع أخرى.
صعدت جيردا درجات السلم الثلاث ببطء , ولم يكن هناك أحد يلاحظ توقفها أو حركاتها المتعبة قبل أن تضع المفتاح في ثقب باب الشقة رقم 27 , كما لم تلحظ وجود أي شخص , من قبل , , في ممرات بناية كرافتون , المضاءة جيدا , كان الموجودون في البناية أناسا يعيشون خلف أبواب شققهم الفخمة والديكور الحديث دون الأهتمام بأن يكونوا جيرانا , ألا أن بواب البناية ذا الزي النظامي كان يعرفهم جميعا حسب أسمائهم وأرقام شققهم ولم يتوقف يوما عن الأيماء برأسه تحية لجيردا , صباحا ومساء.
أغلقت الباب خلفها دون أحداث أي ضجة كما لو أن الباب كان مبطنا بالقطيفة , لتنسل بهدوؤ الى عزلتها.
ستدخل , ذات يوم , الشقة بعد أن تتحول وحشتها إلى دفء بيت في أنتظار عودة صاحبة بعد يوم عمل شاق , إلا أن ذلك اليوم لم يحل بعد , حتى بعد أنتظار ستة شهور , كانوا جميعا محقين : هكذا فكرت وهي تفرغ محتويات كيس التسوق في الثلاجة وخزانة المطبخ , ولو أنها أصغت لنصيحة أصدقائها بعد وفاة بليز لأنتقلت من شقتها إلى مكان آخر أو ربما لقبلت دعوة والدة بليز للبقاء معها فترة غير محدودة , إلا أن فكرة العيش في بيت بليز الهادىء في منطقة ديفون , في صحبة أمرأة عجوز تعيش على ذكرياتها , كانت غير محتملة ثم أنها لم ترغب بالتخلي عن مكان منحها إياه بليز بكل حب.
ربما كان أصدقاؤها محقين , ربما كانت حمقاء لأصرارها على البقاء في مكان يذكّرها كل ما فيه ببليز بدلا من التخلص من ذكرياتها عن زواج لم يستغرق فترة طوية , أذ قضت معه فترة سنتين.
دق جرس الهاتف فخفضت الحرارة تحت أبريق الشاي , قبل توجهها لرفع السماعة , أجابها صوت كاثرين , كما توقعت , وأبتسمت أذ حدست مقدما ما ستقوله المرأة الأكبر منها سنا , فقالت:
ط كلا , أرجو أن تعذريني يا كاث , نعم أعرف أن لايل كيرك جاء لقضاء عدة أيام هنا فألتقيت بشقيقته منذ أيام , إلا أنني خططت للتخلص من بعض المشاكل الصغيرة خلال العطلة , وأرجو أعفائي من الدعوة , أنه لعطف كبير منك التفكير بي , لكنني.....".
" أعرف أنك عانيت من أرهاق طوال الأسبوع كله , وأنك متعبة ولكن أصغي لما سأقوله يا جيردا حان الوقت لأن يصارحك أحدهم بالحقيقة, أنك في الثانية والعشرين من عمرك وليس الثانية والأربعين , وقد مضت على وفاة بليز ستة أشهر فمتى ستتخلصين من تأثير ما حدث؟ لم أخترت هذا العمل ؟ كان عليك مغادرة البلد وزيارة والدتك لعدة أشهر , عزيزتي , تعليمين بأنني لا أحاول التدخل ألا أنني أحاول أعادتك ألى دورة الحياة الطبيعية , أنك لا ترغبين بالبقاء أرملة طوال حياتك , أليس كذلك؟".
توترت أصابع جيردا حول سماعة الهاتف وأجابت:
" ليس لذلك علاقة برفضي الدعوة , ألا أنني لا أرغب زيارة مكان يقضي أفراده معظم وقتهم في محاولة ربطي برجل أعزب , خاصة أذا كان الرجل لايل كيرك".
" وما هو عيب لايل؟".
" لا شيء عدا أنني لا أحس بأي شيء نحوه ولا أرغب في أقامة علاقة معه , أو مع أي رجل آخر".
أضافت بتجهم , أما كاثرين فأحست بجرح مشاعرها فقالت:
" من أوحى لك بذلك؟ أنك تدركين خطأك أليس كذلك؟ أنه الوقت الملائم للخروج مع رجل لطيف يدعوك للعشاء ثم يبادلك الحب , أنه العلاج الأفضل لوضعك".
" ربماأذا كنت تعلمين ما الذي ستعالجينه بالضبط".
وتذكرت جيردا شيئا , ناظرة بأتجاه المطبخ فقالت:
" كاثي , يجب أن أذهب الآن لأنني تركت الماء يغلي على النار , أعرف أنك تحاولين مساعدتي وأنا أقدر ذلك ولكن هل نستطيع نسيان الموضوع الآن وربما.......".
" حسنا , ألا أننا لن نسمح لك بالأنكفاء وحدك هكذا , أذ لم يتوقع منك بليز الحياة كراهبة بقية حياتك , ويكفي أن السنة الأخيرة كانت قاسية ما فيه الكفاية , يا للمسكين بليز لا بد أن الأمر حطّم قلبك.....".
" نعم , كاثي , سأتصل بك فيما بعد , عليّ الذهاب , مع السلامة".
وضعت جيردا السماعة في مكانها وأسرعت ألى المطبخ , كانت كاثرين صديقة عزيزة ألا أن ألحاحها كان أكثر من اللازم , وهذا أمر لم تتحمله أعصاب جيردا.
فتحت جيردا علبة من لحم لسان الثور , شرّحت ثمرة طماطم , ووضعت قليلا من الزبد على الخبز , ثم جلست عند الطاولة الصغيرة لتحدق في السطح المزين باللونين الأصفر والبرتقالي , دون أن تراهما.
كانت تعلم أن كاثرين محقّة , أذ لا يتوجب عليها العيش بهذه الطريقة , متجنبة الدعوات , فاقدة نفسها في زحمة العمل أثناء النهار ومستهلكة وقت فراغها وحدها , ممثلة بغباء الصورة النموذجية المعروفة عنها : أرملة شابة حرمها الموت من زواج مثالي سعيد ..... آه لو أنهم عرفوا الحقيقة.

أمل بيضون 22-06-11 09:50 PM

ورغم ذلك أحبت جيردا بليز وبادلها هو الحب , لقد وجدت في بليز ملجأ تخلصت بواسطته من الماضي , فجأة دمعت عيناها فهزت رأسها بعنف: لماذا توجب عليك الموت يا بليز ؟ لماذا؟
رفعت صحن الطعام بتثاقل لأنها لم تستطع أتمام تناول طعامها , ثم جلست لتلقي نظرة على عمل الشركة الذي جلبته معها ألى البيت , كان عليها إعداد نسخ بعض المواصفات وموجز تقرير سيوفر عليها الكثير من الوقت يوم الأثنين , ثم إعداد بعض الملاحظات لهوارد دوربل عن مناقصة مهمة , مهما كان رأي كاثرين عن عملها فإن جيردا واثقة بأن عملها كمساعدة خصوصية لهوارد دوريل يمثل نقطة أرتكاز هامة في حياتها , أذا أحست بالحاجة لوجودها , ولم يكن لديها وقت للملل , كانت محظوظة في عثورها على العمل وتوفره وقت حاجتها , لم تكن المؤسسة كبيرة جدا ولهذا تسهل ملاحظة الجهود الفردية , وكان هوارد صديقا لها أكثر مما كان رئيس عمل , رغم أنها لم تسمح لنفسها بأستغلال صداقته.
بدأت الطباعة وتساءلت في الوقت نفسه عن مسار لقاء هوارد بممثل شركة فان لورن للمعدات الألكترونية , فقد كان هوارد متلهفا للحصول على العقد خاصة بعد سريان بعض الأشاعات عن شركتي فان لورن ووينتفورد كومباين , سحبت آخر صفحة من الآلة الطابعة ثم سمعت صوت جرس الباب , تعجبت لذلك وأسرعت نحو الباب لتفتحه إلا أنها تراجعت بدهشة حين رأت وجه الرجل المتعب الواقف أنتظارا.
" هوارد , لم أتوقع...".
ثم توقفت عن الكلام حين أدركت ما أصابه , تناولت من يده حقيبة العمل وقالت:
" أدخل وأجلس , سأعد لك بعض الحليب الساخن".
" كلا , لا تزعجي نفسك".
تجاهلت جيردا أعتراضه وأسرعت إلى المطبخ بعد أن جلس على الكنبة قرب المدفأة , سخّنت بعض الحليب بسرعة ثم تناولت قنينة دواء المعدة التي أحتفظت بها لمثل هذه الحالات الطارئة.
عانى هوارد من مرض رجال الأعمال : القرحة , وتبين لها من معرفتها أياه أن لا فائدة من محاولة تهدئته وتخديره , حين عادت إلى الغرفة همس :
" شكرا , أنك تشبهين أمك كثيرا , جميلة وباردة ظاهريا لكنك دافئة وحنونة من الداخل , ماذا سأفعل دونك؟".
" أفعل ما طلبه منك الأخصائي , وافق على إجراء العملية وتخلّص من المرض".
" أنني عجوز وخائف جدا".
" هراء , ستصبح رجلا جديدا".
" لست متأكدا من أنني أريد التحول إلى رجل جديد , جيردا , آسف لأقحامك في مشاكلي , ولكن هل ستساعدينني ؟".
" بالطبع , هل تريد مني مرافقتك إلى البيت ؟ هل أستدعي الطبيب............ أو؟".
ثم تذكرت شيئا مهما جعلها تقفز من مكانها , فقالت:
" ربما كان من الأفضل الأتصال بالسيد كنغسلي وألغاء دعوة العشاء معه , لا يزال هناك وقت".
" كلا , ليس ذلك ما أريده , اللعنة أنه حدث سيء وفي وقت أسوأ ..... جيردا , تلقيت مكالمة هاتفية بعد مغادرتك المكتب".
" هل تعني........؟".
وأشار برأسه إيجابا مضيفا:
" تأكد الأمر رسميا , لقد بيعت فان لورن لشركة وينتغورد".
أعتدلت جيردا في مكانها:
" هل تعتقد أن لهذا تأثيرا سلبيا علينا".
" قد يصح الأمر أذا لم ننجح في تجديد العقد".
وأرتسمت على وجه هوارد دلائل الألم رغم محاولته أخفاء ذلك , وحين أنتهت نوبة الألم مرر يده على جبينه , قائلا:
" لهذا جئت هنا الليلة , أذ ليس في أمكاني , في حالتي الصحية السيئة , مواجهة ليلة أخرى من الطعام الدسم والشراب حتى الساعات الأولى من الصباح , أنت تعلمين ما يعني ذلك".
كانت جيردا تعرف جيدا ما قصده , أذ لاحظت في الصباح الباكر وجوه الرجال الرمادية المتعبة , وجوها ترتدي قناع الموت ثمن مواصلة التنافس في عالم التجارة والمال , قالت :
" لا أعتقد أنك في حالة تسمح بذهابك , أذ ستقتل نفسك بهذه الطريقة , دعني ألغي دعوة الدعوة قبل ذهابك".
فرد عليها :
" لا أستطيع ذلك , يجب أن نحصل على العقد , وما أريده منك هو الذهاب نيابة عني".
" أنا؟ الليلة ؟ ..... لكنني!".
ونظرت إل ساعتها ثم إلى وجهه القلق , وواصلت قائلة :
" هوارد , لا أستطيع الذهاب نيابة عنك".
" لماذا ؟ هل أنت مدعوة إلى مكان الليلة؟".
" كلا , لكنك تعرف آراء الرجال المحجفة بحث النساء".
" هراء, ستكونين رائعة خاصة وأنك تعرفين تفاصيل العقد أحسن مني , حتى أنك لن تلجأي إلى قراءة الأوراق الرسمية , إبتسمي في وجه العميل وسيوقع العقد كالحمل".
تنهدت جيردا متذكرة كينغسلي , المتحدث اللبق ممثل شركة فان لورن , الذي ألتقت به بعد عدة أسابيع من بدء عملها في المؤسسة , ولم تكن الذكرى مشجعة مثلما ذكر هوارد.

أمل بيضون 23-06-11 10:43 PM

فقالت بلهجة متشككة :
" نعم , أنت تعلم بأنني سأبذل أقصى جهدي , لكن لا تلمني أذا رفض مناقشة الأمر مع أمرأة".
" لن ألومك , كنت سأرسل تيلور لولا أنه موجود في مانشيستر ولن يعود قبل الساعة التاسعة وربما في وقت متأخر أكثر بسبب زحمة المواصلات".
وتوقف هوارد عن الكلام ليهز كتفيه بأرتياح , ثم واصل حديثه:
" أنه ثقل أزيح عن ذهني . والآن , هل تريدين سيارتي أم أستدعي سيارة أجرة ؟".
" أفضل سيارة أجرة أذ سيخلصني من مشكلة البحث عن مكان لأيقاف السيارة".
" حساب النفقات مفتوح قدر ما تشائين بهذه المناسبة هل لديك بطاقة النفقات ؟ أستخدميها وسأصرف كل شيء فيما بعد".
أومأت جيردا برأسها .
" سأعطيك بعض المال أحتياطا".
وسحب بعض الأوراق المالية من جيبه وناولها أياها قائلا:
" والآن , سأستعيد معك بعض الملاحظات السريعة.......".
وحين قام بذلك وعلّق بأن معلوماتها أحسن من معلوماته هزت رأسها قائلة:
" أنني سعيدة لثنائك وثقتك بي , وآمل ألا أخيب ظنك .... بالمناسبة , أين ومتى سألتقي بالسيد كنغسلي؟".
" يا ألهي , لقد نسيت أهم شيء , أنه ليس كنغسلي , وكان ذلك جزءا من المعلومات التي تلقيتها , القادم هو ممثل وينتفورد الخاص , اللبق بنفسه".
" حقا ؟ تشرفنا .... أي واحد منهم؟".
" جوردان بلاك بنفسه".
" جوردان بلاك".
بعد ذلك , أدركت جيردا أن الفترة المنصرمة لم تتجاوز اللحظات بين نطقه للأسم وأختفاء الصدى من رأسها , ألا أنها ظنت أن الأمر أستغرق وقتا طويلا , قبل أن تسمع صوت هوارد من جديد.
" ظننت أن ذلك سيصدمك , ألا أنني آمل تحول الأمر الى بشرى خير , أذ أنه معروفا بأنجذابه للنساء وأرجو أن تمارسي جاذبيتك الأنثوية عليه أذ أننا.....".
توقف هوارد أذ أدرك خطأ ما قاله وأذ لاحظ شجوب وجه جيردا البيضوي الدال على عمق الصدمة.
" لا أستطيع آداء المهمة , آسفة , لا أستطيع ..".
" لم لا ؟".
وفكر بأنها عصبية ومترددة فواصل :
" ستكونين أفضل سفيرة لنا.... وأذا كان ما قلته يقلقك فأنني لا أظن بأنك ستخضعين للغواية بسهولة , حتى لو كان الشخص جوردان نفسه , كل ما عليك عمله هو أرتداء درعك المضاد للحب , والآن لا تقلقي أذ ليسهناك ما يستوجب القلق".
لم تسمعه جيردا , جوردان بلاك من بين جميع الرجال , آخر رجل رغبت في رؤيته مرة أخرى , وكان من المستحيل أقناع نفسها بأن شخصا آخر يحمل الأسم ذاته , أذ لا يتسع العالم في رأيها , لأثنين يحملان أسم جوردان بلاك , وأحال الخوف بشرتها الى لون جليدي وأحست بأرتخاء أطرافها , وفتحت فمها لتطلق صرخة كبحتها في اللحظة الأخيرة وأرادت القول أنها تفضل القيام بأي شيء عدا..... ثم رأت وجه هوارد المتشنج ألما وقلقه الظاهر بوضوح في عينيه فأستدعت ما حدث ذات مرة في الماضي.
منذ عشرين عاما مر والدها بالظرف نفسه ووقف هوارد دوريل الى جانبه وساعده على أجتياز الأزمة , منذ عشر سنوات كان دوريل منقذ العائلة بعد وفاة الوالد وأخيرا مساعدته لها منذ ستة أشهر عند فقدها لبليز , ولولا مغادرته البلد منذ أربع سنوات لعمل طارىء لما مرت بأقسى تجربة في حياتها ولأستطاعت بالتأكيد تغيير أساس وضعها الحالي , وبذلت جهدها لأستعادة هدوئها وكبحت مخاوفها : ( ليس في أستطاعتي خذلان هوارد ).
" آسفة , أنه أحساس عصبي , أين سألتقي به؟".
" الساعة الثامنة ولنصف في مطعم توبي , أنه مكان رجال , ألا أنني لم أفكر بذهابك ألا الآن".
" لا أمانع في الذهاب الى هناك مرة واحدة".
" أنه أفضل مطعم لتقديم اللحم المشوي ولو كنت أعلم بذهابك مسبقا لأخترت مكانا آخر يلائمك أكثر , ربما سيختار بلاك الذهاب الى مكان آخر".
وتلاشى صوت هوارد مرة أخرى وبدا وكأنه يعاني من جفاف في حلقه .
" لا يهم الأمر , من الأفضل أن أقوم بتغيير ملابسي".
" نعم , كيف ستتعرفين على بلاك؟".
ونهض هوارد واقفا ببطء.
( هل سأعرف جوردان بلاك ؟ خاطبت نفسها ثم أومأت برأسها:
" لا تقلق سأعثر عليه بسهولة , عليك الذهاب الى فراشك مباشرة وأستدع الطبيب , هل تسمعني؟".
" نعم , ها هو العقد , لن يوقعه الليلة , بل ما سيحدث هو مجرد الحديث عنه , ولكن من الأفضل لو أخذته معك , شكرا جزيلا يا عزيزتي , أذا عدت في وقت مبكر , فأتصلي بي , وأذا.....".
" سأتصل بك غدا".
ردت جيردا ...... حين غادر هوارد الشقة , ساد المكان صمت مخيف , توجهت الى الحمام حيث أغتسلت ثم بدأت محاولة أختيار فستان ملائم للمناسبة , كان الفستان الأبيض الكلاسيكي فاخرا بالنسبة لمكان كتوبي , فأختارت واحدا ورديا ورفعت شعرها الى قمة رأسها ولم ترتد أيا من مجوهراتها , كما راعت أن يكون الماكياج بسيطا.

أمل بيضون 23-06-11 11:12 PM

كانت أصابعها باردة كالثلج حين وضعت بعض العطر على رسغيها وعنقها , ولمحت صورتها في المرآة : الوجه البيضوي محاط بقسوة الشعر الأشقر , ربما لن يتعرف عليها , فما حدث بينهما تم منذ ثلاث سنوات , ولم تعد هي في التاسعة عشرة من عمرها ذات الشعر الطويل المنسدل بحرية عل كتفيها , وملامح الوجه الجميلة ...... تنفست جيردا بعمق محاولة الحفازظ على هدوئها , ما الذي يستطيع جوردات بلاك عمله الآن ؟ ما حدث كان في الماضي , ليس هناك من يحمل الضغينة في داخله منذ تلك الفترة الطويلة , بالتأكيد ليس هناك من يحمل الضغينة في داخله منذ تلك الفترة الطويلة , بالتأكيد , ليس في أمكانه الحقد عليها طوال ذلك الوقت.
كان جوردان بلاك أول رجل رأته حين دخلت توبي.
طول الطريق حاولت أقناع نفسها بأنه قد لا يأتي لحادث طارىء وصدقت ما توهمته الى حد أنها لم تتوقع رؤيته أطلاقا , الى أن سارت داخل توبي حيث أحست بدفء المكان الرجولي , الكنبات الجلدية الثمينة والديكور الخشبي الغامق اللون , المطبوعات القديمة الموضوعة على الجدران والممثلة لرحلات صيد تمت في القرن الثامن عشر , ثم رأت جوردان جالسا في النهاية البعيدة وأمامه قدح شراب مثلج , بينما حمل بيده سيجار بدا وكأنه نساها.
وقفت قرب المدخل , محاولة تجاهل رؤوس الرجال الملتفتة للنظر اليها بأستغراب , أنها المرأة المقتحمة لملجأهم , ألا أن جوردان بلاك لم يرها بعد , وعليها المحافظة على رباطة جأشها حتى تلك اللحظة , أنه لم يتغير أطلاقا .
لا يزال الشعر الأبيض الكث منسدلا بلا ترتيب على جبينه وحاجبيه الغامقي اللون , الحنك القوي تتوسطه غمازة تضيف الى وجهه قسوة وصلابة عرف بهما , بينما تفارقت الشفتان بلا مبالاة أشارة الى شهوانية داخلية , وأكد طوله الفارغ قوته وتعجرفه , تعجرف رجل لا يقبل المساومة وواثق دائما من صحة أختياره , لم يرفع رأسه بعد.
تقدمت جيردا نحوه في محاولة يائسة للدفاع عن نفسها , خاطبت أولا الرجل الواقف خلف البار ثم سارت نحوه:
" مساء الخير سيد بلاك".
استدار برأسه بكسل , وألتقت عيناها بعينيه الزرقاوين المطلتين بأهداب سوداء , فلمحت ألتماعا أختفى بسرعة.
أجبرت جيردا نفسها على الأبتسام , أبتسامة يرسمها رجال الأعمال على وجههم كما تعلق الأمر بصفقة جديدة , أبتسامة ساحرة لا شخصية ودافئة في الوقت نفسه.
" آسفة لأخبارك عن عدم مجيء السيد دوريل , كان الأمر مفاجئا ولم يستطع تأجيل الموعد".
واصل النظر اليها بقسوة وصمت.
" لم نرغب بأزعاجك , فطلب مني السيد دوريل الحلول محله".
وأشارت الى المظروف الذي تحمله قبل أن تواصل القول:
" لدي كل التفاصيل هنا , أذا رغبت بمناقشتها معي , أظن أن بأستطاعتي توضيح كل غموض في الموضوع".
" هل هذا هو العقد الجديد مع غرينغفولدس؟".
" نعم".
أحست بجفاف شفتيها وشحوبها وسرت لأرتدائها فستانا ورديا يخفي ذلك.
" هل ترغب في شراب آخر يا سيد بلاك ؟ أو هل تفضل تناول العشاء الآن ؟".
" أكره أن تدعوني أمرأة للشراب والطعام".
ثم نظر بأتجاه النادل فجأء حالا لتلبية طلباته.
" ماذا تريدين يا آنسة...".
وتلفظ كلمة ( آنسة ) بأصرار.
" أنني السيدة مانستون".
أجابت بأصرار مماثل :
" أريد قدح عصير , رجاء".
" سيجارة".
وفتح علبة سجائره المزخرفة من جهة واحدة , ثم أشعل لها سيجارتها بيد ثابتة , وضغط على زر القداحة مرتين , لأنها لم تستطع أخفاء أرتجاف يديها , تناولت قدحها وفكرت بأن لقاءها بجوردان أسوأ مما تخيلته , قالت :
" أذا كنت ترغب بتأجيل اللقاء الى أن تتحسن صحة دوريل.....".
" لا أدري , ما هو مرض دوريل؟".
" القرحة المعدية , وهو يرفض التوقف عن العمل لمعالجتها ".
هز جوردان كتفيه بلا مبالاة وقال :
" لن يفعل ذلك أذا كان قلقا بصدد منافسيه , متى بدأ تزويد فان لورن بما تحتاجه؟".
" منذ خمس سنوات ".
" وهل أنتم قادرون على تجهيزنا ؟".
شعرت جيردا بتخلصها من بعض توترها ففي أستطاعتها أجابة الأسئلة بكفاءة ومقدرة ولم تسبب لها المصطلحات التقني أي أرتباك.
دفع قدحه جانبا وقال :
" لنتناول الطعام الآن".
تبعته بصمت , مدركة في الوقت نفسه تغير الأدوار حين تقدم النادل لسؤاله عما يرغبان من طعام , فأحست كما لو أنها كانت واقفة على رمال متحركة , وفكرت بأن هوارد أرتكب أكبر خطأ في حياته حين ظن أنها قادرة على ذلك مع أي رجل ساحر عادي , أما جوردان بلاك لم يكن رجلا عاديا , بل كان معتزا برجولته الى حد أن مجرد فكرة لقائه بأمرأة أعمال لمناقشة عقد جديد , مقدر عليها بالفشل منذ البداية.
أختار الشراب ثم كوكتيل الفاكهة لها وكوكتيل الأريبان له , ثم اللحم المشوي بعد ذلك , بعد أنتهائه من هذا وضع مرفقة على الطاولة وخاطبها :
" والآن أخبريني عن سبب وجودك هنا؟".

أمل بيضون 24-06-11 10:00 PM

دهشت للسؤال ألا أنها أسرعت بأجابته:
" أخبرتك السبب عند مجيئي , ولا بد أنك تعرف العقد المطروح وألا لما كنت موجودا هنا الليلة".
" ما هو مركزك في الشركة؟".
" مساعدة خصوصية للسيد دوريل ".
أجابته وهي تحاول تناول كوكتيل الفاكهة .
" حسنا وهل هو المدير الوحيد للشركة؟".
ضمت شفتيها مانعة نفسها من الأجابة بخشونة , ألم يقرأ أيا من الرسائل المتبادلة ؟ ألم يطلع على أي من المعلومات قبل قبوله الدعوة؟ وأذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يدع كينغسلي يواصل المفاوضات ؟ حسنا , أذا ما كان يرغب فيه هو تاريخ الشركة......
" السيد ميريك والسيد تيلور في مانشيستر كما أن هناك أضرابا في.....".
" أعرف كل تفاصيل الأضراب في ديلوز ولا تهمني التفاصيل غير الضرورية حاليا ".
فسألته بهدوء :
" ما الذي تريد معرفته بالضبط يا سيد بلاك؟".
" هل هذا هو أسلوبك الخاص مع رجال الأعمال يا جيردا؟".
وحلت لحظة المواجهة أخيرا , كانت عيناه باردتين ولم تستطع مقاومة التحديق فيهما , جف فمها وأزدادت ضجة غرفة الطعام حولها , فجأة الى حد تحولت فيه الى ضوضاء غريبة , قالت بصوت مختنق:
" لماذا لم تقل ذلك من قبل؟".
" لماذا تظاهرت بعدم معرفتي؟".
لم تستطع العثور على كلمات مناسبة للدفاع عن نفسها , وواصل قائلا:
" لم تتغيري , كل ما تغير هو أنك أمتلكت الجرأة للمجيء , ولكن لا بد أن السبب هو لأرضاء نرجسيتك بالتواجد في مكان مخصص للرجال".
أنتابها الوجوم وصمتت كما لو أنه ضربها على رأسها , ثم سحبت حقيبة يدها بعنف وقالت:
" أذا كان الأمر كذلك , فمن الأفضل أن أغادر المكان".
" وتسببين فضيحة ؟ أبقي في مكانك , وماذا عن العقد؟".
لحظت النادل مقتربا منهما , فسكتت ثم قالت بعد أبتعاده :
" لم تتغير أطلاقا يا جوردان , كما أنك لا تستطيع النسيان".
" هل توقعت مني ذلك؟".
" كلا , كنت سأكون بلهاء لو أنني توقعت أي شيء منك , وخاصة التفهم".
أحنت رأسها وتوقفت عن التظاهر بتناول الطعام لعلمها أن الطعام سيخنقها , لحظت أنعكاس الضوء على قدح شرابه وتكرار الأنعكاس عندما وضع القدح على الطاولة , قال :
" أذن , توفي بليز منذ ستة أشهر , هل ما زلت أرملة ؟ أم أن هوارد دوريل هو المرشح الجديد؟".
بتعمّد , دفعت صحن طعامها جانبا وجلست بأستقامة .
" أنت تعلم جيدا قوة مركزك حاليا , أذا ما رغبت بأهانتي فليس لدي الخيار بل سأسمح بذلك لأرضائك , ولكن أحتراما لرجل لا علاقة له بما حدث بيني وبينك , رجل لا يصح لومه لأي سبب كان , أطلب منك عدم ذكر أسم هوارد دوريل مرة أخرى".
" يبدو أنك تعلمت أخيرا , الأخلاص , ومن سوء الحظ أنك لم تتصفي به من قبل".
" لن أجادلك فيما قلته ". قالت ببرود : " لأنني جئت هنا لأنجاز عملي وليس .... وليس......".
وأحست بصعوبة في التنفس وأتمام جملتها ألا أنها قالت أخيرا:
" وليس لبدء نقاش في موضوع قديم مرة أخرى , والآن هل نستطيع أتمام حديثنا بصدد العقد؟".
" آه! نعم العقد".
ومال جوردان في مقعده ليتّخذ وضعا مريحا أكثر وقال :
" أنك ترغبين في الحصول على هذا العقد مهما كان الثمن , أليس كذلك؟ خاصة أن شركتكم مرت بعام تجاري سيء , في السنة الماضية ".
" تمر كل الشركات , أحيانا , بظرف عصيب".
وحاولت في الوقت نفسه الحفاظ على جمود ملامحها لئلا يجد لذة سادية في تعذيبها .
" ألا تريد بعض الحلوى؟".
أشار بيده رافضا وطلب من النادل جلب الجبن , وبعد أنصراف النادل قال:
" حسنا , لنعد الى العمل , أفترض بأنك مركز ثقة دوريل ... هناك أشياء كثيرة أود معرفتها قل الموافقة على العقد".
كانت وجبة طعام مخيفة , وبدا كأن جوردان قد تحول الى مخلوق آخر , مخلوق أشتهر بصلابته وقسوته في المعاملات التجارية , وتحوّلت أسئلته التي أطلقها الى تحقيق متواصل , حلّل فيه كل نقطة في العقد , وناقشها في أدق التفاصيل , وكانت أعصاب جيردا على وشك الأنهيار قبل أن يتوقف لأشعال سيجارة أخرى.
كانت صالة الطعام فارغة تماما , والجو مثقلا بدخان السجائر , راقبت جوردان مدخنا سيجارته ثم تذكرت ما قاله هوارد لها : ( لن يوقع الليلة , بل سيكون اللقاء مجرد تهيئة لذلك).
وسرت رعشة يأس في جسمها , وتلاشى أملها في منحه العقد للشركة , خاصة بعد معرفته بعملها .
بقيت صامتة , ألا أن التساؤل الواضح في عينيها دفعه للقول :
" لنخرج من هنا".
وقادتهما جملته الأخيرة الى تعقيد جديد , وخلافا للمألوف طلب من النادل الحساب ودفع هو كل شيء ثم قال للنادل المتعب أن يتناول شيئا على حسابه , ثم خرجا سويا.


anvas 24-06-11 10:19 PM

لي عووده بالرد،،
جااري القراءه ع روقاان
،،
تسلمين اموووله

anvas 25-06-11 10:51 AM

امووله،،
اعجبتني روايه كثير وخااصه اسلوب القصه
كثير مميز الوصف والشعورر،،
ايضا يلفها التساؤل
ايش سالفه جيردا مع جوردان....؟؟
^^
بانتظاارك غلاي:)

أمل بيضون 25-06-11 05:44 PM

" لا أسمح لأي أمرأة بدفع حسابي , أطلاقا".
قال بتصلب حين خرجا الى الظلمة وواصل قائلا:
" حسنا , أين سنتوجه الآن ؟".
حدقت في وجهه مما دفعه الى أطلاق ضحكة قصيرة.
" لم يتم شيء الليلة , كما تعلمين , وأحد الأسباب هو أن ضمان وقت التسليم ليس موافقا لمواصفاتي , والآن , لنأخذ سيارتي القريبة ولنعد الى بيتي".
" كلا ".
وأطلقت الجواب بسرعة دفعته للقول:
" لم لا ؟ أنه المكان الذي أجري فيه صفقاتي عادة".
" أفضل عدم الذهاب فالوقت متأخر و...".
ثم توقفت بصعوبة.
" وأنت تخافين الأساءة الى سمعتك , هل أنت متأكدة أن هذا هو السبب الوحيد؟".
" نعم".
" أرجو أن تكوني مقتنعة , على الأقل , بما تقولينه , كلا لم تتغيري في شيء يا جيردا! ذلك الجمال البريء البارد , المعروض لخداع أي رجل , إلا أنه لن يخدعني".
" عليّ الذهاب الآن ".
نظرت الى مكان خلفه.
" سأذكر تعليقاتك للسيد دوريل وسأسأله عن الضمان , سيتصل بك في أقرب فرصة".
ومدت يدها لمصافحته
"تصبح على خير وشكرا على وجبة الطعام".
تجاهل جوردان يدها الممدودة وقال:
" أين ستذهبين؟".
" الى البيت بالطبع".
" بسيارتك؟".
" كلا , بواسطة التاكسي".
" سآخذك بسيارتي".
" كلا , لا حاجة لأزعاجك , أذ أستطيع أستدعاء سيارة....... بسهولة".
" ربما , ألا أنني لا أترك أمرأة وحدها في الشارع في الساعة الواحدة صباحا".
أمسك بذراعها وساعدها على عبور الشارع , ولم تستطع التخلي عن حذرها حياله ,حتى عند أقترابهما من سيارته المرسيدس الخضراء.
قال بتجهم وهو يفتح باب السيارة:
"لا تقلقي , أعرف ما الذي تفكرين به , ولكنني لا بد أن أكون في حاجة ماسة الى أي أمرأة أذا ما فكرت بلمسك".
جذب الملف من يدها ورماه على المقعد الخلفي لسيارة , ثم قال بتصلبه المعهود:
" الى أين؟".
لم تبد أي رغبة بدخول السيارة بل قالت:
" لا بد أن كراهيتي الى هذا الحد ترضي رغباتك".
" كلا , ليس الكراهية , للكراهية صلة قريبة بالحب , عزيزتي جيردا , وأنا أشك بمبدأ فهمك للعاطفتين , لو أنك.......".
وجذبها نحوه قائلا:
" تعرفين ذلك , وألا لما جئت الليلة لرؤيتي".
أرتجفت لملمس ذراعيه ودخلت السيارة بسرعة , وأرتفعت في داخلها أصوات أحتجاج أن تصرخ , أن تحتج , أن تطلب منه تفهم ظروفها أرادت أن تهرب قبل أن تسقط في الفخ , ألا أنها لم تستطع القيام بأي شيء , بل دفعت رأسها الى الخلف ليلامس المقعد الجلدي الناعم وأن تصلي طلبا للقوة لتصمد أمام تعذيبه لها لحين أتمام مهمتها.... وبد ذلك...
وأهتزت السيارة , أذ دخل جوردان بلاك وأغلق الباب خلفه , ومست ذراعه ذراعها أذ بدأ لمسه لأزرار الأضواء وأنكمشت هي لملمسه وكان بقاؤها معه في ظلمة السيارة , وحدهما , أمرا غير محتمل ودهشت لسماع صوته مخاطبا اياها:
" أين تسكنين؟".
" بناية كرافتون".
" أعرف المكان ".
وسارت السيارة بسهولة , مطيعة لكل لمسة من لمساته وبلا مقاومة مثل أمرأة مستسلمةبلا أحتراس لعواطفها , وكما كانت في تلك الليلة قبل ثلاث سنوات , ترى هل هل يذكر ما حدث؟ هل يتذكر آخر مرة جلست الى جواره في السيارة بعد أن غادر المستشفى وحاولت أخباره الحقيقة عن علاقتها بستيوارت , بكت حينئذ كثيرا لأن ما حدث كان مأساويا , ألا أنها لم تستطع تفادي الأمر , وواساها بين ذراعيه , وظنت بأنه فهمها وأنه سيحاول تهدئتها , وجاءت التهدئة بشكل عناق , وأعتقدت للحظة بأنه أهتم بها وأنتابها أحساس رائع ورغبة بنسان كل ما حدث وأن تستسلم تماما لمشاعرها الجذلة بقربها منه فمسدت شعره الفضي الجميل.
أغلقت جيردا عينيها , كان الجرح عميقا ومؤلما كما لو أنه حدث يوم أمس , أذ لا تزال تحس بضغط يديه وضحكته المحتقرة حين دفعها بعيدا عنه بكل قسوة ووجه اليها أتهامات لم تحلم بسماعها من قبل , أتهمها بأنها كانت رخيصة , أنانية , وأنه لن يغفر لها مأساة أخيه طوال حياته.
حين وقفت السيارة , وأستدار نحوها أختلط الماضي في ذهنها بالحاضر وتوقعت منه الغضب ألا أنه أبتسم في وجهها .
" أخشى أن يكون علينا مواصلة النقاش فيما بعد , متى ستلتقين بدوريل؟".
" غدا صباحا , لن أتصل به الليلة لتأخر الوقت".
تناولت الملف ونظرت اليه قائلة دون أن تجرؤ على الثقة بأبتسامته:
" سأتصل بك صباح الأثنين".
" ذلك متأخر جدا أذ سأكون في باريس".
" كم سيطول ذلك؟".
" يوما واحدا , ثم سأتوجه الى بون وسأعود الى المدينة يوم الخميس".
" سأتصل بك يوم الخميس أذن".
وضع ذراعه على ظهر المقعد وتفحصها بدقة:
" أنك غير ملائمة لهذا العمل كما تعلمين , أذ تتركين لي فرصة الأنسلال بعيدا دون أعتراض".
ضمت شفتيها بقسوة متسائلة:
" أحقا؟".
" لو كان من أتحدث اليه رجل أعمال خبيرا لقيّدني بوضع معيّن منذ فترة طويلة".
وأدركت أن ما يقوله ما هو إلا تلاعب بأعصابها:
" وهل تكفي مصافحة سيد مهذب آخر بهذه المناسبة؟".
وأختفت أبتسامته الواثقة أذ قال:
" هل تعتقدين أن التجارة همل سادة مهذبين؟".
" في جيرنغفولد , نعم".
ووضعت الملف تحت أبطها ومدت يدها مرة أخرى لمصافحته.
" تصبح على خير وشكرا على إيصالي".
لم يتحرك من مكانه.
" ألم تنسي شيئا؟".
" لا أعتقد ذلك".
" ألا تودين السؤال عن ستيوارت؟".
وشحبت فجأة :
" هل سيغيّر سؤالي أي شيء , كيف هو في أي حال ؟ تقبّل حقيقة كونه مقعدا طوال حياته , أذ ليس لديه أي أمل في غير ذلك".
" أتذكر ذلك , ليس في مستطاعي نسيانه".
" كلا؟ أجد أن نسيانك أكثر أقناعا من تذكّرك".
" لقد أوضحت ذلك من قبل ومنذ البداية , ما الذي تتوقع مني عمله الآن ؟ أن أشعر بالأسف لشيء لم أرتكبه؟ أن أرسل أعتذاري المهذّب ؟ أي فائدة في ذلك؟".
" لا فائدة أطلاقا".
وألتمعت عيناه أذ مدّ يده لأغلاق باب السيارة.
ومزق صوت أغلاق باب السيارة صمت الليل وزاد الأمر سوءا صوت المحرك , وألتمعت الأضواء مثل عينين غاضبتين لحين أختفاء السيارة عند المنعطف , وعاد للطريق اهدوء.
وجدت جيردا نفسها في المصعد دون أن تتذكر كيف وصلت الى هناك , وأحست بتقلص معدتها عند توقف المصعد في الطابق الثاني وأنفتح الباب بهدوء , وأحست بالضغط يسري في أوصالها , أذ دخلت الشقة وجلست حالما وصلت أقرب مقعد , حتى قبل أن تخلع سترتها.
وسقطت سترتها الحريرية الناعمة على الأرض , حين تحركت لتسكب لنفسها قدح شراب , ورغم دفء الشقة , أحست جيردا بالبرودة تسري في جسمها , وكما لو أن ما حدث طوال الأمسية تسجل على شريط سينمائي , بدأت بأستعادة كل التفاصيل : جوردان بلاك واقفا عند الزاوية , ثم مواجهتها أياه عند تناول اعشاء , عيناه المتهمتان , خيل اليها أن قوته بالسيطرة عليها قد تلاشت بعد مضي ثلاث سنوات , ألا أن ما حدث أكّد عكس ذلك.
حدثت في ظلال الغرفة طوال الليل , وحاولت جيردا الأمساك بما يعيد اليها طمأنينتها , وتمنت أن يستعيد هوارد صحته قبل يوم الخميس , حينئذ لن يكون هناك أي سبب للقاء جوردان مرة ثانية , وسيغرق الماضي في ظلام النسيان من جديد.
ألا أنها لم تحصل على السلام المتوقع , ولمعرفتها الجيدة بطبيعة جوردان بلاك , أدركت أنه لم ينته منها بعد.

me me 26-06-11 02:03 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

anvas 26-06-11 05:48 PM

تسلمين يالغلا ع الكمااله
مشكووره كثير
^^
بدي اعرف قصه ستيورأآت><
باانتظاارك^^

رانية حتاحت 05-07-11 05:31 PM

ارغب في تحميل عذع الرواية هل يظهر رابط لنقلها

أمل بيضون 06-07-11 02:42 PM

2- غريب يطرق الباب



حين أستيقظت جيردا صبيحة يوم السبت , كانت لا تزال تعاني من ثقل لقائها بجوردان , ورسم الأرق خطوطه الزرقاء تحت عينيها فظل لونها الوردي الطبيعي.
أعدت أفطارها ببطء لتشغل نفسها حتى بلوغ الوقت الملائم للأتصال بهوارد , وحين أشارت عقلرب الساعة وضعت صحيفة الصباح جانبا وأسرعت لتلتقط سمتعة التلفون.
بقي جرس التلفون يرن في الجهة الثانية دون جواب وبقيت منتظرة عدة دقائق ثم أعادت سماعة الهاتف الى مكانها , ربما عانى هوارد طوال الليل ولجأ للنوم في ساعة متأخرة ولا بد أن السيدة ساندرز , مدبرة منزله , غير موجودة لأنها ذهبت تسوق.
دارت جيردا في شقتها بلا غاية , تمزقها الرغبة في الأتصال بهوارد بأسرع وقت ممكن , وفي رغبتها في تقدير ما يحتاجه الرجل المريض من راحة , ومع ذلك , أذا لم تتصل به الآن ربما سيحس بالقلق , أنتظرت حتى التاسعة والنصف ثم توجهت نحو الهاتف , ولكنها وفي لحظة ألتقاطها سماعة الهاتف , أرتجفت لسماعها الجرس يرن , ثم ألتقطت السماعة بسرعة هامسة لنفسها أسم هوارد..
وكادت أن تنطق بأسمع مرحبة , ألا أن كلمات وصوت المخاطب جعلت عينيها تتسعان وصدمت لسماع الخبر حتى أنها قالت:
" آه , كلا , كلا".
بعد لحظات , أعادت سماعة الهاتف الى مكانها وبدأت تتوار خلف حزنها , وفحزى المكالمة أن هوارد سقط فاقدا وعيه في الليلة الماضية , أذ عانى من نزيف في معدته ونقل فورا الى المستشفى وأخبرتها السيدة ساندرز بأنه لا يزال في حالة خطرة.
حاولت جيردا أستعادة رباطة جأشها , وقد نسيت في خضم الخبر السيء جوردان بلاك , وبينما قضت طوال ليلتها السابقة قلقة على نفسها , كان هوارد يعاني من آلامه المبرّحة وبشكل أسوأ مما توقعت , ورغم أن السيدة ساندرز أتصلت بالمستشفى قبل اخبار جيردا , ألا أن رغبتها بالأتصال بالمستشفى من جديد غلبت على تفكيرها السليم القائل بأن لا أخبار جديدة عنه.
وجاءها صوت الممرضة المشرفة على الردهة هادئا ومثيرا للأطمئنان , وحاولت جيردا أن تتحدث بهدوء بدورها موضحة هويّتها , متذكرة أن أغلب المستشفيات تتبع قانونا عاما بعدم أعطاء المعلومات عن حالة المرضى ألا للمقربين منهم , فقالت:
" ليس للسيد دوريل أقرباء , بأستثناء أرملة شقيقه في أسكوتلندا".
" الأمر واضح الآن , فقد كان السيد دوريل مريضا جدا في الليلة الماضية ولم يستطع تزويدنا بالمعلومات اللازمة , كما كانت ربة منزله قلقة جدا".
" كيف حاله الآن؟".
" لا يزال مريضا , ألا أنه أفضل من السابق".
" هل أستطيع زيارته؟".
" لحظة واحدة...".
وتلا ذلك لحظات صمت طويلة , وطرقت سمعها أصوات بعيدة تتحدث , ثم سمعت صوت الممرضة من جديد , قائلة:
" نعم , في أستطاعتك زيارته , ووقت الزيارة من الثانية حتى الرابعة بعد الظهر , ولكن عليك رؤيتي قبل دخولك الردهة".
كانت لهجتها آمرة وشكرتها جيردا بأمتنان , وذكرتها أوقات الزيارة بمرض أمها قبل أربع سنوات حين سمح لها بالزيارة في أي وقت شاءت , ترى هل يدل التحديد على خطورة وضع هوارد الصحية........؟
وكانت على وشك اليأس من حلول وقت الغداء لأنتظارها بفارغ الصبر , ألا أنه حلّ أخيرا , وغيّرت ملابسها أستعدادا للذهاب الى المستشفى , هل يحتاج أي شيء؟ لم يكن من المحتمل أن يحتاج لأي طعام في هذه المرحلة , كما ليس في أستطاعته القراءة حتما , هل تذكرت السيدة ساندرز كل حاجاته الشخصية , البيجاما , المنشفة , آلة الحلاقة ........ ألخ؟ ولكن ربما لن يحتاج أيا منها الآن , وأهم شيء في الوقت الحاضر هو رؤيته.
ورغم أستعدادها لمشاهدة المستشفى والمرضى لكنها لم تستطع مغالبة صدمة رؤية جانب الردهة حيث وضع هوارد , وبدا الرجل الضخم أكبر من عمره بعدة سنوات وبدا وجهه شاحبا الى حد ماثل فيه لون بشرته لون المخدة , وكل ذلك تمّ خلال ساعات قليلة فقط , والى جانب سريره , وضع محلول البلازما , وكان مغطى بشراشف بيضاء كانت تبدو وكأنها تمحو شخصية المريض.
فتح عينيه وبدا فيهما ألتماع دل على تعرفه عليها , حاول الأبتسام وبدهشة أنحنت وقبّلت خدّه.
همست بسرعة:
" لا تتحدث , أذا كنت متعبا جدا".
" جيردا رؤيتك أمر جيد".
وأشار بيده فأمسكت به ولم تستطع كبح دموعها أذ رأت شحوب اليد وبروز عروقها الزرقاء فاضحة مقدار ما فقده من الدم.
أستقامت ونظرت حولها باحثة عن مكان لتضع فيه باقة الورود , مجموعة من الزهور الصفراء أشترتها من محل الزهور القريب من المستشفى , قال:
" أنها جميلة...... ما كان عليك تكبد المشقة".
وضعت جيردا الزهور في مغسلة اليد الصغيرة , وحين أستدارت رأت علامات التساؤل في وجهه فأدركت ما أراد السؤال عنه , جلست الى جواره وقالت:
" حذّرتني الممرضة ألا أبقى طويلا..... وألا أقلقك , لذلك لا تقلق بل أهتم بصحتك".
وأبتسمت بتفاؤل.
" يجب أن أعرف وإلا سأقلق , ماذا حدث في الليلة الماضية؟".
" لم يكن الأمر سيئا".

اميرة غزة 06-07-11 03:20 PM

في انتظاركم
تحياتي ويسلموووو

أمل بيضون 07-07-11 11:25 PM


وحاولت الحفاظ على هدوء صوتها , عارفة في الوقت أن عليها أن تكون صريحة معه.
" لم يوقع جوردان بلاك العقد ولم يعد بشيء , كما توقعت أنت تماما , وسيذهب الى باريس يوم الأثنين , ثم الى بون , هكذا علينا الأنتظار لحين عودته".
فكّر هوارد بما قالته لحظة ثم قال:
هل كان موقفه مبشّرا بالخير؟".
" لست متأكدة تماما , أذ بدا عليه وكأنه يستهين بحضوري".
" ولكن هذا ما أخبرتك به من قبل , لا بد أنك جذبت أهتمامه أذن".
وأذ نظرت بعيدا قال هوارد مبتسما :
" أرجو أنك تذكرت ذكر العقد في طريق العودة الى البيت".
" نعم , وعدة مرات قبل ذلك".
وأستدارت جيردا أذ سمعت صوت أنفتاح الباب ونداء الممرضة , وقالت جيردا:
" أعتقد بأنهم سيرمونني خارجا , هل تريد مني جلب أي شيء غدا؟".
" كلا , يا عزيزتي ولا حاجة لك لقضاء يوم عطلتك في المستشفى".
ألا أنها كانت مستعدة للمجيء رغم أعتراضه , ولاحظت في مساء اليوم التالي , تحسن صحته قليلا , وشعرت براحة غريبة أذ لم يعاود ذكر مسألة العقد وشكرت ضمنيا جوردان بلاك لرحلته خارج البلد , وحدث أن أوقفتها الممرضة يوم الثلاثاء وهي في طريقها الى الردهة , فأحست برجفة خوف تسري في أوصالها , تابعة الممرضة الى مكتبها ثم دخل طبيب الى الغرفة ,وبلا مقدمة قال:
" نحن نقدر زيارتك له يا سيدة مانستون , لكننا لسنا مرتاحين عن بعض النواحي".
شعرت بالتصلب وقالت:
" ماذا تعني يا دكتور؟".
" عالجنا حلالات مشابهة من قبل , رجال الأعمال المرضى وزوارهم يجلبون معهم مشاكل مكاتبهم , وأضطررنا في الشهر الماضي الى منع زيارة أحد المرضى , حين بدأ المريض وهو رجل أعمال بأدارة أعمال شركته من سريره في المستشفى , وأذ وصلت أوراقه الخصوصية وسكرتيرته مع المسجل أضطررنا الى أيقاف ذلك , نحن لا نتهمك بالأمر نفسه ولكنني أحاول أبداء أهتمامي بصحته , هناك شيء ما يقلقه أليس كذلك؟".
" نعم , عقد مهم".
" حسنا , عليك تخليصه من القلق , ما حدث لرئيسك كان شيئا خطرا , وقريبا من الموت , ربما كان ذلك العقد الأخير في حياته , حيث فقد أربعين بالمئة من دمه , وهو ليس شابا , هل توضح الأمر لك؟".
" تماما , وتستطيع الوثوق بي ولن يجد السيد دوريل سببا للقلق وسأهتم بذلك".
ولكن هل تستطيع هي؟ في أستطاعتها مراوغته في الأجابة وطمأنته أن كل شيء على ما يرام , واعدة أياه أنها ستخبره بكل التطورات ولكن كيف تستطيع منحه ما سيعيد الطمأنينة الى ذهنه حقا؟
وأذ مرّ الوقت سريعا زاد قلقها لمعرفتها بما يدور في رأس هوارد ويوم الخميس جعلها مصممة أن تحصل على العقد , ولكن كيف؟
تبدو المسألة سهلة نظريا , كل ما عليها عمله هو سؤال السيد ميرك ألغاء كل أرتباطاته والأهتمام بصفقة وينتفورد بعد أن تسلمه كل شيء , ولكن الأمر لم يكن بهذه السهولة عمليا , لقد ألغى ميرك عطلته وعاد ليمارس مهام عمل دوريل ورغم أنه كان ماهرا في أدارة الأمور المالية ألا أنه كان عاجزا عن التعامل بطريقة دبلوماسية , وكان هوارد هو الخبير الأول في دعوة رجال الأعمال وتسليتهم.
قال السيد ميرك بلا حماس , بعد أن ذكرت له توضيحاتها غير المقنعة:
" حسنا , أذا كنت تشعرين بأنك غير قادرة على أجتذاب بلاك فمن الأفضل ترك الأمر لي".
قالت بتواضع:
" نعم يا سيد ميرك".
ألا أنها ورغم محاولاتها المتواصلة للأتصال بجوردان , لم تستطع العثور عليه , وطال الأمر حتى يوم الجمعة , فنقلت الخبر الى ميرك فقال:
" لا تهتمي , قد ألتقي الليلة بكينغسلي في النادي".
ألا أنها كانت واثقة , في قرارة نفسها , بأنه أمل شبه يائس , أذ عالم التجارة لا يتعامل بالتعطاف وشكت فيما لو كان لكلمة كينغسلي أي تأثير الآن , كانت له قوته ونفوذه مع فان لورن , أما مع وينتفورد فلا بد أنه يسائل نفسه الآن عن ماهية مركزه , وبدا كأن ميرك قرأ أفكارها , رغم أستغراقها في تغطية الآلة الطابعة وترتيب مكتبها , فعلق:
" هذا أذا كان كينغسلي محتفظا بمنصبه".
" هل ستطلعني على الأخبار, أذا ما حدث شيء جديد؟".
وظهرت على ملامح وجهه القاسية علامات التفهّم وقال:
" بالتأكيد , أذا كان الأمر مثيرا للتفاؤل , ولن نفعل ذلك أذا كان ما سيحدث هو العكس".
أومأت برأسها بحزن قائلة:
" نعم , شيء من هذا القبيل".
وعدها أن يتصل بها تلفونيا , في شقتها , صبيحة اليوم التالي , لكنه لم يتّصل حتى الساعة الحادية عشرة وظنّت أنه نسي أو فشل في الأتصال بكينغسلي , وخطت نحو النافذة وتأملت من خلالها أزدحام السيارات والناس يوم السبت , كلا لم يعد بمستطاعها أخفاء مخاوفها , أذ لم تدع لها أحداث الأسبوع الماضي أي أحساس بالتفاؤل , فلو لم يقع هوارد ضحية المرض ولو لم تذهب للقاء جوردان لكان العقد الآن في متناول هوارد , لا شيء يستطيع أقناعها بأنها لم تكن السبب في أعاقته التصديق على المشروع طوال الأسبوع.

shimaa1 08-07-11 03:16 AM

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

انجلى 09-07-11 05:50 AM

اتمنى ان لاتتاخرى فى اكمالها شكراااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااا على مجهوداتك

أمل بيضون 09-07-11 05:39 PM

بعتذر منكن بس عنا بلبنان في قطع كهرباء

أمل بيضون 09-07-11 05:57 PM

كم كانت حمقاء أذ جعلته بحس أن قراره سيؤذيها شخصيا , لو أنها .......
أبطأت السيارة الخضراء المتوجهة نحو بنايتها , كما حاولت سيارة شحن صغيرة الوقوف في مكان غير مسموح الوقوف فيه , وفكرت بأن بعض السائقين حمقى........ كانت السيارة الخضراء مارسيدس , وأنحنت جيردا محاولة تفحص ما جر ألا أن رأسها أرتطم بزجاج النافذة , وقفت سيارة المرسيدس وترجّل السائق , وأنعكس ضوء النهار على الشعر الفضي ولاحظت أرتسام صورة الرجل على الباب بعد أنغلاقه , ألقى جوردان بلاك نظرة على البناء ونوافذه العالية ثم سار بأتجاه المدخل , تلك الخطوات المتمهلة , الخطوات المتميزة ..... كلا أنه ليس قادما لرؤيتها!
وقفت جيردا في مكانعا مرعوبة ثم أسرعت الى المرآة ونظرت الى ماكياجها وحاولت أن تتذكر أذا كان وجهها بحاجة ماسة له , كلا , لن تسرع لتمشيط شعرها ووضع أحمر الشفاه , كلا لن تفتح الباب....
حين سعت جرس الباب يقرع وفتحت الباب تذكرت قرارها الخاطف بعدم فتح الباب , ورأت عينيه تحدقان في وجهها ثم تنحدران الى جسدها وقدميها وأحست بتفوّقه عليها , قال:
" حسنا , هل سأبقى عند الباب طوال اليوم؟".
تراجعت , محاولة أخفاء قدميها العاريتين , ثم دعته الى الصالون قبل أن تهمس بعذر ما وتتوجه بعد ذلك الى غرفة النوم لترتدي حذاءها.
" بحذائيك أو بدونهما , الأمر سواء بالنسبة اليّ".
قال مخاطبا أياها , بينما كان واقفا قرب الباب يراقب خطواتها المتعجلة وأكمل:
" بل أن مظهرك غير الرسمي أفضل بدونهما".
" صحيح؟ هل تريد أن تشرب شيئا؟".
" كلا , أنجح دائما في تفادي الشراب حتى منتصف النهار".
وتبعها الى الصالون وأسترخى على الكنبة المريحة ثم قال:
" سأجرب القهوة".
وأحست بنظراته تخترق ظهرها , أذ سارت متوجهة الى المطبخ , خلال الحاجز راقبته وهو يشعل سيجارته ثم نهض ليبحث عن منفضة سجائر , وخلال نظراته رأت الصالون الفسيح الذي أختارت أثاثه وألوانه المتناسقة مع بليز وكيف قررا تصميم كل شيء وفق الطراز الأسكندنافي , ووقف يتفحص تخطيط صورتها , التخطيط الذي أتمه بليز بعد أسبوع من زواجهما , ثم دخلت حاملة الصينية , فأدار رأسه قائلا:
" كما رآك بليز؟".
" أظن ذلك , هل تريد سكرا في القهوة؟".
" كلا , شكرا , يجب ألا يرسم الأزواج زوجاتهم".
وعاد الى مكانه في الكنبة , ثم واصل حديثه:
" وفي الحقيقة يجب ألا يحاول المحب رسم صورة حبيبته".
بقيت صامتة , جالسة بأستقامة في كرسيها المجاور للنار.
" الصورة ليست حقيقية".
" هل هناك صورة ببعدين؟".
" أنه نقيض مثير للتصوير , أو ربما لا توافقينني الرأي؟".
تصلّبت في مكانها بينما أبتسم بتهكم:
" أرى أنك لم تنس , هل كان هذا سبب فرض بليز لأنطباعه الجديد عن فتاة التقويم العالمي؟".
وضعت جيردا كوب قهوتها جانبا وقالت بحدة:
" لم تأت الى هنا لمناقشة ذلك , ومن الأفضل أن تخبرني عن سبب مجيئك".
وتقوّس حاجبه تعجبا :
" سؤال غريب من فتاة أتصلت بمكتبي سبع مرات خلال اليومين الأخيرين".
" السيد ميرك أتصل بمكتبك سبع مرات".
" لا تراوغي , كيف صحة دوريل؟".
" أفضل بقليل , ألا أنه لا يزال مريضا جدا".
" وهل هناك ما يشير الى عودته القريبة الى بيته؟".
" كلا".
ونهضت لتأخذ قدحه الفارغ , ألا أن ذكرى شيء ظنت أنها نسته منذ فترة بعيدة جعلها غير متوازنة , فأهتز الكوب بين يديها وهي تضعه في الصحن الصغير وسقطت الملعقة الفضية على السجادة , وكان رد فعل جوردان أسرع منها بكثير فأنحنى ملتقطا الملعقة ثم تناول الكوب والصحن من بين يديها.
" أنك عصبية اليوم , هل لديك ألتزامات معينة خلال العطلة؟".
" لماذا؟".
وتذكرت طريقته الماهرة في تغيير الموضوع.
" هل تريد رؤية السيد ميرك؟".
" كلا , أذا كانت لديك أي مواعيد فألغيها".
" بهذه السهولة ؟".
جلس ثانية وقال:
" أمامك عطلة نهاية أسبوع حافلة بالعمل".
" أسمع أرجو أن تخبرني بصراحة , ماذا عن عطلة نهاية الأسبوع؟".
" أنت تريدين التحدث عن العقد , حسنا , سنناقش الموضوع اليوم وغدا , سآخذك معي الى غرين ريغ مباشرة".
" ولكن..........".
وأنتابها خوف غريب:
" ولكنني لا أستطيع ...ز ليس دون أن أرتب حالي , ثم أنني سأذهب لزيارة هوارد مساء يوم غد , و..........".
" لن يهتم بذلك , فما سيجري سيكون لمصلحته أليس كذلك؟".
ولم تسمع سؤاله القصير الجاف , الذهاب الى غرين ليومين , ومع جوردان بلاك , وصرخ كل شيء في داخلها مطالبا أياها بالرفض لم يكن العقد مهمّا بالنسبة لوينتفورد الى حد يكرّس فيه جوردان بلاك عطلة نهاية الأسبوع بكامله لمناقشته , لا بد أن ما يهدف اليه شيء آخر , شيء مخادع يتعلّق بها , وأحست به يراقبها وملامحه تشير الى ثقته العالية بنفسه , مدركا بأنها ستتبع خطواته.

أمل بيضون 09-07-11 06:27 PM

فتحت فمها لترفض ثم تذكرت هوارد دوريل وعلمت أن في هذا نهاية أمله بالحصول على العقد , كانت عاجزة عن الرفض ولم يكن بأستطاعتها خذلانه الآن , قالت:
" عليّ حزم بعض الأشياء القليلة".
وتوجهت الى غرفة النوم.
" بالتأكيد".
وأسترخى على مقعده واضعا قدميه على المقعد الصغير المجاور , ثم أضاف:
" تذكري بأن الرحلة غير رسمية , وأنني أستطيع التباحث بشؤون الأعمال قرب ساحل البحر أو في مكتب الشركة".
وتنبأت هي بذلك إلا أنها ستحاول جهدها ألا يتم التباحث في العقد قرب ساحل البحر , فكرت بأمتئاب واضعة بعض ملابسها في حقيبة صغيرة.
كان الجو صاحيا والشمس مشرقة مما دعا غالبية سكان المدينة للجوء الى البحر فأكتظت الشوارع بالسيارات , الأمر الذي أشعر جيردا بالأمتنان لأنه شغل جوردان عن الحديث اليها , منذ ثلاث سنوات قامت بالرحلة نفسها , جنوبا قرب الساحل , حيث يلجأ جوردان بلاك عادة كلما أحس بالتعب , وجعلها الطريق تستعيد العديد من الذكريات المريرة وأصبحت مشاعرها أكثر سوداوية كلما أقتربا أكثر من نهاية الرحلة , ومجرد جلوسها بجانبه أشعرها بالقلق , أما العودة الى مكان الذكريات ....... ذكريات تحققت منذ ثلاث سنوات فهو أمر لم تحسب حسابه بعد .
كان الوقت عصرا حين أتخذ جوردان طريق جانبيا حول القرية , وأمتنعت عن سؤاله حين أوقف السيارة أمام كوخ صغير وقال:
" سنتناول الشاي هنا".
كان في الصالة الصغيرة أربع طاولات فقط , وبأستثناء زوجين شابين وطفلهما الصغير , بدا المكان خاليا من أي شخص آخر , وحين قدم إليهما الشاي والكعك , فضّل جوردان تناول الشاي وحده ثم قال:
" قلت بأننا سنصل عند السابعة".
ونظر إليها بشكل يتحدّاها فيه أن تناقش ذلك , ألا أنها أكتفت بالقول :
" لديك ثلاث ساعات أضافية أذن".
وساد بينهما الصمت وشغلت نفسها بالنظر خلال النافذة , الى المكان الريفي الجميل وهدوء المنطقة مع حضور جوردان وتوتر أعصابها المتزايد بمرور الوقت , رغم حرصها على عدم أظهار قلقها , ثم تحرك في مقعده فتبعته الى السيارة.
" أين سنذهب الآن ؟".
قال بادئا تشغيل السيارة :
" سنطوف حول المنطقة قليلا , ثم نسير قليلا بعد ذلك , لأنني بحاجة الى بعض الهواء النقي".
وبدت ملاحظاته واضحة بما فيه الكفاية , ألا أن جيردا لم تستطع غير النظر اليه جانبا , الأمر الذي ندمت له فيما بعد , حيث أدار رأسه بأتجاهها وأرتسمت على وجهه أبتسامة تهكم غريبة , وتحاشت النظر خاصة الى وجهه وشفتيه , وقال:
" هل لديك أيّ أعتراض؟".
بعد مسير أربعة أميال , ظهر البحر أمامهم , فأوقف جوردان السيارة في مكان بعيد عن الطريق العام , وأطفأ محرك السيارة , أستدار نحوها وبدأ قلب جيردا بالخفقان بسرعة.
" حسنا لم لا تتحدثين عن الأمر؟".
" أتحدث عن ماذا؟".
" عن سبب مجيئنا الى هنا".
" قلت أنك بحاجة الى هواء البحر النقي".
" صحيح ! أنك لم تتغيري أطلاقا".
وترك السيارة سائرا بأتجاهها وكان من المستحيل تجاهل يده الممدودة لتساعدها على الترجل على الأرض غير المستوية.
وأحتفظ بيدها في يده أذ بدا الأنحدار الى الساحل وكانت واثقة بمعرفته رغبتها في التخلص من قبضته والأنطلاق حرّة وحدها , بدأ الصفير بعد ذلك كأنه لم يلاحظ تعثر خطواتها عند أقترابهما من البرز الطباشيري , قال بلا مبالاة:
" هل لا تزالين بحّارة سيئة؟".
" نعم".
وجاء أعترافها أجباريا أذ علمت ما الذي سيتبع ذلك".
" تخلى ستيوارت عن الأبحار كما تعلمين".
" توجب عليه ذلك , أنه أمر مؤسف , أذ أحب الأبحار كثيرا".
ولعقت شفتيها الجافتين وأحست بالألم يسري في جسمها , وتسلق جوردان الى الفجوة وفرش السترة الطويلة على الأرض ثم أنحنى ومد يديه ليجذبها , وشعرت بأنها واقعة تحت سيطرته أكثر وأكثر , وأمسكت بيديه فجذبها الى جانبه , وللحظة ظنت بأنه سيجذبها أكثر وسيضمها بين ذراعيه , ألا أنه حررها وأشار لها بالجلوس.
جلس جوردان في وضع مريح وحدّق في البحر.
" أعتدنا جلبه الى اليخت في كرسيه المتحرك بعد أن صمم له مكان خاص ليصون سلامته , ألا أنه كره ذلك خاصة بعد أن أدرك فشله في المشاركة بأي شيء وتحولت الرحلات البحرية الى تعاسة للجميع , لذلك قررنا , في النهاية بيع اليخت , بعد ذلك , يئسنا من محاولة أثارة أهتمامه بالخروج من البيت , لأنه رفض تعلم قيادة السيارة الخاصة بالمقعدين كما رفض الخضوع لأي علاج , كان يجلس لساعات متواصلة وبيده كتاب لا يرغب حتى بقلب صفحاته , وتحول الى مخاوق لا يستطيع أحد الحديث اليه , وبدأت تنتابه نوبات غضب يلعن فيها ساقيه العاجزتين , وبلعننا لأننل نستطيع السير بينما عجز هو عن ذلك".
بقي صوته محايدا طوال فترة حديثه وملامحه قاسية كالعادة , وأستمر قائلا:
" أستمر الأمر عدة أشهر , الى أن عانت والدتي من أنهيار عصبي , فأرسلتها الى أيطاليا ثم الى الجزر اليونانية بصحبة مرافقة لها , وبقيت أنا وحدي مع ستيوارت , ونجحت بعد فترة قصيرة في أعادته الى الحياة , لأنه أكتشف أهتماما بالرسم وخاصة بالحركة الأنطباعية الجديدة , كانت لوحات ستيوارت مشابهة للكوابيس الليلية , ألا أن ما كان مهما هو ظهور الأهتمام بشيء ما , لكنني لم أستطع البقاء معه فترة غير محددة محيطا أياه بالناس والمتع , وحين عاد الى البيت جعلته يستقر في غرين ريغ وبدأ تدريجيا العودة الى أنطوائيته ويأسه , ولكن مع أختلاف ضئيل : بدأ يتقبل مصيره".

أمل بيضون 10-07-11 04:45 PM

تحرك جوردان ونظر مباشرة في عيني جيردا مضيفا:
" ألا أنه لم ينس أبدا".
فقالت :
" كما لم تنس أنت".
وفقدت سيطرتها على نفسها نتيجة لرتابة صوته وأستطراده في ذكر التفاصيل المؤلمة , ورفعت يديها المرتجفتين الى وجهها متسائلة:
" لماذا؟ لماذا تواصل لومي على عجز ستيوارت؟ ما حدث كان مجرد حادث".
" نحن نعلم بأنه كان حادثا , نعرف أصطدام ستيوارت , ألا أنني أعرف سبب الحادث , رغم أنه يرفض حتى الآن لومك".
" لماذا تواصل لومي أذن؟".
سألت بمرارة:
" لأنك لو حافظت على وعدك لأختلف الأمر , ألا أنك لم تفعلي ذلك , كنت أنانية , ولم تكوني قادرة على الأكتفاء برجل مقعد , أليس كذلك؟".
تحاشت الأجابة على سؤاله وهزت رأسها يائسة , كان من المستحيل أقناع جوردان بسوء حكمه , لقد حاولت منذ ثلاث سنوات , القيام بذلك وفشلت , قالت :" هل هذا سبب جلبك أياي الى هنا؟ أن تفتح الجرح القديم مرة أخرى , أنت تمارس تعذيبي بكراهيتك وحقدك , لا أظن أن ستيوارت يكرهني الى هذا الحد رغم أنه هو المصاب , ألا أن كل ما تهتم به هو رغبتك في الأنتقام , ولكن لماذا؟ ما الذي فعلته لك؟ وما فائدة الحقد الآن؟".
تساءلت بمرارة , هز كتفيه أستهجانا بدون أن يتأثر بألمها.
" لا أدري , كل ما أعرفه هو رغبتي بالعودة منذ مجيئك الى توبي تلك الليلة , لأرى هل تغيّرت خلال ثلاث سنوات , أو أذا ما زلت قادرة على الوقوف بشكل محايد , كما لو أن شيئا لم يحدث".
" هل تعني بأنك أردت أقناع نفسك بصحة موقفك السابق ؟ وأن الشك لا يراودك , وأنك لا تشعر بالذنب لأدانتك أياي؟".
" لم يكن هناك شك في الموضوع , كنا نعلم أن ستيوارت لم يكن في وضع عقلي يسمح له بقيادة السيارة تلك الليلة , وكان سبب ذلك جيدا : فقد ظن أنك قبلت الزواج به ثم أكتشف خداعك له مع رجل آخر , وقاد السيارة كالمجنون , ما الذي توقعته؟ أن يتقبل الأمر بصمت ؟ لو ان عاقلا لفعل ذلك بالتأكيد".
ثم أضاف جوردان بمرارة:
" كان عليه أكتشاف حقيقتك وحقيقة كونك أمرأة أنانية , باحثة عن ثروة تكسبها".
" هل ما زلت تصدق ذلك ؟ رغم أنني أخبرتك أنني كنت مع بليز تلك الليلة , بعد....".
وتوقفت غير قادرة على الأستمرار فلوى جوردان شفتيه علامة عدم التصديق.
" وتزوجت بليز , أليس كذلك؟ آمل أنه تمتع بصفقته".
وأرتعشت بشكل لا أرادي لقسوته وأستهانته بها , ثم قال:
" لم يكن هناك تفسير آخر لسلوكك المروع , حتى أذا أستثنينا وجود بليز , حين أكتشفت عدم قدرتك عل أخفاء الحقيقة , أجبرت على الأعتراف بأنك كنت مع ستيوارت في السيارة تلك الليلة , وصدقيني لو أن ذلك الشاهد الذي رآك تهربين من موقع الحادث , كان أكثر أيجابية لتكفل بأن يذكر أسمك في كل صحيفة في البلد ولتشوّه أسمك الى الأبد , كاشفا عن حقيقتك التافهة , ولكان ذلك أقل مما تستحقين حيث تركته وحده , فاقدا وعيه وهربت لتنجي بنفسك , ثم بدأت بأطلاق الأكاذيب لحماية سمعتك".
ورأت الأحتقار المرتسم على وجهه.
" ولكن الأمر لم يكن كذلك أطلاقا , لم لا تصدقني؟ فقد عدت الى مكان الحادث , في البداية ركضت طلبا للنجدة , ركضت باحثة عن هاتف عمومي وكان على بعد عدة أميال , وحين عثرت عليه كان عاطلا , وواصلت الركض.....".
" من الغريب أننا لم نعثر على أحد يثبت أنك أستدعيت سيارة الأسعاف , لماذا تضيّعين وقتك ؟ أذ نعلم جيدا ما حدث , كنت مذعورة الى حد أنك هربت بأقصى سرعة".
" لم أهرب , بل عدت الى مكان الحادث, ولكنني كنت متأخرة".
" أجدك محقة في هذا: كنت متأخرة".
" لكنني أخبرتك , أتصل أحدهم بالمستشفى من لمنزل , لا بد أنه كان راكب الدراجة النارية , وحين عدت لم أجد أحدا , أذ تم نقل ستيوارت الى المستشفى , ولم يكن في أمكاني عمل أي شيء".
كررت جيردا حديثها بتعاسة.
" وأسرعت الى منزلك محاولة التظاهر بعدم معرفتك بأي شيء , وصدقتك في البداية , رغم أن شحوب وجهك فضح الحقيقة وأحساسك بالذنب , ثم حثني ستيوارت على تجنب ذكر أسمك في القضية ولم يرغب بأقحامك في أي أشكال , وماذا فعلت أنت عرفانا بالجميل ؟ هجرته وتزوجت رجلا آخر , وها أنت تتساءلين لماذا أشعر بالمرارة؟".
شعرت جيردا بالألم في حلقها , وأدركت أنها لن تستطيع أقناعه ببراءتها ولا فائدة من أخباره بأن ما حدث لم يكن بسببها ما لم ترغب بأخباره الحقيقة كاملة , وهو شيء لن تفعله أبدا , أذ سيؤّدي ذلك الى إيلام آخرين , وساعدها أحساسها بالشفقة على الصمت وما دام ستيوارت قد أختار الصمت , فقد توجّب عليها فعل الشيء ذاته , ولكن الى متى ستبقى متحملة أتهامات جوردان المريرة؟

أمل بيضون 10-07-11 05:29 PM

تشنّجت يداها وغابت دموعها , ثم قال جوردان فجأة :
" لو كنت صادقة لما أستطعنا لومك الى هذا الحد , ونحن لسنا قديسين كما أن الرجل لم يعد يتوقع بقاء الفتاة ملاكا بريئا ولكنك خدعت الجميع بمظهرك البريء منذ البداية , فلو أخبرت الجميع أن هناك شخصا آخر بدلا من رمي شباك حول ستيوارت , لتغير الأمر , لكنك لم تفعلي ذلك , بل حاولت خداعي أيضا".
صرخت معترضة:
" أوه , كلا , لمني على حادث ستيوارت , أذا توجب عليك ذلك ولكن لا تتهمني بخداعك".
" ألم تفعلي ذلك؟".
كان قريبا جدا منها وأنتقلت نظراته المتألمة الى وجهها بطريقة أشعرتها بالحرارة تسري في جسمها .
" لا أتذكرك بغير ذلك , وربما لم تستطيعي حسم أمرك في الأختيار بين الأخوين ؟".
وأصبح لنظراته قوة غريبة عليها.
" صدم ستيوارت حين جئت معه لأول مرة , في عطلة نهاية الأسبوع وأخبرته بأنك لا تحبين الأبحار بالقارب , أدعاء كاذب , أذ أن صديقات ستيوارت يفضّلن الأبحار وقيادة سيارات السباق السريعة عادة , ولم تختر أي واحدة منهن التسكع في الضواحي الريفية مع شقيقه".
" لكنك طلبت مني ذلك".
ضحك بسخرية وقال:
" صدقتك أذ أن بعض الناس يخافون الأبحار , والأصابة بدوار البحر تفسد على بقية الناس عطلتهم , فلم يبق أمامي إلا أن أختار غير تسليتك بطريقة أخرى".
" قد لا تصدقني , لكنني كنت ممتنة لمساعدتك , لم أعلم حين قبلت دعوة ستيوارت أنه سيبحر وأنه توقع مني الذهاب معه".
" وهل كان أختيارك لبدلة السباحة صدفة أيضا؟".
أنه لم ينس شيئا , حتى ملابسها , حتى ....... وأرتعشت.
" كانت فرصة سانحة أنتظرتها طويلا , أليس كذلك ؟ لأختباري ولتحكم أذا ما كانت صالحة للزواج من أخيك ".
" كان لديك ذوق رفيع في أختيار ما أرتديته , ذلك المايوه الأزرق تعلوه السترة البيضاء ذات الأزرار النحاسية وصورة المرساة الحمراء الصغيرة .... لا عجب أنك أثرت غضب ستيوارت عندما رفضت الإبحار معه , ولم يراودني الشك في موقفك حينئذ".
" كلا".
أجابته بقوة عارفة بأنه مصر على كشف التفاصيل وحاجتها الى الهرب من المواجهة.
أمسكت بحقيبتها ونهضت واقفة ولكن جوردان تحرك أيضا , أمسك بذراعها وأدارها لتواجهه , تعثرت وكانت على وشك الوقوع ألا أن ذلك لم يخلصها من قبضته.
" لم تكوني مستعجلة في المرة الأخيرة".
قال ببرود , حاولت التخلص منه ألا أنه هز رأسه , وأبتسم بهدوء قائلا:
" لم تحن فرصة الهرب بعد".
أنكمشت أذ أحست بيده تلمس مؤخرة عنقها وتداعب شعرها الناعم مجبرا إياها على النظر اليه.
" لست الآن في الثامنة عشرة ولست بريئة كالسابق يا جيردا!".
أحست بقلبها يرتجف كما لو كان على وشك الأنفجار وإنتابها أحساس بالضعف أعاق صراعها معه للتخلص من قيده.
رفع رأسه وكانت عيناه شبه مغلقتين تحت جفنيه.
" هل نسيت أول مرة عانقتك فيها؟".
هزت كتفيها وأدارت رأسها جانبا متحاشي النظر اليه.
" في ذلك الوقت شككت ولأول مرة بسوء حكمي عليك , حين جلسنا هنا في تلك الأمسية وأبتعدت متراجعة الى الوراء , مذعورة , وشعرك مبتل بماء البحر وبدوت صغيرة وبريئة الى حد لا يتجرأ معه أي رجل على لمسك , وعانقتك لأكشف حقيقة ذلك".
وضحك بنعومة وواصل حديثه:
" هل تعلمين ما فكرت فيه في تلك اللحظات ؟ تخيلتك بطلة لأحدى قصص الأطفال , ظننت بأنك أستحوذت على البراءة في قلبك , كم كنت مخطئا".
أطلقت جيردا أنينا مؤلما فوضع يده تحت ذقنها ليجبرها على النظر اليه .
" كنت على وشك التراجع , حتى أنني أوشكت على تحذيرك من أخي لسمعته السيئة مع الفتيات".
توقف جوردان عن الحديث وألتوى فمه سخرية:
" لم أنس أبدا تلك اللحظة , حين وضعت يدك على كتفي وأقتربت مني".
في مكان ما أطلقت نوارس البحر صراخها , وبدت الأصوات كأنها صادرة من عالم آخر , فأرتعشت جيردا من ثقل الذكريات , وأستدعت كلماته الماضي بعذاباته وقارنته بالحاضر أذ تقف الآن في الموقف ذاته , قريبة منه وراغبة فيه , جوردان الآن وجوردان حينئذ , المساء الحار وملوحة البحر على جسديهما , كيف تستطيع أقناعه بأنه كان أول رجل يضع يديه عليها؟
سقطت يدا جوردان عن كتفيها فأحست بالضياع , كما لو أن جزءا منها توقف عن الحياة , قال ببطء:
" سألت نفسي عن عدد الرجال الذين خدعتهم بنظراتك البريئة وتلك التي في القلب , خدعتهم الى حد أنهم فقدوا عقولهم من أجلك".
إبتعدت عنه وكتفاها تشيران الى أندحارها , وتساءلت بمرارة:
" أنك واثق من معرفتك بكل شيء , أليس كذلك ؟".
" أنا واثق الآن , لم أعرف حينئذ عن قضية التقويم السنوي , وأن ستيوارت أختار لنفسه فتاة أعلانات رخيصة , لو علمت ذلك في حينه , لتغير الكثير من الأمور وما كنت سمحت بالخطوبة".
" تمنيت لو أنك علمت , تمنيت لو أنني لم ألتق بك في حياتي كلها , لا شيء يجعلك تصدقني , أنك مصمم على تصديق أفتراءاتك عني دون وجود برهان واحد على صحة ما تقول".
وخذلها صوتها , وفجأة لم تعد تهتم حتى بتظاهرها بالكبرياء وأخبرته:
" كنت أول رجل عانقني بتلك الطريقة , لذلك فمهما كانت الصورة المرتسمة في ذهنك عني , فإنك ساعدتني على خلقها".
" أنا؟ جيردا أن الوقت متأخر لمثل هذا النوع من الأكاذيب".
" أنها الحقيقة , وكرهتك ذلك اليوم بقدر ما كرهت نفسي".
" كراهية؟".
ولفظ الكلمة بلهجة شك وعدم تصديق :
" لأنني حاولت عناقك؟".
" نعم , ولأنني كنت حمقاء الى حد أنني وثقت بك".
نظر إليها غير متأثر بألتماع دموع الغضب في عينيها وقال:
" ماذا توقعت؟ فتاة ترتدي تلك الملابس وتسير الى جانب رجل , وحدهما , ثم ذعرت وتراجعت متذكرة أنك لا ترغبين في الأقتراب مني الى ذلك الحد وتظاهرت بالخجل والغضب".
ولمس خده بيدها وتفحّصها بنظرة بارد قبل أن يقول:
" لم تكن صفعة مقنعة أبدا".
وبدون وعي , شابكت يديها وأحست كأنها صفعته لتوها , وتمنت لو تستطيع أيذاءه بقدر ما آذاها حتى الآن , إلا أن الحافز أختفى بسرعة , أذ بدا محصنا ضد أن يلحقه الأذى , وأستدارت لتنظر بعيدا.
" حسنا , ما الذي سيحدث الآن ؟ هل تشعر بالأكتفاء ؟ هل تريد مني العودة لأخبار جيرنغفولدز أنهم خسروا الصفقة , وأن منافسيهم فازوا بالعقد؟".
وأستدارت لتواجهه قائلة:
" ولم ر تقول ذلك ؟ أنك لا ترغب بمنحنا العقد , أن موقفك واضح".
لم يتغير وجه جوردان , بل أنحنى وألتقط سترته ثم نظر اليها قائلا:
" يبدو أن دوريل لم يعلمك الكثير عن الجانب التجاري , أليس كذلك؟".
" لا أدري ما الذي تعنيه بقوبك , إلا أنني أثق عادة بغرائزي".
" وما الذي تخبرك به غرائزك الآن؟".
" أنني أضيع وقتي , وأنت أيضا تضيع وقتك".
" أذن ها أنا هنا أضيّع وقتي , كيف؟".
وقفز ثم مد يده لمساعدتها , إلا أنها تجاهلت يده الممدودة وكانت على وشك السقوط.
" لا فائدة مما يجري , أذ أنتهى كل شيء منذ فترة طويلة".
" ما الذي أنتهى؟".
وبدا متمتعا الى حد كبير بتعذيبه إياها ببطء وخاصة بأسئلته المتتالية .
" كل شيء , وأنت تعرف ذلك كما أعرفه أنا".
" أتظنين ذلك؟".
وحدّق في وجهها الحائر وهز رأسه قائلا:
" كلا لا أظن ذلك".
ورفع يده ومس خدها مضيفا:
" لم ينته شيء بعد , بل إنها البداية يا جيردا".

أمل بيضون 10-07-11 11:53 PM

3- الأفق المهجور


لم يتغير المكان كثيرا رغم مرور السنوات , ورغم توسيع الطريق الساحلي وهدوئه وكأن المدنية لم تمسه وبقيت الخضرة المحيطة به كما هي منسية منذ قرون.
وأحاطت أشعة شمس المساء الضبابية المنزل ونزافذه بلون ذهبي وخاصة عند ألتفاف السيارة قرب البوابة الخارجية , وزاد السلام المخيّم على المكان من ثقل أحساس جيردا بالتشاؤم وصدمت لأكتشافها أرتجاف ساقيها حين نزلت من السيارة , وتمنت , فجأة , لو أنها لم تكن موجودة في الشقة عند قدوم جوردان لرؤيتها صباح ذلك اليوم , كما تمنت لو أنها كانت قوية بما فيه الكفاية لرفض عرضه بقضاء العطلة معه.
دار حولمقدمة السيارة وأندمج ظله بظلها , ثم لمس ذراعها بأحدى يديه وقادها الى جانب المنزل , حاولت أن تمنع نفسها من الأرتجاف , ربما مرت ثلاث سنوات منذ سارت بالطريقة نفسها مع ستيوارت ليقودها الى باب الحديقة المستخدم من قبل الجميع.
بقيت غرفة الجلوس الكبيرة كما هي , المقاعد العميقة المريحة , منضدة كرة الطاولة قرب النافذة , قطع الأثاث غير المتناسبة , ألا أنها كانت ملائمة لبيت أستهدف وجود راحة المقيمين فيه , الكتب موجودة في كل مكان , والقنينة الزرقاء لا تزال في مكانها , في الخزانة الصغيرة قرب الزاوية , وساءلت جيردا نفسها عما أذا كانت أم جوردان لا تزال كما كانت ربة بيت فخورة بنفسها , وكانت غرف المنزل الأخرى متناسقة وجميلة , يحيط بها صمت يدفع الموجودين للتحرك بهدوء لئلا يؤثروا على كنوز السيدة بلاك , ربما أختلفت الأمور الآن , فكرت جيردا أذا تبعت جوردان عبر الغرفة الى قاعة صغيرة مطلية جدرانها باللون الأبيض , ولم تتذكر جيردا المكان .
" قمنا بأجراء بعض التغييرات منذ زيارتك الأخيرة للمكان".
قال جوردان موضحا.
" هذا هو مكتبي في المنزل الآن , توجب علينا أجراء التعديلات بسبب ستيوارت , فحوّلنا الطابق الأرضي للجناح الغربي الى شقة له بينما أحتفظت والدتي بغرفة الجلوس الأصلية والجناح الواقع فوق شقة ستيوارت , وأصبح الوضع أفضل بالنسبة الينا جميعا".
وقف عند قمة السلم وأومأ مشيرا الى الجانب الأيمن:
" أرتاحي هناك , أذ لديك متسع من الوقت لحين حلول موعد العشاء , أنولي عندما تكونين مستعدة وسأكون موجودا في غرفة الجلوس الكبيرة".
مد يده فأعطاها حقيبتها , تناولتها بصمت وبقيت واقفة في مكانها منتظرة أنصرافه لكنه رفع حاجبيه تعجبا , وقال:
" حسنا , ماذا تنتظرين؟ أو ربما تريدين مني مرافقتك لترتيب ملابسك؟".
" لن يكون ذلك ضروريا".
ثم توجهت الى غرفة الضيوف , فتحت الباب وأغلقته خلفها بعنف غير مناسب , بقيت ساكنة لعدة لحظات تفكر بسلوكه العادي معها , الى حد أأستعادت فيه هدوءها وبدأت تعتقد بأنها موجودة في بيت ريفي جاءت لقضاء عطلة نهاية أسبوع هادئة فيه.
ألا أن الأمر لم يكن كذلك , ولن تكون عطلتها هادئة أطلاقا , ولاحظت لأول مرة عزلة المكان وخلوه من السكان , وضعت حقيتها على السري ثم سارت نحو النافذة , فوجدتها مفتوحة , وأحست بالنسيم يداعب وجهها فأستندت بمرفقها على أطار النافذة وألقت نظرة شاملة على المكان المحيط بالبيت, كانت تواجه مقدمة المنزل , فرأت الأرض المكسوة بالعشب تحيط بها ممرات ضيقة مزينة بورود محتلفة الألوان , ثم رأت مقدمة المرسيدس عند الجهةاليسرى , قطبت جيردا جبينها , محدقة فترة أطول في الأفق المهجور قبل أن تتوجه الى حقيبتها الصغيرة , ففتحتها ورتّبت أشياءها, علقت بعضها في خزانة الملابس بينما وضعت أدوات الزينة عند المنضدة القريبة , رأت في المرآة عينيها وقد ظللهما التعب والقلق , وأستدارت برأسها فجأة لتبعد عن نفسها عدم الأحساس بالراحة وبدأت تنظف وجهها بالمستحضر الخاص بذلك.
عليها ألا تفقد أعصابها, كررت جيردا مخاطبة نفسها , أذ لن بستغرق الأمر أكثر من أربع وعشرين ساعة , يجب ألا تدع جوردان يحس بخوفها منه , لماذا يجب أن تخافه ؟ سألت نفسها محاولةرفع معنوياتها , ولكن الواقع كان شيئا آخر , فجوردان يكرهها ويلومها على ما حدث , كما أنه يمتلك القدرة على أيذائها , وخاصة من خلال رفضه توقيع العقد مع هوارد , وأن يؤذيها لأنها......
ورفضت جيردا مواجهة السبب الحقيقي , رافضة الأعتراف به , كلا , أنتهى الأمر منذ فترة طويلة , فلن تدفع له فرصة معرفة قدرته على أرباكها ذهنيا , وأبتعدت مذعورة من مواجهة عينيها المتعبتين في المرآة , وأعترفت أخيرا بأنها لن تحصل على راحة الباب ما لم تبتعد بأقصى سرعة عن جوردان بلاك.
كان سكونها الظاهري مجرد قناع حاولت التمسك به وهي تنزل الى الطابق السفلي , لم تر حتى تلك اللحظة أحدا , كما لم تسمع صوت أحد في المنزل وبقيت الأفكار السوداء محيطة بها وتحاول أختراقها مثل ظلمة لا تعرف مصدرها , وهكذا أنتابها أرتياح مفاجىء لسماع صوت فتاة منبعثا من الباب نصف المفتوح , المجاور لغرفة الجلوس.

أمل بيضون 11-07-11 09:29 PM

توقفت جيردا في مكانها وأختفى الصوت , ثم سمعت جوردان يقول:
" كلا , سنتعشى معه الليلة , لذلك عليك نسيان الأمر".
" لكنني رتّبت كل شيء , وأراد هو ذلك , كانت هذه فكرته مبدئيا".
" لا تهمني فكرة من كانت , لن تأخذي ستيوارت الى ميرافيل الليلة , وفي أمكانك.....".
" في أمكاني ؟ حسنا , وتستطيع الآن نسيان الموضوع".
وأرتفع صوت الشابة بغضب:
" لم يحدث ذلك دائما ؟ أنك مستعد لعمل أي شيء لتتخلص مني أليس كذلك؟ أنك تخشى فقدانه , وخاصة أذا ما أخذته بعيدا عنك , لأنك اردت دائما السيطرة عليه وتنظيم حياته حسبما تريد , لن تنجح هذه المرة , هل تسمعني ؟ وأعتقد أنك أنسان بائس لجلبها لرؤيته بعد أن خذلته , إنه لا يريدها ! أنه لا يحبها , أنه يحبني أنا ولن تستطيع منعه من ذلك ...... أنا......".
" أخرسي , أو غادري المكان حالا".
" لن أغادر المكان , كيف تجرؤ على مخاطبتي بهذه الطريقة ؟ إنك ....".
" سأخاطبك بالطريقة التي تعجبني , والآن توقفي عن الحديث مثل مراهقة غبية , أذ لديك الأسبوع بكامله لتتمتعي مع ستيوارت , هل أطلب منك الكثير أذا ما سألتك أحترام رغباتي أمسية واحدة؟".
" رغبات ؟ إنك أكثر من ديكتاتور , إنك....".
" ربما , أخبري ليون أنني أرغب برؤيته".
" لست خادمة لك ".
" أذا لم يعجبك الأمر , تعرفين ما عليك عمله".
وساد المكان الصمت , ثم سمعت جيردا صوت خطوات سريعة أعقبها صوت غاضب , وظهرت الفتاة , وجهها بيضوي شاحب لا يتناسب مع أحمر الشفاه الغامق اللون والشعر الأسود المتناثر بلا ترتيب , كانت على وشك البكاء وتوقفت للحظة مندهشة , أذ كانت تصطدم بجيردا , حدقت في وجه جيردا الى أن جاء جوردان فنظرت بكراهية الى كليهما وغادرت المكان مسرعة , متّجهة الى الصالة.
كانت ملامح جوردان قاسية وغاضبة وسيطر على صوته بسرعة طالبا من جيردا الدخول , وحلّ محل أحساسها بالعطف نحو الفتاة , أذ كانت الأخرى ضحية لجوردان , أحساس بمعرفة شخصية الفتاة.
بدأت الحديث متساءلة:
" هل كانت الفتاة سوزان لاموند؟".
" نعم , إبنة سير هيوبرت , هل تعرفينها؟".
" قابلتها مرة واحدة قبل سنوات".
ونظرت جيردا بعيدا قبل أن تستطرد:
" لم أكن متأكدة من شخصيتها".
" نعم , أنها سوزان , الطفلة الثرية المدللة , أنها في الثامنة عشرة من عمرها وعصبية الى حد لا يطاق , لا أدري ما الذي سيحدث لها أذا كانت في سن أكبر ". قال بقسوة وأضاف : " أعذريني , سأعود خلال لحظة".
وتركها مسرعا وغادر الغرفة وشعرت جيردا بالأمتنان لمغادرته غير المتوقعة , كي تجد وقتا كافيا لأستعادة قدرتها على التفكير , ترى ما سبب وجود سوزان لاموند في هذا المكان ؟ جلست جيردا على كرسي مريح , واجمة تحدّق في فراغ الغرفة , كان والد سوزان مديرا عاما لمؤسسة وينتفورد ولا يزال شخصية بارزة في عالم التجارة , وكانت هناك منافسة حادة بين سير هيوبرت وأرنولد بلاك , والد جوردان يعود تاريخها الى سنوات بعيدة , أذ وسع سير هيوبرت مرتين أعمال مؤسسته في حقل الألكترونيات على حساب أرنولد بلاك , مما أدى الى أعلانه الأفلاس , والآن بعد وفاة أرنولد , تقاعد سير هيوبرت وأصبح جوردان بلاك الرجل المسيطر على مركز مهم في مؤسسة عدو والده القديم لكنه نجح في ذلك بالتأكيد , وأذا ما صحت توقعت هوارد فأنه سيصبح رئيس مجلس أدارة المؤسسة خلال عام واحد.
هل كان الأنتقام سبب ذلك؟ تساءلت جيردا , إنه رجل قاس وبلا رحمة بالتأكيد , إلا أن جيردا لم تستطع إنكار مساوىء سير هيوبرت في الماضي.
أين هو موقع سوزان في القضية إذن؟
أستنادا الى حديثهما , الى طريقتهما في فضح موقفه , والطريقة التي خاطبها بها , بدا لجيردا أن العداوة القديمة حيّة كالسابق.
نهضت جيردا وخطت نحو النافذة , وشعرت بثقل في صدرها , ولم تعتقد أن ستيوارت كان يساعد سوزان على هزيمة أخيه , بحيث سيؤدي الأمر إلى خلق عداوة أخرى بين الأخوين , أغلقت عينيها بيأس , ما الذي حدث خلال الثلاث سنوات التي نجحت فيها في تحرير نفسها من تأثير عائلة بلاك؟ ترى هل ستعود مرة أخرى , مجبرة , الى حياتهم العاصفة ؟
ولم تسمع خطوات جوردان بلاك عائدا الى الغرفة , وجفلت أذ وضع يديه على كتفيها وقال بنعومة:
" ألم تسمعيني أدخل الغرفة؟".
" كلا".
وتحركت في مقعدها لتبتعد بهدوء عن ملمس يديه , وقالت :
" هل تزحف دائما بهذا الشكل لتخويف الناس ؟".
" ليس دائما , فقط حين يستغرقهم حلم اليقظة , ماذا حدث ؟ تبدين وكأنك تشعرين بالأسف لشيء ما".
بادلته النظرات الثابتة وهزّت رأسها قائلة:
" توقفت عن الأحساس بالأسف منذ زمن بعيد , وخاصة حين تقدمت بالعمر".
" لا بد أنه كان يوما حزينا".
هزت كتفيها فإبتسم بطريقته المتميزة ولاحظ :
" ألا تشعرين بالأسف من أجلي؟".
" إنك آخر شخص أشعر بالأسف من أجله , هل تنشد الشفقة الآن؟".
" أنني لا أنشد الشفقة أطلاقا".
" إنك لا تمنحها أيضا".
" إلا أنني أفعل ذلك يا عزيزتي".

أمل بيضون 11-07-11 10:22 PM

وكان يخلط الشراب في مكان ما خلفها , متذكرا دائما أن الشفقة ليست سوى مسكن مؤقت في أحسن حالاتها وهي تمرغ في الرثاء في أسوأ حالاتها , أي شراب تفضلين؟".
وقال الجملة الأخيرة دون أي تغيير في لهجته , فأجابت:
" عصير برتقال , رجاء , أين ستيوارت؟".
" يغيّر ملابسه أستعدادا للعشاء في مناسبة حضورك".
وناولها العصير مواصلا:
" ونتيجة للمشهد الدرامي القصير , طلبت من سوزان المغادرة طوال الأمسية".
" وهل لبّت سوزان أوامرك؟".
أومأ برأسه إيجابا وكان مستندا الى المكتب القريب محدّقا في كأسه قبل أن يشرب.
هكذا تجري الأمور أذن ؟ وتنهدت جيردا وبقيت الى جانب النافذة , من الغريب حدوث ذلك بسرعة , خاصة إنها سمعت الكثير عن عناد سوزان وسلوكها الجريء , وخاصة أذا طلب أحد منها إلغاء ترتيبات أستعدت من أجلها منذ بعض الوقت.
وأضاف جوردان قائلا:
" أخذها ليون..... أعتقد أننا سنشعر بحرية أكبر , أذا ما بقينا نحن الثلاثة وحدنا".
" هل سيتحقق ذلك؟ " ونظرت الى قدحها إلا أنها لم تشرب شيئا وقالت:
" من هو ليون؟".
" أنه يهتم بستيوارت , أذ يجب أن يرفعه أحد , ويضعه في الكرسي , كما يساعده على أرتداء ملابسه , ويساعده على........".
" نعم , أفهم ذلك , لم يجب علي........".
وأمتلأت عيناها بالدموع وأرتجف فمها وهمست:
" آسفة , لا بد أن الأمر فظيع بالنسبة اليه".
ودفعت بنفسها في مقعدها مدركة مدى خوفها من اللقاء المرتقب مع ستيوارت , ما فائدة ذلك ؟ تساءلت بعجز , لا بد أنها آخر شخص أراد الشاب المقعد رؤيته , لو أنها علمت فقط بخطة جوردان الحبيثة!
" إنك بحاجة الى الشراب , إشربي إذن".
وأذ قامت بحركة آلية محاولة أطاعة أمره , تحرك من مكانه وجلس إلى جانبها.
" هل أنت خائفة من لقاء ستيوارت؟".
سأل بنعومة:
" كلا , لست خائفة من رؤيته , أذا كانت تتضمن كلماتم معنى الخوف من مواجهة شيء مقيت , حين تتلفظ بها بتلك الطريقة".
وحاولت تجنب نظراته المحدقة:
" كلا ليس الأمر كذلك أطلاقا".
" ما هو أذن؟".
" هل من الحكمة لقاؤه ؟ ماذا سينجز ذلك؟ كيف سيساعد اللقاء ستيوارت؟".
وفقدت سيطرتها على نفسها وكادت أن تقترب منه أكثر لتلمسه إلا أنها تحكمت برغبتها.
" جوردان هل أنت واثق من صحة ما تقول ؟ ما حدث كان في الماضي , وليس منالصحيح أعادته الآن , أذ ليس في الإمكان تغيير الماضي".
" كلا , قد لا يكون للقائنا علاقة بما ذكرته , وأعتقد أنني أخبرتك بأنني سأوضح كل شيء هذا المساء , أو هل نسيت؟".
" لم أنس شيئا".
" أذن لا بد أنك توافقينني , حان الوقت لوضع نهاية للأمر".
" نهاية؟".
" نعم".
وتناول يديها وسحبها لتقف الى جواره.
" يبدو أنك غير قادرة على إدراك حقيقة واحدة بسيطة يا جيردا , إنك لا تستطيعين نسيان شيء لم ينته بعد".
وبقي ساكنا , ناظرا الى وجهها الحائر ثم لمس خدها بحنان قائلا:
" تعالي , حان الوقت لآخذك لرؤية ستيوارت".
وأذ رافقها جوردان بصمت الى الجانب الآخر من المنزل , شعرت جيردا بالتوتر في جسمها كله وتساءلت عما ستقوله خلال اللحظات الأولى الصعبة من اللقاء , وفجأة سألت نفسها أذا كان جوردان أخبر ستيوارت عن مجيئها , ولن تستغرب سلوك جوردان وحسّه الغريب بالدعابة لو أنه رتّب الأمر كله كمفاجأة لأخيه.
أرتجفت لسادية الفكرة , كلا , ليس في إمكان جوردان ... ولكن ربما لن يتعرف عليها ستيوارت , أذ مرت ثلاث سنوات منذ أفتراقهما وقد تغيرت هي كثيرا , لكنه سيتعرف عليها بالتأكيد.....
حين توقف جوردان ودفع باب الغرفة ليفتحها , تراجعت جيردا بشكل لا أرادي الى الوراء , شعرت بجفاف حلقها ,, كما لو أن كلمات الترحيب ألتصقت بلثتها , ثم أحست بيد جوردان على كتفها لتدفعها قليلا الى داخل الغرفة , كانت الغرفة كبيرة , والكرسي المتحرك يواجه النافذة , وتبخّرت كلمات الترحيب المهيأة مسبقا إذ لم تتوقع لقاء كهذا.
إستدار ستيوارت وقال بتجهم:
" أستغرقكما القدوم وقتا طويلا , أين كنتما؟".
وظنت للوهلة الأولى أنه يعنيها إلى أن تقدم جوردان خطوة الى الأمام:
" كنت أهتم بصديقتك الغالية , أنك تشجعها على إثارة الإضطراب هنا , والآن , أذا لم يكن بمقدورك أن تكون لطيفا , فكن مهذبا على الأقل".
" ألست مهذبا؟ مرحبا يا جيردا , مضى وقت طويل منذ لقائنا الأخير ".
تخدّرت في مكانها وكان رد فعلها آليا وغير واقعي , قال جوردان:
" أعد لها شرابا , سأراكما في غرفة الطعام".
وأنسحب من الغرفة دون أن ينظر اليها , ووقفت في مكانها ساكنة , لا تعرف ما الذي ستفعله , وألتقت عيناها بعيني ستيوارت الداكنتين.
وخطت الى الأمام , محاولة الأبتسام فقال:
" أوه , كلا , لا تفعلي ذلك أنت أيضا".

أمل بيضون 12-07-11 07:08 PM

وأشار بيديه رافضا وإبتسم لتعبير وجهها المصدوم:
" أنك تشبهين البقية تماما , فلو أنهم لم يروني منذ وقوع الحادث لتجنبوا النظر الى هذا".
وأشار بيده الى الغطاء الحريري الموضوع على ساقيه.
" ولأمتنعوا عن التفكير بساقي المشلولتين ولأجبروا أنفسهم على الأبتسام وسؤالي عن صحبتي , أنهم يثيرون تقززي".
قالت شاعرة بالحرج:
" أنا متأكدة بأنهم لا يعنون ذلك , لن أسألك عن صحتك أذن".
" من الأفضل ألا تفعلي ذلك , أذ أفضّل أن يتجاهلني الناس".
" ألن يكون ذلك قاسيا؟".
وأرادت أن تتساءل عما إذا كان تجاهله سيساعده على نسيان ساقيه المشلولتين , إلا أنها لم تجرؤ على قول ذلك.
" هل ترغبين بالشراب؟".
" كلا , شكرا".
ونظرت إلى الجهة البعيدة من الغرفة , محاولة تمالك أعصابها ومدركة لصعوبة موقفها:
" يا لها من غرفة جميلة !".
" ليست سيئة , هل هذا كل ما تريدين قوله؟".
عضّت على شفتها العليا وقالت:
" لا أعرفماذا أريد قوله أو ما الذي تتوقعه مني , إذ مضى وقت طويل منذ لقائنا الأخير".
" نعم وقت طويل جدا , أتمنى لو تقتربين قليلا , إذ لا أستطيع أنا القدوم بإتجاهك".
أقتربت منه ببطء , ونظرت اليه عن قرب رغم طريقته السيئة في معاملة الآخرين , كان لا يزال مزاجيا كالعادة , إلا أن المرض لم يغير كثيرا من ملامح وجهه , كان يشبه أخاه الى حد كبير رغم بعض الظلال المحيطة بعينيه , كان كعهده السابق , النسخة الصبيانية غير الناضجة لجوردان , الملامح الناعمة ذاتها , البشرة المخملية والشفة السفلى المكتنزة وكان الشعر هو الأختلاف الوحيد بين الأخوين , فشعر ستيوارت أسود مجعد أضفى على ملامحه نعومة خاصة , إضافة إلى أن عرض كتفي جوردان جعله يبدو كالطفل الى جانبه.
" هذا أحسن , تستطيعين الأقتراب مني وأنت مطمئنة على سلامتك , إذ كما تعلمين ليس بمقدوري ألحاق الأذى بك , حتى لو أردت ذلك".
إبتسمت وأجابته:
" نحن أكبر عمرا الآن وأكثر رزانة من السابق".
أختفى عبوسه ومد إحدى يديه نحوها مضمتها بين يديها :
" ربما كنت أكبر عمرا لكنني لست رزينا وها أنا أدرك الآن مقدار أفتقاري إياك".
" حقا؟ فكرت بك كثيرا , وتساءلت عن وضعك , ووصلت أحيانا الى حد الكتابة اليك , إلا أن الظروف ........".
ونظرت عبر النافذة الى الحديقة , لكنها لم تر الزهور ولا الخضرة المحيطة بها .
" ولم لم تكتبي أذن؟".
لم تجبه فشدّ على يدها بقوة أكبر وتساءل:
" لم لم تأتي لزيارتي في المستشفى؟".
" لم أظن أنك أردت رؤيتي".
وبدا تعبير ساهم على وجهه ثم قال:
" هل حذّرك جوردان من المجيء؟".
" كلا".
وكذبت , إلا أنها لم ترغب بسلوك طريق لا تحمد عاقبته فأضافت:
" بل ظننت أنه من الأفضل الأمتناع عن ذلك".
وصمت مرة أخرى وعلى وجهه سيماء التفكير , إلا أنه أبتسم أخيرا وقال:
" ربما كنت محقة".
فكرت بجوردان وأحست بمرارة الذكرى من جديد , كانت دوافعها خلال تلك الأيام المخيفة تحثّها لآداء الكثير , إلا أنها كانت أبعد ما تكون عن أتخاذ قرار حكيم , والآن أصبح الوقت متأخرا ولم يبق أمامها غير الندم.
قال فجأة :
" هل غفرت لي ما أرتكبته؟".
" بالطبع , سامحتك منذ زمن بعيد أذ أكتشفت أن ليس هناك ما يستدعي الغفران حتى........".
ومرر يده على وجهها قبل أن يقول:
" أنا مسرور لذلك , فقد غفرت أنا أيضا , لك كل شيء".
" هذا يجعلنا متساويين".
وعنت أن تكون كلماتها مرحة , إلا أن وقعها كان مختلفا فقالت :
" أتمنى ......".
بدأت الكلام ثم توقفت هازة رأسها:
" تتمنين لو أن الأمر لم يحدث؟".
" نعم........".
ولم تستطع أخباره أنها تمنت أيضا سماع كلمات الغفران من جوردان أيضا , تنهدت عارفة أن تحقيق ذلك أكثر صعوبة من لمس القمر وأحست بيد ستيوارت تمسد يدها.
" أنني مسرور لمجيئك اليوم".
إبتسمت وتجنبت نظراته , فحاولت تغيير موضوع الحديث بالأشارة الى الحديقة:
" من الرائع مغادرة الحديقة حين يكون الجو جميلا بهذا الشكل , لاحظت أن لا درجات هناك وهكذا تستطيع تمضية معظم وقتك في اخارج حين يكون الجو صحوا".
" نعم , أليس لديك شيء آخر للمقعد؟".
دهشت , أذ لم تسمع حركة الكرسي ونظرت اليه يقترب منها , وبدا في ملامح وجهه الهادىء ما أراده بوضوح , فتقدمت منه وعانقته.
بحركة خرقاء وضع يده حول عنقها وجذبها اليه بكل قوته القديمة .
أرادت في البداية التظاهر بالأستجابة ألا أنها علمت أن كذبها سيؤدي الى جرح مشاعره بعمق أكبر من الصدق فأنسلت بهدوء بعيدا عنه , وقبل أن يحررها لمس بهدوء خديها.
" لم تتغيري أطلاقا يا جيردا , تبدين مختلفة , أكثر ثقة بنفسك وأكثر جمالا , إلا أنك ما زلت في داخلك كالسابق , باردة ومكتفية بذاتك , وخائفة من أطلاق العنان لمشاعرك , هل تعلمين؟".

أمل بيضون 13-07-11 10:21 PM

وأسترخى في مقعده فأحست براحة أكبر , وأستمر قائلا:
" كنت أول فتاة أمتنعت عن الأستسلام لي".
" أن لك طرقك المقنعة".
" إلا أنها لم تنجح معك , هل تعلمين لم عرضت عليك الزواج ؟".
ونظر اليها نظرة جانبية تتذكرها تماما وإبتسم قبل أن يواصل حديثه:
" لأنك كنت البرهان على نجاح الطريقة التقليدية في إجبار الرجل على الزواج".
" هل كان ذلك السبب الوحيد لعرضك الزواج عليّ؟".
" كلا , ليس تماما , رغم أنني جننت للجوئك إلى أستخدام أسلوب قديم لأبتزازي".
" لم أفعل ذلك ".
" ألم تفعلي ذلك ؟ ظننت أن ما قمت به يدل على معنى واحد : تزوجيني أو لا شيء آخر , إلا أنك بقيت الفتاة الوحيدة التي شعرت بأنني مستعد للنظر في وجهها صباح كل يوم طوال حياتي".
" كان هدفك أذن الزواج بشكل دائم؟".
" نعم , وتمنيت دوامه ما دمنا أحياء".
" غير أنني لم أفكر بما قمت به بأعتباره أبتزازا على الأطلاق".
قالت مستعيدة قدرتها على الدفاع.
" كلا , ألا أنك قدتني وراءك كالحمل الوديع ".
وضحك ثم لمس زرا جانبيا موضوعا على جانب المقعد فتحرك بهدوء وصار فجأة الى جانبها , الأمر الذي لم تتوقعه , ثم نظر اليها وقال:
" تعالي سأريك ما أستطيع عمله بهذا المقعد".
وقفت وتبعته الى وسط الغرفة.
" أرى أنك أسرع مني في الوصول ".
" أطار أحيانا سوزان , مدّعيا بأنني سأصدمها , وكنت مرة على وشك ذلك".
" لا يثير ذلك دهشتي ".
قالت جيردا بجفاف ونظرت الى أرضية الغرفة الناعمة , الصقيلة وتخيلت ستيوارت منزلقا بمقعده بسرعة مخيفة يغطي بها أحساسه بالعجز , وكما لو أنه حدس ما تفكر به فقال:
" أنه الجانب السادي في ذاتي , نوع من عقدة التفوق , أذ عليّ أقناع نفسي بقدرتي على السيطرة رغم أصابتي بالعجز".
بقيت جيردا صامتة وتبعته حول الغرفة حتى أقترب في النهاية من الباب الموجود في الجانب الآخر من الغرفة , وأذا أصبح المقعد على مبعدة ثلاث أقدام منه أنفتح الباب آليا ثم أنغلق بهدوء وكادت جيردا أن تنحصر بينه , لولا أنها أستطاعت الأبتعاد في اللحظة الأخيرة.
" آسف , كان علي تحذيرك بأنه باب آلي".
ثم أستدار ليوضح لها بقية الموجودات في الغرفة , مشيرا بيديه الى الأشياء.
" أترين ذلك اللوح الجانبي بجانب الفراش؟ أستطيع بواسطته أدارة الراديو والتلفزيون أضافة الى التدفئة والتبريد والأضاءة , أستطيع فتح النوافذ , سحب المكتبة الصغيرة وأستدعاء ليون أو أحد الخدم".
" معجزة ألكترونية , ما هذا؟".
لمس الزر فأنسحبت الستائر تغطي النوافذ وأصبحت الغرفة مظلمة , إلا أن أحد الأزرار بقي لامعا فقال:
" ثم أختار الضوء الملائم , في الوقت الملائم".
تأملت الشاشة السينمائية , أجهزة التسجيل الضخمة , الباب الجانبي الموضوع بحيث يمكن أستخدامه في غرفتين في آن واحد , والأثاث الفخم والجدران المكسوة بخشب صقيل أضفى على المكان أبهة أنيقة , كل شيء يمكن شراؤه , وضع في غرفة ستيوارت ... ولكن هل يعوّض هذا عن.........؟".
وراقبها قبل أن يعلق بمرارة:
" سخرية القدر... أليس كذلك؟".
تجاهلت تعليقه وقالت:
" بذل أحدهم جهدا كبيرا لأنجاز هذا العمل ".
" كل شيء تحت سيطرتي , تم كل ذلك تحت رعاية وأهتمام أخي الكبير".
" هل قام بكل ذلك؟".
وأغمضت عينيها أذ أنطفأت الأنوار وأنفتحت النوافذ لتسمح بدخول أشعة الشمس.
" نعم , وجاء معه خبيران ساعداه على أتمام كل شيء , ولم ينسوا شيئا بأستثناء عكازين أستخدمهما بدلا من الساقين".
عاد الى الغرفة وتوجه نحو النافذة منتظرا أياها لتلحق به , وبدا في أنتظار أن تعلق على شيء ما , فقالت أخيرا ببطء:
" أليس في مستطاعهم عمل شيء؟".
" من أجلي؟".
أومأت برأسها أيجابا وتساءلت فيما أذا كان سؤالها حكيما.
" كلا , تم أجراء كل شيء من أجلي , عمليت متواصلة , علاج طبيعي وحتى العلاج بالأعشاب , وكان الجواب واحدا : ( الأعصاب ميتة ولا فائدة من أصلاح العطب ) الى أن حدث شيء في العام الماضي.....".
وتوقف ستيوارت ليشعل سيجارة , وسحب نفاضة السجائر حتى قبل أن تستطيع رؤيتها لتجلبها له:
" في العام الماضي , سمع جوردان عن أخصائي ألماني له خبرة كبيرة في الموضوع فذهبنا الى ألمانيا لرؤية الأخصائي".
وحين لاحظت تردده قالت:
" ثم...؟".
بدا على وجه ستيوارت ألم المعاناة ومرت وهلة قبل أن يجيبها:
" أظن بأنه كان أول من منحني القليل من الأمل , كان مستعدا لأجراء العملية , إلا أن نسبة النجاح لم تكن حتى خمسين بالمائة , بل الثلث فقط".
" ولم لم توافق؟".
" هل تظنين أنني أحمق , خاصة بعد أن وضع الأخصائي بعض المحاذير حين قال قد أسير ثانية ولكن بمساعدة عكازين , أضافة الى أنني سأعاني من عدم القدرة على التوازن , أنها مجرد أحتمالات , قد أصاب بذلك وقد تنجح العملية".
" ولكن أجراء أي عملية يحمل ضمنا بعض الخطر , أتذكر ما حدث حين كانت والدتي مريضة وبدت الدنيا مظلمة في عيني , إلا أنها في صحة جيدة الآن وهي أسعد مما كانت عليه طوال حياتها".
" بلا شك ". ثم تنهد قائلا: " ولكن حالتي مختلفة , لقد كان علي الأختيار , أذ حذّرني بأنني قد أموت أثناء العملية ..... فهل تقبلين المخاطرة لو كنت مكاني؟".
" لا أدري".

anvas 14-07-11 05:04 PM

راائع جدا،،
بلفعل روايه مميزه وغنيه بالاحداث
وفيني فضول كبير بدي ايش صار في لليله الحادث
بسس قطع متنااثره من الاحداث وبالكاد تعطي صوره كاامله عنها
باانتظاارك غاليتي امووله
^^

أمل بيضون 14-07-11 09:17 PM

بتصدقي أنفووسة هذه مش من الروايات المفضّلة عندي , وأنا ما بحبها بس لقيتها مش موجودة مكتوبة بالمنتدى , من هيك أنا عم طوّل بكتابتها , عادة بس أكتب ببقى عم بستمتع بالقراءة بس معها بحس بالملل .....

anvas 14-07-11 09:57 PM

لالالالالالالالالالالالا
صدق...؟؟
طيب عشااني أكتبيهآ,,هههههه^^
عااجبتني البطله^^
كذا فيها احتماال،مدري كيف اعبر لك><
بانتظاارك الغلـآ^^


أمل بيضون 14-07-11 10:20 PM

قالت مدركة معنى حيرته المعذية وكررت:
" لا أدري , أعتقد أنني ...... نعم أعتقد أن المحاولة تستحق التجربة ".
ونظرت في أتجاه مغاير متجنبة النظر اليه.
" كلا شكرا , لم ترد مني والدتي المخاطرة , رغم رغبة جوردان وكان هذا كافيا لأقناعي , أذ يبدو سهلا عليه الحديث عني بأعتباري الحي الميت , إلا أنه ينسى دائما بأنه ليس المعاني والمختار لمصيره , وهذا ساعدني على أن أقدر الحياة رغم عجزي".
ثم أضاف ببطء:
" حتى العام الماضي , كانت حياتي جحيما , وحاولت قدر أمكاني تحويل حياة المحيطين بي الى جحيم أيضا , ولكن بعد الرحلة الى ألمانيا , وبعد تفكيري مليا قررت أختيار الحياة , ثم أنني قادر من مكاني هذا على تحريك بعض الأحداث والأشخاص , وها أنا أستعيدك من جديد".
" أنك تشبه محرك الدمى على المسرح".
" هل هذا صحيح ؟ آمل ذلك رغم علمي جيدا بأن المحرك الأصلي هو , يا عزيزتي جيردا , الأخ الأكبر جوردان".
وصمتت حين أدركت أستعادته للأحساس بالمرارة كلما تحدث عن أخيه جوردان , وتذكرت ما أحست به حين لتقت بهما لأول مرة ولاحظت وجود بعض سوء التفاهم بينهما , أذ فكّرت بأنه أحساس طبيعي بين الأخوةخاصة أذا كان الأخ الكبير قاسيا ومتشددا بينما الأخ الصغير مدلل وغير ملتزم بأي نظام حياتي , لكنها.......
وأحست بالأرتياح حين فتح الباب ودخل جوردان , ألا أن ستيوارت لم يشاركها أحساسها بل أستدار لينظر الى جوردان بقامته الفارعة , مرتديا بدلة سوداء أنيقة وقال بتجهم:
" ماذا تريد ؟ كنا على ما يرام , ولسنا بحاجة الى أشرافك".
" حان وقت العشاء , ألا يهمك الأمر؟".
ولم يبد تأثر لخشونة ستيوارت وربما توصل بمرور الوقت الى حماية نفسه باللجوء الى الصير من نزوات الأخ المقعد , مهما تكن الأسباب أبدى جوردان هدوءا وصبرا , وتعجبت لذلك خاصة بعد تذكرها سلوكه معها , وبقيت مهمومة تفكر بذلك , رغم سيرها الى جوارهما , متوجهين الى غرفة الطعام.
وكان الجو هادئا , مشحونا بعواطف حاول الجميع أخفاءها , عدا ذلك كانت وجبة الطعام جيدة , فقدمت مدبرة المنزل حساء الخضار اللذيذ , وتركت لهم على الطاولة أنواعا مختلفة من السلطة واللحم المشوي.
وكان سلوك جوردان مهذبا طوال العشاء , وباردا أو هذا ما بدا لجيردا على الأقل , رغم ذلك أحست بالأضطراب أكثر مما لو كان سلوكه عدائيا , أما ستيوارت فلم يهتم بمتابعة الحديث معها , وأثبت ذلك عدم تغيّره كثيرا عن السابق أذ بقي مزاجيا , لا يستطيع أخفاء مشاعره أذا ما آذاه شيء ما أو أزعجه أحد الحاضرين مهما كان السبب ضئيلا , وأحست ببعض الراحة حين رمى ستيوارت منشفة الطعام على صينية الطعام المجاورة وقال مخاطبا جوردان:
" كان عليك أعلامي بالأمر في وقت أبكر".
" أعلامك بماذا؟".
" بترتيبك العطلة نهاية الأسبوع ومجيء جيردا".
" أخبرتك بالأمر الليلة الماضية , أليس هذا مبكرا ما فيه الكفاية ؟".
وحافظ جوردان على هدوئه مناولا جيردا بعض الحلوى , ومحاولا في الوقت نفسه تناول كمية أكبر.
" عليك تناولها مع القشطة الطازجة , هل تريد بعض الحلوى يا ستيوارت؟".
" كلا , شكرا , أنك ذو أعصاب هادئة حقا , أذ لم ترني وجهك طوال الستة أسابيع الأخيرة , وحتى لم تتصل هاتفيا , وها أنت تأتي فجأة مع جيردا , لم لم تخبرني؟".
" أنا نفسي لم أعرف ذلك".
فكرت جيردا بأنها , هي أيضا , لم تعلم عن مجيئها ألا عند الظهيرة وأحست بالغضب ينتابها , لا بد أنه قرر الليلة الماضية , وكان واثقا تماما من قبولها المجيء , ربما لأدراكه بأنه كان يحمل في يده سوط التهديد , وواصل ستيوارت المجادلة:
" وما كان ليخطر ببالك أن سوزان أعدت ترتيبا آخر لقضاء عطلة نهاية الأسبوع".
" نعم خطر ببالي ذلك , لذلك لا تتعب نفسك بتغيير أي شيء أذ أننا سنشاركك فيما سيجري , أما إذا أحسست بالضيق فسأذهب مع جيردا الى المدينة غدا صباحا وسنناقش أعمالنا هناك".
" أعمال ؟ أي أعمال؟".
وبدا ستيوارت مصدوما :
" عقد جديد , أذ تعمل جيردا مع جنيفر فولدز الآن".
نظر ستيوارت الى كليهما نظرات أتهام وقال:
" لم تخبرني بذلك , وكل ما فكرت به أنك ألتقيت بها صدفة ثم طلبت منها المجيء أستعادة لذكرى الأيام الماضية".
" فكرتك خاطئة أذن".
" يبدو بأنني المخطىء دائما , هل أستشرت......".
" رجاء توقف عن المجادلة , بحق السماء , ليس في نيتي أفساد عطلتك , ولو أنني علمت......".
وضع جوردان بده على ركبتها القريبة منه والمغطاة بشرشف الطاولة :
" دعني أحسم الأمر بنفسي , أذ أنك لم تفسدي شيئا و........".
" عزيزتي لم أعنيك بما قلته أطلاقا".
قاطع ستيوارت جوردان الذي قال:
" أتمنى لو أنك تخبرنا بما تريده , وسنحل الأشكال , هل تريد منا مغادرة المكان وتركك لتمتع نفسك؟"

anvas 14-07-11 11:05 PM

تسلمين غلاي ع الكمال
يعطيك الف الف عاافيه
مشكوره كثير
^^

أمل بيضون 16-07-11 12:54 PM

وشدّ جوردان على ركبة جيردا بقوة ثم تركها .
" لو أنك جلبتها لمناقشة العقد فقط فلا يهمني بقاؤكما , أذ سيصل الضيوف غدا صباحا وسنتوجه الى ضفة النهر , لنشرب ونتناول الغداء .
" سنشارككم الحفلة أذن".
فقاطعه ستيوارت قائلا:
" وحقيبة أعمالك بيدك؟".
أختار جوردان تجاهل الملاحظة الأخيرة , إلا أن جيردا لم تستطع إيقاف نفسها عن التفكير بيوم الغد , وأنتابها أحساس غريب بالشفقة على جوردان , من الواضح أنه قام بكل شيء أنساني من أجل أخيه لينسيه أحساسه بالعجز ..... لكنه من الواضح أيضا أن ستيوارت يحاول أستغلال ذلك الى أقصى حد ممكن , وخلال اليوم التالي بدا واضحا لها أن ستيوارت لا يستغل ذلك الى أقصى حد ممكن , وخلال اليوم التالي بدا واضحا لها أن ستيوارت لا يستغل أخاه فحسب بل يستغل مشاعر وعطف المحيطين به كلهم.
ولم تجد جيردا كلمة تصف بها سلوك ستيوارت يوم الأحد وبعد تجمّع المدعوين , غير كلمة ( الحاكم ) كان صوته أعلى من أصوات البقية وشخصيته هي المسيطرة , وله وحده كان حق مقاطعة الآخرين أو أثارة موضوع جديد للنقاش , وأذا ما أنتاب ستيوارت الضجر سارع الحاضرون الى ركوب سياراتهم متوجهين الى مكان آخر وحين قرر ستيوارت فجأة أن من الأفضل لعب الورق , عاد الكل معه الى البيت ولعبوا الورق.
لم تستطع جيردا لعب الورق خاصة أنها لم تمارس اللعبة طوال حياتها , وبدا ما تعرفه عن اللعبة نكتة طريفة الى جانب الحضور الملتف حول ستيوارت.
أقترحت سوزان مخاطبة جيردا:
" أجلسي جانبا وراقبي كيفية اللعب لبعض الوقت".
ثم جلست الى جانب ستيوارت لتهتم بتلبية طلباته وتزويده بما يحتاجه من سجائر , منفضة سجائر , قداحة , ثم سألته:
" هل ترغب بسماع شريط التسجيل الجديد؟".
" يا لها من فكرة جيدة , ودعي جيردا تجلس الى جانبي أذ سأشاركها اللعب الى أن تتعلم بعض القواعد الأساسية , هل يهتم ليون بالحاضرين؟".
وأدّى ليون واجبه كاملا , أذ كان يدور بين الحاضرين يوزع عليهم الشراب والسجائر ملبيا طلباتهم بسرعة وأتقان.
كان ليون أصغر من جيردا عمرا , خلافا لما توقعته , هادئا أشقر الشعر ونحيفا بشكل لا يوازي قوته , حين لاحظته وهو يرفع ستيوارت من مقعده الى السيارة بكل سهولة , وباشر ليون عمله مع ستيوارت منذ عامين كمساعد ومعالج طبيعي , ويبدو أنهما تحولا الى صديقين بمرور الوقت , ألا أن ما حيّر جيردا أكثر من أي شيء آخر هو وجود سوزان , أذا كان موقفها غريبا حيال الآخوين , بدت ملتصقة بستيوارت , تعرض عليه خدماتها في كل لحظة ولا تفارقه أطلاقا , أما مع جوردان فيبدو أنها , وبمرور الوقت , توصلت الى تناسي جدالهما الحاد وأختلافهما في اليوم السابق وأستطاعت , ذات مرة , الأنفراد به لتسأله نصيحته أو رأيه أو ربما مناصرته أياها في قضية ما , وحكمت جيردا أستنادا الى تعابير وجهها , بفشلها في أثارة أهتمامه وأقناعه بما أرادت ثم لجأ جوردان للتخلص منها الى أسلوبه اللامبالي , واللاغي لحضور الشخص الآخر , ولجأت سوزان الى الهدوء بعد ذلك , جالسة الى جوار ستيوارت , المنطرح تحت الشمس للراحة إلا أن سوزان أستعادت هدوءها وطبيعتها الأجتماعية بعد قليل , وعادت الى لاعبي الورق لمشاركتهم اللعبة دون أن تحمل حقدا على جوردان.
وكان جوردان وستيوارت آخر اللاعبين أذ كان ستيوارت يلعب لصالح جيردا , ونهضت سوزان من مكانها متوجهة نحو جوردان ووقفت خلفه متطلعة في الوقت نفسه الى ورقة لعبه , وبدا على وجهها الفرح وأقتربت بوجهها منه حتى لمست أذنه شفتيها وهمست شيئا ما , إلا أن جوردان لم يتأثر أطلاقا بحركاتها وبقي في وضعه ذاته وكأنه لم يحس بوجودها أطلاقا , فقال ستيوارت لجيردا معقبا:
" خلال لحظة واحدة سيستدير ويكسر عنقها , يا لها من فتاة حمقاء خيفة خاصة أنها تحاول أشعارنا بقيمة أوراقه".
نظر الى وجه أخيه وعبس قائلا:
" أكشف عن ورقك".
ثم وضع أوراقه على الطاولة , قائلا لسوزان :
" شكرا يا عزيزتي لولاك ما فزت".
إلا أن سوزان خاطبت جوردان قائلة:
" ولكننا الفائزان أليس كذلك ؟ ألم أجلب لك الحظ السعيد؟".
" حقا ؟ من الأفضل ترك المكان لك , في أستطاعتك الجلوس محلي ".
ووضع يديه على كتفها بشكل لم تستطع معه إلا أطاعة أمره وأضاف :
" لا أعتقد أن وجود جيردا ضروري , أذ أنها ليست لاعبة ماهرة".
ثم وضع يديه على كتفيها , فقال ستيوارت:
" هل ستنصرفان؟".
فأجابه جوردان:
" نعم".
ولم يتطرق اليه الشك لحظة في مدى موافقة جيردا على قراره بالمغادرة بأنتظارها حتى نهضت وتمنت للحاضرين ليلة سعيدة.
نظرت جيردا الى جوردان دون أن تنطق بشيء , وأحست بأزدرائها لنفسها أذ وافقته على طلبه بسهولة.
" فكرت بأنني سأنقذك من الجلسة بعد أن لاحظت عدم تمتعك".
" هل تمتعت؟".
" كلا".
أعترفت فورا.
" حسنا جدا , أذ أنني أكره رؤية النساء يلعبن الورق".
إلا أنها أعترضت قائلة:
" ولكنها كانت لعبة ودية".
وتبعته الى مكتبه.

أمل بيضون 18-07-11 10:38 PM

" كلا , لم تكن كذلك , أذ سيواصل الحاضرون اللعب حتى الصباح خاسرين أثناء ذلك مئات الجنيهات , هل كنت مستعدة للخسارة؟".
" وكأنك أنقذتني من جحيم مقامرة يجري في بيتك".
لم أنقذك من شيء يا عزيزتي , كل ما في الأمر أنني رغبت في الحديث معك".
وعاودها الأحساس بالخوف مرة أخرى , وراقبته وهو يهيء لها قدح العصير المثلج , ولم تستطع منع نفسها من الأرتجاف بعد أن وضع القدح بين يديها , ونظرت الى وجهه متسائلة :
" العقد؟".
" فيما بعد".
وفتح علبة سجائره المعدة له خصيصا في مورلاندز , وعرض عليها واحدة , حين هزت رأسها رافضة , أغلق العلبة دون أن يتناول أيا منها , ونظر الى كأسه مفكرا قبل أن يتأملها بحدة:
" ما هو رأيك في مجموعة ستيوارت؟".
وجمدت لوهلة دون أن تجرؤ على الأجابة على السؤال غير المتوقع .
" إنهم , إنهم...... لا بأس بهم .... صحبة ممتعة أذا كنت ترغب بالمتعة".
" ألم يثيروا أهتمامك؟".
" لم أقل ذلك , لم تسألني ؟ أذ لا داعي لأبداء رأي في أصدقاء ستيوارت".
تلفّظت بذلك بعد أن أحست بأن السؤال لم يكن عرضيا , ولا مجرد فاتحة للحديث.
" أردت معرفة رأيك ".
" ولكن لماذا رأيي أنا؟".
تجاهل جوردان حيرتها , ووضع كأسه على الطاولة , مما أحدث ضجة هزت هدوء الغرفة.
" ما رأيك بسوزان؟".
وأنتابتها الدهشة مضاعفة هذه المرة , ولكن مع أحساس غريب بالتحذير.
" ما الذي تريد الوصل اليه يا جوردان ؟ يبدو كأنك تريد الحصول على رأي يثبت صحة بعض الشكوك".
" أنني لا أوجه الأسئلة لغرض المتعة , لكنني , بالتأكيد , لست بحاجة الى ما يثبت صحة رأيي".
وأثار قلقها شيء بدا واضحا في عينيه , وخطرت في ذهنها فكرة مفاجئة كادت أن تدفعها الى التقيؤ , ترى ما الذي أكتشفه؟ هل أخبره ستيوارت؟ ولكن ذلك مستحيل : وماذا عن ستيوارت؟
" كان علي طرح السؤال بصيغة أخرى لأعرف أنطباعك عن علاقة ستيوارت بسوزان".
" يبدو أنها مولعة به , ولكن كيف أستطيع الحكم خلال يوم واحد؟".
وترددت مثل سائر يحاول تلمّس طريقه في الظلمة.
" ثم ماذا هناك للحكم ؟ ستيوارت شاب وبحاجة الى صحبة شابة مثلها , أذ لا بد أنه يعاني من الوحدة المخيفة".
" نعم , لكنه ليس بحاجة الى سوزان".
" أنك لا تودها , أليس كذلك؟".
" أن تأثيرها عليه سيء , وأسوأ بكثير من تأثير أمي عليه".
وصدمت جيردا للهجته فقالت:
" أنك لا تعني ما تقول : أذ لا وجود لأي تأثير سيء على ستيوارت ".
" ماذا ؟ أنظري الى ما يحدث كل نهاية عطلة أسبوع حين يكتظ المنزل بهؤلاء الشباب المجانين , ومعظم الأسبوع أحيانا , أنهم يشربون ويقامرون وسوزان أول من يشجعهم".
" إلا أنه بحاجة الى الصحبة , ثم إنه كان دائما......".
" نعم , واصلي حديثك وقولي ما خطر ببالك , كان متهورا دائما , إلا أنه كان قادرا على أستخدام ساقيه في تلك الأيام , ولم يكن يعاني من نوبات الكآبة المؤدية الى الأنتحار كلما ترك وحده , أتعلمين بأنه حاول الأنتحار مرتين ؟ هل تعتقدين أن لهذا تأثير جيدا عليه؟".
" كلا".
أستنكرت جيردا بقوة ثم وضعت كأسا جانبا بعض أن لاحظت أرتجاف يديها.
" ولكن هل أنت واثق من صحة أتهامك لسوزان ؟ خاصة أنك تتهمني بخذلان أخيك؟".
" أظن بأنك تعرفين رأيي بصدد هذا الموضوع ولا أود مناقشته من جديد".
لمحت النظرة القاسية في عينيه وأقشعر جسمها خوفا من عاقبة أنتقامه, كلا , ليست مخاوفها وهمية , أذ تجسّد خوفها حقيقة واقعة في وجهه الغاضب.
وقف الى جانب المنضدة ثم أستند بيد واحدة على رف الكتب وأظهرت حركته البسيطة مقدار أكثر من أي أستعراض متعمد للقوى.
" ستتزوج سوزان ستيوارت غدا أذا ما رغب هو بذلك ولن يهمها كثيرا حقيقة كونه مقعدا".
وأحست جيردا بالضعف يسري في جسمها فجأة , وبدت لها فكرة زواج ستيوارت من أي فتاة , غريبة , إلا أنها فكرت ثانية ولم تجد سببا يدعوها للأستغراب , أذ سمعت الكثير عن حالات زواج تمت بين المقعدين , زواج تم على أساس الفهم المتبادل والحب المشترك , وأمتلاك القوة للأنتصار على العاهات , إلا أن سوزان ..... هزت جيردا رأسها بلا تعمد , أنها تعرف القليل عن سوزان , إلا أن هذا القليل فيه الكفاية ليقنعها أن سوزان لا تملك الصبر والثبات للأستمرار بزواج موضوعة أمامه العقبات مسبقا , أنها شابة , وطائشة , مندفعة وتشبه بذلك ستيوارت الى حد كبير , نظرت بخوف الى وجه جوردان وتساءلت:
" هل ستتدخل بينهما ؟ حتى ولو كانا يحبان بعضهما؟".
" أتدخل ؟ بالتأكيد سأتدخل وسأمنع الزواج حتى ولو كان آخر شيء سأفعله في حياتي , أنه أسوأ ما يمكن أن يحدث لستيوارت ".
" ولكن , هل أنت متأكد بأنه سيحدث؟".
" نعم , رغم أن ستيوارت أتخذ موقف صحيحا حتى الآن برفضه الزواج , إلا أنه سيستسلم في النهاية , وسيندم فيما بعد كما ستندم هي لذلك ".

أمل بيضون 19-07-11 06:41 PM

" وكيف تستطيع التنبؤ بفشل زواجهما مسبقا؟".
" كفى هراء , أنها مجرد طفلة , طفلة مدللة..... أستحوذ عليها وهم اسيطرة عليه وجعله معتمدا عليها في كل شيء , أستخدمي مخيلتك , هذا أذا كنت تمتلكين أي مخيلة".
قال بأحتقار مقاطعا نفسه ثم واصل الحديث:
" على ستيوارت مواجهة الواقع , ولن يستطيع ذلك ما دامت هناك فتاة مجنونة تقنعه بأن في مستطاعها الأنعزال عن العالم والعيش في أرض المستحيل , أذ بناء على رأي سوزان نحن جميعا مقعدون روحيا وما الجسد إلا غلاف لا أهمية له , أنها مجنونة , ويجب أن أوقفها عند حدها".
" ألست عدائيا بلا مبرر ؟ كيف تستطيع الحكم بجنونها ؟ كيف تستطيع رؤية العالم والحكم عليه بدلا من ستيوارت ؟ أنه في حاجة الى وجود شخص يساعده على الثبات , أنه عالم مختلف بالنسبة اليه , كيف تثق الى هذا الحد بأن سوزان ليست قادرة على أسعاده ؟ ليس في مستطاعك أبعادها عنه..... ومن القسوة.......".
" أنك تبدين أهتماما فائقا بوضعه , فجأة , وأنا مسرور لتأثرك , أذ سيجعل هذا الأمور أسهل".
" أسهل ؟ ماذا تعني؟".
أبتسم وأستقام في مكانه ثم سار ليقف الى جوارها , متفحصا وجهها عن قرب قبل أن يقول:
" أن عطلة نهاية الأسبوع هذه نوع من تجربة أردت أجراءها , وأعتقد بأن التجربة ناجحة".
توقف , مراقبا أياها وكأنه رأى تحت بشرتها خضوعها السهل لقوته , فواصل حديثه متعمدا:
" أردت أن أرى أذا كان ستيوارت لا يزال مهتما بك , راقبته طوال اليوم عن قرب وأعتقد بأنك ما زلت مفضلة لديه , قد يكون أهتمامه مجرد أعتزاز بماض أحبه أو بوجه جديد إلا أنني لا أعتقد ذلك صحيحا , أن أخي كان مولعا بك منذ سنوات وضحّى بحياته بسبب ذلك ولا أعتقد أنه نسيك ..... هل نسيت أنت؟".
مدت يديها بأستسلام , عاجزة عن الصراخ وأنكار ما قاله خوفا من الحقيقة , تذكرت ستيوارت ومحاولته عناقها في اليوم السابق وكيف فشلت في تحمّله , وأحست بالمصيدة تلتف حولها ولم تجد طريقة للهرب.....
" وهكذا يا عزيزتي جيردا , عليك الآن التكفير عن خطاياك".
" التكفير . عن ماذا؟".
" ستحلين محل سوزان , قلت قبل قليل أن ستيوارت بحاجة الى صحبة فتاة , فلم لا تكونين أنت الفتاة؟".
فصرخت فجأة :
" لكنني , لكنني لا أستطيع .... كيف أستطيع ذلك؟".
" أنك حرة الآن وتمثلين الحل الأفضل".
" كلا........"
ورفعت يدها لتحاول أسكاته مدركة بأنه لن يحس بالرحمة أتجاهها .
" نعم , وأذا صح ما سمعته بأنك تزوجت من بليز شفقة به.. فم لا تتزوجين أخي؟".
" هل تعني..... تعني بأن علي الزواج من ستيوارت؟".
" هذا بالضبط مت أعنيه!".
ومدت يدها الى عنقها أذ أحست بالأختناق.
" لكنني لا أحبه..... أنه ليس .......".
" حب؟".
وبدا الأحتقار واضحا في عينيه:
" ما أهمية الحب في مسألة كهذه".
أنكمشت في مكانها وقالت بصوت عال:
" أنك مجنون".
" كلا يا عزيزتي جيردا , قد أكون حاملا للعديد من الصفات السيئة , إلا أن الحنون ليس واحدا منها".
راقبها للحظة واحدة ثم قال:
" ولم لا تعترفين بالأمر ؟ إنك تزوجت من بليز مانستون لسببين : أولا لأحساسك بالشفقة وثانيا لأنه ساعدك على الخلاص من تعاستك بعد أنتهاء علاقتك بستيوارت".
" كلا , كلا ليس هذا صحيحا".
" أو على الأقل أليس منافيا لصحة ما حدث".
وفجأة أنتابها أحساس يوجوب مغادرة مكانها , ودون أن تشعر بنفسها أندفعت عبر الغرفة الى النافذة , كانت السماء ذات لون فضي غامق يشير الى ليلة صيف صاحية ولاحظت وجود بعوضة تحاول الأنطلاق بعيدا عن الغرفة وبدت كأنها ترمز الى وجودها ويأسها في مكان لا ترغب البقاء فيه , قالت بصوت خفيض:
" كيف تستطيع أقتراح ما قلته بأعصاب باردة ؟ وذلك لخوفك من إتمام زواج لا توافق عليك".
" أن أستخدامك تهمة القسوة أمر غريب من قبلك , وكلمة ( الحب ) تبدو فارغة أذا أستخدمتها , أخبريني ما هو معنى الحب الذي تتلفظين به وتقدرينه الى هذا الحد؟".
" لن تصغي الي أذا ما أخبرتك , وإذا أصغيت فلن تفهم بالتأكيد ".
" كم هو صحيح ما تقولينه".
وخطا بهدوء ليقف وراءها فأرتجفت لأحساسها بوجوده قريبا الى ذلك الحد:
" أنت تشبهين غالبية بنات جنسك الرافضات مواجهة الواقع وخاصة مواجهة ما يسمى ( الحب ) أنك تتحدثين عن الثقة والفهم والمشاركة بينما تعنين , طوال الوقت , حب الذات , تنشد النساء الحب ثم يبكين أذا ما لحقهن الأذى بسببه , لأن ما يرغبن فيه فعلا هو الأستحواذ على الرجل بينما يخدعن أنفسهن بتوهم العطاء".
" أنك لا أنساني".
" كلا , كلا ما أقوم به هو مواجهة الحقائق ولا أدع العاطفة تعميني عن حقيقة الناس".
وأمسك بكتفيها ثم لمس شعرها بهدوء :
" هذا هو الوهم الكبير الخادع للنساء أيتها المدعية الصغيرة , أنهن يتخيلن العيون المسدلة والوعود الكاذبة بالوفاء الأبدي , ثم لا يعترفن ؟ لم لا يعترفن بأن ما يرغبن فيه هو التملك؟".
وشد من قبضته على كتفيها ثم همس في أذنها:
" هذا هو ملخّص الحكاية , الرغبة والأخذ ولكن في الوقت نفسه , التظاهر بأنه عطاء".
نجحت في التحرر من سيطرته وقالت:
" إنني أحتقرك , إنك قاس , إنك......".
" عليك إذن الشعور بالأمتنان لأنك لن تتزوجيني".
" لن أتزوجك أبدا , كما لن تنجح في أجباري على الزواج من أي شخص آخر".
" كلا , لن أستطيع أجبارك".
ودفعها شيء ما في صوته للأستدارة ومواجهته:
" كلا , إنه مناف للعقل".
" لدي سببان وجيهان لقبولك ما أريد".
" سببان ؟ لا أعرف ما الذي تتحدث عنه , أو كلا".
وطغى عليها الخوف الى حد أنها شكت بسلامة عقلها.
" أتعني , أنني أذا ما قبلت الخضوع لمخططك , أذا ما وافقت على تنفيذ فكرتك..... الفكرة المستحيلة....... إذا ما وافقتك فستوقع العقد؟".
" شيء من هذا القبيل , هذا إذا ما وافق ستيوارت بالطبع".
" أنك وحش وتحاول إبتزازي".
" أنه أبتزاز أخلاقي يا عزيزتي جيردا , محاولة لأنقاذ شخص عزيز كما أعتقد".
" أنها محاولة لا أخلاقية".
هز كتفيه دون أن يبدو عليه التأثر لأتهامها:
" أعتقد بأنك مدينة لستيوارت".
هزت رأسها محاولة طرد الكابوس المحيط بحياتها , وخلال الضباب نظرت الى وجهه القاسي وقالت:
" أعتقد بأنك تعني ما تقول فعلا".
" أنني لا ألفظ عادة أشياء لا أعنيها , وأعتقد أنك تعرفينني جيدا من هذه الناحية".
" لا أعتقد بأنني سأكون قادرة على فهمك أو معرفة سبب كراهيتك , أنك لا تفعل هذا من أجل ستيوارت , كل ما تحاوله هو أرضاء جوع غريب في ذاخلك , ولكن لماذا؟".
" لا تكوني عاطفية , الخيار متروك لك , فكري بالأمر , ولكت تذكري بأنني قد أكون قادرا على الأنتظار ولكنني لا أزن جينغرفولدز قادرة على ذلك".
ووقف وأشعرها طوله بالخوف من قوته , وحدقت في وجهه بصمت وحاولت التحرك من مكانها , وبدا لها أن المسافة بينها وبين الباب طويلة , ولم تلحظ أقترابه منها ومساعدته أياها على السير والخروج من الباب , وإذ أجتازته بقيت كلماته الأخيرة ترن في رأسها مرات ومرات , وتذكرت شيئا غفلت عنه في البداية فتوقفت في مكانها وقالت:
" قلت بأن لديك سببين , ما هو السبب الآخر؟".
أبتسم وتراجع بخفة الى الوراء قائلا:
" ذلك شيء سألجأ الى أستخدامه فيما بعد".


أمل بيضون 20-07-11 10:02 PM

4- حافة الهاوية


حين عادت جيردا الى الشقة بعد الساعة العاشرة من صبيحة يوم الأثنين , كان هواء الشقة خانقا, فوضعت حقيبتها جانبا ووقفت في منتصف الغرفة متسائلة عن خطوتها التالية , عليها أولا الأتصال بالسيدة ساندرز أو المستشفى لتعرف آخر الأخبار عن هوارد , ثم عليها بعد ذلك التوجه الى المكتب مباشرة.
آه , ما الذي عليها عمله؟
وتحوّل كل شيء , في صمت الشقة الى حقيقة مخيفة.
ورنت في ذهنها من جديد أقتراحات جوردان , رغم نجاحها في الهرب منها طوال رحلة العودة , كلا , لم يكن جديا أذ ليس في أستطاعتها الأرتباط بستيوارت , لأنه زواج محكوم عليه بالفشل مسبقا.
ومن الغريب أن جوردان لم يشر أطلاقا الى الموضوع طول طريق العودة , بل أنه , في الحقيقة لم يتحدث معها إلا بما هو ضروري , كما حاول قدر أمكانه تجنب أثارة ما حدث بينهما في الليلة الماضية , وبدا وكأنه ألغى الفكرة , إلا أنها كانت تعرف جيدا بأنه كان في أنتظار جوابها , أذا أتم خطوته الأولى وهو على أستعداد لأتخاذ الخطوة التالية....
وحين وصلا البناية , لم يتحرك من مقعده في السيارة معتذرا لحاجته الى الأنصراف بسرعة أذ عليه الوفاء بموعد في المدينة , وأكتفى بمناولتها حقيبتها وأبتسم في وجهها أبتسامة عبرت عن كل ما أراد قوله ثم قال بصوت مرتفع:
" أرجو أن نلتقي قريبا".
ماذا عليها فعله؟
وتمنت لو أن هوارد أستعاد صحته بأعجوبة وعاد الى تحمل مسؤولياته في الشركة والأهتمام بالعقد , إلا أن أمنيتها تلاشت عند نهاية يوم الأثنين التعس.
كانت صحة هوارد كالسابق تدعو الى القلق , ولم ينصح أحد بالسماح له بمغادرة المستشفى فورا , كما حذّرها الطبيب بأنه سيكون في حاجة الى فترة نقاهة طويلة بعد أن يسمح له بمغادرة فراش المرض.
" لا أظن بأنه سيكون قادرا على العودة الى المكتب قبل مرور شهرين".
قال ميرك متناولا كأس شايه ظهيرة يوم الأثنين وأضاف :
" أتمنى لو كان معنا اليوم".
وألتقط ميكروفون جهاز التسجيل الصغير وحاول أملاء شيء , ثم غيّر رأيه , ووضعه جانبا , مخاطبا جيردا:
" أن مشكلة هوارد الأساسية هي أنه أحتفظ بالكثير من المعلومات في رأسه".
تنهدت جيردا قبل أن تقول:
" أعتاد القول بأنه لم يكن بحاجة لأي شيء مكتوب بأستثناء الأرقام والتواقيع , وأن مصافحة اليد أفضل من أي شيء آخر".
" إنه لمن الرائع التظاهر بالكمال ولكن كيف نستطيع معرفة ما كان يدور في ذهنه ؟ ها هي أوراق منتصف العام الحالي وتقارير السوق المالية ناقصة .... ما الذي أراد عمله بصددها ؟ أن الأمر سيختلف أذا حصلنا على فان لورن".
بقيت جيردا صامتة , فأسترخى ميرك في مقعده وتمطى:
" بالتأكيد تنتهي متاعبنا عند توقيع العقد , لكنني سأكون ممتنا تماما أذا ما رأيت هوارد يدخل المكتب الآن ".
ألن يكونوا ممتنين جميعا ؟ تساءلت جيردا بتعاسة , وتبادر الى ذهنها شيء قاله والدها منذ فترة طويلة , كان من الخطر لأي شركة منح رجل واحد كافة الصلاحيات , وكان ذلك أساس المتاعب في جيرنغفولدز حيث كان هوارد هو جيرنغفولدز , كان رمز الثقة وكان مشهورا بأتخاذه الموقف الصحيح في الوقت الملائم ولولا مرضه وأندماج فان لورن بونتفوردز , لجرى كل شيء على ما يرام.
وتذكرت كيف نظر اليها , تلك الأمسية , حين زارته بتفاؤل آلمها وجعلها تنسى ما وعدته من تبريرات لرفض المضي في الأهتمام بالعقد , لم تستطع أخباره أنها أمضت نهاية الأسبوع في منزل جوردان وأنها ناقشت العقد معه , كما لم تستطع حتى أخباره أنها ألتقت بجوردان .
قبّلته وهزت رأسها بأسف :
" آسفة , أملت أن أبلغك بعض الأخبار اليوم , ولكن لا شيء جديدا".
وبذل هوارد جهدا كبيرا ليخفي خيبة أمله بمس يدها وقال :
" لا داعي للقلق يا عزيزتي , أعلم بأنك تحاولين جهدك وأعتقد بأنك رائعة , لذلك حاولي ألا تيأسي ".
وأبتسم مضيفا :
" لأنني لا أشعر باليأس ".
لكنها كانت تعلم , رغم تظاهره بأرتفاع المعنويات , مدى خيبته وأحست بثقل في قلبها خاصة بعد أن تركته عائدة الى شقتهاووحدتها .
وأذ دخلت فراشها , متعبة الى حد لا يصدق ولكن مدركة في الوقت نفسه صعوبة الأخلاد الى النوم , أحست بأنها على حافة هاوية .
لماذا يجب أن تكون حياة ومصائر العديد من الناس تحت رحمة جوردان بلاك ؟ لماذا أختار رمي حجر كبير في بحيرة حياتهم ووقف جانبا ليراقب ما سيحدث من أضطراب على سطح الماء , أضطراب في حياتها وحياة هوارد وحياة كل العاملين في الشركة ؟ ولماذا أختارها هي بالذات لتكون مركز الثقل ؟
حدقت في الظلمة ولم تجد جوابا غير كآبة قلبها , لو كانت هناك فائدة في تكرارها لنفسها مدى كراهيتها لجوردان بلاك ! الكراهية , كراهيته لها...... وكراهيتها له ...... الكراهية تحيط بها في ظلمة الليل , ودفنت وجهها في الوسادة ثم تصلّبت فجأة أذ سمعت رنين الهاتف في الصالة.

anvas 21-07-11 10:18 AM

تسلمين يالغلآ اموول
وجااري قرائتها والتعليق عليها بإذن الله
،،
مشكووووره كثير
ومنحرمش منك غلاي^^
عــوأآفي
،،


anvas 21-07-11 01:20 PM

يآربي رن الهآتف,,.!!
ليكون هذا جوردآن..><
لاني بالفعل كرهته ..اونه تزوجي ستيورآت!!
صدق معنده سآالفه،،ولا جيردآ
بس متصفعه><
بسس ابى اعرف سأآكته على ايش><
لمصلحتها والافضل لها انه يكون سبب محترم
آأهأآ تراني نآويه عليها بنيه><
،،
خخخخخخخخخ
بس افض افض من حرتي عليهم

،،
عووافي ياالغلآ
وباإنتظآرك^^

anvas 21-07-11 01:25 PM

يآربي رن الهآتف,,.!!
ليكون هذا جوردآن..><
لاني بالفعل كرهته ..اونه تزوجي ستيورآت!!
صدق معنده سآالفه،،ولا جيردآ
بس متصفعه><
بسس ابى اعرف سأآكته على ايش><
لمصلحتها والافضل لها انه يكون سبب محترم
آأهأآ تراني نآويه عليها بنيه><
،،
خخخخخخخخخ
بس افض افض من حرتي عليهم

،،
عووافي ياالغلآ
وباإنتظآرك^^


الساعة الآن 09:07 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.