آخر 10 مشاركات
همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          وآخرون يعشقون *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : انسام ليبيا - )           »          43 - الحاجز - نبيل فاروق (الكاتـب : MooNy87 - )           »          5 - هي في حياتي - شريف شوقي (الكاتـب : حنا - )           »          تحميل رواية عندما يعشق الرعد"رحم للإيجار"للكاتبة ريحانة الجنة\عامية مصرية*وورد وتيكست (الكاتـب : Just Faith - )           »          57 - جدار الماضى - شريف شوقى (الكاتـب : MooNy87 - )           »          الوصية ـ ربيكا ونترز ـ 452 ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          روايه بين مد وجزر بقلم ... إيمان مارش (الكاتـب : الاسود المغرمه - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-02-12, 12:53 AM   #11

روايات عبير
 
الصورة الرمزية روايات عبير

? العضوٌ??? » 62690
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 465
?  نُقآطِيْ » روايات عبير is on a distinguished road
افتراضي


((الفصل الرابع))
وعندما رحلوا اقترحت آنجيل على لورا بألا يحضروا الغداء فهي ليست جائعة وسكوت قد أفطر متأخراً معها كما أن سالي لن تعارض إذا أكلت سندويشاً فقط .. قالت لورا:
{إذاً سنحضر غداءً خفيفاً سندويشاً وسلطة فقط}
قالت آنجيل:
{ بما أن الغداء بسيط فسأحضره أنا}
{سأساعدك على ذلك}
دخلتا المطبخ ولورا تقول لآنجيل:
{أتعلمين , نحن لم نعرف حتى الآن ماذا يعمل هذا الرجل}
{أتقصدين لورانس؟}
{نعم, كما أنه لم يفتح موضوع العودة إلى مكان إقامته}
{أتدرين؟؟ لم يخطر ببالي أبداً أن أسأله, لابد أن عمي سأله عن ذلك}
{عمك غير منزعج من إقامته معنا أبداً, إلا أننا لم نعرف عنه أي شي}
لم تعلق آنجيل على ما قالته لورا ولكن لم خطرت ببالها فكرة أن يكون الرجل متزوجاً.. لا لا يمكن ذلك فهي لم تشاهده يرتدي خاتماً بيده كما أنه لم يظهر عليه انه متزوج ولكن ما أدراها ربما كان منفصلً عن زوجته وليس بالضرورة أن يكون متزوجاً فمن المحتمل أن يكون لديه خطيبة أو حبيبة..
انزعجت آنجيل من تفكيرها بهذه الطريقة وهزت رأسها لتطرد هذه الأفكار, فهو سيقيم هنا ليوم أو يومين كحد أقصى فلماذا التساؤل عن حياته الشخصية؟؟؟
بعد أن انتهتا من تجهيز الغداء ونقله للخارج صعدت آنجيل لتنادي سكوت ونزلا معاً, سألت لورا عن سالي فأجابتها:
{إنها في الخارج مع صديقاته, في الأمس جاءت وهي منهكة, انهني بنين بيتاً صغيراً من الأحجار ليضعن فيه أرنب}
{سيموت الأرنب بلا شك وهو في ذلك البيت}
{المهم أنهن سعيدات بما يصنعن كما أنها تريحني من إزعاجها الدائم بانشغالها هذا}
قال سكوت بأنه سيذهب ليناديها
بعد ساعة كانت آنجيل قد انتهت من كل عملها وصعدت إلى غرفتها لتكمل القصة التي كانت تقرؤها, لم تنتبه كم مكثت تقراً ولكنها سمعت صوت سيارة عمها, ونهضت لتنظر من النافذة فرأتهم جميعاً ولورانس كان معهم.
استغربت من ذلك , فقد ظنت انه سيبيت هناك بعد أن يذهب للمستشفى طبعاً. لم تعرف لم هذا التوتر الذي انتابها عندما رأته, انزعجت من نفسها وأغلقت ستائر النافذة.

وقفت أمام المرآة تنظر إلى وجهها الذي لم تمسه أداة من أدوات التجميل منذ زمن,, لم تمضي دقائق حتى سمعت طرقاً خفيفاً على الباب.
فتحت باب الغرفة فوجدت لورانس , بدا مرتبكاً قليلاً وهو ينظر إليها.
بادرت آنجيل بالقول:
{الحمد لله على السلامة.. ماذا قالوا لك}
هز كتفيه قائلاً:
{شكراً لك على اهتمامك, عموماً لم يقولوا شيء , إصابات طفيفة في قدمي ويدي ونظفوا الجرح الذي في رأسي وليس هناك داعٍ للشاش}
مرت دقائق صمت قال بعدها:
{في الواقع جئت إلى هنا لأن الجميع ذهبوا ليرتاحوا وأنا لست معتاداً على قيلولة ما بعد الظهر}
ابتسمت آنجيل وردت:
{حقاً؟ أنا أيضاً لا أستطيع النوم , لقد كنت أقرأ قصة}
أخرج يديه من جيبيه وقال ملوحا:
{حسناً إذاً , سأعود إلى غرفتي}
فقالت له:
{وأنا سأعود لأقرأ قصتي}
استدار ليعود إلى غرفته ولكنه رجع قائلاً:
{أليس لديك قصة أخرى لأقراها؟؟}
{لا بأس , لدي كل شيء يجعلك تذهب من هنا}
رد مقطباً:
{لماذا تصرين على معاملتي هكذا؟؟؟ اشعر بأنك تكرهين وجودي هنا}
فكرت آنجيل بأنه ما كان يجب أن تكلمه هكذا فهو لم يفعل شيئاً!!!!
فقالت مترددة:
{ما رأيك بكوب من الشاي؟؟}
{أهذه طريقتك للاعتذار؟؟؟}
{إذا كنت لا تريد فأخبرني لن تكون هناك مشكلة}
{لا لم أقل ذلك ولكنك فظة قليلاً, ألا تلاحظين ذلك؟}
نظرت إلى نفسها وتفحصت يديها وأدارت رأسها تنظر خلفها وقالت:
{لا, لم ألاحظ ذلك,, لا وجود للفظاظة هنا أبداً}
وأدنت رأسها منه غامزة إياه:
{إلا إذا كانت الفظاظة صادرة منك}
ضحك لورانس على ما قالت وأدنا رأسه منها كما فعلت تماماً:
{أنا لا أتكلم مع ضيوفي هكذا يا مؤدبة}
{أنا لم أجربك بعد حتى أحكم عليك, ولكن أنت لا تتكلم مع الضيوف بل تفعل}
ارتفع صوت لورانس قليلا وهو يقول لها:
{هل سبق أن أتيتٍ إلى منزلي ورأيتني كيف أتعامل مع الناس؟؟ أتعلمين؟؟ أنني لا أعلم ما مشكلتك, ولا أريد أن أعلم ولكنني لم أفعل شيئاُ يستحق هذا العداء, كل ما أريده هو أن تكون علاقتي معكم علاقة جيدة, ودعينا منكل ما قلناه للتو ولنرجع إلى دعوتك لكوب الشاي}
خرجت من الغرفة وأغلقت الباب وهي تقول:
{إنك غريب حقاً}
رد عليها مبتسماً:
{هذا يعني أنك موافقة}
لم ترد عليه وتوجهت للأسفل وهو خلفها, دخلا إلى المطبخ وسكب لورانس كرسي من الكراسي الثلاثة حول الطاولة وجلس عليه فيما كانت آنجيل تعد الشاي.
ارتبكت وهي تضع الحليب والسكر على الصينية وهي تشعر بلورانس يراقبها بكل حركة تفعلها.
عندما انتهت وضعت الصينية على الطاولة وسحبت كرسياً جلست عليه,.
صبت للورانس فنجان شاي وقدمته مع صحن بسكويت:
{هل تريد أن أضيف لك قليلاً من الحليب؟}
{لا شكراً, أنا لا أحبذه مع الشاي, ملعقتان من السكر تكفيان}
وضع السكر في فنجانه وأخذ يشرب بصمت.
بعد قليل سألته آنجيل:
{أنت لم تخبرنا شيء عن حياتك}
{ولكنكم لم تسألوني, كما أن للشرقيين أي العرب عادة أن يبقى الضيف ثلاثة أيام ثم يسألونه ما الذي جاء به وأسئلة غيرها}
تساءلت آنجيل من أين له هذه المعلومة؟؟ هل يعقل أنه سافر إلى بلدان عربية؟؟
{حسناً, هنا في المزرعة مقياسنا ثلاث دقائق, وأنت تعديتها بكثير}
ضحك لورانس وقال:
{حسناً, اسأليني وأنا سأجيب}
{ما اسمك؟؟ عمرك؟؟ وعملك...,أشياء كهذه}
{أولا: اسمي لورانس مورفي, بلغت الثلاثين منذ شهرين , أعمل في شركة لاستيراد وتصدير الأثاث}
انتظرت آنجيل حتى يكمل كلامه ولكنه لم ينطق بشيء, فقررت أن لا تسأله أكثر كما أن الموضوع ليس مهماً إلى هذه الدرجة.
{وأنتٍ .. ألن تخبريني شيئاً؟؟}
تجهم وجهها , فها هو السؤال الذي كانت تخشى أن يسألها إياه.
قالت متفادية السؤال:
{أشعر بأنني في مقابلة عمل}
ضحك لورانس وقال:
{هيا تكلمي...}
قالت باختصار :
{عمري اثنان وعشرون عاماً واعمل مهندسة ديكور في شركة....}
دخلت لورا مقاطعة الحديث فلم تصدق آنجيل حظها..
قالت لورا:
{مرحباً, آنجيل سأضطر للذهاب الآن , فصديقتي مريضة ويجب أن أزورها}
قالت آنجيل وهي تنظر إلى ساعتها:
{لازال الوقت باكراً, لم لا تشربين فنجاناً من الشاي وبعدها تذهبين؟}
اعتذرت لورا من آنجيل وخرجت, وتمنت آنجيل ألا يعود لورانس ليكمل الحديث.
قال:
{عمك لطيف جداً, وأولاده أيضاً , أتعلمين؟ أنتٍ لا تشبهينهم أبداً}
تفاجأت آنجيل مما قاله لورانس فقالت:
{ في الواقع ريتشارد ليس عمي, ولكنني أعرفه منذ ست سنوات وله عندي مكانة كبيرة, لهذا أناديه عمي}
قال لورانس فجأة:
{نسيت أن أخبرك إنني باقً هنا لأسبوعين}
اختنقت آنجيل بقطعة البسكويت وأخذت تسعل بشدة فأحضر لها لورانس كوياً من الماء حتى هدأ سعالها.
أحست بالخجل الشديد. فقد انزعج لورانس من ردة فعلها,, قالت:
{عذراً, لم أقصد ذلك سيد مورفي}
قطب لورانس حاجبيه قليلاً:
{أشعر بأن وجودي هنا غير مرغوب فيه بالرغم من أن عمك سعيد وهو الذي أصر عليّ بأن أبقى كما أن سكوت وآيان قالا بأنه يسعدهما وجودي هنا ,,, فلم تفعلين أنت ذلك؟}
احمر وجهها من الخجل وأجابت:
{لا, لم أقصد ذلك سيد مورفي, كل ما في الأمر أنني تفاجأت قليلاً}
{ أرجو أن نرفع الكلفة بيننا , ولتناديني لورانس فقط}
وتابع قائلاً وقد ارتسمت ابتسامة على شفتيه:
{المكان هنا رائع, وشمس الصيف تعجبني كثيراُ, لذا قررت أخذ عطلة هنا, أنا أساساً في عطلة, ولكنني قررت قضائها هنا}
{معك حق, عطلة مع قليل من الهدوء وأراضٍ خضرا,, ماذا يتمنى المرء أكثر من ذلك؟}
{ربما امرأة جميلة}
كانت آنجيل تفكر بعطلتها التي لازالت بأولها فلم تنتبه إلى ما قال جيداً فسألته:
{ ماذا قلت؟؟}
ضحك لورانس مجيباً:
{لا شيء... لم أقل شيئاً}
تكلما بعد ذلك عن فصول السنة وما يحبانه وما يكرهانه فيها
كانت هناك بعض الأشياء المشتركة بينهما, ثم سألها لورانس وعن مديرها في الشركة عله يعرفه فأجابته بانزعاج:
{ إنه متغطرس جداً, دعاني مرة لتناول العشاء معه لكنني رفضت, ومنذ ذلك الحين وهو حاقد علي وينتقم مني بطريقة مستفزة}
سألها لورانس:
{وكيف ذلك؟}
{إن الشركة التي أعمل بها تأخذ المباني والفنادق حديثة البناء ويقوم فريق العمل بفرشها وتأثيثها... أنت تعلم كيف هو عمل مهندسي الديكور, ولكن ذلك الحقير يجعلني أعمل في شقق صغيرة ومرة قال لي بأن أستلم المطبخ فقط, تصور ذلك, لقد كرهته بشدة وتمنيت أن أدق عنقه}
ضحك لورانس بشدة على مدى كرهها لذلك المدير والذي تجلا بشكل واضح على وجهها.
دخل سكوت إلى المطبخ وسأل:
{لم كل هذا الضحك؟؟؟}
أجابه لورانس:
{لاشيء , ولكن هناك جريمة قتل ستحصل إذا استمرت آنجيل في العمل في تلك الشركة}
أخرج سكوت كوباً من الخزانة قائلاً:
{أتقصد مدير الشركة؟, لقد أخبرتني آنجيل عنه , وعلى فكرة آنجيل معها حق, فلقد تغيرت معاملته معها بعد أن رفضت دعوته للعشاء, إنها بعمر ابنته}
قال لورانس مستغرباً:
{أهو كبير في السن؟}
جلس سكوت على الكرسي وملأ فنجانه وهو يقول:
{ ليس ذلك فقط بل إنه بشع أيضاَ}
نظرت آنجيل لإلى الكوب الذي مع سكوت وقد رسم عليه قلوب وجزر ويده على شكل أرنب فقالت لسكوت:
{من سمح لك بأخذ كوبي؟}
فرد عليها:
{لا تكوني خفيفة العقل هكذا}
{اسمعوا من يتكلم عن خفة العقل,,, صدق أنني لم أعرفك}
ضحك لورانس على كلامهما وهما يتشاجران بشان الكون
دخل العم ريتشارد وقال بأنه سيذهب لسوق القرية وسيعود عند المساء وسأل لورانس إن أراد أن يذهب معه لكنه رفض قائلاً بأنه ليس بحاجة لشيء من هناك.
أحضر سكوت فنجاناً آخر صب فيه قليلاً من الشاي واعتذر من لورانس بأنه سيصعد ليوقظ آيان.
عاد المطبخ خالياً , فاقترح لورانس على آنجيل بأن يخرجا ليتمشيا فهو يود رؤية مكان وقوعه.
نظرت آنجيل إلى ساعتها فوجدت بأنه قد انقضت ساعتان على وجودهما معاً, استغربت كيف مضى الوقت بسرعة, واعترفت لنفسها بأن رفقة لورانس لطيفة فهو شخص لطيف ومثقف.
بعد أن رتبت المطبخ وغسلت الأكواب قال:
{هيا فلقد أصبحنا جاهزين للنزهة القصيرة}
قال معلقاً:
{قصيرة؟؟ ... إلى أي حد؟؟؟}
هزت كتفيها مجيبة:
{لا أعلم ستقرر عندما نتمشى}

مشت أمامه إلى أن أصبحا خارج المنزل فسار إلى جانبها وهو يسألها:
{حدثيني عنك أكثر فأنا لم أسمع منك سوى قصتك مع مدير شركتك}
تجهم وجهها وهي ترد عليه:
{ليس هناك شيء تود معرفته}
ولكنه كان عنيداً وقال بإصرار:
{ولكنني فضولي , لقد تحدثت لك عن نفسي}
توقفت آنجيل عن المشي والتفتت إليه قائلة:
{اسمع سيد مورفي...}
قاطعها:
{لورانس}
{سيد مورفي}
{لورانس}
فقالت بنفاذ صبر:
{حسناً... لورانس}
فقال مبتسماً:
{ الآن بدأنا نتمشى}
{اسمع, تستطيع أن تضحك على غيري ببضع كلمات عن عملك وعن نفسك هذا إذا اعتبرتها بضع كلمات}
{وهل تريدين مني أن أتحدث لك بالتفصيل الممل}
{أنا لست فضولية مثلك, ولا أحب التدخل في خصوصيات الآخرين}
{إذا كان التحدث باختصار لا يعجبك, وبالتفصيل لا تردين,, فماذا أفعل إذاً؟؟}
{ببساطة... لاشيء}
سار لورانس إلى أن أصبح بجانبها وبقيا صامتين حتى وصلا إلى جانب حقلها وأشارت بإصبعها حيث وقع منذ يومين وقالت:
{هذا هو المكان حيث وقعت, وأنا كنت أعمل هنا}
نظر لورانس إلى الحقل الصغير الذي كان مليئاً بالزهور الملونة قائلاً
{إذاً أنتِ لا تمشين فقط بل وتزرعين أيضاً.. شيء رائع}
نظرت آنجيل وهي مسرورة بالحقل الذي تفتحت أزهاره أكثر من السابق وقالت:
{ليست زراعة بمعنى الكلمة, فأنا لا أستطيع الانتظار الحبوب حتى تصبح بهذا الشكل, لقد أحضرتها كشتلات وغرستها}
نظر لورانس إلى المنزل الذي أصبح بربع حجمه وقال:
{المسافة بعيدة حتى المنزل , أتأتين إلى هنا يومياً؟}
{نعم, فكما رأيت عند العصر لا يبقى أحد في المنزل, فآتي إلى هنا لأتسلى}
{ألا يوجد لديكِ أصدقاء هنا؟}
بالطبع لدي, ولكنني أحببت أن أكون وحدي في هذه العطلة}
مشى لورانس خطوتين ثم جلس على صخرة كبيرة قائلاً:
{أليس لديك صديق تخرجين معه؟ظ}
ضحكت آنجيل وقالت:
{بلى يوجد كثيرون, أكثر مما تتصور}
{وهل أنا بينهم أم سأصبح بينهم إذا دعوتك للعشاء}
{لن تكون بينهم سواء بعشاء أم لا}
وقف ونفض بنطاله قائلاً:
{هل أفهم من هذا الجواب أن هناك....}
قاطعته قائلة:
{لا ليس هناك}
غيرت الموضوع قبل أن يسأل أحد أسئلته العجيبة:
{ما رأيك أن نعود للمنزل ونأخذ حصانين نتجول بهما في المنطقة}
اقترب لورانس منها قائلاً:
{ أتعلمين؟ أنت فتاة مزاجية جداً, وجميلة جداً}
نظرت إليه بطرف عينها:
{هل بدأنا}
قال باستغفال وكأنه لم يعرف ماذا تعني:
{بدأنا بما؟؟؟}
مرت بجانبه وهي تقول:
{أكره أسلوب الغباء هذا}
{لكنني لم أقل شيئاً, كل ما قلته أنك جميلة جداً ومعي حق}
{هل تحاول مغازلتي؟؟}
{ألم يظهر علي ذلك؟}
ما رأيك أن تتوقف عن هذه السخافات؟}
{إذاً فلنذهب, لقد أحببت أحصنة عمك كثيراً}
طريقته في تغيير الموضوع مضحكة ولكنها كتمت ضحكتها قائلة:
{أجل إنها جيدة, أنا أهوى ركوب الخيل لكن أرجو ألا تكون هذه أول مرة تركب بها حصاناً؟}
لم يرد لورانس على تعليقها اللاذع واكتفى بابتسامة.
حسناً إذا كان يحب أن يعلق عليه أحد فلا مشكلة سيتلقى كثير من التعليقات فهو لم ير شيئاً بعد, ولكن لم كل هذا الاهتمام به المهم الآن أن يفك تلك الغرز التي في رأسه ثم يرحل سواء شاء ذلك أم لا.
يا إلهي آنجيل لم التفكير في رحيله ولم العداء والكره له فهو لم يفعل شيئاً, ولكنها تريد أن تقضي عطلتها وهي مرتاحة البال دون وجود أحد يزعجها, قالت لنفسها مع ذلك سأقضي عطلتي مرتاحة حتى ولو كان هذا الرجل موجوداً.
قالت له:
{ما رأيك أن نتسابق للوصول إلى المنزل؟}
ظهرت على وجهه ابتسامة عريضة وهو يقول:
{طبعاً}
يا إلهي كم كانت ابتسامته رائعة, أخذت آنجيل تسترق النظر إليه بينما وقف هو متأهباً وقال:
{هل ستبقين واقفة تسترقين النظر إلي؟}
قالت له بعصبية:
{لم أكن أسترق النظر}
وقفت بجانبه وما إن عد للثلاثة حتى انطلقا مسرعين , تعداها عدة مرات ولكنها كان تتعداه بسرعة حتى وصلت إلى المنزل قبله, وعندما وصل قال لها لاهثاُ:
{إنك سريعة, سأعتبر هذا ديناً سأوفيه في سباق الخيل}
قالت له آنجيل:
{تمالك نفسك يا رجل, فأنا أيضاً ماهرة بسباق الخيل, ما رأيك أن ندخل لنرتاح ثم نفكر في سباقنا الآخر؟؟}
دخلا إلى المنزل وتوجه لورانس إلى الأريكة وجلس عليها وهو لازال يلتقط أنفاسه:
أحضرت آنجيل كأساً من الماء للورانس أعطته إياه ثم جلست بجانبه فقال لها:
{كنت أستطيع أن أصل قبلك لكنني أشفقت عليكِ}
أرجعت رأسها إلى الوراء وأغمضت عينيها , أحست بنظراته تراقبها, فتحت عينيها لتلتقي بعينيه , كم تكره هذا الموقف, وعلى قدر كرهها له بتكرر معها دائماً.
بقي لورانس ينظر إليها حتى أحست بنبضات قلبها تتسارع أكثر فأكثر, وعندما أحست بان نظرته قد طالت أكثر من اللازم وقفت بحدة قائلة له:
{هل تود الذهاب الآن أم.....}
فقاطعها:
{سنذهب الآن, فلا داعي للتأخير}
خرجت آنجيل بسرعة ولورانس يتبعها وقلبها لازال ينبض بسرعة, وعندما وصلا إلى الاصطبل خلف المنزل قال:
{هل أختار حصاني؟}
تقدمت آنجيل من الفرس البيضاء وقالت:
{من يسمعك يظن بأن أمامك مئة حصان لا تعلم أي واحد منها تختار}
توجه نحو فرس بنية ووضع يده على جبينها:
{لا , لا أقصد ذلك, إنني أردي حصاناً مطيعاً كما أن ستة تكفي لكي أسأل أي واحد منها سأمتطيه}
{وهل سألت عندما قفزت بمظلتك كرياضي بارع؟}
قال وهو يمسح على جبهة الفرس مداعباً إياها:
{هل تسخرين مني؟ سأريك كف سأتعداكِ بمائة متر ولكن حددي وجهتنا ولا داعي لتقول لي عن الحصان الذي سأمتطيه فقد أعجبني هذا الحصان}
تمتمت آنجيل بصوت منخفض والابتسامة تداعب شفتيها:
{إذاَ فلتأخذ من هذه الفرس دروساً لن تنساها ما حييت}
قال لورانس وهو يحاول شد الفرس لتخرج:
{ماذا قلتِ؟}
{قلت فليراعك الله}
همت آنجيل بالخروج وهي ممسكة برسن فرسها فاستوقفها لورانس وهو لازال يحاول أن يخرج الفرس.
{آنجيل انتظري, إن هذا الحصان يأبي الخروج}
اقتربت آنجيل من أذن لورانس قائلة:
{على فكرة هذه فرس وليس حصان}
حاول لورانس أن يعدل غلطته فقال:
{أعلم ذلك}
نظرت آنجيل إليه ببرود وقالت:
{غبي}
مدت غليه حبل فرسها قائلة:
{خذ أخرجها وأنا سأخرج فرسك}
{ولم كل ذلك سأخرجها أنا ولكن قولي لي كيف}
{إنها ليست معتادة عليك}
هز كتفيه وخرج وهو يسحب فرس آنجيل ورائه
استغربت آنجيل , لورانس حقاً غبي, إذا أبت الفرس أن تخرج معه فكيف سيركب عليها؟؟
خرجت بالفرس التي سيمتطيها لورانس:
{حسناً سأمسك أنا بها وستركب أنت على ظهرها ولكن بهدوء, سمعتني لورانس, بهدووووء}
وبالفعل ركب لورانس عليها وأمسك بالحبل ثم سال عن مكان وجهتهما, أشارت آنجيل إلى تل بالرغم من أنها كانت بعيدة قليلاً إلا أن لورانس لم يعارض أبداَ:
{يبدو الطريق سهلاً, ومع هذه الفرس سأهزمك وسأخبر الجميع بذلك}
ابتسمت آنجيل بثقة ثم عدت للثلاثة وانطلقا, بقيا طوال الطريق بجانب بعضهما وعندما اقتربا من التل التي أشارت آنجيل إليها كان لورانس قد تعداها, أوقف فرسه هناك وقال:
{بقي طريق العودة}
فقالت له آنجيل:
{لم تكن هذه سوى تحمية}
انطلقا مرة أخرى ولكن آنجيل في هذه المرة كانت قد تعدته بكثير ولما انتبهت إلى أن صوت الفرس قد أصبح خفيفاً وبعيداً أحست بالرعب الشديد , فهي تعلم كيف هي أطباع تلك الفرس وسيجن جنونها بعد دقائق من ركوبها إذا كانت غير معتادة على راكبها. عادت آنجيل إلى حيث كانت الفرس واقفة ولكن لورانس لم يكن عليها. لقد حصل ما كانت تخشاه.


روايات عبير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-12, 01:08 AM   #12

روايات عبير
 
الصورة الرمزية روايات عبير

? العضوٌ??? » 62690
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 465
?  نُقآطِيْ » روايات عبير is on a distinguished road
افتراضي

((الفصل الخامس))
خفق قلبها بشدة حتى أحست انه سيصبح بين يديها وعندما اقتربت أكثر لمحت لورانس بجانب الفرس وهو ملقاً على الأرض, نزلت من فوق فرسها بسرعة واتجهت لترى ما به ولكنه كان غائباً عن الوعي, وضعت يديها تحت رأسه كي ترفعه إلا أنها أحست بشيء أخر قد لمس يدها غير شعره, ازداد رعبها أكثر فأكثر وهي تظن بأنها ستصبح بجانبه بعد قليل , سحبت يدها من تحت رأسه فوجدت الدماء قد غطتها. انهمرت دموعها دون وعي منها وهي تلوم نفسها لأنها لم تقل له بأن هذه الفرس قد تكون خطيرة عليه والىن ماذا ستفعل؟؟ هل تعود على المنزل لتحضر أحداً يساعدها في هذه المصيبة ؟؟ ولكن عمها ليس بالمنزل ومن المحتمل أن يكون آيان وسكوت قد خرجا أيضاً.قررت أن تقوم هي بنقله إلى هناك .نادته ونادته ولكنه لم يرد عليها فتذكرت زجاجة الماء الموجودة في سرج فرسها. أحضرتها وهي تشعر بأن قدميها لن تساعداها على الوصول
وضعت القليل من الماء على يدها و رشت به وجهه فعلت ذلك عدة مرات حتى فتح عينيه , تنفست الصعداء ومسحت دموعها بيدها وقالت بصوت بالكاد مسموع:
{أرجوك لورانس رد علي, لم أكن اقصد ذلك صدقني, أرجوك هلا وقفت؟ اسمع سأقوم أنا بإسنادك حتى تصل إلى الفرس ويعدها سنتوجه إلى المنزل ما رأيك؟}
قالت آنجيل ذلك وهي لا تزال ترتجف فمد يده ممسكاً بيدها ليحاول الوقوف فساعدته على ذلك. وقف مستنداً عليها حتى أوصلته إلى الفرس التي كانت تركب عليها. لم تعرف كيف رفع لورانس نفسه ليركب على الفرس ولكن هذا لا يهم الآن المهم أنه ركب وانتهت المشكلة الأولى, ركبت هي على الفرس الأخرى وهي ممسكة بالحبلين معاً.
استمرت تنظر إليه طوال الطريق إلى المنزل وهو صامت لا يبدي حراكاً, وعندما كان يغمض عينيه طويلاً كان قلبها يثب من مكانه.
توقفت أمام المنزل وهي لا تزال تلعن تلك الساعة التي لم تقل له فيها عن طباع تلك الفرس اللعينة وقد أحست أن تلك الدقائق التي أمضتها على الفرس لتصل هي ولورانس إلى المنزل قد كانت ساعات, وساعات طويلة أيضاَ.
حمدت الله أن آيان كان واقفاً أمام باب المنزل وما إن لمحها هي ولورانس بتلك الحالة حتى ركض متجهاً نحوهما, فكرت أن تقول له قبل أن يسألها:
{لقد سقط...}
فقاطعها وهو يساعد لورانس على النزول من على ظهر الفرس:
{ستشرحين لي لاحقاً, اذهبي واتصلي بالدكتور هامستون بسرعة..}
لم تمض ربع ساعة حتى كان لورانس على الأريكة مغمياً عليه وقطعة القماش تحت رأسه, عاينه الدكتور هامستون وقال:
{لقد كان الجرح قد بدأ يلتئم ولكن الضربة التي تلقاها عند سقوطه قد فتحت الجرح مرة أخرى, أما الجرح الآخر فهو طفيف جداً, ستحل مشكلته بلصق الجروح, ولكنني سأضطر إلى قص بعضاً من شعره تحسباً حتى لا يدخل مكان الجرح}
سألت آنجيل:
{هل سيبقى غائباً عن الوعي مدة طويلة؟؟؟}
فقال الدكتور مطمئناً آنجيل وآيان:
{ساعة على الأقل, ولكن لا تقلقوا ستتحسن حالته حالما يستيقظ}
أعطا الدكتور هامستون آيان حبتين كالتي أعطاه إياه في المرة الأولى لكي يأخذ منها لورانس إذا عانى من الصداع.
خرج الدكتور هامستون من الغرفة وتبعه آيان وبقيت وحدها مع لورانس, والآن .. ماذا ستقول لآيان إذا سألها؟؟ وعمها لابد أنه سيغضب منها إذا علم بما حصل, نظرت إلى لورانس, لابد أن نهاية هذا الرجل مكتوبة على يدها, الحمدلله أن الوضع قد وقف عند هذا الحد.
عاد آيان إلى الغرفة ونظر إليها طويلاً كأنه قد فهم القصة كلها ثم قال لها:
{أشك بأن لك يد في هذا, ولكن لننتظر ريثما يصحو لورانس, ولذلك الأفضل أن تصعدي إلى غرفتك}
لم تستطع آنجيل الرد عليه, فهي تعلم أنه محق, نظرت إلى لورانس نظرة أخيرة ثم صعدت إلى غرفتها وأخذت منها ملابسها ومنشفتها واتجهت مباشرة إلى الحمام لتستحم, بعد أن انتهت عادت إلى غرفتها, وقفت أمام المرآة تمشط شعرها وتذكرت شعر لورانس الذي قصه الدكتور.
أطالت النظر إلى المرآة حتى عادت بها ذاكرتها إلى من كانت تحمل نفس ملامحها, شعرها الأسود الطويل, عينيها السوداوين, هل كان من الضروري أن تكون لها نفس الملامح؟؟؟
ولم هذا التفكير الآن آنجيل؟؟ لقد ولت تلك الأيام ولن تعود أبداً.. لن تعود!!
أخذت تمشط شعرها بقوة, وهي تحاول أن تتخلص من تلك الصورة التي بدأت تتسلل ؟إلى عقلها لتزعجها من جديد.
قررت بأن تذهب للورانس وتعتذر منه لما حصل, ولكن كيف؟ وقد تسببت له بجرح آخر في رأسه, ثم أخذت تحدث نفسها بأنه لم يكن ها ذنب بما حصل فالحادث كان قضاءً وقدرا حتى لو لم يكن راكباً تلك الفرس, فهو غبي لم يسبق له رؤية حصان وربما لذلك لم يفرق بين الفرس والحصان, فكرت آنجيل بأن هذه ما هي إلا طريقة غبية لتبرئة ذمتها, ولكن مهما يكن فسوف تنزل إليه في الحال وتعتذر منه وانتهت القصة.
لكن المشكلة الآن ليست لورانس بل عمها.
خرجت ونزلت لترى لورانس, ولكن عندما نزلت وجدت الجميع جالسين بمن فيهم عمها ولورا الذين عادا منذ قليل, ولكن لورانس لم يكن بينهم, حيتهم قائلة:
{مساء الخير, هل استيقظ لورانس؟؟}
أجابها آيان:
{أجل وقد صعد إلى غرفته ليرتاح قليلاً}
سألها عمها بعد أن جلست:
{ماذا حصل؟؟}
فكرت بالطريقة التي ستصوغ فيها ذنبها فقالت باختصار:
{لقد وقع من على ظهر الفرس عندما كنا نتسابق.... أقصد نتمشى}
فقال آيان:
{وعندما اختار لورانس الفرس لم تقولي له ما طبعها}
إذاً لقد قال له لورانس كل شيء.. لماذا يسألها إذاً
كانت تلك أول مرة ترى فيها آيان غاضباً منها هكذا.
أحس عمها بندمها فقال لها:
{يجب أن تعتذري من الرجل, ولا أقصد بذلك أن تقولي آسفة فقط, بل يجب أن تعتذري منه بشكل لائق, فقد لاحظت تصرفك معه ولكن عليكٍِ أن تتذكري أنه ضيف عندنا وليست هذه هي الطريقة التي نتعامل بها مع ضيوفنا...}
ثم أكمل مخاطباً الجميع:
{اسمعوني جيداً.. فأنا لا أردي أن أكرر كلامي, لا داعي لهذه الحركات الصبيانية, ولا أريد أن يذهب لورانس من هنا وهو يذمنا على طريقة تعاملنا معه}
ثم وقف طالباً من لورا تحضير العشاء.
لحقت آنجيل بلورا كي تساعدها ولتهرب من نظرات عمها وآيان وسكوت, وعندما دخلت إلى المطبخ انفجرت بوجه لورا وقد أصبح كلامها أشبه بالصراخ:
{ لم يكن الذنب ذنبي بالكامل, إنه جاهل في ركوب الخيل, نعم لقد أخطأت عندما لم أخبره عن تلك الفرس اللعينة, ولكنه لو لم يكن خائفاً ومتوتراً لما أوقعته من على ظهرها, وقد كنت سأعتذر منه على أي حال}
قالت لها لورا وهي تحاول تهدئتها:
{هذا ليس عذراً آنجيل, فالفرس سيجن جنونها سواء أكان متوتراً أم لا, وأنت تعلمين هذا جيداً؟ كما أن الرجل ليس جاهلاً كما تقولين حتى لو حاول أن يظهر أمامك بمظهر الغبي, لقد رأيته في الصباح وهو يمتطي الخيل وقد كان يتعامل معها ببراعة}
لم تعلق آنجيل على ما قالته لورا , أساساً لم يفعل لورانس هذا مادام على معرفة بالخيل؟؟ إنه غريب حقاً, ولكن مهما فعل فلن تتغير نظرة آنجيل إليه, إنه أرعن وغبي وأبله مع أن الجميع لديه عكس هذه الفكرة.
حسناً ستعتذر منه ولكن من باب اللباقة فقط!!
خرجت من المطبخ وقررت أن تصعد منه وهو في غرفته فذلك أفضل من أن تعتذر منه على طاولة العشاء أمام الجميع.

صعدت إلى غرفته وهي تتخيل كيف ستكون ردة فعلها إذا رفض اعتذارها, مدت يدها كي تطرق الباب ولكنها كانت مترددة, وأخيراً طرقته طرقة خفيفة تكاد لا تسمع ولكن لورانس سمعها وفتح الباب دون أن يكون على وجهه أي ردة فعل, قال قبل أن تنطق آنجيل باعتذارها:
{ماذا تريدين؟؟ هل هناك شي آخر تريدين فعله بي؟؟}
خير لها ألا ترد هذه المرة ستكتفي بما حضرته فقط.
{اسمع أنا متأسفة جداً مما حصل, لم يكن ذلك قصدي, ولم أكن أعلم بأن هذا سيحصل}
قال وايتسامة تعلو وجهه:
{ظننت أنك أكبر من أن تعتذري إلى شخص أحمق مثلي, ولكن عذراً منك آنجيل, ألم تكوني على علم بم تتميز به تلك الفرس؟؟؟ فإذاً أنت على علم بأنني سأقع}
قالت وهي تحاول ألا تنظر إلى وجهه:
{أنا أكرر اعتذاري, صدقني لم أكن أقصد فعل ذلك}
هز رأسه قائلاً:
{آنجيل, أتعلمين؟؟ لم اصدق بأنك متوترة بالفعل وأنك خجلة مما فعلتِ}
هزت كتفيها مستغربة سؤاله
أكمل:
{لأنك عندما تخجلين فإن أنفك يرتعش قليلاً}
حكت آنجيل أنفها بيدها, لم تكن تظن أن أحداً سيدقق على هذا, أن رعشة أنفها تكاد لا تكون واضحة.
ضحك لورانس عليها وقال:
{على كل حال اعتذارك مقبول}
شعرت بالارتياح لأن الموضوع لم يصل بينهما إلى نقاش حاد وطويل.
صعدت سالي ونادتهم إلى العشاء, قالت لها آنجيل:
{تبدين مسرورة سالي, ما الأمر؟؟}
ضحكت سالي وقالت :
{لقد أعطتني إيما أرنباً صغيراً لأنني ساعدتها في بناء مسكن لأرنبها}
حملها لورانس وقال لها:
{هل سترينني إياه, أنا أحب الأرانب الصغيرة التي تشبهك}
صفقت سالي بسعادة , يبدو أن باقي العائلة لم تهتم بهذا الأرنب.
{طبعاً سأريه لك ولآنجيل فقط, فهي أيضاً تحب الأرانب كثيراً}
نزلوا وهم لا زالوا يسمعون مواصفات الأرنب الذي فرحت به سالي كثيراً.
مشى لورانس أمام آنجيل, فرأت شعره الذي كان عليه بعض من الدماء.
قالت له:
{أتعلم؟ لقد قص لك الدكتور هامستون خصلة من شعرك}
انزل لورانس سالي وقال لها أن تسبقهما ثم تحسس مكان الجرح وقال:
{حقاً... لم أكن اعلم ذلك}
{لا تقلق .. سينمو خلال اسبوعين فقط}
مد لورانس يده وأمسك خصلة من شعرها المربوط إلى الخلف وقال:
{ما رأيك أن أقص لك خصلة من شعرك الأسود هذا.. ولا تقلقي سينمو بعد اسبوعين فقط}
صفعته آنجيل على يده التي لازالت ممسكة بشعرها:
{تكلم معي ما شئت ولكن لا تلمس شعري}
قال لورانس بسخرية:
{لم أكن اعرف أنك حادة الطباع كتلك الفرس}
دخلا إلى غرفة الجلوس فوجدا الطعام جاهزاً والجميع بانتظارهما.
نظرت آنجيل فوجدت أن كرسيها قد أصبح بجانب كرسي لورانس, ألهذه الدرجة حظها عاثر اليوم؟؟, ويبدو أنه سيبقى عاثراً طالما لورانس موجود. جلسا ينظران إلى الطعام, فقال العم ريتشارد:
{ماذا تنتظرون؟؟ هيا فلنبدأ...}
بدأ الجميع يتناول العشاء وهم يتحدثون ويضحكون ويبدو أن الجميع قد قرر فتح صفحة جديدة بخصوص لورانس, حتى أن آيان قد تكلم مع آنجيل بشكل عادي وكأنه لم يكن قبل قليل غاضباً منها. بعد أن انتهو من العشاء, اقترح سكوت عليهم لعب الورق, فقالت آنجيل:
{لا تبدءوا الآن,, انتظروني ريثما انهي غسل الصحون}
فقالت لها لورا بأنه لا داعي لذلك فالأطباق قليلة, كما أن العم ريتشارد اعتذر منهم وصعد إلى غرفته لينام.
تجمع كل من لورانس وسكوت وآيان وآنجيل وجلسوا على الأرض مشكلين دائرة وبدءوا باللعب. وعندما انتهت لورا من عملها نادت سالي لكي تذهب هي أيضاً للنوم وهكذا انتهوا من إزعاج سالي وأرنبها.
بدأت أصوات صراخهم وضحكاتهم تعلو شيئاً فشيئاً, وقد تجمعت حولهم أكواب القهوة التي اتفقوا على أن الخاسر هو من يعدها, هذا عدا أكياس رقائق البطاطس والبسكويت. بقوا على هذا الحال إلى أن قال آيان:
{ يا إلهي لقد أصبحت الساعة الثالثة صباحاً,, لدينا عمل كثير في المزرعة}
فقال له سكوت:
ر أنت تقول ذلك لأنك خسرت}
{لقد تركت الفوز لك سكوت}
قالت لهم آنجيل:
{بالفعل لقد تأخر الوقت, ولن يدعنا عمي ننام لأكثر من العاشرة صباحاً}
وقف آيان وهو يتثاءب:
{ إذاً فلنتوقف عند هذا لحد وسنكمل غداً, تصبحون على خير}
وتركهم صاعداً إلى غرفته وتبعه سكوت.
أخذت آنجيل بعضاً من الأكواب الموجودة على الأرض إلى المطبخ ووضعتها على الطاولة, وعندما استدارت لتعود إلى غرفة الجلوس اصطدمت بلورانس فجفلت في مكانها وقالت:
{لقد أفزعتني, ظننتك صعدت معهم}
فأجابها:
{أنا متأسف ولكنني لم أتحرك من مكاني عندما صعدا}
{اعذرني, فعقلي يتوقف عن العمل عند الواحدة}
{أجل وهذا ما يدل عليه صنعك لكل تلك القهوة}
وقفت كي تغسل الأكواب والصحون فقال لها:
{هل تودين أن أساعدك بشيء؟؟}
{أجل, هلا أحضرت ما تبقى من الأكواب في الخارج من فضلك؟}
ليس من الضروري أن تساعدني... المهم أن تخرج من المطبخ...قالت هذا لنفسها لأنه كان واقفاً يراقبها كما أنه لا تعجبها نظرة الاستحسان هذه التي تظهر على وجهه كلما أطال النظر إليها.
أحضر باقي الأكواب ووضعها على الطاولة, تمنت آنجيل أن يصعد إلى غرفته, فالتوتر الذي يسببه لها كلما وقف معها غير طبيعي. لم تنطق بشيء ولكنه استمر واقفاً ورائها.., ازداد توترها من الصمت الذي كان يسود الجو.
{أود أن أسألك سؤالاً...!!}
ليته لم يتكلم., فها هو السؤال الصاعقة قاد, فهو لم يسأل بحياته سؤالاً جيداً.
{تفضل}
{هل تقومين بصبغ شعرك أم أن هذا هو لونه؟؟}
ضحكت آنجيل فهي لم تتوقع هذا السؤال أبداً, ردت عليه:
{لا, هذا هو لونه الطبيعي, لم تسأل ؟؟ أليس جميلاً؟؟؟}
{بلى هو جميل جداً وناعم مثلك تماماً}
قالت له بحدة:
{لورانس لقد قلت لك بأنني أكره هذا الأسلوب}
{إنك غريبة جداً, هل يوجد فتاة في العالم تكره أن يقول لها أحد بأنها جميلة}
أكلمت غسل الأكواب بصمت وهي تظن بأنه لا يزال خلفها يراقبها, عندما انتهت استدارت فلم تجده, لا بد أنه شعر بالإحراج من ردة فعلها.
صعدت إلى غرفتها وهي تفكر هل تضايق حقاً؟؟ ولم انزعجت هي من كلامه ؟؟ لقد كانت جملته عادية عرفت أنه سيقولها الآن أو لاحقاً. قفزت إلى سريرها ببنطالها الجينز, وما أن وضعت رأسها على الوسادة حتى غطت في النوم.


روايات عبير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-12, 01:23 AM   #13

روايات عبير
 
الصورة الرمزية روايات عبير

? العضوٌ??? » 62690
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 465
?  نُقآطِيْ » روايات عبير is on a distinguished road
افتراضي

((الفصل السادس))
استيقظت في اليوم التالي على صوت سالي فوق رأسها:
{سالي.. يا لك من مزعجة ماذا تريدين ؟؟ هيا اذهبي}
أمسكت بالغطاء ورفعته فوق رأسها إلا أن سالي لم تكف عن ازعاجها وهي تهز آنجيل وتشد الغطاء علها تستيقظ من نومها :
{هيا .. استيقظي, لقد أصبحت الساعة الحادية عشرة, عليكي ان تجدي لي فستاناً ارتديه لعيد ميلاد إيما}
نفظت آنجيل الغطاء عنها وجلست على السرير متكاسلة:
{ألا تعرفين كيف تختارين فستاناً وترتدينه. كان أنه ليس من الضروري أن ترتدي فستان, هيا اذهبي وارتدي بنطلون جينز وكنزة }
بدت سالي محبطة وهي تسمع كلام آنجيل, فهذه الحفلة مهمة بالنسبة لها ويجب عليها أن تكون أجمل الفتيات الموجودات هناك.
{حسبتك ستساعديني وتسرحين لي شعري ليصبح جميلاً}
نهضت آنجيل من السرير وأخذت من خزانتها منشفتها وهي تقول لسالي:
{ حسناً سأفعل لك ما تريدين ولكن بعد أن استحم, فالوقت لا يزال مبكراً على الذهاب}
ابتسمت سالي ابتسامة عريضة وقالت بسرور:
{سأنتظرك بغرفتي ريثما تنتهين}
بعد أن انتهت من الاستحمام وترتيب غرفتها ذهبت إلى غرفة سالي فوجدتها قد أخرجت جميع ملابسها ووضعتها على السير الصغير. بعد أن جربت جميع تلك الملابس اختارت ثوباً زهرياً قصيراً مزيناً بشريطة بيضاء في وسطه وقد لائم هذا الفستان جسدها النحيل كثيراً. قالت:
{كم الساعة الآن؟؟؟ يجب أن أذهب في الخامسة}
نظرت آنجيل إلى ساعتها وأجابت:
{لازال الوقت مبكراً, فالساعة الآن الثانية عشرة ونحن لم نتناول الغداء بعد, هيا بدلي فستانك حتى لا يتسخ}
أطاعتها سالي دون تردد وهي مغتبطة لأنها وجدت الفستان المناسب لحفلة إيما.
نزلت آنجيل لترى أين ذهب الجميع؟. فلم تجد سوى لورا التي كانت منهكة بتحضير الغداء:
{مرحباً. أين ذهب الجميع؟؟ لم أجد أحداً في المنزل}
{إنهم بالخارج يتسابقون بالخيل على الأغلب, أما عمك فهو مدعو على الغداء}
فتحت آنجيل الثلاجة وأخرجت منها زجاجة عصير:
{حالة سالي تثير الضحك, لقد أيقظتني كي أختار لها فستانها واسرح لها شعرها}
{بالفعل. إنها أول مرة تذهب فيها لحفلة}
{ستذهب في الخامسة ؟؟ أليس كذلك؟}
رفعت لورا يدها إلى جبينها وقالت:
{لقد كدت انسى..ز إننا مدعووين لحفل شواء في منزل السيد شيلبي, فقد وضعته زوجة ابنه مولوداً بعد طول انتظار, لقد فرحت لها كثيراُ ولكنني نسيت الموعد بالضبط}
{ألن تنتهي حفلاتكم هذه, إذا رزق أحد بموبود يقيم حفلاً وعند فوز أحد بالمرتبة الأولى بسباق ما يقيم حفلاً وغيرها من الحفلات بسبب وبدون سبب}
ضحكت لورا وقالت:
{لو لم نكن مسرورين بهذه الحفلات لما أقمناها}
تمتمت آنجيل بصوت منخفض:{ معك حق}
انتهت لورا من تحضير الغداء وكان الجميع قد اجتمع في غرفة الجلوس عدا العم ريتشارد.
وبدءوا بالأكل وهم يستمعون إلى سكوت:
{ليتك يا آنجيل رأيت وجه آيان الذي كان يضحك بالبداية وعندما سبقتهم تحول إلى هذا الشكل.... انظري كم هو منزعج}
فقال له آيان:
{ أنا لست منزعجاً سكوت, أرى بأن صوتك ارتفع الآن .. ألا تذكر كم مرة سبقناك فيها أنا وآنجيل من قبل}
قالت له آنجيل لتغيظه:
هذا صحيح سكوت هذه هي المرة الأولى من ألف التي تفوز بها}
عندما انتهوا من غدائهم, نهضت آنجيل لتحضر الشاي بينما تنتهي لورا من غسل الأطباق ثم عادتا إلى غرفة الجلوس وجلسوا يحتسون الشاي ويثرثرون حتى جاء العم ريتشارد وأخبرهم بأن الحفل الذي سيقام في منزل السيد شيلبي سيكون غداً عند التاسعة وستجتمع القرية كلها هناك ثم التفت إلى لورانس مخاطباً إياه:
{إنها فرصة جيدة لك لتتعرف فيها على أهل القرية}
قال سكوت:
{هذا صحيح. وسنتسلى كثيراً وسأعرفك على شباب القرية وإذا أردت أعرفك على فتيات القرية أيضاً}
قال لورانس:
ر في الواقع .. لا أدري, ولكن سأفكر فحتى ذلك الحين...}
ونظر إلى آنجيل مكملاً:
{سيكون قد حصل مئة حادث وحادث}
ردت عليها آنجيل ببرود رغم أنها انزعجت مما قال:
{أعتقد أنك تبالغ قليلاً.. فلن يحصل مئة حادث في يوم واحد}
انسحب كل من العم ريتشارد ولورا وآيان وبقي سكوت مع لورانس يتحدثان وآنجيل غارقة بالتفكير بذلك الحفل, ترى هل سيذهب لورانس إلى هناك؟؟ لا بد أنه سيكون التسلية الجديدة لأهل القرية فهم دائماً يحبون التعليق على أي شخص غريب يقع تحت أنظارهم. وتذكرت المرة الأولى التي جاءت بها إلى هنا منذ ست سنوات تقريباً , وكم تلقت من الأسئلة عندما ذهبت مع عمها على عيد ميلاد شخص ما لم تتذكر اسمه, وبعدها لم تقم بأي زيارة أخرى وهذا ما ستفعله غداً. أ/ا لورانس فهو حر, فإذا أراد الذهاب فليذهب أما أذا اختار البقاء في المنزل فلن تسمح له بأن يعكر لها خلوتها.
قطع سكوت عليها حبل أفكارها قائلاً:
{آنجيل إلى أين وصلت؟؟؟ لقد كان لورانس يسألك إذا كنت تريدين الذهاب غداً}
فضلت آنجيل بأن تخبره بأنها ذاهبة . فإن قالت له بأنها ستبقى لابد أنه سيبقى هو أيضاً. إنه أبله وسيفعل ذلك حتماً.
{في الواقع لا أعلم.. ولكنني سأحاول الذهاب فلقد مللت الجو هنا وحفلة كهذه لا تضر}
فقال لورانس:
{\هذا صحيح .سأذهب أنا أيضاً, فليس من المعقول أن أبقى في منزلكم وحدي}
وقف سكوت قائلاً لهما:
{اتفقا معاً وسأصعد أنا على غرفتي لأنام قليلاً فلدي عمل ينتظرني عصراً}
تبعته آنجيل معتذرة من لورانس قائلة له بأنها تريد أن ترتب غرفتها فقال له بأنه هو أيضاً سيصعد إلى غرفته لأن رأسه بدأ يؤلمه.
أحست بالحرج عندما قال ذلك وكأنه يتعمد أن يذكرها بالحادث كلما سنحت له فرصة لذلك.انسحبت آنجيل قبل أن يصعد سكوت كي لا تقف وحدها مع لورانس فهي غير مستعدة لأسئلته الفضولية.
جلست في غرفتها تتساءل ماذا تفعل فغرفتها مرتبة ولم تكن تلك إلا حجة حتى لا يطلب منها لورانس الجلوس معه فهو يعلم أنها لا تحب النوم ظهراً.
اختارت قصة من المجموعة التي أعطاها إياها آيان فهما تقريباً لهما الذوق نفسه في اختيار القصص.
أخذت تقرا القصة حتى حل العصر فنهضت وغيرت ملابسها وسرحت شعرها ق\ثم نزلت إلى الأسفل فوجدت الجميع في غرفة الجلوس يحتسون القهوة.
قفزت سالي من كرسيها ما إن رأتها وسألتها عن الساعة:
{إنها الخامسة, سأشرب فنجاناً من القهوة ثم نصعد معاً لتجهزي نفسك}
قالت لورا:
{منذ أن جلسنا وهي تسأل عن الساعة, كانت تريد الصعود لإيقاظك}
سألتها آنجيل:
{من سيوصلها؟}
عرفت آنجيل من ارتباك لورا بأنها لن تقوم بإيصالها:
{أنا آسفة حقاً ولكنني مشغولة, لما لا تقومين أنت بإيصالها؟}ْ
جلست آنجيل بجانب سكوت قائلة:
{أعفيني من هذه المسألة فأنا لا أحب هذه العائلة أبداً}
اقترب سكوت منها وقال هامساً لها:
{معك حق في ذلك فابنهم ماكس زير النساء لا يطاق أبداً ولابد أنه سيدعوك للذهاب معه للعشاء أ, لتتمشيا}
{ما رأيك أن تصمت سكوت فأنا لا أطيقك عندما تتكلم هكذا}
{كيف تريدين أن أتكلم ؟؟ آآآه تريدين أن أتكلم كماكس , آسف فأنا لا أستطيع ذلك}
قالت بعصبية:
{أتعلم؟؟ أنا الغبية التي جلست بجانبك}
وقامت لتجلس على الكرسي الآخر ولتعاسة الحظ فقد كان بجانب لورانس.
ظلت لورا مصرة على أن ترافق آنجيل سالي إلى الحفل
قال لورانس هامساً هو الآخر:
{يبدو أن هناك أحداً لا تودين رؤيته}
قالت بحدة:
{يا إلهي.. ما هذا ؟؟ سكوت من ناحية وأنت من الناحية الأخرى , سالي فلنصعد كي تبدلي ملابسك}
ووقفت وهي غاضبة وسحبت سالي من يدها وصعدا وهي تسمع لورا تقول :
{ستذهبين .. أليس كذلك؟}
لك ترد آنجيل عليها وقررت الذهاب ولكنها لن تجلس هناك, ستوصل سالي ثم تعود إلى المنزل.
ارتدت سالي الفستان وسرحت لها آنجيل شعرها وزينته لها بشريطة بيضاء كالتي على الفستان. قالت لها سالي:
{شكراً لك آنجيل. ألن تغيري ملابسك؟}
{لا . سأذهب هكذا فأنا لن أبقى هناك. سأوصلك بالسيارة وأعود وسيقوم سكوت أو آيان بإحضارك}
ضحكت آنجيل على سالي عندما رأتها تخرج الهدية من تحت السرير ثم نزلتا معاً فصادفتا لورا عند أسفل الدرج:
{عزيزتي سالي تبدين كالملاك}
قالت آنجيل بحزم:
{سأوصل سالي إلى هناك فقط وليقم أحد آخر بإحضارها }
{لا مشكلة, لن يستطيع سكوت التهرب من ذلك فليس لديه شيء في المساء}
{أين مفتاح السيارة؟}
{أنه مع سكوت وهو في الخارج برفقة لورانس}
خرجت آنجيل مع سالي فوجدت سكوت ولورانس معاً بجانب السيارة وعرفت سلفاً بأنهم ينتظرانها للتعليق عليها.
استقبلها سكوت قائلاً:
{ابلغي ماكس تحياتي وتحيات لورانس صديقي الجديد}
لم تجبه آنجيل ومدت يدها ليعطيها مفتاح السيارة.
{لا أيتها الغبية يجب أن تقلبي يدك حتى يقبلها ماكس لك فهو يحب هذه الطريقة}
ضحك لورانس بصوت عل فنظرت إليه آنجيل بطرف عينها ثم قالت:
{سكوت صدقني كلمة أخرى وسألكمك على وجهك لكمة تجعلك مشوهاً لدرجة لن تعرفك فيها تينا غداً}
قال لورانس مستغرباً:
{من هي تينا ؟؟ أنت لم تخبرني عنها..}
فقالت له آنجيل:
{حقاً؟؟ لا بأس ليس من الضروري أن يخبرك عنها فسرتاها غداً فهي مميزة جداً}
ثم نظرت على سكوت قائلة:
{والآن ما رأيك بأن تعطيني المفتاح}
أجاب سكوت ضاحكاً:
{إذا كنت تريدينه فخذيه}
صاحت سالي بوجه سكوت:
{سكوت لقد تأخرت , أعطيها المفتاح وإلا سأخبر أبي بذلك}
أعطا سكوت المفتاح لآنجيل فأخذته وسارت للطرف الآخر من السيارة فصاح سكوت:
{أخبريني ماذا سيحصل فإني أخاف عليك منه}
قال لورانس:
{تقصد تخاف عليه منها}
توقفت آنجيل فجأة واستدارت نحو لورانس وعندما أصبحت قبالته همست قائلة:
{ماذا قلت ؟؟ يبدو أنني لم أسمعك جيداً.. ولكن أتعلم لن أرد عليك, لا لشيء بل لأنني لست في مزاج يسمح لي بالرد. ولكن تأكد بأنني لو قمت بذلك فسوف أكمل ما بدأته برأسك}
ثم ابتسمت له لأنها علمت أنه لن يعلق على كلامها .
ركبت السيارة وهي متضايقة قليلاً مما قاله لورانس ولكن لا داعي لن تنزعج فكلامه لا معنى له بالنسبة لها.
أكملت طريقها نحو منزل صديقة سالي وهي تغني وشاركتها سالي بالغناء حتى وصلتا, توقفت أمام المنزل وكلها أمل بألا يراها ماكس ولكنها فوجئت بأخته كاتيا التي يبدو أنها سمعت صوت السيارة فخرجت لترى من القادم.
حسناً لا مهرب الآن. يجب أن تنزل لتسلم عليها على الأقل. نزلت آنجيل ومعها سالي, رحبت كاتيا بهما ودعتها للدخول ومع أن آنجيل رفضت غلا أن كاتيا بقيت مصرة.
{إذا كنت مستعجلة فاشربي كأساً من العصير ثم اذهبي}
دخلت آنجيل وسالي بجانبها حتى جاءت إيما وصحبتها حيث كان جميع الأطفال يلعبون ويصرخون.
كانت كاتيا شقراء زرقاء العينين ذات جسد رشيق وتشبه ماكس إلى حد ما إلا أنه كان أضخم جثة وعينيه بنيتين ومرة أخرى تمنت ألا يكون موجوداً.
ذهبت سالي إلى المطبخ ثم عادت ومعها كوب من العصير.
سألتها آنجيل:
{أين أمك فأنا لم أرها}
{إنها مشغولة في المطبخ , لنعد إليك الآن , لقد اشتقت إليك كثيراُ فأنا لم أرك منذ الإجازة الصيفية الماضية يبدو أنك لم تتغيري أبداً فشكلك كما هو}
{هذا صحيح تعرفين بأنني لا أحب التغيير ولكن أنت قد تغيرت تبدين أنحف كما انك تبدين جميلة بهذا الفستان}
{هل قصصت شعرك أم لا يزال طويلاً}
نزعت آنجيل طاقيتها لترى كاتيا شعرها
{أتعلمين؟؟ أتمنى أن أراك مرة واحدة ترتدين فستاناً بدل بنطالك هذا وارى شعرك مفكوكاً فأنت إما تجدلينه وغما ترفعينه , لا أعلم لم تتركينه طويلاً هكذا ما دمت لا تستفيدين منه}
ضحكت آنجيل وانقطعت ضحكتها فجأة ما إن رأت ماكس, ولعنت نفسها مئة مرة لأنها لم ترحل قبل أن يأتي.
{آنجيل... لو عرفت أنك هنا لأتيت من قبل}
قالت في نفسها ولو عرفت أنك هنا لما أتيت أبداً.
جلس يسألها عن عمها وعائلته حتى أنه سألها عن الرجل الذي عندهم فأجابته بأنها لاتعرف عنه شيئاً
ثم استأذنت للانصراف فعرض عليها أن يوصلها, قالت له بسخرية:
{يبدو أن سيارة عمي صغيرة جداً لدرجة أنك لم ترها}
التفتت لترى كاتيا ولكن الأخيرة انسحبت لترى أمها التي نادتها فبقي ماكس يلح عليها بأن يوصلها ثم يعود هو وسكوت ليأخذ سالي بسيارة عمها حتى انفجرت آنجيل بوجهه:
{يبدو أنك لم تفهم بعد بأنني لا أريد الذهاب معك}
خرجت من المنزل وهي تحمد الله لأنه لم يتبعها.
ركبت السيارة وتوجهت إلى المنزل وهي تلوم نفسها لأنها لم تخبر كاتيا بأنها ذاهبة ولكن لا بد أن ماكس اخبرها.
وصلت إلى المنزل فلمحت لورانس وسكوت وآيان عند الإسطبل همت بالذهاب إليهم لكنها عدلت عن ذلك وعادت إلى المنزل وجلست أمام التلفاز حتى جاؤوا.
قال لها سكوت:
{هل أبلغت ماكس تحياتي؟}
{أجل وقد قال لي لا أعلم كيف تتحملين الجلوس في منزل وسكوت موجود فيه}
نظرت إلى لورانس مكملة:
{أليس لديك تعليق أنت الآخر أم أن القطة أكلت لسانك؟}
قال لورانس:
{أتعلمين؟؟ أنت مثال نموذجي للشخصية الفظة والغريبة, عندما أتكلم تنزعجين وعندما أصمت تطلبين مني الكلام.. ماذا تريدين بالضبط؟؟؟}
{أن تبقى صامتاً}
هز لورانس رأسه وكأنه قد فقد الأمل بكل نقاش لطيف معها ثم صعد إلى غرفته.
نظر إليها سكوت بانزعاج:
{آنجيل لم فعلت ذلك؟؟ إنه شاب لطيف لا يستحق ذلك ,اعتبريه صديق. ثم إنه سيرحل عما قريب}
كان كلام سكوت صحيحاً ولكن كلما أخذت قرار أن تكون لطيفة مع لورانس لا تلبث أن تفشل ويزعجها حقاُ أنها لا تعرف سبب هذا العداء ربما هذا الشعور الغريب الذي تشعر به لأول مرة ومع لورانس بالذات.
مضى بقية اليوم بسرعة فقد تعشت آنجيل ثم صعدت على غرفتها ولم تنزل منها إلى اليوم التالي وقد قررت أن تذهب إلى حقلها لترى ماذا حل به.
استيقظت في وقت متأخر فأجلت ذهابها إلى الحقل لإلى العصر وعندما سألت لورا أين ذهب الجميع أجابتها بأن آيان وسكوت ولورانس قد ذهبوا إلى المدينة ليشتروا ملابس جديدة لحفل الشواء وهناك احتمال أن يتناولوا الغداء هناك.
قالت آنجيل:
{آه ذكرتني.. من سيذهب إلى الحفل؟؟}
{الجميع.. لم؟؟}
{بصراحة.. انوي البقاء هنا}
قالت لورا مقنعة آنجيل بالذهاب:
{ألا تلاحظين أنك تعقدين الموضوع؟؟ أعرف بأنك تحبين أجواء الضجيج والحفلات.. انظري إلى نفسك.. تبدين كالتائهة.. اذهبي معنا وأعدك بألا يزعجك أحد}
قالت ىنجيل بحدة:
{هذا ما وعدتني به في المرة الأخيرة}
{أمجرد سؤال يفعل بك كل هذا.. إنه مجرد سؤال كان بإمكانك ا تفاديه}
{وكيف أتفاداه.. لم أكن أعلم بأن صديقة لأمي منذ الأزل قد انتقلت للعيش هنا.. لو لم أكذب لانقلبت حياتي على جحيم.. حتى أنها لم تصدقني}
{وقد انتقلت الآن هذه المرأة ولا يوجد هنا أحد غريب}
{أرجوك لورا إنني حقاً متضايقة.. فلا تضغطين علي أكثر}
{على راحتك .. ولكن مجرد تغيير جو لن يضر}
رن جرس الهاتف فذهبت آنجيل لترد وقد كانت كاتيا على الخط.
{مرحباً آنجيل.. كيف حالك؟؟}
{أنا بخير وأنت؟}
{أنا؟ أنا عاتبة عليك}
{أنا آسفة حقاً كاتيا ولكن قلت لك بأنني مستعجلة}
{سأسامحك إذا دعوتني لشرب فنجان قهوة}
{أنت تأتين من دون دعوة كاتيا}
{إذا ً سأكون عندك عند الخامسة.. هل يناسبك ذلك؟؟}
وبعد أن ودعتها ذهبت مباشرة إلى المطبخ وقالت للورا بأنها ستحضر الغداء. وعندما جاء عمها كان الغداء جاهزاً. صعد عمها بعد أن انتهى إلى غرفته ليأخذ قيلولة ثم تبعته لورا وقد اقترحت على آنجيل بان تحضر قالب كيك لها ولكاتيا فهي تصنعه بإتقان.
ذهبت آنجيل لتحضره وقد ضاعفت الكمية فهي تعلم بأن آيان يحبه .
وقبل أن تأتي كاتيا بساعة سمعت صوت السيارة تقف في الخارج فعرفت أن آيان وسكوت ولورانس قد جاؤوا وبالأخص أن ضجيجهم قد بدأ يتصاعد حتى وصلوا على غرفة الجلوس.
دخل آيان إلى المطبخ قائلاً:
{كأنني أشم رائحة منبعثة من الفرن}
{أنفك لا يخطئ أبداً}
{إذاً فأنت تحضرين قالب الكيك الذي أحبه ولا أظن بأنها شهامة منك فغما أن أمي طلبت منك ذلك أو أن أحداً سيأتي صحيح؟؟؟}
{في الواقع إنهما الأمران معاً, أحزر من سيأتي؟؟}
فتح آيان البراد وأخرج قنينة من الماء وقال بفتور:
{من؟}
ابتسمت آنجيل بخبث وقالت:
{إنها كاتيا.. إذا كنت متعباً فلا بأس.. سأقول لها ذلك}
{ماذا في ذلك؟؟}
{آيان؟؟ لا داعي للكذب فأنت معجب بها صحيح؟؟}
حاول آيان أن يخفي ابتسامته عندما قالت آنجيل ذلك:
{حسناً ولكن فليكن سراً بيننا فأنا التقيها في بعض الأحيان}
{بصراحة؟؟ ألم تتصل عليها كي تذهب للعشاء عند السيد شيلبي؟؟}
رد عليها وهو يخرج من المطبخ:
{لقد بدأت تبالغين آنجيل}
فكرت آنجيل لو أن كاتيا معجبة أيضا بآيان فماذا سيحصل؟؟ سيلتقيان خفية وحبان بعضهما ثم يطلبها للزواج ثم...؟ هل ستكون نهايتهما كما في القصص... تمنت آنجيل من قلبها أن تبادل كاتيا آيان نفس المشاعر.
نادي سكوت آنجيل قاطعاً عليها تفكيرها.
خرجت من المطبخ فوجدتهم قد اخرجوا ما اشتروه فعمت الفوضى غرفة الجلوس.
{أتعلمون؟؟ تبدون كالأطفال في ليلة العيد .. ما بكم؟؟؟}
قال سكوت ضاحكاً:
{لقد اشترينا جميعاً من نفس المحل نفس البذلة ونفس اللون وعندما أخرجناها اكتشفنا أن بذلة آيان بقيت هناك}
{ماذا يعني ذلك؟}
قال لورانس:
{هذا يعني إما أن يبقى آيان هنا أو أن يذهب ببذلة قديمة}
{لا أظن أن حفل العشاء على هذا الجانب من الأهمية}
هز آيان كتفيه بعدم اكتراث وقال:
{آنجيل معها حق أنكما تهولان الموضوع فما من مشكلة لو ارتديت بذلة من عندي فليس جميع الحاضرين هناك سيرتدون بذلات جديدة حتى أنهم لن يرتدوا بذلات أصلاً}
قال سكوت:
{هذا صحيح ولكن الفكرة كانت أن نرتدي نفس اللباس}
أخذ الجميع ملابسهم وصعدوا بها إلى غرفهم وأعادت آنجيل ترتيب الغرفة حتى جاءت كاتيا.
وبعد أن تناولتا الكيك والقهوة اقترحت آنجيل بأن تذهبا إلى حقلها.
وعندما وصلتا إلى هناك قالت كاتيا بسرور:
{إنه حقاً جميل}
{نعم .. ما رأيك لو نأتي إلى هنا كل يوم}
{لا أعلم إن كنت أستطيع ذلك}
خطر على بال آنجيل آيان والحفل فسألتها:
{هل أنت ذاهبة اليوم إلى حفل آل شيلبي؟؟}
{نعم أظن ذلك... فوالدي وماكس سيذهبون ولا داعي لأجلس وحدي في المنزل, وأنت هل ستذهبين؟}
{ربما .. لا أدري}
قالت ذلك بعد أن فكرت بأن عدداً كبيراً من أهل القرية هناك ولابد أنهم سينشغلون بلورانس فليس هناك مشكلة إن ذهبت فهي بالفعل تحتاج لتغيير جو الروتين اليومي.
بقيت آنجيل وكاتيا في الحقل يتحدثان حتى بدأت الشمس بالغروب قالت لها كاتيا وهي تنظر باتجاه المنزل:
{من هذان؟؟ إنهما متجهين نحونا}
نظرت آنجيل حيث أشارت كاتيا فرأت جوادين ولم تميز راكباهما لعلهما آيان وسكوت قد جاءا لأخذهما.
بقيت آنجيل تراقب الجوادين حتى اقتربا أكثر فاكتشفت حينها من راكباهما....


روايات عبير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-12, 01:40 AM   #14

روايات عبير
 
الصورة الرمزية روايات عبير

? العضوٌ??? » 62690
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 465
?  نُقآطِيْ » روايات عبير is on a distinguished road
افتراضي

((الفصل السابع))
نزل آيان من على الجواد مرحباً بكاتيا وبدئا بالحديث ناسين من معهما تماماً.
استدارت آنجيل نحو لورانس تسأله:
{ما الذي جاء بكما إلى هنا؟}
{آيان هو من طرح فكرة أن نأتي لتوصيلكما للمنزل}
{آيان جاء كي يوصل كاتيا وأنت؟؟؟}
قال مبتسماً:
{جئت لتوصيلك}
فتحت آنجيل فمها لترد ولكن آيان سبقها بقوله:
{كاتيا نسيت أن أعرفك بضيفنا العزيز لورانس}
مد لورانس يده مصافحاً كاتيا ثم قال:
{ما رأيكم أن نعود للمنزل؟}
رد عليه آيان:
{اسبقنا أنت وآنجيل فأنا سأوصل كاتيا إلى منزلها}
قالت آنجيل محدثة كاتيا:
{ألا تريدين أن تبقي عندنا قليلاً بعد؟}
قالت بأسف:
{كنت أتمنى ذلك ولكن أريد أن أجهز نفسي للحفل}
لم ترد آنجيل أن تكبر الموضوع فركبت خلف لورانس على الفرس قائلة لآيان:
{أنا لا أمانع لو نقصت وردة من ورودي الحمراء}
ضحك آيان ثم اتجه نحو الحقل وقطف منه وردة حمراء أعطاها لكاتيا.
قال لورانس هامساً:
{يفضل أن تتمسكي بي كي لا تسقطي}
ارتبكت آنجيل بشدة فمنذ أن تعلمت ركوب الخيل وهي تركب وحدها. كما أن هذه أول مرة تقترب فيها من أحد لهذه الدرجة, لم ترد على اقتراحه حتى بدأ يسرع.
فتمسكت بقميصه لا شعورياً ولم تلبث أن أحست بالضيق بعدها. عندما اقتربا من المنزل فكرت بأن لورانس ليس جاهلاً بركون الخيل, إذاً فلورا كانت على حق عندما قالت ذلك.
لم يخف توترها حتى عندما وصلت إلى المنزل. نزل لورانس بسرعة من على ظهر الفرس ومد يديه ممسكاً بخصر آنجيل حتى أنزلها.
بقيت لحظات تنظر فيها إلى عينيه ويديه لا تزال ممسكة بها, رغم كل ذلك الشعور الغريب الذي انتابها سواءً دقات قلبها التي أخذت تزيد وتزايد شعورها بالخوف , حتى التوتر الذي أصابها ليس ذلك التوتر الذي اعتادت عليه بل توتر أكبر وأخطر أيضاً, ولكن ذلك لم يمنع من عودة تلك الصور التي لم تفارقها منذ ذلك اليوم حتى في أحلامها وذلك الصوت الذي كان ينذرها كلما تودد إليها أحد ما عاد الآن ولكن أقوى ليقول لها ابتعدي عنه, وبالفعل دفعت لورانس بيديها وركضت باتجاه المنزل ولم تشعر إلا وهي في غرفتها , أغلقت الباب بقوة وهي لا تزال تسمع صوت لورا يناديها, جلست على السرير واضعة يديها على وجهها وأخذت تشهق وتبكي حتى دخلت عليها لورا وجلست بجانبها على السرير, وضعت يدها على كتف آنجيل قائلة:
{آنجيل , أرجوك اهدئي لا أحب أن أراكي هكذا}
نظرت آنجيل غليها بعينين ملتهما الدموع:
{لم يحصل معي كل هذا؟؟؟ لم لا أعيش كغيري من الفتيات؟؟ؤ
{لأنك أنت من يرفض ذلك. لقد كنت أمام النافذة ورأيت ما حصل. ولكن مع ذلك لم أعرف السبب لما فعلته}
{سبب؟؟ انه ليس سبب بل كابوس.. كابوس يلاحقني أينما ذهبت وكيفما تحركت بمناسبة وبدون مناسبة أرجوك إذا كان لديك حل فأخبريني إياه..}
{ليس هناك منحل سوى أن تنسي وتخرجيه من رأسك}
{وكيف تريدين أن أنسى , هل من أحد ينسى عائلته وكيف أنسى ما فعلته بيدي هاتين؟؟}
المسكت لورا بيدي آنجيل:
{يديك هما من أنقذتا حياتك. الست متأكدة أن ما فعلته هو الصحيح أليس هذا ما قلته؟؟}
سكتت آنجيل فقالت لها لورا مشجعة:
{هيا , اغسلي وجهك وانزلي معي. لا داعي لأن ينتبه لورانس أنك بكيت. لطالما كنت الفتاة القوية . فهل يبكيك موقف كهذا؟}
ذهبت آنجيل لتغسل وجهها إلا أنها لم تستطع إزالة موقفها مع لورانس كما أزالت ما أزالته عن وجهها عندما غسلته}
وعندما نزلت كان لورانس جالساً وحده في غرفة الجلوس.. انسحبت لورا متيحة لهما الحديث على الأقل ليبررا الموقف.
عاد الشعور بالتوتر والارتباك إلى آنجيل فلم تستطع فتح فمها فسبقها لورانس بذلك:
{آنجيل أنا آسف لما حصل...... و أعدك بألا يتكرر ذلك}
آنجيل يجب أن تردي عليه ولو بكلمة واحدة, الموقف لم يكن بهذا السوء. أنظرة منه تفعل بك كل هذا أم السبب هو ذلك الشعور, ذلك الإحساس الغريب, وقلبها الذي أخذ ينبض بعنف والتوتر الذي يصيبها كلما رأته عرفت في قرارة نفسها أنه كان شعوراً جميلاً إلا أن كل جزء من عقلها كان ينبهها منه منذ أن رأته لأول مرة.
قالت بارتباك:
{لا داعي للاعتذار . المهم ألا يتكرر ذلك مرة أخرى}
نظر إليها وقد كانت نظرته تقول بأنها كاذبة وأنا تتمنى مثله لو لم تنتهي تلك اللحظة.. وقف لورانس وتوجه نحوها قائلاً:
{تعرفين أنني لن أمكث هنا طويلاً.. فما رأيك أن نعقد هدنة؟؟ْ}
رفعت آنجيل حاجبها دهشة لهذا الانقلاب وقالت:
{هدنة؟؟؟ على ماذا؟؟؟}
{على أن نكون أصدقاء لأنني أنزعج من صدك الدائم لي كلما حاولت التكلم معك, صدقيني لن أزعجك أبداً, وأنت أيضاً يجب أن تحاولي أن تكوني لطيفة معي}
{من يسمعك يحسب أنني انهش من لحمك كل يوم}
ضحك قائلاً:
{أرأيت؟؟؟ أنت لا تنهشين من لحمي ولكن لسانك هو من يفعل ذلك}
ثم مد يده وكملاً ما تحدث عنه:
{إذا كنت موافقة على الهدنة فلنتصافح}
مدت آنجيل يدها فقبض عليها لورانس بيده. كم كانت يده دافئة أرسلت القشعريرة إلى جسدها كله. وعاد قلبها ينتفض من جديد.
ترك لورانس يدها وابتسم ابتسامته العذبة . للمرة الأولى تدقق آنجيل بابتسامته وأسنانه البيضاء.
دخلت لورا وبيدها صينية العصير ووضعتها على الطاولة ثم استأذنتهم كي تنادي زوجها وآيان وسكوت.انتبهت آنجيل إلى ابتسامة لورا عندما رأت أن الأوضاع قد هدأت بينهما.
عاد لورانس إلى كرسيه سائلاَ آنجيل إذا كانت ستذهب إلى الحفل فأجابته بأنها لا تعلم .
نظرت إلى الساعة فوجدتها قد قاربت السابعة , نزل كل من العم ريتشارد وسكوت وآيان وسالي وعندما انتهوا من شرب العصير عادوا إلى غرفهم ليجهزوا أنفسهم , فعادت لورا تسأل آنجيل إذا كانت تود الذهاب فاعتذرت منها آنجيل وصعدت إلى غرفتها .
بعد ساعة سمعت آنجيل الجميع قد نزلوا وهم يتمتمون وسالي بينهم قد طغى صوتها الطفولي على الجميع مسرورة بفستانها الذي اشتراه لها آيان اليوم .
لم تمض خمس دقائق حتى كان السكون يخيم على المنزل . خرجت آنجيل من غرفتها وذهبت إلى غرفة سكوت لتبحث عن جيتارها الذي أحضرته معها من المدينة فوجدته في خزانته . أخذته ثم عادت إلى غرفتها وجلست على الأرض ساندة ظهرها على السرير تعزف بجيتارها لحنا هادئا لأغنية أسمعها إياها آيان .
كانت انسجام آنجيل مع الأغنية وصوت الجيتار قد منعها من سماع صوت باب غرفتها وهو يدق . لم تجفل آنجيل في حياتها كما جفلت الآن وهي ترى أقداماَ أمامها فرفعت رأسها لترى لورانس واقفاَ فصرخت قائلة :
{لورانس؟؟؟ ما بك لقد أفزعتني ؟}
{لقد طرقت الباب وناديتك لكنك لم تسمعي فحسبت أن أحداَ قد استغل عدم وجود أي شخص في المنزل ودخل}
كان ذلك افتراضا غبيا جداَ أو هذا ما ظنته آنجيل . قالا بصوت واحد :
{ألم تذهب معهم إلى العشاء} {ألم تذهبي معهم إلى العشاء}
ضحكت آنجيل ضحك لورانس معها .
جلس لورانس الى جانبها :
{أتعلمين؟؟ لديك صوت جميل وعزف رائع}
{أهي مجاملة أم أنها الحقيقة؟}
{أولم تسمعي أحداَ يقول لك ذلك؟}
{لا !} وأكملت وهي تنظر إلى عيني لورانس :{ لأنني لم أعزف أو أغني أمام أحد أبداَ}
رفع لورانس حاجبه قائلاَ :
{حقاَ ؟!}
نظرت آنجيل إليه قائلة بهمس :
{ألا تصدقني ؟؟}
لم تنتظر حتى تسمع إجابته بل عادت إلى العزف على الجيتار مرة أخرى على نفس اللحن ولكن هذه المرة كان لورانس هو من غنى الأغنية .
مع أن نظر آنجيل كلن مثبتاً على الجيتار. إلا أنها أحست بأن لورانس كان يراقبها. كان شعرها يكاد يقف فلورانس لم يتوقف للحظة عن النظر إليها والابتسامة تداعب شفتيه.
بعد أن انتهت آنجيل. اقترح عليها لورانس بأن يخرجا ليتمشيا. وافقت على ذلك رغم ترددها. فذهب ليغير ملابسه وغيرت آنجيل بيجامتها أيضاً.
خرجا معاً وبقيا يتمشيان بصمت. فصوت حفيف الشجر ورائحة شجر الصنوبر قد أضفت جواً أجمل بكثير من أن يغطيه كلامهما. غلا أن آنجيل كانت مصرة على أن تقول له ما كانت تفكر به:
{لورانس؟؟؟ؤ
{ماذا؟؟ لا تقولي لي إنك تريدين العودة}
نظرت ىنجيل خلفها فرأت أنهما قد قطعا مسافة كبيرة.
{لا ولكن أريدأن أسألك سؤالاً}
{أنا غير مرتبط}
ضحكت آنجيل وقالت:
{أتمنى أن أراك جدياً ولو لمرة واحدة. كنت أود أن أسألك لم تحاول ان تظهر نفسك غبياً}
التفت لورانس إليها:
{هذا مؤلم}
أكملت دون اهتمام بردة فعله:
{أنا واثقة تمام الثقة بأنك متعلم ومثقف تجيد ركوب الخيل على عكس ما كنت تدعيه عندما...... عندما تسابقت أنا وأنت وقلت أنك تريد الحصان وأنت تعلم أنها فرس}
{لم أكن أحاول أن أدعي الغباء. ولكن لم أرد أن أتناقش مع آيان أو سكوت بموضوع هما يجهلانه بسبب عدم تعلمهما الكافي فقط لأبين أنني متعلم. أما الباقي فحو حس فكاهة لدي ليس إلاْ}
عاد الصمت مرة أخرى ولكن هذه المرة كسره صوت موسيقى كان قريباً منهما فقالت:
{أتعلم أننا قريبان جداً من منزل السيد شيلبي؟}
{ما رأيك أن نفاجئهم؟؟}
نظرت آنجيل إلى ملابسه فقال وقد فهم قصدها:
{الملابس ليست مهمة هيا فلندخل}
دخلت آنجيل أمام لورانس وهي لا تزال تحت تأثير الصدمة. قبل قليل كانا وحدهما. الآن تتجمع حولهما القرية بأكملها.
كانت الساحة الخارجية واسعة ورائحة العشب الأخضر الرطب تكاد تطغوا على رائحة العطور المختلفة وجمال أشجار الزينة قد أضافا على المكان جواً رائعاً.
في البداية لم ينتبه أحد لهما ثم لمك تلبث الأنظار أن اتجهت نحوهما.
لوهلة استمتعت آنجيل بهذه اللحظة كونها اجتذبت أنظار الجميع ولكن الذي اجتذب الأنظار في الحقيقة هو لورانس.
تقدم السيد شيلبي نحوهما وقام بتعريف لورانس على الجميع . بالطبع كان الجميع يعرف بأنه الرجل الذي سقط مع مظلته منذ بضعة أيام.
كان السيد شيلبي يناهز الأربعين من عمره سمين قليلاً وأسمر البشرة. ولم يكن لديه سوا ابنه جاك الذي تقام الحفلة على شرفه وشرف مولوده الآن. استأذن السيد شيلبي منهم متمنياً أن يمضوا جميعاً وقتاً سعيداً.
جاء سكوت ليأخذ لورانس ليعرفه إلى أحد أصدقائه أما آنجيل فقد أخذت تبحث عن لورا حتى وجدتها هي والعم ريتشارد. قالت لورا مبتسمة:
{أراك قد جئت}
عرفت آنجيل أنها ستسمع من لورا تعليقاً كهذا أما التعليق الأكثر إحراجاً كان:
{يبدو أن الأمور قد هدأت بينك وبين لورانس}
ردت آنجيل بتردد:
{لقد اعتذر عن تلك الحادثة ولا أظن أن الأمر كان بهذا السوء وهو سيرحل بعد فترة فلا مانع إذا أصبحنا أصدقاء}
قالت لورا بسرور:
{شيء جميل . ما رأيك أن نذهب لنرى طفل جاك؟}
توجهت آنجيل مع لورا إلى داخل المنزل حيث كانت زوجة جاك وأمه جالسين وحولهما نساء القرية يهنئونهم على الطفل.
اقتربت آنجيل تهنئ زوجة جاك وأخذت طفلها لتحمله. لم تتوقع آنجيل أنها قد ترى مخلوقاً بهذا الجمال وهذه الروعة. أما البراءة التي كان وجه الطفل ينطق بها فهي موضوع بذاته. وذهلت وهي ترى أصابعه الصغيرة.... ذكرتها عيناه العسليتان بعيني لورانس وأخذت تتذكر ملامحه. شعره البني, عينيه العسليتان, الندبة التي على حاجبه, وكم كانت جميلة تلك الندبة, ليس فقط الندبة, بل وصاحبها أيضاً.
أعطت الطفل لأمه وخرجت لترى كاتيا والآخرون. وعندما لمحتها وجدت أن آيان معها وأيضاً سكوت وتينا واشترك معهم لورانس, وعندما اقتربت منهم قالت:
{يبدو أنكم نسيتموني؟؟}
رحبوا بها جميعهم واعتذروا لأنهم بحثوا عنها ولم يجدوها.
صفق السيد شيلبي ليلفت انتباه الجميع لما سيقوله ثم بدء حديثه قائلاً:
{أشكر لكم جميعاً حضوركم اليوم ومشاركتكم لفرحتي بحفيدي الذي انتظرته طويلاً. ولأنني أرى أن شباب القرية وشاباتها كثيرون الليلة, فقد اخترت لهم أغنية بعد أن رأيت إحباطهم لأن الأغاني ليست مناسبة لجيلهم. لذلك أريد أن أرى الجميع يرقص على هذه الأغنية مع أنها ستزعج أذناي}
ضحك الجميع على تعليقه فيما بدأ صوت الموسيقى يرتفع.
صحب آيان كاتيا للرقص وتبعه سكوت مع تينا. اقترب منها لورانس قائلاً:
{هل تسمحين لي بهذه الرقصة؟}
ترددت آنجيل كثيراً فقال لها:
{ألا تتعرفين كيف تعيشين اللحظة؟؟ أم أنك لست جريئة كفاية لفعل ذلك؟؟؟}
{هل تحاول استفزازي كي أوافق؟؟}
هز لورانس رأسه ضاحكاً.. وافقت آنجيل على طلب لورانس ليس لشيء, ولكن لأن الموسيقى لم تكن هادئة أي أنها لت تقترب منه كثيراً. أو هذا ما كانت تقنع نفسها به. فهي تعلم تماماً أنها كانت تتمنى أن يطلب منها الرقص معه منذ سمعت صوت الموسيقى الحماسية.
صفق الجميع بعد أن انتهت الأغنية وقد شاركهم الراقصين بالتصفيق. نظرت آنجيل إلى لورانس الذي كان مبتسماً لآيان وقد طال نظرها إليه حتى أحس بها فالتفت إليها هو الآخر فارتبكت وأخذت تحك أنفها. عاد صوت الموسيقى مرة أخرى ولكن هذه المرة كانت موسيقى هادئة فعلاً.
نظر إليها لورانس طاباً منها مشاركته بالرقص مرة أخرى. ازداد توترها وهي تنظر إلى يدي سكوت حول خصر تينا ويدي تينا على رقبته. وتخيلت نفسها وهي مقتربة من لورانس هكذا. وهو بعيد يثير فيها أحاسيس لم تشعر بها قط. فكيف لو اقترب منها. لم لا تقترب منه فقط ولما لا تعيش اللحظة كما قال؟؟. أحست آنجيل أن هذه المرة أصعب من المرة الأولى ولذلك أدارت ظهرها معتذرة من لورانس لتعود على حيث كانت واقفة مع لورا. لم تكن المسافة بين لورانس ولورا تتعدى المتر واستدارت لترى الذين كانوا يرقصون . كان لورانس لا يزال واقفاً حيث تركته وهو يراقبها وخيبة الأمل بادية على وجهه. اقتربت منه فتاة سمراء تطلب منه الرقص معها إلا أنه اعتذر منها. استغربت آنجيل ذلك رغم أنها أحست ببعض الفرح عندما رفض الرقص مع تلك الفتاة . لقد كانت جميلة حقاً , كما أنها ترتدي فستاناً وليس بنطلون جينز وكنزة . لحق لورانس بآنجيل عندما ذهبت لتحضر كأساً من العصير. وقف بجانبها فقالت متجنبة النظر إليه:
{لمَ لم ترقص معها؟؟}
{لأنني كنت أريد الرقص مع غيرها}
{لكنها كانت جميلة}
أمسك خصلة من شعرها بيده التي أرسلت الدفء إلى جميع جسدها المتوتر:
{مع ذلك لم يكن شعرها طويلاً}
{هلا تركت شعري وشأنه؟؟}
{أستغرب لم تهملين نفسك هكذا ؟؟ أنت جميلة جداً.. أتعلمين ؟؟ أتمنى أن أراك مرتدية فستان}
ضحكت آنجيل وتذكرت كاتيا عندما قالت لها ذلك:
{هل تصدق ؟؟ لقد قالت لي كاتيا نفس الجملة}
{معها حق. فالشبان لا يحبون الفتيات اللواتي يرتدين البناطيل على الدوام}
رفعت رأسها بحدة وقد تغيرت معالم وجهها تماماً:
{رأي الشبان بي هو آخر شيء أهتم به وإذا أردت فتاة ترتدي فستاناً فإن تلك السمراء لن تمانع رفقتك لأنها منذ أن تركتها وهي تراقبك}
تركته مندهشاً من ردة فعلها العدائية وعادت إلى لورا لتخبرها بأنها ستعود على المنزل. رفضت لورا ذلك لأن الوقت أصبح متأخراً وفيما هي تقنع لورا أتى لورانس من خلفها يقول للورا:
{لا تقلقي عليها فأنا سأقوم بإيصالها . رأسي بدأ يؤلمني ويبدو أن سهرتكم ستطول}
لم تكن آنجيل لترحب بالفكرة لولا ما قاله عن أن السهرة ستطول... خصوصا أن لوران لن توافق على عودتها وحدها مشياً في هذا الوقت.
نقلت لورا نظرها من لورانس إلى آنجيل. خشيت آنجيل أن ترفض لورا ذلك فابتسمت مشجعة لورا على الموافقة.
{لا مانع من ذلك طبعاً ولكن المسافة بعيدة}
{سنعود كما أتينا لورا فلا داعي للقلق}
ابتعدا عن منزل آل شيلبي حتى اختفى صوت الموسيقى. أخذت الأضواء تتلاشى شيئاً فشيئاً وعاد الصمت يحل مرة أخرى.
كانت آنجيل تحاول الابتعاد عن لورانس عل التوتر يخف قليلاً كما أن موضوع صداقتها بلورانس بدا يأخذ منحنى جديداً لم تتعود آنجيل عليه. خصوصاً أن الخوف قد أخذ يتسلل إليها يذكرها بضرورة الابتعاد عن لورانس.
{آنجيل. أنا لا آكل لحوم البشر فلم تصرين على الابتعاد}
لم تعرف كيف ترد عليه ففضلت الصمت , أكمل ممسكاً بذراعها:
{لم كل هذا الخوف.. ظننت أننا أصبحنا صديقين}
نظرت إليه آنجيل ولكن الظلام كان قد غطى ملامح وجهه ولم يعد هناك سوى لمعان عينية. كيف ستقول له بأن خوفها هو لأنهما أصبحا صديقين.... وما تخافه أكثر هو أن يصبحا أكثر من ذلك...
طال صمتهما وكل منهما ينظر إلى عيني الآخر عله يتكهن بمشاعره فالظلام غطى كل شيء.
عرف لورانس بأنه لن يستفيد شيئاً فقد أصبحت عيني آنجيل كالزجاج.
{أتعلمين؟؟ أنت شخصية غريبة أتمنى حقاً لو أفهمها. بعض الأحيان أظن أن الأمور بيننا قد أصبحت على ما يرام وبلحظة تجعلينني أعتقد العكس}
قالت وهي تتهرب من عينيه المثبتتان عليها:
{ألا يفترض بالصداقة أن تدوم؟؟؟؟ كيف ستدوم بيننا إذا كنت سترحل؟؟؟}
إنها كذبة واهية وقد عرف لورانس ذلك:
{أنت تكذبين آنجيلينا.. أنا متأكد بأن هناك شيء آخر}
كان هناك صوت في داخلها يقول لها أن تخبره. أن تقول له من هي. كانت تتمنى لو تستطيع ذلك ولكن لم الآن؟؟ هل لأنها بدأت أخيراً تعتاد على سرها اللعين؟؟ ولم يعد الآن يؤرق راحتها ولم تود إخبار لورانس بالذات؟؟ كانت دموعها تكاد تنهمر فيده كانت ممسكة بمعصمها برقة ومع ذلك لم تكن تستطيع الابتعاد عنه. كما أن لهجته الرقيقة صعبت عليها ذلك.
كان يتوقع أن صمته سيجعلها تتكلم. لكنها لم تستطع فتح فمها خوفاً من أن تخرج الكلمات دون وعي منها. انه الشخص الوحيد الذي حاول أن يفتش في عقلها عن سبب رفضها له. أدارت وجهها عنه قائلة بصوت أجش:
{هلا تابعنا سيرنا فقط؟}
ترك لورانس معصمها وأمله بأن تتكلم ما يزال موجوداً :
{لم أكن أنوي سوى أن أريحك لأنني على تمام الثقة بأنك قد تعبتي وأنت تحاولين أن تجعلي نفسك باردة عديمة الاهتمام بغيرك وبمن يهتمون لأمرك}
انفجرت بوجهه بغضب:
{وهل من أحد يهتم لأمر أحد؟؟؟!!! كل ما في هذه الدنيا هو المصالح. المصالح فقط . أفضل أن أكون باردة على أن أكون بلهاء يستغفلني الجميع. منذ أن أتيت إلى هنا وأنت تحاول التقرب مني وهذا ما تريدونه جميعاً . تأخذون ما تريدون من غيركم ثم لا تلبثون أن تنسونهم. إذا كنت بحاجة إلى تسلية أو أحد تتودد غليه فابحث عن غيري لورانس ودعني وشأني}
لم تنتظر حتى ترى ردة فعله بل أخذت تركض وتركض دون أن تعلم إلى أين تتجه. وكان صوت لورانس يناديها.
لم تعرف كيف وصلت إلى المنزل!! فهي كانت تجهل الطريق. حتى وصولهم إلى منزل آل شيلبي كان بمحض الصدفة. تساءلت إذا كان لورانس سيعرف كيف يعود؟؟ وأحست بالقلق عليه. ولكن أخذت تقنع نفسها بأن الذنب ليس ذنبها فهو الذي كان فضولياً أكثر من اللازم. ولكن لم يكن يجبرها أن تقول ما قالت. للمرة الثانية يكون لورانس سبب بكائها!! كم مرة سيبكيها بعد؟؟ إذا كان هذا أول الطريق.. فكيف لو استمرت معه؟؟
لن تنسى أبداً صوته الرقيق ولمسته الحنونة. تأثرت بذلك كثيراً. لم يعاملها أحد هكذا منذ زمن.
عندما دخلت غرفتها كان الغيتار لا يزال على السرير. أمسكت به وضغطت عليه بشدة حتى أصبحت أصابعها بيضاء. كانت تشعر برغبة لضربه بالحائط!!!
كل ما كانت تريده هو عطلة هادئة. لم يحصل معها الآن كل هذا؟؟ هل هو بسبب لورانس أم بسبب ماضيها الذي بدأ يضيق الخناق عليها؟؟؟ أليس هناك بئر تستطيع أن تصرخ به كل شيء كما صرخ الحلاق الذي عرف أن أذني الملك كآذان الحمار؟؟؟
بدأ قلقها على لورانس يزداد مع كل دقيقة تمر. سمعت باب المنزل الخارجي يفتح فعرفت أنه هو. فعائلة عمها ستعود بالسيارة وستسمع صوت . أحست بالراحة شيئاً ما. أرادت أن تفتح الباب لتراه لكنها فضلت أن تبقى مكانها على أن ترى معالم وجهه بعد أن قالت ما قالته هناك. كلما اقتربت خطواته كلما أصبحت بطيئة مترددة. توقف أمام باب غرفته وبقي لحظات حتى فتح الباب.
ندم آنجيل بدأ يتزايد... بالرغم من خوفها من أن تتطور العلاقة بينهما. إلا أنها كانت سعيدة بمعرفته وبالشعور الجميل الذي كان ينتابها كلما اقترب منها. ونظرات الإعجاب التي كان يرمقها بها تجعلها تشعر بأنها أميرة وجميلة. واهتمامه بها وبمشكلتها.. بكل شيء. كل ذلك كان يبعث إليها شعور بالأمان, بالسعادة رغم الخوف الذي كان يتسلل إليها بين الحين والآخر. إنها مشاعر متخبطة... خوف وأمان !! كيف يحصل ذلك؟؟ هل هذا إعجاب؟؟؟ وهل الإعجاب يفعل كل ذلك؟؟ أم هو شيء أخطر من الإعجاب؟؟ وهل لهذا السبب كانت تصده كلما ازداد قربه منها؟؟؟.إنها أسئلة كثيرة من الصعب الإجابة عليها..
غفت قبل أن تأتي بقية العائلة ومع ذلك لم تنم جيداً فقد راودها حلم مزعج منعها من ان تعود للنوم.
في الصباح خرجت من غرفتها متأخرة حتى لا تصطدم بلورانس . ولكن بدلاً من ذلك اصطدمت بلورا التي سألتها:
{ما بك؟؟ يبدو أنك لم تنامي جيداً..}
هزت آنجيل كتفيها:
{لابد أن الحلم يأبى الابتعاد عني}
اقتربت لورا من آنجيل وقالت بقلق:
{أخشى ألا يكون الحلم هو السبب}
قطبت آنجيل حاجبيها.
{آنجيل لم لا تتركين العنان لمشاعرك فقط؟؟؟ أنت فتاة لديها مشاعر وأحلام.. لقد رأيتك بالأمس كيف نظرت إلى ذلك الطفل وأنا على تمام الثقة بأنك تمنيت لو كان لك. انه ماضٍ آنجيل. ماضٍ ذهب ولن يعود مرة أخرى}
ظهر الحزن على آنجيل ولم تعد تحتمل ثقل كوب الماء بين يديها.
{لا أريد أن يؤذني أحد مرة أخرى}
{من قال انه سيؤذيك؟؟ منذ جاء إلى هنا واهتمامه منصب عليك. هل تتوقعين لأن يؤذيك أحد وهو مهتم بك هكذا؟}
توقفت لحظات لترى وقع كلامها على آنجيل ثم أكملت:
{لم لا تجربين فقط؟؟ إذا رأيتي منه أي تصرف خاطئ فاتركيه}
لقد كان ذلك كلاماً سهلاً.. أسهل بكثير من تنفيذه. إنها إستراتيجية رائعة.. جربيه.. وإذا لم يعجبك... اتركيه
لقد كانت آنجيل تكره هذا الأسلوب... ولكن ستفكر بالأمر..!!
جلست على الغداء ولورانس يراقبها بطرف عينه. أحست بذلك الدفء يعود إليها من جديد. أنه كالمرض لا تظهر أعراضه غلا بوجود لورانس.
ترى كم امرأة وقعت في حبه؟؟ وهل وقع هو في الحب؟
والآن آنجيل ما هذه الأسئلة؟؟؟ وما علاقتها هي به؟؟؟
بعد أن انتهت من غدائها صعدت إلى غرفتها وهي تخطط أن تذهب إلى الحقل عصراً. ربما كاتيا تكون هناك.
جلست أمام الحقل والبيت خلفها وهي تفكر هل ستمضي بقية العطلة هكذا شاردة دائماً بلورانس. سمعت صوت الغيتار من خلفها فابتسمت.. إنه لورانس.. كان يغني . أو بالأحرى يحاول أن يغني. أغنية على ما يبدو من تأليفه:
{آنجيل .. أنا آسف... آنجيل... لا تقلقي}
ضحكت آنجيل على الأغنية السخيفة وقد نسيت تماماً الموقف الذي حصل بالأمس. جلس بجانبها قائلاً بمرح:
{هل أعجبتك كلمات الأغنية؟؟}
{أغنية؟؟! تستطيع تسميتها أي شيء عدا أغنية... ولكن لم القلق.. أنا لست قلقة}
انتظر قليلاً ثم قال:
{لكي تكون على قافية أنا آسف}
{حسناً. ولم أحضرت الغيتار إلى هنا؟ ألم يكن باستطاعتك أن تنتظر ريثما أعود؟}
{لا.. لسببين. الأول: كي لا يسرق سكوت أو آيان كلمات الأغنية}
{والثاني...؟}
{وضع الغيتار أمامها قائلاً برقة:
{كي تعزفي لي}
ارتبكت آنجيل كالعادة. وأخذ قلبها يدق بعنف وقد تذكرت ما حصل بالأمس.
{ليس قبل أن أوضح شيئاً}
نظرت إلى الغيتار ثم أكملت:
{لورانس. كل ما أرديه هو أن تنسى ما قلته لك بالأمس. لقد مررت في حياتي بمرحلة صعبة عقدت لي حياتي كثيراً}
قال لها:
{سأنسى ذلك. ولكنني سأبقى آمل بأن تقولي لي قصتك يوماً ما}
أخذ الغيتار من أمامها ووضعه في حضنها وقال:
{والآن . ستعزفين لي . أليس كذلك؟؟؟}
أخذت آنجيل الغيتار وهي لا تزال تتساءل.. أعزف أم لا أعزف؟؟ ولكن ما المشكلة إن عزفت. ولأنه لم يكن هناك سبب يمنعها من ذلك فقد باشرت بالعزف بالرغم من عيني لورانس التي عادت لتراقبها.
يا للسخرية.. غروب الشمس. وعزف الغيتار.. ولا أحد حولهما.. أنه بالفعل جو رومانسي ولو كان هناك فتاة غيرها مع لورانس فإنها بلا شك ستستغل هذا الجو وهذا المكان. وربما لورانس سيحاول التقرب من تلك الفتاة.
حدثت نفسها بأن تتوقف عن هذا التفكير وهذه الافتراضات..
قررا العودة إلى المنزل عندما غابت الشمس تماماً. خصوصاً أن الهواء أصبح بارداً بعض الشيء.
في تلك الليلة لم تستطع النوم وهي تفكر كيف أصبحا أصدقاء هكذا؟؟ ولكن ما تشعر به نحوه هو أكثر من صداقة.. أكثر بكثير من الصداقة. وظهر في نفسها خوف جديد من أن تفقده بعد أن تعلقت به ولكن من يدري؟؟ لربما قابلته بعد أن تعود على إلى منزلها. فهو يعيش في نفس المدينة التي تعيش فيها. وغفلت وهي تفكر بهذه الفكرة.
******************************
مر أسبوعان وهي ولورانس على خير ما يرام.. يتسابقان بالخيل.. يتمشيان معاً.. وفي بعض الأحيان كان يساعدها في عملها بحقلها طوال فترة العصر. كانت دائماً تحاول تجاهل إنذارات عقلها التي أخذت تتزايد مع ازدياد علاقتها بلورانس. وبالأخص بعد أن اقترح لورانس بأن يزورها في منزلها بالمدينة. واقترح أيضاً أن يعودا معاً إلى المدينة. وقد أراحها هذا الاقتراح من فكرة ألا تراه بعد انتهاء إجازتها.
ذهبت ذات يوم لزيارة تينا وعادت إلى المنزل حوالي الخامسة لأنها تذكرت اتفاقها مع لورانس بأن يقوما بجولة إلى الجهة الأخرى من القرية التي لم يزوراها إلى الآن.


روايات عبير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-12, 01:48 AM   #15

روايات عبير
 
الصورة الرمزية روايات عبير

? العضوٌ??? » 62690
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 465
?  نُقآطِيْ » روايات عبير is on a distinguished road
افتراضي

((الفصل الثامن))
دخلت إلى المنزل فوجدت لورا جالسة وبيدها صحيفة ووجهها الشاحب يعلوه مئة تعبير وتعبير أولها القلق الذي انتقل إلى آنجيل. فسألت:
{لورا .. ما بك؟؟ هل حصل شيء؟؟}
حاولت لورا جاهدة أن تبدو متماسكة:
{آنجيل أرجوك ألا تغضبي... يجب أن تبقي هادئة}
ازداد قلق آنجيل وبدأ صوتها بالارتفاع:
{لقد أفزعتني لورا؟؟؟ .. ما الذي حدث؟؟}
مدت لورا يدها لآنجيل مناولة إياها الجريدة:
{لا تقلقي.. فهو ليس خبراً سيئاً جداً.. لقد قرأت خبراً في الجريدة عندما كنت في منزل تينا. وفكرت بأنه ... قد يهمك أن تعرفي أن..}
أخذت آنجيل الجريدة من يدها وبدأت تقرأ إلى حيث أشارت لورا. مرت عينيها على عنوان المقال فشعرت بظهرها يتصلب وقد فقدت كل إحساس بما حولها ونسيت دموعها لتنهمر على الجريدة ولم تعي كم كان صوتها علٍ وهي تقرأ:
{الرسام الشهير المعروف بلقب جاك كريس.. يبعث برسالة إلى أخته آنجيلينا مالكوم مفصحاً عن اسمه الحقيقي جاك مالكوم راجياً من أي أحد يعرف عنها شيئاً أن يبلغه وذلك مقابل مكافأة مالية قدرها...}
بعد أن توقفت عن القراءة قالت لورا:
{إنه الخبر الثاني من أخاك. لقد خبأت الخبر الأول قبل أن تأتي إلى هنا واكتشفت بأنك لم تقرئيه. لقد كان كلاماً موجهاً لك أنت وليست رسالة عامة}
برزت عظام فكها وهي تصرخ بغضب:
{وهل تذكر الآن؟؟ بعد ماذا؟؟ ويقدم مكافأة؟؟ هل أنا مجرمة؟؟}
خرجت من المنزل وصفقت الباب ورائها بعنف وأخذت تركض حتى وصلت إلى حقلها. بكائها المرير وصوت شهقاتها وهي تتذكر صورة جاك على الجريدة منعاها من سماع خطوات لورانس.
مع أنها لم تكن سوى كلمة.إلا أن ذلك كان كافياً ليبين القلق الذي يشوب صوت لورانس:
{آنجيل؟؟}
نظرت خلفها لتراه واقفاً ممسكاً بالجريدة..
قال:
{لقد سمعتك بمحض الصدفة}
خطفت الجريدة من يده وأخذت تمزقها بعنف ولورانس يحاول تهدئتها
قالت وهي تصرخ:
{ابتعد عني.. أنت لم تسمعني صدفة.. كل تمثيلك بأنك تبدو قلقاً علي كان مكشوفاً منذ البداية... أنت كالبقية لا تختلف عنهم بشيء. ما أنت إلا شخص حقير}
خوف لورانس عليها منعه من الرد وهو يراها بحالة هستيرية. اقتربت منه وأخذت تضربه بيديها على صدره وهي تهذي كلاماً لم تعي معناه. ولم يكن له معنى أصلاً. أمسك لورانس بيديها:
{آنجيل .. ماذا حصل .. أرجوك اهدئي}
نظرت آنجيل إليه وبدأت صورته تتلاشى. شعرت بأن الأرض تهوي بها حتى سقطت بين يدي لورانس وهي تسمعه يناديها.
حاولت فتح عينيها إلا أنها لم تستطع ذلك. ولكنها سمعت الدكتور هامستون يتكلم:
{إنه انهيار عصبي. لقد أعطيتها إبرة مهدئ ولكن لن أستطيع الجزم إن كانت ستعود للحالة مرة أخرى}
سمعت بعد ذلك صوت لورانس يسأل عما يستطيع فعله لها؟.
لم كل هذا الاهتمام؟ صوته القلق ذكرها لما هي هنا ولم الدكتور هامستون قال بأن ما حصل انهيار عصبي. إنها تلك الجريدة. هل قالت له لورا لم أخاها يكتب نداء لها بالجريدة؟ وهل كان كلامه حقيقياً عندما قال بأنه سمعها صدفة؟؟
لقد بدأت الأصوات تخف من جديد. غطت في النوم مرة أخرى. لم تعرف كم بقيت وهي نائمة, إلا أنها كانت تشعر بدفء يسري من يدها حتى باقي جسدها. عرفت مصدر الدفء دون أن تفتح عينيها. لكن أبعد كل هذا بقي مصراً على أن يكون بجانبها؟؟ لم؟؟
شعرت بألم بالغ. لم يكن جسدياً بل كان في قلبها. كيف تذكر أخاها بعد كل هذه السنوات؟؟ كيف استطاع أن يبقى كل هذه الفترة دون أن يسأل عنها؟؟ وهي أيضاً .. كيف صبرت على ذلك؟؟. شعرت بحنين مفاجئ لرؤية أخاها. لو لم يضع تلك المكافأة وكأنها مجرمة لكان ذلك أهون.
فتحت عينيها لتجد الغرفة مظلمة لا ينيرها سوى ضوء القمر الداخل من الشرفة. تذكرت أنها قد خططت هي ولورانس أن يذهبا في جولة. وقد قال لها بأنهما سيبقيان في الحقل حتى منتصف الليل. البدر المكتمل جعلها تتذكر بأن لورانس قد أقام عندهم حوالي الشهر.
هل الشهر هو زمن كافي حتى تتمسك بيده بهذا الشكل؟؟ عرفت أنه بجانبها. فهو لا يزال ممسكاً بيدها.
تململت قليلاً في السرير. فسحب لورانس يده يسألها:
{هل استيقظت؟..}
تمنت لو لم يسحب يده. فقد أحست ببرودة الهواء الداخل من الشرفة.
قال بنفس اللهجة القلقة:
{هل أنت بخير آنجيل؟؟}
أدارت وجهها إليه:
{بخير؟؟ ماذا قالت لك لورا؟؟}
{لم تقل لي شيئاً.. لقد أخبرتك بأنني لن اركض وراء قصتك بل سأسمعها منك أنت لا من لورا}
لمحت آنجيل الجريدة بجانبه على الطاولة فطلبتها منه. وما إن أمسكت بها حتى سقطت قطعتي ورق. الأولى كانت خبراً ليس خبراً فقط بل صاعقة. كتب فيها أن الرسام جاك كريس يتعرض لخسارة كبيرة بسبب حريق أصاب مرسمه حرق فيه أكثر من اثني عشر لوحة وذلك قبل افتتاح المعرض بأسبوع.
كان التاريخ مدوناً بجانب القصاصة. هذا يعني أن الحادثة وقعت منذ حوالي الخمسة أشهر.
والثانية فيبدو أنها الخبر الذي قالت لها لورا عنه وقد كان كلاماً موجهاً إليها وكان بعد الحادث بشهر.
شعرت بالأسى الشديد عليه. يبدو أنه كان بحاجة إليها.
رمت الجريدة وقصاصات الورق على الأرض فقال لها لورانس:
{ليست هذه هي الطريقة لحل الأمور}
اختنق صوتها وهي ترد عليه:
{حقاً؟ وكيف تحل إذن؟}
{آنجيل لا داعي للانفعال. نستطيع التناقش بهدوء فالموضوع أولاً وأخيراً عائد إليك}
مسحت عينيها بكفها وحاولت أن تكون هادئة وهي تقول:
{لابد أنك ولدت وأنت محاط برعاية والديك لا تعرف ما هو الألم ولا الحرمان ولم تشعر أبداً أنك منبوذ؟ ولم تتعرض لطعنة بظهرك من أكثر الناس الذين وثقت بهم}
{إنك تهولين الموضوع. لقد بعث إليك أخاك ليراك وها أنت ترفضين وتقولين أن الجميع نبذك}
{أتعرف ما الصلة بين قصاصتي الورق}
هز لورانس رأسه فقالت:
{الأولى يخسر فيه جاك كل ماله والثانية يطلب أن يراني ليعوض ما خسره}
{كيف تحكمين عليه وأنت لم تريه بعد؟؟}
لم تعرف آنجيل كيف توصلت إلى هذا الاستنتاج. هل يعقل أن يفعل بها جاك ما فعله بالمرة الأولى؟ هل هو حقير لهذه الدرجة؟ لورانس معه حق كيف تحكم عليه دون أن تسمعه حتى؟
شعورها بأنها مخطئة جعل عصبيتها تزداد حتى انفجرت بوجه لورانس:
{لابد أنك فعلت ما فعله لكي تبرر موقفه هكذا. لابد أن علاقاتك جميعها مصالح حتى علاقتك معي واهتمامك بي .. لورانس لا داعي لأن تمثل دور الرجل اللطيف المهتم فما أنت سوى شخص حقير كجاك تماماً}
ما إن خرجت العبارة الأخيرة من فهما حتى أحست بالند. هذه هي المرة الثانية التي تصفه بها بالحقير. لورانس ليس كذلك أبداً وهي تعرف ذلك. نظرت إليه بعينين ماؤهما الدموع. ماذا سيقول الآن؟؟ انتظرت أن يقول شيئاً إلا أنه لم يفتح فمه بكلمة بل وقف وقد شعر بصدمة مما قالته. سكوته زاد من شعورها بالندم. لابد أنه سيخرج الآن.. سيخرج ولن يعود. أدارت وجهها إلى الناحية الأخرى وهي تنتظر أن يخرج حتى تبدأ بنوبتها الهستيرية الثانية. ما إن نطق باسمها حتى بدأ قلبها يتسارع. قال وهو لا زال واقفاً:
{عندما جئت إلى هنا لم أكن اعلم بأن إجازتي ستكون حافلة هكذا. لقد كنت صادقة عندما قلت بأنني كنت محاطاً برعاية والدي. ولكني شعرت بالملل بعد ذلك. فقررت البحث عن مغامرة وعن شيء جديد فكان أن اتفقت مع أصدقائي لزيارة هذا المكان وقد كتب لي أن أسقط بين يديك لتنقذيني. إذا كان وجودي هنا سيؤذيكي فسأرحل. كل ما كنت أريده هو أن أكون صديقك أو..... ولم أكن أعلم أن صداقتي ستجلب لي كل هذا الشيق لك. لذلك سأرحل غداً فلا داعي لبقائي هنا أكثر من ذلك}
طوال حديثه كانت آنجيل تحاول أن تتماسك وهي تعلم بأنه إن رحل فلن يعود. وهي لا تريد ذلك. حقاً لا تريد, ليس الآن بعد أن تعلقت به.
استدار ليخرج من الغرفة فأمسكت بيده:
{اجلس لورانس. لن آخذ من وقتك كثيراً}
شعر لورانس بأنه قد وجد الفرصة ليسمع منها ما كان يريد أن يسمعه فجلس منصتاً إليها. لم تعرف من أين تبدأ كلامها. نظرت إلى الشرفة بجانبها علها تجد ما يساعدها على البدء. وأخذت تعود بذاكرتها إلى الوراء.
قالت بصوت خافت:
{عندما كنت في الثامنة وجاك في العشرة كان والدي لا يزال موجوداً وكنا نعيش في منزل في المدينة ونحن نظن أننا عائلة سعيدة لم تعرف المشاكل يوماً... حتى جاء ذلك اليوم الذي سافر فيه والدي للعمل وقال إنه سيعود بعد ستة أشهر ومضت سنة ولم يعد. أتعلم لما؟؟
كانت تعلم بأن لورانس لن يرد عليها ولكنها كانت تفضل أن تتريث قبل أن تبدأ القصة الحقيقية التي جعلتها الآن هنا.
{لقد بعث إلينا برسالة ليخبرنا انه تزوج في الخارج وهو سعيد جداً بهذا الزواج لذلك فقد اختصر على نفسه وأرسل أيضا إلى أمي ورقة الطلاق مصحوبة بورقة يتنازل فيها عن المنزل ولكن الأزمات المالية أجبرتنا على بيعه واستئجار منزل آخر حقير}
لم تعد تستطع التماسك أكثر من ذلك فأخذت دموعها تنهمر على خديها , وهي تتذكر ذلك المنزل الذي كان عبارة عن غرفتين ومطبخ ضيق .
{ولما بلغت الثانية عشرة تعرفت أمي إلى رجل يدعى دايفيد وأحبته وبعدها بأشهر أخبرتنا بأنهما سيتزوجان . لم نعارض على ذلك فسعادة أمي كانت فوق كل شيء نظرا لما عانته معنا . وبعد أن تزوجا تغايرت معاملته لي ولجاك فلم سمح لنا بالخروج من المنزل سوى للمدرسة ولم يعطينا مصروفا كافيا حتى انه لم يدعنا نعمل كي نصرف على أنفسنا . كانت تلك طريقته للانتقام مني ومن جاك لأننا نذكره دائما بوالدي . والسبب الوحيد الذي كان يمنعنا من الشكوى هو معاملته الجيدة لأمي ولأنها كانت مغرمة به . بقينا على هذه الحال أربع سنوات ونحن لم نعرف كيف مضت وجاك لا يزال متمسكا بحلمه بأن يصبح رساما مشهورا ويسافر إلى الخارج فقررت مساعدته وذلك بأن نهرب من المنزل . في البداية رفض الفكرة بسبب أمي وما سيحل عليها من مشاكل إذا رحل ولكن في اليوم الثاني تشاجر مع دايفيد لأن جاك كان يود الذهاب إلى رحلة ولم يسمح له بذلك فجاء إلى غرفتي ليلا لنخطط لموضوع الهرب ولكن وقفت أمامنا مشكلتين المال وجاك الذي لم يبلغ بعد الثامنة عشر . ولهذا بحثنا عن عمل في الفترة التي يكون فيها دايفيد في عمله كي نجمع المال الكافي لسفر جاك وبحثه عن حلمه الذي طالما حلم به . مضت سنة والمشاكل بين دايفيد وجاك تتزايد وكل ذلك كان دون علم أمي لأن دايفيد يكون أمامها أبانا الآخر }
قال لورانس :
{ألم تسمعهما أبدا يتشاجران؟}
هزت آنجيل رأسها نفيا وأكملت :
{وجاء ذلك اليوم الذي كنا نخطط له فقد جمعنا ما يكفي من المال لشراء تذكرة طائرة ومصروف لا بأس به . جمع جاك أغراضه ليلا وهو يعدني أنه سيعود لأخذي معه }
ازداد بكاء آنجيل وهي تقول :
{بقيت طوال الليل أبكي وأدعو أن لا يصيبه مكروه ولم أفكر أبدا بردة فعل دايفيد أو أمي إذا علما أن جاك هرب ولن يعود . فقد خطط دايفيد أن يجعل جاك يعمل معه في الشركة مقابل أن يدعه يكمل دراسته لذلك فهروب جاك أصبح خسارة بالنسبة لدايفيد آما أمي التي كنا نتظاهر أمامها بالسعادة ستعرف كل شيء في الصباح ولكن أين سنرحل لو طلبت أمي الطلاق . عندها فكرت أن أكذب وأقول أن صديقه مرض فجأة واتصل على جاك ليبيت عنده أسبوع ... وبالفعل كان هذا ما أخبرتهم به في اليوم التالي . شعرت أن أمي لم تكن مرتاحة لهذا النبأ فسألتني مرة أخرى عن جاك ولكنها بقيت مصرة على أن ليس هذا هو ما حصل }
سكتت آنجيل وقد طالت فترة سكوتها هذه المرة فقال لورانس يحثها على الكلام :
{ماذا جرى بعد ذلك ؟}
{بعد ثمانية أيام خرجت أمي لتناول العشاء مع صديقاتها وهي تسألني كل يوم عن جاك وقد كذبت عليها مرة وقلت لها أن جاك اتصل وهي لم تكن بالمنزل .. بقيت وحدي في المنزل وقد شعرت بالخوف لأن جاك في العادة يكون معي ولسوء الحظ أن واحدة من صديقات أمي كانت حامل وصادفت ولادتها أثناء العشاء فاتصلت أمي وقالت أنها ستتأخر قليلا . أًصبحت الساعة الثانية عشر وأنا في غرفتي أنتظر أمي سمعت صوت باب المنزل يفتح وظننت بأنها قد وصلت ولكن عندما فتح باب غرفتي كان دايفيد هو القادم ولكنه لم يكن في حالة طبيعية .. رائحة كانت بشعة وشكله يدل على أنه قد شرب حد الثمالة . خفت كثيرا وأنا أراه يقترب مني ويسألني ضاحكا أين أمي رغم أنه كان يعلم أنها ليست في المنزل وقفت أمامه وأنا أصرخ في وجهه كي يخرج من الغرفة }
ارتجف صوت آنجيل ويديها وازدادت سرعة تنفسها :
{دفعني بقوة فارتميت على السرير وأنا لازلت أدفعه بقدمي ولكن جثته الكبيرة منعته من أن يتحرك من مكانه ولو قليلا ولشدة خوفي صرخت أنادي جاك عنها بدا على دايفيد وكأنه قد أفاق عندما سمع اسم جاك فابتعد يسألني وقد ازداد غضبه أنه قد مضى أسبوع وجاك لم يعد بعد فأخبرته.. أخبرته أن جاك لن يعود مرة أخرى فقد سافر هارباً منه وقلت له بأنني سأخبر أمي بكل شيء عنه وعن كذبه بأنه يعطينا ملاً كافياً وعند تهديده لنا بأن يرمينا في الشارع.ز فهجم عليي...}
وضعت يدها على رقبتها وهي لا تزال ترتجف:
{أنفاسه الكريهة على رقبتي منعتني من الإحساس بأي شيء. فأمسكت بالزهرية التي كانت بجانبي وضربته على رأسه}
لم تستطع آنجيل النظر على لورانس...:
{سقط على الأرض والدماء أصبحت كالوسادة تحت رأسه.. شعرت بأن عقلي قد توقف عن العمل ولم أستطع التفكير بشيء.. خفت أن اتصل بالإسعاف أو بأمي أو بأي أحد آخر.. وبدون وعي أمسكت بحقيبة وضعت بها ملابسي وأخذت المال الذي كان في جيب دايفيد وخرجت من المنزل أركض وأنا أنظر ورائي خوفاً من أن يتبعني أحد ما. لم اعرف أين أذهب. أو أين أنام. كيف أتدبر أمري. حتى جاك لا أعلم أين هو. بعد أن يئست عدت إلى المنزل وما أن اقتربت حتى وجدت سيارة إسعاف. لم أستطع الاقتراب أكثر ولم أعرف إذا كان دايفيد قد مات أم لا. عدت أمشي فوجدت بطريقي حديقة دخلتها وحاولت النوم على كرسي تحت الشجرة بعيدة عن الأنظار. ولكني لم أستطع النوم.
ضمت يديها إلى جسدها وقد زاد شعورها بالبرد رغم الغطاء الذي كان يغطيها. لاحظ لورانس ذلك فوقف يلف الغطاء عليها جيداً.
حاولت قدر استطاعتها لتوقف ارتجاف يديها عندما اقترب لورانس منها.
أخذت نفساً عميقاً بعد أن مسحت دموعها وأكملت:
{في الصباح ذهبت أبحث عن عمل في المحال التجارية والبقالات ولكن دون جدوى. وبقيت يومين أنام في الحدائق ليلاً وأجول المدينة نهاراً. وأنا أحلم في النوم واليقظة وأفكر بما إذا كان ما فعلته صحيحاً أم لا.
وما إن مضت ثلاثة أيام حتى نفذت مني النقود وبقيت يوماً كاملاً بدون طعام وقد ابتعدت كثيراً عن المنزل أكثر مما كنت أتصور.. وهكذا وقفت أمام محل يبيع أدوات تصليح سيارات وما أن رأيت الرجل هناك حتى أغمي علي وعندما استيقظت وجدت الرجل وزوجته بجانبي. خفت كثيراً وقد لاحظوا ذلك . أخذوا يطمئنونني ويقولون بأنني سأكون بخير. تساءلت حينها هل سأبقى بخير لو قلت لهم ما الذي أوصلني غليهم}
حينها قال لورانس متسائلاً:
{هل كان العم ريتشارد؟}
{أجل. عندما فتحت عيني في اليوم التالي لم أجد أحداً في الغرفة فقط حقيبة أغراضي. فكرت أن أهرب مرة أخرى ولكن لم يطل تفكيري فقد دخلت لورا إلى الغرفة وكانت قد حضرت لي وجبة كنت بأمس الحاجة إليها .... بعد أن تناولت الطعام قالت لي بأنني كنت أهذي طوال نومي.. باختصار.. قلت لها قصتي كاملة وأنا نائمة ثم عرضت علي عرضاً .. بقدر ما كان غريباً.. بقدر ما فرحت به ولكن طلبت مني أن أؤجل ردي إلى أن يأتي العم ريتشارد}
توقفت آنجيل مرة أخرى وأخذت تنظر إلى الجريدة المرمية على الأرض. قاومت رغبتها بأن تمسك بها مرة أخرى:
{عندما جاء العم ريتشارد فتح معي الموضوع مرة أخرى قائلاً أنه لا داعي لأن أفكر بالماضي مرة أخرى. سأعمل في المحل الذي يمتلكه وساسكن عندهم وأكمل دراستي, كان ذلك كثيراً علي دفعة واحدة بعد أن مررت بكل تلك المشاكل.. وافقت.. فلم يكن لدي حل آخر.. واعتبروني كابنتهم التي لم يرزقوا بها. وطوال مكوثي عندهم لم أرى أحدا ولم أجعل أحداً يراني فقد أخذت دراستي وعملي كل وقتي.. حتى سكوت وآيان لم أكن أكلمهم إلا للضرورة ولكن مع مرور الأيام أصبحنا كالإخوة....
حلمت مرات عدة بجاك وأمي حتى دايفيد لم يكن يفارق أحلامي. عندها طلبت من سكوت أن يذهب إلى منزلنا ليسأل عن دايفيد وأمي... جلست ساعتين لم أعلم كيف مضتا حتى جاء سكوت يخبرني بأن دايفيد وأمي على ما يرام. حينها قررت أن أغلق صفحة الماضي ولا أعود لها أبداً. ولكن وجود العم ريتشارد وعائلته صعبت علي الموضوع. فذهبت أبحث عن عمل جديد وشقة جديدة وسرعان ما وجدتها. لم يكن العم ريتشارد ليعارض رغبتي وهو أيضاً كان قد جمع ما يكفي من المال لشراء هذه المزرعة والعودة إلى قريته... تخرجت واشتريت الشقة التي كنت أحلم بها والسيارة التي أردتها ولكن كل ذلك لم يمنعني من العودة للتفكير بعائلتي. ست سنوات جعلتني أتأقلم مع الكوابيس التي تراودني , مع الكذبة التي أكذبها على كل من يسألني عن عائلتي لأقول لهم بأنني يتيمة, ولكن هاهو الموضوع يعود مرة أخرى}
عندما أحست أن صوتها بدأ يخونها آثرت الصمت إلا أن الصمت كسره لورانس وهو يقول:
{حقاً لا أعلم ماذا أقول.. ولكنني حقاُ معجب بشجاعتك. فلا يمكن لفتاة بعمر السادسة عشرة أن تهرب لتصبح بعد ذلك امرأة قوية لا تسمح لأحد بأن يقف في طريقها}
استغربت من كلامه.. أبعد كل هذه الدموع التي ذرفتها أمامه يقول بأنها شجاعة وقوية؟؟!!
{آنجيل..و لم لا تعطين أخاك فقط فرصة يبرر بها ما فعل.. لا تنسي أنه لم يكن يعلم أين أنت وأين تعيشين}
{وأنت أيضاً لا تنسى أنه بعد ثلاث سنوات كان اسمه على كل لسان والمال الذي جمعه لن ينقص شيئاً لو أنه استخدمه للبحث عني. ثم لم يغير اسمه؟ هل كان خائفاً أن أسأل عنه وأجده؟؟}
أصبح صوت لورانس جدياً بعض الشيء:
{آنجيل .. بعصبيتك هذه لن تستطيعي حل شيء}
{وما علاقتك أنت بكل هذا؟؟}
كان ذلك كصفعة على وجه لورانس الذي كان صادقاً باهتمامه بمشكلتها وما سيحصل لها بعد هذه المحادثة:
{معك حق .. فما أنا بنظرك سوى شخص حقير كاذب}
وقف وقد أصر على موقفه هذه المرة إلا أن صوته عاد رقيقاً أكثر من قبل:
{قبل أن أرحل أود أن أسألك شيئاً فقط.. ماذا كنت بالنسبة لك؟؟}
أحقاً يسأل هذا السؤال؟؟ لو أنه سألها قبل الآن لقالت له بأنه أكثر شخص يثبت حضوره وهو بجانبها. وأول شخص يبث فيها كل تلك المشاعر. كانت تعلم أن كلمة صديق لتوفيه حقه فهو لم يكن مجرد صديق بل كان أكثر من ذلك والدليل على هذا هو قلبها الذي يخفق بقوة كلما رأته. لم تستطع.. لم تستطع ولم تجرؤ أن تقول له كل هذا.
هاهي دموعها عادت لتنهمر مرة أخرى ولكن لم تكن دموع حزن بل خوف من أن تفقد شخص وثقت به مرة أخرى. أنزلت رأسها حتى لا يرى سيل الدموع تلك.
مد يده يمسح دموعها من على وجنتها. كانت تلك أرق لمسة على الإطلاق. حتى أنها لم تكد تشعر بها لولا تلك القشعريرة التي عادت لتذكرها بأول لمسة منه في أول يوم له هنا. قال:
{إذا كنت أنا سبب هذه الدموع فلن أسامح نفسي أبداً. كل ما أردت معرفته هو سبب هذا التغيير المفاجئ بتصرفاتك معي. مادمت لا تريدينني فلم جعلتني أركض ورائك هكذا؟؟}
لم ترفع آنجيل رأسها كما أنها لم ترد على ما قال رغم رغبتها بأن تقول له لست أنت فقط من ركض ورائي.. أنا أيضاً ركضت ورائك. قال:
{كنت أنوي أن أجعل هذا اليوم أجمل من ذلك ولكن ليست الظروف فقط من وقفت ضدي.. أنت أيضاً آنجيل وقفت ضدي}
أيتكلم عن الظروف التي وقفت ضده؟؟ إذاً ماذا يجب أن تقول هي؟؟ أن الظروف.. بل الدنيا كلها وقفت ضدها وها هو الآن يعود مرة أخرى ليذكرها بذلك, ليشعرها بذات الوحدة التي شعرت بها وهي تحاول النوم في حديقة خالية أشجارها عابسة وكأن نوم آنجيل تحتها قد أزعجها وتخاطبها بصمت ارحلي من هنا حتى نحن لا نريدك.
تحرك لورانس نحو الباب فنادته آنجيل. وقف للحظات ينظر إليها ولكنها بقيت صامتة فهز رأسه بأسى وخرج.
لقد خرج.. وسيذهب إلى غرفته ليوضب أغراضه ويرحل...!
غرقت آنجيل في أفكارها عن أخاها ووالدتها التي لم ترها منذ ست سنوات.
حاولت النوم ولكن الأحلام عادت لتطاردها فم تغمض عينها حتى جاء الصباح.
عندما استيقظت تذكرت لورانس الذي سيرحل لمنزله. قفزت من سريرها لتغير ملابسها وتنزل لتراه وتخبره بالقرار الذي أخذته . لم تعرف آنجيل نفسها عندما نظرت في المرآة فعيناها كانتا كخوختين منتفختين ووجهها شاحب وشعرها أشعث بدت كالأشباح تماما ولكن ذلك لم يكن ليهمها الآن .
ارتدت ملابسها ونزلت لتصادف سكوت على الدرج :
{أين لورانس ؟}
{ألم تعلمي ؟! لقد رحل}
حسنا كانت تتوقع رحيله ولكن ..... ولكن ماذا ؟؟ قبل أن يودعها ؟؟ هل كان وداع الأمس يكفي ؟؟
قال سكوت :
{آنجيل هل أنت بخير ؟ تبدين شاحبة}
{سأصعد إلى غرفتي }
{ألا تريدين تناول الغداء معنا؟}
الغداء ؟؟ هذا يعني أن الوقت الآن متأخر ، رفضت آنجيل ذلك وصعدت إلى غرفتها .
جلست طويلا على السرير تحاول ترتيب ولو قليلا , وبدأت تتساءل هل أسافر عائدة إلى المدينة أم أبقى هنا ليذكرني كل شيء بلورانس !! . وما الفرق على كل حال ؟؟ فهي لن تنساه سواء كانت هنا أم هناك . لذلك ستبقى أسبوعا آخر ثم ترحل هي الأخرى ...
تبقى المسألة الثانية .. أخاها جاك ! هل تبعث برسالة إليه أم تذهب إلى منزله لتراه , فالبحث عن منزل الرسام جاك كريس أو جاك مالكوم ليس بالأمر الصعب.
طرقت لورا باب الغرفة ودخلت لترى آنجيل شاردة:
{آنجيل.. لقد أحضرت لك الغداء}
{لا أريد أن آكل}
{لا دخل للأكل بمشاكلك. ثم أنه سيرد لك بعضاً من النشاط. انظري إلى نفسك.. لقد تغيرت بين ليلة وضحاها}
{هل قال لورانس شيئاً قبل أن يرحل؟؟}
{لا.. هل حصل بينكما شيء بالأمس؟؟}
لم تجيب آنجيل على سؤال لورا فأدركت لورا فوراً ما حصل.. إذاً لقد أخبرته آنجيل عن ماضيها فلامها هو على القطيعة بينها وبين أخاها. فقد لامتها لورا أيضاً. فليس غريب أن يفعل لورانس ذلك. ولكن هذا ليس السبب الكافي لرحيل لورانس. إذاً فقد تشاجرا.
لم تضغط لورا على آنجيل بالأسئلة فقد كان واضحاً تماماً أنها لن تجاوب. وضعت لها صينية الطعام بجانبها وخرجت. بالكاد استطاعت تناول نصف الحساء وأمضت اليوم بكامله على هذا الحال صامتة لا تتكلم ولا تأكل سوى القليل.
مر يومان وحالتها تسوء أكثر فأكثر.
ذهبت إلى الحقل عصراً فقد تعودت الذهاب إلى هناك يومياً ولا تعود إلى المنزل سوى مساءً.
جلست شاردة تفكر بنفس الموضوع الذي شغل بالها منذ أسبوع تقريباً.
{هل تسمحين لي بالجلوس؟؟}
{ولكنك جلست!!}
بقي بجانبها صامتاً.. ثم قال:
{أنت لست على طبيعتك .. هل لورانس هو السبب؟؟؟ؤ
خفق قلبها من جديد عند سماع اسمه وحاولت أن تبدو غير مهتمة:
{لا .. لم تظن ذلك؟؟}
هز سكوت كتفيه:
{لست أنا فقط من يظن ذلك.. لت تستطيعي إنكار أنك معجبة به.. أليس كذلك؟؟}
نظرت إليه بذهول:
{من أين جئت بهذا الاستنتاج السخيف}
قال وعلى وجهه ابتسامة خبيثة:
{المرء يستطيع إنكار كل شيء عدا الإعجاب أو... الحب}
قفز قلب آنجيل من صدرها عند سماعها هذه الكلمة...
هل يعقل ذلك؟؟ لقد حاولت جاهدة ألا يصل الأمر إلى هذه الدرجة.. ولكنه وصل ..
وقد أصبح جلياً تماماً إذا كان سكوت قد عرف ذلك فلا شك أن الجميع يظن هذا أيضاً.
ظنون سكوت ليست مهمة.. المهم هي وظنها .. أو يقينها.
هل صحيح أنها... تحبه؟؟ تحب لورانس!!
أصابها الفزع جراء تفكيرها بهذا الأمر.. فلورانس رحل ولم يترك سوى قلبها الذي أصبح متعلقاً به لدرجة كبيرة.
قلبها الذي أحبه هو بالذات واختاره من بين الجميع.
لقد اعترفت أخيراً؟؟؟ ولكن بعد ماذا؟؟؟ بعد أن رحل؟؟ ما الفائدة من هذا الاعتراف الآن؟؟ وكيف ستحل هذه المشكلة؟؟؟ الأجدر أن تحل مشاكلها الأكبر أولاً.
عاد سكوت يسأل:
{آنجيل هل أنت خائفة من الاعتراف بمشاعرك اتجاه لورانس؟}
هل مشاعرها واضحة إلى هذه الدرجة أم أن سكوت خبير بهذه الأمور؟؟
شعرت برغبة للصراخ والقول بأنها تحبه.. ولكن لا فائدة فهو لن يعود ولن تراه مرة أخرى.
لذلك ستحزم أمرها اليوم وتقرر بشأن مشكلتها الأولى.. فرغم تمزيقها للجريدة .. إلا أن شبح جاك بقي يرافقها قائلاً لها عليك أن تقرري. وبالفعل يجب عليها أن تقرر. فبعد إخبارها للورانس بماضيها. لم تعد واثقة من شيء. لقد قال لورانس شيئاً علق بذهنها. إذ كيف سيأتي أخاها لأخذها وهو لا يعرف أين هي .. هل يعقل أنه راسلها على عنوان زوج أمها.... وأمها؟؟ تساءلت آنجيل كثيراً ماذا حل بأمها بعد أن رحلت... هل بقيت مع دايفيد أم أنها هجرته؟؟ هل تخلت عن حبها له من أجل البحث عن آنجيل وجاك؟؟
كانت الأسئلة تزداد مع مرور الوقت.
قطع سكوت شرودها مقترحاً عليها أن يعودا إلى المنزل. وعندما عادت وجدت كاتيا تنتظرها. رحبت بها وجلست. ولكن نظرات كاتيا لم تكن مريحة فقد سألت مباشرة:
{أنت لست على ما يرام. تبدين... صفراء}
تبرع آيان بتصحيح كلمتها الأخيرة:
{تقصدين شاحبة... معك حق فهي كذلك}
قالت آنجيل لنفسها يا إلهي هل الجميع يعلم أنني أحب لورانس أم أن شعوري بالتعب والإرهاق يصور لي هذه الأشياء؟؟؟
بعد العشاء ذهب آيان إيصال كاتيا فجلست آنجيل لوحدها مع العم ريتشارد ولورا. فانتهزت الفرصة لتقول لهم قرارها. ولكن العم ريتشارد سبقها بذلك:
{آنجيل هل هناك شيء تودين إخبارنا به؟؟}
إنه ذكي جداً.. فهي لم تلمح للموضوع حتى.
{كنت أود إخباركم أنني راحلة غداً}
{لقد عرفت هذا.. طوال العشاء وأنت صامتة}
قالت لورا:
{إجازتك لم تنتهي بعد}
{يجب علي تصحيح بعض الأمور.. فقد انتظرت بما فيه الكفاية}
{ستقابلين جاك؟؟}
ليس العم ريتشارد فقد سريع البديهة بل ولورا أيضاً
{أجل.. علي أن أتخلص من عقدة الذنب. يبدو أنه كان يبحث عني منذ فترة طويلة. كما أنه مدين لي باعتذار}
يبدو أنها لا زالت مصرة على وضع اللوم على جاك.. ولكن لا بأس فربما غيرت رأيها بعد ذلك.
في اليوم التالي وقفت آنجيل أمام باب غرفتها تودع ذلك المكان الذي جلست فيه هي ولورانس على الأرض وهي تعزف الغيتار.
ابتسمت وخرجت لتودع العائلة التي تنتظرها في الأسفل. ودعتهم بعينين تملؤهما الدموع وخرجت مع آيان الذي سيوصلها إلى البلدة لتستقل القطار عائدة إلى منزلها في المدينة.
وصلا إلى المحطة دون أن يتكلما ولا حتى كلمة واحدة. آنجيل كانت مشغولة بالتفكير باللحظة التي ستقابل فيها أخاها جاك
ودعت آيان وركبت القطار لتبدأ رحلة أخرى مدتها خمس ساعات.
وصلت إلى منزلها في الساعة التاسعة والنصف ليلاً وهي غير قادرة حتى على تحضير شيء لتأكله.
أكلت وجبة سريعة من المعلبات وذهبت إلى فراشها وللمرة الأولى منذ رحيل لورانس تنام بعمق.
استيقظت في اليوم التالي وحزمت أمورها على مقابلة جاك ولكن أين هو؟؟؟ وما هو عنوان منزله؟؟ قررت أن تتصل بالرقم الذي كان مكتوباً على الجريدة أسفل المقال. فقد علق بذهنها رغم انها لم تكن تنوي حفظه.
توجهت بسرعة إلى الهاتف وطلبت الرقم بتوتر. رن الهاتف مرتين قبل أن يرد عليها رجل عرفت أنه لم يكن جاك:
{مرحباً..}
{أهلاً .. من يتكلم؟؟}
{هل جاك موجود؟؟}
سكت الرجل قليلاً يبدو أنه اعتقد أن صديقة له تسأل عنه:
{لن يأتي جاك إلى المرسم اليوم}
إذاً الرقم هو رقم المرسم... والجيد أن جاك اليوم سيبقى في المنزل.
سألته آنجيل عن عنوان المنزل فارتبك الرجل ولكنه ما لبث أن أعطاها العنوان بعد أن أخبرته أنها تريد العمل معه.
أغلقت سماعة الهاتف وقد أخذت قراراً أنها ستذهب بعد أن ترتب المنزل وتأكل . فالمسافة إلى بيت جاك ستأخذ ساعة على الأقل ويجب أن تكون بكامل قوتها.
انتهت آنجيل من عملها في المنزل واستحمت ولكن التوتر لا زال ملازماً لها رغم محاولتها أن تفكر بأشياء أخرى.
غيرت ملابسها ونظرت إلى الساعة. لقدحان وقت الذهاب خرجت من المنزل لتأخذ سيارتهآ الاودي السوداء من الكراج. تذكرت المبلغ الضخم الذي دفعته مقابل هذه السيارة, لقد كان هذا النوع المفضل لآنجيل ولك تكن لتشتري أي سيارة غيرها.
أمسكت بالمقود وقد لاحظت أن يداها ترتجفان.. للحظة.. فكرت بالعودة, إلآ ان صوت لورانس الذي كان ينصحها بأن تسمع دفاع اخاها جاك جعلها تنطلق إلى العنوان الذي حفظته.
طوال الطرق وذاكرة آنجيل تستعيد كل لحظة وكل موقف لها مع جاك. عندما عملا معاً وخططا معاً. لقد كانا الثنائي الذي من المستحيل ان يفترق. وها هما الىن تمر عليهما ست سنوات دون ان يرا احدهما الىخر.
عندما وصلت إلى الشارع الذي أخبرها عنه الرجل, شرعت تبحث عن المنزل, اوقفت سيارتها بجانب الرصيف ونزلت منها.
نظرت حولها وهي لاتعرف اي منزل يجب ان تطرق بابه , فجميءع المنازل متشابهة في الشكل.. مر رجل بجانبها فاستوقفته وسألته:
{هل تعرف منزل جاك كريس الرسام؟؟}
في البداية احتارت هل تقول كريس أم مالكوم, ولكنها فضلت اسم كريس, احتمال أن يكون الجميع قد قرأ المقال!!
دلها الرجل على المنزل الذي لم يكن بعيداً عنها جداً.
وقفت أمام باب المنزل وقد أصبحت كتلة من الأعصاب المتوترة.. أخذت نفساً عميقاً ودقت الجرس. علها تهدأ قليلاً.
لم يطل انتظارها حتى سمعت صوتاً من الداخل.. صوت تعرفه تمام المعرفة..


روايات عبير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-12, 01:52 AM   #16

روايات عبير
 
الصورة الرمزية روايات عبير

? العضوٌ??? » 62690
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 465
?  نُقآطِيْ » روايات عبير is on a distinguished road
افتراضي

(( الفصل الأخير))
فتح الباب . وظهر أمامها شاب يرتدي بنطالاً قصيراً وكنزة تيشرت وشعره الاسود مثبت بالجل... إنه هو .. !! جاك!!
مرت لحظات وقفا فيها هما الاثنين مصدومين حتى قال جال:
{آنجيلينا..}
واندفع نحوها وطوقها بذراعيه.. عندها نسيت آنجيل كل شيء, ولم تعد تريد سوى البقاء مع أخاها الذي لم يتغير.. نفس الصوت, ونفس الشكل, حتى طريقه اتدائه للملابس , وشعره الذي لا زال يثبه بالجيل كما لو انه ما زال مراهقاً.
انهمرت دمعة على خدها وهي ترى أخاها واقفاً امامها..
أمسك جاك وجهها بيديه كما كان يفعل سابقاً عندما كانت تبكي:
{آنجيل.. لا أصدق انك هنا .. أشعر بأنني أحلم.. ادخلي .. هيا}
دخلت آنجيل خلفه إلى المنزل تنظر حولها إلى الأثاث الفخم والسجاد الفاخر, حتى رائحة المنزل كانت جميلة وغريبة:
{أرى أنك عدلت وضعك}
{ست سنوات ليست بقليلة}
أحضر كأسين وسكب فيهما شراباً واعطى أحدهما لآنجيل. أخذت منه الكأس وجلست, وجلس جاك بجانبها,, وقال:
{أين كنت طوال هذه الفترة؟؟}
تنهدت آنجيل وقالت:
{لم أكن في مكان محدد}
ألهذا لم أستطع العثور عليكي؟؟!}
ضغطت آنجيل على الكأس وقالت:
{عذر أقبح من ذنب جاك, أنت لم تبحث عني أصلاً}
قال جاك عابساً:
{لا تقولي لي بأنك جئت إلى هنا كي ترميني بهذا الاتهام؟؟}
{هذا ليس اتهام.. إنه الواقع..}
{الواقع؟؟ وما أدراك أنت بالواقع؟؟ لقد وعدتك عندما تركتك أن أعود لآخذك.. وقد عجت, وبعد سنة , ولكنني لم أجدك, ولم اجد أمي أيضاً, سألت صديقتك فقالت لي بأنك تركت المنزل بعد ان رحلت أنا باسبوع, وأمي طلقت دايفد ورحلت أيضاً, ولم يكن بيدي أي وسيلة كي ابحث عنكما مجدداً ,وقد وفقت بالعثور على أمي, ولكنني لم أجدك}
شعرت آنجيل بغصة في حلقها:
{إذاً.. انت ترى امي...}
{أجل, وهي تسكن قريباً من هنا.}
{كيف حالها؟}
{هي بخير, يجب أن تذهبي لرؤيتها, فهي لم تتوقف عن لم نفسها منذ رحيلك}
سكتت آنجيل ونظرت إلى كأسها وهي تفكر كيف سيكون لقائها بوالدتها. طال شرودها فأمسك جاك بيدها:
{بإمكاننا نسيان ما مضى ونبدا من جديد , كلنا معاً}
انتهت المشكلة الآن؟؟!! إنها بسيطة للغاية , بلحظة واحدة نسيت كل ما مضى وعادت هي وجاك أخوة من جديد, كما انها سترى أمها أيضاً. تذكرت حديثها مع لورانس عن عدم ثقتها بأحد,, هي تثق, تثق بأمها واخيها , تثق بهما من جديد, واندفعت إلى جاك واحتضنته, لقد آن الأوان لكي تعيش من جديد بسعادة بعد كل تلك السنوات.
عاد التوتر من جديد عندما ساها جاك:
{لماذا تركت المنزل؟}
أشاحت بوجهها عنه:
{ألم تقل لك أمي؟}
{حتى امي لا تعرف السبب, ولا السبب الذي دفعك لضرب دايفيد بتلك الزهرية!!}
أحست ىنجيل بقشعريرة تسري قي جسدها وهي تتذكر منظر دايفيد والدماء تغطي رأسه.. قالت وقد اختنق صوتهاك
{بعد ثمانية ايام من رحيلك, ذهبت أمي للعشاء, ودايفيد أيضاً كان خارج المنزل, صعدت إلى غرفتي لكي انام, ولكنني كنت خائفة, وأخافني أكثر دخول دايفيد ثملاً وهو يحاول التقرب مني, فضربته على رأسه وخرجت من المنزل, وعندما حاولت العودة تلك الليلة, كانت سيارة الإسعاف وسارة شرطة امام المنزل, فوجدت أن فكرة العوجة لم تعد مناسبة}
شرحت له كيف وجدت العم ريتشارد وكيف وصلت لما هي عليه الآن.
سألها جاك بتردد:
{هل تلوميني وامي على ما حدث؟؟}
نظرت آنجيل إليه قائلة:
{م كنت لأضع اللوم عليكما, ولكن الأيام العصيبة التي مررت بها جعلتني ألوم كل من حولي ولم اعد افكر سوى بالعيش بعيداً عن الناس, لقد حاولت نسيانكما, لكني لم أستطع, فرغم كل شيء, أنتما عائلتي..}
وقف جاك امامها وامسكها من يدها وشدها كي تقف:
{تعالي, أود ان أريكي شيئاً}
مشت بجانبه وصعدا السلالم وقد انتابها الفضول لترى جميع غرف المنزل, لابد أنها مرتبة وجميلة كمالقاعة التي في الأسفل.
أدخلها جاك إلى أول غرفة صادفتهما , وما إن فتح الباب حتى تيقنت بأنها غرفته:
{رغم كل الترتيب والأناقة في الأسفل, انت لا زلت فوضوياً!!}
ضحك جاك وهو يمشي في أرجاء الغرفة يحاول أن يخفف قليلاً من الفوضى, فالملابس كانت هنا وهناك, والأحذية منتشرة في أرض الغرفة..!!
وفي النهاية جمع جاك جميع الملابس ورماها في الخزانة دون ترتيب:
{والآن تستطيعين رؤية هذه اللوحة}
برغم من أن اللوحة كانت تتصدر الغرفة, إلا أن ىنجيل لم تنتبه لها وهي تراقب جاك وهو يحاول إزالة الملابس المبعثرة.
اقتربت من اللوحة , وتأملتها , واغرورقت عينيها بالدموع وهي ترى صورتها وأمها بجانبها.
قال جاك من خلفها:
{هل اعجبتك؟}
أجابت دون أن تحول نظرها عن اللوحة:
{إنها رائعة... متى رسمتها؟؟}
{إنها أول لوحة أرسمها.. لم أستطع أن أرسم شيء حينها سواكما, كنت أفتقدكما كثيراً}
ماذا يجب عليها ان تقول الأن؟؟ انها كانت تتعذب كلما تذكرتهما؟؟ وأنها في كل مرة كانت تنظر في المرآة كانت تتذكر أمها وتبكي, وأنها لم تنم ليلة واحدة دون أن تراهما في أحلامها مع كابوس دايفيد.
بقيت صامتة , ثم قالت وقد شعرت بالشوق لرؤية امها:
{هل نستطيع الذهاب إليها الآن؟؟}
{ولكنك لن تتهميها كما اتهمتني , أليس كذلك؟؟}
هزت ىنجيل رأسها بصمت ونزلا معاً وخرجا من المنزل.
بالفعل لم يكن منزل أمها بعيداً عن منزل جاك, فالفاصل الوحيد بينهما هو الشارع.
لم تتوقع آنجيل أن تسكن أمها في شقة, ولكن جاك أخبرها بأن صحتها لا تسمح لها أن تسكن في منزل كبير يحتاج لعناية دائمة ولذلك اختار لها شقة مناسبة لها وقريبة من منزله أيضاً.
فتح الباب بالمفتاح ودخل, بقيت آنجيل واقفة قليلاً ثم لحقت به.
أشار لها إلى الغرفة التي إلى يمينها, دخلت إليها بتردد ورأت إمرأة جالسة على الكرسي, مشت ببطء فأصدرت صريراً بقدميها جعل المرأة تنظر إلى الخلف, تحركت آنجيل نحوها وهي تراقب نظراتها تتحول من الذهول إلى الفرحة, وقفت وأمسكت بآنجيل واخذت تقبلها على وجنتيها وجبينها:
{آنجيل.. ابنتي.. غنني لآأصدق, لاأصدق انني أراك أخيراً يا ابنتي}
مضت دقائق طويلة وأمها ممسكة بها وكأنها تخاف أن تختفي مرة أخرىوقالت:
{ لن أدعك ترحلين مجدداً}
كان هذا وعد صارم من أمها التي بدت وكأنها قد كبرت عشرون عاماً, وقد ظهر بين شعرها الاسود خصلات من الشيب, ولكن عينيها كانت لا تزال تشع حناناً كلما نظرت آنجيل إليهما.
مرت ساعتات وآنجيل جالسة مع أمها وجاك تتحدث فيهما عن عملها وحياتها دون ان تذكر الأيام البائسة التي قضتها في البداية وقد فهمت أمها ذلك ولم تسألها عنها.
توقعت آنجيل أن تكون أمها قد علمت بشأن دايفيد ولكنها لم تقل ذلك لجاك كيلا يضع اللوم علة نفسه.
استأذن جاك منهما ليحضر إبريقاً من الشاي, عندها سألتها أمها:
{لا أرى خاتماً في يدك؟؟}
{وهل هذا ضروري؟}
أمسكت امها بذقنها حتى ترى وجه ابنتها التي كانت تحاول التهرب من الإجابة.. وقال برقة وحنان:
{لن تستطيعي الكذب أو التهرب آنجيل..أنا أمك.. وهناك شيء يشغل بال ابنتي وأود معرفته}
فكرت آنجيل بأنه من حق أمها ان تعرف, فقد خبأت عنها ما يكفي طوال تلك السنوات:
{لقد تعرفت عليه في العطلة في مزرعة العم ريتشارد عندما وقع بمظلته هناك, وقد بقي في المزرعة ما يقارب الشهر, ولم نصبح صديقين إلا في الاسبوعين الأخيرين, ولكنه رحل, وقد كنتالسبب في ذلك, فقد اتهمته بانه شخص حقير وغير جدير بالثقة..}
مسحت عينيها الدامعتين بيدها, فقالت لها امها وهي تضمها:
{لو كان يحبك حقاً, فلا بد أنك سترينه مرة اخرى, انا واثقة من ذلك}
يحبني!! طوال تلك الفترة التي قضتها انجيل مع لورانس وهي تتسائل غن كان يحبها, فهل هو كذلك حقاً؟؟ هل اهتمامه بها وخوفه عليها هو حب حقاً؟؟
بقيت آنجيل في منزل امها حتى الليل, ورغم رغبة امها في أن تنام عندها, إلا أن آنجيل رفضت ذلك, فهي بحاجة لفترة راحة كي تستوعب ما حصل اليوم, قال جاك بضيق:
{عندما جئت لك تصري علي كي أنام عندك, فلم هذا التحيز؟؟}
{أنت رجل جاك, تستطيع تدبر أمرك كما أنني مشتاقة لآنجيل كثيراً وأود التحدث معها أكثر}
ودعت آنجيل أمها ووعدتها بان تزورها غداً.
نزلا معاً هي وجاك ومشيا في الشارع بصمت حتى سألها جاك:
{لقد سمعتكما تتحدثان عن رجل ما..}
{هل كنت تتنصت؟؟}
{كان ذلك صدفة.. ولكن من هو؟؟}
{ولم تسأل؟؟}
{أود أن أطمئن على أختي}
نظرت إليه آنجيل بطرف عينها وقد وصلت إلى حيث أوقفت سيارتها:
{تستطيع القول بأنها تجربة باءت بالفشل}
قالت ذلك وهي تتمنى ألا تفشل حقاً وقد تمسكت بما قالته أمها بأنها ستراه مرة أخرى,, ولكن كيف؟!
قال جاك وهو ينظر إلى السيارة:
{لم أتوقع أن يكون عملك جيد لهذه الدرجة}
غمزته ىنجيل قائلة:
{يبدو أن رسامنا الشهير يملك سيارة قديمة غير ملائمة لمهنته ذات الدخل العالي}
{ما اسمه؟؟}
فتحت آنجيل باب السيارة وهية تنظر إليه بامتعاض:
{ألا زلت فضولياً جاك؟؟.. حسناً اسمه اورانس مورفي}
ودعته وانطلقت بالسيارة..
وصلت إلى المنزل منهكة القوى, لقد حدث كل شيء بسرعة, بسرعة كبيرة, لقائها مع عائلتها كان ممتازاً, لم تكن تتوقع ذلك أبداً, فقد وضعت في مخيلتها احتمالات أسوا بكثير, المهم الآن أن اليوم قد انتهى بخير.
في اليوم التالي ذهبت لمنزل والدتها وقد وجدت هناك جاك الذي كان يساعد أمها على تحضير الغداء, ومضى اليوم سريعاً وهم يثرثرون ويضحكون.
عادت إلى المنزل ليلاً ولكن هذه المرة لم تشعر برغبة في النوم, طوال هذا اليوم وهي تتمنى أن يكون لورانس معها, ليرى عائلتها. يجب أن تعترف بأنها اشتاقت له كثيراُ.
بعد مضي يومين. عادت إلى عملها وقد حاولت ملئ كل وقتها حتى لا تفكر ولو قليلاً بلورانس. فقد بدأت تشعر باليأس بشان رؤيته مرة أخرى. لو كانت تعرف أين يعمل. أو اسم الشركة التي يعمل فيها لذهبت إليه. لكنها لاتعرف عنه شيئاً.
لم يمض اسبوع حتى اتصل عليها سكوت ليبلغها بأن آيان سيتزوج بعد عشرة أيام, ويجب أن تكون موجودة لتحضر حفل الزفاف. تذكرت عندها بأنها عندما اتصلت بلورا لتخبرها عن امها وأخاها جاك قد ذكرت لها لورا موضوعاً مهذا. ولكنها لم تقل لها بأن حفل الزفاف سيكون قريباً.
قضت آنجيل تسعة أيام عند امها قبل أن تسافر, فهي لا تتوقع أن يتركها العم ريتشارد دون ان تقضي أسبوعاً على الأقل عنده.

هاهي الأيام تمر سريعاً. يوم. اسبوع.. شهر دون أن يتوقف عقلها عن التفكير ولو لحظة واحدة بلورانس.
لقفد أصبح لوراننس الآن حلم آخر يرافقها كلما نامت.. وكلما استيقظت لامت نفسها لأنها تركته يرحل, ولكن ما الفائدة الآن؟؟
استيقظت في الصباح الباكر سعيدة, لأنها ولأول مرة ستحضر حفل زفاف, خاصة وأنه زفاف آيان. استحمت وغيرت ملابسها وقد قررت أن تذهب إلى القرية بسيارتها.
حمدت الله أنها قد وضبت أغراضها منذ الليل, فقد تأخرت قليلاً بالاستحمام, فهي بحاجة لأن تكون بحالة جيدة اليوم.
خرجت من المنزل ومرت بطريقها على أمها أما جاك فلم تستطع رؤيته لأنه في مرسمه وهي لم تعرف إلى الآن أين يقع هذا المرسم.
في الطريق, تخيلت لو أن لورانس هناك, ولكن هذا مستحيل فليس من المعقول أن يكون هناك, لا احد يعرف عنه شيئاً. وما أدراها هي غن كانو يعلمون أو لا.. ولكن الفكرة كانت شبه مستحيلة. فحتى لو دعوه. ليس من المعقول أن يأتي بعد أن تصرفت معه ذلك التصرف الغبي عندما اتهمته بانه منذ جاء وهو يحاول التقرب منها.
هذه هي المرة الألف التي تذكر نفسها فيها بالأخطاء التي اقترفتها معه, وفي الآخر تدرك أنه لم يعد هناك أهمية لكي تندم..
توقفت في الطريق عدة مرات ولذلم لم تصل إلى القرية إلا نهاية العصر. عندما وصلت إلى المزرعة لم تجد أحداً في البيت ولكن الباب كان مفتوحاً. بحثت في الغرف وفي المطبخ بدون فائدة. لابد أنهم قد ذهبوا لمنزل كاتيا, فالحفل سيكون هناك.
صعدت إلى غرفتها لتجهز نفسها. دخلت فوجدت على سريرها صندوق كبير مغلف بروق هدايا وعليه وردة كبيرة من الشرائط الحمراء. فتحته بلهفة وقد أذهلها ما كان بداخله وبقيت لدقائق تتأمل الفستان الرائع الذي كان امامها. طوال اليوم تسائلت ما الذي سترتديه؟؟. صحيح انها اشترت بنطلون جينز جديد وكنزة جديدة , لكنها كانت تعلم بأنها لا تناسب حفل زفاف.
أخذت تفكر .. لابدان سكوت هو من أحضره. فهو يعلم كم أحب اللون الأحمر.
رفعت الفستان من الصندوق فوجدت أسفله صندل ذهبي ,, لم تتوقع أن يكون لسكوت ذوقاص رفيعاً هكذا!!
ارتدت الفستان الحريري ولم تنتبه ان دون اكمام.. تسائلت في نفسها كيف سترتديه.. هذه هي المرة الاولى التي ترتدي فيها فستان. كان يجب ان يراعي سكوت هذا. ولكنه فضل ان يزعجها بأن يحضر لها فستان.
رغم العذاب الذي واجهته وهي ترتدي الكعب لتصل إلى المرآة.. إلا انها نسيت كل عذابها عندما رات شكلها.
إذا كانت هي لم تعرف نفسها في البدالية... فلا عجب ألا يعرفها الآخرون عندما سيروها.
كان يجب على لورانس ان يكون موجوداً. فقد تحققت امنيته.. هاهي ترتدي فستاناص احمر وطويل وبدون اكمام أيضاً. مع صندل بكعب عالي..
فتحت حقيبتها لتخرج منها علبة المكياج التي اعطتها إياها اما واخرجت خقيبتها الصغيرة التي كانت تضع فيها زينتها.. لابد أن هذا يوم حظها الذهبي.
فكرت بذلك وهي تخرج قرطاً دائريأً اهدتها إياه صديقتها في عيد ميلادها الماضي وهي تتمنى ان تستطيع آنجيل ارتدائه..
بعد أن انتهت من مكياجها فضلت ترك شعرها منسدلاًثم ألقت نظرة أخيرة على شكلها في المرآة. وخرجت
كانت قيادة السيارة بالكعب أصعب من المشي فيه., وصلت إلى منزل كاتيا وقد فاتتها المراسم الأولى للزفاف.. ولكن هذا لا يهم.
نزلت من سيارتها امام باب الحديقة وأخذت نفساً عميقاً.. مشت حتى وصلت إلى باب المنزل ثم وقفت تفكر.. ليت سكوت هنا .. لا أريد الدخول وحدي.. وعندها سمعت صوتاً من خلفها يقول:
{يبدو ان الفستان قد أعجبك}
لم تصدق ما سمعت وطنت انها تتخيل.. ولكن الصوت بدا حقيقياً صوت تعرفه جيداً ولا يمكن أن تخطئ به.
استدارت لتراه واقفاً أمامها وقد أصابته الدهشة عندما رىها.. صفّر قائلاً:
{انتظري.. هل انت ىنجلينا مالكوم؟؟}
قالت وقلبها يكاد يتوقف:
{كيف جئت إلى هنا؟؟}
{بالسيارة}
ضحكت آنجيل وقد ازداد توترها عندا اقترب لورانس منها, أمسك بشعرها وشده حتى اقتربت منه:
{أشك بأنه يوجد لمسة سحرية جعلت منقذتي تبدو بهذا الجمال}
إنه يلمح عن جاك.. هذا ما ظنته يقصده , ولكنها فضلت ألا تتحدث بهذا الموضوع الآن فسألته:
{هل أنت من أحضر الفستان؟}
عبس لورانس وأمسك بيدها كي يدخلا وهو يقول:
{لم اكن اتوقع أن اللون الأحمر والذهبي سيليق بك هكذا}
ابتسمت وهي تلوم غبائها الذي صور لها أن سكوت سيكون بهذا الكرم كي يحضر لها هكذا هدية.
دخلا إلى القاعة حيث كان الجميع مجتمعين. يحتفلون ويرقصون, ارتبكت عندما رأت الأنظار تتجه إليها. وتذكرت المرة الماضية عندما دخلا هعي ولورانس غلى حفل السيد شيلبي.
تقدم سكوت نحوها قائلاً:
{آنجيل تبدين كعارضات الأزياء, يجب أن أقوم بحمايتك اليوم}
قال له لورانس:
{لا عليك, سأقوم أنا بهذه المهمة}
تركتهما آنجيل واتجهت إلى آيان وكاتيا لتهنئهما.
طانت كاتيا في غاية الروعة بطرحتها الطويلة وفستانها الأبيض
وقفت مع لورا لتحدثها عن امها وجاك ولكن عينيها كانتا تبحثان عن لورانس. كانت لورا سعيد جداً هذا اليوم, وقد ازدادت سعادتها عندما سمعت آنجيل تتحدث عن أمها بسعادة.
اعتذرت لورا منها وذهبت تتحدث مع بقية النساء. اقترب منها ماكس فقالت في نفسها.. لا بأس رقصة معه لن تضر. طلب منها الرقص ولم يتوقف لحظة واحدة عن الكلام بينما هي تفكر هل يرقص لورانس مع تلك السمرا؟؟ ظلت تبحث عنه بنظراتها حتى رأته واقفاً مع سكوت وهما ينظران نحوها ويضحكان.. تركت آنجيل ماكس معتذرة منه وتوجهت نحو سكوت ولورانس ولكنها لم تجد لورانس.
فتحت فمها لتسأل سكوت عنه ولكنها أحست بيد تشدها من خصرها حتى استدارت فوجدته لورانس, كادت تضرخ في وجهه لولا تلك الابتسامة التي كانت على وجهه, فقالت له بحنق:
{لم تسالني إذا كنت أود الرقص معك}
{إذا كنت رقصتي مع ماكس, فأنت بالتأكيد لن ترفضي الرقص معي}
تعليق لاذع. مرة أخرى يجعلها تتوتر . ولكنها ستسأله مهما حصل..
{كنت أظن بانني لن اراك مرة أخرى.. هل أنت غاضب مني؟؟}
{ولم تظنين ذلك؟؟ كما أنني لست غاضباً منك}
{لقد حققت امنيتك وارتديت فستان وكعب عالي}
{أراهن أنه لو لم أأحضرها لارتديتي بنطلون جينز}
{كنت أظن أن سكوت هو من أحضر هذه الهدية فهو يعلم كم أحب هذا اللون}
ظلت آنجيل ترقص مع لورانس حتى عندما بدأت الموسيقى تصبح هادئة.. كان توترها يزداد مع كل دقيقة تمر, ولورانس واضعاً يداه على خصرها, أرادت أن تتكلم بأي شيء عله يخفف حدة التوتر الذي كان بينهما:
{تبدو فاتناً اليوم فهذه المرة الأولى التي أراك فيها ببذلة وربطة عنق}
ابتسم لها لروانس وهي تقول ذلك:
{انتبهي فأنت تؤذين قلبي}
{كنت أظن بأن قلبك سيرتاح عندما أقول ذلك}
{لن يرتاح قلبي طالما انت قربه}
ارتاحت آنجيل لقولفحتى هو يشعر بالتوتر قربها.
قربه منها جعل رائحة عطره تدغدغ أنفها برائحتها الجذابة. عطر يليق بصاحبه تماماً هذا ما فكرت به آنجيل عندما نظرت إلى جانب وجهه وتحديداً إلى الندبة التي كانت على حاجبه, عندما شعر بنظرها نحوه ادار وجهه حتى التقت عيناهما, قال لها:
{ألن تتوقفي عن النظر إلى وجهي؟}
{ليس قبل أن تتوقف أنت عن ذلك}
{لا ادري كم مرة قلت هذا.. ولكن جمال شعرك يسحرني}
حكت آنجيل أنفها قائلة لنفسها هل هذا ما أعجبه فقط
جاء سكوت وشد لورانس من كتفه قائلاً أن الشبان ينتظرونه. وذهبت هي حيث كانت تينات صديقة سكوتوباقي الفتيات. فأصبحت هي في آخر القاعة ولورانس في أولها.
بقيا حتى آخر السهرة على هذا الحال ثم فجأة أحست بيد تمسك يدها وتشدها حتى خرجا من المنزل. قالت له:
{لورانس توقف عن هذا التصرف}
{يجب أن تشكريني لأنني أنقذتك من تلك المجموعة العجيبة من الفتيات}
ظل ممسكاً بيدها وهما يمشيان بصمت حتى ابتعدا عن المنزل كثيراً, شعرت بالبرد فجأة فارتجف جسمها كاملاً, فسحب لورانس يده بلطف وخلع سترته ليضعها عليها. وقف أمامها تماماً وهو يضع السترة على كتفيها العاريتين.
بدا الزمن كأنه توقف وهي ترى لمعان عينيه. رفع يده ووضعها على وجهها قائلاً برقة:
{لا أدري كيف مرت كل تلك الأيام دون أن اراك}
{وأنا أيضاُ افتقدتك كثيراً}
{تعالي...}
الحمدلله .. كنت على وشك أن أقولها.. لكنها فجاة لم تشعر بالراحة أبداً لذلك, لقد كان الجو ملائماً جداً لكي تعترف له بالحقيقة التي ازعجتها طوال فترة غياب لورانس. تذكرت كثير من قصص العشاق الذين يعترفون لبعضهم تحت ضوء القمروفي مكان هادئ.. إذاً لماذا قطع لورانس هذا الجو؟؟ وإلى أين يود أخذها ؟؟ لا بد أنه لا يحبها.. بقيت تفكر وهي تتبعه دون أن ترى حتى إلى أين يذهبان. وقد صعقت عندما قال لها لورانس انهما وصلا. فقد وصلا في الواقع إلى المنزل. وقفت للحظات وهي تحاول أن تستوعب ذلك. هل ترك ذلك المكان الجميل ليأتي بها إلى المنزل؟؟ نظرن إليه وعلى وجهها مئة علامة استفهام..
قال لورانس فجأة:
{أراك لاحقاً آنجيل}
ضغطت آنجيل على فكيها:
{هل جعلتني أترك حفل زفاف آيان كي تأتي بي إلى المنزل؟؟ لم يكن يجدر بي تصديقك}
رفع لورانس كمه ونظر إلى ساعته قائلاً:
{لقد انتهى وقت الحفل أصلاً}
وقبل أن يرفع نظره عن الساعة.. ألقت آنجيل سترته في وجهه وركضت نحو المنزل وصعدت إلى غرفتها وصفقت الباب ورائها بغضب.. شعرت برغبة بالبكاء وهي تفكر بأن الجميع سيفقدها. والأبشع من ذلك أنهم يسظنون أن لورانس قد أخذ آنجيل وذهبا يتغازلان في الخارج. بينما الحقيقة أنه عاد بها إلى المنزل..!!!!
نظرت إلى المرآة وفكرت.. كان يجب أت أترك لورانس وأذهب مع ذلك الشاب الوسيم الذي دعاني للرقص معه..
جلست على سريرها شاردة. والدموع في عينيها. حتى أنها لم تسمع صوت سيارتها وسيارة العم ريتشارد التي توقفت أمام المنزل.
بقيت على هذا الحال حتى سمعت صوتاً آتياً من الشرفة يناديها. خرجت إلى الشرفة ما إن نظرت للأسفل حتى شهقت... كان لورانس على الفرس الأبيض التي تركبها هي بالعادة ممسكاً بيده باقة كبيرة جداً من الورد الأحمر ويناديها بأعلى صوته.
ضحكت آنجيل على منظر وهو يحاول أن يسمك بحبل الفرس وباقة الورد.
{آنجيل. انزلي وإلا صعدت أنا إليك}
رغم ابتسامته الجذابة, إلا أنه كان جاداً بكلامه.. فأخذت تماطل قائلة:
{وإذا لم أنزل؟؟}
{أرجوك .. أكاد أجن وأنا أراك من هنا .. هيا انزلي}
نزلت آنجيل إليه حافية القدمين فآخر شيء كانت تفكر به هو ارتداء ذلك الصندل المزعج.
خرجت من المنزل ودارت حوله حتى وصلت إلى مكان لورانس الذي نزل من الفرس ووقف ينتظرها.
تقدم إليها وامسك بيدها. من يديه المترقتين عرفت آنجيل أنها ليست الوحيدة تالتي تود أن تقول شيئاً يوترها.
سحب لورانس نفساً ثم نظر إليها قائلاً بصوت هامس:
{لقد قال لي والدي إنه عندما ترى شخصاً تحبه وتتوق لرؤيته.. فإن جمال لحظة اللقاء يذيب أي كلمة تود قولها.
لم أفهم ما قاله حينها حتى رأيتك. فكلما أقرر أن أقول لك . بمجرد ان أراك أشعر بأن الكلمات تعلق في حلقي}
سمعت آنجيل صوت ضربات قلبها التي أخذت تتسارع وظنت أنه سيقع بين يديها.
أمسك لورانس بيدها ووضعها على صدره:
{أرأيت ما تسببينه لي كلما اقتربتي مني؟؟}
شعورها بضربات قلبه تحت يدها كاد أن يسبب لها أزمة.:
{لست الوحيد الذي يعاني من هذه المشكلة... لورانس . أود أن أقول لك شيئاً}
ركع لورانس على ركبته وابتسم قائلاً:
{آنجيل.. أنا أحبك.. أحبك.. أحبك}
أول مرة قالها ظنت آنجيل أنه لم تسمع جيداً.. وفي الثانية قالت لنفسها لابد أنني أتوهم.. ولكن الثالثة.. لاشك أنها سمعته بشكل صحيح منذ البداية...
سمعت صوت تصفيق من خلفها واستدارت لترى الجميع واقفاً.. العم ريبتشارد ولورا وسكوت و تينا وآيان وزوجته كاتيا.. حتى سالي كانت معهم.
كان الجميع ينتظر ردها ولورانس أخذ القلق يلوح على وجهه.. حتى قالت بصوت عالٍ:
{أنا أحبك لوران}
قبل لورانس يدها التي كانت بين يديه ثم صعد على الفرس وأمسك بيدها ليساعدها على الركوب أمامه ورفع يده مودعاً الجميع:
{نعتذر منكم . لكننا ذاهبان في نزهة قصير.. عفواً طويلة}
سعادة آنجيل لا يمكن أن تصفها الكلمات وهي تشعر بلورانس قريباٌ منها.. قريباً جداً
... سألته:
{إلى أين نحن ذاهبان؟}
{إلى مكان لايوجد به أحد ولا يكون أحد فيه شاهد علينا سوى ذلك القمر. ففي هذا اليوم بالذات في الشهر الماضي كنت أود أن نخرج أنا وأنت وأقول لك...}
واقترب من اذنها وهمس :
{أنني أحبك بجنون}
توقف عند الحقل ونزل لورانس وساعد آنجيل على النزول. جلست آنجيل أمام لورانس وأسندت رأسها إلى صدره حتى شعرت بأنها تسمع ضربات قلبه تحت رأسها.. تردد لورانس قليلاً قبل أن يسألها:
{لم تعودي تخافين مني كالسابق..}
{لقد أخبرتني من قبل أنك لا تأكل لحوم البشر}
كشر لورانس قليلاً وهو يحاول أن يتذكر متى قال ذلك ثم ضحك.
عاد صوت آنجيل جدياً:
{لقد كنت خائفة أن أفقدك}
{ولم ظننت ذلك؟}
عدلت جلستها واستدارت تنظر إليه:
{لأنني فقد قبلاً كل شخص أحببته. وعندما تأكدت أنني أحبك.. فضلت الابتعاد عنك. ولكن سرعان ما ندمت على ذلك لأنني أدركت أنه لا يمكن أن تفقد شخصاً يحبك وتحبه حقاً}
سكتت قليلاً ثم أكملت:
{عندما هجرنا والدي لم أتأثر كثيراً. فلم أكن أدرك بعد ما معني أن تفقد أباً.. ثم بدأنا نكبر وازدادت حاجتنا لأحد يرعانا ويرشدنا. صحيح أن أمي فعلت كل ما بوسعها. ولكن الشعور بوجود الأب بجانبك مختلف. ثم جاء دايفيد. فشعرنا أنا وجاك أن أمي لم تعد كالسابق وكأنها اعتمدت على دايفيد كي يعتني بنا . خصوصاً أنها صدقت أكاذيبه وبذلك أخذت تبتعد عنا. فلم أجد أحداً بجانبي سوى جاك وعندما رحل.. افتقدته.. افتقدت شجارنا معاً.. ومخططاتنا . كنا أكثر من إخوةوقد أحاطي برعايته وفجأة فقدت هذه الرعاية وصرت وحيدة دون أحد يساندني ويساعدني}
أمسك لورانس بيدها وضغط عليها:
{صدقيني آنجيل... مهما حصل.. سأكون معك , صديقك الذي تسرين إليه وأخاك الذي تعتمدين عليه وامك التي ترعاك وحبيبك الذي يحبك كثيراً}
مد يده إلى جيب سترته وأخرج منه علبة مخملية حمراء فتحها وتناول ما بها ... ابتسمت آنجيل عندما رأت الخاتم الذي يلمع وسط الظلام.
نظر إليها وأكمل:
{وليس هذا فقط بل سأكون أيضاً زوجك إذا وافقت}
شعرت بقلبها يرقص فرحاً وهو يضع الخاتم في اصبعها قائلاً:
{هذا هو الخاتم الذي توارثته نساء عائلة أمي كلها . ولكن إذا لم يعجبك...}
قاطعته آنجيل بسرور:{هذا أجمل خاتم رأيته في حياتي... لت تصدق أمي ذلك}
بقيا صمكانيهما يتهامسان ويضحكان حتى طلع الفجر يبشر بيوم مليء بالسعادة.. اليوم الذي انتظرته آنجيل طويلاً لتجد الشخص الذي سيكون بجانبها إلى الأبد.


روايات عبير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-12, 08:32 PM   #17

نسيم الغروب

نجم روايتي وقاصة وعضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الأعضاء وعضو متألق ونشيط بالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية نسيم الغروب

? العضوٌ??? » 102266
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 6,407
?  نُقآطِيْ » نسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond reputeنسيم الغروب has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير
عبير القصة جميلة
البارحة قرأت الفصل الاول والثاني واليوم وجدتها مكتلمة ومنذ ساعات وانا اقرأها
الصراحة اعجبني التركيب اللغوية وترتيب الجمل حتى بعض الاخطاء الاملائية والتي اتصور بسبب ربما سرعة الكتابة وليست جهل باللغة
حتى القصة وفحواها جميلة
الهروب ليس من طائل وسيأتي يوم لابد من المواجهة فيه

شكراً لكِ


نسيم الغروب غير متواجد حالياً  
التوقيع



رد مع اقتباس
قديم 05-02-12, 08:38 PM   #18

روايات عبير
 
الصورة الرمزية روايات عبير

? العضوٌ??? » 62690
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 465
?  نُقآطِيْ » روايات عبير is on a distinguished road
افتراضي

شكراً كتير إلك...

صديقتي كتير رح تكون مبسوطة بالتعليق... يعطيك ألف عافية

وبالنسبة للأغلاط بعتذر كتير... بس نقلتها من الدفتر ع السريع منشان ما طول عليكون...

شكراً مرة تانية


روايات عبير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-02-12, 01:17 AM   #19

elnagm_elrosh
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية elnagm_elrosh

? العضوٌ??? » 45720
?  التسِجيلٌ » Sep 2008
? مشَارَ?اتْي » 3,271
?  نُقآطِيْ » elnagm_elrosh has a reputation beyond reputeelnagm_elrosh has a reputation beyond reputeelnagm_elrosh has a reputation beyond reputeelnagm_elrosh has a reputation beyond reputeelnagm_elrosh has a reputation beyond reputeelnagm_elrosh has a reputation beyond reputeelnagm_elrosh has a reputation beyond reputeelnagm_elrosh has a reputation beyond reputeelnagm_elrosh has a reputation beyond reputeelnagm_elrosh has a reputation beyond reputeelnagm_elrosh has a reputation beyond repute
افتراضي

قصة جميله شكرا عبير على نقلها و شكراااااااااا للكاتبه


elnagm_elrosh غير متواجد حالياً  
التوقيع



رد مع اقتباس
قديم 06-02-12, 02:22 AM   #20

روايات عبير
 
الصورة الرمزية روايات عبير

? العضوٌ??? » 62690
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 465
?  نُقآطِيْ » روايات عبير is on a distinguished road
افتراضي

العفو ...
وشكراً إلك ع القراءة


روايات عبير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:48 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.