26\12\2012م الاربعاء
سورية القلعة\ متابعات
من القطع المتوسط تتنوع مواضيعه بين الهم الشخصي والعائلي والاجتماعي والوطني ويشكل الحب بمختلف اشكاله العنوان الأبرز لقصائد المجموعة . في قصيدة / وحدنا يناجي المرأة فهي وحدها التي تستطيع اعادة صياغته وتكوينه ولملمة اشلاء روحه في مواجهة الواقع الصعب » في دمي نار فصبي كأس ايامي الاخيرة واعزفي لحن الختام واعبري ثوب المرايا قاتل عري الظلام « هذه الصورة المدهشة في تركيبها الشعري كيف نقرؤها ؟ اعبري ثوب المرايا : فالعبور تجاوز من امر الى امر اخر وربما مسير على درب جديد ومنحى جديد والثوب لباس يستر العري بينما المرايا صقيلة الوجه ترينا انفسنا .. اشكالنا .. وجوهنا .. فالمطلوب اذا تجاوز كل ما يستر فضائحنا وضعفنا وسلبياتنا ونداء لمعالجتها وتصحيحها لذلك يؤكدها بقوله : قاتل عربي الظلام .وتتجلى رؤية الشاعر النافذة في مقاربته للواقع السياسي حين يعلن ختام القصيدة بموقف مبدئي مدهش فيرى انه لا وقت للسلام والاغنيات مادام المعتدي يحمل آلة الحرب : ليس وقتا للحمام في يدي غصن الأماني في يد الغازي سهام عن غد لا تسأليني احمر هذا السلام فالسلام الاخضر لا ينفع مع الغزاة .. المدججين بالسلاح والقبح من ناحية الشكل : في قصيدة / كيف ؟ / يستخدم الشاعر نظرية تبادل الحواس فالحروف تقرأ بالعادة لكنه استدل عليها بحاسة الشم .. فشم حروفها بدلا من ان يراها ويقرأها : لا تهربي عطر الحروف يدلني ودفاتر الشوق المسافر أطلقت أشرعة الغرام .. فهيئي طقس المحاجر و ينتهي المقطع بالذروة الشعرية » اطلقت اشرعة الغرام « فالغرام هنا سفر وله طقوسه ويبقى الشاعر سيد الموقف وهو الذي يتحكم بإدارة الأشرعة . ويتقن الشاعر لعبةالتكرار ليمنح الكلمات والجمل الشعرية تأثيرا أكبر في نفس المتلقي الشعر أهدانا وساما .. حين اهداك الوسام وتستوقفنا قصيدته / براءة مغتصب / وهي قصيدة طويلة تتألف من 30 بيتا وفيها يتناول قصة واقعية حدثت امامه ويعرف شخوصها جميعا وقد وازن الشاعر فيها بين الوضوح والمباشرة والانفعالية والصدق والجرأة وبين السبك الادبي الفني القوي الجميل فجاءت القصيدة مكتملة الشكل والمضمون تزخر بالحكم والمعاني الرائعة ..القصيدة طويلة ومنها بعض الأبيات : بكيت على الضحية من قضاة قضوا ببراءة الذئب المغير ! فباسم الشعب لم يصدر قرار ولكن باسم سمسار خبير تنحى عن طريق الحق قاض وقال لزمرة التزوير : سيري اتقضي بالادانة في صباح ؟ وظهراً بالبراءة يانويري ؟ أمام الطفلتين تهان أم وتبرأ ساحة الوحش الخطير ! إنه السخرية من قضاة فاسدين يتلاعبون بمصائر الناس ضاربين بالقوانين عرض الحائط لا يهمهم سوى منافعهم الشخصية ولو على حساب الحقوق والعدالة لكن الشاعر ينذرهم بالعقاب الشديد في الأرض والسماء .. إن وضوح المخاطب في شعره يسهل عليه صياغته شكلا ومضمونا فالكلام جاهز لقوله وينقصه القالب الفني وهذا نراه اوضح في القصائد التي يخاطب فيها اشخاصا محددين منحهم عنوان القصيدة التي كتبت لهم ومن هذه العناوين نقرأ ( الى عروة ) ابنه ( الى عفراء ) ابنته ( الى والدي ) , ( الى امرأة ضبابية ) ( الى معلمة ) ( عيد الشعر ) ( يا سيد القلم المدافع ) حامد حسن ( سعادة ) والدته وغيرها ... ونتوقف عند العناوين فقد خلت من الصورة الشعرية فالعنوان في الشعر يجب ان يكون شاعريا وينطوي على صورة شعرية وان كلمة واحدة لا تصلح لأن تكون عنوانا في الشعر ... وقد اتبع الشاعر أسلوب التضمين فاختار مقاطع وحكماً وامثالاً معروفة وضمنها في ابيات قصائده بسبك أدبي محكم . عموما يتسرب الحزن من كل ارجاء الديوان وينسكب كالنور من خلال أغصان الكلمات ببساطة ووضوح كاشفا عن إحساس عميق بالناس والكون والحياة حتى لتكاد تحس ان روحه وأنفاسه وعواطفه تتصاعد كاللهب من كل حرف كتبه ناشرا على الدنيا اجمل القصائد وأحلى الاشعار