كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة*

[دنيازادة]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ROSES LEAVES

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يس يس يس.. نحن بالانتظار دندونة
اتفضلو اشربوا معي شاي أخضر بالنعناع مشان يهدي أعصابكم.. الحذر واجب يعني مشان لو دنيا قررت تطلع شرها بهالفصل

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يا مساء الخيرات والورد حبيبتي روز
تسلم الايادي عالشاي اللذيذ تماماً في وقته ترى اعصابي منهاره ..
يا رب اعرف انزل الفصل لانو في تشويش بمجال التركيز *____^ هههههههههههههههه
الليلة مو قادرة اطلع شري مشغوله في إلي بالك بالي ههههههههههههههه
لكن بوعدكم بالفصل القادم بالشر الحقيقي نياهاهااااااااااااااااااا اااا
امواااااااااااااااااااااا اااااااه

[دنيازادة]

مساء الورد والفل والياسمين
سأنزل الآن الفصل الثامن اتمنى ان يرتقي لذائقتكم الروائية ..
قراءة ممتعة

[ROSES LEAVES]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 12 ( الأعضاء 8 والزوار 4) ‏ROSES LEAVES, ‏قمر الليالى44, ‏مرمر1, ‏سومة1989, ‏دنيازادة+, ‏ملكة تدمر, ‏توني
يسعد مساءكم صديقاتي ^_^.. احم احم.. الشبحة الثامنة..اظهري وباني عليك الأماني.. ههههههههه ^_*

[أنشودة الندى]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 7 والزوار 2)
‏أنشودة الندى*, ‏ROSES LEAVES+, ‏دنيازادة+, ‏قمر الليالى44, ‏rola2065, ‏ملكة تدمر, ‏توني 26

مسااااااااااااااااااااااا ااااااااء الخير
^_^

[دنيازادة]

الفصل الثامن
إهداء إلى الصديقة الغالية المبدعة بنت أرض الكنانة

- ما زلتِ تشعرين بالحزن؟
تسرب إليه صوتها قوياً خافتاً ساخراً:
- حزينة!... لا.. لستُ حزينة.. عندما تمضي طوال الليل أرقا وخوافا من أن ينقطع جهاز الأكسجين المربوط بأحب الناس على قلبك بسبب ظلم الفاسدين من ذوي السلطة في معادلات لا يمكن حتى للشيطان أن يقبلها، حين ذلك ستدرك أستاذ يوسف أن كلمة الحزن تبسيط للمعاناة.

نهض يوسف عن مقعده بقلب منقبض مقطب الجبين، عيناه تركزت على نجلاء يحاول سبر أغوارها، اقترب منها وبصوت أجش رجولي سألها:
- من تقصدين بذوي السلطة والنفوذ؟..

اكتفت نجلاء بالصمت مطبقة شفتيها الجميلتين بشدة، فطن فجأة لجملة بدت كناقوس خطر تتردد في رأسه، ضاقت حدقتا عينيه وأردف بخشونة:
- ومن ذلك الذي تخافين أن ينقطع عنه جهاز الأكسجين؟

تنبهت نجلاء لرنة غريبة في صوته مشبعة بالغيرة، لم يكن يخفى عليها إعجاب يوسف الواضح بها، ونظراته التي تلاحقها باستمرار.
قررت بلؤم أن لا تعطيه رداً يريحه بل ستتركه معلقاً في جحيم الأسئلة دون إجابات، قالت بجدية:
- عفواً.. أستاذ يوسف هذه أمور شخصية.
أردفت تتعمد مشاكسته وإغاظته:
- اعذرني لا أحب التحدث عن حياتي الخاصة مع الغرباء.
شددت بلفظها على كلمة الغرباء بخبث، كادت ترتسم فوق شفتيها ابتسامة ساخرة كافحت لتمنعها من الظهور، بدت نجلاء مستمتعة باستفزازه، تشعر بالسعادة حين تثير جنونه بمراوغتها وتحطم غروره الكبير..

لكن انتصارها الساذج ما لبث أن زال، لم تتوقع ردة فعله، كتّف ذراعيه على صدره وبصوت يشوبه الحزن والخيبة قال:
- من الواضح يا آنسة نجلاء أن عداءك موجه لي وحدي فقط..
تجرأ أخيراً على مصارحتها بما يعتمل في نفسه. رمقته نجلاء من طرف عينيها بالخفاء، إنها بالفعل اعتادت وضع يوسف في خانة الأعداء، بل أنه يحتل المركز الأول بقائمة من تتمنى لهم الإقامة في الجحيم.
اقترب منها بجاذبيته المترفة وعلى بعد خطوة واحدة وقف بمواجهتها، انحنى بوجهه الرجولي نحوها قائلاً بتصميم:
- هناك شيء غامض.. وأعدك أني سأكتشفه يا آنسة نجلاء.
ألقى كلماته في وجهها وتحرك مبتعداً عنها، ارتبكت نجلاء واحمر وجهها حنقاً، أخذت نفساً عميقاً وعدّت حتى العشرة، تصنعت الهدوء وردت بصوت حاولت أن تجعله طبيعياً:
- أستاذ يوسف حان موعد الاجتماع اليومي في مكتب العمليات.
حدق بها بعينين ثاقبتين لعله يقرأ خفاياها لكنها بدت ككتاب مطلسم، رموزه دفنت في الصحراء، هز رأسه وأومأ بالإيجاب قائلاً بنبرة جافة وباقتضاب:
- سأكون هناك بعد خمس دقائق.. شكراً آنسة نجلاء يمكنك مغادرة المكتب.

خرجت نجلاء من مكتبه وكل ما فيها يعلن عن احتقارها له وبشاعته في نظرها، وكأن موقعه الإعرابي دائماً نصب عينيها مكسورٌ فمتى يقف أمامها في حالة رفع؟!..
يعلم أنها لا تحبه وتضع بينهما مسافة، فكلما أراد أن يقول لها كلاماً ينفذ إلى أعماقها ترفع الحواجز بينهما، تتعطل لغة البوح وتغدو نجلاء لغزاً بسبع لغات فيما يبقى هو دائماً بحالة مجرور وراء حبها عاجزٍ عن قول كلمة تجعلها تبتسم بخفة وتزيدها بضحكتها الطفولية اللذيذة..
يود لو يقول لها " أحبك " لكن نجلاء لا تدرك ما في قلبه من عواطف صادقة، وهو لن يقولها فلقد رددها على أسماع نساء كثيرات ومعها يرغب أن يحسها لأول مرة..
أقسم لنفسه أنه سيفعل المستحيل لتقول له " أحبك "، فإذا كانت الآن تصر على عدم حبه فسوف ينتظر بلهفة عاشقٍ متيّم أن تقع يوماً صريعة هواه.

بالمكتب المجاور جلست نجلاء وراء مكتبها تقضم أظافرها بأعصاب ممزقة، تمتمت لنفسها:
- لن أستطيع احتمال العمل مع يوسف البغيض ابن نازك المتكبرة الشريرة.

***********************

كانت ناي تجد الممرضة اللطيفة بقربها كلما استيقظت من نومها المتقطع، تطمئنها وتعتني بها بحنان، باتت أهدأ بعد نوبة الانهيار واعترافها الصريح، لا تذكر تفاصيل ما فعلت بالضبط فذاكرتها تصاب بالتشويش أحياناً، ما تدركه أنها باحت بصدق عن مكنونات نفسها وبحقيقة ما حدث معها، تحررت من عبء ثقيل جثم على قلبها بقيود الكتمان والكبت، شعرت براحة عميقة غريبة ولم تعد تهاجمها الكوابيس، فنامت أخيراً بعمق شديد..
قبل بدء جلسة العلاج اليومية طلبت الاتصال بأخيها وائل، شجعتها وحثتها الطبيبة على إعادة التواصل مع الآخرين والانخراط بالحياة من جديد، صوت وائل جاءها قلقاً منزعجاً:
- هل أنتِ بخير؟.. منذ يومين وأنا أتصل بك لماذا لا تردين على هاتفك؟.. لقد قمت بحجز بطاقة سفر وسأكون عندك بعد ساعات..
انتفضت ناي عن السرير وهدرت بصوت متهدج:
- لاااااااااااا .. لا تأتِ وائل.. لا تأتِ..
عضت شفتها السفلى نادمة على تسرعها برفض مجيئه وإثارة خوفه، ابتلعت ريقها واستدركت تقول برقة:
- أقصد لا داعي فأنا بخير..
ناي تخشى على أخيها فهو كل عائلتها ولقد استغلت عطفه عليها كثيراً ومن مصلحته البقاء بعيداً عن تعقيدات حياتها.
- جوري صوتك لا يريحني هل حدث شيء؟..
- صوتي متعب قليلاً، أعاني من الإجهاد هذا كل ما في الأمر.. احتاج للراحة ليس أكثر.
ساد بينهما صمت مرتبك قبل أن يفصح وائل بصوت متحشرج:
- لا اعرف لماذا لا أصدقك يا أختي.. أنا لا أكف عن التفكير بكِ والقلق عليكِ.. متى تقتنعين بالمجيء والاستقرار معي في كندا؟
أجابته بهدوء متحاشية إغضابه أو إثارة انفعاله:
- ربما أفعل يوماً.. لكن ما أخشاه أن لا أستطيع التأقلم مع حياة الغربة.. أريد أن أحيا في وطني.

- عن أي وطن وأي غربة تتحدثين يا جوري؟.. عصابات الفاسدين سيطروا باستبدادهم واستباحوا كرامتنا، جعلونا غرباء ونحن نقيم في الوطن..

همست ناي بصوت مخنوق:
- هل هذا يعني أن نتخلى عن وطننا وأحلامنا يا وائل لمن يحتالون علينا ويضللوننا لأنهم يملكون الشرعية بأموالهم ونفوذهم وسلاحهم؟ أليس من حقنا أن نحاسبهم؟

- نعم من حقنا يا جوري لهذا اعلمي يا أختي أنني سأقف بجانبك دائماً.. رغم كل شيء سأكون معك.

**********************

- رمزي أتحبني حقاً؟
ابتسم بفائض حنان ولمعت عيناه الخضراوان:
- أحبك ماهيتاب وأنتِ تعرفين.
- قل لي إلى أي حد تحبني؟
ضم رمزي يدي ماهيتاب المرتجفتين بين يديه، وبمزيج من اللهفة والفرح هتف:
- أحبكِ ماهيتاب بلا حدود ...
كادت تبكي من شدة التأثر، سألته بأنفاس لاهثة:
- هل تتحدى مدينة الورق وسلطة عائلتي الثرية؟
- لا أملك قصراً ولا ثروة لكن حباً صادقاً وعميقاً.. سأفديكِ بروحي ماهيتاب فهل تجرئين على الزواج بي لنحيا معاً إلى الأبد؟
قفز قلبها من نشوة السعادة وهمست:
- سنبقى معاً للأبد رمزي.. مهما حدث سنبقى معاً.
قبلت ماهيتاب الزواج من رمزي ونبذت حياة الرفاهية باحثة عن الحقيقة الشفافة والحب الصادق.. لن تكون ضحية وتسلم نفسها للجلاد تحت مسمى الزواج ليمنحها تاجاً مرصعاً بالألماس وصولجاناً من الذهب الخالص تتناثر عليه الأحجار الكريمة اللامعة، لا تريد قصراً ضخماً تبكي بين أسواره العالية ليل نهار وتحلم بالحرية، فالظلم والاستبداد يمارسه ذوو السلطة حتى على أقرب المقربين منهم..
تعلمت ماهيتاب مع رمزي ركوب الحافلات بين الناس، اشتمت رائحة العرق والكفاح، عاشت في بيت صغير متواضع امتلأ بالضحكات ومع كل يوم تزداد عشقاً لرمزي ونضاله:
- الكذب الذي تضخمه الأجهزة الإعلامية عن السلام مزيف وغير حقيقي، أبي استشهد في معركة الكرامة عام 1968م بمنطقة غور الأردن قرب النهر المقدس، كنتُ حينها بالكاد أتعلم الحبو لكن أمي حدثتني كيف واجه أبي العدو الصهيوني بباسلة ليدافع بشرف عن أرضنا وعروبتنا، كانت معركة عنيفة حامية الوطيس وتمكن جيشنا العربي من إيقاع أكبر الخسائر بالعدو الصهيوني.. أجبروهم على التوقف وعدم الانتشار لاحتلال جبال البلقاء، أخرجوهم مهزومين بخسارة لم يكن يتوقعها العدو الغاشم.. تلك كانت المرة الأولى يا ماهيتاب في تاريخ صراعنا العربي الطويل ضد الصهاينة هم من يطلبون وقف إطلاق النار ورغم كل الضغوطات الدولية رُفض طلبهم واستمر القتال حتى انسحابهم الكامل من شرق البحر الميت، فروا من أرض المعركة منكسرين تاركين وراءهم معداتهم وقتلاهم دون أن يتمكنوا من سحبهم معهم تحت قصف نيراننا القوية.. لقد حققنا يومها نصراً عربياً مجيداً شهد له العالم كله..

استمعت ماهيتاب لرمزي بعيون تطفح بالحب، تحسست بطنها المستديرة وشعرت بالفخر لأنها ستنجب طفلاً جده شهيد بمعركة الكرامة.
- بتلك المعركة دافع أبي بقوة عن كرامة كل عربي شريف، لم ينسحب.. لم يهرب أو يتخاذل.. صمد داخل دبابته حتى تفحم وصار بحجم طفل صغير ثم تحجر كصخرة منيعة في وجه الغاصب، لم يعرفوه إلا من رقم دبابته، أبي هزم الموت عندما استجاب ولبى نداء الوطن ليحقق النصر المبين.. دُفن هناك مع رفاقه الشهداء في أرض معركة الكرامة حيث يتذكرهم أصحاب الكراسي والساسة يوما واحدا في العام، يحملون الأكاليل وكاميرات الأخبار لتلتقط لهم الصور التذكارية ثم يديرون ظهورهم ليضيعوا دماءهم بتوقيع اتفاقيات ومعاهدات ذل ومهانة.. لماذا نقبل التسوية ونصافح أيادٍ مغمّسة بدماء أحبابنا؟.. يريدون منا أن نقتنع بما يقولون دون أن نسأل أو نتوقف لنتذكر التاريخ.. لكنهم مهما أتقنوا فن الكذب لن يخدعونا ويفرضوا علينا أفكارهم وكل من له رأي لا ينسجم مع توجهاتهم يسجن.. النضال ضد الاستبداد مستمر والويل، الويل لمن يغتالنا فثوراتنا لن تضمحل أبدا، سيكون لنا موعد يتكرر دائماً.. لن يسرقوا أحلامنا بحرية التعبير ولا يمكنهم اعتقال أفكارنا أو حجزها.. الهتاف في الشوارع لن يتوقف فلا يمكن لأحد اقتلاع الحناجر وصوتنا لن يخضع لقوانين الطوارئ.. بعد كل اعتقال سنعود بروح أكثر قوة وبعزيمة أشد.. فنحن أمة عظيمة يا ماهيتاب في لحظة الحسم لا نهاب ولا نخاف نستقبل الموت بصدور عارية.

انتشل صوت فتح باب البيت ماهيتاب من استغراقها بالذكريات، هتفت:
- رمزي ؟..
ظهرت نجلاء عند باب غرفة النوم بوجهها الباسم:
- هذه أنا يا أمي لقد عدتُ من العمل.
- اهلاً يا حبيبتي..
تأملت نجلاء وعيناها تفيضان بالدمع جسد أمها الذي يزداد ذبولاً، مازالت تنادي اسم أبيها رمزي كلما سمعت حركة.. خشيت أن تلمح ماهيتاب دموعها فأطلقت ضحكة مرح عالية تحتال بها وتداري دموع قلبها الحبيسة.
- احزري ماذا أحضرت معي ؟
رفعت العلبة الكرتونية وهزت رأسها بفرح يميناً ويساراً، ابتسمت ماهيتاب :
- منذُ صغرك تحبين البيتزا.
- وما زلتُ أحبها حتى الآن.
عادت نجلاء تطلق ضحكاتها الصاخبة وتقول:
- معدتي تئنّ من الجوع.
- كلي يا حبيبتي فأنا لا رغبة لي بالطعام.
- إذا لم تأكلي لن أضع في فمي لقمة واحدة.. اعترفي يا أمي أنك تريدين أن أطعمك بيدي.
جلست نجلاء بجانب ماهيتاب فوق السرير تطعمها برفق وبدأت تروي المواقف الطريفة وترغم أمها على الابتسام، تحمست نجلاء وأخذت تطلق النوادر والطرائف فتعالت ضحكات ماهيتاب بفرح نابع من أعماق الحزن.

****************

اختفى هاشم تماماً ولم تعد تراه ناي، لم يظهر ولم تلمحه بتاتاً..
لكن في كل صباح تصلها باقة جميلة من ورود الجوري العطرة، أزهار بيضاء وحمراء وصفراء بعثت الحياة في غرفة المستشفى الباردة.. في البدء كانت تنظر بوجل للممرضة اللطيفة وهي تضع الورود بداخل المزهريات فتشيح بنظرها للجانب الأخر، لكنها لم تستطع الابتعاد عن الزهور طويلاً، شعرت أنه لم يبقَ لها إلا تلك الزهور لتؤنس حزنها، اقتربت من الورود تلمّستها برقة واستنشقت عبيرها الفواح..
البطاقات المرفقة مع الباقات أثارتها وحيّرتها، لم يكن هناك أي توقيع، لكنها لم تشك أن "هاشم جلال" من يرسل الورود، هو وحده يعلم مكان إقامتها الجبرية ويدرك مدى عشقها للزهور..
كُتبت الحروف السوداء بخط يد جميل كمن يرسم الكلمات.. ( يا صباح الورد الجوري، إذا كنتم من أولئك المعذبين في الأرض وتجدون صعوبة في مواجهة معترك الأيام أقول لكم، حاولوا التخلص من كل ما يضايقكم، من أي إحساس جارح يصاحبكم فنحن.. نحن فقط القادرون على جعل أيامنا أكثر جمالاً أو أكثر تعاسة، لا تيأسوا إذا تعثرت خطواتكم فوقعتم وجرحتم أنفسكم، حاولوا النهوض من جديد ولو زحفتم في البداية.. فما زال في الدنيا ما يستحق الحياة..)
هو يحفظ كلماتها ويكتبها لها!.. (إلى كل من يشاركني عالم الأحزان، هناك حيث ترعد قلوبنا بالخوف فلا نهنأ بالنوم.. نصرخ في عتمة ليالي الوحدة ونهبط لقاع جحيم المعاناة غارقين بذكرياتنا، مفجوعين بألم ما زرعنا بأيدينا من أشواك في دروب مستقبلنا، فلا نرى إلا السواد المقيت.. لكن من قال أننا ملائكة معصومون عن ارتكاب الذنوب والخطايا نحن بشر ننجرف أحياناً وراء ملذات الحياة بأنانية ونحيد عن طريق الصواب..)

استيقظت ذات مرة ورغم ظلام الغرفة شعرت بوجوده، كان واقفاً أمام النافذة مولياً ظهره، حدقت فيه فلاحظت استقامته الكاملة، تمنت لو ترى وجهه لتقرأ ملامحه، تتلمس خفاياه لكنه لم يلتفت كان يراقب أضواء المدينة وقد وضع يديه في جيبي سرواله.. تصلب جسده عندما تناهى له صوتها الصافي الذي طال توقاً وحنيناً لسماع ذبذباته الساحرة:
- شكراً على الورود الصباحية..

استدار باتجاهها بأناقة، ثبت واقفاً في مكانه بوقار دون أن يقترب. أراد أن يقول لها ما يشبه الاعتذار عن كل ما سببه لها من ألم فلم يفلح.. اكتفى بالإصغاء لأشجانها:
- حلمت بالنجومية فتحول حلمي إلى شرنقة أطبقت على تفكيري وخنقتني في قوقعة الكوابيس لأمشي درب الآلام، بتُ " كسيزيف الإغريقي" الذي حمل صخرته بذراعيين متعبتين وقدمين عاريتين يلهث صاعداً الجبل وعند القمة وقبل أن يتنفس الصعداء هبت الرياح وتدحرجت الصخرة لتسحقه تحت ثقلها ليتحول كل شيء إلى هباء وسدى..

تنهدت بعمق وقالت بنبرة مؤثرة:
- أعرف أنك لست سيئا يا هاشم .. أعي ذلك تماماً وهذا ما يؤلمني كثيراً فأنا لا أستطيع أن ألومك.. كنتُ أقرأ مقالاتك وأتابع كل ما تكتبه، لم أكن أقرأ مجرد كلمات وعبارات بل أقرؤك أنت، أقرأ روحك الرافضة للظلم والفساد.. ولهذا لا أريدك أن تشعر بتأنيب الضمير أو تحمل نفسك ذنب هوسي واضطرابي.

تابعت بهدوء:
- أعلم أنك اتخذت قرارك.. ستبلغ عني وتعيد فتح ملف القضية من جديد؟.. أنا لا استطيع منعك لأنني مذنبة وهاربة من وجه العدالة والقانون، وربما استحق الشنق فأنا أزهقت روحا حتى ولو كانت روح شرير لا يستحق أن يقال عنه إنسان..
- لا تلومي نفسك.. ناهض وأمثاله هم من يستحقون الشنق.. أنتِ دافعتِ عن نفسك بشجاعة.
- أنا لستُ نادمة على قتله مع أني لا أذكر بالضبط كيف قتلته.. حبل المشنقة لا يرعبني وربما أجد بالموت راحة.. ما يخيفني ويؤرق فكري الفضيحة.. سأكون متهمة في نظر المجتمع وفضيحتي على كل لسان، أفضل الموت على ما سيقولونه.

كادت تبكي وهي تهمس:
- أشعر أنني فراشة مقصوصة الأجنحة وتتمنى لو ينبت لها جناحين لتطير بحرية..

ازدردت ريقها بصعوبة، توسلت والنعاس يداعب جفنيها:
- أرجوك أمهلني قليلاً من الوقت..

************************

انشغلت نجلاء بغسل الأطباق وتنظيف المطبخ بهمة ونشاط تدندن كعادتها بأغنية مرحة، سمعت رنين جرس الباب فسارت نحوه وهي تجفف يديها بمئزر المطبخ متسائلة من ذا الذي يأتي لزيارتهم، رفعت صوتها تحدث أمها:
- لا بد أنها جارتنا تود الاطمئنان على صحتك.
فتحت الباب بابتسامة:
- أهلا .
ترنحت كلمة الترحيب وتلاشت مختفية، لم تتوقع نجلاء ما رأته، كادت يدها تعيد إغلاق الباب كرد فعل تلقائي، لكنها تجمدت مكانها بذهول فيما شفتيها تتحركان بلا إرادة تتمتم بصوت خافت:
- يوسف!!!!

وقف يوسف بكامل جاذبيته الرجولية مشدوهاً مصدوماً، للوهلة الأولى ظن أنه يتخيل ذلك لا غير، همس باسمها مجرداً من الألقاب كما فعلت:
- نجلاااااء!!!!
استندت إلى الباب بينما دارت الأفكار سريعا برأسها، ملامح يوسف تدل على عدم تصديق رؤيتها، إذن هو لم يسعَ وراء عنوانها المدون في سجلات الموظفين بالصحيفة ليقابلها خارج ساعات العمل ويستكمل استجوابه معها، بل يبحث عن أمها ماهيتاب الأيهم.
تاهت نجلاء والأسئلة تجتاح عقلها، كيف تذكر يوسف عمته بعد كل هذا العمر؟.. ومن أين حصل على العنوان؟.. وهل يعلم هاشم بمجيئه؟..
أخذت نفساً عميقاً من الهواء وقالت:
- أستاذ يوسف يبدو انك أخطأت العنوان.. عذراً منك يجب أن أغلق الباب فلدي الكثير من الأعمال الهامة.

قبل أن تسد الباب بوجهه قال:
- رغم ثقتي أنني لم أخطأ العنوان لكنها صدفة جميلة.. يسعدني التعرف على عائلتك؟

دخل البيت بقامته الشامخة وبثقة صعقت نجلاء.
- عفواً !!!.. لو سمحت ..
أشارت له بيدها للخارج، لكنه لم يكترث لحركتها، راح يتأمل معالم الشقة بفضول غير مصدق أن الصدفة جعلته يطرق باب منزل نجلاء دونا عن منازل المدينة، لطالما تساءل عن المكان الذي تعيش به وانتابه الفضول نحو الأشياء التي تراها وتلمسها كل يوم..

- أستاذ يوسف وجودك في هذا البيت غير مرغوب فيه.
تجاهلت نظرات عينيه اللاهيتان وأرجعت رأسها للوراء تبعد خصلة شعر أبت إلا أن تتمرد وتسقط على وجهها. هتفت بنبرة عصبية:
- لو سمحت مع السلامة.
شعرت بسخونة وجنتيها وهو يتفرس فيها بطريقة لم تعجبها، نادت ماهيتاب بصوت ضعيف من غرفة النوم:
- نجلاء ابنتي من بالباب؟..
سكن يوسف عن الحركة يصغي لصوت ما برح قلبه وعقله يوماً، صوت رافق طفولته ونام على نغمات بحّته الشجية المميزة، لن يلتبس عليه هذا الصوت ولو بعد مئة عام، كيف ينسى صوت من طردت أشباح وكوابيس ليله وحملته إلى عوالم الحكايات لتروي له قصة علاء الدين والمصباح السحري، الشاطر حسن والأميرة بدر البدور المسجونة في قصر يبعد سبع بحور..

قفزت نجلاء بخفة ووقفت أمامه مباشرة تمنع تقدمه إلى مصدر الصوت، هتفت بحدة:
- من فضلك أخرج حالاً.
- ما الذي تخشين أن اكتشفه؟
- لقد تجاوزت حدودك كثيراً.
بدا صلباً وكأنه قُدّ من الصخر حين أخذت تدفعه بيديها خارج البيت، حدق بها بذهول دون أن تطرف له عين أو يتزحزح قيد أنملة من مكانه. نبضات قلبه تسارعت بجنون رهيب تحت كفي يديها الضاغطين بكل قوتها فوق صدره الصلب..
أبعدت نجلاء يديها عنه وكأن نيران قلبه أحرقتها، أطرقت رأسها بإحراج متحاشية نظراته فسقطت خصلات شعرها الكثيفة حول وجهها بجمال ساحر، تدافعت أنفاس يوسف بانفعال وارتفعت أصابعه لا إراديا لتلامس برقة خصلات شعرها المموجة بنعومة.
- رمزي ..
تعلقت يده بالهواء، صوت ماهيتاب أعاده للواقع فهتف:
- رمزي!!!.. إذاً أنا لم أخطئ العنوان وهذا منزل رمزي كمال.
قبض يوسف على ذراع نجلاء برفق، أزاحها من دربه واندفع إلى غرفة النوم بأنفاس تلهث، سمعت صوته الممتزج بفيض العواطف الجياشة والعبرات المختنقة الغير مصدقة:
- عمتي ماهيتاب!

********************
نهاية الفصل الثامن

[دنيازادة]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 7 والزوار 2)
‏دنيازادة, ‏ROSES LEAVES+, ‏قمر الليالى44, ‏rola2065, ‏ملكة تدمر, ‏توني 26

شكراً احبتي اسعدني حضوركم .. قراءة ممتعة

[قمر الليالى44]

واااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااو
اشو هالقفلة ؟؟؟؟؟؟؟
واخيرا عرف ان نجلاء بنت عمته ماهيتااااااااااااااااااب ورمزى
وذكرياااات ماهيتاااااب فى المااااضى مع رمزى زوجها وحبيبها ووالد نجلاء التى تركت عيلتها الثرية ومكانتها الارستقراطية
وجوووورى اقصد ناااااى التى طلبت من اخوها وائل الذى اتصل عليها مرارا وتكرارا وهى تخشي على اخيها كثيراااااااا
الا يقلق عليها ووين هااااااااشم وحشناااااااااااااااااه
يسلمووووووووووووووووووو على الفصل الراااااااااائع
يعطيكي العااافية دنيا زادة
الحمد لله لحقت اقرا الفصل قبل ما تقطع الكهربااا
عندنا بتقطع كل يوووووووووووووم فى غزة
وبعد ربع ساعة تقريبا حتقطع
تسلم اناملك الراااائعة على الفصل التحفة
ومرسي كتييييييييييييييير

[دنيازادة]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أنشودة الندى

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 7 والزوار 2)
‏أنشودة الندى*, ‏ROSES LEAVES+, ‏دنيازادة+, ‏قمر الليالى44, ‏rola2065, ‏ملكة تدمر, ‏توني 26

مسااااااااااااااااااااااا ااااااااء الخير
^_^

مساء الورد والياسمين غاليتي ندوش نورتِ وشرفتِ
وجزاك الله كل خير على تدقيق الفصول تسلم الايادي ربنا يحفظك ويسعدك ويجعلك في كل درب فرج وسلامه
دمتِ في حفظ الله ورعايته
امواااااااااااااااااااااا ااااااه

[نداء الحق]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مساء الخيرات والسرور
فصل اليوم وضع نجلاء امام وجه المدفع اكتشف يوسف من تكون
ياترى كيف ستكون المقابلة مع عمته
وانعكاس ذلك على نجلاء
هاشم اتخذ قراره بان ناي لاتستحق ان يخبر الشرطة عنها لانها ببساطة ضحية دافعت عن نفسها في وسط مجتمع سيلومها وان كانت الضحية
دمتي بكل الخير والود والمحبة

[ROSES LEAVES]

ظن أن حسن حظه قاده إلى منزلها دونا عن بقية المنازل.. لكن لماذا ترفض أن يعرف عنها شيئا.. ما دامت والدتها عمته فلتوضح له على الأقل أسباب العداوة
يا لشقاوتها وهي تحاول استفزازه لكن الإنسان يتصرف أحيانا بغير ما كنا نتوقع منه.. ( بس عيب يا نجووول.. هيك أمك علمتك ؟؟.. أنك تقلعي الضيوف من عالباب؟؟.. له له ما حبيتها منك بنووووووووووووووب.. بدل ما تعزميه على فنجان قهوة وتضيفيه شوية بسكوت بالشوكولا ^_^.. لا بقا تعيديها برضاي عليك ترى هاد يوسف وإلا سارة بتعرف كيف تتصرف معك ^_^)
وأخيرا سادت حالة من الهدوء بين ناي وهاشم.. بدأوا يفهمون بعضهم وخاصة بعد ان ارتاحت ناي بعد ان فضفضت عن مكنونات صدرها التي ضاقت باخفاءها ذرعا
الآن دور هاشم لكي يكسب ودها ولا أظن ذلك عصيا عليه ^_*
أعجبني كثيرا التشبيه بسيزيف الإغريقي.. أجدت فعلا
رمزي وماهيتاب قصة جميلة مازلنا ننتظر لنعرف ما فعلته عائلة الأيهم كي تجعل نجلاء حاقدة بهذا الشكل
يعطيك العافية دندونتي أبدعت ما شاء الله
فصل حلو وهادئ نسبيا.. نسبيا يعني وإذا هي قفلة عادية الله يستر من القفلة الشريرة القادمة
بانتظارك دائما دندون
الله يوفقك يارب ويسعدك ويحقق الي بالي بالك بأسرع وقت ^_*