آخر 10 مشاركات
سمراء اليونان ..الجزء الأول "متميزة" و "مكتملة" (الكاتـب : جلنارag - )           »          علمني الحب (21) للكاتبة: Susan Stephens *كاملة+روابط* (الكاتـب : ميقات - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          المعجبة المجهولة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وجع الكلمات - )           »          540 - رجل خلف القناع ..هيلين بروكس.د.ن (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          310 - الإنجذاب الناري - إيما ريتشموند - احلامي (تصوير جديد) (الكاتـب : Just Faith - )           »          عــــلاقـــــاتٌ مُــــتـغيـرة * مكتمله * (الكاتـب : Hya ssin - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-04-15, 11:22 PM   #71

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله الرحمن الرحيم
البارت السادس والأربعون

,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السابعة وثلاثةَ عشر دقيقة مساءً
اقتربا من الباب بتردّد
نظرَ الى ابنه بعطف
شدّ على كتفه
: انت بخير ؟
ازدرد ريقه وشد على قبضته
ان تسألني فأنا لا أعلم يا ابي
هل أنا بخيرٍ لأنّي وجدت ضالتي !
ام انّ قلبي سقمٌ لأنّها ستصبح بينَ كفّيّ اللتان لن تستمعا اليه ولن ترحماها !
قال بوعيد
: بخير يبه
طرق والده الباب وابتعدا خطوات
مرّت ثوانٍ ليفتح بندر الباب
انعقد ما بين حاجبيه بخفّة
ابتسم
: هلا ؟
تبادلا النظرات , ثم قال والدُ سعود
: نبي نقابل خالد الله لا يهينك
دفع بندر الباب ليفتحه مبتسمًا
: حيّاكم
أدخلهما الى المجلس الخارجي , ودخل الى المنزل
اقترب من خالد
: جايينك ضيوف
قال خالد متسائلًا
: وليد ؟
هزّ رأسه نفيًا
: لا , اوّل مرّة اشوفهم
قال خالد
: يمه القهوة الله لا يهينك
دفعه بندر الى المجلس
كان مبتسمًا
حتّى دخل
اختفت ابتسامته تدريجيًّا , ليحلّ محلها الدهشة
رفعَ حاجبيه وفتح فمه ليتحدّث
صمت لثوانٍ ثم ابتسم بذهول
: يا هلا !
نهضا , ليبتسم والد سعود
اقترب ابو سعود ونزل الى مستواه ليسلّم عليه
قال بندر ببشاشة
: ما عرفتني عليهم
التفت اليه خالد وصمت
قال سعود بحدّة
: تحب انا اعرفك على نفسي ؟
قال خالد بهدوء
: بندر اطلع وسكّر الباب
خرج بندر مستغربًا
التفت ابو سعود الى ابنه بحدّة
قال سعود بانفعال
: وش تبيني اسوي يعني ! ابرك على ركبتي واترجى !
قال خالد بانفعالٍ هو الآخر
: اجل تبينا حنّا اللي نبرك لك ونترجّاك ! زوجتك كم لها عندنا وانت ما تدري عنها ! ولا تتصل ولا تسأل فيها
فتح سعود عينيه بصدمة
صمتَ لثوانٍ , وقبل ان يصرخ , قال والده بحدّة
: وش ذا الكلام يا خالد ! احنا اللي ما ندري عنها ؟!
اقترب منه سعود وهو يكاد ينفجرُ غيضًا
: لين في ليلة ظلمة طلعت من شقّتها وسافرت وتركت لي ورقة كتبت عليها انساني , لي شهور ادوّرها ما خلّيت مكان يعتب علي , تركت دراستي وامّي وحياتي وكل شي عشان أدوّر عليها , وهذا كلامك ؟؟ هي اللي قالت لك انّي مو سائل فيها ؟
صمت خالد بصدمة
ثم قال بتأتأة
: حشى ما قالت والله , بس كل ما سألتها تهرّبت وصار ذا ظنّي , بس...
قاطعه سعود بغضب
: جيبها يا خالد , انا حاشم حرمة البيت ولا دخلت وذبحتها
قال ابو سعود وهو يمسك بابنه
: سعود تعوّذ من ابليس يبه
قال خالد بانفعال
: ماني مانعك من زوجتك , بس فهّمني وش اللي صار !
قال سعود بضحكةٍ ساخرة تحرقه
: انا افهمك ؟ ما عندي علم بشي عشان افهمك , اقول لك فجأة تركت لي رسالة واختفت !
صمتَ خالد لثوانٍ , ثم قال
: وفجأة اتصلت علي تبكي وقالت لي تعال رجعني لأمّي , كانت امّي فالمستشفى طايحة بجلطة , وصار علي حادث ونسينا الموضوع , ومن طلعت سألتها أكثر من مرة وكانت تتهرب
ضرب سعود جبينه وأولاهم ظهره
فتح خالد الباب ونادى
اقترب بندر ليشير اليه خالد ان يخرجه
أخرجه وأغلق الباب
قبل ان يتحدّث خالد دخل فيصل الى المنزل
اقترب وقال
: شعندكم هنا ؟
أحاط خالد رأسه بهم , وقال بأحرفٍ ثقيلة
: فشلتني لين
كاد فيصل يسقط من الهلع
: وش فيه !
أشار خالد ناحية المجلس وقال
: هذا زوجها
قال فيصل بانفعال
: وينه بكسر راسه هاللي ما يستحي
قال خالد بحسرة
: اكسر راس اختك هي الأولى
قال بندر بقلق
: وش فيه
قال خالد
: شاردة منّه ! ما يدري عن سفرها , ومن يوم جاتنا هو يدوّر عليها
شهقا بصدمة
قال خالد
: دخلني يا بندر , ما ابي اشوفها , ونادها لزوجها
قال فيصل بغضب
: يناديها لزوجها ؟ تبيها تروح مع زوجها وهي مفشلتنا كذا ! والله انّ...
قاطعه خالد
: لا تحلف , أصلًا ما ادري سعود وش بيسوي فيها ! وله حق في كل شي والله
دخلوا الى المنزل , والى غرفةِ الى خالد
ذهب اليها بندر وقال بوجوم
: لين اطلعي نظّفي المجلس
نهضت بصمتٍ وخرجت
دخلت اليه بهدوء
,
كان يحوم في المجلس بجنون
التفت الى والده
: سمعت ؟ طلعت انا بالشينة وانا اللي ما ادري عنها ! شفت يبه ششفت !!
زفرَ والده , ثم قال بحدّة
: سعود روّق , ما بتعرف تتكلّم حتّى وانت بهالحالة
رفس الأريكة بقوّة واقترب من والده الذي يقف قريبًا من الباب , خلفه تقريبًا.
قبل ان يتفوّه بكلمةٍ فُتح الباب
التفت ليدلف جسدها الناعم الى الغرفة
تراخى كتفيه المشدودين
وفتح فمه باستنجادٍ لذرّات الهواء ان تعانقه
ارتفع حاجبيه ببطء
وعلى صدره وهبط بالمشاعرِ التي تتخَبّط فيه
خرج اسمها من حنجرته بضعفٍ شديد
ناداها برجاء
وبلا تصديق
أنّ بلهفة , وبزفرة
: لين !
التفتت بفزعٍ لتتسع حدقتيها بصدمة
رُبط لسانها
عجزت عن الشهيق حتّى !
خرج ابو سعود دونَ ان يشعرا وأغلق الباب
مرّت ثوانٍ ليسرع اليها سعود ويجتذب ذراعها
رما بجسدها الى الحائط واقترب منها جدًّا !
حتّى أصبح شهيقه الهائج , زفيرها المرتعب !
تأمّلها بنهم
امتدّت كفّاه لتعانقانِ وجهها الشاحب
تلمّس حاجباها الداكنان
وعينينها , سحابتا الدمعِ اللامع !
وجنتيها ورديتا اللون , اللتان سُلب لونهما من ذعرها !
كان صدره يعلو ويهبط بسرعة
وعينيه تتفحصانها بلا تصديق
مرّت دقيقةٌ تتلو دقيقة
اطمأنّ على حالها
هدأت أنفاسه , ثم صبّ بصره في عينيها الغائرتان خوفًا
نظرَ اليها طويلًا
ثم قال بهمس
: هذه انتي !
ازدردت ريقها , وقالت ببحّة عميقة
: سعود !
نزلَ ببصره الى شفتيها المرتجفتان
الجافّتان !
انحنى اليها وكأنّما يُسحب عنوة !
كانت أنفاسه مرتجفة , يشعر انّ جسدها الغض الذي بين ذراعيه
ما هو الّا من صنع خياله
خُيّلَ له ان شفتيها "جنّته "
ليست الّا صورةً أسدلها عقله لعينيه , ليُسكن لهفته !
لامس شفتيها وابتعد , ثم اقترب مجدّدًا
قبّلها , ولم يكُن ينوِي ذلك أبدًا !
قبّلها ليشعر بالحياة تتدفق فيه من جديد
ليشعر برئتيه تتنفّسان , بعد الضنكِ الذي عاشتاه دونها
تناسى لثوانٍ هربها , وتركِها ايّاه
أراد ان يعشقها مجدًّا , بقبلة.
أغمضت عينيها بضعف , سيقتلها لا محال
ارتخى كتفيها وسالت دمعتيّ استسلامٍ على جانب وجنتيها
مرّت ثوانٍ طويلة , ليتركَ شفتيها
أبقى أنفه ملامسًا لأنفها , ولم يفتح عينيه
قال بقهرٍ يدكّ قلبه
: ليش ؟
تمسكت بقميصه وعلَت شهقاتها بالبكاء
قالت برجاءٍ دامٍ
: سعود
عقدَ حاجبيه وعضّ شفته السفلى
أطلقت آهةً كسرته قبل أن تؤلمها
نادته مجددًا
ليهمس بغضب
: ششششش
هتفت برجاء
: سعود تكفى
ارتفعت كفّه اليمنى لتحيط برقبتها بجنون
: اسكتي , اسكتيي لين ششش
احتبست في صدره بقيّةُ الكلمات
اصمتي , لأشبع ناظريّ منكِ
اصمتي , لأروي عيناي وقلبي بكِ
لا تفسدي فتنتكِ يا لين
لا تحرميني سكرةً حلالًا منكِ
ظلّت تشهق بفزع
نظرَ اليها مطوّلًا , ثم افلت رقبتها
ابتعد خطوة
قال ساخرًا
: تمنّيت اكون سافل وناقص وحقير , عشان اتحمّل هروبك واتقبّله , قلّبت كل ذكرياتي معاك بمخّي , ما لقيت ولا موقف يستحق تتركيني عشانه
قاطعته بجنون
: ما...
صرخ بها
: لا تتكلمين
لم تعد تحملها قدميها , جلست وضمّت ركبتيها الى صدرها , ودفنت رأسها هناك !
نزل الى مستواها وهزّها بجنون وهو يصرخ
: ليش سويتي فيني كذا ليش ! ليش رخصتيني في عين نفسي , ليش كسرتيني , ليش خلّيتيني اطلع من سعود اللي تربّيت عليه وكبرت عليه
,
,
المملكة العربية السعودية - الرياض
الثامنة مساءً
فتحت عينيها ببطء
وأغمضتهما مجدّدًا باعياء
أطلقت آهةً قصيرة
ثم قتحتهما
نادت ببحّة , وهي تعجزُ عن تحريكِ جسدها
: يمه – سعلت بتعبٍ ونادت – هدييل
اقتربت هديل من الباب الذي كان مفتوحًا
همست
: رتيل ؟
نادتها
: تعالي
أضاءت الغرفة واقتربت مسرعة
: وش صحّاك !
قالت بتعب
: ما ادري وش فيني مو قادرة أحرّك جسمي
قالت هديل بقلق
: بسم الله عليك , حسبيّ الله ف عدوينك يا تركي كانك عطيتها ذا البلا
قالت رتيل مستغربة
: وشو !
قالت هديل وهي تسقيها ماءً
: اخوك المفهّي جابلك حبّة قوية وبلّعك , بس شلون قمتي ! قال مفعولها اثنعش ساعة الى ثمنطعش
لم تجبها
جلست هديل امامها أرضًا
: وش صار لك ؟
تذكرت لتغمض عينيها بحسرة
همست
: صقر
قالت هديل بغضب
: وش فيه الله لا يوفقه
بكت رتيل
وقالت بلا تصديق
: تخيلي متّصل يقول انا ابوك واخوك ! وزواجنا غلط
شهقت هديل وهي تضرب صدرها
: يا حسرتي يا رتيل خرّف الشايب !
لم تجبها رتيل
صمتت هديل لثوانٍ
ثم قالت بحقدٍ وحزم
: بس انا له , والله لا اوريه , اسمعي يا بنت ابوي الدكتور مشعل متقطّع عليك واخو سمر ذابح نفسه عليك , نضرب عصفورين بحجر يا رتيل , بنت اخت الدكتور مشعل اخذت بنّي من داليا وكلّمتني وقالت خالي يبي رتيل قلت لها رتيل ما تبي تتزوّج الحين , لكن دام ذي علوم ولد عمّك , الخميس اللي بتجي فيه سمر وأكيد هم جايين خطّابة , نخلّي الدكتور واهله يجون , ونقول لبيت عمّك بحسن نيّة تفضلوا لخطبة رتيل وشوفوا اللي جايينها
ظلت رتيل تحملق فيها
ثم انفجرت ضاحكة وهي تشيح ببصرها عنها
امسكت هديل بوجهها وأعادته اليها
: رتيل وربي كف , وش خسرانة يعني !
قالت رتيل بجدّية
: مستحيل العب بأحد على حساب أحد , ومستحيل اتحايل عشان ارجع لولد عمّك , ومستحيل الخرابيط اللي قلتيها تصير اصلًا !
قالت هديل بجدّية أكبر
: اجل تشوفين هالخطاطيب اللي متشفقين عليك , وتستخيرين ربّك فيهم
قالت رتيل بذهول
: انتي جنّيتي !
صرخت بها
: لا ما جنّيت , بس انتي وقفتي حياتك ورهنتيها للكلب صقر من يوم انولدتي , انتي مو طفلة رتيل , انتي لك حياة لازم تبدين تبنينها , الحياة القديمة اللي كانت تبدأ بصقر وتنتهي فيه لازم تنسينها , انتهت يا رتيل انتهت
كانت تكرّر كلمةَ انتهت
تريدُ اقناع نفسها اوّلًا !
تريد تصديق أنّ ملحمة صقر ورتيل انتهت
تعجز عن التصديق
كيف تنتهي , وقد كُبّل قلب كلٍّ منهما بالآخر
وضاع المفتاح !
لن يجدوه , ولن تحطّم تلك الأغلال
ظلّت رتيل صامتة
أحقًّا يا أختي انقضت !
أحقًّا العالم الممتلئ بصقرٍ تبخّرَ وذهب
أخشى الحياة دونه يا اختي
اقسمُ لكِ أني أخافُ عمرًا يخلو منه
ليسَ للحياةِ معنىً يا هديل , ان لم أكن في كنفه
زوجته , وابنته
واسمي تابعٌ له
ان انسلخت منه يجب ان تعلّموني الحياة من جديد
تشيرون الى الأشياءِ وتسمّونها
تمسكون بي لأتعلّم المشي
تحركون السنتكم ببطءٍ لأنطق
ان انسلخت من صقر ستنتهي حياتي
لتبدأ أخرى !
نبهّتها هديل بحدّة
: وين شردتي , طلعيه من مخّك خلاص
قالت بخفوت
: ما اقدر
نهضت هديل
: غصب طيب بتقدرين
خرجت من الغرفةِ عازمة
لن تتراجع عن انقاذِ ما بقيَّ من اختها الوحيدة
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
فُتح الباب ليهتف فيصل
: يا سعود هدْ
التفت اليه وصرخ
: فيصل اطلع من راسي , لا توقفون في وجهي وانتوا خابرين وش سوّت
نظرَ اليها فيصل بعينينِ تكادان تحرقانها
ثم التفت اليه وأمسك بذقنه
: ما عليه امسحها بوجهي , ارتاح بس – التفت اليها وقال بحدّة – قومي داخل
أمسك بها سعود
: ما تطلع من هنا
قال خالد الذي دخل للتوْ
: لا تخاف ماهي طالعة من البيت , ارتاح يا سعود وتقهوْ
صمت وصدره يعلو ويهبط بحدّة
قال خالد بهدوء
: استريح
ابتعد عنها بزفرةٍ وأولاها ظهره
سحبها فيصل لتنهض بارتجاف
أخرجها بخفّة
نظرت اليه برجاء , لكنّه لم يمنّ عليها ولا بنصفِ التفاتة
انتبه الى والد سعود
دفعها بخفّة وقال
: تفضّل يا عم
اقترب ونظرَ اليها
كانَ رأسها منحنيًا
قال بعطف
: شلونك يبه ؟
أطلقت شهقةً صغيرة سرعان ما حبستها
اقترب منها وقال بلطف
: ممكن أكلمها دقيقتين
قال فيصل
باستسلام
: أكيد
دخل فيصل الى المجلس وأغلق الباب
اقترب ابو سعود وأمسك بكفّها
: يبه لين
قالت بانهيار
: عمّي...
قاطعها بعطف
: بسم الله عليك يبه , بسم الله عليك , لا تبكين هدّي , ليش خايفة كذا ؟ خايفة من سعود ؟
لم تجبه
شدّ على كفها
: لا تخافين يا بنتي , سعود الحين في حالة عصبية وطالع من نفسه ولا يدري وش يسوي من الانفعال
هزّت رأسها بضعف , وبقلّة حيلة
جسدها بأكمله كانَ مشدودًا من حضوره
له سلطةٌ على روحها المرهقة
في ثنايا قلبه , يكمن ضعفها
أيّ زلزلةُ مشاعرٍ يستحضرها سعود بعينيه اللتان تتسلطان عليها بلا رحمة
ايُّ سحرٍ يقودها لهلاكها , ينثره سعود على رئتيها , بشفتيه !
يقشعرُّ جسدها الهزيل باستشعارها انّه لا زالَ ينظرُ اليها
يعرّيها ليظهرَ ذنبها
استفزّ سعود جوارحها بحضوره
يا حبيب قلبي التعِس
يا بقيّة العمر الذي توقّف مذ رحيلِ والدي
يا سماءَ طموحاتي
ويا انتهاء أحلامي
يا ارتجافي الخائف
هل تسمحُ لي لأقبّل ما بين عينيكَ الباسمتينِ امتنانًا لأنّك وجدتني !
ام تترك ارتاجافي وخوفي ارتعابًا منك !
هل تأذن لي يا سعود , لاستميح قلبك غفرانًا !
تابع ابو سعود
: انتي زوجته , ومردّك بترجعين له , اذا مو اليوم بكرة , اذا مو بكرة بعده , ولا تخافين منّه , اللي يحب ما يأذي , ما بالك بسعود اللي ما يأذي حتى لو كره !
كانت منهارةً جدًّا
اجتذبها وعانقها بخفّة , ووضع على رأسها قبلة
: بس يا يبه مو زين عليك كذا
تركها بعد ثوانٍ , لتدخل الى المنزل
ودخل الى المجلس
نظرَ الى ابنه الغاضبِ المشدود
ابتسم وجلس بجانبه
حبس ضحكته وهو ينظرُ الى ملامحه
قال سعود من بين أسنانه
: يبه روّق
انفجر ضاحكًا , ليبتسم سعود رغمًا عنه
ابتسم خالد بارتياح
قال فيصل
: متى سفرك سعود ؟
: دامني لقيتها ماني مطوّل
صمتا لثوانٍ , ثم قال خالد محرجًا
: ما ادري وش اقول , بس امّي طالبتك تخلّيها عندها لين سفرك
نهض منفعلًا وهتف بحدّة
: عفوًا !
نهض والده وامسك به
: سعود !
التفت الى والده
: ما تسمع يبه ؟
قال والده بجديّة
: معاهم حق ! وين بتاخذها وانت بكبرك قاعد في بيت جدّتك , اتركها تجهّز نفسها وتجلس مع امّها تهيئ نفسها عشان ترجع معك
ضرب جبينه وهو يعضّ على أسنانه بشدّة
دخل بندر بالقهوة مبتسمًا
وضعها ونظرَ الى سعود
: سعود تفضّل داخل , امّي ودّها تشوفك وتسلّم عليك
زفر سعود وتبعه
توقّف حين خرج من المجلس
: بندر
التفت اليه
: سم
قال بعد صمت
: امّك لحالها
عضّ بندر على شفته السفلى , ثم قال
: بس امّي في المجلس , تفضّل
سارَ خلفه ودخل الى المنزل
استقبلته ام خالد عند الباب
بابتسامةٍ دامعة
اقترب ليقبّل رأسها
لكنّها عانقته
همست
: الله يجزاك بالجنّة يا يمّه على اللي سويته مع لين , والله ما اجازيك
لم يجبها
ابتعدت عنّه , لتقول
: بندر روح انت , بجلس مع نسيبي بروحنا
لم يتحرّك بندر
تأففت وقالت
: بنيدر حلال حلال , زوج بنتي يعني ولدي
قال محرجًا
: انا ما ابي اطلع للمجلس
ضحك سعود رغمًا عنه
دفعته والدته برفق
وأدخلت سعود الى المجلس الجانبي
جلس وجلست أمامه
صمتت لثوانٍ
ثم قالت بجديّة
: ما ادري بتصدّقني او لا , والله ما عندنا خبر عن جيّتها بدون علمك , هي أصلًا وصلت من هنا واليوم الثاني على طول انضرب خالد رصاص وطاح بغيبوبة حول شهرين , ولا جا في بالي ابدًا انّها جاية بدون علمك
لم يتكلّم سعود
امسكت بيده
: سعود انا مو راضية ابد عن اللي سوّته بنتي , ومفتشلة منّك ومن اهلك , وتمنّيت نتعرف على بعض بظروف احسن
زفر ولم يجب
قالت بهدوء
: انا اطلب منك , ولي عندك رجا , ودّي تتركها عندي لحين سفرك , والله ما على قلبي احب من انها تمشي معك الحين , بس في امور ما تفهمها انت , هي محتاجتني اليومين ذي
قال وهو يضغطُ على رأسه
: صعب يا عمّة
: حاول يا سعود , متى تمشي انت ؟
: الحين بحجز.
هزّت رأسها برجاء
: ما عليه يا سعود خلها يومين
زفر بحدّة
صمتَ لثوانٍ , ثم نهض من مكانه
: طيّب
نهضت وقالت ممتنة
: الله يرضى عليك
خرجَ مسرعًا ودخل الى المجلس الخارجي
قال بوجوم
: يلا يبه
قال خالد
: ما تسمر معنا !
: مرّة ثانية ان شالله
نهض فيصل وقال بجديّة
: لازم نجلس معك
هزّ رأسه
: ان شالله
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة صباحًا
قال وهو لا يزال يكبتُ غضبه , الذي لو انفجر سيحرق المنزل بمن فيه !
: ماني رايح
قالت الأخرى بعصبيّة
: شلون يعني بتفشلني مع الناس ؟ بتروح ورجليك فوق راسك
رمى بالكوب الذي في يده على الحائط بقوّةٍ ونهض من مكانه
صرخ بجنون وهو يجبرُ نفسه ان يصدّ عنها
: قلت لك ماني رايح , مو كافي أجبرتيني على ذا الزواج لا بارك الله فيه , تبيني أروح أشوفها غصب بعد
ارتدّ جسدها الى الخلف بفزع
ظلّت صامتةً بصدمة
اقتربت أروى بقلق
: يمه وش صار لك ؟ - التفتت اليه وصرخت – ياخي انت من جيت وانت تحاول تكرّهنا بجيّتك وتسوي مشاكل بأي طريقة , خلاص سافر منت مجبور تقعد عندنا ! ظنّينا انّك منفعل بالأيّام الأولى وكل شي بيرجع طبيعي , بس مصر تجنّن نفسك
نظر اليها بصدمة
لتصرخ مجدّدًا
: جدّتي ما تتحمّل , تبي تموّتها وترتاح يعني ؟
دخل ابو سعود بفزع
: وش فيكم صوتكم واصل لـ... – قطع كلماته وهتف – يمه شفيك
كانت قد انزلقت من يدِ أروى
أسرع وأسندها , لتجلس أرضًا
قبّل رأسها وكفّيها
: بسم الله عليك يمه وش صار
نهضت أروى وقالت بحزم
: الحين بكلّم عمّتي موضي وتكلّم أهل البنت وتعتذر , يلعن ابو الزواج اللي بيطيّرها من قدّامنا واحنا نتفرّج ونعابل سلطان ونراضيه !
زجرها عمّها
: يا بنت
اقترب سلطان من جدّته وزفر
قال بهدوء
: يمّه , متى قالوا لك أروح ؟
بكت أروى وصرخت
: جد خلاص , تكفين يمّه اعتقيه من حلفك , واحد منكم بيصير له شي والله
التفت اليها وقال ساخرًا
: حدّدي موقفك , يا تصفين معي يا مع جّدتك !
ضحك ابو سعود , ثم قال بحنوْ
: عساك أحسن يمّه
هزّت رأسها بصمت
ثم قالت
: سلطان
: لبّيه
: لا تروح يمّه , خلاص بكلّم الناس...
قاطعها بحنوٍّ وهو يقبّل ما بينَ عينيها
: أبدًا , تبين تلغين خطبتي يا ام سلطان !
قال ابو سعود مغتاضًا
: تعقب !
ضحك سلطان بهدوء , ونهض ليخرج من الغرفة
وجعٌ سمومٌ يتهافتُ على قلبه
يردّدُ دومًا
ليتني مِتُّ قبل هذا !
شعرَ بكفٍّ على كتفه
زفرَ دونَ ان يلتفت
قال الآخر بهدوء
: لا تجبر نفسك , حتّى لو زعلت , يومين وترضى
رفع كتفيه بقلّة حيلة
: لمتى ما أجبر نفسي ؟ زواجي بالنسبة لجدّتي الجنّة , ان كنسلت الحين بتطلع لي بعد كم شهر , بتظل كذا لين أتزوج , ويمكن يصير فيها شي على كثر ما تعصّب منّي , وين بشرد من الزواج يا سعود , وهو أمر واقع لا محالة
زفر سعود وشدّ على كتفه
: مدري وش اقول لك , الله يكون بعونك وييسّر لك يا اخوي
مرّت دقائقُ ليرنّ هاتفُ سعود
ردّ بهدوء
: هلا عزوز
: هلا سعود , انا طالع من المستشفى الحين , تجيني البيت اليوم ؟
قال بزفرة
: عزوز انا مسافر بعد يومين
قال عبد العزيز بصدمة
: مسرع ! توّك جاي بسم الله
ابتعد سعود عن سلطان , وقال ببحّة
: لقيت لين
شهق عبد العزيز بلا تصديق
: متى وشلون ووين ؟
صمتَ سعود , ليقول عبد العزيز بعجلة
: اجل تعال لي الحين نتكلّم
:بس...
قاطعه
: ولا كلمة , انا ابيك بموضوع أصلًا
زفر سعود , ثم قال
: طيّب , أرسل لي اللوكيشن
أغلق الهاتف وصعدَ الى غرفته ليستبدل ثيابه
وتفكيره منحصرٌ في جزءٍ وحيدٍ من عقله
في لين
لين وفقط !
يشعرُ انّه يحلم
سيستيقظ لا محالة
لم يجدها بعد
لا يمكن أن يكون وجدها !
تذكّر عينيها , وارتجافها
تذكر شفتيها المرتعشتين
نبضَ قلبه بشدّة
ينتظرُ ان يمرّ الوقتُ بسرعةٍ ليأخذها ويرحل بها !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحاديةَ عشرةَ صباحًا
رفعَ كوبَ الشاي ليرتشف منه بصمت
وهو يسمعُ والده يقول
: طيّب ما رجعتي كلّمتي هديل تتطمنين عليها ؟
رفعت داليا كتفيها
: ما ادري كانت تعبانة امس مرّة , بعد شوي برجع اتطمن
قال والدها باستغراب
: غريبة من وش مرضت !
نظرت الى صقر وقالت بغيض
: شكلها سامعة كلام سمّم بدنها
ابتسم بسخرية , وظلّ صامتًا
بعد دقائقٍ صامتة , قالت داليا بتردد
: شلونها زوجتك
قال ببرود
: طيّبة
نظرت الى والدتها بصمتٍ ثم اليه
قالت والدته بوجوم
: وش عندك من يصبح الصبح لين الليل عندنا , لا يكون متهاوشين
قالت داليا
: يكون أحسن , وع من زينها العجوز
نهرها والدها
: يا بنت
ابتسم صقر رغمًا عنه
ثم قال بهدوء
: ماهي كبيرة مرة , أصغر مني بسنتين او ثلاث
انفجرت داليا ضاحكة
ثم قالت باستهزاء
: عدااال , عساس انت صغير يعني , انت زين انّك للحين تمشي على رجليك أصلًا
تجمّدت ملامحه وقُتلت نظرته
رفعَ عبد الله رأسه بسرعة لينظر الى شقيقه
ازدرد ريقه ثم قال
: ازعجتينا يالنتفة , انطمي
التفت اليه صقر وابتسم بحسرة
نظرَ اليها ثم قال بخفوت
: أبشرك كلّها كم سنة وما عاد أمشي على رجليني
قالتا والدته وشقيقته بشهقة
: بسم الله عليك
قال عبد الله وهو يرغمُ نفسه على الابتسام
: يعنني كبير
نهض بصمتٍ وأخذ كوب الشاي خاصته
تبعه عبد الله وجلس بجانبه
قال بهمسٍ حاد
: وش فيك انت تفاول على نفسك
رفع كتفيه بقلّة حيلة
: ذا اللي بيصير يا اخوي
قال عبد الله بغضب
: صقر وش ذا الكلام ! ما عندك يقين بالله انت ؟
قال بزفرة
: لا اله الا الله , بس تقاريري كذا
: طز بتقاريرك كل ابوها , الله كريم يا صقر , أرحم وأعلم وأكرم , مطّلع عليك ويعرف حالك , توكّل على الله ولا تلتفت لسوالف الأطبّاء اللي ما عندهم ما عند جدّتي
ضحك صقر رغمًا عنه
: الحين يدرسون وتشيب روسهم ويشقون العمر كلّه وانت باردة مبرّدة تقول ما عندهم ما عند جدّتي
ابتسم عبد الله
: اي والله وانا صادق
هزّ رأسه
: طيّب , لا تنسى عشا ذياب الليلة
دخلت داليا وابتسمت من منظرهما
جلست أمامها بصمتٍ تتأمّلهما
قال عبد الله
: خير
هزّت رأسها وزفرت , ثم قال بلطف
: شكلكم سو كيووت
رفع رأسه اليها بسرعة
ورنّت في اذنه نبرتها الرقيقة
ترقيقها للأحرف عمدًا
بصورةٍ سريعة تذكّر الطفل الصغير
" : مشالله تبارك الرحمن , شوفي رتيل البزر
: اللهم صلي على محمد , يهبل يحليله الله يحفظه
هتفت حينها , ورمشيها يتطايران بدلالٍ تمثّله باتقان , وكأنّها تقلدُ أحدهم !
: يااي سسو كيووت ! "
شعرَ بحرقةٍ في عينيه , ضحك ساخرًا من نفسه
وأشاح ببصره عنهما
أشاح ببصره عن الحياةِ ذات اللون الميّت !
أشاح بقلبه عن كلّ ما في الدنيا , التي كفّت عن الابتسام في وجهه
منذ فارقها
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحاديةَ عشرةَ وعشرون دقيقة صباحًا
شرب من الماء , ثمّ لوّح بالكوب وقال
: اي قول وش عندك
قال الآخر بنبرةٍ ميّتة
: بتزوجها
رفع رأسه بصدمة
صمتَ لثوانٍ , ثم قال بهدوء
: متأكد من قرارك ؟
رفع كتفيه بضعف
: وصيّة ميّت يا سعود
ازدرد ريقه , ثم قال
: عزيز لا تجبر نفسك , يا خوفي ما تتوالمون وتطلقها !
قال عبد العزيز
: دامه يبي الولد منها , ان شالله يجي منها , ثم الله كريم
قال سعود بتحذير
: لا تكون حاط في نيّتك الطلاق عقب الولد ؟ ما يجوز ترا
صمتَ لثوانٍ , ثم أشاح ببصره عنه واستغفر بهمس
ضحك سعود بسخريةٍ مريرة
: ما تبيها لا تاخذها , ولا انّك تنوي تاخذها وتخلّف منها ثم تطلّق
قال بخفوت
: ماني مطلّق
صمتا لدقائق
ثم قال عبد العزيز باستدراك
: اي ما قلت لك , دامك لقيت زوجتك وبتسافر , اجل بعجّل خطبتي وملكتي
عقد سعود حاجبيه
: ما ينفع وانت بهالحال , ماهو لازم اكون حاضر , اذا ربّي كتب احضر زواجك
قال عبد العزيز بتحذير
: انت وعدتني , ولي عندك دين ابيك تردّه
قال سعود بهدوء
: عـ...
قاطعه بأمرٍ قاطع
: لا تجادل , ما اسامحك ان ما حضرت وشهدت في العقد
قال سعود بعصبيّة
: ياخي لا تنرفزني , انت تدري انّ قلبي انشلع لين لقيتها , مو قادر انتظر يوم زيادة
صرخ به عبد العزيز
: مالي دخل بمشاكلك الخاصّة , تبي تتركني في أزفت يوم في حياتي , لي حق عليك اذا ناسي
اقترب منه سعود بتهديد
: لا تخليني اكسر رجلك الثانية الحين , متى تركتك عشان تذكرني ان لك حق ؟
حاول عبد العزيز ان ينهض , ليدفعه سعود ويقول
: اقول اقعد لا تهايط علينا وتطيح فالمستشفى اليوم بعد
دخل ابو عبد العزيز , وقال بصدمة
: وش فيكم !
ابتعد سعود عن عبد العزيز
قال عبد العزيز وهو عاقدٌ حاجبيه
: اطلع برّى , وعساك لا حضرت ولا كنت موجود
رفعَ سعود كأس الماء , ليرشق عبد العزيز به
شهق عبد العزيز من برودة الماء
وشهق ابو عبد العزيز واقترب من سعود غاضبًا
: صاحي انت
زفرَ سعود غضبه وقال
: معليش يا عم
مسح عبد العزيز وجهه ليخفي ابتسامته التي علت شفتيه رغمًا عنه , خلف كفّيه
ضبط ملامحه وعقد حاجبيه , وأبعد كفّه عن وجهه
قال بهدوء
: اتركنا شوي يبه
قال سعود بحدّة وهو يحمل هاتفه
: انا اللي بمشي , لما تبي تنقلع كلّمني
ما ان عدّى عتبة الغرفة حتّى انفجر عبد العزيز ضحكًا
ليبتسم سعود رغم غضبه
قال مغتاضًا
: كلب
قال ابو عبد العزيز بدهشة
: وش متلبسكم انت ويّاه !
التفت سعود وزفر
قال عبد العزيز
: خير ؟ انقلع يلا
هزّ رأسه ايجابًا , ثم قال بخبث
: عسا ما كان الماي بارد مرّة ؟
رفع عبد العزيز كوب الماء الذي بجانبه
: ودّك تجرّب
اقترب سعود ورفعَ الكوب الى وجهه
همّ بسكبه على نفسه , وعبد العزيز مبتسم
ليباغته سعود ويرشقه به
صرخ عبد العزيز بشهقة
: يا ***
انفجر سعود ضحكًا وابتعد ليخرج من الغرفة
: انا وانت واحد يا قلبي , كأنّي انا اللي جربته
خرج من المنزل ووضع نظّارته على عينيه
ركب سيارته وبقي ينظرُ في الفراغ بصمت
حتّى أراح رأسه الى طارة القيادة وأفلت نفسًا طويلًا مثقلًا بالهم
غضبه الذي رمى به على عبد العزيز , ماهو الّا تنفيسٌ لهمّه
كذلك عبد العزيز
ذروةُ وجعه نفثها في صراخه
كلاهما يدركان ذلك
ويخفيانه بشتيمةٍ او ضحكةٍ حمقاء
أخرج هاتفه واتصل بعبد العزيز
الذي أجابه بغضب
: خير
قال بابتسامةٍ هادئة
: متى بتروح للناس ؟
: مو شغلك
صمت لثوانٍ , ثم قال
: اوكي , اجل انا بروح على طيّارة بعد بكرة
تأفف عبد العزيز , ثم قال
: بكلّم ابوي وارد لك خبر
قال سعود ببرود
: استعجل , عشان أأجل الحجز
وأغلق الهاتف دون وداعه
حرّك سيّارته
يسيرُ بلا هدىً
لم يعلم انّ تفكيره سيقوده الى هناك
الى ذلك البيت بنيِّ اللون
ذو الباب الأبيض الصدئ
ظلّ يرمقه , ويشعرُ بالضعفِ في جسده
يردعه جسده عن الحراكِ لينزل اليها
ويمنعه قلبه عن رؤيتها
كلّ ما فيه يصرخ ان اذهب , لا تنتظرها , ولا تقابلها
ذات العينين , اللتّان أفقدتاه عقله في ثوانٍ
صاحبة الأحرف الناعمة , والنبرة التي تخترقه
أوّل انثى تجذب قلبه , قلبه الذي كان حرًّا دومًا
قلبه الذي لم تستحلّ حرمته أنثى سوى والدته وخالته وجدّته
قلبه , العذراوي !
يا حبيبتي يا لين
يا حبيبتي التي خلقت لي حياتًا , التي بعثتني الى عمرٍ جديد
يا هزيمتي وضعفي , يا انكسار نظرتي اذا ما مرّت على بريقِ عينيكِ
متَى تنقضي الأيّام القصيرة يا لين
ونرحل
نرحلُ الى حياةٍ تخصّنا
حياةٍ , ستكرهينني فيها !
رغمًا عنّي يا لين
لن أستطيع معانقتك , قبل ان أخنقك بكلتا كفّاي
قبل ان استئصل قلبكِ الذي أحضرني من أقاصي الأرض
قبل ان اهذّب قراركِ الأحمق
قراركِ , الذي أرسلني الى جحيم الحياة !
,
,



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 22-04-15, 11:36 PM   #72

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة مساءً
ارتشف من قهوته , ليتأفّف ذياب
: عزّ الله خلّص البن على ذا الحالة ! صقير قوم لا بركةٍ في العدو
لم يجبه
قال سعد
: ذي ثالث دلّة تسويها وتشربها لحالك ! ماهو زين تكثّر
لم يجبه
اقترب ذياب بعصبيّة
: تراني بروّشك فيها
قال ببرود
: شتبي انت ؟
سحب منه فنجانه
: قم معنا شوف وش ناقص لا تقعدلي كنّك ضيف شرف , واتّصل على عبد الله أكّد عليه يجيب علي وتركي ووليد معه
يعلمُ انّه ان جلس جلسةً كهذه
يظلّ يغوصُ في فكرٍ أسود
حتى يتلاعب به سكّر دمه
سكّر دمه السيء
الذي ما يلبث يراه مهمومًا , حتى يلهو به مستمتعًا
ليزيدَ وجعه وتعبه !
نهض من مكانه وقال بلا مبالاة
: هقوتي علي وتركي ووليد ماهم جايين
: ليه ؟
خرج من المجلس وهو يقول
: اختهم تعبانة
رماه ذياب بوسادةٍ ثقيلة , ليلتفت اليه بغضب ويصرخ
: خبل انت ؟
صرخ ذياب بغضبٍ أكبر
: انا الخبل ولا انت ؟ انا اللي تارك بنت عمّي اللي ما يرتفع سكّري الّا من راشد او من حبها ؟! انا اللي طلّقت زوجتي اللي روحي فيها ؟ انا اللي أكابر على البنت الوحيدة اللي احبها !
قفز صقر ليخنقه وهو يهتف
: يا حيوان
أمسك به سعد وهو يهتف
: صقر تعوّذ من ابليس , يقصدك ما يتكلّم عن نفسه
قال صقر بجنون
: لا تتدخّلون فيني , ما لكم دخخل ما لكم دخل , انا ما طلّقت الا وانا مقتنع
لكمه ذياب وهو يصرخ
: كذّاب , كــذااب
وقف سعد بينهما وقال برجاء
: تكفوون تكفون بس , واللي يرحم والديكم والله ما يصير , عندنا عزيمة ومحتاسين وانت ويّاه تتذابحون ! لو دخل علينا أحد الحين ما يقول مهابيل !
تراجع صقر خطوتين , وهو ينفث بغضب
: انا طالع , قلعة تقلعكم وتقلع عزيمتكم
خرج ليتبعه سعد
: صقر , صقر لا تصغّر عقلك وش صار لك
أبعده وخرج
عاد سعد الى شقيقه
قبل ان يتكلّم قال ذياب بتهديد
: والله تاكل ضربة أخس من اللي أخذها ذا الورع اللي انقلع
حملق سعد فيه بصدمة
ليقول
: من الورع !! لا يكون صقر !
قال ذياب بحدّة
: سـعـد
خرج وتركه
ليسمعه يقول
: اتّصل على سلطان اكّد عليه , وجه البوم اكيد بيسحب ويسوي نفسه ناسي
قال سعد ساخرًا
: اذا اللي مسوّي له العزيمة هج وخلّاك من بيجيك
قال ذياب
: قلت شي ؟
تأفّف سعد
: لا
,
,
المملكة العربية السعوودية – الرياض
الخامسة وخمسٌ وثلاثون دقيقة مساءً
بعصبيّةٍ بالغة أخرجت العصا الزجاجية من علبة العود
لتمرّرها خلف اذنيه , وعلى ساعديه
أغلقتها ورمتها أرضًا
لتأخذ المبخرة وتبخّره
ابتعدت أخيرًا , لتسمع صوته خافتًا
: مشكورة
التفتت اليه , همّت بالحديث لكنّها تراجعت
وخرجت من الغرفة
قالت جدّته بزفرة
: يمّه اذا بتروح عشاني خلّك...
قاطعها بقبلةٍ هادئة وضعها أعلى رأسها
وخرج بهدوء
قبل ان يفتح باب المنزل رنّ هاتفه
أجاب بهدوء
: هلا
صمتَ لثوانٍ , ثم قال
: انا عندي مشوار الحين , اذا رجعت منّه بشوف عمّي
تبادلا بعض الكلمات , ثم أغلق الهاتف وخرج
ركب سيّارته وسار حتّى توقّف أمام منزلِ " خطيبته "
تردّد في النزول
ثم أجبر نفسه ونزل بغضب
استقبله عمّ الفتاةِ الأصغر
وأدخله الى المجلس
لينهض والدها مبتسمًا
: حيّا الله ولدي سلطان , يا هلا والله
قال بنبرةٍ ثقيلة
: الله يحييك , جعلك تسلم
صافحه , وقبّل رأسه
ليجلس في صدرِ المجلس
ضيّفه عمّها الأصغر وجلس قريبًا
بعد دقائق , قال والدها
: مهند نادْ لمى
كتم تأفّفه وضجره
ودّ ان يقول للرجلِ ذو الشعيرات البيضاء الوقورة في شعره ولحيته
لا أريد ابنتك !
لم تُرخصها الى هذا الحد
لم لا ترفض وتريحني وترتاح وتريحَ ابنتك الوحيدة !
لستُ رجلًا مثاليًا تطمح به لابنتك
انا رجلٌ مليءٌ بالعقد
انا رجلٌ مجنون !
انا رجلٌ لا زالَ جرحي ينزف , لم اتعافى بعد
سمع خطواتٍ سحبته من أفكاره السوداء
لم يرفع رأسه , رغم سماعه لهمسها بالسلام
جلست أمامه , قريبةً من والدها
قال عمّها
: سلّمي بصوت عالي ما سمعك
حمحمت باحراجٍ وسلّمت مجدًّدا بصوتٍ أعلى قليلًا
قال بخفوت
: وعليكم السلام
ولم يرفع رأسه !
مرّت ثوانٍ , ليحمحم والدها
حبسَ زفرته ورفع رأسه
نظرَ اليها ببرود
شعرَ لوهلةٍ أنّه رآها من قبل
شعرَ أنّ وجهها مألوفٌ لعينيه
لم يشأ ان يشعر بالألفة ناحيتها !
مسحها بعينيه , وكأنّه يتأمّلُ تحفةً ليبدّدَ ملله
شعرٌ حالكُ السواد يغطّي كتفيها , وتطلّ أطرافه بخجلٍ على جانبي خصرها
بشرةٌ قمحية لذيذة
عينينِ واسعتان , بلون الكستناء
حاجبان طويلان , بلون شعرها
ابتسامةٌ صغيرة , وأنفٌ كأنفِ طفل
بدت له قصيرةً جدًّا أمامه
تذكّر كلماتِ جدّته وعمّته الكبرى
" : حاول تبتسم الابتسامة صدقة
: اسأل البنت عن أحوالها
: اسألها عن دراستها عن خططها
: بيّن لها اللطف مو تكلّمها بجلافة "
سحبَ نفسًا عميقًا
ثمّ قال بهدوء
: شلونك
قالت ببحّة
: الحمد لله
لم يهتّم بأن يسألها عن أمرٍ آخر
نظرَ الى والدها بصمت
قال والدها بمحبّة
: يلا بابا
نهضت بارتباك , خجلةٌ من أن تسيرَ أمامه
ذاك الذي لم يكن ينظرُ اليها اصلًا !
خرجت من الغرفة ليتحدّث مع والدها لدقائق
ثمّ استأذن خارجًا
ركب سيّارته وأفكاره تخيّل له أيّ نوعٍ من الفتياتِ لمى تلك
مع كم رجلٌ تحدّثت
ومع كم واحدٍ خرجت
ومع...
زفر وضرب رأسه بطارة القيادة وهو يقول
: بسس
فكّر بأسىً على حالِ الفتاة
أيّ ذنبٍ أذنبته لتعاقب به !
أيّ سوءٍ كانت به , لتُرمى في طريقه !
نزل الى منزله , ودخل الى غرفةِ جدّته
التي قالت بلهفة
: بشّر
تحامل على نفسه
وقال بهدوء
: خير ان شالله
نظرَ الى عمّه
: ذياب اللي عزمك امس , اتّصل اخوه من شوي , تروح ؟
: والله ما لي خلق
قال سلطان
: انت اللي قلت اي بروح ونكبتني مع الرجال
ضحك ابو سعود , ثم قال
: اجل بطلع أصحّي سعود اشوفه يخاوينا
: خلّك انا بصحّيه
صعد الى غرفةِ عمّه وابنه
واقترب من سعود
الذي كان مستلقيًا في عرضِ السرير
قال بخفوت
: سعود
قال سعود ببحّة
: هلا
عقد سلطان حاجبيه
: مانت نايم !
اعتدل سعود في جلسته وقال
: ما جاني نوم
: طيّب قوم معاي
: على وين ؟
: انت وابوك معزومين على عشا , وانا معاكم
قال بلا مبالاة
: ما لي خلق
: ان ما رحت ماني رايح , ابوك قبل العزيمة عنّك
تأفّف
: شف لا تسوي لي حركات بزران , روح اجهز ما لك دخل فيني
همّ بنزع شماغه
: اجل حتى انا ماني رايح
صرخ سعود بضجر
: سليطيين
قال سلطان ببرود
: تقوم ولا لأ
نهض من مكانه وهو يقول
: تصدّق محتاج أغيّر جو , بخاويكم
قال سلطان ساخرًا
: البس لبسنا , ماهو لبس الرخوم حقّك
شتمه سعود بالانجليزية بخفوت
ليرفع سلطان حاجبيه بدهشة
صمتَ لثوانٍ , ثم قال باستياء
: أخلاقك خربت يا ولد العم !
تجاهله سعود وفتح حقيبته
أخرج ثوبه وتأفّف
: يبيله كوي
: ماهي مشكلة نتلابس انا وانت
دخل ابو سعود حينها , وقال
: شكلك ما نمت
هزّ رأسه نفيًا
: ما قدرت
قال والده بحدّة
: وامس الليل بعد ما نمت , واليوم ما فطرت ولا تغدّيت , وش تبي تسوي في نفسك ؟
خرج سلطان بصمت , ليقول سعود بضيق
: يبه ماني بزر الله يهديك , ماهو صاير علي شي ان جعت اكلت وان نعست نمت !
صمتَ والده , ثم قال بهدوء
: رحت للين اليوم ؟
أشاح بنظره عنه وقال
: لا , ليش اروح لها !
ضحك والده ولم يتكلّم
عاد سلطان بعد قليل بثوبٍ وشماغ وعطر
: خذ سعود , عندك طاقية ؟
هزّ رأسه ايجابًا
ارتدى الثوب واقترب سلطان ليلبسه الشماغ
قال سعود بغيض
: هيه زودتها وش شايفني مرّة مفهي ما اعرف البس شماغ !
ضحك سلطان
: لا بعدّل لك النسفة بس
: ما يحتاج
رنّ هاتف سلطان , ليجيبه بزفرة
: يا هلا بذا الصوت
صمتَ الآخر
ليضحك سلطان
: الو !
قال الآخر
: تكلّمني ؟
: اجل اكلّم نفسي !
ضحك بدهشة
: لا بس استغربت يعني , المهم انا تحت عند جدّتي , تنزلون ولا اطلع لكم
: يلا نازلين
أغلق الهاتف وقال
: انا نازل لمالك , سعود تعطّر من ذا العطر
تركهما ونزل
قال ابو سعود
: حجزت ؟
: عساس بعد بكرة الصبح طيّارتي , بس عزيز بيخطب ويبيني معاه , فبأجّل
ابتسم ابو سعود
: ما شالله , بس ما كأنّه استعجل يعني للحين ما توظّف ؟
قال سعود بخفوت
: بيتوظّف بشركة أبوها , اخوه الله يرحمه كان موظّف هناك
حبسَ زفرةً موجوعةً على صديقه
أخو الحياة
أيّ قوّةٍ سيكبّلُ بها قلبه ليخطو الى ذلك البيت
ليمسك بيدِ الفتاة
ليصحبها الى بيته , ويغلق بابًا يحول بينهما وبين العالم
سامحك الله يا بندر , على ثقلٍ أسقطته على شقيقك
رحمك الله يا شقيقَ شقيقَ قلبي
لو كنتَ حيًّا , لأوسعتك ضربًا !
لعاقبتك على انكسارِ بصرِ عبد العزيز , ووجعِ قلبه
تعطّر وخرج مع والده لينزلانِ الى غرفة جدّته
التي ابتسمت حينَ رأتهما
: يا هلا , حياهم الله , والله يا محمّد انّ ما بعد فرحتي برجعة سلطان شي الّا شوفتك مع سعود
رفعَ سلطان رأسه بسرعة
وظلّ ينظرُ الى جدّته بصمت
همس مالك
: حاس بتأنيب ضمير ؟
صمتَ لثوانٍ
ثم قال بجمود
: لا , الودْ ودّي أرجع أصلًا
هزّ مالك رأسه ايجابًا بصمت
,
,
المملكة العربيّة السعودية – الرياض
السادسة وخمسٌ وخمسون دقيقة
سحب مفتاحه وهاتفه وسارَ ناحية الباب
تبعه سعد بعجلة
: وين رايح !!
نظرَ الى ساعته , ثم قال
: بجيب صقر
: ذياب يرحم والديك لا تطلع الحين , جبت البقعا معه وبتطلع تدوره والناس على وصول
التفت اليه ليقول بحدّة
: العزيمة كلّها عشان صقر , وبعدين واذا وصلوا الناس ! مانت رجال طول بعرض ما تعرف تقلطهم يعني ؟ والعشا بيوصل على سبعة ونص أشرف على العمّال وانتبه يخربون شي , دخله للمطبخ الخلفي
قال سعد
: وين بتلقاه ؟ لو تتّصل عليه أوّل
: مقفّل جواله , ما عليك انا اعرف وين أحصله , يلا سلام
خرج من الاستراحة وركب سيّارته
توقّع مكانين , ورجّح واحدًا على الأغلب
وهو الأقربُ الى الاستراحة
ساحةٌ خاوية في أطراف المدينة
سارَ قرابة ثلاثةَ عشرةَ دقيقة بسرعةٍ كبيرة
لمح سيارة صقر وابتسم
أوقف سيارته خلفها ونزل , ليركب مع صقر
زفرَ صقر ولم يتكلّم
قال ذياب بهدوء
: وين وصلت
قالَ بخفوت
: لمّا دخلت علي في المستشفى
عقدَ ذياب حاجبيه وقال
: لمّا طلع الكلب راشد من عندك ؟
هزّ رأسه ايجابًا بصمت
ابتسم ذياب
: اذكر وجهك وقتها , تصدّق كانت أكثر مرّة احس بقهر فيها بحياتي , كانت اوّل مرّة اشوفك خايف !
قال صقر ببحّة
: احس الخوف اللي خفته ماهو كافي لذاك الموقف ! الحادث والغيبوبة اللي دخلتها , واصحى على وجع وتعب , وراشد !
قال ذياب
: تصدّق صقر , صرت اتمنى لو اننا رجّعناك وبس , بدون السنوات اللي ضيّعناها , خسرنا يا صقر , ما استفدنا شي من سجنهم , ولو انقص راس راشد قدّامي وقدّامك ما بترجع لنا السنين اللي راحت
أغمض عينيه بحرقة
قال ببحّة
: وش تفيدنا لو يا ذياب , وش تفيد يا اخوي
رفعَ كتفيه بقلّة حيلة
صمتا لدقائق
ثمّ قال ذياب
: اذكر سنتين السجن اللي راحت عليك , شلون كان مو هاين عليّ ولا عليك نتراجع عن كلمة قلناها , شلون أصرّينا انّك ما تترجاهم ولا تطلب منهم شي , ولما استسلمنا وبلّغنا ابو بدر وابو هاني الله يذكره بالخير , تدري بغوا يذبحوني ! وكنت راح أخسر شغلي وسجل انجازاتي , بس توسّط لي ابو بدر وسوّوا الخطّة ورتّبوها...
قاطعه صقر
: ولمّا طلعت , وكان ابو عقاب محترم وآدمي معاي , وبعد شهور عرض عليّ أتزوّج مها
قال ذياب مغتاضًا
: وانت مدري وين شايفها ومتخرفن ووافقت على طول
هزّ رأسه نفيًا
: لا , بس الحقيقة انّ ابو عقاب ما كان يبي لي المضرّة , وكل شي بيد راشد ومن تخطيط راشد , وعاملني أحسن معاملة , وأعطاني نصيب كبير من أسهم الشركة , ومسكّني من أكبر المناصب فيها , ودخّلني أكبر المستشفيات فترة علاجي الأولى , ما كنت قادر اردّه , والحمد لله
قال ذياب بهدوء
: مو ندمان على زواجك من مها ؟
صمتَ لثوانٍ , ثم قال بوجوم
: لا
زفرَ ذياب وصمت
مرّت دقائق
ليقول ذياب بنبرةٍ مرهقة
: يلا صقر , نرجع الاستراحة
هزّ رأسه ايجابًا
نزلَ ذياب من سيارة صقر , وركب سيّارته
وعادا الى الاستراحة
وقلبُ كلٍّ منهما , يأنُّ ويبكي !
تذكّر ذياب تلك الأيّام بتفاصيلها المزعجة
اتّصال عبد الله الذي أفزعه
صوته المرتجف رغم انّه يحاول السيطرةَ عليه
" : ذياب تكفى ما شفت صقر !
قال مستغربًا
: مو عنده مؤتمر في الشرقية ؟
قال عبد الله بجنون
: المؤتمر من امس مخلّص , وجوّاله مقفل , وسيّارته هناك في مكانها
قال ذياب بقلق
: طيّب انا اشوف وارد لك خبر
اجرّى عدّة اتّصالات
وتأكّد ان صقر وقّع على خروجه في الثالثة وخمسٌ وخمسون دقيقة فجرًا
أرسلَ طلبًا بتسجيلات المراقبة لطريق الشرقية الى الرياض , ومحيط القاعة التي اقيمَ فيها المؤتمر
ذهب الى مركزِ الأمن وطلبَ عرضهما
في ذاتِ الغرفة , وعلى العديد من الأجهزة , قسّموا المراقبة
أخبرهم عن رقمِ لوحة سيّارته
بعدَ دقائق التفت أربعةُ موظّفين اليه
: طريق الشرقية والرياض ما مرّت سيّارته
قال أحدهم من الجهةِ الأخرى
: محيط القاعة ما ظهر الّا الساعة ثمانية وثلث كأنّه أخذ شي من سيّارته والساعة عشرة كان ياكل ويتكلّم مع عسكري
هتف أحدهم
: في جزء محذوف
التفت اليه ذياب وأسرع وقلبه يكادُ يقفز من صدره
: من متى لمتى
: بين ثلاثة وخمسة وخمسين دقيقة الى اربعة وخمس دقايق
قال ذياب بقلق
: وش بيكون صار في عشر دقايق !
صرخ بهم باستدراك
: أرسلوا خبر لادارة القاعة انّ في جزء مفقود , ابي استجواب للحارس ولمسؤولين الأمن هناك
بعد دقائق قال ذياب فجأة
: دخّلوا رقم السجل المدني لصقر شوفوا اذا سافر أو لأ
بعد ثوانٍ قال أحدهم
: ما طلع من البلد
صرخ بجنون وهو يرفس أحد الكراسي
حامَ في الغرفة بعجلة , ثم قال
: ادخل لي على صور المسافرين خلال اليومين اللي طافت
خلالَ ثوانٍ بدأت الصور تعرض على شاشات الغرفة
وذياب ينظرُ اليها بنهم
مرّ وقتٌ حتّى صرخ
: شاشة ثلاثة وقّف
أوقف تحرّك الصورِ بسرعة
قال ذياب
: رجّع ببطء
عاد ثلاث صور الى الخلف
قال ذياب وقلبه يدقُّ بعنف
: طلّع لي معلوماته
قال الموظّف
: مسفر ابراهيم الرائد , مواليد الف وتسمعمية وسبعة وسبعين
صمتَ ذياب بصدمة
لا يمكن !
هذا صقر !
صقر رفيق عمره
غُيّرَ اسمه , وزادوا على عمره عشرةَ أعوام !
قال برجفة
: وين سافر , وشوف لو في أي ملاحظات
قال بعدَ ثوانٍ
: راح لاستراليا , رحلة علاج , سافر في وضع حرج وغيبوبة
أغمض ذياب عينيه وغطّاهما بكفّه , ليضغط على رأسه بقوّة
من اين ظهر كلّ هذا الهراء !
قال أحدهم
: وش نسوي الحين ؟
فتح عينيه , قال ببحّة
: خلاص , كل واحد يرجع لشغله
خرج من الغرفةِ على عجل , الى مكتب الطيران ! "
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السابعة والنصف مساءً
خرجت من غرفتها الى المطبخ
أخذت الماء وهمّت بالعودة الى غرفتها
وجذبها صوتُ أشقائها في المجلس
ذهبت لتلقي نظرة
حينَ رأوها
تأفّف فيصل وهمّ بالنهوض
ورمقها بندر بنظرةٍ معاتبة ومؤنبة
وأشاح خالد عنها
قالت وهي تحبسُ بكاءها
: قصدكم بتعاقبوني يعني ؟ ولا واحد سألني ليش سوّيتي كذا , ولا واحد...
قاطعها فيصل بحدّة
: ولا كلمة لا تقعدين تتمسكنين الحين , لو وش ما كانت ظروفك ووش ما كان صاير معاك ما تسوّين ذا السواة , ما يحق لك يا محترمة يا متربية , انتي لا يكون تحسبين نفسك زيّك زي اي بنت يظل شورها بيد أهلها حتّى لو هي مملكة لين تتزوّج ؟ انتي ظروفك شاذّة يا مدام , سعود زوجك وولي أمرك والمسؤول عنّك , فشلتينا وسودتي وجيهنا معاه وجاية تتبكبين الحين !
بكت لين وقد فقدت قدرتها على التحمّل
: حرام عليكم , انتوا اخواني ! ان ما فهمني سعود ولا راعاني انتوا بعد بتقسون علي ؟ انتوا بعد بتصدّون وبتجرحون ! ما كأنّي اختكم الوحيدة
قبل ان يصرخ فيصل , قال خالد
: فيصل بس
ترك فيصل الغرفةَ غاضبًا
التفتت الى والدتها برجاء
: يمّه
لم تجبها والدتها
جلست لين على ركبتيها أمام والدتها وهي تبكي
: عشانك انا جيت , نسيت نفسي ونسيت جامعتي ونسيت زوجي وتركت كل الدنيا وجيتك
قال خالد بحدّة
: ليش استغفلتيني واستغلّيتيني , كان المفروض تعلميني وانا اتصرف وانا احدّد وش اسوي واقرّر آخذك ولا اخلّيك , اعلم سعود او اخليه بدون علم , انتي تعدّيتينها كلّنا يا لين وتصرّفتي من راسك وكأنّ ما وراك رجال ابد
التفتت اليه لتصرخ بحرقة
: خفت عليه , خفت يكون مصيره مثلك ومثل ابوي , صرت بين نارين يا اخوي , نار امّي اللي خفت تروح وانا ما شفتها , او انّي اعرّض سعود لرصاصة من عمّك او فارس , تحسبني مستانسة وانا تاركة سعود ؟ سعود اللي طلعني من الجحيم للجنّة , اللي لو لا ربّي ثم هو ما عدّت علي السنة الأخيرة لأنّها كانت صعبة وثقيلة , تحسب الموضوع هيّن عندي وانا كنت قبلها بيوم محتفلة معاه على سنة مرّت بيني وبينه , بس فضّلت احميه على انّي استانس فيه كم يوم زيادة
قال خالد بوجعٍ على شقيقته يواريه خلف حدّة نبرته وتعنيفه
: ما يبرّر لك يا لين , ماهو مبرّر , انغرّيتي بسعود المتفهم الطيّب , انغرّيتي بأنّه تربية انجليز وعايش حياة الانجليز , نسيتي انّه رجُل عربي مسلم , من أصل بدوي , رجّال يغار على زوجته ويخاف عليها , وينتقص نفسه اذا تعرّضت لأي شي لأنّه ما قدر يحميها ويكون على راسها , الرجال يا لين يتضايق انّ زوجته تطلع مع اخوها وابوها دامها على ذمّته , شلون لو سافرت من بلد لبلد , وهو ما يدري مع منو وليش ولوين بالضبط , تاركته فجأة ! لو ما شافك صدفة كان قضى عمره الباقي كلّه يدورك , وانتي على ذمّته وضايعة منه ! لو تعيشين عمر على عمرك ما بتفهمين اللي يحس فيه سعود يا لين , عمرك ما بتفهمين
انهارت بالبكاء
ليقول خالد بحدّة
: لا تبكين , ما بيفيدك البكا , استغفري ربّك على ذنبك , ادعي ان الله يحنّن قلبه عليك وتقدرين تستردّين مكانتك عنده , سعود طيّب وولد حلال , ولو كنت بختار لك زوجك ما كنت بختار غيره , خسرتيه مرّة يا لين وحاولي تكسبينه , ودامه دوّرك وبياخذك يعني لك مكانة عنده , قومي وبطّلي بكي , اطلعي للسوق وجهّزي نفسك , انتي عروس الحين بتطلعين من بيت اهلك لبيت زوجك
أغمضت عينيها بحسرة
ليتَ كلامك حقيقةٌ يا اخِي
ليتني عروسٌ بيضاء
تزفّ الى زوجها
نقيّةٌ ناعمة , تأسر عينيه وتسكنُ قلبه
ليتني ازفّ اليه بعمرٍ جديد
لا احمل خطيأتي معي
لا احملُ ذنبًا , سيظلُّ يجدّد وجعه كلّما رآني
لا احملُ جرمًا , سيظلُ واقفًا بيني وبينه
يندسُ حتى بين كفّي وكفّه اذا ما تلامسا
يستلقي ببرودٍ بيننا , اذا أوينا الى السرير
يقابلنا على موائدنا , يرافقنا في ذهابنا وايابنا
اختك ستزفّ مذنبة , لا عروسًا يا اخي
لن تزفّ في ليلةٍ سعيدة
ستذهب الى مأتمها , الى العذاب الجديد الذي ينتظرها
حتّى لو لم يعاقبها سعود أبدًا
ستبقى نظراته تنصبُّ عليها , حتّى لا تنسى ما فعلته أبدًا !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة مساءً
قال وهو يكادُ يفقدُ صبره
: وش يعني ما صار شي !
قالت بتأفّف
: علي قلت لك ما في شي , كذا بس فزّيت من النوم شايفة كابوس
كانت هديل تعضُ شفتيها بغيضٍ كبير , لكنّ رتيل كانت قد حلّفتها ان لا تخبر أحدًا
قال علي
: رتييل , صراخك وبكاك مو حق كابوس
قالت والدته
: لا تزن كثير , خلاص كابوس كابوس , المرّة الجاية تحصّني واقري اذكار النوم قبل تنامين
هزّت رأسها ايجابًا
: ان شالله
قال تركي بعد دقائق
: علي عبد الله مرسل رسالة , يقول ذياب عازمنا على عشا الليلة
قال علي
: اي علّمني , وقال بلّغ وليد
: وليد بيروح ؟
: ما ادري , الحين بتّصل عليه , انا عنّي مشتاق لذياب وبروح
قال تركي
: خلاص اذا بتروحون انا معاكم
اتّصل علي بوليد
: هلا وليد , الحمد لله بخير , اسمع ذياب خوي صقر عازمك تخاوي ؟
صمتَ لثوانٍ , ثم قال باستغراب
: من جدّك انت ! وش له تخاف عليهم لا يكون بزارين ! حريم كل وحدة وش طولها خايف تتركهم بروحهم !
صمتَ لثوانٍ , ثم قال بحدّة
: يخسي هو وعشيرته وطوايفه تكرم امّي وامّك , لو يوطوط من ناحيتهم يعرف انّ ربّي كتب أجله
قالت ام علي بقلق
: وش صاير
قال علي
: ابوه السفيه مهدّد يرفع قضية ان وليد خاطف ملاك , وعمامه السفلة مهدّديه ياخذونها غصب
قال تركي بغضب
: لا يكون الدنيا سايبة لهم !
قالت ام علي
: هووب انت وياه شوي شوي , قول لوليد جيب امّك واختك وروح للعشا
قال علي
: هاه سمعت شقالت امّي , مالك عذر الحين , احنا ننتظرك اجل
ودّعه وأغلق الهاتف
قالت هديل
: اي والله زين اللي قلتوا له يجيب خالتي , والله بموت زهق من زمان ما طلعنا
قال علي بخفوت
: قولوا لداليا تجيكم
ضحكوا منه , لتقول هديل
: الكلبة من شمّت ريحة خطبتها ما عاد طبّت بيتنا , الّا يوم...
قاطعها تركي وهو يقول
: يمّه ثيابي مكويّة
ابتسمت رتيل بسخرية
والتفتت اليه
قال بهدوء
: انا كاويتهم ومرتّبتهم بدولابك ومبخّرتهم قدّامك , ما له داعي ذي التصريفة
زفرَ تركي , لتتابع رتيل
: على فكرة تصرّفاتكم ذي هي اللي مو مخلّيتني اتجاوز الأمر , لازم يصير ذكر – استثقلت الاسم , ثم نطقته ببحةٍ خافتة جرحت حنجرتها – صقر طبيعي في البيت , في النهاية هو ولد عمّي
قالت هديل بحدّة
: ايه ولد عمها اللي ربّاها واللي مثل اخوها
قالتا سويًا
: واللي زواجها منّه غلطة
انفجرتا ضحكًا
ضحكًا مسمومًا , يقطّع قلبيهما
الى أيّ حدٍّ تسخر منّا أوجاعنا
لتجعلنا نضحك منها ونحن نكادُ نبكي
لتجعلنا نضحكُ ودواخلنا تبكي
الى أيّ حدًّ نتلبّس قوّةً خرقاء , لها وجهةٌ اسطورية
وداخلها هش
قالت ام علي
: سكّنهم مساكنهم
هزّ تركي رأسه
: اقطع ايدي من عرقها ان ما كان في سبب لكلامكم
قالت رتيل بهدوء
: روح اقطعها
نهض من مكانه وهو يقول
: خلّك مسوية انا الغامضة , يا خبر اليوم بفلوس بكرة يصير بلاش
وخرج من الغرفة
استلقت هديل قريبةً من والدتها
: يمّه صاحبتي بتزورني الخميس
قالت ام علي
: صاحبة رتيل بتزورنا الخميس
قالت هديل ببساطة
: عادي يمّه , صاحبتي بشرية واليفة وتتعايش وتندمج مع البشر
قالت رتيل بحذر
: من صاحبتك ذي ؟
قالت هديل بحدّة
: ما لك دخل , انا ما اسألك عن صاحباتك
: بسم الله ! أعصابك
تأفّفت هديل وأشاحت ببصرها عنها
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة مساءً
نهض عبد الله من مكانه ليدخل الى الصالةِ الأخرى
: محتاجين مساعدة يا شباب
قال سعد
: الله جابك , بالله حط ذي الشطّة في صحون وحط على كل سفرة كم صحن
ضحك عبد الله رغمًا عنه , ثم قال
: الله يعزّ الحريم يا رجُل
قال سعد بصدق
: مستعد ابوس رجلين اللي بتزوجها عقب كل عزيمة
انفجر عبد الله ضحكًا
دخل ذياب الى الصالة ومن خلفه صقر
وكلاهما يحملانِ صحون الطعام
قال عبد الله
: اذا على كل سفرة صحن يعني مسوين خمس , ترا زيادة يا شباب
قال ذياب
: مسوين سبعة , بنحط خمسة وان فضى صحن جبنا من اللي داخل
قال عبد الله
: وين وين يابوي , النعمة زايدة وفيها بركة ان شالله
خرج ذياب , ليقترب صقر من شقيقه
قال بزفرة
: علي صافحني بدون ما يطالع وجهي وتركي مر من عندي بدون سلام
قال عبد الله بحنوْ
: ما عليه , السالفة توّها حامية
رفعَ كتفيه بقلّةِ حيلة
: بتظل حامية بالنسبة لهم , على كذا أكون خسرت عيال عمّي
: لا ان شالله ما توصل لهالحد , بس تدري كل شي جا ورى بعضه , ولا تزعل منّي بس رتيل حيل تأذّت ويظلّون اخوانها وتاخذهم الحميّة
صمتَ لثوانٍ طويلة
ثم قال دونَ ان ينظرَ الى وجه أخيه
قال بنبرةٍ خجلة ,
بنبرةٍ انزلقت من لسانه , دونَ رغبةٍ منه
: عبد الله ممكن ما تنطق اسمها مرّة ثانية !
رفعَ عبد الله رأسه بصدمة
تابع صقر ببحة
: اقسم بالله جسمي يقشعر اذا قلت اسمها , احس ودّي اذبحك !
اتّسعت ابتسامةُ عبد الله
لمعت عينيه بدمعتين
للتوْ أدرك دمعَ السعادة اللا شعوري , للتوْ شعرَ بطعمه
كم هو حُلو !
قال مبتهجًا
: بس ! يا غالي والطلب رخيص , ابد ماني طاري اسمها بعد كذا ولا بجيب سيرتها حتّى الّا في ضرورة
ابتسم صقر ساخرًا من نفسه
كم يشعرُ انّه جريءٌ دونَ حق !
نهض من مكانه مع شقيقه
خرجا ليسمعانِ ذياب يقف عند باب المجلس
: تفضّلوا يا شباب على العشا , حيّاكم الله
,
ظلّ ينظرُ اليه
حتّى لاحظه الآخر , وأحرجَ من نظراته !
لكزه سلطان بعد دقائق
: هيه ووجع من دخلت وانت تخز الرجال , خير !
التفت اليه بانتباه
: هلا ؟
قال سلطان
: وش فيك تطالع الرجّال !!
عقد حاجبيه
: ما انتبهت كنت مسرح
أخرج هاتفه وفتح أحدَ التطبيقات , ليجدَ عبد العزيز متّصلًا
أسرع يكتب
: زين انّك اونلاين
: هلا ؟
: اسمع اذكر انّي شفت صورة ولد خالتي سارة في جوالك , للحينها عندك
: اظن , ليش ؟؟
: في واحد قدّامي يشبهه
بعدَ ثوانٍ أرسلَ عبد العزيز الصورة
نظرَ اليها بصدمة , ورفعَ رأسه لينظرَ اليه
قال سلطان بصدمة
: سعود ! مانت صاحي والله , وش فيك عالرجال وش تسوي صورته في جوالك ؟
تأفّف سعود , وقال
: ودّك تقول انّي شاذ ومستحي ! شبّهت عليه وتأكّدت انّه اللي شبّهت عليه , ارتحت !
التفتا الى ذياب الذي قال
: تفضلوا يا شباب على العشا , حيّاكم الله
نهض البعض , وبقيّ البعض يتحدّثون
حين همّ وليد بالنهوض
أسرع اليه سعود
: السلام عليكم
التفت اليه ودُهش
قال بهدوء
: وعليكم السلام
ابتسم سعود
: شلونك وليد ؟
: بخير الله يسلمك , عفوًا ما عرفتك !
: ما اظنّك تعرفني , بس انا اعرفك , انا سعود وكنت اعرف الوالدة ايّام بريطانيا
قال وليد فورًا بابتسامةٍ واسعة
: اييه اعرفك , يا هلا سعود , يا محاسن الصدف !
ابتسم سعود
: الله يسلمك , والله شبّهت عليك وتأكدت لمّا سألت عبد العزيز , عبد العزيز اللي انت قابلته
هزّ رأسه ايجابًا بحماس
: ايه عرفته , شلونه عساه بخير
: الحمد لله بخير , والله فاقدين خالتي سارة
قال وليد بهدوء
: ماهي سارة
رفعَ سعود كتفيه ببساطة
: تعوّدنا , اربع سنين او اكثر احنا نناديها خالتي سارة , عساها بخير ؟
هزّ رأسه ايجابًا
: الحمد لله بخير , بتفرح اذا علمتها انّي شفتك , ومن الحين اقول لك بتعزمكم
قال سعود بهدوء
: عبد العزيز ما يقدر يجي
قال وليد باهتمام
: ليه عسى ما شر !
: صار عليه حادث وانكسرت رجله
قال وليد بأسف
: لا حول ولا قوّة الا بالله , لا بأس طهور عليه , يقوم بالسلامة يارب
تحدّثا لبعض الوقت , ثمّ تبادلا الارقام
وانضمّ وليد لابني خالته
وعادَ سعود الى ابني عمومته ووالده
قال والده
: من ذا ؟
ابتسم سعود
: وليد , ولد خالتي سارة !
قال والده بدهشة
: بالله عليك !
هزّ رأسه ايجابًا
: السالفة طويلة بعدين اسولفها لك
,
دفعه بخفّة
: روح اجلس معاهم دامهم لحالهم ما في غريب
قال بغيض
: دمّي ولحمي ذول أعرفهم , خبول وان عصبوا ما يحاسبون ان في غرب
انفجر ذياب ضحكًا , ثم قال
: ما عليك روح , واصلًا ابوك موجود يعني ما بيقلّلون من احترامه ويسوون شي تافه
تأفّف , وذهب ليجلس معهم
قال تركي بوجوم
: استغفر الله
لم يتكلّم علي
وقال وليد ببساطة
: تبي تسوي مشكلة يعني ؟
عقد حاجبيه
: ليش اسوي مشكلة !
قال وليد بحدّةٍ هامسة
: ولا واحد فينا يكلمك , وجيت وقابلتنا , مو حلو بيصير منظرنا لو طلع صوتنا قدّام الناس
قال صقر بحزمٍ وجديّة
: وبيصير بشع وشنيع لمّا كل هالناس يعرفون انّكم مقاطعين ولد عمكم بسبب قدر ربّ العالمين وكتبته وانّه ما كتب ووفّق بين اثنين
قال ابو صقر
: صقر وطْ صوتك , وانت يا وليد ما له داعي ذا الكلام الحين
قال علي بهمسٍ حاد
: صقر لا تحطْ لنفسك أعذار وتنمّق الكلام , انت من فوق لتحت كلّك أغلاط , اجرمت في رتيل واستنقصتها بين أهلها , ثمان سنوات انتظرتك يعني عمرها كلّه , وكانت لما نفقد الأمل تقول بثقة بيرجع , وترجع لها بضرّة وتكسرها , ولا تفكّر انّك تعتذر لها او تبرّر لها , ومرّة على مرّة تتمشكل معاها وتطيّحها من طولها تعبانة , وفي النهاية وقدّامنا كلّنا تطلقها وتنقّص قدرها قدّامنا , اعذرني يا ولد العم , ما كان ولا عاش اللي يسوّي في اختي كذا , وتنقطع ايدي اذا اصافح واحد يبكّي وحدة من اخواتي او اكلمه او اسلّم عليه
رمى الملعقة بقوّةٍ ونهض , ليقول بوجوم
: أكرمكم الله
نهض عبد الله خلفه مسرعًا
وقبل ان ينهضا تركي ووليد
قال ابو صقر برجاء
: حلفتكم بالله لا تقومون , حلفتكم بالله
ارتخى كتفي تركي , وجلس بصت
أمسك عبد الله بكتفِ علي وقال
: علي دقيقة بس
التفت اليه بحدّة
: نعم
قال بصدق
: شوف انت تعرف موقفي من أوّل ما رجع صقر وانّي ضدّه في كل شي , بس بقول لك شي
زفرَ علي بصبر
ليتابع عبد الله
: يوم اللي طلّقها صقر كان عنده محكمة , وذياب سحبني غصب وحضرت الجلسة وسمعت كل شي , ما اقدر اعلمك بشي لأنّي ما ادري اذا صقر يرضى او لا , اختك اختي يا علي وانت تدري , اقسم بالله لو شفت نقطة ضد صقر ما صدقته , كل اللي سمعته وشفته كان ظلم وضغوطات وقهر على صقر , صقر عانى بالمعنى الحرفي , حاول تسأله وتعرف وش صار معه , ثم لك الحكم , وانا متأكّد انّك عاقل وواعي ومستحيل تظلم , وانتوا في النهاية عيال عم دم واحد , وبيصير بينكم عيال ونسب
ظلّ علي صامتًا
حتّى جاء ذياب
قال بهدوء
: علي اقلط
قال علي
: بمشي معليش , عبد الله نادْ لي وليد وتركي
قال ذياب بجديّة
: لا تلفتون انتباه الناس انّ بينكم مشكلة , تفضّل اجلس وصقر ماهو يمّك
نظرَ اليه علي بدهشة
تجاهل ذياب نظرته , وأشار ناحية المجلس
: اقلط
سار علي الى المجلس وجلسَ في مكانه ذاته
فكّر في حديثِ عبد الله
وحلّل معرفة ذياب للأمر
لن يكون ليعلم لو لم تكُن ظروف صقر فعلًا قاهرة !
مالذي تخفيه يا صقر
ألا تريحنا وترتاح !
ألم يأن الأوان بعد ؟
,
,
الى الملتقى




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 28-04-15, 06:29 AM   #73

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
البارت السابع والأربعون
,

,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحاديةَ عشرةَ صباحًا
قالت برجاء
: تكفففففى ودنييي
استغفر بهمسٍ وتجاهلها
ضربت الأرض باعتراض
ثمّ قالت
: حرام عليك جايينا ضيوف اليوم
قال بضجر
: وش اسوي لك يا هديل , وش اسويي لك !
: تركي تكفى ودني السوق , بشتري حلويات معجنات عصيرات , ياخي فشلة والله ما عندنا شي نحطّه للناس !
لم يجبها
قالت بعصبيّة
: اشوفك تجيني اذا جاك احد من اصحابك السخيفين وتطلبني اسوي قهوة وزفت , والله تشوف
ضحك رغمًا عنه
دخلت والدتها لتقول منزعجة
: يا الله صباح خير , هديل ووجع شعندك تصارخين من الصبح
قالت برجاء
: يمّه ضيوفي وضيوف رتيل جايين اليوم , بروح اشتري ضيافة
نظرت الى ابنها
: ودها تركي الله يرضى عليك
قال بكسل
: يمّه ما لي خلق , وذي اذا دخلت سوق تصير ذبانة
ضحكت والدته , وقالت هامسةً بمرح
: بعطيك ميّة ريال ان وديتها
نظرَ اليها بوجوم , ثمّ قال بغيض
: يمّه الله يهديك بس , بزر ولا بزر قدّامك تغريني بميّة ريال !
ابتسمت والدته
: وش تبي طيّب
اعتدل في جلسته , ثمّ قال
: تطلعين معاي عمرة , انا وانتي بس
شهقت هديل , وقبل ان تتحدّث
قالت ام علي باستعطاف
: ما يهون علي أخلّي عيالي , نروح جميع
هزّ رأسه نفيًا
: انا وانتي بس
قفزت هديل لتقول برفضٍ قاطع
: لا والله , عساني ما ضيّفت الناس , ولا تروح امّي وتخليني
رفعَ أحد حاجبيه , وقبلَ ان يعلّق , قال علي
: هديل
التفتت اليه وهمهمت
قال بمحبّة
: قومي البسي عباتك انا اودّيك
فتحت فمها بدهشة
لتقول ام علي مبتسمة
: من وين طالعة الشمس اليوم !
زفر , ثم قال
: عاهدت نفسي عقب اللي صار في رتيل ما اسمح لأحد يكسر وحدة من خواتي او يضايقهم , وانّي ادلّلهم وأعطيهم اللي يبونه دامني قادر عليه
قفزت هديل لتقبّله وهي تهتف
: ويه فديتك انا يا ابوي وطوايفي , يا خلف تريكي النحيس
قال تركي معترضًا
: والله كنت بودّيك بس بذلّك شوي
فرّقت أصابعها وأشارت بكفّها ناحيته
: كش , وعوه الله لا يحوجني لك ويخليلي عليوي حبيب قلبي , علي دامك صرت طيّب هوّن عن زيجتك
قال علي وهو يهمّ بانزال شماغه
: ما في سوق
انفجرت ضاحكة , وقبّلت رأسه
ثمّ صعدت الى الأعلى
جلس علي أمام والدته
التي سألته
: وش صار بينك وبين صقر أمس
زفر , ثم قال
: والله ما ادري يا يمّه وش سالفته , عبد الله يقول سالفته كبيرة , هو حاول يكلّمنا وصدّيته
قال تركي بجمود
: يخسي الّا هو نكلمه ولا نسمعه , ينحرق هو وظروفه
قالت والدته مؤنبة
: ما يصير يا يمّه , هذا ولد عمّك حسبة أخوك تربّيتوا سوى وكبرتوا سوى , انا قلب ام وقلبي على رتيل واصد عنّه , واحيان احن عليه والله ويصير ودّي اسمعه , صدقوني يا يمّه ما ابعده عن ديرته وامّه وزوجته الّا الشديد القوي , سنين طويلة اللي غاب فيها , ويوم رجع ما عرفناه , كبر عشرين سنة عن عمره , بس وش صار معاه الله أعلم
قال تركي بحقد
: وانا ما ابي اعرف حتّى وش صار معاه
قال علي بهدوء
: لا تكابر واجد , في النهاية هو ولد عمّك ! بيظل له مكان داخلك
قال بغضب
: هاللي ذبح رتيل لو ظلّ له مكان داخلي اموت احسن لي
استغفرت والدته بهمسٍ ثم قالت
: تعوّذ من ابليس تركي , لا تتكلّم كثير وانت معصّب ثم تندم على كلامك
استغفر وصمت
بعد قليلٍ نزلتا هديل ورتيل
نهض علي , وقبل ان يخرجوا قالت ام علي
: معاكم فلوس يا بنات ؟
قال علي
: انا معاي يمّه
: ما عليه حبيبي راتبك ما نزل بعده , وامسك جيبك علي وراك عرس
عقدَ حاجبيه
: نغمة جديدة ذي يمّه ! – قال ببطء – انا المسؤول عن هالبيت – أشار الى أختيه – وعن بناتك ومصاريفهم لين يتزوجون
خرج واختيه خلفه
قالت هديل بضحكة
: اقعد , ما عرفتك وانت كذا تقول كلام مسلسلات
وضع نظّارته وضحك
ركبت رتيل بجانبه , وخلفهما هديل
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانيةَ عشرةَ وخمسٌ وعشرون دقيقة مساءً
حرك طارة القيادة ليدخل الى الشارعِ الآخر
تأفّف من الشمسِ الحارقة , ثم قال
: دخلت , وين أروح الحين
قال الآخر وهو يكاد يغتالُ الرياض عن بكرةِ أبيها من شدّة الضيق
: كمل طوالي ونهاية الشارع بتجيك دخلة يسار , ثالث محل على يمينك
سارَ حتّى توقّف أمام المحل
: خلّك على الخط
نزل ودخل الى المحل
مدّ بالفاتورةِ الى العامل
نظرَ اليها , ثم قال
: ثوب حق عريس ؟
قال بهدوء
: ايه
أخرج العامل الثوبَ والغترة , ثمّ قال
: اللي جا اوّل واحد ثاني
هزّ رأسه ايجابًا
: ايه ما قدر يجي , انا اخو العريس هات
دفع بقيّة المبلغ , وخرج من المحل
قال الآخر باختناق
: يلعن يوم العريس و...
قاطعه سعود فورًا
: عزيز استغفر ربّك لا تلعن
زفرَ بحدّةٍ وصمت
ثم صرخَ بغضب
: متخيّل انهم خاطبين من قبل لا ادري عن الموضوع ! متخيّل انهم منتظريني اجي عشان املّك وأتزوّج في نفس اليوم ! طابخينها بدون علمي
قال سعود بهدوء
: ليش معصّب , انت وافقت في النهاية , اختصروا عليك الطريق , وقلّصوا عدد المواقف الصعبة اللي بتنحط فيها
قال بجنون
: بروح املّك عليها , اللي قبل عشر سنين ملّك عليها اخوي ! اللي قبل عشر سنين اخوي كان متشفق عليها وخابص البيت يوم ملكته , اللي رحت يوم ملكتها على اخوي وجبت ثوبه من الخيّاط , اللي قعدت قدّام المملك وعطيته بطاقتي وشهدت على العقد
قال سعود بصوتٍ عالٍ
: عبد العزيييز بسس , بتتعب نفسك وانت تعيد وتزيد في هالكلام , بندر توفّى يا عزوز , الله يغفر له ويرحمه , انتهى دوره في الدنيا خلاص , انطوت الصفحة اللي كان فيها وانكتب غيرها وغيرها , بندر قبل عشر سنين ملّك عليها , وتوفّى من ثمان سنين او سبع , ماهو موجود عشان تلوم نفسك وتتذكّر هالأمور وكأنّك خاطفها منّه !
صرخ به
: ليش تستبسط الموضوع لهالحد ! زوجة اخوي يا سعوود زوجة اخوووي !
قال سعود بغضب
: تبيني اهوّل معاك يعني ؟ صغّر الموضوع عشان يهون , وبعدين بطّل تقول زوجة اخوي عن البنت اللي بتصير زوجتك بعد شوي !
قال عبد العزيز برهبة
: ما اقدر , ماني رايح
استغفر سعود بحدّة , ثم قال
: انا بمر البيت آخذ ثوبي واجيك , استغفر والا اقرأ قرآن عساك تهدأ شوي
أغلق الهاتف ورمى به جانبًا بغضب
سيجنّ رفيقه لا محالة !
كيف استطعت يا بندر فعل هذا به !
لم ضحّيت به الى هذا الحد
قال برجاء
: يارب هوّن عليه ويسّر له , يارب برّد قلبه وأعنه يارب
وصلَ الى منزلِ جدّته ونزلَ مسرعًا
دخل الى البيت وهو يرفعُ نظّارته
حمحم وقال
: يا ولد
نادته جدّته من الداخل
: اقرب سعود ما هنا احد
دخل وقبّل رأسها
سألته
: وين كنت من بدري يمّه
: رحت جبت ثوب خويي اليوم ملكته , الحين باخذ أغراضي واطلع له , العصر يملكون ان شالله
هزّت رأسها
: ايه ما شالله – رفعت يديها وقالت بصدق – اوعدني بسلطان يارب وريّحني
ابتسم سعود , ثم قال متسائلًا
: ما حدّد ملكته ؟
قالت جدّته
: يقول دامك بتسافر بيعجّل بها يبيك معه
حبسَ زفرته , ثم قال
: خير ان شالله , اجل ابوي وين ؟
: ابوك طلع يا امّي راح لعمّتك يفطر معها
: طيّب انا بطلع اجيب اغراضي وامشي , تبين شي
: الله يحفظك حبيبي , ابي سلامتك
قبّل رأسها وصعد الى غرفته ليأخذ أغراضه
ونزلَ مسرعًا
ركب سيّارته , وما ان حركها حتّى رنّ هاتفه
اشتد نبضه حينَ رأى الاسم
أجاب بعجل
: هلا فيصل , وش صاير !
: هلا فيك , ما في شي !
قال بقلق
: فيكم شي ؟
كان يقصد " لين فيها شي "
لكنّه يعاقبها ولا ينطقُ اسمها !
قال فيصل
: لا ما في شي , بس قلت اسلّم عليك , وقلت اشوفك متى تفضى عشان تجينا
زفرَ براحةٍ خفيفة , ثمّ قال
: والله مو ناسيكم وبمركم ان شالله , بس اليوم ملكة خويي اللزم ولي كم يوم متقروش معه , ان شالله اذا ربي كتب بكرة اجيكم
: على خير ان شالله
تبادلا بعض العبارات , وأغلقا الخط
سحبَ نفسًا عميقًا , مشتاقًا !
مطمئنٌّ انّه يستنشق هواءً يمرّ على رأتيها
مطمئنٌّ انّه يستظلُّ بسماءٍ , هي تحتها
مرتاحٌ لأنّها قريبة !
اشتاق اليها كثيرًا
وما زال يكابر اشتياقه الذي لا يحقُّ له أن يكون !
في ظلّ جرمها لا اشتياق لها
لكنّه يختلس بعضًا منه اليها !
يعطيها حقّ ان ينظرَ اليها طويلًا , ليملأ غيابها الطويل
ليرتوي , ليهدأ وهو يتأمّلها
زفرَ وهو ينفض رأسه من فكرةِ ان يذهب اليها الآن ليعانقها !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الواحدة مساءً
اعتدلَ في جلسته وهو يستمعُ الى الأخبارِ باهتمام
شعرَ بكفٍّ على كتفه
التفت بانتباه
ليعقد حاجبيه باستغراب
كتم صوتَ التلفاز
ونظرَ اليها بصمت
جلست بجانبه , بثوبها ذو الألوانِ الزاهية
شعرها مرفوعٌ من الجانبين , ومسدولٌ على ظهرها
وشفتيها ملونةٌ بلون الزهرِ النقي
أمسكت بكفّه , وقالت
: تريقت ؟
هزّ رأسه سلبًا
: بس شربت شاهي
: تاكل معاي ؟
: ماني مشتهي
ارخت كتفيها بزفرةٍ صغيرة
: ما احب آكل بروحي
ابتسم ابتسامةً صغيرة , ثم قال
: وين بتوصلين ؟
رفعت كتفيها ببساطة
: ماكو , جذي الطبيعي , يعني ما راح اظل ابجي باجي عمري
هزّ رأسه باستحسان , ثمّ قال
: كذا انتي مها اللي اعرفها
قالت بهدوء
: وانا فقدت مسفر اللي اعرفه
قال بهدوء
: صقر
قالت بجديّة
: انا عرفتك مسفر
اقترب منها ليقول بخفوتٍ جاد
: مسفر كان شخصية وهمية خيالية غير موجودة في الحياة , انتهى يا مها , انا صقر , رضيتي ولا قعدتي
أحاطت وجهه بكفّيها , لتهمس
: مسفر او صقر او ايًّا كان , انت ريلي , بأي اسم وبأي عمر وبأي جنسية , مو مهم الّا انّك ريلي اللي احبه واموت عليه , وما ابي اخسره ولا ابي افقده , يعني مسفر اللي كان شخصية وهمية في كل شي , ما كان وهمي معاي , شاركته نفس المخدّة خمس سنين , اطالبك بمسفر اللي يخصني , شخصية مسفر اللي تخصني , باسم صقر
كان مبتسمًا في حديثها
حديث له ظاهر , وباطنه بمعانٍ أخرى
كانت تهدّد , وتتملّك , وتستحوذ عليه
اقترب بخفّة ليقبّل جانب شفتيها
وابتعد
ابتسمت حين علمت انّه قد فهمها
اقتربت واتكأت برأسها الى كتفه
سألته
: شلونهم أهلك ؟
: الحمد لله بخير , زواج داليا قرّب , بالعطلة هذه
رفعت حاجبيها بدهشة
: ليش اهي جم عمرها
قال ببحّة
: اثنين وعشرين سنة
اثنانِ وعشرون عامًا
هو عمرُ قلبي
ولِد قلبي وعاش قبلَ اثنان وعشرون عامًا
ولِد على نورِ عينيها
كبُر بين كفّيها
ظلّ يستنشق الحياة , ما دامت تعانقه
قالت مها
: وييه عاد شكلها وايد صغيرة , جنها بالثمنطعش جذي
لم يعلّق
قالت متسائلة
: من بتاخذ ؟
: علي ولد عمي
لوت شفتيها وتأفّفت
ابتسمَ ساخرًا
قالت حينَ تذكّرت
: الا ذياب رفيجك شلونه ؟
: الحمد لله
اعتدلت في جلستها , قالت وهي تحاولُ ان تتقمّص شخصيةَ امرأة ثرثارةٍ حمقاء , متذاكية !
رغم انّه لا يليق بها أبدًا
: متزوج اهو ؟
: لا
قبل ان تتحدّث , وضع سبّابته على شفتيها وقال
: مها , مو لايق عليك ذا الدور , خلّك بطبيعتك وهدوئك وشخصيتك اللي أحبها
زفرت ولم تتكلّم
وهي حانقةٌ على بناتِ أعمامها !
اللّاتي لم يتركنها الّا وقد أقنعنها انّها ستفتنه بشخصيتها الجديدة !
نهض من مكانه
: انا بمر امّي , تبين شي
قالت بصدق
: استاحش اقعد بروحي , لا تطوّل بليز
قبّل رأسها
: حاضر
خرج من المنزل , وزفر بتعب
يشعرُ بثقلٍ على قلبه
لا يستطيع اقناعَ نفسه انّ هذه حياته
لا زال يشعرُ انّه في دورٍ أخرق , وسيتخلّص منه
لا بدّ ان يتخلّص منه !
ليست هذه الحياةُ التي أرادها
ولا التي خطّط لها
حياته أبسط , وأجمل
حياته منزله ذاك
غرفته التي في الأعلى
تشاركه فيها رتيل
يرتدي زيّ عمله , لتخبره رتيل كلّ صباح انّه أجملُ من ارتداها
يعودُ متعبًا متلهفًا ليعانقها
ليبدّد ارهاقه في استنشاقها
تكفيه تلك الحياة
لا يريدُ منزلًا خاصًّا
وزوجةً تتغنّج وتتدلّل بلبسها ومساحيقها
ولا عملًا ربحه السنوي يعادلُ راتب عشرةِ أعوامٍ من عمله الحكومي
لا يرغب سوى بتلك
التي ربّاها ناعمةً مبتسمة
وعادَ ليجدَ لها لسانًا يلتف عليه عشرةَ مرّات !
ليجعله يضيق ذرعًا , ويؤذيها في كل تصادفٍ معها !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانية مساءً
ردّ على هاتفه وقال بملل
: وينك يا معلّم , طوّلت علينا
صمتَ لثوانٍ , ثم قال
: طيّب استعجل , والا تراني بشوف غيرك
أغلق الهاتف , والتفت الى ذاك الذي يجلسُ كمريضٍ نفسيٍّ بحالةٍ مستعصية
اقترب وجلس أمامه
: وش فيك بعد ؟
رفع رأسه وقال بانهيار
: سعود والله ما اقدر , والله اتخيّل بندر يناظرني ويلومني
قال سعود وهو يكادُ يفقدُ عقله
: هماه بندر اللي موصيك تاخذها !
قال برجاء
: طلّعني من هنا , ودْني أي مكان , ما اقدر
امسكَ به بقوّةٍ وقال
: عبد العزيز , تراك بتنجن وتجنّني معاك , حبيبي اذكر الله , قل لا اله الّا الله
ازدرد ريقه وهمس بِـ " لا اله الّا الله "
قال سعود بمحاولةٍ أخيرة , وان لم يهدأ سيلكمه ليفقده وعيه يرتاحَ منه !
: في زمن النبي زوجات الصحابة وأهل الجنة اللي أخير منّي ومنّك ومن بندر , كانوا لمّا يموتون أزواجهم الصحابة يتزوجون من بعده صحابي ثاني , ويكون صديق او أخو اللي مات , واذا مات تتزوّج بعده , وهكذا , هم صحابة وكان ذا الشي موجود بينهم , من انت ومن بندر ومن زوجة بندر عشان انت خايف ومقشعر لهالحد من زواجك منها ؟ انت أخير من ابو سلمة ولا ابي جعفر الطيّار ولا من باقي الصحابة ؟ ولا اخوك أخير منهم ؟ ولا البنت أخير من الصحابيات رضوان الله عليهم أجمعين , اهدأ وتعوّذ من ابليس , واللي بيصير عادي وموجود في كل البلدان والعادات والديانات , شي عادي وطبيعي وما يخوّف ولا يحمّلك ذنب تجاه أحد , هذا غير انّها وصية بندر الله يرحمه , فاهمني ؟
لم يجبه عبد العزيز
قال سعود بزفرة
: والله انا نفسي مو مجمّع , الزبدة انّه عادي , اركد ولّا تراني بهفّك كف الحين يحوّس بك
لم يتكلّم عبد العزيز
أغمض سعود عينيه لثوانٍ
ثم فتحهما , اقترب ليقبّل رأس عبد العزيز وقال
: عزوز والله ادري انها صعبة عليك , بس انت اخترت , استخرت واخترت , واللي يستخير ربّ العالمين عمره ما يضيع , أمرنا كلّه بيد ربّ العالمين , وصدقني ان ما كان في زواجك خير , حتّى لو وصلنا وجا المملّك , ربّك ما يتمّمه , وان كان فيه خير , حتّى لو ما رحنا وحتّى لو أخذتك وخبّيتك عن الناس , بيتم يعني يتم , كتبة الله يا عزيز , اسأله الخيرة في أمرك يا اخوي , ما بيضيعك وهو أحن عليك من امّك اللي ما لها غيرك
نهض وقال
: بطلع استنى الحلّاق , اتركك ترتاح شوي
خرج من الغرفة , ومن المنزل
أخرج سيجارته واشعلها
استنشقها بنهم
وهو يعصر رأسه لينسى منظرَ رفيقه
أعلم كم الأمرُ موجعٌ يا عزيز
لكنّك مضطرٌّ لتحمله
ما دمت تحبُّ بندر الى حدّ انّك مستعدٌ لتؤذي نفسك
من أجلِ امنيته !
بعدَ دقائقَ طويلة
أوقفَ أحدهم سيّارته ونزل
: هذا بيت العريس ؟
قال سعود
: انت الحلاق ؟
هزّ رأسه ايجابًا
أشار له سعود ان يدخل
: تفضّل
صعدا ودخلا الى غرفة عبد العزيز , المعزولةِ عن المنزلِ والتي سكنها مؤخّرًا
دخلا
كان عبد العزيز يقف أمام المرآة يتأمّل وجهه
قال سعود بضيق
: عزّوز وش قوّمك , رجلك تعبانة لا تقوم كثير
التفت اليه ببطءٍ بسبب العصا
: ما عليك العصا تساعدني , بحركها احسها منملة من الجلسة
نظرَ اليه سعود بصمت
لم يكُن نفسه الذي تركه منذ دقائق
ابتسم عبد العزيز
ورفعَ كتفيه ببساطة
ابتسم سعود واقترب ليساعده على الجلوس
قال عبد العزيز بهدوءٍ لا يشبه داخله
: معلم , سوي شغل تمام , تنظيف وسمكرة , ابي عروسة يفرح
ضحك الحلاق وهزّ رأسه ايجابًا
: ان شالله
استلقى سعود على السرير وقال
: استعجل الله يرضى عليك , ما عندنا وقت
قال عبد العزيز
: سعود تروح للحلاق انت ؟ دام الوقت ضيّق
قال سعود بكسل
: مالي خلق اطلع – صمتَ لثوانٍ ثمّ قال – تدري شلون , ما له داعي احلق اصلًا , شكلي مرتّب
قال عبد العزيز بخفوت
: براحتك
فتح سعود هاتفه وشغّل سورةَ البقرة يتلوها ناصر القطامي , وأغمضَ عينيه
قال عبد العزيز بعد دقائق
: اجّلت حجزك ولا الغيته ؟
قال سعود مغتاضًا
: الغيته طبعًا , لين اخلص منّك , صاير زوجتي الثانية حضرتك
انفجر عبد العزيز ضحكًا
ليفتح سعود عينيه مبتهجًا
سعل عبد العزيز ثمّ قال
: رحت لزوجتك ؟ شفتها مرّة ثانية ؟
قال بوجوم
: ما ابي اشوفها
قال عبد العزيز بجديّة
: شف انت مسالم وفي حالك , بس اعوذ بالله منّك اذا حقدت , ادحر ابليس واذكر الله , ذي زوجتك ماهي عدوتك , لا تكره بنت الناس فيك , غلطت حاسبها بالمعقول , امساكٌ بمعروفٍ او تسريحٌ باحسان يا سعود
قال سعود ببرود
: سوّالي واعض الحين , انطم وانشغل بنفسك
رفعَ عبد العزيز كتفيه
: انت أبخص
أغمض عينيه , وشدّ على أسنانه
مدركٌ لما تقوله يا عبد العزيز
كم أتمنى لو كان الأمرُ ليس كما هو
تمنّيت لو انّها لا تحملُ ذاك البريقَ الأخّاذ في عينيها
تمنّيت لو انّها لا تملك تلك النبرةَ المدلّلة
تمنّيت لو انّها لم تمضِ معي ليلة ما قبل رحيلها
تمنّيت لو انّها لم تنظر الى عينيّ طويلًا
ولم ترتفع ذراعاها لتحيطانِ به
تمنّيتُ يا عزيز لو انّي لم احِبّها الى هذا الحد
تمنّيتُ يا عزيز لو انّها وثقت بي , ولم ترذّلني في عينِ نفسي
تمنّيت لو انّي لم أجد العالم الذي أضعته حينَ نظرتُ الى عينيها
ليتني أستطيع نسيانَ ذنبها
ليتني أنسى
انّها حرمتني عينيها لأشهرٍ دونَ حق !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الرابعة والنصف مساءً
قالت وهي تمرّر أحمر الشفاه على شفتيها
: بالله تعالي , والله بنستانس
تأفّفت , ثمّ قالت
: انتي واختك عندكم مشكلة في الاستيعاب ؟ يا حلاتني جاية وانا باقي على عرسي اقل من شهرين , تبين الناس تاكل وجهي
ضحكت ثم قالت
: داليا تتخيّلين سوالف وتقتنعين فيها , بيت عمّك يا بنتي محّد داري عنّك
قالت داليا برفض
: ماني جاية
قالت رتيل مغتاضة
: عنّك لا جيتي , انقلعي
أغلقت الهاتف والتفتت الى اختها التي دخلت
قالت هديل
: رتيل امّي تقول اذا خلّصتي سوّي القهوة
قالت رتيل بضجر
: وانتي وش فيك معوّقة ما تعرفين تسوين قهوة ؟
قالت هديل
: انتي عشانك تضبطينها شايفة نفسك علينا , يارب اتعلّم اسوّيها احسن منّك , وما عاد نطلب منّك يا الشينة
ضحكت رتيل ولم تجبها
نظرت هديل الى القطعتين اللتين على السرير
قالت بشهقة
: لا يكون بتلبسين ذول !
قالت باستغراب
: ايه ! وش فيهم ؟
قالت هديل
: تعقبين , وخّري اشوف
قالت رتيل بدهشة
: بسم الله عليك وش جاك !
سحبتها هديل رغمًا عنها الى غرفتها
وأعطتها ثوبًا
: خذي ذا شريته لك , البسيه لو سمحتي
قالت رتيل بتحذير
: شوفي انتي مدري وش في راسك , والله بزعل منّك وبعلّم علي وتركي عنّك لو جالسة تسوين شي من ورانا
رفعت كتفيها ببساطة
: ما بسوّي شي , عادي صديقتي جايّة وما ابيك تفشليني قدّامها
ضحكت رتيل بصبر , ثم اجتذبت اختها من ذراعها بقوّة
: هديلوه , طلّعي العلم
سحبت نفسها منها وتأفّفت
: متعوّدة على شغل التحقيق , معلّمك صقـ...
صمتت وتشاغلت بأدراجها
رفعت رتيل بصرها الى الأعلى وهي تملأ رأتيها هواءً , علّه يبردُ حرقةً تشتعل في كلّ مرةٍ يذكرُ فيها
فتحت عينيها باتّساعٍ لتمنع الأدمع المتطفلة من الوصولِ اليها
قالت هديل بخفوت , وهي تهرب ببصرها بعيدًا عنها
: روحي البسي , لا نترك امّي بروحها
خرجت بصمتٍ الى غرفتها
أغلقت الباب , وجلست خلفه
غطّت عينيها وهي تمنعُ نفسها عن البكاء
لا تبكي يا رتيل
لا يستحقُّ صقر عناءكِ
صقر الذي رمى عليكِ طلاقه وذهبَ دون ان يلتفت
الذي لم يبدِ أسفه عليكِ
ألن تعيشي لنفسكِ يا رتيل !
الن تبتسمي وترفلي بالبهجةِ أبدًا !
الى متّى
انقضى عمركِ بالبكاء
انتهى , وأدمعك/حزنكِ لم ينتهي
اثنانِ وعشرون عامًا
شقاءٌ أشبعتي بهِ نفسكِ باختيارك
أما آن لكِ ان تنسلخي من الحزن والأسى
ان تحرّري نفسكِ من قيدٍ وثّقه صقرٌ حول قلبك
ان تترحّمي على والديكِ دونَ ان تنفجري ناعيةً يُتمكِ
ووحدتك
ووحشة روحِكْ
انهضي يا رتيل , واكسري عينَ الحزنِ الوقحة
نهضت من مكانها لترتدي الثوبَ الذي من هديل
كانَ جميلًا , وفاتنًا
دارت حولَ نفسها وهي تتأمّله
لم تجرّب ان ترتدي ثوبًا جميلًا من قبل
لم تستغلّ انوثتها , وفتنتها
دفنتها بانتظارها ,
لم ترى انّ غيره يستحق رؤيتها جميلةً ولامعة
بعزمٍ وحقدٍ , ووجعٍ دفين
اقتربت من مساحيق تجميلها
لتتفنّن بوضعها
لتنظرَ الى جمالها , الذي للتوْ أدركته !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثالثة مساءً
قالت والدتها بصبر
: راح علينا الوقت يا يمّه
بغضبٍ أعمى , رمت كأس الماءِ الذي أمامها على الجدار
صرخت وهي ترفس حقيبة مساحيق التجميل الكبيرة
: اتركوني لحالي
قال والدتها وهي تكادُ تفقدُ عقلها
: فجر اعقلي واركدي , والله ان سمع صوتك وهبالك عمر والا عمّار ان تنقلب ليلتك سودا
قالت وهي تقطّع ثيابها
: خلْ يسمعون , خل يسمعون هالرخوم
دخلت شقيقتها مسرعةً وأغلقت الباب
قالت بحدّة
: انهبلتي انتي ! وش هالصراخ يا ساتر , وبعدين ليه مانتي جاهزة للحين , الناس عقب الأربعة في اي لحظة بيطبّون
قالت بجنون
: عساهم ما يوصلون
شهقتها والدتها وشقيقتها
قالت والدتها بغضب
: هماهم أهل بندر واعز ناس بحياتك وريحة الغالي وريحة المرحوم
جلست أرضًا بانهيار
: ما ابييه , ما ابي عقب بندر رجّال , ما ابي اتزوّج يمه ما ابييي
قالت شقيقتها وهي توشكُ على البكاء
: يمّه خذي الكوافيره واتركيني معاها شوي
خرجتا من الغرفةِ وأغلقتا الباب
عانقتها وابكت معها رغمًا عنها
: يا روح اختك انتي , ابكي يا فجر طلعي بكاك الحين
تمسّكت بها
: سحر تكفين روحي لأبوي قوليله فجر ما تبي تتزوّج
مسحت على شعرها وقالت
: ما يقدر ابوي يتراجع عن كلمته على آخر لحظة
دفعتها وقالت بصراخٍ مبحوح
: ما ابي اتزوّج , لا عبد العزيز ولا غيره , الله ياخذه عساه يطب ساكت
شهقت اختها وأغلقت فمها بقوّة
: اص , ووجع ان شالله لا تدعين عليه , وحيد امّه حرام عليك , انتي بلسانك قلتي لي بندر ما يحب في حياته احد كثر اخوه
قالت بجنون
: وليش يخونه اجل , ليش ياخذني انا من بدْ هالحريم ! ليش ما احترم موت اخوه وبياخذ زوجته
امسكت اختها بوجهها بقوّةٍ وقالت بحزم
: شوفي من غير اجبار عمر وعمّار لك , انتي ابوي اقنعك وكسر خاطرك وهو يترجّاك ورضيتي , ولّا ابوي ما يغصب وانتي دارية , حطّي عقلك براسك يا فجر لا تقلبين هاللّيلة سودا خليها تعدّي على خير , اللي جايين خالاتي وعمّاتك ولا تخلينهم يشمتون فيك , كلها كم ساعة مجاملة وتروحين معاه , كفاية رفضك تسوين عرس وطاوعناك , لا تنجنين بزيادة بعد
نهضت وقالت بحقد
: والله لا اورّيك يا عبد العزيز الزفت , والله لا اخليك تندم على ذي الزيجة السودا
تأفّفت سحر ونهضت
: بطلع انادي لك الحرمه , مسكينة استخفّت من صراخك , لا يطلع صوتك خلّيها تضبط مكياجك وشعرك
خرجت لتدخل المصفّفة
جلست وقالت بحدّة
: اسرع سريع حطّي اي كلام
قالت المصفّفة
: ما تبين ميك اب عروس ؟
قالت بعصبيّة
: ما ابي حق زفت , شي خفيف وشعري استشوريه وبس
هزّت رأسها بصمت , وهي تجزم على جنون الفتاة !
ظلّت فجر تتفس بحدّة
وتعضّ شفتها السفلى لتحبس بكاءها
قبلَ عشرةِ أعوامٍ كانت صغيرةً وجميلة
كانت تجلس في ذاتِ المكان , تبتسم وعينيها تلمعانِ سعادةً وخجلًا
تذكر دخوله عليها بجانبِ والدها ووالده
انحنائه ليقبّل رأسها بعمق
كفّيه الحانيتين , حينَ تملّكتا كفّيها الصغيرين
همسَ حينَ اختلى بها
: مبروك علي , فرحان لنفسي والله
ابتسمت وأمالت رأسها بخفّة
قبّل كفّيها وما بينَ عينيها
عامينِ مضيَا
كانَ يخالُ لها انّها أسعدُ عروسٍ في العالم
ليُخطف منها
في لمحِ البصر
قبل زواجهما بأيّامٍ قلائل !
قبل ان تتأبط ذراعه , وقبل ان ترى الشقّة التي أقسمَ الّا يخبرها عن شيءٍ فيها
لتراها بنفسها
والتي تجزمُ انّها كما تحبُّ تمامًا !
لم تقضِ ليلةً على صدره
لم تحمل في رحمها قطعةً منها
اليومَ تزفُّ الى شقيقه !
لتسكن ذات الشقّة , بدونه !
لتقضي الباقيَ من حياتها البائسة
مع شقيقه الوحيد !
أغمضت عينيها وتقوّست شفتيها لتبكي
أقسمت ان تجعله يندم
ذاك العبد العزيز المتصابي !
,
,
المملكة العربيّة السعودية – الرياض
الثالثة وعشرونَ دقيقة مساءً
قالت بصدمة
: بس انا ما قلت لأهلي ! عساس بس تجون تشوفونها انتي وامّك وجدّتك بعدين اعلم اهلي
زفرت ثمّ قالت
: والله قلت له يا هديل , وعساس ذا اتّفاقنا , بس هو الله يهديه رفض وقال الّا اليوم خطبة رسمية , خاف اخو صديقتها يسبقه !
ازدردت هديل ريقها بفزع , كانت جدُّ خائفةً من صقر ! وخائفةٌ على الرجلِ المسكين
قالت باستغراب
: وش قصّته ! يحبها يعني ولا وش ؟
قالت الفتاة بسخرية
: عيونها فاتنة , وكلامها عافية , مستحيل اتركها لغيري
ضحكت هديل بارتباك , ثمّ قالت
: اجل انا بقول لأمّي , بس والله ما اوعدك
ودّعتها وأغلقت الهاتف
ذهبت الى والدتها التي تقف مع رتيل في المطبخ
قالت بارتباك
: يمّه تعالي شوي
قالت بانشغال
: بعدين
ازدردت ريقها وقالت
: يمّه تعالي ضروري
التفتت اليها باستغراب
: مشغولة هديل شتبين
قالت رتيل بحذر
: صاير شي ؟
هزّت رأسها نفيًا , ثم قالت برجاء وهي توشكُ على البكاء
: يمّه تعالي
خرجت والدتها وصعدتها الى غرفتها
قالت هديل بخوف
: يمّه هاللي بتجي صاحبتي هي بنت اخت دكتور مع رتيل في المستشفى ويبي يخطبها , وكانت امّه واخته وبنت اخته جايين بس يشوفون رتيل , بس الحين اتّصلت وقالت انّه بيتّصل على اخواني وبيجي مع اهله ويخطب رسمي
كانت ام علي فاتحةً عينيها بصدمة
صمتت لثوانٍ ثم قالت بغضب
: حسبيّ الله عليك يا هديل على ذا اللعب اللي تلعبينه من وراي , الله اكبر عليك كانك بتوقفين قلبي
تراجعت بخوف
: يمه والله ما كان قصدي , ما ادري هو بيسوّي كذا
صرخت بها
: وش ذا اللعب ! احد يخطب كذا يا الرفلا ؟ وبعدين هماها اختك متزوجة ولد عمّك
قالت بعصبيّة
: طلقها الشايب
سحبت ام علي حذاءها ورمته على هديل بغضب
: اص وقص ان شالله
تلافته هديل وظلّت صامتة
وضعت ام علي كفّيها على رأسها بغم , وقالت وهي تستشعر انّها بمصيبة
: وش اسوي الحين , وش الدبرة , حسبي الله عليك يا هديل , الخطبة ما تصير كذا يا الرفلا , ما في احد يخطب كذا يا البزر , يا الجاهلة
نهضت ونزلت الى الأسفل
لتجدَ ابنيها في الصالة
قال علي بقلق
: يمّه فيك شي ؟ وش في وجهك كذا
قالت بجنون
: اختك
نهضا بفزع
: وش فيه !
أشارت بكفّيها ليسْكُنا
ثم قالت
:هديل لاعبة من ورانا عسى ما به هديل , ومتّفقة مع هاللي بيجونها وبيشوفون رتيل ثم يبون يخطبونها , بس الرجّال ملزّم يجيب اهله ويجي يخطب اليوم
شهقا بصدمة
ثم قال تركي
: سايبة هي ! في احد يخطب كذا !
قال علي بغضب
: وينها هديل
قالت والدته
: اتركها يا علي , وش الدبرة الحين !
قالت رتيل بغضب
: وين بنتك يمّه
التفتت اليها امّها وقالت
: تعالي ماهو وقته
صرخت بغضب
: انا قايلة ماهي قاعدة لين تسوّي لنا مصيبة
صمتوا لثوانٍ طويلة , ثم قال علي
: اجل خلهم يجون
قال تركي بصدمة
: من اللي يجي !
قال علي بهدوء
: هاللّي يبي رتيل , تبي توقّف نصيبها يعني !
قال تركي وعقله يكادُ يقف
: وصقر ؟!
قال علي بحدّة
: صقر طلقها , لها حق تتزوّج مرّة ثانية
قالت والدته بجنون
: لا تلعب بالنار يا علي
قبل ان يتكلّم علي , قالت رتيل بقوّةٍ هزيلة !
: ايه خل يجون , يمكن يكون رجّال طيّب وربّي يكتب لي الخير
نهض تركي وصرخ بها
: جنّيتي انتي ؟ وولد عمّك
صرخت هي الأخرى
: ماني على ذمّة ولد عمي
قالت والدتها بحدّة
: انا ما ابي اوقّف نصيبك , بس لا تستغلّين احد على حساب احد , مستحيل اسمح يجون الخطّاب ذولا وانتي لصقر
قال علي
: يخسي صقر ماهي له
قال تركي بجنون
: علي لا تخلّيني اغلط عليك , نزعل من صقر نحقد عليه نقاطعه , ايه , لكن تبي تزوّج رتيل وهي حليلته وله من اوّل ما انولدت لأ , ان كان طلّقها في لحظة غضب كلّنا ندري انّه بيردها , ومستحيل واحد فيهم يعيش بدون الثاني
نهض علي وقال
: متى يردها ؟ اذا شابت وانجنّت ؟ اذا احترق عمرها لصالحه ؟! هذا هو متزوّج ومبسوط , وشوف حال اختك , انا ما بوقّف حياة رتيل لخاطر استنّى صقر يتعطّف ويردها
التفت الى اخته
: اعتذري من صديقتك اللي بتجي , وخلّك جاهزة للي بيجون اليوم
هزّت رأسها بضياعْ
وخرجت من الغرفة
ستنتهي حياتها التي لم تبدأ بعدُ ان ظلّت تنتظره
الذي تعلمُ انّه لن يأتي !
,
,



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 28-04-15, 06:39 AM   #74

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة مساءً
حبسَ زفرته وهو يتملل من جلوسه
همسَ الذي بجانبه
: وش فيك كنّك مقروص ؟
قال بضيق
: رجلي تعوّرني وانا جالس كذا
قبل انّ يردّ الآخر , دخل شابٌّ الى المجلس
: يبه وصلْ المملك
دخلَ الشيخ وسلّم
ثم جلسَ في صدرِ المجلس
بعد دقائقٍ قال
: وين المعرس وولي أمر البنت ؟
قال ابو عمر
: انا ابوها – أشار ناحيةَ عبد العزيز – وهذا المعرس
قال الشيخ بابتسامة
: عسى ما شر يبه ؟
قال عبد العزيز بهدوء , وهو يشعر انّ كلمة عريس تخنقه
: حادث بسيط
نهض الشيخ من مكانه
: اجل انا اجيك
قال عبد العزيز محرجًا
: ليش تعبت نفسك الله يحفظك
جلس الشيخُ بجانبه , وبجانبه والدها
قال الشيخ
: وين الشهود ؟
التفت عبد العزيز بسرعةٍ وهتف
: سعود
ابتسم سعود وقال وهو يحبسُ ضحكته
: بسم الله عليك , ما شردت والله
ضحكوا منه , وابتسم محرجًا
قال ابو سعود بهمس
: اترك ظرافتك , ماهو وقته
ضحك بهمسٍ وقال
: مخروش كأنّه هو العروس !
نهضا سعود وابنُ عمِّ عبد العزيز ليشهدا
قال الشيخُ لأبي عمر , الذي كان مصافحًا لعبد العزيز
: قول يا ابو عمر وراي , زوجتك ابنتي...
مرّت دقائق , حتّى انتهى العقد
وانطلقت التباريكُ من الحضور
نهض عمّار وخرج من المجلس ليتّصل بشقيقته , التي ردّت بعجل
: بشّر
قال بابتسامة
: ملّكوا
أغلقت الهاتف وهتفت
: ملّكوا
انطلقَ هتاف الفرحِ منهن بسعادة
حينَ سمعت فجر أصواتهن
أدركت انّها قد قتلت !
جلست أرضًا وقالت بانهيار
: لا ياربي لاا !
دخلت حينها شقيقتها التي كانت مبتسمة
حينَ رأتها اختفت ابتسامتها
اقتربت منها بقلق
: فجر !
قالت بنبرةٍ توجعُ قلبَ شقيقتها
: ليش يا سحر لييش , ليش خلّيتيهم
قبّلت سحر رأسها بعمقٍ وقالت بنبرةٍ باكية
: تكفين فجر خلاص , لا تقطعين قلبي
أطلقت آهةً مذبوحة
ونادت بضعف
: وينك بندر , الحقني يا بنـدر
نهضت اختها وخرجت هاربةً منها
,
كان يستمعُ الى التباريكِ ويشعرُ بالموتِ أكثر
ليتني متُّ مكانك يا اخي ولم اشهد موقفًا يخصّك
ولم أقف في مكانك , وانا الذي كنتُ بجانبك
ليتَ حادثَ السيّارة خطف روحي , لا كسرَ ساقي
شعر بسعود يشدّ على كتفه دونَ صوت
قال ببحّة
: سعود
اقترب سعود منه وقال برجاء
: عزيز تكفى اصبر
قال بصوتٍ يتهاوى
: حاس بدوخه مو شايف زين
أخذ سعود تمرة ووضعها في فمه
همسَ برجاء
: الله يخلّيك تحامل على نفسك , تكفى عزّوز لا ينتبه لك احد بذا الحالة
أغمضَ عينيه لثوانٍ طويلة
شدّ على أسنانه , وقلبه يلهجُ برجاء
سامحني يا بندر , انت من أجبرني
فتحَ عينيه وابتسم , ليهزمَ قلبه
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة وخمسٌ وعشرون دقيقة مساءً
فتحَ الباب وابتسمَ بهدوء
: يا هلا ومرحبًا , حيّاكم الله تفضّلوا
ابتسم مشعل وشقيقه الأكبر وزوج شقيقته , ودخلوا
ثمّ دخلن النساء
استقبلتهن ام علي وهديل
وجلسن في المجلس
اسرعت هديل الى المطبخ , الذي كانت تقفُ فيه رتيل
قالت هديل بخوف
: يا ويلي انا وش سوييت !
قالت رتيل بهدوء , عكس ارتجافها الذي عُكِسَ على كفّيها
: عادي , سوّيتي الصح
ازدردت ريقها , وحينها دخل تركي
قال تركي بوعيدٍ غاضب
: والله يا هديل بتشوفين بس ينقلعون ذولا اللي مدري من وين طلعوا لنا , انقلعي نادي امّي الله ياخذك
هربت من المطبخ , الى المجلس
انحنت الى والدتها وهمست
: تركي يبيك في المطبخ
نهضت من مكانها وقالت
: عن اذنكم
ذهبت الى المطبخ
قالت وهي تضرب خدّيها بخفّة
: يا حسرتي وش بنسوي
قال من بين أسنانه , وهو يشيرُ ناحية رتيل
: هالكلبة لو ما صفّت مع علي كان ما استقبلهم ولدك الفاهم
تجاهلته
لتقول والدته
: الناس جايين ناوين خطبة جد شكلهم , الولد شاري
قال تركي ساخرًا
: ايه خير ان شالله
التفتت رتيل وقالت بجديّة
: تركي لا تتدخل
قال بحدّة
: ابلعي لسانك وتأدّبي لما تكلميني
خرج من المطبخِ وتركها
قالت وامّها بحزم
: لا تفرحين واجد بالتفاهة اللي تسوينها انتي واخوك , والله ما اخلّيك ترمين نفسك في شي مانتي قدّه
قبل ان تتكلّم , قالت امّها
: اقطعي صوتك , انا عارفة تفكيرك ومشاعرك وكل شي , وهالزيجة ما بتتم الّا اذا تأكّدت انّك مقتنعة , ماهو تلعبين في نفسك وفي ولد عمّك , اللي لو درا بيجي يذبحك انتي وهاللي جاي وجايب اهله
خرجت وام علي وتركتها
جلست على ركبتيها , وزفرت بارتجاف
,
خرج من المنزل , وأخرج هاتفه
زفر واتّصل
مرّت ثوانٍ , ليجيبه الآخر بقلق
: هلا
قال بوجوم
: والله لو ما نخوتي لك ما كلمتك
قال صقر بفزع
: وش صاير
قال بحدّة
: عندنا ناس جايين يخطبون رتيل وعلي شكله بيعطيهم
صمت لثوانٍ , ثم قال بصدمة
: تركي من جدّك !
قال تركي بغضب
: اجل امزح معك... – قال تركي باستغراب – الو , الو صقر !
,
أغلق صقر الهاتف وقال بجنون
: جايين لرتيل خطّاب
شهقت داليا
نهض عبد الله من مكانه بصدمة
: من جايها !
: ما ادري...
قاطعه عبد الله بصرخة
: وللحينك جالس مكانك ؟
نهض وقال بجنون
: والله ما ياخذها
أسرع ليخرج من المنزل لتتبعه والدته وهي تهتف
: يمه صقر وقّف – التفتت الى عبد الله الذي أسرع خلف شقيقه – انتبه لأخوك عبد الله
هزّ رأسه وخرج
ليركب بجانبه
كانَ صقر يتّصل , ليجيبه ذياب
: هلا صقر
قال بعجلة
:....
,
,
المملكة العربية السعودية - الرياض
التاسعة مساءً
التفت الى سعود بتعبٍ وقال
: سعود قوم قول لأبوي انا هلكت , بمشي
هزّ رأسه ايجابًا ونهض
انحنى لأبي بندر ليقول بخفوت
: عزيز تعب حيل , كلّمهم يطلعون البنت
التفت ابو عبد العزيز الى ابو عمر
قال بلطف
: ابو عمر عبد العزيز تعبان , لو تكلّم الأهل ويمشي هو وزوجته
,
بثوبٍ أبيضَ بسيط , على طولها تمامًا
له أكمامٌ طويلة
وفتحة صدرٍ كرقمِ سبعة
شعرها منسدلٌ بأطراف ملتفّة
وعينيها مكحّلةٌ بالسوادِ الذي يشبه نظرتها
وعلى شفتيها لونُ الزهر النَدِيْ
وبينَ كفّيها ورودٌ زاهية
تجلسُ كمن يجلسُ ليُرسم
جامدةٌ دونَ حراك , او حتّى ابتسام
نظرها منصبٌّ على تحفةٍ أمامها
وكأنّها للتوْ تكتشف وجودها في منزلها
كادت تعلم ما نفسيةُ صانعها حينَ صنعها من شدّةِ التأمّل !
لولا صوتُ شقيقتها الذي همسَ في اذنيها
: يلا فجر , عبد العزيز بيمشي
قالت بشرود
: يارب يموت
عضّت شقيقتها شفتها السفلى بغضبٍ ولم تعلّق
سحبتها لتقف
وابتسمت للحضور
أخذتها الى غرفتها لتساعدها في ارتداءِ عباءتها
قالت بتحذير
: والله ان جانا علم انّك متمشكلة مع الرجّال مو زين عليك , خلّك هادية ومبتسمة وان طلب منّك شي قولي آمر وسم
قالت بهدوء
: يخسي
قالت اختها بعصبيّة
: فجير اعقلي , لا انادي لك عمر الحين اخلّيه يقطع عليك عقاله
صمتت وهي ترتدي حجابها
بعدَ دقائق , نزلت مع شقيقتها
ليأخذها والدها الى الخارج
قبّل رأسها وقال
: الله يوفقك يبه ويسعدك ويهنّيك ويفتح عليك , أمّنتك الله يا عيون ابوك
لم يرفَع رأسه ولم ينظر اليها
قال سعود بهدوء
: يلا اركب
ساعده ليركب , وركبت هي خلفه
وقادَ سعود السيّارة
والصمتُ يخيّمُ عليهم
رنّ هاتف عبد العزيز ليجيب بنبرةٍ ميّتة
: هلا
اقشعر جسدها من صوته
أغمضت عينيها لتحبس بكاءها
لن تبكي أبدًا
لن تسمح له ان يكون سببًا في بكائها
هذا الأخرق
قال عبد العزيز
: وش تبي فيه ؟
صمَت لثوانٍ , ثمّ مدّ بهاتفه الى سعود
: مدري شيبي ذا
ردّ سعود
: هلا
قال الآخرُ بانفعال
: خير انتم ! عزا لا عرس هو ؟! اشوف يلا شغّل اي شي وافتح الشبابيك , انا والشباب كلّنا حولكم ومانتم دارين عنّا
تلفّت سعود , ثم ضحك باستدارك
: طيّب ابشر
أغلق الهاتف , وشغّل الاذاعة وهو يهمس
: معليش لازم
فتح نوافذ السيّارة وأطلق زمّاراتها
قال عبد العزيز بضيق
: يا سعود وش ذا , قفّل بس الله يصلحك
كتمت تأفّفها والتفتت تنظرَ الى الخارج بصمت
رفع سعود كتفيه بقلّة حيلة
ليتأفّف عبد العزيز , دون تعليق
,
,
الى الملتقى



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 30-04-15, 06:49 AM   #75

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الثامن والأربعون
,

,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة مساءً
أخرج هاتفه ليرسلَ رسالة
كتب بعجلة
" تركي احنا في اللفّة اللي قبل بيتكم , وذياب بيلحقنا مع المملّك , ادعْ بس ربّك يستر "
التفت الى شقيقه وقالَ بمحاولةٍ أخيرة
: صقر لا ننفضح قدّام الناس , هذه بس خطبة ان مشوا نكلّم علي ويرفض الخاطب وصلّى الله وبارك
لم يجبه , وأوقف السيّارة ونزل
أسرع الى البابِ وقبل أن يطرقه فتحه تركي
خرج تركي وأغلق الباب
قال بهمسٍ حاد
: وش فيك انت ؟ تبي تفضحنا قدّام الناس !
قال بجنون
: تركي ابعد من وجهي
دفعه جانبًا وفتح الباب
كانت تهمّ بالخروج من المطبخ
لتسمع صوته عاليًا
: يا ولد
شهقت بفزعٍ وتراجعت
فتحَ بابَ المجلس بقوّة
ليقف علي بصدمة
قال صقر وهو يحاولُ كبتَ غضبه
: السلام عليكم
نهضوا جميعًا وردّوا السلام
قال صقر بابتسامةٍ كادت تمزّق وجهه من شدّة غيضه
: افا يا ولد العم , متى كنت ناوي تعلمنا ؟!
ابتسم علي بهدوء , وقال
: هلا صقر , للحين ما صار شي عشان أعلمك
دخل ومن خلفه عبد الله وتركي
قال
: اللي سمعته غير
قال مشعل محرجًا
: ان شالله ما في شي ؟
التفت اليه صقر , صمتَ لثوانٍ
ثمّ قال
: في سوء تفاهم , البنت اللي جايين...
قاطعه علي
: صقر...
تابع صقر كلامه دونَ أن يلتفت
: البنت اللي جايينها حليلتي , واختها باقي صغيرة
قال مشعل بعد ثوانٍ
: حنّا جايين لطالبة عندِي تدرس تمريض , اللي اعرفه انّها كانت مملكة على ولد عمها وطلقها
قال ولا زال يسيطِر على أعصابه
: لا ما طلقتها , حليلتي.
فركَ تركي جبينه وهو يمنع نفسه من لكم هذا الصقرِ الكاذب !
وابتسم علي وأنزل رأسه ليحكّ جانب شفته
قال شقيق مشعل الأكبر , وهو يكادُ يسقطُ مغشيًّا عليه من الاحراج
: سامحونا , حصل لبس , حقّك علينا
هزّ رأسه بصمت
خلال عشرةِ دقائق استأذنوا وخرجوا
أغلق علي الباب والتفت الى المجلس بغضب
دخل وقبل ان يتكلّم , صرخ به صقر
: علي للحين انا حاشمك , اقسم بعزّة جلال الله اذبحك وادفنك هنا
صرخ به علي
: انت خبل ؟ مو طلّقتها قدّامنا كلّنا ؟! مو تركتها ومشيت ؟! مو طلعت من ذمّتك ! تبي توقّف نصيبها يعني ! مو كفاية عمرها اللي راح كلّه ضاع بسبّتك
قبل ان يردّ صقر
قال عبد الله متوتّرًا وهو ينظرُ الى هاتفه
: صقر ذياب برّى
التفت صقر الى تركي
: تركي دخله الله لا يهينك
قال علي وقدْ فهم
: ما عادها معزّتك الأوّله , ولا مكانتك نفسها , وحتّى البنت عافك خاطرها , لا تلوِي ذراعنا يا صقر وتجيب المملك للبيت قصدك بتحطنا قدّام الأمر الواقع
في الغرفةِ المقابلةِ لمجلسهم
كانت تجلس أرضًا , وتحتضن ركبتيها بارتجاف
ويسمعن ما يدور هناك
عانقتها هديل وهي تبكي
قالت برجاء
: تكفين سامحيني
نظرَت اليهما ام علي , وزفرت بارتباك
سمعن صقر يقولُ بحدّة
: ادخل استأذنها
صرخ به علي
: انا ولِي أمرها
قال تركي معترضًا
: تقدر امّي تعطيها
التفت علي اليه وصرخ
: وين راحت عزوتك لأختك ؟
قال تركي بحدّة
: انا وانت على صقر , وانا وصقر على مشعل مدري وش اسمه ذا
قال عبد الله
: يا شباب المملّك برّى ترا , وما نمون على الشيخ ! كفاية جايبينه في ذا الوقت
قال علي بغضب
: ما تاخذها لو على جثّتي
قالت ام علي بهمس
: رتيل
قالت بانهيار
: ما ابيه
رفعتها بقوّة وقالت بحدّة
: كذّابة , والله العظيم كذّابة
خرجت من الغرفةِ وقالت
: دخّل المملك يا تركي
التفت علي الى والدته بصدمة
: يمّه !
قالت دونَ ان تنظُر اليه
: مانت جاهل في اختك ولا في ولد عمّك , وذا الملعوب اللي سوّيته ماهو الّا عشان تقرص اذن صقر , بتملّك عليها يا صقر , لكن ما تاخذها , قدّامك العمر تحاول تسترضيها وترجعها لك
الجمَ لسانه ولم يستطع التعليق
خرجَ تركي وأدخل الشيخَ وذياب
خلال دقائق أصبحت زوجته من جديد
بشهادة ذياب وعبد الله
وولِيّ أمرها علي , مرغمًا !
قال ذياب بعد قليل
: طيّب انا بمشي , وبوصّل الشيخ
ودّعهم وخرج
قال علي وهو حاقدٌ على صقر
: يلا تفضّل , العقد وصار بيدك , من غير مطرود
استرخى في جلسته وابتسم
ضحكَ تركي بغيض , ثم قال
: مو من صالحك ذا اللعب
قال صقر ببرود
: بشوف زوجتي
هنا قال عبد الله
: لا عاد , حدّك هنا وانا اللي اردّك
التفت اليه بنصفِ نظرة
: ورع
قال عبد الله بضحكة
: قوم قوم الله يستر عليك , بتقوم قيامتك الليلة وانت معرس على زوجتك
انفجر ضاحكًا ونهض
قال بخفوت
: هي ما تدري انّي طلقت أصلًا
خرجَ من المجلسِ ليقول بصوتٍ عالٍ
: زوجتي مع السلامة
شهقت وتراجعت
ابتسم حينَ سمعَ شهقتها
زفر وقال بصبر
: يا بعد شيبي يا هالصوت
ضحكَ أخويها رغمًا عنهما
وضحك عبد الله وهو يدفعه
: الحمد لله والشكر استخف الشايب , يلا تصبحون على خير يا اهل البيت
قال صقر برجاء
: تكفون لمحة صغيرة , والله مشتاق لها
قال تركي بعصبيّة
: زودتها عاد
ضحكَ حتّى سعل , ثم قال
: زوجتي زوجتي , وه !
قال تركي
: طيّب يلا توكّل
خرجَ من المنزلِ أخيرًا
ركب سيّارته وزفرَ براحة
قال عبد الله بابتسامة
: عسى دوم ذا الروقان
التفت اليه وظلّ مبتسمًا بصمت
اقترب عبد الله وقبّل رأسه
ثمّ قال بمحبّة
: مبروك يا اخوي , ومشكور لأنّك رجعتها اخت لي
زفرَ صقر , ثمّ قال
: انسى ذي الأخوة لو سمحت
قال عبد الله بسخرية
: اي خير ان شالله , الظاهر انهبلت انت
ضحكَ وحرّك سيّارته
ثمّ قال
: ودّي اسهر واستانس الليلة
استرخى عبد الله وقال
: قدّام , ودنا اي قهوة
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة مساءً
أسنده اليه حتّى أدخله الى الشقّة
همسَ عبد العزيز بحرقة
: حتّى أثاثه ما غيّروه
قال سعود بحنوْ
: ما عليه عزّوز , هوّنها وتهون
ساعده ليجلسَ على الأريكة , وجلس على ركبته أمامه
قال برجاء
: أدويتك بحطّها قدّامك , من الحين لبكرة او بعده انت مضطر لها , لا تاخذك عزّتك في نفسك وما تطلب منها شي تكفى , لا يصير فيك شي ومحد يدري عنّك
زفر بتأفّف
قبّل سعود رأسه وقال بخفوت
: مبروك يا اخوي , اشوفك قريب ان شالله
امسك بكفّه , وقال بنبرةٍ اخترقت قلب سعود
: لا تسافر قبل ما اشوفك
هزّ رأسه ايجابًا
: ان شالله
خرج من الشقّة , ليرى أبو بندر أمامه
قال سعود
: دخّلوا زوجته , وحرّصوا عليها مواعيد ادويته وانّ حركته صعبة
خرج من المنزلِ , لتدخل هيَ الى شقّتها الجديدة
مسحت بعينها الأثاث
الذي قد نظّفنه شقيقات بندر ولمّعنه بعد أعوامٍ من هجره
جديدٌ ولم يستعمل أبدًا
لكن طرازه قديم
أدركت انّه أثاثها الأوّل !
دمعت عينيها
وتخيّلته في الغُرفِ يجوب ويشرف على العمّال
أغمضت عينيها ونفضت رأسها
دخلت الى الصالة , لتجد عبد العزيز جالسًا
رفعَ رأسه ورآها
ازدرد ريقه , وقال بنبرةٍ ثقيلةٍ على قلبه
: تعالي
رفعت نقابها وغطاء شعرها
وجلست أمامه بصمت
لم ينظر اليها , كان مرتاحًا في جلسته
ونظره في احدِ زوايا الغرفة
قال بهدوء
: مبروك
قالت ساخرة
: ما تحس بكميّة حقارة وانت تبارك لحليلة أخوك زواجك منها ؟!
رفعَ رأسه اليها بدهشة/بصدمة
أُلجم لثوانٍ , حين سقط بصره في عينيها
غرقَ نظره لثوانٍ , في حلكةِ مقلتيها , وشدّة ظلامها
أمام شدّة بياضها !
كانت لوحةً للرسم
شدّ على نفسه , وقال بذهول
: عفوًا !
قالت ببطءٍ , وحقد
: اقول ما تحس بحقارة وانت تبارك لحليلة اخوك زواجك منها
نهض من مكانه واقترب منها
لتقفَ أمامه بتحدٍّ
لم تكوني تنقصيني أبدًا !
حاولَ أن يتركها ويخرج
لكنّ كفّه أبت الّا ان ترتفعَ لتهوي على وجهها
لتسقط على الأريكة
قال بفحيح
: مو ناقصني تافهة مثلك تقط عليّ ذا الكلام في ذا اليوم الأسود , تمنيّتك ترفضين لكن العنوسة مأثّرة عليك ووافقتي على أخو زوجك السابق , انا ما فيني حلم بندر وحنّيته , اجلسي باحترامك ولّا والله قهر سبع سنين أطلعه فيك
أولاها ظهره ليخرج
لكنّه تذكّر أمرًا , فالتفت اليها ليقول بتحذير
: لو مرة ثانية قلتي انّك حليلة اخوي بقص لسانك , انتي كنتي ارملة اخوي والحين زوجتي , انا ماني ديّوث
قال زوجتي وهو يشعر انّها سكّينٌ يلفظها من جوفه
كيفَ تجرّأت وصفعت ذات الوجنتين الناعمتينِ التي تخصّك
كيف اجتررت الأحرف لأطلقها بوجعٍ وانا اقولُ زوجتي
لمَ يا بندر تقسوْ عليّ وتضعني في خضمِ الوجع
لم تسلّمني الى المعاناةِ يا اخي
دخلَ الى غرفةِ النوم واستبدلَ ثيابه بصعوبة
واستلقى على السرير
وضع ذراعه على عينه بمحاولةٍ للنومِ وفشل
مرّ وقتٌ طويل
ليسمع صوتَ الباب
ثم أُضِيئت الغرفة
رفعَ ذراعه عن عينه منزعجًا
لم تلتف اليه , وأخرجت ثيابها من حقيبتها
نظرَ الى ثوبها الناعم
ليبتسم بسخرية
قال بمرارة
: دامك جايّة بنيّة سودا وراك لبستي ابيض ؟ ما يليق فيك على فكرة
التفتت اليه لتقول بنبرةٍ لا حياةَ فيها
: مثل ما انجبرت اتزوّجك انجبرت البس الأبيض , وانجبرت اشيل ورد , وانجبرت احط كحل وروج
أشاحَ ببصره عنها ولم يجبها
قال بعد ثوانٍ ببحّة
: قفلي الباب واللمبة اذا طلعتي
قالت ساخرة
: وليش أطلع ؟! انا بعيش معاك عمر وما راح اتقبّلك في يوم , لا يكون بقضي عمري انام برّى ؟!
دُهِشَ منها
قال بوجوم
: زين اجل سهّلتي علي , وانا ما راح اتقبّلك في يوم لكنّك زوجة ومثل ما لك عليك , لكنْ وضعي صعب الحين , لمّا اتحسّن بيصير لنا كلام ثاني
تشنّجت وشدّ جسدها
ارتجفت وهي تتذكّر مغازلة بندر الخادشةِ لخجلها في صباها
اقشعرّ جسدها حينَ تخيّلت
انّ ما تمنّاه بندر , سيأخذه عبد العزيز
ارتفعَ صدرها وهبط بقوّة
التفت اليها عبد العزيز
وقال بهدوء
: تعالي نامي , لا تخافين
قالت بقوّة
: ماني خايفة
هزّ رأسه بصمت , وأولاها ظهره لينام
لو تعلمين كمْ أتمنى منعَ أدمعك
كم أتمنّى زرعَ ابتسامةٍ على ثغرك
فقط من أجل شقيقي الذي طالما عشقك
لكنّي لا اجرؤ
اشعرُ بالشّللِ كلّ ما حاولتُ النظرَ اليكِ
كيف سأهدي بندر صبيًّا منكِ , وانا اقشعرّ اذا سقطَ بصري عليكِ !
كيف سألمسك , وانا اشعرُ بهِ مسلتقيًا بيننا
أغمض عينيه بقوّةٍ وشدّ على أسنانه
كفى يا بندر
كفى !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة صباحًا
شرب من كوبِ الشاي , ثم قال
: بلشت بكم انا ! صايرين بزران والله , هذاك حالف ما يملّك الّا وانا جنبه , وانت مسوّي واسطات تطلّع تحليلك بدري عشان تملّك وانا معك ! بمشي انا بسافر عطّلتوني تراكم
قالت جدّته وهي تضربه بعصاها بخفّة
: الغريب ولد الناس ركضت له وفزعت فيه , وهذا ولد عمّك دمّك ولحمك تبي تخلّيه وتمشي !
قال سعود مؤنبًا
: الله يسامحك يمّه , عزيز ماهو غريب !
قال ابو سعود بصدق
: والله انّه اعز من الأخو
قالت بلا مبالاة
: يظل غريب في النهاية
قال سلطان
: المهم البربرة ذي اللي من الصبح ماهي مغيّرة شي ترا , بتحضر يعني بتحضر الله لا يعوق بشر
زفر سعود , ثم قال بغيض
: كرامة ما في
انفجر سلطان ضاحكًا , ثمّ رفعَ حاجبيه نفيًا
: مرّة ممسوح ببلاط
ضحك سعود ثم قال
: طيّب عجّل اجل , لأن والله ضيّعتوا وقتي تراكم
هزّ رأسه ايجابًا
: ان شالله ماني مطوّل , اليوم بعد المغرب يطلع التحليل , يعني بكرة ولا بعده نملك , انا ابيك بس بالعقد ولّا الاحتفالات ودوخة الراس ذي انا بكبري ماني حاضر
قالت جدّته بعصبيّة
: بتروح ورجلك فوق راسك
قال بخفوت
: ولّييه , انا وش خلّاني اتكلّم الحين – قال وهو يقبّل رأسها – ايه اكيد يمّه بس استهبل على سعود
ضحكَ سعود ورفعَ هاتفه ليتفقّده
قال والده مبتسمًا
: ما راح يتّصل , اكيد نام متأخّر وللحين ما قام
ابتسم بهدوءٍ ثم قال
: بالي عنده , اخاف انّه ما اخذ ادويته ولّا شي
: ما عليه شر ان شالله , واهله عنده اذا صار له شي
هزّ رأسه بصمت
بعدَ وقتٍ طويل
كان مستلقيًا أمام التفاز
ليرنّ هاتفه برسالة
فتحها
" صباح الخير سعود , عساك بخير , امّي تقول بدون نقاش غداك عندنا اليوم , منتظرينك على الظهر ان شالله "
اعتدل في جلسته والتفت الى والده
مدّ اليه الهاتف
قرأ والده , ثمّ رفعَ رأسه اليه
: روح لهم
قال بضيق
: والله ما ودّي
: والله ما تعرف الذوق ان ما رحت
قالت الجدّة
: وين يروح ؟!
قال ابو سعود
: اهل زوجته عازمينه وما ودّه يروح
شهقت جدّته وقالت
: سوّد الله وجه العدو , وراك ما تبي تروح !
لم يجبها
لتقول
: ماهو على كيفك , محمّد كلّم لي اختك موضي بوصّيها تجيب اغراض ياخذهم سعود للناس
قال سعود بزفرة
: ما يحتاج يمّه
لم تُعره اهتمامًا
وابتسم والده وهو يتّصل بشقيقته
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة صباحًا
فتحَ عينيه بكسل , وشعرَ بحركةٍ قريبة
التفتَ ليجدها تجلسُ على أريكةِ الغرفة وتعبثُ بهاتفها
بحث عن عصاه لينهض , ولم يجدها
قال ببحّةٍ ووجوم
: وين عصاتي
لم تجبه
رفعَ صوته
: وين عصاتي ؟
التفتت اليه
: تكلّمني ؟
قال بذاتِ النبرة
: العصا وين ؟
اعتدلت في جلستها , لتقول بوجومٍ هي الأخرى
: رميتها
عقدَ حاجبيه , ثمّ قال
: عفوًا ؟
كرّرت دونَ ان تنكسر نبرتها
: رميتها
زفرَ بصبر , وفركَ وجهه ليبدّدَ غيضه
قال بعد ثوانٍ
: ليه رميتيها ؟! مانتي شايفة حالتي ؟ كيف بتحرّك الحين
رفعت كتفيها وعينيها تنظرانِ اليه بقوّة
قال ببطء
: فجر بالطيب قومي جيبيها
لم تجبه
قال وقد بدأ يغضب فعلًا
: يا زفت انقلعي جيبيها , ولّا والله انكّد عليك ذا الصباح
لم تتحرّك من مكانها
لينهض من مكانه وهو يتّكئُ على سريره , حتّى أصبح بجانبها
أمسك بشعرها بقوّة , وقال بهدوء
: جلدك يحكّك في صباحيتك ؟ ولا تبيني امدْ يدّي عليك عشان تحسّين انّك مسكينة
قال ببرود
: تدري اني بحركة وحدة اقدر اشلّك ؟
شدّ شعرها بقوّةٍ حتى أوقفها أمامه
ثم صفعها بكلّ حقده وغلّه
قالت بحقد
: لو تدري لأيّ حد بيكرهك بندر وانت تضرب زوجتـ...
صفعها مرّةً أخرى , وقال بغضب
: انا وش قلت امس ؟
قالت ببرود
: عساس انـ...
وضعَ كفّه على فمها
حتّى لا تنفثَ سمومها عليه , وحتّى لا يؤذيها أكثر
تركها وخرجَ الى الصالة , ليجدَ عصاه بجانبِ التلفاز
سارَ بصعوبةٍ اليها
جلس على الأريكة , وزفرَ بجنون
كيف ثملَ بها بندر !
ولم يتحمّلها هو يومًا واحدًا !
استغفرَ بحدّة
تلك الحمقاءُ أجبرته ليتلبّس شخصيّةً لا تشبهه في شي
لا يعلمُ كيفَ مدّ كفّه وضربها
كيف آذى بشرتها الشفّافة
شعرَ بخطواتها تخرجُ من الغرفة
حبسَ زفرةَ همٍّ من أن تخرج من صدره المكلوم
جلست أمامه , وأراحت احدى ساقيها على الأخرى
رفعَ رأسه لينظرَ اليها
قالت بسخريةٍ موجوعة
: صباحية مباركة يا عريس
لم يُجبها
غرقت مقلتيها بدمعٍ لؤلؤي
وتقوّست شفتيها بتعب
ظلّت تنظرُ اليه , لا تريدُ كسرَ نظرتها
نهضَ من مكانه وتركها
دخل الى غرفته يكادُ يجن
غسل وجهه واستبدل ثيابه وأتّصلَ بسعود
الذي ردّ بسرعة
: هلا عزّوز , طمّني عليك عساك بخير
قال بجنون
: سعود ما راح اتحمّلها , البنت اساسًا مغصوبة , من امس تحاول تستفزني وتطلعني من طوري ! ضربتها واحسها ترتاح لمّا تنضرب
قال سعود بصدمة
: ضربتها !
لم يجبه
ليصرخ سعود بغضب
: حسبيّ الله على ابليسك , ضربت البنت وهي عروس ! ما تخاف من الله انت ! حرام عليك حتّى لو ما تبيها حتّى لو مجبور وحتّى لو هي ما تبيك , طوّل بالك يا اخي تحمّل اضغط على نفسك , شلون عطاك قلبك تضربها ! ولا تقول لي هي طلعتني عن طوري , خويي واعرفك فيك غيض وتبي تطلعه , حرام عزيز والله حرام تنسأل عنها ترا , هدْ بالك وعاملها بالحسنى
قالَ بخفوت
: طيّب
: يلا انقلع
أغلقا الهاتف
وظلّ عبد العزيز على وضعه
يفكّر في طريقةٍ ليتعامل معها
تلك الحمقاء !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانيةَ عشرةَ مساءً
نزلت لتدخلَ الى غرفةِ الجلوس
قالت أختها مبتهجة
: صباح الخير يا مدلّل
قالت بحدّة
: انتي بالذات ما ابي اسمع صوتك
تأفّفت , ثم قالت
: وش دخّلني انا ! تركي وامّك اللي زوجوك
قالت وهي جدّ متضايقة
: هديل رجاءً
قال تركي ساخرًا
: اتركيها يا هديل , كانت بتضيع نفسها وما تبي أحد يكلّمها
استغفرت وهي تشيحُ بوجهها عنه
قالت ام علي بهدوء
: كل واحد يقوم يشوف شغله , لا تتقابلون قدّامي كنكم بزران وتتناجرون
نهضت رتيل وصعدت الى الأعلى
قالت ام علي بجديّة
: تركي اترك رتيل في حالها , انا خصيمتك ان ضايقتها
رفعَ حاجبيه بدهشة
: يمّه الله يطوّل عمرك وانا عدوها يعني ! يشهد الله ما اعز على قلبي منها ومن ذي الخبلة , ما لي هم الّا سعادتهم وراحتهم , بس رتيل استخفت ويبي لها شدّة عشان تعقل
قالت والدته برفض
: ماهي مستخفّة ولا شي بسم الله عليها , اختك تمر في ضغوطات صعبة ويبي لها مراعاة
زفر ولم يجب
بعدَ قليلٍ دخل علي , وابتسامةٌ جميلة تملأ وجهه
ابتسمت والدته
: خير ان شالله , وش عندك
مدّ اليها بورقة
: حجزت قاعة العرس ودفعت عربون
تهلّلت أسارير والدته , وقفزت هديل لتعانقه بسعادة
ضحك وعانقها
قال تركي بابتسامة
: على ايّ يوم
رمقه بنصفِ نظرةٍ ثم تجاهله
ليضحك تركي رغمًا عنه
قالت والدته
: ايّ يوم يمّه ؟
: باقي بالضبط بالضبط تسعة وثلاثين يوم
قالت ام علي
: اجل لازم نبلغ ام صقر , لو باقي شي يخلصونه , ونبدأ بتجهيزات العرس
قالت هديل بحماس
: انا بقول لداليا
أخذت هاتفها وصعدت الدرجَ بسرعة
دخلت على رتيل
التي قالت بحدّة
: هديل اطلعي برّى ما لي خلقك
قالت هديل بحماس
: علي حدّد عرسه
التفتت اليها غير مصدّقة
: احلفي
جلست هديل بجانبها وهي تتّصلُ بداليا
: والله , الووو
قالت داليا بكسل
: يا الله صباح خير
ضحكت هديل وقالت
: قومي يا الرفلا , عرسك باقي له تسعة وثلاثين يوم
شهقت داليا , ثمّ قالت بفزع
: كذابة
أخذت رتيل الهاتف وهي تضحك
: هديلوه خرعتيها , الو
قالت داليا بفزع
: رتيل امانة وش تقول اختك
انفجرت رتيل ضاحكة , ثمّ قالت بمكر
: اليوم الأربعين من اليوم بتكونين بحضن علي
أغلقت داليا الهاتف , لترميه رتيل جانبًا وتضحك حتّى سعلت
قالت هديل
: شوف الخبلة قفّلت
مسحت رتيل على وجهها , ثم قالت بزفرة
: تمنّيت اكون معاها في ذي الأيّام
قالت هديل وهي تمسكُ بيدها
: وش مانعك يا رتيل ؟ هذاك بيت عمنا ونقدر نروح له بأي لحظة
قالت ببحّة
: مستحيل اروح لبيت عمّي
قالت هديل
: عمّتي ام صقر تحبنا مثلنا مثل داليا , واذا طلبنا منها نكون مع داليا في هالأيّام بتستانس , وأكيد بتبعد صقر عن البيت اذا رحنا لهم
قالت ساخرة
: يعني ما تعرفينه ! والله اذا حط شي في راسه ان ما يمنعه احد
قالت هديل
: طيب لمتى بتصدّين ؟ الحين رجعتي لذمّته , لازم تعطينه مجال يتكلّم معاك...
نهضت من مكانها بارتجافٍ وقالت
: ما ابي اسمعه , ما ابي اكلمه ولا ابي اسامحه
قالت هديل بأسف
: ما ظنّيت انّك جبانة لهالحد , ما كنتي كذا
أولتها ظهرها ولم تتكلّم
لم أكُن أتنفس الحياةَ يا اختي
ولم يكتمل نموّي
لذلك لم تعهديني هكذا
كنت عدمًا في غيابه
عاد وألهمني الى كلِّ الصفات !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الواحدة مساءً
نزلَ من سيارته وفتح الباب الخلفي
ضحك بضجرٍ وهو يرى الأكياسَ المنمّقة
التي أحضرتها عمّته بأمرٍ من جدّته
لترغمه على أخذها
عُلبُ البخورِ والمعطّراتِ العربية
وصينيةُ حَلوى بالتمرِ وبالمكسرات
وقطعةُ قماشٍ فاخرة !
فكّر لوهلةٍ ان يتركَ الأكياس ويدخل دونها
لكنّه يعلمُ انّ جدّته لن تتركه !
حملَ الأكياس وأغلق باب السيّارة
ليطرق باب المنزل
بعد ثوانٍ فتحَ فيصل الباب وابتسم
: يا هلا
سلّم عليه سعود ودخل
اتّجه الى المجلسِ الخارجي , لكنّ فيصل قال
: داخل يا سعود
قال بتردّد
: بس...
قال فيصل بهدوء
: ما في الّا امّي , تفضّل
سارَ معه ودخل الى المنزل
استقبله بندر , ومن خلفه ام خالد
سلّمت عليهِ وأدخلته الى المجلس
ابتسم خالد وقال
: اعذرني...
قاطعه وهو ينحني اليه
: شلونك
هزّ رأسه ايجابًا
: الحمد لله
جلسَ سعود , ثمّ انتبه الى الأكياس
مدّ بها الى ام خالد وقال
: هذه من جدّتي وتقول لك سامحيها على القصور , وودّها تشوفك بأقرب فرصة ان شالله
قالت ام خالد بمحبّة
: يا حبيبتي , والله كلّفت على عمرها , واكيد انا ودّي اشوفها والله
ابتسم وتركَ الأكياسَ جانبًا
,
كانت تقفُ بجانبِ البابِ تنظرُ الى جانبِ وجهه
حبست زفرةً ملتاعةً ان تهرب من صدرها
تشعرُ ان روحها تحترق وهي تراه , وتعجزُ عن الاقتراب
ودّت مناداته حينَ دخل
ودّت مطالبته بأن يعانقها قبلهم , ان تشمّ رائحته
رائحةُ رقبته وشعره
التي تجعلها تذبلُ كثيرًا , التي تجعلها تشهقُ بعشقٍ له
عضّت شفتها السفلى حينَ ضحكَ وأحنى رأسه الى الأسفل
ورفعت حاجبيها حين رفعَ حاجبيه بدهشة
انتظرت ان يسألَ عنها
لكنّه لم يفعل !
بعد دقائق نهضت والدتها واتّجهت اليها , الى الباب.
ابتعدت خطوة , لتخرجَ والدتها وتغلق الباب
نظرت اليها والدتها بصمت , ثم سحبتها معها الى المطبخ
جلست على ركبتها , وبكت بحرقة , دونَ مقدّمات !
زفرت والدتها وقالت
: لين لا يسمعك الرجّال
قالت بوجع
: ليش يصير معي كذا يمّه , والله ما اتحمّل...
قاطعتها والدتها بهمسٍ حاد
: كان لازم تعرفين انّك ما بتتحملين قبل لا تخلّينه وتجين
هزّت رأسها وهي تغلقُ اذنيها
نزلت اليها والدتها وقالت
: بس لين , لا تفضحينا مع الرجّال , قومي ساعديني او روحي غرفتك
نهضت بترنّح
لتساعدَ والدتها
حينَ أتى بندر ليأخذ الأطباق
قالت ببحّة
: بندر حط ذي الصينية قدّامه , يحبها
ازدرد ريقه ولم ينظر اليها
نظرت اليها والدتها مشفقةً على حالها
عدّدت الأطباقَ التي يحبّها , وطبختها باتقان
تذكّرت حينَ قالت لها
": يا بنتي وش ذا الأكل المدلّع , نسوي مفطّح أنسب شي
هزّت رأسها نفيًا
: سعود يفضّل الصواني والبيتزا على الرز واللحم
: انا ما لي دخل فيك , بسوي مفطّح وانتي سوّي اللي تبينه"
مسحت والدتها على كتفها
: اتغدّى معك ؟
قالت بخفوت
: لا يمه ما اشتهي , روحي تغدّي معاهم وانا ان جعت باكل
: براحتك , بس جهّزي الشاي
ذهبت والدتها الى المجلس
قالت بمحبّة
: سعود يمّه , يلا تفضّل
جلسَ أمام السفرة
ونظرَ الى الأطباق
ازدرد ريقه , وعقد حاجبيه
قرّب اليه بندر الصينيّة التي أخبرته عنها لين
نظرَ اليها , أبعدها بوجوم , وأخذ صحنًا فارغًا وملأه رزًّا ولحمًا
ملأت ام خالد رأتيها هواءً , بصبر
قالت بهدوء
: خالد وش احط لك
أجبر سعود نفسه وأكل حتّى اكتفى
وتجاهل باقي الأطباق
التي يكادُ يخبرهم مقاديرها ومدّة طهيها
طريقة ترتيبها , وألوانها ورائحتها
يعرفها جيّدًا
طبختها لهُ مرّاتٍ عدّة
حتّى انّه كان يساعدها فيها !
أنهى طعامه , وابتعد
نهض من مكانه , لينهض بندر
قال سعود
: خلّك كمّل أكلك , اذا خلصتوا رحت
قال بندر
: تكرّم , بس بدلّك , عاد البيت بيتك
سار معه ودخلَ الى الحمام
وعادَ بندر الى المجلس
خرج سعود من الحمّام ليقفَ أمام المغسلة
شعرَ بصوتٍ قريب , ثمّ فتح باب
التفت بخفّة
كان يبدو مطبخًا
فتحت الباب والتفتت بوجهها الى الداخل , دون ان تنتبه اليه
نظرَ اليها بصمت
حتّى أغلقت نورَ المطبخ والتفتت الى الخارج
شهقت وفزّت من مكانها حينَ رأته
لم تتغيّر ملامحه , ولم تنكسر نظرته
وظلّت هي مشدودةً بصدمةٍ لثوانٍ
ثم بفزعٍ دخلت الى المطبخِ وأغلقت الباب
أطلق زفرةً حادّة
ثم رفس الجدارَ لاعنًا قدومه الى منزلهم !
غسلَ يديه ووجهه بماءٍ بارد
ثمَ عاد الى المجلس
جلسَ وهو عاقدٌ حاجبيه
قال خالد مبتسمًا
: خويك عبد العزيز شخباره ؟
التفت اليه , وقال بهدوء
: الحمد لله بخير , امس تزوّج , هو أخّرني ولا كان سافرت من كم يوم
: ما شالله الله يوفقه , بيستقر هنا خلاص ؟
هزّ رأسه ايجابًا
: ان شالله اكيد , وش يسوي في لندن اجل !
قال فيصل بهدوء
: وانت وين ناوي تستقر ؟
التفت وظلّ صامتًا لثوانٍ
ثم قال
: للحين ما قرّرت , هنا جدّتي وعمامي , وهناك امي وابوي وجدّتي لأمّي
قالت ام خالد
: ابوك ما يفكّر يجي هنا ؟ عشان امّه واخوانه يعني
هزّ رأسه نفيًا
: شغل ابوي وحياته كلّها في بريطانيا , وامّي عمرها ما عاشت برّى بريطانيا , وجدّتي ما لها غيرنا , غير انّ ابوي عاف الرياض وكرهها من وفاة جدّي الله يرحمه
قالت ام خالد بزفرة
: والله يا امّي الرياض قاسية
ابتسم خالد
: جاتك العنصرية , الرياض قاسية والشرقية وشو ؟
ابتسمت
: الشرقية ريحة الجنّة
قال بندر
: ايه انا مع امي , فديت ريحة خوالي
عقدَ فيصل حاجبيه
: والله ما في اعز من الرياض
قال سعود بابتسامة
: قرن الشيطان
التفتوا اليه بحدّة
لينفجر ضاحكًا ويرفع كفّيه
: اعصابكم , مالي دخل هم يقولونه , ولّا انا من الرياض والله
قال فيصل
: مشكوك في ولائك انت , ما يندرى عنّك صاير مكس بين الرياض ولندن
عقد حاجبيه
: امي سعودية ابًّا عن جد ومن الرياض بعد
قال خالد وهو يرفع حاجبيه ليغيضه
: وامها ام عيون زرق
التفت اليه سعود بحدّة
: ولد
ضحك خالد ومدّ بصحنه الى بندر
: عادي يا شيخ كبر جدّتي , بس والله يا هي...
قفز سعود ليغلق فمه , لينفجروا ضحكًا
وضحكت هي من بينِ أدمعها وهي تنظرُ اليه !
,
,



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 30-04-15, 06:51 AM   #76

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


المملكة العربية السعودية – الرياض
الثالثةَ مساءً
تأفّفت بضجرٍ حقيقي
رفعت رأسها لتنظرَ اليه
قالت بنبرةٍ ميّتة
: لمتى ذا الجو الميّت ؟
قال بلا مبالاة
: وش اسوّي لك
لم تجبه
وتجاهلها هو ايضًا
بعد قليلٍ قالت
: جوعانة
: روحي للمطبخ
: الثلّاجة فاضية
زفر , واتّصل بشقيقته
:تهاني
قالت بمحبّة
: يا عيونها انت , شلونك حبيبي
قال بهدوء
: بخير , ليه مو شارين مقاضي ؟
قالت بشهقة
: وجع يوجع اختك , جوعان ! الحين بنزّل لك شي تاكله
ابتسمَ رغمًا عنه , ثم قال يؤنبها
: لا تدعين على نفسك يا خبله , كلّمي امّي ترانا ما فطرنا ولا تغدّينا
قالت بحنوْ
: حبيبي انت , امّي من الظهر تسوّي لكم غدا , بس حسّبت الثلاجة مليانة وفطرتوا , الحين اجيب لكم تصبيرة
أغلق الهاتف , وأشار به اليها
: روحي افتحي الباب تهاني بتجيب شي تاكلينه لين يصير الغدا
نهضت وفتحت باب الشقّة
كان المبنى من ثلاثةِ أدوار
الدورِ الأرضي فيه ساحةٌ فارغة
والثاني فيه غرفةٌ بدورةِ مياه
وأمامها شقّة بندر , التي أصبحت لعبد العزيز
وفي الثالثِ البيتُ الكبير , ابو بندر وزوجته وابنته
مبنىً خاص
كان من المفترضِ ان تقف بحجابها الآن , تحسبًا لمرورِ عبد العزيز
لكنّ عبد العزيز في الداخل
زوجها
ووالده محرمها
اخو الزوجِ مفقودٌ هنا
رمشت بسرعةٍ وهي تشخصُ ببصرها , حتّى لا تبكي
لن تبكي بندر , وتدعَ أحدًا يرى أدمعها
خصوصًا شقيقه
عديمُ المروءة !
شعرت بصوتٍ في الأعلى ورفعت رأسها
نزلت تهاني بالصينية , وقبّلت وجنتها
ابتسمت وقالت
: صباح الخير , شلونك !
قالت فجر بهدوء
: الحمد لله
قالت تهاني
: عسى قدرتي تنامين امس ؟
هزّت رأسها ايجابًا
مدّت تهاني اليها الصينية , وقالت محرجة
: فجور ولا عليك أمر اسألي عزيز عن دواه , ان ما ذكّرناه ما ياخذه
هزّت رأسها بصمت , ودخلت
وضعت الطعام في الصالةِ وجلست لتأكُل
مرّ وقتٌ يسير , حتّى سمعت صوت عصاه
مرّ بجانبها , ورفعَ كوبَ العصيرِ ليشربه دفعةً واحدة
ثم جلسَ في الجهةِ الأخرى
التفتت اليه وقالت
: اجل انا من بكرة برجعْ لدوامي
رفعَ رأسه اليها , صمتَ لثوانٍ
ثم قال
: انتي مو بندر قال لك ما يبيك تشتغلين , وكنتي بتتوظّفين وبطّلتي !
قالت بحدّة
: بندر توفّى , كنت بعتمد عليه لبقيّة حياتي وما احتاج شي بوجوده
قال عبد العزيز بحدّة
: ومانتي محتاجة شي الحين , واللي تحتاجينه يجيك
قالت ببرود
: ما آخذ من احد شي
قال من بينِ أسنانه
: انا زوجك , ماهو حبًّا فيك لكنّي ملزم فيك من الشرع ومن العرف
تأفّفت , ثم قالت
: انا ابي شغلي , ماني متعوّدة على الجلسة البليدة ذي ! نوم وتلفزيون وجوال واكل وبس
استرخى في جلسته , وقال
: كلّها يومين وما بتلقين وقت , بتنشغلين في التنظيف والطبيخ – صمتَ لثوانٍ ثم قال ببطء – وتحملين وتخلفين
نظرت اليه بصدمة
أُلجمَ لسانها لثوانٍ , ثم قالت بعصبيّة
: تبطي عظم
ضحك بخفّةٍ وتجاهلها
نهضت من مكانها وقالت تهدّد
: لو تموت سامع , لو تذبح نفسك ما تقرّب منّي
هزّ رأسه ايجابًا , وقال بسخرية
: ان شالله
تركته ودخلت الى الغرفةِ وأغلقت البابَ بكلّ قوّتها
أغمض عينيه من قوّة الضربة
ثم فتحهما وقال بغيض
: وكسر ان شالله , حيوانة
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الواحدة وخمسٌ وعشرون دقيقة مساءً
وضعَ نظّارته على عينه وقال
: اجل انا بمر عزوز
قال سلطان
: لا تطوّل , ترا قبل الخمس نملك , انتبه للساعة
هزّ رأسه ايجابًا
: ان شالله
خرجَ وركبَ سيّارته
بعدَ دقائقٍ رنّ هاتفه
ابتسمَ وأجابه
: هلا والله
ابتسم الآخر وقال
: انتظرتك تتّصل ولا لقّيتنا وجه , اليوم امّي قعدت فوق راسي الّا تتّصل عليه
ضحك بمحبّةٍ وقال
: والله على بالي بس انشغلت شوي , شلونها خالتي
: الحمد لله بخير , وتقول لك حيّاك تغدّى عندها اليوم
قال بصدق
: والله ما افوّت طبخها وقعدتها , بس الحين رايح لعزيز اسلّم عليه والعصر عندي ملكة ولد عمّي وطيّارتي باللّيل
سمعَ صوتها حادًّا
: ماهو على كيفك
شهق بخفّةٍ , ثم قال بترحيب
: هلا هلا , هلا بذا الصوت
قالت بحنوْ
: يا امّي انت , شلونك يا يمّه
: الحمد لله , وش اخبارك خالتي وش مسوية !
: تعال لي واعلمك اخباري
: والله...
قالت برجاء
: سعود لو نص ساعة تمرني , ابيك بسالفة
صمتَ لثوانٍ , ثم قال
: خلّي وليد يرسل لي العنوان
قالت بعجلة
: هو يعلمك أسرع
مدّت بالهاتفِ الى وليد الذي أخبره عن مكانِ المنزل
انحرف عن طريق منزلِ عبد العزيز الى منزلِ وليد
خلال دقائق نزل من السيارة ليستقبله وليد ويصعدانِ معًا
دخلَ وجلسَ في المجلس
دخل وليد الى المنزل , وعاد بعد دقائقَ بالقهوة
ضيّفه , وجلسَ أمامه
قال سعود
: وليد الله لا يهينك...
سمعَ حينها صوتها , بمحبّة
: يا هلا وغلا
التفتَ اليها وضحكت عيناه بابتهاج
نهضَ من مكانه , وقال بمحبّة
: بعد راسي والله , حي ذي الطلّة
قالت بحنوْ
: توْ ما نوّر بيتي , شلونك يمّه وش اخبارك ؟
جلست قريبةً من الباب
جلس وهو ينظرُ اليها
: الحمد لله , قوليلي انتي وش اخبارك , عساك مرتاحة !
هزّت رأسها ايجابًا
: الحمد لله
خرجَ وليد وتركهما
ليقولَ سعود
: عندي لك خبر
قبل ان تخبره انّ لديها خبرًا أكبر , قال
: لقيت لين
رفعت رأسها اليه بصدمة
ليهزّ رأسه ايجابًا
: لقيتها واليوم بسافر انا وهي
شلّ لسانها , ليقول هو بغضب
: ما ادري شلون بتحمّل وما اذبحها يا خالتي
ازدردت ريقها , وقالت بصعوبة
: يمه سعود استهدْ بالرحمن واذكر الله , عاملها بالحسنى...
قاطعها بهمسٍ حاد
: ما خلّت فيها حسنى يا خالتي , جابت لنفسها الشقى والله
صمتت , وصمت
بعد ثوانٍ قال
: وش كنتي بتقولين لي
قالت بابتسامةٍ مرتبكة
: ولا شي , بس كنت بشوفك , عزيز هنا صح ؟
ضحك
: الله يسامحك جبتيني على وجهي , ايه مستقر , وتزوّج بعد
قالت بصدمة
: تزوّج !
نظرَ الى ساعته ونهض
: خالتي انا تأخّرت والله , اذا كلمتيه هو بيعلمك كل شي , يلا يا بعدي استودعك الله
قالت بحنان
: الله يحفظك يا يمّه , بالله عليك شوي شوي على لين تراها بنتي مثل ما انتوا عيالي
لم يُجبها
واتّجه الى الباب
: مع السلامة خالتي
قالت باستسلام
: الله معاك
خرجَ من منزلها الى منزلِ عبد العزيز
رنّ عليه
: عزيز انا تحت
: انا بروح غرفتي تعال لي هناك
صعد سعود ودخل الى غرفة عبد العزيز
اقترب وقبّل رأسه وجلسَ أمامه
: ها شلونك
زفر , وقال بشكلٍ مضحك
: بتموّتني صدّقني ! فوق همّي ذي خبلة بتجنّني , كل شوي تبي تنضرب
ضحك سعود رغمًا عنه , ثم قال
: سايسها ياخي , تبيني اعلمك شلون تعامل زوجتك ! وش فيك انضرب مخّك انت !
: لا تقول زوجتك يرحم والديك , والله للحين مستحرم اطالعها
وضع سعود كفّيه على رأسه
: لا حول ولا قوّة الّا بالله , مانت عاقل , زوجتك حسبي الله على ابليسك , انا شاهد والله
قال عبد العزيز بانزعاج وهو يدفعه بعصاه
: قسم بالله ما يضحّك
ضحك سعود , ثم قال
: صح تذكّرت , مرّيت خالتي سارة اليوم وسألت عنّك , عاد انت كلّمها ماهو تقطعها
كشّر بوجهه
: تبيني اتّصل على ولدها
: تراه حليل , تلاقيه كان وقتها معصّب ومنفعل , ولا والله محترم تراه
هزّ رأسه وقال
: خلني اخلص من ذي العلّة ثم اشوف وش اسوي
ضحك سعود وفرك عينيه
قال عبد العزيز بهدوء
: مبيّن والله شكثر متوتّر ومشدودة أعصابك , ريلاكس هدْ
رفعَ كتفيه بضياعٍ وصمت
قال عبد العزيز
: ماني راحمها ولا شايل همها , خوفي عليك انت , شد أعصاب وتوتّر , ولو أذيتها انت بتتأذى قبلها
قال بخفوت
: الله كريم
مرّ وقتٌ حتّى نظرَ سعود الى ساعته , ونهض
: عزوز انا لازم امشي
: بدري !
: اليوم ملكة سلطان , بلحق اروح له احضر ملكته وارجع للبيت ابدّل وآخذ شنطي , وأمرها وأطلع للمطار
قال عبد العزيز بمحبّة
: استودعك الله دينك وامانتك وخواتيم اعمالك , توصل بالسلامة يا اخوي , وطمّني على وصولك , وحط بالك على نفسك
قال سعود
: وانت بعد انتبه لنفسك ولأدويتك , وشدْ حيلك بالعلاج الطبيعي عشان تتحسّن بسرعة , انت تزوّجت وعندك مسؤوليات الحين
نزل اليه ليعانقه , كانَ يودّعه ولا يعلُم متى سيلتقيه
عانقه بقوّةٍ وقال بفخوت
: استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه
قال عبد العزيز وهو يشدُّ عليه
: لا تقطعنا عاد
ابتسم سعود , ولم يعلّق
لا يعلمُ حقًّا كم سيمضي من الوقتِ دونَ لقاء
ابتعدَ عنه أخيرًا
وتركه وخرج
ركب سيّارته واتّصل بخالد
الذي أجابه بعدَ ثوانٍ
: هلا سعود
: هلا خالد – استثقل اسمها , ثمّ قال – حرّص على لين تكون جاهزة , الطيارة على اثنعش الليلة
: لا تشيل هم كل شي جاهز , بس تلبس عباتها وتطلع لك
: على خير ان شالله
ودّعه , ووصلَ الى المنزل
دخلَ ليجدَ فوضى تعمُّ المنزل
عقد حاجبيه
: يا ساتر ! وش ذي الحوسة
قالت جدّته بعصبيّة
: انت باقي ما لبست !
نظرَ الى ساعته , ثم قال
: يمه توها ثلاثة ونص الله يصلحك
صرخت به
: هماك مسافر الليلة ! اطلع بسرعة البس وتأكّد من اغراضك
قال والده
: انا رتّبت أغراضك وسكّرت الشنط , طلّعت لك بس ملابس السفر , وكشختك جمّعتها من عيال عمّك عشان لا نحوس شنطك
: ما احب البس غير اغراضي
دفعه سلطان بغيض , وهو اساسًا في حالةٍ سيّئة !
: تعرف تنقلع تلبس ولا لأ
ابتسم مالك في وجه سلطان بهدوء , وقال لسعود
: تعال سعود
صعدا سويًّا
قال سعود بزفرة
: الله يعين هالسلطان
قال مالك
: كلّها كم يوم ويتعوّد غصب , لمتى يعني !
لم يجبه سعود
دخلا الى الغرفة , وفغر سعود فاه !
التفت الى مالك
: وش ذا !
ابتسم مالك
: نعال حسن وثوب سلطان وشماغه وطاقيّة ابوك وعقاله وساعتي وعطري وكبكات ابوك
قبل ان يعترض سعود , قال مالك
: سعود يرحم والديك كلّها كم ساعة ياخي وش فيك !
تأفّف وقال
: ما احب يا اخي , اغراضي وملابسي احب ارتّبها وانسقها بنفسي
قال مالك ساخرًا
: يحق له سلطان يستقعد لك والله
رفسه سعود وقال
: وراك بس , انقلع يلا
ضحك مالك وتركه ليستبدل ثيابه
بعد ربعِ ساعةٍ كانوا يقفون أمام الجدّة
التي كانت تسمّي وتهلّل , وتدورُ بالمبخرةِ عليهم
: اعيذكم بكلماتِ الله التامّات من شرّ ما خلق , اعيذكم بكلماتِ الله التامّة من كل شيطانٍ وهامّة ومن كلّ عينٍ لامّة
التفتت الى سلطان
: سلطان يا امّي
تنفسَ بقوّةٍ وضبطَ أعصابه , ثم التفتَ اليها
: سمّي يمّه
: روح جيب ابوك يا يمّه
خرج الى الغرفةِ الأخرى
وجلسَ أمام والده
قبّل كفّيه , ودمعت عينيه
قال بنبرةٍ منهارة
: بتزوّجني
أغمض والده عينيه بقلّة حيلة
قال برجاءٍ ونبرةٍ باكية
: ما اقدر يبه , ما اقدر والله
همهم والده
أراح سلطان رأسه الى ركبةِ والده
وقال بانهيار
: ما ابي , خايف على نفسي يبه...
لم يستطع اكمال كلماته
انزلقت من شفتيه لتتكوّم على حنجرته
لتسدّ مجرى صوته
شهق بصعوبةٍ وظلّ على حاله
همهم والده , مرّت دقائق
حتّى رفعَ رأسه بيأس
: يا انا بموت يا بنت الناس
همهم والده بصوتٍ عالٍ وفتحَ عينيه بعصبيّة
نهض وقبّل رأس والده
قال بخفوت
: أعاصبك يبه , هدْ يا بعد راسي
دفع الكرسي الى المجلسِ المكتظّ بعمومته وأبنائهم وأزواج عمّاته وأبنائهم
اقتربت الجدّة من ابنها وانحنت اليه
: ولدك بيملك اليوم
دمعت عينيه , واشاح ببصره عنها
مسحت أدمعه بحجابها , وطبطبت على رأسه
همست في اذنه
: افرح له يا يمه , والله جنّنت ولدك , لا بركةٍ في عدوّك وعدوّه
رفعَ صوته بهمهمةٍ غاضبة
ليقترب محمّد منه
قبّل جبينه بعمق
وأمسك بكلتا كفّيه
: ابو سلطان , جعلني أفداك مو زين على صحّتك يا ابوي , افرح اليوم كلّنا فرحانين بسلطان , والله انّ فرحتي فيه نفس فرحتي بملكة سعود , ربّيناهم وكبّرناهم , من حقنا عليهم نفرح فيهم , ونشوف سعادتهم
اقتربا سعود ومالك وقبّلا رأسه
قال سعود متسائلًا
: ما يقدر يروح معنا ؟
قالت الجدّةُ بحسرة
: يا ليت , بس صحّته ما تساعده يطلع من البيت
قال ابو سعود وهو ينظرُ اليه
: ناخذ ادويته وناخذ حيطتنا وننتبه له , ولو تبين حتّى ممرض ناخذ معنا
صمتت متردّدة
قال مالك
: حتّى سلطان بيستانس اذا صار عمّي معاه في ملكته
قالت مستسلمة
: حلفتكم بالله تنتبهون له عدل
هتفوا بسعادة , وابتسم ابو سعود
اخذته الخادمة , لتستبدل له اروى ثيابه بمساعدةِ الخادمة
عطّروه وبخّروه
ثم خرجوا جميعًا
ركب ابو سعود بجانبِ مالك
وسعود وسلطان وابو سلطان خلفهما
غطّى عينيه بكفّه
وهو يحبسُ وجعًا في قلبه
يودُّ أن يصرخ ليسمعه كلّ العالم
لا أريد
تمنّى ان يتوسّل الى مالك ليتزوّجها بدلًا عنه
جحيمُ مأساةٍ يُسعّرُ في قلبه
وهو ذاهبٌ الى حتفه
رفعَ رأسه الى المرآة لينظر الى مالك , بنظرةٍ يفهمها هو فقط
نظرَ اليه مالك بحنوْ
أشاح ببصره عن مالك
حينَ تذكّر انّه قد قتلَ أخته مرّة
لكنّه لم يتركه
او يبتعد عنه
واليوم هوَ أوّل الواصلين
وهو الذي يشدُّ على كتفه ليقوّيه
تزيدُ تعبي يا مالك بفيضِ عطائك
تشعرني بدناءتي !
أوقفَ مالك سيّارته أمام المنزل
والتفت الى سلطان
قال برفق
: يلا سلطان
زفر بقوّةٍ ونزل من السيّارة
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانية مساءً
نادت الممرضةُ على اسمه
نهض ودخل الى غرفةِ الطبيبة
أشارت اليه ليجلس
جلس , وسألته
: ايش المشكلة ؟
قال بهدوء
: دوخة وصداع ووجع معدة وبطن
عقدت حاجبيها
: من متى عندك الألم ؟
: له كم يوم , ابي تحليل دم يا استاذة
قالت بانزعاج
: انا دكتورة , وعارفة وش اسوّي مو منتظرتك تقول انّك تبي تحليل دم !
كتمَ ضحكته وصمت
قالت الطبيبةُ للممرضة
: اعملي له تحليل...
قاطعها بسرعة
: لا لا , ما ابي ذي الاندنوسية تسويلي
قالت الطبيبةُ بدهشة
: عفوًا !
قال باستعطاف
: ايه انا عندي فوبيا من الابر , لازم احد ثقة , في ممرضة عندكم امّي جرّبتها تقول يدها خفيفة
اغمضت عينيها لثوانٍ طويلة , ثم قالت بمحاولةٍ للهدوء
: مين ؟
قال ببطء
: رتيل عادل
قالت ساخرة
: احد ثقة وفوبيا وآخرتها طالبة !
قال ببرود
: مو شغلي ابيها تسحب دمّي , تراني دافع
قالت بعصبيّة
: يا استاذ انت مو في بسطة تتكلّم بهالطريقة !
قال ببرود وهو يستفزّها بحاجبيه
: اعصابك يا استاذة
شدّت على اسنانها , والتفتت الى الممرضة
: نادي نيرس رتيل
خرجت مسرعة , وبعد دقيقتان عادت مع رتيل
كان ظهره ناحيةَ الباب
قالت رتيل بهدوء
: تفضّلي دكتورة ؟
نهضت من مكانها منفعلة , ومدّت اليها ورقة
: اسحبي له دم وارسلي التحاليل للمختبر
لتقترب رتيل , وتقول بجديّة
: تفضّل يا استاذ , اجلس هنا
أشارت ناحية السرير
التفت اليها وقال بنبرةٍ حانية
: حاضر يا دكتورة
حبست رتيل شهقتها , وفتحت عينيها بصدمة
قالت الطبيبة وهي تكادُ تقتلعُ عينيه
: نيرس يا اخ , نيرس رتيل انا برّى اذا خلّصتي ناديني
قالت رتيل بفزع
: دكتورة...
خرجت الطبيبةُ وأغلقت الباب
ظلّ في مكانه , ينظرُ اليها مبتسمًا
تراجعت خطوة , ثم قالت بحدّة
: تفضّل يا استاذ
نهض من مكانه وجلسَ على السرير
جهّزت الابرة والعلب الصغيرة واقتربت منه
قالت بقوّةٍ تدّعيها , وهي ترتجف
: مد يدّك
مد بكفّه اليها
لبست القفّازات
وأمسكت بيده بتوتّر
كادت تسقطُ مغشيًّا عليها
مرّرت أصابعها بعجلةٍ على كفه , ليظهرَ عرقه
غرست الابرَة بقوّة من شدّة التوتّر , ليتأوّه
شهقت ورفعت رأسها لتنظرَ اليه بسرعة
مدّ شفتيه بدلالٍ وقال
: عوّرتيني يا دكتورة
أنزلت عينيها الى كفّه ونفسها يرتجف
قال بهمس
: انا تعبان
قالت من بين أسنانها
: بتجي الدكتورة وتشوفك
اقترب منها وقال
: انتي علّتي ودواي
افلتت يدَه , لتميلَ الابرةَ وتؤلمه , ويسلَ دمه على كفّه
أغمضَ عينيه بألم , وهتفت رتيل فزعة
: صقر !
امسكت يده بقوّة لتخرج الابرةَ ببطءٍ وتنظّفَ الجرح
قالت بارتباكٍ وارتجافٍ وتوتّر
: ياربي شوف وش سويت
فتحَ عينيه وابتسم
رمت الابرة في القمامةِ وقالت
: مد يدّك الثانية عشان اسحب
نهض من مكانه وقال
: صرت بخير الحين
تراجعت , ليتقدّم اليها
قبل ان ينحني اليها فُتح الباب
التفتت اليه رتيل بشهقة
قالت الطبيبة
: خلّصتي ؟
قال صقر
: خلاص هوّنت , راحت الدوخة
نظرت اليه الطبيبةُ بدهشة
صمتت لثوانٍ , لكنّها لم تتحمّل
قالت بهدوءٍ مفتعل
: اظنّك مغلط بالقسم , العيادة النفسية في المبنى الخلفي
رفع حاجبيه ولم يعلّق
وضحكت رتيل وكتمت ضحكها بكفّها
ابتسم وقال
: مشكورة يا استاذة
ضربت الطاولةَ بغيض
ليخرج هو
قالت الطبيبة بعصبيّة
: عاهات
خرجت رتيل بصمت
وانفجرت ضحكًا في الممر !
شعرت انّها تتنفّسُ الحياة
شعرت بأنّ الدنيا انحنت أمامها ورفعت طرف ثوبها بلطف , وابتسمت في وجهها !
تلك النظرة
التي فقدتها لأعوامٍ طويلة
فقدتها في أعوام عمرها الفانية
عادت , لتحيي داخلها
لتزهر فيها جنّةً من بهجةٍ وفرح
اعتدلت في وقفتها وعقدت حاجبيها
ما زالت جراحها ملتهبة
نظرته لم تُبرِئها
ولم تشفِ سقمها
ما زالَ أمامكَ عمر يا صقر
عمرٌ تسترضيني فيه , كالعمرِ الذي انتظرتك فيه
لن تستميل قلبي المتيمِ بك , بنظرةٍ او ابتسامة
احتاجُ ان تعيد اليّ حياتي التي ضاعت
حتّى اتمكّن من التفكير في العودةِ اليك !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة وخمسٌ وأربعون دقيقة مساءً
عانقت والدتها أخيرًا , بعد ان ودّعت اشقائها الثلاثة
بكت رغمًا عنها وهي تشتمّها بضعف
تشعرُ انّه الوادعُ الأخير
لن ترى والدتها مجدّدًا
ربّما في عرفِ سعود هذا عقابها المناسب !
قالت برجاء
: تكفون حاولوا فيه تجون للمطار
زفرَ خالد بِحُلُم , ثم قال
: الرجّال قال ما يبي احد معاه في المطار , شلون يعني غصب ولّا غصب !
رنّ هاتفُ فيصل , ليقول
: اسكتي
أجابه , وصمتَ لثوانٍ , ثم قال
: طيب
أغلق الهاتف ونهض
: هذا هم وصلوا , سعود بيدخل يسلم علينا وعلى امي وتمشون
فتح الباب ليدخل سعود
اختبأت بعيدًا عنه
ودّع سعود خالد الذي همسَ في اذنه
: بالله عليك تنتبه لها , وراعيها واهتم فيها
هزّ رأسه بصمت , والتفت الى امّ خالد
التي عانقته وبكت , همست ببكاءٍ ورجاء
: امانة عندك بنتي يا سعود , لا تقهرها ولا تبكّيها ولا تزعلها بالله عليك , بنتي الوحيدة وان بكت اموت والله
قال بخفوت
: لا تشيلين همها , طلعت من بيتها لبيتها
كان يقصدُ ببيتها الآخر
قلبه
وعيناه
وروحه !
التفت الى فيصل
: نادها فيصل , انا بطلع واسلّم عليك برى
خرج من المنزل , وبعد دقائق خرجا بندر وفيصل يحملان الحقائب
وضعاها في السيّارة , ونزلَ ابو سعود ليسلّم عليهما
ودّعا سعود والتفتا الى المنزل
قال فيصل
: يلا تعالي
خرجت ببطء , وجسدها يرتجف
صدّ عنها سعود
قال ابو سعود بحنوْ
: تعالي يبه
اقتربت وقبّلت رأسه
وجلست في المقعد الخلفي
أشار سعود بكفّه الى أخويها , وركب السيّارة
بجانبِ والده الذي يقودها
واتّجهوا الى المطار
,
,
الى الملتقى



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 04-05-15, 01:23 AM   #77

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
البارت التاسع والأربعون

,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
مطار الملك خالد
الحاديةَ عشرةَ مساءً
نظرَ الى ساعته , ثم الى والده
: يلا يبّه , مو باقي شي
عانقه والده وهمسَ في اذنه بعدّة توصيات
لم يجبه , الّا بقبلةٍ على رأسه
ابتعدَ عن والده وقال بوجوم
: نادها يبه
قال والده بحدّة
: الحين اناديها لك ولا وصلتوا من بيكلّمها عنّك ؟
زفر , ولم يعلّق
قال ابو سعود برفق
: لين , يلا يبه
نهضت من المقعدِ واقتربت منهما
قبّلت رأس أبي سعود وكتفه
قال بمحبّة
: استودعك الله دينك وأمانتك وخواتيم اعمالك يبه
سارَت خلفه بخطواتٍ مرتجفة
وصلَا الى رفّ الجوازات
مدّ جوازه وتذكرته , وتنحّى جانبًا لتمدّ جوازها الى الموظّف
رسالةٌ قصيرةٌ وواضحة
" لا تحتاجين اليّ , فعلتي ذلك وحدك " !
كتمت زفرةً موجوعة , ومدّت جوازها
بعد دقائق كانا في صالةِ الانتظار
توقّف , لتجلس على أحدِ المقاعد
وتركَ مقعدًا فارغًا بجانبها , ليجلس على الذي بجانبه
مرّ الوقتُ بطيئًا ثقيلًا
التفت الى شاشةِ العرض , لينهض من مكانه
نهضت خلفه
انتهيا من الاجراءات سريعًا
وأصبحا في الطائرةِ أخيرًا
بعد دقائق انطلقَ صوتٌ ملأ اذنيها
: أعزائنا المسافرين أسعد الله مساءكم بكلّ خير , نرحب بكم على متن الخطوط السعودية المتجهة الى باريس....
لم تعُد تسمع شيئًا عقب كلمةِ باريس
التفتت اليه بصدمة
ليتجاهلها تمامًا
قالت بارتجاف
: ليش فرنسا !
لم يجبها
قالت برجاء
: سعود...
قال بهمسٍ حاد
: ما ابي اسمع صوتك
بلعت كلماتها , وصدّت عنه
لتبكي بعيدةً عنه
تبكي فزعةً من بلدٍ لا تعلمُ ما سيحصلُ لها فيه
لتبكيه !
تبكي سعود الذي تفتقده
تبكي خيبتها حينَ أضاعته منها
تبكي حبيبها , الذي دفنَ نفسه في داخله
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الرابعة مساءً
جلست امامَ والدتها وقالت
: نبي نروح لداليا
: روحوا
قالت برجاء
: كلمي عمّتي تصرّف صقر
زفرت , ثم قالت
: صعبة والله , اقول للحرمة صرفي ولدك بناتي جايينكم !
التفتت هديل الى اختها الشاردة
رمتها بعلبةِ المناديل
لتفزّ بانتباه
: وشو !
قالت هديل
: اللي ماخذ عقلك يتهنّى , وين وصلتي
ابتسمت واسترخت في جلستها
: ابد , وش كنتي تقولين
قالت هديل ممتعضة
: احاول فأمي تقول لعمتي تصرف ولدها
قالت رتيل بهدوء
: روحي انتي ما له داعي اروح انا
عقدت هديل حاجبيها
: ماهو انتي اللي قلتي تبين تروحين !
رفعت كتفيها
: احراج نقول للحرمة صرفي ولدك
قالت ام علي
: بتّصل اجس النبض ان فهمت خير على خير ما فهمت ما تروحون
اتّصلت بها وانتظرت لثوانٍ , حتى اتى صوتُ ام صقر
: يا هلا
: شلونك يا ام صقر وش اخبارك , عساكم بخير
: جعلك سالمة كلنا بخير الحمد لله , شلونكم انتم شلونها رتيل
تأفّفت هديل من السلامِ الطويل
دفعتها والدتها وقالت
: والله رتيل زوينة ما عليها , داليا وش اخبارها مع التجهيز ؟
: والله ذي الداليا بتجنّني , يبي لها قلب جديد من حديد ! وانا ما فيني حيل لمناحلتها ودوختها
ابتسمت ام علي
: البنات ودّهم يجونها يساعدونها
قالت ام صقر مبتهجة
: حيّاهم الله , اعز من يجينا والله
: ما تقصرين حبيبتي , بس تدرين يعني رتيل تعبانة شوي وما ودّنا يصير شي يتعبها أكثر
: ابد لا تشيلين هم , والله هي الداخلة وهو الطالع , اجل بقول له صديقات داليا جايينها واطرده هو وعبد الله
: على خير اجل , متى ما حصل لكم بس كلميني ويجونك البنات
توادعتا وأغلقتا الهاتف
لتقفزانِ رتيل وهديل وتعانقانِ ام علي
ابتسمت ام علي وهي تشدّهما اليها
قالت بعدَ ثوانٍ
: طيّب انتوا متى تشوفون فساتينكم ؟
قالت رتيل
: انا تعرفوني ما احب نزلات السوق ابد , يمكن اطلب من الانستقرام
قالت هديل
: يختي ما اثق بشغلهم , احس تطلبينه بشكل ويجيك بشكل ثاني
: ما راح اطلب من اللي يسوون لها طلب من الصين ومن مدري وين , لا في اتيليهات ومعارض هنا في الرياض ندخل صفحاتهم ونشوف وش عندهم ونطلب , وان جانا وما عجبنا ردّيناه
استلقت هديل على ظهرها
: ما لي شغل فيك , انا احب افرفر بالسوق واتمقّل
قرصتها والدتها
: ايه قولي كذا
ضحكت وابتعدت عن والدتها , ثم سألتها
: انتي وش بتلبسين يمّه ؟
: اشوف لطيفة ونتّفق وش نلبس
قالت هديل باستدراك
: صحيح ملاك الكلبة وين غاطّة , قسم ياني مشتاقة لها !
قالت رتيل
: كلميها تروح معانا اذا رحنا لداليا
هزّت رأسها ايجابًا
: ان شالله
قالت ام علي بصدق
: يارب عقبال تركي
أمّنتا , ثم قالت هديل
: ولو ولدك ذا ما ظنّتي وراه زواج , استغفر الله مخّه مخ حمار
نهرتها والدتها
: ووجع يا قليلة الادب
قالت رتيل
: يا ليته يسمعك بس
قالت بفزع
: والله مير ينوّمني في الشارع
انفجرت رتيل ضاحكة
ثم استلقت على ظهرها تتأمّل سقفَ الغرفةِ
بابتسامة !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السادسة مساءً
تعب من طولِ الجلوس , ونهض من مكانه
سارَ حتّى خرج من الشقّة
نادى من مكانه
: تهاني , يا تهاني
فتحت الباب بعجل
: وش فيك ؟
: تعالي ساعديني بطلع
قالت بتردّد
: وفجر ؟
قال بعصيّة
: شدخلني فيها !
خرجت من خلفه وابتسمت في وجه تهاني
: شلونك
ابتسمت تهاني بارتباك
ليصرخ بها
: اخلصي علي
مرّت فجر بجانبه وصعدت الى الأعلى
قبل ان تدخل الى المنزل التفتت متسائلة
: ما في احد صح ؟
هزّت رأسها نفيًا
: بس امّي , ابوي بعد شوي يجي والبنات يمكن يمرّون بالليل
هزّت رأسها ودخلت
والتفتت تهاني الى شقيقها
قالت مؤنبة
: وش فيك انت ! حرام عليك
رفعَ حاجبه الأيمن , ليقول بحدّة
: وش اللي حرام ؟
قالت وهي تسنده
: شوف انت صح اخوي وحبّة عيني وحبيبي , بس ترا فجر اعدها ثالث خواتي , لا تجرحها يا اخي
ابتسمَ بسخرية
: بلاك ما تدرين , اعوذ بالله منها ما تنحمل
قالت بصدمة
: فجر !
: اجل امّي !
: مستحيل , والله تجنّن شحلاتها , صحيح عقب وفاة بندر صارت نفسيّة شوي بس...
قاطعها بحدّة
: تلاحظين انّك تتكلمين عن زوجتي ؟!
أشاحت بنظرها عنه , وصمتت
دخل الى الشقّة , والى المجلس
نهضت والدته وقالت بحنوْ
: هلا امّي
قبّل رأسها وجلس , ليمدّ رجله المصابة بتعب
جلست والدته بجانبه ودلّكتها
: بسم الله عليك يمّه
اقتربت تهاني بالقهوة
: تتقهوى عزيز ؟
هزّ رأسه نفيًا
: سويلي نسكافيه بدون حليب , راسي بينفجر
قالت ام بندر
: ماكل ؟
: لا
: ماهو زين تشرب قهوة بدون اكل ! روحي تهاني حطّي لعزيز وفجر غداهم
قالا في ذاتِ اللحظة
: مو مشتهيـ/ـة
نظرَ اليها بصمت , ثم الى تهاني
: سوي لي ساندوتش جبنة مع النسكافيه , وجيبي لي حبوب راس
ذهبت , وعمّ الصمتُ لدقائقَ طويلة
حتّى دخلَ ابو بندر
ابتسم حينَ رآهما
نهضت فجر لتقبّل رأسه
: شلونك عمي
هزّ رأسه
: بخير يا ابوي
اقترب ليسلّم على ابنه
وجلس أمامه
قال ابو بندر
: شلونكم يبه , عساكم بخير ؟ ان شالله مرتاحين
لم يجيباه
عقد حاجبيه , وازدردت ام بندر ريقها
قال ابو بندر
: شلونكم !
قال عبد العزيز بنبرةٍ لا رحمةَ فيها
: اثنين مو طايقين بعض وين بتكون الراحة بينهم يبه ؟
التفتت اليه بهدوء
صمتت لثوانٍ , ثم ابتسمت
قال ابو بندر بغضب
: وش ذا الكلام
قالت فجر بهدوءٍ تام
: هو صادق والله
نهرها ابو بندر
: انا اخبرك عاقلة وش صار لك ؟!
رفعت كتفيها
: هذاني عاقلة عمّي , لو ماني عاقلة كان قوّمت الدنيا ما قعدتها من الصراخ والعصبيّة , بس ساكتة وهادية
قالت ام بندر بحزن
: بس يا فجر , عمّك راعي ضغط وسكر , لا تغثينه
نهضت من مكانها وقبّلت رأسه
: آسفة عمي
نزلت الى شقّتها وتركتهم
التفتت ام بندر الى ابنها
: ليش بنت الناس تقول كذا يا عزيز , وش مسوّي لها يا يمّه ؟
قال ببرود
: ولا شي , هي مغصوبة وانا شبه مغصوب , واللي يجي بالغصب عمره ما ينصلح
نهض والده ودخل الى غرفته متأسّفًا لحالهما
لم يمضيا اسبوعًا معًا , وهذا حالهما !
شعرَ انّه مخطئٌ في اعطاء عزيز الورقة
جلسَ بتعبٍ على سريره
ربّما خلقَ لابنه وجعًا لن ينجو منه ابدًا
زفرَ واستغفر
لا يملكُ لهما سوى الدعاء
قد تزوّجا وانتهى الأمر !
,
,
فرنسا – باريس
السابعة صباحًا
اقترب السائق مبتهجًا , قال بالانجليزية
: مرحبًا سيدي , سعيد برؤيتك مجدّدًا
ابتسم بهدوء
: مرحبًا مارت , شكرًا لك
أخذ مارت عربة الحقائب منه وسارَ أمامها
ركبوا السيّارة , وسارت قرابة خمسةٍ وأربعين دقيقة
حتّى توقّفا أمام منزلٍ كبير
ضخمٍ وأنيق
أدخل السائق السيارة , لينزلوا منها
قال السائق
: حسنًا تفضّل سيدي , سأتولّى أمر الحقائب
اومأ برأسه بامتنان
ودخل الى المنزل , وهي خلفه لا تفهمُ شيئًا !
اقتربت العاملة واحنت رأسها بلطف
: بونجور مسيو
: اهلًا مادلين
قالت بلطف
: الحمد لله على سلامتك مسيو , كيفون مدام رونا ومدام جوليا , ان شالله مناح !
: الحمد لله بخير
ابتسمت في وجه لين
: مرحبا مدام
أدركت لين انّها من اصلٍ لبناني
قال متسائلًا
: وين ديلا اجل ؟
: ديلا عمّ تحضّر الأوض يلّي فوئ , تفضّل استريح مسيو وهلأ بنجهزلكن الفطور
هزّ رأسه نفيًا
: انا بطلع انام , شوفي المدام وش تبي وطلعيها غرفتها بعدين
هزّت رأسها
: على راسي مسيو
تركها وصعدَ الدرج
لم يكن يشعرُ بالحريقِ الذي اشتعل في روحها
لم تعلم انّها تغارُ من قبل !
للتوِّ أدركت انّ غيرتها مرضٌ يفتكُ بها
التفتت الى العاملة , التي ابتسمت وقالت
: انا مادلين , وفي رفيئتي ديلا , راح نكون بخدمتك وايّ شي بتأمري بنساوي , بتحبّي تفطري ؟
هزّت رأسها نفيًا , ثم قالت ببحة
: بس ابغى مويا
احنت رأسها بلطف
: على عيني
تركتها لثوانٍ , وعادت بكأس الماء
شربت لين , وجلست على الأريكة
قالت متسائلة
: هذا بيت مدام جوليا ؟
: هيدا بيت العَيْلة
بعدَ ثوانٍ نزلت اخرى , واقتربت بابتسامة
: بونجوغ مدام
ابتسمت لين مجاملةً
: مسيو سعود بيئلِّك ايّ شِي بدّك ياه بتعطينا خبر ويصلِك بأسرع وئت
صمتت , وهي تشعرُ بوخزٍ في قلبها
هاتين وسيطتان بينها وبينه الآن !
قالت ديلا
: فيكي تطلعي لأوضتك ازا بتريدي , معلِشِ كنت عمّ جهّزا
نهضت من مكانها
: ودّيني اذا ممكن
أشارت الى الدرج بلطف , لتسير لين أمامها
دخلت الى الغرفة , وقالت ديلا بهدوء
: سيفو بليه مدام , مسيو سعود طلب موبايلِك
التفتت اليها بصدمة
قالت بهدوء
: عفوًا ؟!
زمّت ديلا شفتيها , ثم قالت
: مسيو سعود طلب موبايلك
شعرت انّ الدنيا تهتزّ بقوّة
جلست على السرير لتهدئةِ نفسها
اقتربت ديلا بقلق
: انتي منيحة مدام ؟
هزّت رأسها بهدوء
ثم أشارت الى حقيبتها
: خذي الجوال , وخلّوني انام ما ابي ازعاج
: على عيني
اخذت الهاتفَ وخرجت
كانت غرفةُ سعود ابعدُ غرفةٍ عنها
طرقت ديلا الباب , وسمعت اذنه لدخل
اقتربت منه
: مسيو
رفعَ رأسه اليها , قال
: حطّيه على الطاولة , واتركوني انام
: سيفو بليه مسيو , شو بنحضّر للغدا ؟
: اسألي المدام
قالت محرجة
: حضرتا نامت وطلبت ما نزعجا
زفر , ثم قال
: ما ادري اتّفقوا انتي ومادلين , اي شي يجي منكم حلو
هزّت رأسها , وتراجعت لتخرج
نزلت الى الأسفل ودخلت الى المطبخ
قالت مادلين بالفرنسية
: هل ناما ؟
: قالا انّهما سينامان ولا يريدانِ ازعاجًا
جلست مادلين على الكرسي , وقالت بأسف
: تبدو السيّدة جميلةً ولطيفة , لا اعلمُ لمَ السيّد وضعَ كلّ تلك التعليمات
قالت ديلا
: لا شأنَ لنا بهما , نحنُ ننفّذُ ما يطلبُ منّا فحسب
زفرت مادلين , وصمتت مرغمة
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة مساءً
زفرت وهي ترمي الدفتر
: متخيّلين مو باقي الّا اسبوعين
قالت الأخرى وهي تمسكُ بطنها
: ووجع مو لازم تقولين
رفعت حاجبيها بمكر
: يعنّني متوترة وماني...
قفزت لتعضّ كتفها
لتبتسم رتيل منهما
قالت بعد ان اطالتا شجارهما
: بس يا بزارين , داليا عطشت
قالت داليا
: ما في احد روحي
نهضت من مكانها , وشعورٌ بالحسرةِ يزاولها
هذا منزلها , هنا عاشت وكبرت
تعرفُ ادقّ تفاصيله , وخباياه وحكاياه
نزلت الدرج ودخلت المطبخ
اقتربت من برّادِ الماء لتملأ كأسها
وتجلس لتشرب
شردت في احدِ الزوايا
بعد وقتٍ يسير , شعرت بصوتٍ يقترب من المطبخ
نهضت من مكانها , وقالت بصوتٍ عالٍ
: لا تجي
توقّف , ثمّ قال بشكْ
: رتيل ؟
: ايه
ابتسم بسعادة
: حيّاها الله , شلونك !
ابتسمت
: الحمد لله , ابعد الله لا يهينك بطلع فوق
: يلا طالع
اسرعت الى الباب
ليملأ الباب بطوله الفارع
شهقت وتراجعت
صرخت بفزع
: لا تخرّعني كذا
قال بخفوت
: معليش
وضعت كفّيها على قلبها لتتنفّس الصعداء
سمعَ شقيقه مغتاضًا
: اطلع لا اطلع لك روحك
أغلقَ الباب دون ان يعيره اهتمامًا
اقترب منها لتتراجع بارتباك
قالت برهبة
: بطلع
مدّ كفّه ليمسك بكفّها
قال بهدوء
: روّقي , تعالي
رفعت رأسها اليه بحدّة , وهي ترتجف
: ابعد عنّي
ظلّ ينظرُ اليها , بصمت
عينيه تبتسمان , وتعانقانها بحنوْ
نظرت اليه لثوانٍ , ثمّ شتّتت نظرتها وهي تطلقُ نفسًا مرتجفًا
اقترب اكثر ليقبّل جبينها
ثم ابتعد وقال بخفوت
: اطلعي للبنات
فتح الباب وأشار لعبد الله ان يبتعد
مرّت من خلفه مسرعة , ولم يلتفت اليها
صعدت بسرعةٍ ودخلت الى الغرفة وهي ترتجف
قالت داليا بقلق
: رتيل وش صار ؟
جلست ارضًا , وقالت بارهاق
: هديل كلمي تركي يجينا
قالت داليا بتردّد
: قابلتي صقر ؟
شهقت بخفوت وأغمضت عينيها
قالت هديل
: الحين لنا شهر جايين رايحين ولا شافنا ولا درَا عنّا , قبل العرس باسبوعين يوم كثر الشغل شافك !
قالت داليا مغتاضة
: انتي ما تعرفين تتكلّمين عدل ابد !
تجاهلتها هديل واقتربت من اختها
: رتيل فيك شي ؟ تبين انزل اتوطّى في بطن الشايب !
قالت داليا بانفعال
: حدّك عاد , توصلين للشايب اخربها معك انا , وه جعلني فدا للشايب وشيباته وضريساته وضحكته
قالت هديل بتكشيرة
: من زينه عاد , استغفر الله ما ينبلع
قالت رتيل من بين أسنانها
: هديل
التفتتا اليها , صمتتا لثوانٍ
ثم انفجرتا ضحكًا
احمرّت خجلًا
نهضت من مكانها وهي تهربُ بنظرها عنهما
: خلاص داليا اجل بعد كذا يصير بيننا اتّصال
قالت داليا برجاء
: تكفين لا , رتيل مو باقي شي وانا ما عندي غيركم , يرضيك يعني ! ولا انا ما اهمّك ولا اعني لك شي ؟ اي طبعًا عندك اخت وانتوا لبعض وانا بالطقاق....
قاطعتها رتيل بدهشة
: بس بس بس ووجع , استنزلت الاخت
همّت بالحديث , لتقول رتيل
: اص ولا كلمة انطمي , بعد كذا نتقابل في السوق , او سكايب , غير كذا ما افيدك بشي
عقدت داليا حاجبيها بغضب
تأفّفت رتيل وانحنت لتقبّلها
ثم قالت بصدق
: داليا والله صعب ما اقدر اجي بعد ما شافني اليوم , وبعدين انتي من خطبتك لعلي للحين ما تطبّين بيتنا , ترا حالي من حالك !
ضحكت داليا ساخرة
: بسم الله عليّ وعلى زوجي , قالت حالي من حالك
دفعتها رتيل بغيضٍ ونهضت
بعد قليلٍ رنّ هاتفُ رتيل
أجابته
: هلا تركي , يلا نازلين
أغلقت الهاتف والتفتت اليها
: داليا شوفي لنا طريق
خرجن وداليا تتقدّمهن
أطلّت على شقيقيها في غرفةِ الجلوس , قالت بتحذير
: لا توطوطون هنا , بنات عمّي بيطلعون – نظرت الى صقر بقوّة – سمعت
ابتسم ببرود
أغلقت الباب وقالت
: يلا بنات
ودّعنها وخرجن
لتدخل هي الى غرفةِ الجلوس
اقتربت وجلست بجانبِ صقر
قالت بغيض
: انت ليش دايمًا مفشلني
امسك بشعرها بخفّة
: عيدي ؟
صرخت متأوّهة
: صصقققققر شعريييي
قال عبد الله ساخرًا
: خلها كلّهم شعرتين شلون بتعدّلهم يوم عرسها
تركها ونفضَ كفّه
: يلا انقلعي
قال عبد الله بنصفِ ابتسامةٍ , ماكرة !
: داليا وش رايك تورّينا جهازك
انفجر صقر ضاحكًا وقال
: خبيث انت ياخي
صمتت لثوانٍ تستوعب قصدهما
ثم نهضت من مكانها وقالت بغضب
: قليلين ادب , ابوكم عطاكم خبز ما عطاكم تربية
انفجرا ضحكًا , وخرجت لتتركهما وهي تحترقُ خجلًا
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة مساءً
أوقف السيّارة والتفت اليه
: اصبر الف لك اساعدك
قال بزفرة
: يبه خلني اعتمد على نفسي , ان ظلّيت تساعدني ما استفدنا شي وبرجع اجبّسها وامشي على عكاز
قال والده بقلّة صبر
: طيب اساعدك بالدرج بس , لا تطيح وتضاعف كسرك
نزلَ دون ان يتكلّم
سار بصعوبة , وعرجٍ خفيف
وصلَ الى الدرج وحاولَ الصعود
لكنّه التفت الى والده مستسلمًا
: ساعدني يبه
أسنده والده حتّى الدورِ الثاني
قال متسائلًا
: تدخل بيتك ولّا تطلع فوق ؟
: لا بدخل اريّح , تعّبني حيل الدكتور اليوم
: ما عليه , سمعته يقول انّ جسمك يتجاوب بسرعة ما شالله , كلها فترة قصيرة وترجع تمشي ان شالله
هزّ رأسه ايجابًا
: ان شالله
دخل الى المنزلِ يمشي ببطء
جلسَ في غرفةِ الجلوسِ ومدّد رجله
سمعت صوتًا , وخرجت لتنظر
رأت رجله
رفعت حاجبيها متسائلة
: اشوف فكّوه ؟
قال دونَ ان ينظرَ اليها
: ايه
همهمت
: زين
همّ بالنهوض , لتقول
: عمّتي مرسلة عشا
: مو مشتهي
قالت دونَ اهتمام
: براحتك
نهض الى غرفته واستلقى بتعب
مرّ وقتٌ حتّى دخلت
وأخرجت ملابسها
قال بتساؤل
: كنّك بتطلعين ؟
دونَ ان تلتفت اجابت
: ايه , بروح لبيت اهلي
عقدَ حاجبيه , ثم قال بهدوء
: ما اذكر انّك علمتيني
التفتت اليه وقالت ببرود
: وليش اعلمك ؟
ابتسم ليبدّدَ غضبه
: يقولون زوجك ولازم تستأذنين قبل لا تنقلعين لجهنّم
تجاهلته
ليقول
: مانتي رايحة
قالت ساخرة
: طيّب
انتهت من لبسها , وهمّت بارتداء عباءتها
لينهض من مكانه , ويأخذ العباءة
قال ببطء
: عندك مشكلة في الاستيعاب ؟
قالت بهدوء
: وخّر من قدّامي , ولا تصدّق نفسك بزيادة انّك رجّال....
صفعها بكلِّ غيضه
امسك بشعرها وصرخ بجنون
: ليش تمتهنين كرامتك ؟ ليش تخلّيني اضربك واهينك واعتدي عليك ؟ ليش تستمتعين بالضرب !
ابعدته بقوّة , وظلّت تنظرُ اليه بصمت
اولاها ظهره وهو يتنفّسُ بقوّة
استغفرَ بحدّة واستعاذ من الشيطان
جلس على الاريكة وصمتَ لثوانٍ , ثمّ قال
: فجر لا تطلعيني من طوري , لا تضطريني امد ايدي عليك , انا احتقر نفسي وانا اضرب حرمة سفيهة مثلك , لا تضطرّيني يا بنت الناس , حتّى لو مجبورة , دامك انجبرتي وما بيدك تغيّرين الامر , استسلمي , لأن لو بتحرقين نفسك ما بيتغيّر شي , انتي زوجتي الحين افهمي , ما ابي اضرّك ولا ابي اغلط عليك , ما تحبّيني ؟ قسمًا بالله انّي ما احبك ولا اطيقك , بس ما اتحركش فيك وادوّر سبب عشان اهاوشك , يا بنت الناس اركدي , تراك تعّبتيني وجبتي الشقا لنفسك , انا حتّى ما طلبت منّك شي للحين , اكلك وشربك يوصلك جاهز , ملابسي كلها امّي تغسلها وتكويها , البيت تنزل الخدّامة تنظفه كل يوم , وانا ما تشوفيني من الصبح لذا الوقت في المستشفى , وان جيت للبيت ما لي شغل فيك , ليش تتسبّبين على نفسك ؟!
قالت متأفّفة
: دراما افري وير !
التفت اليها وقد أضاعَ الكلامَ حقًّا
نظرَ اليها طويلًا , حتى انزلقت من شفتيه ضحكةٌ يائسة
أحرق دمعٌ عينيه
وأشاحَ بنظره عنها
أحببتك في حياتك , وأحببتك اكثر في مماتك
يا شقيقي الوحيد
لا اذكُر انّي قد ضايقتك او اوجعتك
لتكتب لي حياةً بائسة ! وتلزمني بها
الفُ رحمةٍ عليك يا اخي
تعال اليّ في حلمي واعتقني ارجوك
سامحني على ذنبٍ لا اعلمه , لتعاقبني بها
التفت اليها , وقال ببحّة
: اطلعي برى
قالت بوجوم
: ماهي غرفتك , حقّي فيها اكبر من حقّك على فكرة
صرخ بجنون
: اطلعي برّى
تراجعت بفزعٍ من صوته
ثم التفتت وخرجت بهدوء
لعنها , ولعن نفسه , ولعن حظّه
استلقى على السرير وغطّى عينيه بكفّيه
وصدره يعلو ويهبط بقوّة
,
,
فرنسا – باريس
الثانية مساءً
جلست في الردهةِ بثوبٍ صيفي , وشعرها ملمومٍ بأكمله , الّا خصلٌ على جانبيّ وجهها
اقتربت ديلا بالعصير
وضعته وابتسمت
: اليوم الجو كتير حلو
التفتت اليها وابتسمت بهدوء
قالت متسائلة
: ما يشوفنا احد من هنا صح ؟
هزّت رأسها نفيًا
: ولو مدام , ما في حدن من هون
التفتت اليها وقالت
: يا ربي يا ديلا , لازم تحطّين حواجز ! ناديني لين
ابتسمت بلطف
: معلِشِ ما بيصير , انتي السّت هون
زفرت , وقالت بخفوت
: اي ست يرحم والديك , محبوسة في ذا البيت لا اطلع ولا اكلّم احد ولا اشوف غيركم انتي ومادلين
صمتت ديلا
التفتت اليها لين بابتسامةٍ هادئة
: خلاص روحي اذا تبين
هزّت رأسها وانصرفت
أنهت عصيرها , ونهضت من مكانها لتأخذ الكوب الى المطبخ
اقتربت وسمعت ضحكته
عقدت حاجبيها وابتسامةٌ خفيفة علت شفتيها
لم تره منذ عدّة ايّام
اقتربت اكثر وسمعته يقول
: لا جد برافو عليك مادلين , لكنتك فرنسية اصلية مع انّك ما كملتي حتّى ثلاث سنين هنا
ابتسمت بلطف
: ميغسي مسيو
تركت ديلا ما بيدها حينَ رأتها
قالت بلطف
: بدّك شي مدام
ازدردت ريقها , وقالت ببحّة
: لا
نظرَ اليها ولم يتكلّم
التفتت لتنظرَ اليه
غارَ قلبها عليهِ كثيرًا
لمَ تستمعُ اذناه الى ضحكهما وحديثهما
لمَ يحبّ اللغةَ الفرنسيّة منهما
لمَ ينظرُ اليهما , ولا يلتفتُ اليها
لم يشرفن على طعامه , ويغسلن ثيابه , ويرتّبن أغراضه
هو ملكها , وليسَ لهن
هو صديقها وحبيبها , وزوجها هي
هي التي تخلّت عن سعادتها معه لتحميه
هي التي عانقته لعامٍ كامل
هي التي احبّته عن العالم بأكمله
بالغيرةِ التي تمكّنت منها , قلّدت ابتسامتهن
احنت رأسها جانبًا وابتسمت في وجهه
ارتجفَ قلبه من ابتسامتها
الا تعلمين انّك فتنتي حتّى وان كنتي تبكين !
الا تعلمين انّك تأسريني دون ان انظرَ اليكِ
دون ان تجمّلي ثوبكِ هذا , لا ان يجمّلك
دون ان تتلوّن شفتيك بلونِ الزهر
ودونَ ان تؤثّر الشمسُ على بشرتك
ثم تبتسمين
لتسلبي لبّ قلبي
لتأخذيني اليكِ رغمًا عنّي
أطالَ النظرَ اليها , ثم اشاح ببصره عنها
لتنكسر نظرتها , ليملأ وجعٌ مقيتٌ روحها
قال بهدوء
: طيّب انا طالع مكتبي , ديلا سوّي لي قهوتي وطلّعيها , مادلين استعجلي بالغدا وحضّريه في الحديقة
هزّتا رأسيهما بلطف , وانصرفتا لعمليهما
مرّ بجانبها دونَ ان ينظرُ اليها
ضغطت على الكأسِ الذي في كفّها بكلِّ قوّتها
حتّى تكسّر لتصرخ وترمي به ارضًا
التفت بفزعٍ من صرختها
واسرعتا ديلا ومادلين بخوف
: شو صار مدام
اقترب لينظر اليها
عصرت كفّها بألم
قال بوجوم
: نظّفوا المكان , وعقّموا ايد المدام
وتركها وصعد الى غرفته
لتجلسَ على ركبتها
وتشدّ على اسنانها لتمنعَ صوتَ نحيبها
مرّت أعوامٍ وهي هاربةٌ الى داخلها
متوشحةٌ بحزنٍ قاتم
لا تستطيع التخلّص منه ابدًا
تمنّت انّ البكاء الذي يجرح وجنتيها
يخلّص قلبها من الوجعِ الراكدِ فيه
سعود , الذي يختزلِ سعادتها كاملةً في ابتسامته
يصدّ عنها
يرديها باكية
يتجاهل كفّها الغارقَ بالدّماء
يتجاهلُ ابتسامتها , التي دعت مخلصةً ان تفتنه !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة مساءً
انزلَ كوبَ القهوةِ وقال ببطء
: نعم ؟!
ابتسم ابتسامةً واسعة , وقال
: وش فيك !
رمقه بنظرةٍ باردة , ثمّ هزّ رأسه باستصغار
: جد بزر
انفجر الآخرُ ضحكًا , ثم قال
: عدال يا الكبير
: صقر انطم
قال بجديّة
: جد والله , طاوعني ما بتندّم
قال بعصبيّة
: انت واعي وش تقول ؟! البنت بيني وبينها عشرين سنة
قال صقر وهو يشير باصبعه
: لا لا وين عشرين , ثمنطعش سنة
قال ذياب وهو يكاد يضربه
: اخذها اربّيها يعني ؟! حرام اضيّع شباب البنت ! حرام عليك بنت عمّك يا رجل
ضحك واعتدل في جلسته
: طاوعني , والله انّها ترجعك عشر سنين ورى , بنت عمّي واعرف طفاقتها , بس والله تناسبك وانت تناسبها , صحيح انت نفسية ومو صاحي بس بتتناسبون , والله تموّت ضحك وهي على فكرة اللي سوّت حيلة وخطّة على قولتها عشان ارجع لأختها , حبّوبة ودمها خفيف وطيبة , طاوعني يا اخوي ما تندّم
صمتَ لدقائق , وحينَ شعرَ انّه اقتنع
نهض من مكانه بانفعال
: لا انت عقلك مو فراسك ابد , رجعتك لرتيل هبلت بك
قال من بين اسنانه
: لا تجيب اسمها على لسانك يا كلب
قال بعناد
: رتيييل
قال صقر بغيض
: ايه واللي بتاخذها هدييل
التفت اليه بحدّة
ثم قال باستدراك
: مرّة قلّك باخذها , انقلع بالله
خرج من المحلِّ مسرعًا
ليبتسم صقر بمكر
ويسترخي في جلسته
مرّت نصفُ ساعة
ليدخل ذياب الى المحلِّ وهو منكّسٌ رأسه
انفجر صقر ضحكًا واعتدل في جلسته
جلسَ أمامه وصمتَ لثوانٍ , ثم قال
: يعني تهقى عادي ؟
قال صقر بصدق
: والله ما فيها شي , ولو مانت اخوي وحبيبي ما قلت لك تعال خذ بنت عمّي , اللي هي بمقام اختي والله وربّيتها مع زوجتي واختي
: طيّب وعلي وتركي !
زفرَ صقر
: شوف هذولا عنادهم عناد حمير , بس هم يعرفونك عدل يعني لو تردّدوا شوي بيوافقون في النهاية
: والبنت !
: البنت عاد تستخير والله يكتب اللي فيه خير , هي صحيح خبله شوي , بس في ذي الامور لا عاقلة وتفكّر الف مرّة
زفرَ , وظلّ صامتًا
قال صقر بمحبّة
: لا تتردّد يا ذياب , تصير عديلي يا شنب
ابتسم ذياب , ثم قالَ بخفوت
: الله كريم
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة مساءً
دارَ في الغرفةِ بجنون
تأفّفت , ثم قالت
: وش فيك
التفت اليها وقال برجاء
: والله بدري والله , انا ما صار لي شهر ملّكت !
استغفرت , ثم قالت
: وخير يعني , قبل شهر ملكت وبعد شهر تعرس
: ليش بدري كذا ! انا بطير ولا بنت الناس بتطير ؟!
: وليش نتأخّر ! انت تشتغل والبنت ما وراها شي , وراه تبينا نطوّل
جلسَ أمامها وقال
: ماني متهيّئ يمّه
قالت بلا مبالاة
: تهيأ ذا الشهر
ضرب جبينه وصمت
قالت بنصفِ نظرة
: احمد ربّك ما خلّيت عرسك لمّا كان عمّك هنا , والله كان ودي يحضر
لم يعد يحتملُ استفزازها
نهض وخرج من الغرفة
قابلَ اروى التي نزلت من الأعلى
قالت بتساؤل
: وش فيك !
قال بنبرةٍ ميّتة
: حدّدوا العرس
زفرت وقالت
: ايه قالت لي جدّتي , شكلك متضايق
هزّ رأسه بضياع
: شلون بتزوج اروى !
نظرت اليه بصمت
لوّح بكفّيه وهو جدّ يشعرُ بالضياع
: من يوم ملكت حست ودوّرت وطلعت برنت اتّصالاتها وعرفت اسماء وعناوين كل اللي تكلمهم , كل يوم اروح اوقف قدّام بيتها بعرف اذا تطلع او لا , احاول امنع نفسي بس ما اقدر , انا فيني جرح ينزف , روحي تصفّت من ذا الجرح , ما اقدر والله , الشك مرض , وانا مريض , انا ما اثق في اي حرمة في العالم , ما هو بيدّي والله , كل حرمة في نظري ناقصة وخاينة وماهي اهل للثقة...
قاطعته بعناقها
عانقته وهي تبكي
شدّت عليه وهي تهتف برجاء
: يا عين ابوي انت , يا روحي يا سلطان يا بيتي واهلي وعزوتي , لا تذبحني من الهم عليك يا اخوي , ماهي كل حرمة يا اخوي والله , ماهي كل حرمة على درب ابليس , الحرمة صبورة وراعية بال طويل , الحرمة اللي تربّي وتحمل وتولد وتشيل مسؤولية , لها صبر على الشهوة وعلى النقص , قليلات والله اللي في درب ابليس , وابتلانا الله فيهم , قول الحمد لله يا سلطان , والله بتموّتني غم عليك يا اخوي , يا اهلي انت , تكفى يا سلطان تعوّذ من الشيطان ولا تتعب نفسك وتشغل بالك
ابتعدت لتنظرَ الى وجهه
الوجهُ الذي عشش فيه الوجعُ وأسقمته الخيبة
قلبه الباكي
ملامحه متعرّجةٌ ببؤس
قبّلت كتفه , وأراحت رأسها اليه
قالت بهمس
: سلطان , ما لي غيرك , قوْ نفسك عشاني , حاول عشان اختك الوحيدة , ان ضعفت انت ضعت انا
جلسَ على الدرج , لتجلسَ بجانبه
أراح رأسه الى رأسها الذي على كتفه
قال بتعب
: انكسر خاطري عليّ وعليك يا اروى , كاسرين ظهري احنا
ابتسمت بحزن
وشدّت على كفّه
: سلّم نفسك لأمر ربّك , حاشاه يضيّع عبده , توكّل على الله واحتسب كل امورك لوجهه سبحانه , ينجيك من نفسك ومن الشيطان , ويصلح لك زوجتك وذرّيتك
ظلّ صامتًا
يتزوّج بعد شهرٍ من الآن !
ايّ جنونٍ هذا !
,
,
الى الملتقى



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 07-05-15, 07:38 PM   #78

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


*
الى صغيري " علي "
مالئ قلبي وروحي وعيناي
طفلي الذي لم أنجبه , الذي أبصر النور منذُ ثلاثةَ عشرةَ يومًا
الى قطعتيّ قلبي , علي الحبيب , ووالدته
احبّكما كثيرًا
*

بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الخمسون

,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
تفحّصت نفسها أمام المرآة
ثمّ نادت
: هديــل
مرّت ثوانٍ لتدخلَ هديل الى الغرفة
قالت بانبهار
: الله !
حكّت رأسها بغيرِ اقتناع
: حاسّته اوفر
نهترها هديل
: وين الاوفر فيه ؟! وبعدين انتي راعية العرس العريس اخوك والعروس اختك , لا قوّة الا بالله رتيل يجنن يجنن
جاءهما صوتُ ام علي قبل ان تدخل الغرفة
: رجعتوا يا بنات...
دخلت الى الغرفة , وصمتت حين رأت رتيل
ابتسمت رتيل
: وش رايك يمّه
ارتخت ملامح ام علي وابتسمت بحنوْ
: يا روحي انتي , يجنن بسم الله عليك
زفرت براحة
: خلاص اعتمد ؟
اقتربت ام علي لتتفقّدها
ثم قالت
: بس يبيله زم من عند الصدر , من النحف ما عاد يقعد عليك شي
قالت بصدمة
: ماني نحيفة يمه
قالت ام علي ساخرة
: ايه ما تدخلين من الباب اصلًا
زفرت هديل زفرةً طويلة واستلقت على السرير
: باقي اسبوع
ضحكت ام علي رغمًا عنها
: والله لو انّك العروس ما حسبتي كذا
ضحكتا رتيل وهديل , لتقول رتيل
: اصلًا داليا ما تعرف الايّام وش هي , ما تبي ترتبك , تقول لا تعلموني الّا صباح العرس
ضحكت ام علي , ثم التفتت الى هديل
: ما ورّيتيني فستانك
تأفّفت
: باقي ما خلّص
جاء صوتُ تركي مستعجلًا , ثم دخل الى الغرفة
رفعَ احدَ حاجبيه وصفّر اعجابًا
ابتسمت رتيل بخجل
ليقول بمحبّة
: ما بقّيتي للشيون شي
رفسته هديل لينفجر ضحكًا
: الحين انا قلت هديل !
قالت بغيض
: ما يحتاج طالعين من نفس البطن اعرف خباثتك
تجاهلها وقال
: وتقولون ليش تفّرق بين رتيل وهديل , ياخي تفرض احترامها شوفي كمّ ثوبها كيف معطيها هيبة
قفزت هديل مندفعة
: حتى انا والله كمْ
قالت ام علي ساخرة
: هيبة اجل ؟ توكّل بس
ضحك , ثم قال باستدراك
: جبت التوزيعات اللي سويتيها , والكروت
هزّت رأسها ببعضِ الراحة
: الحمد لله
,
,
فرنسا – باريس
الرابعة مساءً
قالت ديلا بمحاولة
: مدام بترجّاكِي تؤومي تاكلي , لك يا عمّي لا فطرتي ولا تغدّيتي !
هزّت رأسها نفيًا
: قلت لك بستنى سعود
زفرت ديلا وابتعدت , وحينها فتح الباب
قالت ديلا بزفرةٍ مرتاحة
: واخيرًا
عقد حاجبيه
: وش صاير ؟!
اشارت ديلا ناحية لين
: المدام ما اكلت شي من الصبح , ناطرتك تتاكلوا سوى
رفعَ احد حاجبيه , لم يلتفت اليها
قال بهدوء
: انا بطلعْ ابدّل وانزل عندي غدا عمل
تراخى كتفيها بخيبةٍ كبيرة
لم تجتمع معه على مائدةٍ ابدًا
ولم يخرجا معًا
ولم يسمرا معًا
نهضت من مكانها
وقالت بنبرةٍ مرتجفة
: ارمي اللي طبختيه بالزبالة , ما ابي شي
لم يعلّق
سارت من امامه وصعدت الدرج مسرعة
غصّةٌ القمها ايّاها سعود
كانت لتتحمّل ضربًا وشتمًا ومنعًا من ايّ شي
عداه !
لم تتوقّع ان يعاقبها به
ان تجني على نفسها لتحرِمها منه
رمَت بجسدها الهزيلِ على سريرها
صمتت لثوانٍ طويلة , وهي تنظرُ الى الفراغِ ببؤس
قبل ان تنفجر ببكائها المر
لم تعد تحتمل !
شهرٌ واسبوع
لم ترى سوى الخادمتين , وهو , وفي بعضِ الصدف السائق
مُنعت من الهاتفِ منعًا باتًّا
لم يتحدّث اليها سعود ابدًا
لم يشاركها احدٌ طعامها ابدًا
حُرمت الحياة !
تشتاقُ الى والدتها كثيرًا
الى اخوتها
الى لمى
الى سعود !
تحنُّ الى حبيبها الذي تعرف
تشتاقُ لأن تعيش , لا ان تدفن في قصرِ سعود البارد
الموحش !
نهضت من مكانها تترنّح
ونزلت الدرج
رأتها الخادمتين وفزعتا من بكائها ومشيتها غيرِ المتوازنة
تبعتاها , لترفعَ الهاتف
اسرعت ديلا وامسكت به
: سيفو بليه مدام
صرخت بها بجنون
: ابعدي من قدّامي
لم تتغيّر ملامحُ ديلا
عقدت مادلين حاجبيها وهي توشكُ على البكاء
اقتربت مادلين ومسحت على كتفها
: مدام هدّي شوي
صرخت بانهيار
: ابي اكلّم امّي اتركيني
قالت ديلا بحزم
: ما بئدر
جاء صوتُ سعود بدهشة
: وش فيه !
التفتتا اليه الخادمتين بفزع
ولم ترفع لين رأسها اليه
قالت ديلا باعتذار
: باردون مسيو , المدام بدّا تحاكي والدتا
بهدوءٍ تامْ أخرج هاتفه واجرى اتّصالًا
مرّت ثوانٍ , ليقول بهدوء
: السلام عليكم , شلونك يا عمّة
رفعت رأسها اليه بصدمة
تابع بهدوئه
: الحمد لله بخير , هذه هي تبي تكلمك
مدّ بالهاتفِ الى ديلا , لتأخذه الى لين
تلقفته لين وهتفت بلهفة
: يمّه , شلونك يمه اشتقت لك , اشتقت لك كثير والله , شلونك شلون خالد شلون فيصل شلون بندر
قالت والدتها بحنوْ
: يا روح امّك كلنا بخير الحمد لله , شلونك انتي ان شالله مرتاحة يا عيني ؟
انهارت بالبكاء , لتقول ببحّةٍ عميقة
: مرتاحة حيل يمّه , حيييل مرتاحة
صمتت لثوانٍ , ثم صرخت بجنون وهي تنحني بوجع
: مرتاحة لأبعد حد , ما تتخيّلين شكثر بنتك الوحيدة مرتاحة يمممه , ما تتخيّلين ابد راحتي وسعادتي وراحة بالي
دفعت تحفةً زجاجيّةً كبيرة وصرخت
: انا مرتاحة يا امّي , مرتاااحة
ظلّ سعود ينظرُ اليها بصمتٍ تام
والخادمتان ابتعدتا بفزع
صمتت امّها واغمضت عينيها بحسرةٍ عليها
قد اخبرها سعود بكلِّ شيء
تعلم ما تعانيه وحيدتها
لكنّها استحقت العقوبة !
قالت ام خالد بخفوت
: بسم الله عليك , هدّي يمه , هدي يا عيون امّك , بكرة تطلع الشمس وتروح الظلمة , صح ؟
جلست ارضًا , وقالت بتعب وهي تتكئ الى الأريكة
: ما طلعت يمه , انتظرتها كثير
اشار سعود الى الخادمتين لتنصرفان
وظلّ هو ينظرُ اليها
روحُه موجوعةٌ على روحِه !
قطعةُ قلبه الخارجةُ منه تتلوّى بكاءً وحسرة
وهو ينظرُ اليها بصمت
ودّ لو يقترب ليعانقها ويهدّأها
لكنّه ظلّ ينظرُ اليها بصمت
ولا يعلمُ لمَ
هل يخاف من عينيها اللائمة ؟
ام انّه لم يعاقبها بشكلٍ كافٍ بعد !
قالت ام خالد بعطفٍ كبير
: بتطلع يا امّي انتي , بتطلع وبيفتح الورد وبيغني الطير , ويتزيّن الكيك بالفراولة والتوت , وبالكريمة البيضا اللي تحبّيها , بتضحك الدنيا يا لين
ابتسمت بحسرة , لم تتوقّف والدتها يومًا عن ارضائها بهذه الكلمات
حتى عندما كبرت !
قالت بخفوت
: متى ؟
قالت والدتها بعد ان زفرت بصبر
: لمّا ربّي يكتب يا امّي , ربّي حبيبي اللي يحبنا وكل امره خير لنا
صمتت , لتتابع والدتها
: امّي انتي , صحيح سعود زوجك وحبيبك , وصحيح يبي يعاقبك ومن حقّه , لكن لا تنهارين قدّامه ولا تبكين , انتي بعيدة ووحيدة يا لين , لا تضعفين قدّام سعود , وافهمي انّي ما اقوّيك عليه لا والله , انا معه في زعله , اعتذري وبيّني له ندمك , لكن بكيك وانهيارك وضعفك لا يشوفه , ابد لا يشوفه يا حبيبتي
قالت بخفوت
: ان شالله
قالت والدتها
: يلا يمّه , امّنتك الله , استودعك الله يا قلب امّك وعيونها , الله يحفظك يا ماما
قالت وهي توشكُ على البكاءِ من جديد
: سلمي على اخواني , مع السلامة ماما
اغلقت الهاتف , ووضعته على الطاولة
ظلّت على حالها لدقائق
ثمّ نهضت ببطء
مرّت بجانبه دونَ ان تنظرَ اليه
وصعدت الى غرفتها
زفرَ بحدّة
وجلس على الأريكةِ بأعصابٍ متلفة
سيضعفُ لا محالةٍ أمامها !
الحبّ الذي في عينيها يجعله يهربُ من نفسه
نظرتها التي تعشقه الفَ مرّة
تضعفه الف مرّة !
الى متى يا لين
متى سينتهي هذا الأمرُ المرهق !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الواحدة مساءً
لفّت ذراعيها على رقبته وقالت بدلال
: ابيك انت تودّيني
ابتسم وهو يحيط جسدها بذراعيه
قال ببطء
: ما اقدر
مدّت شفتيها بدلال
: عيل ماني رايحة
رفعَ احدَ حاجبيه
ثم قال باستفزاز
: اوكي براحتك , في النهاية انا عندي حرمتين , تحضر وحدة وتفي بالغرض
ابتعدت عنه بغضب
: شنو يعني تفي بالغرض
ابتسمت ببرود
: وش فيك ؟ مو قلتي مانتي رايحة ؟
ضربت الأرض وقالت
: الواحد ما يتغشمر يعني ؟
هزّ رأسه نفيًا
: لا ما يتشغمر
ضحكت رغمًا عنها , ثم قالت
: ابيك تيي معاي عشان تشوف النفنوف
قال بصدق
: مها جد مشغول لراسي , عرس داليا نهاية الاسبوع والمعرس ولد عمّي , يعني مشغول من الجهتين , عندك السواق وروحي مع بنات عمّك , واذا تبين رايي يعني ارسلي لي الصورة قبل لا تشترين
صمتت لثوانٍ
ثم قالت بغيرةٍ تحرقها
: رحت معاها ؟!
التفت اليها باستغراب
: من هي !
قالت ببحّة
: زوجتك
: وين اروح ؟
قالت بعصبيّة
: لمّا شرت نفنوفها
صمتَ لثوانٍ طويلة , ثم ضحك وهي يشيحُ ببصره عنها
قال بلا تصديق
: وش في مخّك انتي ؟ اقول لك مشغول اوّلًا , ثانيًا انتي تدرين ان رتيل ما تكلمني ولا تقابلني ابدًا
قالت بصدق
: ان شالله عمرها ما تكلمك
نهرها بغضب
: مـهـا !
بعصبيّةٍ صدّت عنه , ليصرخ بها
: جد ما ادري وش اقول , لأي مرحلة وصلتي بالبزرنة ؟ تبيني اعوقك الحين !
تركها وخرج من المنزل غاضبًا
وداخله خائفٌ من دعوتها !
قادَ سيّارته مسرعًا , حتى هدأت انفاسه
وتراخى جسده بهدوء
أخرج هاتفه واتّصل
ردّ الآخر بعد ثوانٍ
: هلا
قال صقر
: وينك ؟
: في البيت
: طيّب انا جايك
: حياك
مرّت دقائق ليصلَ اليه
رنّ عليه ليخرج
نزلَ وصافحه
قال ذياب
: وش فيه وجهك مصفوق
هزّ رأسه نفيًا
: من الشمس , خذ ذا كرت اهلك
أخذه وتمتم
: الله يتمّم على خير
قال صقر يذكّره
: نبّههم يشوفون البنت ماهو تنسى
ضحك ذياب بسخرية
: ياخي احس حماسك ما له داعي
قال صقر محذرًا
: ذياب لا تخليني اسدحك قدام السيارة الحين , ما لك دخل
هزّ رأسه
: طيّب يا الخطّابة نشوف
تجاهله صقر وانطلق بسيّارته
وصلَ الى منزلِ عائلته ودخل
قبّل رأس والدته وقال
: اجل وين داليا ؟
: في المستشفى
عقد حاجبيه
: وش صاير ؟!
: مو صاير شي ! دوامها عادي
جلس وقال بذهول
: مو اجّزوا ؟
هزّت رأسها بقلّة حيلة
: قاعدة تروح تتفرّج بس , تقول ما تبي تفكّر بتشغل نفسها , عاد تدري انها ما تعرف التواريخ وتقول لا تعلموني الا صباحية العرس
ضحك وهو يرتاح في جلسته
قالت والدته
: عقبال افرح بعبد الله
قال صقر مبتسمًا
: انا الكبير ترى , ادعيلي قبله
قالت والدته بهجوم
: عندك ثنتين وش تبي بعد !
انفجر ضاحكًا , ثم قال
: عادي الشرع محلّل اربع , وبعدين انا اللي معاي وحدة , والثانية ميبسة مخها
زفرت والدته
: الله يهديها , اللي سوّيته فيها ماهو قليل يا صقر
قال هامسًا , دونَ ان تسمعه
: واللي صار فيني ماهو قليل
مرّ الوقتُ سريعًا
ليدخل عبد الله , وداليا خلفه
قبّلت والدتها والتفتت الى صقر
حيّته بحاجبيها , ليشير اليها
: تعالي هنا
قالت بتعب
: بطلع ابدّل
: تعالي شوي
اقتربت وجلست بجانبه
احاط جسدها الصغير بذارعه وشدّها اليه
قبّل رأسها وقال
: شلونك ؟
زفرت
: الحمد لله
قال مبتسمًا
: داليا حبيبي ما ىيسوى عليك كل هالخوف والرجفة...
اكملت والدته عنه
: وما تاكل وما تنام وكل شوي تستفرغ من الخوف
ابتسم وشدّها اليه
قال بخفوت
: نهوّن ؟ ما يهمني احد ترى غير سعادتك , علي الله يسهل له
أغمضت عينيها وشدّت عليهما
قال بحنوْ
: يا عيني يوم فرحتك اللي بيجي , يومك لحالك كلّنا بنفرح فيه لك وكلّنا مشغولين ونركض من هنا ومن هنا عشانك , والناس اللي بتحضر كلها عشانك , الفرح والضحك والسعادة , كلّها لك في ذاك اليوم , يوم عمرك يا داليا , حرفيًا يوم عمرك , استغلّي ايّامك الاخيرة بالهدوء والاسترخاء والضحك والجلسة معانا , ويجي يومك ونفرح ونرقص ونغني , وتكملين حياتك بسعادة , حياتك هذه ما بتنتهي داليتي , احنا وبيتنا وصديقاتك , كل شي بيستمر , مع اضافة حلوة ومهمّة , بيجي يضيف لحياتك ويسعدك ماهو يلغيها , يشاركك حياته وقراراته وسعادته وضحكته واكله وشربه – همس بمرح – وقروشه , وانتي تعرفين علي عدل , ولو ما نعرفه عدل ما نعطيه اختنا الوحيدة , يا روح اخوك لا تقلقينا عليك , نبيك مستانسة في ايّامك الأخيرة قبل الزواج , ولآخر العمر نبيك تضحكين وتفرحين
ظلّت صامتة
قبّل جبينها
: قومي بدّلي وانزلي نتغدى , ولا شرايك اعزمك اليوم ؟
قالت بهدوء
: ما اشتهي
قال يعاتبها
: لي ساعة وش اقول انا ؟! قومي يلا بدلي ونطلع انا وانتي
قبل ان ترفض , قال
: والله بزعل ان ما قمتي
نهضت بزفرة , وصعدت الى غرفتها
قال عبد الله
: والله بفقدها , من الحين فاقدها اصلًا !
قال صقر مبتسمًا
: حبيبتي , يلا عقبالك وتنسى داليا
التفت الى والدته , ليقول بنبرةٍ مضحكة
: والله صارلي سنين ابي اتزوّج , وعيّوا بعض الناس
ضحك صقر بدهشة
: ليه عيّت !
: حجّتها تبي داليا تتزوّج , بس بالحقيقة كانت تنتظر رجعتك
ازدرد صقر ريقه
وقال مبتسمًا بضيق
: ولو ما رجعت ؟
شهقت والدته
: بسم الله عليك !
ابتسم ولم يجب
كم يشعرُ بثقلٍ على قلبه !
لم تكن حياته فقط التي توقّفت
بل عائلته ايضًا !
,
,


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 07-05-15, 07:40 PM   #79

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


المملكة العربية السعودية – الرياض
الثالثة مساءً
اعتدل في جلسته وحرّك ساقه
اصبح متمكّنًا منها نوعًا ما
نهض من مكانه وتمشّى في المنزل
ثم دخل الى غرفته
ليراها برداء الحمّام , الذي يصلُ الى نصف ساقها
ولا يغطّي ذراعيها
وشعرها مبلول
صدّ عنها وهو يزدرد ريقه
تسفزّه بأنوثتها
رغمَ قبحِ أخلاقها
رغمَ طولِ لسانها
رغم وقاحتها !
لها عينانِ بلونِ الفحمِ
بلونِ اللّيل المظلم
لها شعرٌ حالكُ السواد
وبشرةٌ ناصعةُ البياض
ايّ مدٍّ وجزرٍ يعيشهُ حينَ يراها
اي حرمةٍ يحبسُ نفسه فيها , خوفًا من النظرِ اليها
قالت بارتجافٍ تخفيه
: بلبس
عضّ على أسنانه , وقال بقسوةٍ على نفسه
وببرود
: البسي
قالت برهبة
: اطلع
استلقى على السرير وهو يقولُ بلا مبالاة
: ماني طالع
نهضت من مكانها وهي تجمعُ ثيابها
مرّ اسبوعٌ على شجارهما , ولم يحتكّا ببعضهما بعدها
اجترّ الأحرف عنوةً , ليقول بنبرةٍ ميّتة
: فجر
التفتت اليه بصمت
قال ببحةٍ تجرحُ حنجرته
: اجهزي الليلة
جفلت , قالت برهبة
: لإيش ؟
اعتدل في جلسته
قال وقد بدأ يغضب من شدّة توتّره
: لإيش يعني ؟ انتي زوجتي اذا ناسية , لي عليك حقوق
شعرَ بحماقةِ ما قاله
قالت بغضبٍ وهي تتراجع
: انسى , تفهم وش يعني انسى ! بذبحك واذبح نفسي قبل لا تلمسني
صرخ بها
: لا تحسّسيني ميّت عليك , بس ذا الموجود , اسم انّك زوجة وعندي في البيت , مع الاسف ما في غيرك اقدر...
قاطعته
: لو تموت , لو تممموووت
هدّأ نفسه , وقال بهدوء
: جاك العلم
قبل ان تصرخ مجدّدًا
قال
: اطلعي وسكري الباب بنام , لا تصدّعيني من الحين
قالت بحدّةٍ مبحوحة
: ما بتلقاني اصلًا
تجاهلها لتخرجَ من الغرفةِ بجنون
فتحَ عينيه
آسف يا فجر , آسفٌ يا بندر
لم أشأ ان يحصل هذا يومًا !
لكنّه يحصلُ دونَ ارادتي
لم اكُن لأرغب بزوجةِ اخي
وصيةُ بندر يا فجر
لستُ املكُ لها من الأمرِ شيئًا
أغمضَ عينيه وزفرَ
وفي داخله تمنٍّ , ان لا يأتيّ الليل ابدًا !
,
,
فرنسا – باريس
السادسة مساءً
اقترب من المطبخ
ليسمع مادلين غاضبة
: لا يحق لكما ابدًا
قالت ديلا بهدوء
: حاسبي السيّد , انا عبدٌ مأمور
: لو لم تساعديه ما كان ليصلَ الى هذا الحد , قد تقطّع قلبي على حالها !
التفتت اليها بحدّة
: اصمتي قبل ان يسمعك ويطردك من عملك , بمَ ستفيدك السيدة حينها ؟!
قالت بحدّةٍ أكبر
: ستفيدني كلمةُ الحق
حمحم ودخل , لتعتدلان في وقفتهما
نظرَ الى مادلين بصمت
لتصدّ عنه وحاجبيها معقودان
لكزتها ديلا , ثم قالت بلطف
: عايز شي مسيو ؟
قال بهدوء
: تطمنتوا على المدام ؟
قالت مادلين بنبرةٍ جافّة
: الباب مسكّر ما بدّا تشوف حدّا , وما عم تردْ علينا
: خذي المفتاح السبير وادخلي تطمّني عليها , وطلعي لها اكل وعصير برتقال , ما اكلت شي اليوم
قبل ان يخرج , التفت وقال مبتسمًا
: شكرًا على اهتمامك مادلين , ما يزعلني هالشي , طمّني على زوجتي اكثر
وخرج
قالت ديلا
: يخرب عئلاتك منيح اللي وئعتي بايد مسيو سعود مو حدن غيرو
تجاهلتها , وهي تعدُّ طعام لين
بكثيرٍ من الحزنِ على حالها
ترى مالذي فعلته تلك الناعمة ليعاقبها بهذه القسوة
ليتركها الى الوحدة , وبسخاءٍ شديد يعطيها الجفاء !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة مساءً
نزلَ من شقّة اهله
ودخل الى منزله
أقفل الباب باحكام , ورفعَ المفتاح
ثم اتّجه الى غرفته
دخل ولم يجدها
سمعَ صوتًا من الحمّام
والتفت اليه
اقترب وطرق الباب
شهقت , ليعضّ شفته السفلى
قال بهدوء
: اطلعي , بدخل الحمام
قالت بحدّة
: ادخل حمام اهلك
ضحك بنفسٍ مسدودة , ثم قال
: قفلوا الباب وناموا خلاص
: ماني فاتحة الباب
تأفّف
: فجر بلا بزرنة , لا تخلّيني اكسر الباب على راسك
مرّت ثوانٍ لتفتحه
كان انفها احمرًا
قالت بحدّة
: ابعد من قدّامي
ابتسم وابتعد عن طريقها
خرجت مسرعةً الى الغرفة
ودخل هو ليغسل وجهه ويديه بماءٍ بارد
خرج بعد دقائق ودخل الى الغرفة
همّت بالخروج منها
ليغلق الباب
ويخرج المفتاح من جيبه ويقفله , ويأخذ المفتاح !
قالت من بين اسنانها
: لا تعاملني بهالطريقة , افتح الباب بطلع
جلس على السرير
: لا تتعبيني معاك
التفتت اليه , لتقول بصوتٍ يؤلمها من حبسها لبكائها
: ما ابيك , بذبح نفسي ان قربت مني , ما عندك كرامة تقرّب من حرمة ما تبيك ؟!
رفعَ رأسه اليها وابتسم بهدوء
صرخت بجنون
: افهم ما ابيك ما ابييك – صمتت تفكّر في اي كلمةٍ أخرى , ثم قالت بحدّة – انا زوجة بندر , انا حبيبة بندر , ما اسمح لغيره يلمسني
رمش ببطء , ولم تَزُل ابتسامته
وقلبه يتقطّع الف مرّة في كل كلمةٍ تقولها
نهض من مكانه واقترب منها
لتشهق بانهيار
وضع كفّه على جبينها , وذراعه الأخرى تمسك بها
قال بخفوت
: اللهم انّي اسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه , واعوذ بك من شرها وشر ما جبلت له
قرّبها اليه , لتهتف برجاء
: تكفى عبد العزيز لا
قال بخفوت
: انا اسف
جلس على السرير وسحبها الى جانبه
ليقول بخفوت , وداخله يحترق
: اللهم جنبنا الشيطان , وجنب الشيطان ما رزقتنا
انا ارفضُ الأمرَ أكثرَ منكِ يا فجر
انا امقتُ الأمر
انا مجبرٌ على الأقل مثلكِ !
كم اشعرُ بضعفٍ مخزٍ
وامرأة ضعيفة ترجوني
واعجز عن اجابة رجائها
روحي تبكي يا فجر
بكاؤكِ يصهر قلبي
يحيلني الى موتٍ بطيء
لا تلوميني , عاتبي بندر
هو من أمر باعدامي واعدامك
هو من كتب أمر قتلي وقتلك
هو من رما بي وبكِ الى غياهب الوجع المستديم
سآخذُ منكِ طفلًا فقط , ولن اقترب بعدها ابدًا
لن ابكيكِ مرّةً أخرى
رغم قبحكِ وبذاءتكِ
أعطيني طفلًا فقط , وسأعمي قلبي وعيني عنكِ
طفلًا أراده بندر
طفلًا غيرُ موجود , قتلني بندر واياكِ من أجله !
أنينيكِ يفطر قلبي , امرأةٌ تبكي
يعني موتًا يا فجر
امرأة تستغيث
يعني طعنًا لرجولتي
ها قد عاقبني أخي كما يجب
ها قد أدمى روحي كما أستحق
قد أرتاح الآن من ذنبٍ أثقل كاهلي لعمرٍ طويل
وأتمرّغ في ذنبٍ آخر !
قد أرتاح من ذنبِ موتِ بندر
لكنّي احملُ خطيئةَ زواجي من امرأةٍ كانت له
الى متى ستظلُّ توجعني يا اخي الوحيد !
لم تكن قد آذيتني ابدًا في حياتك
فلمَ اذًا في مماتك !
,
,
فرنسا – باريس
السابعة صباحًا
مرّ يومان لم تخرج من غرفتها ابدًا
ولم تأكل أبدًا !
كانت تشرب الماء فقط
غسلت وجهها جيّدًا
وبدّلت ملابسها
خرجت من الغرفة وهي تسيرُ بتعب
نزلت الى الأسفل , لتسرع اليها مادلين
: مدام ! الحمد لله انّك منيحة
ابتسمت بهدوء
: فورًا بحضّر لك فطورك
: وين سعود ؟
: المسيو بمكتبو , فائ ئبلك بشوي
هزّت رأسها وصعدت الى المكتب
اقتربت ديلا وقالت
: شو المدام نزلت ؟
قالت مادلين براحة
: اي
: كيف شفتيا ؟ ان شالله منيحة ؟
هزّت رأسها
: مبين كتير تعبانة , راح حضّرلا شي تاكلو
قالت ديلا متسائلة
: لكان وين راحت !
: طلعت عند المسيو لمكتبو
شهقت ديلا وقالت
: ولِي عليكي يا مادلين ! ما ئال المسيو ما بتفوت لعندو ابدًا !
اسرعت لتلحق بها
,
طرقت الباب بخفّة
لتسمع صوته
: تعالي ديلا
فتحت الباب ودخلت
رفعَ رأسه وصدم
قالت ببحة
: ممكن ادخل ؟
قبل انا يجيبها , جاء صوتُ ديلا
: سيفو بليه مسيو , ما كنت بعرف – التفتت اليها وقالت برجاء – مدام تعي معي تتفطري
قال سعود بهدوء
: معليش ديلا , اطلعي وسكري الباب
هزّت رأسها وخرجت فورًا
قال سعود بجفاء
: نعم
قالت بجديّة
: بتكلّم معاك
: بخصوص ؟!
: مو عاجبني حالي , لاني زوجتك ولاني طليقتك ولاني شي , ليش جايبني هنا ؟!
لم يجبها
تابعت بحزم
: انا لي اهل وكرامة , يا اكون زوجتك زي العالم والخلق , يا ترجعني لأهلي وكان الله يحب المحسنين
قال بحدّة
: انتي لك عين تتكلّمين
قالت بذاتِ حدّته
: اي لي عين اتكلّم , انا مو بهيمة عندك يا سعود , انا زوجتك ولي حقوق وواجبات , تعاملك ما يرضي رب العالمين , ولا يرضي احد
صرخ بها
: اشوفك لمّا تركتيني وشردتي ما قلتي ما يرضي رب العالمين ؟
رفعت سبابتها في وجهه
: انا مملكة عليك , يعني ما لك علي السلطة والتحكّم , ولمّا لقيتني ما سألتني , لا ظلّيت ساكت وجبتني لهالمكان وتركتني وكأنّي كرسي او تحفة عندك
قال بهدوء
: ما تفرقين عنهم كثير , على فكرة لا زلتي مجرّد مملكة علي ومع هذا اهلك بكل سرور قالوا خذها هذه زوجتك...
نظرت اليه بصدمة , وقبل ان تقاطعه قاطعها
: وقبل لا يلعب ابليس في مخّك وتقوليلي كلام تافه , انا ملّكت عليك في ظروف غير المعتادة , وصرتي امانتي , ما كان دخولي عليك هو اللي بيحدّد اذا كنت مسؤول عنّك او لا
احمرّت وجنتيها , وهربت بنظرها عنه
ليتابع بتجاهل
: ومع كذا شلتي نفسك وتركتي البلد بدون اذني , وبدون علمي على الاقل , انتي تركتيني يا لين ! شردتي منّي وخليتيني ادوّر عليك , مشكلتك جاهلة وما تقدّرين اللي تسوينه
قالت بوجع
: ما سألتني ليش !
قال بقسوة
: مو مهم
صرخت ببحة
: مهم , حيل مهم , انا خلعت ولد عمّي اللي خانّي , ابوي مات بحسرته لما اخوانه رخّصوا فيني وامتهنوا عرضي وشرفي بكلامهم , بغوا يجبروني على سافل سكّير عربيد زير نساء , ولما رفضت لفّقوا لاخواني تهمة وسجنوهم ثلاثتهم , وفي ليلة قالت امّي بكرة تشردين , عطتني فلوس ما تكفيني شهر , كانت كل اللي معاها , شردت لبريطانيا وبس امي اللي تدري , شردت من فضيحة ما تعنيني , شردت من تدنيسهم لأسم ابوي اللي كان مصلّي مسمّي يخاف ربّه , شردت من قلّة حيلة اخواني , شردت من ظلم عمامي , جيت للندن خايفة وبردانة وجوعانة , ولقيتك بعد ما لملمت جزء منّي , لقيتك ولقيت كل الضايع منّي , حبّيتك بكل قهري ووحدتي وخوفي وبكاي , حبّيتك بشوقي لأمي واخواني , حبّيتك بحنيني لديرتي , حبّيتك بافتقادي لأبوي , شفت فيك كل الدنيا وكل حياتي , ما كنت لي بس زوج , كنت الحياة اللي شردت منها , لقيتك الدنيا اللي بعيشها بدون ما اكون خايفة , بدون ما اشيل هم بكرة , وصحيت من حياتي معاك على جلطة امّي , وانت تعرف وش يعني امـــي يا سعود , لأن عندك امّين مو وحدة , كان لازم اختار بين امّي , وبين سعادتي ونفسي , وجيت لخيار ثاني , يا اختار سعادتي , يا اختارك , واخترتك
عقد حاجبيه واطلق زفرةُ ساخرة
لتتابع
: اخترت احميك وابقيك بعيد , رجعت لأمّي , واليوم الثاني على طول عمامي جوا لبيتنا , بغوا يذبحوني وصار خالد بدالي , خالد دخل غيبوبة شهرين من رصاصة بكليته , بغى يموت اخوي وربّي نجّاه , وقبلها مات ابوي , تتوقّع كنت بضحّي فيك ! كنت بحطّك قدّام عمامي واقول ذا زوجي ؟! اللي بيفهمونها انّ هذا اللي شردت معاه وهذا اللي كنت عنده , ما كنت برضى تتأذّى شعره منّك , وكان عادي عندي ابكي عليك كل يوم واشتاق لك كل يوم...
قاطعها بحدّة
: ماهو عذر لك , ماهو من حقّك تقرّرين بدالي ابدًا
قالت بتعب
: بس انا قرّرت وانتهى الموضوع وعدّى , وانت لقيتني ورجّعتني
ظلّا صامتين لدقائق
قبل ان تقول
: انا ما اتقبّل وضعي ذا معاك , واحد من اثنين يا سعود , يا نعيش مثل الخلق , يا ردني لأهلي
صدّ عنها وقال بوجوم
: اطلعي وسكري الباب
: بتفكّر بكلامي , وغالبًا برجع لأهي
خرجت وأغلقت الباب بحدّة
ليجلس على مقعده بارهاقٍ من حكايتها
انتزعت قلبه وأخذته معها بخروجها !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحاديةَ عشرةَ وثلاثون دقيقة صباحًا
كانت تضع حاجياتها في حقيبتها وتجري اتّصالًا
مرّت ثوانٍ
حتّى أتى الصوتُ خافتًا
: الو
صرخت بها بغيض
: ووجع كم مرّة اتصلت ليش ما تردّين
لم تجبها
تأفّفت , ثم قالت
: وش قاعد تسوين ؟
قالت بارتجاف
: ولا شي قاعدة بغرفتي
استغفرت بحدّة وقالت
: انتي تدرين وش اليوم ولا مضيّعة ؟! وش تسوين بغرفتك بفهم !
: وش تبيني اسوّي يعني ؟
: قومي تروّشي واسترخي في البانيو , حطّي ماسك لشعرك ووجهك , واذا خلّصتي كلميني , احنا بناخذ اغراضنا ونروح للصالة الحين
قالت بخفوت
: اوكي
أغلقت الهاتف ونزلت الى الأسفل
: يمه خلصت
قالت ام علي
: كلمي علي ولّا تركي شوفي وينهم , وش هالبرود ياربّي واحد منهم يجي ياخذنا عاد
قبّلت هديل وجنة والدتها بقوّة
: عيوشتي روقي وش فيك مشتطة كذا
أبعدتها عنها بتأفّف
انزلت رتيل الهاتف
: تركي ما يرد...
حينها دخل تركي الى المنزل
: يلا يمّه ؟
نهضت من مكانها
: يلا حبيبي طلع الشنطة هذه , اخوك وين ؟
: اخوي بالمطبخ يشوف اذا ناقصهم شي ولا شي
ركبوا السيّارة
ليوصلهم الى الصالة
قال قبل ان ينزلن
: من بيودّيكم المشغل ؟
قالت هديل
: المشغل هو اللي بيجينا
: يكون احسن , يلا انزلوا , وتكفين يمّه اذا في شي من الحين قولي بعد شوي محد فاضي يجيكم
صمتت لثوانٍ
ثم قالت
: لا ان شالله ماحنّا محتاجين شي , يلا حبيبي الله معاك
دخلن الى الصالة , ليجدن العاملات قد أتين أيضًا
ابتسمت ام علي براحة
: الحمد لله ذولا جايين , هديل كلمي ملاك
,
الواحدة وخمسٌ وأربعون دقيقة مساءً
دخلت ام صقر الى غرفتها
قالت بحنوْ
: داليا
نظرت اليها بهدوء
قالت والدتها
: شلونك يمه ؟
قالت بهدوء
: الحمد لله
: طيب قومي غسلي وجهك , اسويلك شي تاكلينه ؟
هزّت رأسها نفيًا
: ما اشتهي
ليفتح الباب , ويطلّ برأسه مبتسمًا
: ماهو على كيفك , جايب لك ماك وباسكن , من قدّك !
ابتسمت , وغرقت عينيها دمعًا
اقترب منها ليعانقها , وقال بحنوْ
: يلا فرغيهم هنا , مو بعد شوي تفجعين الناس
بكت وهي تعانقه بقوّة
: ما ابي اروح , ما بخليكم
ضحك بخفّة وقبّل رأسها
: ليه بس , هذا هو بيتك ماهو بعيد كل يوم تطبّين علينا
: ما ابي اخلّيكم ما ابي
جاء صوتٌ آخر , بحنانٍ بالغ
: صغيرونة اخوها شفيها
ابتعدت عن عبد الله لتلتفت اليه
اقترب ليعانقها , بأبوّةٍ رقيقة
قبّل رأسها
: يلا بابا حبيبي , لا تفاولين علينا كلنا فرحانين فيك وانتي تبكين
حمحم والدهم من عند الباب
لتترك صقر وتطير الى حضنه
رفعها والدها وهو يقول لصقر
: خير انت ؟ وش بابا ؟ بنيتك رتيل ما لك شغل ببنتي
زفر صقر بقوّة
: يا ويلي على رتيل
انفجر عبد الله ضحكًا وقال
: لمْ نفسك يا رَجُل
همس ابو صقر لابنته
: داليا , بس يبه وش فيك !
تمسكت به
: يبه لا تخلّيني اروح
ضحك وهو يمسحُ على شعرها
: اعقب اخلّي بنيتي تروح عنّي , مانتي رايحة يبه , هذا بيتك ولا عشر دقايق عنّي , بتروحين لعلي ماهو الّا ثالث عيالي
قالت والدتها
: بسّك دلاعة راح علينا الوقت , يلا ماما اجهزي نروح المشغل
نظرت الى والدتها , صمتت لثوانٍ , ثم قالت بتفكير
: يعني كلهم متأثرين ويحظنون الّا انتي , اعترفي يمّه مستانسة انّي بروح ؟ بتفتكّين منّي ؟
شهقت والدتها بخفّة , وقالت بحزن
: الله يسامحك , انا استانس وحيدتي تخلّيني وتمشي ! انا مابي ازيد توتّرك وانتي تقولين كذا
أشاحت بوجهها لتمسح ادمعها
قفزت داليا لتعانق والدتها ببكاء
: يمّه هوّنت ماني رايحة
قال صقر بضجر
: لا عاد !
ضحك عبد الله وقال
: وش يسكتهم الحين ! حرمتين وتقابلوا
غمزَ لهما والدهما
: يلا اجل حنّا ورانا اشغال بنطلع , انتوا راعين طويلة , تقابلوا انتي وهي ومكيجوا بعض وباللّيل اي احد يمركم يجيبكم لمنا
شهقتا ونهضتا بسرعة
لينفجروا ضاحكين
امسك عبد الله بكفّها
: يلا تعالي ناكل انا وانتي , يمّه بالله حضّري أغراضها لين تخلّص أكلها
,
,
الى الملتقى


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 08-05-15, 03:20 AM   #80

مني صابر

? العضوٌ??? » 331853
?  التسِجيلٌ » Dec 2014
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » مني صابر is on a distinguished road
افتراضي

شكرا لك اخى على تلك المقالة الجميلة جدا ويوجد مقالة اخري مشابهة لها فى موقع الشمس الاخبارية بالطبع المقالة جميلة ولا اى شخص يقوم بقرائتها ولا يقوم بالتعليق عليها شكرا لك جعلهى الله فى موازين حسناتك

مني صابر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
للكاتبة/, أحلامي, مقلتيك, jooda_

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:41 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.