آخر 10 مشاركات
بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          و سيكون لنا لقاء(73)-قلوب شرقيةـ للكاتبة *نغم الغروب* الفصل الثاني عشر* (الكاتـب : نغم - )           »          متزوجات و لكن ...(مميزة و مكتمله) (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          بروحي أشمُّ عطرك(81)(مميزة) _حصرياً_قلوب نوفيلا_للرائعة(bambolina) كاملة+الروابط (الكاتـب : bambolina - )           »          440 - أبحث عن قلبي - هيلين بروكس ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          تساؤلات.." (الكاتـب : أشـبه بالخـيآل..' - )           »          زَخّات الحُب والحَصى * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Shammosah - )           »          201 ـ أغنية كي يرحل ـ ليز فيلدنغ فراشات أحلام (كتابة / كاملة ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          1123 - السعادة الضائعة - بيني جوردان - د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > قسم ارشيف الروايات المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-05-14, 05:52 PM   #1

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 أتحبني بعد الذي كان / للكاتبة / أضئت القمر ، فصحى






بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نقدم لكم رواية
تحبني بعد الذي كان
للكاتبة / أضئت القمر


قراءة ممتعة لكم جميعاً.......





التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 28-04-22 الساعة 08:01 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-05-14, 06:08 PM   #2

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الـعــــــودة ..
أشرقت شمس النهار بعد غياب دام أيام طوال فأدفئت بنورها وأشعتها المتسللة من بين الغيوم سماء المدينة فأصبح كل شيء جميل ذلك الصباح .

" انظري يا أمي إلى هذا "

نظرت الأم إلى ما يشير ابنها الصغير فرأته يشير إلى أوراق شجر ساقطة على الأرض وعليها قطرات من الماء

" ماذا "

عندها اقترب الطفل من الأوراق ورفع إحداها لوالدته وقال "أمي أليست هذه هي قطرات الندى ذاتها التي حدثتني عنها ليلة أمس "

ابتسمت والدته وقالت " نعم يا وليد هذه هي ذاتها "

نظرت رهف لابنها بنظرات كلها حب وإعجاب فهي ترى فيه مستقبلها وماضيها وحاضرها فهو الشيء الوحيد الذي بقي لها من ماضيها الجميل , بالرغم من أسئلت ابنها الكثيرة والتي تمل وتتعب من إجابتها أحياناً إلا أنها تقوم بإجابته لتصمت فضوله أو ستضطر إلى إجابة أسئلة غيرها جميعها تدور حول الموضوع ذاته , لكن المشكلة أنها ما أن تنتهي من جواب سؤاله ذاك حتى ينهال عليها بأسئلة أخرى , إنها لا تتذكر كمية الكتب التي قرأتها قبل أن تنجبه لكنها لا تتعدى العشرين لكنها منذ إنجابها لوليد أصبحت تقوم بشراء الكثير من الكتب والتي تتحدث جميعها عن كيفية التعامل مع الأطفال وكيفية تربيتهم بالطريقة الصحيحة , فاليوم في الخارج أصبح الآباء والأمهات يأخذون دروس تعليمية عن كيفية تربية أطفالهم والاعتناء بهم , أما هنا فلا أحد يهتم بهذي الامور كل ما يحدث هو زواج امرأة ورجل قد لا تكون لديهم أية خلفية عن تربية طفل لكنهما ينجبان الأطفال ويقومان بتربية أطفالهم تربية عشوائية على حسب أهوائهم بلا أسس مطبقة ومجربة من قبل لهذا تجد الانحراف والنفسيات المعقدة والانحلال الفكري والأخلاقي .

وبينما رهف شاردة الذهن رن هاتفها المحمول الذي تسبب في فزعها , فتحته لترى من المتصل فرأت اسم صديقتها سمية والتي بنفس الوقت شريكتها في العمل ...

" ألو "

" رهف أين أنت الآن "

" لما "

" لما ؟؟! رهف هل نسيت أن لدينا اجتماع "

" لا لم أنسى "

" رهف أتعلمين كم الوقت "

" نعم "
" إنها السابعه يا رهف "

فإذا بسمية تسمع صوت وليد عندها صرخت بعصبية " رهف هل يعقل انك لم توصلي وليد "

" لا ليس بعد , اسمعي يا سمية أنا الآن أقود السيارة لهذا سأغلق الخط , مع السلامة "

أغلقت رهف الخط مع صديقتها وهي منزعجة فهي اليوم حقاً متأخرة بالرغم من خروجها هي وابنها مبكراً من المنزل.
................

" مع السلامة أمي "

" مع السلامة حبيبي "

راقبت رهف ابنها وهو يدخل إلى المدرسة بعينين شاردتين فكل شي في وليد يذكرها بوالده ذك الشخص الذي أصبح طيف من الماضي ذاك الشخص الذي اختفى فجأه وغابت أخباره عن الجميع فلم يعد يعرف أحد عنه شي . أحيانا تشعر أنه كان مجرد خيال أو حلم جميل لكنها أضاعته من يديها.

****************************

" صباح الخير سيد زين "

فتح زين عينيه بكسل ثم نظر إلى مصدر الصوت فرأى رجل يلبس ثياب عسكرية ينظر إليه من الأعلى , عقد زين حاجبيه ثم تنحنح وقال: " صباح الخير ... هل هنالك مشكلة ما ؟!! "

ابتسم العسكري وقال: " أنا هنا لأستقبلك ,, أنت لا تعرف كم أحبك وأشجعك ولم أصدق عندما قالوا لي أنني سأرافقك لقد سعدت بذالك حقاً "

ثم ضحك وضرب كفه على جبينه وقال: " يا إلهي لقد نسيت أن أقول لك أنا المقدم رياض نجم "

ابتسم زين ابتسامة صغيرة ثم قال: بينما كان يصافح المقدم " سعدت بمعرفتك أيها المقدم "

ثم نهض زين من مقعده بالطائرة وأخذ أشيائه , لكن المقدم قام بأخذها منه على الفور وأعطاها للحمال حتى يذهب بها إلى السيارة التي تنتظرهم بالخارج ثم التفت إلى النجم وهو يكاد أن يهبط درج الطائرة وقال " معجبوك منذ الأمس منتظرون بالخارج لقد سببوا لنا إزعاجاً ....... الكل بانتظارك "

فابتسم زين للمقدم ابتسامة صغيرة تظهر إرهاقه أكثر من إصغائه لما يدور حوله من حوار , واصل زين هبوطه على درج الطائرة وهو يحلم بحمام ساخن وسرير دافئ حتى ينام إلى الغد دون أن يزعجه أحد , دخل إلى المطار من البوابة الخاصة بالمشاهير ومن ثم عبر من بين حاجز مكون من رجال الشرطة عندها رأى ما كان يخبره المقدم به , وهو عن معجبيه الذين كانوا بالمئات والشرطة محاطة بهم من كل اتجاه وصوب , توقف نجم كرة القدم لينظر إلى هؤلاء المعجبين فعاد به الزمن إلى عشرة سنوات مضت , عندما كان في هذه المكان لكن الفرق أنه كان حينها شخص لا يملك شيئاً , وليس لديه أحداً هنا يودعه كما هو اليوم ليس هنالك أحداً يستقبله , منذ أن وقع العقد قبل ستة أشهر وهو يشعر بالانزعاج والإرهاق فالذكريات التي خزنها بعيداً عن عقله وقرر محوها , أصبحت تهاجمه الآن و بعنف حتى في أحلامه فقد ظن منذ أمد أن كل شيء قد محي من عقله حتى المشاعر , لكن يبدوا أن ألم الندبة التي أصابت قلبه منذ أمد مازالت تؤلمه من حيناً إلى حين .

نظر زين إلى التذكرة التي بين يديه الآن إنها تذكرة عودة فابتسما ساخراً من القدر , فعندما سافر من سنوات مضت لم يكن يملك سوى تذكرة ذهاب فقط , فقد قرر آنذاك أن ربما هذه فرصته لأن يكّون ذاته فعاهد نفسه بأن لا يعود إلى هنا إلا إن أصبح ذي شأن لكنه مع الوقت نسي أمر العودة حتى أتى هذا العقد وأعاده رغماً عنه .

عاد زين إلى أرض الواقع فرأى الجميع ينظرون إليه ووميض الكاميرات من كل مكان يلمع وصراخ المعجبين منعه من سماع أي شيء بل إنه زاد من ألم رأسه لكنه بالرغم من ذالك كان يبتسم بوجه الجميع وكان يتوقف لبضع دقائق ليوقع تذكارات لبعض المعجبين الذين استطاعوا الوصول إليه بشق الأنفس ,حتى وصل إلى السيارة أخيراً التي كانت بانتظاره والتي كان بجوارها أيضاً رجال امن يحيطونها فركب هو في الخلف بينما ركب المقدم في الأمام .

أرجع الرجل رأسه إلى الخلف بينما كان المقدم يعطي أوامره للسائق ورجال الامن الذين بالخارج حتى خرجوا من المطار إلى الشارع , لكن ما أن هدأ الإزعاج بالخارج قليلاً وأخذ السائق يقود جيداً بدون ازدحام وإزعاج من المقدم , التفت هذا الأخير إلى زين الذي بالخلف وأخذ يتحدث إليه ويلقي عليه الأسئلة وبعض تعليقاته عن بعض مبارياته , فهمس زين راجياً ربه أن يجعل المقدم يصمت ولو قليلاً , فقد كان متعباً جداً وبالكاد يستطيع أن يفتح عينيه فكيف بعقله , وهذا الرجل وحديثه يتعبه أكثر فهو يناقشه بشدة وليس ذالك فقط بل يحاول أن يقنعه بصواب رأيه , واستمر المقدم على ذالك حتى وصلوا إلى الفندق فهمس زين لنفسه " يا الهي ,أخيراً سأرتاح "

لكن ما أن فتح باب السيارة وهم زين بالهبوط حتى قال المقدم بعد أن التفت له " الأستاذ محمد رشدي بانتظارك في القاعة الكبيرة ومعه بعض الصحفيين "

زين " ماذا "

ثم همس زين لنفسه " لا يعقل ذالك إني متعب جداً "

عقد زين حاجبيه غاضباً , لكنه لم يرد أن يفتعل شجار منذ البداية مع المسئولين الذين سيتعامل معهم حالياً فتمالك أعصابه بالقوة وقال " حسناً , شكراً لك أيها المقدم رياض "

ثم خطى إلى الأمام لكن المقدم أوقفه مرة أخرى , مقدماً له بطاقة بها رقمه الخاص ورقم مكتبه ثم قال " إن أردت أي خدمة تستطيع أن تتصل بي "

فابتسم زين له ثم أكمل سيره إلى داخل الفندق بعد أن أخذ البطاقة ووضعها في جيبه دون اهتمام , وصل لبهو كبير بعد أن استقبله أشخاص لا يعرفهم طلبوا منه أن يرتاح قليلاً , وسألوه إن كان يريد شيئاً فأجابهم إن كأس من عصير البرتقال كافي بأن يريحه , ثم خلا بنفسه متأمل البهو من حوله فوجده يتصف بالفخامة والراحة في آنٍ واحد فالأراك كانت من النوع الفخم والمريح جداً حتى أن النوم داعب عينيه بينما كان جالس على أحدها , أما المضيفين فكانوا في كل مكان بسبب ازدحام البهو وكثرة المتواجدين فيه , لقد شاهد الكثير من الفنادق لكنه لم يولها اهتماماً كثيراً لكن هذا الفندق ليس كالبقية ليس لأنه أفخم أو أنه لم يرى مثله , فقد سافر و رأى مثله من قبل , لكن أن يعيش في مثل هذا الفندق في بلده ترك في نفسه شعوراً غريب.

فقبل عشرة سنوات كان فقيراً ويأساً من كل شيء وكان وقتها من المستحيل أن يتخيل العيش في مثل هذا الفندق ولكن منذ فترة أصبح هنالك سؤال يراودوه وهو هل كان سيصل إلى ما وصل إليه اليوم إن بقى هنا؟؟

وهل كان سيسكن في فندق مثل هذا لو ظل هنا ؟؟

إنه يؤمن بأن الأرزاق بيد الله لكنه يعلم أن الله يحب العبد الذي يسعى فيساعده ويعطيه أكثر أما من يضع يده على خده ينتظر الرزق فلن يعطى شيئاً , عند تأمل مسيرته التي قطعها والتي أوصلته لأن يعيش في مثل هذا المكان عادات تساؤلاته وهي لو أنه عاد بالزمن ورفض فكرة الهجرة عن بلده وبقى فهل كان سيصل إلى ما وصل إليه اليوم عندها, فخرجت منه ضحكةً ساخرة تخفي ألماً عميقاً عندما همس لنفسه " مستحيل , مستحيل "

عندها سمع أحدهم يتحدث معه من الخلف فاستدار إلى مصدر الصوت فوجد رجل شاب يصغره , مبتسماً له ويضع بطاقة على صدره فيها اسمه وعمله ويبدوا أنه السكرتير الخاص بالمدير محمد رشدي

" السيد محمد رشدي ينتظرك في القاعة معتذراً أنه لم يعلمك عن ذالك سابقاً "

ابتسم زين رغماً عنه ثم قال وهو ينهي عصيره الذي جلبوه له" أتمنى فقط ألا يعاد هذا الخطأ مرة أخرى "

قال الشاب متحرجاً " إن شاء الله لن تعاد مرة أخرى , هل تفضلت معي الآن يا سيد زين "

لحق زين بالشاب إلى القاعة وقام بالمقابلة ثم صعد إلى غرفته بعد أن اعتذر عن عدم قدرته لتناول الغداء مع الجميع بسبب إرهاقه , فقد قضى يوم أمس بكامله في المطار منتظراً لطائرته التي تأخرت بسبب حالة الجو السيئة ثم قضى ليلة أمس ونصف اليوم على متن الطائرة ولا يعتقد أن بقدرته أن يتحمل أكثر فقد بلغ من الإرهاق مبلغاً كبيراً , وما أن وصل إلى غرفته حتى سارع بتبديل ثيابه ثم الذهاب مباشرة للسرير فوجده مريحاً جداً لدرجة أنه نام ما أن وضع رأسه على الوسادة حتى أنه لم يغلق الستائر ...


**************************


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-05-14, 06:25 PM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



أرض الوطن ..

وصلت رهف إلى العمل لتجد جميع الموظفين مجتمعين في بهو الشركة يتحدثون بصوت عالي بينما كانوا يتابعون التلفاز لم تعرف سبب النقاش هذه المرة لكنه في العادة غير مهم فالرجال يتهمون النساء بالثرثرة لكن ما أن تفتح معهم موضوع للنقاش حتى يثرثرون أضعاف ثرثرة النساء وقد تصل مناقشاتهم للمشاجرة بالأيدي , عندها همست لنفسها " الأفضل لي أن أذهب لمكتبي"

لكن سماعها لصوت ما جعلها تلتفت وبحده إلى مصدر الصوت فرأت أن مصدره التلفاز وما أن وقع نظرها على الشاشة حتى رأت شخصاً ظنت أنها لن تراه أبداً فقد فقدت الأمل في إيجاده حتى ظنت أنه ربما لم يعد له وجود بالأرض لكن أن تراه في التلفاز كان أمراً مستحيل تصوره عندها همست

" إنه هو وجهه شعره ابتسامته عينيه إنه هو "

اجتازت المقهى دون أن تشعر أو تعي ذالك لتقرأ ما كتب عنه في الشريط الذي يظهر تحت صورته فقرأته بصوت منخفض
" اللاعب النجم زين الدين أنور يعود إلى أرض الوطن بعد غياب عشرة سنوات عنه "

نظر إليها الجميع باندهاش بينما كانت هي تتابع اللقاء الصحفي

المراسل " زين الدين أنور ما شعورك بعد عودتك لأرض الوطن بعد غياب دام سنوات طويلة لأسباب ليست معروفه "

ابتسم زين وهو يقول " سعيد بالطبع "

مراسل أخر " كيف كان الاستقبال في المطار "

ابتسم زين " كان جميلاً جداً , وغير متوقع , فأن تعلم أن هنالك من يحبك وينتظرك ويشجعك إنه لأمر رائع "

مراسلة " هل عدت لتستقر نهائياً "

زين " لم أفكر في الأمر بعد لكنني تركت أصدقاء لا أمانع في العودة إليهم مرة أخرى "

المراسل " ألا تفكر أن تستقر عاطفياُ ,, هذا السؤال وجهه معجبوك لمجلتنا عندما وضعنا خبر قدومك "

ضحك ثم قال " لم أفكر في الأمر بعد "

فضحك الجميع ..

فسأله مراسل أخر " بقائك هنا على حسب الوقت المذكور بعقدك هي سنتين فهل تفكر في تمديده لأكثر من ذالك "

صمت قليلاً ثم قال " لا أعلم فأنا لم أفكر في الأمر بعد "

مراسلة " هل سميت بزين الدين تيمناً بزين الدين زيدان ؟ "

ابتسم زين " بالطبع فوالدي يعشق النجم الكبير زيزو "

فضحك الجميع ثم علق أحدهم " أنت الآن زيزو 2 "

زين " أتمنى أن أستحق حمل هذا اللقب "

شعرت رهف فجأة بألم يجتاح جسدها كله وبأن قدميها لم تعدا قادرتين على حملها,فرؤية هذا الشخص الذي ظلت سنوات تبحث عنه في كل مكان وأي مكان لكنه اختفى فجأة دون كلمة كانت مستعدة طيلة تلك السنوات أن تطلب منه الغفران عن كل شيء ليعود فقط لها , لكن الآن وبعد مضي عشرة سنوات يظهر فجأة كنجم كرة قدم من كان يتصور ذالك , إنه لم يهتم طيلة تلك السنوات بمقدار قلقنا فقد بحث عنه الجميع فلم تترك عائلته مستشفى أو مركز شرطة لم تسأل به , لكنهم بالرغم من ذالك لم يجدوا له أي أثر حتى استسلم الجميع لكنهم كانوا يعتقدون بأن والدي وعائلتي لهم يداً في اختفائه المفاجئ هذا , لكن بظهوره هكذا أكد للجميع براءة والدي وعائلتي من إخفائه , لقد قضيت السنوات الأخيرة خائفة من عدم رؤيته مرة أخرى كان ذلك كافين لأن يؤرقني وينسيني النوم بل كان ينتهي بي الأمر أحياناً إلى البكاء في صمت بسبب عدم مقدرتي على البوح بمشاعري وخوفاً من أن تعلم عائلتي ذلك فما مررت به لا أريد أن أمر به مرة أخرى , هاهو اليوم يثبت لنا جميعاً بقائه حياً يرزق بل وبأحسن حال , لقد عاد بعد غياباً طويل وكأن شيئاً لم يكن فهل يعقل أنه سعيد كتلك الابتسامة التي تعلو وجه هل يعقل أنه ترك الماضي وواصل حياته كأن شيئاً لم يكن أم أن تلك الابتسامة ليست سوى قناع نضعه لنري الجميع ما نريدهم أن يروه ليس إلا..

أخذت رهف تراقب اللاعب النجم زين الدين وهو يجلس على المنصة يبتسم ويضحك ويجيب عن أسئلة معجبينه حائرة من أمرها فهي فرحة لما حققه فقد مر بأوقات صعبة بسببها لكنها في ذات الوقت شعرت بانقباض في قلبها فعودته لن تكون خيراً أبداً ما الذي أعاده بعد هذه السنوات الطويلة وقد غابت عن الجميع أخباره حتى أقرب الأقربين له.

تركت رهف المقهى وعيون الجميع تتابعها فقد تغيرت ملامحها الهادئة و اللطيفة إلى الحزن والانزعاج وعندما دخلت مكتبها شعرت بمشاعرها تتخبط بين الحزن والانزعاج والخوف والترقب أرادت للحظة أن تبكي فرحاً وحزناً لكنها في النهاية جلست على كرسيها فلم تعد قادرة على الوقوف من شدة الصدمة تاركة دموعها الحارة تحرق وجنتيها بسخونتها.

***************************


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-05-14, 04:08 PM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



المــــاضي ..
مضى الأسبوع الأول على زين مزعجاً كئيباً فالذكريات تهاجمه وتنغص عليه في الصباح وتستفرد به في الليل وخاصة في أحلامه , لقد اعتاد منذ سنوات تناول نصف حبة منوم عندما يرفض عقله الانصياع لأوامره والنوم لكنه أصبح حالياً يأخذ حبة كاملة حتى ينام , فعقله قام بالتمرد عليه ويصر على إيقاظ قلبه و ما نام من مشاعر وذكريات داخله كل ليلة .
................
وقف زين في الشرفة وفي يده كوب من القهوة يرتشفه بملل بينما عينيه تجولان أسطح المدينة القابعة أمامه , بينما عقله يعود به لأيام طفولته التي عاشها بين أزقه هذه المدينة الشامخة أمامه .
في يوم من أيام العطلة الصيفية خرج من منزله لينتظر أصدقائه كي يذهبوا جميعاً للعب الكرة لكنه لم يجد أحداً من أصدقائه بالخارج فجلس أمام منزله منزعجاً , عندها شد انتباهه فتاة تصغره تلعب بجوار منزله كان هو وأصدقائه من مزعجي الفتيات لكن هذه الفتاة لم تكن تشبه أي فتاة تسكن بحارته, فثيابها جميلة جداً ويبدوا أنها غالية الثمن كذلك يبدوا على الفتاة الدلال ولا يوجد مثلها في مثل هذه الحي الفقير ,كانت تمسك بغصن تكتب به على الأرض الأحرف الأبجدية بينما في يدها الأخرى كيس مليء بأنواع كثيرة من الحلويات التي أثارت شهيته , عندها نظر زين حوله لعله يلمح أحد أصدقائه فيؤنس بالبقاء معه بدلاً من مراقبة هذه الفتاة ,لكنه لم يرى أحدهم وقتها عاد رغماً عنه يراقب ما تفعله الفتاة الصغيرة فقد كان الوقت حينها بعد الظهيرة وكان الجميع في منازلهم يشاهدون التلفاز لكن زين لا يحب يشاهد التلفاز كثيراً بل كان يفضل البقاء خارجاً ليراقب المارة فذالك كان يسليه أكثر حينها ومازال ذالك يسليه حتى الآن فمراقبة المارة ينسيك التفكير قليلاً ,بعد فترة ليست بالقصيرة تنبهت له الفتاة الصغيرة فقد ابتسمت له برقة لكنه لم يبادلها الابتسام بل نظر إلى اتجاه أخر عندها عادت مرة أخرى للعبها منزعجة من تجاهله لها لكنه عاد مرة أخرى يراقبها لا يدري ما الذي جعله يفعل ذالك فلم تكن هذه من عادته فقد كان يقضي أيامه في الشجار مع الفتيات طيلة الوقت وبينما كان زين جالساً لا يفعل شيئاً سوى مراقبة تلك الفتاة الصغيرة أفزعه أحد أصدقائه بينما أخذ الجميع بالضحك عندها قال لهم " لما تأخرتم لقد انتظرتكم طويلاً "
فأجابه أحدهم " لما ألم تشاهد الحلقة الأخيرة "
أجابهم زين " لا لم أشاهدها , لكن ما رأيكم بالذهاب لنلعب الكرة مع أبناء الحارة المجاور"
وافق الجميع على الذهاب عندها طلبت منهم الانتظار حتى أجلب الكرة من المنزل وحقاً أسرعت بالدخول وجلبت الكرة وبينما كنت أغلق باب منزلي رأيتهم قد تجمعوا حول الفتاة الصغيرة بعد أن أسقطوها أرضاً وأخذوا منها كيس الحلوى الخاص بها وتقاسموه بينما ظلت هي تبكي طالبة منهم أن يعيدوه لها عندها صرخت بأصدقائي غاضب
" ما الذي تفعلونه لما أخذتم حلوياتها ثم لماذا تصرخون بها مثل المجرمين إنكم تخيفونها"
نظر الجميع إلي وعلامات التعجب ظاهرة على وجوههم عندها قالوا " هل هي قريبتك "
" لا "
" إذن لماذا أنت غاضب نحن كنا سنتقاسم ما أخذناه معك "
" كيف نتقاسمه وهو ليس لنا "
" لكن هذه فتاة ولقد قلت لنا ذلك "
تذكر زين أنه هو من نص قانون قطاع الطرق هذا حتى يزعج بنات الحارة ليتركن المكان ليلعب به الفتيان وحقاً انقطعت عنه الفتيات , لكنه فكر بحجة سريعة فقال " لكن هذه الصغيرة ثم أنها ليست من فتيات الحارة "
ثم تقدم وأخذ كيس الحلوى من صديقه وأعطاه للفتاة الصغير التي كانت تنظف ملابسها من الأوساخ التي علقت به بعد أن سقطت عندها نظر أصدقاء زين له بانزعاج فقال أحد الفتيان " أنا لن أصادق محب الفتيات هذا"
فوافق الجميع على أن زين محب للفتيات بالرغم محاولة زين نفي هذه الجريمة الشنعاء لكنه لم يفلح في تبرئة نفسه من هذه التهمة النكراء عندها قام بالشجار معهم حتى أتى أخ زين (سامر) وصرخ في الجميع فتفرقوا تاركين زين ثائراً أمام أخاه الذي وصل للتو من عمله الذي يعمل به في فصل الصيف حتى يجمع بعض المال ليساعده في إتمام دراسته عندها سأله أخاه سامر باهتمام " ماذا هنالك , لما يتشاجرون معك أليسوا هؤلاء أصدقائك "
" لا لم يعدوا أصدقائي ولم أعد أريد أن أراهم بعد اليوم "
" لما "
" هكذا "
" أنت حر لكن لا تدعهم يضربونك مرة أخرى "
ثم تركه داخلاً إلى المنزل عندها اقتربت الفتاة الصغيرة وقدمت لزين حلوى بينما كان زين ينظر إلى الأرض ويفكر فيما قاله أصدقائه فهل يعقل أنه محب للفتيات وعندما رأى الفتاة الصغيرة تقدم له الحلوى صرخ بوجهها " كل ذلك بسببك "
" هم من بدأو المشاجرة وأخذوا كيس الحلوى الخاص بي"
لكنني استدرت وجلست أمام منزلي متجاهلا إياها عندها ظلت تنظر إلي بحزن شديد ثم قالت " هل أنت صديق أولئك الفتيان الأشرار "
" هم ليسوا أشراراً "
" لكنهم سرقوا حلوياتي وقاموا بضربك إنهم أشرار ,, لكنك لست بشرير مثلهم"
ثم قامت بإعطائي كيس الحلوى الخاص بها " خذه كله لك , فأنا لا أريده "
نظرت إليها قليلاً غير مصدق عرضها هذا إن كانت تريد إرضائي فهذا كان كافياً لأن أرضى سريعاً فكرت آنذاك بأنني لم أملك يوماً حلويات بهذا القدر ومن هذه النوعية الغالية الثمن قلت لها وأنا متردد لكنني لم أرد أن تعاقب هذه الفتاة الصغيرة " ألن تعاقبين "
هزت الفتاة الصغيرة رأسها نفياً فأخذته وأنا سعيد كنت أفكر وقتها أنني أستطيع أن أتقاسمه أنا وأخوتي فجأة سمعنا كلانا صوت فاستدرت لأرى امرأة تقترب منا بنظرات متعالية وغاضبة وما أن وصلت إلينا حتى وجهت حديثها للفتاة الصغيرة " رهف حبيبتي ماذا قلت لك في المنزل أنني لا أريدك أن تلعبين في مثل هذا المكان انظري الآن كيف اتسخت ثيابك ويديكِ "
رهف " أمي هذا ليس من اللعب هنالك أطفال قاموا بضربي وأخذوا الحلوى الذي اشتريته لي "
سألت الأم غاضبة " أينهم هل تعرفينهم "
رهف " لا "
فجأة لاحظت الأم أن هنالك فتى غريب مع ابنتها لا تعرف ابن من هو عندها نظرت إليه من رأسه نزولاً إلى قدميه كانت ملابسه متسخة من لعبه منذ الصباح حتى المساء دون انقطاع فهذه الأيام كانت أيام إجازة وهذا هو الوقت المتاح للأطفال باللعب طيلة اليوم وكان شعره قد تغير لونه من كثرة الغبار عندها لاحظت شيئاً أخر كيس الحلوى الخاص بابنتها فسألت " رهف حبيبتي أليس هذا كيسك "
رهف " نعم يا أمي إنه هو "
عندها أمسكت الأم بيد زين وجرته إليها رغم اتساخه" إذن أنت من فعل بابنتي هذا بل وأخذت حلوياتها أيها اللص "
زين " أنا لست بلص ثم أنا لست من قام بفعل ذلك "
صرخت الأم " كف عن الكذب "
وشدت إذنه عندها صرخ زين وهو يقسم انه يقول الحقيقة عندها قامت رهف بسحب يد والدتها بينما كانت تصرخ
" ليس هو يا أمي ليس هو اتركيه "
قالت الأم وهي مازالت ممسكة أذن زين " هل هذه الحقيقة يا رهف أم أنه أخافك بشيء ما "
رهف " إنها الحقيقة يا أمي إنه صديقي لقد أعطيته الحلوى لأنه أنقذني من أولئك الفتيان الأشرار "
تركت الأم أذن زين عندها قام هذا الأخير برمي كيس الحلو و داسه ثم قال قبل أن يذهب" أنا لست بلص أتفهمين ذلك ؟ إن رأيت أبنتك هذه بالجوار سأضربها فلا تأتي إلى هنا مرة أخرى "
ثم عدت إلى منزلي وأخذت ابكي على سطح منزلنا كان ذالك مكاني المفضل وقتها تساءلت هل كل الوالدات هكذا شريرات ؟؟ فأنا لدي أمي أيضاً لكنني لم أعرفها يوماً ويبدوا من حديث سامر عنها أنها لم تحبنا يوماً , لكنني آنذاك تمنيت لو أنه لدي أم مثل بقيت الأطفال لكنت بثثت لها شكواي فتقوم حينها بالشجار مع تلك المرأة كأمهات الفتيان الآخرين .
***************************
كم أنتِ جميلة ..
مرت أيام كنت قد نسيت كل ما حدث حتى أتى يوما كنت ألعب مع الفتيان بكرات زجاجية كانت تلك طريقة لكسب المال وكثيراً ما استخدمتها حتى عندما كنت في المدرسة المتوسطة , وذات مرة رآنا أحد أساتذتنا نلعب برهان فأمسكنا جميعنا وقام بضربنا بعصاه خمسة ضربات في كل كف وقد كانت من القوة حتى أنني مازلت أذكر ألمها حتى الآن كان وقتها لغة الآباء والأساتذة العصا فهذه كانت أداتهم للتوجيه فبالعصا لا تفكر أن تعيد خطأك مرة أخرى وحتى لا تسول لك نفسك مرة أخرى بأن تقوم بذلك ثم قام بإعطائنا محاضرة عن الكسب الحرام وأن هذه من أنواع القمار وأنه محرم شرعاً وغير قانوني لكن عندما تكن طفلاً تكن بسيطاً في أفكارك لكن هذه لم تكن محسوبة عند معلمنا هذا فقد قام بضربنا ونحن أطفال لا نعلم ما هو الحرام عن الحلال ,لنعد إلى حيث ما كنا أخذت أكسب جولة تلو الأخرى وبينما كنت أجمع مال أخر جولة شعرت بشيء يظهر ثم يختفي من خلف أحد البيوت القريبة لم أستطيع أن أميز ما هو فشعرت بتوجس حينها فالقصص التي كانوا يخبروننا عن الجن والعفاريت أو عن الناس الذين يأخذونك ليبيعونك أو ليقتلونك ثم يبيعون أعضائك, كان هذا كافياً لإخافة أي شخص فكيف بطفل في الحادية عشرة من عمره انتهينا من اللعب فقال أحد الفتيان " ما رأيكم نذهب لنشتري شيئاً لنأكله "
فتسابقنا جميعنا لنرى من سيصل أولاً وبينما كنت أجري لا أدري لما التفت ربما هو الفضول فقط عندها لمحت شيئاً أسود ينظر إلينا عندها توقفت قدمي عن الحركة فزعاً فقد صدق حدسي أن هنالك شيئاً ما لكن ذلك الشيء اختفى ما أن توقفت عندها شعرت بالفزع أكثر لكنني قررت أن أكون شجاعاً وأرى ما هو وحقاً اقتربت من المكان بهدوء وفجأة ظهر شيئاً أسود كدت أهرب من الفزع لكن قدمي تجمدتا ولم أعد قادراً على الهرب , لكن الشيء الأسود الذي ظهر لي لم يكن سوى رهف الفتاة الصغيرة عندها صرخت بها فقد أخافتني
" لماذا أنتِ هنا ولما تختبئين "
ففزعت هي الأخرى وقالت وهي تحاول تقاوم سقوط دموعها " أنت قلت لو أنك تراني مرة أخرى ستضربني وأنا أريد أن أذهب لمنزل ابنة عم أمي من هذا الطريق لأن الطريق الأخر فيه كلاب مخيفة "
قلت لها غاضباً " نعم لقد قلت ذالك وكنت أعنيه "
عندها نظرت إلي بحزن ثم قالت " لكنني لا أستطيع أن أذهب من هنالك , فهنالك كلاب مخيفة وقطط في كل مكان "
صرخ زين " وما شأني أنا "
وعندما لم يتلقى منها جواب صرخ زين " يا الهي,ألا تسمعين إن من الأفضل لكِ أن تذهبِ قبل أن أغير رأي هيا أذهبي"
عندها عادت رهف من الطريق الذي أتت منه محنية الرأس حزينة تتساقط دموعها في صمت ,مازلت أذكر كم كانت ذالك اليوم بالرغم تساقط دموعها كانت جميلة جداً ..
****************************


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-05-14, 04:10 PM   #5

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



صيف .. ولعب ,, وحــب ..

مرت أيام العطلة الصيفية بسرعة كانت جميلة فمنذ أن نستيقظ حتى ننطلق إلى اللعب لا يوقفنا شيء سوى غروب الشمس , في أحد الأيام وبينما كنا نلعب أتى فارس والدماء مغطاة وجهه ورأسه بالكامل وما أن رأت والدته ذلك حتى أقامت مشكلة وأخذت حقه من الفتى الذي ضرب ابنها وانتهى الموضوع هكذا , لكن بعد عدة أيام مر هذا الفتى بحارتنا مع بعض أصدقائه وأخذوا يسخرون من فارس وكم هو جبان عندها سألت فارس

" من هؤلاء "

فارس " إنهم الفتيان الذين ضربوني , إنهم من الحارة المجاورة "

لقد كان في ذالك الوقت أبناء الحارة الواحدة لا بأس إن تشاجروا معاً لكن أن يأتي شخص أخر ويقوم بضربه عندها يجب أن نرد كرامتنا التي هدرت وبما أنني كنت زعيم المشاكل أمرتهم بأن نذهب لنضرب أولئك الفتيان وحقاً قمنا بملاحقتهم حتى وصلنا لحارتهم وقمنا بضربهم وعند عودتنا من المشاجرة التي انتهت بصراخ الأمهات وبعض الفتيان الأكبر سناً فضلنا الهرب فقد كنا نحن المنتصرون آنذاك وبينما نحن عائدون رأيت رهف الصغيرة ممسكة بيد فتاة أكبر منها قليلاً لكنها لا تلبس ثياب غالية الثمن مثلها وبيديهما حلويات وكانتا تضحكان وكانت رهف جميلة جداً ذالك اليوم يبدوا أنني كنت دائما أراها جميلة جداً فقد كانت مرتدية فستاناً أخضراً أما شعرها الأسود فقد كان معقوصاً من أعلى رأسها حتى نهايته وفي أخره كانت هنالك شريطة خضراء كانت جميلة هي الأخرى, عندها رأتني هي أيضاً فتلاشت ابتسامتها وخفضت رأسها وقد غمر وجهها الحزن فجأة ,لكنني لم أعيرها انتباهاً آنذاك بل واصلت طريقي دون أن ألتفت إليها أدنى التفاتة وهكذا كانت تسير معظم لقاءاتنا فقد كنت طفل شرس الطباع بينما كانت هي طفلة لطيفة ورقيقة .لكنني تغيرت قليلاً بعد أن أحببتها لقد اجتاحني حبها منذ الصغر وكبر معي إنني أجد أنه من المحزن أن أعرف بأن هذا القلب الخائن مازال يكن لها شيئاً من المشاعر فقد تخلت عني عند حاجتي لها , لنعد إلى اليوم التي تحولت مشاعري من غضب تجاه هذه الطفلة إلى مشاعر حب عارم كان ذلك عندما كنت أسير بجوار حارة أولئك الفتيان الذين تشاجرت معهم سابقاً كنت خائفاً أن يتم الغدر بي هنالك فكنت أسير وألتفت إلى كل اتجاه وصوب وبينما أنا أسير وأتلفت يمنة ويسرى رأيت شيء أوقفني كان ذالك رهف ليس إلا فقد كانت جالست على الأرض تبكي وقد كانت حالتها يرثى لها فقد جرحت ركبتها واتسخت ثيابها عندها ودون تفكيراً أسرعت إليها وجلست بجوارها فنظرت إلي دون أن تقول شيء بل زاد تساقط دموعها عندها سألت و أنا أشعر بالشفقة عليها

" من الذي فعل بك ذلك "

فقالت لي من بين دموعها "إنه حمزة وأصدقائه لقد دفعوني فسقطت على الأرض وجرحت في ركبتي ويدي واتسخت ثيابي وأخذوا حلوياتي "

نظرت إليها ثم قلت "حسناً انهضي حتى أنظف لك ثيابك قبل أن تتسخ أكثر "

وحقاً نهضت وأخذت تمسح دموعها بقفا كفيها وتبعد شعرها عن وجهها بينما كنت أنفض الغبار والتراب عن ثيابها خوفاً عليها من والدتها ثم قلت لها

" تعالي معي "

فقالت وهي تنظر إلي " إلى أين , فأمي قالت لي ألا أذهب مع أحداً غريب إلى أي مكان "

فقلت لها " إن المكان ليس ببعيد إنه قريباً من هنا فلا تقلقين سنعود بسرعة "

عندها وافقت وهي مترددة فهي خائفة من عقاب والدتها إن علمت بذالك , لكنها ذهبت بالرغم من ذالك لم يكن المكان سوى الدكان الكبير الذي بحارتنا , اشتريت منه بعض الحلويات وضمادات للجروح لم اشتريها يوماً لنفسي فقد كنت معتاد أن أجرح بينما ألعب لكنني لم أضع أي ضمادة على أي جرح فقد كنت أغسله بالماء والصابون ثم أعود وأوصل اللعب بالرغم من الألم الذي كنت أنساه معظم الوقت فمن يعتاد على الألأم الكبيرة لا تعد تضره هذه الجروح السطحية , أعطيت رهف الحلوى وتركتها تأكلها بينما كنت أضع الضمادات على يدها وركبتها قلت لها بعد أن انتهيت

" لقد تمزق جزء من فستانك , هل ستعاقبك والدتك "

هزت رأسها إيجاباً فانزعجت من أجلها عندها قالت " أمي تكره هذه الحارات وتقول أنها مكب قمامة لكن والدي يقول أنه يفضل أن أختلط بأقربائنا لأنهم ناس لطيفين فهم يحبوننا "

قلت لها وأنا منزعج " وهل نحن مكب قمامة "

نظرت رهف إلي ثم قالت مدافعة " أنا لا أرى أنك مكب قمامة "

" أذن ماذا أنا "

ابتسمت وقالت " أنت صديقي"

ثم قامت بإعطائي بعض الحلوى التي في يدها فأخذتها دون تردد فقد كانت من نوعي المفضل وبينما كنا نتناول الحلوى أمام الدكان وقفت رهف وقالت

" هل أعدتني إلى المنزل فأنا خائفة أن يضربونني مرة أخرى"

فوقفت أنا أيضاً وسرت معها حتى وصلنا إلى منزلي فالتفت إليها وقلت

" تستطيعين الآن أن تعبرين من هنا ولن يوقفك أحداً وإن قام أحدهم بإزعاجك ليس عليكِ سوى أن تقومِ بالطرق على هذا الباب أفهمتِ "

ابتسمت رهف " نعم "

"جيد , أذن هيا بنا الآن لأوصلك للمنزل "

سرت معها حتى وصلنا لمنزل أقاربها ولم أتركها حتى تأكدت أنها دخلت عدت بعدها إلى المنزل , لكن منذ ذالك الوقت ومشاجراتي ازدادت مع حمزة وأصدقائه ومع بعض فتيان حارتي كله من أجل رهف وحدها فقد أصبحت تتردد على حارتنا كثيراً وكان الجميع يحاولون إغاظتي بإزعاجها فقد كنت كالحارس الشخصي لها , فكنت أتشاجر مع أي أحد يزعجها أو يؤذيها عندها أصبح الجميع يسخرون مني وقاموا بتلقيبنا " الوحش والجميلة " فأنا بشكلي الفقير والمشرد كالوحش بينما هي كالأميرة الجميلة وكان ذالك يغظني في بداية الأمر لكن مع مرور الأيام أحببت اللقب مهما كان لكنه كان يرمز لحبنا وقتها لم أكن أفكر في الفارق الاجتماعي كثيراً كنت أضن أن الحب أقوى من أي شيء , أصبح جميع أصدقائي يترقبون ما سيحدث مع الوحش والجميلة فما أن تمر حتى أرى الجميع يحدقون بنا لعلها تفلت منا نظرة أو التفاتة أو ابتسامة لكننا لم نكن نظهر حبنا أمام أحد فتعود مراقبتهم عليهم بالخيبة بينما نضحك نحن بداخلنا عليهم فقد كنا نحب مراقبتهم لنا بهذه الطريقة فقد كان الأمر كاللعبة بالنسبة لنا جميعاً فكنا نرتقب من سيسقط أولاً , وأذكر مرة كان يوم عيد الفطر وكنا جميعنا عدنا من مسجد المدينة الكبير بعد أن أدينا صلاة العيد وكنت مع أصدقائي عندها مرت رهف من خلفي فرأيت الجميع ينظرون ويهمسون لي حتى استدر ,وعندما استدرت رأيتها تسير لكنها لم تنظر إلى مكاني أبداً فاستدرت لأصدقائي ونهرتهم عن إحراجهم لي بهذه الطريقة فإذا بهم يسألونني
" أمازلتما تحبان بعضكما "

فقلت لهم منزعجاً من فضولهم " وهل سمعتموني يوماً أقول أننا نحب بعض "

رأيت ابتساماتهم تطوف على وجههم فقلت مستاء أكثر " ماذا "

فقال أحدهم " وهل يجب أن تنطق بها حتى نعلم إن كنت تحبها أم لا , ثم ألست أنت من كنت كالحارس الشخصي لها وكنت تتشاجر مع أي شخص يزعجها أو يتشاجر معها أياً كان "

فقلت مغتاظاً " هذا عندما كنا أطفالاً "

فقال أخر له " أطفالاً , أتذكرون عندما قال كل واحداً من سيتزوج إن كبرنا عندها قال فراس أنه سيتزوج رهف من قام بالشجار معه وأبرحه ضرباً , أيها الطفل "

وضلوا يتمازحون ويسخرون من إنكاره للأمر حتى ابتسم زين محرجاً وهو يقول " لا يفوت عليكم شيئاً "
عندها انفجر أصدقائه ضاحكين..

*****************************
سأصمد ,, لأجلك ..

مازلت أذكر لقائي برهف كل مرة تعود من السفر فما أن تراني حتى تجري إلي لتعطيني كيس ملئ بالحلويات وهدية تكون قد اشترتها لي من الخارج وغالباً تكون بسيطة لكنني كنت اعتبرها كنوزي الصغيرة والتي كانت تعزيني كلما افترقت عنها لوقتاً طويل أما الآن لا أعرف هل مازالت موجودة أم أن أبي تخلص منها بعد هجرتي للخارج , وهنا تعود بي ذاكرتي إلى ظهر ذالك اليوم الذي كنت قد قمت بالاستحمام وبارتداء ملابس نظيفة وهذه لم تكن من عاداتي فقد كنت أحتاج لأن يقوم والدي أو سامر بشدي لأن أستحم وتغيير ثيابي أما في الليل فكنت أمنع من دخول الغرفة إن لم أغير ثيابي المتسخة كان أخي سامر شاب نظيف بالرغم من فقرنا إلا أنني لم أراه يوماً متسخ الثياب وأحمد كذالك لكن ليس مثل سامر وبينما كنت أتأكد من مظهري رأيت الباب يفتح ليدخل منه أحمد وسامر عندها أخذ سامر يحدق بي ثم بأحمد ثم سأل أحمد ساخراً
" هل ما أراه صحيحاً أم أنني أصبت بضربة شمس "

فكبت أحمد ضحكه مراعاة لمشاعري وقال ناهراً " سامر "

نظرت إليهما مستاءً ثم قلت " ألم تقولا أنه من المفروض بفتى في الثالثة عشر أن يكون نظيفاً "

عندها قال سامر " نعم إن ذالك من المفترض لكننا الآن في الظهيرة وأخاف عليك من أعين الناس "

عندها صرخت " سامر كف عن ذلك وإلا أقسم بأنني .. "

قال سامر متحدياً " ماذا ألن تعيدها مرة أخرى "

عندها تدخل أحمد صارخاً بينما كان يجاهد نفسه عن الضحك " سامر حقاً كف ذلك "

توقف سامر للحظات عن الضحك ثم انفجر مرة أخرى وهو يقول " لا أستطيع حقاً لا أستطيع "

عندها شاركه أحمد هو أيضاً الضحك عندها قمت بالخروج غاضباً بينما قاما كلاهما باللحاق بي وعندما خرجت من المنزل رأيت رهف تجري باتجاهي باسمة يلحق بها أخاها رشدي الذي قابلته من قبل وقد سخر من مظهري المتسخ وكنت قد علمت صباح اليوم من سلمى صديقة رهف أنها ستأتي لزيارتها اليوم لهذا قمت بالاستحمام لكن لم أكن أعرف أنها ستأتي هي وأخاها الذي كرهته من الوهلة الأولى لنظراته التي تشبه والدته في التكبر الغطرسة ومازلت إلى الآن أكرهه فبسببه خسرت رهف إلى الأبد وخسرت جميع من عرفته حتى عائلتي أثقلت عليهم كثيراً حتى تركتهم في الأخير مهاجراً دون كلمة , من الأفضل أن نعد إلى ذالك اليوم فالذكريات أصبحت شيئاً مؤلماً بالرغم من أنها هي الشيء الوحيدة الذي بقي لي الآن فلم يعد لدي شيئاً هام في الحياة ,, أين وصلنا آه صحيح قمت بإلقاء تحية باردة على رشدي فرد علي بتحية أكثر برودة وغطرسة بعد أن جال بعينيه على ملابسي البالية بالرغم من نظافتها وابتسم بسخرية معبراً عن ما في نفسه عندها فضلت التحدث مع رهف متجاهلاً أخاها الذي يقف بجوارنا , فسمعت فجأة ضحكات أخوتي من خلفي فاستدرت لأنظر إليهما ففهمت من نظراتهم أنهم عرفوا الآن ما استجد في الأمر وكيف تغيرت الأمور بين ليلة وضحاها أو بالأصح في ظهيرة دون سابق إنذار , أخذا كلاً من أخوي ينظران إلينا ويضحكان فأحرجت من ذلك لكنني تجاهلتهما في الأخير وأكملت حديثي مع رهف التي كانت تخبرني بحماسها المعتاد عن ما رأته وما حدث معهم من مواقف بينما أخاها رشدي يستعجلها في المغادرة كنت بالرغم من كل شيء أستمتع بالوقوف معها هنالك لأسمع أشياء قد لا أراها ولن أسمع عنها سوى من هذه الطفلة فلم يكن لدينا التطور التكنولوجي الذي وصل إليه العالم الآن وكنت أحياناً أظن أن ما تقوله إنه من ضرب الخيال وفجأة صرخ رشدي وشد رهف من يدها يجرها خلفه حتى تسير فلوحت بيدها مبتعدة عنه وما أن ابتعد كلاً من رهف ورشدي حتى قالت رهف " رشدي لما فعلت ذالك لم أنهي كلامي بعد "

صرخ رشدي " لقد قلت لكِ ألف مرة ألا تتحدثين مع الفتيان وخاصة أمثال هذا الفتى الذي يدعى زين "

"ما شأنك أنت مع من أتحدث سأخبر أبي أنك كنت وقح جداً مع زين حتى إنك لم تحييه جيداً "

" اسمعي يا رهف هذه أخر مرة تأتين إلى هنا وسأخبر أمي عن هذا "

" رشدي أنت وفضولي وأنا سآتي إلى هنا كلما شئت "

عادت رهف من حيث أتت مارة بزين الذي كان مندهشاً من عودتها باكية لكنها لم تستدر إليه بل واصلت سيرها حتى وصلت لسيارتهم التي تنتظرهم خارج الحارة لضيق الشوارع وما أن ركبت السيارة حتى ركب أخاها وطلب من السائق أن يعيدهم للمنزل فهو يعلم كم أخته عنيدة ولن تعيد النظر في بقائهم .
كانت رهف وهي صغيرة كثيرة المشاجرة مع أخيها بسبب تعلقها الغريب بزين لكن مع الوقت أصبحت أكثر نضجاً وأكثر قدرة على أخفاء ما تكنه لزين من مشاعر ...
.....................
نظر زين حوله بينما يرتشف قهوته وفكر لو أن لديه القدرة على العودة إلى ذلك الوقت لكان تجنب كثير من المشاجرات التي كانت تقوم بينه وبين رشدي والذي كان يفتعلها هذا الأخير لكنها كانت تقع على زين الملامة وكثرة تلك المشاكل عندما عمل زين كموظف في شركة والد رشدي بينما كان يدرس في الصباح فكان يتحين رشدي وقتها الفرصة ليذله وليريه كيف أن الفارق الاجتماعي بينهما كبير وكان يغيظه هو وأصدقائه إن رأوه في أي مكان وقد أخبره ذات مرة أن مكب القمامة المتحرك هذا لن يكون زوج أخته يوماً من الأيام عندها عرف زين إن كل ما يفعله رشدي هو إبعاده عن رهف كان ذالك كفيلاً لأن يضع زين أعصابه في الثلاجة وأن يغلق أذنيه عن ما يقوله رشدي مهما أحتد به الأمر وكان ذلك يزيد من غيظ رشدي فيغير أسلوبه في كل مرة حتى يجعل زين يفقد أعصابه وليري أبيه أن الثقة التي يضعها في هذا الشاب ليست في محلها فقد وظفه والده لأن أخاه أحمد مهندس كفؤ في الشركة ولأجله تم توظيف أخاه الأصغر ولمعرفة والد رهف به منذ الصغر وهو معجب بذكاء زين وثقته في نفسه وأنه سينجح مثل أخوته وحقاً ها هو اليوم حقق ما كان يصبو له وهي الثروة والنجاح رغم أن هذه الطريق ليست هي ما كان خطط لها بل هي من أتته بدون تخطيط ..
*******************************


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-05-14, 04:11 PM   #6

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



أطرقي بابي ..

مرة الأيام وأصبحت لا أرى رهف في العادة فعملي في شركة والدها وحضوري المحاضرات في الصباح لم يساعدنا في الالتقاء ولو بالصدفة هي أيضاً أصبحت زياراتها لسلمى صديقتها قليلة بسبب استعدادها لامتحانات الثانوية العامة ,ابتسم زين فجأة بينما كان يرتشف رشفة أخرى من فنجانه فقد تذكر موقف حدث منذ وقت طويل فبينما كانت رهف تسير متوجهة لمنزل صديقتها سلمى وكان قد مضى علينا الكثير من الوقت لم أراها فيه , فجأة وبينما رهف تسير سمعت نباح كلب وصراخ قادماً من خلفها فاستدارت لترى ماذا هنالك فوجدت كلب ضخم يعدوا باتجاهها وخلفه مجموعة فتيان يلاحقونه بالعصي والحجارة ويصرخون عندها أخذت تصرخ وتجري هي الأخرى إلى أقرب باب منزل حتى تختبئ فيه بسبب ضيق الشارع , وعندما وصلت لأحد الأبواب أخذت رهف تطرق الباب بكل قوة أتتها ذالك الوقت وما أن فتح الباب حتى دفعت الذي أمامها وأغلقت الباب خلفها واستندت عليه فجسدها كله كان يرتجف من شدة الفزع, لكنه هدئ أخيراً بعدما سمع أن الأصوات بدأت تتلاشى وتبتعد عندها استطاعت رهف في تلك اللحظة فقط أن تلتقط أنفاسها وأن تهدئ قليلاً لكنها فجأة دار شريط الأحداث بسرعة أمام عينيها فتذكرت أنها كانت تجري و أنها توقفت أمام أحد المنازل ثم أخذت تطرق بكل قوتها حتى فتح الباب ثم دخلت بعد أن دفعت الشخص الذي فتح لها الباب دون أن ترى من الذي فتح لها الباب كل ما فعلته هو دفع أحدهم ليبتعد عن طريقها ثم أغلقت الباب خلفها , وبنما كانت رهف غارقة في أفكارها شعرت بأن أحدهم يقف خلفها يراقبها فصوت نفسه كان قوى وذالك يدل على قربه عندها تحسست مقبض الباب بيد مرتجفة , فقد فكرة أن أفضل طريقة للخروج من هنا هو أن تجري بسرعة بعد أن تفتح الباب , لكن قبل أن تنفذ خطتها سمعت صوت وضحكت شخص تعرفه جيداً وهو يقول

" من أطلق الكلاب خلفك "

كانت هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير فقد كان أخر شيء تريد هو أن تبدوا كالغبية أمام زين فهمست لنفسها بيأس لما يا الهي من بين جميع الأبواب كان باب منزل زين الأقرب , لكنها استدارت ببطء إليه بينما فتحت بيدها الأخرى الباب وهي تقول

" كان هنالك فتيان يجرون وراء كلب , وبدا لي أنه مسعور لهذا خفت ولم أعرف ماذا أفعل ,فأخذت أطرق على أحد الأبواب لم أكن أعلم حينها أن هذا منزلك و .."

انقطع ما كانت تريد أن تقوله عندما تلاقت عينيها بعيني زين الضاحكتان ,,

عندها قال مبتسماً " لا بأس "

ربما أراد أن يستظرف لكن هذا لم يكن الوقت المناسب أرادت أن تضربه بحق على رأسه عندها قالت وهي منزعجة بينما كانت تخرج

" ماذا قلت ؟؟! اسمع كان هنالك كلب " ثم صمتت لتسدد له نظرة غاضبة من استخفافه بها ثم قالت

" أنا آسفة على إزعاجك "

قال زين بينما كان يمسك نفسه عن الضحك " لا بأس فأنتِ لم تزعجينني إطلاقاً ثم أنا أصدقك ,, لكن يبدوا لي أن عرضي الذي عرضته عليكِ مازال ساري مفعوله "

نظرة رهف إلي وقد عقدة حاجبيها علامة على عدم فهمها

فقلت " لقد أخبرتك منذ زمناً بأن تطرقين باب منزلي في حال أن أزعجك أحدهم "

قالت رهف غاضبة " لقد قلت لك أنني طرقت بابك دون أن أعي أنه باب منزلك فقد كان هو الأقرب "

ابتسم زين ثم قال " أتمنى أن تطلق عليكِ كل كلاب المدينة حتى تطرقين باب منزلي دائماً .. بالخطأ "

ثم ابتسم لها ,, عندها سددت رهف إليه نظرة لو كان الإنسان يقتل بالنظرات لكان زين قتل وقتها , تمنت رهف لحظتها لو أنها تستطع أن تضربه حتى تحطم أسنانه تماماً فهو يعتقد أنها فعلت ذالك متعمدة رغم إنكارها ذالك يا لغروره .. عندها ابتسم زين فعيني رهف فضحتا ما كانت تضمره من شر له فهو يقرأها ككتاب مفتوح أمامه إنها صافية وبرئيه جداً , خرجت رهف من منزله وهي تشعر بالغيظ منه لكن ما أن ابتعدت حتى تذكرت ما قاله

" أتمنى أن تطلق عليكِ كل كلاب المدينة حتى تطرقين باب منزلي دائماً "

فابتسمت وهمست لنفسها " هل يدعوا علي .. ! "

ثم واصلت سيرها وهي تشعر بسعادة تغمر قلبها الصغير بهذه الكلمات البسيطة لكن بالرغم من بساطتها إلا أن معناها كان كبيراً بالنسبة لها ...

لم نتواعد أنا ورهف يوماً لكن حبي لها كان ينمو يومياً أما اليوم الذي أصادفها فيه كنت أشعر بأن الله أهداني هدية لعملاً صالح قمت به ,لكن رهف كانت تتجاهلني تماماً بعد أن قلت لها ذالك ظننت في بادئ الأمر أنها غيرت رأيها بي فقد كنت أظل أراقبها لعلها تنظر إلي بطرف عينها كما كانت تفعل لكنها لم تعد تعيرني أي اهتمام حتى يرتد بصري إلي خائباً فأظل أياماً تلاحقني الظنون والشكوك ويجافني النوم خوفاً من أن رهف قد غيرت رأيها بي فأظل كالمجنون أتخيل ماذا سيحدث لي لو أنها غيرت رأيها بي بالتأكيد سأموت وفكرت مرات عدة أن أصارحها بحبي لها لكني ترددت فلم أملك يوماً الجرأة على البوح بمشاعري لأياً كان ومهما كانت مشاعري مكتظة بالآلام والحزن ما كنت قادرا بالبوح عنها فقد أعتدت على الكتمان , فكيف سأبوح لحبيبة قلبي بما أكنه له إن ذالك من المستحيلات لا أستطيع فعل ذالك, فأظل هكذا كالمجنون أتخبط في أفكاري ومشاعري حتى أراها تمر أمامي فأنسى كل شيء , و كل مخططاتي تنهار أمام قوة عينيها فهما يهجمان بقوة على قلباً ضعيف مصاب بسهم الحب فأي تكافئ هذا , وذات مرة رفعت عيني مرة أخرى لأتأكد بأنها لم تعد تعيرني اهتمام ولم تعد تكن لي أية مشاعر عندها وجدتها تختلس النظرات بابتسامة ماكرة لما فعلته بي فقد جعلتني كالمجنون تطوف أفكاري أياماً وليالي حولها فقط وكانت ابتسامتها تلك لا تكاد ترى وعندما رأتني أنني كشفتها ارتبكت قليلاً ثم تجاهلتني مرة أخرى وأكملت طريقها لكن ذالك كان كافياً ليؤكد لي أن ما أشعر به هي أيضاً تشعر به , لكن النساء أمهر أو بالأصح أمكر من الرجال في إخفاء و إظهار مشاعرهن فهن ماكرات يستطعن أن يخدعن أقوى وأدهى الرجال بسهولة وذالك لبساطة تفكير الرجال وهمهم في عضلاتهم. كنت كمن سيفقد عقله في كل مرة تمر أمامي ولا تنظر إلي , كنت أشعر كطفل اليتيم عندما تغيب عني فلا أعد أشعر أن للكون أهمية من دونها ..


***********************************
بحر ,, ودموع ..

بعد ذالك بوقت ليس بالقصير قررت أنا وزملائي في العمل أن نذهب إلى البحر لنصطاد بعض السمك ونشويه وقررنا أن يكون ذالك في يوم الخميس حتى يتاح للجميع الذهاب .

أتى يوم الخميس سريعاً فذهبت أنا وأخوي منذ الصباح وصلنا إلى البحر بعد ساعة فقمنا بتقسيم الأعمال بين المجموعة منذ البداية حتى يجد الجميع وقتاً للسباحة واللعب فكان على أنا واثنان من زملائي أن ننظف السمك بما أننا لا نستطيع أن نصطاد وثلاثة آخرون يصطادون أما البقية فنصفهم يشوي والنصف الأخر ينصب الخيام عمل الجميع بجد واستمتاع فكانت رحلة في غاية الجمال فقد قضينا اليوم الأول في مصارعة الأمواج واصطياد السمك ولعب الكرة على الشاطئ أما اليوم الثاني فقد كان البحر هادئاً فاستمتعنا بالسباحة منذ الصباح حتى أتى وقت الغداء فتجمع الجميع وجلسنا نأكل ما تم شويه بشراهة ليس لحلو مذاقه فقط لكن لشدة جوعنا أيضاً فمنذ الصباح ونحن في البحر وعندما انتهى الجميع من الأكل لم يكن بمقدورنا أن نعاود السباحة فقد كنا مرهقين فأخذ الجميع يتحدثون في شتى المواضيع ويضحكون على النكات التي أخذ يلقيها بعض من الزملاء والذين كانوا متمرسين في إلقائها عندها داعب النوم عيني ففكرت أن من الأفضل أن أخذ قيلولة لبعض الوقت وما أن هممت بالوقوف حتى سمعت اثنان يتحدثان معاً يجلسان بعيدين قليلاً عنا لم يكونا يشاركان البقية الضحك فلديهما أشياء أخرى يتحدثون بها ربما كان تقدم سنهما سبباً لذالك سمعت أحدهما يقول

" أتعرف أن المهندس كريم تقدم لخطبة ابنة صاحب الشركة "

رد عليه الرجل الأخر " إنه شاب جيد ,, ومن عائلة غنية "

وإلى هنا توقف عقلي عن العمل وفقدت حاسة السمع وقتها أيضاً فلم أسمع بعدها شيء أخر , فقد شعرت وقتها وكأن شيئاً قوياً ضرب معدتي فوضعت يدي على معدتي من شدة الألم الذي راودني وقتها لكن الألم سريعاً ما انتقل إلى صدري فشعرت فجأة بشيء يغلى بداخلي وكأن هنالك ناراً قوية تجتاحني حتى أنني شعرت بارتفاع درجة حرارتي وبأن الجو أصبح خانقاً جداً فسرت خطوة وشعرت بدوار كدوار البحر وبأنني قد أتقيأ في أي لحظة كل ما أكلته , عندها أمسكني سامر من كتفي فتلاقت أعيننا فرأى ما لم أبوح به فقال في فزع

" زين ماذا بك ..... زين هل تسمعني "

لم أجيبه فما عدت أسمع أو أعي شيئاً آنذاك فقد كنت في ذالك الوقت غارقاً في تفكيري الذي كان يمد بي ويجزر فقد تساءلت حينها هل يعقل أن هذه هي النهاية بيني وبين رهف هل قدري أن أعمل في شركة والدها كموظف صغير لا يذكر بينما يقدر لها أن تتزوج بمهندس لديه القدرة بأن يبقيها في المستوى الرفاهية الذي اعتادت العيش فيه إن من الجنون أن أتوقع أن ترفضه ربما الآن قد حان الوقت لأن تفكر أن حبي لها ليس سوى حب طفولي ليس إلا وأنه قد حان الوقت لأن تنضج وتفكر في مستقبلها بجدية وأنه من الأفضل لها أن تقبل بالشخص الذي تقدم لخطبتها بسعادة فليست كل الفتيات محظوظات مثلها , كانت هذه الأفكار كافية لتجعلني أجن فسرت وأنا أشعر بدوار شديد كدت أسقط بسببه فشعرت بيدي أخي سامر مرة أخرى وهو يمسك بي حتى لا أقع وهو يقول فزعاً

" زين "

لكنني دفعت يد أخي بعيداً وأخذت أنظر حولي كالمجنون وأخطو خطوات متعثرة إلى الأمام فلم أعد أعرف ماذا أفعل فقد كانت أفكاري ومشاعري تتخبط بي حتى كدت أسقط , عندها شعرت بنظرات الجميع المندهشة لتصرفي الغريب هذا , لكنني لم أعير للأمر أهمية فقد سرت إلى مكان بعيداً عنهم حتى لا أسمع صوت أحداً فيه وأخذت أنظر للبحر لكنني في الحقيقة كنت أنظر للاشيء , فقد كانت مشاعري ثائرة ومتخبطة بداخلي وليس ذلك فقط بل تكالبت علي الظنون والشكوك حتى أوشكت على الإغماء فحاولت أن أتنفس بقوة لكنني شعرت بالهواء وكأنه عدم من الوجود حاولت أكثر لكن لم يدخل لرئتي شيئاً ,حينها شعرت بأحدهم يمسكني من كتفي فإذا به أخي أحمد وما أن رأى حالي هذا حتى سائلني مذعوراً فقد كنت كمن يختنق

" زين ماذا بك "

قلت بصوت مخنوق ودموع محبوسة تكاد تفيض فتفضح أمري " أكاد أختنق يا أحمد "

" تعال معي سأذهب بك لأقرب مستشفى "

" لا فقط اتركني وحدي"

" ماذا تقصد بأن أتركك وحدك , هيا تعال لقد قلت سأآخذك لأقرب مستشفى , هيا "

عندها صرخت " لقد قلت لك اتركني لما لا تفهم "

ثم استدرت سريعاً لكن دموعي كانت قد فضحت أمري ظل أخي واقفاً لا يعرف ماذا حدث لي وما الذي غير حالي في لحظات وما هذه الدموع التي فاضت وما سرها عندها سمعته يهمس لي وقد اقترب أكثر مني

" ماذا بك يا زين هل هنالك شيئاً تخفيه ولما أنت .."

" اتركني "

" أتركك!؟ "

" أحمد أرجوك أتركني "

" سأتركك الآن فقط لكن لدي حديثاً معك لاحقاً "

شعرت وقتها بالغباء لقد مررت بأشياء كثيرة لكنني لم أري أحداً دموعي حتى أخوي الذين اعتنيا بي بعد انفصال والديّ لقد تزوجت والدتي وتركت البلد ورزقت بأطفال سوانا , ووالدي أيضاً تزوج لكنه لم يرزق بأي طفل سوانا لكنه كان يقوم بالاعتناء بزوجته وبنفسه أكثر منا , لهذا كان على أخوي أن يعتنيا بي كوني أخيهم الأصغر الذي لم أكن أبلغ الأربعة أعوام عندما تركتنا والدتنا لقد كانا لي الأم والأب فلم أشعر باليتم يوماً وهما بجانبي.

..................................

لكن اليوم فأنا أشعر باليتم الحقيقي فليس لدي أحد أصبحت كطائر خرج من سربه فعاش وحيداً , لقد مضيت عشرة أعوام على تركِ البلد دون علم أحد لكن لم يكن بيدي خيار أخر.

هل يعقل إن عدت لهم اليوم أن يقبلا بمسامحتي وكأن شيئاً لم يكن أم أنهما سيتخليان عني كما تخليت عنهما ؟؟

كيف لي أن أشرح لهما حقيقة ما حدث وهل سيصدقانني إن أخبرتهما بالحقيقة ؟؟

كيف للسنين أن تمضي سريعاً هكذا دون أشعر ؟؟

كيف لي أن أقابلهما الآن ؟؟

وما عذري الذي سيقبلانه لاختفائي المفاجئ وانقطاع أخباري عنهم ومن ثم ظهوري المفاجئ ؟؟

مرت أسئلة كثيرة في عقلي لم أجد لها أجوبة , فأنا متأكد أن أخوي الآن غاضبان ونادمان على الاعتناء بشخص مثلي أناني وغير مبالي لا يفكر سوى في نفسه , يحبطني و يزعجني أن يفكروا بي بهذه الطريقة , لأن الحقيقة ليست كذلك أبداً بل إنهم لا يعلمون عنها شيئاً , في الوقع أنا هو من تخلى عن كل شيء لأجلهما فقط .


**********************************
مال,, وشهرة ..

مضى على حالي ذاك أيام وأسابيع لا يعلم أحد ما علتي حتى أتى يوماً واجتمعا أخوي وقررا أن يسائلانني وأنه يجب أن أجيبهما رغماً عني وعندما رأيت أنهما جادان في ذالك وأنهما لن يتركانني حتى أجيبهما فضلت أن أجيب.

أحمد " ألن تقول ما علتك "

زين " ما الذي سيتغير إن قلت ذالك فليس بمقدور أحداً أن يساعدني "

أحمد " لهذه الدرجة علتك صعبة الحل"

زين " نعم "

أحمد " أذن أخبرنا ما هي وستجد حلها لدينا إن شاء الله "

زين ...

سامر " ألن تتكلم ,,, "

زين ...

سامر " هل يعقل أن الموضوع متعلق بفتاة ما !! "

نظر زين إليهما ثم هز رأسه ببطء بما يعني " نعم " ثم خفض عينيه ,,

أحمد " من هذه الفتاة التي فعلت بك كله هذا "
زين ..

سامر " هل يعقل أن تكون رهف ؟! "

نظر زين لكليهما لكنه لم يجب أيضاً ..

أحمد " هل هنالك فتاة غيرها "

زين ..

سامر " لا يعقل أن يكون هنالك سوى فتاة واحدة ستفعل بأخي هكذا وهي رهف , أنا متأكد من ذالك لكنني أريد أن أعرف ما قصة تغير حالك هذه , فأنت معجب بها منذ صغرك لكن ما الذي استجد في الموضوع ,, هل يعقل أنكما تتقابلان من ورائنا "

تغيرت ملامح زين من الحزينة والصامتة إلى غضب واستياء من تفكير أخيه بهم هكذا " لا تقل هذا عن رهف فهي ليست من هذا النوع من الفتيات "

عندها نظر كلاً من أحمد وسامر لبعضهما وابتسما فقد أوقعاه وجعلاه يتحدث أخيراً ,,

سامر " أذن من أي نوع هي,هل يعقل أنها من نوع حوريات البحر التي تفقد البحارة عقولهم في ظلام الليل الدامس فيرمون أنفسهم عن ظهر السفن وهم يبتسمون "

نظر زين إليه ثم قال " إن كنتما ستسخران مني منذ البداية لن أقول شيئاً "

سامر " وهل قلت شيئاً حتى نسخر منك فنحن منذ الصباح نحاول أن نجرجرك في الكلام لكن لا فائدة ترجى منك فأنت مثل الصندوق الأسود لا نستطيع أن نعرف ماذا به "

أحمد " سامر هلا صمت ليتحدث زين ويخبرنا ما الموضوع "

نظر زين إلى كليهما ثم قال بعد أن تغيرت ملامحه إلى حزناً شديداً " لقد سمعت بأن رهف ستتزوج بمهندس يعمل في الشركة "

تبادل كلاً من سامر وأحمد نظرات كلها دهشة وتفهم عندها قال أحمد " ألهذا أنت منزعج؟ "

زين " وهل تظن أن ما أمر به شيئاً هيناً إنني أشعر بأنني أكاد أموت كلما فكرة في الأمر وأنني اختنق و .. , أعرف أنه لأمراً مضحك لكن هذه هي الحقيقة "

سامر " لم يقل أحد أنه أمر مضحك ونحن نعلم كم هو مؤلم وقع الخبر عليك لكنك لن تموت سوى من بقائك بين هذه الجدران الأربعة دون أن تفعل شيئاً مفيداً لتحل الأمر "

قال أحمد بعد أن رأى استياء زين مما قاله أخاه سامر , فسامر رجل عقلاني لا يهتم بالمشاعر كثيراً
" أأنت متأكد يا زين مما قولته "

زين " بالطبع "

أحمد " غريب فقد أخبرني صديقي أن رهف رفضته "

نظر كلاً من زين و سامر إلى أحمد فإذا سامر يقول وقد سعد بالخبر أكثر من زين " ماذا تقصد يا أحمد هل الشخص الذي تقدم لخطبة رهف هو صديقك؟ "

هز أحمد رأسه مبتسما ,,

ثم أكمل سامر " وبأن رهف رفضته؟ "

ودون أن ينتظر أي جواب وجه حديثه لزين هذه المرة " هذه هي فرصتك يا زين ألم أقل لك أن لا تحبس نفسك بين أربعة جدران ها هي الفرصة تأتيك فأولاً لديك الفرصة الآن لأن تتقدم بخطبتها ثانياً لقد تأكدت الآن بأن الفتاة لا تفكر في سواك"

لكن الحزن ظل مخيماً على زين عندها دهش كلاً من احمد وسامر فقال سامر بانزعاج " والآن ماذا؟ "

زين " مازال هنالك الفارق الاجتماعي الذي بيننا أم أنكما نسيتما ابنة من هي, إن هي رفضت ذالك المهندس سيرفضني والديها وإن وافقت هي "

قال سامر بصوت منخفض " أذن لما أحببت فتاة تعلم أنك لن تصل إليها "

زاد هذا من حزن زين فقال بصوت منخفض ومحطم " الأمر لم يكن بيدي "

عندما رأى أحمد أخويه بهذه الحالة قال" اسمع يا زين لدي من المال ما يكفي لأن أفتح لك منزل فراتبي جيد لكن كل ما أريده منك أن تنتهي من دراستك سريعاً "

فقال سامر بسعادة من وجد الحل " أنا أيضاً سأعطيك ما لدي وهكذا ستكون قادر على الزواج برهف "

نظر زين لكليهما " لكن هذا مالكما الخاص بزواجكما , ثم أنتما تكبرانني ,, هل جننتما متى ستجمعان مثله وتكونا قادرين على الزواج أنتما أيضاً "

ابتسم أحمد " أستطيع أن أتقدم بطلب دين من الشركه ثم أنت ستكون زوج ابنة المدير وسيكون الأمر سهل عليك "

ابتسم سامر أيضاً " أتعرف من كثرة مراقبة الجثث وتشريحها فقدت طعم الحياة , إن الحياة في نظري أصبحت قصيرة وبلا معنى فلم أعد أهتم بالحياة يا ولدي"

عندها ضحكنا ثلاثتنا بسعادة فقد كنت آنذاك سعيداً بأن لدي أخوين مثلهما يحبانني ويضحيان من أجلي كان ذالك الشعور دافئ , فأنا لم أحظى بدفء أو حنان الأم أو الأب لكن أخوي عوضاني عن ذالك فقد كانا هبة من الله لم أحافظ عليهما وها أنا اليوم لدي المال والشهرة لكن ليس لدي أحد , فعندما بدأت طريقي هذه صبوة للمال والشهرة و لم أعي في ذالك الوقت أنني كنت أفقد الأشخاص الذين أحبوني بصدق وبدون مقابل , والآن هاأنا وحيداً في فندق لا يقيم فيه سوى كبار الشخصيات لغلى ثمنه لكنني لا أشعر بدفء فيه ..



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-05-14, 04:12 PM   #7

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



أثق فيك ...

وضع زين كأس القهوة على الطاولة وتمدد على السرير واضعاً يده على عينيه , فهو يشعر بالنعاس يداعب عينيه بالرغم من أن الوقت مازال عصراً , لكن بسبب لياليه المزعجة وما يلاقيه من أرق أصبح يشعر مؤخراً بإرهاق وتعب طيلة النهار , أغمض عينيه فإذا بالنوم يغلبه بينما كان يتذكر ذالك اليوم الذي طلب والد رهف حضوره للمكتب ليخبره على موافقته على زاوجه من ابنته , بالرغم من نصح جميع أفراد عائلته له بأن يتراجع عن قراره فالفارق بينهما كبير وليست في قدرته أن يقدم لها نصف ما تملكه وأن هذا الزواج لن يكتب له عمراً طويل , وعندما لم يستمع لأحد ابتعد الجميع عن طريقه ما عدا أخويه فقد كانا يعلمان مقدار حبه لرهف لهذا وقفا معه للنهاية التي فرقة بينهم دون تذمر أما الآخرين فقد أخذوا يراقبون ما يحدث له من الظل وعندما مر بما مر سمع همساتهم حوله فهنالك من كان يقول
" ألم ننصحك "

" لما أنت عنيد هكذا ,, أنظر ماذا حدث للجميع بسببك "

" ألا ترى أين هم وأين أنت ,, أم أنك أعمى "
.........................

دخل زين مكتب والد رهف بعد أن طرق الباب فرحب به الرجل وطلب منه الجلوس ونهض عن كرسيه خلف المكتب وجلس أمامه فقال له

" أتعرف منذ أن رأيتك أول مرة أعجبت بك وبجراءتك وثقتك الكبيرة بنفسك فأنت لم تخجل مثل بقية الأولاد عندما مددت يدي لأسلم عليك بالرغم من صغر سنك بل تقدمت ومددت كفك المتسخة بثقة , لهذا يجب أن تعلم إنني لم أوافق على هذا الزواج إلا من أجل ابنتي و لمعرفتي الجيدة باجتهادك ومواظبتك في العمل والدراسة وهذا ما شهد لك به زملائك , واثبات على ذالك أخويك فأحدهما مهندس يعمل هنا والأخر طبيب ولا أعتقد أن هنالك أكثر من هذا إثبات بأنك ستوفق في ارتقاء المراتب العالية فقد علمت أنهما من اهتما بك منذ الصغر وهما من يقوما على تشجيعك ,و لا أعتقد أنك ستخيب ثقتهما بك لذا أريد منك أن تثبت لي وللجميع في المستقبل أنك جدير بهذه الثقة "

ثم ابتسم له ووضع يده على كتف زين وقال بصوت أكثر جدية وقد انمحت تلك الابتسامة " رهف هي أغلى شيء بحياتي لهذا اعتني بها جيداً وعاملها كأميرة فنحن نعاملها كذالك وأي مساعدة تريدها ومهما كانت تعال إلي دون تردد فأنا أصبحت في مقام والدك الآن , أليس كذالك "

ثم ابتسم له مرة أخرى وظل كذلك طيلة الوقت حتى انصرفت , سعدت ذالك اليوم كثيراً بسبب حديثه عن الثقة التي وضعها فيّ لأسعد ابنته الغالية فقد أحببته منذ صغري ومنذ أول لحظة رأيته فيها بل كان مثلي الأعلى وقدوتي في الشهامة والوفاء لأقاربه بالرغم الفارق الاجتماعي بينهم ومساعدته لكل من يطلبها لقد كان مكان استحسان الجميع فكان يكفل الأرامل والأيتام والمحتاجين , لم يكن يشبه زوجته وابنه في شيء قط و عندما كبرت تعرفت عليه أكثر فوجدته رجلاً متواضع كريم الأخلاق أيضاً ,و كانت رهف تشبهه كثيراً في هذا بعكس والدتها وأخيها فهما شخصين مختلفين عن رهف ووالدها تماماً , فهما متغطرسين جداً ومتعالين يظنان أن المال كل شيء بل إنه أيضاً يعطيهما حق استصغار الناس والدهس عليهم ولقد كانا السبب في انتهاء علاقتي برهف فقد كانا منذ البداية معارضين على إتمام هذا الزواج فكانا يفتعلان لي المشاكل ولم أستطيع أن أتحمل جورهم وتحرشهم بي أكثر من ذلك .

أما الآن أصبحت راغباً برؤيتهما لعلي حينها أشعر بطعم السعادة الحقيقة التي أفقداني إياها والتي من أجلها هاجرت وتركت الجميع ورائي .. لكن إلى هنا انقطعت أفكار زين فقد غلبه النعاس فنام ...

******************************


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-05-14, 04:14 PM   #8

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



أحبك جداً و جداً...

وافق والد رهف على زواجي بابنته بعد تردد لم يدم طويلاً فهو لم يعتد أن يرفض لابنته طلباً , بالرغم من رفض ومعارضة زوجته وابنه رشدي على هذا الزواج , وعملا المستحيل حتى يمنعوا هذا الزواج لكنه تم في النهاية رغماً عنهما وذلك إرضاء لرهف , فقد تشاجرت كثيراً مع والدتها بالرغم من أن هذه ليست من عادتها , لكنها خافت أن يرضخ والدها لأمها وأخاها رشدي فيمنعها من الزواج بي, فكانت تمضي معظم ليليها باكية خائفة من الغد وما يحمل لها من خبر , حتى أخبرها والدها بعد أن رأى حالتها وكيف تغيرت من فتاة مبتهجة إلى كئيبة حتى أن الابتسامة تاهت عن وجهها , بأنه موافق على زواجنا عندها رأى شبح ابتسامة طلت بخجل على وجه ابنته التي لم تكن بلغت الثامنة عشرة عاماً سوى منذ عدت أشهر , حينها تأكد أن ذالك أفضل شيء يفعله لها فإبعادها ومنعها من الزواج بي سيؤذيها بالتأكيد وهذا الشيء الذي لا يريد أن يحدث لها .

مل زين من أفكاره التي أصبحت تدور في الماضي فقط فقام بتشغيل التلفاز على أحد المحطات فإذ بهم يبثون أغنية جديدة لأحد الفنانين ..

تم النصيب ودام الفرح عنا ليالي
وأحلى عروس بها الدنيا صارت حلالي
..... ....

صرتي بداري ودار الهنا
وان صابك ضنا حدك لا تخافي
غير كلمة حبيتك انا
يطلع ع شفافي مش رح
وتضلي بحضني الدافي
...... ....

وبينما الأغنية تصدح في المكان شرد زين مرة أخرى وعاد إلى الماضي الذي أصبح يلازمه وكأنه مرض خبيث أكتشفه مؤخراً فقد ظل صامتاً لسنوات حتى ظهر الآن وبقوة ..

أعادت هذه الأغنية زين إلى أول أيام زواجه فهمس لنفسه " كم كانت تلك الأيام جميلة "

فقد أصبحت رهف أخيراً زوجتي وأحد ممتلكاتي , نعم كنت أظنها وقتها أنها شيء خاص بي شيء أستطيع تملكه كنت أظن حينها أن الحب مجرد تملك, لم أكن أعلم أننا نظل شخصان مختلفان رغم إتحاد قلبينا, كنت آنذاك مستعد لأن أعمل أي شيء لأسعدها فقط .

كان زواجنا في الصيف وهو نفس الفصل الذي تقابلنا به لأول مرة عندما كنا طفلين , نجحت رهف وحصلت على مجموع عالي وكنت سعيداً وفخوراً بها وكأنني أنا من حصل على ذالك , احتجت ذالك الصيف أن أضاعف عملي فقد أردت أن أقدم لها شيئاً مميزاً , شيئاً يشبه ما قدم لها أفراد عائلتها من هدايا غالية الثمن , فقد شعرت وقتها بالضيق والانزعاج لعدم مقدرتي شراء مثل هذه الأشياء لها , لكنني في نهاية الشهر اشتريت لها ساعة بها فصين ألماس وكان عليها عرض فساعدني ذلك على شرائها , لكن ما أن رأتها رهف وبختني على صرفي مرتب شهراً كاملاً على شيئاً لديها الكثير منه وليس ضروري في نظرها, فانزعجت منها فهي لا تعرف كم قضيت من ساعات أتنقل بين عملي وبين السوق أبحث لها عن هدية تليق بها وبما لدي من مال , لكن ذالك لم يكن سبباً يقنعها لإضاعة المال فمنذ أن تزوجتها وهي من تهتم بمسألة المال فقد قررت منذ البداية أنها هي من ستتولى كامل التصرف بالمال , فأصبحت تأخذ كل ما أحصل عليه من مال في بداية كل شهر ثم تبدأ في تقسيمه على الفواتير وعلى الحاجات التي نحتاجها أما الباقي فتخبئه , وكانت تمنعني من تبذير المال ولو من أجلها كنت أحب أن أقدم لها كل ما أستطيع لكنها كانت تمنعني , وأخبرتني أن وجودها معي كافي لإسعادها وأن المال لم يعنها يوماً وأنه ليس مهم بالنسبة لها بقدري أنا .

لا أذكر أنها تذمرت يوماً من أي شيء يمر بنا بل كانت هي من تساندني وتساعدني في اتخاذ قراراتي وتشجعني على كل شيء , وكانت تخبرني باستمرار عن ثقتها بي ومقدار حبها لي , كانت كل أيامي معها سعادة في سعادة لا أذكر أننا بتنا ليلة متخاصمين, فقد كانت هي من تبدأ الخلاف وهي من تنهيه كانت عنيدة ولم يكن من السهل تغيير رأيها مهما كان , وكان ذالك يغيظني جداً لكنها كانت تحتوي غضبي وتنسيني إياه فأنساه أنا أيضاً إن ابتسمت لي , وكانت تفعل ذالك كلما أغضبتني فهي قد تعود تتحدث معي مع ابتسامة وكأن شيئاً لم يكن , وقد تضع لنا الطعام متجاهلة ما حدث وكنت أفعل مثلها أيضاً فمن أنا لأعكر ابتسامتها الجميلة فيكفيني أنا أراها مبتسمة لأنسى كل شيء .

مر الصيف بسرعة وحان وقت التسجيل في الجامعة عندها طلبت رهف مني أن أرافقها فالمكان سيكون مكتظاً بالطلاب وهي لا تعرف ماذا تفعل , ذهبت معها فإذا بها تتوجه إلى قسم الهندسة لتسجل فيه , فشعرت وقتها بالغيرة تعتمل بداخلي لأن ذالك ذكرني بالمهندس الذي أرادها خطبتها , ولأن أكثر المهندسين وسماء وأذكياء ومن عائلات راقية أو ميسورة الحال فانزعجت لهذه الفكرة , عندها فكرت أن أقترح عليها أن تتخصص في قسم تصميم الأزياء أو المجوهرات أو الفنون فهي ماهرة في الرسم أين كان فوافقت بعد تفكير دام دقيقتين لكنها ترددت فجأة فسألتني قبل أن نخطو

" هل تعتقد أننا على صواب ألا نستشير والدي "

كنت أريد أن أقول لها شيئاً لكنني امتنعت فقد فكرة حينها أن أفضل طريقة أن أبتعد عن طريقها لأوهمها أن ما اختارته هو بمليء إرادتها بينما كنت أراقبها ..

فقلت " لا مانع لدي أن نستشير والدك "

لكنها أجابت " أنا أعرف ما يريد والدي وهو أن أصبح مهندسة , لكنني أريد أعرف ما تراه أنت يا زين مناسباً لي "

فأجبتها وأنا أراقبها بعين خفية " لقد قلت لك أنني لن أقف في طريقك مهما كان اختيارك "

صمتت قليلاً مفكرة .....

ثم قالت " أنا لم أفكر في التصميم أو الرسم بجدية من قبل ,, لكنه يعجبني فما رأيك أنت "

" لا رأي لي بعد رأيك فهذا مستقبلك يا رهف "

فابتسمت لي وأمسكت يدي وتوجهنا لقسم التصميم وكان المكان مكتظ بالطالبات أكثر من الطلاب عندها شعرت بسعادة
تغمرني , فتحت الجامعات أبوابها لطلابها فكنت أوصل رهف لجامعتها بالرغم أنني كنت أتأخر على محاضراتي وكنت أعاقب أحياناً , حتى أن أحد أساتذتي والذي لم يعتد على إهمالي طلب محادثتي بعد الانتهاء من المحاضرة وحقاً ذهبت وقابلته , فإذا به يسأل عن أحوالي فأخبرته بأنها جيدة فإذا به يصرخ بي ويقول

" لقد أخبرتني ذات مرة أنك تنوي أخذ أعلى العلامات حتى تستطيع أن تبعث للخارج ما الذي استجد الآن "

فأجبته بابتسامة " لقد تزوجت "

فإذا به يصرخ ساخراً " تزوجت أهذا عذر "

فانزعجت منه وهمست لنفسي وما شأنه هو في ما أعمله أو لا أعمله فقال لي بصوت أخفض وقد لاحظ انزعاجي

" اسمع يا زين أنا أرى فيك الذكاء والنباهة وأنا عندما أقول أن شخصاً ما سينجح في حياته يصدق ما أتوقعه له من نجاح وأنا لست مضطراً لنصحك وإرشادك أتفهم يا زين"

لكنني لم أجيبه فقد كنت محرجاً عندها أكمل حديثه بعد أن رأى فيّ التأثر بحديثه " لقد قضيت أربعين عاماً من عمري وأنا أعلم الطلبة ولست بأول شخص أرى فيه هذه الصفات لهذا أريد منك الاجتهاد من اليوم وسأساعدك في الحصول على البعثة لكنني أريد منك الاجتهاد , أتفهم ذالك يا زين "

هززت رأسي وأنا حائراً لم أحب صراخه بي وكأنني طفلاً , لكن اهتمامه بي جعلني أخجل من تصرفاتي الطفولية لهذا كنت أحاول أن أتقدم في جميع صفوفي وساعدتني على ذالك رهف فقد أخبرتها ما أخبرني به أستاذي فقالت لي هي الأخرى

" أنا أؤمن بك أيضاً "

كنت أحاول أن أنهي محاضراتي سريعاً عند الظهيرة حتى لا أتأخر على رهف فكنا نذهب ونعود معاً وكنا نسير على الأقدام مسافات طويلة ممسكين الأيادي حتى نوفر قليلاً من المال , وعندما كنت أذهب لاصطحابها أجدها تنتظرني باسمة أمام بوابة الجامعة تحمل دفاترها وأوراقها كطفلة جميلة فأبادلها الابتسام , وكنت ما أن أراها حتى أنسى الدنيا وما فيها فقد كانت بالنسبة لي ست النساء وكنت أهمس في أذنها عندما نكون راكبين الباص شعر لنزار القباني’ ست النساء ’ فالمسافة من منزلنا للجامعة كانت طويلة قليلاً وكانت تطلب مني أن أسمعها أشعاراً حفظتها و التي كانت هي عزائي قبل زواجنا وكانت تسعد هي بسماعها ولا أتذكر الآن الكثير منها لأنني نسيتها منذ زمناً بعيد فقد أغلقت أبواب قلبي ولم تدخله له امرأة بعدها ليس وفاءً لها بل لأنني أصبت بندبة كبيرة في قلبي أخاف أن تكون التالية قاضية , أغمض زين عينيه وهو يردد قصيدته المفضلة محاولاً أن يتذكرها جيداً ..

أحبك جداً

أحبك جداً

وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويـل

وأعرف أنك ست النساء

وليس لدي بديـل

وأعرف أن زمان الحنيـن انتهى

ومات الكلام الجميل

...

لست النساء ماذا نقول

أحبك جدا ...

أحبك جداً وأعرف أني أعيش بمنفى

وأنت بمنفى

وبيني وبينك

ريحٌ

وغيمٌ

وبرقٌ

ورعدٌ

وثلجٌ ونـار

وأعرف أن الوصول لعينيك وهمٌ

وأعرف أن الوصول إليك

انتحـار

ويسعدني

أن أمزق نفسي لأجلك أيتها الغالية

ولو خيروني

لكررت حبك للمرة الثانية

......

يا من غزلت قميصك من ورقات الشجر

أيا من حميتك بالصبر من قطرات المطر

أحبك جداً

وأعرف أني أسافر في بحر عينيك

دون يقين

وأترك عقلي ورائي وأركض

أركض

أركض خلف جنونـي

...

أيا امرأة تمسك القلب بين يديها

سألتك بالله لا تتركيني

لا تتركيني

فماذا أكون أنا إذا لم تكوني

أحبك جداً و جداً و جداً

..... .....

ثم توقف فهو لم يعد يستطع أن يكمل أكثر من هذا فقد شعر بأنه عاد إلى الماضي البعيد , الماضي الذي ظن أنه قد نساه فما الذي ذكره الآن بهذا القصيدة ومشاعره التي نامت منذ سنوات ..

فقد أشعرته هذه القصيدة للحظات بالشوق لأن يضع فمه بالقرب من أذن حبيبته رهف ليسمعها إياها مرة أخرى , وليخبرها أنها مازالت ست النساء بالنسبة له بالرغم من مرور السنين عليهما أغمض زين عينيه ونام وهو يشعر بالتكدر من أفكاره وذكرياته التي أرهقت يومه ...

******************************

استيقظ زين مبتسماً حتى أنه لم ينهض عن السرير سريعاً كعادته لينفض عنه الكسل بل ظل ممداً يعيد حلمه الجميل فقد عاد في نومه إلى ذالك الوقت الذي كان يسرع في إنهاء محاضراته ليسرع إلى الذهاب إلى رهف فيجدها تنتظره عند البوابة كعادتها باسمة له لم تعاتبه يوماً إن تأخر أو تنزعج بل كانت تشتري له عصيراً بارداً وتقول له

" يبدوا أنك نسيت أن تشرب بينما كنت تسرع إلي "

بالرغم من إنكاري إلا أنها تكشفني أو ربما كان حبي لها واضحاً عليّ وكنت ما أن أصل حتى أقوم بأخذ ما بيدها من كراريس فقد كانت ثقيلة عليها حمل الكثير من الكراريس أو ربما كان تأنيب ضميري هو السبب فلو أنه لدي مال , عندها ما كنت تركتها تنتظرني طيلة هذا الوقت أمام البوابة حتى نعود سوياً , لكنها كانت ترد على مبادرتي هذه بابتسامة رقيقة و كان ما يميز رهف ابتسامتها تلك التي لا تفارقها أبداً إذ نظرت إلي أو تحدثت معي , وكانت أفضل من تصغي إلي فقد كنت من قبل لا أتحدث كثيراً أما منذ أن تزوجتها حتى أصبحت لا أغلق فمي سوى لتناول الطعام أما هي فكانت معظم الوقت تصغي إلي فقط كانت تتركني أخبرها بكل ما يدور برأسي وبما أحلم بتحقيقه وبما أحب ولا أحب وكانت تشاركني قليلاً لكن دون أن تقاطعني كنت أحب أن أبقى معها طيلة الوقت لم أكن أمل من رفقتها كانت ملاكي الجميل في حياة الفقر والبؤس تلك كنت آنذاك لا أشعر سوى بالسعادة فمعها أشعر بالأمل بغد أفضل , لم يخطر ببالي وقتها أن الأمر كله و منذ البداية فاشل وأنه لن يطول بنا الأمر حتى نفترق ربما لصغر سني وهيامي بحب رهف جعلني أظن أن قصتنا لن تكون مثل قصص "الفقير والغنية " التي نسمعها في العادة وعن فشل هذه العلاقة بسبب الفروق الاجتماعي التي تقف عائقاً بينهما , كنت آنذاك أظن أن باستطاعتي أن أجعل ذالك ممكناً لكن في النهاية حدث المتوقع حدوثه , فقد انفصلنا أنا ورهف ومنذ ذالك الوقت لم أسمح لنفسي بالتفكير بها خوفاً من أن أجن , لكنني ومنذ أن وطأة قدمي أرض الوطن وهي لا تفارق خيالي , لقد كانت هي وعائلتها السبب الرئيسي في اختفائي طيلة هذه السنوات وعملي الجاد والمتواصل , وها أنا وصلت أخيراً لما صبوة إليه فقد وضعت هدفاً أمام عيني وهو أنني لن أعود إلا إن جمعت مالاً يساوي ما لدى عائلتها , والحمد لله قد جمعت الكثير من المال والشهرة أتمنى حقاً أن أقابلها الآن فأنا أريد أن أرى ما حققته في عينها ...

نهض زين متوجهاً إلى الحمام ليغسل وجهه وعندما نظر إلى نفسه في المرآة همس ..

ما زلت يا مسافرة

مازلت بعد السنة العاشرة

مزروعة

كالرمح في الخاصرة

******************************

انتهينا ...

لم يستمر زواجنا سوى بضعة أشهر فقط بسبب عدم مقدرتي على تحمل المزيد من الإهانات التي كان يلقيها أخ رهف ووالدتها بوجهي , وأحياناً كانوا يوجهونها إلي من تحت الطاولة وبالكلام الغير مباشر أمامها وأمام والدها أشعروني بالنقص وبالفارق الذي كان يقف حاجزاً بيني وبينهم , لكن رهف لم تلتفت لتلك الإهانات بل كانت تتجاهلها وكنت أفعل ذالك أنا أيضاً إرضاءً لها فإذا هي لا تريد أن تثير المشاكل فلن أكون أبداً أنا مثيرها , لكن عدم نقاشنا في الموضوع كان يزيد من حنقي دون أن أشعر فقد أصبحت أتكدر إن أتت بسيرة عائلتها ولم أكن أشاركها الحديث عنهم فتصمت هي متفهمة الأمر لقد كنا صغيرين على المرور بمشاكل مثل هذه , أذكر أخر لقاء بيننا كان عندما طلبت مني أن أشارك عائلتها الغداء ذات يوم فقد دعانا والدها لتناول الغداء في منزلهم , فذهبت رغماً عني إرضاءً لها ولوالدها كنت مستعداً لأن أتحمل من أجلها الكثير حتى أراها مبتسمة على الدوم , فقد كانت ومازالت هي الشخص الوحيد الذي أفكر به في اليوم ألف مرة فكيف يمكن لي أن أعكر صفوها بإثارة مشكلة مثل عدم ذهابنا لزيارة عائلتها المحترمة.

وصلنا لمنزل والدها وكان منزل عائلتها عبارة عن طابقين به غرف كثيرة وبه مسبحين وحديقة تلتف حوله ومواقف للسيارات كبير أمام المنزل كان منزل يعبر عن غنى أصحابه , وصلنا للمنزل فتركتني رهف أنتظر الجميع في الصالون بينما تذهب هي لتلقي التحية على والدتها , عندها وصل أخيها من الخارج وبينما كان يسير صاعداً إلى غرفته وهو يلعب بمفاتيح سيارته , تمنيت وأنا أجلس بالخلف في مكاناً بعيد عن مرمى عينه أن يواصل سيره وألا يلتفت إلى الخلف , لكنه وكأن به مجسات يشعر بما حوله فقد توقف واستدار للخلف وعندها وجدني اجلس في أحد أركان الصالون , فنظر إلي بتغطرس وهو يسير نحوي حتى وصل إلى الكرسي الذي أمامي وجلس عليه رافعاً رأسه ينظر إلي نظرة تعالي واستصغار ثم قال بسخرية

" غريبة والله الدنيا, هنالك مثل يقول اللبيب بالإشارة يفهم و ال..تعرف بقية المثل أليس كذالك يا زين فأنت ذكي جداً"

قال زين وهو يحاول أن يمسك أعصابه " ماذا تقصد يا رشدي "

صدرت ضحكت استعلاء من رشدي ثم قال " أعني أنني لا أصدق أن هنالك أشخاص في هذه الدنيا مهما تحاول أن تفهمهم عن عدم رغبتك في رؤيتهم بمنزلك أو في أي مكاناً أخر , تجدهم طيلة الوقت أمامك كالغراء "

وقف زين وهو غاضب من إهانة رشدي له ثم قال " أنت تعرف أنني لست هنا لزيارتك لكنني زوج أختك ووالدك هو من دعاني ومن احترامي لوالدك قمت بتلبية دعوته هذا كل ما في الأمر "

قال رشدي بسخرية " احتراماً لوالدي أم من أجل مال والدي ونفوذه , أتعرف لقد اخترت أسرع طريقة للوصول لقلب والدي , إنني أحيك على ذالك "

صرخ زين " رشدي "

قال رشدي وهو يزيد ابتساماً بينما زين يفقد أعصابه " ماذا هل تريد أن تنكر هذه الحقيقة , أتعني أن زواجك من أختي الكريمة حباً فيها وليس في مالها ومال والدها لهذا أنا أسميك بالذكي فقد لعبة لعبتك صح , لكن يجب أن تعرف بأن لعبتك ستكشف في أسرع وقت وبأنك لن تفوز في الأخر بأي شيء لهذا أنا لدي لك اقتراح يرضي الطرفين "

ووقف رشدي واقترب من زين بينما هذا الأخير يغلي من رأسه حتى أخمص قدميه غضباً قال رشدي " ما رأيك بأن تطلق رهف وسأعطيك مقابل طلاقها المبلغ الذي تريده "

ثم قدم له شيك وهو يقول " خذ وأكتب المبلغ الذي تريده وأرجو ألا تمثل دور الحبيب طويلاً على أختي خذ هذا الشيك واغرب عن حياتنا فقد رأينا ما يكفي عن حقيقتك "

زين" حقيقتي "

رشدي " نعم حقيقتك أم تظن أنك استطعت أن تخدعني أنا وأمي فنحن لسنا بأغبياء مثل والدي ورهف , ما رأيك أن تكتب الرقم الذي تريده وأن تختفي عن حياتنا للأبد "

زين " رشدي أنا لا أسمح لك بإهانتي أكثر من هذا "

قال رشدي ساخراً " أهنتك , حقاً !!أتعرف أنك تضحكني أتقصد بهذا أن من هم أمثالك يهانون ولديهم مشاعر وكرامة "

عندها لا أعرف كيف أمسكت به وكيف أخذت أضربه وألكمه بكل قوة محاولاً أن أمحو ابتسامته الساخرة عن وجهه بينما أخذ هو يحاول أن يفلت من بين يدي ليهرب,لكن غضبي زاد من قوتي بالرغم أنه لم يكن هنالك فارق كبير بين جسمينا, لكن رشدي لم يستطع أن يفلت من قبضتي وبينما كنت ألكمه وأضربه وأتفوه بكلمات لليوم لا أذكر ما كانت,سمعت صراخ لم أميز وقتها ما مصدره لكنني شعرت فجأة بأن هنالك من يضربني على ظهري من الخلف ويحاول دفعي عن رشدي , وعندما استدرت وجدت أنها والدة رهف كانت تقف خلفي وتقوم بضربي بكل قوة أؤتيت بينما كانت تصرخ بي بأن أترك ابنها , لكن ذالك زاد من حنقي فأخذت ألكمه أكثر في كل مكان تصل إليه يدي من جسده الممدد تحت ثقلي , شعرت وقتها بأني جننت وأنني خرجت عن نفسي للحظات , بينما كان هو يرفع يده ليحمي وجهه و يمنعني من الوصول إليه وظللت هكذا حتى تعبت يدي وتعب هو أيضاً عن إبعادي عنه فارتخت قبضتي قليلاً وارتخى جسده تحتي عندها نهضت عنه وأنا متعب , لكن ذالك كان رداً كافياً له على جميع إهاناته التي وجهها إلي هو ووالدته, كانت والدته قد أبلغت الشرطة بتهجمي على ابنها وطلبت منهم القدوم لأخذي قبل أن أقضي عليه , ترنحت في وقفتي بينما نظري مسدد للشخص الممدد على الأرض ينزف دم من كل مكان , ويعتصر ألماً بين أحضان والدته وكان هذا كافياً ليرضيني وفجأة لم يعد يتحرك عندها عرفت إما أنه مات أو أغمى عليه من شدة الضرب , لكنني لم أهتم أبداً فقد نلت منه ومن والدته ما يكفيني عمراً كاملاً , نزعت عيني عنهما وهممت بالذهاب لكنني عندها رأيت رهف تجري مارة بجواري بعد أن دفعتني عن طريقها , لتجلس بجوار والدتها لتضم أخاه هي الأخرى فأخذتا تقلبانه يمنة ويسرة ليريا هل هو حي بعد أم أنه قد فارق الحياة عندها قلت وأنا أرى دموعهن واسمع صراخهن

" المرة القادمة سيكون موته حتماً على يدي "

فصرخت والدته وهي تبكي " أيها الحقير سأجعلك تتعفن في السجن , أقسم لك أن يحدث ذالك , أخرج من منزلي "

بينما نهضت رهف والدموع تتساقط منها لتصفعني بكل قوة أوتيت حتى شعرت بأنها حطمتني ليس لقوة الصفعة لكن لكون رهف هي من وجهتها لي ثم قالت باكية

" أنا أكرهك لا أريد أن أرك مرة أخرى أنت مجرد مجرم أنت شخص همجي ستأتي الشرطة في غضون دقائق وسنتأكد من تعفنك في السجن فلا تحاول أن تهرب أو أن تختفي"

كان هذا كافي لأعرف أن ما كان بيني وبين رهف قد تحطم إلى الأبد لقد وصل رشدي ووالدته إلى ما كانوا يصبون إليه منذ البداية , وحتى إن صدقتني رهف فيما لو أخبرتها بأنهم هم من أوصلوني إلى هذا الجنون فهي لن تسامحني بما فعلته بأخيها , والدها أيضاً لن يسامحني فهو ابنه الوحيد ورؤيته له بهذه الحالة ستكفي لأن يجعلني أتعفن حقاً في السجن فالابن غالي مهما كان سيئاً ...

أخذت للسجن وبقية فيه عدت أيام فوالد رهف لم يرضى أن يتنازل عن القضية , وكانت الغرامة كبيرة فلم يستطع أخوتي أن يدفعونها بسرعة , عندها وصلت قضيتي للمحكمة وبينما كنت بالسجن أتى محامي والد رهف , وساومني على أن أطلق رهف وأختفي عن حياتهم فما فعلته بابنه تعبر عن أنني لست سوى مجرم وأنني أستحق أن أتعفن في السجن , فضلت أن أتعفن في السجن على تطليق رهف لكن ما أن علما أخوي حتى اشتد بهما الغضب والانزعاج فأخبراني

" ما الفائدة من بقائك في حياة امرأة بالرغم من رفضها إياك , ألا تملك كرامة يا زين "

لكنني كنت اتمنى أن تعود المياه لمجاريها بعد أن أقوم بشرح موقفي لها وعن الحقيقة كاملة , لكن الآن وبعد هذه السنوات أعلم بأن ما بيننا صعب أن يصلح مرة أخرى , فقد حطمت رهف كل الجسور التي كان يمكن العبور عليها للتواصل بيننا هي من اختارت أن تنهي زواجنا بهذه الطريقة , بقيت في السجن وحكم علي بالسجن بسبب ما أصاب رشدي من نزيف داخلي وارتجاج بسيط , لكن الحمد لله في النهاية وبعد جلسة استئناف استطعت أن أخرج فقد كان لدي محامي ذكي جداً وكثير الحيل , خرجت بشعور سيء يصاحبني شعور بأنني أصبحت أحد أولئك المجرمين لكنني واسيت نفسي بالقول لها

" المهم أنني خرجت , وسأحاول أن أصلح ما كسر بيني وبين رهف "

لكنني فوجئت بأن رهف سافرت مع أخيها ووالدتها ولقد منعت من الجامعة لسنة كاملة قابلة للتمديد أكثر بسبب سجلي القانوني الذي لطخ بدم أحد أبناء المسئولين في البلد , وطردت بالطبع من الشركة حتى أنني منعت من الدخول للشركة فقد حاولت عدت مرة أن أصل لوالد رهف كنت مستعد لأن أعتذر عن كل شيء لكنني لم أفلح في مقابلته , عندها أخبراني أخوي أن أتخلى عنها فهم من عالم ونحن من عالم وأنها لو مازالت تريدني لما سافرت وتركتني هكذا دون كلمة واحدة , عندها تمنيت لو أنني أستطيع أن أصل لذالك العالم فأنا أريد أن أرى ما هي الحقوق التي تعطى للأشخاص الذين يعيشون في ذالك العالم ولما هم من يسيرون شئون حياتنا رغماً عنا , شعرت حينها بأن عالمي بدء ينهار من حولي فقد أصبح يخنقني فشعرت بأن الهواء بدء ينقص ويكاد يعدم لهذا اخترت هذا الطريق بالرغم من صعوبته لكن رأيت أن هذه أفضل شيء أعمله للجميع فما ذنبهم ليختنقوا معي.

******************************

وداعاً سأرحل ...

خرجت من السجن لأبقى مسجوناً في المنزل فلا عمل يلهيني ولا دراسة تسليني أصبحت شخص عاطل وعالة على عائلتي , كنت أمضي أيامي وليالي تلك في التفكير فقط ولم يطول الوقت حتى انضم إلي أحمد فقد تم طرده من عمله هو أيضاً , ثم انضم لنا سامر أيضاً فقد رسب سامر في أحد مواده الذي يدرسها بسبب دكتوره الذي أخبره بوقاحة

" اسمع يا سامر أنت تعرف أنني الوحيد الذي أدرس هذه المادة لهذا انزع من رأسك فكرة نجاحك منها ما دام السيد جمال منزعجاً منك "

ردد سامر باستنكار " السيد جمال "

" نعم السيد جمال رجل الأعمال الكبير أم أنك لا تعرفه "

" بلى للآسف أعرفه "

" لقد أوصاني عليك وأخبرني أنك ستفهم الرسالة وحتى ذالك الوقت أنصحك بعدم أخذ المادة لأنك تعرف النتيجة مسبقاً"

" لكنني سأتأخر في المقرر "

.....

زين " فماذا أجاب "

هز سامر كتفيه بعدم اهتمام " لا شيء "

لقد طال عقاب والد رهف جميع أفراد عائلتي فقد عرف أين يضرب ضربته حقاً , لقد ظهر وجهه الحقيقي أخيراً الذي كان يخبئه خلف قناع الطيبة والتواضع ..

.......................

لم يتوقف أحمد بعد طرده عن الذهاب إلى كل شركة لعله يجد هنالك فرصة عمل له في إحداها , لكنه بالرغم من ذهابه إلى كل شركة لم تقبله إحداها حتى أخبره أحدهم ذات مرة

" إن من الأفضل لك ألا تتعب نفسك أكثر ,, لقد تم التبليغ عنك في الكثير من الشركات بمنعك من العمل ,,, لهذا إن من الأفضل لك ألا تتعب نفسك أكثر بالبحث ,, أنت تعرف أن الجميع يريدون أن تسيير مصالحهم "

عاد أحمد ذلك اليوم محطم المعنويات يشعر بأن جميع الأبواب أغلقت بوجهه , فجلس هو الأخر في غرفتنا التي احتوتنا طويلاً فيها يخبرنا بما حدث له عندها نهضت منزعجاً وأنا أتساءل بصوت عالي

" ماذا يعتقد أنه يفعل بنا ,, هل يظن بأن بهذه الطريقة يستطيع أن يجعلني أترك البلد وأهج ؟؟ أم أنه يظن بأن هذا الطرق الملتوية التي يتعامل بها معنا يستطيع أن يضغط عليّ لأطلق ابنته ؟؟ يجب أن يعلم أنه في كلا الحالتين لن ينال مني شيئاً وحتى لو قتلني فلن أفعل ما يريده "

عندها قال سامر محذراً زين عن تماديه في تحدي الرجل " اهدأ يا زين ,, ودعنا نأخذ الأمور بروية أكثر فيبدوا أن السيد جمال قد كشر عن أنيابه أخيراً , فحذارِ يا زين من تماديك أكثر في إغضابه فالمدينة كلها بيده ونحن لا قدرة لنا عليه يا أخي "

عندها قال زين في يأس " إذن ما العمل "

فصمت الجميع كلاً منهم يفكر في حل لهذه المعضلة ..

...........................

بعد عدة أيام استطاع زين الوصول أخيراً لوالد رهف , بينما كان هذا الأخير يكاد يهم بالصعود لسيارته عندها صرخ زين

" انتظر "

استدار والد رهف وألقى نظرة على زين من خلف نظارته الشمسية نظرة كانت كلها استياء واندهاش من جرأته على الوقوف أمامه مرة أخرى وبهذه الوقاحة وبينما كان والد رهف ينظر إلى زين قال هذا الأخير

" ها أنا أمامك أفعل بي ما شئت لكن أخوتي لا "

لكن والد رهف لم يجيبه بل استدار وأكمل صعود لسيارته عندها صرخ زين مرة أخرى " ماذا تريد مني وسأفعله دون تردد لكن أخبرني , أخبرني فقط "

عندها نظر والد رهف إليه من خلال النافذة المفتوحة نظرة غامضة طويلة , فكان يبدوا أنه أخذ يقلب في عقله ما قاله زين للتو , فقد سائله بعد صمت طويل حتى أن زين أعتقد وقتها أنه لن يجيبه لكنه تحدث أخيراً سائلاً إياه

" هل أنت حقاً مستعد لأن تفعل ما أطلبه منك ؟؟ "

رد زين بلهفة وكأنه وجد الحل أخيراً بالرغم من أنه كان يعلم أن ما سيطلبه سيكون مستحيلاً عليه فعله " بالطبع أنا مستعد "

" اترك البلد "

عندها شعر زين بأن هنالك قنبلة فجرت بوجهه للتو فقد قال والد رهف ذلك بكل بساطة , فردد زين كالأبله

" اترك البلد "

السيد جمال " نعم اترك البلد ,, وأتمنى أن يكون تركك للبلد نهائياً فلدي أعمال سواك أريد أن أتفرغ لها مستقبلاً , فما جلبته لنا من متاعب تكفينا عمراً لهذا إن أردت أن تعيش أنت وعائلتك بسلام اترك البلد ولا تعود إليه "

كاد زين أن يفقد أعصابه للحظات , وهو يتساءل ما الحق الذي أعطى رجل مثله حتى يأمره بمغادرة بلده بهذه البساطة, فإما أن ينفذ ذلك أو لن تنعم عائلته بسلام مرة أخرى .

.............................

مرت الأيام وأصبحت أكثر اسوداداً في عيني وأنا أتساءل من أين لي بمال لأشتري فيزا ؟؟ وأين سأذهب فليس لدي أحداً بالخارج ؟؟ حتى أنني لم أخبر أخوتي فما لديهم من هموم تكفيهم , وبينما كنت سائراً ذات مرة في الحارة سمعت فيها من يتكلم عن شخص يبع فيزا لمن يريدون العمل بالخارج , عندها شعرت وقتها بأن مهما أظلمت الدنيا لابد أن يكون هنالك بصيص من الأمل , لكن ذلك البصيص قتل في مهده فالمبلغ المطلوب لم يكن بالقليل فمن أين لي هذا المبلغ الكبير حتى أسافر , عندها خطرت ببالي فكرة ترددت وقتها في تنفيذها لكنني كنت مجبراً فقد أغلقت جميع السبل أمامي , وكانت هذه الفكرة هي أن أذهب لوالد رهف وأخبره إن أراد مني أن اترك البلد فليشتري لي فيزا حتى أستطيع العمل بالخارج فأنا لا أملك المبلغ المطلوب , في بادئ الأمر ذهل والد رهف من هذا الطلب الغريب لكنني أخبرته

" إنه ليس بالشيء الكثير مقابل تركِ للبلد "

عندها وافق والد رهف على القيام بذلك كارهاً , فاشترى لي الفيزا مؤكداً علي أنه لو عدت أو رآني مرة أخرى هنا إنه سيتأكد من تعفني هذه المرة في السجن .

خرج زين ذلك اليوم وهو يرى وجه أخر للرجل الذي أعتقد أنه قدوه منذ أمداً فقد ظهرت حقيقته أخيراً , أخذ زين الفيزا والتأشيرة وجمع بعض حاجياته وأخبر الجميع أنه سيذهب ليبقى لدى أحد أصدقائه الذين يعيشون في المدينة المجاورة لهم فقد وجد له أحدهم عملاً هنالك عندها استبشروا جميعاً بالأمر فقد ظنوا أنها بادرة أمل.

سافر زين بعد تلك المقابلة بيومين وقد أخبر الجميع بأنه سيزورهم عندما تستقر به الحال فلم يعطهم رقم هاتف أو عنوان قد يصلون له إن أرادوه وعندما استنكر أخوته ذلك , أجابهم أنه لم يعد طفلاً فلما القلق وأنه هو من سيقوم بالاتصال بهم فلا حاجة لكل هذا , انزعج أخوته من تصرفه هذا لكنهم تركوه يفعل ما يريد فقد مر بالكثير مؤخراً فلم يحبوا أن يضغطوا عليه أكثر .
سافر زين وانقطعت أخباره عن الجميع فدب في جميع أفراد عائلته القلق لاختفائه المفاجئ , فأخذوا بالبحث عنه بسؤال جميع أصدقائه لكنهم تفاجئوا بأنه لا يوجد أين منهم يسكن خارج المدينة , وأنه ليس هنالك أي خيط قد يصلهم إليه ففكروا بأن والد زوجته بالتأكيد له يداً فيما حدث لكن الغريب في الأمر أن زين كان قد جهز حقيبة سفر أي أنه لم يخطف أو يزج في سجناً ما لقد سافر بالتأكيد لكنهم بالرغم من ذلك بحثوا عنه في السجون في المستشفيات في أي مكان ورد في بالهم لقد جربوا جميع الاحتمالات لكن بلا جدوا , لقد استغرق بحثهم هذا سنة كاملة دون توقف لكن دون جدوا فلم يستطيعوا أن يصلوا لشيء عندها توقفوا عن البحث وواصلوا حياتهم بأسئلة معلقة في أذهانهم وهي ما الذي حدث لزين ؟؟ ما تلك الحقيبة التي جهزها ؟؟

ما تلك الأكاذيب حول عمله التي أخبرهم عنها ؟؟

هل هو ميت أم حي وإن كان حياً أين هو ولما اختفى هكذا فجأة ؟؟

ظل والد زين وأحمد يبحثان حتى توقفان بعد أن يأسا , أما سامر فقد أخبرهم أن زين ابن أمه وأنه تركهم بمليء إرادته في أشد وقت هم في حاجة له تركهم هكذا بكل بساطة تركهم وهاجر .

في البداية صرخ والدهم وقال له أن أخاه زين ليس يشبهها في شيئاً لكن مع مرور الأيام أثبت غيابه أنه كذالك فهو ابنها في نظر سامر , أما أحمد ووالده فاليأس أحياناً يجعل الشكوك والظنون تراودهم لكنهما سرعان ما ينكران ذلك دوماً فمن المستحيل أن يتحول شخص مثل زين بين ليلة وضحاها إلى شخص أناني وغير مبالي هكذا..

****************************


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-05-14, 04:16 PM   #9

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



مسافر بلا عنوان ...

وصلت الطائر التي كانت تحمل زين بعد أن حلقت عشرة ساعات في الجو بعد هبوطها الأخير في أحد المطارات , هبط زين من الطائرة حزيناً مستاءً فهو منذ الأمس وهو هائماً على وجهه متنقلاً بين مطارات عدة كطائر غريب مهاجر بين الأراضي فليست هذه الأرض أرضه وليست هذه السماء سمائه وليس هؤلاء القوم قومه , بالرغم من مشاعره التي كانت تتخبط بداخله كان مبهوراً بما حوله من ضخامة المطارات ومن التطور الذي يعيش فيه الغرب وكأنهم في عالم أخر عن العالم الذي يعرفه .أكمل زين أوراقه وخرج إلى خارج المطار فرأى الشمس مختبئة خلف غيوم كثيفة وبالكاد تصل بعض أشعتها لكنها لم تكن تكفي لتدفئ المكان.

هبت ريح مفاجأة فسرت قشعريرة في جميع أوصال زين من البرودة التي فاجأته فاشتدت قبضته العارية على حقيبته لعله يستمد بعض الدفء منها بينما أخذ يبحث بعينيه عن سيارة أجرة وما هي سوى لحظات حتى رأى إحداها تقف أمامه فابتسم لنفسه وهمس

" لو أنني تمنيت مليوناً "

صعد زين السيارة وأعطى السائق ورقة كتب فيها عنوان المحطة التي سيستقل منها قطاراً يأخذوه إلى مدينة أخرى ومن هنالك سيستقل سيارة أجرى تأخذه إلى المكان الذي سيعمل فيه , هز السائق رأسه فقد عرف المكان الذي يريد زين قصده فأخذه إلى هنالك مباشرة وعندما وصل زين إلى المحطة أعطى الرجل الأجرة , وقام بشراء تذكرة لركوب القطار القادم والذي لم يبقى لوصوله سوى ساعتين .

جلس زين منتظراً على أحد كراسي المحطة يراقب الازدحام الذي تضج به المحطة فهنالك قطارات كثيرة وأناس كثر , عددهم يصل أضعاف عدد القطارات وبينما كان يراقب زين ما حوله داعبت أنفه رائحة زكية , فنهض بعد أن عد ما لديه من مال فوجده قليل لا يكفي لشراء وجبة طعام من المكان الذي تنتشر منه الرائحة الزكية فسعر ما يقدمونه ضعف ما لديه فاشترى له شيئاً بسيطاً يسد جوعه.

مل زين من انتظار القطار وداعب النعاس عينيه لكنه قاومه خوفاً من أن تغفو عينه فيفوته القطار فلم يبقى سوى القليل لقدومه , كان زين يقاوم ذلك بجهد كبير فقد كان متعب ومرهق من تنقله بين المطارات دون نوم وبقائه لساعات طويلة في الطائرة حتى تصلبت قدماه وظهره لجلوسه الطويل , وبينما كان زين يحارب النعاس وصل القطار ففرح كثيراً ووقف ينتظر وقوفه فأخيراً سيرتاح وينام ولو لساعة لكنه ما أن خطى إلى الأمام حتى صدمه شيئاً ما من خلفه ومن جانبه فأسقطه أرضاً , تلفت زين حوله ليرى ما حدث فإذا به يرى حقيبته وهي تبتعد ظل للحظة يراقب الحقيبة تبتعد هكذا حتى اختفت , أما اللحظة التي تلتها كان زين فيها يدفع الناس من حوله ومن أمامه يحاول أن يبعدهم عن طريقه لعله يلحق باللصين , لكنه لم يستطع ذلك فالجميع كانوا إما يغادرون القطار أو يستقلونه فاشتد الزحام فمنع ذلك زين من رؤية اللصان , توقف زين فجأة ينظر حوله لعله يرى أحدهما لكنه لم يوفق بذلك أيضاً فهو لم يرى وجههما حتى , أخذ زين يتلفت حوله كالمجنون لعله يلمح شيئاً منهما لعلهما لم يغادرا المكان بسبب الازدحام , لكنه لم يوفق بذلك أيضاً عندها اسند زين جبهته على أحد أركان المحطة الباردة يحاول أن يداري دموعه التي تكاد تطفر فتفضحه , فقد ضاع كل شيء في غمضة عين فتذكرة القطار و جوازه وفيزته وأوراق عمله والعنوان الذي يجب أن يقصده وماله القليل وملابسه كل ذلك ضاع ضاع.

أخذت أسئلة تضرب في رأسه كالمطرقة أين يذهب الآن ؟؟

فلا قدرة له على العودة هكذا .

كيف سيبقى هنا دون جواز وفيزا ؟؟

أين سيذهب أين ؟؟

إنه لا يعلم مكاناً واحداً يتوجه إليه والمصيبة الأكبر ليس لديه أي مال كيف سيتصرف الآن ؟؟

لم يشعر زين في حياته كلها بحاجته لأخويه كما شعر ذلك اليوم فقد كان منذ صغره يعتمد على نفسه في أشياءً كثيرة لكن ذلك اليوم كان صعباً جداً عليه ومازال يشعر بمرارة ذاكراه لليوم .

.............................

خرج زين من المحطة وأخذ يهيم في الشوارع لا يعرف أين يذهب ,, لا يعرف ما العمل الآن ,, فترك لساقاه الحرية لتسيران به إلى أي مكان حتى تعبتا من طول السير بلا هدف , فجلس تحت شجرة كبيرة لا أوراق لها مثله كانت تقف هنالك عارية في قارعة الطريق لا يلتفت أحداً لها , أخذ زين من موقعه ذاك يراقب الناس من حوله كانوا يسيرون في كل اتجاه لكنهم كانوا مثل الآلات لا ينظرون سوى أمامهم فقط وكأن بلوغهم لمنازلهم بما أن الوقت كان مساءً هو غاية هدفهم, كانت جميع الوجوه متجهمة جميع الأجساد ملتفة بأثقل الملابس لكنها مثل الوجوه متجهمة كلاً يشد على معطفه محافظاً على الدفء لذاته , حتى مشاعرهم كانت كوجوههم أيضاً شاحبة لا توجد فيها أية حرارة مما زاد ذلك من شعور زين بالغربة والوحدة شعر زين وقتها كأنه بوسط كهفاً موحش وبارد فسرت في جسده قشعريرة اهتزت جميع أطرافه لها, عندها وضع زين رأسه بين ركبتيه محبطاً يأساً فترك الدمع الذي كان يداريه في مقلتيه يسيل على وجنتيه فيحرقهما بحرارته , كان يشعر وقتها أنه كطفل ضاع عن أبويه ولا يعرف طريق العودة .

........................

ظل زين يتنقل طيلة اشهر من شارع إلى شارع ومن زقاق إلى زقاق كان كمن يحاول أن يستكشف عن الكهف الموحش الذي يعيش فيه , فعرف كثير من الشوارع والأحياء الفقيرة التي أخذ يتنقل بينها لعله يجد فيها مكاناً يستدفئ فيه , لكن لسوء حظه أصبح الطقس أسوء منذِ قبل و المأوى الوحيد الذي وجده بعد بحثه هو الشارع فازدادت معاناته وشقاءه وتنقلاته بسبب سوء الطقس , فتكالب عليه البرد بلا رحمه فكان ينخر في جسده كل ليلة حتى أتت ليلة كان البرد ليس كالسابق فقد أشتد وأصبح أكثر برودة منذ قبل حتى شعر زين أنه قد يتجمد في أية لحظة.

فإذا بالسماء تزيد من معاناته وشقاءه أكثر بإثلاجها تلك الليلة كانت تلك المرة الأولى التي يرى فيها زين ثلج حقيقي غير ذلك الذي يراه على التلفاز , كان مثل القطن أبيض ورقيق فكان ما أن يلمس الأرض حتى يذوب لكن زين بالرغم من جمال الثلج ولونه الرائع إلا أنه يكرهه ويكره مرآه حتى يومه هذا فهو يذكره بشقائه ذاك وكيف طفرت منه دموعه تلك الليلة متمنياً أن تنتهي حياته فذلك أفضل له بكثير من هذا العذاب .

رفع زين نظره إلى السماء ليرى الثلج يتساقط عليه بكثافة فكانت مشاعره مختلطة ومتخبطة بداخله مابين الضحك والبكاء , فكان يضحكه أن منظره وهو يصارع الثلج كبائعة الكبريت التي كانت تحاول أن تستدفئ بجلوسها جانب أحد النوافذ التي كانت بها مدفئة لكنها ماتت في النهاية ولم تدفئ وهذه هي حالته منذ أشهر , أم الأمر الذي كان يبكيه هو معاناته التي ازدادت من تلك اللحظة أضعاف ما عايشه في الأيام السابقة . عندها شعر زين بدموعه تطفر بحرارة في ظلام تلك الليلة الموحشة وقد ازداد التفاف جسده بعضه ببعض لعله يجد الدفء ولو قليلاً .

تساءل زين بعد أن وضع رأسه بين ركبتيه ليقي نفسه من البرد قليلاً ,,

ما الذي فعلته يا الهي لأستحق هذا ؟؟

ألا يكفيني التشرد والبرد الذي يلتف بي منذ وصولي إلى هنا أكان ينقصني الثلج يا الهي ؟؟

أستغفرك ربي وأتوب إليك ..

لكن يا الهي إن كان هذا عقاباً لشيء فعلته فسامحني واغفري لي خطاياي !!

أما إن كان ابتلاء فالمؤمن يبتلا ليقاس صبره وإيمانه وأنا خائفاً يا الهي من ضعفي البشري أن يغلب عليّ , فسامحني ياالهي على تقصيري في عبادتك وحسن الظن بك ويأسي من رحمتك ,,

لكنني يا الهي لست بالنبي أيوب وليست لدي قدرة تحمله على ابتلائك يا الهي ,, فارحمني يا أرحم الرحمين ,,

يا الهي إنني مشرد فقير لا مأوى لي ولا عزوة , هائماً على وجهي يأساً من الحياة لا أقول ذلك لأبلغك شيئاً تجهله أستغفرك

ربي , لكنني أسألك رحمتك التي وسعة كل شيء أن ترحمني وترحم حالتي وترأف بي فما عادت لدي طاقة أكثر يا الهي ..

ظل زين يناجي ربه ويطلب المغفرة منه حتى غفت عينه دون أن يشعر وقد كان نسي البرد وما حوله .

......................................

استيقظ زين من نومه بسبب الجوع والبرد اللذان أخذا يقرصانه فنهض من مكانه ليبحث عن ما يسد جوعه وبينما هو يسير في أحد شوارع المدينة الفقيرة , رأى عجوزاً تصارع كلبان مفترسان يريدان الانقضاض عليها بينما وقف البقية يشاهدون ذلك دون أن يتحرك أحدهم لمساعدتها غير مبالين بما يحدث لها لم يدهش زين ذلك فقد رأى تصرفهم هذا من قبل .

وبينما زين ينقل بصره بين المرأة العجوز والكلبان حتى رأى أحد الكلبان يستعد للقفز مرة أخرى على العجوز بعد أن كشر عن أنيابه لكنه ما أن هم بذلك حتى هوت على رأسه ضربت قوية جعلته يرتمي بعيداً فاقد الوعي , فقفز الكلب الأخر على زين غاضباً مما فعله بصديقه لكن هذا الأخير سرعان ما تلقى ضربة أقوى مما تلقاها صديقه فرمته بعيداً في الطرف الأخر من الشارع .

أخذ زين ينقل بصره ما بين الكلبين لعل أحدهما قد ينهض وينقض عليه مرة أخرى لكنهما لم يأتيا بحركة فعرف أن ضربته كانت قاضية فقد تملكه غضباً غريب اجتاح جسده كله فقام بإخراجه عن طريق ضربه لهذين الكلبان , لقد ذكره هذا الموقف بما فعله برشدي فهو ما أن يغضب حتى يشل تفكيره وتقوم يداه بالمهمة يده فتهوي على رأس من يغضبه ليتحمل ذلك نتيجة إغضابه إياه .

فاق زين من شروده على لمسة خفيفة على يده التي كانت مازالت ممسكة بالقضيب الذي ضرب بها الكلبان , فرى المرأة العجوز التي ساعدها تقف بجواره مبتسمة , كانت امرأة لا تفارقها ابتسامتها الجميلة فقد كانت ابتسامة خالية من كل الأقنعة التي قد نخفيها خلف ابتسامة بسيطة ..

قالت لي " شكراً لك يا بني لقد أنقذتنا , أنا مديناً لك "

أوقفتني (( كلمة أنقذتنا )) فعقدت حاجبي فابتسمت العجوز وكأنها قرأت ما بي

فقالت " إنها بمثابة أبنائي "

فنظرت إلى ما كانت تنظر إليه المرأة فوجدت قطط كثيرة تقف بجوارها لم ألاحظها من قبل بالرغم من كثرتها ..

فأجبتها مرتبك " لستِ مدينة لي بشيء "

ثم هممت بالذهاب عنها لكنها أمسكت بيدي وجرتني خلفها وهي تتحدث بسرعة فلم افهم الكثير مما قالته , وعندما
حاولت أن أوقفها صرخت في وجهي

" كف عن ذلك يا فتى , أنت تعرف أنه يجب أن أفعل ذلك "

فأوجست في نفسي وتساءلت ما هو الشيء الذي يجب أن تفعله ؟؟

وهل يعقل أنني فعلت شيئاً خاطئاً دون أن أعلم ذلك ؟؟!

أر ربما ضربي الكلبان بهذه الوحشية هو السبب؟؟

ربما يكون السبب الرئيسي لجري هكذا هو ضربي الكلبان بهذا الطريقة الوحشية لكن ألا يغفر لي أنهما كان يهاجمان هذه العجوز وكيف أكون مذنباً وأنا كنت أحاول المساعدة , لكن القوم هنا يحبون الحيوانات ويهتمون بها أفضل من البشر فهاهي المرأة أكبر دليل فهي تقود أمامها الكثير من القطط الذي يبدوا أنها تراعها فقد قالت لي (( إنهم بمثابة أبنائي )) .

لكنني فالنهاية توقفت عن المقاومة وسلمت أمري لهذه المرأة العجوز لتجرني إلى أي مكان تريد , فماذا لدي لأخاف عليه لقد ضاع مني كل شيء ولم أعد سوى متسول لص يقوم بسرقة الثملين الذين يمرون من هذه الأزقة ناسين طريق عودتهم فيظلوا يتخبطون في الشوارع إلى أن يغلبهم النوم في أي مكان , عندها تأتي فرصة زين لأن يسرقهم حتى يستطيع أن يطعم نفسه .

يبدوا أنه إن لم أدخل السجن بسب سرقاتي فسوف أدخله بسبب قتلي لهذين الكلبان حقاً (( خيراً تفعل شراً تلقى )) لكن السجن لم يعد بالشيء المهم الذي أخاف منه فبعد الذي مررت به إنه لا شيء , بل إنه الآن نعمت كبيرة عليّ فلو دخلت السجن سأجد هنالك المأكل والمشرب والمأوى الذي سيقينني من البرد ومن السرقة أيضاً لأنه عندها لن أحتاج إلى أن أسرق مرة أخرى , شعر زين بالسعادة تغمره عندما راودته فكرة أنه قد يجد الدفء أخيراً فمن المؤكد توجد لديهم مدفئة كبيرة تكفي أن تدفئ السجن بأكمله أما عن معاملتهم لسجنائهم فهي أفضل بكثير عن معاملتنا لسجنائنا , فهنا أناس يهتمون بالتحقق عن ذلك والتأكد من أن السجناء يأخذون حقوقهم بأكمل وجه , وعمل هؤلاء وشغلهم الشاغل فقط جعل للسجناء حياة أفضل عند دخولهم وخروجهم من السجن , ومن هؤلاء الذين تغيرت حياتهم في السجن " مايكل أكس " فقد تغيرت حياته هذا الرجل من ضياع ومن رجلاً أسود مجهول إلى اسم يردده كل لساناً باحترام وألفت عنه كتب فقد فعل الكثير في حياته من بعد خروجه من السجن , لقد قضى في السجن سبع سنوات من عمره ينهم الكتب التي في مكتبة السجن ويظل يقرأها بنهم طيلة النهار والليل حتى خرج فغير مسيرة حياته وحياة أشخاصاً كثراً , حتى السجون تختلف عن التي في بلداننا ففي بلداننا تحطيم ونهاية حياة أما هنا فهي قد تكون بداية حياة جديدة ..

فجأة توقفت المرأة العجوز فتوقف زين وهو يكاد يصطدم في العجوز فقد كان شارد الذهن نظر زين إلى ما تشير إليه المرأة فوجد أمامه بناية قديمة فعرفت بأن هذا ليس بالسجن , عندها أشارت العجوز لي باللحاق بها فقد تركت يدي وسبقتني للداخل فهمست لنفسي بأسى حتى حلمي بأن أسجن وأصبح " مايكل أكس " الثاني بعيد المنال يا للسخرية حقاً ..

لحقت بالعجوز وصعدت معها إلى شقتها فإذا بها تفتح لي باب شقتها مرحبة بي وعندما لم أدخل قامت بجري من
ساعدي وأغلقت الباب خلفنا , وما أن دخلت حتى شعرت بالدفء الذي حلمت به يحتضنني كانت تلك اللحظة أسعد لحظات حياتي , لكن ذلك لم يطل فقد أفقت من شرودي بمنظر القطط الذي يملئ المكان وبالكاد يستطيع الشخص أن يجد له مكاناً يجلس عليه بين هذه القطط .

اختفت العجوز خلف أحد الأبواب لكنها ظهرت مرة أخرى وقالت " لما لم تجلس بعد يا بني "

عندها جلست وأنا أرقب المكان الذي سأجلس عليه فقد خفت أن أجلس على قطة أو شيئاً ما قد يغضب العجوز فتقوم بطردي من هذا المكان الدافئ إلى الشارع البارد والموحش اختفت العجوز خلف الباب الذي خرجت منه قبل قليل.

أخذت أنظر من حولي فوجدت أن المكان مليء بالقطط وصور العجوز مع قططها في كل مكان ليس ذلك فقط بل هنالك صورتان فيها أربع قطط مربوط حول أحد أطراف إطارها شريطة سوداء همست لنفسي ساخراً

" لو أنني قطاً أما كان ذلك أفضلاً لي , من ضياعي هكذا في الشوارع الباردة دون مأوى "

في تلك اللحظة دخلت العجوز مرة أخرى لكنها هذه المرة تحمل في يدها صينية بها كأسين كبيرين ممتلئين بالكاكاو الساخن وبعض الكيك والبسكويت ,و ما أن وقعت عيني على الصينية حتى شعرت بأن لعابي يسيل وأن عيني قد التصقت بالصينية وما فيها , عندها سمعت ضحكة العجوز فرفعت عيني بصعوبة لأنظر إليها فإذا بها تقول لي

" كل ,, هيا كل فيبدوا أنك جائعاً جداً "

كان ذلك الترحيب كافياً لأن أنقض على الصينية وعلى ما تحمله ولم أتركها حتى تأكدت من أنني نظفت ما بها ,عندها سألتني العجوز

" أتريد المزيد "

لم أجيبها فقد أحرجت من منظري وأنا ألتهم الطعام بشراهة هكذا لكنها نهضت بالرغم من ذلك وقدمت لي طعاماً أخر لذيذاً , ثم سألتني بعد أن شبعت وشعرت بالراحة بل بالألفة

" أين تسكن "
أحرجت وقتها من الإجابة لكنه أمر لا بد منه فقلت " في الشارع "

لم تعلق على الموضوع لكنها قالت " أتريد أن تعمل "

زين " لكن جميع أوراقي الرسمية قد سرقت مني "

العجوز " أوراقك الرسمية هل أنت مهاجر إلى هنا "

هززت رأسي بالإيجاب ..

العجوز " هل لي أن أسألك من أين أنت "

زين " من بلاد العرب "

قالت العجوز وقد ظهر رعبها الذي حاولت أن تخفيه خلف رزانة صوتها " هل .. أنت .. عربي "

نظرت إليها أراقبها وأنا أقول " نعم "

صمتت قليلاً ثم سألتني قائلة " هل أنت مسلم "

زين " بالطبع "

عندها ساد الجو صمتاً غريب قطعته قائلاً " هل أستطيع أن أغادر "

لكنها فاجأتني بقولها " لما هل انزعجت لتحقيقي معك "

نظرت إليها وقلت " لا لم أنزعج ,, لكن يبدوا أن بقائي هنا يزعجك ,, ولا أعتقد أنه يجوز لي أن أفعل ذلك ,, فقد أكرمتني
باستضافتك إياي "

ثم خرجت تاركاً إياها جالسة على أريكتها بين قططها , لكن ما أن وصلت إلى أمام بوابة البناية حتى سمعت أحدهم يصرخ من الأعلى فرفعت رأسي لأرى , فإذا بي أجد المرأة العجوز تطل برأسها من شرفتها تصرخ بي

" عد ,,هيا اصعد "

عندها صعدت بعد أن شعرت بالبرد يجتاح جسدي من جديد ما الذي سأخسره بصعودي إلى هنالك وعندما وصلت إلى الطابق الذي تعيش فيه العجوز حتى وجدتها تقف مع بعض من قططها عند باب شقتها تنتظر صعودي وعندما تلاقت أعيننا ابتسمت لي ثم أشارت لي بالدخول مرة أخرى فلحقت بها دون تردد وبعد صمت قليل ..

قالت " لقد أحببتك حقاً , يبدوا من محياك بأنك لست بشخص سيء أبداً , أليس كذلك "

فابتسمت مجاملاً إياها عندها قالت " أنا لا أخجل من قول الحقيقة وهذه حقيقة فقد أحببت فيك جرأتك وحب مساعدة
الغير ولا يعقل أن يكون هنالك شخصاً مثلك سيء أبداً فأنت لم تتوانى لحظة واحدة عن مساعدتي بينما وقف البقية يشاهدون , لهذا أنا أشكرك وأعتذر منك إن كنت أهنتك قبل قليل "

أحرجتني تلك العجوز بكلامها ذاك فلم أكن أثق بعد أن هنالك أشخاصاً مثلها مازالوا موجودين في هذه الحياة الكريهة
عندها قلت

" لا عليكِ فقد نسيت كل شيء "

العجوز " حقاً "

زين " نعم "

ثم صمتنا كلانا ولم يقطع الصمت سوى قفز أحد القطط على ركبتي فأفزعني ذلك فسألتني العجوز باسمة " هل تحب القطط "

أجبتها بينما كنت ألاعب القط " نعم أنا أحب القطط لكن أخي يكره الحيوانات جميعها فهو يكره أي شيء قد يسبب أوساخ في غرفتنا "

" أخاك !! هل لديك أخاً هنا ؟؟ "

أطرقت رأسي في حزناً " لا , لقد تركت عائلتي وهاجرة إلى هنا "

العجوز " لما "

زين " أجبرت على ذلك "

العجوز " أجبرت على ذلك "

هززت رأسي لها إيجاباً عندها قالت

العجوز " يبدوا أن وراء هذا الصمت والحزن قصة "

زين " بل تستطيعين أن تقولي أن حياتي كلها كانت قصة انتهت في أولها "

نظرت العجوز إلى زين نظرت الشخص الذي مر بالكثير من التجارب ثم قالت له " لما لا تخبرني قصتك أيها الفتى "

زين " لقد أخبرتك بأنها ليست بالقصة المسلية "

العجوز " أنا أسمعك "

ابتسم زين لإصرار العجوز الغريب على معرفة قصته فحكى لها كل حكايته وما حدث له منذ البداية حتى تلك الساعة عندها علقت العجوز على قصته ببساطة

" الحب في الحقيقة هو المحور الأساسي في قصص جميع الناس بمختلف الأجناس والأعمار لكنه هو المحور في الأخير , ففي هذا العالم المجنون هنالك من يبحث عن الحب وقد يطول بحثه هذا حتى توافيه ساعته فيموت دون أن يجده , وهنالك آخرين محظوظين أكثر من سواهم فقد وجدوا الحب وعرفوا مذاقه المر لكنه يتوه عنهم في متاهات الحياة ومشاغلها, فيشعرون بفراغ يجتاح حياتهم لأنهم أناس محظوظين لمرة واحدة , لكن الذكي هو من يستطيع أن يحافظ على حبه إن وجده وأن يصنعه بنفسه إن لم يجده "

نظر زين إليها برهة مشدوهاً لما قالته ثم سألها " أنت أي نوع من هؤلاء "

نظرت إليه ثم قالت مبتسمة " لقد وجدت الحب ذات مرة لكنني مثلك تدخل القدر بيننا ففرقني عن من أحب ومنذ ذلك الحين وأنا أعيش مع قططي فقط فهي أفضل بكثير من البشر ,, فهي وفية أم هو لم يكن بوفي بقدرها "

عندها لا حظ زين القطط وهي تلتف حول العجوز فجأة وكأنها تريد أن تثبت إخلاصها وحبها المتفاني لسيدتها فابتسمت مندهشاً من حصول شيئاً كهذا ..

سألتني العجوز حينها " ما رأيك أن تعمل لدي مقابل أن أؤمن لك مأكلك ومأواك "

قبلت بذلك دون تردد لحظة واحدة حتى أنني لم يخطر ببالي في تلك اللحظة أن أسألها ما العمل الذي تريد مني عجوزاً لا تملك سوى هذه البناية القديمة ؟؟

لأن همي كان منصباً على إيجاد مأوي يقيني من هذا الشتاء .

كان العمل الذي تحدثة عنه المرأة العجوز هو خروجي معها كل صباح حتى تستطيع القطط أن تقضي بعض المرح خارجاً بينما نحن نتجمد من البرد , وكنا نقسمهن علينا نحن الاثنان بدل من أن تخرج هي بهن مرتين في اليوم لكثرة عددهن , وعندما نعود أقوم بتنظيفهن معها ثم أذهب لأشتري غذائهن كان عملي هو الاهتمام بالقطط وتأمين الراحة لها , مقابل بقائي في غرفة صغيرة بجوار السلالم بها فراشاً بسيط ومدفئة صغيرة تكفي لتدفئني وتقيني من برد الشتاء , من كان يصدق أنني سأصبح خادماً للقطط لطالما كرهها سامر وأنا الآن أصبحت أيضاً لا أحبها ولا أحب الحيوانات الأليفة جميعاً ربما لأن ذلك يذكرني بما مضى ..

...............................................

أصبحت أيامي أكثر إشراقاً وتفاؤلاً مؤخراً بالرغم من عملي الغريب الذي لم أسمع به من قبل في بلدي وهو الاهتمام بالقطط , فالقطط لدينا تهتم بنفسها ولا تحتاج إلى أحد يرعاها سوى الذين مهووسين بحبها وهم قلة في بلداننا فسيقول لك أحدهم " بدلاً لك من الاهتمام بالقطط وتزوج واهتم بأطفالك "

أما إن كان الشخص لديه زوجة أطفال سيقولون له " أليس الأفضل لك إن وليت زوجتك وأطفالك هذا الاهتمام بدلاً من أن توليه لهذه "

مشيرين بذلك لأي حيوان أليف إن الحيوانات هذه تعتبر تسلية للأطفال وليس للبالغين لأن البالغين لديهم اهتمامات أكثر جدية من الاهتمام بالحيوانات , أما في البلدان الأجنبية فلديهم رأي أخر بخصوص ذلك فالشخص هنا قد لا يفكر بتكوين عائلة لأن ذلك تعتبر مسؤولية كبيرة تثقل عاتقه وقد تمنعه من التقدم , بينما يقوم في ذات الوقت باقتناء أي حيوان أليف يملئ فراغه ويسليه , إن كان هنالك شخص واحد مثل هؤلاء في بلدي عندها كان سينظر إليه الجميع ويقومون بضرب كفوفهم بكفهم الأخر ويقولون

" جن الرجل بدلاً من أن يكّون عائلة , يقوم باقتناء الحيوانات يا له من رجلاً مجنون حقاً "

يا لهذا العالم المجنون الذي نعيش فيه فحتى في أبسط الأمور نملك أفكار مختلفة تماماً .




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-05-14, 04:38 PM   #10

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



أصبحت أقضي معظم وقتي برفقة براند وقططها وذلك بحكم عملي طبعاً , لكنهم أصبحوا مع مرور الوقت الشيء الوحيد الذي يملئ وقت فراغي وكنت آنذاك أملك الكثير منه , كنت أقضي نصفه ما بين الاهتمام بالقطط ونصفه الأخر أتصفح ما تملكه براند من كتباً بسيطة في مكتبتها الصغيرة وعندما لاحظت ذلك , قامت بأخذي للمكتبة المركزية وقامت باستعارة بعض الكتب التي أعجبتني ولفتت اهتمامي , لقد كانت عجوزاً طيبة بحق لطالما تمنيت لو أنني التقيت بأشخاص مثلها من قبل أو حتى من بعد لقد كانت خسارتها خسارة كبيرة بالنسبة لي فقد اهتمت بي كابنً لها .

في أحد الأيام طلبت براند مني مرافقتها إلى الكنيسة أخبرتني أنها تحب أن تعرفني على قسيس كان رجل دين بحق لم أرى مثله من قبل أو حتى من بعد وحقاً تعرفت عليه وعرفت لما براند أصرت أن أتعرف عليه , كان اسمه توماس وكان رجلاً مثقف ويملك من المعلومات أضعاف ما أملكه من تاريخ إلى المسائل الدينة كان يعلم باختصار عن كل شيء كان أشبه بالموسوعة المتنقلة وكان من الصعب علي أن أغلبه في أي نقاش فكنت دايما ما أغضب سريعا لعدم قدرتي على غلبه في النقاش وذلك يرجع لعدم معرفتي بمعظم أمور ديننا الإسلام , بالرغم من كل ذلك لا أذكر أنه غضب يوماً من اعتراضي أو عدم قبولي بأفكاره ومعلوماته التي ما كنت أقتنع بها و لا أصدقها بل كان يبتسم لي ويقول

" لا بأس يا زين أفكاري لا تختلف كثيراً عن أفكارك "

بالرغم من أن بيننا جبالاً من الأفكار الفاصلة لكنه كان يقول ذلك , ويقصد به إن كان لديك أفكار ومبادئ تؤمن بها فظل مؤمناً بها كما تريد لكن ما الحاجة للغضب ثم يقوم بعد ذلك بمصافحتي باسماً , وعندما نلتقي مرة أخرى يتحدث معي مبتسماً وكأن شيئاً لم يكن , لم يكن من نوع الأشخاص الذين يحملون ضغينة أو شيئاً ما كان ما أن يلتقي بي حتى يبتسم ويقول

" بني , بني لقد اشتقت لمجالستك "

كنت أدهش من شخصاً مثله أن ينظر إليّ هكذا لقد كنت متزمت في أفكاري لكنه كان يحتويني لقد كان رجلاً ذكياً رجل محنك , ذو قلب رقيق كان يشبه براند في طيبته بالرغم من اختلاف ديننا لكنهما عاملاني كبشر تاركين عنهم نظرة الرجل المسلم الإرهابي التي تلقيتها من أشخاصاً كثر , حتى من رجال الدين سواه لقد رأيت في أعينهم تلك النظرة التي تعبر عن كرههم لي بسبب ديني .

*********************************

مرت سنتين منذ أن التقيت ببراندا وكانت هذي السنتين بالرغم من شعوري بالغربة واشتياقي لأخوتي كانت هي من تقف بجانبي تغدقني حنانا وحب وتساعدني في كل شيء أحتاجه فقد ساعدتني هي والأب توماس في إصدار أوراق رسميه وأمنت لي وظيفة وسكن. لكنها منذ فترة أصبحت حالتها الصحية تسوء يوما بعد يوم وكنت وقتها أشعر بالخوف الشديد من أن تتركني فقد أحببتها كما هي أحببتني وفراقها كان قاسيا علي وما زلت أذكر لحظاتها الأخيرة

" زين "

" نعم "

" عزيزي زين يبدوا أن جسدي ضعف جدا مؤخرا لهذا أريد أن أطلب منك شيء "

" ما هو "

" أريدك أن تقوم بدفني "

" أنا ,, لكنني .. "

" أعرف أنك لا تدخل الكنيسة ولا تؤمن بصلاتي لكن هل قومت بدفني فأنت كما تعرف أنه ليس لدي شخص قريب أشعر أنه
يريد دفني أو قد يفتقدني سواك والأب توماس "

" براندا ,, لكنني لا أعرف كيف ,, ولا أستطيع أن أقوم بهذا الشيء "

" كل ما عليك هو أن تتصل بالأب توماس وهو سيخبرك ما تفعله "

" حسناً كما تريدن يا براندا "

" عزيزي زين ,, أعرف أنك ما زالت صغيرا على ما مررت به ,, وها أنا أتركك ,, لكني لا أريدك أن تحزن ,, فالحياة ما زالت في أولها بالنسبة لك "

ثم ابتسمت لي وأغمضت عينيها لتنام فتركتها وأغلقت الأنوار ثم خرجت من غرفتها إلى الصالة جلست على الأريكة وأنا غارقاً في بحر من الأسئلة فبعد أن تموت براندا أين سأذهب ماذا سأعمل ؟؟

ثم غفوت على الأريكة حتى داعبت أشعة الشمس عيني فنهضت وأنا متعب فلا أعلم كيف نمت هنا فنهضت لأحرك عضلات جسدك فقد شعرت بتخشب في أطرافي وظهري لكنني فضلت قبل أن أذهب لغرفتي أن أذهب لأرى براندا وأطمئن عليها لكنني ما أن وصلت ولمست يدها لأوقظها برودة جسدها صدمني فعرفت في الحال أنها ماتت عندها وقفت مكاني دون حراك والدموع تتساقط مني فها هي براندا الذي أرسلها لي الله لتنقذني من الشارع وبرده ترحل وتتركني ....


اتصلت بالأب توماس وأخبرته بما حدث فأجابني أنه سيأتي سريعاً وحقاً أتى وحزن هو الأخر على فراق براندا وقبل أن يذهب أعطيته ظرفين كانت وصتني براندا أن أعطيه إن حدث لها مكروه.

فجلس الأب وفتح الظرفين فوجدا في أحدهما تكاليف الدفن وكل ما يخصه ,أما في الأخر فكانت أوراق وقعتها عند محامي فيها نقل ملكية المنزل ومبلغ من المال في البنك كل ذلك تركته لي بالإضافة للقطط.

عندها لا أعرف كيف دمعت عيني فما فعلته براندا لي منذ أن ألتقيت بها حتى بعد مماتها فقد أغدقتني بحبها وحنانها وخوفها عليا من قسوة الحياة في حياتها ومماتها يا الهي هل ما زال هنالك مثل هذه المرأة في هذه الحياة.

بعد ذلك قام الأب توماس باتصالاته وأتوا أشخاص ليأخذوا براندا والغريب أن القطط كانت تحوم حول السرير وتموء مواء حزين كأنها كانت تعرف أنها المرة الأخيرة التي ستراها فيها.

*********************************



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:46 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.