آخر 10 مشاركات
رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          حب في عتمة الأكــــــاذيب " مميزة و مكتملة " (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          عيون حزينة (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب حزينة (الكاتـب : mira24 - )           »          مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          594- فراشة الليل -روايات عبير دار ميوزيك (الكاتـب : Just Faith - )           »          قـيد الفـــيروز (106)-رواية غربية -للكاتبة الواعدة:sandynor *مميزة*كاملة مع الروابط* (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          319 - زواج غير تقليدي - راشيل ليندساى - احلامي (اعادة تنزيل ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          307 – الحب والخوف - آن هامبسون -روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          غزة والاستعداد للحرب القادمة (الكاتـب : الحكم لله - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree9Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-08-14, 02:13 AM   #31

dounya

? العضوٌ??? » 17894
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 628
?  نُقآطِيْ » dounya is on a distinguished road
افتراضي


Merciiiiiiiiiiiiiiiiii

dounya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-08-14, 02:30 AM   #32

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

بين دهاليز العتمة
أشعر بالجهل و أنا متعلمة !
بين دهاليز العتمة
أشعر بالغربة و انا في وطني !
بين دهاليز العتمة
كنتُ و لازلتُ غريباً يا نفسي !



إهــــداء إلى " هدوىء سر جمالي , وردة شقى , هتان العود "
لمتابعتهم لي من أول الرواية لهاليوم ^^
و للحلوة " مكارم " لجمال حضورها و توقعاتها
و أيضاً شادن لأنها اشتركت بالمنتدى فقط عشان الرواية ^^




الجحيـــم





( 10 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **




آه يا معن و آهات أتحسر على سنيني التي ضاعت معك , على سهد عيني و أرقها , إن كان ما أفكر به صحيحاً
فياويلتاه يا قلبي المتيم الخاضع الخانع
لستً ممن يتعبون قلوبهم و يمضون بأقوال أحاسيسهم و مشاعرهم إن كانت هذه المشاعر على حساب الذل
و لستُ من الأمهات الحنونات إلى حد الموافقة بالخنوع لأجلهم
و كنتُ مهتمة بأخواتي فلذة روحي اما الآن فهذا لا يعنيني
لكن من الضعيفات اللاتي ليس بإستطاعتهن إثبات براءتهن
لم تكن إدانتك قوية كقوة إدانة علم الطب
و آه يا جدتي لن اقول سوى الله يغفر لكِ
هاهي الذاكرة تعود بي إلى حيث جور قبيلتي ودهاءَ خالي عبدالقوي


غصتُ برأسي داخل بطن جدتي و أنا انتحب و هي تطبطب على ظهري بحنان لم أعهدهُ منها هي كانت تهوى الذكور ولكن هذا لا يعني انها تبغض الإناث
فهي انثى تشعر بكل انثى , قد تكون قصة وأد البنات أشبه بالخيال لكنها حدثت بالجاهلية حتى جاء الإسلام بنوره ومحا كل هذه الخرفات
و كرم المرأة و جعل لها شأنٌ عظيم و لا توجد قبائل بسنين التطور كسنة 1416 هـ تدفن البنات بمملكتنا السعودية لكن قد كان خالي عبدالقوي
يفرض هذا و ينشر شره بالأرض لقد كان يخنع للشيطان و ينسى الرحمن بل كان شيطان إنسي ضغط على أبي بقسوة حتى أصبح أبي يفكر بذات جهل خالي رغم انه قد كان يملك علماً وفيراً
فلا يُسأل عن شيءٍ إلا و أجاب فقد قلل من شأن أبي بين أفراد القبيلة وهو يهتف " بو اصلان جاته بنية مثل السابقة " حتى أصبح لأبي ثلاث فتيات و تبعتنا الرابعة التي قد دُفنت حية وبكت
أمي عليها دماً قبل ان تلد و ماتت أمي قبل ان تموت الطفلة بحبات الرمال
لقد كان يدُك الأرض بخطواته ويمسحها جيئة وذهاباً و ينشر وسواسه الأشعث و العجيب بالأمر كله ذاك الدين الذي يزعمه
حافظ للقرآن , داعي , يزكي , صلواته كلها بالمسجد و نادراً ما تكون بالمنزل , لا يترك أي نافلة
و بالرغم من هذا كله يملك تفكيراً جاهلياً مات منذ ردى الجاهلية
أصبح صغار القبيلة وكبارها يمقتون النساء و يدهسوهن و عدنا للوارء جهلة
تخيلي يا أنثى أنتِ من تنجبي كل رجل
تخيلي لبرهة كيف تكون الحياة دونك ؟!
حقاً لله حكمةٌ في خلقه
لم تكن للمرأة كرامتها و إحترامها البتة
بل كانت قطعةً رديئة
الحمدلله ان أفعال خالي توقفت عند هذا الحد فمن أفعال الجاهلية أمور عدة كعبادة الأصنام , إتباع ملة الآباء , الخمر
لكن كان يوجد فعل وما زال يوجد حتى يومنا هذا يوجد بكل دولة من بعض المتفاخرين هو التفاخر بالنسب
فيعامل شيخ القبيلة أحسن معاملة مع وجود عبيد نشتريهم ومنهم " الحُر " الذي قد أطلقنا سراحه بنقلنا لمدينة جدة
فنحن عبيد الله و لسنا عبيد بنو البشر فكيف لك أن تكون عبداً من دون الله ؟!
بيومنا هذا أصبحنا ننعت العربي بأجنبي نقلل من شأنه
و نقف مع بعضنا او بالأحرى نحن أغبياء لأننا لا نقف مع بعضنا بل و ننعت بعضنا فتقول تلك ذات النسب العالي لإبنة بلدها
بنبرة لاذعة , لادغة أنتِ الأقل مني نسباً
كل هذا باطل فنحن سواء كنا من نسب وبلد مختلف لا يجب الإفتخار والتعالي
فقد قال سبحانه في محكم كتابه : ? إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ? أعلم الآية و اعرفها كما تعلمون و تعرفون
ولكن جميعنا نخطأ اليوم أُحادث نفسي و غداً أتفاخر بها و أتعالى بعيداً عن الوأد و الاسترقاق و سفسطات و تفاهات الجاهلية
إلى حيث نحيبي و دموعي التي تحاكي و جعي قلتُ بصوتٍ مهزوز : يا جدة فهميني خالي عبدالقوي ما يريد صلاحنا مير انه يريد خير ابوي الذي رزقه الله به .
أبعدتني عن بطنها وهي تمسح دمعي : يا عطيرة انا مرتن عجوزتن ولا بيدني حاجتن اقدمها لك و التراب مثل ما غطى وميمتك بيغطيني قريب عطيرة جدتك حتى هالخلا ما تقدر تمشي
لصوبه ماعادني اناظر زوين و لا عادني أسمع زوين و رجيلاتي توجعني و خالك عبدالقوي رجالن كل هالقبيلة تشهد بقوته بعد أبوك تشهد بأخلاقه و شهامته كيف أنك تفكرين به بالشينة
عيبن عليك يا عطيرة ما تنطقين عن خويلك و ما تناظرين خواتك كيف انهم يحبونه .
قاطعتُها بسرعة : خيتي عُزوف توها صغيرة و هوازن قليبها ابيض و ما تفهم بهالأمور يا جدة وانتِ ياجدة ما تحبين وميمتي و ذا ما يعطيك الثقة بخويلي كانه اخوها .
تنهدت حينذاك بحسرةٍ عميقة تنهيدة طويلة ظننتُ وقتها أن روحها ستُتنزع قالت بندم : آآآآآه و انا جدتك آآه يا عطيرة وميمتك ذي مامنها وميمة ذي وميمتك إبها حنان ضريبته عيشتك وعيشة خواتك كانت وميمتك صارمتن وكلمتها حادتن
و لابغت حاجتن حصلتها انتِ اخذتي من وميمتك كلمتها الوحدة و حدتها و صرامتها و هوازن وخيتك خذت من وميمتها الحكمة و الحنكة اما عُزوف لهالحين ما وضحت الله يرحمها و يغفرلها ويرحمنا ويغفرلنا بواسع رحمته يا عطيرة خويلك تحاكيت معه و ما زرع بقلبي حكيه غير الخير
وانا واثقتن فيه ولو ان بي شك ما بقدر لدفاعكم جدتك عجوزة يا عطيرة و بالحيل حاملتن ثقلها كيف بنتعايش انا وخواتك مع بعضنا ؟!!
انا أحتاج راعية وانتن تحتاجن لراعية لزومن حد يكون مسؤول عنا و هالحد هو خويلك عبد القوي و عميمتك ساجدة.
شعرتُ حينها باليأس و علمتُ أنه لا مفر منه ولكن بقيت عزيمتي قوية و صوتي عالي و حضوري لآفت و بالرغم من هذا كُسرت بأقوى الخيبات
أخذ أموالنا , تزوجنا أبناءه , و اتهمني إبنه بشرفي و ماتت عُطرة القوية داخلياً و بقيت قوية خارجياً مع موت الداخل
أي قوةٌ مزعومة فقط أمامهم وبداخلي ضعف و أنت يا معن أكبر ضعف أخاف يدك الحديدية حينما تمتد وتبسط إتجاهي أخاف صوتك العالي منذ جلدك لي فأنا لم أُضرب بحياتي قط
لا من أبي و لا من أمي فقط ضُربتُ منك يا زوجي
قلتُ لكِ وقتذاك : وش قالك خويلي ؟
لتعودي أنتِ بذاكرتكِ و أتخيل بمخيلتي الوضع
و أخذني خيالي إلى حيث السجاد الأحمر الصغير المبسوط بأرض حجرتك
أنتِ مستلقية على تلك المرتبة الإسفنجية العتيقة بتعب
وخالي يقبع بجانبك و بيده فنجال القهوة
قلتِ له بصوتك الذي يظهر به العجز : شف يا عبدالقوي عطيرة انت ادرى إبها ما تتريح لك و أنا أريد راحتها يا وليدي وابي منك وعد تكون قد مسؤولية الحفاظ عليهن
وتحطهن بعيونك حتى لا جاه حظهن و تزوجن .
حتى تبتسم لها كما قد أسلفتِ لي : هم بنيات الغالي والغالية وزيجتهن ان الله اراد بتكون من ولداني حتى يظلوا تحت ناظري واحميهن من اي مكروه بيحفهن .
حينها قلتِ و أنتِ تريدي أقصى مراتب الإطمئنان : اوعدني يا عبدالقوي حتى يتريح قليبي .
توسعت إبتسامته و بتأكيد : وعد يا عميمة وعد .
وبعدها بشهر واحد حلقت روحكِ بالسماء و بقي جسدكِ بالضريح
لم نغص بالأشجان كثيراً فنحنُ لم نشعر لبرهة بحنانك إلا حينما توفت وامي ولحقتِها بوفاتك بعدها بشهر
كنا آنذاك فقط نفكر بأمي و أبي صحيح قد بكينا عليكِ و لكن بكاء يوم و يومين وفقط
ونسيناكِ وكأنكِ لم تكوني
ماذا لو قفتي بصفنا وقتذاك ؟ , من المؤكد أن حالنا سيكون أفضل
لكن يبقى العلم عند المولى جل وعلا فلربما ما حدث لنا هو الخيـر
لا داعي للذكريات التي لن تقدم خطوة و لن تأخر
خرج من دورة المياه وهو يمسح يده بالمنديل
توقف عند المرآة وهو يسرح شعره وينظر إلى إنعكاس صورتي قال بهدوء : للحين تفكرين ؟
بسرعة و إندفاع : ولا بوقف
إبتعد عن المرآة وهو يقف بمنتصف المسافة بين المرآة والسرير الذي أمكث فيه
رفع حاجبه الأيمن دون الأيسر ليقول : اظن جاوبتك على سؤالك
نفضتُ اللحاف بقوة : ما اقنعني جوابك ماهو منطقي
إبتسم حتى ظهر طقم أسنانه كامل و أقترب أكثر من السرير , حتى إنخفض بجسده على هيئة ركوع
و ألتصق ثغره بأذني وبفحيح كالأفعى : وش يقعنك ياست الحسن والجمال
حرارة أنفاسه أحرقت أذني
و ألهبت قلبي
حتى تدافقت مشاعري
تحاكي جنوني بك
لا تقترب يامعن
لا تمعن النظر بي بهذه الدقة
اخاف ان يخنع قلبي
و تذوب حواجزي
معن لا تمعن النظر أرجوك
جلس بطرف السرير بجانبي ليرفع اللحاف قليلاً
حتى يمسك بيدي الباردة التي ترجف
عانق بيديه الدافئتين يدي ليبث إلي الحنان , حلقتُ وحلقتُ بالأعلى و كأني ألامس الغمام لفرط سعادتي
لأهبط إلى قاع الأرض بجفاف إبتسامتك الساخرة
وصوتُك المميت : هههههههههههههههه عندك أمل للحين !!
ترك يدي فأحسستُ و كأن الكون قد ضاق بي
والدمع يحارب عيني فيكويها
أبعدتُ اللحاف بقوة و أنا أبتلع ريقي و عبرتي
بثبات : هه على بالك ميتة عليك !! و بعدين حتى لو كان الي في بالي صحيح بالطقاق انت وياها
عاد ليمسك يدي ولكن ليس بحنان بل بقوة وكأنه سينتشل لحمي عن عظامها ليقول وأسنانه تحتك ببعضها : متأكدة انه عادي ؟
قلتُ ببرود و إستفزاز بذات الوقت : أكثر مماتصور .
غرز أظافره بجلدي بقسوة : كذابة انتِ بتموتي لو انا كنت لغيرك .
تمزقت يدي بين يديه الصلبة و بتوجع : معن سيبني تعورني
ليغرز أظافره أكثر
فأخفضتُ عيني موضع يديه لأراها صبغت بدمي الأحمر
فزاد وجعي لأعض شفتي بقوة , بصوت متقطع : معـ...ن
بجمود : قولي الحقيقة و بسيبك , عادي لو كنت لغيرك ؟
بذات قوتي المصطنعة و بعناد : ايه عادي
غرز أظافره أكثر , بذات جموده : أكيــد
حتى ترتفع اقدامي لأعلى و أسفل بالسرير وتهتز بطريقة عشوائية لشدة ألمي
غرزتُ أظافر يدي اليسرى بمرتبة السرير أمد نفسي بالطاقة : عـ...ادي
ترك يدي وعيناه تضخ شراراً بالأرجاء
بينما أنا رفعتُ يدي و أنا أنظر إليها
و أحارب دموعي
لن أبكي أمامك
لن أبكي
أخرج لأبكي وحدي
إبتعد عني
وما إن اختفى عن الغرفة
حتى سقطت دموعي
تجرح و جنتي
ألم جاثم بصدري
منك يا معن



*


*



دخلتُ إلى المطبخ وتناولتُ لصق , شاش , ضماد و معقم
لا أدري لما فعلتُ بها هذا
الذي أعرفه أن برودها قد غرس بداخلي القهر
فغرستُ قهري بيدها
قبل دخولي الى الحُجرة سمعتُ صوت أنينها
لا تبكي يا عُطرة
لا داعي للبكاء
تمنيتُ أن تبكي امامي
ولكن بحقيقة الأمر اتمزق حينما استمع إلى انينك
فما بالك برؤيتي دموعكِ
آه يا خائنتي اتساءل كثيراً ماذا لو كنتِ طاهرة عفيفة
كيف ستكون حياتنا الزوجية ؟
تنحنحت لأبتر انينك , شهقاتك ودمعك
إقتربتُ من السرير بهدوء بينما أنتِ عيناكِ قابعة بلحافكِ
أمسكتُ بيدك
رفعتِ عيناكِ واتسعت شيئاً فشيئاً وبخوف : وش بتسوي ؟
رفعتُ الشاش أمام عينيكِ
ليتورد خدك
و أسرح انا , إلهي كيف تبدين بريئة ؟ أي ممثلة بارعة أنتِ يا عُطرة ؟
مرهق انا بتناقضكِ
حاولتِ سحب يدك من قبضة يدي و بخجل حاولتِ إخفاءه عني : خلاص هاته وانا بلفها
إبتسمتُ لخجلك رغماً عني و أخذتُ أمعن النظر بيديكِ و أعصبها بعناية
و أنا أشعر بعيناكِ المصوبة اتجاهي دون أي شيء
رفعتُ عيني إليكِ
لتبعدي عينكِ عني
قلتُ بإستفزاز : لا تتظاهري بالبرود تراني عارف انك تطالعيني
نظرتِ إلي و أشرتِ إلى نفسك و بإستنكار : انا ؟؟؟؟؟
نعم أنتِ يا بارعة
ممثلة حقاً
بكل أدوار البراءة
تركتُ يدك بهدوء
وفتحتُ صفحات قديمة طواها الزمان
ولم تنطوي بداخلي
ماض فات ولم يمت
ولن يموت
بندم : تدرين يا عُطرة اني ندمان على كل شي ندمان اني بيوم من الأيام تزوجتك رغم اني عرفت حقيقتك قبل حفل زواجنا
كنت بأصبع مني اقدر اوقف كل شي بس مدري ليش سكت ولا ادري ليش كملت معاكِ
ولا أدري حتى كيف طاوعتني رجولتي اقرب من وحدة فقدت بكارتها .
مسحتُ على شعري دون النظر إليها
ومضيتُ حيث المسجد لصلاة الفجر
وأنا أطردُ كل الأفكار المشؤومة وأحاول
بكل قوتي نسيان الماضي وطمرهُ .




*

*


" كيف طاوعتني رجولتي اقرب من وحدة فقدت بكارتها " تردد صداها بأذني
مرة تلوها كرة
السؤال البديهي " كيف طاوعتني نفسي انذل عندك بس عشان أخواتي ؟! "


***


منذ أن إستيقظت لصلاة الفجر حتى الآن الساعة الثامنة صباحاً موعد دوامي وهي لم تجيء
أين أنت ِ يا عُزوف
فلتصعدي للجناح أريد رؤيتك قبل الذهاب
أمسكتُ بالهاتف المحمول " الجوال " وأنا أنظر إلى إسمها " قارورتي "
ضَغِطُ إتصال وانتظرت قليلاً حتى يأتي صوتُها الناعس : مين
عقدتُ حاجبي و بإستغراب : وينك انتِ ؟ بالليل كنتِ نايمة معاي وبعدين وين رحتِ ؟
قالت وهي تحمحم ليعتدل صوتها : نايمة عند مارسة بالليل ما جاني نوم و نزلت عندها .
قبضتُ على يدي بقوة : و كيف تنزلي بدون ماتقوليلي مزهرية عندك أنا ؟
قالت بإستنكار لردة فعلي : بسم الله عليك ناجي اشبك كأني رحت لمكان بعيد , كنت نايم وما حبيت ازعجك اظن ماله داعي العصبية .
قلتُ بشيء من القهر و ريبٌ لا أردي كيف دخل إلى قلبي : إلا لها داعي , و لا تكوني نمتي معاها بنفس الغرفة ؟
بذات الإستنكار : ايه وش فيها نايمة مع بنت انا مو رجال ترى .
قلتُ بجلجال صوتي : لا تتراددين يا عزوووووف فاهمة ونومة مع احد غيري مافي .
فأغلقت على وجهي
حسناً تماديتي يا عُزوف لا أنكر أني اعشق تماديكِ
و هفوات لسانكِ وكبواته
لكن هذا لايعني ان تقللي من شأني كرجل
أستهزأ كثيراً بنفسي
حالما أرى أمرأتان تقعدان مع بعضهما دون غيرهما يتوارد إلى ذهني الماضي بألمه فأفكر تفكيراً مريعاً شنيع
و كذلك حينما أرى رجلان مختليان
أي جنون أعيش ؟!!
سامحيني يا معزوفتي يا قارورتي و اغفرلي
فأنا ناقص الرجولة
و أفكاري ناقصة



***


دخلتُ إلى الفصل بتمام الساعة العاشرة
ألقيتُ التحية
و ردوا الطالبات بأصوات متفاوتة وهن جالسات على كراسهن
اتذكر أيام قبيلتي حالما تدخل المعلمة تقف جميع الطالبالت إحتراماً و تبجيلاً لها
الآن لو قالت المعلمة " وقفوا يا طالبات " لقالوا عنها فيما بينهم معلمة متكبرة
حقاً إختلف الزمان و أختلفت الأخلاقيات والقيم
ما إن رفعتُ يدي المعصوبة حتى تهتف الطالبات بكلمات السلامة
إبتسمتُ لهن و أخذتُ أقلام السبورة
لأكتب بخط عريض بأعلى السبورة عنوان الدرس " الإحتكاك "
أعطيتُ مقدمة تذكيرية عن الدرس الماضي
و ما إن دخلتُ بلب الشرح
حتى تطرق إحدى الطالبات الباب
قلتُ بهدوء : تفضلي
لتبتعد تلك الطالبة الطارقة و تزيح للأخرى المجال للدخول
فتدخل تلك المسترجلة و تقول : ابلة عُطرة ابغاكِ برى .
نظرتُ إلى ساعتي لأقول : معليش يا ابلة ما يمديني اخرجي بعدين تعالي .
تعلقت بالباب بجسدها : ابلة بالله ابغاكِ الحين بسرعة والله .
بضجر وأنا أشير إلى الباب وبصوت عالي : أخرجي يا طالبة مافي وقت .
ضربت بقدمها الأرض بقوة وبصوت يماثل علو صوتي : ابلـــــــــة .
تركتُ قلم السبورة على المنضدة و خرجتُ لها
و بملل : هاه يا ابلة ايش تبغين .
وهي تحرك جسدها ذات اليمين وذات الشمال و بخجل لأول مرة ألاحظه بصوتها : ابلة ليش غبتي امس والله خفت عليكِ كثير .
إستندتُ بجسدي على الباب من خلفي و شبكتُ يداي ببعضهما و ببرود : كنت تعبانة
بإندفاع وخوف : سلامتك يا ابلة ما تشوفين شر , ايش كان فيكِ عساه شي هين ؟؟
عقدتُ حاجبي من تصرفاتها تعاملني وكأنها رجل و أنا المرأة
إلهي ما هذا الجنون الذي تعيشه !!
بجمود : سخونة , عسى بس خلصتِ كلامك ضاعت الحصة
أخرجت يدها اليمنى من خلف ظهرها و هي ترفع إصبعها السبابة وبترجي : لاااا بس دقيقة .
أخرجت يدها الأخرى
يدها التي تحمل صندوق
مدت الصندق لي و بصوتها الثخين : هدية متواضعة بمناسبة سلامتك
برفض : ما ابغاها
و ألتفتُ للباب لأدخل , وصلني صوتها بترجي : ابلة بالله كفاية المرة الي فاتت ما اخذتي هديتي عفية يا ابلة بس المرة هاذي .
إلتفتُ لها و أنا أزفر بضيق أخذتُ الصندوق
أعطيتُها ظهري و دخلتُ إلى الفصل
بماذا تشعر بتصرفاتها المجنونة !
يجب علي ان أتحلى بالصبر ستكون هدايتها على يدي إن شاء الله .




***



أحسستُ بأنفاس دافئة تلحفني و قُبلات دافئة تُطبع بجسدي
و تلهب وجنتي
و تستقر الأنفاس بصدري
فتحتُ عيني على مضض
ثم أغمضتُها بسبب ضوء شمس الظهيرة
و فتحتها تارةً أخرى
مددتُ يدي إلى " مي " المستقرة بصدري
ومسحتُ على شعرها المصبوغ بالأحمر الناري من منابته لأسفله
لترفع هي عينها السوداء لي و تبتسم بحب
إقتربت من وجنتي وقبلتها قُبلة عميقة
ما لبثت أن تبتعد حتى سحبتها إلي ألثمها بعمق ولذة
قرصتني بذراعي حتى أتركها فتركتها وأنا أضحك
وهي بالكاد تلتقط أنفاسها
نظرت إلي وهو تلوي فمها و بزعل : روكي هوا لي انتا آسي كده بتعورني اوي .
مددتُ يدي إلى وجنتها الناعمة والممتلئة و أنا أمطها بقوة : وش اسوي فيكِ مجننتني يا عيون روكي .
ما إن تركتها حتى فركت وجنتها بقوة : روكي حرام عليك كده انتا عنيف اوي اوي لو عملتها تاني حأول
لجهاد لحسن يضربك و يعلمك الأدب عشان ما تئرب مني تاني .
أمسكتُ بيدها وانا أنظر إلى طلاء أظافرها الأسود : نشوف جهاد اخوكِ يأدبني ولا انا ياعيني .
دخل جهاد وهو يمسك كومة الملفات بيده : هوا كأني سمعتكوا تنطئوا اسمي لا تكونوا تتكلموا عليا
هاضربكم ترى .
سحبت يدها من بين يدي وهي تشير إلي , وتنظر إلى أخيها : ده روكي بيعورني أوي بيئرصني بئوة .
بلامبالآة وهو يضع اللوم عليها : انتي البئرة ليه بئى بتحبي واحد زيو لو كان بيضايئك ما تسبيه بئى .
وضعت يدها بقلبها : كلو من ده الألب ما بيدوئش إلا لو .
حرك رأسه يمنة و يسرة بضجر : انتوا لازم تتجوزا بسرعة لانو انا طفشت منكو , و بس تتجوزوا انا هخرج واتركلكو البيت .
وضعت إحدى يديها بخصرها و بقهر : يخرب بيتك يا جهاد بدل ما توئف معايا وتئول " مي " اختي حبيبتي بتوئف مع ركاض !
خرج من الحُجرة وهو يتأفف
قبلتُها بوجنتها بغفلةٍ منها وسحبتُ خطواتي إلى دورة المياه




*


*


وأبتعد عني ليتركني صحراء قاحلة كيف أحببتك يا ركاض ؟!
أخاف من حبي لك , أخاف أن يسلب مني قوةَ الإنتقام
كنتُ فيما مضى حالما تُقبلنِي أبتسم
و ما أن تبتعد وتجفل عيناك عني
حتى أمسح قبلتك تلك بإشمئزاز
اما الآن فأنا أبتسم حتى بعد ذهابك
لو علم عمي بحبي لك سيفتُك بي
و لو علم أخي لقطعني إرباً و رمى بي
ماذا أفعل يا قلبي فلتجب
فأنت المخطىء
نعم يا قلبي انت أخطأت العنوان والمكان والزمان
وأنا ضحية خطأك .



***


دخلتُ إلى القصر و خلفي ظانع بتمام الساعة الواحدة ظهراً
إتجهت خطواته إلى المنطقة العشبية حيث يقبع منزله
قلتُ بصوتٍ شبه عالٍ دون أن ألتفت : تعال يا ظانع لمكتبي ابيك بحكي .
ليغير مساره إتجاه القصر من خلفي
دخلتُ إلى القصر و تجاوزتُ الصالة إلى حيث مكتبي
دخلتُ ودخل من خلفي و أغلق الباب
جلستُ على الكرسي و بهدوء : كيف الأمور يا ظانع ؟
جلس على كرسي مقابلي و يفصل بيننا المكتب : كل حاجة زوينة يا الشيخ عبدالقوي
فركتُ ذقني المشيب بأظفاري و بطريقة ملتوية فظانع يضاهيني بالتفكير تماماً لذلك يتوجب الحذر : تعرف يا ظوينع من لازم تنظيف مكتبي بالأمس ؟
بسرعة و كأنه حافظ للإجابة عن ظهر قلب : بنيتي مارسة .
إبتعلتُ ريقي وصورتها تتمثل أمامي بدموعها السوداء المثقلة بالغم
بهدوء ظاهري عكس عواصف الإضطراب داخلي : ايه بالساعة كم بدت تنظف و لحد كم ؟
بتفكير : مدري نسيت " أردف بعجلة " الا تذكرت بدت تقريباً من 6 المغرب لحد قريب ما ترجع من عملك , الا ليش يالشيخ هالأسئلة ؟
أمسكتُ بالقلم و أنا أوقع بالملفات بلا هدف يذكر الأدهى بالأمر أني أتهرب من باقي الحديث , بذات الهدوء : قلت اقدر رواتب الخدم لهالشهر بحسب تعبهم و جودة عملهم .
قال وكأنه لم يقتنع : ايه القصد كذيا يا عسى بنيتي تكون نظيفة لتحوز على رضاك يالشيخ .
حركتُ القلم يمنةً ويسرة لأقول دون شعور مني : و حازت على الرضى بنيتك , إلا اقول يا ظانع ليتك دوم تتركها تنظف مكتبي ما اريد غيرها .
إبتسم بفخر و رضى بإبنته و يحق له الفخر و الرضى على كتلة الجمال التي يمتلكها
قال : ومحد غيرها بينظف مكتبك يالشيخ و ذلحين بملي عليها بأمرك و السمع والطاعة موجوبة منها لا تحاتي بهالخصوص .
هززتُ رأسي إيجاباً , و بأمر و تصريف : اخرج يالظانع معاي شغلٍ متروس , و لا تنسى الملزوم لا صابها الضرر بمنتصفها اللوم بك .
هز رأسه بالموافقة
بينما أنا أبحرتُ بعالمها
لم أعتقد لوهلة أن عنجهيتي
ستخضع لإمرأة
و الغريب فارق العمر !!
فلتبتعدي يا مارسة عني
ولا تمارسي إغراءاتكِ بي
فكل رجل يسقط لمرأة
إلا عبدالقوي
لا يسقط و لا يكترث .




***


وقفتُ امام المرآة بفستاني الأسود الطويل الضيق العاري من جهة الظهر أخذتُ أنظر إلى انحناءات الحناء
بأبهى نقش قد نقشته مارسة بعناية
هل جننتُ بخطوتي هذه ؟
ماهي ردة فعلك يا ناجي ؟
وضعتُ ما تعشقه بمنطقة قد تثير الجدل أو تطفأ فتيله
هل هذه محاولة فاشلة كأي محاولة سابقة ؟
فلتنجني من جحيمك يا ناجي فأني والله مسلوبة القوة
يائسة و هشة
ذابلة لا أشعر بمعنى الحياة
يوم واحد لا أطلب المزيد
لستُ بطامعة لأقول وهل من مزيد ؟
لكن سأقول أشكرك ربي إذا أسعدتني بما تناجيه نفسي سنوناً طوال
سمعتُ صوت المفتاح يدار فإذا بي أستدير بعجل
لتلتوي قدمي و أحد الحذاءان العاليان يسقط أرضاً
بينما تذوق عظام قدمي مرارة الوجع
سحبتُ جوالي الآيفون
لأجلس على أقرب كرسي و أتظاهر بالإنشغال
دخل إلى الحجرة دون أن يرفع نظره إلي وكأني لا أوجد
رمى البالطو على طاولة مستديرة وهو يعطيني ظهره
رفع بردته " تيشيرته " من الأطراف لأعلى
لينقشع جزأه العلوي
أخفضتُ بصري عنه بسرعة
صحيح قد رأيته خلال الأحد عشر سنة كثيراً بهذا المظهر
لكن إلى الآن أشعر بشيءً من الخجل فأنا لا أراه ملكاً خاصاً بي
ليتسنى لي الوضع فلا أخجل
دائماً ما يرتسم امامي و أمامه حاجز صلب
أتمنى أن تهدم هذه الحواجز ليبنى صرح قلبي أجود بناء
عندما مد يده إلى الجزء السفلي
تنحنحتُ لأنبهه
إستدار للخلف بسرعة
ثم توقف مكانه مشدوهاً
و كأن العالم كله قد إختفى
فلم يبقى إلا أنا وهو
وحدنا .



*


*



أي جمال تمتلكين يا معزوفة الشجن
أي آية حسناء أنتِ بين قوارير الحسن !
قلبي يكاد يخرج
و تتمزق أقفاصي الصدرية
لتتنفسك
و تستنشق عبيرك ِ
ماذا بعد يا فاتنة ؟
هل أنتِ ساندريلا ؟ وعلي أنا أميركَ
إدخال حذاء السعادة بقدمكِ
لتكوني لي وحدي
و أكون لكِ !
بداية من ساقك الأبيض المتعالي
توقفاً عند نهاية قماش سحيقة
لنكمل بخصر منحوت
إلى بطن مشدود
فصدر مفضوح
و رقبة شامخة
ثغر يتفجر إغراء
فأنف يكسوه الرفعة
إلى عينان لم تختلف البتة
عينان يحتويهما الشجن
تغلفهما طبقة سميكة من المعزوفات القديمة
تحتاج إلى تلحينها
لتفك قيودها الجحيمية
فتعيشي بالجنة
و أي جنة تعيشيها يا ملهمتي
و أنا أحترق
أضمرت نيران قلبي
لتعلن هزمتي
أزهقتني
أتعبتيني
أرهفي بي
إغفرلي
و أبتعدي عني
لا تزدادي أنوثة
لأنقص رجولة
بل أنقصي أنوثة
لأزداد رجولة
تراجعتُ خطوة
و تدافعت اقدامي للخلف
لأعلن نصر رجولتي على طغيان انوثتك
فأبت أقدامي ان تبتعد أكثر
و أستقرت عيناي بظهرك
تعطيني ظهرك و تنظري للخارج من خلال النافذة
هل أمارس هوايتي ؟!
هل أمد يدي ؟!
هل أقترب ؟
بلا تفكير تدافعت خطواتي للأمام حيث تقفين
وقفتُ خلفكِ تماماً
مددتُ يدي إلى النقش المتشعب بظهرك
و ضعتُ يدي بأعلى ظهرك من جهة الرقبة
لأبدأ بممارسة أجمل هوايتي
أنقش من الأعلى إلى أسفل أمر بكل إنحناءة بكل دقة
و قلبي أسمع صوت صداه
يكاد يعلن الهزمية
يكاد يقول أرحميني
أنا الناقص




*


*




و ماذا عساك تفعل يا سفاحي ؟!
أتحرق ظهري
بحنانك
بإمعانك
أهذا هو اليوم الذي أرتجيه
أهذا هو المنتظر
أهذه هي البداية ؟!
أصابعك الخشنة
تمر بملمس ظهري الناعم
فتبصم بلهيبها
حروفاً شهدها التاريخ
منذ أحد عشر سنة
تبصم بصبري
تبصم بقهرك لي
تبصم بشقائي
أتكويني بأصبع
و لا أكويك بكامل جسدي
أي رجولة تمتلكها يا ناجي
ألا تهتز
ألا ترجف
إلهذه الدرجة أبدو ناقصة ؟!
أغمضتُ عيناي بشدة
و أنا انتظرك لتنتهي من ممارسة ما قد بدأته
أسمع ضربات قلبك الهوجاء
ضربات غير متزنة
نعم أسمعها
و أشعر بجحيم أنفاسك
توقد عنقي و ظهري
و لفرط الهدوء
أستمع إلى حركة xxxxب الساعة
فتحتُ عيني بوسعها
و أنا أستمع إلى كلمة هوى قلبي لها
فأحببتك
و أحببتك
بكل تملك
قلتها ليهتز عرش قلبي لثاني مرة
: حلــــو
كلمة وفقط
قلبي يهواها
و أذني تعزفها
و صدري يتنفسها
كلمة بدأنا بها صك زواجنا
فهل نبدأ به ليلتنا ؟
و تركتني , تركتني صحراء جرداء بلا ماء يسقيها
فلاة بدوية جافة
إلى متى يا صبار ستخزن بك الماء
أما آن الأوان لتعيش فلاتك ؟!
إلتفتُ لك و بإندفاع : ناجي ما بتتغدا
برفض : هاه بتغدا مع ابوي تحت احسن
تقدمتُ الخطى قليلاً و بإلحاح : بس انا سويت الأكل ما بتذوقه ؟
إرتديت قميصك وانت تزفر بضيق
إلهذه الدرجة أنا عالةٌ على قلبك ؟!
و أنهمرت دموعي كأي مرة
ذرفت عيناي أمامك تعلن الهزيمة
رجل مقابل ناقصة
النصر لك يا ناجي
مشيتُ بسرعة حيث الباب الذي يقبع بجانبه
و عيناي ترسم طريقاً سرابياً
لأتعثر بحذائي الكعب
و أسقط بشبه ركوع و أنا اتحامل على نفسي
لم أشعر إلا بك
ترفعني لأعلى وأعلى
ويديك تلامس خصري
إلتفت يدي حول رقبتك و أنا أصرخ بذعر : ناجي نزلني نززززلني
ضحكت بصوتً عال : ههههههههههههه يا خوافة
و ضعتني على السرير برقة
لتجلس بطرفه و تمد يديك إلى قدمي المصابة
فتحرك عظامها بنعومة : تعورك ؟
عقدتُ حاجبي بألم : شوية
فمسكتها بقوة لأصرخ : آآآآه لااا كذا يعوور
تركت قدمي وانت تبتسم
و قلبي يبتسم لإبتسامتك
بهدوء : طيب يا الدلوعة ارتاحي وانا اغرف الغدا واجيبه لعندك بعد
إلتزمتُ بالصمت و أنت إبتعدت حيث المطبخ
أستمع إلى صوت الصحون
و كأنك تتعارك معاها
و لم يمضي وقتاً طويل حتى أراك أمامي
وضعت الصينية بالسرير وجلست مقابلي
مددت يدك إلى الملعقة لتملأها بالأرز
و تضع الملعقة امام ثغري وتقول وكأنك تتعامل مع طفلة : هم هم
لأفتح فمي قليلا ً
فتقول : وهم يا جمـــل
ضربتك بذراعك بغير رضى : ناجي عن الهبل
ضحكت بصخب لتقول : كلي بسرعة يالدلع ما باقي على آذان العصر شي ابغى اصلي .
هززتُ رأسي بالموافقة
و أنت تدخل ملاعق متراكمة بفمي
حتى كدت أختنق .

***

إحتضن يدي الصغيرة بيديه
رفعتُ رأسي إليه و بتساؤل : وين بنروح ؟
إبتسم بحنان : أريد خشب من المخزن , وانت بتساعدني صح يالكاسر
هززتُ رأسي بالموافقة و بطفولة : صــــــــح
إتسعت إبتسامته وهو يمسح بيده على شعري الأسود
و قفتُ بجانب المخزن
وهو يفتح الباب الصدأ العتيق
دخل ودخلتُ خلفه وضوء شمس الظهيرة يزيح العتمة قليلاً
أمسك بكرتون كبير به كم هائل من الخشب
وهو يقول : دور يالكاسر على خشبة مستديرة ولا شفتها عطني ياها
أخذتُ أغرق بالصندوق بين خشبة و أخرى
وهو يبحث بيديه معي
وبعد عناء خرجتُ بجسدي من الصندوق و أنا أرفع حلقة مثبتة بها عدد من قطع الخشب لأعلى
و أقفز بفرح : حصلته حصلته
نظر إلي وهو يبتسم
مد يده : هاته يالكاسر
أعطيته إياه
فإذا به يخرج قطعة الخشب واحدة من قطع الخشب المثبتة بالحلقة
يعلق الخشبة المخروقة من الأعلى بالخطاف
و يدخل يده بجيب ثوبه ليخرج مسدس
و شهره ناحية الخشبة فيطلق بإحتراف
فتصيب الخشبة
إقترب من الخشبة و استبدلها بأخرى
وهو ينظر إلي و يضحك
فتحتُ عيني شيئاً فشيئاً و بخوف : لا تطلق امامي قليبي يوجعني
إقترب مني و كأنه قد غضب و لكن أخفى غضبه بستار إبتسامته الحنونة و هو يقول : لاه يالكاسر لا تقول كذيا انت يالكاسر بيوم من الأيام بتصير ضابط كبير
كبيــر و بتآخذ بالثار يالكاسر .
وضع بيدي المسدس و وجه يدي ناحية الخشبة و قال : هالحين انا بساعدك بالطلق المرة القادمة عليك بالطلق والقنص إنت رجال و بتصيبها .
و أشهر السلاح
ليرمي بالرصاص
و أنا أغمض عيني
نظر إلي و زفر بشيءً من الضيق : لاه يالكاسر لزوم تشد همتك ما ينفع كذيا .
عاد يمسك بيدي و يشهر السلاح ليقنص ويطلق
وبهذه المرة تشجعت ولم تحتضن جفناي عيني لتعيش بالعتمة
قال بتشجيع : ايه كذا الكاسر بطل , تجهز بنطلق الثانية .
قلتُ و قد شعرتُ بالشجاعة والحماس : انا بطلق ذي انا .
إبتسم بود وهو يحفزني : يلا اطلقها يالكاسر واثبت قوتك .
لأمسك بالمسدس و أشهره على القطعة
فترتجف يداي بخوف
ذعر أصابني
فأنتفضت ساقاي
قال بصوت عالي وتردد صداه بالمخزن : اطلقها يالكاسر انت قدها .
فأطلقتُها وأغمضتُ عيني بسرعة
بينما هو أحتضنني بشدة لصدره وهو يمسح على ظهري و يلثم رأسي
و يقول بسعادة : وقدها يالكاسر بتآخذ بالثار وانت قد ثقتي بك .



*


*



من أنت يا هذا
توجد بكل ذكرياتي
السؤال الأهم هل أنت بالأصل ذكرى
أم شيء من وحي خيالي ولا تتم للواقع بصلة
من أنت يا هذا
كنتُ أعتبرك قدوة بكل شيء
إلى متى سأعيش بصراع الذكريات
إلى متى سأظل تحت ظلال جحيم
الذكريات و الخيالات
وهل يا تركية أنتِ لك صلة بهذه المتاهات
أم أنتِ مرحلة عابرة من حياتي
لماذا منذ رؤيتي لكِ أربط صورتك بهذا الرجل
الذي لا تتضح لي ماهيته
ما هذا الشتات الذي أعيشه ؟ !
و إلى متى ؟
إستيقظتُ على ضربة الباب القوية
دخلت هوازن و لأول مرة أرآها غاضبة
تقبض بيدها على أجهزة الآيباد !
و وجهها تطغيه الحُمرة
و لشدة غضبها يبدو انها لا ترى ما حولها
فهي لم تلقي التحية علي كعادتها
بل رمت الأجهزة بالتسريحة وجلست على أقرب كرسي لها
وهي تمسح و وجهها بضيق
و تتنفس بتوتر
تهز أقدامها بلا توقف
و تبتلع عبرتها
ما بالها حبيبتي !
إقتربتُ منها بهدوء
جلستُ بجانبها ولم تشعر بحضوري
و لا بجسدي الضخم !
عانقتُ بيدي كتفها ليسقط رأسها بصدري
خلخلتُ بأصابعي خصلات شعرها الأجعد الأسود التي بها بعض الشيب
و الشيب وقار
بحنان : اشبك , شاللي مكدرك ؟
أمسكت بثوبي البني وضمت عليه أصابعها , بتردد : البنـ...ات
عقدتُ حاجبي و ازحتُ رأسها عن صدري برفق
وضعتُ أصابعي بأسفل ذقنها لأرفع رأسها , و تثبتُ عينيها الدامعة بعيني
مسحتُ دمعها و بتساؤل : وش صاير ؟
بتردد وهي تبتلع ريقها الوهمي الجاف : آ آ .. كنت جالسة معاهم وبعدين " تهدج صوتها بالبكاء "
بتشجيع: وبعدين و ش صار ؟
تشبتت بي و هي تتحدث بخجل و ذعر : بعدين .. شكيت بهم لانهم كل ما قربت منهم تسحبوا بعيد عني
بدون ماينتبهون علي .. وبغفلة منهم سـ .. حبت الآيباد من يد ريتاج وشفت
دفنت رأسها أكثر و هي تنتفض بشكل مريع
شددتُ عليها بصدري بكل قوة وقد انبث شيء من خوفها لقلبي : هدي يا هوازن و تكلمي
بصوت باكي متقطع : شفـ...تهم يلعبون وهاللعبة فيها دردشة تخيل يالكاسر وش كانت تدور عليه الدردشة
كـ....انت بين بناتنا و بلقيس بنت عُطرة مع أولاد بأعمارهم يتكلمون عن ليلة جنسية
جحظت عيناي لهول الصدمة لأقتلع رأسها عن صدري و انا أقول : زنا مجازي
لتهز رأسها بالموافقة
يا إلهي هل يعقل أن أطفال لايتجاوزن
العاشرة من عمرهم يفقهون بهكذا أمور !
الزنا المجازي هو كالزنا الفعلي إلا أنه بالكتابة
و لا تنطبق عليه أحكام الزنا الفعلي
الزنا المجازي من مقدمات الزنا الفعلي
لكن كبار هم من يقعون به
بائعون لعرضهم ودينهم
أيعقل بأن أطفال يتحدثون بهكذا أمور
تمتمت : لا حول ولاقوة إلا بالله هدي يا هوازن هدي و هالأجهزة لازم تنسحب منهم اسبوع اسبوعين
و لازم نعلمهم بالخطأ إلي انحطوا فيه .
هذه الأخطاء لا تعالج بالحرمان الأبدي
و لا تعالج بالضرب
فإن حرمتم و ضربتم
سينتابهم الفضول
فلما قد منعوا ؟
ثم سيغرقوا بهذا الخطأ أكثر فأكثر
والعواقب وخيمة فيما بعد
هنالك أساليب أرقى بالتعامل مع الأطفال .








***

الآن الساعة الرابعة عصراً
ساعةُ جنون الذكريات المميتة
طاهرة , عفيفة أنا يا معن
قذفتني باطلاً يا معن
و قذفني الطب باطلاً
فأصحبتُ الفاجرة
طُعنت بشرفي
و صبرت
و تجرعتُ علقم الظلم
جرعة تلوها جرعة
و تكادست الجرعات
فلم يعد للصبر مجال
فلا أريد تذوق المزيد من الجرعات
إكتفيت
كف عن ظلمي يا معن
إنصفني لمرة واحدة
فلتقل عند طاهرة
واقسم أني سأعفو عن خطاياك
فلتثق بي
ثق وصدقني سأكون عند ثقتك
عاوني وساندني لأُثبت براءتي
و لا تبتعد ليصيبني القنوط
هل بالفعل انا كنتُ مفقودة البكارة !
هل بالفعل لم أكن عذارء عفيفة !
هل بالفعل دنستُ بثوبي !
هل وقعتُ بالزنا !
و أي زنا أقع به , وانا موقنة أني طاهرة
عذراء عفيفة
لم يمسها إنسي غيرك يا معن
و تعود ذاكرتي إلى اليوم الذي صدح فيه صوتي
و أعتلى ثم أختفى ومات
إلى يوم إحتضاري اليوم الذي يسبق يوم زفافنا
و بيوم زفافنا زففتني إلى ضريحي
بكفني يا معن وليس بفستاني



دخلتُ ككل يوم إلى حجرتك ولكن بهذا اليوم كنتُ بأبهى حلة
و أجمل مظهر
بفستان باللون المفضل لك ولي اللون الأحمر
و شعري كان آنذاك مصبوغ بالبني مدرج
منسدل على ظهري المفضوح
أول ما رأيتني توسعت عيناك
جحظت بطريقة مخيفة
لم ينطبق جفناك على عينيك إطلاقاً
كانت عيناك مغطاة بطبقة ثلج جافة
لا تذوب بتاتاً وإن تواجدت عوامل الإنصهار
وذاك لعاب يسيل من فمك الشبه مفتوح
إجتاح قلبي الفزع
رهبةٌ جعلت جسدي ينتفض
و أسناني تضرب ببعضها
إقتربتُ منك
وضعتُ يدي بوجنتك أحركها بنعومة على ذقنك الخشن , وبخوف : معن وش فيك ؟
تقطعت أنفاسك لتقول : قلـ..بـي
و ضعتُ يدي اليسرى موضع قلبك بالجانب الأيسر بينما يدي الأخرى تلدك وجنتك
و بلغ خوفي منتهاه : معـــن إشبك ؟؟
فوضعت يدك فوق ذراعي الممتدة إلى وجنتك و أخذت تلثمها من أسفلها لأعلها
تعالت خفقات قلبي
تماطرتُ خجلاً
فمطرتني لذة
و تبادلنا المشاعر
بكل جنون
بكل حب
و في غمرة اللذة
إنتفض جسدك بجزع
تراجعت خطواتك للخلف
و هوى قلبي أرضاً
وانت تقول بغير تصديق : ما انتِ بنت ؟ !!!!!!
ثم لطمت خدك وانت تردد بضعف : ما انتِ بنـــــــــــــــت !!!
حينها أُغلقت كل الأبواب
و ماتت عُطرة القوية لتصبح هشةً كسيرة
إقتربت مني و أمسكت بكتفي العاري تهزني بقوة و تصرخ
و أنا أبكـــــــــي
و أبكـــــــي
فينقلب بكائي وعيلاً قاتلاً
مستميتة بما قذفتني به
صفعتني بيدك الفولاذية بوجنتي اليمنى فلحقتها باليسرى
دواليك اليمنى فاليسرى
و لاحول مني و لا قوة
و زففتُ إلى الضريح بكفني
قتيلة بالظلم
تسرعت كثيراً يا معن بالحكم
أتظن ان الدماء دليل العفافة !
كما في بعض العوائل إذا أُغرق
المنديل دماً كانت الفتاة طاهرة !
أي جهلٍ هذا بربكم !
طعنتني بشرفي ومضيت
و لكن معك بعض الحق
فالطب بصفك !
و بعدها بيوم جلدتني
و جلدت قوتي
أصبحتُ أخاف يديك إن إرتفعت بالهواء
أهاب جلدة تنحفر أثارها سنيناً بجسدي
و أخاف صفعة لشدتها أُصاب بالعمى
و أي عمى أُصاب به !
وأنا أشعر بالعمى
فلا أرى إلا عتمة
الدنيا سوداء حولي
لا طعم و لا لون و لا معنى
أُصيب قلبي بالتبلد
فلم أعد أميز بين الأشياء
ظلمتني يا معن
فظلمتُ أنا نفسي .

تنهدتُ بضيق و أنا أفتح ثلاجة المطبخ و أتناول زجاجة الماء
لأرتشف البارد الكثير
على أمل أن ينطفىء الحار الغزير بجوفي
و ياليته بالفعل ينطفىء .



***


نظمتُ الخيط باالإبرة
و أخذتُ أخيط إزرار قميصي
هذه الدنيا في غاية الغرابة
نحن نخيط إزرار لنلبس سنين !
وهم يرمون لباس يوم سقط إزراره !
بالرغم من أن حالنا جيد
فعبدالقوي لا يقصر بالرواتب
بل ويعطينا أكثر من اللازم
إلا أني لا أحبذ البذخ الزائد و التبذير فقد قال سبحانه وتعالى : " ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا اخوان الشياطين " .
فقد قرن سبحانه وتعالى المبذر بالشيطان
و أيضاً لا يوجد ما أشغل به نفسي حالما أنتهي من عملي
لذلك أُمارس إحدى هوايتي ألا وهي الخياطة
هبت نسائم عليلة فحركت خماري لأعلى
أنزلته لأسفل و أنا أركز بالخياطة و أفكر بعُزوف
فبالأمس عند سهرتي مع عُزوف شعرتُ أنها بضيقٍ يغالب ضيقي
شعرتُ بالكثير من الأسى بحديثها
عيناها مساحة حزن لا محدودة
كانت تضحك وكأنها تبكي !
لأول مرة أراها هكذا , وكأنها قانطة من شيءٍ ما !
ببداية الأمر ظننتُ أن حزنها هو عدم إنجابها و لكن بعدما طلبت مني أن أنقش لها بدأ شيءٌ من حزنها يتضح
يبدو أن هنالك معضلةً بينها وبين زوجها
أعانها الله
المضحك أني أفكر بمشاكل الغير
وكأن حياتي لا يشوبها الألم
في ماذا أفكر فيك يا ركاض ؟!
مللتُ التفكير بك
مللتُ أكاذبيك
مللتُ خيانتك
مللتُ غبائي المستمر
و كأني بمارثوان
على ساحة السباق مع الزمن
يمضي يوم وآخر
يجرها شهر فسنة
ولم أجني ثمر !
لأني وفقط بلهاء
لم أشغل وقتي إلا بالتفكير بك
و العجيب بهذا كله أنني كنتُ بالرابعة عشر من عمري
ألبس ما يغري !
لأجذب أنظارك !
و اليوم أنا بالعشرين و أفكاري لم تكبر البتة
و كأن جسدي يطول و يتوسع و دماغي متحجر , متوقف
بعيداً عن هذه التفاهات إلى ما هو ذو أهمية
إلى أبي ظانع و الحرب القائمة بيني وبينه
على المحور عبد القوي
هه وعلى ذكرى عبد القوي ها هو أبي ظانع
يلوح بيده لي لأقترب منه
" جبنا سيرة القط جا ينط "
أصبحتُ لا أذكر أبي إلا بسوء
قد نسيتُ جميع حسناته
نعم نحن البشر هكذا ننسى جمائل سنين لضرر يوم !
و أنا لا أختلف عن أخواني البشر و لا أتميز عنهم
لهم مميزاتهم ولي مميزاتي و لهم عيوبهم ولي عيوبي
فالكمال لله وحده
توكأت بيدي على العشب الأخضر لأقوم , إقتربتُ منه بهدوء
سحبتُ الكرسي للوارء قليلاً لأجلس
رفعتُ عيني إليه : وش تبغى يا ابوي ؟
إبتسم و بزغت السعادة بمعالم وجهه : سمعي يا مارسة الشيخ عبد القوي مايريد حد ينظف مكتبه غيرك فاهمتن علي
بإمتعاض : وليه انا يا ابوي ؟
أشار إلي بسبابته وهو يقول بحزم : هذا شور الشيخ عبدالقوي وبعد شوره مابه شور .
بإستسلام مصحوب بالضيق : حاضر يا ابوي .
أخفضتُ أنظاري إلى قميصي و الأبرة
تابع حديثه بما ضغط على رقبتي و كتم أنفاسي حتى شعرتُ بالموت : سمعي يا مارسة لا جيتي تنظفي مكتب الشيخ هالخمار تركيه
ر هالحجاب بكبره ما اريده إن دخل عليك و شافك تظاهري بالإنشغال حتى يتماثل له غفلتك عن حضوره
ثم بعد كذيا تظاهري بالفزعة و رفعي غطاتك على وجهك فاهمتن علي ؟
برفض تام وصوتي بدأ بالعلو : لا يايبــــــــه ما ني بمرخصة نفسي , ولا هو واجب علي طاعتك , طاعتك بالحلال واجبة يا ابوي
وان تعديت حدود الدين فطاعتك مرفوضة لأنك تآمر بمعصية .
ليقف هو على قدميه و يرجع الكرسي للخلف و يسقط الكرسي أرضاً و يهتز
بينما ذاك اللهيب يتفاقم بعيني أبي
أخذ يهزُ الطاولة بقوة
و اقترب مني
و رفع يده بالهواء
بينما أنا أخفضتُ رأسي لأسفل و أغمضتُ عيني
و مددتُ يدي لأعلى رأسي أدافع عن نفسي
بحركة لا إرادية
لكن لا صفعةً وصلتني
و لا قوةً أزهقتني
و لا قسوة أهلكتني
أبعدتُ يدي عن رأسي قليلاً
لأرى يداً تقيد يدي أبي
أدرتُ رأسي للخلف
فإذا بها يد عبدالقوي
تُمسك بيد أبي ناهيه عن ضربي !!!
إبتلعتُ ريقي
و قمتُ من على الكرسي
و أنا أجُر خطواتي إلى المنزل
تحت أنظار عبدالقوي المتفحصة
وأنظار أبي ظانع المتوعدة



*



*




منذُ الساعة الخامسة عصراً إلى الآن الخامسة و النصف
و أنا قاعد بالحديقة أُكمل أعمالي
و على بعدٍ طويلٍ جداً تجلس تلك المحجبة
التي لا يظهر منها شيء غير كفاها
تخيط رداءً و أنا بين الفنية و الأخرى أرفع عيناي إليها
أراقبها بلا شعور مني
حتى تقوم من أرضها لتجلس على الكرسي قُدام أباها ظانع ويفصل بينهما طاولة كبيرة
فلا يتضح لي إلا ظهرها
اما ظانع فكان في بداية أمره مبتهجاً وما إن تحدث معها حتى يكفهر وجهه و يتجهم و تنقبض اسارير وجهه
ضحكتُ بيني وبين نفسي بسخرية و أنا أردد : ماوراهن غير الكدر .
لكن حينما وقف و أرتطم الكرسي بالأرض , وهز الطاولة بتلك القوة
علمتُ حينها أنه سيضربها ضرباً مبرحاً
قمتُ من الكرسي و كأني آلة
متوجهاً إليهم أركض بقوة
و أنفاسي تُقطع لطول المسافة و عجزي
و الحمدلله وصلتُ بالوقت المناسب لأُمسك بيديه
أعتصرها و أمنعه عن ضربها
و أنا أحدق بها
و لا أدري
لا أدري
كيف فعلتُ هذا ؟
كيف وصللتُ إلى هنا ؟!
و كيف قطعتُ هذه المسافة بهذه السرعة ؟!
و لما ؟
لأجــــــــــل إمرأة !!!
أشعر بالحرج من نظرات ظانع المستغربة من حالي
انا بالأصل مستغرب من نفسي , فكيف هو ؟
أنزلتُ يدي التي تقيد يده و أنا أعطيه ظهري و أمضي بعيداً حيث كنت
كيف سأقابلك يا ظانع بعد موقفي هذا
أهذا انا عبد القوي شيخ القبيلة
أهذا انا الذي يبغض بنات حواء
لا أنت اقوى من هذا يا عبدالقوي
هذه نزوة وفقط
و أنت عبدالقوي كما كنت .




***


نظرتُ إلى الساعة التي تحيط معصمي , تشير إلى السابعة والنصف بعد غروب الشمس
رفعتُ عيني إلى متعب الذي يقول : وش تبون اطلب
قلت : مثل دايماً قهوة سادة .
نظر إلى صديقه الدكتور النفسي " مشعل " : وانت وش تبي ؟
قال بإبتسامة : موكا , هاه انت يا متعب مرتين تقهويني بمناسبة اني دكتور جديد بهالمستشفى
و هذا صاحبك القرد ما كلف على عمره يحتفل بتواجدي
ضحكتُ و أنا أتراجع بجسدي للخلف حتى اصطدم بالكرسي : و لا عليك يا جديد , انا الي بشتريلك الموكا يالنفسي .
نظر إلي بحنق : نفسي هاه وش فيهم النفسيين والله اني احب كل مرضاي .
حركتُ يدي بالهواء وانا أقول بسخرية على وجه المزح : سلامتك بس مجانين مثل دكتورهم المجنون .
تسند بيديه على الطاولة وبجدية : الأغلب يحسبون الي يلجأ لدكتور نفسي مجنون هذا تفكير مجتمعاتنا الشرقية المعقدة
المرض النفسي هو اضطراب و ضغط داخلي بحيث الشخص يجمع الهموم بداخله و ما يشتكي لأحد و هم على هم
تزيد همومه وهالشي نتيجته تصرفات سلبية لا إرادية و إحساس بالملل بكل لحظة مهما جدد بحياته .
عانقتُ بيدي صدري و نظرتُ إليه بنصف عيني : خلاص توبة يالنفسي ما عاد بنكلمك عن نفسيينك دام دفعاك صارم .
قمتُ من على الكرسي , أخطو إلى الكافيتريا .
و انا أستمع إلى صوت ضحكه .

***


أخذ يدفعني بوسادة الريش و أنا أقفز فوق الكنب و ابتعد عنه , و أمي غزال تضحك بسعادة
ركضتُ بسرعة مبتعدة عنه و توقفتُ قليلاً و أنا أقذف بحذائي الأبيض بعيداً عني
لأكمل الجري بسرعة أكبر
و عمي جلال يجري خلفي و يكاد يسقط لشدة تعبه وهو يهتف : انهااار و قفـ..ي
لم أعره اهتماماً وانا أزيد من سرعتي لينتهي بي المطاف عند كنبتين فقفزتُ بينهما
لأقف خلفهما و خلفي الجدار
إبتسم هو بإنتصار , و وضع يده على قلبه : واخيراً بفوز
أملتُ فمي جانبا , وبزعل مصحوب بدلع : عموووووو
قالت أمي وهي تقطع مغامرتنا , وبيدها الهاتف : انهار يمه , صحبتك نوال تقولك خلصتِ البحث .
شهقتُ بقوة وبفزع
و أنا اقفز و أخرج من بين الكنبتين

وضعتُ يدي بفمي , نظرتُ إلى الساعة الكبيرة المعلقة بالجدار تشير إلى التاسعة ليلاً , هززتُ رأسي بالنفي :لااااااااااا نسيت ياويلي يا ويلي .
جريتُ بسرعة إلى غرفتي
يا إلهي كيف نسيتُ البحث ؟!
كله بسبب المجهول , نعم بسببه لم أعد أفكر جيداً فتفكيري اصبح محصور عليه دون غيره
تأففتُ بضيق وانا اتمتم : ولين متى ببقى على هالحال اففففف .
دخلتُ إلى غرفتي , توجهتُ مباشرةً إلى مكتبي
لأجد مجلد كبير واقع عليه
فتحتُ المجلد وعيناي تتوسع دهشة , فهذا هو البحث المطلوب مني بالجامعة
أخذتُ أقلب صفحاته المحصورة بين غلافين
و ما أن وصلتُ إلى الصفحة الأخيرة حتى أجد بها ورقة بيضاء صغيرة كُتب بها : لا تخافي
و بالأسفل : يوم 6 : اللون الأخضر - الإطمئنان .
جلستُ على سريري و أفكاري في البعيد المجهول , وبيدي الورقة مزقة
مزقتها لأُمزق شيئاً من الضغط بداخلي
لم أعد أحتمل من ذا الذي يعلم كل أموري ؟ !
ولما يهتم بي ؟
ألا تحبي يا أنهار أن يهتم بكِ شخصٌ ما !
نعم أحب , لكن ليس بهذه الطريقة
إرتميتُ بجسدي على السرير وانا أحتضن وسادتي لصدري وأدفن رأسي بها
لكن يبقى هنالك على أرضنا من أنا أشغل أفكاره
شعور جميــل يداعب انوثتي
و ماذا بعدُ يا أنهار , لا تنجرفي و لا تنخدعي فهذا ان كان بالفعل يهتم بكِ و يريدكِ لكان تقدم إليكِ على سنة الله و رسوله
نعم ما الذي دهاكِ لا تفكري به بهذه الطريقة السخيفة .



***


أخذ يجري بإتجاهي و أنا قاعد بمكاني أمد يدي للناس شحاذ ليس إلا
ضرب قدمه بالأرض وهو يمد يده إلي يقول بعجلة و وجهه مخطوف : قم قم يا اغيد تعال شوف ما شافت عيوني
نظرتُ إليه بإستغراب فإذا به يربط يدي بيديه ليرفعني عن الأرض بسرعة
و يسحبني خلفه مشينا مسافة طويلة
فإذا به يدخلني " دورات المياه " المجانبة لمحطة الوقود
قال لي بصوتً خافت : اسكت لا تتكلم ابد .
سحبني إلى أحد الدورات و دخل خلفي وهو يغلق الباب
نظرتُ إليه بإستغراب
فأشار إلى فمه " بمعنى أسكت "
أحاط بخصري و رفعني لأعلى بما أني أقصر منه
لأرى من بالحمام المجاور , فإذا بي أرى ذلك الضخم الذي يراقبنا و يتولانا ويجلدنا
او كما يدعوه اصدقائي مبتوروا اليد " غريب الأطوار "




***



إنتهى الجحيم

استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .

و بنثبت على موعد واحد والي هو كل سبت جحيم بس تراني ما قصد السبت الجاي لا الي بعده
السبت يناسبني سواء بالعطلة او بالمدرسة


كونوا بخير $


الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 16-08-14, 03:38 AM   #33

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


تمضي السنين

ثانية , دقيقة و يوم
وينتهي
لنفتح صفحة جديدة بيوم جديد
وينتهي
يمضي شهر فستة أشهر فسنة
وتنتهي السنــة التي تحوي 365 يوماً
بعضنا يجدد
والآخر يبقى على ما هو عليه
نقول سنبدأ سنةً جديدة ببدايةً نظيفة
ولكن سرعان ما يغلف بدايتنا العفن
فتنتهي السنة بالعفن
عفن المعصية








الجحيـــم


( 11 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **



أخذ يجري بإتجاهي و أنا قاعد بمكاني أمد يدي للناس شحاذ ليس إلا
ضرب قدمه بالأرض وهو يمد يده إلي يقول بعجلة و وجهه مخطوف : قم قم يا اغيد تعال شوف ما شافت عيوني
نظرتُ إليه بإستغراب فإذا به يربط يدي بيديه ليرفعني عن الأرض بسرعة
و يسحبني خلفه مشينا مسافة طويلة
فإذا به يدخلني " دورات المياه " المجانبة لمحطة الوقود
قال لي بصوتً خافت : اسكت لا تتكلم ابد .
سحبني إلى أحد الدورات و دخل خلفي وهو يغلق الباب
نظرتُ إليه بإستغراب
فأشار إلى فمه " بمعنى أسكت "
أحاط بخصري و رفعني لأعلى بما أني أقصر منه
لأرى من بالحمام المجاور , فإذا بي أرى ذلك الضخم الذي يراقبنا و يتولانا ويجلدنا
او كما يدعوه اصدقائي مبتوروا اليد " غريب الأطوار "
بمنظرٍ شنيع مؤسف
يباشر أحد ذكور محطة الوقود
يلوطه كقوم لوط
أخفضتُ بصري سريعاً و لكزتُ " هزيم " بيديه لينزلني أرضاً
نزلتُ و خرجنا من دورة المياه سريعاً



*


*



نظرتُ إليه وانا أُعدل ياقة ثوبي البني : اسمع يا احمد لا تجلس تلومني انا اغيد امس ما شفته وانا واعده اني كل يوم بقابله
غير كذا في اكثر من ضابط واقفين عند المكان المشكوك بطرح البضاعة فيه يعني و جودنا ماله داعلي و انت عارف كل مرة نشك بمكان ويطلع غلط
نظر إلي بحنق : وش هالكلام ترى احنا قسم مكافحة ولا لنا شغل بهالمبتورين , وتبي الصدق ما هقيت هالسحبة منك يالكاسر
تنهدتُ بضيق و أنا انزل يدي من الدريكسون : احنا يا احمد اساسنا غلط لاننا ما نعرف مكانهم مجرد توقع و بيخيب مثل كل مرة لازم نخطط بشكل صحيح
مو نتسيب وبيوم واحد نمسكهم مافي حاجة تجيك بدون تعب و قلت لك سوينا الواجب وفي ضباط يقوموا بمكاننا .
غادر السيارة وهو يضرب بابها بقوة ويتجه إلى سيارته
خلخلتُ اصابعي بشعري و أنا أزفر وأنظر من زجاج النافذة إلى مبتوروا اليد
اعلم اني ضابط بل ونقيب لقسم مكافحة المخدرات لكن خسارات الدهر المتعاقبة اجحفت بي
غير هذا هنالك ضباط يمكثون الآن بالموضع المشكوك , والموضع تحت مجهر المراقبة وهم من رتبتنا وبمنزلتنا
لكن انا على يقين بأن محط الشك خطأ كسابقيه من المحطات , لأننا وفقط لا نفكر بل نغامر وحسب , فمن الجميل أن يكون لنا
دور و يد في رفع رآية الوطن حتى و إن لم يكن لنا دخل بهذا فنحن لا نبحث عن راتب لا بل ننعش الوطن
كما قال ذاك الذي يزورني بذكرياتي او خيالاتي , و أنا أبحث عن سعادة المبتورين لأنعش راية وطني بعطاءٍ متواضع .


*

*


لهثتُ بخوف وكمٍ هائل من الضيق : استغفر الله , وش سويت يا هزيم كيف تخليني اشوف حاجة مثل كذا ؟؟!!
بإبتسامة مخيفة تحمل من الخبث الشيء الوفير : ابد بس تكون شاهد يمكن بيوم نشتكي عليه و نخليه يذوق شر أعماله , النذل ياخذ من فلوسنا ويدفعها بالحرام تصدق يعطي للرجال عشان ليلة معاهم ؟! , مريض هذا !
لازم نشتكي عليه على كل شي يكفي كل فترة وفترة يجلدنا و يعاملنا اسوأ معاملة يمكن لا إشتكينا عليه نقدر كمان نطلع رئيسه الي يمشيه يمين ويسار ويتعامل بالخفى .
تقدمتُه بالخطوات و بلوم وعتب و إنكسار : بس انا ما توقعت للحظة عيوني تشوف ما شافت حرام عليك يا هزيم هالحين هالقرف كيف بيخرج من عقلي و بعدين وش تفكر فيه احنا لا إشتكينا عليه احنا بكبرنا
شكوى عايشين بلا هوية .
حرك بقدمه قارورة ماء بلاستيكية بالأرض و بقهر : ليش انت قنوط كذا يا اغيد وبعدين لا اشتكينا عليه وانه كمان حابسنا عنده و فيه من يتولاه اكيد الشرطة بيوقفوا بصفنا
احنا مالنا هوية لأنهم خطفونا من أهلنا .
إلتفتُ إليه و بشيءً من الغضب لم أعهده سابقاً : تكذب على نفسك يا هزيم المسألة ماهي بمسألة هوية وبس المسألة مسألة لا شقق تقبل تأجر لعزوبيين , لا مبتورين يقدرون يشتغلون اي شغلة ويصرفون على نفسهم , جهلة ما نعرف شي
لا أهل يحتوونا ولا شي احنا مع بعضنا نكون اسرة حتى لو كنا بشقى نبقى آخر شي نحس ببعضنا احنا لو اشتكينا فنحنا نشتكي على نفسنا قبل نشتكي عليه نحنا بنلفت نظرهم لبيئتنا و الموضوع ما بيتوقف عندنا وبس الموضوع بيمتد لكل شخص يعيش معاناتنا راح ننكبهم و ننكب نفسهم
خلينا على الي احنا عليه والله ينتقم منهم ويآخذ حقنا يا هزيم .
ليصُب جام غضبه علي : اوووووووه انت وش فيك يا اغيد ليش كذا ضعيف اتمرجل يا رجال اثبت نفسك لو مرة وحدة يكفي قنوط احنا لو اشتكينا عن حالنا حق الشرطة هم بيتكفلون بالبحث عن اهالينا هم بيسوون كل شي .
لتتوسع عيناي و ينقبض قلبي وانا ابتلع ريقي وأشير لما خلف هزيم
ليلتفت هو للخلف فيرى ذاك غريب الأطوار يقف خلفه بطوله الفارع و ضخامته المهيبة
ببروده المعتاد : عساك سمعت يالرجال ؟
اكفهر وجهه و عبست ملامح وجهه وبتهديد : قسم بالله يا هزيم ان شكيت تعرف وش بيصير اهلك الي انت ما تعرفهم مصيرهم بيدي والله ان كلهم ينقتلوا بنفس اليوم الي بتشتكي به وانا عند كلمتي .
بإبتسامة ساخرة وهو يخفي خوفه على أهله : تستفرد عضلاتك بأهلي تذكر الله فوق بالعال .
مد يده التي تشابه زبر الحديد إلى ياقة قميص هزيم فيرفعه للأعلى و يهزه بقوة وهو يقول : لا تستقوي تراك ما انت بقوتي لا تتمرد اهلك بيدي .
رفع يده بالأعلى وهو يحاول فك حصار زبر الحديد عنه , وبقوة : و اكسرك بعد .
تعلقتُ بذراع الحديدية و بترجي : الله يخليك سامحه .
بذات قوته : لا تترجاه يا اغيد خله يستفرد عضلاته , بس تذكر ياهيه كلامي هذا الله بالعالي ان كان المكتوب لنا الشقا بالدنيا فالفرج بالآخرة .
إبتسم بسخرية ترك يدي من يديه , ليلكمك بها بقسوة إلى حد أني خفتُ على اسنانك السقوط طريحة الأرض
و ضعت يدك بخدك تفركها بقوة تحاول إقلاع الألم وردعه عنك , و بصوت خافت وهو يشد على رقبتك فيكاد أن يموت صوتك قبل ترتيب مخارجه : اهــ.....رب
ما إن نطقتها يا " هزيم " حتى يعود لتقييد يدي عن الحراك و يزيد من جرعات اختناقك
و بدأ الناس من حولنا يجتمعون واحداً تلو الآخر , و صات الجميع بتفاوت كلماتٍ لإبعادك يا ضخم
و صوت أعرفه لا بل اعزه نبرة اعرفها نعم إنه صوت " الكاسر "
إلتفتُ للخلف و أنا أحاول رؤيته بين جموع الناس
فلم أحسس إلا بزبر الحديد يشدني إليه و يسحبني عن الحشد وهو ما زال يُمسك بهزيم من ياقة ثوبه
لأرى الكاسر نعم رأيته يبعد كل رجل عن طريقه فيبتعدون
و ذاك الغريب يجرنا بقوة و هزيم يكاد يختنق و جهه أحمر
أخذتُ أركل قدمه الصلبة وانا أصرخ : سيبه بيموت بيدك
وهو يركض و يمسك بيدي و خلفنا الكاسر ذا القامة الممشوقة
يجري بخفة , بينما الغريب لثقل جسده و لثقلنا معه كنا أخف منه سرعة
إستعمتُ إلى لهاث الغريب كالكلب و أنفاسه المضطربة
قال الكاسر بصوت متقطع : وقــ..... ـف معاك النقيـ....ب الكاسر
هل يعقل !!!!
الكاسر نقيب !!!
لكن لما يرتدي الثوب !!
هل يعقل بأن غريب الأطوار يعلم بماهية الكاسر ! , نعم أظن هذا فهو لما جرى بهذه السرعة حال رؤيته له ؟!
فإذا بأصوات نغمات دوريات الشرطة من خلفنا
و الكاسر من أمامنا
فإذا بيد غريب الأطوار تعبث بجيب ثوبه المعاكس لمكان وقفتي
حتى يخرج مسدس ولا أدري من أين أتى به !
و ذاك الكاسر يعقد حاجبه بطريقة غريبة وهو ينطق وكأنه يعرف هذا الغريب : انــــت !
بينما ذاك الغريب لم يهتم لإستغراب الكاسر
بل وجه المسدس إلى رأس هزيم الذي فقد توازنه وكأنه لا يسمعنا ولا يرانا قط , يلتقط آخر أنفاسه وتكاد السموات تشهد لموته
قال الضخم بصوتٍ قويٍ حاد : والله ان قربتوا انه هالرصاص ما يدخل إلا براسه
ليقول الكاسر بسخرية : واثبت التهمة على نفسك من وين مصرف السلاح ؟! نزله
و صوت ضابط آخر آتي من الخلف : نزل الســــــلاح
وجسد زبر الحديد يهتز بخوف و لأول مرة أراه يرتعش
حركتُ يدي بسرعة وقوة و أنا احاول الفلات , وعيناي معلقة بصديق طفولتي وعمري " هزيم "
ليأتي صوت إمرأة من خلف الكاسر وهي تقول بعربية مكسورة : كاسري
ليلتف الكاسر إليها بسرعة و جزع كأنما قطة ستدهسها سيارة ! قال وهو بالكاد ينطق : انـ......تِ !
بينما هي اقتربت منه وتلك العباءة مفتوحة الأزاير تظهر رداءها الفاضح وصلت إليه و تشبثت برقبته
وهؤلاك الضباط من خلف الكاسر ينظرون إليه بإستنكار
بينما الكاسر يهزها بيديه بعيداً عنه
وسيارة سوداء تأتي من جهة الكاسر بسرعة هوجاء
بينما تلك أخرجت من داخل حقيبتها بخاخ
فإذا بها ترشه بوجه الكاسر المتعجب
و يتحرك جميع الضباط الواقفين خلفنا إليه ما عدا واحد منهم
وتلك السيارة السوداء تقف بجانبنا وتضرب " بوري "
ليترجلها الغريب الضخم و يجرني معه
وذاك الضابط يتحرك إلينا بينما السيارة تترنح يمنةً ويسرة بعيدةً عنه
وهو يركض إلى سيارته يركبها
تركني ذاك الضخم و ترك هزيم
وهو يقول بخوف : ادعــــــــــــس ما عليك من الإشارة
وذاك يزيد من سرعته و يتلافى كل إشارة وكل سيارة
وخلفنا ذاك الضابط
نظرتُ إلى هزيم المستلقي على أرجل الضخم بخوف من مظهره و رقبته المشروخة و أنا أتمتم بيني وبين نفسي : يارب احفظه يالله .
أرجعتُ رأسي للخلف لأرى ماذا حل بسيارة الشرطة فلم أراها لقد أضاع الطريق
وذاك الضخم القاسي يتنهد بإرتياح و يقول بإستغراب : من انتم وليش تنقذوني ؟
لينطق الذي يجلس بمكان السائق بلكنة مصرية : هتعرف بس لما نوصل .
بتساؤل : طيب من ذيك البنت ؟
قال الرجل الآخر والذي يجلس بجانب السائق فهما رجلان : هتعرف بس اصبر شوية .




*


*



بينما على البقعة الأخرى يضرب الضابط أحمد رأسه بدريكسون السيارة بيأس , لما وصله من أخبار
كُم هائل من المخدرات نزل إلى جدة بهذا الوقت وهم منشغلون عن قضيتهم بهذا الضخم
كله بسبب الكاسر الذي ترك عمله فهو مختص بمكافحة المخدرات تركه وفقط لأجل مبتوري اليد
و ماذا حدث لصديقه الكاسر ! ماذا بخت تلك المرأة بوجهه ! ومن هي ؟ هل يعقل أن تكون تلك التركية
هذا كله يدور بعلقه بلا إجابات تريح باله
تراجع بسيارته للخلف إلى حيث الكاسر طريح الأرض وحوله الضباط
فلا هم قبضوا على الضخم ولا هم قبضوا على تجار المخدرات
هو على يقين انهم حتى وان لم يلحقوا بالضخم لم يكونوا سيقبضوا على التجار فهم حتى لا يعلمون مكان نزول بضاعتهم
و ما يزيد حسرته انهم حتى لم يقبضوا على الضخم الذي قد حمل سلاحاً بلا تصريح هذا أولاً
وثانياً كان يخنق ذاك المبتور وكأنه سيُقتل بين يديه فكانت قضيتين برجل
سلاح بلا تصريح و إعتداء إضافة إلى أن الكاسر يريد معرفة كل شيء عن حياة مبتوروا اليد ويبدو أن هذا
الضخم لديه المعلومات الكافية هذا اذا ما كان هو من بتر ايديهم
خسارة أخرى تدخل ضمن خسارات سنين
و مخدراتٌ أخرى تدخل إلى وطنهم
لتدهس بنفوس ابنائهم
و مستشفى الأمـل تصرخ باكية حال مرضاها المدمنين .




***



كنتُ قابعة على الأرض وما ان سمعتُ صوت أقفال الباب تُفتح
حتى إستدرتُ برأسي للخلف لأرى أبي ظانع يدخل
إبتعلتُ ريقي بصعوبة , أخاف ان يضربني لموقفي مع عبدالقوي
فقمتُ من على الأرض وانا اخطو بخفة إلى غرفتي بعيداً عن الإنفجارات التي ستحدث الآن
لكنه استوقفني بصوتٍ هادىء : مارسة
إلتفتُ إليه و أنظاري للأرض : نعم يا ابوي
إنحنى بظهره و رفع ثوبه من الأسفل قليلاً ليجلس على الأرض , وبأمر : تعالي جلسي هنيا
إقتربتُ منه وانا أفرك يداي ببعضهما جلستُ قباله , بإحترام : سم يا ابوي
وضع يده فوق يداي يشد عليهما , فرفعتُ بصري إليه بإستغراب لأرى إبتسامة تحف ثغره و عيناه بها سعادة لا تحصر
عقدتُ حاجبي بإستغراب فأنا لم اتوقع لبرهة أني سأراه مبتسماً فعيناه المتوعدتان كانتا لا تكهن بالخير إطلاقاً
قال وعيناه تلمع فرحاً : سمعي يا مارسة انتِ اليوم اسعدتيني كثير عبدالقوي ما قام من مكانه حتى يمسك يديني عن ضربك
كذيا اتضح انك اثرتي به ما هقيته بيضعف بهالسرعة .
أجبته بتهكم : هه و عشان كذا فرحان فرحان لتعاسة بنتك !
إزداد من ضغطه على يداي , و بهدوء : سمعي يا مارسة ما تريدي تقشعي حجابك رضيت بهالكلام لكن عبدالقوي لك
بوهن : وش ذنبي يا ابوي اتزوج واحد بعمرك ما اريده يا ابوي ومتى ما جاه نصيبي بأتزوج
بمكر وخباثة : سمعي عبدالقوي كل املاك بو اصلان بإسمه هو , لا انتِ خذيتيه زوج لك لعبي على عقله حتى يسجل الأملاك بإسمك وان ما كانت كلها فنصها
و رزقيني انا وميمتك من اموالك فكري يا بنيتي زوين , انتِ مجرد خادمة هنيا و فوق كذيا ما انتِ بمتعلمة و لحد بيطرق الباب يبيك هالحين زمن تطور
وكلن يبي بنات متعلمات من يريدك خذيلك عبدالقوي و تصير كل هالأموال تحتك و بيصير لك احترامك بالمجتمع صدقيني يا بنيتي ذا كله لمصلحتك فكري إبها .
و أبعدتُ بتفكيري إلى حيث مصر
إلى ركاض
سألتُ نفسي يوماً هل يمكن ان يفوز الحصان على فارسه
فأجابت نفسي لا هذا لا يحدث إلى بلعبة الشطرنج المحرمة التي انت يا ركاض من عشاقها
لكن ماذا لو طُبق حديث ابي
سيفوز الحصان على فارسه وستُطبق الشطرنج على ارض الواقع وانت يا ركاض من ستتوه بلعبتك المحرمة
هل يمكن ان أدهسك كما دهستني
فتجري خلفي كالجرذ
و اقول لك انتصر جهلي على علمك !
هل يحدث هذا ؟
طردتُ هذه الأفكار النزقة عن مخيلتي نظرتُ إلى ابي بهدوء : مدري يا ابوي عطيني وقت افكر
بإبتسامة : فكري مثل ما تريدي وتذكري كل هالقصر لك وحدك
قمتُ من على الأرض وانا اتوجه لغرفتي واتنهد
نظرتُ إلى الساعة التي تشير إلى الحادية عشر ليلاً
إستلقيتُ على سريري و حاولتُ ترتيب اوضاع أفكاري .


*

*




قبل ان تكون هذه الأملاك بإسم عبدالقوي كانت ستكون بإسمي انا
فأنا من فكرت أعواماً بها وانت من كسبتها بيوم وفقط
دفعتُ إلى علي أموالاً لتخضع عُطرة له و يتزوجها ثم يسلبها و يعطيني
لكن ماذا فشل علي
وكسبت يا عبدالقوي
قبل وفاة ام بو اصلان جلست معاها جلسة طويلة
كان إختصار حديثها تزويجك الفتيات لأبنائك وكتابة جزء من الأملاك بإسمك , لتعمل أن على تدبيل المال
فكُتب نصف الأملاك بإسمك و الآخر لهن , وبالفعل جزءك المالي تزايد و تكادس حتى أصبحت من أغنياءِ جدة
أخفيتُ حقيقة إنقسام الأملاك لنصفين عن مارسة حتى تتشجع لنيل عبدالقوي
صحيح بأن الأملاك إنقسمت لنصفين ولكن نصفك حالياً قد غالب نصفهم مئات و مئات المرات .




***

و وصلنا إلى منزل متواضع , بالنسبة لي هو أفضل كثيراً من كومة الخردة العتيقة التي اقطن بها
نزلنا من السيارة
ليمسك الضخم بيدي ويحمل هزيم على كتفه ألم يتعب هذا الضخم!
وما حالك يا هزيم ؟ لا حراك , لكن الحمدلله انفاسك هادئة دلالة على نومك من بعد شقاء
فتح أحد الرجلان الباب
لندخل من خلفهما
جلس الضخم على أقرب كرسي وهو يرمي بهزيم بالأرض , تحرك هزيم بإنزعاج ببداية الأمر ثم تابع نومه وكأن شيئاً لم يحدث
وترك يدي التي أخذتُ أفركها بيدي الأخرى تخفيفاً لألمي
رفع ذاك الضخم رأسه إلى الرجلان الجالسان قباله , و بإستفسار : من انتم وليش هالإنقاذ ادري و راكم مصالح , وقت المصالح تجيك الكلاب مشتاقة
أخذ ذاك الرجل كاسة يسكب بها ماء غازية , قال بإبتسسامة إعجاب : واضح هنفهم بعض بسرعة , بص يا ....
قاطعه : سمحي
ليردف : يا سمحي كل مافي الموضوع انك ساعدتينا وساعدناك
قُبضت أسارير وجهه , و بتساؤل : وش ساعدتكم فيه ؟
أشار إلي بإصبعه وهو يقول بريب : الراجل ده هيفتن علينا
نظر إلي ذاك الضخم بإستهزاء وإنتقاص لرجولتي : ذه ضعيف خلك منه
غمز بعينيه : مافكرتش بيوم تصير تاجر كبير
بذكاء : قلها سريع وبلاش لف ودوران , قضية مخدرات
ليكتظ وجه الرجلان اعجاباً فيقول الثاني : زكي وبتعجبني أوي
غمز الضخم سمحي بذات غمزة الرجل الأول : واذكى مما يخيلك اخلص وش تبي تريدني اشتغل وياكم
بهدوء : هوا كل الي عليك تعمل زي اليوم بس تضيع رجال الشرطة وماتخلهمش يحطوا بالهم علينا احنا كده كده ما كنا هننمسك
لكن كمان لاحظنا انهم ضاعوا كتير عننا فعشان كده هتكون آمان لينا وهتخبي عننا لحد ما تنزل البضاعة بيئولك المسل امشي سنة ولا تخطي قنة وطبعاً هتاخد حتة حلاوة تفرح ألبك و تعيشك ملك يا ملك .
قال سمحي بتفكير : و كيف تريدوني اضيعهم بكل مرة ؟
أشار إلى سمحي : ده دورك انتا و بأد شتارتك هتقيك الحلاوة
أشار سمحي إلي وإلى هزيم المستلقي بالأرض : اريد ادخلهم بمكان ابي اتكلم بحاجة بينا
اصطدم اصباعه الوسطى بقاعدة إبهامه ليصدر صوت فرقعة , و بأمر : يلاا
لتدخل تلك المرأة التي قد ضرت الكاسر , والطامة الكبرى من دخل خلفها !
انهم مبتوروا اليد اسرتي !!
أشارت إلي و هي تقول بعربية مكسورة : تعال يا رجل
إقتربتُ منهم و عيناي مصوبة إتجاه هزيم
و مشيتُ خلفهم و رأسي للخلف حيث هزيم
واقدامي تخطو للأمام
و نزلنا للأسفل إلى حيث حُجرة كبيرة للغاية
وتلك المرأة تقول : ادهلوا بالكبو
إذاً إسم هذا المكان يسمى " كبو "
لندخل جميعنا وهي تغلق الباب الحديدي وتخرج
جلسنا على الأرض والجو بأوج التوتر
و الكل يبدو على وجهه الخوف من القادم
رفعتُ يدي للأعلى و أخذتُ أدعو رب العباد
أن يفرج كربتي
أستمد القوة
من دعائي للمولى سبحانه
فلا أحد يعلم ما تخفيه النفوس إلا هو
و لا أحد له يضاهي رحمته
و لا أحد أؤمن به إلا هو
فأشهد أن لا إله الا الله و أن حمد عبده و رسوله .




*


*



رفع بصره بتعجب إلى الرجلين ليقول : كيف جبتوهم ؟
ضحكا بسخرية وقال احدهما : احنا اي حاقة نقبها
رفع إحدى قدميه فوق الأخرى : اسمعوا هذول الي معاي بيودوني بداهية ان تركتهم احرار وبالذات ذا " واخذ يشير إلى هزيم "
هذا الي قدامك اقواهم و متعب كثير و انا لي اتفاق مع واحد رجال اني اراقبهم وهي يشحذون بالشوارع ثم نتقاسم الفلوس بالنص
ولا سحبت على الرجال اخاف يكون هو الي بيقوم علي .
بإستخفاف : دي حاقة بسيطة أوي احنا هنحبسهم هنا وفي رجالة هيرأبوهم و مش هيخرجوا ابداً هيعئدوا طول عمرهم هنا
و احنا هنعطيك من الفلوس حاقة بسيطة للراجل الي تتعامل معاه " و بتحذير " بس ها انتبه بئى تعلمو عن شغلنا ده سر بينا وبس
انتا هتئلوا الفلوس من الشغل بتاع الشحاتة وماتقبش سيرتنا على لسانك ابداً .
بإقتناع : زين
إرتشف قليلاً من المياه الغازية ثم نظر إليه : اشطه
ليرد سمحي : اشطه
قام الرجل الملتزم بالصمت يجُر خطواته بالدرج و يتثاوب بكسل
تراود إلى ذهنه سؤال حيره , فقال : انتوا وش حقة راقبتوني ؟
فتح الكرفتة المعقودة بإحتراف عن عنقه , و ببرود : احنا كنا نرائب الكاسر عشان نعمل احتيتنا لحسن يكون يعرف مكنا .
بشك : طيب ذاك البخاج الي رشته البنت بوجه الكاسر خاص للتنويم وما ينباع الا خارج السعودية صح ؟
بملل : ايوة , في حاقة تانية حاب تئلوها انا بروح انام .
قدم رأسه للأمام بمعنى " روح " .





***


أخذتُ أطوف بالحجرة ذهاباً و إياباً و أردد مع صوت المؤذن الخافت الآتي من مسجد بعيد
و الرهبة فتقت بصبري و اهلكتني , قلبي مقبوض كأنما أُغلق عليه بقعر العتمة و تلك دبابيس حادة تنخش بي
و التفاؤل يتضاءل امام ناظري فلا أسمع إلا صوت كاسري وهو يوصني بما فتك بي
و لا أتخيل إلا مظاهر تلين لها الجبال الشامخة أرى دماءً بساحة معركة كانت تحمل على أرضها طهراً ونقاءً وشهامة
منبعها انت يا كاسري
مسحتُ وجهي من أعلاه لأسفله , وانا أعتصر الجوال بين يدي
لا يرد , و تأخر كثيراً
إلهي أسألك ان يكون تأخره هذا خيراً , و إن كان هنالك من يريد إلحاق الشر به فاللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم
ماذا لو كادوا بك ؟!
تمتمتُ وانا أنفض رأسي : استغفرالله ,, استغفرالله , الله اكبر ,, الله أكبر
شعرتُ بثقل بأقدامي وكأن أغلال إلتفت حولها فأزهقتها
جلستُ على الكنبة وانا أحتوي نفسي كالقرفصاء
و استمع إلى صوت الخافت , صوت إقامة صلاة الفجر
علي ان أقوم لأصلي و أناجي ربي خيراً بكاسري .





***


فرق التوقيت بين مملكتي الحبيبة السعودية و بين مصر ساعة الآن بمصر الساعة السابعة صباحاً
و بأرض الوطن الثامنة صباحاً, على الرغم من حبي لوطني , لكن اظنه معقد يرفض اقاليم الحب !
و رجال هيئة يصطفون ها هنا وهناك لإيقاف الفسوق
اما هنا فأفعل ما يحلو لك , هه قد يعلم كل رجل شهواني مثلي انه واقع بالحرام و أننا لا نكف عن الفسوق مهابة رجال الهيئة
بل نكف عنه مهابة رب البشر , قد كانت لي محاولات سابقة بالكف عن دهاليز الزنا لكن عندما تصبح المعصية عادة , و تصبح العبادة عادة
يتبلد القلب , تحاول ان تكون كما كنت سابقاً , تحاول ان تعود للوراء لكن لا تستطيع شيءٌ ما يرغمك على عبور مسالك الظلمة
لأن القلب مات فلا يُحس بمقدار الخطأ وشناعته , سابقاً كنتُ أشعر بأخطائي لكن كنتُ أتجاهل هذا الشعور وأقول لنفسي لا تكن جباناً يا ركاض
و لم أكن أعلم بأن قمة الجبن و الخذلان ما انا واقع به الآن
أتيت إلى هنا بطموح عالي جداً لأكمل دراستي و أتزوج تلك العفيفة البريئة " مارسة "
نعم كنتُ سأقف بوجه الجميع لأجلها ولم أكن أعلم أن سأسقط إلى الهاوية السحقية
كنتُ مكتنزاً بالعلوم , و صرتُ مكتنزاً بالفجور
حتى صلاتي لم يعد لها مذاق , أصبحت سريعة ما ان ابدأها حتى أنهيها إلى حد أني أسأل ذاتي
أي سورة يا ذاتي قرأتي بهذه الصلاة فتجيب ذاتي نسيت !!!
و كأن لساني ينطق و قلبي يتمايل مع أجساد الفتيات , مع خمر " ويسكي " , و اغاني تضج القلب ضيقة
غرقتُ في عمق البحر ولا يد تعانق يدي لأنجو
و لا يد ترميني بطوق نجاة
أحاول الركض بعيداً عن العصيان و أجدني أعود لها بقوة جمة
لقد أحاطني اليأس , و اصبحت أجول ما بين عارية و أخرى وما بين مرقص و آخر
لا أعرفك يا " أنا " أصبحتِ غريبة
فقدتي دينك , فقدتي , وطنك , وفقدتي أهلك, وفقدتي حُبك
تركتِ كل شيء لتعيشي بدهاليز العتمة , بجحيم يحرق ثوبكِ الأبيض و يتعالى يتعالى ليهشم ملامحكِ
فتصبحي شيطان إنسي لا يعرف للرحمة طريق
أما آن الأوان لأدخل جنات النعيم يا أنا ؟!
نعيم الطاعة ومذاق اللذة , لذة العبادة لا تقاسيها اي لذة
لكن قلبي أصبح معلقاً بالمعصية .


*

*


دخلتُ لأجده قابع على الكنبة و بين إصبعيه سيجارة ينفثها بالهواء
إقتربتُ منه و لم ينتبه لحضوري
قعدتُ بجانبه تماماً و سحبتُ السيجارة من بين اصبعيه لأنفثها كما نفثها
نظر إلي بشرود ثم أدار رأسه عني وشبك أصابعه ببعضها وهو يفرقعها
وضعتُ السيجارة بالطفاية ونظرتُ إليه بإستغراب
أسندتُ رأسي على صدره و بهمس : مالك ؟
بذاتي همسي : ولا حاجة
حركتُ أصابعي بصدره , و بإصرار : لاه فيك حاقة
أبعدني عن صدره و انتصب على قدميه واقفاً
إتجه إلى البلكونة , توكأ بيديه على أسوارها وهو ينظر إلى الناس بالأسفل
و قفتُ خلفه و طوقتُ بيدي خصره أشد ظهره إلى صدري و أمسح برأسي على ظهره برفق : ركاض لا تخوفني عليك كده , و ادا مضايىء و نفسك بحتة مز هكون احلى مز عشانك بس فكها يا حبيبي .
تجشأ ليقول : ما ابي ما لي نفس , انا تعبااان نفسيتي تعبانة حيل اليوم فتحت القرآن ما عرفت أقرأ تصدقين ما عرفت انطق حسيت الآيات صعبة علي
و ما فهمت حاجة وكل ما اعدي بآية احس اني أول مرة أقرأها شعور قاسي .
بتساؤل مصحوب بالفضول : هو كتابكم حلو ؟
أبعد يداي عن خصره ليستدير نحوي ويبتسم بصفاء : حلو كثيــــــر الدين الاسلامي دين جميل جداً لكن الي زيي هم مخربين بالدين ولا يحسون بهالطعم زيي الحين
ما عاد احس بشي و اصلي بس لأني تعودت اصلي لو تقرأين عن رسولنا يالله اعظم البشرية صلى الله عليه وسلم
أردف بسخرية : هه لكن انا فتكت بالدين و رميت فيه بعرض الحايط انا حتى ربي ما صرت اعرفه ومادام مااعرفه فأنا ما احبه بحق
احنا المسلمين ما نقول نحب الله بس بلسان لا لازم نطبق المحبة بأفعالنا لكن للأسف انا لا أفعال و لا حتى أقوال , تصدقين قمت بهالفترة اقول لنفسي ليش تصلي ؟ مو انت تقدر تجيب اي حاجة وكل حاجة بفلوسك اجل ما انت بحاجة للصلاة !
رأيتُ بعينيه لمعة غريبة إرتسمت بها معالم خفية لم أرها قط به
ما بالك حبيبي هل بالفعل أصبحت حبيبي
كيف لي ان أحب من علي الإنتقام منه !
كيف لي أن أحب مسلم و انا مسيحية !
أرى بك يا ركاض صفاء مطمور تحت أطنانٍ من القذارة
ضج المكان بنغمة جوالي الكلاسيكية , أعلم انه جهاد
أخرجتُ الهاتف من جيب بنطالي وخرجتُ من البلكونة
مضيتُ إلى المطبخ


*

*

فإذا به يسحبني بشدة من كُم بردتي , و بعنفوان : طولتي بئى انتِ لازم تعتي الجرعة هو ده ما يتأسرش أبداً .
أشار إلى دولاب المطبخ : دي هيا الجرعة حتيلوا ياها بالعصير زي كل يوم .
و خرج من المطبخ
عدلتُ من بردتي التي تكمشت
و أخذتُ الجرعة إلى المغسلة و انا أسكبها و أغسل الموضع منه لئلا يكتشف أخي جهاد , سأقتل بيديه حتماً
و أقتربتُ من الدولاب وانا أجهز كأس عصير يخلو من أي سموم يفترض ان تشوبه
لا أستطيع رؤيتك ميتاً بمرأى عيني يا ركاض
لا يقوى قلبي بتاتاً و إن كانت النتيجة تعليقي بحبل المشنقة .

***



رن جرس الحصة الثالثة بتمام الساعة التاسعة صباحاً حملتُ الكيس الذي محتواه كتاب الفيزياء و اقلام السبورة و دفتر التصحيح
مشيتُ ناحية الفصل " 2 / 2 علمي "
قبل دخولي إلى الفصل سمعتُ صوت الفتاة المسترجلة تهتف بإسمي : ابلة عُطرة
تنهدتُ بقل صبر سأحاول التحكم بنفسي و ألا أغضب عليها , سأرشدها إلى الطريق الصحيح بإذن الله تعالى
إستدرتُ ناحيتها و بجمود : نعم يا طالبة
بإبتسامة ود : كيفك اليوم يا أبلة ؟
رددتُ لها الإبتسامة بإغتصاب : الحمدلله يا طالبة
حكت شعرها المحلوق وهي تقول , بخجل واضح رغم محاولتها بمداواة خجلها : امممم , عجبتك الهدية ؟
إلهي لقد نسيتُ فتح هديتها ماذا أقول لها ؟
بكذب سيسعدها وقد يقربها مني حتى أهديها : مرة حلوة يا ابلة تسلمين
إبتمست بشدة حتى ظهرت جميع أسنانها : يعني بتتصلين ؟
عقدتُ حاجبي و بتساؤل : على مين ؟
أشارت إلى شخصها : عليا
و كأن الصورة قد بدأت تتضح لي يبدو انها قد اهدتني بطاقة شحن لأتصل عليها كما يفعل الشباب في سن المراهقة
بماذا تفكر هذه الطالبة انها بحق منقلبة عن فطرتها
جاريتها بالأمر , فالحصة قد ذهب منها الكثير : ايه ان شاء الله , يلا يا طالبة روحي لفصلك وراي حصة .
هزت رأسها بالموافقة وهي ترحل بعيداً عني
إذاً هذه الطريقة تناسبها ببضع حنان تترك عنادها .


***

أكتم إبتسامتي و أمنعها عن الظهور لأني أبدو بلهاء بها فالوقت ليس مناسب لها
لكن أشعر بسعادة مفرطة , لأول مرة أُمدح بهذه الطريقة
فقد مدحتني الدكتورة مديحاً مطولاً , لجمال البحث الذي أعده ذاك المجهول
حسناً إن كان وجود هذا المجهول بحياتي سلبياً فالبحث الذي قد أعده يغطي على جزء طفيف من سلبياته المتراكمة
لكزتني صديقتي نوال بمرفقها , بهمس : اشبك تتبوسمي ؟
وضعتُ يدي على فمي و بتعجب : من جدك إبتسمت !
بإستغراب : ايوا اشبك معقولة مو حاسة بنفسك كل هذا عشان الدكتورة مدحتك !
وضعتُ يدي على رقبتي وانا أفركها و أبتسم بإحراج : ها ايه عشان كذا .
نظرت إلي بنصف عين و بريب : ايه صدقتك , أقول بس الي ماخذ عقلك يتهنى به , يلا هالحين بتصير الساعة عشرة .
لا أدري لما شعرتُ بالإختناق و كأن الأكسجين في المنفى
لماذا عبارتك الأخيرة يا * نوال * " الي ماخذ عقلك يتهنى به " تكاد تقتلني !



***



أجلس على الأريكة و حواسي شبه نائمة أستمع إلى xxxxب الساعة و جفناي تغطي نصف عيني , و لعاب يفز فزيزاً من ثغري
و جسدي مثقل مرهق لم أنم بتاتاً وكيف أنام وكاسري إلى الآن الساعة الحادية عشر صباحاً و لم يعد !
و صوتٌ دوي وصل إلى مسامعي , و صلبتُ طولي سريعاً كطفل مسرور لرضعة
فإذا بكاسري يدخل بثوب متسخ , منكمش , و تحت عينيه هالات سوداء
إقتربتُ منه و هو يبتسم لي
إرتميتُ بصدره بقوة
شدني إليه بقوة أكبر , يمسح على شعري الأجعد و يهمس : انا بخير يا حياتي , لا تخافي .
تشبث برقبته و بكائي يتحول وعيلاً : ايـ...ش صار ليش عيونـ..ك كذا ليش لبسك كذا ؟
إلتفتُ يديه حول خصري و حملني إلى الأريكة ليجلس ويضعني على فخذه
أمسك بخصلة من شعري و جعلها تعانق إصبعه حتى جذورها ومن ثم أفلتها ليعود ويتشبث بها بإصبعه تارةً أخرى و بهمس : هششششششش , لا تخافي هدي اعصابك ترى الموضوع ما يستدعي هالبكى
وضعتُ يدي بخده وانا أعض شفتي : كيف ما يستحق انت شايف قد ايش اتأخرت شايف شكلك كيف ؟ يكيف ما يستدعي ؟ !
قرص خدي وهو يكركر بصخب و ينزاح عن جوهر الموضوع : وش قد انا محظوظ فيكِ يا قلبي حساسة و تخاف على زوجها محافظة على دينها مربية عيالها احسن تربية .
بإصرار : الكاسر قلي وش فيك ؟
وضع إصبعه على أرنبة أنفي : مجنون فيك بس .
بدأ صوتي الناعم يعلو : الكااااسر قلي وش فيك
بهروب : يلا حبيبتي قومي قولي للخدامة تسويلي اكل لين اتروش حيل تعبان وجيعان .
بإندفاع : بس
وضع إصبعه السبابة على ثغره : هشششششششششش يلا قومي
قمتُ واقفة من على فخذه وهو جر خطواته إلى دورة المياه .
إلى متى ستدس عني خفاياك يا كاسري , أحبك لكن بذات الوقت أشعر وكأنك تعاملني كطفلة ليس إلا
تخاف أن تحكي لها قصة مفزعة, مرعبة فتبكي ولا تكفف دموعها مليارات المناديل
دائماً أحاول أن أكون قوية لكن لا أستطيع إطلاقاً عندك أنت يا كاسري أتوقف عن التفكير
أخاف ان افقدك كما فقدتهم
كما فقدتُ أمي و أبي
أخرجتُ القلادة من داخل بردتي
قلادة تحمل رموزاً حُفرت فقط لأجل أمي و أبي
لا يوجد مثل هذه الرموز إلا بخاتم أبي و فقط .




***


خرجتُ من " الحمام " و أنا أُجفف يدي بالمنديل
هتف بإسمي من المجلس وكأنه غاضب : عُطـــــــــــــــرة
تجاهلته و انا أجلس على الأريكة التي تسبق السرير و يسبقهما التلفاز
تناولتُ جهاز التحكم " الريموت " من الطاولة
و أنا أُقلب بالقنوات بلا هدف
أخذتُ أرفع من الصوت إلى حد لا معقول
أهوى إستفزازه , أهوى قهره و إخراجه عن طوره , أهوى غضبه لأنني وفقط أهوى أن أراه في حال وعرة تحتاج إلى ترصيف
شعرتُ بكتلة مُحملة بالحمم البركانية تخطو بالأرض فترميها باللهيب
بصوت قوي : اظـــــــن ناديتك يا ست عُطرة
لم أعره إهتماماً , و أخذتُ أمعن النظر بالمعروض بالتلفاز , و رفعتُ قدماً فوق الأخرى
إقترب شيئاً فشيئاً يضربُ الأرض بحذاءه المتوقد , أمسك بيدي النصف عارية بشدة
حتى وقفتً على اقدامي , وانا اتلافى النظر له
رفع شيئاً بيده لأعلى وهو يصرخ : وش هذاااااا ؟
كنتُ سأتجاهله أيضاً لكن الفضول استداعني لرفع رأسي , حتى رأيت ذاك صندوق المسترجلة يعانق يديه
إلهي من المؤكد أن الأمور إلتبست عليه والآن سيطعن بشرفي
بإستخفاف : هدية من طالبتي , عسى بس حسبتها من خويي , هه و لا اقول حبيبي .
شد شعري من أطرافه بقسوة و كأنه سيستأصل كل خصلة عن جذورها , بفحيح كالأفعى : تلعبين على مين يا عين امك , طالبتك تكتبلك قبل ما تنامين اتصلي علي !, تستخفين بعقلي انتِ
و أنا أكابح الألم , و بذات الإستخفاف : ليه انت اصلاً عندك عقل ؟!
أخذ يشد شعري حتى تراجع رأسي للخلف و ارتطم بظهره , ظهرت فجوة ما بين شفتي لتفاقم الوجع
بغضب جام : عُطــــــرة لا تستخفين دمك انا ما ألعب معاكِ جاوبي هالصندوق من وين ؟
إلتزمتُ بالصمت , فترك شعري و هو ينفض ثوبه : جاااااااوبي
رفعتُ شعري القصير عن عيني للخلف نظرتُ إليه , كانت أوداجه منتفخة لشدة غضبه
أخذتُ نفساً عميقاً و بحزم لأُنهي الحديث : والله والله يا معن انه من طالبة و هالطالبة مراهقة وعقلها على قدها
هدأت اوداجه المنتفخة و كأن إبرة قد عملت على فقعها , مسح وجهه بشدة : بحاول اصدقك يا عُطرة لأني من يوم ما تزوجتك لهاليوم ما شفت منك الشينة
لكن هذا ما يغفر لماضيك ابد مافي رجال شرقي يقدر يعيش مع وحدة باعت عرضها " أشار إلي بسبابته " وانتِ عارفة هالشي زين يا عُطرة و بعد مافي واحد يقدر
يشتكي على بنت خاله وعمته لانها مهما كان من عرضه و تظل من عرضه .
و مضى للخارج حيث كان
جلستُ على الأريكة و أنا أمعن النظر إلى يدي المعصوبة
و ألمس الشاش بهدوء وصدى صوته يتردد بمسامعي " و بعد مافي واحد يقدر
يشتكي على بنت خاله وعمته لانها مهما كان من عرضه و تظل من عرضه " .
و كأن معضلة أحد عشر سنة قد حُلت بجملتك هذه التي تخالف كل جملة قد نطقتها سابقاً جمل كانت تحمل تهديدات بفضحي
و الدليل كان بكلتا يديك
ولكن ماذا عن جملتك هذه لقد غيرت مجريات سنين بلحظة واحدة
هل يعقل بأنك ستستر علي حتى و إن تركتك !
انا أستطيع الدفاع عن نفسي بقولي " مافيه رجال شرقي يقدر يعيش مع وحدة باعت عرضها "
نعم فأنت تميزت عنهم بهذا يا معن , أعلم بأنك قد فعلت هذا لأن أباك لا ولن يسمح لك بتطليقي فباقي الورث معي
و لكن بذات الوقت كيف لرجولتك ان ترضخ لرخيصة معدن كما تدعي , أعلم أيضاً أنك بهذا تتحاشى ما قد سيحصل
إن لم تقترب مني فأمك لن تتركك إطلاقاً فهي تريد رؤية احفادها
لكن ايضاً هذا لا يبرر خضوع رجل متغطرس مثلك !
تبقى متناقض يا معن بكل تصرفاتك وافعالك
و إن قلتُ هذه العبارة سيصدقوني فكيف لرجل شرقي ان يقترب من أمرأة فاجرة و يعيش معاها احد عشر سنة !
لكن أيضاً انت محصولك الدفاعي اكبر ستقول كما قلت الآن كيف لرجل شرقي ان يفضح من هي من عرضه
و غير هذا دليل الطب معك .






***


مسحتُ الطاولة بالمنشفة و أخذتُ أمسح المزهريات الموزعة عليها , الملل جعلني انظف فلا شيء افلعه بحياتي سوى إرضاء ناجي
ليتلني أكملتُ دراستي كعُطرة , فبحق حياتي مملة ليس بها ما اهتم لشأنه , خادمات يملأن القصر ولا لي أطفال
إذاً ماذا افعل ؟ , ما فائدتي بالحياة ؟ , لذلك قررتُ أن أنظف أنا الجناح بدلاً عن الخادمات , المسلسلات جميعها حفظتُها , والبرامج جميعها حضرتُها
و الشبكة العنكبوتية اشتركتُ بكل برامجها و مللت .



*


*


دخلتُ إلى المجلس لأجدها تمسح المزهريات و ترتدي مريلة , ما بها سابقاً تطهو وحين سؤالها ادعت ان هذا لأجل برنامج الإستقرام
اما الآن ماذا ؟ , هل تنظف ليشاهدوا الحُجرة قبل النظافة وبعدها , بالرغم من اني أستهزأ بعقول النساء اللاتي من هذا الصنف
يصورن كل ما امامهن فقط للبرنامج وبحقيقة الأمر بيتهن متسخ ! , لكن لأن قارورتي و معزوفتي تفعل هذا فلا يحق لي السخرية عليهن
ألقيتُ التحية و ردت , جلستُ على الكنبة و وضعتُ البالطو بجانبي
بتساؤل : وش تسوين ؟
نظرت إلي ثم أعادت انظارها إلى قطع الزينة : مثل ما انت شايف انظف
بذات التساؤل : ايه عارف انك تنظفين بس ليش في شغالات يقومون بهالشغل عنك ؟!
وضعت المنشفة على الطاولة وهي تتنفس من بعد امتلاءٍ بالضجر : افففففف ناجي والله بقتل نفسي من الطفش احس يومي فاااضي بزيادة و مو عارفة ايش اسوي
فقلت للخدامات لا تنظفون اليوم ونظفت عنهم رغم انه كل شي نظيف .
بإبتسامة حنونة : طيب تبين نخرج مكان محدد نتفسح شوية ؟
بادلتني بإبتسامة ضعف إبتسامتي : جــد , والله من زمااان ما طلعنا سوا لانك مشغول
سندتُ ذقني على يدي المتوكأة فوق فخذي , و أتسعت إبتسامتي لإبتسامتها : افضى عشانك
هرولت بسرعة ناحية الباب وهي تعطيني ظهرها : شوية واجهز
ناديتُها: تعالي
إستدرات نحوي , و بيأس وهي تلوي شفتيها : هاه , بطلت افففففف
قلدتُها وأنا أكركر : افففففففف , اشبك تعالي و خرجتنا بنخرجها لو على قص رقبتي , هاه عسى صدقتيني
هزت رأسها إيجابياً وهي تقترب لتجلس بجانبي على الكنبة المزدوجة و يفصل بيننا وسادة : صدقتك , ايش تبغى طيب ؟
نظرتُ إليها بتفحص : ايش رايك تدخلين للجامعة ؟
شعرتُ بالصدمة بنظراتها , و بإستنكار : الحين اكمل ! , لا فات الفوت ما ينفع الصوت يا ناجي .
بإستنكار من يأسها : وش فات الفوت , توك دخلتي بالثلاثين يمديكِ تدخلين الجامعة وتخلصين و تحققين حلمك بعد , و بعدين والله في ناس بالخمسين ويكملون دراستهم و يسعون لتحقيق احلامهم
ليش هاليأس ؟!
لعبت بإصابعها , و بتردد : مدري , بس ما احس بكون بنفس حماسي زمان
ضحكتُ لأنهي ترددها, وأنا اشير الى نفسي : ههههههههه يا حرمة وش حماسي شوفيني انا من اكسل الطلاب وآخر سنة اجتهدت وهذاني قدامك دكتور لا تكوني كذا احباطية .
و كأنها تشجعت بمقدار ضئيل : يعني تتوقع عادي اكمل الحين
بتشجيع : طبعاً عادي وبعدين انتِ طموحك كان بيكسر الدنيا حتى لما تزوجتك كنت اقول بنفسي ياويلك منها يا ناجي شكلها حذاكرلك و تطلع عيونك
و بالفعل ذاكرتيلي وطلعتيلي ياها بس هاه ما انكر لك الفضل الكبير بعد الله لوصولي لهالمستوى .
و هي تميل فمها , بلوم : وش اسويلك كسول مرة وترفع الضغط ما تفهم شي ابد .
و انا اضيق عيني : انا الي كسول مرة ولا انتِ الي نشاطك زايد اعترفي
قدمت رأسها للأمام بإتجاهي , وبعناد : انت الي كسول " أردفت بحماس " تهقي جد اقدر اكمل ؟
بتأييد : و جد الجد , و هالمرة انا الي بذاكرلك ياويلك مني يا عُزوف , انا اصلاً للحين ماني بعارف ليش ما كملتي دراستك
رغم اني قلتلك كذا مرة كملي بس كنتِ رافضة الفكرة نهائي , المهم مالنا بالماضي احنا ابناء اليوم .


*


*


ألا تدري يا ناجي أني لم أُكمل دراستي فقط لأُشغل وقتي بجذبك لي
انا فتاة تحب النجاح بكل أمور حياتها , بأصغرها وأكبرها
و عندما فشلتُ بمحطتك , تفاقم إصراري لجذبك
عندما حطمت انوثتي , و قلت أني لستُ بجميلة
بالرغم من أن الجميع يطري على جمالي , صحيح أن عُطرة تفوقني جمالاً , فأنا متوسطة الجمال إلا أني أنيقة بمعنى الكلمة
حينها زاد إصراري لنيلك
لأجعلك لي
و خفقت , فشلتُ بكل أمور حياتي
هل سأعود الآن لأدرس ؟ , هل سأنجح ؟ , هل سأحقق حلمي ؟ , هل سأسعى إليك يا حلمي كما في الماضي تماماً ؟
إبتسمتُ له : شورك وهداية الله , بروح أتجهز , واحسن خلينا نتحرك بعد صلاة العصر الحين بيأذن .
بموافقة : ان شاء الله , بس اسمعي .
بترقب : همم
بتفكير : انا اقول هالسنة تدخلين لك معهد ومع حلول السنة الجاية تدخلين الجامعة .
بموافقة : ايه كويس ’ " أردفتُ بإبتسامة " اصلاً كنت بقولك كذا .
قمتُ من على الكنبة لخارج الحُجرة لأستعد للرحلة .



***

منذ حديثي مع أبي ظانع و أفكاري متطايرة , هل يعقل بأن عبد القوي ذو الشخصية الصلبة و القلب المتحجر و التفكير المعقد الجاهلي
سيتزوج ! , و الأدهى بالأمر من خادمته ! , هل أستطيع جذبه إلى هذه الدرجة !!
و ماذا لو جذبته أتزوجه ! أتزوج رجل لا أبلغ حتى نصف عمره و لديه احفاد و الأشدُ غرابة اني عاشقة لإبنه
أتزوج من رجل كنتُ انادي زوجته و أنا طفلة " يمه " وكنتُ أنادي أمي صائمة " بـماما " وكأن المعنى مختلف
لكن عندما كبرتُ علمتُ أن لا أحد يستحق لقب " الأم " إلا الأم التي انجبتك و ربتك
و ماذا لو تزوجته قصر بطوله و عرضه تحت أمري و نهيي , و يقول لي أبناءه " عمة " إحتراماً لي بدلاً من " خادمة "
و أرى ركاض كإبني بعدما كنتُ أراه عشيقي !
ستنقلب حياتي رأساً على عقب , انا ما بين عقلي و قلبي فالحيرة قلب يريد و عقل لا يريد و لكن انا حالي يعاكس مفهوم الحيرة
فقلبي لا يريد عبدالقوي و يريد ركاض قاتلي !
و عقلي يريد عبدالقوي لماله ولا يريد ركاض !
ماذا تسمى حالي هذه ! فلا عقلي يقنعني و لا قلبي ينصفني
و إلى ركاض قاتلي تتوقف أحلامي
إلى ذاك اليوم يوم قميصي الأصفر الذي يظهر أكثر مما يستر , قميص سرقته من إحدى دواليب الخادمات لم أكن حينها أعلم
لما توجد عندهن قمصان ! , لكن بعدما رأيتك تقترب من تلك الخادمة علمتُ حينها انهن يلبسن القمصان لك , هه كنتُ مضحكة للغاية
فمعالمي الأنوثية لم تكن ظاهرة بشكل كبير و لآفت قد كنتُ بالرابعة عشر من عمري
و أُفكر بتفكير غبي ساذج , فأنا لم أكن أفهم ما الذي سيحدث حينها و ما هي مقدار العواقب
و خطوتُ إلى حجرتك , طرقتُ الباب فلم ترد و دخلت


*

*


لم أجدك بالغرفة وعلمتُ حينها انك بدورة المياه
أغلقتُ الباب بالثلاث خوفاً من دخول أحد رغم انه لا يوجد غير عُطرة القابعة بحجرتها فالكل قد خرج فرحاً بالمطر الذي سقى أرض جدة
إبتلعتُ ريقي مراراً و تكراراً وانا أنظر لنفسي عبر المرآة , شعور بالخوف كان يداهمني و كنتُ اتجاهله
و خرجت من دورة المياه و انا ملتزمة بالصمت و أنفاسي مضطربة جداً
رأيتُ إنعكاس صورتك بالمرآة منشفة تحيط بخصرك وجسدك عاري بالأعلى لم تكن تراني حينها , رفعت رأسك لأعلى
و أتسعت عيناك دهشة مما رأت
وضعت يدك برقبتك تحكها
و أنفاسك عالية أسمعها بوضوح
إستدرتُ أتجاهك وأنا أمسك بطرف قميصي وأشده وبغباء : مفآجأة .
أشرت إلي من أعلى لأسفل , بإحتقار مصحوب بالإستنكار : وش ذا ؟
بذات الغباء : مو انت اول قلتلي لمن اقرب منك كثير قوليلي لما تصير حلالي قرب بس عادي تبى تقرب قرب .
حينها إِشتعلت عيناك غضباً و أقتربت مني وانت تصرخ على غير عادتك : مجنووووووووونة انتِ , انتِ تعرفي اني بضيع مستقبلك بطريقتك هاذي .
حينها انكمشت ملامحي و أختنقت روحي لغضبك علي لأول مرة
إقتربت مني و سحبتني من شعري الطويل بشدة
فتحت الباب و رميتني بالخارج و أغلقته .
جلستُ عند الباب انتحب لم أكن أعلم حينها ما الخطأ الذي اقترفته , لم أكن أعلم و لما صرخت لما غضبت
و فتحتُ فمي على وسعه , وتلك عُطرة تقف امامي و تنظر إلي بنظرات مخيفة
و على نظراتها فُتح الباب من جهتك و انت لا زلت بالمنشفة
حينها لم تهرب عُطرة لأنك رأيتها بلا حجاب , ولم تظهر على ملامحها الصدمة لرؤيتنا بهذا المنظر الشنيع
بل رمقتك بعينيها و قالت : هه , وطلع الفسق على حقيقته .
و مشت و كأنها لم تكن
بينما أنت كنتُ تمسح وجهك و تقول : الله يستر الله يستر ما غير عُطرة الي تكره ابوي تشوفنا .
و دخلت تارةً أخرى للغرفة و اغلقت الباب
و مضت السنين و نست عُطرة و كأن الأمر لم يكن بتاتاً , كانت تعاملني افضل معاملة لكن حالما يُذكر ركاض بالمجالس
تداعب ابتسامة ساخرة ثغرها
أحمدلله كثيراً أني نجوت , لكن الغريب ان رجل شهواني مثلك يهوى بنات حواء جميعهن لم يلتفت لي و قتذاك
لا و بل يقول سيضيع مستقبلك وماذا عن اللاتي اضعت مستقبلهن !
لماذا ميزتني عنهن ! , و بالآخر تركتني و رحلت لستة سنوات .
أنا بالأصل لن أقبل بك حتى لو عدت , صحيحٌ أُحبك ولكن يبقى لي كرامة أُحافظ عليها .




***

على الساعة الخامسة والنصف عصراً
جلس عمي جلال بجانبي وهو يبتسم : اليوم انفتح السوبر .
إبتسمتُ بسعادة : من جد عمو
هز رأسه بنعم وقال : ودي آخذكم تشوفونه
قالت أمي بإندفاع : لا مو لازم نشوفه , و جلال انت مو لازم تروح تشوفه
أستغرب تصرفات أمي دائماً تمنع عمي عن الخروج و تعدي خطوط المنزل حتى عندما يخرج , يخرج بلا علمٍ منها !
بطاعة و رضى : ان شاء الله يا غزال .
أهتز هاتفي المحمول برسالة " واتس اب " , إبتسمتُ لا إرداياً
و أخرجتُ الهاتف من بنطالي لتموت ابتسامتي على فورها , كنتُ اظنه المجهول , لكنها صديقتي " نوال "
اليوم لم يرسل المجهول أي شيء , ويحهُ لما تأخر ؟! , ولما الإهتمام يا " أنهار " أليس هذا ما كنتِ تريديه !
ليس إهتمام بقدر ما هو فضول و تساؤل و تعجب
يمكن أنه قد وضع رسالته بحجرتي
قمتُ من على الكنبة واستأذنتُ من أمي و عمي سريعاً
صعدتُ إلى حجرتي على أمل ان أجد ضالتي
دخلتُ للحجرة وانا ألتفتُ يمنة و يسرة
نظرتُ للسرير, للأريكة , المكتب , التسريحة و الشوفونيرة
ولم أجد شيئاً , نظرتُ إلى شاشة الهاتف
هل أتصل عليه ؟ , هل أرسل له ؟
لا , لا داعي لهذا توقفي عن التفكير بهذه السذاجة .




***


جلست أمام سمحي و هي تشعل السيجارة , بتساؤل و عربية مكسورة : انت تهرف الكاسر ؟


***

إنتهى الجحيم

و الحين بنزلكم الجحيم ( 12 ) .



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 16-08-14 الساعة 09:24 AM
الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 16-08-14, 10:55 AM   #34

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

أما آن الآوان لأرى ألوان السعادة
لترتسم الإبتسامة بثغري و لا تفارقني
أما آن الآوان بعد ؟



الجحيـــم


إهـــــــــداء إلى :

Htoomiey لحضورها الراقي
و همسات الانفاس لمتابعتها لي اول بأول
MOOGAH لحضورها الهادي

sanooona لتواجدها الأول ويا هلا بأهل ليبيا نورتيني يا عيني

و اخطار لردودها الجميلة


( 12 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **






جلست أمام سمحي و هي تشعل السيجارة , بتساؤل بعربية مكسورة : انت تهرف الكاسر ؟
رفع عينه إليها , و تجعدت تعابير وجهه هو يكره النساء و لا يتخيل نفسه مع إمرأة البتة لكراهيته هذه سبباً وجيهاً بالنسبة له : ايه اعرفه
بإهتمام : مادا تهرف عنه ؟
قال وهو ايضاً يشعل سيجارة : كان ولد بقبيلتنا ايامها كان عمري بالعشرين وهو بالخمس طعشر بس غير كذا ما اعرف .
وقفت من على الكنبة : كنتُ اظنك تهرفه جيداً , هسناً استأذنك .
هو يعلم بقرارة نفسه ان تقربه للكاسر سيوقعه بمعاضل و خيمة , ولكن المبالغ الطائلة اغرته
لا يعلم ان كان إختار الطريق الصحيح ام لا , لكن يعلم بأن الأموال ستماطره , يستغرب كثيراً
لشأن اهتمامهم بالكاسر و تصويب منظارهم عليه دون غيره من الضباط !


***


رفعتُ " بلوزة خضراء " , و بتساؤل ممزوج بالضجر : طيب هذا ؟
نظر إلى " البلوزة " و إلي بتفحص تام و كأنه يقشع حجابي عني ليرى مظهري بـ " البلوزة "
بغير رضى : لا هاللبس راح يظهر تفاصيلك
قلتُ بهمس حاد : نااااجي كل ما وريتك شي انتقدته , هففف تراني طفشت و رجولي تكسرت اول مرة اشوف حُرمة
تطفش من السوق قبل الرجال .
بصوتٍ واط : انتِ اسكتِ وخليني انا الي اشتريلك .
وضعتُ يدي بخصري , و بسخرية : طيب اختار يا سيد نشوف ذوقك كيف .
إحتدت عيناه الناعسة , و سحب يدي عن خصري بقوة وهو ينطق من بين اسنانه : يا ويلك ان عدتي هالحركة فصلتِ جسمك تفصيل و انتِ محطية يدك بخصرك .
سحبتُ يدي من قبضة يديه , و خرجتُ من المحل مهرولة .
بكل تصرف اتصرفه يعلق , ألا يعجبه شيءٌ من تصرفاتي !
حقاً تمنيتُ لو لم آتي إلى هنا
لحقني بخطواته حتى اصبح يمشي بجانبي , بشيءً من الغضب : ما تعرفي انه في رجال يطالعون فيكِ ؟ , و بعدين اياني و اياكِ تعطيني ظهرك مرة ثانية .
ضغطُ على حقيبتي , و بقهر : خلاص طيب يا سيد الذوق اتحفني بذوقك الي ما منه .
سحب يدي و دخلنا إلى محل آخر , أمسك بتنورة طويلة واسعة لا تمشي مع الموضة إطلاقاً و لا تطابق ذوقي الرفيع , قال بإبتسامة : هاذي زينة تغطي جسمك و كويسة كمان .
نظرتُ إلى التنورة بشزر من تحت خماري الذي لا يتضح منها غير عيني : مقررف مرة .
مشى من أمامي , و ببرود : مو شرط يعجبك اهم شي يرضيني .
و قفتُ أمامه وانا أشير إلى نفسي : الحين مين الي بيلبسه انا ولا انت خلاص خليني اختار الي يعجبني .
بإعتراض و رفض تام : لا , ما بتلبسي غير الي اخترته .
بتفكير : خلاص انت حاسب على الي عجبك وانا احاسب على الي عجبني .
اكفهر وجهه : من متى حرمتي تدفع على رجالها انتقي ألفاظك بعناية يا عُزوف بلاش نتضارب بالسوق , الملابس الي تبغيها
لو تفحطين ما تاخذينها .
بتساؤل و ملل : طيب ليش اشبها والله كويسة وحلوة .
أخذ يعدُ على اصابعه : واحد قصير , واحد عريان , و احد شفاف , واحد ضيق كل الملابس ممنوع تخرجين فيها لبرى البيت و لا بعد تبين تطلعين فيها للمعهد .
هززتُ رأسي بنفي : لا , مو كلها الحين بالله كيف ألبس قصير و عريان بمعهد ! باخذهم كذ بس اما الضيق والشفاف عادي لو لبستها بمعهد والشفاف طبعاً بلبس تحته شي .
بتجاهل : ما بتاخذي غير الي اختاره .
تناول بلوزة سوداء كانت جميلة نوعاً ما , ثم اعادها
قلتُ بإندفاع : طيب هاذي ساترة و كمان ماشي حالها يلا ناخذها .
بعدم اقتناع : صح ساترة بس سودا يعني بتطلع عليكِ زي ذاك الفستان لا ما ينفع هذا اللون يبرزك .
بذات الضجر : هففففففففف صح انك ممل , اللون الاسود لون رسمي وينفع للمعهد .
برفض : قلت لا هاللون بالذات يبرزك ما بتخذينه .
امسك ببنطال جينز واسع و طويل , مطرز بالفصوص
بإندفاع و انا امسك يده : رجعه رجعه مرة مقرف و ذوق بدوي بحت .
رفع حاجبه , و بإستنكار : لا يالحضرية الي يشوفك يقول ما هي بدوية و ما عاشت ابد بقبيلة ولا بعد قبيلة كلها تخاريف .
قدمتُ شفتي السفلى للأمام و بزعل : يعني صح بدوية بس خلاص ايام زمان ولت .
بإستفزاز وهو يقمع ضحكته خلف قناعٍ جامد : اهم شي انه اصلك بدوي و راح تلبسينه و يلا بسرعة بسرعة بيأذن المغرب .
أخذهُ , و أخذ غيرها من الأردية و كلها بغير رضى مني .
لن أخرج معه للسوق أبداً , سابقاً كان يعطيني المال و نخرج انا و أخواتي فلم أكن اشعر بذوقه المتدني
اما اليوم فعرفته , كم أشعر بالحنق و الغضب فلا شيء نال على إعجابي .



*



*



متمرسة بإختيار أبهى حُلة
لترتديها و تبزغ أجمل إمرأة على وجه الأرض
لن أسمح لكِ قارورتي بهذا
لا يستحق أحد رؤيتك يا فاتنة غيري
تنتقي الأردية بماهرة
تختار من هنا و هناك ليظهر أجمل رداء بالسوق
محترفة هي بتنسيق الألوان
لكن لن أسمح لكِ بعزف خطوات الجمال بأي مكان تطئينهُ غير المنزل
بالأمس بالذات تدافقت غيرتي بعد رؤيتك بالفستان
حاورتُ نفسي كثيراً كيف لمارسة أن ترى ظهرك ؟!
و منعتُ ذاتي عن زمجرتكِ فقط كي لا أتعسكِ .



***


قبل قليل إنتهت صلاة المغرب بالمساجد جلستُ على الكرسي و أمامي أحمد
بادر بالحديث : والله يالكاسر اني منقهر لا مسكنا بالمروجين ولا حتى بهالضخم اول حاجة ماسك سلاح بلا تصريح ثاني شي
يضرب رجال من المبتورين و الأخيرة انك شاك انه له علاقة فيهم او هو الي باتر ايديهم .
حركتُ خرزات السبحة : من ناحية اني شاك فيه فأنا بالفعل شاك فيه و تراه واحد من قبيلتنا و كانوا يسموه بزران القبيلة
غريب الأطوار لأنه معزول و له تصرفات غريبة و اضخم رجال شافت عيونا , لكن المهم خلينا بالمروجين ما في اي معلومات عن مكان نزول البضاعة .
وهو يحرك يده بالهواء : ولا اي معلومة الا المعلومة القديمة البضاعة نازلة من مصر , حتى المكان المشكوك فيه ما نزلوها منه .
تناولتُ الخريطة و فتحتها و أنا امعن النظر , بتفكير و أنا أشير إلى الطرق : شوف هم لهم اربعة طرق يسلكونها حتى يوصلون من مصر للسعودية
أولاها يتحركون من ميناء سفاجا إلى ميناء ضبا عن طريق البحر الأحمر و ثاني طريقة يتحركون من ميناء سفاجا إلى ميناء ينبع و برضوا عن طريق البحر الأحمر
وهنا بيقطعونه بالعرض , و الثالث يعبرون من ميناء الغردقة الى ميناء ضبا
و الي احنا من سنين مركزين نظرنا فيه الحركة من ميناء السويس بسفينة حتى يوصولون لميناء جدة , لأنه هالطريق هو الاسهل لهم بحيث
انه مباشر على طول من السويس لجدة بعكس الطرق الثانية بتنزل البضاعة لمكان و بيتم تهريبها لجدة لكن واضح انهم يستهلكون الطرق الثانية .
بإقتناع : ايه معك حق الظاهر إنهم يستهلكون المعابر الثانية واحنا تركيزنا على هالمعبر .
بتساؤل : وكم عدد المدمنين بمستشفى الأمل لهالسنة ؟
فتح الورقة المستقرة بيدينه , و بحسرة : السنة الي فاتت 39 بالمية هالسنة 42 بالمية وطبعاً بديهي بيزيد العدد مع الكمية الي دخلت امس و الي كانت اكبر كمية
المهم الي عمرهم مابين 20 و 29 و مابين 30 و 39 ذول اكبر فئة مدمنة و توصل نسبتهم 33 بالمية .
بعدهم الفئة من 40 لفوق نسبتهم 20 بالمية الفئة الأقل فئة المدارس من 15 الى 19 سنة و نسبتهم 3 بالمية
و طبعاً احنا غلطانين يوم سلطنا الضوء على طلاب المدارس بس لانه الفئة الأكبر بحسب الإحصائية طلاب الجامعات و الكليات .
مسحت وجهي , و بحزم : اجل خلاص راح يكون فيه تركيز على هالفئة العمرية أرسلوا بلاغ إلى قسم الشرطة النسائية .
بإستغراب : بس انت عارف الشرطة النسائية مالها دخل بهالأمور مجرد قضايا حقوق و xxxx و مال لكن مالهم دخل بهالمعمعة .
طقطقت أصابعي بالمكتب : ايه ادري بس مجرد مبادرة بسيطة منهم يبلغون المسؤولات بتفتيش الجامعات و الكليات .
هز رأسه إيجاباً : ان شاء الله , يلا أستأذن .
بهدوء : إذنك معك .
بضاعة مخدرات شهرياً تنزل إلى جدة فيزداد عدد المدمنين بمستشفى الأمل لمكافحة المخدرات
حاولنا بشتى الطرق الإيقاع بهم , و لكن يبدو أنهم ليسوا بالنوع السهل سيتم مراقبة الطرق الأخرى
على أمل القبض عليهم
الأمل مشتق منكِ يا مستشفى الأمل فلتصبري .


***

دخلتُ إلى الغرفة و أنا أرتب حاجياتها وهي بالأصل لا تحتاج إلى ترتيب و لا تنظيف لأنها بكل يوم تُنظف
يحتضن إصبعي " الدبلة " التي قد اعطاني إياها " ركاض " سابقاً لا أردي لما أرتديتُه
لكن اظن انها لحظة االوداع اليوم سأفكر بك وغداً سأبيعك و أرمي بخاتمك بأقرب سلة قاذورات
عجرفات الماضي سأمحيها , سأكون مارسة جديدة
مررتُ بحياتي بمرحلتين الأولى حبي لك و رخصي بديني و عرضي
و الثانية ذكراك و شرائي لديني و عرضي
و سأمُرُ بالثالثة والتي ستكون نسيانك و قربي إلى الله , بإنه جل وعلا
إلى الآن لم أجد محطة تأويني
لا شيء أستطيع أن أربض إليه
قبضتُ على علبة أقلام معدنية لأمسحها , خلعتُ الخاتم و وضعته على المكتب
أدخلتُ اصابعي المغطاة بالمنشفة داخل العلبة ادعكها لأُكسبها بريقاً
إستذكرتُ حواري الأخير مع أبي ظانع و الذي كان بظهيرة اليوم




*

*


هتف بأسمي حالما كنتً سأخرج إلى القصر : مارسة
إلتفتُ للوارء حيث هو و أقتربتُ منه على مضض , و بهدوء : سم يبه
أشار إلى الأرض قباله : تعالي جلسي هنيه بسألك
جلستُ مقابله : تفضل يا ابوي
طرح الشماغ عن أعلى رأسه بالأرض : هاه فكرتي بحكيي معك .
بثبات : لا يا ابوي عطني مهلة اكبر رجيتك افكر فيها براحتي .
بشبه رضى : حاضر وانا ابوك
بإستفسار و انا أحرك يدي بالسجاد الكحلي : بس يا ابوي مو عبد القوي يكره الحريم كيف بيرضى فيني و هذا وانا شغالته ؟
أبتسم بفرح على تجاوبي معه : صح و انا ابوك لكن عميمك عبدالقوي بحياته ما حس بالانوثة و الدلال تزوج ساجدة بنت القبيلة بدوية عريقة مالها
بالدلع و هالحكي يا بنيتي و صحيح هالحين هي بالمدن لكن لهالحين توضح انها ملتزمة بالقديم اما انتِ يا بنيتي دلال و جمال و انوثة وذا الي يحتاجه عبدالقوي بكبر عمره .
بشيءً من القبول : خلاص يا ابوي بفكر و برد لك خبر , يلا أستأذنك بروح ألازم شغلي .
بدعوة : الله ينورلك يا بنيتي .


*

*

قد يكون هذا سبب مقنع لخضوع عبدالقوي لي بالرغم من بغضه للنساء أجمع .
أغلقتُ أنوار الحُجرة و خرجت .



***

صعدتُ إلى الجناح و أمامي عُزوف الغاضبة المتضجرة و الساخطة بتمام الساعة التاسعة ليلاً
دخلت إلى حُجرة النوم وكنتُ سأدخل خلفها إلا أن رنين هاتفي المحمول استوقفني عن الدخول
أخرجتُ الهاتف من بنطالي كان رقم " متعب "
رددتُ عليه
فإذا به يبادر بالحديث : السلام عليكم , وينك يالقاطع غايب هاه و الله انك ساحب على ابو المستشفى انت تبغاهم يطردونك بشرف
إبتسمتُ على إنطلاقه بالحديث , و جلستُ على الكنبة و ببرود : ايه ما يسترجون يطردوني , الا كيف كل الولادت سليمة
بجدية : ايه الحمدلله كل شي زين , و " بتساؤل " الا ليش غايب ؟
بهدوء : ابد مجرد طفش و شكله آخر غياب مسجل غيابين هالشهر شكلي جد بنطرد , الا وين شعلولك ذا المرجوج ؟
بضحك : المرجوج جنبي وتراه هو من أصر علي حتى اتصل بك .
فإذا بصوت مشعل العالي يصلني بخفيف بسبب البعد : ناااااااااااجي يالدب تعاااااااال كمل الدوااااااام .
ضحكت بصخب : تتحلم يا ابويااااا فاضي لوجهك انا .
قال متعب وهو يضحك : يقولك اذا ما جيت بيضيفك لقائمة المجانين على قولتك .
بمزح : ايه نشوف من منا يجنن الثاني .
بحزم : المهم ناجي يلا مع السلامة اتركك انتهى وقت راحتي .
بهدوء : مع السلامة يا اخوي .
أغلقتُ الهاتف وانا أبتسم لمرح مشعل
غريب هذا الطبيب الذي يراه للوهلة الأولى يظن انه جدي إلا انه يعشق الهزل بحدود طبعاً .


*

*


دخلتُ للحجرة وجدتها تقف عند المرآة و تنظر إلى رداءها بإشمئزاز
تعلقتُ بمقبض الباب , و بتساؤل : ما عجبك
إهتز جسدها للوهلة الأولى , ثم إستدرات اتجاهي و بزعل : كم مرة اقولك لا تتكلم فجأة تفجعني نبهني اول , " امسكت بتنورتها بأطراف اصابعها " واللبس جد معفن مرة ماهو بمستوى ذوقي .
إبتسمتُ بحب : بس انا عاجبني
ضيقت عينيها : تتمسخر حضرتك ليتني طلعت مع اخواتي .
أعطتني ظهرها و هي تتناول رداءاً آخر , بأمر : يلا اخرج وسكر الباب وراك بلبس لعل و عسى شي من هالزبايل يطلع زين .
خطوتُ بهدوء حتى أصبحتُ خلفها , عانقتُ بيدي خصرها , و وضعتُ ثغري بأذنها , و بهمس : ما هو اللبس الي يعطيك الجمال , انتِ اصلاً كتلة جمال اي شي تلبسيه تعطيه جمال .


*

*


إرتعش جسدي بين يديه حرارة أنفاسه أشعلت جلدي , و شوت سطح بشرتي حتى نضجتُ حُمرة خجل
عضضتُ شفتي , و شتتُ نظراتي بعيداً عنه
فليسطر هذا اليوم بتاريخ زواجنا , إعترف بجمالي ! , لا أصدق أقسم بأني لا أصدق
هو مدحني مرتين و بالمرتين اهتز عرش قلبي , عندما نطق لشدة حبه للحناء " حلو "
لكن ماذا اليوم ؟ , مدحني لذاتي !!
و تركني و أبتعــد حيث الباب , لماذا تركتني اندمت لهذا الإعتراف ؟
او السؤال المنطقي هل هذا إعتراف ام شفقة لحالي ؟
وضعتُ يداي بخدي اتحسس حرارتهما و كأنني بالفعل تعرضتُ للنار
أهذا هو الحب رجفة يصحبها حرارة فشعور بالفرح وكأنك طيرٌ له جناحان ؟




***


تشهد أرض مصر الحبيبة و بالتحديد مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة التي توجد بها أكبر جامعة هندسة بمصر جامعة أخذت اسم مدينتها " جامعة 6 أكتوبر " أمطاراً غزيرة لهذا اليوم بتمام الساعة الثامنة ليلاً
كتبتُ أول سطوري قبل خمسة سنوات بأمطار تضاهي هذه الغزارة و بالمكان ذاته و منذُ ذلك اليوم
أطلق علي لقب " كاتبة " لم أكن أطمح بتاتاً لهذا اللقب لكن شاءت روح القدس أن أناله
نؤمن نحن المسيحيون بعقيدة التثليث فنؤمن بثلاث " الأب " " الإبن " و " روح القدس "
أجد كثيراً من الإختلافات بديانتي و ديانتك بدايةً من صليبي إنتهاءً برسولك يا " ركاض "
تركض أنت يا إنتقامي بمجاري مي العذبة , تقرع طبول حُبك , أرسمك حلم أبدي , و يكتبك الواقع راحلاً
و عدتني يا " ركاض " أنك لو تزوجت مصرية فلن تتزوج غيري , بينما و عدي قد غالب وعدك بمراحل عدة
و عدتُك يا " ركاض " بأني إن لم أتزوجك فلن أتزوج غيرك , و الفرق شاسع بين الوعدين
أنت تقول " إن تزوجت " وأنا أقول " لن أتزوج "
إشهدي يا ارض مصر مسيحية حائرة إسلام أم مسيح
إشهدي يا أرض " مي " فتاة متخبطة ببحور الحب
تحبك يا ركاض و تسعى للإنتقام
أنتِ يا مصر شامخة بنباتك , نسيمك و روائح عبيرك
و أنت يا ركاض تضيء مصر بنورك , و كلمك , وبهي حرفك
رصصتُ حروفي يوماً بمخطوطة المطــر
ذاك المطر الذي غمرنا بغزارته عندما كنت تعانق بيديك يدي فتبث لها دفئاً حميمياً
أعطيتُك مخطوطتي و أكاد أخر من طولي لشدة خجلي بأول ماخطت يداي , لكن منذ يوم تعارفنا لهذا اليوم لم أخفي عنك شيئاً إطلاقاً
و أخفيتً أكبر شيء " أحجية الإنتقام "


*


*


كنتُ قابعة على كرسي المكتب و أمامي دفتر صغير , أكتب به عن يوم المطر معك , و أشعر بحرارة بأسفل أقدامي
بالرغم من أن البلاط بأعلى مراتب البرودة , كنتُ على حياءٍ مما خطت يداي , لكن شعور بداخلي لا ولن يستكين
إن لم تخط يداي حروف قلبي , كانت تعابير وجهي تتغير مع حدة الكلمات و هبوطها , كنتُ أشعر بتذبذب في كتابتي
سطر قد حمل أجمل المعاني بأرقى الأساليب و آخر حمل أسوأها و أحدرها .
شعرتُ بأصابعك تلامس شعري الشبه ناعم وتدسه وراء محيط أذني , وبهمس هادىء ناعس : صباح الخير .
إبتعلتُ ريقي , و أحتضنتُ مخطوطتي إلى صدري بخجل , لم أكن أنوي البوح بما خطه قلمي الركيك و قتذاك و لكن بإجراءات التعديل سأبوح لك
رددتُ , بخجل سترتُه بالثبات : صباحك فل و ياسمين يا روكي .
وضعت يدك موضع صدري تحاول إبعاد يدي المحتضنة للمخطوطة , بهدوء : ممكن أشوف وش تكتبين ؟
هززتُ رأسي بالنفي , و بخجل : لا دي حاجة خاصة فيني .
دنوت مني و جبينك يحتك بجبيني و أنفاسك تخالط أنفاسي , بنبرة رومانسية : هممم و انا مو من خصوصياتك اجل يحق لي النظر
أدخلت يدك بين يدي لتسحب الدفتر على مضض
فتحت الدفتر , و أغلقتُ أنا عيناي السوداء
قرأت بصوتك الرجولي الذي به بحة مميزة بطبيعتها و أخرى لسيجارة تعمل على قتلك ببطىء شديد
مخطوطة المطر ..
أخطُ أول حروفي , و أرسم أولى خيالاتي بأجمل لوحة مطرية
تهطل بغزارة مبهجة ليتهلل و جهي فرحاً
تزداد غزارة و أزداد حرارة
هو يعانقني بشدة من برودة المطر القارسة
أياخاف علي منك و انا من كتبتُ أحرفي إليك
أهل تُكذبني يا " مطر " أهل سمعت صوت قلبي
يضج بالحب , لكن صدقني كتبتُ هذه الكلمات لكلاكما
صحيح يا " مطر " لو لم يكن هو بجانبي لم أكن لأكتبها
فلتشهد يا " مطر " حباً لم يكن على مر السنين

* و انتهت حروفي الأولى التي لم تكتمل بعد , لم أكملها حتى الآن , أخاف أن يتطاير صوتك عن مسامعي إن إكتملت هذه الحروف
أراك سراباً سينقشع بأي لحظة و يهبط بالقبر او بأغلال المساجين *


وضعت يدك فوق يدي تبعدها عن عيني و أنا أشدها بخجل , لتحط أذنك بثغري وتهمس : حرفك من ذهب يا مي
و سحبت يدي عن عيني بسهولة , وانت تكبلها بأغلاك الوهمية
شددت على يدي بين يديك, و بتحفيز : ترى حلو انه هاذي اول كتاباتك شوي تكات و تصيري كاتبة بجد , انا ما اقولك كلماتي هاذي حتى اشجعك
بعض الأحيان يكون التشجيع تحطيم فعلي هذا اذا شجعتك على خطأ , لكن أنا من كل دواخلي اشجعك و اقولك وراكِ مستقبل اتمسكي فيه يا مي
أنتِ تعرفين انا وش كثر انسان طموح و رغم المعمعة الي انا معيش نفسي فيها الا اني احاول بكل قدرتي اوفق بين دشرتي و دراستي .
حينها رفعتُ عيني إليك وقلت : شكراً على كلامك يا روكي كتير , بس لو انتا هتكتب عن المطر ايه هتكتب ؟
آنذاك تركت يدي و كأنك تترك أرض مصر كلها , كانت عيناك تنظر للبعيد , و بصوت هادىء : رسمتني يا شمس صفراء حلماً
ظننتِ الآمان معي , الأ تعلمين يا عظيمة , بأن مستقبلك سيقتل إن إقترب منك المطر و غطتك الغمام هماً
ماذا عساكِ تفعلين يا صغيرة ؟! , أي إغراء تملكين
بتِ يا شمساً صفراء تقتلي المطر
و يشق ضوئك خطوطه بين الغمام
أكنتِ تريدين إحتضان المطر لك
إختراقه لعذرية الحب العفيف منكِ
أتظني ان المطر أبعدك يا صفراء كرهاً
ام هل علمك عام أنه لم يبعدك إلا حباً
لا تمارسي طقوس القرب مع اي قطرة غيري
إنتظري عودتي بقيت خمسة أعوام

حينها وضعتُ يدي بوجنتك ليلتف رأسك إلي , قلتُ بإحساس : جميل يا روكي جميل اوي ده حوار بين المطر و الشمس .
نظرت إلي بنظرة لم أفهمها البتة لتنطق بغموض : شمس عفيـــــفة من اي دنس .

اليوم حينما أصبحتُ أجيد الكاتبة و أفهم كل منطلقاتها , بدأ الريب يخالطني و يتجانس مع افكاري
لماذا أشعر الآن و كأنك تحكي عن مرأة برداء أصفر عفيفة لا تعرف للشر سبيل ؟!
أشعر و كأنك كنت تكذب علي و قتذاك
أهناك إمرأة تسكن قلبك غيري , يكفي جسدك الذي نالته نساء لا يحصى عددهن فلتعطني قلبك
هذا هو آخر عامٍ لك " روكي " و آخر متطلباتي منك .


*


*


صرختُ بأعلى صوتي , و قلبي قد هبط أرضاً لهول فزعي , إنتفض جسدي , وأنا أُحسس بيد تقبض على يدي بمنتصف الغابة المعتمة , جاء صوتك حنوناً : بسم الله عليك مي حبيبتي اشبك ؟ انا روكي
إلتفتُ إتجاهك , و ضربتُ صدرك بحنق : روكي خوفتني ليه كده ؟ ليه ؟
مددت يدك إلى خدي تمسح قطرات المطر بنعومة فينزل مليارات القطرات من شعري المبلول ومن أعلى الغمام , بذات الحنان : ما قصدت حبيبتي مي , ايش تسوين بالغابة و حدك ؟ يلا ادخلي جوا الكباريه لين يخف المطر و بنرجع للبيت
أعطيتُك ظهري و أنا أرفع رأسي للأعلى , وأفتح فمي بوسعه , انتظر القطرات المطرية تروي ريقي
و فتحت أنت يديك بوسعها و ألتصق ظهرك بظهري رفعت رأسك للسماء , و بجلجال صوتك : تعبــــــــــــــــــــــ ــــــان ,, تعبـــــــــــــــــان
تعبـــــــــــــــــــان ,, تعبــــــــــــــــــــــ ـان
بنبرة خوف دون أن ألتفت : مالك ايه الي متعبك روكي ؟
لم تسمعني فرفعتُ نبرة صوتي : مـــــــــــالك روكي
ضحكت بجلبة تعالت على زخات المطر : ههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههه , اصـــرخي يا مي قولي كل شي بخاطرك , اصرخي قبل ما ينزل احد ويظن اننا مجانين صرحي باللي بقلبك
و لا أدري ما الذي حدث لي لكن لطالما تمنيتُ أن أصرخ بهذا الجنون ولا يتهمني إنسيٌ بالجنون
و ضجت الغابة بأصواتنا : تعبـــــــــــــــــــت منكوووووووووووو , سييبووووووووووووني في حااااااااااااالي تعبـــــــــــــــت أوي
و أخذنا نصرخ و الكباريه به جلبة موسيقية و لا يدري عنا إلا الأب و الإبن و روح القدس
تراقصنا مع قطرات المطر و حفيف الأشجار و صقيع الأسنان , شعرتُ و كأن اليورانيوم اثقل المعادن وزناً كان يقطن بصدري
واليوم إنزاح بعيداً تطاير بالأعالي , كنتُ أشاهد هذا بالتلفاز و اتمنى أن يصبح واقعاً .
بدأ صوتك الثقيل يختفي تدريجياً
أمسكت بخصري لأستدير اتجاهك , أخفضت رأسي ودفنت وجهك بشعري المبلول الملتوي , وانت تهمس بصوت مبحوح بما يمزق اوردتي ويقطع نياط قلبي : هالسنة و بعدها ارجع للوطن , أشكرك مي لانك كنتِ لي وطن بوسط غربتي , ملامحك تذكرني بأرضي ملامح بدوية حادة و فاتنة رغم انك مصرية
أشكرك مي على كل شي .
و انهمرت دموعي شلالات تمحوها قطرات المطر , وبقينا على ارجولنا نستمع إلى رنين طقطقاتها .




***


إنتهى دوامي الآن الساعة العاشرة ليلاً و ها أنا أقف عند محل " تاج توج " و توب تن " بثوبي الأبيض حيث يفترض ان يتواجد مبتوروا اليد
أرتدي الثوب و أترجل سيارتي الخاصة بعيداً عن إطار العمل ليثق بي " أغيد " و يفصح عن حقيقتهم متأكد أن وراء مظهرهم هذا سر دفين
لكن لا مبتور يقبع ها هنا يبدو بأن ذاك الضخم " سمحي " هو من بترهم و أبعدهم عن هذه الناحية خوفاً من اعتقالي له
أعانهم الله كيف لي ان أصل إليهم الآن , ليس لدي أي معلومةٍ عنهم , أرجو من الله أن تجمعني الأيام بهم
اليوم انتهى المركز بناءً و طلاءً يحتاج فقط إلى يومٍ واحد للتهوية لأنه كُتم جراء الطلاء
و سيُفتح مركز الكاسر للخير و تلازم حبيبتي عملها الذي لطالما حلمت بهِ .
حركتُ السيارة و توجهت حيث المنزل .



***

ما بالي واهنة هكذا , منذ إعترافه ذاك و أنا لستُ بطبيعتي أقيس الحُجرة بخطواتي رواحاً و رجوعاً
شيءٌ ما يقول فلتسأليه ان كان ما نطق لسانه أحرفاً بزغت من قلبه و من صدق عقله , و آخر يقول لا تسأليه فحتماً سيزيدك إحباطاً
فما قاله ما كان إلا هروباً من طنطنتي و تذمري , و حال ذاهبي له كيف سأ سأله سيبدو مظهري سخيفاً جداً , سأبدو وكأني بحاجة إلى مدحه وأنا بالفعل بحاجة إليه
لكن هذا لا يعني اعترافي بحاجتي , إذاً ماذا ؟ ماذا أفعل ؟
سأخرج و أوكل أمري لله , وقفتُ أمام المرآة و رفعتُ شعري لأاعلى بـ " شباصة "
خرجتُ إليه بالصالة و جدته قابع على الكنبة بقميص نوم رجالي من القطن باللون الرمادي , ويتابع صدى الملاعب بالتلفاز بكل تركيز
يبدو انه لن يعرني إهتماماً فهو من عشاق هذا البرنامج الذي يعرض على قناة " ام بي سي " بتمام الساعة الثانية عشر بمنتصف الليل بتقديم " مصطفى الأغا " .
شجعتُ نفسي وأقتربتُ منه على مضض , جلستُ بجانبه بسكون و من حسن الحظ إنقطع برنامجه بفاصل إعلاني كتم الصوت , ترقبني , و بتساؤل : مو قلتِ فيكِ نوم ايش جابك ؟
نشبتُ أصابعي ببعضها و دون النظر إليه : افهم انك ما تبغاني ؟ , عموماً ما جاني نوم لو قعدتي هنا تضايقك بروح احاول انخمد
ببرود : لا انرزعي مكانك ما باقي على البرنامج الا شوي , بعدها وش بسوي لحالي اجلسي نتضارب مع بعض شوية .
بإمتعاض : و ليش شايفني اندرتكر قال اجلسي نتضارب قال .
أشار إلي بإصبعه و هو يضحك : هههههههههههه هاه شفتي على طول قلبتيها صراخ , انا ما اقصد مضاربة جسدية لا قذايف لسانية .
كتفتُ يدي إلى صدري , و بصدود : مالت , اصلاً انا البقرة الي جايتك , بروح انام احسن لي .
إنتصبتُ واقفة من على الكنبة على أمل أنه ينادني و سأعود , لكن لم ينادني بل قمعني أكثر
وهو يقول بكركرة : هههههههههههههه طبيبك يقولك لا تنسين الحليب و فرشي اسنانك كمان .
أي قسوة تعيش بداخلك يا " ناجي " أهل تظن أن برودك هذا لا يتخلخله التجريح ؟!


*


*


أتبررين مجيئك بهجران النوم لكِ يا قارورتي
لا تكذبي فأنا أعلم بأن النوم من هجركِ يا معزوفتي
أعلم سبب مجيئكِ إلى هنا كان بلسانك أحرفاً قُتلت قبل ولادتها
كنتِ ستسألين " أهل بالفعل أنا جميلة ؟ "
وكنتُ سأكذب و تصدقين فأقول " لا بل كانت شفقةً مني "
و هذا سيدعكِ تبكين على مدار الليل
و أنا لا أريد إيذائكِ يا قارورتي
لا أريد خدشك فيكبر الخدش و يتشعب إلى أن تنكسري لنصفين
لا أريد هذا فسامحيني على أسلوب الجمود و الآمبالاة الذي واجهتُكِ بهِ
لا أعرف كيف نطق لساني بما نطقت , تملكني لساني ولم أستطع تملكه
أخشى أن أؤكد بجمالكِ , فتتركني وحيداً على قَرِعَةُ من الأرض
جافاً , يابساً بلا ماء و لا هواء إلى أن يحتلني الموت
تتزوجي من غيري فيموتُ قلبي , لن أسمح بهذا , لا ولن أسمح
أنتِ لي , و أنا لكِ .



***

ألقيتُ التحية وردوا بأصوات متفارقة , وجدتُها تجلس على الأرض و بجانبها أطفالنا ريناد و ريتاج و لجين و رائد و مؤيد , تلاعبهم وتقترح عليهم ألعاباً بدلاً من تلك اللعبة
فهي لم تشأ ان تحرمهم من الأجهزة حتى ليومٍ واحد , خطوتُ إتجاههم و جلستُ على الأريكة و أنا أُخفض جسدي بمستواهم
رفعت رأسها إلي وهي تبتسم : كيف شغلك اليوم الكاسر ؟
بادلتُها الإبتسامة : كل شي تمام الحمدلله الا وش مسهر العيال لهالحين الساعة وحدة ؟ وراهم مدرسة
وهي تنظر إليهم بحب : ماهم راضيين ينامون
بادرت ريتاج بالحديث : بابا خلينا شوية ماما حملت لنا ألعاب حلللللللوووووووة
قال رائد و أنظاره بالآيباد : ايوا بابا بس شوية
إتسعت إبتسامتي : طيب قدامكم نص ساعة غير كذا مافي عشان المدرسة
فإذا بإصواتهم تتعالى بسعادة
وبينما هم منشغلين , وجهتُ كلامي إليها : عندي لك بشارة
إتسعت إبتسامتها : وش هي ؟
بتحميس لها : وش تتوقعين ؟
رفعت كتفها وأنزلته : مدري , يمكن انتهى بنا المركز
حركتُ رأسي بالإيجاب وقلت : يوم بس عشان التهوية وبعدها يبدأ الشغل , بكرة اطلعي للسوق واشتري ملابس رسمية تنفع للشغل
بقبول : طيب , وبقول لوحدة من اخواتي تطلع معاي .
بدأ مؤيد بالتثاوب وهو يترك جهازه ويتوجه لغرفة نومه , ولحقه اخوانه واحداً تلو الآخر
وقفتُ من على الأريكة و أنا اتوجه لـ " الحمام "
و هوازن تخرج رداءً لي من الدولاب .


***

دخلتُ إلى الحجرة , رميتُ غترتي على الكنبة و جلست , فتحتُ أزارير ثوبي الأسود الأولى , و أرحت ثقل جسدي بخلفية الكنبة
رأيتها تدخل من الباب و أغمضتُ عيني بخفيف أشعر بالصداع
سمعتُ صوت تقلبها بالسرير , و بهدوء : الساعة اثنين و نص ما بتلحقي تنامين الا ويأذن وراكِ دوام المدرسة , ليش ما نمتِ من بدري ؟
بجمود : كان في برنامج وتوه انتهى , و خلاص اسكت خليني انام .
بذات الهدوء : نفسي يوم واحد يعدي و كلامك يكون زين " و بتساؤل و أنا أفرك رأسي وعيني لا زالت مغمضة " عندك بندول ؟
ببرود : لا
برجاء , لأول مرة يظهر بصوتي لها : قومي عُطرة والي يسلمك دقي على الخدامة خليها تطلعلي بندول , ماني قادر اصلب طولي .
بلامبالاة : ما لي دخل فيك , قوم بنفسك .
بتحايل : اعتبريها رد دين , داويت يدك داوي صداعي .
بإستنكار : لا والله , انت داويت الي جرحته لكن مو انا من جابلك الصداع حتى اداويك .
فتحتُ عيني , حتى أراها قاعدة على السرير بنصف جلسة و عيناها تثقبني بتفحص , بإستفزاز : ومن قال انه ماهو بسببك , من يجلس طول اليوم يصايح فوق راسي ماهو بإنتِ .
ضيقت عينيها الواسعتين : انت كنت بشغلك يعني صداعك منه ما هو بمني .
و قفتُ بشدة و أنا أتوكأ بأصابعي على أطراف الكنبة , و بعتب : تعب يدك و لا وجع قلبك .
مشيتُ عدة خطوات امام انظارها ولم أستطع الإكمال , أغمضتُ عيني و أنا أتراجع للكنبة الأقرب إلي من الباب , رميتُ بثقلي عليها
وصلني صوتها الخائف , المهتم ,المتسائل : معن من جدك مصدع ؟
بقهر : لا ابد امزح معك بس .
قامت من على السرير بخطوات سريعة إلى حقيبتها لتخرج عبوة بندول و تتناول حبتين , مشت إلى الطاولة لتسكب بالكأس قليلاً من الماء
إقتربت مني , جلست بالأرض فالكنبة لا تتسع لكلانا مدت يدها بالحبتين إلى ثغري , بينما أنا أخذتُ أنظر لعينيها الخائفة الفزعة
حنونة أنتِ يا عُطرة رغم قناع القسوة الذي يغلفكِ
لكن خليعة يا عُطرة رغم قناع البراءة الذي يغطيكِ
ربتت على ركبتي بخفة , و بتنبيه : معن افتح فمك , بيزيد صداعك .
فتحتُ فمي , لتدخل الحبتين فأعض اصبعها برفق
نظرت إلي بحنق وهي تهز رأسها ذات اليمين و ذات الشمال : حتى وانت تعبان متوحش .
رصصتُ أسناني لتصتف على اصبعها بجانب بعض و عضضتُها بدفعة واحدة , فإذا بأسنانها تعض شفتيها بألم
رفعتُ أسناني عن أصابعها , واخذتُ كأس الماء من يدها الأخرى , شربتُه جغمة و احدة وأنا أنظر إليها من قاعدة الكأس الزجاجية
فأراها تفرك بيدها المعصوبة إصبعها المعضوض , رفعت عيناها لي و بإمتعاض : محد يعطيك و جه , بروح انام احسن لي .
أمسكتُ بيدها و لا أدري لما ؟ فقط ما اعرفه اني أريدها بجانبي بهذا الحين
نظرت لي بإستغراب : سيبني بروح انام .
بشبه تهديد : ان نمتِ بمنعك تكملين شغلك .
توسعت عيناها , و بإستنكار : هالله هالله الحين بس عشان صداعك اترك شغلي ! " و بإستفزاز " اصلاً ما تقدر تجبرني على شي ما ابيه
تدري بشتكي لأبوك و بيجبرك تخليني اكمل شغلي .
رفعتُ حاجبي , و بإستهزاء : اشوفك محتمية بظهر ابوي ؟!
أشارت إلي بإصبعها المعضوض , و بحنق : والله ابوك أخذ مننا الكثير و واجب عليه الحماية رد للجميل .
أمسكتُ بإصبعها بيدي الأخرى , و بغيض : انتِ ما تكفين عن هالكلام تراكِ ذليتينا فلوس ابوي فلوس ابوي والله فاهمين بس حبيبتي شي مقابل شي
انتوا لو ما ابوي حرك فلوسكم كان زمانكم بالشارع فاهمة بالشارع ابوي الي كبر هالفلوس عمرها ما كانت فلوس ابوكِ بهالكثر حطي كلامي هذا
براسك و كبري عقلك كفاية غباء والله متى ما جاز لنا نقدر نرميكِ بالجزمة برى البيت .
بحقد : طبعاً أخذتوا و شبعتوا ثم ترموا صح لكن ما اقول الا حسبي الله و نعم الوكيل , احنااا يتامى ما حسينا بالحنان الي حسيتوه فقدنا الأمان من زمااان
اتقوا الله فينا , خاف ربك يا معن كل اخوانك مهنيين اخواتي الا انت و بعد تطعني بشرفي ما عاد بقلبي قوة تعبت منك وعافيتك و بكل صلاة بدعي عليك , ما بكون الغبية الي تدعي على نفسها بالموت , لكن بكون المظلومة الي تدعي على ظالمها .
وقفتُ على اقدامي و الصداع قد بدأ يختفي بمفعول البندول , شددتُ بقبضتي على يدها المعصوبة و بصوتٍ عالي وانا أسحبها ليرتطم رأسها بصدري : وش ظاااااالمك فيه انا جاوبي وش ظالمك فيه ؟ ابوي و رافع من قدركم لدرجة يدهس بأمانينا لسعادتكم
والله لولا الله ثم ابوي والله اني كنت بطلقك ثم اتزوج و انساكِ ما كأنك كنتِ لكن ابوي قالها مرة و حلف فيها قال قبل نتزوجكم " والله و عز الله و جلاله كانكم تأذون بنات بو اصلان او تطلقهن او تمنعهن من شي يريدونه والله ان ما ارضي عليكم ليوم الدين , والله اني بريء منكم ليوم الجمع "
بتوجع : معـ...ن شعـ...ري
ارتخت أصابعي حتى تحررت خصلاتها عن قيدي , بحرقة : وش ظالمك فيه يا عُطرة جاوبي ؟ شرفك و ما طعنتك فيه للوهلة الأولى صبرت و سألت و الإجابة انك رخصتِ بثوبك و ش تبين اكثر ؟!
أشارت إلى نفسها وهي تصرخ بجنون و تشد بجامتها و كأنها ستشقها لأشلاء : شريفــــــــــة انا طاهرة انا والله عمري مارخصت بنفسي الله يقهرك مثل ما تقهرني الله يردها لك اضعاف مضاعفة يارب الله يردها لك الله لا يسامحك الله يجبر بكسري .
تنهدتُ من بعد إكتناز : هدي بيسمعونـ
لم ألحق و أكمل كلمتي إلا و الباب يطرق
نظرتُ إليها بعتب و بهمس : من صوتك .
مشيتُ ناحية الباب و هي من خلفي
فتحتُ الباب فإذا بها أمي واقفة و وجهها لا ينعم بإرتياح لشدة قلقها , بخوف علي وهي تحاول النظر لما خلفي حيث عُطرة : وش صايرلكم يا يمه ؟
بإبتسامة مطمئنة : ما به شي يا يمه خلاف بسيط وبنحله إن شاء الله .
بغير قبول : أكيد يا وليدي ؟
إقتربتُ منها , قبلتُ رأسها بإحترام و بتأكيد : ايه يا يمه اكيد .
فإذا بعُطرة تزيحني عن طريقها لتقف أمامي و وجهها مقابل أمي , بصوتٍ عالي : خايفة عليه هاه اشبعي فيه بروح انام عند اختي احسن لي منكم .
أبعدت أمي عن طريقها بأطراف أصابعها بكل وقاحة ومضت بعيداً
حسناً كان بإمكاني أن امنعها لكن لا أريد أن أُكبر حجم الموضوع و يصل إلى أبي حينها سيتوجب علي الإعتراف بخنا ثوبها وهي مهما كان عرضي و لا أرضى لها الضير , منذ أن تزوجتها لم أرى
منها تصرفاً سيء لكن هذا لا يغفر لها لا يكفر عن ماضيها ماضي فات و لم يمت و لن يموت .
مسحت أمي على وجنتي برفق و بحنان : يا وليدي وش حاصلك ضايقتك بشي كدرت خاطرك يا وليدي , آآه و انا امك لو هو بيديني كان اتخيرلكم من أحسن بنات الأرض
لكن ذا ابوك مغلق الأبواب بوجهي .
أمسكتُ يدها التي بوجنتي و قبلتُها برقة و بهدوء : يمه لا تخافي مثل ما قلت لك خلاف بسيط و بنحله لكن تعرفين عُطرة من يومها صغيرة و صوتها يعلى و غضبها يغطي على تفكيرها بترجع تفكر و بتهدا امورنا لا تشيلين بخاطرك يا يمه .
سحبت يدها بخفة من بين يدي وهي تعطيني ظهرها و تجُر خطواتها بعيداً .

*



*


طرقتُ الباب بخفة , طرقة فأخرى و أخرى
و ما ان قررتُ الإنسحاب حتى يأتيني صوت هوازن الناعم من خلف الباب : مين ؟
رددتُ وأنا أحاول الحفاظ على ثبوت نبرتي أشعر أني سأبكي بأي لحظة , و هوازن هشة ضعيفة لا تتحمل الدموع حتماً ستشاركني دموعي : عُطــرة
ثواني عديدة و فتحت الباب وهي تبتسم و ترتدي بجامة تسترها و لا تظهر منها شيء , حقاً ليس منكِ إثنين يا هوازن
دخلتُ , و وقفتُ خلف الباب , وهي تقول و كأنني ضيفة جديدة : تفضلي تفضلي
نعم نحن ضيوف بعض رغم اننا اخوات الا اننا بعيدات عن بعضنا كثيراً لا أخفي الحقيقة دائماً هوازن تحاول الإحتكاك بنا , لكن انا و عُزوف دائماً ما نتهرب
جلستُ على كنبة المجلس , قالت هي بخجل : معليش والله ما كنت ادري انك بتجين بروح اسويلك عصير
رفعتُ يدي لأعلى أهزها بالرفض : لا لا ما ابغى شي تراني بنام عندك شوية , صار بيني وبين معن خلاف بسيط كنت بنام تحت بأي مجلس بس عارفة انه بيجيني وانا مافيني اتكلم كثير
وهنا هو ما بيتجرأ يدق الباب حتى يزهمني .
بنصح يغلفه القلق : عُطرة حبيبتي هذا زوجك شريك حياتك لكل واحد منكم على الثاني حق ان هو زعلك و ضايقك بشي سامحيه
و بيجي يوم انتِ تزعليه وهو يسامحك عُطرة انتِ أختي الكبيرة الي ياما وياما كانت أُمنا الحنونة و انا اعرفك زين يا عُطرة لا تزعلين مني
بس انتِ فيك طبع العناد و الرجال بطبعه دايماً يحب يكون قيادي و ما يحب الحُرمة الي تقوده بكل شي فصدقيني مهما كانت مشكلتكم سايريه
شوي و بتعدي على خير لازم بكل مرة واحد منكم يتنازل للثاني حتى تصفى القلوب و تنحل الأمور .
آه ليت الأمر كما تظنين , أتمنى لو كان الأمر عناداً و كبرياءً وحسب لكن ليس بعنادٍ و لا كبرياء
انه شرف مطعون و عفة قتلها الطب .
إبتسمتُ و أنا أستلقي على الكنبة : بنام هنا قفلي الباب الي بيني وبينكم و بلغي زوجك بوجودي هنا .
هزت رأسها بطاعة و هي تتوجه للإضاءة و تغلقها و تغلق الباب من خلفها وتخرج .


***

الآن الساعة الثالثة ليلاً , و إلى هذا الوقت هو لم يتصل ! , لم يرسل !
أين إختفى ؟ لما توقف ؟
ما بالي اهتم لأمره هكذا ؟
نامي يا انهار فلتنامي هو لا يستحق جزءاً من وقتكِ للتفكير به .


***

الآن الساعة الثالثة والنصف ليلاً , و بهذه اللحظة تذكرت ان خاتمي " الدبلة " تركتُه بمكتب عبدالقوي
إلهي ماذا لو رآه ؟ لو سأل أبي هل إبنتك مخطوبة ؟ بماذا سأجيبك يا أبي ؟ كارثة أقسم بأنها كارثة وحلت بي
من المؤكد ان هذا العجوز قد نام حسناً سأدخل بسرعة إلى مكتبه و أجلب الخاتم و أهرب بعيداً .
خرجتُ من غرفتي بهدوء وعلى أطراف اصابع اقدامي , ومنه إلى خارج منزلنا فإلى العشب الذي يكسي الممر و ينتهي بالقصر
أخرجتُ ميدالية المفاتيح من جيب بنطالي فتحتُ باب القصر و دخلت , وبخطواتٍ سريعة مضيتُ حيث مكتبه
دخلتُ , و أنا أتنفس بإرتياح لعدم وجوده هاهنا
تقدمتُ للمكتب
فإذا بصوتٍ من خلفي : تبين هذا ؟



***

إنتهى الجحيم

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه


كونوا بخير $


الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 16-08-14, 02:52 PM   #35

somar

? العضوٌ??? » 107203
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 727
?  نُقآطِيْ » somar has a reputation beyond reputesomar has a reputation beyond reputesomar has a reputation beyond reputesomar has a reputation beyond reputesomar has a reputation beyond reputesomar has a reputation beyond reputesomar has a reputation beyond reputesomar has a reputation beyond reputesomar has a reputation beyond reputesomar has a reputation beyond reputesomar has a reputation beyond repute
افتراضي

Thanks a looooooooooooot

somar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-14, 12:04 AM   #36

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الليلة أجلس يا قلبي خلف الأبواب

أتأمل وجهي كالأغراب

يتلون وجهي لا أدري

هل ألمح وجهي أم هذا.. وجه كذاب

مدفأتي تنكر ماضينا

والدفء سراب

تيار النور يحاورني

يهرب من عيني أحيانا

ويعود يدغدغ أعصابي

والخوف عذاب

أشعر ببرودة أيامي

مرآتي تعكس ألوانا

لون يتعثر في ألوان

والليل طويل والأحزان

وقفت تتثاءب في ملل

وتدور وتضحك في وجهي

وتقهقه تعلو ضحكاتها بين الجدران

لـــ فاروق جويدة







الجحيـــم


( 13 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **









الآن الساعة الثالثة والنصف ليلاً , و بهذه اللحظة تذكرت ان خاتمي " الدبلة " تركتُه بمكتب عبدالقوي
إلهي ماذا لو رآه ؟ لو سأل أبي هل بنتك مخطوبة ؟ بماذا سأجيبك يا أبي ؟ كارثة أقسم بأنها كارثة وحلت بي
من المؤكد ان هذا العجوز قد نام حسناً سأدخل بسرعة إلى مكتبه و أجلب الخاتم و أهرب بعيداً .
خرجتُ من غرفتي بهدوء وعلى أطراف اصابع اقدامي , ومنه إلى خارج منزلنا فإلى العشب الذي يكسي الممر و ينتهي بالقصر
أخرجتُ ميدالية المفاتيح من جيب بنطالي فتحتُ باب القصر و دخلت , وبخطواتٍ سريعة مضيتُ حيث مكتبه
دخلتُ , و أنا أتنفس بإرتياح لعدم وجوده هاهنا
تقدمتُ للمكتب
فإذا بصوتٍ من خلفي : تبين هذا ؟
حالما سمعتُ الصوت الرجولي بلا شعورٍ مني رفعتُ الطيلسان على شعري , إستدرتُ للوارء بسرعة كبيرة , و أبتعلتُ ريقي مراراً وتكراراً
و عين " عبدالقوي " تكهن بكل شر و ريب , أعاد سؤاله بصيغة أخرى و بصوتٍ أعلى : تريدين هــذا ؟
حركتُ رأسي إيجاباً لأعلى و أسفل , و نطقتُ بصعوبة : ايـ...ـه
وهو يتحاشى النظر لي تقدم إلى طاولة بمنتصف المكتب , وضع بها الدبلة , و بنبرة هادئة على غير توقعي : خذيه
و تدافعت خطواته بإتجاه الباب
هتفتُ بإسمه , بخوف : عمـ..ي عبدالقوي .
توقف بمكانه دون الإلتفات لي : نعم .
فركتُ يداي ببعضهما , و بكذب يكسوه التوتر : مو حقـ..ي حق عُطرة
دار حول نفسه حتى ثبتت واجهة جسده بإتجاهي , و بوجهه شبح إبتسامة و بشيءٍ من الريب : وش جاب دبلة عُطرة عندك ؟
بإندفاع : كانت تغسل يدها واعطتني خاتمها و انا لبسته و نسيته بإصباعي و فسخته بالمكتب و رجعت آخذه عشان اعطيها ياه .
رفعتُ عيني و رأيتُه و كأنه يكتم ضحكته , وبحزم : خلاص خذيه واعطيها ياه .
و خرج من المكتب
إقتربتُ من الطاولة و تناولتُ الدبلة , حركتُها بيدي لأعلى و أسفل و انا اتمتم : ربي ستر , ما تسلم الجرة مرتين يا مارسة ما تسلم .
و لا تنسي يا مارسة حبل الكذب قصير , يتوجب علي إخفاء الخاتم
ماذا كنتِ ستقولين " هذا الخاتم إبنك من أهدانياه إياي ! "
إبنك الكاذب , المخادع الخائن .

*

*



أستمع إلى صوت شخيرها و أنظر إلى جسدها السمين و بشرتها الهرمة , و الشعر الذي ينتشر بوجهها
إلى شعرها المتناثر المنكوش , و أنظر لتلك البعيدة ذات العينين الحزنتين و الجسد المتناسق
فلا أجد إلا الفروق وجه الشبه بينكما انكما تفتقدان العلم كلاكما جاهلتين
كيف لظانع الوحش ان يأتي بوردة ناعمة مثلها ؟!
كيف لعبدالقوي الصلب أن يفكر بإمرأة ؟ !!
و البديهي المرأة جاهلة و خادمة
كيف للملوك ان يفكروا بالجواري ؟!!
تساقطت قطرات عرق من وجنتها إلى رقبتها فإذا بها تستيقظ فزعة وهي تستغفر و عيناها زائغتين : استغفر الله " بصوت متقطع " كابوس معـ...ن و عطـ..رة كابوس
زفرتُ بضيق وانا اعطيها ظهري و اغطي كامل جسدي من رأسي لأخمص قدمي باللحاف و بملل : هففففف انتِ و أولادك كمن مرة اقلك هم كباااار مابهم شي بس الحكي معك فارغ
طفي النور و غلقي فمك و خليني انام وراي دوام من صباح الله خير .

*

*


ما بالك يا عبد القوي بكل يوم تزداد بغضاً لي
أرى بعينك الغيظ
ما الذي فعلته بربك اني افكر بأبنائنا ما الخطأ الذي اقترفتُه
كلما زادت اموالك ازددت جشعاً و لا مبالاة
في كل يوم أراك عبداً للمال
تُحب المال حباً جماً .

***


خرجتُ من الغرفة التي يفترض ان تكون أختي الكبرى عُطرة نائمة بها و لكني لم أجدها يبدو انها قد ذهبت إلى جناحها إستعداداً للدوام
دخلتُ إلى غرفة النوم , لأجده خرج من دورة المياه و منشفة تلتف حول خصره و شعره رطب بالماء الذي يقطر كالهتان , و التكييف بأعلى برودة
تناولتُ المنشفة البيضاء الصغيرة و انا اقترب منه بسرعة , أمسكتُ بيديه الباردتين و سحبتُه لخارج الحُجرة
أجلستُه على الكنبة و جلستُ بجانبه و أنا أجفف شعره بالمنشفة , و بعتب : ما ينفع يالكاسر تخرج على المكيف كذا قفله بعدين اتروش .
لكنه إلتزم بالصمت او بالأحرى هو لم يستمع لي
وضعتُ يدي بخده و أنا أُدير وجهه بإتجاهي و أنظر إلى عينيه الحادتين الشاردتين , بخوف : كاسري اشبك ؟
بغموض : جحيم بالماضي و الحاضر مخدرات و مبتورين !
شددتُ على يده , و بإستغراب مصحوب بالخوف : الكاسر عن ايش تتكلم حبيبي ؟


*

*


استمع إلى صوتها بلا تركيز مني , تكاد الذكريات تفتك بدماغي هي ذكريات و ليست خيالات
انا متأكد بأن هذا الرجل له ماضي طويلٍ معي و تعود بي الذاكرة للوراء
يوم عاد أبي عبدالقوي من جدة إلى قبيلتنا , كنتُ أقبع بذلك اليوم عند ذلك الرجل المجهول المعالم



كانت بيدي لعبة " طقطيقة " عبارة عن ثقلين مثبتين بخيط متوازنين تشبه حبات الكرز , ألعب بها بمرح
كان ينظر إلي بتفحص ليهتف : الكاسر إقرب
وضعتُ اللعبة بالأرض , و تقدمتُ الخطى نحوه
بينما هو جلس بالأرض ليصبح بطولي , و بجدية : هالحين بعلمك كيف تملي السلاح رصاص طالع زوين يالكاسر
حركتُ رأسي بالموافقة , و بطاعة : طيـب
أخذ المسدس و أدخل به الرصاص بإحتراف , و بذات الجدية : شفت كيف ؟
بحماس و قد إعتدتُ على هكذا امور : ايه دوري هالحين
إبتسم وهو يبعثر شعري , بمدح : رجال يالكاسر " مد المسدس و بعض الرصاصات إلي " هاه دورك
أخذتُ المسدس و أنا أُقلد تصرفاته بقدر الإمكان
أدخلتُ الرصاصات و نجحت
إبتسم وهي يدثر صدري بصدره الحنون
فإذا بيد تجرني عن أحضانه بشدة , يد لم تكن حنونة بقدر حنان هذا الرجل المجهول إنها ليد أبي عبدالقوي
قال وهو يرص على اسنانه , و وجهه مكتظ بلهيب الغضب : كم مرة قلت لك وليدي ما تدخله بمشاكلكم ما ني بناقص بلاوي فوق راسي .
بإستصغار : عمرك ما بتفهم يا عبدالقوي هاذي ماهي بمشاكلنا كثر ما تكون مشاكل اولاد وطنا
أعادني للخلف و راء ثوبه يدسني عن المجهول , و بذات غضبه : وليدي ماني بمرخص فيه حتى وان ذا لأجل الوطن و ليدي ما بيخطي بطريقكم ما بسمحله
بدخول مراكز الشرطة و هالبلاوي و آخر شي ينتهي المطاف بمقتلي ومقتله .
ضحك هو بسخرية : هههههههههه قلها من الآخر يا عبدالقوي خايف تضيع روحك ما انت بخايف على ولدك , من الحين اقولك من ارخص بوطنه ما مانه خير ابد
بسخرية مشابهه : هه ترى كل انسان مفطور على الخير و الطيب و الحكي حقك ذا من فراغ , و وليدي ما بيدخل ببلاويكم وذا و انا محذر و ملزم على بو اصلان بعد وليدي عنكم .
جلس على حجارةالبئر , و نفض يديه من الغبار الثائر , بإستهزاء : وانت تهقي هو راضي عن سواتك وبعد وليدك الكاسر عن ذا الطريق ما فكرت اقلها ترد بثار ابوك ؟
بقهر : ابوي راح من هالطريق واخذته السما للبعيد انا و وليدي ما بنخطي بهالخطى و لا نريد الثار اذا الله و هو الخالق يسامح عباده فالبديهي بالموضوع ان اسماحهم والله كريم .
ضرب بيديه حجارة البئر , و بعتب : طول عمرك جبـــــــااااااان يا عبدالقوي , انت ما انت بمسامحهم كثر ما انت خايف منهم .
أعادني للإمام بجانبه , و ثبت يدي بين يديه و أخذ يخطو حيث الباب إلى خارج المنزل دون إصدار أي حرف
لكني سحبتُ يدي من بين يديه و ركضتُ بإتجاه ذاك المجهول إرتميتُ بصدره وهو يحضنني بشدة و يهمس بإذني : يالبطل روح مع ابوك
تشبثتُ بفلينته و بطفولة : ما ابي بجلس معك ما ابي ابوي
مسح على شعري الأسود بحنان و بذات همسه : روح يا وليدي لأبوك روح الله يوفقك
هززتُ رأسي بشدة بحضنه و بعناد : ما ابي ما ابي بجلس معك
إنتزعني عن صدره بشدة وهو يمسح دموعي و يبتسم بحب : البطل ما يبكي الرجال مايبكي سامع يالكاسر هالحين روح مع ابوك و نتقابل بالقريب ان شاء الله
كورتُ يدي و وضعتُها بعيني امسحها و بطفولة : يعني بشوفك ثاني ؟
اتسعت ابتسامته : ايه
مضيتُ بعيداً عنه إلى أبي عبدالقوي و حينما إقتربتُ من الباب
إلتفتُ إتجاهه و أنا أحرك يدي بالهواء و أودعه بطفولتي : مع السلامة
و رفع هو يده بالهواء و ودعني بذات كلمتي : مع السلامة
و مضيتُ مع أبي بعيداً عن حضن المجهول الدافىء إلى المسجد لآداء صلاة الظهر .


*

*


المعضلة بالأمر أني قد حاولتُ فتح صفحات الماضي مع أبي لكن كلما إقتربتُ من صفحة اغلقها بكل قوة
وهو يقول " انت تتخيل تتخيل افهم يالكاسر " لكن كيف لهذه الأحداث الجمة التي تملأ رأسي أن تكون مجرد خيال
يستحيل هذا , يبدو ان أبي قد كان يكره هذا الرجل و لربما هذا هو سبب هروبه عن الموضوع
لو كان خالي ابو اصلان متواجد لكنتُ سألته فهو ايضاً له علاقة لا أردي بما أفكر هل بعملي كنقيب ؟ ام هل بالبضاعة الجديدة التي دخلت إلى ارضنا ؟
أم بالمبتورين ؟ أم بأسرتي ؟ أم بالمركز الذي سيفتح بالغد إن شاء الله ؟ .
شعرتُ بحرارة و ثقل بصدري أخفضتُ بصري فإذا بها هوازن تسند رأسها بصدري وبصوتها حنون : الكاسر رد حبيبي ايش فيك لا تخوفني عليك كذا
وضعتُ يدي بشعرها أمسح عليه , بهمس : هششششش لا تخافي مافيني الا كل خير ياعيون كاسرك يلا الحين الساعة سبع باقي ساعة على دوامي قومي افطري معاي .
و انتصبتُ انا من فوق الكنبة كما انتصبت هي من فوقي .



***

ما لبثتُ أن أخطو بالحُجرة , حتى يسحبني بيديه إليه و يدير جسدي بإتجاهه نظر إلي بقهر : كذا تستصغريني قدام امي و تروحين عند اختك !!
نظرتُ إليه بإستهتار من أعلاه لأسفله و ببرود : ومن انت حتى اعملك حساب ؟!
ضغط على معصمي المعصوب بقوة , و بحدة : زوجك يا قليلة الذوق
بسخرية : تكذب على نفسك احنا حالتنا غيــــــر انا وانت اعداء جبرتهم الظروف يعيشوا مع بعض هذا هو قدرنا سواء رضينا او لا
وضع يده بذقني ليرفع رأسي إليه , و بنبرة مستنكرة بها حنان من أقصاه لأقصاه : افهم اني ما اعنيك ؟
فعلتها بي كثيراً يا معن تتقد عيناك لمعة , و يكتنز صوتك حناناً لأضعف تعلم أن نقطة ضعف كل إمرأة رجل و العكس صحيح
لكن انت بريء من العكس انت لست كأي رجل أنت لا تضعف و لو رأيتني كما خُلقت
بقوة مصطنعة و انا أنظر لعينيه : ايه ما تعنيني و لو تطلقني صدقني انه يوم السعد
إبتسم بجمود : طلاق ما اقدر اسعد نفسي على حساب خسارة رضى ابوي لكن عادي اتزوج و ارتاح منك " بإستهزاء " هاه وش رايك ؟
و أنا أحرك يدي الأخرى بالهواء : تريح و ترتاح , بس هه حبيبي لا تظن لحظة اني انا عُطرة اعيش ولي ضرة لا يا قلبي برفع دعوة خلع الموضوع بسيط
بذات جموده : عادي ارفعي و نشوف مين يرضى بوحدة عمرها اربع و ثلاثين سنة و مطلقة كمان ما بيرضى فيك الا واحد ضعف عمرك
ضحكتُ بشدة حتى الغصة , حتى ضحكتي تقتلها الغصات منذ اليوم الذي سميتُ نفسي به بقتيلة الفراش منذ جلدك لي
ضربني بظهري بطريقته المدروسة ومن يرى طريقته الرقيقة يظنه رجل سائر بأعلى درجات الحنان , و لا يعلم بأنه قاتل الإبتسامة , ساحق الأحلام الوردية لا و بل مغتصب الحرية منتهك العرض
برأيي أشد أوجاع الحياة ان تكون مظلوماً و الأدلة تترأس دفاعك عن نفسك و انت لا و لم تقترف ذنباً سوى انك اضعفهم بلا دليل
و أشد الجرائم بحق المرىء هو اغتصاب الحياة من الروح و تركها ضعيفة و اهنة
سحب يدي إلى الكنبة واجلسني , وهو مازال يضربني بظهري بنعومة , و بصوتٍ شديد الحنان : عُطرة بسم الله عليك , اشبك ؟
داهمتني كحة مكيدة تكيد بي بقربك مني آه من ضربات قلبك أقسم اني اسمعها فلترفق بي , صدقني سأعفو عنك
تظل رجل شهم قد ستر على ابنة خاله و اكمل حياته معاها بل و أنجب منها و لم يتزوج أو يلتفت لمرأة غيرها
خفت كحتي بينما هو حرك رأسي لجهته و بخوف : خلاص ؟
هززتُ رأسي بالإيجاب و بسخرية : يلا نكمل عداوتنا
نظر إلي بيأس وعدم رضى و هو يهز رأسه بعدم قبول : تحبين النكد , ما باقي على دواماتنا شي قومي نتجهز الحين الساعة سبعة و ربع .
نظرتُ إليه من أعلاه لأسفله و سحبتُ عيني بعيداً عنه بإزدراء و بما نسميه بالعامية " التشميق "
بينما هو لم يكترث و دخل إلى المطبخ للإفطار .

*

*

تخيل يا معن لو انها بالفعل رفعت قضية خلع
فلترفع لا يعنيني هذا شيئا ً
لكن تخيل لو أن رجلاً قد تقدم لها ؟
أقسم بالله لن أدعها سأجعل كل الطرق وعرة
إن لم تكن لي فهي ليست لغيري
هل تظن انها ستعيش بالجنة بعيداً عني بعدما جعلتني أعيش بجحيمها
لن أسمح لها بهذا لن أسمح .

***

الآن الساعة السابعة و النصف , أغلقتُ أزارير قميصي الأبيض السادة , ونظرتُ إلى تنورتي الجنز بشزر
سمعتُ طرق الباب و بصوت واضح : ادخل
دخل وهو يبتسم لي و بيده كوبين
جلس على الكرسي و وضع الكوبين بالطاولة نظر إلى انعكاس صورتي بالمرآة وإلى ظهري بالواقع و بهدوء : صباح الياسمين تعالي اشربي نسكافيه قبل الدوام
يمكن تنامين هناك نمنا امس متأخرين .
إلتفتُ إتجاهه و أنا أضع يدي بخصري و بتذمر : ناااجي والله اللبس معفن مو عاجبني ابداً
بضحكة مغلفة بالجمود : مو مهم يعجبك المهم انه عاجبني
جلستُ على الكرسي أمام التسرحية و تركتُ شعري حراً بعدما كان مقيد بالمطاط القطني , و بحيرة و تساؤل : طيب وش اسوي بشعري ؟
وضع إصبعه بثغره للحظة ثم رفع يده بالهواء : استني انا بسويلك ياه
قفزتُ من على الكرسي بسرعة و انا أحرك يدي بالهواء بإعتراض : لا والي يسلمك انت لا , خلاص انا سحبت سؤالي
لم يهتم , أخذ الكوبين و وضعها على التسريحة من أمامي
سحب كرسي من الطاولة و أقترب ليجلس خلفي ويمسك بشعري الأسود وهو يعقد حاجبه حركتُه عندما يفكر
قاطعتُ تفكيره بتهرب : ناجي سيب شعري انا بلمه بنفسي خلاص مو باقي شي على دوامك
برفض : هشششششش اسكتي خليني اتخيل
رفع شعري لأعلى و أخذ يلفه لفة و لفتان فثلاث , فتح علبة " البنس " و تناول عدة بنس ليغرسها بشعري فيثبته
جاء من الأمام جلس على ركبته و أدخل المشط بخصلات شعري لتتحرر خصلة وضعها بالجنب وثبتها بالبنس ثم تناول " اسبريه "
وقف خلفي و رش من الإسبريه , و انا أنظر إلى نفسي بالمرآة لم تكن تسريحته جميلة او غريبة لكن رجل كناجي لم يمس إمرأة قط و يفعل ما فعل فهذا إنجاز
لم أشعر إلا بثغره يلتصق بشعري , أنظر إلى عينيه و ثغره الثابتين بشعري من خلال المرآة و قلبي يتراقص فرحاً
عندما أشعر بقبلاته , أُحسس بأن أنوثتي تصرخ حياءً
بهمس : الله يحفظك و ييسر لك شغلك يا قارورتي
إبتسمتُ بسعادة و تناولتُ " روج فوشي "
أخذتُ ادهن الروج بشفاهي , و ذقنه مستند على شعري ينظر إلي بتفحص
لم أعتده قريباً مني إلى هذا الحد
منذ الأمس وهو غريب جداً
كان فمه مفتوح و هو ينظر إلي
أدرتُ رأسي إتجاهه و أنا أضحك على مظهره الغريب
فإذا بقُبلة فجائية تطبع بغير موضعها وتبتر كلماتي
شهقنا سوية
و أبتعد هو للوراء أميالاً و أميال و كأننا قد وقعنا بمحظورٍ ما !
تناول البالطو و يداه تنتفضان , و بإنفاس مظطربة متقطعة : بسـرعـ..ة اتأخرنـ..ا
خرج هو من الحُجرة
و وضعتُ انا يدي بشفتي و أنا انظر لذاتي بالمرآة و وجنتي تتورد فتحمر
و قلبي خفقاته أجراس تنذر باللاخير
مالذي حدث يا إلهي يبدو أنه قد كان سيلثم شعري ليتني لم أستدر
أشعر بأن روحي ستنتصل عن جسدي لشدة خجلي
كيف لي ان أراه بعد اليوم ؟
كيف لي أن أحدثه ؟
اوه ليت الدقائق تعود للوراء قليلاً
لا أطلب الا القليل


*

*


أتذكر ذاك الوحش وهو يلتهم اجزاء جسدي بشفتيه
ما الذي فعلته يا عُزوف ألا تعلمين بأن قلبي الآن
يخفق ألماً , أتذكره وكأنه بالأمس قد حدث
أشعر و كأن تياراً كهربائياً يسري بجسدي
فيصيبه بإنتفاضة تسلب كل قوة
ليكون طفلاً صغيراً يحتاج إلى حماية من ذئاب تحوم بالشوارع
إنتُهكت طفولتي بكل قسوة , وانتِ يا معزوفة دققتي نواقيس الخطر بكل بساطة
ذكرى كم تمنيتُ أن تمحى لكن يصعب هذا علي
فأنا أتذكر ادق التفاصيل و اصغرها
اغتصاب البراءة بكل بشاعة
جروحاً و ندوباً بنفسي وجسدي من نزاقته
حتى جسدي قد غرس بها وحشيته لتبقى ذكرى قاتلة لكل حياة
سألتيني يوماً يا قارورة عن هذه الجروح


*

*

كنا بأول ايام زواجنا حينما كنتُ ألعب بالكرة مع أبناء الحي الفاخر الذين لا يجيدون اللعب كما في القبيلة
بالرغم من تعرضي للإغتصاب , الحادثة التي بدأت من كرة إلا أن الكرة هي الشيء الوحيد الذي لم اخافه بهذه الحادثة
حالما انتهيتُ من اللعب و قد كنتُ بالسادسة عشر من عمري و انتِ بالثامنة عشر من عمرك وقد كنا على مشارف الدخول بالعمر القادم
صعدتُ إلى الجناح و أنا أرمي بالجزء العلوي من الرداء الرياضي بالأرض وذاك العرق يتصبب من جسدي
حينها سمعتُ صوت شهقتك الفزعة
فلتفتُ إتجاهك بإستغراب : شايفة جني ؟!!
أشرتِ بإصبعك و انتِ تقتربين مني شيئاً فشيئاً وانا أتراجع بخطواتي للخلف
أتعلمين يا معزوفة ظننتُ بذاك الحين انك ستغتصبيني
كنتُ أخافكِ بالرغم من أنكِ إمرأة
قلتِ بخوف ويدك بفمك : ناجي ايش الجروح الي بظهرك ؟
إبتلعتُ ريقي وبتلعثم : هاذي .. هاذي مضاربة صارت بيني وبين الأولاد من زمااان
حركتِ رأسك لأعلى وأسفل بتفهم , و بتحذير : ناجي انتبه على نفسك لا عاد تلعب مع اولاد متوحشين زي ذول .


*

ألا تعلمين يا معزوفة أنكِ اليوم كنتِ إمرأة متوحشة للغاية
أعدتي لي الذكرى بكل قسوة
أعلم بأنكِ الآن تضعين يدك بثغرك و تتحدثين إلى نفسك
و تلومين القدر بما ليس له يد به
أعرفكِ يا قارورتي أكثر مما تعرفين نفسك و تعرفيني اقل مما أعرف
وهذه هي المعضلة لو كنتِ تجيدين فهمي
يمكن بأن معضلة أحد عشر سنة قد حلت
لكن قد قلتُ لكِ يوماً " بأنكِ غبية بأمور تجلب لك السعادة , وذكية بأمور تجلب لكِ الغم "
الحل لن يكون بيدي
بل بين يديكِ ولكنكِ لا تفهمين
ويعجز لساني عن البوح لكِ أو لغيرك .

***

الآن بمصر و بالتحديد العاصمة القاهرة , الساعة تشير إلى السادسة و النصف صباحاً , بأجلس على سجادي , أبكي بحرقة وندم على سنين قد مضت قضيتُها ما بين مرقص وآخر , برداء خليع خصري يهتز يمنة و يسرة
و أنظار المتواجدين تخلع الرداء عن جسدي لقوتها و أموال تهطل فوقي كالمطر و سُكارى يتحركون هاهنا وهناك بقتربون
فأبتسم لهم إبتسامةً مغصوبة تدربتُ عليها شهوراً و أعتدتُ عليها سنيناً , فقط لأجـل المال
لأجل أمي و أخواتي الصغيرات بعتُ نفسي بأرخص ثمن لأجل أموالٍ واقعة تحت مدعس الحرام
وضاعت سنوناً تلوها سنون , وزادت أموالي و أزدادت شهرتي فلا يوجد مرقص بكل مدن مصر إلا و يعرف الراقصة المصرية الشهرية " شكران "
إلى ان أتى اليوم المشؤوم الذي قد ضعتُ به


*

*


كعادتي أهتز على ساحة المسرح فأغطي على كل الراقصات و ألفت الأنظار لي لتكون تحت اقدامي الأموال المحرمة تهطل من فوقي بغزارة كهطول العُباب
بجسدي الذي يناسب كل الأذواق فلا هو بالنحيل و لا هو بالسمين
احد الجالسين والذي يبدو من مظهره انه ثري وليس بمصري الجنسية و إنما رجل خليجي ببشرته السمراء الصحراوية
أشار إلى النادل , وحدثه
فإذا بالنادل يقترب مني و يعطيني كأس خمر و بالرغم من رخص ثمني آنذاك إلا أني لم أكن أجرأ على تجرع هذه السموم
إلا أنه قد أصر علي و شرب من الكأس لأتأكد بأنه لا يضر و أن به لذة لا تضاهيها اي لذة
فشربتُ من الكأس جغمة تلحقها جغمة فالكأس كامل إلى نهايته
و بدأتُ أترنح بوقفتي و اضحك ببلاهة و أصوات غزيرة أسمعها تتعالى بالأموال فدخلتُ بالمزاد دون دراية مني مزاد ضياع عرضي
فإذا بالأسمر راهن بأعلى مبلغ ليجرني النادل إليه
أخذني من يدي بعيداً عن الكباريه و أدخلني إلى أحد الفنادق أخذ ما اخذه و أضاع شرفي
هه والذي يزيد القلب حرقة سخريته مني بالصباح الباكر حالما إستيقظتُ و أنا متجردة من رداء الرقص الفاضح .


*

*

بصباح اليوم الجديد , دثرتُ نفسي باللحاف بشدة و أسناني تحتك ببعضها لتفاقم خوفي و قلبي يقاسي الوهن , برهبة : انتا ايه عملتو بيا ؟
إبتسم بسخرية وهو يدير الكرسي ذات اليمين و الشمال : اظن شكلك هذا يعبر عن وضع امس .
تراجعتُ بجسدي إلى خليفة السرير , و انا أهز رأسي بالنفي و بجزعٍ وصوتٍ عال : لااااااا ما سويتها بيا لا والنبي ماسويتها بيا انا شريفة
انا بنت انا مامسينيش راجل ابداً .
و لم أعلم بتلك اللحظة ان قد وقعتي بالشرك الأصغر فقد حلفتُ بغير الله , حلفتُ بالنبي آنذاك هنالك بعض الإختلافات بأقوال الأئمة من ناحية الحلف بالنبي إلى انه من الواجب علينا الحرص على الإبتعاد عن المشبوه
ببرود : تصدقين عاد اتعجبت يوم طلعتِ بنت ! يعني ليه ما كملتِ طريقك للنهاية ولا من الناس الي لهم وجهين واحد نبيل و الثاني خبيث ؟ !
غطيتُ نفسي باللحاف بإستحفال و أنا أقفز من على السرير , و بصراخ : هتندم هتدفع التمن غالي انتا هتتجوزني سامع هتتجوزني
أشار بسبابته إلي و بإستهزاء : اتزوجك ههههههههههههه اتزوجك صاحية بعقلك انتِ اتزوج وحدة محصلها متخلعة بمرقص لا وبعد احسن رقاصة بكل كباريهات مصر
و أتزوجك ! إصحي على نفسك يا ماما و فلوسك فوق البانيو بالحمام خوذيلك دش و شيلي الفلوس و على بيتك .
إقتربتُ من الحمام " اكرم الله الجميع " نظرتُ إليه قبل دخولي بإحتقار وتهديد مغلفين بالموت : هتندم صدئني هتندم اتجوزني وبعديها امشي بطريئك و انا بطريئي اما كده لا مش هسمحلك .
لم يعرني أي إهتمام وهو يأخذ الريموت ويقلب بالتلفاز دخلتُ إلى دورة المياه و اغلقتها تناولتُ الأموال من البانيو و أنا أعدها أموال طائلة تغطي على كل ديون ابي المرحوم و تزداد
لكن مقابل أغلى ما تملك المرأة إرتديتُ الرداء المعلق خلف الباب على عجل و أمسكتُ بالأموال و خرجت
ضحك وهو ينظر إلي وإلى الأموال بيدي
خرجتُ من الشقة بلا أي إكتراث ومنها إلى خارج العمارة
حيث يجلس رجل عاجز عند الباب ويبدو انه الحارس
إقتربتُ منه , و بهدوء : يا حج
رفع رأسه إلي : نعم عاوزة ايه حضرتك
بتساؤل : شئة رئم تسعة بتاع مين ؟
بتذكر : ده بتاع الراجل السعودي هزاع .
أشرتُ إلى السيارتين المصطفتان تحت الظل : اي وحدة عربيتو .
قدم رأسه للأمام ليشير إلى السيارة الزرقاء : الزرئة .
تقدمتُ من السيارة الزرقاء بعجل و أنا أنظر إلى لوحتها حاولتُ حفظها
و مضيتُ أبحث عن سيارة أجرة .


و لم تنتهي الذكرى الأليمة بعد .





***

أخذتُ قلادتي الصليب و ثبتًها برقبتي , إشتقتُ إلى الركاض سأذهب لرؤيته قبل ذهابه إلى الجامعة
نزلتُ الدرج بسرعة و ما أن خطوتُ بالصالة حتى أرى اخي جهاد والذي يبلغ من عمره تسعة و عشرين عاماً
و أنا بالتاسعة عشر من عمري
رأيته يقعد على الكنبة السوداء المخمل و عيناه تقدحان شراراً و غيض بقهر
وهو يعيد الشريط للمرة الألف
إقتربتُ منه و جلستُ بجانبه و أنا أحرك رأسي بيأس : انتا ما زهئتش بس تعيد الشريت خلاص بئى انسى
ضرب كفيه ببعضهما و بغل : النجس هوا حتا ماتلعش فيها كويس عندو حتة مز تركية وما يتلعش فيها ده مجنون , و مجنون اوي
بواقعية : ومش هيطالع يا جهاد لا تتعب نفسك انا لما بكلم ركاض عن اهلو يئولي انو الكاسر ما عندوش دي الحركات ابداً و بيحب جوزتو اوي
ضرب يده بالطاولة الزجاجية بقوة و بصوتِ عال : لا هيطالع هيطالع النجس هرد بسار بابا و جدو هرد بسارهم
الثأر و الثأر لقد مللتً هذا الحديث
مللتُ أحجية الإنتقام
إلى متى ؟ إني لا أشعر بالقهر لمقتل أبي بالرغم من أني عشتُ يتيمة لكن لا أشعر بالحقد و النار التي تشتعل بأخي
قد يكون هذا لسبب حبي لركاض موضع انتقامنا
فإذا بإصابعه تخربش أعلى يدي , و من بين اسنانه : لازم نخرب حياتهم لازم ندمرهم
أبعدتُ أظافره عن يدي
و صلبتُ قامتي بعيداً عن الكنبة إلى الخارج
و جدتُ عمي ربيع الذي هو بعقده الخامس من عمره على مشارف الستين يجلس على كرسي
إقتربتُ منه لثمتُه بخده و أشرت بيدي بالهواء : بااااااي
ومضيتُ إلى سيارتي حيث منزل ركاض الذي اسكن به معه وبعضاً من الأحيان آتي إلى هنا , فالآن الساعة اسابعة و النصف من المؤكد انه يستعد للجامعة .


***

في معهد " وول ستريت " من اكبر المعاهد بجدة لتعليم اللغة الإنجليزية منه اربعة فروع , ثلاثة فروع للرجال و فرع واحد للنساء
يبدأ الدوام بالمعهد بتمام الساعة التاسعة صباحاً لكن الآن الساعة الثامنة و النصف , جئتُ مبكرة لإجراءات التسجيل
الحمدلله إكتملت اجراءات التسجيل و قُبلت بالمعهد
خرجتُ من المكتب , ذهبتُ إلى رقم الشعبة التي انتمي لها
دخلتُ و ألقيتُ التحية , رد البعض والبعض الآخر إلتزم بالصمت
جلستُ على أحد الكراسي بجانب امرأتان
وضعتُ حقيبتي بحضني
بادرت المرأة التي بالجانب الأيمن بالحديث بينما الأخرى منشغلة بهاتفها المحمول
بإبتسامة : عادي نتعرف ؟
بادلتُها الإبتسامة : اكيد عادي و انا ببدأ انا عُزوف اصل الحكمي .
إتسعت ابتسامتها , بدهشة : ما شاء الله انتِ عمك عبدالقوي صاحب اكبر الشركات ؟
حركتُ رأسي بالإيجاب
بينما هي أردفت : إتشرفنا والله اخت عُزوف , انا نسرين الراشد .
و أنا ألعب بالخاتم بإصبعي : سعيدة بمعرفتك يا نسرين , المهم ترى عجبتني فكرة التعارف تذكرت ايامي بالثانوي
يلا بكمل عمري ثلاثين سنة , حلمي ادخل طب , و انتِ ؟
بذات الإبتسامة : عمري اثنين و عشرين , ان شاء الله تخصص انقلش
شعرتُ بالحرج يعتريني كم تمنيتُ و جود ناجي هاهنا للدفاع عني
أكبرها بالعمر ثمان سنوات , أشعر بأن مكاني خاطىء
من هم بعمري و لم يكملوا دراستهم عليهم القعود بمنازلهم
و لا يزاحموا ابناء اليوم , لكن ناجي قد قال لي العمر لا دخل له بالعلم
لكزتني بمرفقها و بإبتسامة : وين رحتي يا عُزوف ؟!
بإرتباك : هاه هنا معاكِ
فإذا بصوت نغمة جوالها الهادئة
أخرجت هاتفها من حقيبتها , و أبتسمت بسعادة وهي تتحدث مع الشخص الآخر و الذي يدعى مازن
لم أشأ التنصنت عليها لكني اقعد بجانبها و ماتتحدث به يصلني بسهولة دون إنصاتٍ مني
أغلقت الهاتف , و بأسف : معليش قطعت كلامنا هذا زوجي مازن يقولي سويتي الغدا لي
بتعجب : غدا الحين !!!
إبتسمت , و بتوضيح : ايوة حبيبتي احنا ما عندنا شغالة ومايصير زوجي طول السنة يآكل أكل الشوارع
فأنا اجهز له الغدا قبل اروح واحطه بالثلاجة هو يسخنه و يآكله , فهمتي ؟
بتفهم : ايه ما شاء الله عليكِ , انا ما اطبخ الصراحة الا لو جاني نفس بالطبخ امنع الشغالة واقوم اطبخ وما اعرف كثير بالطبخ يعني تلقيني معتمدة على النت بالواصفات
أدخلت هاتفها بحقيبتها البيضاء و بود : فاهمة عليكِ ولو انا منك خير شر ما اطبخ حاجة بس كمان ما يصير كل الحمل على زوجي لازم اخفف عليه كفاية انه متحمل عيالي
أتدرون ماذا ؟ رغم طيبتها و أخلاقها العالية , إلا أن نار الحقد تتفاقم بصدري
أصغر مني ولها اطفال ؟!
لماذا انا الوحيدة المحرومة ؟! مالذنب الذي اقترفت ؟
لها أطفال , تطهو , تهتم بزوجها , تكمل دراستها بكل افعالها موفقة
لكن أنا لا أطفال , لا طهي , اهتممتُ بناجي إلى حد الملل و لم يجدي نفعاً , و أخيراً لا دراسة
لا تكوني هكذا يا عُزوف لست بحقودة انتِ أعلى من هذه التصرفات الدنيئة
لا تضحكي بوجهها و تتكلمي بنفسكِ عنها بالسوء , بل و تتمني الشر لها على حساب الخير لكِ
بمحاولة لإبعاد الحقد عن صدري , و بتساؤل : كم طفل عندك ؟
رفعت اصبع لأعلى : واحد , أصلاً قريب تزوجت مالي الا سنتين بس قلت عيال بلا قصد
إلهي سنتين و طفل ! أحد عشر سنة بلا أي طفل !
ما الفارق بيني وبينها ؟!
إنها ليست بالجميلة إلى حد جمال أختي عُطرة , بل تضاهي جمالي تماماً
ليست بقبيحة ولا بجميلة
هل يمكن ان الحقد قد اعماني عن جمالها ؟ , لكن اذا كان الأمر هكذا كان يفترض الا اعترف بجمال أختي عُطرة
لكن يا عُزوف هذه أختك يحال ان تتمني الشر لها , قد يسوس الشيطان بكِ لحظة ولكن ليست بكل اللحظات لأنها أختي مهما حدث
أردفت هي : و انتِ متزوجة ؟ و كم طفل عندك اذا متزوجة ؟
بحرج : ايه متزوجة , " مسحت وجهي و أردفت " و لا طفل
تغير لون وجهها و قد أحست بالحرج هي ايضاً و قالت بأمل : ان شاء الله ربي يرزقك بالعاجل القريب ما قد فكرتِ تروحي المستشفى تكشفي ترى في منشطات
و أشياء كثير تساعدكِ على الحمل .
هه أي حمل و أنا لا زلتُ عذراء !
أي طفل قد يأتي دون رجل !
بماذا أرد الآن , لقد و ضعتيني يا نسرين بموقف لا أحسد عليه البتة
بكذب : ايه رحت لكن قدر الله و ما شاء فعل وانا راضية بالمكتوب .
بتفكير و محاولة لإيجاد حل : طيب اسمعي ما تدرين يمكن عين صابتك عين ما صلت على النبي والله ترى في ناس اعوذ بالله من عيونهم
ايش رايك أعطيكِ اسماء شيوخ تتصلين عليهم و تقوليلهم عن حالتك ؟ يمكن عندهم الحل ما تدرين الواحد ما ييأس لازم يحاول
لو تعلمين بأن عيني عليكِ الآن و انا لم أصلي على النبي , كيف ستكون ردة فعلك ؟
بلا اهتمام : طيب بآخذ الأرقام منك بآخر الدوام ان شاء الله , و يا رب يكون عندهم حل لمشكلتي .
بود : ان شاء الله .


***

يتلوى نهري في مجراه يريده و يخافه لذلك هو سلسبيل معكر الصفو
يتشبث بالمجهول و يهابه بذات الوقت
إذاً ماذا عليه فعله ؟ ماذا يا انهار فلتجيبي ؟
تعبتُ التفكير به
لماذا لا يتصل ؟
لماذا لا يرسل ؟
و الأهم ما سبب اختفائه المفاجىء ؟
جاءت نوال وبيدها كوبين ورقيين من القهوة
وضعتها على الطاولة وجلست بالكرسي المقابل لي لكافتيريا الجامعة
حركت يدها امام عيني , و بإستنكار : يا هوووو , انتِ حالك مو عاجبني , اشبك بكل لحظة مسرحة ؟
إرتشفستُ من القهوة و بإنكار : مافيني شي
بإصرار و هي تحدق بي : لا في شي و متأكدة كمان
بتبرير كاذب : صدقيني ما في شي مهم , بس مجرد خوف من البحث الي بنقدمه الاسبوع الجاي الظاهر اننا ما بنحصل الملزوم بسرعة
الموضوع المطلوب صعب شويتين .
بإبتسامة واسعة : يختي فليها و ربك يحلها , مثل ما سوينا البحث الأول بنسوي الثاني لا تشيلين هم , و ترى الحين الساعة عشرة مو باقي على المحاضرة شي اشربي بسرعة .
أومأت برأسي بالموافقة
نحن البشر نعلم بأن الكذب حرام بالرغم من هذا نلجأ إليه بكل أمور حياتنا ابسطها و اعقدها
نعرف معنى الكذب وهو الإخبار بالشيء بخلاف ما هو عليه بعلمٍ و عمد , و الأدهى من هذا نعلم انه كبيرة
تجر صاحبها إلى النار، فقد قال صلى الله عليه و سلم : " إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ."
غير هذا الكذب خصلة من خصال المنافقين و العياذ بالله .
آه يا مجهول لما لم تتصل بعد ؟! , مللتُ الإنتظار على قارعة الطريق .

***

دخل ذاك الضخم سمحي بجسده العريض و هو يقيد " هزيم " بيديه عن الحراك
وذاك هزيم يهتز بقوة و يصرخ بعنفوان و أمر : يالحقيـر ياللعين اتركني كفاية امس كنت بتقتلني .
لم يبالي ,و رماه بالأرض بكل قسوة مستفحلة
بينما " هزيم " تماسك وهو يحارب ألمه و يثبتُ يديه بالأرض حتى يقف بطوله , و بسخرية : صح انك جبان و ما غير جسمك يدافع عنك , صدقني بتندم ان ما بلغت على وساختك
والله ما اكون هزيم , و اذكرك اذكرك بيجيك يوم وبتندم .
بضجر مصحوب بلدغات إستهوان : تشتكي !! هه اقول اسكت و بسك حكي , انت ان نزلت من هنيه من قدك .
توجه بخطواته إلى الباب الحديدي و هو يغلقه بالقفل
تقدمتُ من هزيم و جلستُ بجانبه و إلتف حولنا بقية المبتورين , نحن كلنا نحتمي بهزيم بعد الله فهزيم هو أعرضنا بنية
حتى أنه له عوارض خفيفة , و شخصيته قيادية متسلط يثبت وجوده أينما كان
بينما نحن نمتلك أجساداً هزيلة دون وجود العوارض و نفتقر الى قوته الظاهرة فإن كان بي قوة فهي قوة ايمانٍ و صبر على البلاء
نظر إلينا بتفحص , و بتساؤل : ضروكم بشي ؟
هززنا رؤوسنا بالنفي
فقال بإطمئنان : الحمدلله , " أردف " اسمعوا احنا ايش جابنا لهنا سمعتوا حاجة ؟
بإيجاب : ايه انا سمعتهم
قاطعني , بإهتمام : ايه , وش سمعت يا اغيد ؟
بتذكر : اول حاجة هذا الرجال اسمه سمحي و ثاني حاجة ترى الكاسر طلع نقيب وهما تجار مخدرات
و بعدين مدري كيف شافوا سمحي كيف قدر يشغل الضباط عنهم فعشان كذا قالوا له انضم لنا انت تلهي الضباط عنا واحنا نعطيك المقابل فلوس تخليك ملك
ضرب بيده الأرض وهو يصك على أسنانه : الحقيـر النذل لا سامحه الله , " أردف , بتساؤل ممزوج بالإستغراب " وما خاف منك يومه يخليك تسمع
بحيرة : والله مدري يا هزيم لكنه بعدين حبسني هنا و كمل كلامه معاهم
بإستغراب : غريــب غريــب يتكلم قدامك !! , " بتفكير " ما تلاحظوا انه للحين ما نزلنا للشارع نتسول مع انه صلاة الظهر خلصت قبل شوي بالمساجد
حككتُ شعري , و بموافقة : ايه حتى انا ملاحظ و مستغرب منهم
بإستدراك و بصوتٍ عالي : ليـــــــــكون
بث صوته إلى قلبي الخوف : ليكون وش ؟
و قف بصعوبة و هو يدير جسده بكل الإتجاهات ويشد شعره : ليكون يفكر يحبسنا هنا طول العمر حتى ما نشتكي عليهم , " بسخط " لا ياربي لاااا كيف بنشتكي عليهم مو معقول طول عمرنا بنجلس تحت وطأة رجولهم .
بإعتراض : لا ما اعتقد يا هزيم , سمحي يتعامل مع واحد ثاني ما نعرفه طيب مو معقول قضية مخدرات و بيقولون للثاني اكيد يخافون يفشون بسرهم لكل الناس مستحيل يفضحون نفسهم اكثر من كذا
بحيرة : صح كلامك لكن ليه للحين ما بدينا شغل ؟!!! مو معقولة بيعطينا اجازة وهو بعمره ما عطانا
بصبر : ننتظر لين بكرة لو بكرة كمان يا هزيم ما شغولنا معناته بالفعل بلغوا المجهول و شكلهم بيحبسونا حتى ما نشتكي عليهم و بيقلبون شغلهم تجارة مخدرات .
أطبق جفنيه على حدقتيه , و بصوت خافت : نصبر و نشوف .



***


الآن بتمام الساعة الحادية عشر , أتمرغ على جمر الغضى أشتعل حباً على الدوام و يشتعلون الإنتقام من حبي , ما الذنب الذي اقترفتُه حالما أحببتُك يا ركاض ؟
او بالأحرى ما الذنب الذي اقترفته انت ؟ هم قتلوا , حتى تشردنا عن بلادنا و عدنا بهوية مزورة و كان مقابل قتلهم لنا قصاصهم
فلا يحق للعسكري إطلاق الرصاص و إن فعل فجزاءه الإعدام بحسب ماهو منصوص عليه بالقوانين العسكرية و بنوده
هل أقف بصفك يا عمي و أخي ؟ ولكن ما ذنب ركاض في هذا ؟
أوه أكاد أجن , لا أعلم ما علي فعله
أحبه إلى حد أن مشاعري المتأججة لا تستكين إن لم أبل شوقي منه , أنعم برؤيته و أُشبع رغبتي
كم أعشق تفاصيلك , حتى تصرفاتك الشنيعة أعشقها إلى حد الهيام
أغار عليك منهن و لذا أُقدم نفسي إليك على طبق من ذهب
أملتُ رأسي على كتفه , بهمس : بتفكر بـ ايه ؟
و عيناه مصوبة ناحية الجدار , و بشوق : فيــها
إنتفضتُ كالمقروصة لأرفع رأسي عن كتفه و بغيرة يبطنها التساؤل : من هيا دي سعيدة الحظ ؟
ببرود : بوطني
بإستغراب و لا تصديق : وطنك! انت لو بالفعل بتتكلم عن وطنك كان أُلت فيه هو مزكر مش مأنت
بذات بروده : غلطت بالنطق ما فيها شي
بقهر : لا فيها انت بتحب صح يا ركاض لا تكدب عليا انا متأكدة انك بتحب
شبك أصابعه ببعض واسند يديه على خلفية الكنبة , و بسخرية : ايه احد قلك لا , انا أحبك انتِ
أشرتُ إلى ذاتي و بإستنكار : انـــا ! لا انتا عمرك ما حبتنيش يا ركاض انتا بتحب مارسة صحبة اللبس الأصفر بنت بلدك
أدار رأسه إتجاهي , و رفع حاجبه الأيمن دون الأيسر كم أعشق حركته هذه , بتعجب وتساؤل : كيف عرفتِ ؟!
لعقتُ شفتي , و بحرقة : ولا حاقة انتا بس لما تيقي تنام معايا وتحلم بتناديها حتى لما تأرب مني و ساعات تناديها وانتا صاحي اما اللبس الأصفر من خاترتك الي أبل خمس سنين .
بإعتراف و انفاسه تتعالى و كأنه بصراع ما و بصوتٍ موسيقي : ايه احبــها و احبــها و احبــها و عارف انها الحين تحسبني ناسيها ولآهي بمصر عنها صحيح انا لآهي و ضايع و صايع و طالح بعد
لكن لهاليوم و انا احبها .
أتدرون ما أصعب الأمور أن يكون الحب من طرف دون شعور الآخر
و الأكثر صعوبة ان يتحدث معشوقك عن معشوقته امامك
عندها تشعر أنك قُتلت بكل إجرام
بأقوى الأسلحة
بالسوط و السكين و الرصاص بل وحتى المتفجرات .



*

*

مارسة انتظريني تبقت هذه السنة و سأعود
لأضعك بصدري بالحلال
لتعلمي أن قصدي شريف , سأُحارب الجميع لأجلك
و إن كلف الأمر طردي من أسوار المنزل
أنتِ لي وحدي .

***

أخذتُ أنظم الطالبات لخروجهن من المدرسة مع منآداة الحارس لإسمائهن , روائح العرق تتصاعد
و شمس الظهيرة تحرقنا و إزدحام عند الباب , لا أدري لما هذه التصرفات الهمجية فالفتاة تخرج
قبل ان ينادى بإسمها و تقف بالشارع تنتظر و الرجال ينظرون لها و بل يفترسونها و تضحك بصخب
و كأنها تحاول لفت انظارهم لها ! , عجباً بناتُ هذا الجيل يفتقرون إلى الحياء , ما يزيد الحسرة
انهن حال خروجهن من باب المدرسة يرمين بالوشاح على وجههن وما أن يخرجن حتى يقشعنه ! , هذا يعني
أنهن لا يلبسنه إلا لتجنب صراخنا عليهن و لا يلبسنه لله سبحانه , يصطففن عند الباب و كلاً منهن تشير إلى أحد الشباب
بأنه الأوسم و الشاب يبادلهن النظرات ! , عجباً ليوم كانت فيه الفتاة زهرة مغلفة باللون الأسود لا يظهر منها شيء
عجباً ليوم كانت فيه الفتاة تستحي ان يعلو صوتها بحشد الرجال , بل و عجباً ليوم كانت تدهس فيه المرأة
و عندما كرمها الإسلام فتكت بحرمات دينها و اصبحت من شرور الأرض .

قعدتُ على الكرسي بتعب و انا انظر إلى الساعة بالجوال والتي تشير إلى الواحدة و النصف
اليوم " النُوبة " علي و لذلك سأجلس بالمدرسة حتى ينصرفن جميع الطالبات .
سمعتُ بين ضجيج الطالبات صوت خافت لكرسي يحتك بالأرض
رفعتُ عيني و وجدتُ تلك المسترجلة
تجهم و جهي , بضيق ولكن حاولتُ إبعاد الضيق و مجارتها, سأقترب منها حتى تهتدي , إغتصبتُ إبتسامتي , و بترحيب : يا هلا يا ..
إبتسمت بحبور و جلست على الكرسي : يا حمود
كتمتُ ضحكتي على سذاجتها , و بجدية : وش اسمك الحقيقي كبنت ؟
بإستهجان : حمــود وبس غير كذا مافي .
عددتُ إلى العشرة بنفسي , و بمجاراة : طيب يا حمود انا بناديكِ حمدة او حمودة
بإعتراض تام : لااااا تبين تفشيلني يا ابلة عند صحباتي
بإستنكار لإعتراضها : لكن انتِ بنت
بذات الإعتراض و بحدة و هي تشد الحروف : انــــــا ولــــــد و لــــــــد
بسخرية فقد إستفزتني للغاية و أخرجتني عن حدود الصبر : و الولد يلبس عباية لما يخرج ؟
بإبتسامة : العباية حق البنات انا ألبس عباية البويات
عقدتُ حاجبي , و بتعجب : عباية بويات !!
تصلبت و اقفة و أبتعدت قليلاً عادت وهي تمسك بيدها عباءة , أخذت تهدلها على وسعها
كانت العباءة سوداء قصيرة كالسترة تغطي النصف الأعلى من جسدها و تبدو من جزءها العلوي كالثوب بتفصيله !
جلست على الكرسي و هي تحتضن العباءة لصدرها المشدود الذي لا يظهر البتة و كأنها بالفعل رجل !
و بإبتسامة : شفتي عباية زي الثوب يعني انا ولد
بإستفزاز : آخرتها عباية لو كنتِ بالفعل ولد كان خرجتِ بلبسك ولا انا غلطانة
بإمتعاض و تهكم : انا لو كنت عايشة بالخارج والله اني ما ألبس هالقرف لكن ايش اسوي عاد حكم القوي على الضعيف
بذات الإستفزاز : بس انتِ عايشة هنا بجدة بالسعودية يعني انتِ بنت دامك تلبسين العباية
بضيق : اففففف يا ابلة لا تطفشيني انا جيت اسولف معاكِ ما جيت حتى نتضارب
بمسايرة : طيب بإيش تبين تسولفين يا حمدة
عبس وجهها و لكنها تجاهلت منادتي لها بحمدة و كأنها تتجاهل واقعها و فطرتها التي فُطرت عليها , بإبتسامة و هي تدير كامل جسدها بإتجاهي : ليـش ما تصتلي طول الليل وانا انتظرك ؟
صلبتُ طولي و انا أرفع من صوتي لتنظيم الطالبات متجاهلة حديثها هذا .


***

بتساؤل : تذكرت السؤال الي كنت اول بسألك ياه , هذيك الي بخت المنوم بوجهك هيا نفسها التركية الي شفتها بمركزك ؟
رفعتُ عيني عن الملف و بتجاوب : ايه
بإستغراب : ما كأنه امرها مشكوك فيه أول شي و صولها لمركزك و محاولتها بأنك تنتهك عرضها و بعدين التهديد " اذهب إلى الجحيم " بعد كذا هي من بخت عليك المنوم !
بذات استغرابه : حتى انا شاكك فيها وراها حاجة مو معقول و جودها بمكان المبتورين بذيك اللحظة مجرد صدفة , هاذي اكيد وراها بلى الله يستر منها
بتفكير , و هو يحرك يديه بلحيته : تهقي يالكاسر هي لها علاقة بالمبتورين ؟
بلا موافقة وانا أغلق الملف الأخضر الذي بيدي : لا ما اظن لها علاقة , الظاهر لها علاقة بالسيارة ذيك , " و بتساؤل " : صح ذيك السيارة الفخمة الي عدت من جنبي ايش صار فيها و ش سالفتهم ؟ ما شفت لاني بديت افقد وعيي بذيك اللحظة
بقهر : ولا شي هما الي ركبوا المبتور معاهم و ما شفنا الا غبارهم
بتجاوب : يعني مثل ما توقعت , طيب السيارة هاذي جداً فخمة و بسعر غالي وش يخلي سمحي يسير بدرب المبتورين دام عنده كل هالأموال ؟!
بموافقة : صح عليك , لكن بنفس اللحظة مستحيل يكون تواجد هالحرمة و السيارة لإنقاذ سمحي مجرد صدفة اكيد لهم علاقة مسبقة ببعض
بريب : المشكلة يا احمد انا ياكثر مالفيت بهالحارة و لا مرة شفت هالسيارة يعني كلامك صح مستحيل تكون صدفة و لو كانت صدفة وش غرضهم ينقذون سمحي ؟
عض شفته السفلية و بتفكير : طيب يمكن سمحي ماله دخل بالمبتورين ويمكن هزيم صديق اغيد هو من بدأ المضاربة و ذاك عصب وكان بيقتله ولما اقتربنا رفع السلاح
وطبعاً تعرف عقوبة من يمسك السلاح بلا ترخيص سجن 18 شهر بالإضافة لغرامة قدرها ستة آلاف ريال يعني لا المدة قليلة و لا حتى الغرامة .
بلا إقتناع : طيب لو بالفعل هو ماله علاقة المفروض يوم احنا و قفنا بنمسكه يوقف وما يخاف و يقول هزيم اعترض له وهو دافع عن نفسه و مجرد الغضب خلاه يتصرف بهالتصرف الطايش
ترى يا احمد مهما كان في اسلوب للتفاهم لكن هوا كان خايف انت شفت جسمه كيف ينتفض , انا متأكد انه له يد ببتر ايديهم لكن الحيرة بوجود هذول الاغنياء لو هو بالفعل بصحبتهم ليش
يضيع نفسه مع المبتورين و هو ماهو محتاج للفلوس .
بإستدراك و نبرة صوته قد تعالت و كأنه قد وجد الإجابة : البنت كانت موجودة بمركزك واتواجدت هنا معناتها تراقبك يالكاسر يعني وجودهم بهالمكان ما كان صدفة
لكن وش غرضها تساعد سمحي فالله اعلم .
بإستغراب : تراقبني !! ليش طيب ؟
وقف من على الكرسي و بجدية : الإجابة عندك يالكاسر فكر بماضيك يمكن في رابط , يلا انا بروح اتوضى ما باقي على آذان العصر شي .
أومأت رأسي بالموافقة
و أفكاري تدور بجملته " الإجابة عندك يالكاسر فكر بماضيك يمكن في رابط "
رابـــط
رابـــط
رابـــط
هل يعقل ان الإجابة عند المجهول الذي اتذكره
و أبي عبدالقوي لا يريد الإفصاح عن هويته ؟ !

***

رفع يده للأعلى وهو يهتف : ظانع إقرب .
مشيتُ على مضض بإتجاهه , الجو اليوم حار ومكتم
مسحتُ العرق عن رقبتي و وصلتُ إليه
جلستُ على الكرسي مقابله و بهدوء : سم يالشيخ عبدالقوي
وضع السجلات التي بيده جانباً : سم الله عدوك " أخذ ظرف من فوق السجلات ومده إلي و بجدية " تفضل هذا راتب بنيتك و بيوصلها راتب غيره مع بقية الخدم .
أخفيتُ سعادتي , و بدهشة : ليه يالشيخ وش فرقت فيه بنيتي عنهن ؟
بتبرير كاذب : لا بس هي بنية الغالي ظانع اكيد بتكون غيرهن
تمتمتُ بيني وبين نفسي " و وينك من زمان ما قلت ظانع غالي والله وطحت يا عبدالقوي و لا حد سمى عليك "
بإمتنان و شكر مصطنع : تسلم تسلم يالشيخ , صح انك ما تنسى حد من خيرك الله يزيدك .
أومأ برأسه , و وضع النظارة بعينيه , أمسك بالقلم و فتح السجلات و أخذ يخط بها .
مضيتُ إلى المنزل , فتحتُ الباب و لم أخطو بالصالة
بل فتحت الظرف وانا أخرج المال
شهقتُ بقوة , و أرتسمت إبتسامة نصر بثغري
وضع بالظرف ثلاثون ألف ريال
حقاً كيدهن عظيم لقد كادت بك
و سقطّ بهواها بلا دراية منك
إذا كانت هذه البداية فما النهاية يا ترى ؟
كم أنا بلهفةٍ لهذه النهاية
النهاية التي سيسطع بها إسمي بالأرجاء
فأصبح سيد و تصبح خادم
سمعتُ صوتاً قادم بإتجاهي
أخرجتُ خمسة و عشرون ألفاً من الظرف و وضعتها بجيبي
و تركتُ لها خمسة الآف بالظرف
أخاف ان يسألها ان كانت تسلمت المال
فحينها سأكون بموقف محرج معه
لن أضع نفسي بهكذا مواقف انا اذكى من هذا
تقدمتُ بالخطى فإذا بإبنتي مارسة ستخرج
أوقفتُها بيدي , فرفعت عيناها لي و بإحترام : تبي شي يا ابوي ؟
مددتُ الظرف إليها وبإبتسامة : ايه يا بنيتي ذي أموال من عبدالقوي لك , عطاك الحين راتب و بيعطيك مع الخدم غيره
" و أبتسمتُ بسعادة " طاح بحبك يا بنية و بنحصل ما نريد من مال و كله بإسمك بإذن الله .
ولم نكن نعلم بأن هنالك من يقف خلف الباب ويسمعنا .


***


إنتهى الجحيم

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه


كونوا بخير $


الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 30-08-14, 12:40 AM   #37

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



قول الحكم بن قنبرٍ :


إن كنتَ لست معي فالذكرُ منكَ معي*
قلبي يراك وإن غيبتَ عن بصري
العينُ تبصرُ من تهـوَى وتـفـقـدهُ*
وناظرُ القلبِ لا يخلو من النظـرِ



الجحيـــم


( 14 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **


رفع يده للأعلى وهو يهتف : ظانع إقرب .
مشيتُ على مضض بإتجاهه , الجو اليوم حار ومكتم
مسحتُ العرق عن رقبتي و وصلتُ إليه
جلستُ على الكرسي مقابله و بهدوء : سم يالشيخ عبدالقوي
وضع السجلات التي بيده جانباً : سم الله عدوك " أخذ ظرف من فوق السجلات ومده إلي و بجدية " تفضل هذا راتب بنيتك و بيوصلها راتب غيره مع بقية الخدم .
أخفيتُ سعادتي , و بدهشة : ليه يالشيخ وش فرقت فيه بنيتي عنهن ؟
بتبرير كاذب : لا بس هي بنية الغالي ظانع اكيد بتكون غيرهن
تمتمتُ بيني وبين نفسي " و وينك من زمان ما قلت ظانع غالي والله وطحت يا عبدالقوي و لا حد سمى عليك "
بإمتنان و شكر مصطنع : تسلم تسلم يالشيخ , صح انك ما تنسى حد من خيرك الله يزيدك .
أومأ برأسه , و وضع النظارة بعينيه , أمسك بالقلم و فتح السجلات و أخذ يخط بها .
مضيتُ إلى المنزل , فتحتُ الباب و لم أخطو بالصالة
بل فتحت الظرف وانا أخرج المال
شهقتُ بقوة , و أرتسمت إبتسامة نصر بثغري
وضع بالظرف ثلاثون ألف ريال
حقاً كيدهن عظيم لقد كادت بك
و سقطّ بهواها بلا دراية منك
إذا كانت هذه البداية فما النهاية يا ترى ؟
كم أنا بلهفةٍ لهذه النهاية
النهاية التي سيسطع بها إسمي بالأرجاء
فأصبح سيد و تصبح خادم
سمعتُ صوتاً قادم بإتجاهي
أخرجتُ خمسة و عشرون ألفاً من الظرف و وضعتها بجيبي
و تركتُ لها خمسة الآف بالظرف
أخاف ان يسألها ان كانت تسلمت المال
فحينها سأكون بموقف محرج معه
لن أضع نفسي بهكذا مواقف انا اذكى من هذا
تقدمتُ بالخطى فإذا بإبنتي مارسة ستخرج
أوقفتُها بيدي , فرفعت عيناها لي و بإحترام : تبي شي يا ابوي ؟
مددتُ الظرف إليها وبإبتسامة : ايه يا بنيتي ذي أموال من عبدالقوي لك , عطاك الحين راتب و بيعطيك مع الخدم غيره
" و أبتسمتُ بسعادة " طاح بحبك يا بنية و بنحصل ما نريد من مال و كله بإسمك بإذن الله .
ولم نكن نعلم بأن هنالك من يقف خلف الباب ويسمعنا .
فهنالك صوت حذاء ارتطم بحصى و أزاحها عن مسارها حتى إصدمت بالباب
شعرتُ ان عقلي قد توقف عن التفكير ماذا لو كان من هو خلف الباب عبدالقوي ؟ فقبل قليل كنتُ عنده
و بالنظرة الإجابية قد لا يكون هو , أو يكون الشخص بالأصل لم يمسع شيئاً
نظرتُ إلى مارسة فإذا بوجهها يكسيه البرود , بالطبع هو لو كان عبدالقوي هي لن تخاف و ستضع اللوم علي
لم يطل تفكيري كثيراً فهاهو الباب يفتح , و هاهي العيون تجحظ و القلوب نفاختها كضجيج سريان الماء عبر الأنابيب بسريان دماءها
و ظهر الجسد من وراء الباب
تنفستُ بإرتياح بعد رؤيتي لزوجتي صائمة التي قالت وهي تشير بإتجاهنا : صح الي سمعته يالظانع تريد بنيتك تناسب عبدالقوي !!
أبعدتُ مارسة عن طريقي و تقدمتُ الخطى لداخل المنزل بعيداً عن أرض الفناء
بينما هي خطت خلفي و خلفها مارسة
جلستُ بأرض الصالة
و جلستا امامي , بحنق : معقول يالظانع ما تفكر به , حرام عليك ببنيتك تدري كم عمرها بالتسع تعش و عبد القوي بالخمسينات ناظر الفرق وش كبره
لا تضيع بنيتك بكم قرش لا راحوا ولا ردوا .


*

*


عمري تسعة عشر سنة ؟! هه كم أنا مضحكة كنتُ أظن بأني بالعشرون من عمري , ماذا يريد ركاض فتاة حتى
عمرها لا تعرفه ؟! , بلهاء و حمقاء يا " أنا "
هل اتزوج أباك يا ركاض لأقهرك ؟ هل افعلها ؟
فحتى انا قد لاحظتُ تغير تصرفات عبدالقوي اتجاهي , كموقف الدبلة لم يصرخ إطلاقاً
على الرغم من انه لا يجيد أساليب التفاهم إلا مع بنات ابو أصلان
لكن هل اضيع شبابي مع عاجز ؟
كم اتمنى ان أُصبح السيدة و تصبح الخادم لتتجرع الوجع الذي جعلتني اتجرع منه بل و استفرغه مرضاً
أحزن كثيراً على نفسي فكيف لفتاة لم تدخل بعقدها الثاني و تفكر بكل هذه الأمور
لكن انا على يقين بأني افضل من غيري
منهم من فقد أباه وامه و غيره فقير و آخر مشرد و الآخر منهم مريض بما ليس له علاج بعضال فتك به و اهلكه
حمداً لله على ما كُتب لي , قمتُ من على الأرض فالآن الساعة الثالثة اقترب العصر , توجهتُ للخارج إلى حيث القصر لأُلازم عملي وامي و أبي بصراع الحديث عني .


*

*



وضعتُ يدي بفخذه و بتوسل : يا ظانع حرام عليك ذي بنيتك
أزاح يدي عن فخذه , و قبض عليها بين يديه بقوة و من بين اسنانه : يالصايمة سكتي عن الحنه و انتِ ادرى بإنها ما هي ببنيتنا فسكتي
بقهر و صوت شبه مرتفع : لا ماني بساكتة ذي بنيتي حتى وان ما طلعت من جوفي هي بنيتي ترضى عليها بالشين يالظانع
شعرتُ وكأنه سيقلع أصابعي لقوة دفعه لها للخلف , و بحدة : ماهي ببنيتنا و عبدالقوي وش هو الشين به ! والله انه رجال بمية رجال مال و قصر وعماير وش تريد بنيتك الجاهلة الملقوطة و الخادمة اكثر منه
تجهم وجهي و بحنق : ان كانك مُصر على ما تريد فالعلم اليوم يوصل لعند الشيخ عبدالقوي
سحب يدي حتى سقطتُ بثقلي على قدمه , فإذا به يسحب قدمه من تحت رأسي , ليسقط رأسي ارضاً و بجلجال صوته : شتقولين صابك جنون ! تريدين تفضحيني بين العربان
رفعتُ رأسي عن الأرض وانا أُبعد شعري المشيب عن وجهي بعدما ترك يدي و بمقاطعة : ايه والله ان بعلمه و اناظر وش بتفعل حزتها .
اقدحت عيناه شراراً و بتهديد : هه والله ان كانك تعلمي لعبدالقوي بحاجة والله ثم والله ان اقول حق مارسة انها ملقوطة ولا لها حاجة عندنا و ناظري بحزتها كيف دميعاتها ما بتوقف هطيل ويومك تريدي تسكتيها
بتقولك هاه يا يمه يا صايمة كذبتِ علي تسع تعش سنة ! و لا هي بتواقف نحيبها هاه تريدين لها الكدر والكره لك الباب يوسعك و يوسع جمل .
إبتلعت ريقي وجسدي يهتز و بخوف : لا يالظانع الا حزن مارسة و الله ان قليبي ما يقدر يناظرها منكسرة
أردفتُ برجاء : رجيتك يالظانع قل تم رجيتك مارسة لا تقربها من الشيخ عبدالقوي والله انها ما تناسبه ابد
بإصرار , و هو يحرك يده بالهواء : مارسة لعبدالقوي من يومها رضيع انا ما خذيتها و ربيتها بذاك اليوم كذيا , تدرين بكرهي للبنيات و تدرين غير كذيا ما كان إلنا قدرة للصرف على فردٍ غيرنا
انا خذيتها و كبرتها حتى اصبحت بذا العمر لتنال عبدالقوي زوج لها .
بصدمة ولا تصديق : فكرت بكذيا من يومها رضيع !!! و انا بحزتها كنت بحيرةٍ من أمري كيف انك تكره البنيات و تريد تربية ملقوطة
" و بذات الرجاء و التوسل " يالظانع رجيتك السماح , امسحها بوجهي يالظانع وخلها تتزوج من نصيبها ومن و لدان جيلها , وش تريد يومك تزوجها للشيخ عبدالقوي
الحمدلله حنا بنعمة و العيشة وناكلها وتزيد .
و عيناه تلتمع بجشع : حنا ما نريد لقمة عيش , حنا نريد كل هالقصور كل هالعماير و قلتلك اني فكرتي ان تعلمي عبدالقوي والله ان اكسر بمارسة و اعلمها انها لقيطة .
بوجع و لوم : ماسكني يالظانع و شادد بي من يدي المتوجعة .
بتجاهل و أمر : يلا فزي يا بعله و حضري قهوة و قربي التمر .
توكأت بباطن يدي على السجاد الكحلي لأقوم واقفة ملبية لأمره .
مارسة يا من إعتبرتكِ إبنتي ولم أُفكر لوهلة انكِ لستِ سوى لقيطة
مارسة إني والله لا أعلم بما يجب علي فعله كان يفترض إخباركِ بالحقيقة
منذ صغركِ اما الآن فستضعين اللوم بي و تقولي " استغفلتوني "
ستغضبين ومن حقكِ ان تغضبي فكيف لكِ أن تعيشي سنوناً بطولها و عرضها
مع أناس اعتبرتهم اهلاً لكِ و ما هم بأهلك
هل أخبركِ لأُبعدكِ عن عبدالقوي ؟
أم هل أصمت لتتزوجي عبدالقوي و لا تتضايقي مني ؟



***


مسحت العرق عن جبهتي وبضيق من الحر : هفففف اشبهم ذولي محاصرينا ؟
قالت نوال وهي تحرك الورقة بوجهها لتداعبها نسمات الهواء قليلاً لعل شيئاً من حرها يزول و بملل : مدري عنهم هفف احس روحي بتطلع
رشفتُ من الماء الشبه بارد و بقهر : اقلها يخلونا جوا و ش هالغباء الي فيهم
سحبت مني زجاجة الماء لتفتحها فتسكب منها القليل على يدها لتمسح وجهها , رفعت رأسها إلي ومدت القارورة : شكراً نهور
أخذتُ الزجاجة بقوة و بنصف عين : شكراً هاه الي يشوفك يقول استأذنت
بإبتسامة : اصلاً ما بينا استأذان و لا حتى شكر بس مدري وش جابني اشكرك و ليتني ما شكرتك
رفعتُ لساني حتى ارد فإذا بصوت المايكروفون " الرجاء من الطالبات الإلتزام بالنظام لحين انتهاء الدكتورات من التفتيش "
بإستغراب : عن ايش بيفتشون الحين ؟
رفعت كتفها لأعلى و أخفضته : مدري بس يمكن مخدرات
عقدتُ حاجبي وبذات الإستغراب : غريبة التفتيش على المدارس اكثر
بلامبالاة : غيروا رأيهم , احنا ايش علينا نتفتش و نرجع البيت
بموافقة : ايوة والله ايش علينا نستنى ما ورانا شي بس هذا الحر يقتل
و بدأ البحث عن مدنين و مروجين المخدرات بالجامعة و المفآجأة ان النسبة كبيرة جداً لم أعتقد لبرهة ان هذا العدد الكبير سينزل
فهذه الأعداد تتجاوز أعداد المدارس
نظرتُ للجانب الأيمن حيث تقف احد الطبيبات و تُمسك بيد الفتاة لترفع كُمها و الفتاة رافضة لما تفعل بها الطبيبة
ولكن أصرت الدكتورة على رفع الكُم و ظهرت بذراعها علامات و بقع دماء مطبوعة بقميصها
رفعت الدكتورة عيناها لأعلى و رفعتُ عيني فإذا بعين الفتاة محتقنة إحمرار
تحك انفها بقوة و العرق يصب من ردائها
قالت الدكتورة بحدة : هاذي بعد امسكوها
من المفترض اننا قد عدنا للمنزل منذ فترة طويلة جداً ولكن هذا البحث قد أشغلنا , فالآن الساعة الخامسة الا ربع عصراً .



***

الآن الساعة الرابعة إلا ربع , أخذ يرسم بالتخطيط رسوماً هندسية دقيقة و عندما يحتاج للمسح يرفع قلم الرصاص و يثبته مابين اذنه و خصلات شعره السوداء
و لم يعرني اي انتباه و كأني سراباً
أمسكتُ بالصينية و اقتربتُ منه على مضض . و حتى يلتفت لي , ضربتُ الصينية بقوة على الطاولة و انا اضعها
رفع رأسه إلي ومن ثم أخفض عيناه إلى الصينية , و عاد ليرفع عينه إلي إبتسم بود و امتنان : مشكورة يا مي على هالليمون بيريح اعصابي شوية
أخذ كأس العصير و هو يرتشف منه بسرعة و يبل حلقه الجاف و يرخي أعصابه التالفة
جلستُ على طرف الطاولة امامه و انا أنظر إلى رسوماته
احتضن يدي بيده اليسرى , حتى رفعتُ رأسي إليه
قال بتساؤل : وش فيكِ مي ما انتِ على بعضك ؟
حركتُ رأسي بالنفي : ما فيني حاقة
وضع الكأس على الطاولة و أمسك بيدي بيده اليمنى و رفعها إلى ثغره و لثمها و بحنان : الا فيكِ شي
إبتلعتُ ريقي وبذات النفي : لا مافيش حاقة انتا بيتهيألك كده .
بهمس : وش فيكِ ؟ قولي الي مضايقك و بساعدك لا تخافي مي انا اعتبرك مثل اختي الصغيرة الي ما جابتها امي
انا ما عندي اخوات و انتِ بمصر اختي وكل شي بدنيتي انتِ ملامحك بدوية بشكل كبير اشوف في عيونك و طني اشوف نفسي فيها احسها جزء مني .
بحرقة واستنكار : أختـــــــك !! و الأخ بيعامل اختو زي مراتو ؟! الأخ بيئول لأختو ادا تجوزت مصرية ما بتجوز الا انتِ ؟!
بإبتسامة باردة : لأني مستحيل اتزوج اي بنت ما هي من وطني
شعرتُ و كأن دلو ماء بارد صقيع هطل فوق رأسي , و بوهن : ركاض بلاش كدب , ركااض انتا وعدتني
اخذ نفساً عميقاً و زفر : مي افهميني انا احترم كل الجنسيات لكن اولاً انتِ مسيحية و فوق هذا انتِ راهبة كنيسة و متمسكة بالكنيسة
كيف بخليكِ تهتدين و تدخلين بديانتي و مستحيل ارضى نجيب عيال يتربوا بديانتك غير كذا انا اليوم اعترفت لك اني احب بنت من بلدي
بإنكسار , و دمعي ندي بخدي : انتاااا استغفلتيني اخدتيني على أد عئلي أُولت دي صُغيرة و هلعب عليها و لعبت بيا ليه هيا دي مارسة احسن مني في ايه ؟
بنت بلدك و بديانتك و انا مش البدوية الي بتشوف بعيونها وتنك مش انا الي سلمت نفسها لك بكل سهولة
صلب طوله و أخذ يدور بالحُجرة و هو يسحب شعره عن جذوره بشدة , و بحدة : مــي لا تلوميني انتِ الي بعتي نفسك لي انا لا قلت لك قربي و لا حاجة وانتِ من يوم ما عرفتيني
وانتِ عارفة اني لعاب وانه اي بنت تغريني انتِ عارفة اني رجال شهواني و بعتي نفسك الحين جاية تعايريني و تحطي اللوم عليا قبل تحطيه بنفسك و بعدين ترى انا ما استغفلتك
صحيح انتِ كنتِ صغيرة يوم جيت لهنا كنتِ بنت بالمتوسط بس كنتِ تفهمين كل شي وبعدين انا ما قربت منك الا لما دخلتي الثانوي يعني واعية وفاهمة
و يكون بمعلومك مارسة بعمرك بالتمام كل الي بينكم اسبوع او شهر بالكثير بس كانت غيــــــر غيـــــر كانت بريئة ماتفهم شي من سواد الوجه
كنت اخاف ألوث براءتها كنت اشوفها اجمل لوحة بالأرض وعدتها و وعدتها وجات السنة الي بوفي فيها وعودي لما رجلي تخطي بأرض الوطن .
وقفتُ من على الكرسي وبقهر و انا أحرك يدي بالهواء : بس انتااا أولت انك بتحبني ليه بتكدب عليا ليه بتعلئ ألبي فيك , " بصوت مرتفع " ما تجاوب بئى ؟ ليه بتعمل فيا كده ؟
إقترب بخطواته مني كالأسد الثائر الهائج و عيناه بها عروق حمراء , امسك بكفيه كتفي و هو يهزني وبغضب : مي انا احبك احد قال لا , بس انتِ فهمتي كل شي غلــط انا احــبك كأخت لا أكثــر افهمي لا أكثــر كيف تبين تتزوجين واحد قلبه معلق بغيرك ؟
مـــي لا تخلي علاقتنا تموت بعد ست سنين افهمي يا مي انا قلبي ما ملكه الا مارسة قلبي بالسعودية انا عايش هنا بلا قلب بلا اي حياة انا ضيعت نفسي و بعت ديني و مبادئي و تقاليدي وكل شي
والله لا درى احد من اهلي عن حالي هنا و اقسم بالله انهم بيجروني للقبر هم ما يتوقعون حتى واحد بالمية اني لاهي انه يعدي علي ايام وانا ما صليــت
و ليل كل يوم اقضيه بالمراقص و بأحضان البنات و المشكلة بهذا كله اني مو قادر اترك هالحياة ادمنت المراقص ادمنت البنات و الويسكي لكن ان شاء الله لا رجعت للوطن ببطل
اول كنت امارس هالشي مع الشغلات الحين برفض دخول اي شغالة لغرفتي و بنظفها بنفسي حتى ما انحط بالغلط " بحسرة و صوت مكسور " تدري وش اكبر قهر اني بسوي هذا لمارسة قبل اسويه لله تعرفي وش معنى هذا اني احبها اكثر من ربي
يعني مشــرك انا مشــرك أكذب على نفسي و اقول لله هو لو لله كان من زمان انا فكرت بالتوبة لكن لا لما جيت بنزل للسعودية قررت اني احاول اتوب
أبعدتُ يديه عن كتفي و أتجهتُ للباب و بقوة : الي بينا انتهى يا ركاض من اليوم .
قلبي بطارية تضخ الدم ان كنت تشحنه بوجودك حولي , و ان ابتعدت من ينير درب دمي سأموت يا ركاض
لما ركضت بمياهي العذبة الجارية و زدتها عذوبة و رحلت سراباً
لما هذه القسوة ؟ من هي مارسة التي ملكت قلبك ؟
لماذا انا الضعيفة تحت الحكم , حكم حُبك و انتقامي منك
دخلتُ بالبلوى وحدي لما لم نكن بالهم سواء ؟
أخي وعمي من جهة و حُبك من جهة و مارسة التي ظهرت بالفترة الأخيرة من جهةٍ أخرى
لا تمارسي يا مارسة انتقامكِ مني لركاض فأنا لم انتقم بعد
يبدو بأن الحياة ستنتقم مني قبل ان انتقم , يفترض انك قد أدمنت السموم ولكن أي سموم و لم يشوب قلبك شائب ضار يلوثه مرضاً
فإلى قبره أو أغلال زنزانته .


*

*

هل رحلتِ يا مي
يا من كنتِ لي وطن
عيناكِ بها وطني
أقسم اني أرى بها نخيلها و تمرها و صحراءها
أرى بها بدوية بهيئةٍ حضرية لا تليق بها
أرى بها أصالةً شامخة
هل تخليتِ عني بآخر سنةٍ لي ؟!
مارسة هذه اول خساراتي لأجلك و أنا على يقين أني سأخسر أهلي لأجلك
فأمي ساجدة لن ترضى ان يتزوج ابنها بجارية
لن تقبل بهذا أعرف امي جيداً
ستخطو مدن المملكة السعودية مدينة , مدينة تبحث عن أجمل نساء الأرض
و لا تدري بأن أجملهن تقبع بأرض ديارنا
بعينيها براءة لا توجد بإي إمرأة
بعينيها قصة كنتُ أنا راويها
هل تتذكرين سيناريو حكاياتنا القاسية المتناقضة
هل تتذكرين ابعادي لكِ بكل جلافة و اعجاف لكِ حتى صرتِ الواهنة , الضعيفة
هل نسيتي رجلاً و عدكِ ولم يفِ بأي وعد ؟
هل نسيتي ركاض يا مارسة ؟
لكن تأكدي ركاض لمارسة و مارسة لركاض .


***


الآن على ارض القاهرة و على سجاد غرفتي بتمام الساعة الخامسة عصراً , أعيشُ ما بين ذكرةٍ و أخرى آهةٌ غارقة و لا هناك من يكفكفها , فمن سيزيل جراح سنين مديدة ؟
بعد ان فقدتُ شرفي و عدتُ إلى أمي واخواتي منكوسة الرأس , أصبح قلبي مغلفاً بالسواد بالإنتقام و أخذ الحق
و إن كانت طرق الأخذ محرمة .


*

*


دخلت سيارة التاكسي السوداء ذات الطراز القديم بين الحواري العتيقة تتوقف ما بين لحظةٍ و أخرى لأجل أطفال يلعبون بمنتصف الطريق
و آخر يبيع بليلة و هنالك من يتعاركون بالأيدي و رجلاً يدخن و آخر عاجز
حارة مليئة بالأُناس منهم الصالح و منهم الطالح و لشديد الأسف انا على ارض حارتي صالحة و خارج اسوارها طالحة والرب واحد بكل سبيل
بصوتٍ عالي يغطي على صوت ام كلثوم من التسجيل : لف يمين و وئف عند اول عمارة .
دخل إلى الزقاق الضيق , و أخذت عجلات السيارة تحك بتراب الأرض وحجارتها فتصدر اصواتاً مزعجة
و تهتز السيارة فأهتز أنا كالورقة خفيفة اترنح يمنةً و يسرة
بأي وجه سأقابلك أماه ؟ , صدقت يا هزاع لي وجهان احدهما بريء بالحارة و الآخر خبيثٌ خارجها
مددتُ إليه بـ 15 جنيه مصري , خرجتُ من السيارة و دخلتُ إلى البيت الهرم الذي على هاوية السقوط
سحبتُ خطواتي الى الدرج المكسور وانا اهتدي بضوء الشمس الذي يدخل من نوافذ الخشب اللين الموروب
فإذا بقطرات الماء تسقط على كتفي من أعلى السقف المشروخ
إبتعدتُ قليلاً على الماء وانا ألتصق بالجدار المشقوق بعيداً عن الدربزين
فإذا بقدمي تلتوي بدرجة مكسورة
تنهدتُ بضيق و رفعتُ قدمي لأعلى
خلعتُ صندلي الكعب العالي و تسلقتُ الدرجات حافية , بقدمين عارية
و صلتُ إلى الدور المطلوب
دفعتُ الباب ففتح و أصدر صوتاً صرير لقدمه , يفتح بدفعة فالباب مقتول منذ امدٍ بعيد
شقة أقل ما يقال عنها زريبةً للماشية بل و حتى الحيوانات التي لا تملك العقل تتقزز مما ترى عيناي و يتلحف جسدي
و أول ما دخلت أندفعن أخواتي الصغيرات حولي و هن يصرخن بسعادة و يدثرن انفسهن بصدري
بينما اكبرهن صرخت بحنق : كده يا شكران بتتأخري كده و ماما هتموت من البكى عليكي حرااام عليكي الي عملتي فيها
كانت هتموت علينا ما كنتش عارفة ايه اعملها .
دفعتُ اخواتي ودفعتها , وجررتُ خطواتي إلى الحُجرة الضيقة و نظراتي للأسفل حيث الإسفنج الذي يقبع من فوقه جسد امي
جسدٌ هُلك فقراً و تضرع جوعاً لا يفهم معاني الشبع و لا يعرف ابجديات الراحة
جسدٌ خرجنا من بين أضلعه , جسدٌ عظيم و عينان حنونة إنه لجسد أمي و حنان أمي
و آه من أمي و أواه
أتدري ما جازتكِ به إبنتك ؟ باعت شرفها و دينها لمال محرم
آه أماه بالفجور تزداد الأموال , و بعمل شريف مال يسير !
إمتحانٌ صعبٌ لنا نحن الفقراء على أرض الله
إمتحان يقول هل تريد المال المحرم الكثير بسخط الله ؟ أم هل التريد مال الحلال القليل برضاه ؟
و لنا حرية الإختيار , وكان خياري خاطئاً لإ زاحة جزءاً بسيط من الأمَرَّان ألا و هما الفقر و الهرم
بصوتها الدافىء الحنون : و ينك يا شكران ليه بتعملي كده بألب ممتك ؟ , تعالي لصدري يا حببتي عاوزة احس بيكي
إقتربتُ منها بسرعة و خرتُ بطولي إلى أقدامها التي تساوي جنةً بعرضها و طولها
لثمتُها بعمق و دموعي تخالط أقدامها
بصوت متعب : شكران يا حببتي مالك تعيطي ؟ تعالي يا شكران لصدري تعالي ياحبيبة ممتك
و رفعتُ رأسي عن قدمها لأرمي ثقلي بصدرها الحنون
رفعت يدها الهرمة المجعدة إلى شعري الملتف تمسح عليه
و أنا انتحب و أشد على ثوب نومها
و مضت السنين و بقيت صفحات الذكريات .


***
مشى بإتجاه مكتب " ناجي " فهذا وقت راحتهم لتناول وجبة الغداء فاليوم جدوله فارغ ما به إلا مقابلة مع اثنان
و ناجي ايضاً ليس لديه إلى ثلاث ولدات و قد تمت على خير , لقد أحب ناجي و أعتاد على المستشفى سريعاً
فهو ذو طبع مرح يجذب كل من هم حوله له لم يكن قبل دخوله لمجال الطب النفسي هكذا و لكن هذا الطب قد جعل منه إنسان مرح
بعدما صار يرى الحياة من المرآة التي ينظر بها غيره لا مرآءته الخاصة , فالمرآة الخاصة يعني الإختلاف مع من هم امامك
و الإختلاف نتيجته الخلاف و الجدية المفرطة .
رأى الباب مردوداً فدفعه دونما أن يستأذن , فإذا به يرى " ناجي " شارد الذهن يعض أظافره بشراهة و يهز جسده قداماً و وراءً بتوتر
و عيناه مصوبة بxxxxب الساعة ينظر لها بتركيز تام و كأنه لا يرى شيء آخر
عقد حاجبه و لكي يلفت نظره , خطى بالأرض بحذاءه بكل قوة و كأنه يقول " أنظر " ثم ألقى التحية : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فإذا بناجي يرفع عينيه فزعاً و جسده ينتفض بفجعة , عدل رداءه و جلسته و رد التحية كاملة , و أردف بغير رضى : وش هالتصرف يا مشعل مرة ثانية دق الباب .
جلستُ على الكرسي أمامه و انا أُقلب بلمفاته و ببرود : والله الذنب ذنبك ليش تارك الباب مردود .
إبتسم بود : خلاص يا سيدي الغلط علي , " اردف بتساؤل " و ين متعب ؟
قلب بالملف بلا هدف وهو يقرأ عن عمليات الولادة المكلف بها ناجي والتي انتهى منها , و بجواب : راح يتغدا مع زوجته , الا انت ليش ما رحت ؟
نشب أصابعه ببعضها و بهدوء : زوجتي اليوم سجلت بمعهد و ما بتخلص الا متأخر , بتغدا هنا و انتظر ان جاتني ولادة
بإستغراب : الي فهمته من متعب انك تسكن مع اخوانك وكلكم ببيت واحد , ليش ما رحت تغديت معاهم ؟
صلب قامته و راح يشرب من ماء البراد , إرتشف القليل ثم بجواب : انا و اخواني نجلس مع بعض بس مو مرة متحابين يعني يمكن الحين انا مرتاح بقعدتي معك اكثر منهم .
بإستفسار : يعني بينكم مشاكل أسرية ؟
رمى الكأس البلاستيكية بالقمامة و عاد إلى مقعده , و بحزم : اظن يا مشعل تكلمت معاك عن اهلي بشكل كافي اكثر من كذا ما هو مسموح لك تعرف تظل امور البيت للبيت و الشغل للشغل .
بمسايرة : طيب أتأسف على التطفل لكن مادام الشغل للشغل فليش قبل دخولي كنت تآكل اظافرك و تطالع الساعة وتهز جسمك ؟
رفع أحد حاجبه و بسخرية : جا دكتور النفسية يستفسر كم مرة قلت لك نفسيتك لا تقربها مني للحين انا مو مقتنع بهالعلم و بنظري
كل واحد يلجأ لدكتور نفسي اكيد مجنون .
بإبتسامة هادئة : غريب امرك دكتور و متعلم و تقول هالكلام لكن ما ألومك ان كان كل مجتمعنا يفكر بهالطريقة السلبية الغريبة سبق و قلت لك علم النفس ما هو الا علم يعالج كبت و هم وغم خزنه الشخص بنفسه بدون ما يقول لأحد
و إتراكمت الهموم بصدره بلا اي حل ممكن يساعده و الدكتور ما عليه الا يسمع و ينصح حتى يفك هالكبت و الأزمة عمره ما كان علم النفس علم الجنون بالأصل العلم يحال يرتبط بالجنون .
تنهد بضجر : مشعل إلزم حدودك انا دكتور و متعلم غصباً عنك , لكن علمك هذا مو مقتنع فيه مجالي غير عن مجالك و بعيد عنه كل البعد .
بإستفزاز : طيب و لا يهمك انا راضي علمي علم الجنون بس علمك علم الحريم
ضرب بيده المكتب بكل قوة و بحدة : ما اسمح لك يا مشعل وش هالكلام عمره ما كان العلم يعرف حرمة من رجال
بهدوء : و عمره ما كان العلم مرتبط بالجنون
طغت الحُمرة على وجهه و كأنه بركان ثائر و بغضب : وين تبي توصل يا مشعل ؟
رفع كتفه لأعلى و أخفضه , و ببرود : مدري للمكان الي انت تبي توصله
وهو يغمض عينيه و يحاول ان يهدأ : مشعل انت وش صاير لك اليوم ؟ , قوم خلينا نتغدا
أشار إليه و بجمود : ابد بس اعاملك بالمثل و اشوف الحياة بالمرآية الي انت تطالع منها انت تربط العلم بأشياء غبية العلم ما يرتبط معها وانا مثلك .
قام من على الكرسي لخارج المكتب و ضرب الباب خلفه بقوة و كأنه ينزل غيظه بالباب
اما هو فإبتسم بهدوء انه يعلم بقرارة نفسه ان ناجي يتهرب منه , و ان ربطه للعلم بالجنون ما هو إلا حالة نفسية يعيشها
يخاف ان يفضحه بعلمه النفسي بأي لحظة , يبدو انه قد إعتاد أن يدس مشاكله بنفسه و لا يفصح بها بتاتاً
و البوح بلحظة شيءٌ صعب لذا ملاذه الهروب منه , و أول خطوة بعمله ان يجعل من علم النفس بنفس ناجي علماً لحل المشاكل ليس علماً للمجانين .


*

*


إنني خائف من مشعل , أشعر بأنه في ريب من أمري
فهو لا يعامل متعب كما يعاملني
يستجوبني بكثرة غير هذا يسأل عما لا يعنيه
ومن تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه
لذلك خرجتُ و تركتُ له المكتب
و أيضاً لما الإصرار على إقناعي بأن علمه علمٌ نفسي ليس علم جنون ؟!
بحقيقة الأمر انا أعلم بأنه علم مهما كان و ليس له دخل بالجنون
ولكن بذات الوقت لا أرضى ان أكون مرضياً تحت وطأة هذا العلم
فأنا أراه علماً منبوذاً لا داعي له او بالأخص اهاب الدخول في هذه المتاهات
فماذا سيقول عني مجتمعي إبن التاجر الكبير عبدالقوي مصاب بالجنون
بنظرهم هذا العلم جنون وبنظري علم لا داعي له
غير هذا ان كان علم كبت و كتم فأنا بطبعي لا أحب البوح وأفضل العزلة و الإنطواء بأغلب الوقت
كما أن حياتي بغاية الغرابة من سيصدق ان رجلاً قد إعتدى علي
وأني لهذا اليوم أخاف منه !
و أني أعيش مع زوجتي على ورق , زواج صوري لم يتوج بالقرب و الأبناء كأي زواج طبيعي
هل أسرد له قصة من الخيال حدثت بواقعي المؤسف ؟!
من المستحيل ان أفعل هذا , فما حدث سرٌ بقلبي إلى موتي .

***


سمعتُ طرق الباب و بصوتٍ جهوري : تفضل
دخل إلى المكتب , و جلس على الكرسي أمامي و بهدوء : وش الخطوة الجديدة برأيك يالكاسر ؟
بتفكير : برأيي مو هم لهم اربع معابر حتى يوصلون للسعودية و احنا كنا مركزين على المعبر المباشر الي من السويس لجدة , و ما نفع معانا
لذلك الأفضل ترسل تقرير إلى مركز الشرطة بكل من ضبا و ينبع .
قاطعني بتساؤل : طيب وش اكتب بالتقرير ؟
بهدوء : اكتب فيه انهم لازم يوصلون تقرير للمصحات عشان المصحة تقدم نسبة المدنين عندهم اكثر نسبة تطلع
احنا بنوجه النظر لها .
بتفهم : تقصد لو على سبيل المثال طلعت ينبع فيها مدنين اكثر احنا نراقب معبر ينبع بما انه هناك مدنين اكثر اجل البضاعة تنحط هناك قبل توصل لجدة .
حركتُ رأسي بالموافقة : بالضبط مثل ما قلت .
وقف من على الكرسي و بعجل : خلاص طيب انا الحين برسل التقرير الا الحين الساعة كم ؟
نظرتُ إلى الساعة بمعصمي : ست باقي شوي على دخول المغرب ارسلهم التقرير بعد الصلاة .
بقبول :ان شاء الله يلا انا اترخص .
خرج هو من المكتب , و عدتُ أنا لملفاتي .


***

أحكمتُ ربط خماري , و أمسكتُ بالفناجين بيدي اليمنى و بدلة القهوة باليد اليسرى , مضيتُ إلى المجلس الذي يقبع به كلاً من
ساجدة و عبدالقوي , كان الباب مردوداً كنتُ سأدفعه و لكن حديثهم جعل مني صنماً من صخر لا يجيد إلا السكون

*

*


كان جوالهم على العام " اسبيكر "
و كان المتحدث من الطرف الآخر هو
هو من شغل تفكيري
هو من تخلى عني
هو ركاض
المستبد , المستفز , المخادع الكاذب الخائن هو
من جعل مني إمرأة هشة خائفة كل ما تفكر به هو
من جعل حياتي مُرّه

بوعيل : يمـ...ـه ركاض والله انك تأخرت , أريد أملي عيوناتي بشوفتك يا وليدي اخاف يهب فيني الموت قبل ما عيوني تناظرك
بتهدئة : يمه الله يهديكِ ايش هذا الكلام ؟ , برجع و بتشوفيني وبتشبعي مني وتقولي ليتك قعدت بمصر اريحلك و اريحلي
ضحكت من بين و عيلها و دموعها : والله ان مستحيل اقول هالكلام عليك يا وليدي , انا اريد اشوفك و اشوف بزارينك اريد اربيهم بيديني .
ضحك بصخب : ههههههههههههههههه يمه مستعجلة كثير بتزوج ان شاء الله وبتشوفي عيالي و تملين عيونك بس لا تبكي يا يمه , " أردف بمرح " يا ابوي سكت امي الحليوة
بإمتعاض و غير رضى : ذي وميمتك واجعة قليبها بكم مابه تفكير بدماغها غيركم .
بلوم و عتب : الله يهديكِ يا يمه ضغطك بيرتفع لا عاد تفكري كثير كلنا كبار و عندنا القدرة نتحمل المسؤولية .
بصوتٍ مبحوح : انت انزل يا وليدي وانا قليبي بيرتاح .
بنبرة هادئة : ان شاء الله يا يمه قريب بنزل ما عاد باقي الا هالسنة صبرتِ خمس سنين اصبري كمان سنة و بتشوفيني
بسعادة : بتحمل يا وليدي لكن هاه من بكرة ببحث بين هالبيوت عن بنية من مركزك ومكـ

لم تكمل كلمتها إلا و فناجين القهوة تنساب من بين يدي
فتسقط أرضاً و تتكسر لأجزاء
سيتزوج , سيتزوج
نعم كنتُ أعلم انه سيتزوج من غيري
بل كنتُ على يقين لكن لا أستطيع تقبل الفكرة بتاتاً
علق قلبي به وسيذهب وكأنه لم يكن
كيف لم يكن و هو كان و يكون و أريده ان سيكون
كنت ماضياً و بأفكاري حاضراً و خيالي يريدك مستقبلاً
لكنك لم تكون لا حاضراً و لا مستقبلاً , بل كنت ماضياً قاتلاً لي
إذا بالباب يُفتح بوسعه و يظهر من خلفه عبدالقوي الذي كان للحظة الأولى عاقداً لحاجبيه
و ما أن وقعت عيناه علي , حتى ظهر الخوف على وجهه
هل أتخيل هذا و يتهيأ لي أم بالفعل عيناه خائفة علي
قال بصوتٍ ثابت بعكس ملامحه : تضررتِ , صابك شي يا مارسة
بصوتٍ متحشرج : لااا , بس الفناجين
بصوتٍ حنون : الحمدلله والفنجال منه مليون فنجال " و بهمس منخفض جداً " لكن مارسة وحدة ما به غيرها
لم يحتقن وجهي حُمرة خجل , لم يكن هنالك أي شعور أبداه وجهي من تحت خماري لأن الزمان توقف على صوتِ ركاض
الذي قال : يمه كأني سمعت ابوي يقول مارسة ؟
وهي تنظر إلينا بهدوء وبلا اي شك ولا تدري عما قاله عبدالقوي لي ولا تدري بنواي ابي السوداء : ايه سقطت الفناجيل من يدينها
ظهر صوته عالياً خائفاً , حنوناً نبرة أعادت لي الذكريات بكل قوة نبرة فارقتها من سنين طوال : يمه صارلها شي تعورت ؟ , يمه اذا تعورت شلوها المستشفى
بهدوء : لا هي بخير , " بإستنكار و غير قبول لنبرته الملهوفة الخائفة " ليه كل هالخوف
بإستدراك : هاه لا يا يمه ماهو بخوف بس تدري يعني مارسة تربت معاي لما كنت صغير و اعرف انها من النوع الكتوم ولو تعورت بتسكت بس عشان كذا .
بإقتناع وعيناها علي : ايه والله انك صادق , لكن هي قدامي والحمدلله مابها الا كل خير .
بهدوء : الحمدلله , يلا اتركك يا يمه في آمان الله .
بتوديع وصوتها عاد ليتهدج : بحفظ الرحمن يا وليدي .
أغلقت الهاتف المحمول و هتفت : عبدالقوي تعال اقلط و هالقزاز بينظفوه الخدم
إبتسم لي بهدوء وهي لا تراه فهو يعطيها ظهره و يعطيني وجهه
إبتعد بإتجاهها
بينما انا مضيتُ حيث المطبخ لأجلب أدوات التنظيف
هل صاحب الخوف نبرته تلك ؟ , أم ان سمعي قد خانني ؟
لكن حتى عمتي ساجدة قد لاحظت , إذاً كان خائفاً , و لما يخاف وهو لا يحبك ؟
لا أعتقد بأنه خائف و لكنه يمثل هذا , نعم فهو يعلم انني لازلتُ أقف هاهنا
و يريد أن يلفت انتباهي و يعلق قلبي به أكثر فأكثر
و من ثم يعود ليُكمل لعبته بي ويتزوج بغيري و يستخدمني بديلة عن زوجته
كلما حدث بينهما خصام يأتي إلي ليفرغ رغبته و يشبع شهوته
نعم أعلم بما تفكر به يا ركاض
لم أعد مارسة الطيبة كما عهدتني و اعتدت
بل أصبحت أفهم كل خبيث , جشع و مخادع مثلك
صرتُ أرى الحياة سوداء كما تراها
تعلمتُ منك هذا و سأنتقم منك بما تعلمته منك
نظرتُ إلى الساعة الكبيرة الفخمة المعلقة بجدار الصالة و التي تشير إلى السابعة و النصف
و مضيتُ إلى المطبخ .


***

هز جسده للإمام و اذا عاد للخلف اصطدم ظهره بالجدار , و بغضب : شفت يا اغيد , الحين المغرب وللحين ما خلانا نتسول متأكد انه حابسنا هذا التفسير الوحيد لتصرفه .
تنهدتُ بضيق : وش اقولك يا هزيم والله مدري هم بالفعل حابسينا ولا وراهم حاجة ثانية , صبر جميل والله المستعان اصبر لبكرة و نشوف .
حرك يده بالهواء و بتهكم : وش نشوف كل شي واضح مثل الشمس هم حابسينا هنا حتى ما نبلغ عليهم .
صدرت أصوات من معدتي , فضحك هزيم بصخب : هههههههههه جيعان يا اغيد ؟ , اقلها لما كنا عند ذاك الحقير كان يعطينا اكل اما ذول ولا شي
و ضعتُ يدي على بطني و بحياء : اسكت الله يردها لك و اضحك عليك , " وبجدية " لا بجد شكلهم ما بيجبون اكل شف كلهم كيف نايمين من الجوع بنام مثلهم حتى انسى جوعي .
خَشَبَ اقدامه و توجه بها إلى حيث باب " الكبو " كما قالت تلك التركية
ركل الباب بقوة و هو يصرخ : فكــــــــــــــوا يا حيواناااات نبغى اكـــل جعنا فكـــــوا لنـــــا
قام كل المبتورين بلا استثناء من نومهم فزعيين
اما هو فلم ييأس عاد ليركل الباب ويضربه و يصرخ بأعلى صوته
و تقدم بعض المبتورين ليفعلوا مثله بينما انا وقفتُ بمكاني مع المتبقين من الواقفين
و امتلأ الكبو بصراخهم
فإذا بالباب يُفتح و يقف عنده رجلان يرتديان رداءً اسود رسمياً و دخلت من خلفهم تلك الشقراء المقشوعة عن معاني الحياء
بتساؤل : ما هدا الإزعاج لما تفعلون هدا ؟
نظر إليها هزيم من أعلاها لإسفلها بإشمئزاز : جعنا نبغى اكــل تبغونا نموت ولا وش حكايتكم
أومأت برأسها و بتفهم : اذاً انتم جائعون حسناً قليلاً من الوقت و سيصل إليكم الطعام لا تقلقوا بهذا الشأن .
خرجت من الكبو و خرج خلفها الرجلان و اغلقا الباب
جلسنا على الأرض
وهزيم ما زال واقفاً , بسخرية : شكلها سهلة
بتساؤل : وش تقصد ؟
بتفسير : اقصد انها غبية و شوي بتدخل ومدخلة معاها اكل يشبعنا ويزيد
نظرتُ إليه و بغير اقتناع : ما اعتقد أبداً
بتحدي : اجل نشوف
و مضى ما يقارب النصف ساعة و بالفعل فُتح الباب بوسعه ودخل الرجلان وهي تقف خلفهما
وضعا اكياس الطعام على الأرض و خرجا
بينما هي قالت : بالهناءِ و الشفاء .
و لحقتهم و أغلقوا الباب
جحظت عيناي و بإستغراب : بسم الله كيف عرفت ؟
ببرود : ولا شي بس الشفقة باينة بعيونها عشان كذا توقعت .
و فتحنا الأكياس نأكل بشراهة
لم نأكل بحياتنا طعاماً بهذه اللذة
لم نأكل بحياتنا حتى نشبع
كنا نأكل حتى نعيش و فقط
اما اليوم فقد أكلنا فوق حاجتنا حتى شعرتُ ان الطعام يقف بمنتصف حلقي فمعدتي لا تستوعب هذا القدر من الطعام
أكلتُ حتى التخمة و أنفاسي متقطعة لهول ما أكلت
صدق الرسول الكريم عندما قال : " ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه " .
نعم فلا داعي لهذه الزيادة
الحمدلله على النعمة يكفي ان نسد الرمق وفقط
فغيرنا لا يجد حتى لقمة .


***

الآن الساعة الثامنة ليلا , يكاد الشوق يقتلني أحببتُه بشدة هو إبني الذي لم يرزقني الله به عندما نزلنا إلى أرض جدة
كنتُ سأطلب من حمدان أن أراه لكن الخوف انتابني و أحاطني من جميع الجهات
ذاك الذي ربيته حتى الخامسة من عمره ثم بُترت يده , بكيتُ حتى جف دمعي ولكن لم يكفكف دمعي اي شيء
اليأس صار ونيسي , و الدعاء خير جليس
أجلس على سجادي وادعي لذاك الطفل ان يكون بخير
الذي من المؤكد انه اصبح رجلاً فقد مضى على يوم أخذه مني اربعة عشر سنة
هل أحادثه ؟ هل أرتجيه ؟ هل سيقبل , أم انه سيوبخني ؟
سحبتُ خطواتي إلى الفناء
لأجده جالساً بالأرض ينظر للفراغ
تقدمتُ الخطى نحوه و جلستُ بالأرض , و بهدوء : حمدان
بهدوء مماثل لهدوئي : نعم
حركتُ يدي بالسجاد الأحمر العتيق و بتساؤل : متى بننزل لجدة ثاني ؟
عقد حاجبه و بإستغراب : ليش هالسؤال تونا راجعين من جدة من أسبوع شتريدين منها هالحين ؟
بتوتر : هاه , " بصدق اريـ..د أريـ...د اقابل المبتور الي ربيته
توسعت عيناه بجزع و اعتراض : شتقولين يا عُشبة انهبلتي يا مره ؟ ! , و الله ان ما اشيلك له قدِيه رجال ما يحل لك .
بخوف : ادري يا حمدان والله ان ادري لكن اريد اناظره والله الشوق قتل بي والله ان اعتبره وليدي , انا ما بحاكيه أريد اناظره من بعيد يا حمدان
بغير رضى : لا اا , انا مرتي تناظر رجلٍ غيري ! والله ان ما تناظريه ابد
برجاء : حمدان رجيتك اقبل
بحزم و حدة : ماني براضي ابد , و انا عند حلفي , و ذلفي لدارك وغلقي الباب و نامي .
كنتُ أعلم بأنه لن يرضى بهذا , كنتُ أعلم أنه سيغضب
ولكني بشوق عميق لرؤية من ربتُه يداي , و حفهُ صدري حناناً
أريد ان أعرف كيف اصبحت ملامحه بعدما أصبح رجلاً
أريد ان أعرف الكثير و ليس بيدي حيلةً سوى الصبر .

***

دخلتُ إلى الحجرة و دخلت من خلفي
خلعت عباءتها و علقتها بينما انا جلستُ على الكنب و نظرتُ إليها بتمعن , و بإبتسامة : كيف المعهد ؟
إبتسمت بسعادة و اقتربتُ منه , جلست بجانبي و بحبور : والله مــــرة جميــل , الدكتورات عسولات و حتى الطالبات
تمتمتُ بيني وبين نفسي " والله الجمال عندك انتِ و بس " اتسعت ابتسامتي , و بهمس : ما وحشتك ؟
إرتفعت الحُمرة بوجهها و إلتزمت بالصمت
عضضتُ شفتي بمتعة و أسندتُ رأسي على كتفها و عيناي مرتفعة إلى رقبتها الطويلة , وبإحراج لها و قد حلى لي الموقف : سألتك جاوبي " و بهمس خافت " ما وحشتك ؟
بتهرب : ناااااجي بلا هبل يلا وخر بروح اتجهز الحين بطلع السوق .
رفعتُ رأسي من على كتفها و عقدتُ حاجبي بإستغراب : نعم ! أي سوق وليش ؟
بتبرير وهي تحرك يدها لتشرح موقفها : بكرة بينفتح مركز الكاسر و هوازن بتداوم و طلبت مني انا وعُطرة نطلع معاها السوق حتى تشتري ملابس تليق بالدوام .
طغى الدم و جهي هجتُ و ثرت , و بغضب : ما شاء الله وانتِ توافقين بدون شوري كم مرة قلت لك انا ماني بمزهرية عندك انا زوجك يا هانم , قبل ما تعطيهم التأكيد من الأدب
تستأذنين مني فااااااااهمــة .
هززتُ رأسها بالموافقة بخوف : ناجي خلاص اهدى والله آسفة .
حركتُ يدي وأنا أشعر بأني وصلتُ إلى الذروة بغضبي : وانا وين اصرفلك آسفة هاااذي وين , ماهي بأول مرة تسفهيني تراني رجال غصباً عنك .
بدأ صوتها يتهدج : والله ما اقصد نااااجي ليش زعلت والله اني ما اقصد آسفة ما بعيدها
خلخلتُ أصابعي بشعري رصصتً على اسناني : ماهي بأول مرة يا عُزوف , بسامحك ما هو بعشانك لكن عشان اخوي الكاسر لكن والله لو عدتيها انك بتقعدي بالبيت غصباً عنك .
تغضبني بتسفيهها لي , يغيضني برودها ولا مبالاتها
أشعر بأنها لا تراني رجلاً بالقدر الكافي
لذا لا تستأذن بأي قرار ستتأخذه
أنا رجل يا عُزوف
حتى وإن كنتُ حنوناً
أبقى رجل , لكن من الواضح أنكِ لا تحترمين رجولتي .



*

*


ما باله غاضب هكذا ؟ , لم اقصد ما فعلته
فهذه أختي هوازن ذات القلب الأبيض النقي
يصعب علي أن أرفض لها طلب
يجبرني حضورها على الموافقة
لا أرى أن الأمر يستحق هذا الغضب
و إن كنتُ تماديتُ بفعلتي فأنا إعتذرت لكنه لم يقبل بإعتذاري
ما بكِ يا ناجي , تضع اللوم بي
و تقف على أتفه اخطائي لتصرخ و توبخ بنزاقة جمة
هذا جزاء من عاشت احد عشر سنة صبراً تحت وطأة ضيمك لها
أهذا هو جزائي ان تتخشب أعصابك عند أصغر اخطائي
بينما انا رضيتُ بأكبر أخطائك
عشتُ أحد عشر سنة زوجة كأخت ليس إلا
سرمديات و أخرى تحيطني بها من كل النواحي
أتقبل ساديتك بماشوزيتي بكل راحبة صدر
و قلبي يموت و ملامحي تذبل
و أزيد عمراً إلى أن أشيخ .
رفعتُ عيني إليه فإذا بي أرى ظهره و هو يسكب من الماء بالكاسة
أرى دخاناً من وهمي يتصاعد من جسده
يرتشف الماء لتنطفىء نار صدره و تتصاعد دخاناً يلوث الغازات ويدخل لصدري فيحرق جوفي
هذا هو حالي حالما أراك غاضباً مني أبتلع غضبك
فيحرق معدتي و أغلي بنارك ليلاً فقط لأنك غاضب مني
أما شعرت يوماً بحرقة المعدة حالما تغضبني أنت
أم أن غضبي لا يفرق معك
أما شعرت يوماً بوخز بأسفل أقدامك
و كأن سيوف جنود مجندين تقطع قدمك
لما لا تشعر ؟
لما انت قاسي ؟
ولما احب القساة ؟
خرجت من الجناح بأكمله و أوصدت الباب خلفك بقوة .



***

تناولتُ الملف الأسود الضخم الذي طلبه أبي عبدالقوي خرجتُ من مكتبه , نظرتُ إلى السلالم لبرهة
و شيءٌ ما يحثني على الصعود و آخر يمنعني , لكن لم أشعر إلا بأقدامي تتسابق على درجات السلم
و لساني يهتف بتنبيه : طــريــق ,, طـــريق
مع أن النساء بالأغلب يستقلن المصعد إلا أن التنبيه من الحرص
فتحتُ باب الجناح , دخلتُ إلى حجرة النوم فلم أجدها , حركتُ خطواتي إلى المجلس فوجدتها نائمة على الكنب بعباءتها المفتوحة الأزارير
و رقبتها منكوسة تحتاج إلى تعديل , و إلا ستستيقظ متوجعة
إقتربتُ منها و جلستُ بالأرض على ركبي , أمسكتُ برأسها و عدلته سحبتُ من تحتها الوشاح
نظرتُ إلى ملامحها بتمعن و أبتسمتُ رغماً عني , بها براءة لا استطيع وصفها
بدايةً من شعرها المنساب على وجهها بنعومة إلى عيناها التي تلحفها الأجفان فأنفها الشامخ الواقف
الذي حتى بغطيط نومها فيه رفعة و كبرياء إلى ثغرها الممتلىء
عضضتُ شفتي و أكملتُ الرحلة بجسدها المتناسق بدايةً من عنقها إنتهاءً بأخمص اقدامها
محظوظ أنا بجمالكِ الأخآذ , و منكود أنا بأخلاقكِ المنحطة
مددتُ يدي بتردد إلى شعرها لأُزِحَهُ عن محيط و جهها و أدسه خلف أذنها , و توقفت يدي عند أذنها المُحمرة
إذاً هي مستيظة و تدعي النوم ! لكن سمعتُ صوت غطيطها بالنوم وانفاسها المنتظمة
يبدو انها كانت نائمة واستيقظت لكن منذ متى إستيقظت
منذ أنظاري المعجبة , و لا لهفتي للتجول بها
أبعدتُ يدي بسرعة عنها , و صلبتُ قامتي
و بصوتٍ هادىء : وين رايحة ؟
فتحت عيناها , و أبتسمت إبتسامة ود لا يتخللها السخرية و لا الإستهزاء
إبتسامتها جعلت لقلبي خفقاتٌ مجنونة تحتاج إلى عدادٍ لحساب سرعتها
بل وجعلت غدتي اللعابية تفرز سوائلاً زائدة
جلست و عدلت من عباءتها و بهدوءٍ غير معتاد : معن ابغى اروح السوق مع اخواتي .
إبتلعتُ ريقي الزائد و برضى : طيب روحي بس هالحين الساعة تسعة يعني ما بيمدي تقضون
أخذت خمارها من على الأرض و بذات هدوءها المريب : ايه ادري بس اليوم عُزوف دخلت بمعهد و استنيناها لين ترجع
فخلاص الحين بنطلع , اكيد رجعت .
بتفهم : اها , غريبة ما توقعت بعد كل هالسنين بتكمل دراستها .
بسعادة : والله ولا انا الله يوفقها يارب و يفتحلها ياها من اوسع ابوابه .
نظرتُ لعباءتها المزخرفة لا أريد الصياح و تضييع اللحظة وبذات الوقت لا أريدها أن تخرج بهذا المظهر
بتردد و انا أحك شعري : عُطرة لو سمحتِ إفسخي هالعباية و ألبسي ثانية مستورة .
نظرت إلي بإستغراب وبعيناها لا تصديق لطلبي منها فأنا دائماً أأمر ولا أطلب
لكن إبتسامتها إتسعت أكثر , و بطاعة : إن شاء الله .
خرجتُ من الجناح بأكمله عندما أحسستُ بهذه الإنتفاضة التي لا تعني إلى الضعف لسموها
ما هذا الأسلوب المهذب والغريب و اللامعتاد الذي قد تعاملنا به ؟!
أهكذا يتعامل كل الأزواج ؟ !
أهذه هي الحياة الطبيعية ؟ !
حياة " ممكن " و " حسناً "
لا حياة " إفعلي " و " لا أ{يد "
لكن ما سر هدوئها هذا ؟ أهذا ما يسمى بعالم الروايات الذي انا وهي من عشاقه
بهدوءٍ ما قبل العاصفة ؟

*

*



لمساته مخدراً أصابني بالسكون فلم أنطق ببنس شفة مما يغضبه
و إبتسامة داعبت شفاهي رغماً عن أنفي
بل و حتى قلبي تراقصت نبضاته فرحاً
كنتُ مستيقظة منذ تأملهِ لي , منذ نظرات اعجابه التي اخرست حواسي
و اشتعلت اذني حُمرة لتفضحني
حُمرة كانت توجد بـ اذن امي عندما تُحرج من قبل الأشخاص
لكن تختلف حُمرتي عنها بأنها لا تظهر إلى بالقرب الحميم من معن
غير هذا يُحال أن تظهر
كم تمنيتُ و تمنيت أن تطول اللحظة
كم أُحبك يا ظالم .


***

الآن الساعة التاسعة و الربع صعدنا إلى السيارة معًا , أغلقتُ الباب و مضى السائق حيث " مجمع العرب "
كان الصمت سيد المكان , فكل واحدة منا تُبحر بخيالها كالعادة
و عندما أحاول الحديث معهن أُلاحظ الضيق على وجههن و كأنهن يريداني ان ألتزم بالصمت
لذلك لم أعد أتدخل بشؤونهن و اتحدث معهن فأنا لا أريد إزعاجهن
وصلت مكاملة إلى هاتفي المحمول بصوت الشيخ ماهر المعيقلي
أخرجتُ الهاتف من حقيبتي و ابتسمتُ من تحت خماري حالما رأيتُ الجوال يضوي برقم كاسري
رددتُ عليه : الو
بترحيب : السلام عليكم ورحمة الله و بركاته .
بإبتسامة : وعليكم السلام و رحمة الله وبركاته , ليش متصل ؟
بهدوء : عشان اذكرك بدعاء ركوب السيارة , و اقولك موفقة يا قلبي بالتسوق .
بخجل : قلت الدعاء و شكراً على الإهتمام
بإمتعاض : وش شكراً ؟ اكثر من مرة قلت لك يا حبيبتي ماله داعي الشكر , وبكرة المركز بينور فيكِ
بذات الخجل : لا لازم اشكرك كاسري , النور نورك حبيبي .
بإستعجال وتوديع : طيب حبيبتي قضي على مهلك , ابوي رد من الشغل بروح اكلمه بشي يلا مـ
قطعتُه بتساؤل : انت في البيت ؟
بإيجاب : ايه توي رجعت و الحين ابوي رد يلا مع السلامة حبيبتي وانتبهي على نفسك .
بتوديع : إن شاء الله , بحفظ الله .



*

*

بفضول : من اتصل عليك ِ ؟
بإيجاب وهي تدخل جوالها بحقيبتها و عيناها من تحت خمارها بإتجاهي : هذا الكاسر يتطمن .
هه يالـ السخرية يتصل عليها ليسأل عن حالها
بينما معن لا يتصل إلا لشيئان لا ثالث لهما
إما توبيخاً , أو تنبيهاً و تحذيراً
لا تمشي بجانب رجل
لا تضعي عطر
إلبسي عباءة ساترة
لا تضحكي بصوتٍ عالي و إلى آخره من التحذيرات .



*

*



مَجْدُودة أنتِ يا هوازن
يتصل ليسأل عن حالكِ
بينما ناجي شحيح بالمكالمات
لا يتصل بتاتاً
و إن اتصل
إستعرض رجولته وقتل إنوثتي
حتى على الهاتف .


***
أدخلتُ الهاتف بجيب ردائي العسكري
قبلتُ رأسه و يده بإحترام
و جلستُ امامه
أخذ هو يخلع عقاله و غترته عن رأسه وبقي بالطاقية , فتح أول أزارير ثوبه , و بتساؤل: تريد شي يالكاسر ؟
أومأت برأسي : ايه ابي اقولك شي
بتساؤل : وش هو ؟
و " أردف بإستدراك " : لا يكون عن الماضي
بجواب : ايه يا ابوي اريد اعرف مين ذا الي يزورني بكل ذكرى
بهدوء : ذه ...


***


إنتهى الجحيم

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه

كونوا بخير $




الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 06-09-14, 04:03 PM   #38

الشجية
alkap ~
 
الصورة الرمزية الشجية

? العضوٌ??? » 319094
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 215
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond reputeالشجية has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   danao
¬» اشجع ithad
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

ماعدتُ أعرفُ أيْنَ تهدأ رحلتى

وبأى أرض ٍ تستريح ركابى

غابت وجوهٌ.. كيفَ أخفتْ سرَّها ؟

هرَبَ السؤالُ.. وعز فيه جوابى

لو أن طيفا عاد بعد غيابه

لأرى حقيقة رحلتى ومآبى

لكنه طيفٌ بعيدٌ.. غامضٌ

يأتى إلينا من وراء حجابِ

رحل الربيعُ.. وسافرت أطيارُه

ما عاد يُجدى فى الخريفِ عتابى

فى آخر المشوار تبدُو صورتى

وسْط َ الذئاب بمحنتى وعذابى

ويطل وجهُك خلفَ أمواج ِ الأسى

شمسًا تلوِّحُ فى وداع ِ سحابِ



لــــــ فاروق جويدة

الجحيـــم


( 15 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **





أدخلتُ الهاتف بجيب ردائي العسكري
قبلتُ رأسه و يده بإحترام
و جلستُ امامه
أخذ هو يخلع عقاله و غترته عن رأسه وبقي بالطاقية , فتح أول أزارير ثوبه , و بتساؤل: تريد شي يالكاسر ؟
أومأت برأسي : ايه ابي اقولك شي
بتساؤل : وش هو ؟
و " أردف بإستدراك " : لا يكون عن الماضي
بجواب : ايه يا ابوي اريد اعرف مين ذا الي يزورني بكل ذكرى
بهدوء : ذه واحدن من خيالك كمن مرة احكيلك هالكلام يالكاسر
بغير تصديق : وش هو من خيالي يا ابوي ؟! , ما هو بمعقول هالكلام , و من هالذكريات و قفتك مع هالرجال بغير رضى منك ومنه , كل واحد فيكم يا ابوي كارهه الثاني
و لذلك انت ما انت حاب تقول لي .
رفع حاجبه و بإستنكار : وش صايبك يا الكاسر ترد على ابوك و ترفع من صوتك ! ما هو بعادتك
مسحتُ وجهي و بندم ممزوج بالأسف : حقك علي يا ابوي لكن انا تعبت يا ابوي قلي و ريحني عايش حياة مشتتة ما بين الماضي و الحاضر قلي يا ابوي و ارحمني .
بإصرار على موقفه : قلت لك يا وليدي ذه واحدن من خيالك ولا به رجالن مثل كذيا .
تمتمتُ بيني وبين نفسي بكلمات تهدأ من درجات اعصابي التالفة فلا اريد رفع صوتي على أبي " استغفر الله , استغفر الله " , بتصميم : يا ابوي انت ما بتخسر حاجة لا قلت لي انا الي برتاح من هالذكريات لا فهمت طلاسمها .
صلب طوله و اقفاً وهو يعدل من ثوبه الذي انكمش من الخلف لأعلى , و بحزم : انتهى نقاشنا وما به حد من الماضي بصعد اتريح .
كورتُ يدي و ضربتها على الطاولة بقهر
حسنًا أبي لا يريد الإعتراف
و الفتاة التركية شيءٌ ما يقول لي انها جزءٌ من الماضي
و انا لا أريد الإعتراف بما حدث بدءًا من التركية انتهاءً بسمحي و المبتورين
أبي حينما سألته عن إسم غريب الأطوار الذي من قبيلتنا أجاب وقال انه " سمحي "
أي انه لا مانع عنده من الحديث عن الماضي حيث القبيلة
لكن لما لا يريد الحديث عن هذا الرجل الذي قضيتُ بداية طفولتي عنده وبين احضانه و تحت ربوع حنانه ؟!
هنالك حلقة مفقودة بحياتي و علي معرفتها
و إن لم أعرفها فالعواقب وخيمة إن كانت التركية جزءًا من هذا الماضي
انا لا أريد الإعتراف بما حدث حتى لا يقلق
ولكن يبدو ان الحل بالإعتراف ولكن سأنتظر إلى قبول الوقت المناسب .


***

بملل : يلا يا هوازن ما صارت تراها الساعة احدعشر , خذي الملابس الي اختارتها لك عُزوف .
بحياء و غير رضى و هي تمرر اصابعها على الأردية المعلقة امامها : بس احس ما يليق علي و بعدين انا كبيرة و هاذي ملابس حق البنات .
كنتُ سأرد إلا أن عُزوف قد قطعت علي و هي تقول بمحاولة لإقناعها : هوازن حبيبتي انتِ لسى في بداية الثلاثين ليش معقدة و مكبرة نفسك
والله حلو و ساتر مثل ما تبين و الي مو ساتر بنوديه عند الخياط ما هي مشكلة .
بتردد و أنظارها مشتتة ما بين رداءٍ و آخر : بـس
بصوت واحد انا و عُزوف : بتاخذيه
أخذت عُزوف الرداء إلى مكان المحاسبة
مشيتُ خلفها و من خلفنا هوازن تتحلطم
ذوقها قديم للغاية
إن الكاسر رجل عالي الخلق لم يلتفت إلى الجمال و لا الأناقة إنما أحبها لحسن خُلِقها
أحبها لمحافظتها على دينها
ليس مثلك يا معن يا من تمعن النظر بالمفاتن دون غيرها
لم تحبني يومًا لشخصي بل أُعجبت بجمالي
و هذا ما يشب النيران بداخلي
نيران الحرقة و القهر
لا تستحق حُبي يا معن لا تستحقه .

*

*


خرجنا من المحل بعدما إشترت عُزوف ما تريد لي
انا على ثقةٍ تامة بذوقها الرفيع لكن لا استطيع ارتداء هذه الأردية لا أراها مناسبة لعمري
لكن التجربة لن تكون لي خسارة اذا لم تكن ربحًا
حال خروجنا رأيتُ إمرأة ترتدي عباءة تشبه رداء الراهبات النصرانيات التي تُلبس على الرأس ولها قُبعة " صفطة " من الخلف مثل عباءة القسيس النصراني " البابا "
له حبل يتلف حول الخصر موضوع للربط على جسم الفتاة بما يسمى عند الراهبات الزنار
لها وشاح يماثل العباءة بنقوشها نقوش تلفت الإنتباه إضافة إلى اننا لا نفهم معاني هذه الرموز
تقدمتُ الخطوات بإتجاهها و بهدوء : لو سمحتي
لم تلتفت يبدو انها لم تسمع هتفتُ تارةً أخرى : اختي لو سمحتي
إلتفتت بإتجاهي نظرت إلي بإزدراء من أعلاي لأسفلي تمسحني بتقييم فلم أعجبها
بهدوء : اختي لو سمحتي عبايتك هاذي تشبه لبس الراهبات بالكنيسة و
قاطعتني بحدة : مالك صلاح سامعة قال ايش قال تشبه لبس الراهبات اقول امشي من طريقك يالنفسية
مشت من أمامي , لكني لم اهتم لتجاهلها و جلافة ردها على نصحي الذي لم يبدأ بعد
إقتربتُ منها تارةً أخرى و انا اتحدث من خلفها : الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " من تشبه بقوم فهو منهم " .
اختي ما سمعتِ المنصر الي وقف بمجمع لهم بالدول الغربية و قال : تظنون أننا لم نفعل شيئا في جزيرة العرب ولم نحقق نجاحاً ؟؟
ثم صمت قليلاً وقال : نعم ، نحن لم نستطع أن نُدخلَ رجالهم في النصرانية ،
ولكننا نجحنا في أن نُلبس نسائَهم لباس راهبات الكنيسة !
إلتفت بإتجاهي و بصوتٍ عالي لا مبالي : اقول بس امشي من طريقك و سيبيني انا ألبس الي ابيه و اسوي الي ابيه و انتِ مالك صلاح .
مشت من أمامي مبتعدة عني
لم أمشي و أنصحها كرةً أخرى فأنا قد فعلتُ ما يجب علي فعله نحن مأمورون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الأول باليد و لكن يصعب علي خلع عباءتها بمكانٍ عام
ثانيهم باللسان و قد فعلت
ثالثهم بالقلب و كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم هذا اضعف الإيمان
إذًا فعلتُ واجبًا كان علي فعله و ان لم تقبل بنصحي فأنا فعلتُ ما يجب
غير هذا قد يظن البعض ان هذه الفئة لم تهتم بما سمعت من نصح و ذلك لقسوة لسانهم بالرد
لكن لا تعلم بما يحتويه القلب فلربما نصحي هذا يجلعها تعيد التفكير في منزلها
نحن البشر مفطورون على الخير و على توحيد الله
و اما اسلامنا فقد أخذناه من بيئة تربينا بها
فأحببنا إسلامنا
لكن بيئة عن بيئة تختلف فمنهم المتشددين الذين وقعوا بالبدع ومنهم المتمسكين بالتوسط وهم الأصح و آخرهم المفرطون بالدين وهم اضعفهم .



***

بمنتصف الليل اتساءل هل أجلس معاها جلسة مصارحة ؟ , هل أسألها ما اذا كانت موافقة على أفكار ابيها ظانع ام لا ؟
أعلم بأنها ليست موافقة , لكن هل أخبرها بأنها لقيطة ؟ , لا يقوى قلبي على هذا و بذات الوقت
إن لم أخبرها " أنا " سيخبرها ظانع و تنكسر اضعاف انكسارها من إخباري لها
سأخبرها و أتوكل على الله لن أكون أنانية إلى حد الصمت لتبقى على حبي و تعيش تحت وطأة عبدالقوي
الذي يكبرها عمرًا أضعافاً فأضعاف
رفعتُ يدي لأعلى و لوحتُ لها و هتفت : مارسة يمه تعالي هنيه اريد احاكيك بحاجة
تركت القماش الذي بيدها و وضعته بالأرض , إقتربت مني على مضض لتجلس على الأرض بجانبي , و بتساؤل : وش تريدي يا يمه ؟
بهدوء : يمه انتِ موافقة ابوكِ على أفكاره .
صمتت لفترة ليست بقصيرة بتاتًا بات صمتُها مهيبًا لا يكهن بالخير
حركت يدها بالسجاد الكحلي كعادتها حينما تتوتر و بتردد وهي تبلع ريقها مرارًا و تكرارًا : يمه انا راضية بعبدالقوي زوج لي
" يمه انا راضية بعبدالقوي زوج لي "
" يمه انا راضية بعبدالقوي زوج لي "
ما الذي قالته !!! , هل هنالك خلل بطبلة أذني ؟ أم الخلل بأعصابي ؟ هل هنالك عيب خلقي بأذني و تشوهات جعلتها تسمع بشكل خاطىء ؟
لا بل هذه أسباب الإصابة باللاسمع كالصم
اما أنا سمعت ولا أصدق ما سمعت
و هل أؤمن بأن إبنتي الجميلة التي لا يضاهيها جمال تقبل بعجوز هرم !
ما الذي هذرتي به يا مارسة ؟
أنكرتُ ما سمعت وتجاهلته وكأني لم أسمع لأعيد ترتيل حروفي و تنميقها من جديد و بصياغةٍ أخرى , و كأني أرمي العيب بصياغتي الأولى : مارسة انتِ على رضى بعبدالقوي زوج لك .
رفعت يدها عن السجاد و تلحفت حول بطنها دلالة على زوال إضطرابها , و بثبات : ايه يا يمه موافقة
أغمضتُ عيني و سحبتُ جُم الهواء لصدري حتى تنتفخ رئتي لتُخْرج بخاراً زفيريًا , و بتساؤل : يمه شتريدين منه انتِ وش زينك الكل يتمناك وانتِ تريدي ذه الكبير غير كذيا ما هي من اخلاقنا نخون من كان لنا عون محنا بفرعون للعون يا يمه
ماهي من شيمنا ولا هي من قيمنا كيف بتناظري ساجدة من كانت لك ام بصغرك ؟!
كيف بتتعايشي مع من له ابناء و احفاد ؟!
يمه عاودي التفكير زين انا بدراية انه عبدالقوي للحين ما تقدم خطوة لك , لكن على دراية بأنه ابوكِ لا نوى نفذ ما نوى به
و لا عطيتيه الموافقة والتأكيد عرفي انه عبدالقوي لك , يا يمه انا احبك يا بنيتي ولا اريد لك إلا الخير يمه بعدي تفكيرك عن عبدالقوي
بنيتي انتِ وش حلاتك و ش زينك يا يمه لا تضيعي نفسك معه .
قامت من على الأرض بخفة و بصوتٍ ثابت : عبدالقوي لي يا يمه ومن اليوم بعلم ابوي .
أصابكِ الجنون يا مارسة , أعلم بأن موافقتكِ ليست لأجل المال
نعم هذا ليس من خصالكِ إذًا ماذا ؟ ماذا ؟
هل يعقل بأن ظانع قد هددها بشيءً ما إن لم توافق ؟!
و لما لا قد يكون هددها و هي على و ترات السكوت تعيش حتى لا يدب الخوف صدري
يجب ان أسأله لا بد من سؤاله .



*

*


دخلتُ إلى الحجرة ودفعتُ الباب بظهري حتى أُغلق
حررتُ يداي من حضني الذي كان يحتويهما عن أنظار أمي لهما
يداي التي تنتفضان خوفًا مما نطق به لساني
مهابةً مما أرشدني له عقلي

وافقت فقط لتندلع نيران قلبك و يشتد وطيسها
لم أوافق لأجل المال
بل وافقتُ لأكون حصانًا إنتصر على فارسه في واقع يقمع إنتصار الضعفاء
في واقع يطمر فوز الواهن على طاغيته
في واقع يقبل بالظلم بلا إنصاف
في واقع اشتد به الإجحاف
كنتُ فيما مضى اعامل الناس بالحسنى حتى وان كان ما قدموه لي ليس إلا سوءًا
لكن لن أكون هكذا بعد اليوم
سأُقابل السيئة بالسيئة لأظفر بالنجاح
لن يكون النجاح على الأرضية المنتظمة باللونين الأبيض و الأسود
لن يكون الفلاح في لعبة الشطرنج المحرمة
ستكون الغِلبة على أرض الله .




***

دخلت للحجرة على اطراف اصابعها , وضعت الأكياس التي بيدها على الأرض وهي تخلع عباءتها
كل هذا فعلته دونما ان تفتح الكبس لتنير الغرفة , خوفًا من استيقاظي
لا تدري هي اني لم استطع النوم بعيدًا عنها
انا طفل بحاجة إلى احضانها
انا الأعمى الذي أعمى الله بصيرته فردها له
حتى ينظر إلى معالم الدنيا
ينظر إلى معالمها
انا رجل ناقص نصفي انتِ و الآخر ضاع منذ الأزل
جلست على الكرسي و خلعت صندلها
و أراحت جسدها على خلفية الأريكة
و عيناها مصوبة بإتجاهي دون غيري من الجمادات
لا ترى مني سوى ثقل جسدي
و لا أرى منها غير جسدها و رأسها الثابت بإتجاهي
اما عيناها فأنا أُحس بها لذلك انا على علم انها تنظر إلي بغمرة العتمة
بين دهاليز العتمة أعيش بصراع نفسي منذ طفولتي أُخلتُ بدائرة مغلقة
أثرت بي حتى كبري احبها فهي بحق فاتنة و لا أستطيع مقربتها
تبكيني ترتجيني فتغريني لتشك انوثتها
هي معزوفتي , هي من عزفت على اوتار الشجن
هي قارورة تعيد إصلاح نفسها بعد إنكسار
هي عُزوف و أنا ناجي الذي لم يرميها بطوق نجاة
وقفت على اقدامها وهي تتوجه للدولاب لتخرج رداء تنام به
بينما وقفت اقدامي أرضًا كالربورت بلا إحساس منهما !
و قلبي كان شاعر جُن لفرط عشقه !
هل هنالك بشري ما يتجسد به اللإحساس و الإحساس معًا ؟!
يحدث هذا ان كنت جائش الجرح
إن كان الماضي يثبتُ وجوده رغمًا عنك
إن كان حاضرًا ليقتلك ولا ليُقتل
عندها تعيش جسدًا بها روح متناثرة
نصفها بداخلك و الآخر دهسه الماضي
نقطة سحيقة بحياتك غيرت مجريات الطبيعة
فلا زواج طبيعي
و لا رجل طبيعي
عندها انت تشعر ولا تشعر
إن عُدت لتمتلك روحك المتناثرة ستشعر و يُقذف اللاشعور بعيدًا عنك
لكن يصعب عليك أن تعود لتكون روح كاملة جُمع شملها بسقف جسدك
إقتربتُ منها على مضض , حوطتُ بيدي بطنها
بينما هي ارتعد جسدها بين قبضة يداي
سحبتُ ظهرها إلى صدري أدسها بين اقفاصه , و بهمس : اهدي انا ناجي
هدأت انفاسها رويدًا رويدًا , و بتعجب : كنت نايم ؟!
بذات الهمس : همم لا
رفعت قبضتي عن بطنها المشدود , إلتفت بإتجاهي و قد تكونت عقدة بحاجبيها و بتساؤل : ليش ؟!
مددتُ يدي إلى عقدتي حاجبيها وانا أفُك شفراتها لتُبسط و بهدوء : ما قدرت انام
بذات تساؤلها وعادت العقدة تُكَون نفسها : ليش ما قدرت ؟!
مسحتُ على العقدة لتُبْسط تارةً أخرى , انزلتُ أصابعي إلى عينيها و بهمس : ذولي الزوجين السود سهروني
سمقت الحُمرة من اخمص قدميها إلى وجهها بدايةً من شدقيها إنتهاءً بمؤخرة عينيها السوداء
مسحتُ على وجنتيها الحمراوتين برفق و بهدوء : سامحتك
أفهم أدق تفاصيلك يا معزوفة
كل وحي توحي به ملامحك أجيد فهمه
أرتوي من عبير عينيكِ كلماتٌ نبضت بقلبك
و عجز لسانكِ عن البوح بها
أيعاني كلانا من معضلة البوح ؟!



*

*


كيف علمت يا ناجي بما تحويه عيني وينطق به قلبي المتيم بك ؟!
هل انا مفضوحة إلى حد أني صفحة مكشوفة لكل عابر سبيل ؟!
أم هل انت وحدك من تجيد فهمي ؟!
و تبقى يا ناجي سؤالاً بلا حل
أحد عشر سنة معك لم تعلمني إلا الضعف .


***

دخلتُ إلى الجناح و قفتُ بالصالة و أنا أخلع عباءتي
رميتها بالكنبة و جلست
أظن بأنه نائم , اذا لم يكن نائم بأي اسلوب اعامله ؟!
الأسلوب الذي تعاملنا به قبل خروجي من السوق
كان غريبًا و غير معتاد ومن الصعب ان ابدأ به , لكن إن بدأ هو فسيسهل الأمر
لا داعي للتفكير , سأعامله كمعاملتي دائمًا
فما فعلناه قبل خروجي ما هو إلا هراء لا يتم لواقعنا بصلة
خشبتُ ساقي أرضًا و توجهتُ إلى غرفة النوم
إقشعر بدني لشدة البرد , فتحتُ الأضواء من لوحة المفاتيح
فرأيته مستلقي على السرير متجرد بلا لحاف جَسِد بجسده ليمده بالحرارة بهذه البرودة القارسة
حسنًا سأغطيه ليس ليتدفأ إنما ردًا للجميل
ردًا لعينان معجبة بجمالي و أصابع أبعدت شعري عن محيط وجهي
فقط لهذا ليس لغرض آخر
فعُطرة لا تخضع لمعن
عُطرة لا تخاف على معن
إقتربتُ من السرير
و بسرعة لحفته
و غطيت كل جزء مقشوع به
بسرعة كبيرة فأنا أخاف ان يستيقظ
فيسأل و تضيع الإجابة بين ثنايا ملامحه الحادة
ملامحه التي تبدو بريئة حال نومه
رغم حبي بهذه البراءة إلا أني أتلذذ بحدتها
أتلذذ بالصياح معك على اكبر الأمور و أصغرها
لربما أصبح الصياح من طقوسنا التي لا نكابدها
و بالرغم من هذا اتوق لقربك الحميم
أعيش بتناقض معك يا معن
تناقض لا يوجد إلا معك وفيك .


***

دخلتُ للجناح لأجده بالصالة يقرأ وِرْدُه , فما ان شعر بوجودي حتى اغلق مصفحه دون قول " صدق الله العظيم "
فهي بدعة تُقال حال الإنتهاء من التلاوة , بدعة تُقال كثيرًا و لا يعلم الا القليل انها ليست سوى بدعة
قد يقول البعض بنفسه أوليس الله صادق نعم الله صادق بلا شكٍ و ريب و الدليل على ذلك قوله سبحانه و تعالى :" وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً " .
إذًا لما هذا القول بدعة
ليس القول بدعة ولكن الزمان هو البدعة
فقول صدق الله العظيم لم يقيد بزمان معين و إنما كان ذكرًا مطلقًا
لذلك تقييده بعد التلاوة بدعة .

إبتسم لي و أشار إلى الأرض من أمامه
رددتُ إبتسامته بإبتسامة أكثر وسعًا
مشيتُ نحوه والأكياس بكلتا يداي
وضعتها بالأرض بجانبي و جلستُ امامه
بادر هو بالحديث والإبتسامة لازالت ترنو بشفتيه : كيف كان يومك ؟
بهدوء : حلو
إحتضن يدي بين يديه بدفىء : في احد مضايقك هوازن ؟
بصدق : ايه يالكاسر حالهم مضايقني والله انهم يضيعون ولا هم حاسين والله يالكاسر احس بالدنيا منقلبة فوق تحت ! الناس صايرة غريبة يالكاسر
بمعارضة هادئة : لا يا هوازن , الدنيا ما تغيرت الدنيا هي مثل ما خلقها ربي احنا الي تغيرنا احنا الي تقلبنا فطرتنا هي الي تشوهت
حياءنا من ربنا سُلب انا ادري باللي بقلبك لأنه ما تشوفه عيونك تشوفه عيوني بلا قصد مني
أدري تقولين ليش البنت الي تلاحق الولد بدل مالولد ما يلاحقها وين حياءها ؟!
ادري تقولين كيف الأب يمشي بجنب بنته وهي مخلوعة عن الحياء ونص ما وجب عليها تغطيته ظاهر وهو ولا كأنه موجود ؟!
أدري تقولين كيف كانت الحُرمة اول وكيف صارت بفضل الإسلام , أدري انك مستغربة منهم كيف ما اعطوا للدين اكرامية مثل ما اكرمهم
و ادري و ادري بما تحويه نفسك و محفوظ بصدرك
لكن يا هوازن انت ِ ادرى اننا بزمن ينكتم فيه العلم و شو هو هالزمن ما هو بزمن علامات الساعة الصغرى
زمن ينكتم فيه العلم خوف من الصراخ يمكن يكون بقلب ذيك لذيك نصيحة لكنها خافت تنطق بعلمها حتى ذيك لا تهينها قدام الجموع
و عالم كتم علمه وحفظه لنفسه و خلينا نكون قريبين من واقعنا طالبة كتمت علمها خوف من صعود الطالبة الثانية فوقها !
لكن كلمات نقولها و ربي المجيب ( يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ) .
مد يده إلى وجنتي يمسح دمعي المصقول
و جرني إلى صدره يدسني بين اضلاعه .


*

*


و تلومني امي بتمسكي بك ِ و حبي لك ِ
و كيف لي ان أحب غيرك ِ يا بريئة
كيف لي أن أترك أكثر بنات حواء حياءً و خلقًا بزمن أصبحت به الأخلاق ضعف شخصية !
كيف لي ان أترك من تربعت بعرش قلبي
أنا هودج تجلسي به يا هوازن
أنا رجل أحبكِ و أخلص حبكِ
انا رجل أحب الخُلق ولا ألتفتُ للمظهر
أنا رجل شرقي بكل المعاني و أوسعها
أحبكِ يا هوازني .



***

فتحتُ النافذة ليتسلل ضوء الشمس من خلال شِبَاكِه , تقلبت بالسرير بإنزعاج ثم عادت للنوم بسلام
قعدتُ على طرف السرير بجانبها , مددتُ أناملي إلى كتفها العاري اهزها و بهدوء : عزوف حبيبتي قلبي يلا قومي بلا كسل
تحركت بإنزعاج وهي تهمهم : هممم شوي بس
وضعتُ ثغري بشحمة اذنها و بهمس : معزوفة حياتي انتِ يلا قومي عشان المعهد يلا حبي
فتحت عيناها وعادت تغلقها إنزعاجًا من ضوء الشمس , و بتساؤل : كم الساعة ؟
إحتضنتُ يدها بين يداي : الساعة ثمنية يلا قومي انتِ تتأخرين بالتجهيز ما باقي الا ساعة على بداية دوامك
فتحت عيناها السوداء بهدوء
جلست من بعد إستلقاء و ابتسمت : طيب الحين بقوم غريبة انت صاحي قبلي
بادلتها الإبتسامة : ما هو انا الي صحيت بدري انتِ الي قمتي متأخر
عبست بملامحها , و بتبرير : من دوارة السوق رجولي تكسرت
كركرت بخفة : ادري فيكِ تلفين السوق كله و ماتطلعي الا بنص لبس
رفعت حاجبها و بنبرة مضحكة : ايا النذل نص لبس هاه
رفعتُ اصابعي لأعلى وانا اقول : ايه يا بلوزة يا تنورة الإثنين مع بعض نادر تجيبيهم
وضعت يدها بخصرها و بحنق : الحين انا لما طلعت معاك ما رجعت الا بنص لبس !
بعناد : لا ربع كنتِ بتشتري بلوزة عريانة
لوت فمها و بإستخفاف : يا شيــخ اكرمني بسكوتك و عطيني مقفاك
بمتعة وانا ارفع حاجبي : وش وش ما سمعت
مَطت الكلمة : مقفـــــــــــاااااااااك , سمعت ؟
بذات العناد وانا اكتم ضحكتي على ملامحها الطفولية : لا اا وش قلتِ ؟
إلتصق حاجبيها بعينيها , وكتفت يديها لصدرها و بضجر : اففففففف عبيــــــــــط
و بنفس وتيرة العناد : عبيطين اذا تبين
أخذت الوسادة وهي ترميها علي
بينما انا إرتميتُ بالسرير و أنا أضحك بصخب
إقتربت مني وهي تكتم أنفاسي بالوسادة و تدفنها بوجهي
بضحك : ههههههههههههه عزوف ههههههههههه وقفي وقفي بعدين بموت
بقهر وهي تزيد من خنقي : احسن عشان تبطل عبط
بتصنع للزعل , و انا ألوي فمي كما فعلت هي سابقًا : يعني عادي اموت
بتأكيد وهي تضحك : ههههههههههه حلو شكلك كذا , ايه عادي عشان ما عاد يكون بالدنيا عُبطة
و لا انذال و لا كسلانين و لا مملين
توسعت عيناي و بنبرة زعل مصطنعة : ول ول ذا كله فيني انا !
وضعت الوسادة بجانبها و بتأكيد : و اكثر من كذا تحب تعصبني و تنرفزني و بعدين تضحك علي مثل الحين
أمسكتُ بذراعها لأجرها إلي حتى تسقط بصدري
رفعت رأسها و هي تُكشر بملامحها : وكمان قوي
بهمس و قلبي يخفق : عُزوف لكل بنت فارس احلام وهي بمراهقتها انتِ كيف كانت مواصفات فارس احلامك ؟
بتعجب ولا فهم : هاه !!
أعدتُ سؤالي وبإهتمام : وش هي مواصفات فارس احلامك ؟
تورد خدها بخجل , عضت شفتيها و ابتعلت ريقها الذي يبدو جافًا : ليش هالسؤال ؟
تجاهلتُ سؤالها , و بأمر : جاوبي
شتت بؤبؤة عينيها بعيدًا عني و بصوتٍ خافت : مثلـ..ك
إعتلت ضرباتُ قلبي
لم اكن اظن ان هذه اجابتكِ
إلى أي حد انا أظلمكِ يا معزوفة
إلى أي حد أنتِ طيبة
إلى أي حد انتِ صبورة
و انا لا أستحق هذا
لا أستحق يا معزوفتي
أحببتُكِ بأنانية
قللتُ من شأنكِ
لتكوني لي
لي وحدي
وصل صوتها المتردد إلى مسامعي : وانت كيف تمنيت فارسة احلامك ؟
ببرود مصطنع : عكسك تمامًا .
بزغ الحرج على وجهها , سحبت نفسها من ضلوع صدري
صلبت طولها و راحت تجري بعيدًا عن الغرفة
جرحتكِ يا معزوفة
أعلم هذا
لكن أخاف ان اقول انتِ
فتتعالين كبرياءً كالماضي
فلا استطيع دهسكِ
أخاف ان تتركيني وحيدًا لتتزوجي من غيري
لن أسمح بأي رجل أن يرى محاسنكِ
حتى وان كنتُ مكفنًا بقبري
تأكدي يا قارورة انكِ لي مهما حدث .



*

*


أي فظاظة يتغطى بها لسانك يا ناجي
أما اكتفيت ظلمًا
اما أكتفيت إجحافًا
و ما اكتفى قلبي حبًا
ما اكتفى قلبي ذلاً
إلى متى ؟
إلى متى ؟
أين طوق النجاة يا ناجي ؟
إني والله متعبة
مرهقة إلى حد الموت حية
يائسة و قانطة
انصفني يا ناجي
فما عاد قلبي يقدر على الصبر
إمتحانان يا ناجي ستمر بهما دون علمٍ منك
إن خسرت فيهما فعلم انك خسرتني للأبد
فلن أذل نفسي أكثر
سأحقق حلم دراستي واترك لك العيش وحيدًا دوني لتسعد
فأنا على علمٍ انك لم تصبر علي إلا لأن خالي عبدالقوي قد أجبرك بهذا
فلتعش حيًا دون عزوف
و اعيش ميتة دون ناجي .

***

أخذتُ أنفاسًا عميقة أُصَبِّرُ بها ذاتي عليها فهاهي تقترب الخطى نحوي
و صلت إلي وابتسمت كعادتها : مرحبًا
بهدوء : وعليكم السلام و رحمة الله وبركاته .
تجاهلت ردي عليها , و بزعل : ابلة ليش تسوين فيني كذا ليش ما تدقين تركت لك رقمي و الرصيد وانتِ وعدتيني انك تدقي ليش مادقيتي يا ابلة .
ماذا اذا علمتي اني لم أفتح صندوقكِ بالأصل وان من فتحه هو زوجي معن
بأسف : معليش حبيبتي نسيت
فتحت فاهها على وسعه و بإبتسامة منفرجة : وش عيدي , عيدي
عقدتُ حاجبي و بإستغراب عدتُ كلمتي : نسيت
أشارت بأصابعها بالنفي : لا لا الي قبلها
بتعجب : وش الي قبلها
حركت يدها بالهواء و بضجر مصحوب بالحماس : حبيبتي قلتِ حبيبتي يعني انا حبيبتك يعني راضية تخاويني
بنفور : وش خويتك ؟! اعقلي يا حمدة والكلمة الي قلتها عابرة واقولها لأي شخص
بإمتعاض و غضب : وش لأي شخص انا حبيبتك غيــري لا
إلهي ألهمني الصبر , بهدوء : حمدة يا ماما انا بنت وانتِ بنت الكلام الي تقولينه ما يصلح لنا
بُسِطت اسارير وجهها و بغموض : لا تقولين ماما انا مالي أم فاهمة مالي أم .
بسخرية : وكيف جيتي للحياة ؟!
بقهر وهي تضرب يدها بالأخرى : قلت لك مالي أم , مالي أم .
عقدتُ حاجبي بإستغراب من ردة فعلها و بهدوء : طيب اهدي خلاص مالك ام يا حمدة بس انا كمان ماني حبيبتك ولاخويتك
إبتسمت ببهوت : بتصيري قريب , الوعد باكر يا ابلة عُطرة .
و مضت بعيدًا عني
و شيئًا من العقدة انقشع هي لا تعترف بأمها
أي المعضلة بدأت من هذه المحطة
إن كانت هدايتها على يدي فيجب علي فهم سر انقلابها عن فطرتها .
رن جرس الفسحة يعلن عن الإنتهاء و بداية الحصة الرابعة الآن الساعة التاسعة والنصف .


***


إرتديتُ رداء الراهبات فأنا راهبةُ الكنيسة
رداء أسود طويل بأكمام مع وشاح أسود يغطي الرأس
ومن تحت الوشاح قطعةٌ بيضاء تصل إلى الصدر
و يحيط خصري حبل يربط من الأمام يسمى الزنار
أخذتُ القلادة الصليبة و أرتديتُها من فوقه
قلادةٌ تصل إلى محل الربط
بعدما طبعتُ على جبيني , فصدري و كتفي علامة الصليب
دونما ان أتطهر كما يفعل المسلمون فنحن المسيحيون نؤمن بأن الطهارة القلبية هي ما يقبلها الأب
اما غيره من الطهارات فلا داعي لها
قد قلت لي يومًا يا " ركاض " أنه كيف لنا ان نقابل الله بنجاسة وجنابة و قلت ان الله جميل يحب الجمال
اعطيتني حينها محاضرة طويلة بكل جَهَامَة و انت تنتقص ديانتي وتقول انها ليست إلا تحريفًا
فالإنجيل قد حُرف
قد نفيت الآلآت الموسيقية
فقلت أنه لم يذكر هذا بالإنجيل بل ان عيسى لم يقترب من مزامارٍ قط
قلت اننا نتجه بالصلاة لجهة الشرق بينما عيسى يتجه لبيت المقدس حيث انها قبلة الأنبياء من قبله
قد عللتُ أنا هذا بأن يسوع سينزل من جهة الشرق
فقلت ماهذا إلى أباطيل و خرافاتٌ واهية
رأيتني أُصلب وجهي و صدري وكتفي فقلت لي حينها ما هذه الحماقة
أجبتُك هذا ديني لا تشتمه وعلينا ان نطبع الصليب بأجسادنا
فقلت لي و هل لديكِ نص شرعي يُثبتُ قولكِ
فألتزمتُ انا بالصمت
سألتني يومًا هل سجدتي للأبِ يومًا
فأجبتُك بـ لا
فقلت بسخرية لاذعة أوليس من سنن الأنبياء السجود , اما أنتم فتضعون بكنائسكم كراسي لتجلسوا عليها
بل و تضعون تمثال للمسيح و مريم
و سألتني أيضًا هل تخلعين حذاءكِ حال دخولكِ الكنيسة
فأجبتُك بالنفي
فضحكت بإستهزاء و قلت أولم يُذكر هذا بكتابكم
حينها شعرتُ بالقهر ولكني إلتزمت بالصمت خوفًا من زعلك مني
قد سددت علي كل طريق للرد
لم أنتقص يومًا ديانتك
لم أسخر يومًا منك
اما انت انتقصت وسخرت
بل و مسحت بكرامتي الأرض
كفى يا ركاض
لن أركض خلفك
سأدعك لمارسة
ليس حبًا بك
و لكن تنفيذًا للإنتقام
سأذهب الآن إلى الكنيسة لصلاة القدس الإلهي و التي يجتمع بها المسيحيون , الآن بتمام الساعة الثامنة و النصف صباحًا .

***

الآن الساعة الثانية عشر ظهرًا يجلس على الكنبة الجلدية السوداء , تقبع السيجارة بين اصبعيه , ينفث دخانها من زاوية فمه لقد إزداد تدخينه منذ دخوله بعالمهم
بعدما كان ينتهي من عبوة في اليوم اصبح ينتهي من عبوتين ولا تكفيه و زيادة معدل التدخين ما هو الا زيادة التوتر النفسي
حسنًا هو لما يشعر بالتوتر دون وجود سبب ؟ هل يعقل بأن وراءهم شيء ؟ هل يعقل انهم يتعاملون معه بغير صفاء ؟
نعم هم اناس أغراب و غير هذا ليسوا من جنسيته , اضافة الى انهم اعتادوا على هذا العمل
اما هو ليس من بينهم ولا يفهم بعملهم ودخل بخزعبلاتهم , هو سيأخذ الحذر منهم بكل أموره , يخاف ان يغدروا به
لا يعلم ان المثل هذا صحيح " كلن يرى الناس بعين طبعه " فإن كان هو يراهم بغير صفاء اذًا هو يتعامل معهم بذات المبدأ , هو في حقيقة الأمر يرى نفسه ولا يراهم .

*

كثيرًا ما يشرد بذهنه تحت ناظريه , هل يعقل بأنه يفكر بالغدر بهم
يقسم انه اذا كان يفكر بهذا و نجح ان ربيع سيفتك بهم جميعًا
هو يعلم بأن عائلة ربيع حلهم الوحيد القتل
جلس بالكنبة المقابلة لـ سمحي والذي الى الآن ينفث الدخان
بتساؤل :مالك جالس لحالك ؟
نظر إليه بشزر , و أبعد نظراته الى التلفاز : على شوفة عيونك أدخن , قلت يمكن صدوركم ما تتحمل الدخان فجلست لحالي
نظر إليه من أعلاه لإسفله , و بإستنكار : انتا شفتنا اول ما جيت كُنا بنولع سيجارة
اطفىء السيجارة بالطفاية حتى انخمد شرارها , و بتغيير للحديث : متى ببدأ شغلي ؟
وهو يقلب بالريموت القنوات : أريب جدًا جدًا .
أومأ برأسه دلالة على تفهمه
وقام من على الكنبة
لا يعلم لما لا يطيق الجلوس معهم
بل يحسس بأنه أقل خبثًا من خبثهم
هو يعلم بقرارة نفسه انه قد فعل من المحرمات أعدادًا غزيزة و فيرة
هو يعلم بأنه مسلم بهويته و أوراقه الرسمية دون واقعه
هو يعلم ويعلم و بالرغم من انه يعلم
إلا أنه لا يعلم ما سبب شعوره بالضيق معهم .


*

*

ضحك بصخب : ههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههههههه اغيد يالثور مين قالك اسم هالمكان " كبو " ؟
بإستغراب و استنكار لضحك هزيم عَلّيْ : وش فيه ذيك الحُرمة قالت كذا
وهو يضع يده بقلبه ويحاول قمع ضحكته و كتمها : ههههههههههه قسم مجنون ههههههههههه
ضربتُه بكتفه بخفة و بضجر : هزيـــــــم اشبك ؟
رفع يده التي بقلبه لفمه وهو يكتم ضحكته و يتكلم بإنقطاع وبين الكلمة و الأخرى ضحكة : هاذي اصلاً هههههههههههههه
إرتفع صوتي بملل : هزيــــــــــــــــــم قول ايش فيه ؟
أخذ انفاسًا عميقة ثم زفرها و بهدوء : هاذي اصلاً ما تعرف تتكلم كويس اسم هالمكان قبو مو كبو
رفعتُ حاجبي و بإستغراب : وانت كيف عرفت ؟
نظر إلي بإزدراء مصطنع : سر المهنة , إلا ماجعت ؟
حركتُ حاجبي لأعلى و أسفل : يعني مو مرة
قام من على الأرض و توجه للباب وهو يقول : الحين بخليهم يجيبون اكل و اسفنجات ننام عليها و تلفزيون .
فتحتُ فاهي على وسعه : لا انت ما انت بوعيك اليوم
بإصرار : بتشوف بنعيش بفندق خمس نجوم .
و أخذ يضرب الباب ضرباتٍ متلاحقة و لا من مجيب .


***


و كعادتي اقعدُ على سجادةِ غرفتي بتمام الساعة الحادية عشر قبل الظهر و أعود للماضي شيئًا فشيئًا
اعودُ بذاكرتي إلى طرق القاهرة الضيقة بالحي الفقير الذي امكث بهِ انا وامي و اخواتي الصغيرات
بعدما حدث ما حدث وضاع شرفي أخذ عقلي المراهق يفكر بالإنتقام و رد الصاع صاعين له
طال التفكير , و مضت الأيام
إلى ان وجدتُ الفكرة المناسبة بمنتصف الليل
هو بذلك الوقت من المؤكد انه بأحد الكباريهات
إذًا الأمر سهل ولكن يتطلب المال
و هل جمعتُ المال لأضعه به !
قد كان هذا إبتلاء فأنا جمعتُ مالاً محرمًا لأصرفه بالحلال
فما كان من مال الحرام إلا ويُصرف رشوة حرام
لأجل المحافظة على شرفي
نعم تخطيطي هذا لم يكن انتقامًا بقدر ما كان دفاعًا عن نفسي ولكن بطريقة خاطئة
وصلتُ إلى منزله و توقفتُ امام حارس العمارة

*
*

هتفتُ : ياحج
نظر إلي و بتساؤل : عاوزة إه يا بت ؟
و عيناي مصوبة بإتجاه السيارات المصطفة اسفل المظلات : هوا هزاع مش موجود صح ؟
بجواب على سؤالي : اه دهوت كل يوم في الليل ما يكونش موجود .
إبتسمتُ بمكر و أخرجتُ من حقيبتي المال
رفعتُه لأعلى امام عينيه و غمزتُ له : عاوز دي الفلوس هعتيك ياها بس بشرط
و عيناه تلتمع فرحًا : إه هوا شرطك ؟
وضعتُ يدي الأخرى بخصري : اسمع بئى انتا كل الي عليك تعتيني مفتاح الشئة بتاعتو عندي حاقة صُغَيرة اوي هخدها
وانتا هتاخد الفلوس , موافىء ولا ؟
بتردد : لا ما أقدرش
حركتُ يدي بالهواء وشهقت : وليه يا حج خايف حد يعلموا ولا خايف اسرىء فلوس والمسؤولية عليك لا تخافش انا مش هسرىء حاقة
انا بدور على حتة دليل صُغَيرة اوي وهو ما هيعرف وانتا هتاخد الفلوس , دي الفلوس شُفت الايام كلها الي بتشتغل بيها دي الفلوس اكتر منها
بذات تردده : بس
قاطعته : بس إه ما تخافش محدش هيعرف انا اوعدك
أدخل يده بجيب جلابيته الزيتية المصرية الرجولية ليضج المحيط بصوت المفاتيح
أخذ يقلب بالميدالية حتى أخرج مفتاح و مده لي : ما تاخديه
مددتُ يدي و أمسكتُ بالفمتاح و رميتُ بالأموال أرضًا بكل إحتقار
بينما هو تمسك بإحدى يديه بالعصا الخشبية واخذ الأموال بيده الأخرى
جررتُ خطواتي لداخل العمارة ومنها إلى الدور المطلوب فإلى الشقة المطلوبة
أخذتُ أُدِير رأسي يمنةً و يسرة و عندما تأكدتُ بخلو المكان أدخلتُ المفتاح بمكانه المخصص
و لفة تلوها لفة فالأخيرة و فُتح الباب
دخلتُ بسرعة واغلقتُ الباب من خلفي
أخذتُ أبحث بكل مكان عن أي دليل ضده لأهدده به فيتزوجني و لا تموت أمي حسرة لفقدي لعذريتي
و وجدتُ المطلوب إنه ...

للذكرى بقية .

***

بدخولي لمكتبي بتمام الساعة الواحدة ظهرًا , هي خرجت بحجابها و خمارها يغطي وجهها , لماذا حينما أراها أشعر بأني لستُ عبدالقوي كما كنتُ بالقبيلة
أشعر بضعفٍ إتجاه النساء بالرغم من بغضي لهن !
تذكر يا عبدالقوي هي إمرأة وانت تكره النساء وتدفنهن
تذكر يا عبدالقوي هي خادمة وانت سلطانها
تذكر يا عبدالقوي هي مراهقة اصغرُ من أصغرِ أبنائك
و تذكر أنها إبنة ظانع حارسك
تخيل موقف أبنائك و أحفادك
تخيل موقف مجتمعك منك
لا تخضع لها هي إمرأة كأي إمرأة هي لا تستحق الخنوع
قد خنعت مرة واحدة بحياتك لإمرأة فلا تخنع مرتين
خنعت لحسناء تكاد السموات والأرض تشهد بجمالها , تشهد ببهائها الأيام والليالي
خضعت لفاتنة لا تمشي بأرض إلا و تتفتح أزهارها
فلا تخضع تارةً أخرى يا عبدالقوي .

*

*


حينما أراه ينقبض قلبي بشدة
لا أتخيل كوني زوجةً له
لا استطيع تخيل هذا
لكن سأُكرس حياتي للإنتقام منك يا ركاض .

***
طرقتُ الباب و بعد سماعي لإذنه دخلت بتمام الساعة الثانية ظهرًا
كان يجلس على مكتبه و بشفتيه إبتسامة للطارق كعادته
ألقيتُ التحية كاملة , فردها كاملة
جلستُ بأحد الكرسيين المقابلين له , و بتساؤل : خلصت ؟
وهو ينظر للملف الذي امامه ثم رفع بصره إلي : لا باقي رجال بعد نص ساعة علاجه .
بتساؤل : وش هي عِلْتِه ؟
بأسف : معليش يا ناجي ما اقدر اقولك هاذي اسرار مرضاي ولازم ما افشي فيها .
" ولازم ما افشي فيها "
هل اخبره عني ؟ , هو قال انه لا يفضح السر
إذًا لن يخبر أحد
ولن يعلم أحد
بأن ناجي إبن التاجر عبدالقوي
ذهب بأقدامه لطبيب نفسي
إبتعلتُ ريقي وبتردد : مشـعـ..ل
رفع بصره إلي

***


إنتهت محاضرتي منذ فترة طويلة ولكني قضيتُ هذه الفترة عند نوال للتحدث عن البحث
الذي إقترب موعد تسليمه ونحن إلى الآن لم نبدأ به
فتحتُ باب غرفتي و دخلت و أغلقتُه
ركضتُ بإتجاه السرير و أنا أرمي ثقلي به و أتقلب لليمين والشمال " آه ما أجمل الراحة "
رن جوالي يُعلن عن وصول رسالة
دُقت اجراس قلبي بجنون , هل يمكن ان يكون هو ؟
لم أُطِل التفكير , أخرجتُ الهاتف من حقيبتي
ودقاتُ قلبي بنبضٍ مرتوق
دُقت نواقيس الخطر
خطرٌ تحت حُب المجهول
فتحتُ الرسالة واصابعي ترجف بلا توقف
كُتب : لن أذكر رقم اليوم لقد عدت أيامًا طويلة
لكن سأقول أنظري يا انهار إلى المكتب وستجدين مرادكِ .
قمتُ بسرعة وانا أتعثر بخطواتي إلى المكتب
فإذا ببحثي قد أعده
إبتسمتُ رغمًا عني وانا أعض شفتي , لأُخفي سعادتي
لما انا سعيدة من تصرفاته
هل بالفعل أحببتُه ؟! كيف لي ان أُحب مجهول لا اعرفه ولا أدري ما نواياه
وصلت رسالة أخرى إلى الجوال
ومع إهتزاز الجوال بيدي سقط أرضًا
نزلتُ للأرض و أنا أمسك الجوال وافتح الرسالة التي كُتب بقلبها
أُحِبُــــــــكِ
ولكن ليس من ذات الرقم
إنه من رقم المعتوه


......




***


إنتهى الجحيم

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه

كونوا بخير $





التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 06-09-14 الساعة 04:39 PM
الشجية غير متواجد حالياً  
التوقيع

حيزبون الجحيم / بقلمي

شكرًا للجميلة فدا لعيونه بالمنتدى المجاور , سلمت يمينك ِ يا غالية |~
رد مع اقتباس
قديم 07-09-14, 12:17 AM   #39

shmo3

? العضوٌ??? » 127840
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,170
?  نُقآطِيْ » shmo3 has a reputation beyond reputeshmo3 has a reputation beyond reputeshmo3 has a reputation beyond reputeshmo3 has a reputation beyond reputeshmo3 has a reputation beyond reputeshmo3 has a reputation beyond reputeshmo3 has a reputation beyond reputeshmo3 has a reputation beyond reputeshmo3 has a reputation beyond reputeshmo3 has a reputation beyond reputeshmo3 has a reputation beyond repute
افتراضي

روايه رائعه


اعجبني بغموضها


شكراً للكاتبه المبدعه على هذا الطرح


shmo3 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-09-14, 06:51 PM   #40

ام وزوجه

نجم روايتي

alkap ~
? العضوٌ??? » 117937
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,614
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond reputeام وزوجه has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصول زادت تشويق
عطرة ومعن هل سيستمروا على هذا المنوال من التجريح متى سيصدق براءتها
ومتى ستكف لسانها عنه
هوزان جميلة هى بخلقها الذى يشعرك كانها من عالم اخر
كاسر كثيرة الضغوطات عليه الشغل ومشاكله واحلامه التى يشعر ان لها علاقة باحدث عمله
ناجى وعزوف
كم اشفق عليها كانها مراهقة لا تعرف التعامل مع الزوج وليس امراءة ناضجة من المفروض
ان تتمكن من جذب زوجها لها
اما هو فلا اظن ان به اى شئ سوى عدم الثقة بالنفس تماتم كاعزوف
لو عنده ثقة بالنفس اكثر كان جرب التعامل معها وترك الموضوع على الله
اتمنى ان يتمكن من التحدث مع مشعل حتى يوضح له طرق العلاج
انهار اتوقع ان الذى يراسلها ويكتب ابحاثها عنها هو جلال فهو فى الاول والاخر ليس زوج والدتها
لانها ليست ابنة غزل
مارسة هل سترضخ لابيها وتتزوج عبد القوى وتصبح محرمة على من تهواه ويهواها
فهو اخطأ عندما لم يخبرها ان تنتظره وانه يحبها وتركها تظن به الظنون
ننتظرك فى الجحيم الجديد


ام وزوجه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:28 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.