5-امواج من نار- ليليان هول - قلوب ع.ج (كتابة / كاملة )**

[عبدالله كرم]

بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

[براين]

Helwe thanx shokran yslamo

[Emma Sheba]

شكراااااا لكم عالمجهوووود الرائع

[حنين الاصيل]

شكرا...........

[Just Faith]

الفصل الثالث عشر
كتابة عضوة فريق الكتابة الحلوة miya orasini

[Just Faith]

كلما تقدم الربيع، استقر نظام العمل و تتابعت الأيام متشابهة. مرت الساعات فوق "سيز توكر" متلاحقة، كان أعضاء الفريق أحيانا يلعبون الورق، و يقرون أو يشاهدون أفلاما سينمائية. و كانت "سارة" تذهب مع "إيـد" من وقت لآخر لمراجعة بعض الأمور في القاع، و التي كان الفريق يعمل عليها، اكتشفوا عدة سفن اسبانية، الأمر الذي أبهج الحكومة المكسيكية، لأنها كانت مشتركة في أعمال الغوص و البحث عن الحطام و تحصل على الثروات. في حين كانت "سارة" تشعر بالإحباط المتزايد، هي و زملائها.

بعد أن قضوا خمسة أسابيع في البحر، عادوا إلى جزيرة "النمر" كي يحصلوا على التموين اللازم، و قضوا ثلاثة أيام بدون عمل بسبب انقطاع إحدى الدوائر اللاسلكية، فانخفضت معنوياتهم إلى الحضيض. قررت "سارة" أن الجميع في حاجة إلى الترفيه لإزالة التوتر عنهم.

عندما وصلوا إلى الجزيرة، ذهبت "سارة" مباشرة إلى معمل "جيل" و لكنها لم تجد أحدا هناك و أرادت أن تذهب إلى الورشة المجاورة كي تسأل الصناع هناك عما اذا كانوا قد رأوها، و لكن أبواب الورشة كانت مغلقة و عندما همت "سارة" بفتح الباب، خرج فتى صغير، و قال لها :

- "إن "جيل" لابد أن تكون في المطعم بالمحطة"

و أخيرا التقت الزميلتان وسط الطريق، و دهشت "سارة" عندما وجدت "روسيل" برفقة "جيل"، و بعد أن حياها أخبرها أنه مر بالعمل في أثناء إحدى جولاته التفتيشية على مباني الفندق و النادي و تعاطف مع مشاكل "سارة" التي انتهزت الفرصة و طابت منه أن يسمح للفريق باستخدام ملاعب التنس و أحواض السباحة و ملاعب الغولف حتى يتم إصلاح الأعطال.

قال لها متهكما و هو يبتسم :

- "إن لديك أحد أفراد "هيلي" تحت يدك... فلماذا تريدين ابتلاع واحد آخر؟ أعتقد أنك تعرفين أن "جوناثان" قد طلب زيادة في الدعم المالي لأبحاثك في مجلس الإدارة الأخير؟

فانفجرت "جيل" ضاحكة:

- لا تعيريه انتباهك "سارة انه يحب معاكسة الناس.

أكمل "روسيل" حديثه:

-و من ناحية أخرى فإننا لم نعد نشاهد "جوناثان" في الحفلات الاجتماعية. فكان علي أن أشرح للجميع أنه اكتشف في نفسه موهبة علم الآثار البحرية.

قالت سارة و هي تبتسم:

- إن الزيارة ليومين أو ثلاثة ليست فيها مبالغة عاطفية تدفعه للانضمام للفريق.

- أخشى أن تصبح جزيرة "النمر" هي مقصده. و لكن... لماذا لا يذهب مثلا إلى جزيرة "ماجير"؟ فلدي هناك صديق يمكن أن يقدم له سعرا لا يقبل المنافسة، فقد أديت له خدمة كبيرة، و سيرتب إقامتكما على أكمل وجه.

دعاهم "روسيل" هذا المساء للعشاء، و بلغ به الكرم أن قدم شيكا باسم "سارة" يغطي تكاليف إقامة الفريق كله في جزيرة "ماجير" قبلت "سارة" منه الشيك، و فهمت ما يقصده، لن تستطيع جزيرة "النمر" أن تستغني أبدا عن جزيرة "ماجير" و لكنها في النهاية لم تذهب إلى جزيرة "ماجير" و إنما فضلت أن تتبع "جيل" إلى مدينة المكسيك كي تحضر آخر العينات للمعمل.

أرادت الزميلتين أن تحصلا على إجازة قصيرة، و عند عودتهما كانت "سارة" تحس في نفسها نشاطا، و قررت أن تضيف ساعة و نصف ساعة إلى ساعات العمل اليومية، حتى يمكن تعويض الوقت الضائع، و بمرور الوقت بدأت تحس بالعذاب أكثر من الآخرين، لأنها هي التي كانت تتحمل المسؤولية. كانت تحمل على كتفيها أوزار الفشل و النجاح لهذه البعثة.

حضر "جوناثان" إلى الخليج بعد أسبوعين، كي يمضي عطلة نهاية الأسبوع معها. عندما خرجت "سارة" من الغواصة يوم الجمعة بحثت عنه بعينيها لأنها كانت تحس بشوق جارف له. تقدم لتقبيلها، و انتظر حتى انتهت من تقريرها و قبل أن يصطحبها الى المقصورة كان "جوناثان" قد وصل فوق سطح "سيز توكر" من حوالي نصف ساعة، و كان كل ما سمعه من "شارلي لورنس" لم يسره تماما. و كانت "سارة" منهمكة و لا تريد أن تعترف بذلك.

و ما إن انغلق الباب حتى استعد "جوناثان" للمعركة فأمسك ب"سارة" من يدها و قادها إلى المرآة :

- انظري إلى نفسك عزيزتي...أنت على وشك الانهيار من الإجهاد من لحظة لأخرى.

دهش تماما عندما وجدها لا تعارض، و إنما جلست على السرير، و بدأت في تدليك رقبتها.

- هذه آخر ساعة أقضيها فوق سطح السفينة و غدا لن أنزل إلى الغواصة.

فجأة أحست بالقلق الشديد، فاستدارت بنفسها بين ذراعيه، قال لها هامسا :

- لقد اشتقت إليك.

كان ردها الوحيد أنها اندفعت تقبله بحرارة، حتى أحست باليأس فاشتعلت رغبته كما تعود كلما وجدها بين ذراعيه.

أحست بالامتنان له، و بدأ النعاس يداعب عينيها بعد أن زال عنها التوتر و الإرهاق.

مر اجتماع المساء دون مشاكل. و كانت المشكلة خاصة بأحد محركات القوارب البخارية الصغيرة. الذي كان في حاجة إلى إصلاح، و كان "ليو" يرى أنه يمكن إصلاحه دون الحاجة إلى رفعه فوق الأرض، و في اللحظة التي استعد قيها الجميع لجمع مذكراتهم و الرحيل رفع "جوناثان" يده قائلا:

- أرجو أن تعيروني انتباهكم

- جلس كل من كانوا قد نهضوا، فقال:

- لقد تمت الموافقة على منحكم الأموال الإضافية التي طلبتموها، و فيما عدا ذلك فلدي سؤال أود أن أطرحه: هل أنتم راضون عن استخدامكم للوقت؟

فتحت "سارة" فمها، ثم أغلقته، ثم سألته أخيرا:

- هل لديكم تعليقات؟

كانت هناك فعلا تعليقات، كان الجميع قلقين بالنسبة لمسألة الصحة و الجسد و الأخلاق.

و رغم عدم وقوع حادث معين يؤيذ تلك الشكوك، الا أنه بقي هناك ما يثير جوا من القلق و عدم الراحة. كانت "سارة" غاضبة:

- لو كنت رجلا لما قلتم هذا الكلام.

- اعترض "جوناثان" على قولها:

- لو كنت رجلا لأحسست أنك لست مجبرة على الاستمرار متجاوزة طاقتك.

استدار ناحية طبيب البعثة "مارني وايتر"

- كيف كانت حالتها في آخر فحص يا دكتور؟

- حسنة، و لكنها كادت تموت هذا الصباح.

قبل أن تثيرة "سارة" مشاكل خطيرة، أود أن تكلف غطاسا جديدا، بدلا منها و من "إيـد" ما رأيك؟

ذكرته "سارة" في الحال بأن المشروع الأصلي كان يتضمن ثلاثة غطاسين.

قال "إيـد":

- لو أن ليدنا غطاسا مؤهلا في مستوى "سارة" فلن تتردد لحظة في استخدامه، و لكن أين تجده؟

اعترضت "سارة" :

-و كيف ندفع أجره؟

قاطعها "جوناثان"

- انني سأهتم بذلك، و لكنه أثتاء تفكيرنا في ذلك فانني أتسائل :

- أليس من الأفضل أن نعود الى جدول المواعيد العادي؟ ان بحارا اضافيا لن يتعب "ماكس" أو "جيم"

لم يكن "ماكس" و "جيم" وفقا لما تعرفه "سارة" بحاجة الى التخفيف عنهما، و قد أفحم كلام "جوناثان" سارة فأخذت تغمغم:

- ما رأيكما يا "جيم" و يا "ماكس"؟

ذهلت "سارة" من الاجابة التي تلقتها.

كان "جيم" مرهقا من ادارة الغواصة في ركن "كامبتش بانك" شديد الوعورة و انه في حاجة الى الراحة، أما بالنسبة ل"ماكس" فقد أعلن أنه قد راقب الشاشة مدة طويلة، حتى انتهى به الأمر الى عدم رؤية شيء بعد مناقشة استغرقت عشر دقائق. نهضت "سارة" بعد أن أخذت نفسا طويلا.

- سنعود الى استخدام المواعيد الأولى، و سأمنحكم راحة لمدة نصف يوم كل أسبوع. و أرجو المعذرة لأنني لأنني لم أكتسف مبكرة أنكم مرهقون، سأطلب القهوة من "كلارا" و سنتناولها في الصالون حيث ننتهي من الحديث في بقية الأمور،

استمرر الاجتماع نصف ساعة اخرى، و قد بدا الوقت ل "سارة" أنه بلا نهاية. و عندما توجهت الى مقصورتها و قد أطرقت برأسها و هي صامتة. كانت تبدو مكتئبة للغاية و كان "جوناثان" يسير جوارها، فسألها عندما أصبحا بمفردهما :

- هل أنت غاضبة مني؟

ألقت سارة بنفسها فوق السرير دون أن تنظر اليه:

- لا

قطب "جوناثان" جبينه. كان ينتظر أي شيء عدا هذا الانهيار الذي يشبه الهزيمة.

- ربما كنت في حاجة الى نظرة جديدة تأتيك من الخارج.

- على الأقل لم أستوعب دروس رئيسي "الفاريدو" لنه لم يكن قائدا، بل دكتاتورا.

نهضت فجأة و أسرعت ناحية حجرة الحمام و هي تجري، عندما عادت، كانت قد ارتدت قميص نوم و قد انتفخت عيناهاز انزلقت داخل الأغطية بالقرب من "جوناثان" الذي كان راقدا بالفعل قبلها. ثم أطفأ النور و تمنى لها نوما هادئا. و قد أخذ يداعب شعرها.

- توقفي عن تعذيب نفسك من أجل ما حدث، فلا يوجد شيء كامل. لقد أنجزت عملا رائعا.

فصعدت الدموعثانية الى مآقيها:

- انهم لم يستطيعوا أن يخبروني، فلجأوا اليك. انك لم تحضر هنا سوى ثلاث مرات، و مع ذلك احترموك، و أعجبوا بك، انني أكاد أموت حسدا، اننا لسنا رغم ذلك في منافسة، أتصرف و كأنني فعلا في منافسة.

سألها "جوناثان" برقة:

- هل هذا ما ورثته أيضا من "الفاريدو"؟

ساد بينهما الصمت، ثم همست أخيرا:

- بدلا من أن أسمع نصائحك، أخذت أغراضك، ربما لأنني عندما أكون معك في السرير لا أعرف أن أقاومك، فبحثت عن مجالات أخرى لتحقيق ذلك كي أثبت أنك لا تسيطر علي كليا.

ضحك و هو يضمها اليه و يقول:

- لم يوجد بعد من يستطيع السيطرة عليك، أنت أكثر النساء استقلالا في العالم و أكثرهن عطاء أيضا، أليس هذا ما تودين أن أقوله؟ هذا هو التناقض الذي سحرني كما لم يسحرني شيء من قبل.

أخذ قلب "سارة" يدق بعنف:

- انها الرغبة التي تجعلك تقول هذا...

- حسنا. اذن علاقتهنا ليس لها معنى، و أن كل ذلك ليس سوى تسلية كبرى. هيا نستغل ذلك و لا نفكر في الغذ.

ابتسمت "سارة" و قالت:

-بصراحة يا "جوناثان"....

- اصمتي و قبليني..

جاء شهر يونيو بعد مايو ثم رحل شهر يوليو و ازداد الضغط على "سارة" و كان الفريق يتوقع منها ألا تتخذ قرارات صعبة فحسب و انما أيضا أن ترفع من روحهم المعنوية.

لم يكن مسموحا لها بالياس، حتى لو كانت أكثر العينات أهمية ذات نتائج

[Just Faith]

سلبية. و لم يكن باستطلعتها أن تبكي، أو أن تحس بالاحباط رغم مواجهتهم جميعا سلسلة من المشاكل الفنية و عقبات منوعة. و لحسن الحظ كان المهندس و رئيس الميكانيكيين على أعلى مستوى من الكفاءة. و لكنهم أضاعوا وقتا طويلا و البرنامج المفروض تنفيذه أصبح مجهول النهاية رغم أنه كان من المفروض أن ينتهي في منتصف شهر أغوسطس (أب)

بدأ "جوناثان" ينضم الى "سارة" في كل عطلة نهاية الأسبوع ابتداء من الصيف.

لم تكف "جيل" عن الاعجاب "بالرجل المعجزة"، هكذا كانت تعتبره... و ردت عليها "سارة" في احدى المرات و هي تضحك "انه مهجزة بالنسبة للامرأة ساذجة مثلك."

و من ناحية الخطة المهنية، لم تحدث أي مشكلة، كانت القرارات تتخذ بطريقة جماعية، لأن الجميع كان حرا في ابداء رأيه، و من هنا كان الجو المساند ممتازا و لا يبعث على التوتر.

و الحادثة الخطيرة الوحيدة قد وقعت في منتصف شهر يونيو. كانت "سارة" و "ايد" سيتخدمان خليطا من غازي "الهليوم" و الأكسجين يسمى "هيلوكس" و هو ما يجنبها ما يسمى ب "دوار الأعماق" نتيجة للهواء المضغوط. و في أحد الأيام بعد حوالي عشر دقائق من ملهما عندما بدأ "ايد" يقفز و يحرك "الماجنيتومتر" و كأنه لعبة. اعتقدت "سارة" أنه يمزح عندما رأته يلقي بالجهاز عن عمد و يتحرك بدون هدف. نزع خرطوم أنبوب التنفس و قدمه الى سمكة، فأمسكت "سارة" به من أحزمة زي الغطس خلف خزان الهواء و قادته الى الغواصة.

لم يمض وقت طويل في فحص محتويات خزانات الهواء، كان الهليوم في الحقيقة الذي كان يحتوي عليه "الهيلوكس" قد أدى الى الضغط على الأحبال الصوتية، و أصبح "ايد" بعد عشر دقائق يتكلم بطريقة "دونالد دك" في أفلام "والت ديزني".

الى هنا و الأمر يبدو طبيعيا، كل ما هو مطلوب بعض الهواء المضغوط.

و من المؤكد أنهما لم يكونا في خطر حقيقي، ففي حالة وجود مشاكل كان من الممكن أن يحضر "جيم" و "ماكس" لمساعدتهما. و لكن ذلك بدا غريبا. عندما علم "جوناثان" بذلك، ثار غاضبا و ركب أول طئرة و أخضع كل الفريق الى تحقيق دقيق. ثم تحديد الخطأ، يبدو أن بحارا مكسيكيا اسمه "اميليو أورتيز" قد أخطأ و هو يقوم بملء الأسطوانات، و رغم اعتراضات "سارة" أصر "جوناثان" على طرده و ترحيله الى الجزيرة. و تطلب الأمر يوميان الى أن رجعت الأمور الى طبيعتها.

فهمت "سارة" في منتصف شهر يوليو أن من الضروري تغيير اللسان الذي كانوا يعملون عنده، لكنهم ضلوا الطريق، ووجدوا أنهم قد يصلون الى "سان أنطونيو" في كوبا. و هناك قاموا بتفتيش المنطقة التي تم العثور فيها على الهلب الحجري. تركت "سارة" الفريق في جزيرة "ماجير" ثم طارت الى "واشنطن"، و طلبت مقابلة الأدميرال "تايلور"، فقد كان المر يتطلب تصريحا رسميا اذا كان لايد لهم من أن يغامروا بالبحث في المياه الاقليمية ل"كوبا"

حصلت على التصريح دون صعوبة، و أدهشها أن قدم "تايلور" شرحا:

اذا ضايقوكم، يمكن ل"ماكس"أن يعيد برمجة جهاز الاستشعار بالموجات الصوتية تحت الماء و ما ان يفعل ذلك، فان الطريقة الوحيدة لاختبار القدرات الحقيقية هي الصعود. و عليه فان الكوبيين ليس لديهم التكنولجيا اللازمة للتغلب عليه. و سيحطمون الجهاز الصوت دون أن يفهوا نوعية ما أمام عيونهم.

أعادت "سارة" يوم الجمعة مساء هذا الحديث على مسامع كل أعضاء الفريق و قد حضر "جوناثان" هذا الاجتماع، و كان قد حضر اليهم صباح نفس اليوم و عقد اجتماعا ضم كل المهتمين الرئيسين و أعطى رأيه حول الموضوع. كان يرى أن الخطر الداهم المغامرة بالقرب من المياه الكوبية. كان الكوبيون قادرين على اكتشاف كل شيء و القبض على الجميع و تقديمهم للمحاكمة باعتبارهم جواسيس و القائهم في السجون.

لم ينتبه الجميع لفترة و لكن بعد شهر من الفشل المتكرر. صمم الفريق على أن يحول البعثة إلى النجاح. و لو حمتهم البحرية فان ذلك يكفيهم. و لكن "جوناثان" لم يعر تبريراتهم أي انتباه.

عقد ذراعيه فوق صدره، و أعلن أنه يرفض الموافقة على تلك الخطة. اعترضت "سارة"

-لا يهم، على أية حال سنستمر بك أو بدونك

-ليس بدون وقود أو مال. بعد أن أرسلت كل الناس إلى الجزيرة "ماجير" أران أنه لم يبق معك سنت واحد. و بدون نقود لن تستطيعي التحرك إلى أي مكان.

سألته بصوت ناعم:

-إنني لم أسمعك أبدا تتحدثين عن الائتمان.

-يا عزيزتي. انك تتحدثين مع رجل بنوك، ويكفي أن أجري مكالمة أم مكالمتين تليفونيتين و تنقطع كل الأموال المودعة لحساب المشروع.

-"جوناثان"

-ماذا؟

نظرت حول المائدة, كان الجميع يبتسم...اقترح "إيـد" و هو يمازحها

-قولي له: انك لن نامي معه ما لم يسحب اعتراضاته.

قاطعه "جوناثان" ساخرا:

-لقد حاولت ذلك مرة. و لكنها لم تفلح.

ضحك كل الحاضرين. فنهضت "سارة" و هي تحدث صوتا بمقعدها و قالت:

-عندما تنتهوا من نكاتكم السخيفة. أرجو أن تخطروني. أنا موجودة في مقصورتي.

عندما وجد "جوناثان" أن "سارة" قد رحلت، عرف أن الحفل فسد، لقد أصبح بمفرده ضد الجميع. و إذا ما تسبب في فشل مشروع "سارة" فلن تغفر ذلك أبدا.

زفر و هو يهز برأسه:

-يا لها من شخصية :

لم يعد أحد يضحك. و بعد بضع لحظات من الصمت المحرج أعلن "شارلي لورنس":

-أعتقد أن بإمكاني الحديث نيابة عن الجميع يا "جوناثان" سنستمر في المشروع بطريقة أو بأخرى.

-موافق...و لكن... لماذا لا ننتظر بعض الوقت كي تحصل على الضوء الأخضر من الكوبيين؟

-ان موسم الأمطار يقترب. و ليس لدينا وقت.

-اسمع، إن شركتي تتفاوض بشأن اتفاقات مهمة مع الكوبيين. و في حالة تدهور الأمور فإنني سأستخدم كل قوتي و ثقلي، كي أضغط عليهم. و لكن لن أستطيع أن أشترك في هذا الأمر ما لم تمنحوني حرية اختيار الطريقة لمنع ارتكاب الحماقات، و ذلك عن طريق منحي السلطة المطلق فوق السفينة.

انتهى بهم الأمر إلى الاتفاق على وجهة نظره، و لم يبق سوى مشكلة "سارة" عندما أخبرها "جوناثان" عن الكيفية التي سارت بها الأمور، أصبح من حقه الحصول على أجمل منظر رآه في حياته، لقد أراد السيطرة عليها و استخدامها كإحدى ممتلكاته و لم يبحث إلا عن السلطة... فاستبعد بها الجنون و الغضب و انتهى بها الأمر إلى طرده من المقصورة. ثم صاحت بعد أن ألقت وراءه بحقيبة سفره:

-لا تنسى أن تأخذ هذه الحقيبة اللعينة معك.

تناول الحقيبة، دون أن ينطق بكلمة، و توجه ناحية الباب و هو لا يفهم ما يحدث، و كانت "سارة" تنظر إليه بعواطف متناقضة تماما.

لقد حصل "جوناثان" على موافقة جميع أعضاء الفريق، فلماذا إذن ترفض أن تتعاون معه؟

صاحت و هي تضع يدها على مقبض الباب.

-لقد مللت من أن ألعب لعبا نظيفا، و سئمت من ادعائك أنك تفعل ذلك لمصلحتي و كأنني ساذجة، و عاجزة، و مخدوعة، و غير مسؤولة، و أنك هنا لحمايتي فقط

عندما استدار فجأة، ضبطت في نظراته لمعان ينبئ عن عذاب لا حدود له، حاول أن يخفيه تحت قناع عدم الاهتمام.

-لقد حدث أنني أصبحت عاشقا لك، و لكن يبدو أن هذه ستكون آخر إهانة منك لي.

أخذت "سارة" ترتعد كورقة في مهب الريح:

-أنني مدرك لذلك تماما، و لا شك أيضا في أنك يمكنك أن تستمري في حياتك دوني، و مع ذلك، فان هذا لا يمنعني من أن أقلق، و لابد أن يسبب لي ذلك مشكلة... ثم استدار و قال:

-تصبحين على خير يا "سارة"

فجأة لم تعد تحتمل أن تراه يرحل، و رغم أنها هي التي طردته، أحست باليأس و غليان العاطفة. فمسحت دموعها بظهر يدها و عبرت المقصورة كي تنظر من النافدة الدائرية للمر، انتظرت في قلق صوت فقح الباب و غلقه، و لكن ذلك لم يحدث، ثم سمعت صوت أقدام "جوناثان" تتجه نحوها، وضع ذراعيه فوق ذراعيها. فاستدارت و ارتمت في أحضانه و هي ترتعش من البكاء.

[Just Faith]

الفصل الرابع عشر والخامس عشر كتابة الرائعة شمسك
الشكر الجزيل لها على ما منحته لنا من وقت وجهد

[Just Faith]

الفصل الرابع عشر

كان"ماكس ليبرمان" على حق فإذا نظر المرء طويلاً إلى شاشة جهاز الصوت يتحول كل شيئ في عينيه إلى شبكة من الخطوط الغامضة والدوائر التي ليس لها معنى . وقد حدث ذالك بعد ثلاثة أيام من وصولهم ألى اللسان المطل على "كوبا" إذ لم يعد يرى شيئاً. لم يتوصلوا حتى للعثور على الهلب الحجري وبالتالي على السفينة التي ينزل منها .
كان من الواضح أن الكوبيين رغم علمهم بما يحدث وما يوجد بين الانقاض وما يرون بأعينهم في نهاية الجزيرة لم يتحركوا .
عندما تحين الفرصة . سيحدث ذالك بسرعة لن تصدقها "سارة ا".. ظهر على الشاشة ذالك الشيئ المثلث الشكل وكان يشبه الهلب إلى درجة كبيرة حتى ظنوا أن ذالك مجرد وهم أو خداع نظر . كان مغروساً تحت عمق عشرين مترا .
ويظهر الجزء العلوي منه فقط وقد تغطى بالرواسب وكانت العواصف قد ازالت تلك الرواسب بشكل ظاهر ...قالت "سارة" ,لـ, "ماكس":-ـ سأذهب للبحث عن "إيد"و "جوناثان" .
كان الرجلان يقتلان الوقت بلعي الورق في حجرة ضغط الهواء وبعد عدة دقائق كانا ينظران إلى الشاشة في حين أذذ "جيم" يناور كي يفحص اكتشافاتهما من جميع الأوجه .
لبست "سارة" و "إيد" زي الغطس في صمت مليئ بالإثارة ما إن وصلا إلى المكان حتى أخذ في نزع ذالك الشيئ بأيديهما عندما أتما ذالك صعدت قطعة الطمي اللين إلى السطح وأظلمت نطاق بحثهما حفرا ثقباً بالاتهما حول الهلب ولكن على مسافة بعيدة جداً عنه وفي لحظة معينة وضعت "سارة" يدها فوق قطعة مستديرة وملساء من الحجر أشارت عنها إلى إيد فاكتشفا أنها قطعة من كومة حجارة وكان البحر مليئاً بهذه البقايا والشظايا وكانت السفن تلقي بالأحجار لتخفف من حمولتها قبل أن تذهب لتحميل البظائع كانت الحجارة التي عثر عليها "إيد" و "سارة" من ذالك النوع ومن المحتمل أنها سقطت منها نتيجة لجنوح باخرة بسبب العواصف .
ولما لم يظهر أي أثر للحطام عادا إلى الهلب واستطاعا بعد جهد جهيد أن ينتزعاه من مكانه وعندما خرجت "سارة" و "إيد" من حجرة الظغط كانت الغواصة قد رفعت ووضعت فوق السفينة وكان كل الطاقم بانتظارهما فوق السطح واستقبلوهما بالصياح والهتاف والتصفيق أخذت " جيل" تداعب الهلب وهي تقول: - كم هو جميل
صاحت "سارة" وقد تقطعت أنفاسها : - إذن إين الاحتفال , تقدم "جوناثان" نحو "سارة" وقد التمعت عيناه وقال: - تهنئتي لك , لكنها ظلت بعيدة عنه . واكتفت بتقبيله .
منذ تولى السلطة في إدارة العمليات والتي لم تر هي أي تغيير حدث منذ توليها نشأ بينهما نوع من التوتر الخفي وقد يرجع أيضاً إلى إرهاق "سارة" التي استجمعت كل قوتها كي تفوز ومع ذالك فإن تلك المسافة التي باعدت بينهما قد اختفت في الليل .
بدأ الفريق يتجه في اليوم التالي نحوالشرق ببطء اكتشفوا في نهاية فترة ما بعد الظهر هلباً أخر ولكن لا أثر هناك للسفينة نفسها ملأت "سارة" حقيبتها بأشياء منوعة أحست أنها قد تقودها في طريقها الصحيح .
زكان أكثر اكتشافاتهما إثارة جرة غير معروفة الطراز مما جعل "سارة" أكثر تفاؤلاً وبدا أنه لا مفر من لحظة لأخرى أن يكتشفوا الحطام والبقايا التي بحثون عنها .
استغرق منهم إخراج الهلب الثاني يومين ثم تابعوا طريقهم وفي صباح أحد الأيام عثروا على أوان فخارية جديدة وأحجار مستديرة ولا أثر هناك للسفينة . عندما ظهر الدليل الذي كانوا يبحثون عنه كان ذالك بمثابة خلاص غير متوقع كانت "سارة" تلعب الورق مع "إيد" و "جوناثان" في حجرة ظغط الهواء عندما وصلهم بالميكرفون الداخلي الخبر الذي جعلهم جميعاً يصيحون :
"يا ألهي" .
ألقوا بالورق جميعاً في الحال . وأسرعوا ناحية الشاشة رأوا هناك صورة فوتغرافية واضحة ترسم مقدمة السفينة ويجوارها تماما "هلبان" كانت السفينة مغروسة بعمق كبير في الطمي وطولها حوالي ثلاثين مترا وهي دون شك غريبة وغير مألوفة وسليمة .
وقف "جوناثان" بالقرب من "ماكس ليبرمان" و "جيم" يراقب "إيد" و "سارة" وهما يعملان وقد ظهرت فقاقيع الأكسجين وبعد مدة أخذ يفرك عينيه وقد تعب من الحملقة في الشاشة ثم قال لهما :-ـ أتريدان ان تشربا شيئاً .
وافقا وذهب "جوناثان" كي يحضر علب المثلجات من الثلاجة وعندما عاد لاحظ ظلاً فوقهم فأخذ يتفحصه وهو يفتح العلب ثم قال بهدوء :
-ـ يبدو لي أن هناك سفينة تحتنا على اليمين بعض الشيئ رفع الرجلان عيونهما وفي الحال نادى "ماكس" الغواصة وبعد محادثة قصيرة مع "شارلي لورنس" تأكدت شكوكهم لقد لاحضوا هم أيضاً الباخرة وقاموا بتحديدها والتعرف عليها كانت باخرة كوبية أعد "كلاي" تقريراً منظماً وافياً وعلمياً حول الإكتشاف الذي قاموا بتحقيقه . في ذالك الوقت أشار "ماكس" أن يتحدث عن الحطام و الكهف مع الغطاسين كي يبدو طبيعياً أمام الكوبيين الذين كانوا دون شك يتنصتون عليهم .
عندما انقطع الاتصال تحول "ماكس" إلى "جوناثان" وقال: -ـ والأن .. ماذا نفعل ؟
-ـ استدع "إيد" و "سارة" بحجة أن هناك مشكلة فنية وعليك ان تعيد في الحال برمجة الكمبيوتر .
-ـ أتخطر "سارة" بالتعديل ؟
-ـ حسناً .
بدأ "ماكس" بالضغط على مفاتيح الكمبيوتر وعندما رأى "جوناثان" أن "إيد" و "سارة" قد لحقا بغرفة الضغط . ضغط على زر الميكرفون الداخلي وصاح: -ـ "سارة" ؟
-ـ نعم.
-ـ هناك باخرة كوبية تراقبنا وهي أمامكما على اليمين بعض الشيئ . تبادلت "سارة" النظرات مع "إيد" وأحسا بالقلق والدهشة في أن واحد .
-ـ والكمبيوتر ؟
-ـ تم تعديله هناك ولكن .. ولكن ما هي الصدمة ؟ أحست "سارة" فجأة بالغواصة تتراجع بكل قوتها وأحست بعدم الراحة من وجودها محصورة في حجرة الضغط وقد انقطعت عن بقية العالم .
-ـ إنهم يستعدون لإطلاق (طوربيد) ويبدو انه من أمامنا انتبهوا إلى ما سيحدث من دوامة .
صاح "إيد" :
-ـ طوربيد ؟
-ـ نعم .. احتفظ بهدوء أعصابك وانتبه .
بعد خمس ثواني أخذت الغواصة تهتز وكأنها ريشة في مهب الريح وكانت الكلمات التي استطاعوا التقاطها باللغة الإسبانية . وكان الكوبي الذي يتكلم إسمه " الكولونيل دوران" وطلب منهم تعريف أنفسهم . احتج "جوناثان" بقوة وهو يشير إلى القواعد والأعراف الدولية . سألت "سارة" "إيد" الذي كان يفهم الإسبانية :
-ـ لماذا لم يطلب من "جيم" أن يصعد ؟ إذا فتشوا الغواصة فلن يجدوا شيئاً .
-ـ أعتقد أنهم ثائرون من الناحية الشكلية . جلس "إيد" على مقعد "سارة" .
-ـ على اية حال فأنا مسرور لان "جوناثان" موجود فوق سطح السفينة كي بواجه الموقف .
جاء صوت "جوناثان" في الميكروفون
-ـ سنصعد ولكنني أريد أن تكونوا على إتصال بالأدميرال "كوينتيرو" و ان تخطروه بأنكم هاجمتم بعثة أثار تحت قيادتي انا "جوناثان هيلي" من مؤسسة "ماكميلان وهيلي ولينش " لقد دعي "م جيرالد لينش " ثلاث مرات لزيارة كوبا هذا الربيع وهذا الصيف وقد ناقس شروط عقد مهم جدا مع الرئيس "كاسترو" شخصياً .
-ـ اصعد للسطح يا سيد " هيلي" .... سنقودك إلى ساحلنا مضت فترة صمت قصيرة ثم قال "جوناثان" بالإنجليزية
-ـ لقد قطع صديقنا الكوبي الإتصال يا "جيم" هيا بنا نذهب ووضع "إيد" ذراعه حول كتف "سارة" وقام "جوناثان" بإخطار "لورنس" لاسلكياً بما يحدث وطلب منه ألا يتحرك وأن يخطر السلطات الأمريكية .
ظهروا بالقرب من الباخرة الكوبية وتطلعوا في صمت فوجدوا ثلاثة رجال من الضفادع البشرية يغطسون ثم يربطون حبالاً بالغواصة كي يرفعوها فوق سطح الباخرة اهتزت الغواصة بطريقة مخيفة قبل أن تصطدم بالسطح بعنف خرج "جوناثان" أولاً وقد استقبله ستة أشخاص مسلحين وقد صوبوا بنادقهم نحوه تقدك ناحية القائد وهو يقدم نفسه وبدأ حديثه بسلسلة من الاعتراضات وتقدم بحاران منه واضطره إلى أن يقف ثابتاً ظل القائد صامتاً زهو يفحص وجهي "كلاي: و "ليبرمان" اللذين تبعا "جوناثان" سأل "دوران" :
=ـ وأين بقية فريقك يا سيد "هيلي" ؟
-ـ هناك غواصان بحجرة ضغط الهواء .
-ـ أشار "دوران" بيده إلى الغواصة:
-ـ تفضل أمامي سيد "هيلي" ليس كل يوم يستطيع المرء أن يشاهد جهازاً معقداً مثل هذا .
لم يكن أمام "جوناثان" فرصة الاختيار إذ يجب عليه الطاعة صحب "دوران" ومعه ضابط أر وأربعة جنود مسلحين وما إن دخلوا الغواصة حتى أشار "دوران" بإصبعه إلى الباب المستدير الذي يقود إلى الحجرة وحاول أحد الرجال فتحها أراد "جوناثان" أن يسارع إليها ولكنه وجد نفسه مواجه فوهة بندقية قال "جوناثان" ,لـ, "دوران" :
-ـ لقد فهمت خطأ دون شك بقيت ثلاث ساعات ونصف من الضغط للغاطاسين بالداخل .
-ـ آه .. نعم : مرض الأماكن المغلقة يقال أن الألم رهيب أشار "دوران" إلى رجلين بأن يسحبا "جوناثان" للخلف فأمسكا بذراعه فتحت البوابة كانت "سارة" و إيد" واقفين داخلها أمرهما القائد بالخروج فتقدما للأمام .
لم يفت "جوناثان" اللمعان الذي ظهر في عيني "دوران" عندما شاهد "سارة" .
-ـ أقدم لك السيد "إيد ستموني" و دكتورة "سارة بايرز الفاريدو" وهي أرملة الأستاذ "هومير الفاريدو" الذي يحظى بإحترام كبير في كوبا ..
-ـ فعلاً .
تقدم "دوران" وقام بتقبيل يد "سارة" التي كانت في شدة دهشة فتركت له يدها وهي ساهمة :
-ـ تشرفنا يا سيدة "الفاريدو" .... لقد كنت معجباً جداً بزوجك ولكنك تفهمين
-ـ وأنا متأكد من ذالك أنه يجب علينا تفتيش غرفة الضغط .
لم تجب "سارة" كانت غاضبة ومرعوبة في أن واحد كما كان منظر "جوناثان" تشحب أحس بالضغط وبأن الألم الذي تعانيه لابد وأن يكون غير محتمل .
-ـ بحق السماء يا "دوران" أرجع صديقي إلى حجرة الضغط ....
-ـ سنرى ذالك فيما بعد .
دخل ضابطان في الكابينة وقلباها رأساً على عقب وهما يفتحان كل شيئ ويستخدمان السكين في تمزيق المراتب ويبعثران الأوراق ويمزقان الكتب قال "دوران" وهو يغلق باب المدخل المستدير خلفه :
-ـ والأن .. بقية غواصتك يا سيد "هيلي"
-ـ عندما يعود الغواصان إلى الحجرة ..
-ـ إن هذا الأمر يدهشني .
هز "جوماثان" كتفيه :
-ـ إنك تعرض وظيفتك للخطر يا كابتن ...وقبل أن تتمادى .. انصحك للمرة الأخيرة أن تتصل بالأدميرال "كوينتيرو" وتخبره بأنك بصدد تحطيم الاتفاقات الاقتصادية وتتحمل بذلك قضية لا قبل لك بها فوق ظهرك وأنت تعذب أرملة " هوميو الفاريدو" وتهينها .
-ـ سيبقى غطاسوك هنا الوقت الذي يحلو لي فهم "جوناثان" أنه لا فائدة من وراء الإلحاح . صاح وهو يصر عل أسنانه :
-ـ اذهبوا وأحضروا "كلاي" و "ليبرمان" وأنا شخصياً لا أفهم شيئاً عن هذا الجهاز
مرت عشر دقائق منذ خروج "إيد" و "سارة" من غرفة الضغط بدت هذه المدة لـ "جوناثان " وكأنها عشر ساعات انحنى "كلاي" و "ليبرمان" فوق جهاز الصوت البحري وكان "دوران" يتحدث الإنجليزية بطلاقة وكان يبدو أنه أحد أعضاء جهاز المخابرات الكوبية مرت الدقائق وكان وجه "سارة مثل قناع من الخزف لا يدري "جوناثان" ماذا تخبئ خلفه وفجأة لمح تقطيبة ألم سرعان ما اختفت بدأت "سارة" تحس بألم لا يطاق في ساقيها ولم يبد أن "إيد" كان يعاني كثيراً ولكن مسألة وقت ولابد ان بجسديهما كمية كافية من النيتروجين جعلتهما يتحملان حتى هذه اللحظة .
بدأ الألم يصعد إلى فخذها أغلقت عينيها وهي تصارع الدوار وعندما شاهد "جوناثان" أن وجهها قد تغير لونه قرر ألا يستمر ذالك .
-ـ أدخل الغواصين إلى حجرة الضغط يا "دوران" لم يتحرك "دوران" ...
-ـ إذا لم تعطي الأوامر يا كابتن "دوران" فستضطر إلى قتلي لانه ليس لدي النية ان أشاهد ما يحدث دون أن أتحرك .
-ـ يا سيد "هيلي" ..
في هذه اللحظة ترنحت "سارة" وهي تطلق أنيناً مؤلماً ضرب "جوناثان" بكوعه بطن الحارس الذي كان على يسار "سارة" دون ان يعي بالرجل الذي كان يصوب مسدسا إلى رأسه صاح "دوران .
-ـ لا تطلق النار !
وسقطت "سارة" بين ذراعي "جوناثان" قال "جوناثان" وهو يتجه إلى فتحة الغواصة :
-ـ اتبعنا يا "جيم" وارفع الضغط تدريجياً حتى الدرجةالخامسة عشرة .
وسأظل خمس دقائق يالداخل للتأكد من أنها بخير.ما أن وضع "جوناثان" "سارة" فوق مقعد حتى بدات تتشنج كان الألم والخوف قد شد أعصابها إلى أقصى حد ثم بدأت تهدأ وهي تستنشق الأكسجين الذي كان يقدمه لها "إيد" ببطء أخذ الألم يقل شيئاً فشيئاً وكذلك القلق .
ما إن أخذ تنفسها ينتظم حتى تمددت قبلها "جوناثان" وهمس في أذنها أنه يجب عليه أن يخرج ثم استدار ناحية "إيد"
-ـ هل كل شيئ على ما يرام؟
هز "إيد" رأسه موافقاً ..
عندما عاد "جوناثان" ثانية إلى غرفة القيادة وجد الجو تغير تماماً اختفى المسلحون وبدا الظابطان وكأنهما سائحان وليسا من أعضاء المخابرات كانا يتناقشان بطريقة طبيعية مع "ليبرمان" الذي شرح لهما كيف أن البعثة تكونت من أربعة أشهر على جزيرتي "النمر" و "يوكاتان" قبل الحضور إلى ذالك المكان كان "دوران" يهز رأسه وهو يقول إنه فهم سأل وهو ينظر إلى "جوناثان"
-ـ هل غطاساك في حالة جيدة؟
-ـ هذا ما يبدو ولكن هذا النوع من الهذر قد تكون له أثار مدمرة وأنت تعلم ذالك .
فضل القائد أن يتجاهل ملاحظة "جوناثان"
-ـ إن السيد "ليبرمان" قد شرح لنا الهدف من البعثة وإني أسف لانه لم يتيح لي الوقت الكافي للإستفادة من الدروس حول قدرات غواصتكم وغمكاناتها إنهم يطلبونك لاسلكياً يا سيد "هيلي" الأدميرال "كوينتيرو" تبع "جوناثان" "دوران" خارج الغواصة وظل بالقرب منه طوال محادثته مع "كوينتيرو" رفض الأدميرال الاعتراف بأن ضابطه استعمل طرقا فاشية قاسية وادعى أن الغواصة كانت مريبة وأكثر من ذالك طلب رفع الهلب الخاص بالسفينة "سيز توكر" والرحيل فوراً وعلى متنها الغواصة "سيثمتر" وأضاف "كونتيرو"عندما قبل "جوناثان" :
-ـ من المؤكد أننا سننظر في المستقبل بمنظور أخر إلى أعمال السيدة "الفاريدو" .
واحكومة تدعوكم للحضور في الحال لقضاء بضعة أيام في "هافانا" فكر "جوناثان" بمعنى أخر فإن الحكومة ترجو "كونتيرو" كي يصلح الأواني المكسورة أعلن "جوناثان" وهو يضغط على فكيه أنه يقبل الدعوة بكل سرور .

[Just Faith]

الفصل الخامس عشر

كان قائد البحرية الكوبية الأدميرال "كونتيرو" شيوعياً عن اقتناع وسياسياً فداً لم يكن يحب الأمريكيين ولكنه كان يكره أن يؤدي تدخل " دوران" إلى وقوع أزمة دبلوماسية . إن الكشف عن واقعة سوء معاملة أرملة "هومير الفاريدو" ستثير غضب أمريكا الاتينية كلها أما بالنسبة لما حدث لـ "جوناثان" فقد كان البلد يبحث عن المعونة الدولية لجذب رؤوس الأموال فقد كان عملا يتسم بالنزق لقد أعلن لـ "جزناثان في لهجة محسوبة :

-ـ بالنسبة لهذه الفعلة غير الحميدة فقد كانت بسبب الحرص على أمن كوبا إذا ما أخذنا في الإعتبار الضغوطالتي تمارس على بلد صغير .

وطلب منه أن ينسى هذا الحادث المؤسف والنظر بإيجابية نحو المستقبل في سبيل توسيع نطاق المعرفة . لم يجد "جوناثان" ما يمكن أن يعيبه على كلامه لكن في مقابل ذالك طلب تفسيراً حول هجوم "دوران" لا شك انه كان من المعلوم السبب الذي من أجله جاءت "سارة" وفريقها فلماذا إذاً تعرضوا للمضايقة الفجائية بسبب وجود علماء الىثار الأمريكيين؟ طلب "كوينتيرو" لحظة للتفكير واتصل هاتفياً بالسلطات العليا ثم عاد إلى جوناثان وأخبره أن طلبه قد قبل .

لقد كان الكوبيين يعجبون منذ شهور طويلة بمتابعة أخبار أبحاث "سارة" الفاريدو في الجرائد المكسيكية والكوبية والأمريكية.

كما أنهم لم يجهلوا موضوع العثور على الهلب في عرض البحر "سان انطونيو" وأنه كان له قيمة أثرية كبيرة فلم يدهشهم أن يروا"سيز توكر" وهي تتجه نحو كوبا ولكن بحاراً مكسيكياً كان قد قبض عليه منذ شهر لإدخاله بضاعة ممنوعة أكد على أن البعثة في حقيقة الأمر غطاء لعملية جاسوسية وكان قد اعترف من تلقاء نفسه كي يطلق سراحه بسرعة وادعى أنه سمع تلك القصة من احد أبناء عمه الذي يعمل في جزيرة "النمر" أصر "جوناثان" بعد ذالك على معرفة المزيد ولكنه لم يظفر بأي كلمة أخرى لم يكن "جوناثان" يؤمن بأفراد العصابات الذين يقبض عليهم ولديهم معلومات مهمة يريدون الإفضاء بها إلى الشعوب المعادية .

كان ذالك يمثل فخاً خادعاً وأصر أن يعرف القصة الحقيقية كان قد أخطر بأنه لابد أن يذهب إلى جزيرة " النمر" أولاً عندما يغادر كوبا ولكنه غير رأيه وقرر الذهاب إلى برمودا ومنها إلى "مونت كارلو" ثم إلى نيويورك" وكان لديه شعور بأن تلك الرحلة ستكون أكثر الرحلات ثقلاً عليه ..

كانت الليلة الأولى التي قضاها فوق "سيز توكر" بعد التحقيق الرهيب مع "دوران" . قزت "سارة" مفزوعة وقد غطى العرق جبينها لم تتذكر سوى الجزء الأخير من حلمها:

لقد صرع احد الجنود "جوناثان" وضعت وشاحاً على كتفيها وصعدت فوق سطح السفينة كي تطمئن عليه وهي مشحونة بالافكار لقد كان "جوناثان بخير وكان قد توقف عند حجرتها قبل أن يرحل في الباخرة الكوبية المقابلة الأدميرال "كوينتيرو" في هافانا" وكانا قد ودعا بعضهما وداعاً مؤثراً ومن الطبيعي أنهما سيلتقيان بجزيرة "النمر" بعد أيام .

لم تتأثر صحتها ولقد إنتهى كل شيئ على ما يرام أخيراً وإذا ما جاءت نتيجة تحليل العينات إيجابية فإن مستقبلها العلمي سيكون باهراً .

بقيت بعد ذالك حياتها الخاصة بعد ان عاشت تلك الفترة مع "جوناثان " فهمت "سارة" انه يحبها حباً جماً وعميقاً أكثر مما كانت تعتقد ولكن اكتشافها تلك الحقيقة أقلقها وأزعجها كثيراً وأصبحت لا تدري ماذا تفعل في ذالك .

هل يجب عليها ان تغير حياتها كي تبقى بجانبه ؟ هل تترك "جورهام" لتنتقل إلى "نيو إنجلاند" ؟

وصلت "سيز توكر" إلى "سانتا روزا" في صباح اليوم التالي الاحد ولما كانت "جيل" ملهوفة على بدأ اختبار الأشياء الأخيرة التي أحضرتها البعثة كانت "سارة" أكثر لهفة على تسليم العينات إلى المكسيك وعندمن عادت في اليوم التالي كان ذالك من أجل أن تعرف ماذا دار في مكالمة جوناثان التي لم تستطع أن تستقبلها بنفسها.

سألت "جيل" :

-ـ بماذا أبدأ ؟ بالعينات ؟ أم بمكالمة "جوناثان" ؟

أجابت "سارة" وهي تتبع "جيل" إلى المعمل : -ـ بالعينات .

-ـ إن التمثال الصغير مصنوع من حجر البشم وكان موضوع في حمام بجوار إناء من الفخار إن له شكل نمر "الجاجوار" وينقصه المخلب والذيل وفي حمام أخر كان هناك "نارجيلة" وعدد من الغلايين .

إن وحدات الزخرفة المتكررة فوق أنية الفخار كانت مشابهة تماماً لتلك التي عثرت عليها مع "هومير" منذ سبع سنوات مضت اما بالنسبة لنمر "الجاجوار" والغلايين فقد سبق العثور على مثيلها في المواقع البدائية داخل باطن الأرض .

احمر وجه "سارة" من السرور وقالت :

-ـ لم يبقى سوى انتظار نتيجة الفحص بلكربون والكوارتز . وعمدما تصل النتيجة من المكسيك ستقيم احتفالاً كبيراً ماذا عن "جوناثان" ؟ ماذا قال لك ؟

-ـ لقد وافق الكوبيون على استمرارك في حفائرك أما بالنسبة لـ "جوناثان: فليس بإستطاعته الحضور هنا الآن لأن لديه عملاً عاجلاً لا بد من تسويته وسيحضر في أقرب وقت ممكن.

أحست "سارة" ببعض الألم في قلبها لقد أحست بالإحباط لم يمر سوى أربعة أيام على رحيله ولكنها تحس بالشوق الرهيب إليه وبالنسبة للمستقبل فإن العلاقة التي تكون عن بعد لا يمكن أن ترضيها أيضاً أبداً .

بإنتهاء البعثة عاد بعض أفرادها لوطنهم والبعض الأخر إلى الخليج على سطح "سيز توكر" كي ينتهوا من بعض الدراسات الخاصة بأعماق المحيطات بينما ظلت "سارة" فوق الأرض .

والآن قد رفع عن كاهلها أكبر جزء من المسؤولية أصبحت تحس بالتعب الشديد .

مر أسبوع وذهبت كي تقضي بضعة أيام من الإجازة في "كوزميل" والتحقت بـ "سيز توكر" لمدة ثلاث أيام عمل ثم عادت إلى جزيرة "النمر" بواسطة قارب بخاري . لم يظهر لـ "جوناثان" أي أثر وأنتهى بها الأمر إلى الاتصال بالمكتب حيث أخبرتها "جودي" بأنه في اليونان وسيعود في عطلة نهاية الأسبوع .

يوم الجمعة طلبها مدير معمل أبحاث المكسيك بالتليفون كان يحاول السيطرة على انفعاله بصعوبة لقد كانت ثلاث قطع من العينات تحتوي على كمية كافية من الخشب تسمح بتحليلها وقد دل التحليل على أنها تنتمي إلى العصر ما بين 580 ق إلى 650 ق.م وأن السفينة لا بد أن تكون من عصر قديم جداً ولا يمكن أن تكون إسبانية وانحصرت ما بين السكان المحليين أو "الميتا يوتاميين" .

ما إن وضعت سماعة التليفون حتى طلبت مكتب "جوناثان" كي تترك له رسالة ولم تكن تعرف إنه قد عاد ولكن "جودي" أخبرتها أنه عمل طوال اليوم وأنها ستوصلها به وبدات "سارة" تتساءل عما إذا كان يحاول تجنبها ؟ ولكن كان من الصعب تصديق ذالك وخاصة عندما تذكرت كيف عرض حياته للخطر كي يحميها .ولكن بعض الرجال قد يكونون غير مستقرين ويغيرون عواطفهم بسرعة عندما جاء صوته في السماعة عرضت عليه ببرود نتائج التحاليل ثم أضافت:

-ـ انني احس بالحزن لأنك لن تحضر احتفال هذا المساء .

-ـ وانا كذالك وسأحضر عندما أستطيع ذالك أوه انتضري ثانية واحدة فهناك من يطلبني في التليفون الأخر .

حاولت "سارة" أن تكبح جماحها وعندما عاد مرة ثانية قالت بتهكم :

-ـ إنه ليس مجبراً أن ينتقل من مكانه إذا لم تكن له رغبة

صاح فجأة: - إنني أتحرق شوقاً لرؤيتك ألا تعرفين مدى شوقي إليك ؟ ثم أضاف : إنه لن يتاخر في الحديث معها بعد ذالك ثم جاء اتصال عاجل فقال :

-ـ انتبهي لنفسك يا عزيزتي سأحاول أن أحضر في عطلة نهاية الأسبوع .غمغمت"سارة" في صوت منخفض بأنها مشتاقة إليه أيضاً ثم أنهت المكالمة .احست بعدم الراحة وبأنها خائفة بعض الشيئ وكانت تخشى فجأة ألا يلحق بها .

وفي المساء ضحكت وتفكهت مع الأخرين ولكنها منذ ان أصبحت متأكدة من أن أحدا لا يراقبها ولن يلاحظ غيابها توارت عن الأنظار وعادت إلى مقصورتها كانت منهكة ويكاد رأسها ينفجر لقد اختفت فرحت الإنتصار من حياتها تماماً عندما سمعت طرقاً على بابها طلبت من الطارق أن يدخل قبل ان تبتلع قرصي أسبرين .دلف "جيل" إلى داخل الحجرة وجلست بجوارها على السرير وهي تفكر قالت لها :- إنك لست سعيدة .

زفرت "سارة"زفرة حارة وقالت : - هذا أمر واضح وأرجوا ألا يكون ذالك بالنسبة له نفس الشيئ.

-ـ أتصدقين أنه يعشقك بجنون وأتوقع أن يطلبك للزواج ولابد أنه ينتظر فقط عندما تستعدين وهذا كل الأمر .

-ـ كم أنت لطيفة ...

-ـ لا , ولكنني عملية لقد تقدمت فجاة خطوات واسعة نحو تحقيق علاقة معه والمطلوب بعض الصبر هيا قومي الآن فإن "روسيل" فوق سطح السفينة الأن إنه يدعي الغضب لأنه لم توجه إليه الدعوة وكأننا كن نعرف أنه موجود في الجزيرة . تبعت "سارة" صديقتها ولكن فكرها حول "جوناثان" كان يطاردها إنها الأن قادرة على أن تحدد اللحظة المناسبة تماماً التي وقعت فيها أسيرة حبه عندما كان يلقي محاضرته في كلية الدراسات العليا وبعد أن إنتهى من محاضرته واستعد للرحيل كان قد ترك انطباعاً بالقبول لدى الجمهور .

قدم الشراب في حجرة الصالون إلى "روسيل" .الذي هنأها وكان الجميع حولها يضعون خطة التنقيب الصيف القادم وكان الجميع مقتنعين بأنه سيطبع العلاقات مع كوبا في اليوم التالي . رغم صعوبة الأحوال فقد إستانف الجميع العمل لإعداد التقارير الموجهة إلى معهد "بورت شارلوت" وإلى البحرية الامريكية وكانت العودة إلى الدراسة قد اقتربت وكانوا يتناولون القهوة في فترة الراحة بعد الظهر عندما ظهر "جوناثان" ساد بينهم صمت تام للحظات ثم صاح الجميع وصفقوا وتقافزوا حول رقبته . نهضت "جيل" ورفعت صوتها قائلة :

-ـمرحباً بممولنا المفضل و "جيمس بوند" البعثة الذي لا يبارى ..شكراً لك يا "جونا ثان"

-ـ الشكر للجميع .وجه "جوناثان" ابتسامة شاردة ثم التفت إلى "سارة" وقال :

-ـ هل يمكنني ان اتحدث معك على انفراد ؟ هناك امر لابد من تسويته ويجب ان أحيطك به علماً .

تبعته "سارة" وقلبها يدق بعنف ولم يكن ذالك الأمر هو الذي يشغل باله فقط إذ كان الأرهاق الشديد بادياً عليه وما أن أصبحا بمفردهما حتى أخذته بين ذراعيها وقبلته ولكن لم تكن أيةحرارة في رد فعله وإنما فقط الحلاوة والنعومة فابتعدت عنه :

-ـ إذا لم تعد تريد ان تراني فليس أمامك إلا أن تقول ذالك وانا أستطيع أن أشفى من ذالك جاءها الرد همساً في أذنها :

-ـ لست أنا الذي أريد .. جذبها إليه واجبرها ان تضع رأسها على كتفه ثم استمر في الحديث :

-ـ لقد مررت بإسبوعين رهيبين ولم اكن أريد أن أشركك في الأمر ولكنني في حاجة إلى وجودك حتى وإن لم تقولي كلمة واحدة

-ـ تشركني في ماذا ؟

بدا جاداً لدرجة افزعتها وكأن العالم سينها فوق رأسه ويذهب به إلى المجهول .

-ـ إن ابن عمي متورط في عملية تهريب التحف العالمية ولم اكن متأكد من ذالك حتى مساء امس ثم علمت أنه وصل إلى الجزيرة توقف لحظة وأكمل :

-ـوفي لحظة ما وجدت نفسي أحي ببعض الخلاص عنما اكتشفت ان بإمكاني ألا أواجهه بمفردي هل تأتين معي ؟ لم تلق "سارة" أية أسئلة وامسكت بخصره وجرته معها فأحس "جوناثان" من حركتها انها ستقف بجانبه وهذا ما أشعل عاطفته .

وجدا "روسيل" في منزله الخاص يعمل على ملئ أوراق عديدة ابتسم عندما رأهما ومد يده إلى "جوناثان" ولكن الأخير تجاهلها وجلس فوق مقعد ذي مساند .لم يسبق لـ "سارة" أن رأته على هذه الدرجة من الغضب جلست بجواره وامسكت بيده قال "جوناثان" عندما أغلق "روسيل" الباب :

-ـ لقد أحببتك كثل أخي وقد غفرت لك أشياء عديدة ولكن بسببك كانت المرأة التي أحبها تلقى مصرعها وهو ما لن اغفره لك إطلاقاً واحياناً تتملكني الرغبة أن أراك تتعفن في أحد سجون المكسيك ولكن هذا الأمر يجب ألا يقع في عائلتنا .

ونظر بعيداً وقد لمعت الدموع في عينيه .

-ـ ثم هناك طفولتنا يا ألهي .. يا "روسيل" كيف أمكنك أن تتورط في هذه القصة ؟

بدا "روسيل" مذهولاً تماماً وقال :

-ـ ولكني لا أعرف عم تتكلم ...

-ـ كفى ..

وضع "جوناثان" يده في جيبه واخذ يبحث عن شيئ او لعله كان يحاول ان يمتنع نفسه من الهجوم عليه .

-ـ إنك تخسر مبالغ فلكية على موائد القمار في "مون كارلو" وتنفق أموالاً طائلة على شراء الجواهر أكثر مما يسمح به دخلك لقد افتتحت ورشا صناعات يدوية في اليونان وفي العالم أجمع بدعوى البيع للسياح وهو غطاء ممتاز والحقيقة أنك تبيع التحف المهربة وسط المصنوعات اليدوية للمليونيرات فهم على استعداد لدفع مبالغ طائلة وكان حضور "سارة" وفريقها سيسبب لك الإزعاج إذا اكتشفوا موقعاً أثرياً فسيكون ذالك عبئاً على ظهرك لسنوات عدة وعليه قمت بتنظيم عملية تخريب يعاونك فيها الرجال الذين فرضتهم على "سارة" وأرسلت ذالك البحار الكاذب إلى كوبا كي يعترف بحكايات جاسوسية وهمية . ليس امامك الأن أي فرصة يا "روسيل" إذ قلت إننا كنا في مأمن لانك تعلم أننا سنقضي الصيف في كوبا وتتخلص منا .

هز "روسيل" كتفيه وتوجه إلى البار كي يصب لنفسه كأساً دون أن ينطق بكلمة.

-ـ أطالبك بأن تنهي عملية التهريب هذه في الحال واعلم ان على شركائك وعليك أيضاً ترتيب عملية تصفية فنادق "هيلي" ونواديه وفي المستقبل ستظل خارج العمليات المالية في العائلة .

ابتلع "روسيل" الشراب ولم يعبر وجهه عن أي انفعال ثم ضحك ضحكة مفتعلة وقال :

-ـ برافو يا "سارة" لقد اعتقدت انك حتى لو اكتشفت شيئاً بالقرب من ساحل كوبا فستستمرين في العمل على سجني لان الكوبيين لم يكونوا ليسمحوا بإقامة قاعدة في أرضهم وليس لدي شيئ ضدك أرجوا ان تعلمي هذا ولم أفكر لحظة في إمكان وقوع ما حدث إلى أن حدثت واقعة غرفة الضغط لم يكن لي أبداً دخل بما حدث.

قال "جوناثان" بلهجة لاذعة :

-ـ إن أسفك يصل إلى صميم قلبي وسأعود غداً كي تطلعني على تفاصيل مغامراتك وأريد الأسماء يا "روسيل" وكافة التفاصيل .

ثم امسك بذراع "سارة" وقال : - هيا بنا نذهي .

أخذ رأس "سارة" يدور وهما يبتعدان في اتجاه الرصيف وقالت وهي تتلعثم :

-ـ هل تعتقد يا "جوناثان" أن ذالك البحار "إميليو أورتيز"

-ـ "أورتيز" و "فيرجاس" وحتى الطاهية والأخرين من المحتمل أنهم مجموعة من الأقارب المتورطين في الأمر لوكنت بمفردي لما استطعت مواجهة الأمر وغداً سيكون الوضع على ما يرام .

حاولت "سارة" ان تكتم الأسئلة التي كانت تطارد عقلها لمعرفة كيفية كشفه تلك المعلومات حول مؤامرة "روسيل" واكتفت بالسير بجانبه ما عن انفردا ببعضهما في مقصورتهما حتى تمددا فوق السرير وهي ملتصقة به

-ـ يا عزيزي .. إنه لم يكن يتخيل ان أحداً قد يصاب وهو أمر ليس رهيباً مثل تهريب المخدرات مثلاً.

ولكن انتظر .. أعتقد بدأت أفهم .. إنك لم تحاول الاتصال بي من أجل ذالك الموضوع ؟

-ـ نعم لقد كنت أخشى ان تنشري هذه القصة وان تتسببي في فضيحة لم أستطع أن استقر على تقديم "روسيل" للعدالة ولقد فكرت أيضاً أن أخفي عنك هذا الموضوع لكن فكرة أن نعيش معاً وبيننا تلك الكذبة كانت أمراً مستحيلاً

أحست "سارة" فجأة وكأن عبئاً ثقيلاً قد انزاح عن صدرها

-ـ طوال مدة زواجي كلها لم يحاول "هومير" أن يفصح لي عن موضوع له هذه الأهمية لن أتمكن يا "جوناثان" أن أوفيك حقك من الشكر طوال حياتي على كل ما انجزته في هذه البعثة لقد ساندتني ومنعتني من إرتكاب أخطاء قاتلة وعلمتني الحب يا له من صيف رائع ابتسم وهو يقول:

-ـهل هذه دعوة ؟

-ـ ما دمت تقول هذا فهي غير مستحيلة .

تعانقا وحلت الرقة والحنان محل الرغبة ارتاح كل منهما بين ذراعي الأخر لمدة طويلةوهمست "سارة" في أذنه بصوت رقيق :

-ـ أتدري أنني أحبك ؟

-ـ أعلم .. ويمكنك أن تردد ذالك كلما عن لك هذا ..

أخذ يداعب خصلة من شعرها وقال :

-ـ إنني لم أكن أفكر في الإسبوعين الماضيين في "روسيل" فقط وإنما فكرت في حالنا أيضاً

-ـ وبعد ؟

-ـ لقد تحدثت مع رجال جامعة "كولمبيا" وهي الجامعة الوحيدة في "نيويورك" التي بها مكان شاغر في تخصصك .

-ـ مازحته "سارة" قائلة :

- لطيف منك أن استعلمت وماذا أيضاً؟

- حسناً إذن .. لقد حجزت في منظقة "تاقيرن أون ذي جرين " من أجل

زواجنا .

- مستحيل, ما أعلمه أن الحجز يجب أن يتم قبل سنة من موعد الزواج .

-ـ ولكني حصلت على حجز في شهر نوفمبر .

-ـ إنك تكذب !

اعترف وهو يضحك وقال :

-ـ نعم .. ولكن كان باستطاعتي الحصول على ما أريد ولكنني قررت أن نكون عاشقين صبيحة يوم لقائنا .

جلست "سارة" وهي توجه له نظرة حادة :

-ـ إذن لقد لعبت بي . كل هذا الخديث لا يهمك فيه إلا القليل فقط هو . هل نكون صديقين أم عاشقين ؟

-ـ هل هذا لغز ؟ لقد وقعت في حبك في اللحظة التي وقع فيها بصري عليك ولكن دوافعي كانت نبيلة .

أجبرها على الرقاد وقال :

-ـ هناك مسألة اخرى لابد من تسويتها يا دكتورة "بايرز" إذا أردت أن تذهبي إلى كوبا الصيف القادم فأنت في حاجة إلي , وخدماتي ثمنها غالي .

-ـ قم بهذه الخدمات بسرعة يا "جوناثان هيلي" فليس لدي وقت طويل أكرسه ..

-ـ حسناً ستنتقلين إلى "نيويورك" وتقبلين وظيفة في جامعة "كولمبيا" وتتزوجينني .

اعتبرت "سارة" ذالك ثمناً معقولاً تدفعه كي تعيش في السعادة حتى نهاية العمر .