آخر 10 مشاركات
مـــا أصعب الإبتعاد عنها *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          همس المشاعر بين ضفاف صورة .. وحروف ماثورة... (الكاتـب : المســــافررر - )           »          القرار الصعب (ريما وعبد المحسن) / للكاتبة روح الشمالي ، مكتملة (الكاتـب : أمانى* - )           »          سَكَن رُوحِي * مكتملة **مميزة** (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          لهيب عاشق-قلوب أحلام زائرة- للكاتبة الرائعة::هبة خاطر *كاملة+روابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          إغواء البريئة (67) للكاتبة: جيني لوكاس .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          Wed for the Spaniard's Redemption by Chantelle Shaw (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي الرواية الجديدة التي تفضلونها
فكرة جديدة تماما 2,055 56.56%
جزء ثاني لرواية بأمر الحب 665 18.30%
جزء ثاني لواية لعنتي جنون عشقك 913 25.13%
المصوتون: 3633. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree505Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-06-15, 11:56 PM   #20701

نداء الحق

نجم روايتي وعضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاءوفراشة الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية نداء الحق

? العضوٌ??? » 122312
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 6,902
?  مُ?إني » العراق
?  نُقآطِيْ » نداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso مشاهدة المشاركة
السيمفونيه بدات تخف
والعزف صار متقطع
وتيمو لسه ماظهرت

هههههههههههههههههههه
اقرأي عليه وانفخي بلكت يرجع ينام


نداء الحق غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 01-06-15, 11:56 PM   #20702

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

ليلتكم سعيدة.. تسجيل حضور

ebti غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-15, 11:57 PM   #20703

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

أنا جيييييييييييييييييييييييي ييييييييييييييييييييييييي ييييييييت .... أرجو الامتناع عن التدخين
mareen likes this.

tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 01-06-15, 11:59 PM   #20704

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

الفصل الخامس و الأربعين :
( هل أنتِ مصممة على المغادرة ؟!! ..... كنتِ قد أعدتيني لأيامِ من زمنٍ فات ... )
خرج صوت كرمة حزينا جميلا .... مترافقا مع ابتسامتها الخلابة ...
فابتسمت وعد و هي تمسح طرف عينيها من دمعةٍ خائنة ... لا تزال تتسلل حارقة كالأسيد من مقائيها ...
ثم قالت بخفوت ساخر
( لم تكن اياما سعيدة تماما ........ )
امالت كرمة رأسها و هي تقول مبتسمة
( اتعلمين ..... للعجب اشعر الآن فقط أنها كانت جميلة للغاية ..... بعد أن ارتاح بنا الزمان ... فذهبت ذكرى الألم و تبقت الذكريات الطريفة ..... )
شردت كرمة قليلا و هي تنظر بعيدا متابعة بحزن
( تلك هي المشكلة ....... حين نرتاح ... ننسى الألم الذي كان , و تبقى فقط الذكريات الجميلة .... و هذه الذكريات تشعرنا بأننا كنا نمتلك السعادة يوما .... فقط لو حاولنا أكثر قليلا .... )
عقدت وعد حاجبيها قليلا ... و هي تسمع صوت كرمة الغريب ....
فاقتربت منها خطوة .... لتهمس بصوت خافت
( كلامك لا يعجبني ...... هل لازلنا نتكلم عن أيام طفولتنا أم أنكِ تطرقتِ لشيء آخر ؟!! ..... )
رمشت كرمة بعينيها عدة مرات قبل أن تهمس مجفلة و عيناها تراقبان باب الغرفة خوفا من دخول حاتم على الرغم من استحالة ذلك ... لكن وجوده بات يشكل لها رعبا من أن تقول أيا مما قد يغضبه ...
( انسي ما قلته و اهتمي بما تمرين به ...... كل ما يهم الآن هو ملك و مشكلتها ..... )
مدت وعد يدها تمسك بذراع كرمة و قالت منعقدة الحاجبين
( هل أمورك بخير مع حاتم ؟!! ....... )
فغرت كرمة شفتيها قليلا و هي تنظر الى عيني وعد ... ثم أسرعت بالإيماء و هي تقول
( نعم .... نعم بخير , لا تشغلي بالك بي .... )
عبست وعد بشدة و هي تقول بصوت خافت كي لا يعلو خارج جدران الغرفة فيسمعه حاتم
( كرمة اياك و افساد الأمور بينكما ......... انه زوج لن تعوضيه ولو بعد مئة عام ... )
مطت كرمة شفتيها وهي تقول بخفوت
( انظري من يتكلم !!! ..........)
قالت وعد بشدة همسا من بين أسنانها
( الم تجدي من هي أكثر خيبة في الحياة كي تتخذين منها قدوة ؟!! ..... بالله حافظي على زوجك هذه المرة , لن نجد لكِ زوجا جديدا كل مرة !! ...... )
صمتت قليلا و هي تنظر الى كرمة بعدم اقتناع .. ثم قالت بوجوم
( لا أعلم ما الذي يمنحه الصبر عليكِ ؟!! ....... )
مطت كرمة شفتيها و هي تقول بامتعاض
( نفس السؤال أسأله لنفسي فيما يخصك أنتِ و سيف !! ......... )
صمتت قليلا ثم قالت بخفوت حزين
( وعد ...... أتظنين أن العيب بنا نحن ؟!! ...... هل نعاني خللا ما ؟!! ...... )
أمالت وعد وجهها و هي تتأمل كرمة جيدا .... ثم قالت بفتور
( نظرا لطبيعة نشأتنا ..... أجدنا بطلات .... لذا يتوجب عليهم أن يتفهموا ..... )
عضت كرمة على شفتها قليلا ... ثم سقطت جالسة على السرير بقنوط
( ماذا لو لم يتفهموا ؟!! ............ ما العمل حينها ؟!! ..... )
كانت وعد تنظر الى كرمة بقلق ... كلامها غريب و شكلها أغرب .... لقد أخذتها المشاكل بعيدا , و اطمئنت الى أن كرمة قد تزوجت ... فسلمت بأنها سعيدة و مستقرة .... و تناست تماما حبها لمحمد ....
لكن هي على الأخص تعرف مدى حب كرمة لمحمد ..... و مع ذلك اختارت تجنب ذكر الموضوع فيما بينهما ....
تركت وعد الحقيبة التي تحمل فستانها الليلي تسقط ارضا .... ثم ارتمت بجوار كرمة و هي تقول بحزم
( ما الأمر ؟!! ........ و لا تهيني ذكائي قائلة بأن كل شيء بخير ......... )
رفعت كرمة وجهها الى وعد و قالت بجدية
( وعد .... هل هذا وقت يسمح لكي تهتمي بمشاكلي النفسية التافهة !! ..... دعكِ مني و لنهتم بملك حاليا ... )
أظلمت عينا وعد و تنفست بصعوبة .... فكل نفسٍ تسحبه كان يبدو كالسكين المشدود بوتر ... ينحر في قلبها ....
اخذت نفسا مؤلما آخر .... ثم قالت بصوتٍ لا حياة به
( ملك ....... ملك ....... ماذا سأفعل ؟!! ..... و كيف سأتصرف ؟!! ...... أنا نفسي لا اعلم ..... لقد قتلتني ...... )
أطرقت بوجهها و رفعت يدها الى صدرها ..... أنه يؤلمها بشدة .... و الأقراص مع سيف ......
رفعت عينين مبللتين بزجاجٍ مغطى بقطراتِ مطر ندية و هي تفكر ....
" بأنها لن تجلب الدواء من نفسها أبدا ..... أبدا ..... فلا شيء يستحق بعد الآن .... "
تحشرج صوتها قليلا و هي تقول بخشونة
( دعي ملك الآن ..... فأنا أشعر باقترابي درجة من الموت كلما تذكرت ما فعلته ...... و أخبريني ... )
حاولت تجلية صوتها ... ثم قالت بخفوت
( اذن ....... مشاكلك النفسية التافهة ...... كنت أعرف أن الخلل يبدأ و ينتهي عندك ...... ما هي تلك المشكلة العويصة في حياتكما ؟! .... )
أخذت كرمة نفسا مرتجفا ... و هي تنظر امامها .... تبتسم بارتجاف لتعود ابتسامتها لتختفي بسرعة بقلق ... ثم قالت أخيرا بخفوت
( أكتشفت أنني ........ أنني أحب حاتم ..... )
ظلت وعد تنظر اليها و كأنها لم تسمع الاعتراف الذي نطقت به كرمة للتو .... بل اكتست ملامحها بالبلادة منتظرة متابعة كرمة وصولا الى لب المشكلة ....
و حين اكتشفت ... انه لا تكملة ..... رفعت حاجبها ببطىء لتقول بوجوم
( تحبين زوجك ؟!! ...... انه انحلال غير مغفور .... كيف استطعت ارتكاب تلك الجريمة الشنيعة ؟!! .... )
نهضت وعد من مكانها و هي تقول هاتفة بحدة
( صحيح انني طلبت منكِ تجنب الحديث عن ملك .... لكن لم اتخيل ان تكون مشاكلك بمثل تلك التفاهة مقارنة بنا ...... اراكِ فيما بعد يا عاشقة ..... انا راحلة , و حين يصفو بالي ... سأفكر لكِ في حل كي نتستر على فضيحة حبك لزوجك ...... )
قفزت كرمة و هي تكمم فم وعد لتقول همسا بحدة من بين اسنانها
( ششششششش ..... اخفضي صوتك , تبا لكِ ...... قد يسمعك حاتم ..... )
رفعت وعد حاجبها بارتياب و هي تنظر الى الباب المغلق .... ثم قالت من تحت كف كرمة بتوتر
( هل هو معتاد على التصنت عليكِ من خلف الأبواب ؟!! ..... ربما مشكلتك اكبر قليلا مما ظننت !! )
رفعت كرمة يدها عن فم وعد ببطىء و هي تهمس مراقبة الاجواء .. ووعد تتبع نظارتها بتوجس
( انه لا يتنصت ابدا ...... لكن لو سمع اسمه بالصدفة و هو يمر .. قد يقتحم الغرفة مطالبا بمعرفة كل ما قلته و كل ما اشعر به ........ )
زفرت كرمة بحدة و هي تقول بغيظ و هي تعود لترتمي جالسة على حافة السرير
( انه متملك لدرجة خانقة ....... و أنا ........ )
زفرت مجددا و هي ترفع يدها لتبعد شعرها عن وجهها و هي تقول بيأس و قنوط ...
( و أنا أحاول التعافي ...... لكن المشكلة انني لست مريضة كي أتعافى ..... )
جلست وعد بجوارها و هي تقول باهتمام
( لماذا لا تشرحين لي مما تعانين ... بدلا من محاولاتي الواهية في فك شفرة كلامك .... )
قالت كرمة بخفوت
( انه يتخلل كل ذرة من حياتي .... يحدد ما آكل .. و ما ألبس .... يسألني عن كل دقيقة أقضيها بغيابه ..... و كأنه يخشى لو أغفل النظر عني للحظة فسوف أتبخر و أتلاشى ....... )
رفعت وعد حاجبها و هي تقول بتعجب
( هل يحدد لكِ مواعيد دخول الحمام كذلك ؟!! ............ )
هزت كرمة رأسها و هي تقول بصدق
( لا أستبعد أن تكون تلك هي خطوته المقبلة ............. )
نظرت الى وعد و هي تقول بيأس
( تخيلي أنه يمنعني من الذهاب الى المطبخ ليلا لو شعرت بالجوع ...... إما ذلك أو أن يأكل معي حتى لو لم يكن جائعا ... حينها اشعر بالخجل و أعود معه الى الغرفة ....... )
عقدت وعد حاجبيها بشدة ... ثم قالت بخفوت
( لا حول و لا قوة الا بالله ..... لا أسوأ من جدي الا جدتي ..... لقد رزقك الله بزوجين كل منهما يسلك طريقا على الطرف الأخر من العالم عكس الآخر ..... )
لوحت كرمة بذراعيها و هي تهتف
( نعم ذلك هو ما أشعر به ........ إنه على النقيض تماما من محمد .... و كأنه يحاول ان يعوضني كل كل يوم قضيته قبل ان اعرفه ...... احيانا .....)
صمتت قليلا و هي تتنهد مبتسمة .. لتتابع شاردة بعبث و دلال
( أحيانا أشعر بكل ذرة من أنوثتي تتوهج لذلك .... و اتعمد ملاعبته و استفزاز عواطفه كي يزيد ..... لكن أحيانا أخرى ....... )
اختفى العبث من صوتها .... و حل تعبير حزين شاحب قليلا على ملامحها و هي تتابع بخفوت
(لكن أحيانا أخرى ....... أشعر بأنني أريد بعض المساحة لنفسي ..... كي احلل مشاعري .... و أحاول تفسير اشتياقي ل ....... )
صمتت و هي تطرق بوجهها .... مشبكة كفيها في حجرها .... حينها عقدت وعد حاجبيها بشدة و هي تهتف
( هل تشتاقين لمحمد ؟!!!!!!! ........ )
انتفضت كرمة و هي تهمس برعب
( هشششششششش ......... اخرسي , انه هنا .... في مكان ما ..... )
نظرت وعد بتوتر الى أرجاء سقف الغرفة ... و قد بدأت تشعر بالجنون في هذا البيت ....
لكنها اعادت وجهها الى كرمة و قالت بحدة هامسة
( انطقي ........ هل تشتاقين لمحمد ؟!!!!! ........ )
نظرت كرمة الى عيني وعد بصمت ..... قبل أن توميء برأسها و هي تشعر بالذنب لمجرد هز راسها ....
فغرت وعد شفتيها و هي تهمس بذهول
( ياللهي يا كرمة !! ...... الازلتِ تحبينه ؟!! ........ )
أبعدت كرمة عينيها عن عيني وعد و هي تقول بابتسامة يائسة
( ليلة أمس ...... أعترفت لحاتم أنني أحبه ..... لاول مرة ........ و حتى الآن لازلت أنتظر مصيري .... أخشى أن يتخلل ما بين جلدي و عروقي نتيجة لإعترافي ....... )
همست وعد عاقدة حاجبيها
( اذن !!!!.................)
تنهدت كرمة و هي تقول بخفوت
( لقد كلمني محمد منذ عدة أيام ....... لم يقل شيئا .... فقط نطق اسمي ....... )
هتفت وعد بهياج و هي تقفز من مكانها
( الوغد ..... الدنيء ....... الحقير .......ماذا يريد منكِ بعد أن أصبحت على ذمة رجل آخر ... الا يكفيه السنوات التي ضيعها وهو يستغل كل لحظة كي يذلك !!! .. )
قفزت كرمة برعب من مكانها و هي تهجم على وعد لتكمم فمها مجددا ... و تقبض على مؤخرة رأسها بيدها الأخرى ... ثم همست برعب و غضب من بين أسنانها
( لو علا صوتك مرة أخرى فسأقطع لكِ لسانك ........ و لو سمعك حاتم فسأقضي المتبقي من عمري في تعذيبك بصورٍ لن تتخيلينها من قبل ...... )
أومأت وعد برأسها دون أن تجد الفرصة كي تتنفس حتى .....
نزعت كرمة يدها بالقوة عن فم وعد ..... التي أخذت نفسها و هي تنظر الى كرمة بنظرة تهديد خطيرة قبل أن تقول بحدة خافتة
( طبعا أهدرتِ كرامته .... و صببتِ عليه كل لعناتك .... اليس كذلك ؟؟ ..... )
ظلت كرمة صامتة ... مطرقة الرأس ... تنظر الى قبضتيها , فرفعت وعد حاجها و هي تعيد مهددة أكثر
( اليس كذلك ؟!! ........ كرمة !!! ..... )
رفعت كرمة عينين محملتين بالذنب ... ثم همست بخفوت
( لم اجد الفرصة ..... ذعرت و أغلقت الخط ........ )
صمتت قليلا ثم همست متابعة بخفوت
( شعرت بالنقمة عليه لأنه عاد لحياتي فأربكها من جديد .... شعرت بالنقمة لأنني ..... لأنني ... في لحظة خائنة .... أردت أن أسأله عن حاله ... اطمئن عليه ..... شعرت بأنني مشتاقة اليه ...... )
تنهدت وعد و هي تقول بيأس
( ياللهي يا كرمة !! ........ هل تدركين ما تقولين ؟! .......... )
رفعت كرمة وجهها بقوةٍ لتقول
( كنت مذعورة من شعوري .... مذعورة و مرتعبة , الى أن تكلمت ذات يوم مع محمد ابن حاتم ..... يومها أخبرني بمنتهى البساطة أن والدته ستظل ذات مكانة غالية بقلب حاتم ....... لن تتغير هذه المكانة قط .....
أنا نفسي أرى و أسمع حاتم يهاتفها و يطمئن عليها ...... و ذلك لأنهما انفصلا بتحضر .... و بقت مكانة كل منهما لدى الآخر .... حينها وقفت أمام نفسي قليلا .... و تسائلت ... لماذا لا يحق لي المثل .... لماذا لا يحق لي الإعتراف بأن ..... بأن محمد سيظل دائما يحتل مكانة بقلبي ؟!!.... لماذا لا يحق لي الإنفصال عنه بنفس التحضر الذي انفصل به حاتم عن طليقته ؟!!..... ما أعانيه الآن ظلم ... ظلم أن أضطر الى انتزاعه و بتره من حياتي بمشرط جراح .... بينما أنا أعيش في بيئة لا تأبه بذلك الإنتزاع القسري المؤلم ..... )
صمتت كرمة أخيرا تلهث قليلا بعد أن رمت دفاعها كله .... و على الرغم من ذلك كانت ملامحها خائفة .. غير واثقة .... فقالت وعد مكتفة ذراعيها بهدوء
( هل انتهيت ؟!!! ................ )
أومأت كرمة برأسها بتردد ... فقالت وعد بقوة و هي تفك ذراعيها لتلوح بهما
( لأنه رجل يا كرمة ...... لأن زوجك رجل .... يحق له ما لا يحق لك ...... يمكنه الإعتراف بأن طليقته ستزال تحتل مكانة بقلبه ..... أما أنتِ فلا يحق لكِ ذلك ..... لا يمكنك التفكير بغير زوجك و الا ستكون خيانة ..... خيانة و قلة أدب ... و انحراف ..... )
تأوهت كرمة و هي تقول بخفوت معذب
( ارجوكِ لا تزيدي من احساسي بالعذاب ............. )
همست وعد بحدة مهاجمة
( بل يجب عليكِ ان تشعري بذلك .... الى ان تتمكني من تطهير نفسك منه تماما ... و تجتزيه من عقلك و تفكيرك ...... )
هتفت كرمة بيأس و عذاب
( لكن هذا مستحيل يا وعد ..... مستحيييييل ....انه جزء من حياتي .... انه بداية حياتي .... كيف اقتلعه كهذا بطرقعة اصبع ؟!! ....... )
رفعت وعد اصبعها الى فمها و هي تهمس حدة
( هشششششش ...... حاتم سيسمعك .... )
شهقت كرمة برعب و هي تكتم فمها بيدها بالقوة ..... لكن وعد ظلت تنظر اليها عاقدة حاجبيها قبل ان تذهب الى هاتفها الملقى على طاولة الزينة .... ثم مدته لها و هي تقول بصرامة
( حسنا ...... تريدين الانفصال المتحضر ؟!! .... خذي .... هاتفيه ... و اطمئني عليه .... و اسمعي صوته الحبيب و ابتسمي لنبرته ..... انتِ امرأة ناضجة ... ماذا يمنعك ؟!! .... )
ظلت كرمة تنظر الى الهاتف الممتد امام وجهها و كأنه أفعى سامة ..... ثم هزت رأسها نفيا ببطىء و صعوبة و هي تهمس بذعر
( لا استطيع ...... لا استطيع ....... لا يمكنني ذلك .... )
رفعت وعد حاجبيها و هي تقول بجدية
( لماذا ؟!! ...... الستِ تطلبين نفس حقوق حاتم ؟!! ..... خذي اذن ....... )
ظلت كرمة تنظر الى الهاتف باختناق ... و هي تهز رأسها بحركةٍ غير مرئية .... ثم همست اخيرا
( يجب ان يوافق حاتم ..... لا اريد فعل شيئا لا يرضاه .....)
اتسعت عينا وعد و هي تقول ببرود
( و تريدين موافقة حاتم أيضا ؟!! ..... أتعرفين ما هي مشكلتك يا كرمة منذ صغرك ؟؟ ..... أنها النقيض من مشكلتي تماما .... دائما كنتِ تريدين كل شيء .... تطمحين لنيل كل شيء ..)
صمتت وعد و هي تعيد هاتف كرمة مكانه ...ثم جلست بجوارها و هي تقول بقنوط
( بينما أنا كنت دائما أركز على شيء واحد ....... أضع حياتي في كفة .. وهدف واحد بكفة ..... لأنسى الباقي دونه ....... كأنني حصان عيناه محجبتان و موجهتان على طريق واحد لا غير ....)
همست كرمة بخفوت
( أنا لست بمثل هذا السوء و الأنانية ..........)
نظرت اليها وعد بطرف عينيها ... ثم همست بصعوبة
( بل أنا من هي التي بمثل هذا السوء و الأنانية ....... على الأقل أنت تريدين ارضاء نفسك و ضميرك و قلبك و من حولك و أحلامك ..... لكن أنا ...... دائما كنت أؤجل الإهتمام بكل شيء في سبيل تحقيق شيء واحد فقط ...... فلو تزوجت سيف نسيت ملك .... و لو أردت تحقيق حلمي نسيت سيف ..... و في النهاية اكتشفت .... أن الأكثر نسيانا في حياتي كانت ملك .....)
مدت كرمة ذراعها لتحيط بها كتفي وعد و تضمها اليها ... الى أن أراحت جبهتها على جبين وعد و قالت باختناق
( الم أحذرك أن مشكلتي تافهة بالمقارنة بمشاكلك .........)
رفعت وعد وجهها و هي تحاول التقاط أنفاسها قبل أن تقول بصرامة
( ليست تافهة ...... لقد كنت شاهدة على كل وجعٍ مررت به يا كرمة ..... فإياكِ و نسيان الألم الآن بعد أن ذقت طعم السعادة ...... فتكون النتيجة أن تتسرب من بين يديك ....... )
رفعت وعد وجهها الى كرمة و قالت بجدية
( ما تطلبينه مستحيل يا كرمة ..... مستحيل و خاطيء و يعد خيانة ..... فلا تنساقي لها ..... )
ارتجفت شفتي كرمة بشدة ..... و قالت بجدية
( أنا أحب حاتم ......... بدأت أشعر بالرعب من فقدان سعادتي معه ..... لكن ...... أشعر بذنب يحرق روحي .... و كأنني استخدمت محمد كدرجة سلم .... صعدت عليها ... ثم انطلقت للأفضل .. و المصيبة أنني أحبتته .... أي أنني تخليت عنه بمنتهى القذارة .... على الرغم من انني كنت أحبه يوما أكثر من نفسي .... )
قالت وعد بشدة
( كنتِ ...... الكلمة المهمة هي "كنتِ تحبينه " .... أنت الآن تحبين زوجك ... و علميا يستحيل أن يتسع قلبك لرجلين ... الا لو كنتِ تعانين من خلل ما في تكوينك العقلي ..... لا تسمحي له ان يدمر حياتك يا كرمة ......
لقد منحتهِ كل الفرص التي يحتاجها ... وهو ضيعها واحدة تلو الأخرى ..... )
أطرقت كرمة بوجهها .... قبل أن تنهض وعد و هي تقول بخفوت
( يجب أن أذهب الآن قبل أن يطردني زوجك ...... أخشى أن يكون ماكثا عند باب الغرفة منتظرا أن يزيحني بمجرفة كي يتحدث معك ........ )
تأوهت كرمة و هي تقول برجاء
( لا تتركيني معه الآن يا وعد ....... سيفترسني .... )
ضحكت وعد بأعجوبة على الرغم من الدموع التي تحرق حدقتيها ..... ثم قالت بخبث
(ربما هذا هو ما تحتاجينه كي تنسي أوهامك المعتوهة ........ )
نهضت كرمة من مكانها و قالت بخفوت
( وعد ..... لم نتكلم فيما يخص ملك ...)
قالت وعد تقاطعها بخفوت
( ليس الآن يا كرمة ..... ليست لي القدرة على ذلك .... ليس قبل أن تعود و أفهم منها ...... )
استدارت تتجه الى الباب فقالت كرمة بخفوت
( سأرافقك .......... كي أمنعه من دحرجتك على السلالم ...... أنه أحيانا يفقد تحضره )

لم يعلم منذ متى وهو يجلس على درجات السلم أمام باب البيت مطرق الرأس .......
يمسك بكرة محمد ليضربها على الأرض بين كفيه .... شاردا عن كل ما حوله ....
منذ أن أستيقظ وهو يحيى لحظات تبدو كأرجحة بين النيران و الجليد ..... لا ليس منذ أن استيقظ .... بل منذ أن نامت على صدره بعد اعترافها المترافق مع دموعها .... و كأنه يعذبها .....
شيء ما كان يؤلمه بنفس قدر السعادة المتوهجة التي يشعر بها ..... شيء ما غير صحيح تماما ... يجعل من اعترافها ليس بالكمال الذي انتظره يوما ..... انتظره في أحلامه البعيدة .....
فتح باب البيت خلفه فجأة و خرجت كل من وعد و كرمة ... الا أنهما شهقتا بصمت وهما تكادان تتعثران به وهو يجلس مكانه منتظرا .....
نظرت كرمة الى وعد تتنهد بصبر و يأس .... بينما همست وعد بخفوت
( لك الله ...... عذرتك والله ..... )
تكلمت كرمة أخيرا و قالت بهدوء
( ماذا تفعل هنا يا حاتم ؟!! ....... لماذا تجلس بهذا الشكل ؟!! .... )
نهض حاتم من مكانه و هو يرمي الكرة قبل أن يقف أمامها يرمقهما مضيقا عينيه و كأنه يحاول استنتاج ما كانا يتحدثان به ......
ثم قال أخيرا بهدوء
( كنت أنتظرك ....... فبيننا حديث لم ينتهي )
زمت كرمة شفتيها .... و هي تشير بعينيها الى وعد التي تقف بجوارها عله يشعر بالخجل , الا أنه واجه عينيها بكل قوة وهو متأكد أنها نقلت الأخبار كلها لوعد قبله .....
تنحنحت وعد و هي تقول بخفوت
( سأرحل أنا ...... و شكرا لكما على استضافتكما لي ....... )
قال حاتم بهدوء
( سأقلك الى حيث تشائين ............ )
قالت وعد بسرعة
( لا شكرا لك ......... و نترك كرمة بمفردها !!! .... ابقى معها ... )
ابتسم حاتم وهو ينظر الى عيني كرمة ليقول بهدوء و ثقة
( من قال أننا سنتركها ؟!! ...... سنأخذها معنا بالطبع ....... لا يمكنني الإبتعاد عنها ولو للحظة ..... )
رفعت كل من كرمة ووعد وجهيهما وهما تتنهدان معا ....
قبل أن تقول وعد بهدوء
( من فضلك ابق هنا ..... أنا أحتاج لأن أمشي بمفردي قليلا .... أرجوك ..... )
أومأ حاتم برأسه .... قبل أن تلتفت وعد الى كرمة كي تعانقها بشدة و همست في أذنها
( اثبتي على حبك ........ )
ابتسمت كرمة رغما عنها لتلك التوصية .... و هي تنظر الى عيني حاتم المحدقتين بها بقوة من خلف كتفي وعد .... تعرف انه يريد سماع ما همست به وعد لها .....
لكنها لن تريحه ..... تهوى التلاعب به ..... تعشق استفزاز تملكه .... و يأسرها تمالكه لنفسه بقوةٍ حد الألم كل مرة .....
بعد ان خرجت وعد ..... تلكأت كرمة مكانها قبل أن تستدير الى حاتم الواقف خلفها منتظرا ....
بينما شبكت أصابعها بتوتر كتلميذة مرتبكة .....
فاقترب حاتم خطوة وهو يحاصرها بعينيه النافذتين فلا تستطيع الهرب منهما ....ثم قال بصوت أجش خشن
( وحدنا أخيرا ............ )
عبست كرمة رغم احمرار وجهها و قالت متذمرة
( كان يمكنك الإلحاح على وعد أن تبقى بجدية أكبر ..... من المؤكد أنها شعرت برغبتك في رحيلها )
اقترب حاتم خطوة أخرى وهو يقول دون خجل
( تعرفين أنها تريد الرحيل ولو ألحننا لشهرين متتاليين ........ حاولي ايجاد حجة أخرى )
عضت على شفتها تمنع ابتسامتها المرتجفة و هي تنظر الى العشب الأخضر تحت أقدامها .... بينما كان حاتم يلتهمها بحنان بنظراته المحاصرة لها و المنهمرة عليها ....
كان يقترب منها دون توقف ... بينما عينيها تطالعان خطواته و قلبها يرتجف بعنف .... وجهها أحمر و شفتيها لا تتوقف عن الإبتسام المرتبك ... دون أن تجرؤ على رفع عينيها الى عينيه ....
وصل حاتم اليها اخيرا الى أن وقف أمامها ثم قال بصوت خشن مكررا بتأوه أجش خافت ....
( وحدنا أخيرا يا كرمتي ........... )
افلتت منها ضحكة صغيرة .... قبل أن توميء برأسها هامسة بخجل كاد أن يسلبه روحه
( نعم ............. )
قال حاتم و عيناه تدوران حولها
( ألا تخبئين لي أحدا تحت الكراسي أو الموائد ؟!!! ........... )
رفعت اصبعين و هي تهمس بخجل
( لا أحد غيرنا هذه المرة ....... وعد شرف ..... )
اقترب حاتم منها أكثر حتى لامسها بجسده ... فسرت الحرارة بداخلها مؤلمة ... رائعة .... فوضع يديه على خصرها يثبتها قبل أن تحاول الهرب ..... ثم انحنى بوجهه ليهمس في أذنها مباشرة بنفسه اللاهب
( بيننا حديث لم ينتهي بعد ....... فأين توقفنا ؟!! ..... آآآه نعم ... كنتِ تقولين أنك ........ )
صمت تاركا لها الفرصة لتعيد اعترافها الذي كاد أن يذهب بأنفاسه و حياته .... الا أنها كانت في حالة خجل و توتر غبية و كأنها في الرابعة عشر من عمرها .... فهمست بإختناق
( ربما كنت تحلم !! .............. )
رفع وجهه عابسا وهو يقول بنبرة خطر
( أحلم ؟!! ...... أنتِ لن ينفع معك الذوق ...... )
و قبل أن تسأله عما يقصد .... كان قد تركها لينحني اليها و يرفعها على كتفه .... و هو ينوي التوجه بها الى داخل اليت بينما كانت تشهق هلعا و هي تجد الدنيا قد انقلبت بها فجأة .... فهتفت و هي تلوح بساقيها ...
( أنزلني يا حاتم ...... أنزلني نحن خارج البيت , قد يرانا أحد ...... )
قال حاتم ببساطة وهو يصعد الدرجات القليلة التي تسبق باب البيت
( ثوانٍ و نكون داخل البيت ..... داخل غرفتنا .... و حينها سأستجوبك بمزاجٍ متفرغ .... )
شهقت صمتا و هي تخيل طبيعة استجوابه .... و عرفت أنها ستنطق بكل الغباء الممكن حينها ... هتفت بقوة
( لا لا ..... أنا آسفة .... أنزلني أرجوك و سنتفاهم ..... )
توقف قليلا ... قدمه على درجة سلم .... و أخرى تتراجع لتنزل أرضا .... لكنه لم يستسلم بل قال بصرامة
( هل ستعترفين ؟!! .......... )
هتفت كرمة و هي تضرب ظهره بقبضتها غاضبة
( تبا لك يا حاتم ....... هل هو استنطاق رسمي ؟!! ...... لقد ضيعت كل أثر للرومانسية .... أنزلني ... لقد أصبت بالدوار ..... )
أنزلها ببطىء حتى أوقفها على الدرجات القليلة .... فدار بها العالم مجددا .... حينها رفعت يدها الى جبهتها و هي تترنح .... الا أن حاتم جلس على أول الدرجات ... و جذبها اليه برفق حتى أجلسها بحجره قائلا بخفوت
( تعالي ....... اجلسي ....... )
نزع يدها من جبهتها برفق وهو يقول برقة
( هل أنت بخير ؟؟ ...... )
رفعت وجهها الغاضب المحمر اليه .... ففتنه توهجها و فوضى شعرها المموج .... الا انها هتفت بحنق
( لا احب اسلوب الإجبار ذلك ....... )
عقد حاجبيه ببراءة وهو يقول
( اي اجبار ؟!! ...... كنت سأساعدك لتنامي ... و الى ان تفعلي كنا سنتكلم قليلا ..... )
مطت شفتيها و هي تقول بامتعاض
( نعم متخيلة نوع المساعدة المستخدمة و المجهود المبذول ........ )
قال حاتم بلهجة هادئة تنضح بروح التهديد
( كرمة ........... هل ستبدأين الكلام أم ........ )
زفرت كرمة بحنق و هي تبعد وجهها عنه .... تتأمل السماء المشرقة من بعيد .... و اصوات العصافير لها نغم مختلف اليوم على اذنيها .... فابتسمت قليلا و هي تعيش الجو الحالم .... بينما كانت اصابع حاتم تمشط شعرها و تتخلل خصلاته .....
فأخذت نفسا عميقا و همست دون ان تنظر اليه
( ماذا تريد أن تسمع ؟! ....... أنني .... احب.... احبك ؟؟!..... )
اعادت وجهها تنظر اليه .... بوجنتين حمراوين و عينين خلابتين تهربان من عينيه ... و ابتسامة قتلته و هي تقول برقة
( انت تعرف انني احبك .......... الم تخبرك ضحكاتي ؟!! ...... )
عقد حاتم حاجبيه وهو يقول بخفوت اجش على الرغم من صدره الذي كان يهدر بعنف من بساطة اعترافها الذي كان ذو حلاوة تشبه مذاق الشهد ...
( ليس بالضرورة ..............)
تشجعت و رفعت عينيها الي عينيه و هالها الانطباع الجارف بهما و الذي كاد أن يغرقها ... فهمست مشدوهة من عمقهما
( بلى ........ في كل مرة اضحكتني بها , كنت اشعر انك تحفر حرفا من حروف اسمك بقلبي ...... )
صمت حاتم ينظر اليها بشك ...... فقالت بخفوت
( الا تصدقني ؟!!...... الهذه الدرجة كنت اسيء معاملتك ؟!! ..... )
ظل صامتا قليلا وهو يتلاعب بشعرها مفكرا .... ليلامس فكها بظاهر أصابعه .... و يمررها على عنقه ... ثم همس بصوت خافت
( لا يمكنك أن تكوني سيئة أبدا .......حلاوتك تتغلب على مذاق السكر و تجعل منكِ عسلا صافي ..... )
ابتسمت باشراق و هي تسمع منه غزلا يناسب شابة مراهقة .... تتوق لسماع كلماتٍ محلاة ككلماته ... و ياللعجب !! انها تشعر فعلا بأنها تراجعت في العمر لتصبح في اولى سنوات المراهقة .... فقالت برقة
( انت تجعلني اشعر بأنني أصغر في العمر ...... لا العكس ......)
ابتسم قليلا بشرود وهو يقول
( وهو المطلوب .............. )
قالت كرمة بقلق و هي تلامس فكه الصلب .....
( لماذا لا تبدو سعيدا ؟!! ..... أو ..... مقتنعا ؟!!! ........ )
نظر الي عينيها مفكرا .... لا يعرف كيف يجيبها .... كيف يشرح لها ....
المرأة التي تمنى حبها أكثر من أي شيء آخر في هذه الدنيا .... تجلس الآن على ركبتيه ... و تخبره بأنها تحبه ... ببساطة و ابتسامة مشرقة ..... و كأنه الخبر الأكثر بساطة في التاريخ .....
و كأنها تلقت لعبة جميلة تسعدها و تفرح قلبها ......
لكنه رآها من قبل في حالة حبها ..... بل عشقها ......
كانت ملامحها تنضح بحزن عاشق .... يتخلل كل ذرة من ملامحها .... و يفيض من عينيها ... و هي تنظر الى حبيبها و كأنه البطل الوحيد في هذا العالم .... مهما آذاها أو ابتعد .... كانت ترمقه في شرودها بنظراتِ عشقٍ ميؤوس منه .... و هي لم تنظر اليه يوما بمثل هذه النظرات .... و لا حتى في اعترافها السعيد الآن .....
اختلاف ما بين مشاعرها .... يجعله غير واثقا ان كان حبها له الآن هو الصادق ...... فهي شديدة البساطة و الصفاء ...... بينما كانت مع طليقها ........ عاشقة بيأسٍ معقد .....
بهتت ابتسامة كرمة أمام شرود حاتم الطويل ..... فقالت بخفوت
( ربما لست ماهرة في الكلام .........هل يمكنك نسيان ما قلته لو كان قد ضايقك ؟؟ ..... )
عبس بشدة وهو يخرج من شروده على طلبها البائس الحزين .... فقال بعد عدة لحظات بخشونة
( أتطلبين مني نسيان نجمة في السماء لمستها بأصابعي ؟!! ........ )
فغرت شفتيها قليلا ..... قبل أن تنفجر ضحكا من بساطة تعبيراته التي تجعله عاشقا مسرحيا ... بينما ملامحه الوقورة الصلبة تناقض ما ينطق به .....
حينها انحنت الى صدره .... ترتاح اليه .... و هي تغمض عينيها ... و تحيطه بذراعيها .....
قد يكون خانقا .... محاصرا لها ...... لكن حدث أن أحبته كطفلها الصغير ...... ربما كانت امومتها المتعطشة تجعل منها أما له .... مثل محمد تماما .....
بهما شيء فطري يثير غرائز امومتها تجاههما .... و كأنهما نسختين متطابقتين مع اختلاف الأحجام .....
قال حاتم اخيرا وهو يضمها اليه بقوة ........
( اذن سيدتي ........ كيف تحبين قضاء وقتك الآن ؟!! ...... )
رفعت وجهها اليه ..... و توقفت نبضاتها و هي تقرأ نواياه بوضوح .....فاتسعت ابتسامتها و هي تقول بعفوية
( نحن وحدنا أخيرا !!! .......... هل يمكنني ان انفذ اقصى احلامي جنونا معك ؟!! ..... )
ارتبك حاتم للحظة ... و شعرت به يجفل ... و اصابعه تتشنج فوقها برد فعل فوري ....
فابتسمت له ابتسامة ساحرة .... مما جعل احمرارا طفيفا يعلو وجهه وهو يشرد بتخيلاتٍ استطاعت رؤيتها ببساطة ...... بينما تمكن من القول اخيرا ما ان وجد صوته
( كنت اشعر أنكِ ستجدين نفسك .... ما ان تتوفر لك المساحة المطلوبة و الخصوصية الكافية ...... )
أومأت كرمة برأسها و هي تقول ببراءة
( أكيييييد ........... )
ثم قفزت واقفة من على ركبتيه .... لتنحني و تلتقط كرة محمد ...... ثم ترميها لحاتم بقوة فتلقاها مباشرة وهو ينظر اليها بصدمة و هي تتراجع بظهرها ضاحكة بعبث
( هيا قم ايها الكسول ....... اريد أن ألعب ...... لا اريد ان اشعر بأن شيئا ينقصني في غياب محمد ... و تلك هي مهمتك ....... )
كان لا يزال جالسا مكانه على درجات السلم .... وهو يراها ترفع شعرها في عقدةٍ عشوائية .....
ثم تنحني للأمام منتظرة و هي تضحك بعبث .....
لا يزال اسم ابنه يجفله .... و العجيب انها دائما ما تنطقه فيما يحتمل ...... المعنيين .....
تنفس نفسا مؤلما متحشرجا ..... لكنه نهض من مكانه غاضبا ....يضرب الكرة في الارض عدة مرات قبل ان يقول بصرامة مهددا
( تلعبين يا كرمة ؟!!!!!!! ........... )
ارتفع حاجبيها ببراءة ... و هي تهتف من بعيد
( هل لديك اقتراح آخر ؟!!! ............ )
زفر نفسا ساخنا وهو ينحني و يضع الكرة ارضا ..... قبل ان يقول بخشونة
( سأقوم بتأجيل قائمة اقترحاتي لوقتٍ لاحق ..... بعد ان اقضي على كل قواكِ المتلاعبة ..... )
و خلال لدقائق كانت كرمة تجري معه ضاحكة كالمجنونة .... و هي تحاول المناورة لأخذ الكرة دون جدوى .....
دائما كانت تجد ظهره كحاجز سد ... مهما واجهته ... و تتعرقل ساقها بين قدميه ....
لم تفلح في اخذ الكرة ولو لمرة واحدة .... بينما كان هو يمررها بين قدميه بمهارة .... و ذراعه تلتقط خصرها كل مرة ليرفعها عن الأرض كأنها دمية صغيرة و كانت حينها تهتف بغضب على الرغم من ضحكها
( انزلني يا حاتم ...... ممنوع إمساك اللاعبين بهذا الشكل ...... أنت تغش ..... )
و كان ينزلها دون ان يترك لها الكرة وهو يقول لاهثا
( أنا أمتلك الملعب ... و لاعبي الفرقة المنافسة .... لذا من حقي اصدار قوانيني الخاصة .... )
ثم انحنى اليها وهمس في اذنها
( و ملامستهم كيفما اشاء .......... )
ضحكت كرمة بهيستيريا و هي تدفعه بوجهٍ احمر قاني صارخة و هي تحاول عبثا التقاط الكرة
( توقف ....... أنت لا تلعب بإنصاف ..... أنا أرييييييييد محمد ...... )
توقف فعلا .... توقف مكانه يلهث قليلا بملامح هادئة .... بينما كفيه تستريحان على وركيه ... وهو يهمس لنفسه
" توقف عن ذلك يا حاتم ...... متلاعبة هي دميتك حتى في الألفاظ ... "
حينها استطاعت كرمة التقاط الكرة من بين قدميه مستغلة شروده .... و هي تصرخ مذهولة لا تصدق نفسها ... تلوح بقبضتيها بغباء و انتصار ... الى ان تعثرت بالكرة في غمرة غبائها بالفوز... فسقطت على وجهها ...
اندفع اليها حاتم دون ان يستطيع منع نفسه من الضحك بدرجةٍ أدمعت عيناه بشدة للمرة الأولى ...
وهو يجثو بجانبها ... و يساعدها على النهوض على ركبتيها و هي تحك أنفها الذي حفر خندقا بين الأعشاب ... فقال من بين ضحكاته و سعاله
( هل أنتِ بخير حبيبتي ؟!! ...... دعيني أرى أنفك ...... )
حاول مسح أنفها ... دون أن يستطيع للحظة التوقف عن ضحكاته العالية ... فدفعته و هي تقول بغضب
( توقف عن الضحك يا حاتم ..... تبدو سخيفا ...... )
الا انه لم يستطع على الرغم من محاولاته .... فقال متعثرا بضحكه
( لا اصدق ان هناك من يتعثر بالكرة و يسقط على وجهه !!......خاصة و أن قبضتيك كانتا مضمومتين و تلوحان بانتصار أكيد ........ )
ضربته في صدره و هي تهتف بحنق
( توقف يا حاتم ......... لن العب معك مجددا ..... ابتعد عن طريقي ..... أريد الذهاب الى الحمام ...)
حاول السيطرة على ضحكاته قليلا وهو يقربها منه قائلا
( حسنا ...... حسنا ...... لا تغضبي ..... اقتربي و أريني أنفي الذي اعوج بسببي أنا و ابني ..... لقد بات كأنف أبا الهول ....... لم يعد يصلح لشيء .... )
نهضت و هي تقاوم ذراعيه بشدة ... متأكدة من وضع انفها مكانه و هي تقول بحنق
( احيانا تكون في غاية السخف ....... ابتعد عني ..... )
نهض من مكانه يعترض طريقها وهو يقول بتملق
( كرمتي ...... أيهون عليكِ طفلك !! ..... كرمتي ..... )
رفعت وجهها تنظر اليه بامتعاض و هي تقول
( طفلي ؟!!!............ انظر لحجمك و راعي الفاظك ....... )
حاولت تجاوزه .... الا انه اعتقل خصرها بذراعه وهو يرفعها عن الأرض قائلا بتهديد
( حسنا يبدو أنكِ لن تتراضي بالذوق ........ )
صرخت كرمة
( حسنا ..... حسنا ...... عفوت عنك .... انزلني بالله عليك ..... )
قال حاتم بجدية حاسمة
( لن أنزلك ........... الى أن تتقولي " سامحتك يا حاتم يا حبيبي .... يا سيدي و تاج رأسي ".... )
هتفت كرمة و هي تقول من بين اسنانها
( سامحتك يا حاتم يا حبيبي .... تبا لك ..... انزلني ..... )
انزلها على قدميها ونظر الي عينيها يقول بسعادة
( ليس نفس العفو الذي كنت أتمناه لكن لا بأس ...... يمكنني الإستعاضة عن الباقي بقبلة ..... )
هتفت كرمة ضاحكة و هي تتلوى هاربة من بين ذراعيه
( لو سبقتني الى الحمام .......... )
و دون أن تمنحه فرصة القبول كانت قد انطلقت تركض في اتجاه باب البيت .... فصعدت السلالم و هي تلهث فرحا نادرا ... ثم جرت الى البهو ... و الرواق الى أن دخلت غرفة نومهما و التفتت برأسها خلفها فتأكدت من انه لم يتبعها ..... لكن و ما ان فتحت باب الحمام حتى اعتقل خصرها بذراعه من الداخل فشهقت برعب و هي تهتف ....
( حاتم ........ كيف ....... )
قال هامسا في اذنها دون ان يحرر خصرها
( لقد نسيت الباب الخلفي للمطبخ ....... و انني طبعا اسرع منكِ في الوصول .... )
ضربت جبهتها ضاحكة و هي تغمض عينيها بيأس .... بينما هتفت لاهثة بمرح
( أرجووووك اتركني ......... )
قال لها بصوت أجش وهو يغلق الباب خلفهما
( أتمزحين !!! ......... أخيرا وحدنا قبل أن أجد أحدهم تحت السرير ...... )
و كان صوت ضحكتها هو آخر صرخة قبل أن يوصد الباب .... على حبها الجديد ......
بعد فترة انتقالية طويلة ... من مرحلة المشاركة في البيت ... الى مرحلة التعود على الخصوصية بحرية تامة ......
جرت كرمة من عند الباب الى حاتم و هي تلهث بحيوية قائلة
( حاتم .... لقد وصلت البيتزا ..... لكن لا بقية معي لأدفع إكرامية ...... )
كان حاتم يجفف شعره بمنشفة ..... فنظر اليها قائلا بتوهج بدائي
( ليس معي الآن ..... ربما ...... انتظري لأرى في جيب قميصي ...... )
أخرج ورقة من جيبه وهو يقول
( انها مهترئة قلليلا ....... )
خطفت كرمة منه الورقة بطفولية ..... لكنها وقفت مكانها قليلا ... تنظر الى ورقة العشر جنيهات المهترئة في يدها ..... و قد خطفتها هي الاخرى الى ذكرى بعيدة ..... اولى ذكرى حياتها خارج الدار .....
حين بدأت حياتها بورقة تماثلها تماما ...... أخذتها من يدٍ مشحمة .... لم تكن تحمل غيرها وقتها .....
لم تدرك كرمة ان حاتم كان ينظر اليها و قد سقطت ذراعاه الى جانبيه ..... و دون الحاجة للسؤال ... كان يعلم انها سافرت للماضي .......
في اليوم التالي
خرجت من المصرف مسرعة و هي تنوي اللحاق بالجامعة ..... لقد اصبح يومها غاية في الإرهاق ... و مع ذلك كانت السعادة و الرضا يملاآنها تجاه خط سير حياتها ........
العمل .... الحب .... و الدراسة ......
هل يمكن أن تطلب المزيد ؟!!! .....
( كرمة ............. )
تسمرت مكانها فجأة و هي تسمع هذا الصوت من خلفها ...... فأغمضت عينيها بشدة .... و حاولت التغلب على رعبها ..... من نفسها .........
قالت بصوتٍ قاتم مرتجف
( ماذا تفعل هنا يا محمد ............ )
قال بصوت خشن..... مهدوم
( أحتاجك يا كرمة .............. )
ابتلعت ريقها بصعوبة و هي تلتقط انفاسها .... متشبثة بحقيبتها دون ان تلتفت اليه .......
ثم قالت بصوت غير ثابت
( لقد مرت فترة منذ أن هاتفتني ...... فظننت أنك عدت لضميرك و تركتني لحالي ....... )
الا أنه قال برجاء غريب متهشم
( أحتاجك يا كرمة ....... انا أموت و أحيا ألف مرة في اليوم ........ )
استدارت اليه مندفعة و هي تقول بقسوة
( اسمعني يا محمد .......... )
الا انها تسمرت مكانها و هي تراه بصورةٍ غريبة ...... طويل اللحية .... احمر العينين ..... معذب الملامح على الرغم من الشر الكامن في عمق عينيه ....
فهمست كرمة بذهول تقول
( يالللهي !! ........ ماذا حدث لك يا محمد ...... )
ظل صامتا ينظر اليها طويلا بعذاب ..... قبل ان يقول بصوت يرتجف يحمل بوادر ارتكاب جريمة
( علياء ............ حامل )
.................................................. .................................................. .....................
سارت ملك في الكوخ الصغير الدافىء تتفقده ....و عيناها تجولان من حولها .....
كانت تشعر بأنها منفصلة عن الواقع .... و كأنها خرجت للتو من فيلم مأسوي ......
توقفت أمام مرآة عريضة .... ضخمة ....
فهالها ما رأت ..... كانت أمامها عروس بفستان زفاف مشعث كحال شعرها و خمارها .... بينما وجهها كاد ان يكون ازرقا من شدة الزينة المنسابة عليه كأفلام الرعب .....
لكن نظرتها كانت اشد رعبا من زينتها السائلة ......
كانت نظرة تشبه نظرة الاموات .... فارغة بعد ان نضبت الدموع من عينيها .....
مدت اصابعها تتلمس قماش الفستان الابيض بشرود .....
" ما مدى الصدفة التي تجعل شابة تنال الطلاق و هي في فستان زفاف ...... "
رفعت وجهها تعاود النظر الى نفسها .... لطالما تمنت ارتداء فستان زفاف ابيض واسع .... بكل اشرطته الحريرية ...... ووروده ...... و خمار طويل يغطي وجهها .....
لم تظن ان ترتديه في طلاقها !!.....
نظرت الى عينيها مجددا و همست
( هل أنا حرة حقا ؟!!! ........ هل اعتقتني تلك الكلمة ؟!!! ....... )
رفعت يديها لتضعهما على صدرها مغمضة عينيها و هي تهمس بصوتٍ بدا كالزجاج المشروخ
( كيف سمحت لك؟!! ........ كيف سمحت لك بالنيل من حياتي الى ان بت اتمنى لك الموت في النهاية .... )
فتحت عينيها مجددا .. و هي تراقب ملامحها ....فعقدت حاجبيها و هي تشعر بأن هناك تجاعيد ملأته فجأة !!
اقتربت بوجهها تتفحصه جيدا .... و هي غير واثقة ان كانت تجاعيد فعلا أم أنها مجرد خطوط الزينة المنسابة .... لم تعد واثقة من شيء !! .....
شعرت فجأة بأن عينين بريئتين تنظران اليها من خلفها في المرآة .... فالتقلت عيناها بهما في صورة معلقة على الجدار خلفها ....
وقفت ملك مكانها .... تنظر مبهوتة الى صورة زوجة رائف .......
كانت صورة تشع براءة بعينيها الضاحكتين ..... فتاة ممتلئة حيوية و اشعاعا .... و كانت تنتظرها حياة مديدة ....
انزلت ملك يديها بجوارها و هي لا تعلم لماذا سمرتها الصورة طويلا ......
ربما كانت تشعر بالخجل من اقتحامها لذلك المكان الحميمي و الخاص به و بزوجته ........
استدارت ملك تواجه الصورة بصمت ..... ووقفت أمامها طويلا .....
من الواضح أنه كان يحبها بشدة .... كانت طفلته التى تربت بين يديه على مدى السنوات الطويلة .....
كان يحضر لها الهدايا و الالعاب .... حتى بعد أن تزوجا ......
همست ملك فجأة
( صندوق الموسيقى !!! ............. انه في بيت سيف !! ..... يجب ان استرده .... )
شعرت بالحرج فجأة و هي تنطق بتلك الكلمات امام الصورة .... او بمعنى حقيقي
امام صاحبة الصندوق ...... تلك الهدية الخاصة جدا .... و التي كانت ملكا ل .... ماذا كان اسمها ؟!! ....
هل نسيت اسمها في غمرة ما اصابها !!! ...... هل تأخذ هديتها و تنسى اسمها ؟!!! ......
ابتعدت ملك عن الصورة و هي تشعر بأنها على شفير الجنون .... لقد باتت تكلم المرايا و الصور القديمة لأشخاصٍ رحلوا عن العالم .....
سارت ببطىء و هي تحمل أطراف الفستان .... و صوته يحف في الأرض من خلفها يصدر لحنا حزينا مصاحبا لوحدتها .....
لكم تتمنى وجود رائف بجوارها الآن ..... ليخبرها بأن كل شيء سيكون على ما يرام .....
دخلت ملك بتردد الى غرفة النوم .... تريد أن تخلع هذا الفستان بأي طريقة ., لقد بدأ يخنقها بصورةٍ قاتلة ...
و كأنه أفعى ضخمة تعتصر عظامها .....
اشعلت الضوء و دخلت ..... الا أنها عادت ووقفت أمام نفس العينين !! ..... انه يضع صورها في كل مكان !!
هل هذا أمر صحي !! .....
عقدت حاجبيها و هي تنهر نفسها بشدة ... ثم همست
( لم تكونا سوى صورتين فقط ...... هل تحولتِ الى سوداء النفس ... مريرة الروح لتلك الدرجة !! ... أم أنكِ ببساطة تشعرين بالغيرة !!! ......)
صمتت قليلا مصدومة ..... فاستدارت حول نفسها و هي تحجز التفاف الفستان الضخم ...
فهمست في الفراغ المحيط بها
( قصدت ..... قصدت الغيرة بسبب ما حدث لي ..... و لم أقصد الغيرة عليه ....... )
أغمضت عينيها و هي تهمس بهلع
( أنا أهذي !!! ............لقد تشوهت أكثر مما ظننت ...... )
رفعت رأسها فجأة و هي تشعر بالإختناق .... فاستدارت حول نفسها مجددا و هي تحاول فك سحاب الفستان .... دون جدوى ... لقد كان ضيقا بشدة ... و بعيدا عن متناول يديها ....
أخذت تدور و تدور و هي تحاول فك السحاب الى أن شعرت بالدوار .... فسقطت على ركبتيها وسط كومة تنورة الفستان الحريرية و هي تلهث بغثيان .....
انسابت المزيد من الدموع على وجهها .... فرفعت وجهها عليا و هي تغمض عينيها لتنشج بخفوت ....
يبدو أن لديها مزيدا من الدموع لم تنضب مع الصراخ العالي ..... على صدر رائف .....
كم تحتاج لأن يضمها ...... تشعر به الأب الذي قاربت على نسيانه ... و الأخ الذي لم يوجد ..... و ......
أخذت تنشج و تبكي و هي تهمس
( لا أريد البقاء وحدي .... أرجوووك تعال ..... لا يهمني أي اعتبار آخر .... فقط تعال و كن بجواري .... )
بقت مكانها كوردة مكسورة على ساقها طويلا و هي تنحني بذراعيها على ساقيها المنثنيتين تحتها......
كراقصة باليه في آخر حركة من رقصتها على مسرحٍ مظلم .......
.................................................. .................................................. ......................
دار رائف بالسيارة طويلا ..... لقد قارب الليل على الإنقضاء وهو لا يزال يطوف بسيارته على غير هدى ...
يده تتخلل خصلات شعره وهو يزفر بقوة .... عل هواء الفجر يبرد من ناره ....
لكن لم يحدث ...... شعور غريب بالقسوة يملأه .... منذ معرفته باغتصاب كريم لملك ......
عقله يرسم له صورا تكاد تغشى عينيه ..... و صراخا يكاد يصيبه بالصمم .......
كل ما فعله بكريم ليلة امس لم يشفي غليله ..... لو اراد الحق و القصاص منه لها لكان قتله بدمٍ بارد ....
لكن ورقة واهية ... خادعة .... منحته الحق عليها ...... تبا لذلك ... اين كان عقلها ؟!! .........
حين شعر انه على وشك ارتكاب حادث سير بشع بسبب جنون ما يشعر به .... انحرف بالسيارة لأقرب طريق على البحر ......
ثم خرج ليضرب الهواء وجهه .......
فاستند الى مقدمة السيارة .... مكتفا ذراعيه .... يراقب الأفق الرمادي في خط التقاء البحر بالسماء ......
وجد نفسه يهمس فجأة
( كيف منتحهِ ما لا يخصك من الأساس ؟!! ............ )
أغمض عينيه و أطرق بوجهه بألم وهو يهمس بخشونة
( من أين خرجتِ لي يا صغيرة ؟!! ....... كنت قد اعتدت الهدوء و أطلبه ....... من اين خرجت لتحرقين صدري مرة بعد مرة و أنا أقف عاجزا ........ لا أملك سوى الخيال الذي رسمتهِ بقسوةٍ أمام عيني .....
ليتني كنت أستطيع أعادة xxxxب الساعة ....... لمنعتك بقوةٍ أكبر ........ و لأخفيتك عن أعين البشر .... )
تنهد بقوة و هو يفكر بقنوط
" هل نامت ؟!! ....... هل تمكنت من خلع الفستان الذي حيره و سلب الراحة من عينيه ؟!! ...... "
لم يشأ ان يتركهها ....... كاد ان يخترق كل القوانين و يبقى معها ... ماذا سيضرها اكثر مما اصابها لو فعل ؟!!!
زفر بعنف اكبر وهو يهمس بخشونة
( لقد اصبت بالجنون تماما يا رائف ...... لقد فقدت شعراتك البيضاء وقارها منذ ان دخلت ذات الضفيرة حياتك ......... )
اخذ نفسا عميقا من هواء البحر ....... ثم رقت عيناه قليلا , حتى تغضنت زواياهما .... ليهمس بخفوت
( انها حرة .......... انها حرة ...... و لن أتركها مجددا ..... )
عادت عيناه لتظلمان قليلا ... ثم همس لصوت الامواج المتكسرة
( لكن لماذا لا أشعر بالراحة ؟!! ......... هل كان علي قتله لأتخلص منه نهائيا ؟!...... )
زفر بقوة وهو ينظر الى ساعة معصمه ..... لابد أن يناقش الأمر مع جلال قبل أن يذهب اليها مع اولى دقات النهار .....
صحيح أن جلال معتاد على الإستيقاظ مبكرا ...... لكن هل من الذوق أن يهجم على بيته في مثل هذا الوقت ...
همس رائف بصوتٍ أجش
( فلأنتظر حتى الصباح ....... لا داعي لمثل هذا القلق ...... )
أخذ ينظر الى ساعة معصمه .... لمدة ثلاثين دقيقة ثم استقام واقفا وهو يقول بصرامة ....
( فليتابع نومه بعد أن أخرج من عنده ...... أنا لست متفرغا لأنتظر ...... )

ضغط جلال أعلى أنفه بين عينيه الناعستين ..... ثم قال بصوتٍ لم يستوعب بعد ...
( أعد لي مجددا ماذا فعلت ؟!!! ......هل ضربته حتى القى عليها يمين الطلاق ؟!!! أم أنني سمعت خطأ و لا أزال نائما !!! ....... )
كان رائف يجول أمامه ... يده على فخذه ... و أخرى تكاد تقتلع شعره وهو يقول بحدة
( ركز معي و استيقظ يا جلال ....... لقد قيدته و ضربته الى أن أطلق يمين الطلاق عليها بمحض اختياره ... لقد وقع في الفخ كثور عاجز ..... )
زم جلال شفتيه وهو يطرق بقلمه على سطح مكتبه في بيته ..... و ظل صامتا ... حينها نظر اليه رائف بقلق وهو يقول
( لقد أخبرتني أنه لو القى عليها يمين الطلاق لإنتهى الأمر يا جلال ........ )
ظل جلال صامتا دون أن يرد فصرخ رائف مما جعله ينتفض مكانه
( لماذا أنت صامت الآن ؟!!! ....... الم تنتهي المشكلة الآن ؟!!! .... لا أملك غير ذلك .... )
تنهد جلال قبل أن يقول بهدوء
( لقد تسرعت يا رائف ....... لقد عرضت عليك أن يلقي كريم عليها يمين الطلاق بمحض ارادته حقا .... و ليس بالتهديد و التخييره بينها و بين نسبه ....... )
نظر الي رائف الذي كان القلق يعصف بوجهه فتابع يقول
( يجب أن يكون مقتنعا ..... كي نخاطب ضميره .... هذا لو تبقى منه شيئا .... لكن في تلك الحال هو لا يزال يمتلك ورقة زواج عرفي ..... لو فكرت ملك في يومٍ من الأيام في الزواج ..... لربما تربص بها و أخرج الورقة ... و أتهمها بتهمة تعدد الأزواج .... فمن سيثبت حينها أنه طلقها شفهيا ؟!!! .... )
جلس رائف مرتميا على الكرسي وهو ينظر الى جلال بوجهٍ مظلم ..... ثم قال بصوتٍ خشن باهت
( كان يجب علي أن أجبره على التوقيع على اقرار بطلاقها ....... )
قال جلال بهدوء
( يمكن الطعن في صحته بسهولة ........ مجرد ورقة ليست دليلا قويا في المحاكم ..... )
لم يجد رائف شيئا ليقوله ..... فتنفس بخشونة وهو يرفع يده الى جبهته بتلك الصدمة الجديدة .....
بينما تابع جلال بخفوت .....
( يجب ان يكون اتفاقا موثقا ....رسميا .... كي لا ينتقم منها فيما بعد ..... )
رفع رائف رأسه ليقول بخشونة
( الاتفاق الاكيد سيكون مع اكرم ..... سنهدده بالتحليل .... وحينها يتم عقد جلسة بيننا بعد ان يستسلم ليوقع كريم على اقرار مصور بالطلاق ....... )
رفع جلال رأسه وهو يقول باتزان
( جيد ....... اولا يجب علينا الحصول على تحليل حقيقي ..... و ليس اقرارك الضريبي .... ثانيا .. قد تكون تلك الجلسة المصورة دليل كافٍ .... هذا لو خضع اكرم و انا اشك في استسلامه ببساطة ..... لكن هل هذا هو الحل الأمثل ..... ام الأسهل ؟!! ...... )
عبس رائف بشدة وهو يقول
( ماذا تقصد ؟!! ................ )
قال جلال بصوت هادىء
( لو أردت فعلا مصلحة ملك عليك أن تفكر بها .... كأختك ... أو ابنتك ..... ماذا لو أرادت الزواج يوما ... و تقدم لها شخص محترم له عائلة محترمة ..... ماذا سيكون موقفها ؟!! .... هل ستريه التسجيل المصور لجلسة الإقرار بطلاقها ؟!! .....و طبعا سيعرف المأساة بكل تفاصيلها .... فهل هذا وضع يليق بكرامتها كزوجة مستقبلية ؟!! ..... هل سيرضى بها أحد في مثل تلك الحالة ؟!! .... )
هتف رائف فجأة بقوة
( أنا لا يهمني ............. )
نظر اليه جلال باهتمام وهو يلاعب قلمه .... ثم قال بهدوء واضح
( هذا رأيك أنت ...... لكن هل سيكون نفس الرأي لمن يتقدم لها و لعائلته ؟!!! .... )
أجفل رائف بشدة .... و تراجع في مقعده و قد شعر في تلك اللحظة بمقدار بعده عن صورة حياة ملك .....
شيء غريب انتشر في صدره حين فكر في امكانية زواجها مرة أخرى !!!
شيء قاتم .... تشبث به و نشب مخالبه القاسية .......
فاشتعل في عينيه بلونٍ قاتم .... عميق .... سحيق ...........
قال رائف مندفعا ....دون تفكير
( انها لا تفكر في الزواج مجددا ......... انسى الأمر .... )
قال جلال بلهجة ذات مغزى
( لأنها لا تزال تحت تأثير الصدمة .. فكر بها كأختك ...... ماذا لو أحبت شابا ذات يوم ؟ ...... كانت لتتمنى أن تكون أمامه مرفوعة الرأس و مصانة الكرامة ...... )
أطرق رائف برأسه ...... ماذا لو أحبت شابا يوما ما !!! .........
التوت زاوية شفتيه في ارتجافة حزينة ....لقد أحبت " رؤى" ذات يوم ..... و كان شريكا في قتل حبها ....
فهل يجرؤ على تكرار هذا الذنب مجددا ؟!!!
قال اخيرا بخفوت
( اذن ....... ماذا ترى ؟!! ........ )


يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 02-06-15, 12:01 AM   #20705

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

وقف امام باب البيت ... يستند بكفه الى الإطار ..... مطرق الرأس ... مهدود الهمة .....
بينما اندفع سيد من خلفه هاتفا بقوة وهو يحمل طرف جلبابه
( صباحا مباركا يا عريس ....... حمد لله على السلامة ...... )
ظل رائف مطرق الرأس .... لكنه اغمض عينيه بحنق وهو يهمس في نفسه
" هذا ما ينقصني !! ....... عريس !! ...... ابتعد يا سيد لا تكن اول ضحاياي هذا الصباح تحديدا ... "
رفع رائف رأسه أخيرا ثم استدار الى سيد الواقف خلفه مبهورا .... فقال بفتور
( صباح الخير يا سيد ....... هل الوضع آمن ؟!! ..... )
هتف سيد وهو يقول بأمانة
( لا بعوضة تتمكن من المرور دون اذني ....العروس في امان تام ... كما تركتها .... )
زم رائف شفتيه و اغمض عينيه لحظة بغيظ قبل ان يقول بهدوء
( جيد ........... )
استدار وهو يحاول الاستعداد ليضغط الجرس .... الا ان سيد قال من خلفه
( هل نسيت مفتاحك ؟؟!! ........ )
التوى فك رائف وهو يحاول السيطرة على نفسه ... ثم قال دون أن ينظر الى سيد قائلا
( نعم ............. )
قال سيد بفضول
( و ماذا لو كانت العروس نائمة ؟!! .......... )
استدار اليه رائف قائلا بهدوء خطير
( سنعرف هذا ما أن تتنحى جانبا قليلا كي تفتح الباب ..... فهلا ابتعدت رجاءا ..... )
أسرع الرجل مهرولا وهو يقول
( حاضر ..... خذا راحتكما ....... )
بينما كان يضرب كفا بكف وهو يقول
" منظره المعكر يؤكد ظني ..... لا حول و لا قوة الا بالله ..... على الرغم من أنها صغيرة و تعيد الشباب "
أخذ رائف نفسا قويا قبل أن يضغط على الجرس رغما عنه .... و كأنه يضغط على .... قلبه بالقوة !! ....
ظل مستندا الى كفه .... مطرق الرأس ...... طويلا .... قبل أن يسمع صوت خطوات مرتجفة .....
ثم توقفت خلف الباب مباشرة .....
ابتسم رائف بحنان حزين .... إنها خائفة .... و تقف خلف الباب مباشرة ملصقة أذنها به .....
كان عليه أن ينطق اسمه مباشرة كي لا يرعبها أكثر .... الا أنه أخذ وقته وهو يرفع يده ليلامس سطح الباب
جزء منه يريد الدخول اليها مندفعا ليطمئنها .... و جزء أكبر منه يرغب في الرحيل مسرعا ....
حفاظا عليها مما يحمله !!......
تكلم أخيرا بصوت قوي النبرة كي تسمعه ... يحمل دفىء العالم ...
( إنه أنا يا ملك ..... افتحي الباب ... )
لم تمر لحظة قبل أن تفتح الباب بسرعة و التقطت عيناه آخر تنهيدتها ......
تسمر مكانه قليلا وهو ينظر اليها .... الا أنها كانت قد ابتعدت للخلف و هي تهمس براحة
( ارجوك ادخل ............ )
دخل رائف ببطى و عينيه على ظهرها .... الى أن وقف مكانه , فاستدارت اليه مملك ببطىء كالفراشة الشاردة .....
كانت ترتدي منامة بلون السماء يعرفها حق المعرفة ...... تخص " رؤى " .......
شعر بصدره يعتصره الألم ......
شكلها ..... بشعرها الطويل المنساب ... حتى تجاوز خصرها .... و عينيها المتورمتين من بكاء زادته بعد رحيله .... لكن وجهها كان نظيفا من سواد ليلة أمس .... و كأن شيئا ما طهرها من الداخل قبل خارجها ....
تسمرت ملك مكانها و هي تراه يرمقها بصمت .... فارتجفت بشدة و أخفضت وجهها الى المنامة التي ترتديها ...
و شعرت بالرعب من جنون تصرفها الوقح ليلة أمس .... و حين تمكنت من النطق همست بإختناق يكاد لا يسمع
( أنا آسفة جدا ...... لم يكن هناك سوى ملابس .... ملابس ..... و ملابسك ..... و قد أوشك الفستان على أن يخنقني ......... )
رمش بعينيه عدة مرات .....دون أن يرد ... فهمست ملك متوسلة
( أرجوك ...... أنا آسفة ......... سامحني ... كانت وقاحة مني )
تحرك رائف مكانه .... قبل أن يقول بخفوت
( لا شيء يتوجب الإعتذار ......... لا عليكِ صغيرتي )
رمشت ملك بعينيها قليلا .... لقد قال صغيرتي للمرة الثانية خلال عدة ساعات !!.....
لكنها قالت بخفوت مختنق
( بل هو تصرف لا يغتفر ...... أنا آسفة يا رائف ...لكني سأذهب الى البيت لأجلب ملابسي من هناك ... ثم أعود ..... . )
أجفل رائف مما سمعه للتو .... و اندفع داخله طوفان الفرح و غريزة الحماية و هو يسمع عفويتها الغير مقصودة ....
" لقد قررت البقاء هنا ...... للأبد !! "
ابتسم قليلا حتى تغضنت زوايا عينيه .....
لكم هي متعطشة لبعض الحنان !! ...... و كم يريد لو يمنحها كل ما يستطيعه .....
قال أخيرا بخفوت دافىء
( صباح الخير يا ملك ........... )
ظلت ملك صامتة قليلا تنظر اليه .... قبل أن تضم ذراعيها و هي ترد بخفوت
( صباح الخير يا رائف .......... )
من الواضح أنها قررت منادته باسمه مجردا ...... لم يكن يعلم ان اسمه يحمل كل ذلك الرفق و الرأفة .. الا بعد ان سمعه بصوتها هي ..... و كأنها تعنيه بكل حرفٍ بمنتهى الصدق .....
قال بخفوت وهو يراقب عينيها الحمراوين
( كيف حالك ؟؟ ............ )
ابتسمت قليلا و هي تلوح بذراعيها قليلا بإجهاد قبل أن يسقطا دون أن يجدا القدرة ليرتفعا ....
( كما أنا ...... و كما سأكون دائما .......... )
ظلت صامتة قليلا قبل ان تتابع بخفوت
( لكنني حرة الآن ...... و الفضل يعود لك ...... لم يتسنى لي شكرك بعد ...... )
عقد حاجبيه محاولا تقوية قلبه ..... قبل ان يقول بجدية
( ملك ........ تعالي اجلسي .... اريد أن أتكلم معكِ قليلا ........ )
شعرت ملك بالقلق من لهجته المختلفة معها .... فانتفض قلبها و همست بداخلها
" ياللهي لم أعد أحتمل المزيد من الصدمات ....... تعبت من الوجع "
لم تجلس ملك .... بل ظلت واقفة مكانها تنظر اليه بصمت ... منتظرة ثم قالت اخيرا
( لم ينتهي الأمر بعد ...... اليس كذلك ؟!! ....... ماذا حدث ؟؟ ......)
تنهد رائف بصورة زادتها قلقا .... بل رعبا ..... ثم قال اخيرا .....
( هل فكرتِ في الخطوة المقبلة يا ملك ؟؟ ........... )
فغرت ملك شفتيها قليلا .... قبل ان تقول بخفوت
( دون مقدمات أرجوك ........... قل ما عندك ..... )
رفع رائف عينيه الى عينيها .... ثم قال مباشرة
( اسمعيني جيدا يا ملك ....... ما قمنا به حتى الآن جيد ..... لكنه لن يفيدك على المدى البعيد .... كريم لا يزال يمتلك ورقة زواجكما .... و قد يظهرها في أي وقت ليبتزك بها .... و لا أعلم حتى ان كان شرعا يجوز أن يعيدك الى عصمته دون معرفتك في حالتكما تلك ........ )
صمت قليلا يطرق برأسه كي يتهرب من عينيها المراقبتين له .... ثم قال بصوتٍ أكثر خشونة
( نحن الآن نملك ما نقايضهم به ......... يظنون أن التحليل معنا .... لذا يمكننا محاولة تصحيح الأمور الى نصابها الصحيح ....... و اجبارهم على ذلك ..... )
ارتجفت شفتي ملك قليلا ..... قبل أن تقول بخفوت حذر
( ماذا تقصد ...... بتصحيح .... الأمور ؟!!! ...... )
أخذ رائف نفسا آخر أكثر خشونة .... و قوى نفسه وهو يتشجع ليقول
( استرداد حقك يا ملك ..... بزواج رسمي أمام الجميع ........ كي يعود اليك شرفك و كرامتك .... )
ظلت ملك صامتة قليلا .... و كأنها لم تسمع شيئا .....
ثم قالت أخيرا صوت باهت كالشبح
( زواج رسمي ..... ممن تحديدا ؟!!! ........ )
كان رائف على آخر درجات سيطرته على الذات , فلم يستطع تمالك نفسه وهو يهتف بغضب
( ممن سيكون يا ملك ؟!!! ..... من هو الذي تزوجته قبلا ؟!!! ...... )
فغرت ملك شفتيها أكثر اتساعا .... و ظلت تنظر اليه بذهول بينما هو يتجنب النظر اليها ... الى أن صرخت أخيرا بقوة
( تريد ان تعيدني اليه ؟!!!!!!!!!!!!! .......... ستسلمني له ؟!!! ....... ستسلمني له من جديد ؟!!! )
رفع رائف رأسه ليهدر بقوة كي يوقف صراخها
( اهدئي يا ملك ...... دعيني أشرح لكِ ......... )
الا أنها صرخت أعلى برعب
( تشرح لي ماذا ؟!!! ....... أنت لا تعلم ماذا فعل بي ؟!!! ...... لا تعلم ...... )
لم يستطع منعها من الصراخ الا بإمساك كتفيها ليجلسها بالقوة على الأريكة .... و هاله أنها كانت ترتعش بقوة حتى خشى عليها من الإغماء ..... فجثا أمامها ممسكا بكفيها ليقول بصرامة هادرة
( اعلم جيدا ما فعله بك ...... أخبرتني ليلة امس بكل وضوح ...... )
كانت ترتعش بشدة .... و تنظر الى عينيه برعب و ذهول .... قبل أن تهمس بصوتٍ لا يكاد يسمع
( أستطيع إعطائك التفاصيل ............. )
صرخ عاليا و هو ينتفض واقفا
( اخرسي يا ملك ............... )
لكنها قفزت هي الأخرى صارخة و هي تنشج بشدة
( لن اخرس ...... و لن يحدث ذلك ....... لن يحدث ........ اقسم انه لن ...... )
استدار اليها بقوةٍ ليضع يده على فمها ..... و يده الأخرى فوق شعرها ...تثبت ظهرها وتضمها اليه رغما عنه ..... كان يتنفس لاهثا بصعوبة .... بينما كانت هي ترتعش بعنف ..... و دموعها تنساب من عينيها المذهولتين حتى تبلل كفه على فمها ..... فهمس اخيرا بخشونة متحشرجة
( لا تقسمي ........ لأنني أعرف مصلحتك أكثر منكِ ...... )
رفع يده عن وجهها بتردد .... و بصدره نفس يتردد بقربها منه ..... لكنها همست و هي تنظر الى عينيه
( سأقتل نفسي قبل أن يلمسني مجددا ...........)
ظل ينظر الى عينيها ليقول بعد فترة طويلة بصوتٍ خافت قوي .... اخترق أذنها بعنف
( و انا سأقتله قبل أن يفعل ..............)
هتفت بجنون
( كيف ستفعل و أنت تنوي أن تسلمني له مجددا ؟!!! ....... )
هدر رائف بقوة ...
( سأكون معك و لن أتركك للحظة ......... )
هتفت بهذيان ضاحكة من بين دموعها بوقاحة
( هل ستكون بيننا في ليلة الزفاف كذلك ؟!!! ...... )
حينها هدر رائف بقوةٍ سمرتها مكانها ....
( ملك !!!!!!!!! ............ )
ارتعبت من صرخته ... فارتجفت شفتيها بشدة .... قبل ان تخفض رأسها و تنفجر في بكاءٍ مرير .....
و هي تدفن وجهها بين كفيها على صدره ...... حينها تنهد بقوةٍ و ربت على شعرها برفق طويلا ... قبل ان يقول بخفوت
( هل تثقين بي ؟؟ ... )
هتفت بنشيجٍ مختنق على صدره
( لم اعد أعلم بماذا أثق ........... )
عقد حاجبيه بشدة ...... و أعاد بنبرة أقوى
( هل تثقين بي يا ملك ؟!!! .......... أسمعيني اياها حالا ....)
ظلت تبكي طويلا ..... لكنه لم يتركها .... بل اعاد بقوة اكبر
( هل تثقين بي يا ملك ؟؟؟؟ ..........)
هتفت باختناق من على صدره بنشيج حر
( لا تسلمني له مجددا ...... أرجوووووك ......)
قال رائف بصرامة
( لن نعاود الكلام قبل أن أسمعها منكِ .......)
ظلت تبكي قليلا ...... قبل أن تقول باختناق
( أثق بك ....... فقط أخبرني سببا منطقيا واحدا ....)
أبعدها عنه لينظر الي عينيها المتورمتين .... و ذبح منظر نشيجها كالأطفال و صوت بكائها المتوسل ....
ثم قال بخفوت و هو يبتلع غصة في حلقه
( ماذا لو أحببت شابا من عمرك يوما ما ؟!! .... كيف يمكنك الزواج يوما بهذا الوضع ؟!!..... أريد أن أعيد لكِ كرامتك .... )
ظلت تنظر اليه بذهول .... و قد جفت دموعها فجأة .... فمدت يدها تمسح المتبقية منها على وجنتيها .... قبل أن تقول بعدم تصديق واهي
( هل هذا هو السبب ؟!! ..... لو أردت الزواج يوما ؟!! ..... هل تتخيل أنني من الممكن ان ... )
رفع يده ليضعها على شفتيها برفق .... فنظرت الى ملامح وجهه القاتمة .... و أقسمت أن الألم يظللها .....
ثم قال بخفوت
( لا تحكمي الآن ....... لن يمكنك التنبؤ بالقدر )
همست بشدة بعينين صارمتين تدمعان بقسوة
( أنا أقدر الناس للحكم على نفسي ......... صدقني فقط , آن الأوان لتثق أنت بي ...... )
ابتسم ابتسامة ملتوية .... قبل أن يقول بخفوت رقيق
( ليس بعد ...... لكن أعدك أن أحررك ما أن اخلصكِ من هذا الماضي و يصبح ذكرى ..... اتركي لي مصلحتك مؤقتا .... هل اطلب الكثير ؟!! ...... )
عقدت حاجبيها و هي تهمس بقسوة حزينة
( هل تعلم ما تطلبه مني ؟!! .......... )
ابتسم برفق وهو يقول بصوتٍ أجش ... جرح اذنيها من هول نبرته الغريبة .....
( المأساة أنني أعرف ......... و اطلبه بنفسي ......... )

صمت قليلا وهو يرى بكائها الصامت الناعم .... قبل أن يصلب نفسه و يقول بخشونة
( ارتاحي الآن اليوم يا ملك ..... و لا تفكري بشيء ....... لكن غدا سأمر عليكِ كي آخذك الى أختك .... لكنني لن أبتعد ......... )

خرج رائف من البيت , وهو يحاول التقاط انفاسه بصعوبة ..... استند الى سيارته قليلا .... محاولا السيطرة على نفسه ... لكنه فجأة ركل الإطار بقوةٍ وهو يهدر في الفراغ من حوله
( تبا ......... تبا ........... )
بينما كان سيد يرمقه من بعيد بأسى .... يعلم انه يجب ان يتركه في مصيبته في تلك اللحظة دون محاولة الإقتراب منه ..... لكنه اخذ يدعو له من قلبه بتيسير كل عسير ..... فرائف رجل من اطيب و اشرف من عرفهم و تعامل معهم و لقد تحمل العديد من المصائب بحياته .... أولها فقد زوجته الطيبة الصامتة دائما و التي كان يحضرها معه قبل هذه العروس .........
رائف ناداه رائف فجأة بقوة ...... فاندفع اليه مسرعا يقول
( تحت امرك يا سيد رائف ............ )
اخذ رائف نفسا قويا ...... قبل ان يقول بصوت خافت لكن آمر
( راقب المكان جيدا ....... لو حاولت السيدة الخروج .... أخرها قدر استطاعتك و اتصل بي ...... )
قال سيد بسرعة ....
( حاضر يا سيد رائف .......... تحت امرك )
انطلق رائف بسيارته بكل سرعة .... وصوت بكائها كما تركها يمزق صدره بعنف ..... بينما بقى سيد مكانه يقول
( لا حول ولا قوة الا بالله .......... )
.................................................. .................................................. .....................
دخلت ميساء خلف أكرم ما أن دخل البيت صباحا ...... كانت تنتظره بعد أن شربت نصف زجاجة خمر كاملة .... سارت بتمهل خلفه و هي تراه يتوجه الى مكتبه .... ليجمع العديد من اوراقه .....
كان مرهقا .... متعبا ..... لكنه لا يزال يحمل بعضا من الوسامة الفاسدة القديمة ....
مدت يدها تلامس عنقها بارتجاف ...... قبل أن تدخل الى المكتب تختال بفستانها القصير المكشوف ...
رفع أكرم نظره اليها بإهمال ... ثم أعاد نظره لأوراقه وهو يقول ببرود
( لو تنوين افساد يومي فرجاءا ابتعدي ...... أنا مرهق بما فيه الكفاية ...... و لا يزال لدي المزيد من الأعمال ....... )
الا أنها تابعت تقدمها اليه و هي تراقبه بعينين زائغتين ..... قبل أن تقول بخفوت
( هل تنوي الزواج حقا ؟!!! .......... )
زفر بعنف وهو يفك ربطة عنقه ليرميها بعيدا ...... ثم قال بتهديد
( ابتعدي عني يا ميساء ........... )
الا أنها اقتربت منه بميوعة .... لتجلس فوق سطح المكتب و فوق أوراقه ... تراقبها بلا اهتمام ....
بينما زفر منتظرا لأن تقوم .... لكنها كانت تؤرجح ساقا فوق الأخرى .... ثم قالت بصوتٍ منغم
( ليس قبل ان تخبرني ......... )
تأفف بقوة .... ثم لم يلبث أن قال بقوة وهو يرفع رأسه اليها ... لينظر في عينيها قائلا
( نعم يا ميساء ..... سأتزوج ابنة رجل سياسة تعرفينه حق المعرفة ... لدي مصالح معه ...... )
ظلت تؤرجح ساقها ..... دون أن يظهر تأثير على ملامح وجهها ..... ثم قالت بخفوت
( و ماذا عني ؟!! ............ )
نظر اليها طويلا ..... قبل أن يقول بهدوء
( منتهى الكرم مني أن ابقى على وجودك هنا بعد الحال الذي وصلتِ اليه ..... و اكراما للحب الذي كان يوما .... )
أومأت برأسها و هي تقول بخفوت شارد
( منتهى الكرم منك ........ صحيح ...... بعد أن ضيعت شبابي ... و ابني .... و .... )
هدر أكرم و هو يضرب سطح الطاولة بقبضته قائلا بعنف
( لم يكن ابنك وحدك ...... كان ابني أنا أيضا ....... )
رفعت اليه عينين باردتين كالجليد و هي تقول
( لكنك استبدلته ............ بمنتهى السرعة و جمود القلب ..... )
نظر اليها قائلا بقسوة
( و كان عليكِ أن تكوني ممتنة ........لقد أصبح الشاب محط أنظار و أمنية الجميع .... ذكي طموح .... يعرف ما يريد ..... كان يمكنني الزواج و انجاب غيره ببساطة ..... لكنني ..... )
قاطعته تقول ببرود مشتد بقهر
( لكنك اكتفيت به ...... أعجبك ..... لائم كل توقعاتك .... لم تحتاج الى المزيد ..... )
قال بشدة وهو يميل تجاهها
( لو كنت اريد استبدال ابني كما تدعين لأنجبت غيره ..... لكن كريم كان مختلفا .... ملأ بيتنا وهجا و حيوية ... بعد أن سكنه السواد طويلا لدرجة جعلتني أنفر من انجاب المزيد من الأطفال ... و غرقتِ أنتِ في يأسك حتى انزلقت لهذا المستوى البائس .... انظري لنفسك ... لقد اصبحت جسدا جاف ... فاقد الأنوثة و الدماء ...... أنا و كريم نحيا و ننطلق لأعلى .... بينما أنتِ تنحدرين للقاع .... حتى أصبح الجميع يشمئز منكِ .... )
أمسك بطرف أوراقه ليجذبها من تحتها بالقوة .... و اخذ يرتبها ... وهو يقول بصلابة
( لا هدف من الكلام في الماضي ..... أنا سأتزوج .... و هذا قرار لا رجعة به ...... )
ابتعد عنها وهو يخرج من المكتب ...... لكنه تسمر مكانه وهو يرى كريم واقفا أمامه ... مشعث الملابس ...
ممزق القميص ... و الكدمات تملأ جانبيه .و الغبار يغطيه من قدميه و حتى شعره و رموشه ...
يقف مترنحا .... قبل أن يقول بصوت بائس مختنق ...
( أنت السبب ........ لقد أخذها مني ..... أجبرني على طلاقها ....... جعلته ينال مني و لديه الدليل .... لو كنت واقفت من البداية لما حدث كل ذلك ...... )
لم يستطع أن يتابع .... قبل أن يسقط أرضا وهو يتأوه بعنف .... تأوها بدا كالنشيج المكتوم .... المقهور ....
.................................................. .................................................. ......................
سار أكرم كأسد مهتاج أمام كريم المستلقي على سريره عاري الصدر .... مغطى بكدماته الأرجوانية ....
فصرخ عاليا
( كيف تمكن من الحصول على مثل هذا الدليل .... و بمثل تلك البساطة !!! ..... كيف ؟!!!! .... الآن سيذلنا كيفما يريد ........ )
كانت ميساء تجلس على حافة السرير .... تراقب كريم بعينين صامتتين على الكثير ......
ظل يتنفس بسرعة و هياج .... وهو يضرب كل ما يطاله يده .... بينما احمرت عيناه بشر .......
صرخ كريم بألم
( أنا لن اخضع ....... لقد أخذني على حين غفلة ..... لكنني لن أتخلى عنها .... انها زوجتي .... تصرف .... لقد وعدتني ....... لقد نفذت كلامك و ضيعتها من يدي ..... احضرها لي ..... )
همس أكرم من بين أسنانه وهو يندفع اليه ليقبض على كتفيه بقوةٍ جعلته يتأوه بشدة ......
( اخرس ...... اخرس .... كل هذا بسببك أنت ..... ايها الغبي الحقير ... بسبب موجة حنين غبية لأيام القذارة و اللقطاء أمثالك ...... تكاد الآن أن تنسف كل ما بنيته في حياتي ...... )
فتح كريم عينيه بقوة مفاجئة ... ليقول بعنف غريب على الرغم من خفوت صوته ... لكن احمرار عينيه جعلا منه ندا لاكرم .... يكاد أن يكون ابنه بحق ..... يشبهه في جنونه و في شره .....
( ما بنيته منذ أن أتيت انا الى بيتك أنا شريك به ...... ليس كرما منك ... لقد بعت نفسي و كان عليك أن تدفع ..... لذا أنا شريك في كل ما حققناه سويا ..... قبل أن يكون بمجهودي خلال السنوات الأخيرة ... فباسمي مجهول النسب الذي تحتقره الآن .... أنا بعت ... و أنت اشتريت ووضعت الإسم المناسب ..... )
لم يستطع أكرم السيطرة على غضبه أكثر فصفعه بقوة ..... جعلت شفته تتمزق و تدمي ..... فشهقت ميساء خائفة رغما عنها ......
بصق كريم بعض الدم على صدره .... قبل أن يعاود النظر اليه ليقول فجأة بصوت كالأفعى
( إن لم تعيدها الي ....... فانتظر أي شيء من لقيط ... مصيره و زوجته في يد رجلٍ يرغبها ..... فأي شيء آخر يمكن أن أخسره أكثر ..... استخدم نفوذك يا ....... أكرم .... )
ظل أكرم ينظر اليه بعينين تضيقان ... اكثر ... و اكثر ....... قبل ان يستقيم .... و يغادر دون كلمة واحدة ....
نظرت ميساء الى كريم بملامح غريبة .... و قابل نظراتها باخرى أغرب منها قبل ان تنهض.... و تسرع لتخرج مترنحة من الغرفة .....
الا أنها شعرت فجأة بقبضة تمسك ذراعها لتديرها اليه ... قبل أن يغلق الباب .... و يسندها اليه مشرفا عليها بطوله الذي تجاوز طولها كثيرا في السنوات الأخيرة ... و صدره العاري المليء بالكدمات الملونة ....
رفعت ميساء عينيها اليه لتصدمها نظراته قبل أن تقول بارتجاف بارد
( ماذا تريد ؟!! ........ )
ظل ينظر اليها قليلا .... قبل أن يهمس بصوتٍ ناعم .... ناعم جدا ....
( أنا و أنتِ يجب أن تعاون ....... رائف يهدنني أنا و أنت ..... و أكرم بات لا يهتم سوى بزيجته الجديدة ...... أنا لا أريد سوى الحفاظ على اسمي .. و ملك ..... و ليعود كل شيء كما كان ..... فقط ان تعاوننا أنا و انتِ ....... )
صمت قليلا قبل أن يقول بهمس أجش خافت
( أكرم يحقر منك كل يومٍ أكثر من اليوم الذي يسبقه ....... و انتِ لا تستحقين ذلك ...... أنتِ امرأة جميلة ..... جميلة جدا يا ميساء ...... )
انزلقت عيناه على عنقها .... و ما ظهر من فتحة عنق فستانها العميقة ..... فشعرت بجسدها يتلون و يحترق ... فأبعدت وجهها عنه و هي ترتعش بقوة .... بينما تابع بخفوت أكثر
( أنت جميلة جدا ...... تزدادين جمالا كل يوم ....... )
شهقت ميساء بنفس مرتجف ..... لم تعد عمياء ... باتت تعرف ما يقصد فعله جيدا ..... لم تعد عمياء ....
لكن بداخلها كانت ينتشر تلذذ غريب و تشفي في أكرم ..... و هي تسمح لكريم بأن ينظر اليها بتلك الطريقة ... و يلامسها هكذا .....
تشعر بالسعادة و هي تنال من أكرم ..... صمتت قليلا و هي تستعيد كرامتها التي أهدرها أكرم بحقارته ... و تسترد بعضا من أنوثتها الجافة على حد قوله ..... بينما نظرات كريم و لمساته تروي جسدها الجاف و تعيد اليه بعض الخضار ....
مد كريم يده ليلتقط كفها .... ثم وضعها على كدمة زرقاء بجانب صدره ..... ثم همس بارتجاف بجوار عنقها
( انظري ماذا فعل بي أخاك !! ....... لقد سلبني زوجتي .... انتزعها من بين أضلعي .... فتركت مكانها تلك الكدمة ........ )
صمت قليلا و الشر يتطاير من عينيه وهو يمسك بين يديه أخت رائف .... قبل أن تكون أمه التي رفضت وجوده منذ اليوم الأول في هذا البيت ......
اقترب بوجهه منها ببطىء وهو يهمس بصوتٍ شرير أجش
( ميساااااء .......... )
نظرت اليه ..... تراقب انخفاض وجهه .... شبابه و قوته ..... جسده الرجولي الرياضي الفتي على الرغم مما فعله به رائف .... لا يزال ينضح شبابا .....
راقبت شفتيه الشهوانيتين و هما تقتربان منها ...... فابتلعت ريقها و التشفي بأكرم يتراجع ... ليحل محله ... الخوف من عينيه المخيفتين ......
و ما أن كادت شفتاه تلمسان شفتيها حتى انتفضت و داست بيدها على كدمته بقوة أكثر و أكثر ....
فشهق ألما بقوة ........ و انتفض مبتعدا عنها .....حينها تراجعت و هي تمد يدها خلفها لتمسك بمقبض الباب و تفتحه .... ثم تخرج جريا ..... الى غرفتها كي تحتمي بها ......... من سحر شباب الشيطان ....
و من خلفها كانت تسمع صوت تكسير عالي في غرفته حيث تركته ..... و كأنه الجنون قد انتابه .....
.................................................. .................................................. ......................
مكثت وعد مكانها في شقتها الجديدة ..... تلك التي لم تجد الوقت الكافي كي تهنأ فيها مع ملك ......
نظرت بعينين متورمتين من شدة البكاء الى أنحائها .....
كنت تجلس على أريكتها وحيدة .... منذ أن دخلتها و انفجرت بالبكاء ...... و هي لم تتوقف حتى الآن ....
رفعت ركبتيها الى صدرها .... و اسندت كفها الى جبهتها ......
رفعت رأسها فجأة و هي تنتفض على صوت رنين جرس الباب ..... فهتفت بقوة
( ملك ......... )
نهضت من مكانها جريا الى الباب ... ففتحته تهتف مجددا
( ملك ............ )
لكنه كان "علي "......... كان يقف مكانه مطرق الرأس .... و ما أن سمع هتافها حتى رفع وجهه ينظر اليها بابتسامة محبة ..... بوجهه الحبيب الذي لم تره منذ فترة ..... يكاد يذكرها بأنه صديقها اللطيف .... الذي ساعدها ذات يوم في العثور على ملك ........
فهمست من بين بكائها الخافت
( علي .............. )
لتندفع اليه تتعلق بعنقه و تعانقه بقوة ...... أغمض "علي "عينيه متأوها دون صوت .......
يريد أن يضمها اليه في المقابل .... لكنه لم يكن ليستغل الوضع ... فوعد لم تكن في حالٍ سوي أبدا .....
ظل مكانه ثابتا قليلا ..... و حين ظلت ترتجف بكاءا على صدره ... همسة عاشقة أفلتت منه
( آآآه ...........)
رفعت وجهها المبلل اليه و هي تمسح دموعها مبتسمة ... تقول باختناق
( ماذا بك ؟!! ....... هل كانت تلك قدمك التي وقفت عليها ؟!! ........ )
أخفض رأسه ينظر الى قدمها الحافية الصغيرة .... مقارنة بحذائه الضخم كمركب الصيد .....
نعم .... وعد في حالٍ غير سوي تماما ..... لكنه اتخذها حجة وهو يقول موافقا
( نعم ...... لقد دهست أصابعي منكِ لله ...... )
ابتسمت معتذرة و هي تختنق بدموعها ..... ثم قالت
( أنا آسفة ...... هجمت عليك كدب بري .....لكن شعرت فجأة بأنني مشتاقة اليك ...... )
همس بداخله متأوها
" و أنا والله مشتاق اليك أكثر ....... و أنت تزدادين جمالا أكثر و أكثر ... "
قالت وعد تقاطع افكاره و هي تدخل بتثاقل الى البيت
( ادخل يا علي تعال ...... )
الا أنه ظل مكانه ليقول بهدوء
( بل تعالي أنتِ معي ....... العمل ينتظرك ....... )
استدارت اليه ببطىء ..... كانت مكسورة ...كان هذ ما استطاع أن يلاحظه فور أن رآها ....
كانت مكسورة ........ مهدمة ........
و بالفعل قالت بتعب
( العمل آخر ما يشغل بالي حاليا يا علي ...... اعذرني .... لا أستطيع ..... )
قال علي بهدوء
( و ماذا عنا ؟!!! ............ )
عقدت وعد حاجبيها قليلا و هي تقول بحيرة
( أنتم ؟؟ ....... تقصد من ؟!! ...... )
ضحك علىو هو يهز رأسه قليلا غضبا ....... ثم قال بخفوت ساخر
( نعم صحيح ..... من نحن ؟!! ....... )
رفع وجهه اليها يواجهها ليقول بشدة
( نحن مجموعة تم تجميعها بانتقاء مميز ..... و لا اقصد نفسي ..... لكن لديك فريق كان يعمل ليل نهار ... في وجودك و غيابك ..... بينما أنت تحاولين اصلاح زواجك ...... و ليلة أمس خرجت دون حتى كلمة شكر لست اقصد تلك العابرة في مكبر الصوت ..... لكن بعدها .. تشكرين مجهود كل منا .... و الآن لا تريدين العمل !! .... هل كانت مجرد نزوة لكِ يا وعد ؟! ...... )
تأوهت وعد بصمت و هي تحك جبهتها هامسة
( ليس الآن ....... ليس الآن يا علي أرجوك ..... ليست لي القدرة على احتمال المزيد ممن يصبون لعناتهم فوق رأسي ..... )
رفعت وعد وجهها لتقول بهدوء
( علي انظر قليلا الى عيني المتورمتين ...... لقد خسرت زواجي الذي تتحدث عنه .... و ربما أكون خسرت أختي ..... و صحتي ليست على ما يرام ....... )
وضع علي يديه في خصره قائلا
( و ماذا عن كوثر ؟!! ...... خياطة قديرة ... تم العثور عليها بمعجزة ... ترعى طفلا معاقا ذهنيا ... و بالرغم من ذلك كانت تعمل معنا ليل نهار بجدية ...... و ابتسام .... هل تعرفين ابتسام ؟!! ... الفتاة التي تقوم بالتطريز ...... هل تعرفين عنها شيئا ؟!! ..... انها مريضة كلى .... و العمل هو كل أملها في الحياة لتتحمل نفقات علاجها ...... و ماذا عن راوية ؟!! ..... )
عبس قليلا وهو يصمت ... ثم لم يلبث أن تابع مكشرا
( حسنا .... تلك لا تعاني من مشاكل .... انه مشكلة في حد ذاتها .... و نفكر في التخلص منها ..... المهم اننا جميعا نعاني اكثر قد يكون اكثر مما تعانين ...... لكن العمل كان له الاولوية لنا ....... لقد اختفيت لفترة طويلة .... ثم عدت ليلة أمس .... و قد تم طلب تفصيل اثني عشر فستانا من العرض ...... و اليوم صباحا نأتي كي لا نجد احدا ..... لا انت و لا ملك ... و لا حتى السيد الأجنبي الهائم بك ..... )
عبست وعد و هي تقول بصرامة
( عيب يا علي ....... لا تتكلم بهذا الشكل على االسيد يوسف ...... )
مط علي شفتيه ..... وهي لا تعلم أن السيد يوسف يكاد يتنفسها مع الهواء المحيط به ..... بينما هي تأتي ليلة أمس لتهيم حبا بزوجها على العلن ....... ضاربة قلوب المحبين لها ......
همس بخشونة وهو يطرق برأسه
( تبا ............... )
رفعت وعد حاجبيها و هي تقول
( ماذا الآن ؟!!! ..... أشعر و كأنك تريد ضربي بصفعتين يا علي !! ...... )
قال بكل صدق
( بصراحة ....... نعم يا وعد ...... )
اتسعت عيناها بشدة و هتفت
( علي !!! ............. )
لكنه قال بقوة
( كوني على قدر المسؤولية يا وعد ...... انه حلمك .... و لو كان يخصك وحدك لكنت تركتك تفعلين ما تشائين ...... لكن هناك أناس ارتبطت حياتهم بحلمك .... فليس من حقك أن تخذليهم ..... )
سقطت وعد جالسة على الأريكة و هي تدفن رأسها بين كفيها بيأس هاتفة
( ياللهي !! ............ )
شعر بالشفقة عليها قليلا .... لكنه عاد وقوى نفسه قائلا بهدوء
( ليس مطلوبا منك مجهودا عسيرا ..... فقط تعالي ..... اشعريهم بوجودك .... ابتسمي لهم و افتحي الباب بنفسك ..... راقبي سير العمل ..... زمن الخياطة المضنية لكِ قد انتهى يا وعد ..... انت مصممة الآن و صاحبة عمل ...... فقط اشعري بمن يعملون لديك ..... لقد ذقت الشقاء مثلهم من قبل .... فلا تتعالي عليهم الآن ...... )
رفعت وجهها لتهتف بظلم
( أنا أتعالي ؟!! ..... انا ؟!!!! ...... أنت لا تعرف كم أنا بعيدة عن التعالي !!! ...... )
قال علي دون أن يهتز لمظهرها المسكين ... و الذي هز قلبه .....
( اذهبي و قفي تحت الماء البارد بالقوة يا وعد .... و ارتدي ملابسك و تعالي معي ..... نحن ننتظرك .... )
ظلت وعد تنظر اليه بتعب ... و حزن عميق ... جدا .....
ثم نهضت بالقوة و هي تقول بتعب .....
( انتظرني للحظات ........... )
.................................................. .................................................. ......................
نزلت وعد الى ورشتها .......فهالها أن تجد العاملات جميعهن تجلسن أمام الباب ...... تبدو عليهن معالم التوتر و القلق ....
فهتفت بقوة
( ماذا يحدث هنا ؟!!! ....... الا يحمل أي منكم المفتاح !!! ........ )
نهض الجميع ووقف علي خلفها ليقول بهدوء
( نسخ المفتاح مع السيد يوسف .... و السيدة كرمة .... و ملك ...... )
زمت وعد شفتيها و زفرت بقوة ..... قبل أن تفتح الباب لتقول بصرامة .....
( ستكون هناك نسختين اضافيتين يا علي .... معك و مع كوثر ..... و أنت ستتابع فتح المكان كل يوم .... حتى في غير وجودي ...... )
دخلت و فتحت النوافذ قبل أن تقول بقوة
( اريد قائمة بكل التصميمات التي تم طلبها ليلة أمس ..... و لنبدأ على الفور ..... )
استدارت عن النافذة ...... لتنظر اليهم بدقة .... قبل ان تبتسم و تقول بخفوت
( شكرا لليلة أمس يا سيدات ........ اكتشفت انني ربحت كنزا لا يقدر بثمن حين رأيت التصميمات منفذة أمامي ...... فعلا تم انتقاء كل منكن كانتقاء حجر الماس .... ايديكن لا يليق بها الا ان تلف بالحرير ..... )
ابتسمت كل منهن و هي تتطلع الى الأخرى بحرج ...... قبل أن تطلق كوثر زغرودة عالية احتفالا بالمكان ....
بينما كانت وعد تنظر اليهن مبتسمة .... لكن الحزن بداخلها ينزف بقوة .... و هي تضطر للإبتسام ....
تماما كالسيدة كوثر التي تزغرد لها على الرغم من وجود ابن معاق لها ..... ينتظرها بآلامه كل يوم ....
.................................................. .................................................. ......................
في اليوم التالي ....
و أثناء العمل ...... وقفت ملك بباب الورشة ..... تنظر بصمت الى وعد التي كانت تدور بين العاملات ....
تضع نظارتها .... الا أنها لم تتمكن من اخفاء احمرار و تورم عينيها .... بدا وجهها أكثر شحوبا ..... و كأنها ازدادت هزالا في ليلتين .....
استدارت ملك الى رائف خلفها ..... لكنه جمد وجهه و قال بصرامة خافتة
( هيا يا ملك ...... لقد وعدتك الا أتركك ..... )
همست بصوت يكاد لا يتجاوز حركة شفتيها
( أريد البقاء معك ............... )
أظلمت عيناه .... و ذابت ملامحه قليلا ... فهمس لها
( تعلمين أنني أريد ذلك أكثر منكِ .......... )
فغرت شفتيها قليلا ..... فارتبك وهو يبعد عينيه عنها .... ليقول بصوت خشن
( كي تكونين تحت عيني و أتمكن من حمايتك .......... لكنني سأبقى في الجوار منك لحظة بلحظة ... )
همست ملك بقهر
( هل انت مصمم ؟؟...... على كلا القرارين ؟؟ ............. )
اسبل جفنيه ..... و شعرت للحظة انه بدا اكبر من سنه بكثير .... بدا كوالدٍ متعب .... يحمل الهم .....
لكنه رفع اليها عينيه ليقول بخفوت
( أتعدينني بألا تهربي ؟؟؟ .......... و ألا ترتكبي حماقة ....... )
ظلت تنظر اليه بنظراتِ عتابٍ صامتة ..... لكن قبل أن تمنحه الوعد كي تطمئن قلبه .... سمعت صوت وعد يهتف من خلفها
( ملك !!! ........)
استدارت ملك اليها ببطىء ...... تنظر الى وجهها الملهوف بصمت ..... قبل أن تندفع اليها وعد لتجذبها اليها بشدة ...... تضمها الى صدرها بقوة و هي تهتف بشدة
( اياك و الهرب مجددا ....... اياك ....... كل مشكلة و لها حل ..... لكن لا تتركيني مطلقا ) .......
ظل رائف ينظر اليهما قليلا ... قبل أن ينسحب دون صوت .... كي لا تراه ملك و تعاود الإمساك بيده كطفلة صغيرة ترفض رحيله ..... و تشبثها به كان أكبر من احتماله .......
ابتعدت ملك عن وعد قليلا و استدارت خلفها بسرعة ..... لكنه كان قد رحل ...... فخرجت الهمسة الى شفتيها بخوف
( لقد رحل ............ )
عقدت وعد حاجبيها و هي تنظر خلف ملك لتقول بقلق
( من هو ؟!!! ............ )
عادت ملك لتنظر اليها دون كلام ...... فأخذت وعد نفسا قويا و هي تحاول أن تهدىء من انفعالها .... و قالت بحزم
( يجب أن نتكلم ........ أنا مستعدة لسماعك حتى الصباح .... )
استدارت و نادت بقوة
( أنا مضطرة للصعود الى بيتي يا سيدات ...... علي سيتابع العمل اليوم , لدي أمر طارىء )
.................................................. .................................................. ....................
جلست و عد بجوار ملك على السرير .... بعد ان ساعدتها على التحمم و تمشيط شعرها ......
كل منهما تضم ركبتيها الى صدرها كطفلتين تائهتين ..... و كأن الزمن لم يجري بهما أبدا ......
كانت ملامح ملك جامدة .... باهتة .... كتمثال شمعي .......
بينما وعد كانت فاغرة شفتيها بصدمة ..... بل هلع ...... لا تصدق القصة التي حكتها ملك بصوت ميت لا حياة به ..... و كأنها تقص حكاية لا تعنيها .... شاردة في البعيد .....
رفعت وعد يدها لى صدرها لتقول
( صديقك من الدار ؟!!!!! ........ و يفعل بكِ كل ذلك ؟!!!! ..... و يدعي عليك الجنون ....)
نظرت الى ملك بعنف لتهتف بقسوة
( إن كان هذا هو الحب ..... فماذا يكون الإنتقام ؟!!!!! ....... ياللهي ..... أشعر أنني في كابوس )
لم ترد ملك ..... بل ظلت تنظر أمامها بصمت .....
فقالت وعد بخفوت ..... و صدمة
( اذن ماذا سنفعل الآن ؟!!! ....... كيف سنثبت زواجك به ..... أقسم أن أخرب بيته .... و أمزق من لحمه )
لم تخبرها ملك شيئا عن ليلة أمس و يمين الطلاق ..... فهو لن يسعد وعد مطلقا .....
فوعد كرائف يريدان العلن ..... بينما هي لا تريد سوى التمسك بيمين طلاقها و التخفي بقصتها المذلة ......
قالت ملك بخفوت ......
( وعد ...... اريد أن أضع رأسي على حجرك ..... أريد أن أنام ...... )

تأوهت وعد بصمت .... لكنها همست برقة
( تعالي ....... نامي قدر ما تريدين ......... )
وضعت ملك رأسها على ركبتي وعد ..... التي ظلت تمشط لها شعرها بأصابعها ..... الى ان قالت ملك بخفوت
( كنت قاسية معكِ جدا يا وعد ........ لقد اختزنت كل ما حدث لي ..... و فرغته بك ..... )
قالت وعد بألم و هي تمشط لها شعرها
( كنتِ محقة ...........لم أنساكِ أبدا يا ملك ..... لكنني كنت أبحث في طريقٍ آخر .... و نسيت الطريق الأهم ..... )
صمتت قليلا تبتلع غصة في حلقها ...... ثم همست بعزم
( لكن اقسم ان احلها لكِ ........... لو كان هذا آخر ما ساقوم به بحياتي ........ )
حين طال الصمت ..... نظرت وعد الى ملك التي راحت في سباتٍ عميق ..... فبقت مكانها قليلا حتى تاكدت من نومها ...... ثم رفعت رأسها بإحتراس ... لتضع الوسادة تحتها ....
ثم نهضت و هي تشعر بالحاجة للتنفس بشدة و الا ستموت .....
ذهبت وعد الى الشرفة .... تتمسك بحاجزها بقوة .... و هي ترفع وجهها لتأخذ عدة انفاس .....
و كم تمنت لو كان هواء البحر هو ما تتنفسه حاليا ..... يبدو انها قد اعتادت بيتها الصغير عند البحر .....
فلقد كانت مخفية عن العالم و مشاكله ..... لا تنعم سوى بحب سيف .....
حتى في غمرة شجارهما العنيف ... كان العشق يحاوطهما ....... و يعزلهما عن الكون .....
همست وعد مغمضة عينيها
( سيف ........... مر دهر منذ رحيلك ..... لا مجرد ساعات ...... )
فتحت عينيها بعد فترة طويلة ..... شيئا ما طرأ بالها من جهة البحر ...... شيء قد يفيد ملك .......
عقدت وعد حاجبيها بشدة و هي تركز تفكيرها ..... ثم همست بأمل كبير
( نعم ...... لما لا ؟!!! ..... ربما كان الحل لديها ....... )
اخرجت وعد هاتفها من جيب بنطالها و هي تتنفس بسرعة و تحشرج .... تدعو الله الا يخيب مسعاها ...
ثم وضعت الهاتف على اذنها تعض شفتها انتظارا ..... و تهز ساقها بعصبية ....
و سرعان ما اعتدلت و هتفت بقوة
( مرحبا ....... كيف حالك , هل تتذكرينني ؟!! ..... نعم انا بخير ...... و كيف حال الصغيرة ؟؟ ..... )
صمتت قليلا بعد سيل السلام ..... ثم همست بحرج
( انا في حاجة الى مساعدتك جدا ........ اختى واقعة في مصيبة ...... لقد اخبرتني مرة ان زوجة ابن عمك خاضت حروبا من قبل مع كبار البلد .... و لها خبرة كمحامية ...... هل يمكنني استشارتها في شيء على ان يظل الأمر سريا ؟؟ ....... )
سمعت وعد قليلا ... قبل ترفع رأسها متنهدة بأمل .....
( شكرا لكِ ....... شكرا لكِ من كل قلبي ....... لا أصدق أنكِ استجبت لرجائي بهذه السرعة .... لو كنتِ أمامي لكنت اغرقتك قبلا و عناقا ...... متى يمكننا ان نراها ؟؟ ..... )
صمتت لحظة ثم هتفت برضا لا مثيل له
( غدا ؟!!! ...... بهذه السرعة ؟!!!!! .........قبل حتى ان تسأليها ؟؟!! ياللهي .... انت بعشرة رجال يا حنين .... اشكرك .... انا مدينة لك العمر كله ....... نعم .... سأنتظرك العاشرة صباحا لنذهب معا ..... ممتاز ........ )
صمتت قليلا .... ثم قالت قبل ان تغلق
( حنين ..... انتِ بعشرة رجال ..... حقا ........ )
سمعت صوت ضحكة رقيقة قبل ان يتعالى الصوت الانثوي ليقول
( زوجي دائما يقول نفس العبارة ..... حتى انني اخشى ان استيقظ يوما و اقوم بحلاقة ذقني بالإيحاء ..... )
.................................................. .................................................. ..................
جلست وعد تشبك يديها بقوة .... مرتبكة بشدة بعد ان قصت حكاية ملك ....... بما تعرفه ....
حنين تجلس امامها و علامات الصدمة تعلو وجهها ..... بينما خلف المكتب كانت تجلس شابة غاية في الجمال .....
تحيط عنقها بوشاح .... بينما ترتدي عباءة شرقية مطرزة ......
اليوم يوم عطلة .... و لقد حلت على سكان البيت الكبير بكل وقاحة دون موعد مسبق ......
ضربت الشابة فجأة على المكتب بقبضتها و هي تهدر قائلة مما جعل وعد تنتفض برعب من شرودها
( هذه قذارة ....... قذارة الحيتان ... و تجارة الأطفال .... لينتهي الحال بنماذج مشوهة .... لا تحمل انتماءا لأي قيم ..... تعيث فسادا في الأرض ...... )
كانت وعد تومىء برأسها عاقدة حاجبيها محاولة أن تفهم و تستوعب تلك المذكرة التحليلية المنطلقة في وجهها كمدفع رشاش ..... لكنها لم تفهم معظم الكلام .... فقالت حنين و هي تنظر لملامح وعد ...
( الترجمة من فضلك يا صبا ....... أنتِ تقولين كلام يصعب على أمثالنا فهمه ..... )
تنهت صبا بقوة و هي تحاول التقاط أنفاسها ...... ثم قالت و هي ترتجف غضب
( اعذراني ....... لقد أخذني الإحساس بظلم المقهورين قليلا ...... لا أتمالك نفسي حين أسمع هكذا انتهاكا على يد أحد الأباطرة ... مما يظن أنه ملك الأقل شئنا و الأدنى مستوى ..... )
مطت وعد شفتيها بحرج .... على أساس أنها و ملك ممن هم أقل شأنا و ادنى مستوى .......
نظرت اليها حنين و ربتت على صدرها تراضيها في الخفاء ... غامزة لها بالصبر ....
ثم قالت بقوة
( هل معنى كلامك أن نيأس يا صبا ؟!!! ......... )
رفعت صبا عينيها الخضراوين العسليتين كعيني قطة ثائرة مستعدة لنبش من يستفزها
( من ذكر كلمة اليأس ؟!!!!! ...... أقسم أن أخرب بيته و أجعله يدور حول نفسه ألف مرة قبل ن يفكر في الزواج مجددا ........ )
مالت وعد الى المكتب برجاء و هي تقول متوسلة
( اذن ما الحل ؟!!! ......... )
مالت اليها صبا لتقول ببساطة
( الإبتزاز هو الحل .............. )
عقدت وعد حاجبيها لتقول بحيرة
( ماذا نمتلك لنبتزه به .................... )
ابتسمت صبا و هي تتراجع الى ظهر كرسيها قائلة بهدوء
( خصلة شعر ......... أي محامي لديه خبرة في تلك القضايا سيقترح نفس الحل ....و ما أن نمتلك الورق الذي يثبت انعدام نسبه لهذه العائلة .... نقوم بابتزازهم .... . )
قالت وعد بصوتٍ باهت فاقد الأمل ....
( و كيف سيمنحنا خصلة من شعره بطيب خاطر ؟!!! ......... )
ابتسمت صبا برقة و هي تقول
( لا مشكلة اطلاقا ....... لدى زوجي من يقوم بمثل هذه الأمور ......... )
نظرت وعد الى حنين ..... التي ابتسمت لها لتقول بثقة
( اطمئني يا وعد ....... ما دمنا اتينا الى صبا ... فثقي ان الامر محلول ان شاء الله .... فهي اشد رجولة مني ... و تحلق عند نفس الحلاق ..... )
اهتزت ابتسامة وعد و هي تقول بأمل
( يا رب ........ أشعر و كأنني سأموت قبل أن أراها متزوجة منه رسميا ...... )
اظلمت عينا صبا و هي تقول بغلظة
( هل تتمنين زواجها حقا من ذلك القذر ؟!!! .......... )
هتفت وعد بقوة
( كل ما يهمني هو سترها علنا ........ و كل شيء يهون بعد ذلك ...... )
زمت صبا شفتيها و هي تقول
( مجتمع يخدع نفسه بالشكل فقط .... دون النظر الي الى السوس الذي ينخر في عظامه , الجبابرة نحن من صنعناهم .... بالرغبة في التستر على كل مشكلة نقع بها .... )
فغرت وعد شفتيها و هي تقول
( ها ؟!!! ........... )
قالت حنين متدخلة ...
( لا عليك يا وعد .... الترجمة ستنزل في الزيارة المقبلة ...... هيا لنعود قبل موعد عودة جاسر ..... فسيجن جنونه لو علم ........ )
قاطعها صوت رجولي فخم من عند الباب
( لو علم انكِ في زيارة بيت عمك ؟!!!!! ......... اذن ما رأيك أنكِ ستتناولين الغذاء معنا اليوم و لو تجرأ ابن رشيد على المعارضة فليواجهني ...... )
نهضت وعد من مكانها و هي تستدير لتنظر الى رجلٍ وسيم وسامة جميلة .... ذكرتها بسيف .... فرق قلبها للحنين ....
كانت لحيته منمقة و مهذبة .... و في يده سبحة زرقاء فيروزية ....
وقف مكانه وهو يقول بتهذيب متراجعا ...
( عذرا ..... لم أكن أعرف بأن لدينا ضيوف ........ )
ارتبكت وعد و هي تقول بحرج
( أنا موكلة لقضية ...... أنا آسفة جدا ..... سأغادر حالا ..... )
قال عاصم مبتسما دون أن ينظر اليها ..... مكلما صبا من خلف كتفه ....
( هل فتحت فرعا من المحكمة على غرفة الجلوس يا بنت السلطان ؟!!! ........... أخشى أن أبدأ في تفتيش كل من يدخل بيتنا منذ اليوم .... خاصة و أنت تجلسين بأريحية و شعرك مكشوف !!! .... )
ارتبكت وعد أكثر و هي تشعر بأنها تسببت في كارثة ... لكن صبا قالت عاتبة
( توقف يا عاصم ..... لقد أفزعت الفتاة المسكينة ..... انها ليست موكلة .... انها من طرف حنين ... اذن فهي من أصحاب البيت ...... )
قال عاصم مبتسما و هو ينظر أرضا .....
( اعذريني ..... اردت افزاع زوجتي ...... لكنها كالعادة ... لا تخاف سوى من مستوى الكليسترول في طعامي ..... حتى لو وضعت هيكلا عظميا تحت سريرها .... فلن يشغلها سوى التحقيق في هوية مرتكب الجريمة )
مطت صبا شفتيها و الغيرة تتآكلها بشدة دون أن تسمح لها بالظهور و لو لذرة .... بينما ضحكت وعد قليلا بحرج و هي تقول
( فليحفظها الله لك ..... أنا يجب أن أغادر الآن ..... )
قال عاصم بأدب
( لا يصح ...... يجب أن تبقي معنا للغذاء .. و الا ستغضب روعة .... )
قالت وعد بسرعة
( لا ....... لا أستطيع صدقني ...... لقد تركت أختي بمفردها و يجب أن أعود سريعا ..... )
خرجت وعد مسرعة .... تتبعها حنين .... لكن وعد أصرت عليها أن تبقى .... و انصرفت هي على اتفاق بموعد آخر ....
بينما وقفت صبا أمام عاصم في غرفة المكتب .... تتطلع اليه بصمت مكتفة ذراعيها ...
فنظر اليها بخبث و قد طارت من وجهه هالة البراءة .... و حلت مكانها نظراتٍ تأكلها أكلا وهو يقول
( خير يا بنت السلطان ؟!! ....... تريدين قذف سهم طائش من فمك الشهي ..... تكلمي علكِ تفسدين شهيتي و لا اتناول وعاء المحشو بالسمن البلدي من يد امي ..... )
الا ان صبا لم تضحك .... بل ظلت صامتة تنظر اليه بنظرة غريبة ... ثم قالت اخيرا
( جذاب جدا منظرك و انت تغض البصر ببراءة رجولية تأسر القلب .... بينما تمزح و تضحك مع الفتيات من خلف كتفك ...... )
عبس عاصم وهو يقول
( اي فتيات ؟!!! ........ تقصدين صديقة حنين ؟!!! ...... لقد صنفتها كحنين طالما هي صديقتها .. اي لا تتمي لخانة الفتيات ....لكن لو كانت جميلة ........ انتظري لأتحقق منها من النافذة ..... )
و بالفعل اتجه الى النافذة الا ان صبا هتفت بغضب و هي تضرب الارض بقدمها
( توقف يا عاصم ...... هذا ليس مضحكا ........ )
لكنه كان قد اقترب منهامدققا وهو يقول بحذر
( هل أشم رائحة غيرة !!!! ...... ياللهي !!!! ..... هل انقلب العالم و باتت بنت المستشار تشعر بالغيرة كالزوجات الطبيعيات ؟!! ....... )
قالت صبا بوجه مخبر شرطة مخضرم
( هذا ليس مضحكا ...... تماما كما لم تكن مضحكا و أنت تمزح مع الفتيات ..... )
قال عاصم مندهشا وهو يلوح بيديه
( فتيات !!! ...... هل جعلت منها فتيات مرة واحدة ؟!!! ...... المسكينة تكاد تذوي من شدة الهزال , ربما لو مكثت معنا و تناولت اصبعين من محشو أمي لكان وزنها قد زاد قليلا .... )
اتسعت عينا صبا بصدمة و هي تقول بصوتٍ واهي
( هل تحققت من جسدها ؟!!! ............. )
عقد عاصم حاجبيه وهو يقول مبتسما
( حقا ؟!!! ....... هل هي هزيلة بالفعل ؟!!! ....... لقد تطورت مهارتي مع العمر ..... )
فكت صبا ذراعيها و هي تتجاوزه مندفعة .... لكنه قال بهدوء مناديا
( يا بنت السلطان ......... )
توقفت صبا مكانها ... ثم استدارت اليه بوجه ٍ مصدوم الخاطر .....
فقال عاصم مبتسما
( حضري لي الحمام ...... من فضلك ......... )
ظلت تنظر اليه بقسوة .... قبل ان تندفع صاعدة السلم و هي ترفع طرف عبائتها ... فانكشفت له ساقها البيضاء القشدية .... فرفع حاجبه وهو يقول بخفوت
( آه يا بنت السلطان ..... نسبة القشدة تزداد بكِ يوما بعد آخر .... حتى أصبحتِ كاملة الدسم و الحلاوة ... )
.................................................. .................................................. ...................
خرجت صبا من الحمام بعد أن حضرته ... و هي لا تزال غاضبة و متألمة .....
لكنها تسمرت مكانها و فغرت شفتيها بألم مضني ..... و هي ترى عاصم يجلس على حافة السرير عاري الصدر بعد أن تخلى عن قميصه ..... و ضحكاته تملا وجهه فتزيده وسامة .... وهو يحمل نوارة بين ذراعيه بعد ان سرقها من امها ليلاعبها بحماقة .... بينما هي تقهقه بعنف حتى كادت ان تسعل .....
تراجعت صبا مذبوحة القلب الى ان اصطدمت بالحائط و هي تراقب المشهد الأجمل في الحياة .... و الأكثر عذابا على الإطلاق .....
نظر عاصم خلفه قليلا ليراها واقفة ملتصقة بالحائط ... دون أن يتحقق من ملامحها ..... فقال بسعادة
( اتعرفين أن تلك الصغيرة تزداد شبها بك كل يوم أكثر من أمها !!! ..... لقد أخذت خضار عينيك العسليتين و شعرك الذهبي الداكن ...... أتذكر أن أحنين كانت تتوحم عليك .... كانت تجلس أمامك و تحدق بكِ تركيز لفترة طويلة كما طلبت منها أمي ...... و بالفعل جاءت الصغيرة لتشبهك تماما ...... و لنفس السبب كانت تتجنب النظر الى حور ........ )
حين ظلت صبا صامتة .... التفت اليها عاصم .... ليصطدم برؤية وجهها الشاحب المطعون بملامح الألم ....
شعر عاصم بألمها يتسرب عبر عروقه ..... فالتو فكه قليلا .... و أنزل نوارة لتحبو على الأرض .... قبل أن يقول دون أن ينظر الى صبا
( تعالي يا صبا و دلكي لي ظهري رجاءا ..... عضلاتي باتت تؤلمني بشدة )
تركت صبا المنشفة من يدها .... و اقتربت ببطىء من السرير حتى تسلقته و جلست خلفه على ركبتيها و أخذت تدلك له عضلات كتفيه و ظهره ..... بينما أغمض عينيه متأوها براحة ... ليقول
( ماذا أفعل بدون يديك يا بنت السلطان ؟!!! ..............)
قالت صبا من بين شفتيها المتكورتين
( تمزح مع الفتيات الأخريات .......... )
ابتسم دون أن يفتح عينيه ليقول ببساطة
( و ما حاجة الرجل الى الحليب منزوع الدسم وهو يمتلك القشدة بالكيلو ......)
توقفت صبا قليلا و هي تقول بامتعاض
( هل من المفترض أن أشعر بالزهو لغزلك هذا ؟!!!! ..........)
لم يرد عاصم ...... لكنه مد ذراعيه خلف ظهره فجأة ...ليجذبها من خصرها حتى لفها حوله و أسقطها على حجره ..... بينما قال لعينيها الجميلتين
( سأعلمك الزهو بغزلي يا بنت السلطان ......... و لو طالت بنا السنوات .....)
هتفت صبا بقلب يرتجف
( نوارة يا عاصم ....... عيب .......)
الا أن عاصم كان ينهل من شفتيها الشهيتين بقوةٍ مريعة وهو يقول بخشونة
( لقد اعتادت على ذلك من والديها ......... تبا لذلك لا اتدعيني أخطىء القول .... أمها ابنة عمي و لا يصح ما أقوله ......... )
همست صبا بحنان و هي تحيط عنقه مستسلمة لقبلاته
( لقد دخلت تحت السرير في كل الأحوال ........... )
ابتسم من بين قبلاته المجنونة ..... وهو يهمس بخشونة
( جيد ...........)
قالت صبا بصعوبة و هي تحارب جنونه
( لا تكن مجنونا يا عاصم .... قد يسقط السرير فوقها لا سمح الله ......)
همس عاصم بخشونة
( أمي ستعلن حالة الإستعداد القصوى للغذاء خلال نصف ساعة يا بنت السلطان ...... هلا تركت السرير و اهتممت بالمضمون ..... ألم تتعلمي شيئا منطقيا في دراستك يا بنت المستشار ؟!!! ......)
تخللت شعره بأصابعها و هي تهمس بجنون عشقها
( تعلمت أن الحب قانون .... يسري فوق الجميع ..... يا سلطاني .... و عشقي الوحيد ... )
.................................................. .................................................. ......................
نظرت وعد الى هاتفها بصمت في الظلام ..... قلبها يهفو اليه .... و الجوع اليه بداخلها ينشب مخالبه بكل قسوة
الا أنها نذرت نفسها لحل مشكلة ملك .....
أرجعت رأسها للخلف و هي تغمض عينيها ..... لقد كان بينهما خطوة .... خطوة واحدة كانت لتخطوها و تعدو اليه .......لكن بعد أن عرفت بما حدث لملك ..... بات الطريق بينهما طويل .... و هي تشعر بأن كل منهما يحمل جزءا من الذنب
رفعت وعد الهاتف الى أذنها .... و طال الرنين بينهما ..... و قلبها يقصف معه منتظرا سماع صوته
الى أن رد أخيرا بصوته العميق
( وعد ............)
ابتسمت بألم .... مجرد اسمها يعد قصيدة غزل من بين شفتيه
قالت أخيرا بخفوت
( كيف حالك يا سيف ؟؟ ..........)
ساد صمت قليل قبل أن يقول بخفوت
( أنا بخير ....... كيف حال ملك ؟؟؟ ......)
أبتلعت غصة في حلقها .... لم يفتها أنها سألت عن حاله ... بينما سألها عن حال ملك ..... لكنها قالت بخفوت هامس
( إنها بخير ....... انها معي الآن .... )
قال سيف بخفوت
( جيد ..............)
ساد الصمت مجددا قبل ان تلتقط انفاسها لتهمس باختناق
( سيف ...... لقد تنازلت عن دعوى الخلع و انا آسفة جددا على كل ما ارتكبته من حقارة تجاهك ..... لكن الآن بات مستحيلا أن أشعر بالسعادة حتى ....... )
قاطعها سيف قائلا بخفوت
( لا داعي لكل ذلك يا وعد ....... لم يعد له اهمية ...... )
عبست قليلا و هي تهمس بصوتٍ يائس
( حقا ؟!!! ......... كنت أظن أن ......... )
الا أنه عاد ليقاطعها بخفوت اخترق الموجات بينهما كسهم ناري نفذ الى أذنها و أحرق قلبها
( لقد طلقتك اليوم صباحا يا وعد ........... )


انتهى الفصل 45


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 02-06-15, 12:06 AM   #20706

أنا لك علي طول

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية أنا لك علي طول

? العضوٌ??? » 118610
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,542
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك max
افتراضي

قبل القراءة ربنا يستر من الصدمات :/
mareen likes this.

أنا لك علي طول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-06-15, 12:06 AM   #20707

لاريس111

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية لاريس111

? العضوٌ??? » 314304
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 783
?  نُقآطِيْ » لاريس111 has a reputation beyond reputeلاريس111 has a reputation beyond reputeلاريس111 has a reputation beyond reputeلاريس111 has a reputation beyond reputeلاريس111 has a reputation beyond reputeلاريس111 has a reputation beyond reputeلاريس111 has a reputation beyond reputeلاريس111 has a reputation beyond reputeلاريس111 has a reputation beyond reputeلاريس111 has a reputation beyond reputeلاريس111 has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيل حضووووووووووووووووووووووو ور
mareen likes this.

لاريس111 غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 02-06-15, 12:09 AM   #20708

samahss

مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية samahss

? العضوٌ??? » 111513
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 39,598
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » samahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 363 ( الأعضاء 292 والزوار 71)
samahss, ‏aria haydar, ‏rose.rose, ‏عشق القلم, ‏أسماء44, ‏lizabennete, ‏سارة امينة, ‏amiraa22bk, ‏سميراء, ‏نوت2009, ‏بيبوبن, ‏بعثرة ذات, ‏قاحلة, ‏الجميلةالنائمه, ‏AYOYAAA, ‏khadibima 52, ‏عزايم ماتضيق, ‏دوسة 93, ‏علمتني الدنيا, ‏لين محمد, ‏ليلى هشام, ‏hobamansour, ‏لاريس111, ‏أنا لك علي طول, ‏رؤى الرؤى, ‏majda sarito, ‏بين الورقة والقلم, ‏khma44, ‏انسيآب..!, ‏سوما, ‏زهره البوفارديا, ‏last hope, ‏اميرة الرومنسية, ‏حور الجنان, ‏سفيرة الادب, ‏say love you, ‏nona.a, ‏نسمة صيف 1, ‏نور محمد, ‏rahaf_1, ‏الامل هو طموحي, ‏سديم الذكريات, ‏غمزة نظر, ‏camela, ‏محبة النجوم, ‏دودو 2000, ‏ملوكه*, ‏في نو لي تر عب خا, ‏نور القلوب 18, ‏cmoi123, ‏elizabithbenet, ‏غروري مصدره أهلي, ‏haneen el nada, ‏enashady, ‏انسه ريلاكس, ‏حلم رواية, ‏shams alnour, ‏هنا عمرو, ‏maha_1966, ‏جودينآ, ‏fatma111, ‏ام لينووو@, ‏la princesse * malak, ‏فرح أيامي, ‏khaoula Ci, ‏بيبه الجميله, ‏afnan saleh, ‏Hams3, ‏نداء الحق, ‏أخت داليا, ‏ebrU, ‏métallurgier, ‏اسية232, ‏جميلة الجميلات, ‏amana 98, ‏nawaraa, ‏اميرة كيليسا, ‏Manoosha Moon, ‏الصقر الصقر, ‏كيف ينتهى الحلم, ‏ام علي اياد, ‏Frahal, ‏Aya youo, ‏شكرإن, ‏بنت بلدي، الجرح ، thetw ل، سمير ، Bnboon ، ماريمارر ، ميامين ، RINCKYPINKY ، zerozero ، البراء ، ل Hanene ** ، الزرقاء زهرة ، 101So ذلك ، johayna123 ، mesaw ، كيد! ، Ryanaaa ، hind_mohad ، الصدفة الأخضر ، rontii, ‏نسائم ليلى, ‏nada alaa, ‏جوهرة الشر, ‏روح معلقه, ‏سهرانة الليل, ‏amoula24, ‏lasha, ‏mrmoorh, ‏maimickey, ‏كتكوته زعلانه, ‏do3a, ‏doaa eladawy, ‏totaalmagnona, ‏تى تى بك, ‏روكو, ‏Ŕed*ŔOoŹẻttā, ‏ام البنات1989, ‏زهور الشتاء, ‏sara-khawla, ‏najla1982, ‏celinenodahend, ‏ام هنا, ‏نسمات الشتاء, ‏nura nass, ‏priscila, ‏دمعه نسيان, ‏jojo333, ‏Mary~), ‏جوزيف الحربي, ‏um soso+، لوز ديل سول ، الأميرة سارة ، اسراء سيد عثمان ، omniakilany ، hlkdi ، جالاتيا ، ebti ، لولة العسولة ، سودوكو ، قلب السكر ، markunda ، amatoallah ، # مي # ، لمار لولي ، اية المني ، غرررام الورد ، خفوق الشوق ، منى ABD ، السم الحلو ، زرزر ، نهيل نونا ، lelly, ‏اغلى ناااسي, ‏أجمل لحظات حياتى, ‏كريستنا, ‏kholoud.mohd, ‏ريمودانه, ‏الوية احمد علي, ‏نهولة, ‏هبوش 2000, ‏fazh, ‏عصفور الكناري, ‏salsa, ‏نور الضى, ‏حواء بلا تفاح^, ‏al3nood, ‏الاف مكة, ‏نادر حلاها, ‏angela11, ‏اسراء المصري, ‏ربروبة, ‏aml, ‏نور المعز, ‏نزووف, ‏Just give me a reason, ‏سرى النجود, ‏mesfa, ‏متعثرهـ, ‏intissar2, ‏farameme, ‏ZAINABQ, ‏غرام النهار, ‏farahjaber1, ‏رغيدا, ‏دانة 2008, ‏موزة الحبوبة, ‏starmoon, ‏رنيـــــم, ‏نور بن مبروك, ‏NoOoShy, ‏أنت عمري, ‏raniaone, ‏sakora chan, ‏ديما 79, ‏anabel, ‏سمر لولو, ‏soma samsoma, ‏نادية 25, ‏mihaf, ‏د. أمل, ‏ميسلودي, ‏sasad, ‏ذهب, ‏doc khadija, ‏tntn2020, ‏سحر الخيال, ‏لفلسطين أكتب, ‏begad, ‏rosemary.e, ‏منى فهمى محمد, ‏يمنى اياد, ‏حياتي في رواياتي, ‏السماء الزرقا, ‏كراميش, ‏rayadeeb, ‏الهدوء صفة الملوك, ‏شطح نطح, ‏سناء هلسة, ‏ريناد السيد, ‏Nody Nody, ‏دموع عذراء, ‏nothing 2 say, ‏منيتي رضاك, ‏JOURI05101, ‏meriam 1992, ‏زموردة, ‏شذى الورد 88, ‏mero86, ‏soma saif, ‏طفول, ‏maryema, ‏lujain1991, ‏sara8639, ‏cute-lady, ‏*جوود*, ‏أم نووور, ‏رندا5, ‏يمامة يمامة, ‏halaabz, ‏mounya, ‏nancy_nana, ‏مهرة..!, ‏Riarika, ‏fattima2020, ‏الغزال الباكي, ‏seham26, ‏mahy15, ‏سنا هيت, ‏rinada, ‏hawa500, ‏البيضاء, ‏ايفيان, ‏شروق الشمس هلا, ‏حبي الأزلي, ‏السماء الممطره, ‏mirasmith, ‏s.m..ssous.m.s, ‏Nor sy, ‏naika, ‏بلموت, ‏hedoq, ‏نبيله محمد, ‏maf, ‏ام عمر يحيى, ‏neno 90, ‏عفراء الطاهر, ‏شاهندا 14, ‏hope 21, ‏ام مصطفى1, ‏rawand girl, ‏ارض اللبان, ‏nour-love-mohand, ‏magyy allam, ‏nour helal, ‏tok
تسجيل حضور يا تيمو


samahss غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 02-06-15, 12:27 AM   #20709

afnan saleh
alkap ~
 
الصورة الرمزية afnan saleh

? العضوٌ??? » 20781
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 443
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » afnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
افتراضي

ييييييييييييييييييييييي ييييييييييييييييييييييي ييييييييييييييييييييييي عليكي يا وعد
تبا تبا تبا لكي

هيك يعني انام و اصحى الاقيكي اتطلقتي
اااااااااااخ بس


afnan saleh غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 02-06-15, 12:29 AM   #20710

afnan saleh
alkap ~
 
الصورة الرمزية afnan saleh

? العضوٌ??? » 20781
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 443
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » afnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond reputeafnan saleh has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
افتراضي

يسلمو يا تيمو ع الفصل - شعوري مكسوور اسمني اندبح قلبي ع سيفووو
و الا كريم المعتوه الاكبر بالدنيا كلها شيطاااان الله يعافينا

من ناحية تانية حنووونة صبا و عصووومي ريتهم ما يبلو ريتهم

mareen likes this.

afnan saleh غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:51 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.