آخر 10 مشاركات
امرأة متهورة - شارلوت لامب - روايات غادة (الكاتـب : Just Faith - )           »          وداعا.. يليق بك || للكتابة : إيناس السيد (الكاتـب : enaasalsayed - )           »          87 - ومرت الغيوم -آن هامبسون -عبير جديدة (كتابة /كاملة)** (الكاتـب : Just Faith - )           »          131-القاضي والمخترعة - روايات ألحــــان (الكاتـب : Roqaya Sayeed Aqaisy - )           »          حنين الدم ... للدم *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : رؤى صباح مهدي - )           »          وآخرون يعشقون *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : انسام ليبيا - )           »          5 - الرجل السراب - جانيت ديلي - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة ) (الكاتـب : gasmin - )           »          جنون الرغبة (15) للكاتبة: Sarah Morgan *كاملة+روابط* (الكاتـب : مستكاوى - )           »          ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )           »          اللوحة الغامضة (48) للكاتبة: كارول مورتيمور .. كاملة .. (الكاتـب : cutebabi - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-04-09, 02:23 PM   #101

mero_959

نجم روايتي وعضوة في فريق عمل الروايات الرومانسية

 
الصورة الرمزية mero_959

? العضوٌ??? » 62516
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,217
?  نُقآطِيْ » mero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to behold
افتراضي


الفصل الثامن


كانت جيسيكا تقوم بجولتها الأسبوعية في المستشفى، عندما طلب منها عبر المذياع التوجه فوراً لمقابلة الدكتور اوبريان في العيادة. أدركت على الفور أن هناك طارئاً، فابدلت ملابسها و قادت سيارتها بسرعة جنونية غير مبالية بقوانين السير. و خلال دقائق وصلت أمام العيادة و توجهت مباشرة إلى مكتب بيتر لتجده مجتمعاً إلى دان. ما أن أغلقت الباب خلفها حتى بادرهما الدكتور اوبريان موضحاً:
- تلقيت مكالمة هاتفية من ممرضة خاصة تعمل في مقاطعة فندا، أخبرتني أن سيدريك كابوفو زعيم المقاطعة مريض و يحتاج لرعاية طبية عاجلة، و نظراً لسنه ارتأت الممرضة عدم نقله من منزله إلى المستوصف الذي يبعد عنهم حوالي العشر كيلو مترات.
سأله دان باهتمام:
- مما يشكو يا دكتور؟
- تظن الممرضة أنها الزائدة الدودية. الوقت يمر بسرعة و اقترح أن ترافقك جيسيكا.
- يلزمنا ساعتان أو ثلاث لنصل إلى هناك في السيارة، فأنت تعلم حالة الطرقات في تلك المنطقة.
- قد أطلب من برنارد إيصالكما بطائرته، لكنها لا تتسع لأكثر من راكبين.
تدخلت جيسيكا للمرة الأولى منذ وصولها مقترحة:
- بامكاني قبادة الطائرة ان وافق برنارد على اعارتي اياها.
التفتا إليها باندهاش و ذهول، و تقدم دان منها سائلاًً بسخرية:
- هل تجيدين قيادة الطائرة؟
ردت جيسيكا بالنبرة نفسها:
- أجل و أحمل أجازة في الطيران. هل تود رؤيتها؟
قاطعهما بيتر قائلاً:


mero_959 غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 20-04-09, 02:27 PM   #102

mero_959

نجم روايتي وعضوة في فريق عمل الروايات الرومانسية

 
الصورة الرمزية mero_959

? العضوٌ??? » 62516
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,217
?  نُقآطِيْ » mero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to behold
افتراضي

- سأتصل بالمزرعة و ان لم أحظ ببرنارد سأدع أوليفيا تبلغه الرسالة.
تناول بيتر سماعة الهاتف على الفور، و ماهي إلا دقائق قليلة حتى استدار ناحيتهما مبتسماً بارتياح:
- سيهيىءبرنارد الطائرة لتكون مستعدة للاقلاع فور وصولكما. و في هذا الوقت سأتصل بالممرضة في فندا لاتخاذ التدابير اللازمة لاستقبالكما.
هتف دان بحزم متجهاً نحو الباب تتبعه جيسيكا:
- حسناً، فلنتحرك بسرعة قبل فوات الأوان.
وصلت سيارتا الطبيبين معاً إلى المزرعة، حيث كان برنارد في انتظارهما على المدرج الضيق بقرب طائرة صغيرة مخططة باللونين الأحمر و الأبيض. لم يحاول برنارد الاستفسار عن تفاصيل المهمة، مكتفياً بارشاد جيسيكا إلى الخط الواجب اتباعه أثناء تحليقها. ثم تقدم من دان الواقف بعيداً و ربت على كتفه ممازحاً:
- تشجع يا دان فان كانت جيسيكا تجيد التحليق كاجادتها الطب، فستكون في أيد أمينة.
- بأمكاني التفكير بأماكن أخرى أكثر أماناً.
سخرت جيسيكا منه معلقة:
- يا لك من جبان.
- و كيف لا أخاف و مصيري بين يدي امرأة؟
تجاهلت عبارته و التفتت نحو برنارد مصافحة:
- شكراً جزيلاً على مساعدتك يا برنارد.
و توجهت بخطى ثابتة نحو الطائرة و جلست خلف المقود، بينما تهادى دان على المقعد المخصص للركاب إلى جانبها. أشارت إليه بربط حزام النجاة قبل أن تضع جهاز الاتصال على أذنيها، فانصاع سائلاً بقلق:
- هل أنت متأكدة مما تفعلين؟
أدارت المحرك ضاحكة:
- لا تخش شيئاً فستصل إلى هناك كتلة واحدة.
- حياً أو ميتاً؟
- حيا كما أتمنى، و الآن هلا اقلعت عن المزاح؟
علا صوت المحرك مدوياً و بدأت الطائرة تهتز بهما، بينما أجرت جيسيكا اتصالاً تجريبياً مع أقرب قاعدة إلى المزرعة، ثم زادت من طاقة المحرك لتنطلق الطائرة بهما في سرعة هائلة على المدرج المعبّد. و ما أن أشار عقرب ساعة السرعة إلى الحد الاقصى، حتى ارجعت جيسيكا المقود إلى الوراء و ارتفعت الطائرة الصغيرة عن الأرض منطلقة كالسهم نحو السماء الزرقاء الصافية.
تمتم دان و قد اسند رأسه إلى حافة المقعد:
- لا بأس يا جيسيكا.
شغلها الفرح بالتحليق من جديد عن الانتباه إلى تعليقاته، فبالرغم من كرهها للأماكن العالية لم يزعجها الطيران أبداً، بل اتمت قبل قدومها إلى لويزفيل ما يقارب المئتي ساعة من التحليق بطائرات مختلفة الاحجام و الأنواع.
الجو صحو و مناسب لرحلة كهذه، لا غيوم و لا رياح بل امتدادأزرق نقي تموج في وسطه أشعة شمس ساطعة. اتجهت إلى الشمال – الشرقي و تستدل على خط تحليقها بواسطة خارطة صغيرة معلقة في سقف الطائرة. و ان سارت الأمور طبيعية فستحط في أرض فندا بعد ثلاثين دقيقة من الآن.
خرقت جو الصمت المخيم عليهما منذ الاقلاع سائلة:
- هل لديهم غرفة للجراحة في المستوصف؟
- لا أعتقد ذلك، بل لديهم ما يكفي للحالات الطارئة.
- ماذا سنفعل إذا تعذر علينا نقل المريض؟
- عندها سنجري العملية في المنزل.
ابتسمت بسخرية معلقة:
- يبدو أنك تحمل غرفة الجراحة في حقيبتك!
- ماذا تعنين بكلامك هذا؟ تعلمين جيداً أننا قد نضطر إلى اجراءالعملية بما قد نملك من تجهيزات بدائية.
تخلت عن مراقبة اتجاهها لتواجه عينيه الغاضبتين:
- أعلم ذلك. لكني أردد ما قلته لي مرة، أتذكر؟
- آه فهمت. تقصدين ملاحظتي لك لعدم نقلك أوليفيا إلى المستشفى أثناء ولادتها. أليس كذلك؟
- أجل.
- لكن الظروف مختلفة الآن.
- لا أرى أي أختلاف بين ما قد نضطر للقيام به و ما قمت به مع أوليفيا. لا بل المخاطرة أكبر بكثير هذه المرة.
أجاب بتململ ظاهر:
- دعينا من المناقشة الآن.
- حسناً، لن أتكلم من الآن و صاعداً.
- هل أنت غاضبة؟
- لست غاضبة يا دان. لكني لا أفهم تحديدك للحالة الطارئة.
- الأمر في غاية البساطة. عندما تصادفك حالة كالتي ستواجهنا بعد قليل فتسمى حالة طارئة. أي بامكانك التصرف بما هو متوافر لديك.
- حالة أوليفيا كانت من الحالات الطارئة التي تتكلم عنها، فتصرفت بما توافر عندي من أمكانات طبية، و لا أفهم لماذا انفعلت يومها.
- لأنه في مثل هذه الحالات،يحتفظ الرجال ببصيرتهم أما النساء...
قاطعته ضاحكة بالرغم من حنقها:
- لا تكرر علي هذا القول ثانية. أنت تخيب ظني يا دان، فأنا لم أتوقع أن تكون من الذين يميزون بين الجنسين.
- كل رجل يخفي في داخله نزعة للتمييز. إنما ليس هذا ما قصدته. النساء ينظرن إلى الأمور بمنظار العاطفة و أنت أصدق مثال على ذلك.
ثوان من الصمت نظرت خلالها إلى لوحة القيادة، ثم علقت ببرودة:
- لو كانت يداي حرتين في هذه اللحظة، لما توانيت عن صفعك.
قهقه دان معلقاً:
- لديك يدان ناعمتان يا جيسيكا و تسرني ملامستهما، غاضبة كنت أم لطيفة.
أيقنت أنها عاجزة عن مجاراته في الكلام و نظرت إليه بغضب:
- من الأفضل أن تساعدني في العثور على مدرج الهبوط قرب المستوصف، فلا شك في أنه يقع في مكان ما هنا.
حطت الطائرة الصغيرة بنجاح في المدرج الوحيد في فندا، و ما أن ترجلا منها حاملين حقيبتيهما الطبيتين، حتى هرول في اتجاههما رجل أسود قدم نفسه على أن باتريك كابوفو شقيق الزعيم المريض، فقادهما على جناح السرعة إلى سيارته السوداء الفخمة لتنطلق بهم إلى منزل آل كابوفو.
فوجئت جيسيكا لدى وصولهم بالبساطة الغالبة على منزل الزعيم و هو منزل خشبي أشبه بالكوخ، و مقسم إلى مطبخ و غرفة جلوس و غرفتي نوم، و مبني على الطريقة القديمة و أثاثه شبه بدائي، لكنه نظيف و مرتب و سقفه المكون من القش و أغصان الشجر، يبعث برودة منعشة بالرغم من الحر الشديد في الخارج.
بدا الزعيم بقامته المديدة و جسمه الضخم ككتلة من الشحم معدة للشواء، راح يتلوى من اللم و قد غطى الزبد فمه و جحظت عيناه، يضغط بيديه على حافتي السرير مطلقاً أنيناً خافتاً. بدا واضحاً أنه من الذين يولون بطونهم أهمية بالغة حتى أوشك السرير أن يتحطم تحت ثقله.
اقتربت منهما امرأة سوداء و قدمت نفسها على أنهاالآنسة رافيل ممرضة الزعيم الخاصة. و همست في أذن دان عدة كلمات توجه على أثرها نحو السرير و جثا بالقرب منه واضعاً يده على جبين الزعيم الملتهب.
- الألم يا دكتور، أنه يكاد يقتلني.
- أعلم أنه ألم رهيب أيها الزعيم لكنه سيزول بعد قليل.


mero_959 غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 20-04-09, 02:31 PM   #103

mero_959

نجم روايتي وعضوة في فريق عمل الروايات الرومانسية

 
الصورة الرمزية mero_959

? العضوٌ??? » 62516
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,217
?  نُقآطِيْ » mero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to behold
افتراضي

مد الزعيم يداً مرتعشة ناحية جيسيكا سائلاً:
- من هذه السيدة؟ زوجتك يا دكتور؟
رمق دان جيسيكا بنظرة ساخرة مجيباً:
- كلا أيها الزعيم، فأنا لست متزوجاً. أنها الدكتورة جيسيكا و قد جاءت لتعاونني.
- على كل رجل أن يتزوج.
لم يعلق دان على كلام الزعيم، بل أمسك بيد جيسيكا و أومأ للمرضة بأن تتبعهما إلى خارج الغرفة.
تطلعت جيسيكا إلى وجهه العابس مستوضحة:
- ماذا سنفعل يا دان؟
- لا نستطيع نقله من هنا فالوقت يمر بسرعة عدا عن أن حياته ستكون بخطر ان نحن حركناه قيد أنملة.
التفتت إلى غرفة المريض ثم استدارت نحوه بذعر:
- هل ستجري العملية في تلك الغرفة؟
- ليس لدي خيار آخر (و التفت إلى الممرضة رافيل يعطيها تعليمات سريعة) سنحتاج إلى طاولة لوضع الزعيم عليها، ضوء قوي، ماء ساخن، و الكثير من الخرق المعقمة. بادرت الممرضة إلى تنفيذ التعليمات بسرعة مدهشة، بينما تدبر شقيق الزعيم أمر المصباح و أوصله إلى طاولة مستطيلة فتولت الممرضة التحضير للعملية.
نظر الزعيم بقلق إلى الطبيبين يتفحصان آلات الجراحة و قال مخاطباً دان:
- أشفني و سأعطيك عشر بقرات مهراً لعروسك.
ضحكت جيسيكا في سرها لالحاح الزعيم على فكرة الزواج، لكن دان بقي على عبوسه و أجاب و هو يتفحص قوة الضوء:
- لا تنسَ أن تقاليدنا تختلف أيها الزعيم.
- هناك أمور لا يختلف رأيان حولها. يجب أن يكون لكل رجل زوجة (و التفت نحو جيسيكا مستطرداً) و لكل امرأة رجل. إنها سنة الحياة.
- عليك بالاقلاع عن الكلام الآن أيها الزعيم. ستخلد إلى النوم لفترة، و عندما تستيقظ ستكون أفضل حالاً.
تمتم الزعيم باللغة المحلية كلمات لم يفهمها غير الممرضة رافيل و لم يكترث بها دان، بل أشار إلى جيسيكا.
غرزت جيسيكا رأس الحقنة في أحد عروق ساعد الزعيم و انتظرت لحظات قبل أن ترفع رأسها مخاطبة دان:
- بإمكانك البدء بالعمل يا دان.
- أأنت مستعدة آنسة رافيل؟
- رهن إشارتك يا دكتور ترافورد.
- حسنا فلنبدأ الجراحة.
لم يسبق لجيسيكا أن أجرت جراحة في ظروف بدائية مماثلة، فأحست بشيء من الاضطراب بخلاف دان، الذي بدا هادئاً و هو يعمل مبضعه في جسم الزعيم حتى بانت الزائدة الدودية الملتهبة فتطلع إلى جيسيكا و العرق يتصبب من جبينه:
- الأمر أخطر مما كنت أعتقد، فالزائدة قد انفجرت. علينا أن نمنع استفحال الالتهاب.
بعد حوالي الساعة، خلع دان قفازيه الملطخين بالدم و ساعد جيسيكا على نقل الزعيم إلى غرفة مجاورة، حيث أعدت له الممرضة سريراً مريحاً فغطياه جيداً و تناولا حقيبتيهما بعدما عهدا إلى الآنسة رافيل بالعناية به.
خرجا إلى الساحة الصغيرة أمام المنزل حيث التقيا بباتريك كابوفو، فطمأناه إلى صحة أخيه.
- هل ستغادراننا على الفور يا دكتور ترافورد؟
- لن نرحل قبل التأكد من زوال الالتهاب تماماً، و قد يستغرق ذلك يوماً كاملاً.
فوجئت جيسيكا بجواب دان لا سيما و أن أياً منهما لم يجلب معه ثياباً أضافية. فقد توقعا عملية جراحية بسيطة و لم يحسبا حساباً للالتهاب. هتف شقيق الزعيم بارتياح:
- عظيم، فالليلة نقيم احتفالاً هاماً و يشرفنا حضوركما. ستشاهدان رقصة الدومبا تؤديها الفتيات اللواتي تحضرن للزواج و المعروفة برقصة الأفعى لدى البيض.
انفرجت أسارير دان شاكراً مضيفه:
- شرف لنا أن نكون ضيفيك.
- تعالا إذن، سأرشدكما إلى كوخيكما.
لم تعلم جيسيكا ما يجول في خلد دان. ففكرة النوم في كوخ بدائي أثارت في نفسها قلقاً و هلعاً، لكن ما ان وقع نظرها على المكان الذي ستمضي فيه ليلتها، حتى علت الدهشة وجهها.
كوخ حديث الشكل، سقفه متقن الصنع و أثاثه من خشب الصنوبر، و يحتوي على حمام مجهز بأحدث أساليب الراحة.
لاحظ باتريك اندهاشها فقال موضحاً:
- ما زال سيدريك يفضل العيش في السابق، أما هذه الأكواخ فقد صممت و أثثت خصيصاً لراحة ضيوفه.
توردت وجنتاها خجلاً و قالت:
- لا شك في أننا سننعم بالراحة فيها. شكراً جزيلاً.
التفت نحو دان سائلاً:
- هل اتصل بالدكتور اوبريان لأخبره ببقائكما هنا الليلة؟
- سنكون لك من الشاكرين.
- أمرت إحدى زوجات أخي بالسهر على راحتكما و تأمين كل احتياجاتكما. سأناديكما حالما يظهر القمر، لأن الاحتفال يبدأ فقط عند حلول الظلام.
انحنى امامهما باحترام و انصرف تاركاً جيسيكا مع دان أمام باب كوخها.
- يبدو أننا مقبلان على سهرة مسلية.
- هل شاهدت رقصة الأفعى من قبل؟
- أجل انما في أحد الأفلام السينمائية، و أنت؟
- سنحت لي فرصة مشاهدتها بعد وصولي إلى لويزفيل بأيام، و هي تستحق المشاهدة مرة أخرى.
- إني أتحرق شوقاً لرؤيتها!
لم يلحظ ابتسامتها، فقد استدار من غير أن يلتفت إليها متوجهاً إلى كوخه. فدخلت الكوخ المخصص لها و أقفلت الباب خلفها، فالحر الشديد يسبب لها دواراً، و التعب بدأ ينهش أوصالها. ما أن تمددت على السرير حتى سمعت طرقاً على الباب ففتحته لتجد نفسها أمام عربة صغيرة صفت عليها أطباق الطعام و أبريق كبير من عصير البرتقال المثلج. شكرت جيسيكا الفتاة التي جلبت العربة و أقفلت الباب من جديد، لتملأ معدتها الخاوية بهذه الوجبة اللذيذة. بعدما أخذت حماماً بارداً و اخلدت للنوم بعد نهارها المضني.
لم تدر كم من الوقت غفت، لكنها استيقظت لتجد دان منحنياً فوقها... للمرة الأولى يراها من غير تبرج.
همس دان بسخرية بعد أن لاحظ ارتباكها و تورد وجنتيها:
- العشاء جاهز.
و كأنه قرأ ما يجول في خاطرها، توجه نحو الباب مردفاً:
- طلبت من زوجة الزعيم أن لا تزعجك، فقامت بتحضير مائدة لشخصين في كوخي.
تنفست جيسيكا الصعداء و هي تراقبه يهم بالحروج و قالت:
- سأكون جاهزة بعد عشر دقائق.
فتح الباب و قبل أن يخرج استدار نحوها يتأمل مرة أخرى كل جزء من جسمها:
- فلتكن خمس دقائق، فأنا لا أحب اللحم بارداً.
استعادت هدوءها بعد أن أغلق الباب خلفه، فارتدت ثيابها بسرعة.


mero_959 غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 20-04-09, 02:36 PM   #104

mero_959

نجم روايتي وعضوة في فريق عمل الروايات الرومانسية

 
الصورة الرمزية mero_959

? العضوٌ??? » 62516
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,217
?  نُقآطِيْ » mero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to behold
افتراضي

كان الظلام قد بدأ يرخي ستاره الداكن عندما انتهيا من تناول العشاء، فخرجا إلى الفسحة الصغيرة أمام الكوخ يتنزهان على الحشيش الأخضر و يرقبان بصمت ظهور القرص الفضي في قبة السماء.
بعد قليل، انضم إليهما باتريك و توجهزا جميعاً عبر الممر الصخري إلى ضفة النهر، حيث اشتعلت النيران استعداداً لبدء الاحتفال.
أمام الساحة المخصصة للرقص وقف باتريك يشرح لهما:
- في كل عام، تأتي الفتيات من المناطق المجاورة و البعيدة للمشاركة بالاحتفال الذي يرعاه الزعيم سدريك. و الليلة لدينا ما يقارب المئة و الخمسين مشتركة، و هي أكبر نسبة منذ البدء باقامة الاحتفال.
لم يقتصر الحضور على جيسيكا ودان بل غصت الساحة بالمشاهدين وقد تحلقوا حول النار يترقبون بدء الاحتفال.
فجأة اخترق المتجمهرين رجل طويل القامة زين رأسه بريش الطيور، و يرتدي ثوباً غريباً صمم خصيصاً للاحتفال، فخيم صمت كلي على الحاضرين عند رؤيتهم الرجل و قد وقف في وسط الحلقة، و همس دان في أذن جيسيكا:
- إنه قائد الدومبا، و الدومبا تعني الحياة الضخمة.
لحقت الفتيات بقائدهن و قد ارتدين ملابس شفافة و علقن في أعناقهن عقوداً من الزهر الأحمر و الأبيض. تحلقن حوله بطريقة منظمة و بإشارة من يده رحن يقمن بحركات، استعانت جيسيكا بباتريك لتدرك معناها:
- قبل الزواج تتابع الفتيات دروساً في الزواج، يتعلمن خلالها أصول الحياة الزوجية، و هن يحاولن الآن إظهار ما تعلمنه.
ثابرت الفتيات على القيام بتلك الحركات الغريبة لفترة قصيرة، ثم بدأ قرع الطبول بوتيرة متناسقة و راحت تعلو رويداً رويداً، و دب الحماس بالمتفرجين عند رؤيتهم قائد الدومبا يرفع يديه بحركة شبه هستيرية هاتفاً بكلمات مبهمة، اضطر باتريك لتوضيح معناها لجيسيكا:
- خرجت الحية من جحرها.
اصطفت الفتيات الواحدة تلو الأخرى متخذات شكل الأفعى و بدأن بالرقص أمام ناظري جيسيكا المشدوهة. ثم رحن يتلوّين أمام ألسنة النار المشرئبة نحوهن، و يترنحن بحركات منظمة على وقع الطبول و كأنهن شخص واحد.
مأخوذة بسحر الاحتفال، اتكأت جيسيكا إلى كتف دان و أحست بذراعه تطوق خصرها. لم تبال بتصرفاته و بقيت مشدودة إلى منظر الأفعى تلهب الأرض بحركاتها المجنونة، و كأنها في عالم آخر. إنها ليلة غير اعتيادية و كل ما فيها لا ينتمي إلى المعقول.
خمدت النيران بعد ساعتين من الجنون الفاتن و استسلمت الساحة إلى هدوء ثقيل مرتمية في أحضان الظلام، فانسحبت فتيات الدومبا إلى أكواخهن طلباً للراحة، و سكتت أصوات الطبول. و بعدها رافق باتريك ضيفي الأمسية إلى مسكنيهما متمنياً لهما ليلة هانئة، و عاد ادراجه إلى منزل الزعيم سدريك.
ما زال صدى نغمة الطبول يضج في رأسها فتحسها شلالاً هادراً في دمائها. ما برحت نشوة الرقص تخدر أحاسيسها و تأسر خيالها، فلم تقاوم محاولة دان لعناقها فاحتمت به بقوة و هو يرفعها بذراعيه و يتوجه بها إلى كوخه.
لم تشعر يوماً بحاجتها كما تحتاج دان الآن.
نسيت كل ما حولها و لم تعد تكترث بماضيه أو بسمعته، إنها تريده بالرغم من كل مساوئه و عيوبه، تريده لها في هذه اللحظة و في كل اللحظات...
فجأة طرق باب الكوخ بقوة، فانتفضت جيسيكا مذعورة. لكن دان سارع إلى وضع يده على فمها مانعاً إياها من الانفعال أو الصياح، فوجودهما معاً يعد أمراً منافياً لتقاليد المقاطعة، عدا عن أن كونهما معاً سيسبب حرجاً لمضيفهما الزعيم، خاصة و أن دان قد أبدى اعتراضاً على الزواج و قبول الهدية. رفعت يدها تحرر فمها من قبضته و هزت رأسها هامسة:
- لن أصيح، فأنا أدرك مغبة وجودنا معاً.
ربت دان على كتفها مبتسماً و صاح سائلاً:
- من هناك؟
أجابت الممرضة رافيل بنبرة مضطربة:
- أصيب الزعيم بحمى قوية، هلا أتيت في الحال يا دكتور ترافورد؟
- سألحق بك فوراً.
توردت وجنتا جيسيكا حياء و هي تسمع خطوات الممرضة تعود أدراجها إلى منزل الزعيم.
- إني آسف يا جيسيكا!
احتارت بما تفسر أسفه. فأجاب بنبرة يغلب عليها الحياء:
- الأفضل أن تذهب، و سألحق بك بعد دقائق.
غادر الكوخ على عجل، تاركاًجيسيكا ترتعش بالرغم من دفء المكان. و لما أيقنت أنه أغلق الباب، نهضت واقفة تفكر بما تفعله هنا.
ماذا كان مصيرها لو لم تأت الممرضة في تلك اللحظة؟ كانت ستصبح بكل بساطة ذكرى عابرة في إحدى صفحات مغامراته، أو فتاة مسكينة تجرر أذيال خطئها تائهة في هذا العالم. خرجت من كوخه كاللص تحاول الاختباء كلما سمعت صوتاً أو لمحت خيالاً، و توجهت مباشرة إلى منزل الزعيم.
رائحة الأدوية تملأ الغرفة، و النور الشاحب المنبعث من القنديل القديم يضفي على المكان جواً من الرهبة، فدخلت متفادية النظر إلى دان الذي بدوره لم يول وصولها أي اهتمام. بدا مختلفاً عما كان عليه منذ دقائق يضمها إليه و يهمس لها بكلمات عذبة، فقد عاد إلى رزانته يعاملها كطبيبة مساعدة لا أكثر، فنفذ أوامره و تعليماته. لن تعترض على تحوله المفاجئ، فهي بحاجة ماسة إلى ما يصرفها عن التفكير بما حصل في الكوخ. فتناولت الحقنة من يد دان و غرزتها في ذراع الزعيم يرقبان بقلق ردة فعله للدواء. بقيا قرب المريض حتى منتصف الليل حينما نهض دان عن مقعده و أمسك بيده يتفحص نبضه ثم علق بارتياح:
- بإمكاننا أن نرتاح الآن، فقد زال الخطر.
همست الممرضة مقترحة:
- سأبقى إلى جانبه لفترة ثم استدعي من يحل مكاني.
أومأ دان برأسه موافقاً و حمل حقيبته يحاول اللحاق بجيسيكا قبل أن تغيب عن ناظريه، و سار إلى جانبها صامتاً و كأنه فقد القدرة على النطق. تمنت لو يقول لها شيئاً، أي شيء يساعدها على التخلص من قلقها و خوفها، أن يتفوه بكلمة تطمئنها و تزيل الفتور القائم بينهما. لكنها لم تسمع سوى تحطم الاغصان اليابسة تحت أقدامهما تجرّح السكون المخيم على القرية باسرها.
وصلا إلى أمام كوخها فوقفت عند الباب و تمنت له ليلة هانئة. لكنه طوقها بذراعيه يحاول ضمها إليه، فدفعته عنها بهلع قائلة بنبرة حازمة:
- لا يا دان. ما حصل منذ ساعات كان غلطة لا أريدها أن تتكرر.
أمسك بكتفيها ضاغطاً بأنامله على جلدها الطري حتى كادت تصرخ من الألم:
- لم تكن غلطة يا جيسيكا. كنت تريدينني بقدر ما كنت أريدك.
- لا أنكر ذلك. كانت نزوة و لا أكثر و أنا نادمة على ذلك.
رفع يديه عنها بقوة فأوشكت أن تقع و سألها بحنق:
- هل أنت جادة في ما تقولين؟
في كلماته شيء من القلق المجبول بالصدق، لكنها لم تشأ المجازفة و اتكأت إلى الباب ترفع خصلات شعرها عن وجهها مجيبة بصوت متهدج:
- أجل... إني أعني ما أقول.
بقي صامتاً للحظات كبركان يستعد للانفجار، ثم علا صوته متوعدا:
- في هذه الحالة، لا أرى داعياً لخوفك مني بعد الآن فأنا لن ألمسك ثانية.
أثارت كلماته القشعريرة في جسمها و كأنها كتل من الجليد اخترقت أعماقها، و راقبته يبتعد عنها بخطوات ثابتة و الألم يحز في نفسها.
هجر الكرى عينيها تلك الليلة فراحت تتقلب في فراشها مستسلمة لدوامة من الأفكار، تراجع ما مر عليها طوال اليوم. منذ بدء رقصة الدومبا و اللحن المثير الذي سرى في عروقها، لا تعي سوى حاجتها إلى حب رجل تدرك كل الادراك أنه سيتخلى عنها فور نيل مأربه منها. حاولت منذ البداية أن تنظر إليه كطبيب فقط و ليس كرجل قادر على إغواء أية امرأة، لكنها اكتشفت استحالة تجاهل تأثيره إلى الأبد، فهو رجل يصعب تجنبه لما يتمتع به من رجولة و قوة. انه يتمتع بمقدرة هائلة على تحريك مشاعرها و أثارتها، و قد أثبت هذا منذ لقائهما الأول، فوجدت نفسها في وسط التيار الجارف تقاوم شيئاً أقوى منها بكثير. أحبته بسرعة و بسهولة و تركته يقلب حياتها رأساً على عقب.
أمر واحد يغيظها و يقلقها في آن، و هو حياؤها الشديد منه. أحست بجدار خفي يفصلها عنه و يبقيه لغزاً غامضاً. لا تنكر أنه كان لطيفاً معها، لكن لطافته ليست سوى وسيلة للوصول إلى مبتغاه فهو ليس من الذين يتوسلون القوة و العنف لنيل مآربهم.
أحست بضياع رهيب عاجزة عن تفسير أحاسيسها، فلجأت إلى البكاء تدفن بدموعها سخطاً هائلاً على نفسها و ألماً مبرحاً يفجر أعماقها. و للمرة الأولى منذ سنوات تبكي لتنام، و لكن حتى النوم لم يخفف من وجعها. فصورة دان غزت أحلامها و رأت نفسها جاثية أمامه متوسلة حنانه و حبه و هو يضحك ساخراً منها يرفسها برجله بتعجرف و سطوة.
استيقظت في الصباح الباكر على تغريد الطيور و الدموع تبلل وجنتيها، ففتحت نافذة الكوخ ترحب بدفء الشمس يلفح وجهها بعد ليلة من العذاب و القهر.
ارتدت ثيابها بسرعة و وقفت أمام المرآة تتأمل وجهها الشاحب و عينيها اللتين اذبلهما الحزن. ثم تناولت حقيبتها الطبية و اتجهت إلى منزل الزعيم سدريك.


mero_959 غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 20-04-09, 02:41 PM   #105

mero_959

نجم روايتي وعضوة في فريق عمل الروايات الرومانسية

 
الصورة الرمزية mero_959

? العضوٌ??? » 62516
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,217
?  نُقآطِيْ » mero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to behold
افتراضي

الفصل التاسع


شقت جيسيكا طريقها وسط الحشد الهائل من القرويين الذين تجمهروا أمام منزل زعيمهم يتسقطون الأخبار عن صحته بقلق ووجوم. و اضطرت للتوقف مراراً لتجيب على أسئلتهم من غير أن تسدي إليهم خدمة تذكر، فهي لا تفهم حرفاً مما يقولون. وصلت إلى المنزل شبه منهارة و سارعت إلى إغلاق الباب خلفها، تجاهد في منع الفضوليين من اقتحام الغرفة.
كان دان جالساً إلى جانب الزعيم و قد انتهى للتو من معاينته، فلم يلتفت إليها حينما دخلت، و لم يعرها أدنى اهتماما و هي تستوضح حالة المريض. اكتفى بأجوبة مقتضبة فظة متفادياً الخوض في التفاصيل، فلزمت الصمت و جلست قرب الممرضة تترقب بشوق ساعة العودة لمنزلها في لويزفيل. لا حاجة لبقائها هنا بعد اليوم، فصحة الزعيم في تحسن و يمكن أن يعهد الاعتناء به إلى الآنسة رافيل.
وقف دان و كأنه أدرك ما يجول في خلدها و خاطب الممرضة:
- زال الخطر كلياً و من الآن سيكون في عهدتك. سأطمئن الأهالي.
واجه في الخارج عشرات العيون الحائرة تمطره بنظرات قلقة، فطلب من باتريك أن يطمئنهم على صحة زعيمهم و زوال الخطر عنه. و بعد لحظات علت صيحات المتجمهرين و تقدم منه شيخ جليل متكلماً باسم الباقين و طلب منه و من جيسيكا مشاركة أهل القرية الافطار، فقبل دان الدعوة شاكراً.
بعد الفطور حزم الطبيبان حقيبتيهما و عرجا على خيمة الزعيم مرة أخرى لتوديعه قبل عودتهما إلى لويزفيل.
لفت انتباههما و هما يقتربان من الخيمة، صخب شديد في الاسطبل المجاور و صيحات الرعاة تدوي في كل مكان. و على بعد عدة أمتار من الاسطبل وقف باتريك يراقب ما يحدث مصدراً بين الحين و الآخر أوامره.
كل ما يحدث كان لغزاً بالنسبة إلى جيسيكا و لكن ما ان دخلا الخيمة حتى أدركت سبب الضجة بعد أن بادرهما الزعيم العليل قائلاً:
- لقد اختار أخي نخبة قطعاننا، أريدك أن تختار منها عشرة رؤوس مقابل ما بذلته من جهد لانقاذي. و لا تنسَ يا دكتور أن تجد لنفسك عروساً.
اختلفت وقع عبارته هذه المرة على جيسيكا، فالغبطة التي أحستها المرة الأولى حلت مكانها غصة خانقة بعد تصرف دان معها ليلة البارحة. حتى دان بدا منزعجاً من ملاحظة الزعيم عاتذر بنبرة مهذبة:
- أقدر لك اهتمامك بموضوع زواجي أيها الزعيم، أما الماشية فاعذرني عن عدم قبولها لجهلي أمور تربيتها و الاعتناء بها. و عن بدل الأتعاب فأنا أترك مناقشة ذلك لشريكتي.
لم يعلق الزعيم على رد دان مكتفياً بالابتسام، و صفق مرتين هرولت على الأثر زوجته و كأنها كانت تنتظر اشارته، حاملة علبة كبيرة وضعتها أمام زوجها و جثت على الأرض قرب فراشه.
راقبته جيسيكا بفضول و هو يحل رباط العلبة و يخرج منها جلد أفعى، و ازدادت عيناها اتساعاً حين مد يديه المرتجفتين إليها قائلاً:
- أفعى الدومبا تجلب الخير و الحظ. انها تساعد على انجاب ذرية جيدة.
توردت وجنتاها و ازداد ارتعاشها عندما لاحظت نظرات دان المسلطة عليها، فأجابت بصوت متهدج:
- لست متزوجة أيها الزعيم.
عاود الرجل المريض الابتسام و هتف:
- لا أهمية لذلك، فالرجل أيها الطبيبة يشبه أفعى الدومبا عندما يتهيأ للبحث عن عروس. و يزداد شراسة و نهماً كلما تمعن في البحث، و لا يترك لفريسته أية فرصة للهرب حينما يضرب ضربته.
لم يبد على جيسيكا أنها فهمت ما يقوله فرفع يده مودعاً:
- بأمان الله يا دكتور ترافورد و دكتورة نيل، سيرافقكما أخي إلى المطار.
جلسا في المقعد الخلفي لسيارة باتريك السوداء الكبيرة و نظر دان إلى الهدية في حضنها معلقاً:
- لقد أحسنوا اكرامك، فجلد الأفعى هذا لا يقدمونه سوى في المناسبات النادرة، و للأشخاص المميزين.
شعت عيناه القاتمتان ببريق اعتادت ملاحظته كلما حاول أن يسخر منها، فحولت نظرها عنه بانزعاج و قد عاودتها فجأة ذكرى الليلة الماضية، و تأججت نارها في فكرها من جديد تلسعها و تؤلمها. ستحتاج إلى بعض الوقت لتنسى خجلها بعد السماح له بالتمادي في تصرفاته معها.
لم تكن رحلتهما في الطائرة إلى لويزفيل مريحة كما تمنت جيسيكا أن تكون. فالطقس الغائم جعل الرؤية شبه معدومة، و تسبب في مطبات هوائية بذلت جيسيكا جهداً كبيراً لتفاديها.
- ما الذي دفعك لتعلم الطيران؟
- رافقت أخي مرة في تمارينه و أعجبتني الفكرة.
- هل تحتفظين بمفاجآت أخرى غير إجادتك الطيران؟
أقلعت جيسيكا عن التحديق في ساعات القيادة مبتسمة:
- لا أعتقد.
حطت الطائرة في المدرج المخصص لها في جو ممطر و عاصف اكتنزت فيه السماء بغيوم سوداء ثقيلة، يشق احشاءها بين الحين و الآخر لمعان برق كألسنة اللهب يصحبه رعد مخيف.
وصلت جيسيكا إلى سيارتها و قد بللها المطر من رأسها حتى أخمص قدميها، فجلست خلف المقود تنشف شعرها و يديها. و بعد لحظات وصل برنارد بشاحنة صغيرة و ترجل منها متوجها نحو سيارة دان ثم عاد أدراجه إلى الشاحنة مشيراً لهما، فقيادة السيارة في جو عاصف كهذا و في شوارع تملؤها السيول و الوحول، يعد ضرباً من الجنون. سار الثلاثة على مهل في شوارع المدينة العابقة بالضباب و قد تحولت الى بحيرات من شدة غزارة المطر المنهمر، و رافقهما برنارد حتى مشارف لويزفيل حيث أطلق منبه شاحنته عدة مرات مودعاً و قفل راجعاً من حيث أتى. فأكملا طريقهما كل في سيارته إلى أن وصلت إلى منزلها فاستسلمت لحمام ساخن كان أفضل ما حصلت عليه هذا الصباح.
و انتظرت حتى هدأت العاصفة ثم توجهت إلى العيادة حيث كان الدكتور اوبريان في انتظار سماع أخبار الزعيم سدريك.
تنبهت جيسيكا خلال رحلتها إلى مقاطعة فندا إلى وجوب تجديد رخصة الطيران، فعملت، في الأسبوع الذي تلا عودتها إلى لويزفيل، على تحضير ملفها الطبي و ضمنته كل ما تحتاجه من مستندات و أوراق و قدمته إلى بيتر أثناء تناولهما الغداء في العيادة.
- لا ينقصه سوى توقيعك يا دكتور اوبريان قبل أن أقدمه للدوائر المختصة.
ابتسم بيتر و هو يقطع شريحة اللحم في طبقه:
- لن يستغرق الأمر طويلاً.
- عظيم، فبودي أن أعاود ممارسة هوايتي المفضلة.
قطع عليهما حديثهما هدير شاحنة و جلبة قوية في الشارع أمام المبنى، فنهض بيتر عن مقعده هاتفاً بحدة:
- ما هذه الضوضاء المزعجة؟
و هرول الاثنان إلى النافذة المطلة على الطريق ليقع نظرهما على شاحنة ضخمة متوقفة أمام مدخل المبنى، محملة بعدة رؤوس من الماشية تتناحر و تتدافع في الصندوق الحديدي.
- ماذا تفعل شاحنة كهذه في وسط المدينة؟
بدأ الشك يساور جيسيكا، لكنها أحجمت عن ذكر شيء أمام بيتر و هو يحاول بانفعال ظاهر فتح النافذة.
- أنا متأكدة من أن الممرضة هانسن ستتدبر الأمر بسرعة.
- لا يبدو أنها تلقى نجاحاً في مسعاها، فالسائق مصرّ على البقاء في مكانه.
- من الأفضل أن نذهب و نتحرى الأمر.
انضما خلال ثوان إلى الممرضة الحانقة و بادرها بيتر سائلاً:
- هل تواجهين متاعب يا آنسة هانسن؟
- أعتقد أن الدكتور ترافورد يواجه مشكلة، فهذا الرجل يدّعي بأنه من قبل الزعيم سيدريك الذي أوكل إليه مهمة تسليم هذه الماشية إلى الدكتور ترافورد مقابل انقاذ حياته.
تمتم الدكتور اوبريان محاولاً كبت انفعاله:
- حسناً، من الأفضل أن نطلب من دان الحضور إلى هنا.
ابتسمت الممرضة بمكر:
- سأقوم بذلك في الحال يا دكتور اوبريان.
نظر بيتر إلى حمولة الشاحنة ثم التفت إلى جيسيكا سائلاً:
- أتعرفين شيئاً عن هذا الأمر؟
لم تقو على تمالك نفسها فانفجرت ضاحكة:
- طلب الزعيم من دان أن يختار بنفسه هديته من الماشية، لكن دان حاول التهرب من ذلك. كما أصر الزعيم سدريك على أن يبتاع دان لنفسه عروساً بهذا القطيع.
شاركها بيتر الضحك لكنه أقلع فجأة عندما لمح دان قادماً:
- يا له من طلب غريب! ها قد أتى دان.
ألقى الدكتور ترافورد نظرة سريعة على الشاحنة مستوضحاً:
- ما المشكلة دكتور اوبريان؟
- لا مشكلة البتة يا دان، كل ما في الأمر أن ملكية هذه الحيوانات الثائرة تعود إليك.
جاهدت جيسيكا في كبت ضحكتها و هي تشهد تبدل ملامح دان هاتفاً:
- ماذا؟
- من الواضح أن الزعيم سدريك يعتبر أن الوقت حان لتجد لنفسك عروساً.
للمرة الأولى تشهد جيسيكا دان في هذه الحالة من الارتباك و الاحراج، فلزم


mero_959 غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 20-04-09, 02:49 PM   #106

mero_959

نجم روايتي وعضوة في فريق عمل الروايات الرومانسية

 
الصورة الرمزية mero_959

? العضوٌ??? » 62516
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,217
?  نُقآطِيْ » mero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to behold
افتراضي

الصمت و قد خانته الكلمات و عقدت المفاجأة لسانه. ثم التفت نحوها و كأنه أدرك المصدر الذي استقى منه الدكتور اوبريان معلوماته عن العروس و القطيع، فأشاحت بوجهها تتظاهر بالنظر إلى سائق الشاحنة و قد اشعل سيكارة غير مكترث بما يدور بينهم من نقاش، فكل ما يهمه هو تنفيذ أوامر زعيمه و السهر على اتمام مشيئته.
سأل بيتر بهدوء و جدية:
- هل أطلب من السائق إيصال الماشية إلى منزلك؟
انتفض دان بغضب كمن مسه تيار كهربائي:
- تعلم كل العلم أنه من المستحيل أن احتمل هذه الماشية و هي تتجول في حديقتي.
تدخلت جيسيكا مقترحة بنبرة ساخرة:
- بامكانك ارسالها إلى أهل صديقتك في جنوب أفريقيا.
صاح دان و الشرر يتطاير من عينيه:
- ياللعنة! لا أريد زوجة و عندما أقرر الزواج فلن أبتاعها بقطيع من البقر.
استعاد بيتر رصانته موجهاً كلامه إلى دان:
- يجب أن تقرر ما ستفعله بها يا دان، فلا أظن أن الأبقار المسكينة ستقوى على تحمل تلك الحالة المزرية وقتا أطول.
- بصراحة لا أحفل البتة بما قد يصيبها في هذه الشاحنة اللعينة.
أيقنت جيسيكا أن فرصة الثأر من دان و نظراته الساخرة قد حانت، فعلقت بنبرة هازئة متعمدة التحديق في عينيه الثائرتين:
- تصرفك لا يليق بهذه الهدية الجميلة يا دان، عدا عن أن رفضك يعتبراهانة للزعيم سدريك.
- ان كنت معجبة بها يا دكتورة، فلماذا لا تهتمين بها بنفسك؟
لم تقدر جيسيكا على كبت ضحكة قصيرة زادت من جنون دان:
- الرجل هو الذي يقدم المهر إلى المرأة التي يختارها و ليس العكس. أنسيت قانون القبيلة يا دكتور ترافورد؟
شعر بيتر بأن النقاش سيتحول إلى مشادة حقيقية فتدخل محاولاً تهدئة شريكه:
- لدي اقتراح يا دان، دع السائق يفرغ حمولته في السهل لترعى و ترتاح، و سأطلب من برنارد أن يأخذها في ما بعد إلى مزرعته و يبقيها هناك إلى أن تقرر ما ستفعله بها.
هتفت جيسيكا موافقة:
- فكرة ممتازة، لكن هل ستلقى معاملة جيدة مع وجود قطيع برنارد في الجوار؟
التفت بيتر إلى دان يطمئنه و يحول دونه و الاجابة:
- سأطلب من برنارد الاهتمام بها كاهتمامه بقطيعه.
- شكراً دكتور اوبريان.
تطلع بيتر إلى الممرضة قائلاً بلهجة آمرة:
- آنسة هانسن، أرشدي هذا الرجل إلى السهل بينما اتصل أنا ببرنارد.
أطاعت الممرضة الأمر فورا وتوجهت إلى حيث يجلس السائق و راحت تشرح له بلغته الخاصة ما سيفعله بالماشية.
أمسك بيتر بذراع جيسيكا متوجهين نحو العيادة:
- تعالي يا جيسيكا، سأخابر برنارد و بعدها ننتهي من ملفك.
توجه الدكتور اوبريان إلى مكتب الآنسة هانسن لاجراء المخابرة بينما جلست جيسيكا في عيادته تعيد تصفح ملفها.
فجأة سمعت باب الغرفة خلفها يفتح فالتفتت ظانة أن الداخل هو بيتر نفسه، لكن الابتسامة الناعمة المرتسمة على ثغرها تلاشت عندما وجدت نفسها تواجه دان. عقدت الدهشة لسانها فلم تقو على الكلام و هي تراقبه يغلق الباب خلفه و يدس المفتاح في جيبه. ظنت أنها تتخيل فصاحت بصوت يشبه الحشرجة:
- ماذا تفعل هنا؟
سار دان بخطى بطيئة ناحية المكتب و راح يتفحص الأوراق المكدسة، ثم قال:
- تلقى بيتر مكالمة طارئة من المستشفى و طلب مني اتمام ملف اجازة الطيران بنفسي.
- ماذا؟
- عندما أريد أن أعيان أحداً فأفضل أن يكون عملي كاملاً.
شبكت يديها خلف ظهرها و قالت بحزم:
- لن يحدث هذا أبداً.
تلاقت نظراتهما لثوان و أحست بعينيه الرماديتين توشكان على الانقضاض عليها، و هو يتقدم منها مبتسماً ابتسامة غريبة لم تلحظها من قبل.
نهضت عن مقعدها مذعورة، و تراجعت نحو الباب بخطى متعثرة و يداها على وجنتيها الملتهبتين:
- إذا تجرأت على لمسي فسأملأ المكان صياحاً.
ابتسم مجدداً و ازدادت عيناه لمعاناً:
- أصرخي ما استطعت، فالآنسة هانسن ذهبت لتناول الغداء (و أشار باصبعه إلى باب الغرفة خلفها مردفاً) عدا عن أني أقفلت ذلك الباب و المفتاح في جيبي.
تراخت يداها و تحول لون وجنتيها القرمزي إلى أصفر شاحب:
- يا لك من ماكر نذل.
هتف بتململ:
- إنك تسببين لي الضجر يا جيسيكا. هيا.
لم تخشه كما الآن. و قد تحولت إلى هدف سهل لعينيه تجوبانها من رأسها إلى أخمص قدميها بنهم و وقاحة. شعرت بجفاف هائل في حلقها، و عاد الدم يلهب وجنتيها فالتصقت بالباب صائحة:
- حسناً يا دان، لقد ثأرت لنفسك. أعترف أني أخطأت بالهزء منك و انت تتلقى هدية الزعيم. و أعترف أني أخبرت بيتر عن مغزى الهدية. لقد أخطأت و انت الآن تحاسبني على خطئي، و أظن أننا تعادلنا. أليس كذلك؟
بدا و كأنه لم يسمع حرفاً مما قالت و خطا نحوها مردداً بنبرة باردة:
- يبدو أنك حقاً تريدينني أن أعاينك بطريقتي.
ما ان أصبح قربها و هم بمد يده إليها، حتى رفعت ذراعها و صفعته على وجهه صفعة تردد صداها في انحاء الغرفة. تسمرت في مكانها تحدق به بعينين ضائعتين، و حاولت الكلام لكنها بدت عاجزة عن فعل أي شيء. ما قامت به لا يغتفر أبداً، و هي في قرارة نفسها لم تقصد صفعه. لكن خوفها منه دفعها إلى ذلك بعد أن أعمى بصيرتها.
اشتعلت عيناه و قد هاله ما فعلت، فأمسك بها ضاغطاً بأنامله على كتفيها و صائحاً كبركان ثائر يقذف حممه في كل اتجاه:
- أقسم ألا ألمسك بعد الآن، لكن عليّ اللعنة إن لم أجعلك تدفعين ثمن ما فعلته.
فجأة، دفعها بقسوة بعيداُ عنه، فاستندت إلى أحد المقاعد مغمضة العينين فريسة الدوار و الارتعاش، و سار إلى الباب يفتحه على مصراعيه قائلاً بنبرة متوعدة:
- بإمكانك الذهاب يا دكتورة، لقد تعادلنا الآن.
لم تصدق للوهلة الأولى أنه جاد في كلامه، فبقيت للحظات ثم هرعت نحو الباب تتحقق من فتحه و خرجت لا تلوى على شيء، تحمل إلى منزلها زوبعة من القلق و الاضطراب و دموعاً سخية تبلل وجنتيها.
من الواضح أنه لم يستسغ سخريتها منه أمام بيتر و الممرضة، فثأر منها في العيادة و لابد أنها تمادت في هزئها حتى استحقت هذا العقاب. ربما لو تقبلت ردة فعله ببرودة لما كان حصل كل هذا، لكن الهلع تملكها و شبح ليلة الكوخ غشى عينيها ففقدت صوابها. تعلم جيداً أنه لن يسكت عن فعلتها و لو كانت ناجمة عن خوف. إنها تدين له بالاعتذار، و لكن هل يكتفي بالاعتذار و ينسى ما حدث، هل يمحو أسفها آثار أناملها عن وجهه؟
في مساء اليوم التالي كانت جيسيكا تستريح في عيادتها، بعد نهار حافل بالمعاينات و المرضى، عندما دخل بيتر حاملاً ملفها الطبي.
- جيسيكا بخصوص ملفك الطبي، هل...
قاطعته جيسيكا معاتبة:
- لماذا طلبت من دان الاهتمام به يا بيتر؟
- لم أطلب شيئاً من أحد. سألته أن يخبرك عن اضطراري للذهاب إلى المستشفى و أني سأنهي الملف اليوم بعد الظهر.
- هكذا إذن.
لمعت عيناه ببريق ماكر يسألها:
- هل احتال عليك؟
- يبدو أنه لم يحتمل سخريتي فأراد أن يثأر مني...
- و هل أفلح في ذلك؟
- لا وجود للفشل في قاموس هذا الرجل.
غادر بيتر بعد أن وضع الملف على الطاولة، بينما خلعت جيسيكا سترتها البيضاء و تناولت حقيبتها متجهة إلى عيادة دان، حيث وقفت برهة تستجمع قواها قبل أن تقرع الباب و تدخل.
كان دان يرتدي سترته و يتهيأ للرحيل حين ظهرت أمام الباب:
- هل من خدمة أؤديها لك؟
أجابت بكلمات سريعة قبل أن تفقد هدوءها:
- تعلم كل العلم أني هنا لأعتذر عن الصفعة.
- لا تكوني سخيفة يا جيسيكا. فأنا أعلم انك استمتعت بها.
- و أنت هل وجدت متعة في العقاب؟
- أجل في حينه (و أردف مبتسماً) لقد استحقيت عقابك أما الآن فأنت تستحقين شيئاً أفضل.
قبل أن تدرك نواياه سارع إلى إغلاق الباب و وجدت تفسها أسيرة عناقه. المقاومة كانت آخر ما فكرت فيه بعد أن واجهها بطريقة تختلف عن المرة


mero_959 غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 20-04-09, 02:53 PM   #107

mero_959

نجم روايتي وعضوة في فريق عمل الروايات الرومانسية

 
الصورة الرمزية mero_959

? العضوٌ??? » 62516
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,217
?  نُقآطِيْ » mero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to behold
افتراضي

السابقة. لكن ما أن مضت لحظة، حتى انتفضت بين ذراعيه و تراجعت متمتمة بعبارات متقطعة:
- لا... لا تفعل...
لم يعترض دان على تراجعها بل لزم مكانه مستوضحاً بوجه عابس:
- مما تخافين هذه المرة يا جيسيكا؟ من نفسك؟
و حمل حقيبته و مضى من غير أن يفسح لها المجال للاجابة. لقد ذكر الخوف قبل أن يرحل و ما أدراه عن مقداره في نفسها؟ انه يعلم فقط حقيقة الهلع الذي سببه لها البارحة، لكنه يجهل حجم الخوف الذي تثيره أحاسيسها في نفسها.
بعد اسبوعين، وصل والدا جيسيكا لتمضية عطلة الاسبوع معها، حاملين أوراق التبني اللازمة التي على بيتر و فيفيان توقيعها لدى المحكمة في لويزفيل.
و في نفس الليلة، أقيمت حفلة خاصة في منزل آل اوبريان، احتفاء بقدوم جوناثان و زوجته، ضمت عشرات المدعوين تحلقوا حول حوض السباحة في الحديقة، و من بينهم أوم هايني، و العمة ماريا دلبورت و برنارد و أوليفيا كينغ...
جلست جيسيكا إلى جانب أوليفيا تحدثها و تداعب الطفل الجالس في حضنها، عندما رأت دان يدخل الحديقة و يتوجه مباشرة إلى حيث يجلس بيتر.
تمنت لو لم يأت الليلة، فهي على يقين أنه سيفسد عليها الحفلة و يحرجها أمام أهلها و المدعوين، فلزمت مكانها تراقبه من بعيد ينضم إلى والديها بعد أن قدمه بيتر إليهما.
لم يستغرق دان وقتاً طويلاً حتى يحوز على اعجاب السيدة نيل و زوجها، بأناقته المعهودة و سحره المتألق. فزالت الكلفة بسرعة بين الثلاثة يتسامرون و يضحكون. ثم انسحب بيتر متوجهاً إلى وسط الحديقة ممسكاً بيد ميجان و هتف بالحاضرين قائلاً:
- أسألكم جميعاً الترحيب بابنتنا ميجان اوبريان، التي يسعدنا كثيراً أن تنضم إلى عائلتنا. أشكركم جميعاً على مشاركتنا فرحتنا.
علت عبارات الترحيب من كل صوب و دارت ميجان مع والديها بين الحاضرين للتعارف، و عند وصولهم إلى حيث تجلس جيسيكا رفع بيتر يده طالباً من الحاضرين الاصغاء:
- كلمة أخرى أود إضافتها. شكر خاص للدكتورة نيل التي ندين لها بكل ما نتمتع به من سعادة.
وقفت جيسيكا و قد تورد وجنتاها خجلاً و هي تسمع صيحات الموجودين تعلو من جديد مرحبة بها و أنظارهم مسلطة عليها. تلاقت عيناها و عينا دان الواقف في الطرف الآخر للحديقة يراقب المشهد، فلوح لها بيده و الابتسامة تعلو وجهه. لم تتمكن من ملاحظة تعابير وجهه، لكنها على ثقة بأنها تعابير هزء و سخرية كالعادة، فعادت إلى مقعدها بقرب أوليفيا تلاعب الطفل في محاولة لخنق شعور بالاضطراب ساورها فجأة.
- أشكرك بدوري يا جيسيكا على ما قمت به لسكان هذه المدينة.
- لا اظن أني فعلت ما يستحق كل هذا يا أوليفيا.
همست العمة ماريا مقاطعة:
- حان الوقت لتجدي لنفسك عريساً يا حلوتي. ستبدوان رائعين أنت و طفلك.
أيدت اوليفيا قول العجوز هاتفة:
- العمة على حق يا جيسيكا. أنت تعشقين الأطفال فلا تضيعي وقتك، و ابدئي بالاهتمام جدياً بفكرة الزواج.
- عليّ أن أجد الزوج المناسب أولاً.
أنفرجت أسارير العمة ماريا و قالت بلهجة ماكرة:
- ما رأيك بدان؟ سبق و قلت لك أنه زوج مثالي.
تنبهت أوليفيا إلى أن المحادثة بدأت تتطرق إلى أمور شخصية بحتة، فالتفتت إلى العجوز مقترحة:
- علينا ألا نستعجل الأمور يا عمة، فجيسيكا ستجد الرجل المناسب في الوقت المناسب.
نظرت جيسيكا إليها شاكرة و ناولتها الطفل قائلة:
- من الأفضل أن تأخذي لوغان. أريد أن أتحدث قليلاً إلى ميجان.
توجهت إلى مكان ميجان و فرانسين، و اضطرت في طريقها للمرور بقرب دان الواقف مع مجموعة من الرجال مديراً لها ظهره يستمع إلى برنارد يتحدث عن الصيد. و ما أن باتت خلفه مباشرة حتى استدار ناحيتها يبتسم لها، و تلاقت نظراتهما للحظات طويلة قبل أن تتمكن بعد جهد من الافلات من سطوتها و متابعة طريقها.
- مرحباً أيتها الجميلتان. كيف حال ميجان اوبريان؟
لمعت عينا ميجان مجيبة بزهو كبير:
- إني سعيدة جدا يا دكتورة نيل وبت واثقة الآن من أني لن أغادر هذا المكان أبداً.
التفتت جيسيكا إلى ابنة برنارد سائلة:
- ما رأيك يا فرانسين؟
ابتسمت الصغيرة ابتسامة عريضة كشفت عن أسنان ناصعة:
- رائع أن يكون لي ابنة خال. و خلال العطلة القادمة سأعلمها ركوب الخيل.
- لا شك في أنكما ستمضيان وقتاً ممتعاً.
قفزت ميجان إلى حضن جيسيكا هاتفة:
- سيكون نهاراً عظيماً.
علا صوت دان خلف جيسيكا سائلاً:
- أي نهار هذا يا ميجان؟
جاهدت جيسيكا في الحفاظ على هدوئها و هي تلتفت لمواجهة الزائر الجديد، بينما أجابت ميجان و الابتسامة لم تفارق شفتيها:
- اليوم الذي ستعلمني فيه فرانسين ركوب الخيل.
جثا دان أمام فرانسين يستوضح باهتمام:
- هل تجيدين ركوب الخيل يا فرانسين؟
- أجل دكتور، لقد دربني والدي و هو فارس ماهر.
طوقت ميجان عنق جيسيكا بيديها تسألها بدلال:
- هل تركبين الخيل يا دكتورة جيسيكا؟
- لا يا عزيزتي.
تدخلت فرانسين قائلة:
- و أوليفيا لا تركب الخيل أيضاً، فقد سقطت يوما عن صهوة جواد. يقول والدي أن على من لا يحبذ ركوب الخيل أن يبقى بعيدا عنها، فهي حساسة جداً.
نظر دان إلى جيسيكا معلقاً بسخرية:
- و هناك أيضاً أشخاص حساسون للغاية، و في الواقع أنا أعرف واحداً منهم يخجل من الحقيقة إلى درجة كبيرة.
و مدّ ذراعه تستلقي حول خصرها فانتفضت مبتعدة عنه.
- أرجو المعذرة، أظن فيفيان تود التحدث إلي.
أفلحت في التخلص من ذراعه لكنها بقيت هدفاً لنظراته الساخرة و هي تجتاز الحديقة.
بادرتها السيدة اوبريان قائلة:
- أريد التحدث إليك على انفراد منذ وصول والدك البارحة مع أوراق التبني. نود أن نشكرك على ما فعلته لأجلنا و في الحقيقة لا أدري من أين أبدأ.
- لا تقولي شيئاً يا فيفيان. يهمني أن أراك سعيدة.
- آه، إننا سعداء، سعداء جدا.
- إذن هذا يكفيني.
جففت السيدة اوبريان دموعها مبتسمة بحنان:
- بما أننا نتكلم عن السعادة، فقد لاحظت أن دان يبدو مكتئباً هذه الأيام. هل تعتقدين أنه يواجه مشاكل مع تلك السيدة من بريتوريا؟
تصنعت جيسيكا اللامبالاة مشيحة بوجهها إلى البعيد:
- لا أدري يا عزيزتي.
- ليست مفاجأة أن يقع أخيراً في غرامها، و ستؤدي له خدمة كبيرة إن تخلفت عنه بعد ذلك.
شعرت جيسيكا بالغيرة تمزقها، انه ما زال يقابل سيلفيا سامرز. و حاولت اقناع نفسها بنسيان الأمر، لكن السؤال راح يكبر في رأسها حتى كاد يتحول إلى صراخ.
طوال السهرة، تجنبت جيسيكا قدر المستطاع التحدث إلى دان مكتفية بالنظر إليه بين الحين و الآخر يتحدث إلى والديها. واضح أنه حظي باعجابهما فقد امضيا السهرة بأكملها يستمعان إليه. و تجاهلت عدة مرات اشارة والدتها لها بالانضمام إليهم مفضلة البقاء بعيدة وحيدة مع هواجسها و تساؤلاتها...


mero_959 غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 20-04-09, 02:55 PM   #108

mero_959

نجم روايتي وعضوة في فريق عمل الروايات الرومانسية

 
الصورة الرمزية mero_959

? العضوٌ??? » 62516
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,217
?  نُقآطِيْ » mero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to behold
افتراضي

الفصل العاشر


فاجأ جوناثان نيل ابنته بالسؤال و هي تهم باشعال النور في غرفة الجلوس:
- ألا توافقينني الرأي بأن دان ترافورد شاب لطيف و ذكي؟
قاطعتهما إيميليا بحماس ممعنة النظر في جيسيكا:
- إني أراه جذاباً أيضاً، و قد دعوته لتناول العشاء غداً مساءً.

هتفت جيسيكا باستياء واضح:
- أماه! لماذا؟
فوجئت الوالدة بردة فعل ابنتها:
- لا أرى مبرراً لاستيائك يا جيسيكا.
- هل قبل الدعوة؟
- بكل سرور. في الحقيقة يا جيسيكا لا أدري كيف أفسر موقفك منه. فهو بهي الطلعة، جذاب و يملك من الرجولة قدراً يستحيل عليك تجاهله أو معاملته كواحد من مرضاك. لا امرأة، و حتى أنت تستطيع النظر إليه من غير أن تشعر بشيء غريب في داخلها.
كانت لتجد تعزية و راحة في قول أمها، لو أنها لم تلق من دان تلك الصدمات المتتالية فأجابت بعصبية:
- أنت محقة في ما ذكرت. لكن...
- لكن ماذا؟
تنهدت جيسيكا و الغصة تكاد تخنقها:
- كل ما في الأمر، أننا لا نتفق في أمور كثيرة.
- و لم لا يا ابنتي؟
انضم الوالد إلى النقاش قائلاً:
- ربما هناك تفسير كيميائي، فكل مركبين عند وضعهما معاً يتجاوبان أو يتباعدان.
حدجت إيميليا زوجها بنظرة ثاقبة معلقة:
- كنت دائماً امقت نظرياتك العلمية، أما الآن فأجدها مناسبة و منطقية.
لاحظ الأب صمت ابنته و ارتباكها فتقدم من زوجته مقترحاً:
- لنوقف هذا التحقيق الآن، فالوقت متأخر و جميعنا متعبون.
همت إميليا بالاعتراض، لكن جيسيكا تمنت لهما ليلة هادئة و توجهت إلى غرفة نومها.
أبت عيناها الاستسلام للرقاد طوال الليل فبقيت تصارع الأرق من غير حدوى. دعوة دان إلى العشاء تشغل فكرها و تقلقها. قد يخطئ بكلمة أو بحركة أمام والديها و تقع الطامة الكبرى.
في الصباح، لزمت فراشها إلى أن سمعت جلبة في الطابق الأسفل، فأيقنت أن والديها استيقظا، فتحاملت على نفسها بالرغم من تعبها و انضمت إليهما لتناول الافطار.
وقفت جيسيكا و والدتها في المطبخ تضعان اللمسات الأخيرة على اطباق الطعام قبل نقلها إلى الطاولة، عندما طرق الباب الخارجي، فوضعت إميليا ما في يديها و هتفت بحماس كلي:
- لا شك في أنه دان.
تمتمت الابنة متصنعة اللامبالاة:
- أظن ذلك.
- حسناً ألن تبادري إلى استقباله؟
- والدي في غرفة الجلوس و سيفتح له الباب.
ضاقت إيمليا ذرعاً بعناد ابنتها فصاحت بسخط:
- يمكنك على الأقل إلقاء التحية.
تهادى صوت جوناثان مرحباً:
- أهلاً دان، تفضل بالدخول.
- أرجو أن لا أكون قد بكرت في الحضور.
- أبداً، النساء في المطبخ و أنا أكره الجلوس بمفردي.
توجها إلى غرفة الجلوس، في حين أصلحت إيميليا هندامها و قالت قبل أن تغادر المطبخ:
- إذا كنت قد نسيت اللياقة و حسن الضيافة، فأنا لم أنسها.
بقيت جيسيكا وحيدة تحاول تهدئة نفسها قبل مواجهتها دان أمام والديها. حاولت التنصت إلى ما يدور بينهم في الغرفة الأخرى، فلم تسمع سوى قهقهات و همسات غير واضحة ضاعفت من ارتباكها، فتمنت فجأة لو أن السهرة في نهايتها فيضطر دان إلى الرحيل قبل أن تقابله.
عادت إلى العمل علها تنسى الضيف الذي جاء يقلق راحتها، و لكنها فوجئت بدان يدخل المطبخ بهدوء و يقف قبالتها قائلاً:
- لا أظنك تمانعين بالانضمام إلينا.
كادت تطيح بالأطباق من شدة اضطرابها فاستندت إلى حافة الطاولة متمتمة:
- لا أبداً، لكني منهمكة ببعض الأعمال هنا.
- أظن أن دعوتي إلى العشاء لم ترق لك.
أدركت أنه لاحظ اضطرابها، و بات من المستحيل اخفاء حقيقة شعورها:
- أصبت في ظنك.
- لماذا يا جيسيكا؟
- صحيح أننا نعمل معاً و لكن هذا لا يجبرنا على المشاركة في الحياة الاجتماعية.
تقطب وجهه فجأة و رمقها بنظرة تحد قائلاً:
- يبدو أنك لا تحبين كشف أوراقك كاملة.
- هذا ينطبق عليك أيضاً.
- هذا صحيح، فأنا أحب الاحتفاظ ببعض السرية و خاصة الممتع منها، كالليلة الرائعة التي قضيناها في أحد أكواخ الزعيم سدريك مثلاً.
أغاظتها طريقته في الكلام عن تلك الامسية المشؤومة، فعلا الاحمرار وجهها من شدة الغضب و مدت يديها تمسك بطبق أمامها متمنية لو تضربه به. لكنه ابتسم وكأنه أدرك ما يجول في رأسها و قال:
- هل ستتلفين طبقاً جيداً كهذا يا جيسيكا؟
استدارت نحو النافذة تذرف دمعاً لم تقو على حبسه في مقلتيها، و قالت بصوت يخنقه الغضب و الحسرة:
- من الخساسة أن تأتي على ذكر تلك الليلة.
- لا أنكر أني أبدو في بعض الأحيان فظاً و حقيراً، و هذا يعود لصراحتي المفرطة. هل سبق و أخفيت عنك ما يدور في خلدي تجاهك؟
لم يعطها فرصة لتجيب على سؤاله، بل تقدم منها بسرعة و أمسك بكتفيها برفق، فشعرت بالارتياح و تمنت لو تستسلم مرة أخرى لتلك الأحاسيس الرائعة التي ترافق ملامسته لها. لكنها و بعد كل ما حدث لم تعد تجرؤ على ذلك.
- أرجوك يا دان، أنا...
لم يدعها تكمل عبارتها و أدارها نحوه باسطاً لها يده:
- هدنة؟ سنعلن هدنة هذه الليلة إذا أردت، و غداً بامكانك أن تنعتيني بما يحلو لك من صفات.
ترددت لبرهة في الاجابة قبل أن تضع يدها في يده موافقة:
- حسناً، لكن أن تفهم أني قبلت اقتراحك حتى لا أزيد من هموم والديّ.
- إني أتفهم موقفك... يا لنعومة هاتين اليدين الجميلتين!
أدركت أنها ارتكبت خطأ فادحاً في تسليمه يدها و حاولت سحبها من براثن قبضته. لكنه شد على معصمها و مرر اصبعه بحركات ناعمة على راحة يدها، فتلاشت مقاومتها بسرعة و كادت ترتمي مجددا بين ذراعيه لكنها استطاعت في اللحظة الأخيرة أن تفلت يدها، و تبتعد عنه هامسة بصوت يقارب الحشرجة:
- لا تفعل هذا!
انحنى أمامها بحركة هازئة:
- أرجو أن تقبلي اعتذاري. ألن تتركي العمل و توافينا إلى غرفة الجلوس؟
أومأت برأسها إيجاباً بعد أن استعادت بعضاً من هدوئها:
- لبضع دقائق فقط، فالعشاء سيفسد ان ترك مدة أطول هنا.
مرت بقية السهرة بسلام، وزع دان اثناءها اهتمامه بين جوناثان و إيميليا بطريقة زادت من اعجابهما به. فبالرغم من شغف الدكتور نيل بالكلام عن جراحة الأعصاب، تمكن دان من اختصار الحديث متجنباً ازعاج إيميليا، و خاض معها في مواضيع تروقها و تثير اهتمامها. بقي في كامل تهذيبه و لياقته حتى اللحظة الأخيرة، و ما ان دقت الساعة العاشرة حتى نهض مستأذناً للانصراف. حاولت إيميليا ثنيه عن قراره لكنه اعتذر بلطافة:
- أعلم أن الوقت ما زال باكراً، لكن امامكما رحلة طويلة في الغد.
رافقته جيسيكا إلى الخارج، متعجبة من صمته المفاجئ. لقد تصرفا بتودد أمام والديها و تبادلا أطراف الحديث معهما، و فجأة لم يعد هناك ما يقولانه لبعضهما. وصلا إلى السيارة الغارقة في الظلام، فأمسك بيديها هامساً:
- تصبحين على خير.
أدركت أنه يعلن نهاية الهدنة، فسحبت يديها من يديه و تراجعت عدة خطوات تبحث عن الأمان:
- طبت مساء يا دان.
أطلق احدى ضحكاته الساخرة فتردد صداها في أرجاء الحديقة، و مضى يشق طريقه بسرعة هائلة.
ما ان انضمت إلى والديها في غرفة الجلوس حتى بادرتها إيميليا قائلة:
- تصرفك الليلة يخالف ما قلته عن علاقتك بدان يا جيسيكا.
أجابت الابنة بحذر:
- اننا نتفق أحياناً و ليس دائماً.
- أظنه شاباً لطيفاً للغاية. أليس كذلك يا جوناثان؟
أجاب الوالد و هو يملأ غليونه:
- كلمة لطيف ليست الصفة المناسبة لشخص مثل دان يا ايميليا.
- كيف تصفه إذن؟
- لا أعلم، فأنا كما تعلمين لا أجيد اختيار الكلمات المناسبة.
قاطعتهما جيسيكا مقترحة:
- لنقل أنه يجمع بين الذكاء الخارق و التعجرف ليحصل على ما يريده في


mero_959 غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 20-04-09, 03:06 PM   #109

mero_959

نجم روايتي وعضوة في فريق عمل الروايات الرومانسية

 
الصورة الرمزية mero_959

? العضوٌ??? » 62516
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,217
?  نُقآطِيْ » mero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to behold
افتراضي

الحياة.
- أرى أنك تظهرين بعض الكره بالرغم من دقة وصفك له. انه و لا شك حاد الذكاء، لكن من الطبيعي أن يحتاج المرء بعضاً من الكبرياء في هذه الدنيا.
تنهدت جيسيكا بمرارة:
- قد تكون على حق يا والدي.
التفتت إليها إيميليا قائلة:
- آمل أن تدعيه إلى هنا عندما نأتي مرة أخرى.
- ان كنت معجبة به إلى هذا الحد فسأفعل ما تطلبينه يا أمي.
- انك تحيرينني يا جيسيكا. دان ترافورد هو أروع رجل رأيته منذ زمن طويل.
- إني أوافقك الرأي.
- الرجل لا يعير الزواج اهتماماً إلا عندما تدفعه المرأة المناسبة إلى ذلك.
هتفت جيسيكا بيأس:
- من قال إني هذه المرأة المناسبة التي ستجعل دان يفكر بالزواج؟ عدا عن أني لست مهتمة بالمحاولة.
نهض جوناثان عن كرسيه مقاطعاً:
- إنه جواب كاف لانهاء النقاش. سآوي إلى الفراش.
قامت إيمليا بدورها قائلة:
- انتظرني يا جوناثان (و تطلعت إلى ابنتها بشفقة مردفة) أتمنى لو أستطيع فهمك يا جيسيكا.
في الاسبوع التالي، شغل العمل جيسيكا عن مكالمة دان، فأمضت معظم أمسياتها في المستشفى، و لم ترتد منزلها الا نادراً لنيل بضع ساعات من النوم و الراحة.
وصلت إلى مسكنها مساء الجمعة آملة بقسط من الراحة بعد نهار طويل قضته في المعاينات و استقبال المرضى. لكنه آمالها تبخرت عندما رأت سيارة غريبة متوقفة أمام المنزل، ترجلت منها سيدة غريبة، طويلة القامة تتمتع بجمال و سحر خارقين، و تقدمت من جيسيكا سائلة بصوت ناعم:
- دكتورة نيل؟
رمقتها جيسيكا بنظرة شاملة قبل أن تجيب:
- نعم.
سلطت الزائرة الغريبة عينيها الخضراوين على جيسيكا بطريقة وقحة قائلة:
- كنت آمل أن أراك. أنا سيلفيا سامرز.
عقدت المفاجأة لسان جيسيكا:
- آه!
- أخالك قد سمعت باسمي من قبل.
نجحت جيسيكا في اخفاء اضطرابها و أجابت بهدوء مصطنع:
- اعتقد أن الدكتور ترافورد أتى على ذكرك. تفضلي بالدخول.
راحت جيسيكا تتأمل ضيفتها الفاتنة الجالسة على الأريكة في مواجهتها.
جمالها لا يخفى على أحد و أنوثتها البالغة تسلب العقول و الألباب، و لا عجب من أن تتفق رجولة دان الجذابة مع هذه التحفة البديعة. و بعد سكوت سألتها بتهذيب:
- هل من خدمة أؤديها لك يا آنسة سامرز؟
وضعت الزائرة رجلاًً فوق الأخرى و أجابت:
- ليس أنت من سيؤدي الخدمة بل أنا يا دكتورة. اعتبري ما سأقوله الآن نوعاً من التحذير.
همت جيسيكا بالاعتراض:
- آنسة سامرز، أظنك...
قاطعتها سيلفيا بهدوء:
- لا تسيئي فهمي. لست هنا لألعب دور عاشقة تلتهمها الغيرة أو لأخدش عينيك لمحاولتك سلبي ما اعتبره خاصاً بي. جئت لأحذرك من أن زواجك من دان حلم لن يتحقق أبداً، فهو لا يصلح لذلك. و إن كنت تظنين أن تحولك إلى صديقة له سيمهد لك الطريق للنفاذ إلى قلبه فأنت مخطئة. قد تدوم علاقتكما سنة أو سنتين و بعدها تتحولين إلى صفحة بالية من دفتر ذكرياته. هذا هو دان ترافورد، و تقييده بسلاسل الزواج يحتاج إلى امرأة خارقة تعرفه حق المعرفة.
أدركت جيسيكا أن محدثتها لم تعنها في بعبارتها الأخيرة، فهي منذ لقائها دان تستعد لهذه الصدمة لكنها لم تتوقع أن تكون بهذه القوة.
- ما الذي دفعك للاعتقاد بوجود علاقة بيني و بين دان؟
- دان أخبرني بذلك، و لا شك في أنك بت تعلمين أنه ليس من الذين يلتهون بالكلام، و عندما ينوي انهاء علاقة ما، فهو يعلن ذلك بكل بساطة و من ثم يذكر الأسباب.
- دان أخبرك بوجود علاقة بيني و بينه؟
ابتسمت سيلفيا ببرودة:
- كلا، لكنه قال ما يعني:"أريدها و سأحصل عليها"، فكوني على حذر يا صغيرتي. أنت هدفه الآن و ان لم تتصرفي بذكاء فستتلقين ضربة موجعة للغاية.
- تتكلمين و كأنني طريدة سهلة المنال!
- بل هو الصياد البارع (و نهضت عن مقعدها ترمق جيسيكا بنظرة ساخرة و أردفت) أمر مضحك... لم أخله سيء الاختيار إلى هذه الدرجة.
قطع الصمت الذي خيم بينهما هدير سيارة توقفت أمام الباب، و وقع خطوات سريعة تقترب من المدخل.
- جيسيكا... هل أنت في الداخل؟
جمدت جيسيكا في مكانها و قد عرفت صوت القادم فالتفتت إلى ضيفتها لتلقاها متجهمة الوجه عرضة للارتباك.
التقت عينا دان بعيني جيسيكا للحظات طويلة قبل أن يلتفت إلى سيلفيا قائلاً بنبرة باردة:
- ظننتك عائدة إلى بريتوريا.
- هذا صحيح، فأنا على وشك الرحيل (و لوحت بيدها ضاحكة) استمتعا بوقتكما.
مرت بمحاذاتهما متجهة نحو الباب، مخلفة وراءها رائحة عطرها الذكية كحاجز بينهما.
ران الصمت على الغرفة لفترة قبل أن يقطعه دان قائلاً:
- لم أتوقع أبداً أن تأتي إلى هنا. ماذا أخبرتك؟
لم تكن في حالة تسمح لها باعادة ما دار من حديث بينهما، فاكتفت بالاجابة بعصبية:
- لم تحمل أخباراً جديدة.
أصر دان على سؤاله:
- هذا يترك مجالاً واسعاً للخيال، و من الأفضل أن تخبريني.
- لا أخالك بحاجة للايضاح فيما يتعلق بشخصيتك، لكني سأطلعك على رأيي فيك (و استدارت ناحيته بعينين تقدحان شرراً و أردفت) أنت سافل و متوحش، و كل ما أحسه تجاهك الآن هو الازدراء و الكره.
- اذن أنت الآن تكرهينني، أليس كذلك؟
بدا كفهد شرس يستعد للانقضاض على فريسته، فانكمشت على نفسها تترقب هجومه. لكن شيئاً لم يحصل، بل جمد كل منهما في مكانه اثر سمعها رنين الهاتف في زاوية الغرفة.
تنفست الصعداء و تراجعت عدة خطوات من غير أن ترفع نظرها عنه و رفعت السماعة مجيبة:
- الدكتورة نيل تتكلم. ما الأمر يا سوزان؟
أصغت جيسيكا بانتباه إلى محدثها ثم أعادت سماعة الهاتف إلى مكانها بعجلة، و استدارت ناحية دان فلم تجده. فاستقلت سيارتها و اتجهت مباشرة إلى المستشفى. لم تر دان بمثل هذا الغضب من قبل، و ارتجفت يداها على المقود لحظة تفكيرها بما كان سيحصل لو لم ينجدها رنين الهاتف في الوقت المناسب. قادت السيارة كالمجنونة دامعة العينين، دامية القلب، تفكر بكلام سيلفيا عن الرجل الذي بالرغم من كل ما سمعته عنه و ذاقته منه، بقيت حتى اليوم تحتفظ بنذر قليل من الأمل في صدق شعوره نحوها. لكن الأمل تبخر الآن، و زالت معه صور مشرقة لمستقبل كانت معالمه قد بدأت ترتسم أمام عينيها.
قضت جيسيكا عدة ساعات في غرفة العمليات، تجري عملية ولادة قيصرية لاحدى السيدات. و توجهت بعدها مباشرة إلى مكتبها بعد أن أعطت تعليماتها إلى الممرضات للاهتمام بالطفل و أمه خلال الليل.
لاحظت أحدى الممرضات علامات الارهاق على وجهها فتقدمت منها سائلة:
- تبدين هزيلة هذه الليلة يا دكتورة، هل أكلت شيئاً هذا المساء؟
- لم تسنح لي الفرصة بعد.
- هذا ما ظننته. سآتيك بالعشاء إلى هنا.
عادت الممرضة بعد قليل تحمل فنجاناً من الشاي و بعض السندويشات، وضعتها على المكتب و غادرت الغرفة تاركة جيسيكا غارقة في مقعدها مغمضة العينين، شاردة الذهن. نظرت إلى نفسها في المرآة فبدت نحيلة متعبة بعكس سيلفيا ذات الجمال الباهر و الاطلالة الساحرة. لن تفوز أبداً بقلب دان و حبه، و لن تكون أبداً تلك المرأة الخارقة التي تكلمت عنها سيلفيا سامرز... اكتفت بتناول قطعة صغيرة من الجبن، ثم حملت حقيبتها و غادرت مكتبها بخطى متثاقلة بطيئة باتجاه مرآب السيارات. كل ما تحتاجه الآن هو أن ترتمي في سريرها لتنعم بقليل من الراحة بعد هذه الليلة المضنية...
وصلت إلى منزلها بعيد منتصف الليل، فترجلت من السيارة بسرعة مهرولة نحو الباب. و ما أن همت بالدخول حتى فوجئت بصوت دان هامساً خلفها:
- جيسيكا؟
لم تحرك ساكناً، تراقبه قادماً من الظلمة بقامته الطويلة و منكبيه العريضين. و تملكها الخوف عندما لاح لها وجهه الباسم فوضعت يدها على فمها تخنق صيحة كادت تفضح أمرها.
- اعتذر عما سببته لك من خوف.
حدقت في عينيها الرماديتين تعكسان النور القادم من الداخل و سألته بحيرة:
- ماذا تفعل هنا و في مثل هذا الوقت؟
- يجب أن أكلمك.
- ألا يمكن ارجاء ذلك إلى الغد؟
- ما أريد قوله لا يحتمل التأجيل.
أغلقت الباب خلفه و تبعته إلى غرفة الجلوس حيث رمت حقيبتها على أحد المقاعد و وقفت تعبث بشعرها متثائبة:
- قهوة؟
- ليس الآن. جيسيكا، جئت لأوضح لك...
التقطت أنفاسها تتحضر للمناقشة و علقت ضاحكة:
- توضح لي؟ لا أعتقد ان هناك شيئاً يستحق التوضيح.
- يراودني شعور بأن سيلفيا لم تخبرك بالحقيقة كاملة.
- يكفيني ما سمعته يا دان، سبق و قلت لي مراراً أنك تريدني و سيلفيا كشفت لي عن عزمك لاستدراجي إلى علاقة معك تسهل عليك الحصول على مرامك.
علت ضحكة مدوية لتزيد من غيظها:
- هل هذا ما قالته لك؟
- بربك يا دان، هل تريدني أن أعيد حرفياً ما قالت؟
- لابد من أن أعرف تماماً ما نسبته من أقوال إلي.
- حسناً، فيما يتعلق بي. قلت لها أنك تريدني و ستحصل علي مهما كلف الأمر (و رمقته بنظرة تحد متابعة) و بالمناسبة أود أن ألفت انتباهك إلى أنك لن تنجح أبداً في مسعاك يا دان. تظن نفسك قادراً على اختيار اية امرأة تريد و


mero_959 غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 20-04-09, 03:14 PM   #110

mero_959

نجم روايتي وعضوة في فريق عمل الروايات الرومانسية

 
الصورة الرمزية mero_959

? العضوٌ??? » 62516
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,217
?  نُقآطِيْ » mero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to beholdmero_959 is a splendid one to behold
بالسهولة نفسها التي تختار ثيابك. فاعلم ايها المتعجرف أني سأخيب املك...
- جيسيكا...
- اياك أن تلمسني. حظي السيء هو الذي جمعني برجل مهاتر و عديم الاحساس مثلك. و الآن اطلب منك الانصراف حالاً.
تبدلت ملامح وجهه فجأة و تطاير الشرر من عينيه:
- لن أرحل من هنا قبل أن أقول ما جئت لأجله.
- لا أحفل اطلاقاً بما ستقول...
لم يمهلها فرصة أخرى بل انقض عليها ممسكاً بذراعيها و ضمها إليه بقوة خارت معها قواها فأحست بحاجة إلى البكاء. و هي تحدق بعينيه المتأججتين بنيران الغضب.
- إن كانت كلماتي لا تفي بالغرض يا جيسيكا فسأجرب وسيلة أخرى.
فانتفضت كالمجنونة تحاول التخلص من قبضتيه من غير فائدة. لم يحفل بالدموع الساخنة التي بللت وجنتيها. و لم يدعها إلا بعد أن شل كل مقاومة فيها فأبعدها عنه قائلاً:
- و الآن، هل ستستمعين إلى ما سأقوله؟
وقفت قبالته ترتجف كورقة يابسة، تكفكف دموعها بعصبية.
- أكرهك يا دان ترافورد! اكرهك. هل تسمعني!
- هل توافقين على الزواج مني يا جيسيكا؟
سرت نفحة من الغضب في أنحاء جسمها و صاحت بيأس:
- هل جننت؟ تعرض على الزواج الآن لأنك عجزت عن نيل مأربك مني بالطرق الأخرى؟
- لم أفكر بطرق اخرى يا جيسيكا.
رفعت يداً مرتعشة تمسح دموعها و نظرت إليه تتمنى ان تصدقه. لكن وجهه القاسي خلا من أية مسحة حنان أو عطف.
- إنك لا تعي ما تقول يا دان، و تظن أنه بامكانك اقناعي بمثل هذه الكلمات. اقر بأنك واسع الحيلة. تعرف متى ترمي شباكك لكني للأسف لن أقع فيها.
أفقده كلامها صوابه فرفع قبضته فجأة و هوى بها على حافة الأريكة القريبة:
- ويحك يا جيسيكا! لماذا لا تصدقينني؟
- هل تذكر محادثتنا يوم استدرجتني إلى منزلك لتناول العشاء؟ سخرت ليلتها من فكرة الزواج و أوضحت لي أنك تريدني... كصديقة لك. رفضت عرضك ساعتها، فأمضيت عطلة الأسبوع التالية مع سيلفيا سامرز.
- أؤكد لك...
تابعت كلامها و كأنها لم تسمعه:
- بعدها سألتني بك وقاحة أن أقول نعم حتى تلغي سيلفيا سامرز من حياتك. و لا تسألني عن رأيي في رجل يتصرف بهذه الخساسة مع امرأة تقاسمه شقته و تمضي برفقته أيامأ حميمة؟
- لم ألمسها قط.
ارتسمت ابتسامة هازئة على شفتيها:
- أهذا صحيح؟ أتتوقع مني تصديق ذلك؟
- حاولت تجاهل ما أحسه نحوك، لكني لم أقدر. كنت بيني و بينها طوال الوقت و صورتك في عيني كيفما تحركت. صدقيني يا جيسيكا لم أقو حتى على لمسها.
تغيرت ملامحه فجأة و غشت عينيه مسحة من البراءة و الصدق، جعلتها فريسة الاضطراب من جديد، فأغمضت عينيها تنصت إليه متابعاً كلامه:
- أخبرتها بعزمي على انهاء علاقتي بها لكنها لم تصدقني. و جاءت إلى منزلي بعد ظهر اليوم من غير أن ادعوها، فاطلعتها على الحقيقة كاملة بطريقة اعترف أنها كانت قاسية و فظة بعض الشيء.
سألته بنبرة تقارب الحشرجة:
- هل قلت لها أنك تريدني؟
- قلت لها أني أريد الزواج منك (لاحظ دهشتها فابتسم مردفاً) أردت أن أكون صريحاً و عادلاً معها و لكنها لم تبادلني حسن الصنيع. فسعت جاهدة لاظهاري بمظهر الكاذب أمامك.
- لماذا تريد الزواج مني؟
- لأنك امرأة متفوقة و مختلفة يا جيسيكا و منذ البداية كنت بمثابة تحد بالنسبة الي. لست خارقة في الطب و حسب بل أيضاً في قيادة الطائرات، و كان علي أن اكتشف الناحية الانسانية فيك. سخرت منك لأنك تقحمين عاطفتك في معالجتك للمرضى لكنك علمتني ما كنت أجهله، و أدركت أن في الطب ما هو أبعد من الدواء و الجسم العليل. بسببك صرت أعيّ أهمية الناحية النفسية لدى المريض، و أكثر ما أعجبني فيك شجاعتك و... (تقلصت عضلات وجهه فجأة و بان الخوف في عينيه و كأنه تذكر شيئاً فتابع بارتباك) يا الهي، لم أخف في حياتي كلها كما في ذلك اليوم الذي تسلقت فيه تلك الشاحنة لمساعدة السائق المحجوز في مقصورته. أصبت بالهلع يومها بمجرد تفكيري باحتمال انزلاق الشاحنة و أنت بداخلها، ففقدانك يحول حياتي قفراً مقيتاً يا جيسيكا، صدقيني.
تركت أنامله تعبث بخصرها، تشعر بفيض من الفرح يغمرها و أدنت جسمها منه مطلقة تنهيدة طويلة:
- دان...
تقرب منها هامساً بصوت عذب صادق:
- أحبك يا جيسيكا.
كانت تظن أنها لن تسمع هذه الكلمة منه، و هاهو الآن يقولها بحنان كما تمنتها و حلمت بها.
- أحب كل شيء فيك، مشيتك و البحة التي تنتابك حين تضطربين. أحب هاتين العينين الرائعتين تنشران السعادة حين تضحكين و أحبهما تقدحان شرراً عندما تغضبين (و رفع رأسه فجأة و تسمرت عيناه في عينيها و كأنه يحاول النفاذ إلى مكنونات صدرها و تابع بالنبرة الحنونة نفسها) اشفقي علي يا جيسيكا، فأنا لم أحس بحاجتي إلى حب امرأة كحاجتي الآن، و لا سبق أن ربطت مصيري بحب كما أفعل الآن.
ادهشها ما تسمعه منه فلم تقو على الكلام، و لكن الشك في قلبها بان بجلاء في عينيها، فزمجر خائفاً مما يراه:
- أرجوك يا جيسيكا لا تعذبينني هكذا.
- أحبك. ألم تلاحظ ذلك في مناسبات عديدة؟
لمعت عيناه فرحاً و انفرجت أساريره:
- كيف لي أن اتأكد و أنت لم تقولي كلمة واحدة؟
- و أنت ايضاً لم تقل شيئاً.
- أخبرتك بأني أريدك.
- لم يكن كلامك مشجعاً و خاصة بالنسبة إلى فتاة مثلي. تحترم مبادىء معينة في الحياة. لكني لا اخفي عنك أني أصبحت جشعة فيما بعد و أردت الحصول على اضعاف ما تعرضه علي.
- أظن أنك ستحصلين على أكثر مما كنت تتوقعين يا حبيبتي.
و ضمها إليه بحنان فاسندت رأسها بارتياح إلى صدره الدافئ و أحست بلهاثه يتسارع حول أذنيها، لكنه لم يحاول التمادي محجماً عن احراجها كما في السابق، فارتمى على الأريكة و جذبها إلى جانبه قائلاً:
- تلك الليلة في فندا، و بعد رقصة الأفعى لم أنو احراجك، لكن...
- أعلم ذلك. لقد كانت ليلة ساحرة مجنونة، و ما كنت لأشعر بالخجل مما أقدمت عليه لو كنت أعلم ان حبك لي يوازي حبي لك. لكني ظننت..
أكمل العبارة عنها مبتسماً بسخرية:
- لو لم تأت الممرضة رافيل لكنت علمت ليلتها كم أحبك يا جيسيكا.
- انقذتني بمجيئها من موقف حرج للغاية.
- أتظنين أن والديك سيعترضان على زواجنا ان قررناه يوم السبت المقبل؟
- لا اعتقد ذلك و لكن ماذا عن عملي مع بيتر؟
- لا مانع لدي في أن تتابعي عملك حتى نهاية العقد.
شبكت يديها حول ساعده تسأله برقة:
- و بعد ذلك؟
- سندع للوقت الاجابة على ذلك.
و رفع رأسه ينظر إليها بعينان تشعان حناناً حتى أحست بعظامها تذوب تحت تأثيرهما و تابع قائلاً:
- أتظنين أن والدك سيكتفي بالقطيع الذي اهداني اياه الزعيم سدريك ليكون بمثابة مهر لعروسي
عقدت حاجبيها بدلال مجيبة:
- لا تكن سخيفاً يا دان، فهو لا يولي هذه الأمور أية أهمية. بالمناسبة. ماذا فعلت بذلك القطيع؟
- اعطيته جوناس الخادم الذي يعمل في منزلي منذ سنوات و اقترحت عليه أن يبادر إلى الزواج من امرأة تجيد الاهتمام بالمنزل و الاعتناء بالأطفال في حال أردت ممارسة الطب بعد زواجنا.
دفنت وجهها في صدره متمتمة بتأثر:
- آه يا دان، كم أحبك!
رفع وجهها بيده يتأملها:
- لم أعد احتمل غياب وجهك عني. لقد توردت وجنتاك...
- أعلم ذلك، فأنا لم أعتد بعد التغلب على تأثير كلماتك فيّ.
تذكرت كلام الزعيم سدريك عن الدوما و تشبيهه الرجل عند البحث عن عروسه ... "انه يزداد شراسة و نهماً كلما تمعن في بحثه و لا يترك لفريسته فرصة للهرب حينما يوجه ضربته".
- دان، حبيبي أرجوك..
اتكأ على مرفقه مسلطاً عليها نظرات جامحة:
- أتطلبين مني التوقف؟
- أكثر ما يسعد الفتاة العاشقة هو أن تكون بين ذراعي حبيبها، تسند رأسها إلى صدره و تستمع إلى كلمات قلبه. أنا لا أبحث عن المتعة بقدر ما أبحث عن سعادة الروح، و يكفيني ان تضمني إلى صدري و تهمس لي بكلمات عذبة حتى أنسى كل ما حولي.
- أحبك...
- قل لي يا دان، هل أزعجك طلبي منك بالتوقف؟
حدجها بنظرة ملؤها الحب و الحنان:
- بل على العكس، أنت على حق في كل ما قلته. حان موعد النوم، و لست على استعداد لأن أبدأ حياتنا باستغلال فتاة تكاد تنهار من شدة النعاس.
مرر أنامله بنعومة على خديها و همس مودعاً:
- سأراك غدا يا ملاكي.
و تناول سترته و خرج مغلقاً الباب خلفه بهدوء.
أوت إلى سريرها تحضن صدى كلمات دان العذبة الرقيقة، تحلم بالمستقبل و ما يحمله من أحلام و آمال. غداً ستشرق شمس جديدة حاملة معها حرارة الحنان و دفء السعادة، و ستفتح لها ذراعيها مرحبة و تدفن في لهيبها مرارة الماضي و دموعه، و تضيء بنورها شموع الأمل و الحب...


تمـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــت
ايه رايكم فى الروايه دى

ممكن سؤال هو فى كده بجد فى الحقيقه ؟



mero_959 غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
22 - المجهول - ايفون ويتال - ق.ع.ق hAmAsAaAt منتدى روايات عبير القديمة 897 19-04-24 10:09 PM
23 - لا احد يشبهك - ايفون ويتال * سوار العسل * منتدى روايات أحلام القديمة 1718 20-01-24 08:58 PM


الساعة الآن 12:49 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.