27-02-15, 12:01 PM | #11 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| الجزء الـــ 9 ، ، ما أروع لحظة اللقاء ... عيون تتعانق ... شفاه ترتجف ... قلوب تدق أجراسها برعب ... فتهرب الدماء .... وتشحب الوجوه . التقينا عندما عادت ندى من المدرسة و كنت واقفا على مدخل الدار . انتابتني الحيرة والحياء ، وانتقلت العدوى إليها حين اقتربت ... وقالت - مرحبا ... يا سمير . - أهلا بك ... يا ندى . - الحمد لله على السلامة . - الله يسلمك ... - كيف حالك ؟ - جيد ... و أنت ؟ - لا بأس ... كنا نعتقد أنك لن تأتي حتى يوم العيد . - هكذا كان مقررا ، واستطعت الإفلات مبكرا . - كيف ؟ - بعذر منتحل . - كذبت على إدارة المدرسة ؟ - إنها اول مرة . - والأخيرة ؟ - إن شاء الله . - ألا تدخل الدار ؟ - طبعا . - هل رأيت (( سهير )) ؟ - لا . - أظنها ذهبت للزيارة . - ولكن عمتك وزوجته في الدار . - هل سلمت عليهما ؟ - نعم ... وقالا أنهما سيأتيان إلى زيارتنا الآن . - هيا ندخل ، لكي أذهب معهما لزيارتكم . وجاءت ندى و عمها و زوجته و جلسنا في غرفة الضيوف مع أهلي ، وبدوا فرحين بوجودي معهم إذ قال أبو أنور : - اشتقنا لك يا سمير . - و أنا اشتقت لكم أكثر . - لو علمت سهير بعودتك لما ذهبت إلى الزيارة . - ليتها لا تتاخر كثيرا ... إني مشتاق لها . - وهي ستطير فرحا برؤيتك . وبينما كنا نتحدث طرق الباب عدة طرقات متقنة ، ودخلت سهير ، وأطلقت صرخة حقيقية : - سمير!... أهلا بك ... متى عدت ؟ - أهلا بك يا سهير ؟ وتصافحنا بحرارة . - اشتقنا لك كثيرا . - إن شوقي لكم أكثر . - خشيت أن تكون قد نسيتنا . - ها هذا معقول !... تفضلي .., اجلسي ... سنتحدث اليوم كثيرا . - لن ندعك تنام قبل منتصف الليل . - يسرني ذلك . - كيف جئت مبكرا قبل العيد . - لكي استعد للامتحان . - إذن ستبقى هنا طويلا ؟ - أجل . - وتقبل أن أصبح معلمتك في اللغة العربية ؟ - طبعا ... سأعتمد عليك كليا في هذه المادة . - سأخصص كل أوقات فراغي لك . - لن أضايقك إلى هذا الحد ، نصف ساعة في اليوم ، أو ساعة كل يوم بعد يوم . - سنترك الأمور للظروف المناسبة . - هذا أفضل . وقالت أم أنور : - حدثنا عن بيروت ... يا سمير . سألت : - عن أي شيء أحدثك ؟ - عن بحرها ... عن جوها ... عن الناس الذين فيها . - بحرها هائج ، وجوها ماطر ، والناس اختفوا منها . ضحك الجميع : - هل هجرها سكانها ؟ - لا أدري لم أرهم . أضافت بخبث : - يبدو أنك أصبحت تحب لقرية أكثر ؟ - بل ما زلت أحب بيروت . - والله اشتقنا لها ، وخاصة إلى منزلنا هناك . - هل هو جميل ... يا خالتي . - ليس جميلا جدا ... ولني أحبه كثيرا . - في أي الأحياء يقع ؟ - على الكورنيش ... ويمكن أن تهتدي إليه بسهولة إذا تكرمت بزيارتنا ... إنه في الشارع الثالث بعد ساحة البرج من الشرق ورقمه / 117 / . - في أي طابق ؟ - في الطابق الأول ... وهو بناء عربي قديم ، مكون من غرفتين وصالة تضمهما و دار صغيرة . - عندما أعود إلى بيروت سأتعرف على موقعه . - نرجو أن تزورنا فيه حينما نكون هناك . - حتما . واستمرت الأحاديث تنقلنا من بقعة إلى بقعة ومن ميدان على ميدان ، والزمن يقفز بسرعة ، والساعات تطير كالخطاطيف حاملة معها فرحتنا ، حتى اوشك الليل أن ينتصف ، وافترقنا بلوعة ، ، انتظروني في الجزء العاشر الذي سيكون قصيرا لكنه جميلا والمزيد من الاحداث الغريبة بين سمير و سهير مع التحية هموسة | ||||
27-02-15, 12:03 PM | #12 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| الجزء الـــ 10 ، ، ، رقصت أيامي وغنت حين ملأ الحب أكوابها برحيقه العذب . في الصباح لقاء مع الجيران ، لتناول القهوة قبل الذهاب إلى المدرسة . عند الظهر دعوات واشتراك في الطعام . في المساء ترقب لعودة ندى ، لنقضي الوقت في زوايا الدار وتحت أشجارها . وعندما يحل الليل نعقد السهرات ، وايانا أبقى مع سهير في إحدى الغرف لتعطيني درسا في اللغة العربية . ويوما ... كنا نجلس وحدنا في غرفتهم و سألتني : - أي نوع من الأدب تحب يا سمير ؟ أجبت : - الأدب المزي ... و أدب الحكمة . - هل قرأت كتاب كليلة ودمنة ؟ - لا . - سأهديك نسخة منه ، لكي تقرأه ما دمت تحب الأدب الرمزي . - شكرا لك . - والأدب العاطفي ... ما رأيك فيه ؟ - أحب كل أنواع الأدب .... ولكن أشعر أن الأدب العاطفي مصطنع وغير صحيح . - لماذا ؟ ... ألا تحب أنت يا سمير ؟ - لا أدري . أطرقت ... قليلا ... ثم قالت بانفعال : - كيف لا تدري ... ألا تحبني ... مثلا ... يا سمير همست ببراءة : - بلى ... أحبك . - هل تحب ندى أكثر مني ؟ اضطربت ... وصمت ... ألحت : - لماذا لا تجيب ؟ قلت بحياء : - أحبكم كلكم . ساد في الجو توتر شديد . وخيم عليه القلق : - أرجو المعذرة سأستلقي على السرير لأن رأسي يؤلمني . - يجدر بي أن انصرف و أدعك ترتاحين . ردت بلوعة : - لا ...لا ... ابق معي ... ربما أحتاج إليك . و استلقت على السرير . ووضعت رأسها على طرفه المرتفع : - سمير ... تعال إلى جانبي . و أشارت بيدها إلى طرف السرير . نهضت و جلست بقربها ، وهي تحدق إلي بمرارة : - سمير ... أنا أحبك ... أحبك كثيرا . - وأنا أحبك أيضا يا سهير . - إذن ... قبلني . انفعلت ... وارتبكت ... لكنها أسرعت و ألقت ذراعيها حول عنقي ... وبدأت تلتهم شفتي بجنون ، و أنا مستسلم لها بسذاجة حتى انتهت . نظرت إلي و غطت عينيها بيديها و انفجرت بالبكاء . حينئذ وجدت الوقت مناسبا للانصراف ... ، ، ، كان هذا الجزء العاشر واحداثة المؤلمة وانتظروني في الجزء الحادي عشر وأجمل الأحداث مع سمير وندى . تقبلوا تحياتي هموووسة | ||||
27-02-15, 12:20 PM | #13 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| الجزء الـــ 11 ، ، خلق لقاءنا الأخير نوعا من الحساسية بيننا ، وصرت أشعر بالإحراج كلما اجتمعت بسهير ، بينما لم يصدر منها ما يدل على الحرج أو الأسف ، وربما كانت مسرورة و فخورة بما قامت به ، لأنها ألغت سفرتهم المقررة إلى بيروت أثناء العيد وبقيت هي وجميع أهلها معنا . قضينا أيام العيد صاخبة ممتعة . نذهب في الصباح إلى الصلاة ، ثم نقوم بزيارة بعض الأصحاب أو استقبالهم . وفي المساء يخرج أغلب سكان البلدة إلى الشوارع ، ويعقدون حلقات الرقص الشعبي (( الدبكة )) التي تستمر منتصف الليل . وشاركنا في احتفالات هذا العام قمر نيسان الرائع ، الذي يكلل حلقات الرقص ، وينثر بين منازل القرية رذاذا من الأشعة الذهبية ، مما يجعلها تغرق في ضباب سحري أصفر . واشتركت في هذه الاحتفالات كلها . كنت أحضرها منذ بدايتها ، وأشارك في الرقص بصحبة ندى ، وكانت سهير تأنف من الاشتراك فيها . وتكتفي بان تقف حولها بعض الوقت ، ولا تلبث أن تضجر وتعود بصحبة أهلها إلى المنزل ، وأبقى مع ندى حتى النهاية ، ونعود معا إلى البيت . وفي اليوم الأخير انصرفنا مبكرين لأن جيراننا أصروا على ذلك واصطحبوا ندى معهم . ولما جلسنا في أرض الدار تتناهى إلينا الأغنيات الشعبية و إيقاع الأرجل و الأيدي المرافقة للغناء . شعرت بالحزن و الغضب ، واقترحت أن نقف عند باب الدار ، لنراقب الرقص من بعيد ، واستجاب لطلبي ندى و عمها وبعض أخوتي الصغار . ولكن العم عاد بعد قليل لأنه تعب من الوقوف كما قال ، وحين ابتعد أخوتي عنا قالت ندى : - الحمد لله ... انتهى العيد . قلت : - أتمنى أن يطول أكثر . - يكفي هذا ... كاد أن يوقعني في كارثة . - لماذا ؟ - لأن اشتراكي في الرقص و السهر لم يرض (( سهير )) و زوجة عمي . - ولكن جميع أهالي البلدة ... صغارا وكبارا ... اشتركوا فيها . - قال عمي لهما ذلك غير أن قوله لم يرضهما . وعندما عدت البارحة وجدت سهير ما زالت مستيقظة ، وصرخت بي : - تماديت كثيرا يا ندى ... أحتى هذه الساعة يسهرون ؟ أجبت بهدوء : - مازال الناس يرقصون ويغنون ، وانصرفت مع أول من انصرفوا . - أظنك عدت مع سمير أيضا ؟ - مع سمير و أخوته . - أصبحت فتاة مستهترة ، ونحن عائلة محترمة لا يليق بها استهتارك و عبثك . - لم أفعل إلا كما فعل جميع الناس . - أي ناس ؟ ... هل تسمين هؤلاء القرويين أناسا ... إنهم مجرد فلاحين تافهين ، وانت منهم ، بل أدناهم . و رفعت زوجة عمي رأسها من الفراش و قالت : - إنك فتاة رخيصة يا ندى ... رخيصة جدا ... والله إذا تكرر منك لألقين بك في عرض الشارع ، وتذكري أن كل ما تقوله سهير هو كلام مقدر لا تجوز مخالفته ، و أحذرك من الرد عليه ، بل تنفذينه فورا دون أي جواب . اعترض عمي الذي استيقظ من نومه و سمع بعض هذا الحديث : - لا ... جعلتما المشكلة أكبر بكثير مما هي عليه ، اتركا ندى تلهو كما تفعل رفيقاتها . صرخت زوجة عمي بغضب فاجر : - أنت لا تفهم في هذه الأمور ... اسكت ودعنا نعالجها بطريقة صحيحة . صمت المسكين ... وخلعت ملابسي ونمت . عقبت على كلام ندى قائلا : - ليس من الغريب أن يصدر مثل هذا الكلام عن زوجة عمك ، أما سهير فكيف تتصرف هكذا ! - لا أدري ما حكاية سهير ، تبدلت معي كثيرا ، ومنذ مدة لا تكف عن زجري وتوبيخي ، وكانت في الماضي تساندني قليلا عندما تعاملني أمها بقسوة . - لا شك أنها مثل أمها ... والله لأجعلنها تدفع ثمن تصرفها غاليا . - لا ... لا ... لا تكن طرفا في هذا النزاع هذا يسيئ إلي كثيرا . تساءلت : - إذن رفضوا البقاء في احتفال اليوم بسبب ما جرى البارحة ؟ أجابت : نعم ... ويجدر بنا أن نعود إليهم ، لأن إزعاجهم يقضي على مستقبلي . - لنعد . ودخلنا الدار .................... وهكذا قد أنتهى الجزء الجزء الحادي عشر انتظروني في الجزء الثاني عشر الأحلى والأحلى .. ومع مزيد من الأحداث الغريبة والجميلة .. والممتعة مع التحياااات همووووووسة | ||||
27-02-15, 12:22 PM | #14 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| الجزء الـــ 12 ، ، تذكرت بعد انتهاء العيد أنني جئت إلى البلدة لأستعد للامتحان ، وحين أطل الصباح أمسكت بكتابي ، وصرت أقلب صفحاته . وتحول الكتاب إلى شريط سينمائي ... صور ... أحاديث ... مغامرات . واستمر هذا الشريط إلى موعد انصراف ندى من المدرسة في المساء ... انتظرتها على مدخل الدار لنتحدث قليلا وسألتني لما تقابلنا : - هل ارتحت اليوم من عناء العيد ؟ قلت : - نعم ... ارتحت ... ودرست . - درست جيدا ؟ - جدا ... وبعد قليل تخف حرارة الشمس ... وسأذهب إلى طريق الكروم لأدرس هناك . - لماذا لا تدرس في الدار؟ - لأن أخوتي قد حضروا من المدرسة . وسيحدثون جلبة و ضجيجا يضايقني أثناء الدراسة . - أيزعجك وجودي إن ذهبت لأدرس هناك ؟ - بل تكتمل سعادتي . - سأحضر إلى هناك إذا سمحت ضروفي بذلك . وعندما اقتربت الشمس من الأفق الغربي قصدت درب الكروم ، الذي امتد بين الحقول والبساتين وكروم العنب . سرت عليه ، بين زقزقة العصافير و خرير سواقي الري ، حتى قطعت مسافة طويلة ، وكلما مشيت عدة خطوات ألقي نظرة على الوراء لأرى إن كانت ندى قد حضرت أم لا . وإذ شاهدت شبح فتاتين على الطريق قفلت راجعا ، وتبينت أنهما ندى وصديقتها نوال التي عرفتني بها أثناء العيد . و أعجبت بها كثيرا ولاسيما بطابع البساطة والرقة الذي يشع منها ... من عينيها العسليتين الهادئتين الهائمتين وشفتيها الناعمتين ... من لون بشرتها الأبيض الصافي ، وتسريحة شعرها الكستنائي الطويل الذي تفرقه على جانبي الوجه كالأطفال . والبراءة التي تنطلق من كل عضو فيها .ومن جسمها المتوسط الطول والمعتدل . و أصبحت على مسافة قريبة منهما ... حييت وسلمت : - مساء الخير . أجابتا : - مساء الخير . - كيف حالكما . - نحمد الله . - هل تواصلان السير ... أم نعود ؟ - يستحسن أن نعود . رجعنا معا ... وسألت : - ماذا تقرآن ؟ أجابت ندى : - أقرأ مادة التاريخ . وقالت نوال : - إني أحفظ معاني بعض الكلمات الإنكليزية ولا أستطيع أن أقرأ موضوعا يحتاج إلى تركيز ما دمت أسير على الطريق . - أنا مثلك ... يا نوال ... إما أن أحفظ شعرا أو معاني كلمات ، في مثل هذه الحالة ... واخترت اليوم أن أحفظ بعض الأبيات من قصيدة للمتنبي . و سألت نوال : - أظن أن برنامج اللغة الإنكليزية في صفكن سهل ؟ أجابت : - كلا ... إنه صعب . - ألست في صف ندى ؟ - لا ... بل في الصف التاسع . أضافت ندى : أنا تركت المدرسة لمدة سنة وتقدمت نوال علي بصف . واستمر حديثنا عن المدرسة حتى دخلنا البلدة ... وذهبنا بيوتنا متفرقين . ....... هذا وقد أكملت معكم هذا الجزء أتمنى لكم الإستمتاع بقراءته مع التحية هموسة | ||||
27-02-15, 12:36 PM | #15 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| الجزء الــ 13 ، ، أصبح درب الكروم معبدنا المقدس الذي نصلي فيه كل يوم ... أنا وندى ونوال ... ندرس ... نلهو ... نعبث ... و أحيانا نبكي ... ونحزن . نلتقي عليه قبيل الغروب ، ونغادره مع حلول الظلام . وذات مرة ، كنا جالسين تحت بعض أشجار اللوز ... قرأنا قليلا ... وتحدثنا كثيرا ... ثم تركتنا نوال وذهبت لتسير على الطريق . عندئذ قالت ندى : - إنني أضيع لك الكثير من أوقاتك الثمينة . قلت : - سأعوض عن الوقت الضائع في الصباح والليل إذا اجتهدنا خلالهما . و أتمنى أن تفعلي أنت الشيء نفسه ، لكي نضمن النتائج في آخر العام . - لا أهمية لوقتي أنا ... ولا لدراستي . - ولكنها تهمني . - تهمك أنت وحدك . - ومن الذي لا تهمه ؟ - كل الناس وخاصة زوجة عمي . - ألا تريك أن تتابعي دراستك ؟ - لا أدري تماما ماذا تريد ... تحرص على إزعاجي دائما ، ولا تعترض على دراستس صراحة . - لا تهتمي بها ، وانصرفي إلى الدراسة ، لتضمني مستقبلك . - كيف لا أهتم بها وهي قادرة على تعطيل دراستي بشتى الصور ... مثلا ... البارحة ... عدت إلى المنزل وافتقدت احد الكتب ، وبحثت عنه طويلا دون جدى . - أين اختفى ؟ - وضعته في المطبخ تحت الطنجرة لئلا تلوث الأرض ولم أجده إلا بعد جهد و مشقة وهو في حالة يرثى لها . - يا لها من امرأة شريرة . - إنها شريرة وقاسية ، وتكاد تجعلني أكره الحياة ... ليتني أموت و أتخلص منها . وانسابت دموعها من عينيها ... فوضعت يدي على رأسها وقلت : - ندى ... ندى ... لا تسمحي للتشاؤم أن يصل بك إلى هذا الحد ، وحولي أن تحصلي على شهادة تمكنك من الاستغناء عنها . - كيف ... كيف ... يا سمير ... وهي كلما شاهدتني أمسك كتابا تبدأ بإصدار أوامرها إلي ، لقضاء حاجات تافهة تستطيع أن تقضيها لنفسها بسهولة . وتابعت الكلام وهي تقلد صوت أم أنور : - ندى ... أعطني كأس ماء ... ندى امسحي المنضدة ... ندى ضعي الأحذية تحت السرير . و أضافت : - وكلما خرجت من المنزل ترفع كتبي عن الطاولة ، وتلقي بها في زوايا الغرفة . سألتها مستنكرا ذلك : - ما الذي تقصده هذه الشيطانة ؟ - يبدو أنها تستمتع بتعذيبي ، وعندما أغتاظ بصمت ترتسم ابتسامة عجيبة على شفتيها . - إن ظروفك قاسية يا ندى ... وليس بيدنا حيلة سوى الصبر . - لعنة الله على هذه الظروف ، وعلى هذه الحياة التي طالما فكرت في أن أتخلص منها . - لا ... لا تفكري هكذا ... ولنأمل بالمستقبل الجميل . - المستقبل !... أي مستقبل ؟ ... إن مستقبلي إما خادمة أو فتاة من فتيات الشوارع . أدهشني هذا القول : - لا أسمح لك بهذا التصور ، وتبالغين في تعقيد الأمور . - أنت لا تعرف حالتي تماما . - أنا أقدر وضعك جيدا ، و أتألم لألمك بمرارة . - لا أشك في هذا ... ولكنك لا تعرف كلما أعانيه ... ولو سمعت أقوال أمينة زوجة عمي مرة واحدة ورأيت تصرفاتها معي ، لفضلت الموت ألف مرة على الحياة معها . وحين اشتد بكاؤها ... سألت : - ماذا تقول لك ؟ - تقول إنني عاهرة مثل والدتي التي تبيع نفسها لأرخص الرجال في بيروت . اشتد غضبي وصرخت : لا ... بلغت بها الوقاحة حدا لا يطاق . - ألم أقل لك ؟ - ألا يعترض عمك وسهير على مثل هذا القول ؟ - إنهم لا يسمعون أقوالها ، ولا يشاهدون تصرفاتها معي ، وتترقب الفرص المناسبة لتصب الإساءة من لسانها ويدها على رأسي ، وتتظاهر بغير هذا عند وجود الآخرين . - والله لأقتلها إذا تكرر منها ذلك ... أرجوك أن تخبريني إذا عادت إلى مثل هذا الكلام ... وسأطلب من والدتي تحذرها منه . - لا ... لا يا سمير ... إن فعلت هذا دمرت العالم فوق رأسي ... دهني لمصيري ، ولا مجال لتدخلك الآن . - إن هذا لا يطاق . - أعرف ... وكنت أفضل ألا أزعجك بالحديث عنه ، ولكن ليس لي أحد سواك أبثه همومي ، وأعرض عليه مشاكلي . - يسعدني أن أشاركك في مصيرك الرهيب . - يكفيني الآن أن تسمع شكواي ، ولا يمكنك أن تفعل شيئا آخر . ولنعد إلى البلدة .. الليل أوشك أن يخيم ، ونوال تنتظرنا على الطريق .................................................. .... واكملت هذا الجزء أنتظروني في الجزء الرابع عشر مع التحية هموسة | ||||
27-02-15, 12:38 PM | #16 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| الجزء الــ 14 أيامنا التي ملأها الحب أفرغها شقاء ندى من أحلام الشباب الجميلة ، ولون تلك الأيام بحزن أصفر شاحب . كانت نوال تشاركنا في مشاعرنا ... في أفراحنا ... في أحزاننا ... تسمع أحاديثنا ... تشعر بلوعتنا ... دون أن تحشر أنفها في شؤوننا . كان حبنا لها شديدا ، لكنه من نوع آخر . وفي أحد لقاءاتنا ، بينما كنا نجلس بين سنابل القمح التي أوشك أن يحين وقت حصادها ، قالت نوال : - منذ قليل كنت أحدث ندى عن الإشاعات التي ينسجها أهل البلدة حولنا . سألتها : - ماذا يقولون ؟ - كل ما يصوره لهم خيالهم من سوء ، وما تحمله ألسنتهم من دناءة . - اذكري لي شيئا من أقوالهم . - يقولون إننا نسهر في الحقول إلى منتصف الليل ، ونلتجئ إلى ظل الأشجار لنلهو نعبث ... وغيرها ... من أقوالهم الكثيرة . أضافت ندى : - و إنك شاب جميل ، عيناك العسليتان جذابتان ، وشعرك الطويل ساحر .... لونك الحنطي يخطف القلوب ، وجسمك النحيل يجعلك مغريا ، وفتنتنا وغرقنا في حبك . صرخت : - من الذي يقول هذا الكلام ؟ أجابت ندى : - كثير من الناس . - وكيف وصل إلى أسماعكن ؟ - عن طريق زميلاتنا في المدرسة . - هذا من صنع زميلاتكن وحدهن . -لا تغضب ... إنما تقوله زميلاتنا يبقى مهذبا بالنسبة لما يقوله غيرهن . ولو سمعت رأي زوجة عمي ، لفقدت عقلك . - ما هو رأيها ؟ - - ترى أنني أمارس معك ما تفعله والدتي في بيروت ، وسأصل إلى حياة الشوارع بيديك . - يا لها من امرأة سيئة . - وهذا رأي سهير أيضا . - هل قالت لك ذلك ؟ - قالت لي البارحة ... قد سحرتك وشغلتك عن تلقي دروس اللغة العربية ، و أضحي بمستقبلك في سبيل نزوات نفسي . - أو وابنتها ... طينة واحدة ... قذرة . - لا تتضايق كثيرا من هذه الأقوال ... ولسكان بلدتكم ألسنة طويلة يدونها إلى كل مكان ، ويعتبرون أن من حقهم ، وربما من واجبهم أن يحشروا أنوفهم في جميع شؤون الآخرين . - هذه أكبر مصائبنا ، وجعلت كل فرد منا عبدا للجميع ، وبلغ بي الغضب أشده ، واستطردت نوال : - أصبح الامتحان على الأبواب ، وعما قريب سنفترق وتكف ألسنة السوء عن ترديد حكايات الحقد والنميمة والانتقام . علقت ندى بحزن : - ما أبشعه من فراق ، وما أغلاه من ثمن . و أضافت : - متى ستسافر إلى بيروت يا سمير ؟ أجبت : - يوم الأحد القادم . - ليتنا ننجح لئلا يثير رسوبنا أقاويل الناس من جديد . - يجب أن نعمل بنشاط لكي نحرم الناس من لذة نهشنا بأنيابهم . وبعد فترة صمت قاس نهضنا وسرنا باتجاه البلدة ، حتى بلغنا مدخلها ، حيث كانت تنتشر بيادر الشعير، ولاح لنا الفراق رهيبا ، وجلسنا بجانب أحد البيادر ... ثم استأذنت نوال بالانصراف و تركتنا وحدنا . كان القمر في ربعه الأول ، والسماء موشاة بالنجوم .. و قد انفجرت ندى بالبكاء وهي تقول : - من يدري يا سيمر ... هل ستجمعنا الأيام مرة ثانية أم ستفرقنا إلى الأبد ، وتلقي بنا في أحضان المجهول ؟ قلت وأنا أغالب دمعي و أمسك بصوت لئلا يتهدج : - سنلتقي رغم الأيام والظروف . - أنا سيئة الحظ يا سمير ، وأيامي تحمل الشقاء لي ولكل من يتصل بي . ولدت في أحضان اليتم ، وتربيت في الملاجئ ، وترعرعت بين أيدي الفقر والشقاء ، وها أنذا الآن متسولة أتلقى الإحسان والشتائم ممن أعيش بينهم . - سنتغلب على الظروف و على حظك المنكود ... يا ندى ... كفكفي دمعك لأن المكان غير مناسب لهذا ... وهيا نعد إلى المنزل . سرنا صامتين ... وافترقنا قرب الدار ... ليدخل كل منا وحده ........... هكذا وانتهى الجزء أتمنى لكم الاستمتاع وانتظروني في الجزء الخامس عشر القادم هموسة التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 27-02-15 الساعة 01:05 PM | ||||
27-02-15, 12:39 PM | #17 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| الجزء الــ 15 ، ، عدت من بيروت إلى البلدة ووجدت أن جيراننا قد غادروها منذ قليل . دخلت غرفتهم ... سرت في الدار ... تفقدت غرفنا ... تأكدت أنهم سافروا فعلا . ولا يوجد أثر لهم في أي مكان ، و إن كانت ذكراهم تملأ كل المكان . شعرت والدتي بلوعتي ... و سألت : - ما بك ... يا سمير ؟ أجبت بنزق : - لا شيء. وغادرت الدار قاصدا منزل صديقي نادر . بقيت عنده حتى المساء ، ثم تركته وذهبت إلى درب الكروم . وكان خاليا . أشجاره تبكي ... طيوره تندب ... ترابه يئن ... مثل قلبي الذي ضاق به الوجود . جلست بجانب دالية العنب أنظر إلى الشمس وهي تغادر الدنيا ، وقد اصطبغ وجهها بلون الفراق الشاحب . رجعت إلى البيت ، ولم أجد العزاء لا هنا ولا هناك . أينما ذهبت تهاجمني الذكريات ، وتمزقني بقسوة . ودارت عجلة الأيام ببطء مخيف ، ولم يخفف هدوء الريف من شقائي ، وكاد الضجر أن يقتلني . كنت أستلقي في الليل على سطح منزلنا أرصد نجوم السماء ، و أترقب قمر الليل لأسأله عن أحوالها ، و أبفى دائما غاضبا بدون سبب ظاهر . كان لقاءي مع نادر يخفف شيئا من قسوة الفراق ، و أجد عزاء أكبر عندما ألتقي بنوال . غير أن لقاءاتي مع نوال كانت عابرة وتتحكم بها الصدفة . و التقيت بها أول مرة بعد الامتحان ، لما زرت ابن خالتها رامز ، وهو أحد زملائي في المدرسة ، وتعمدت الجلوس بجانبها ، وحين وجدت الفرصة مناسبة سألتها : - هل ظهرت نتائج مدرستكن ؟ أجابت : - نعم . - كيف كانت النتيجة ؟ - نجحت بتفوق كالعادة . - أهنئك من كل قلبي . - شكرا لك . - ونتيجة ندى ؟ - مع الأسف ... رسبت في صفها . ثم سألتني نوال : - و أنت ... هل ظهرت نتيجتك ؟ قلت : - نعم ... لقد نجحت . - يسرني نجاحك ... ليت ندى نجحت معنا . - ولكن نجاحي غير جيد ولا يسر . - لماذا ؟ - لأنني كنت على وشك الرسوب ، وانخفضت علاماتي انخفاضا مخيفا في نهاية العام ، وهذا ما جعل المدير يوجه إلي كلمات لا تخلو من التوبيخ ، في الرسالة التي أبلغوني فيها النتيجة . - لا تشغل بالك بهذا ما دمت قد نجحت ، وفي العام القادم تحقق نجاحا أفضل . - هذا ما ارجوه . ولم يسمح الوقت بأكثر من هذا الحديث حتى نهاية الزيارة ... انتهى هذا الجزء البسيط وانتظروني في الجزء القادم الجزء السادس عشر أختكم الغالية ..هموسة | ||||
27-02-15, 12:44 PM | #18 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| الجزء الــ 16 ، ، في أواخر الصيف التقيت بنوال مرة أخرى ، عندما جاءت بصحبة والديها لزيارتنا . وتشعبت الأحاديث حول شتى الموضوعات دون أن أهتم بها كثيرا ، إلى أن قالت والدة نوال : - كان جيرانكم ، في هذا العام ، أناسا طيبين . ردت والدتي : - حقا إنهم طيبون ، واستمتعنا بجيرتهم . - لعلهم سيعودون إلى هنا مرة أخرى ؟ - لا ندري بعد . أكدت نوال : - لا ... لن يعودوا ... استلمت في الأسبوع الماضي رسالة من ندى ، تخبرني فيها أن (( سهير )) نقلت إلى بيروت . أسفت والدتي : - يا للخسارة ... سنفتقدهم كثيرا . أدهشني النبأ ، واكفهر وجهي ، وشعرت و كأن لطمة شديدة أصابتني فوق عيني ، و أن حبلا رفيعا يطوق عنقي ... وشردت بعيدا عن جو الجلسة حتى قال والد نوال : - ليتك يا سمير تدلنا على مدرسة جيدة في بيروت ، لكي تتعلم نوال فيها . سألت : - هل ستذهب نوال لتدرس في بيروت ؟ - نهم ... إن (( نوال )) فتاة مجتهدة ، ولن نحرمها من متابعة تعليمها بسبت عدم وجود مدرسة للطالبات اللواتي تجاوزن الصف التاسع هنا . و قررنا إرسالها إلى بيروت لتتابع دراستها . - أتريد أن تضعها في مدرسة داخلية ؟ - لا ... أفضا أن أستأجر لها دار . و أرسل معها جدتها ، لتساعدها في تأمين لوازمها . لأني أتردد كثيرا على بيروت ، و سأحضر لهما كل ما تحتاجان إليه من القرية ، و أنام عندهما بدلا من النزول في الفنادق . - إن مدرسة (( القلب الأقدس )) هي أفضل مدرسة نهارية في بيروت . - أين تقع هذه المدرسة ؟ - في الجنوب الغربي من البرج . - ما سبب اعتقادك بانها أفضل من غيرها ؟ - سمعت زملائي يقولون إن جهازها التدريسي جيد و إدارتها حكيمة ، و لكن رسومها مرتفعة . - إذا كانت جيدة لا تهمني الرسوم . - يمكن أن تطلع على أمورها حين تذهب إلى بيروت ، وقد تعجبك . و سأل (( نوال )): - ما رأيك ... يانوال ... في أن نذهب إلى بيروت لرؤية هذه المدرسة ، وتسجيلك فيها إذا أعجبتنا . أجابت : - كما تشاء يا بابا . سألني والدي : - متى يبد أ التسجيل ؟ قلت : - قد بدا لأن المدارس ستفتح قريبا . - هل ستذهب إلى بيروت في الوقت الحاضر ؟ - لا ... لن اذهب قبل افتتاح المدرسة . - يسعدنا أن نلتقي بك في بيروت ، لتساعدنا في هذه المهمة . - لا تحتاجون إلى أية مساعدة ، والأمر أسهل مما تتصورون ، و إذا كنتم تريدون أن أذهب معكم فأنا على أتم الاستعداد له . - لا .. لا ... لن نزعجك بأمورنا الآن ... وربما نحتاج إليك بعد أن تداوم نوال في المدرسة . - أنا تحت أمركم ، ومستعد لأية خدمة . - نشكر لك مشاعرك الطيبة و موقفك النبيل . ثم أنتقل الحديث إلى نقاط أخرى ، وعدت إلى صمتي و حزني و تبادل النظرات الحائرة مع نوال حتى انصرفوا . ... وهكذا انهيت معكم هذا الجزء مع التحية ... هموسة | ||||
27-02-15, 12:46 PM | #19 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| الجزء الـــ 17 ، ، رغم انتهاء العطلة الصيفية ، مازال الحر يشعل مواقده في بيروت التي وصلت إليها اليوم . وقصدت مدرستي فورا حيث وضعت محفظة ثيابي في المهجع ، وغادرتها بسرعة متجها إلى الحي الذي تسكن فيه عائلة أبي أنور . تخبطت قليلا حتى اهتديت إلى رقم الدار ، وحين قرعت الباب بيد مرتجفة وقلب يتراقص بين أضلع تغوص في صدري ، أطل منه الوجه الذي أحلم بلقائه ، وجه ندى التي شهقت عندما رأتني : - سمير ... أهلا سمير . سلمت يد بيد ... و اشتعلت النار في جسدي وأنا أقول : - كيف حالك يا ندى ؟ أجابت بلهفة : - إني في غاية الشوق إليك ... تفضل . - هل اهلك في المنزل ؟ - نعم ... تفضل . دخلت الغرفة التي قادتني ندى إليها ، و انطلقت صيحات الترحيب : - أهلا سمير . سلم الجميع علي بحرارة ، و أوشكوا أن يقبلوني ، مما جعلني أشعر كأنني في حمام من العواطف الدافئة . و قد أسعدتني نظراتهم ... كلماتهم ... حركاتهم . و أمطروني بوابل من الأسئلة . سأل أبو أنور : - كيف حال أهلك ؟ أجبت : - جيدة ... يهدونك تحياتهم . قالت ام أنور : - اشتقنا لكم كثيرا . - ونحن اشتقنا أكثر ، و أزعجنا نبا انتقالكم إلى بيروت ، مع أننا نعرف مدى رغبتكم في البقاء فيها . - كنا مصممين على زيارتكم في اقرب فرصة مناسبة . - سيفرح أهلي كثيرا بهذه الزيارة ، و أرجوا أن تكون قريبة . و سالت سهير : - متى جئت إلى بيروت ؟ - اليوم . - يسعدنا أن تكون قد تذكرتنا في أول يوم حضرت فيه إلى بيروت . - وهل يمكن أن أنساكم ؟ - من يدري ؟ - ولكنني جئت . - إذن لم تنسنا ... ونحن لن ننساكم . و بعدما هدأت الأسئلة وبدأت الأحاديث تنضب قلت لندى : - هل علمت أن (( نوال )) ستأتي إلى بيروت لتكمل دراستها ؟ - نعم ... حضرت أمس إلى زيارتنا بصحبة والدها ، و ذهبت أنا وسهير معها إلى مدرسة القلب الأقدس حيث سجلت فيها . - يفضل والدها أن تكون طالبة نهارية ، و أحبذ أن تكون طالبة داخلية . - نصحته سهير بهذا أيضا ، و لكنه أصر على رأيه . و استأجر لها دار في شارع سوريا . - كيف وجدا دارا بهذه السرعة ؟ - أرشدهم عمي إليها ، و هي ملك لأحد معارفنا . - إنكم قدمتم لهما خدمات جليلة . - هذا واجبنا. و أضاف أبو أنور : - يسرنا أن نقدم المساعدة لجميع أهل بلدتكم لأنهم أهلنا . - نشكركم على أعمالك ومشاعرك الطيبة ... يا عمي . - لا شكر على واجب ... و عسى أن نتمكن من تقديم خدما إليك أنت يا سمير ، لنعوض بعض الدين الكثير الذي تراكم علينا ، بسبب المعاملة الطيبة التي عاملنا بها أهلك . - لا تسمه دينا ... يا عمي . - سمه أنت كما يحلو لك ... أما أنا فأسمي المعاملة الحسنة دينا ، وأقل واجباتنا تجاجه هو أن نعمل على وفائه بمثله و أحسن . - أنتم طيبون ... وقابلتم معاملة أهلي بأحسن منها . - لم نقدم لك شيئا يستحق الذكر بعد . وقالت سهير : - ستبقى لتناول الغذاء عندنا اليوم . قلت : - أعتذر عن الغذاء ، لأن لدي أمور كثيرة تتطلب أن أنجزها . - إذن يجب أن نراك قريبا . - سأحرص على الحضور في اقرب وقتا مناسب . - نرب أن تحضر دائما لزيارتنا، و إذا احتجت لأمر ما من المدرسة أخبرني عنه ، لأنني اعرف كثيرا من الناس هنا ، و أستطيع مساعدتك . - أشكركم جميعا على مشاعركم السامية ... و إلى لقاء قريب . - مع السلامة . وخرجت معي ندى و سهير إلى باب الدار . ......... أكملت معكم هذا الجزء وبقي معنا 14 جزء و انتظروني في الجزء الثامن عشر في أقرب وقت مناسب مع التحية هموسة | ||||
27-02-15, 12:47 PM | #20 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| الجزء الـــ 18 ، ، في مساء الخميس قمت بزيارة أخرى إلى منزل أبي أنور و ما أن جلست قليلا حتى اقترحت أن نزور(( نوال )) وجدتها . ولاقى الاقتراح قبولا من الجميع ، ما عدا أم أنور التي فضلت البقاء في المنزل . خرجنا قاصدين دار نوال التي فرحت لرؤيتنا ، وهللت لمقدمنا . و لم تكن فرحة جدتها بأقل من فرحتها ، و هبت ترحب بنا بأشد الترحيب ... جلسنا في إحدى الغرف و قالت : - هبطتم علينا من السماء ، و كنا نفكر في وسيلة لقضاء بقية السهرة ، بعدما انتهت نوال من دراستها ، و انتهيت من أعمال المنزل . قال أبو أنور : - لماذا لا تذهبان لزيارتنا ؟ - فكرنا فيها ، ووجدت نفسي متعبة قليلا ، مما جعلنا نؤجل زيارتكم إلى وقت آخر . - ن أمل أن نراكم دائما . - هذا ما صممنا عليه ... و سنتردد عليكم باستمرار . - يسعدنا ذلك . وسألت (( نوال )): - كيف وجدت الدراسة في بيروت ؟ أجابت : - أكاد أمرت ضجرا و ألما ، و في كل يوم أبكي من شدة شوقي للبلدة . - ستألفين الحياة هنا و تحبينها بعد مرور فترة من الزمن . - لا أتوقع هذا ... إن الضجة الشديدة ، والازدحام و الغربة أمور لا تطاق . - أعرف ما تشعرين به تماما ، لأنني عانيت منه ، ولكن الإنسان يألف على كل شيء. - لا أظن أن هذا سيحدث ... آه ... ما أجمل القرية ... ما أعذب أمسياتها و لياليها ... ما أروع الهدوء فيها . و استدركت : - أخشى أن نكون قد أزعجناكم ، بحديثنا عن ضجرنا وأشجاننا . ردت سهير : - لا ... أبدا . تابعت نوال: - دعونا ننسى هذا كله ، وتعالوا نتسلى بلعب الورق . - فكرة جيدة . سألت أبا أنور : - أي نوع من لعب الورق تفضل ... يا عمي أبا أنور ؟ - العبوا أنتم اللعبة التي تريدونها ... و أنا سأتحدث مع السيدة نوار – جدة نوال – ريثما تنتهون من لعبكم . - كما تشاء . التففنا حول طاولة أحضرتها نوال من جانب الغرفة ، و بدأنا اللعب ، بينما جلس أبو أنور و جدة نوال بجوارنا يتحادثان ، وكنت انتبه إلى حديثهما أحيانا رغم انشغالي بالورق , و سمعت السيدة نوار تسأل أبا أنور : - لماذا لم تحضر أم أنور معكم ؟ أجاب : - لا أعرف لم أصرت على البقاء في المنزل . - ينبغي أن تلحوا عليها . - حاولنا جميعا معها ... ورفضت . - ستضجر قليلا وحدها . - هذا شأنها ما دامت متشبثة برأيها . - لماذا تتشبث برأيها هكذا ؟ - لا أدري ... تغيرت أم أنور كثيرا بعد أن توفي ابننا أنور منذ عدة سنوات . - إن مصائب القدر كثيرة ، و على الإنسان أن يعزي نفسه ، ما دام ليس في اليد حيلة . - لا شك في هذا ... ولكن أم أنور لم تستطع أن تسلو . إنها حاقدة على كل الناس ، وناقمة على كل شيء في الحياة . وصارت في الفترة الأخيرة تميل للإساءة إلى كل من حولها ، ولم يسلم أحد منا من شرها . - لا تتركها تنساق وراء ألمها و حزنها . - جربت شتى السبل دون جدوى . وقد جعلت حياتنا جحيما دون أن تتعض أو تهدأ. - سأبحث هذا الأمر معها عندما ألتقي بها . - لا جدوى منه ... ناقشناها كلنا ... وسهير ... وكل من يمت لنا بصلة ، وكأنها لا تفهم شيئا مما نقوله ، أو كان شيطانا ركب رأسها ، و تتبع خطاه إلى هاوية الشقاء . - تلك حالة مؤسفة . - أشد الأسف . كانا يصمتان قليلا ثم يتابعان الكلام . حتى انتهى دور اللعب ، و اشتركنا جميعا في أحاديث متفرقة . و حينما هممنا بالانصراف قالت السيدة نوار : - سأريكم بقية دارنا قبل أن تنصرفوا . تبعناها إلى غرفة أخرى شبيهة بالغرفة التي كنا نجلس فيها ، و بين هاتين الغرفتين توجد صالة متوسطة الأتساع ، بسيطة الأثاث ، وعلقت سهير على الدار بقولها : - إن شقتكم بسيطة وجميلة ، و قلما تتوفر في بيروت دار أفضل منها بهذه السرعة . - وهذا رأيي أيضا ، لكن (( نوال )) دائمة الشكوى منها . - (( نوال )) تشكو من كل شيء في بيروت . أجابت نوال : - خففتم شيئا من شكواي بزيارتكم لنا اليوم ، و سأبذل جهدي لكي أرضى بكل شيء إذا استمرت هذه اللقاءات الجميلة . ضحكت ندى : - هذا أمر بسيط جدا، سنزوركم كل يوم . و أردفت السيدة نوار و هي تقف بجوار باب الدار ، بقامتها الطويلة و ثيابها السوداء ووجهها الذي تطفح ملامحه المتجعدة بشرا وحيوية : - شرفونا دائما بزياراتكم . نحن لا نعرف أحد سواكم في بيروت ، و إذا لم نلتق بكم سيقتلنا الضجر هنا . رد أبو أنور : - لن ننقطع عنكم أبدا ، ونرجوا أن تزورونا أنتم أيضا . والآن تصبحون على خير . - وانتم بخير . وذهبت عائلة أبي أنور إلى دارها ، وأنا ذهبت إلى سجني في المدرسة . .................. وهكذا أنهيت معكم هذا الجزء الطويل بعد انتظار دام طويلا أيضا أتمنى لكم التسلية معه .. و إن شاء الله عجبكم تقبلوا تحيات أختكم .. هموسة | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|