آخر 10 مشاركات
هفهفت دِردارة الجوى (الكاتـب : إسراء يسري - )           »          110 - أحلامي ليست لي (الكاتـب : حبة رمان - )           »          شيوخ لا تعترف بالغزل -ج3 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          أنثى من ضوء القمر **مميزة ** (( كاملة )) (الكاتـب : هالة القمر - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          عندما يعشقون صغاراً (2) *مميزة و مكتملة *.. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          صفقة زواج (56) للكاتبة jemmy *كاملة* ...a marriage deal (الكاتـب : Jamila Omar - )           »          482 - خفقات مجنونة - ميشيل ريد ( عدد جديد ) (الكاتـب : Breathless - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree60Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-12-16, 05:01 PM   #1411

نداء الحق

نجم روايتي وعضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاءوفراشة الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية نداء الحق

? العضوٌ??? » 122312
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 6,902
?  مُ?إني » العراق
?  نُقآطِيْ » نداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 7 والزوار 2) ‏نداء الحق, ‏لهفة مشاعر, ‏Electron, ‏ميااده, ‏كلابي


تسجيل حضور


نداء الحق غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 02-12-16, 05:37 PM   #1412

مولان روج88
 
الصورة الرمزية مولان روج88

? العضوٌ??? » 353678
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 110
?  نُقآطِيْ » مولان روج88 is on a distinguished road
افتراضي

مساء الخير والنرجس والجوري...
تسجيل حضور لأحلي بيلا...


مولان روج88 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-12-16, 06:11 PM   #1413

moshtaqa

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية moshtaqa

? العضوٌ??? » 105077
?  التسِجيلٌ » Dec 2009
? مشَارَ?اتْي » 2,935
?  نُقآطِيْ » moshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير حبيباتي
ساعة وينزل الفصل
يلا الكل تسجيل حضور


moshtaqa غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-12-16, 06:27 PM   #1414

rontii

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء ومحررة واعدة بعمود الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية rontii

? العضوٌ??? » 289729
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 20,876
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » rontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ﻻ إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
افتراضي

تسجيل حضووووووور

rontii غير متواجد حالياً  
التوقيع














رد مع اقتباس
قديم 02-12-16, 06:44 PM   #1415

MaNiiLa

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية MaNiiLa

? العضوٌ??? » 285059
?  التسِجيلٌ » Jan 2013
? مشَارَ?اتْي » 384
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » MaNiiLa has a reputation beyond reputeMaNiiLa has a reputation beyond reputeMaNiiLa has a reputation beyond reputeMaNiiLa has a reputation beyond reputeMaNiiLa has a reputation beyond reputeMaNiiLa has a reputation beyond reputeMaNiiLa has a reputation beyond reputeMaNiiLa has a reputation beyond reputeMaNiiLa has a reputation beyond reputeMaNiiLa has a reputation beyond reputeMaNiiLa has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الورد للورد

MaNiiLa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-12-16, 06:44 PM   #1416

ياسمين نور

? العضوٌ??? » 359852
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,830
?  نُقآطِيْ » ياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond reputeياسمين نور has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 17 ( الأعضاء 11 والزوار 6)
‏ياسمين نور, ‏noura25, ‏dilsa, ‏calmtale, ‏منى عبد, ‏ghdzo, ‏rontii, ‏moshtaqa, ‏خزامي احمد, ‏mai ahmed 2020, ‏هّـمًسِـآتٌـ
أ


ياسمين نور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-12-16, 06:50 PM   #1417

ميريزااد

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية ميريزااد

? العضوٌ??? » 341336
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,005
?  نُقآطِيْ » ميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond reputeميريزااد has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 13 والزوار 7)
‏ميريزااد, ‏ياسمين نور, ‏MaNiiLa, ‏noura25, ‏dilsa, ‏calmtale, ‏منى عبد, ‏ghdzo, ‏rontii, ‏moshtaqa, ‏خزامي احمد, ‏mai ahmed 2020, ‏هّـمًسِـآتٌـ
تسجيييل حضووووووور


ميريزااد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-12-16, 06:55 PM   #1418

totoranosh

شاعرة متألقة المنتدى الأدبي

 
الصورة الرمزية totoranosh

? العضوٌ??? » 342649
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 897
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » totoranosh has a reputation beyond reputetotoranosh has a reputation beyond reputetotoranosh has a reputation beyond reputetotoranosh has a reputation beyond reputetotoranosh has a reputation beyond reputetotoranosh has a reputation beyond reputetotoranosh has a reputation beyond reputetotoranosh has a reputation beyond reputetotoranosh has a reputation beyond reputetotoranosh has a reputation beyond reputetotoranosh has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
افتراضي

تسجيل حضووووووووور

totoranosh غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-12-16, 07:15 PM   #1419

moshtaqa

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية moshtaqa

? العضوٌ??? » 105077
?  التسِجيلٌ » Dec 2009
? مشَارَ?اتْي » 2,935
?  نُقآطِيْ » moshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond repute
افتراضي

,,
مساء الخير حبيباتي..
اتمنى تكونون بخير..
اليوم موعدكم مع الرقصة الثامنة .. بس قبلها عندي ملاحظات بسيطة .. الأولى: انا لا اعتمد عدد معين من الصفحات لكل فصل.. انا اكتب ما يستوجب من الأحداث .. لا اعتمد الاطالة ولا الاختصار.. قد لا تكون فصولي طويلة كرسالة الى الوالي لكنني احاول قدر جهدي ان تكون دسمة ومليئة بالاحداث الجديدة.. لا اضع مشهد ليس له اهميه لغرض الحشو ولا اقتص مشهد له اهميه لغرض الإختصار
.
الثانية: انا ادرس ماجستير.. وجدولي مزدحم جدا لذا كل الاعتذار لحبيباتي القارئات لأنني لا أستطيع انزال فصلين اسبوعياً
.
ثالثاً: الثنائيات كثيرة في هذه الرواية.. لا يسع فصل واحد ذكرها جميعاً.. لكنني احاول قدر الامكان ان اعطي كل ثنائي حقه.. فأرجو ان تكون لكم سعة صدر..
.
رابعاً.. ردوووووووووووود .. وشكراً
.
.
ويلا .. قراءة طيبة حبيباتي
.
.

الرقصة الثامنة
رقصة التشاتشا*
*رقصة الإيقاع السريع

لن أستطيع أن اصل إليك وليس في وسعي أن أفصل نفسي عنك – مولانا جلال الدين الرومي

نظرت الى نفسها في المرآة .. كانت تبدو .. تبدو .. تبدو باهتة ! .. هي لم تكن يوماً من محبي الزينة .. حتى احمر الشفاه يشعرها كأنها تحمل ثقلاً فوق شفتيها .. في بداية نضوجها حاولت ان تعتاد على ادوات الزينة .. فكل صديقاتها في المجتمع المخملي يُجدن استخدام الزينة .. كلهن يضعنها وحتى وان بدت احداهن كأنها لم تضع شيئاً.. لكنها حتى حين حاولت مرة وضغطت على نفسها اصيبت بطفح جلدي في بشرتها وتورمت اجفان عينيها بسبب المكياج مما جعلها تخضع لعلاج دام شهراً لتتخلص من التحسس المقيت الذي اصاب وجهها .. لكن ذلك لم يمنعها من شراء كل انواع المكياجات والإحتفاظ بها كنوع من التعذيب كلما حطت نظرها على علبة ظلال عين او اصبع روج لتتحسر وهي تتمنى ان تضع القليل .. لكنها كانت تستخدم مرطب شفاه طبي لا لون له.. ذلك ان المرطب الطبي الوردي الملون يجعل شفتيها تبدوان كأنها شربت لتوها عصير فريز مثلج وعلق لونه في شفتيها .. حسناً لتعترف .. هي لا تحب احمر الشفاه .. مع انه الشئ الوحيد الذي يمكنها ان تضعه لبعض الوقت.. اكثر ما كان يشعرها بالضيق هي الحفلات الكبرى التي تقام في مناسبات مهمة مثل رأس السنة مثلاً .. فكل النساء يأتين متبرجات بأجمل الوان احمر الشفاه والكحل يرسم عيونهم بجمال لطالما حسدتهن عليه .. بينما هي أرورا ستيفنسون لا تضع سوى مرطب شفاه لا لون له حتى في يوم عرسها والذي يصادف اليوم ! ..كان احساساً غريباً أن يكون اليوم هو يوم زفافها على الرجل الذي لطالما احبته .. الرجل الذي لم تتمنى غيره والذي كان يشبه حلماً مستحيلاً بالنسبة اليها .. والأغرب أنها لا تشعر بتلك السعادة الاسطورية التي من المفترض ان تشعر بها اي فتاة على وشك الزواج من فارس أحلامها .. وهذا لسبب بسيط جداً وهو أن فارس أحلامها يحلم بغيرها !.. لطالما مثّل كايل لها كل شئ أرادته في الرجل.. هذه الهيبة الوقورة وتلك النظرات الهادئة التي تخفي تحتها نيراناً مشتعلة كانت تشعر بها دون ان تراها وهي تراقبه في كل حفلة تجمع بينهما .. كايل الذي لم يكن ينظر اليها حتى وهو يلقي التحية عليها وعلى والدها صديق السيد جوبيتر الحميم .. كايل الذي لم تجرؤ على ان تفكر للحظة انه سيكون يوماً لها .. ليس لشئ سوى لأحساسها بالنقص امام كماله .. لذا حين جاء والدها ذات يوم يخبرها ان عليها ان تفتدي نفسها في زواج مصلحة كما فعلت اختها لتستوفي شروط الصفقة العائلية ولأنها أميرته الصغيرة فقد منحها خيارين .. أما ان تتزوج كايل ميلر او ان تتزوج الكسندر نايتلي .. وبغض النظر عن ما يكونه الكسندر نايتلي فقد اختارت بكل تأكيد كايل ميلر وهي لا تصدق ان الحظ قد ابتسم لها بهذه الطريقة المدهشة .. وكأن القدر كان يخبأ لها مفاجاة تشابه بخطفها الانفاس مفاجأة اكتشاف ان سانتا كلاوز حقيقي .. الأيام التي سبقت مقابلتها لكايل بشكل شخصي بعد اتفاق الزواج كانت كالحلم .. فقد كانت تبني احلامها فوق جزيرة وردية اللون مفكرة بألف طريقة لكسب وده ولتحويل علاقتهما الى علاقة حب .. داخلها نمى ايمان مطلق واحمق بأنها تستطيع ان تحظى بحب كايل .. مع كل يوم يمر كان سقف احلامها يرتفع .. حتى جاء موعد اللقاء الذي دبره والدهما ليتعارفا بشكل افضل .. التقيا في مطعم فندق فخم .. لم تعتد يوماً على فخامة الاماكن التي ولدت وهي ترتادها .. لكنها تعلمت كلما ازدادت الاماكن فخامة كلما ازدادت برودة .. وهي وان بدت ذات ملامح باردة تحمل في دمائها نيراناً متقدة .. وفكراً متوهجاً .. جاهدت يومها لتكون جميلة .. ارتدت فستاناً بلون ازرق انيق يصل الى ركبتها له حزام ابيض من الساتان يبرز نحول خصرها وعلى فتحة الرقبة الواسعه قليلاً انتشرت ورود بيضاء ناعمة.. وتركت شعرها حراً ليهبط ثقيلاً متجاوزا ظهرها بمراحل .. كان شعرها حالة غريبة في مجتمعها .. فهو طويل اكثر من اللازم وهو أمر غير معتاد في اوساط تصفف النساء فيها شعرهن عند افضل الصالونات ويتفنن في قصه بطريقة عصرية .. لكنها ابدا لم تمس شعرها منذ طفولتها ذلك ان امها كانت تخبرها دوماً ان لها شعر يشبه شعر الاميرة ريبونزل مع انها تحمل اسم الأميرة النائمة ولذلك لم تلمسه ابداً فهي تريده ان يبقى طويلاً حتى اذا ما طالعته كل يوم تذكرت عيني والدتها الفخورتين بجمال شعر ابنتها الذهبي.. ولتكتمل صورتها ارتدت حذائاً بكعب عالي.. ورغم انها تكره الاحذية ذات الكعب العالي لكنها اكثر ماترتديه لتتناسب مع وضعها الاجتماعي كأبنة مارك ستيفنسون.. ووضعت رشة من عطرها المفضل "ذا ونّ" وانطلقت ترتجف الى موعدها .. كان كايل هناك.. اتجهت عيناها صوبه دون ان تسأل عنه الموظف الواقف ليفتح باب المطعم لكل مرتاد.. روحها انجذبت الى حضوره الذي بدا كأنه يحجّم حضور اي شخص او شئ في المكان .. كان هناك جالساً غير منتبه اليها .. يرتدي بذلة رسمية رمادية داكنة اللون مع قميص رمادي باهت وربطة عنق تتناسب تماماً مع بذلته .. لطالما كان انيقاً بشكل كلاسيكي .. اناقة مهيبة .. هذه الأناقة الباردة المهذبة.. شعره الأشقر الغامق مصفف بطريقة كلاسيكة قديمة وعيناه الزرقاوين الضيقتين لكن الحادتين لا تنظران اليها بل الى هاتفه الذكي لكنها تستطيع ان تستحضر جمال زرقتهما الغامقة في اطار رموشه الشقراء وحاجبيه الحادين كأنهما يعطيان انطباعاً عن صاحبهما الحاد والمستقيم دائماً.. اخذت نفساً عميقاً وهي تتقدم نحوه بينما نهض حالما لمحها قادمة.. كان قلبها يتخبط يمنة ويسرة ودعت ان لا يبدو على وجهها او مشيتها اي شئ يشير من قريب او بعيد الى ذلك التخبط الفوضوي الذي يعتريها .. "تشجعي يا فتاة" خاطبت نفسها امرة مستنكرة هذا الارتجاف الذي يكاد يطيح بعقلها والذي يحرضها لتهرب.. لكن كيف تهرب ؟ وهي التي كانت اقصى احلامها ان ينظر اليها كايل يوماً فيراها لا ان ينظر خلالها الى نقطة ليست تنتمي لها .. كيف تهرب؟ وهي للان لا تصدق ان هذا الرجل النابض جمالاً انيقاً ورزانة مبهرة سيكون زوجها بعد فترة .. سحبت نفساً آخر وهي تتضرع ان لا تبدو الان وكانها مراهقة صغيرة لا تعرف كيف تتصرف ..وصلت اليه .. تواجها اخيراً .. رأته يعبس قليلاً لتعود بعد ذلك قسمات وجهه خالية من اي تعبير سوى الدماثة وهو يمد له يده مصافحاً .. بينما كانت يده قوية وصارمة كانت يدها ترتجف ارتباكاً .. يا الهي ما اصلب كفه .. كف حازمة كصاحبها .. كف جعلت كيانها يهتز أكثر .. انهى المصافحة بسرعة وهو يسحب لها الكرسي المقابل له لتجلس.. ولأن شعرها كان حراً فقد جمعته بيدها فوق صدرها ثم رمته الى الخلف في حركة اعتادت عليها فأرتمت الكتلة الشقراء على ظهر المقعد .. وحين جلس امامها رأت ذات العبوس على وجهه مما جعل قلبها يخفق بتوقع سئ .. لم يكن هذا ما تمنت ان تراه .. لقد حلمت بترحيب اكثر وداً .. صحيح انهما يتزوجان زواج مصلحة الا ان هذا لا يعني ان على علاقتهما ان تكون باردة هكذا .. اليس من المفترض ان يكون اكثر ودية؟ أم ان هذا امر طبيعي .. هل اختبرت اختها شيئاً كهذا وقت ان جلست جلستها هذه قبل سنتين حين كانت تتزوج بالثري الصناعي جون أوثر؟! .. بدأ هو الحديث بشكل رسمي : كيف حالك انسة أرورا؟
انسة أرورا! .. كم يبدو اسمها جافاً كإسم معلمة عانس وهو ينطق به ! ... اجابته بصوت حاولت ان يبدو حيادياً بقدر الإمكان : بخير شكراً لك
صمت .. عدّت أرورا في نفسها .. "واحد. اثنان. ثلاثة. أربعة. خمــ" قطع عدّها وهو يمسك بلائحة الطعام ويسألها بذات الصوت الرسمي: ماذا تحبين ان تأكلي على العشاء؟
اخفضت بصرها بسرعة تداري خيبتها عن عينيه الباردتين .. ما ابرد عينيه !! .. لم يكن هذا ما توقعته ابداً .. لكن ماذا كانت تتوقع؟ ليس لأنها تحبه منذ سنوات بشكل غبي وبائس فهذا يعني ان لها عليه نوع من الأحقية بمعاملة ودية .. لكن بحق السماء هل يعامل اصحابه هكذا؟ الا يمكنه ان يعتبرها ولو صديقة فيخاطبها بألفة أكثر؟...
وقبل ان يتسنى لها ان الاجابه .. اشار للنادل وهو يملي عليه الطلبات .. فغرت فمها بدهشة واتسعت عيناها بإستنكار .. لم ينتظرها ان تختار .. لقد قرر بنفسه ماذا تأكل .. اي قلة ذوق هذه.. هل هذا كايل الذي رسمت صورته المثالية في عقلها .. تصاعد حنقها لكنها كببته دون ان تستطيع منع نفسها من التعليق: ربما كان عليك سؤالي ما اذا كنت احب ما طلبته..
سلم اللائحة للنادل الشاب واشار له بطريقة استعلائية فأنصرف واجابها : لقد سألتكِ ماذا تحبين ان تطلبي لكن يبدو انه كان سؤالاً صعباً إذ انكِ استغرقت دقيقة كاملة في التفكير دون ان تفتحي اللائحة حتى .. فتوليت مهمة الاختيار حتى لا يطول الأمر..
هل عنى بـ "الأمر" لقائهما! ... هل هو متحرق الى هذه الدرجة لإنهاءه .. يا خيبة املكِ يا أرورا.. ويا لتعاسة حظك ..
لم تعلق .. لم تكن تستطع حتى وان ارادت كل ما فعلته انها هزت رأسها دون معنى واضح ..بينما دوى صوت هاتفه معلناً عن مكالمة .. رفع الهاتف الى اذنه بعد ان ضغط زر الأجابة واندهشت وهي ترى ملامحه الباردة تبتسم بدفئ وهو يقول : ماذا تريد مايا حبيبة عمها؟
نظرت اليه مبهورة .. لتلك الحرارة التي زحفت الى صوته البارد الذي كان يندف ثلجاً فوق روحها المتيبسة منذ لحظات .. دون ارادة حسدت ابنة اخيه مايا لأنها تتلقى منه كل هذا الدفئ بينما هي تكاد تتجمد من برودة لقائهما ولم يمضي عليه سوى عشر دقائق ..
كانت تعرف ان عائلة جوبيتر ميلر لها حفيدين فقط من الأخ الأصغر جوزيف المتزوج من فتاة عراقية .. القصة التي لطالما ادهشتها .. ليس فقط لأن جوزيف ميلر قد تزوج وهو في العراق وعاد من الحرب محملاً بزوجة ولكن لأنها كلما رأتهما في حفلة كان يبدو ان ولعهما ببعضهما يتزايد لا ينقص .. كانت تقضي معظم الأوقات التي لا تراقب فيها كايل .. في مراقبة اخوه وزوجته .. ملاحظة ذلك المجال العِشقي الذي يغلفهما فيفصلهما عن العالم كلما نظرا لبعضهما .. أنجل ميلر كانت تثير فضولها بشكل كبير .. لا تعلم لماذا! .. ربما لكونها عربية او لكونها تتمتع بعينين واسعتين بلون بني غريب وحاجبين تحسدها عليهما .. او ربما لأنها كانت تحمل هالة من الضعف الذي لا يزيدها الا قوة .. لا زالت تذكر المرة التي رأت فيها توأمهما معهما للمرة الأولى قبل سنة .. بينما جوزيف ميلر كان يحمل طفله فوق كتفيه كانت انجل تحاول ان تظفر شعر ابنتها وهي تضحك لشئ ما يقوله زوجها .. وقفت مبهورة بهما .. الوضع لم يكن غريباً او شاذاً .. انه مشهد مكرر لكثير من العوائل .. لكن ذلك الجو النابض من السعادة حولهم هو ما بهرها .. كانوا اربعة سعادات على هيئة شخوص .. وبفضول لم تستطع مقاومته قادتها قدماها الى حيث تجتمع العائلة .. التقطت صوت انجل يتحدث بأنكليزية متقنة تتخلله بضع كلمات لم تفهمها : قولي لبابا ان يجدلّها لكِ "بزونتي" .. انه ماهر في تجديل الظفائر كان يجدّل ظفائر "خالة" تينا دائماً ..
شاهدت كيف انزل جوزيف ابنه برفق وهو يشير لأبنته :تعالي "بازونتي" والدكِ استاذ تجدّيل..
اعترضت انجل: "بزونة" .. وليس "بازونة" لا تلوث لغة الطفلة حبيبي
غمزها بمرح : سوف تكون "كوليش زينا" بالعربي
امسكت انجل يد ابنها تنحني اليها تقبلها وهي تجيب زوجها بحنق: واصل هيا واصل اطربنا بعربيتك المتقنة .. ادم حبيبي مايا حبيبتي .. كلما تحدث والدكما كلمة عربية قولا له "إخرس" !
ضحكت أرورا رغماً عنها ثم حولت ضحكتها الى سعلة حتى لا يُقبض عليها متلبسة بإستراق السمع على عائلة جوزيف ميلر .. انجل لها حس فكاهي .. عبس زوجها مدعياً الضيق: انتي تحرضين أولادي عليّ ..
رفعت انجل حاجبها : أحرضهم عليك بدل ان تحرضهم على لغتي يا رجل ..
ابتسم جوزيف بمداعبة : لا أذكر أنكِ كنتي تعترضين على لغتي البارحة ليلاً، في غرفتنا ، فـ..
قاطعته انجل مرتعبة: اخرس
رفع ابنهما وجهه الصغير الى امه وهو يقول: لماذا تقولين له "اخرس" ماما .. بابا لم ينطق كلمة عربية خاطئة ..
عندها انفجر يوسف ضاحكاً .. بينما ابتعدت هي محمرة خجلا بسبب اخر مقطع من حوارهما وهي تشعر بالخزي لأنها وقفت تسترق السمع على خصوصيات العائلة .. آخر ما التقطه جواب انجل لأبنهما : ماما تقول لبابا ما تريد حبيبي .. هذه قاعدة عامة ..
انهى كايل اتصاله وعادت هي من ذكرياتها السريعة عن عائلته .. وضع الهاتف بحركة انيقة على الطاولة .. وقبل انطفاء ضوء الشاشة لمحت ظلاً لوجه انثوي .. ومنعت نفسها بالقوة ان تستطيل بعنقها لتنظر جيداً .. والشاشة اللعينة لم تكن في صفها ابداً اذ انطفأت من فورها .. ترى من تكون ؟ لربما هي صورة عادية لممثلة او شخصية مشهورة .. لكن لا يبدو كايل من النوع الذي يضع هكذا صور .. قطبت قليلاً .. اذن من هي؟
استلها من افكارها حين سألها : لم أعرف عمركِ آنسة أرورا؟
هذه المرة منعت الدهشة بإرادة حديدة من الظهور على وجهها .. الا يعرف عمرها!!.. كيف سيتزوجها اذن؟ ماذا ان كانت اكبر منه مثلاً .. "اوه كفي عن الحماقات تبدين اصغر منه هذا واضح.."
اجابت بهدوء :ست وعشرون
هز رأسه : فهمت انكِ تعملين مع والدكِ .. فما هو عملك بالضبط؟
التمعت عيناها بفخر دون ان تستطيع منع ذلك وهي تجيب : مديرة قسم مشاريع الإعمار .. كان كل حرف ينضح بالفخر ليس لشئ بل لأنها عملت بجهد لتنال شهادتها وبجهد مضاعف لتثبت نفسها حتى تسلقت دون مساعدة والدها سلم الترقيات بقدراتها فقط .. ذلك ان والدها كان عصامياً يرفض ان يعطي ابنته اي نوع من الأفضلية وما كانت هي لترضى بذلك حتى لو لم يكن
-إذن أنتِ مهندسة؟
شعرت بالضيق .. كأنها في مقابلة عمل .. هزت رأسها بـ نعم .. بينما علق "جيد".. وعم الصمت .. تسائلت داخلها مرة اخرى ان كان هذا ما حصل مع اختها قبل سنتين .. ان كانت قد تلقت ذات الاسئلة التقييمية الباردة او ان كانت قد شعرت بما تشعر به هي من خواء وخيبة امل .. خمنت ان الوضع مع اختها كان مختلفاً قليلاً فجون اوثر لم يكن حب حياة بيلا مثلما هو حالها مع كايل .. اكتشفت ان مع كل اجابة كانت تجيبه بها ان حلماً من احلامها يتحطم .. ماذا كانت تتوقع هي البلهاء الغبية ؟ ان يحبها منذ اللحظة الأولى مثلا او ان يكشف لها انها كانت دوماً حب حياته كما كان هو .. متى ستتوقف عن التفكير العاطفي الغبي الذي دائما ما تتبناه خارج عملها؟ ما كان عليها ان تحلم .. عليها ان تعرف أن الاحلام للمراهقات كما كان يكرر والدها دائماً .. وصل العشاء .. نظرت الى طبقها .. مأكولات بحرية !.. هي لا تحب المؤكلات البحرية ولا تأكلها من الأساس .. نظرت اليه بصمت والحنق داخلها يتزايد .. ابقت يديها في حجرها متشابكتين معاً تقبض احداهما على الأخرى بقوة .. تنظر الى صحنها دون ان تمسه بينما هو رفع سكينه وشوكته وبدأ بالأكل بهدوء انيق .. ولم تستطع الا ان تشعر بجانب حنقها بإنبهار طفولي غبي نحو شكله وهو يتناول طعامه .. ترى هل يتناول طعامه دائما بهذه الأناقة أم انه يعتمد اناقته هذه في الخارج فقط.. في تلك اللحظة رفع عينيه اليها فأخفضت عينيها بسرعة ولكن ليس قبل ان تشعر بنظرته التي انتقلت منها الى الصحن الذي لم يُمس.. سألها :ألن تأكلي آنسة أرورا؟
هفففف ها هي تشعر انها عانس من جديد .. لم تستطع كبح حنقها وهي تجيب بهدوء مميت : ربما كان عليكَ أن تخبرني أولا بالطبق الذي أخترته لي حينها كنت سأقول لك بأنني لا أتناول المأكولات البحرية على الإطلاق ..
بدا الاحراج على وجهه .. الغريب ان حرجه جعله اوسم اضعاف المرات مما جعل قلبها يخفق بجنون كأنه سيقفز من مكانه .. "سادعني يارب لأهدأ .. لا تفضح امر تأثري يا رب" .. تضرعت بصمت بينما قال معتذرا غافلا عما يعتمل صدرها :أعتذر جداً آنسة أرورا .. لم أكن أعرف .. سأطلب لك طبقاً آخر .. ماذا تحبين ان تأكلي؟.. قال عبارته الاخيرة وهو يشير الى النادل ...
هل سيتكرم بمنحها حق الاختيار هذه المرة ام سيغدق عليها كرم خياراته العظيمة .. حين جاء النادل .. نظر اليها بإستفهام لتملي عليه ما تريد .. للحظة نسيت النطق .. لقد كان ينظر اليها اخيراً .. ليس كما ارادت حتماً .. لكن على الأقل ينظر فيراها .. هي أرورا ستيفنسون .. صارت مرئية لكايل ميلر ..
نبهها مستفهما :أنسة أرورا؟
"قلها مرة اخرى وسأرمي طبق المأكولات البحرية المثير لغثياني فوق شعرك الاشقر الانيق"!
اجلت حنجرتها ونظرت الى النادل وابتسمت بلطف : اعتذر نيابة عن السيد لم يعرف اني لا اتناول مأكولات البحر .. هل يمكنني ان احظى بفنجان قهوة مع قطعة كيك بالشوكولا البلجيكية؟
ابتسم لها النادل وهو يمد يده رافعاً الصحن وهو يقول بمودة: بالطبع سيدتي .. انصرف النادل بعدها وعادت تنظر اليه فوجدته يحدق بها بوجوم .. ثم انجلى الوجوم كأنه لم يكن الا من صنع خيالها
-لماذا لم تطلبي عشائاً ؟
ابتسمت شبه ابتسامة : قطعة الكيك تحتوي على سعرات حرارية تكفي لتكون غدائاً وعشاءاً
-اها.. قالها بطريقة بدت غير راضية .. وتسائلت ما بال هذا الرجل ! ..
بعد أن انهيا وجبة العشاء التي لم تشعر بطعمها حتى وبينما هما يتناولان فنجان قهوة رأته يعتدل في جلسته قائلا: أحب أن أكون صريحاً معك انسة أرورا .. لأنني أجد من الظلم ان تواصلي هذا المشروع دون دراية بما سأقوله لك الآن
"المشروع"؟! هل هذا ما يراها عليه؟ مجرد مشروع! .. ابتلعت غصة الوجع هي تقول بخفوت "تفضل"..
عندها قال ما جعل سقف احلامها المرتفع ذاك يتهدم فوق رأسها حجراً حجراً.. شبك اصابع يديه في بعضهما وهو يضعهما امامه على الطاولة بأناقة وقال بعملية وكأنه يسرد اخبار نشرة التاسعة : أنظري انسة أرورا.. ان زواجنا زواج مصلحة .. لم ارد ان اكسر كلمة والدي ولن استطيع ولا اظنك قادرة على فعل ذلك مع والدك.. لذا نحن عالقان في هذا الزواج لا محالة .. ولكن عليكِ أن تعلمي منذ الان ان علاقتي بكِ لن تتعدى الشكليات .. وأن قلبي ملك أمرأة اخرى .. وهذا امر ثابت وابدي
لم تعرف كيف نهضت ارورا عن الكرسي معتذرة بغصة حاولت قدر الامكان ان تبتلعها وهي تستأذن لتذهب لإستراحة السيدات .. وما ان دخلتها حتى شهقت باكية، كلماته ترن في أذنها كأن لا صوت آخر في هذا الكون سوى صوته وهو يقول " قلبي ملك أمرأة اخرى .. وهذا امر ثابت وابدي"... استندت الى حافة المغاسل الانيقة .. وضعت يدها على قلبها تحاول ان تهدأ نبضاته وتخفف من الألم الذي يضربه.. انحنت قليلاً للأمام بحركة متألمة ودموعها لا تتوقف عن النزول محرقة بشرة وجهها واحلامها معاً.. ماذا عليها ان تفعل؟ ماذا؟ .. دون تردد امسكت هاتفها الذي كانت تعتصره دون ان تشعر واتصلت بأختها وحالما سمعت صوت اختها الرقيق قادم من الطرف الاخر حتى ازدادت وتيرة دموعها وهي تقول بلوعة "أنه يحب أمرأة اخرى بيلا.. قولي لي ماذا أفعل؟"
بعد ربع ساعة كانت تخطو خارجة من الحمام وجهها خالي من الدموع والتعبير.. تمشي نحوه بثقة وثبات.. لقد ذكرتها بيلا بالسبب الوحيد الذي يجعلها تواصل مثل هذا الزواج.. هي لن تتزوج الكسندر نايتلي ابداً.. ولهذا فعليها ان تتزوج من كايل ميلر.. حتى إن كانت تحبه بهذا القدر.. حتى وإن كان يحب إمرأة اخرى بهذا القدر.. إنه الحل الوحيد لتستعيد والدتها ! ..
جلست أمامه، تنظر اليها كأنها تراه لأول مرة.. ربما لأنها تنظر اليه الآن بعين امرأة تحطم قلبها على يد الرجل الذي كان يمسك لسنوات طويلة ذلك القلب دون ان يعلم.. لا تعلم هل تكرهه لأنه صدق معها ام تزداد حباً له.. في كلا الحالتين هذا الزواج ماضٍ .. لا رجعة لها منه .. انه الشرط الأخير في معاهدة عودة والدتها .. وقد اجاد والدها العملي اختيار شروطه !
اجلت حنجرتها: سيد ميلر .. اعتذر لتأخري.. ان الزواج قائم.. شكراً لك على صراحتك.. لربما نترك الترتيبات لوالدينا.. (تناولت حقيبتها دون ان تترك له مجالاً للرد ونهضت) اتمنى لك ليلة سعيدة..
سمعت صوته من خلفها ينادي "آنسة أرورا"... وهاجمتها رغبة قوية في ان تستدير عائدة لتوجه قبضتها الى وجهه الوسيم ليكف عن قول اسمها بتلك الطريقة الباردة.. لكنها وكما اعتادت دوماً كبتت رغبتها وواصلت طريقها نحو الخارج..
اللقاءات التي تمت بعد ذلك.. كانت كلها في محيط العائلة ولترتيب زواجهما المرتقب.. منذ اللحظة التي خرجت فيها أرورا من بوابة المطعم شعرت بجليد بارد وقاسي يغلف قلبها.. كمن أراد ان يوقف مرضاً ما لا علاج له يسري في اوصاله ويضمن لنفسه ان يعيش فجمّد جسده كي لا يموت.. في الايام التالية كان الجليد يتزايد حول قلبها .. كلما قابلت كايل وتذكرت جملته " قلبي ملك أمرأة اخرى .. وهذا امر ثابت وابدي" كان ألم ساحق يضرب ذلك الجليد ليفتته.. لكنها تعود فتبنيه.. عليها ان تعيش.. عليها ان تتزوج كايل.. عليها ان تستعيد والدتها..
استفاقت أرورا من أفكارها المعتمة.. على صوت اختها: "تبدين مبهرة"
تمتمت بتعاسة "بل باهتة ومكسورة القلب"!!
**
عدّل كايل وضع ربطة عنقة.. واستل سيجارة اخرى يدخنها.. سمع من خلفه صوت جوزيف "انها الثالثة على التوالي" .. لم يلتفت كايل لإشارة اخيه المبطنة عن توتره.. كان فكره منحصراً ب"تارا".. حبيبته المتوقدة، حبيبته المشتعلة التي كان منذ اسبوع فقط ينعم بدفئ احضانها الحارة.. تارا التي تسكن العواصف زرقة عينيها فتزيده نفوراً من عيني خطيبته الباردة الزرقة مثل شتاء طويل وقاسي..تارا المرحة الصاخبة التي لا تلقي بالاً للدنيا ولا يهمها شئ.. مدللة ومتدللة.. مغناجة ومتغنجة.. تارا التي قابلت خبر زواجه مثل أمرأة تتوقع ما سيحصل .. ثم قالت ببساطة "قد تحمل لقب زوجتك، لكنها لن تحمل قلبك.. لأنني سبقتها وسرقته" ثم عانقته بقوة تناسب طبيعتها العاصفة.. ولم يتحدثا في امر زواجه بعد ذلك.. كلاهما كان يعلم ان زواجه لن يغير شيئاً من علاقتهما.. هي ستظل المرأة التي يحب مهما حصل.. وهو سيبقى الرجل الذي تحب مهما حصل.. لكنه مع ذلك يشعر بالضيق الشديد.. هو لا يريد ارورا.. ولا يريد ان يتزوج.. لكن عليه ان يحقق احلام والده واحلامه في توسيع امبراطورية ملير.. لقد عمل بجهد لأجل ذلك.. ولن يتوقف أبداً عن الحلم بتحقيق نجاح اكبر.. وعقد تحالفات تضمن مستقبل "مليرز امباير" حتى وان كانت عن طريق الزواج بإمرأة لا يحبها.. انحرفت افكاره نحو أرورا.. تذكر المرة الأولى التي رآها فيها حقاً في لقائهما الأول.. هذا لا يعني انه لم يرها من قبل، على العكس من ذلك لقد كانت موجودة في كل حفل فخم يحضره.. لكنه لم يلتفت اليها.. لم يجد فيها شيئاً واحداً يلفت انتباهه.. كانت مجرد ظلٍ اشقر بجانب والدها مارك ستيفنسون.. لذا كان دوما ما يصب اهتمامه نحو والدها لأنه الرجل الذي يتحكم بأكبر مجموعة شركات بعد "ميلرز امباير".. كانت تمشي بإتجاهه بثوبها الأزرق البسيط.. كأنه ثوب مراهقة تخرج في موعدها الأول.. مظهرها اشعل فيه الحنين بشدة لمظهر تارا الأنيق والمثير دوماً .. كان شعرها يتهادى حولها.. انها المرة الأولى التي يلحظ فيها طول شعرها .. بدا وكأنه يمتد الى ما لا نهاية حتى ركبتيها.. كان اطول من فستانها نفسه!!.. حين جلست على القعد والقت بعفوية شعرها الى الخلف فضرب عضلات معدته.. عبقت من خصلاته رائحة زهور مختلطة ببعضها.. مما جعله يعبس .. رائحة مميزة وحلوة.. لكنها لا تشبه ابداً رائحة الليمون في شعر تارا القصير الذي كان يتطاير حول وجهها بفتنة كلما التفتت.. عندما جلس قبالتها لاحظ وجهها الخالي من الزينة!.. أي أمرأة تأتي الى موعد كهذا دون زينة وبملابس مراهقين كهذهِ!!.. الا تحاول ولو قليلاً جذب اهتمام الرجل الذي سوف تتزوجه حتى وان كان هذا زواج مصلحة؟ كانت باردة وعملية .. والحماس الوحيد الذي انتابها هو حين تحدثت عن عملها.. لكم يكره النساء العمليات.. لماذا لا تصير كل النساء مثل أنجل.. يعملن بقدرة عالية لكنهن لا يفقدن احساسهن العالي.. ويرمين العمل وراء ظهورهن ما ان يطأن خارج مبنى عملهن ... المرة الوحيدة التي بدت تلك المرأة جميلة هي لحظة ابتسمت الى النادل.. كانت ابتسامة لا يستطيع حتى هو الرجل العاشق ان ينفي جمالها.. كأن عصافير ملونة طارت في سماء وجهها.. هل الابتسامة الجميلة سبب كافي ليجعل رجلاً ما يتزوج امرأة ما مع ذكر حقيقة ان ذاك الرجل عاشق لإمرأة اخرى؟!!.. اجاب كايل نفسه "نعم.. حين يتدخل مستقبل ميلرز امباير في هذا الزواج"!...
**
كان وليد يقف في زاوية بعيدة من حفل الأستقبال الضخم الذي تقيمه عائلة ميلر بمناسبة زواج ابنها الأكبر كايل.. هذا هو أول ظهور له بعد خبر طلاقه الذي تصدر الصحف في الاسابيع القليلة الماضية.. الصحف كتبت عن الاسباب المختلفة التي تكمن خلف هذا الانفصال السريع لكنه اكتفى بتغريدة على التويتر "لقد وجدنا أننا مناسبين كصديقين أكثر من زوجين.. هذا لا يعني ان أحدنا مخطئ.. أنه فقط اختلاف شخصيات".. تصلبت اصابعه على الكأس الذي كان يحمله.. لقد كان تصريحاً يشبه التوضيح الذي قدمه لوالدته المفجوعة بطلاق ابنها خصوصاً انها كانت تعلم كم كان تسير علاقة الإثنين بشكل جيد.. لكنه لم يستطع ان يقدم اي تفسير منطقي آخر.. لم يستطع ان يكسر قلب والدته بالحقيقة التي عرفها.. والأكثر من ذلك لم يستطع ان يشوه صورة نور او زنبق او اياً كان إسمها.. جزء منه ما يزال يشعر بالذنب على الضرب الذي تلقته منه والأكثر على العرض الرخيص الذي لا يليق بمكانته الذي قدمه لها.. من بعيد لمح صخر.. كان قد التقى به بعد دقائق من وصوله .. فتجنبه وليد بشكل واضح .. بينما ابتعد صخر فاهماً رسالة وليد بعدم الإقتراب...
كان يلتفت نحو نقطة ما حين لمحها تتسلل من بين الجموع.. ترتدي فستاناً بلون بيج من الدانتيل الطويل المخرم بطبقة داخليه من ذات اللون تغطي التخريمات الجميلة في ثوبها الطويل الذيل.. فتحة العنق مثلثة تبرز الكثير من صدرها وظهرها.. بينما تسحب شعرها الى الخلف بتسريحة كعكة منخفضة .. كان تبدو.. تبدو.. رمش وليد "فاتنة" .. شفتاها انفرجتا عن ابتسامة واومأت برأسها محيية شخصاً ما .. ودون ان تنتبه اليه عبرت الى الباب الذي يقف هو بجانبه بالضبط !!.. لم يقاوم وليد فضوله .. مر نادل من جانبه فوضع كأسه الذي لم يرتشف قطرة منه على الصينية .. واستدار يواجه الباب الزجاجي.. لن ينسى أبداً فعلته المخزية مع هذه "القزمة" حين اختطفها.. نظرتها المرعوبة هاجمت احلامه اكثر من نور نفسها.. نور استحقت ما حصلت عليه منه اما "تين" فلم تستحق .. لأن لا دخل لها .. حسناً لربما اغاظته قليلاً .. لكن هذا لا يعني ان يتصرف معها بالطريقة التي فعل.. في الحقيقة نصيحتها له بأن يبتعد قليلاً ليفكر هي الشئ الوحيد الذي افاده واعاد اليه القليل من تعقله.. لقد فكر كثيراً في تلك الرحلة بعلاقته بنور.. بزواجهما وبما عرفه عنها.. لقد وجد في نور البراءة التي كان يفتقدها في مجتمع منفتح كالمجتمع الأمريكي.. لقد تقبل كل ما قالته له دون سؤال.. لقد احب روحها البيضاء وضعفها الظاهر وترددها المحبب.. لقد احب الفكرة التي خلقتها فيه نور عن الكائن النوراني الذي ظنها هي.. لكنه لم يفكر يوماً ان نور مجرد بشر .. تخطئ وتذنب ككل البشر.. لكن المشكلة ان ذنوبها لا تغتفر.. والأسوأ من ذلك انها لم تخبره ولو لمرة عن ماضيها لتترك له حق الإختيار.. لقد عاد من هذه الرحلة مقرراً ان يطلق نور رسمياً ويواصل حياته.. لقد انصت لكلام هذه الذهبية القصيرة القامة والتي ينظر اليها بفضول الآن عبر الزجاج وهي تتحدث عبر الهاتف.. ترى مع من تتحدث؟ فتح الباب وعبر سمع صوتها تقول "لا يمكنكِ ان تكوني جادة.. جيسي لا تفعلي بحق السماء" صمتت لثواني لتهتف بعدها "ألو ... ألو .. جيسي.. ألو.." ثم انزلت الهاتف وهي تنظر اليه بيأس..
تقدم خطوة وهو يقول: تين؟
التفتت من فورها.. عيناها مرعوبتان .. ووجهها الذهبي شاحب.. وهمست : وليد؟
خطى نحوها خطوة اخرى: ما الأمر تبدين شاحبة؟..
التفت حولها كمن يسترجع شيئاً ما ثم تقدمت نحوه بإندفاع تمسك بذراعه فتوترت عضلاته تحت يدها ثم قالت : عليك أن تساعدني.. علينا ان ننقذ جيسي
-حسناً .. سنفعل لكن قولي لي أولاً من ماذا سننقذها؟
-تريد ان تقتل نفسها لأن حبيبها الأحمق هجرها
هتف باستنكار: ماذا؟
تلك اللحظة التقت عيناهما خطفت انفاسه نظرتها المرتاعة.. لقد كانت قلقة وخائفة.. الرجل الشهم فيه هبّ .. تحرك بسرعة جاراً إياها من يدها متجهاً حيث ركن سيارته "هيا بنا"
في ظرف دقائق كانت تين توجهه نحو الطريق.. ساقها تطرق بقلق ووجهها ينضح خوفاً... تأثر بخوفها الصادق على حياة صديقتها .. كانت تردد بين حين وآخر "يارب لا تدعها ترتكب اي حماقة" ..
في غضون عشرين دقيقة كانا امام شقة صديقتها.. وكانت تين تطرق الباب برعب وتنادي "جيسي".. لحظات وفتحت لها المدعوة جيسي الباب.. وكانت تبدو بكامل صحتها وعافيها واشراقها... صاحت تين بقلق وهي تمسك بكتفي صديقتها "أنتِ بخير.. أنتِ بخير.."
ضحكت جيسي : اوه أجل انا بخير جداً .. ادخلي.. (ثم وجهت نظرها نحو وليد وسألت) من هذا الوسيم؟
رفعت تين عينيها الى السماء نافذة الصبر وخطت الى الداخل ويدها متعلقة بيده دون ان يشعر كلاهما.. كانت قد امسكت به دون أن تشعر كأنها تستمد منه القوة بينما يدها الاخرى كانت تطرق باب صديقتها.. نظر الى يديهما المشتبكتين في عناق حميم.. كفه احتوى كفها ذو الأظافر الجميلة الشكل القصيرة نوعاً ما ورجح ذلك لطبيعة عملها .. عبس قليلاً ثم أفلت يدها بشئ من الحدة.. فحانت منها التفاتة اليه لكنها لم تدم اذ ان انشغالها بوضع صديقتها أخذ حيز تفكيرها تماما.. تسائل وليد بحنق "ما الذي تفعله وليد الهاشم!.. لقد كنت للتو تمسك بيد هذه القزمة الذهبية بشدة .. وقلبك يخفق بإثارة.. هل نسيت يا وليد ما فعلته بكَ نور وهي العربية من لحمك ودمك؟ فما الذي قد تفعله امرأة مثل تينا ان تعلقت بها.. وهي تعيش في مجتمع منفتح وتدين بدين غير دينك؟" رغم كل هذا لم يتراجع وليد .. دخل الى بيت صديقتها ليطالعه وجه رجل طويل نحيف يبدو انه لم يأكل منذ دهر.. هتفت تينا "ما الذي يفعله هنا؟.. ما الأمر؟"
شرحت جيسي ببساطة: بعد مكالمتنا بدقائق طرق روني الباب.. لقد عاد الي.. قال انه لم يستطع ان يفعلها ويهجرني..
راقب الاحمرار الغاضب الذي زحف على خدها الذهبي مما ذكره بحنقها منه يوم رقد في المستشفى دون ارادته .. تمايلت قليلاً .. فتحرك جسده قبل عقله.. كان الاسرع اليها اسندها وهو يقول بقلق" تين؟"
استندت اليه بضعف تتشبث بذراعه التي تشنجت مرة ثانية تحت وقع يدها : أنا بخير.. لقد كنت خائفة حتى الموت
ثم فجأة ثارت ثائرة القزمة الصغيرة فإعتدلت وتلفتت حولها.. وتلقفت الشئ الأقرب الذي استطاعت ان تصل اليه وهو وسادة مرمية بإهمال على الاريكة القريبة.. تناولتها ورمت بها صديقتها بغيظ وهي تصيح: ايتها الحمقاء العديمة العقل.. لقد تركت عرس أخي لألحق بكِ.. أما كفاني نوبة كآبتك وامتناعكِ عن الحضور.. وانت (تقدمت نحو الرجل النحيف الذي بدى في حالة تأهب.. وصفعته بكل ما اوتيت من قوة) اياك ان تكسر قلبها ثانية والا كسرت رقبتك
اتسعت عينا وليد.. هذه القزمة المحاربة لقد صفعت لتوها رجلا يفوقها الضعف طولاً.. وسط شهقة جيسي ومفاجأة حبيبها.. ودون أن تلقى بالاً للمشهد العاصف الذي كانت هي بطلته .. امسكت بطرف فستانها ترفعه قليلاً ليسهل مشيها.. ونظرت اليه بعينيها البحرية.. وقالت بهدوء: هيا بنا ويل.. (ثم وجهت الحديث لصديقتها وحبيبها) أمامكما ساعة لتحضرا زفاف أخي..
ورفعت رأسها بغرور .. ومشت الى جانبه حتى غادرا..
حين صعدا السيارة علق اخيراً: لقد كان عرضاً رائعاً..
في تلك اللحظة ودون اي مقدمات انفجرت تينا باكية.. استدار جسده كلياً نحوها وهو جالس في المقعد المجاور لها.. وقال بقلق: تين.. تين ما الامر
كانت تمسح دموعها باصابع مرتعشة وهي تهمس بتقطع : انا .. انا .. اسفة.. لقد خفت.. خفت كثيراً..
شهقت تتنفس محاولة ايقاف دموعها.. حنان غامر لا حد له اعتراه نحو هذه المخلوقة الحساسة والعاطفية.. لقد كانت مرعوبة على مصير صديقتها الحمقاء.. هل تحيط كل من حولها بهذا الاهتمام الغريب !... تذكر كيف دافعت عن نور.. كيف شجعته ان لا ينتقم.. تذكر كيف دافعت عن اخيها جوزيف امام اتهامه.. وكيف وقفت ضده لتحمي زوجة اخيها من مواجهته العاصفة.. كل تلك المواقف منحته صورة واضحة عن الاهتمام العالي الذي توليه تين لكل من حولها.. في تلك اللحظة لم يأخذها بين ذراعيه كما سولت له نفسه .. ليس لأنه لم يرد ذلك اكثر من اي شئ اخر بل لأنه اراد ذلك !... انه رجل محطم ومطعون بالخيانة.. خارج من تجربة نزعت عنه ثقته بكل شئ .. هزت كل المسلّمات في حياته.. وتينا قد تكون أمرأة رقيقة وجميلة القلب.. لكنها أبنه هذا المجتمع .. وكل ما يعتبره انفتاحاً فاضحاً تعتبره هي شئ عادي .. وطبيعته الشرقية ودماؤه الحارة لا تستطيع ان تتعامل بحيادية مع ذلك.. لذا من الأفضل ان يبتعد عنها.. عليه ان يفعل... ورغم ذلك.. رغم انه ظل يردد هذا الكلام المنطقي على مسامع نفسه وهو يشاهد بكاؤها الذي بدأ يتراجع لم يستطع منع نفسه من معانقتها بعينيه.. يا الله.. لقد احتوى جسدها الصغير بعينيه.. ثم اسبل جفنيه كأنه يشدد العناق حول جسدها.. بعد لحظات هدأ انفجارها.. وراقبها تمسح دموعها بمنديل انيق اخرجته من حقيبتها الذهبية الصغيرة.. اغمضت عينيها واخذت نفساً عميقاً شاركها فيه لعل عواصفه الداخليه تهدأ..
همست بصوت مبحوح من اثر البكاء: أعتذر عن هذا المشهد الدرامي..
ابتسم: لقد تجاوزتي مرحلة سماء ..
سألت بفضول: من هي سماء؟
-ابنة عمي وخطيبتي السابقة.. انها ملكة الدراما العالمية
اتسعت عيناها فضولاً فبدى البحر فيهما صافي جداً وحلو جداً ومغري جداً لكنها لم تعلق بل كررت اسفها : اعتذر لأنني جررتك خلفي لأجل موضوع ظهر بأنه تافه .. هل يمكننا ان نعود؟
شغل محرك السيارة واجاب: لم تكن بالحفلة الرائعة.. (ثم استدرك) اوه اسف لم اقصد .. اعني انها جميلة لكن..
قاطعته: أعلم .. أعلم.. هل انت بخير الان؟
الإهتمام في صوتها اذاب دواخله: اكثر تعقلاً..
ابتسمت له: انظر الى الجميع لكن لا ترَ أحداً.. إنهم مجرد شخوص لا يثير وجودهم او تفكيرهم في حياتك أي تغيير.. انظر اليهم ولا ترَ سوى نفسك.. أنت ما زلت حياً.. ما زلت تملك عائلتك وعملك .. وهيبتك.. انظر اليهم ولا ترَ سوى قوة الحقيقة لديك امام ضعف الاحتمالات لديهم.. وحدك تعلم أنك لم تخطأ..
تقلصت اصابعه على مقود السيارة، ها هي تفعلها من جديد.. تمر فوق جراحه بكلماتها الهادئة .. تضمد اوجاعه بإهتمامها الصادق، تشاركه سره الذي يقض مضجعه وتعرف تماماً كيف تخفف فجيعته..
همس: لقد ظننتكِ في صفها!
اجابت بصدق: أنا بصفها ويل.. انا بصفها تماماً.. لأنني استطيع أن أراها بعين الحيادية.. وأستطيع أن اعرف انها لم تكن بالبشاعة التي تتصورها.. ابداً لم تكن.. لكنني أعلم كذلك ما تشعر به.. ليس تماماً.. لكنني اضع نفسي مكانك واحاول ان اقيم الأمر من وجهة نظرك.. وبناءا على الحقيقة التي تعتقدها.. فغضبك مبرر.. وحقدك مبرر.. لكن كم من اشياء بدت حقيقة جداً ثم انتهى بها الامر سراباً وكذباً
ادهشه فهمها العميق لموقفه.. ادهشه ان تدافع عن نور ولم تثر غضبه كما تثير والدته واخواته غضبه حين يتغنيّن بصفات نور الجميلة ويلقين اللوم عليه بشكل ما لانفصالهما السريع.. ومع هذا شعر بأنها قالت العبارة الأخيرة عن تجربة شخصية عميقة، وقدح في عقله اسم "مايسون" وتذكر حين قالت له "انه الرجل الذي اوهمني بالحب لينتقم من اخي وزوجته"... شعر بالضيق.. تينا لا تستحق ان تُخدع.. او ان تُستغل.. ورأى بنفسه مدى تأثير ماضيها مع الشخص المدعو مايسون على حياتها.. يوم فعل فعلته الحمقاء واختطفها وظلت تصرخ بفزع بإسم مايسون..
قال الشئ الوحيد الذي يفكر فيه تلك اللحظة: لا اظن أن أحداً استطاع ان يخفف عني هذا الاحساس الخانق الذي ينتابني سواكِ تين
ابتسمت له بود: نحن في الخدمة سيد ويل..
وصلا الى الحفلة اخيراً.. إستأذنت لتتفقد عائلتها وسير الأمور.. بينما وقف هو في ذات الزاوية البعيدة يحاول ان يقدم شرحاً منطقياً لنفسه عن تأثير الفتاة الذهبية عليه.. في تلك اللحظة بالذات جذبه شئ خفي ليرفع رأسه ناظراً نحو المدخل الرئيسي .. احساس بالمرارة، بالغضب، بالحنين ، بالحقد، بالألم تفاعل بسرعة وبقوة ليطفو فوق صفحة وجهه..
**
كان صخر يدور حول المكان مرتكزا على عكازه الثمين..ان الألم في ساقه هذا اليوم عظيم جداً .. يعلم أنه قد أرهق نفسه في التمرينات الرياضية التي يمارسها كي لا يفقد لياقته.. لكن هذه التمرينات كانت مفيدة لإخراج المشاعر المتناقضة التي تعتريه.. حانت التفاتة اخرى منه نحو المدخل الرئيسي.. سوف تأتي.. زنبق لا خيار اخر لديها سوى ان تأتي.. لقد ضمن أن يجردها من خياراتها يوم طرق بابها في نهاية الأسبوع السابق ثم تنحى جانباً بعيداً عن الفتحة السحرية.. كان يعلم انها في البيت بفضل السيدة ماري التي اخبرته بذلك.. لكنها لا تعلم انه يعلم ولذا فقد كان من الوارد ان لا تفتح له الباب.. بعد لحظات انفتح الباب لتظهر زنبق.. مرتدية ثوباً أبيضاً فضفاضاً لا شكل له.. لا تنتعل خفاً بل تكتفي بجوارب قطنية بيضاء كذلك وتحمل بيدها علبة نوتيلا تغرز في قعرها ملعقة بلاستيكية بيضاء.. ما زالت لا تحب تناول الشوكولا او الايس كريم الا بملعقة بلاستيكية.. هذه التفاصيل الصغيرة حولها هي اكثر ما عذبة طوال تلك السنوات الثلاث الفائتة.. كان شعرها يلتف على شكل كعكة فوضوية فوق رأسها .. لقد ذكرته بشدة بالفتاة التي احبها يوماً.. والتي كانت تفتح له باب بيتها دائما بمظهر فوضوي يشبه هذا المظهر.. تنهد دون صوت.. وتمزق شئ داخله وغلى الجزء الحاقد فيه غضباً بينما انسحبت الدماء من وجهها وهي تهمس "صخر".. رفع حاجبه: أعتذر ان خيبت ظنك.. هل كنتِ تنتظرين عشيقكِ؟..
يعلم ان سخريته ليست في محلها اذ وفقاً لما تقوله السيدة ماري لا احد يزور زنبق سوى سيدة حين وصفتها عرف انها انجل ميلر واحياناً زوجها معها..
ابتلعت غصة وارتجفت علبة النوتيلا في يدها: ماذا تريد؟
ازاحها عن طريقه ليدخل بأريحية تامة الى الشقة البيضاء اللون.. يذكر ان زنبق كانت تحب الألوان.. كان نادراً ما يراها ترتدي الأبيض.. حتى ان ارتدته فتحرص ان تضفي عليه قلائد ملونة او وشاحاً ملوناً .. هو يحفظ كل ما كانت ترتديه..ويعرف ما كانت تحب.. لذا فلا يستطيع ان يمنع نفسه من السؤال عن سبب كل البياض التي تحيط به نفسها.. رد على نفسه ساخراً "لتوازن سواد روحها القذرة"
-جئت لنبدأ بتصفية حسابنا..
كان قد ضمن لزنبق مكاناً في شركة "ايزي تكنولوجي" في قسم الأرشيف.. لكنها ستباشر عملها بعد عشرة ايام.. قبضته باتت تزداد احكاماً حول حياتها.. وما جاء به سيكون الضربة القاضية
-صخر.. ألم تكتفي؟...
نظر الى مظهرها البرئ.. وعادت اليه تلك الليلة قبل ثلاث سنوات.. وتذكر كيف كانت تجلس على طاولة واحدة مع رجل في عمر والدها.. بينما ينظر اليها الرجل بوقاحة وهي تغطي وجهها بالزينة الثقيلة وترتدي تلك الملابس الخليعة.. لا يا زنبق لن يخدعني مظهركِ البرئ هذا لأنني ولحسن الحظ رأيت وجهك الحقيقي.. لأنني ولحسن الحظ أيضاً.. ما عدت املك ذاك القلب الذي كنت تتحكمين يوماً بدقاته.. أنا قادم اليك محملاً بثلاث سنين وشهرين من العذاب والحقد والمرارة والإحساس بالغدر.. الفٌ ومئة وخمس وخمسون يوماً من العرج.. من التشرد في كل مكان.. من الموت البطئ.. قادم اليكِ زنبق من ماضينا الأسود.. أصفي حساباتي معكِ واحداً تلو الآخر.. إن لم استطع أن افعلها بأخذ جسدك الرخيص احتراماً لرجولتي.. فسأخذها بإحكام قيودي حول تفاصيل حياتك.. سآخذك الى جحيمي دون ان اضع إصبعاً واحداً على بشرتك الملوثة بلمسات عشرات الرجال وشفاهك المغتصبة من شفاه عابري السبيل اللذين يدفعون مالهم لقاء رخصك وقبحك..
مع كل كلمة كان يتحدث بها مع نفسه كانت ملامحه تزداد قسوة وصفحة وجهه تزداد قتامة ويتصلب جسده ويغلي دمه لذا حين فتح فمة ليجيب كان صوته مخيفاً كصوتٍ قادم من العالم السفلي: الآن بدأنا..
وضع ساقاً فوق أخرى: ستكونين لي زنبق..
تراجعت خطوة والذعر يعتلي ملامحها البريئة الكاذبة .. واصل: لا تظني أن بي حاجة لجسدك الرخيص.. رجولتي لا تسمح لي بأن ألمس بضاعة مستهلكة.. لقد جربت ذلك ونفرت كما تعلمين (قالها مشيراً الى محاولته السابقة )..
ملامحها كانت تنضح ألماً.. كيف يمكنها ان تكون ممثلة بارعة الى هذه الدرجة.. لولا انه متأكد حد اليقين من حقيقتها لصدق ان كلماته توجعها وتخدش حيائها..
اكمل قائلاً: سأقدم لكِ عرضاً..
رمشت وهي تتنفس بصعوبة: عرض؟
ارتفعت زاويتي شفتيه بما يشبه الابتسامة: لن اقدمه الآن.. ستأتين الى عرس كايل ميلر وستسمعين عرضي هناك..!
اعترضت برفض وهي تدرك ما يعنيه ان تظهر في حدث كبير كهذا بعد خبر طلاقها القنبلة: لا..!
مال برأسه رافعاً حاجبه: أتعلمين ما هي قصة جوزيف وانجل ميلر؟.. هل تعرفين كيف وصلا الى هنا؟
إتسعت عيناها خوفاً حتى تمت استدارتهما.. وظهرت الخضرة الجميلة فيهما عميقة وربيعية.. خفق الحجر الأحمق في شمال صدره.. لكنه عاد يبتسم ساخراً: لقد اخبرتكِ انجل ميلرأليس كذلك؟
سقطت على المقعد المجاور وهي تتوسل بصوت متحشرج: أرجوك دعها وشأنها.. أرجوك صخر
-تخيلي لو سرّب أحدهم الخبر الى الصحف.. لربما لا دليل ملموس.. لكن الفضيحة وحدها.. الشك وحده.. قد يؤثر كثيراً وسلباً في سمعة عائلة ميلر بأجمعها.. وتخيلي كل هذا بسبب من؟ أنتِ بالطبع..
تحول وجهها الى بياض مخيف.. اصفرت شفتاها .. رجفت يدها حتى سقطت علبة النوتيلا ملطخة الارضية.. تعابير وجهها كان سهلة القراءة.. كانت ترسم في عقلها ما سيحدث ان انكشف الخبر..
اغمضت عينيها.. واستطاعت عيناه ان تمسك الدمعة التي فرت لتسقط على خدها .. حين فتحتهما كانت المرايا العاكسة تتلألأ في عمق الخضرة .. لتسلبه لبه كما في كل مرة.. فينظر اليها عاجراً ناسياً للحظة حقيقتها وحقده وغضبه ورغبته الدفينة في الانتقام..
توسلت: أرجوك لا تفعل
قال بلهجة ارادها مسيطرة فخرجت مرتجفة قليلاً: إذن لا تدخليهما في حربنا زنبق.. والا أحرقتهما.. لكِ القرار
اكدت دون تردد: لن أفعل.. فقد دعهما وشأنهما لقد عانيا بما يكفي..
اوجعه هذا الاهتمام الحقيقي الصادق في صوتها.. انها تحبهما جداً وتهتم لهما.. بينما رمته هو على قارعة الطريق قبل ثلاث سنوات ليموت دون ان تلتفت.. مما جعل غضبه يتصاعد نهض واقفاً بسرعة.. فإهتز توازنه.. فجائه صوتها هاتفاً : صخر .. ثم شعر بها تقف امامه تمد له يدها كأنها تريد ان تساعده.. استعاد توازنه بسرعة وابتعد عن مرمى يدها وغضبه يكاد يسبب له سكتة قلبية.. قال بصوت قاسي: اهتمامك بوضعي مؤثر خصوصاً مع حقيقة انكِ المتسببه فيه !
تراجعت لا إرادياً تخفض رأسها كمن يشعر بالعار.. لكن غضبه كان اقوى واعنف من ان يلتفت اليها.. عرج نحو الباب: أول شروط اتفاقنا .. أن تحضري الحفل .. أنا متأكد ان عائلة ميلر قد دعتكِ.. هناك سنبدأ بالصفقة الأولى... ثم التفت الى وجهها المتقلص الماً وعينيها المغرورقتين دموعاً: الى اللقاء صغيرتي القذرة
..
نظر صخر الى ساعته.. للمرة العاشرة .. سوف تأتي.. سوف تأتي... ردد في نفسه.. وفي تلك اللحظة بالذات .. لمحها تقف على عتبة المدخل بتردد كمن يريد ان يهرب.. خفق قلبة بقوة اوجعت أضلع صدره.. هذه المرأة .. سوف تقتله الآن كما سبق وفعلت قبل ثلاث سنوات.. بفستانها الأبيض الملتصق فوق جسدها كجلد ثاني.. بالحمالات الرفيعة التي تثبت الفستان على كتفيها الرقيقين مظهراً رقبتها النحيلة الخالية من اي زينة .. بشعرها المجموع الى الخلف بتسريحة رومانية يزينه طوق من اللؤلؤ الناعم.. بترددها المثير والذعر على وجهها الكامل الجمال .. "زنبق" همست شفتيه دون إرادة .. وكأنما سمعت نداءه.. اتجهت عيناها اليه مباشرةَ.. ودون شعور او وعي او سيطرة.. تحرك نحوها ببطئ بينما هبطت هي ببطئ كذلك .. تنظر اليه بوجل ..
على بعد خطوتين منها.. ومن جهتين مختلفتين.. صدح صوتان في ذات اللحظة:
-زنبق ،،،،
-نور،،،،
وتوقف الزمن.. ووقفت زنبق كقشة في مهب الريح تواجه قدرها.. تواجه صخر ووليد معاً !!



السكر likes this.

moshtaqa غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-12-16, 07:21 PM   #1420

moshtaqa

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية moshtaqa

? العضوٌ??? » 105077
?  التسِجيلٌ » Dec 2009
? مشَارَ?اتْي » 2,935
?  نُقآطِيْ » moshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 34 ( الأعضاء 19 والزوار 15)
‏ ‏هّـمًسِـآتٌـ, ‏najla1982, ‏alaaahmedmohamed, ‏مريم شعبان, ‏nanash, ‏ميريزااد, ‏ghdzo, ‏hatness, ‏totoranosh, ‏خزامي احمد, ‏zjasmine, ‏dilsa, ‏noura25, ‏nmh1149, ‏MaNiiLa, ‏calmtale, ‏منى عبد, ‏rontii

..
منورين حبيباتي.. قراءة طيبة


moshtaqa غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:47 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.