آخر 10 مشاركات
554 - حب بلا أمل - catheen west - د.م (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          حبي الذي يموت - ميشيل ريد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          جنون الرغبة (15) للكاتبة: Sarah Morgan *كاملة+روابط* (الكاتـب : مستكاوى - )           »          ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          زوجة بالميراث (127) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          398 - لن تسامح - داي لوكلير (الكاتـب : سيرينا - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عيون حزينة (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب حزينة (الكاتـب : mira24 - )           »          رواية الورده العاشقه " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : sapphire - )           »          أنثى من ضوء القمر **مميزة ** (( كاملة )) (الكاتـب : هالة القمر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree60Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-12-16, 07:00 PM   #1591

moshtaqa

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية moshtaqa

? العضوٌ??? » 105077
?  التسِجيلٌ » Dec 2009
? مشَارَ?اتْي » 2,935
?  نُقآطِيْ » moshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond repute
افتراضي


..
مساء الخير حبيباتي... شلونكم؟
اتمنى تكونون بخير....
اليوم موعدكم مع الرقصة 11 ... رقصة الفلامنكو
شكراً حيل لتفاعلكم الجميل مع الفصول... الفصل ينزل بأكثر من رد تباعاً... اذا ما لقيتو الفصل كامل بالصفحة هاي روحو على الصفحة الي بعدها
فصل اليوم طويل وملئ بالأحداث ... وأحب أقول .. الله يسامح الي ظلمني وحط ذنب "جو" حبيبي برقبتي
..
وللتذكير... اذا طلعتي من غير تعليق... أعلق الأبطال على باب المنتدى :a555:
...
يلا نبدأ..
..
..
الرقصة الحادية عشر
رقصة الفلامنكو*

*رقصة منحدرة من الغنائيات العربية الاندلسية الحزينة، والتي تعبر عن الظلم .. ثم تطورت لتصبح نوع من الرقص العاطفي، الذي أصبح فيما بعد جزءًا من التقاليد الإسبانية الفاخرة.


لا شئ بيني وبينك، لكن بين قلبي وقلبك قد حصل كل شئ – مولانا جلال الدين الرومي


-من تكونين؟
عبارة من كلمتين.. كلفتها نصف عمرها، من أكون يوسف؟ أنا المرأة التي حاربتك دفاعاً عن وطنها.. ثم حاربت نفسها دفاعاً عنك.. ثم حاربت العالم دفاعاً عنك وعنها.. أنا المرأة التي صَوَبَتْ نحوكَ كل اسلحتها.. وحين أطلقتها عليك لم تستطع ان تُفرط بك ..فوقفت أمامك تتلقى عن جسدك كل ما رمته عليك،، انا حبيبتك، وزوجتك وابنتك.. أنا وطنك يا وطني..
رمش يوسف بعينيه .. كان عقله يعمل بتشوش.. كأنه فقد القدرة على التمييز.. غمامة بيضاء غطت مجال رؤيته.. في حين الوجه الغير واضح الملامح امامه .. كان منحنياً عليه.. والصوت الذي جاءه متقطعاً.. مشوش كأنه من خارج العالم لم يساعده في التعرف على الشخص الذي يتحدث اليه.. اغمض عينيه مرة اخرى.. دار ببؤبؤه داخل عينيه المغلقتين.. وعصر عقله المرهق.. ثم تدفقت كل الذكريات الى رأسه دفعة واحدة.. معظمها كانت عن زوجته بالطبع.. ضرب وجعٌ قلبه.. فتح عينيه الى اقصى اتساعهما فوراً.. واهتزت الرؤيا أمامه قليلاً قبل ان تستقر.. لينظر الى المرأة الأحب الى قلبه.. تنحني فوقه بوجه يصرخ خوفاً.. والدموع تسيل على خديها دون حساب.. همس من اعمق نقطة في قلبه: أنجل..
عندها فقط انهارت أنجل وهي تسقط على صدره باكية: يوسف.. حبيبي.. حبيبي
بعد لحظات وبإلحاح شديد من الطبيب انفصلت انجل عن جسد زوجها لتسمح للطبيب بمعاينته.. ابتعدت قليلاً تنظر اليه دون أن تتوقف دموعها عن الانهمار.. استندت الى الجدار.. حرارة ما عبرت كل جسدها تبعتها رجفة كأنها تعرضت لبرد شديد.. اخذت نفساً عميقاً .. وهمست: شكراً يارب.. شكراً يارب.. ثم جلست على الأرض حين خانتها ساقاها تراقب من موقعها يوسف يتنفس.. ويحرك يده ببطئ ويرد على اسئلة الطبيب بصوت منخفض ومرهق وما زالت تردد: شكراً يارب
بعد ساعة كانت كل العائلة تتجمهر امام غرفة جوزيف.. جوبيتر ميلر الذي بدا وكأنه استعاد نصف عمره عندما علم أن أبنه الأغلى على قلبه قد عاد الى الحياة ثانية.. كان يقف بثبات محاولاً ان يحافظ على هيبته وهالته السلطوية بينما تجمعت بضع دمعات في مقلتيه ابتلعها بصعوبة.. جوزيف لم يكن مجرد إبن من صلبه.. جوزيف كان إبن حبه الكبير لمايا.. مايا التي ذهبت دون ان يحتضنها للمرة الأخيرة.. ودون أن يعتذر لها لأنه لم يكن شجاعاً بما يكفي ليرمي مركزه وحياته وسلطته ويختارها هي.. ان حبه المضاعف لجوزيف يعود الى انه امتداد لمايا.. هذا الحب الذي يحاول دوماً ان يداريه بطبيعته المتحفظة.. لكنه الان وهو يراقب ابنه من خلف زجاج الغرفة وقد احاطه الطبيب وتينا والممرضات يشعر برغبة في الصراخ فرحاً.. يرغب باجتياح الغرفة واخذ ابنه بين ذراعيه .. يرغب في البكاء والاعتذار.. له ولمايا..
رغبة البكاء لم تكن تجتاح جوبيتر ميلر فقط.. بل كانت رغبة تراود كايل الذي وقف ملتصقاً بالزجاج.. غير خجلٍ من الدمعة التي راوغت جفنه وانسلت الى خده.. ينظر الى اخيه وقد دبت فيه الحياة.. اخوه الذي استقر فوق هذا السرير لشهر كامل وقد سرقت رقدته الكثير الكثير من السعادة التي كانت تعم بيتهم.. ابتسم بأسى وهو يتذكر كيف كانت علاقتهم قبل ان يذهب جوزيف الى الحرب المشؤومة.. من كان ليظن انه سيحب اخيه الى هذه الدرجة بعدما كان ينفر منه كل هذا النفور.. ان الحرب التي ذهب اليها جوزيف مجبراً.. أخذته فرداً غير مرحب به في العائلة وأعادته أخاً يحبه لدرجة لم يكن ليتوقعها.. حدثه في نفسه "اهلا بعودتك أخي.. ربما لن أقول هذا لك في يوم ما، لكنني أحبك.." في تلك اللحظة اتجهت عينا جوزيف نحوه .. نظر اليه مباشرةً.. وابتسم..!
من بعيد جاء ماتيو راكضاً.. كاد ان يستقل الطائرة حين هاتفه كايل وأخبره ان جوزيف قد استيقظ.. لم يعد بعدها يتذكر كيف هبط من سلم الطائرة ولا كيف استقل سيارته وقادها بجنون الى المستشفى.. ولا يعي لنفسه الآن وهو يجري نحو غرفة اخيه بلهفة .. أول وجه طالعه هو وجه انجل التي كانت تتلوى امام باب غرفة زوجها.. التفتت اليه بوجهها الباكي وما ان وصل اليها حتى عانقها سامحاً لنفسه ان يبكي دون تحفظ حتى اهتزت كتفاه وهو يهمس لأنجل : لقد عاد.. عاد جوزيف
داخل الغرفة كانت تينا تقف بجانب سرير اخيها.. تضحك بينما عيناها قد تورمتا بلون احمر اثر بكائها الذي بالكاد توقف.. امسكت بيد اخيها وقالت له بحب: الآن فقط أستطيع أن أميز النهار من الليل.. حين كنت "نائماً" كانت الظلمة تعم يومي بأكمله..
راقبت كيف غزت ملامح التأثر وجهه الحبيب.. ها هو بطلها يعود اليها.. اخوها ووالدها وصديقها وحاميها.. ها هو جوزيف بعينيه الزرقاوين وابتسامته الجميلة يشرق من جديد امامها.. انحنت نحوه.. قبلت جبينه بعاطفة.. وهمست له "أحبك جو.. " .. اغرورقت عيناه قليلاً.. وشد على يدها المتعلقة بيده : عفريتتي الجميلة..
ضحكت .. واعتدلت مستقيمة لتوجه كلامها للطبيب : ما هو الوضع دكتور؟
-كل شئ على افضل ما يرام .. لكنه سيبقى اليوم تحت المراقبة تحسباً واحتياطاً.. في الغد يمكنه المغادرة..

mansou and السكر like this.

moshtaqa غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-12-16, 07:01 PM   #1592

moshtaqa

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية moshtaqa

? العضوٌ??? » 105077
?  التسِجيلٌ » Dec 2009
? مشَارَ?اتْي » 2,935
?  نُقآطِيْ » moshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond repute
افتراضي


كان كايل يتحدث الى ماتيو خارج غرفة جوزيف حين لمحها.. كانت تتمايل فوق كعب حذائها الأسود .. ترتدي تنورة سوداء تصل الى ركبتيها يتطاير قماشها حول ساقيها المكسوتين بجورب اسود اخفى بياضهما الناصع.. بينما قميصها الأبيض الكلاسيكي بشريطه الستان المربوط حول رقبتها على شكل فيونكة زاد مظهرها اناقة.. ووجهها خالي من الزينة كالعادة ما عدا ملمع الشفاه.. شعرها معقود الى الخلف على شكل كعكة منخفضة .... توقف عن الحديث مع ماتيو وعبس.. مضى عليه شهر معها.. ولم يرَ شعرها حراً أبداً وتحديداً منذ ذلك اليوم الذي تذمر فيه من الشعيرات التي يجدها "اينما ذهب"على ارضية البيت .. الشعيرات التي اخترعها هو لتكون حجته أمام شعرها الطويل كأميرات الحكايات القديمة .. لتكون مبرره ليطلب منها ان لا تترك شعرها حراً مرة أخرى .. لم يكن يستطع ان يقف امامها ويقول مثلاً "هاي أرورا شعركِ الطويل الفاتن يسبب لي اهتزازت قلبية غير مرحب بها.. لذا عليكِ ان تربطيه" .. لكنه استطاع ان يقف امامها ويقول "هاي ارورا.. شعركِ يتساقط في كل مكان.. أجده اينما اذهب على الأرضية.. رجاءاً لا تتركيه حراً.. أكره منظر الشعيرات المتساقطة"... يومها امسكت شعرها بحركة متفاجئة لتجري يدها على طوله ومعها عيناه.. وعادت تنظر اليه وهي تسأل غير مصدقة "شعري يتساقط؟" .. اغلق ملامحه واجاب بجدية "نعم" ... لمح نظرة متألمة على وجهها لكنها اخفتها بسرعة خلف وجهها البارد التعابير "سأحرص على ان لا يتكرر الأمر" ... من يومها وأرورا تخفي شعرها في تسريحة الكعكة المنخفضة .. ولم تكن هذه المرة استثناءاً..
وصلت اليه.. بادرت : مرحباً .. أعتذر كنت في اجتماع لم انتبه للهاتف الا عندما انتهى .. وجئت من فوري حالما استمعت لرسالتك الصوتية.. (ثم التفتت عنه نحو ماتيو) كيف حالك مات؟
ابتسم مات: لم أكن يوماً أفضل حالاً من الآن،
بادلته الابتسامة: لقد كدت اقفز فرحاً حين عرفت .. أظن أن انجل تقيم عرساً في مكان ما من المشفى
ضحك ماتيو وضحكت معه أرورا.. بينما وقف كعادته مبهوراً بضحكتها .. يعترف كايل لنفسه ان لدى أرورا شيئين فقط يثيران اعجابه: شعرها وضحكتها.. وما عدا ذلك فهي نسخة باردة وباهتة .. لا تهتم سوى بالعمل .. ولا تملك وقتاً حتى لتزين وجهها بالقليل من المكياج الذي تمتلئ طاولة التسريحة في غرفتها بأفضل أنواعه.. أرورا لا تبذل أي جهد لتبدو جذابة .. وهذا ما يجعله مرتاحاً الى حد ما .. اذا استثنى تلك اللحظات النادرة والغير مقصودة التي تقترب منه للدرجة التي يستطيع فيها ان يستنشق عطر شعرها العابق بالزهور..
حين انتهت من تبادل حديثها الودي المرح مع ماتيو والذي لا يشبه في شئ حديثها الرسمي الدائم معه .. استأذنتهما لتدخل غرفة جوزيف..
التفت اليه ماتيو وقال بلهجة ساخرة: بإمكانك ان تسترخي الآن !
ازداد وجهه عبوساً: ماذا تقصد؟
رفع ماتيو حاجبه: أقصد أنك ستصاب بشد عضلي في كل عضلات جسدك اذا كنت تتوتر بهذا الشكل في كل مرة تقف فيها امام زوجتك !
اعترض كايل بحنق: ما هذا الهراء.. ولماذا اتوتر امامها؟
اختفت السخرية من على وجه ماتيو وقال بجدية : ربما لأنك تشعر بالذنب نحوها لأنك تخونها ومنذ اول لحظة
شحب وجه كايل.. فأكمل ماتيو : انت لا تتوقع مني ان اصدق انك قطعت علاقتك بتارا.. أليس كذلك؟.. أستطيع ان اخمن اين تقضي لياليك حين تذهب الى كندا في رحلة "عمل" .. صحيح كيف كانت رحلة الاسبوع الفائت؟
ظهر الحرج على وجه كايل الشاحب وهو ينظر الى اخيه بصدمة.. وتسائل هل هو مكشوف الى هذه الدرجة؟ وهل خمن الجميع ما خمنه ماتيو؟ التفت فوراً الى باب غرفة جوزيف.. هل يعلم جوزيف بهذا ايضا؟ و لا يعرف لماذا تصاعد احساسه بالحرج لتفكيره ان جو بالذات يعلم اكثر من احساسه بالحرج من معرفة الباقين هذه الحقيقة..
لم يجد كايل ما يجيب به اخاه.. لم يكن الكذب خياراً ولا الصدق خيار.. فهم ماتيو صمت أخيه.. وضع يده في جيب بنطاله وقال : سأمر على الشركة قليلاً .. أحتاج لترتيب بعض الأمور بما انني لن اعود هذا اليوم الى الاسكا..
اجابه كايل بهزة بسيطة من رأسه .. ثم التفت مرة اخرى الى غرفة جو ... واعترف ان ماتيو على حق.. أنه يتوتر أمام أرورا.. ليس إحساساً بالذنب كما خمن أخوه فآخر ما يشعر به نحو أرورا هو الذنب لأنه كان صريحاً معها منذ البداية وقد اختارته لترجح كفة المصالح على كفة المشاعر.. ان سبب توتره راجع الى المشاعر الغريبة التي تبعثها فيه أرورا.. ليس مشاعر عاطفية.. ولا جسدية.. فروحها الباردة لا تحرك احاسيسه وجسدها الهادئ الشاحب لا يترك على جسده اي ردة فعل.. لكنها مشاعر ليس لها اسم .. تشبه تلك المشاعر التي تنتاب طفلاً ما يحاول حل أحجية القطع لتكتمل لديه الصورة.. هناك إحساس يخبره ان قطع أرورا لم تكتمل وذات الأحساس يخبره ان تلك القطع عبارة عن خطر !

في الداخل كانت ارورا تجلس بجانب أنجل تنظر الى جوزيف الغافي على وسادته بسلام.. انها المرة الأولى التي ترى وجه أنجل مشرق كما رأته حين تبادلت معها حديثاً سريعاً في عرسها.. حين عادت من شهر عسلها (البصل) والذي لم يدم سوى يومين حيث عادا حالما اتاهما خبر اصابة جوزيف.. كانت أنجل ترابط كل يوم في المشفى بقرب زوجها.. أختفت الطاقة الهائلة من الايجابية والقوة التي كانت تحيط بها.. انطفئت السعادة المتوهجة في عينيها.. وذبلت ملامحها.. بينما بدا العالم من حولها غير مهم على الأطلاق.. حتى أولادها لم يكونوا يحتلون المرتبة الأولى .. فهمت أرورا.. أن حب أنجل لجوزيف يرتفع فوق سقف كل شئ حتى أمومتها.. امومتها التي لم تجد وقتاً لتمارسها في تلك الأربع اسابيع المنصرمة لأنها كانت منشغلة بحراسة غرفة زوجها الغائب عن العالم.. لكنها مع هذا لا تستطيع ان تطلق على انجل حكماً بالانانية او قلة الحب لأولادها.. لأنها شهدت بنفسها كيف كانت تعود اليهم كل مساء.. مرهقة وتكاد تسقط تعباً لكنها مع هذا تبتسم بقدر ما تستطيع لولديها مانحة إياهم حبها وتخبرهم في كل مرة ان والدهم بخير وانه سيعود قريباً.. ثم تأخذهم الى غرفتها ليناما معها.. لكن ما ان يحل الصباح .. حتى تخلع أنجل امومتها.. وترتدي حبها.. وتنسى كل شئ من جديد .. وتعود الى جوزيف.. كل هذا صنع قناعة عظيمة داخل أرورا حول حقيقة الحب.. وتسائلت.. هل كانت ستهجر الدنيا كلها لأجل كايل ان اصابه ما اصاب جوزيف؟ شعرت بقلبها يتقلص بألم.. مجرد التفكير أن شيئاً ما قد يصيب كايل، بشع ومؤلم.. تنهدت داخلياً.. رغم كل هذا البرود في علاقتهما.. رغم انانيته التي اكتشفتها.. رغم خيانته الصريحة والواضحة بإعترافه بحب امرأة اخرى .. رغم انه يحطم في كل دقيقة تقضيها معه تحت سقف زواجهما احلامها الوردية وصورته المثالية.. لكنها ستفعل ما فعلته انجل.. ستبيع الدنيا لأجله .. ستضع كل احبابها في الخانة الثانية.. لأنه دوماً سيحتل المرتبة الأولى لديها.. مثالي او غير مثالي.. أناني ام متفاني.. خائن أم مخلص.. تحبه.. دون قيد او شرط.. وهذا هو اختبارها .. لربما لو لم تكن عودة والدتها مرتبطة بقبولها هذا الزواج .. ما كانت ستتزوج بكايل مع علمها بحبه لأخرى لكنها بالتأكيد كانت ستبقى على حبه وكانت ستضحى بكل شئ فداءاً له إن تطلب منها ذلك .. لكنه هذا الزواج .. هذا العذاب الحي الذي تعيشه بقرب الرجل الذي تحبه أكثر من أي شئ والذي لا يهتم لها بمقدار ذرة.. ما يجعل من فكرة مثلث الحب الذي تعيش فيه جحيماً يحرق قلبها وروحها دون أن تجرأ حتى على الصراخ وجعاً.. أنه قدرها على ما يبدو .. أن تبكي دون دموع، وان تصرخ دون صوت، وان تحب دون مقابل !
-حسناً.. إن كنتِ انتهيتي وصلة الحديث مع الذات.. بإمكانكِ ان تخبريني كيف حالك؟
ضحكت أرورا وشعرت بالقليل من الحرج لشرودها: آسفة.. يبدو أنني قد شردت قليلاً.. انا بخير أنجل.. في الحقيقة انا من يجب ان أسألك كيف أنتِ؟
-أشعر بأنني كنتِ ميتة، وعدت مجددا للحياة.. (نظرت الى وجه زوجها وابتسمت بحنان).. في كل مرة أتأكد .. أن حياتي مرتبطة بالنفس الداخل والخارج في صدره.. كأن القدر لا ينفك بتذكيري بهذا بأبشع الطرق وأقساها
اهتز قلب أرورا تعاطفاً مع النبرة الحزينة السعيدة في صوت أنجل.. طبطبت بيدها على كف أنجل بخفة وقالت : لقد عاد أنجل..
مر حزن عميق وجهها: لقد عاد.. وستحين اللحظة المرعبة
-مرعبة؟
نفضت أنجل رأسها وابتسمت : دعينا من كل هذا.. كيف حالكِ مع كايل؟
ارتبكت أرورا: بخير . بخير
رفعت انجل حاجبها: ارى ذلك
زحف إحمرار الحرج على وجهها الخالي من الزينة، لربما انجل كانت تعيش في غيبوبة هي الأخرى وانقطعت عن العالم لشهر.. لكن لا بدّ أن أحدهم (والأرجح تينا بما أنها الاقرب الى أنجل) قد اخبرها أنها وكايل ينامان في غرفتين منفصلتين في جناحهما الخاص.. وهذا اعلان واضح وصريح عن طبيعة العلاقة..
شعرت بالحنق من كايل.. فهو لم يبذل اي جهد ليعطي انطباعاً جيداً عن زواجهما.. بل سعى جهده ليرسم صورة واضحة عن ان ارتباطهما هو ارتباط مصالح .. لا مكان فيه للعاطفة.. كان يحدثها بالكثير من الرسمية ويضع بينهما مسافة خطوتين على الأقل حتى امام عائلته.. وهذا أكثر ما كان يشعرها بالاهانة .. اهانة لم تكن تتحملها لأجل حبها له.. بل لأجل حبها لوالدتها..
اخفضت أرورا عينيها تنظر الى اصابع يدها .. بينما قالت انجل ما فاجئها: يوماً ما أرورا.. يوماً ما.. سينهار الصرح عند قدميكِ.. فضعي ورقة وقلم وسجلي كل ما تنوين ان يدفع ثمنه
رفعت عينيها اليها متفاجئة.. فغمزت لها انجل.... كان كلام انجل غريباً لكنه اراحها لدرجة كبيرة.. داخلها ضحكت من سذاجتها.. لربما انجل تحاول مواساتها لا اكثر.. ومع هذا فسماع هذا الكلام جعلها تشعر بأمل ضئيل جدا جدا.. أن الأمور يوماً ما ستنقلب لصالحها..
حاولت أوروا تغيير الموضوع : هل علم آدم ومايا بإستيقاظ جو؟
فهمت أنجل رغبتها بتغيير مجرى الحديث فإبتسمت بمرح: اوه لقد احدثا ضجة عالمية منذ قليل.. آدم القى بنفسه على صدر يوسف وبكى وبكى وبكى ثم رفع وجهه ونظر الى جمعينا وادرك اننا ضبطناه في لحظة بكاء فصاح معترضاً: انا لم اكن ابكي..
ضحكت أرورا: اتسائل من أين ورث طبعه هذا..
-انه العرق الشرقي يا عزيزتي
-ماذا عن مايا؟
-الفتاة جائت ومعها رباطين بلاستيكيين ملونين وطلبت من والدها ان يجدّل لها شعرها لأن خالة تينا وخالة أرورا لا يجيدان التجديل
اعترضت أرورا: هااااي لقد بحثت حتى على اليوتيوب لأتعلم التجديل.. اقسم أنني جدلت بأجمل الطرق.. ابنتكِ ناكرة للجميل.. اتسائل من اين ورثت هذا الطبع
-انه العرق الغربي يا عزيزتي
ضحكت أرورا بقوة هذه المرة حتى تململ جوزيف فوضعت يدها على فمها تكتم ضحكتها وتنظر الى انجل بعيون مشاغبة .. غير عالمة بالرجل الذي يراقبها من خارج الغرفة عبر الحاجز الزجاجي .. مبهوراً من جديد بالضحكة المرتسمة على وجهها ..
كايل هذه المرة لم يقف عاجزاً أمام ضحكتها فقط، بل أمام كمية المشاغبة والمرح الذي عبر ملامحها وهي تجلس مسترخية تتحدث بطبيعية لم يتعودها منها .. ثم بهرته تلك الحركة حين ضحكت ثم نظرت الى جوزيف بحاجبين مرفوعين لتتدارك الموقف فتغطي بكفها فمها رافعة كتفيها بحركة لذيذة ... تراجع قليلاً.. دون أن يحيد بنظره عن الطاقة المرحة التي احاطت بزوجته .. وهمس لنفسه : القطعة الأولى !

كان الصمت كالعادة يعم السيارة .. كايل يقود بهدوءه وبروده المعتاد، وأرورا تلتزم بصمتها المعتاد.. والموسيقى تملأ الفراغ بينهما.. حتى رن هاتف أرورا.. رفعته بعد ان القت نظرة سريعة على الشاشة المضيئة
-مرحباً بيلا..
استمعت أرورا قليلاً ثم عبست: ماذا تعنين بهذا؟
جذب صوتها المتضايق اهتمام كايل.. فألقى نظرة عليها.. ليجد ان الإنزعاج قد زحف الى ملامحها الهادئة.. انعقد حاجبيها بضيق.. بينما تقلصت اصابعها حول الهاتف..
-سأتحدث اليه بيلا.. لقد حصل على ما أراده وسنحصل على ما نريد..
شعر كايل بفضول لمعرفة الشخص المعني بهذا الحديث.. انهت المكالمة .. ثم مسحت كل انزعاج من وجهها وقالت برسميتها المعتادة: أريد أن أذهب الى الشركة..
-لماذا؟ ........ قفز السؤال دون ان يستطيع منعه
نظرت اليه بإستغراب قليلاً.. هو لم يهتم من قبل بالاسباب التي تدفعها للذهاب الى اي مكان.. كلما اخبرته انها خارجة اكتفى بهز رأسه.. فلماذا لا يهز رأسه الآن هذا الرجل المثير للغيظ ويكرمها بصمته لأنها لا تستطيع ان تتعامل مع خيبتها فيه في هذه اللحظة .. وتسائلت هل سيعتبرها طبيعية ان صرخت في وجهه الان وهجمت عليه تخربش بشرة وجهه وتغير خارطة ملامحه؟ الا يكفيها انها تتحمل قربه بسبب شروط والدها والتي يبدو انه يحاول ان يتملص منها..
ورغم كل ما تفاعل داخلها من حنق وضيق قالت ببرود: أحتاج الى حل مسألة ما مع والدي..
فكر كايل انه نسبة الى كل تلك المشاعر المتضايقة التي كانت تموج فوق وجهها والتي يراها للمرة الأولى فقد جاء ردها بما يليق وطبيعتها الباردة الشاحبة.. نظر اليها بلا مبالاة وهز رأسه : سأوصلكِ
قالت بجفاف: لا داعي بإمكاني أخذ تكسي ان كان لديك عمل..
-سأستغل الفرصة لمراجعة بعض الترتيبات مع سكرتير والدكِ لأجل توقيع الشراكة..
هل ارتفع حاجبها بسخرية قليلاً ام ان عقله هيأ له ذلك؟.. لم تجبه بل اكتفت بهزة من رأسها والتفت تنظر الى الخارج عبر نافذة السيارة..
بعد اربعين دقيقة كانت أرورا تقف في مكتب والدها تواجهه بعصبية: ماذا تعني أنك لم تجدها بعد؟ هل ذهبت الى جزر الواق ويق مثلا!! .. مضى شهر على زواجي.. وكل يوم تخبرني انك ستجدها في اليوم الذي بعده..
صدح صوت والدها بقوة : أرورا.. أنتبهي لكلماتك والا...
قاطعته وصوتها يرتفع أكثر: والا ماذا بابا؟ ... والا زوجتني رجلاً لا يحبني؟ اووووه صحيح نسيت .. لقد فعلتها !
في الخارج كان وجه كايل قد تحول الى حجر.. لم يكن ينوي استراق السمع.. السكرتير لم يكن موجوداً حين حضر مع أرورا.. فجلس ينتظره ثم نهض ليشغل نفسه بالنظر الى لوحة معلقة على الجدار وقد صدف انها تقع قرب باب غرفة السيد ستيفنسون.. واذا به يسمع صوت أرورا الغاضب مرتفعاً مما جذب اهتمامه.. هو لم يسمع صوتها منفعلاً من قبل.. كان صوتها دائما على وتيرة هادئة واحدة لا انفعال فيها.. ما سمعه من أرورا جعله يتجمد في مكانه.. اسئلة كثيرة دارت في رأسه.. أولها من هي المرأة التي يدور عنها الحوار؟ وما دخل مدة زواجهما بالأمر؟ اما الشئ الأهم الذي لفت انتباهه جملتها الأخيرة.. كان يعلم بالطبع ان الزواج تم لأجل مصالح عمل.. لكن ما قالته جعل احساساً غريباً يعبره.. كأن وراء الأمر سبب..
صوتها الغاضب ارتفع من جديد ليوجه صفعة لا مرئية له: شهر واحد بابا.. شهر واحد لا يزيد يوماً.. أذا لم ارَ أمي تقف أمامي .. فسأطلب الطلاق .. وصدقني (ثار صوتها بغضب اكبر) سيكون كايل أكثر من سعيد ليقدمه لي...
تراجع كايل ليجلس في مكانه بعيداً عن باب المكتب حين سمع وقع كعبها يتقدم.. كان مذهولاً مما سمعه.. انها تهدد بطلب الطلاق!!.. هكذا بكل بساطة!.. حاول ان يعصر مخه ليتذكر اي معلومات عن السيد ستيفنسون وزوجته.. كل ما تذكره كان خبر طلاقهما منذ بضع سنوات .. الشئ الوحيد الذي فهمه من هذا الحديث.. أن زواجه من أرورا مرتبط بوالدتها.. ألم تتزوجه لمصالح العمل كما تخيل؟!!... ما دخل والدتها؟.. هاج عقله وماج بتسائلات اثارت حيرته .. لحظتها انفتح باب المكتب خلفه وخرجت أرورا تدك البلاط بكعبها بقوة.. وقفت بجانبه .. رفع وجهه اليها محاولاً أن يمحو اي أثار للحيرة فوجد وجهها متورداً من الانفعال.. عيناها تقدحان بشرارات غريبة وتنفسها سريع كأنها كانت تركض لمسافة طويلة.. ارتسمت صورتها في حدقته محطمة ما كان يتخيله عنها من هدوء وبرود.. هذا هو الجانب الآخر لأرورا.. الجانب الذي أظهر طاقة فتنة غريبة ضربت قلبه !.. نهض محاولاً المحافظة على مظهر وقور وقبل ان يتحدث بادرته: أريد أن تضيف بنداً جديداً في عقد الشراكة..
-ماهو؟
-ان لا تتم الشراكة الا بحضور السيدة اليانور سيفورد..
-ومن هي؟ (سألها مع أنه قد خمن من تكون)
تقدمته نحو باب الخروج: أمي..

السكر likes this.

moshtaqa غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-12-16, 07:02 PM   #1593

moshtaqa

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية moshtaqa

? العضوٌ??? » 105077
?  التسِجيلٌ » Dec 2009
? مشَارَ?اتْي » 2,935
?  نُقآطِيْ » moshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond repute
افتراضي


************************************************** *************************

لم تكن من عادة ماتيو ان يذهب الى كافتيريا الشركة.. لكن اليوم كان استثناءاً.. منذ ان عاد الى نيويورك لم يتناول أي شئ.. وهوالآن يشعر بجوع قاتل خصوصاً بعد الخبر الرائع بإستيقاظ جو الذي فتح شهيته للطعام والحياة على حد سواء.. ما ان خطى الى داخل الكافتيريا حتى شعر بشئ ما جعله يتوتر.. إحساس غريب جعله يدور بعينيه حول المكان.. لكنه لم يجد شيئاً غير مألوف.. الوضع عادي جداً ، بضع موظفين وموظفات يجلسون حول الطاولات امام كوب من القهوة او صحن طعام.. وحين همّ بالتقدم للجلوس نافضاً احساسه الغريب.. جاءه صوتها ليجعل كل عصب في جسده يتنبه.. أتراه يتوهم؟ أترى خياله الأحمق يصور له صوتها يقول من خلفه : سيد ماتيو؟
اغمض عينيه وفتحهما.. استدار ببطئ مستجيباً لهلوسته لكنه وجدها تقف خلفه بالفعل.. كيرا.. بلحمها ودمها.. بالنمش الجميل فوق صفحة وجهها .. بشعرها الأسود الحر لأول مرة ..بعينيها الزرقاوين العنفوانيتين.. بغرورها المعتاد.. وبملابسها الـ.. رمش.. ملابسها المرتبة!... للمرة الأولى لم تكن كيرا ترتدي ملابس رثة.. بل سترة بسيطة مع قميص قطني وبنطال ضيق يحدد شكل ساقيها .. خفق قلبه بقوة.. مضى شهر لم يرها فيها.. شهر احتل العمل فيه كل وقته حتى تخرج كيرا من تفكيره.. من اعصابه.. من دمه... وتسائل كيف يمكن لمرأة تقارب عمر طفلة وببضع لقاءات فقط ان تهز كيانه .. هو ماتيو الذي رأى كل أصناف النساء.. يقف مبهوتاً كما الآن أمام جمال كيرا الطبيعي النابض بالخيلاء..
انتابته رغبات مختلفة.. رغبة بإحتضانها مثلاً.. رغبة بخنقها لتعذيبه فكرياً طيلة هذا الشهر.. رغبة بسؤالها عن ما تفعله هنا.. رغبة بمعرفة ان كانت قد فكرت به ولو لدقيقة.. رغبة في الحزن لأنه لم يستطع حتى ان يلمس حلاوة الحلم بها منذ ان صارت في عهدة غيره.. رغبة في السعادة لأنه رغم كل شئ قد شفى غليل شوقه بوقوفها أمامه هذه اللحظة... لكنه لم يحقق أي من رغباته .. إذ انها بادرته بحاجب مرتفع: ما ماركتها؟
ابتسم قليلاً...راجع قلبه بسؤالها ذكريات لقائهما الأول... اجاب: توم فورد
خفق قلبها بطريقة لم ترضيها ولكنها لم تستطع مع هذا أن تأمره ليهدأ، رغم انها تحت سقف الشركة التي تعود لعائلته والتي يعد هو احد مدرائها الرئيسيين ورغم انها كانت تتوقع في كل يوم أن يحدث لقاء كهذا بينهما.. ولكن الآن .. حين حصل الأمر.. لم يبدوهيناً كما ظلت تقنع نفسها طوال الشهر الفائت.. كيف كانت حمقاء لتظن هذا؟ لتعتقد ان وسامته الغير كلاسيكية ، طوله الفارع.. نظراته الذئبية المتعالية... كمال ملامحه الارستقراطية لن تدك حصون قلبها كما السابق.. اخفضت عينها قليلاً ليقع نظرها على خاتم زواجها.. احساس عارم بالعار تصاعد داخلها.. لا يمكن ان تفكر بهذه الطريقة ولا ان تنبهر به لهذه الدرجة ولا ان يخفق قلبها بشدة بهذه الوتيرة كأنها... كأنها تشتاقه.......
رفعت رأسها بحدة رافضة الفكرة.. وقبل ان تقول اي شئ سألها: لم أعلم أنكِ ترابطين في الشركة بإنتظار حضوري.. حسناً لا أنكر ان لي جاذبيتي .. لكن لدرجة المرابطة لشهر كامل؟ .. هذا مثير للإهتمام حقاً..
راقب بإفتتان كيف زحف إحمرار الغيظ على خديها.. لم يجد بداً من السخرية .. لم يكن أمامه سوى خيارين.. السخرية منها او عناقها فإختار أهون الشرّين..
قالت بغيظ: لم ينقص من غرورك مثقال ذرة
عدّل سترته دون أن تحتاج الى ذلك: إنه بالفطرة عزيزتي..
راقبت بإنبهار داخلي كيف لائمته البذلة كما العادة .. وكيف أظهرت كمال قامته .. هذا الرجل القادم من خارج النظام الشمسي عبارة عن بلاء يمشي على رجلين..
-حسناً إذا لم يكن لديك جرعة غرور اخرى تطربني بها.. فعن إذنك
ومشت لتتخطاه لكنه سد امامها طريق الدخول لافتاً الإنتباه اليهما دون ان يبالي: عدا المرابطة في إنتظاري.. ماذا تفعلين هنا صحيح؟
رفعت حاجبها بإستهزاء على الشطر الأول من عبارته واجابت: أنا أعمل هنا..
كاد ان يرفع وجهه للسماء ويصرخ غيظاً.. تعمل هنا!!... هذا ما كان ينقصه.. كيف ومتى ولماذا تعمل هنا؟
-وماذا تعملين هنا؟ لا تقولي انكِ حصلتي على العمل بإستخدام اسمي كواسطة.............. كان يعلم ان هذا ليس بالأمر الممكن من شخصية مثل كيرا لكنه قالها ليغيظها وقد نجح تماماً إذ ارتفع صوتها عن وتيرته العاديه واجابت بحنق: مؤهلاتي كانت كافية لحصولي على العمل.. (ثم قالت بسخرية) من يحتاج اسمك؟!!
ارتفع حاجبه وهو يمر بعينيه بإستهزاء على طول جسدها..ودون ارادة لمع الاعجاب داخلهما وهو يستوعب بينه وبين نفسه جمال جسدها الرشيق وتناسقه الذي اظهرته هذه الملابس المرتبة..
-عن أي مؤهلات تتحدثين؟
-مؤهلاتها في الطبخ ماتيو......... جاءه صوت كايل من خارج الكافتيريا ..
التفت كلاهما نحوه .. كان كايل يقف وبجانبه زوجته.. كيرا لم تكن تعرف أرورا ميلر بشكل شخصي بكل تأكيد لكنها لمحتها اكثر من مرة ولم تكن أرورا تفرق عن بنات المجتمع المخملي بشئ.. لكنها تحمل ملامح أكثر برودة وشحوب كأنها لا تستخدم أي منتجات زينة مثل كيرا.. لكن كيرا لا تستخدمها لأنها لا تملك ثمنها.. فما الذي يجعل أمرأة مثل أرورا تخرج من بيتها دون مكياج وفي وسعها ان تشتري خط انتاج لماركة مكياج بكاملها ان ارادت..
ابتسمت كيرا للسيد كايل .. الهادئ والمتزن دائماً والبارد كزوجته.. فكرت ، كم يليقان ببعضهما وكأنهما قطعتي ثلج في كأس ماء واحد !!
-مرحباً سيد كايل..
-كيف حالكِ كيرا؟ هل كل شئ على ما يرام؟
هزت رأسها تحت أنظار ماتيو المستغرب وأرورا التي تبدو نافذة الصبر قليلاً.. : بخير.. وكل شئ على ما يرام.. جهزت القائمة كما طلبت مني وسلمتها منذ قليل لسكرتيرتك..
هز رأسه برضا امام عيون ماتيو الذي يقف مثل الأطرش في الزفة.. وعيون أرورا التي تشاركه الطرش أيضاً
-هل سيتفضل أحدكما بشرح ما يحصل؟......... قالها ماتيو بنفاذ صبر
بوجهه المتزن المعتاد شرح كايل بهدوء: لقد صادفتها في المستشفى.. كانت تزور انجل بعدما قرأت الخبر في الصحف.. وحين لمحتها تذكرت انها من قامت بصنع الكيكة الأعجوبة.. فجائتني فكرة توظيفها في قسم المناسبات في الشركة..(ثم ابتسم قليلاً) لن يكون سيئاً أن يتذوق عملائنا السحر الذي تصنعه كيرا...
قاطعت أرورا ما كان سيقوله ماتيو قائلة: هل نذهب الآن؟......
نظر اليها كايل.. وعلم لماذا هي على هذا القدر من نفاذ الصبر.. فهز رأسه موافقاً وغادر مستأذناً
وهكذا لم يجد ماتيو سوى كيرا .. نظر اليها.. اذن كانت تعمل هنا كل هذا الوقت؟.. تعمل في شركته؟ تحت جناحه... دون ان يعلم بهذا حتى.. كم صباحاً فوّت كان من الممكن فيه ان يبدأ بوجهها؟ كم كعكة لذيذة فوت طعمها الممتزج بطعم غرور وجمال صانعتها؟ كم جدالاً لذيذا فوت وهو ينفي نفسه قسراً في برودة الـ الآسكا؟ كم وكم؟.... ثم حدث ورفعت يدها تعيد خصلة شعرها ولمح خاتم الزواج في كفها اليسرى.. فإختنق النبض في قلبه.. وتذكر لماذا ذهب... تذكر لما قرر ان كيرا محرّمة عليه ..
لم يتمالك من السؤال: وما رأي زوجكِ بالوظيفة؟ .. هل يعلم أنكِ تعملين لدي؟ كما أذكر لم يكن العمل لحسابي شيئاً مرحباً به من قبله (قالها مشيراً الى الهاتف الذي جائها صباح ذاك اليوم والذي بدا فيه خطيبها وكأنه يصرخ في وجهها)
كسى الجمود وجهها وهي تقول: اولاً انا لا أعمل لحسابك .. أنا اعمل في شركة عائلتك .. وثانياً زوجي لا يمانع.. لأنه في السجن
ودون ان تعير ملامح الدهشة التي ارتسمت على وجهه اي إهتمام استدارت لتعود من حيث أتت كأنها فقدت الرغبة في دخول الكافتيريا.. لكن صوته صدح من خلفها بنبرة آمرة وقاطعة: الى مكتبي... حالاً
التفتت تنظر الى عينيه مباشرة .. وبعيداً عن ان عينيه اصابت قلبها بإرتجافٍ أشعرها بالعار مرة أخرى فقد راودتها فكرة ان تعصي أوامره لهذا المغرور المتكبر.. لكن شيئاً ما أخبرها أن ماتيو ميلر في هذه اللحظة ليس في مزاج لتلقي "لا" كرد على مطالبه.. وهي تحتاج الى هذا العمل وبشدة.. لذا اختارت ان تنهي حرب النظرات وتهز رأسها وتسير معه بوداعة نحو مكتبه..
استقر ماتيو خلف طاولة مكتبه في محاولة لضبط قلبه ووضع مسافة عملية بينهما رغم ان اهتمامه بخبر سجن زوجها كان ابعد ما يكون عن العملية..
رفع قلمه الحبر الثمين وداعبه بين اصابعه بتكبره المعتاد امام نظراتها الحانقة.. خمن انها تكظم غيظها بصعوبة.. كما يفعل هو بالضبط!!
-لماذا سجن زوجك؟
اجابت ببساطة وهي ترفع وجهها بكبرياء.. وتنظر اليه بإستعلاء: قضية نصب واحتيال
رفع حاجبه: ولماذا تبدين فخورة كل الفخر بجريمته؟!
قطبت .. وطارت كل محاولاتها لضبط النفس.. وهتفت غير آبهة بالمخاطرة بوظيفتها: ولماذا تبدو بهذه السعادة؟ .. لست فخورة بما فعله بالتأكيد لكنني لن أشعر بالخجل من شئ لم أرتكبه أنا!!
لم يستطع ان يمنع نفسه من الابتسام.. كم اشتاق لثورتها هذه الصغيرة الممتئلة بالعنفوان والجمال..
-حسناً.. بإمكانكِ الإنصراف
كادت ان تسقط مغشياَ عليها من الغضب.. وهل هي خادمة لديه ليجرها الى مكتبه ثم ليسألها سؤالاً واحداً فقط ويصرفها!!.. اغمضت عينيها وعدت "واحد،سأخنقك،،،،، اثنان،سأصفعك،،،،،، ثلاثة، سأنتف شعرك........" وانسحبت من امامه وعقلها يصور لها اكثر من سيناريو لخنق ماتيو ميلر! بينما اختفى المرح تماماً من وجه ماتيو وهو يراقبها تنسحب.. وحل محله المرارة .... إنها متزوجة دون زوج وتقف أمامه تجمع كل ما في نساء العالمين من لذة وكبرياء كانها تتحدى قلبه وضميره معاً... رمى القلم الحبر على المكتب بشئ من العنف وفكر: على ان أعود الى ألاسكا في أقرب وقت لعين..
في مكتب آخر من ميلرز امباير.. كان كايل ينظر ببرود الى أرورا وهو يقول بعملية: بأمكانك الآن ان توضحي لي سبباً واحداً يجعلني أوافق على وضع هذا البند في العقد
قطبت قليلاً.. ولاحظ شحوب وجهها أكثر من المعتاد..
-لأنني أريد ذلك مثلاً؟
-ان دنيا الأعمال لا تسير على ما يريد المرء بل على ما يجب ان يفعل... ألم نكن انا وانتِ مثالاً لهذا؟
ارتفع صدرها وانخفض بحدة .. كأنها تحاول تهدئة نفسها : هل ستضيف البند كايل ام لا؟
-ليس قبل ان أعرف السبب
اشاحت عنه لتنظر الى نقطة ما على الجدار المقابل لها.. وقالت دون ترف لها عين: لأن أمي بعيدة عنا خارج ارادتها وارادتنا.. لقد حرص ابي بنفوذه ان لا تدخل البلاد مرة أخرى.. واستغل أبي رغبتي في عودة أمي بوضع شروطه
صمتت مواصلة النظر الى الجدار بجمود
استحثها: وهذه الشروط هي؟
-زواجي بك.. لترتبط المصالح وتتعمق شراكة العمل
كان قد خمن هذا قبل ان تقوله.. لكن أن تقوله هي ، جعل للأمر وقع اخر.. لطالما فكر ان قبول أرورا الزواج به راجع الى ترجيحها مصلحة عمل.. لم يكن ليتخيل أبداً أن أرورا تزوجته لتستعيد والدتها.. هذه المرأة الباردة كقطعة ثلج، الشاحبة كغطاء أبيض فاجأته هذا اليوم للمرة الثانية.. وهمس لنفسه متضايقاً: القطعة الثانية!...
نحى بأفكاره جانباً وسأل: ووالدك الآن لا يرضى تنفيذ الشرط؟
هزت رأسها وحزن عميق يعبر وجهها فأثار شيئاً داخله يشبه الشفقة: نعم.. قال انه لا يستطيع العثور عليها..
لم يقاوم كايل السؤال الذي تدحرج من لسانه : وماذا فعلت والدتكِ ليحرمها من رؤيتكما.. ما اعرفه انهما تطلقا بشكل عادي وحضاري
ابتسامة مريرة منحت الحزن في وجهها بعداً اعمق: حضاري!... هذا يعتمد على تعريف الكلمة
ثم تركت تحديقها بالجدار والتفت اليه خالعة الحزن عن وجهها مرتدية جمودها مرة أخرى: لقد وقعت أمي في إثم الدفئ..
قطب بعدم فهم فأكملت: كل ما هناك انها أحبت رجلاً اكثر دفئاً بعد سنة من طلاقها.. وهذا مسّ غرور ابي العظيم.. قد يقبل انها لم تعد له.. لكن ان تكون لغيره.. هذا ما لم يسمح به... رفضت امي بالتأكيد ان تتخلى عن حبها.. ففرض أبي حصاره عليها..
لا يعرف ايهما أثار استغرابه أكثر.. حديث أرورا الثلجية عن الدفئ.. ام نبرة التأييد في صوتها لقرار والدتها.. هل يمكن ان تفاجأه هذه المرأة أكثر؟
عدل كايل الأوراق على سطح مكتبه .. وقيّم الأمر بعملية.. هو لم يتزوج أرورا الا لتوطيد العلاقات مع مارك ستيفنسون .. فليس من المعقول بعد ان قدم هذه التضحية وتزوج بأرورا.. ان ينسف كل هذا ويفسد الشراكة فقط لأنه تعاطف مع والدة أرورا.. واستغرب في نفسه كم تشبه حكاية والدة أرورا حكاية والدته.. كلا المرأتين هربتا لذات السبب وان اختلفت الطرق.. ولكن مع هذا هو لن يضحي بطموحاته في توسيع العمل لأرضاء أرورا .. ولكنه سيحرص على مساعدتها بطريقة أخرى.. ربما سيجد والدتها عن طريق معارفه وعلاقاته.. لكنه بالتأكيد لن يقوم بشئ قد يضر اتفاق الشراكة .. ان كان سيتحرك فسيتحرك بعد توقيع الشراكة..
قال بهدوء وعملية كأنه يتحدث اليها في اجتماع عمل: اعتذر أرورا.. لن استطيع ان افسد شراكتنا مع والدكِ .. مصلحة العمل أولاً.. لقد تزوجتكِ لهذا السبب.. اليس كذلك؟
ملامح أرورا في تلك اللحظة جعلته يتمنى من كل قلبه لو انه لم يتفوه بما قاله للتو.. نضح ألم غريب من ملامح وجهها بطريقة صدمته.. لم يكن يتوقع لوجه بارد وشاحب ان يعبر بهذه الطريقة العميقة عن ما يخالج نفس صاحبته.. تلونت عيناها الزرقاء الصافية بالجرح ابتلعت ريقها.. حاول ان يتلافى ما قاله : لكن....
وقبل ان يكمل قاطعته رافعة يدها بكبرياء تطلب منه ان يتوقف ففعل.. نهضت من مكانها .. حدقت للحظة قصيرة في الجدار المقابل ثم التفتت اليه: سأحرص أن توقع مع أوراق الشراكة، أوراق الطلاق كايل ميلر..
وخرجت بهدوء تاركتاً إياه مذهولاً يحدق في أثرها ويتسائل: هل هددته بالطلاق لتوها؟

السكر likes this.

moshtaqa غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-12-16, 07:03 PM   #1594

moshtaqa

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية moshtaqa

? العضوٌ??? » 105077
?  التسِجيلٌ » Dec 2009
? مشَارَ?اتْي » 2,935
?  نُقآطِيْ » moshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond repute
افتراضي

..
فتح إلياس الباب .. ليجد إبن خالته يقف أمامه بمظهره الأنيق المعتاد.. مسح وجهه من أثار النعاس وتخلل شعره بأصابعه وهو يتراجع الى الخلف مفسحاً الطريق لوليد ليدخل..
-ما الذي شرفني بطلتك البهية؟
خطى وليد الى الداخل محاولاً دفع الذكرى البعيدة لدخوله هذه الشقة وهي قيد التجهيز حاملاً بيديه تينا..
-أردت أن أذكرك بوسامتي ان نسيتها
رفع إلياس حاجبه بسخرية .. واتجه الى المطبخ حافي القدمين لا يرتدي سوى سروال بجامته المخططة كعادته
-وها قد ذكرتني.. الى اللقاء
فتح باب الثلاجة واخرج منها علبة اللبن الكارتونية فتح غطائها ثم رفعها الى فمه يشرب منها بلا مبالاة
علق وليد: تعلم ان هذه طريقة غير صحية للشرب.. لقد لوثت فتحة العلبة بلعابك.. كم مرة اخبرتك ان تسكب ما تود شربه في الكأس أولاً
واصل الياس شرب اللبن وهو ينظر الى ابن خالته كأنه يتحداه بطفولية..
قال وليد بجدية: لقد عادت سماء هذا الصباح..
غص الياس باللبن ..ابعد العلبة عن فمه.. واتجه سريعاً نحو حوض غسيل الأطباق ورمى محتويات فمه داخل الحوض وراح يسعل بشدة.. اسرع وليد ليضرب بخفة على ظهر ابن خالته ثم ليفتح صنور الماء ويطلب من الياس : اشرب قليلاً من الماء
مد الياس كفه تحت الماء ثم اخفض رأسه وشرب .. ثم استقام وهو يأخذ نفساً عميقاً ويمسح الدمعة التي فرت من عينيه اثناء اختناقه ..
-لماذا عادت؟
هذه المرة جاء دور وليد ليرفع حاجبه: ربما لأن بيتها هنا... تعرف أن سماء صعبة المزاج بالتأكيد عمتي لم تتحملها اكثر من ذلك ..
قطب إلياس : لا تقل هذا عنها
ضحك وليد: وهل أكذب؟..
-وكيف علمت بالخبر؟
-كنت ماراً كالعادة لأطمئن على زوجة عمي.. أنت تعرفها كم تعشق هذه الشكليات.. واذا بسماء تدخل محملةً بحقائبها رمت نظرة مزدرية نحوي ثم عانقت والدتها دون ان تمنح اي تفسير كالعادة .. وصعدت الى غرفتها، تاركةً الساحة تموج بعلامات التعجب والاستفهام
-تستحق كل الإزدراء عزيزي..
اجاب وليد بجدية: أعلم ..
حين نظر اليه الياس مستفهماً اوضح له: لقد اخبرتك كيف عاملتها في الحفل.. رغم انها لم تقل شيئاً سيئاً.. لم يكن في نبرتها اي شماتة او حتى امل.. مجرد اسف.. لربما كنت غاضباً من نور انذاك.. لكنني كما قلت لك ادركت حينها ان أيام تعلقها الوهمي بي قد ولّت....
-لقد فقعت مرارتي أيام تعلقها بك .. والله يا وليد كلما ذكرت تلك الأيام تمنيت ان اخنقكما معاً.. لا تستغرب ان قفزت عليك يوماً ما وخنقتك دون سبب.. اعلم لحظتها انني تذكرت ما مضى
ضحك وليد: أنت اكبر احمق رأيته في حياتي.. بدل ان تجتذب البنت اليك.. رحت تشاكسها بنسائك.. ولتزيد الطين بلّة ،، لم تصارحني بحقيقة مشاعرك تجاهها انذاك.. بل اختفيت لسنوات.. لتهب كالفارس المغوار حالما خطبتها... يا ابني لو كنت اعلم انك تحبها لكرّهتها في أم وجهي وزحلقتها نحوك
-اخرس.. لا أريد أن اتذكر تلك الأيام النحس..
غاب عقل الياس قليلاً في تلك الذكريات .. يوم عاد بعد غياب سبع سنوات في ليلة خطبتها لوليد.. ليشهد بأم عينيه جنازته.. الجنازة التي ملأتها الضحكات والموسيقى وحضرتها القاتلة (التي لا تدري شيئاً عن جريمتها) بأجمل اطلالاتها.. يومها حاول ان يتقبل الأمر.. ان يرضى بحقيقة ان سماء تحب وليد وانها اختارته دوماً ومنذ البداية.. لكن الشهرين التاليين اكدا لإلياس ان وليد لا يحب سماء.. وانه يتزوجها لأنه يعرفها ويعرف أصلها وفصلها واخلاقها..فهو يعرف إبن خالته جيداً يبحث دوماً عن النقاء والبراءة في مجتمع منفتح لا يملك الكثير والكثير من القيم التي تربوا عليها.. لذا فقد نهض ذات صباح متخذاً قراراً مهماً بإنهاء تلك المهزلة.. ذهب الى وليد وقال له بكل وضوح انه يحب سماء وانه يريد ان يفسخ خطبته معها.. وفعل وليد هذا دون تردد كأنه كان ينتظر سبباً يرضي ضميره ليترك سماء.. لقد كان الياس يخطط لكسب ود سماء بعد ذلك.. لكن سماء فاجئته كالعادة بما لا يتوقع... قامت بأنواع الحيل والدراما لتستعيد وليد.. مما جرح كبريائه وقلبه على حدٍ سواء.. والتزم مزرعته مبتعداً قدر الإمكان عن سماء.. لكن القدر جمعهما في عرس وليد.. لتعيث بقلبه ومشاعره جنوناً من جديد.. ومع هذا كان من الممكن ان يعود بعد عرس وليد ويلتزم صومعته هارباً منها.. لكنها هذه المرة لم تعطه الفرصة.. بل صممت أن تجعله هدفاً للعبتها الجديدة.. وهو الأحمق القلب صدقها بكل بلاهة .. وبنى كل احلامه فوق سراب العلاقة التي ظن انها نبتت بينهما.. شعر الياس بوجع عظيم في قلبه.. لقد تمنى عشرات المرات لو انه لم يكشف كذبتها.. لو انه ظل مخدوعاً بها وسعيداً برفقتها على ان يعرف حقيقتها ويبتعد عنها... لقد لعبا معاً ضد بعضهما.. خدعا بعضهما.. وجرحا بعضهما.. ولم يعد هناك مجال للعودة ابداً.. ابداً
-اذا كنت انتهيت من تأمل المقلاة يا حبيبي.. فإسمح لي ان أذهب
خرج الياس من غيبوبة افكاره
-ها ها ها ما هذه الطرافة يا كل الظرافة
ضحك وليد واتجه نحو باب الشقة وفتحها وهم بالخروج لكنه التفت الى الياس ليقول: اوه نسيت ان اخبرك.. سماء لم تأتي لوحدها
اسوّد وجه الياس بينما اكمل وليد ببراءة: جاءت مع المحروس ابن عمتي،
الغضب الذي كسى وجه الياس بدا مضحكاً لوليد...
زمجر الياس: لا تقل أنه ابن العمة الذي في بالي
-انه ليس احمد ولا تامر
تطاير الشرر من عيني الياس: سأقتلها.. سأقتل سماء الهاشم بكل تأكيد
رفع وليد حاجبه: لقد بدت في قمة انسجامها معه... لربما سيحظى ايهاب بالفرصة التي تمناها اخيراً.. من يعلم... تصور لقد سمعتها تناديه "هوبا" .. ايهاب الذي كانت تناديه "المعفن" صار هوبا يا جدعان!!
تقدم الياس نحو وليد بخطوات اجرامية فما كان من وليد الا ان هرب قائلا على عجل: الى اللقاء.. وخرج مغلقاً الباب خلفه ليرتطم صوت الياس الغاضب منادياً بإسمة بالباب المغلق
..ضحك وليد وهرول على عجل نحو المصعد ليستقله متحاشياً امكانية لحاق الياس به.. رن هاتفه .. نظر الى الشاشة فكان اسم الياس يشع بإلحاح.. ارتفع صوت ضحكته وهو يضبط الهاتف على وضع الصامت... ليحترق قليلاً .. فيبدو ان الياس يحتاج دفعة من الادرينالين ليستيقظ من سباته ويحاول ان يستعيد سماء.. ربما هو لا يحب سماء كإمرأة لكنه بالتأكيد يحبها ورغم كل ما حصل كإبنة عم ويتمنى لها السعادة فهو يعلم اكثر من غيره كم عاشت حياة غير مستقرة لا يوجد فيها اي مفاهيم كالسعادة والاسرة والأمان.. وهو واثق ان هذه الاشياء يمكن لألياس ان يقدمها لها.. وليعوض على جرحه لها بتركه اياها.. فسيحاول جهده ليقرب بينها وبين الياس.. واصل وليد الضحك وهو يفكر: سيكون لقاءاً تاريخياً

بعد ساعة كانت سماء تتأفف داخلياً من التصاق ايهاب "المعفن" بها هنا وهناك.. لكن عليها ان تتحمل.. لقد بدت الفكرة وهي في مصر في بيت عمتها فكرة ممتازة لإغاظة الياس خصوصاً مع الماضي الأسود الذي يجمع بين الهمجي والمعفن.. لكنها الان تشعر بالندم .. هل يستحق هذا الفلاح العديم القلب ان تتحمل سماجة المعفن وبجرعة مكثفة؟ قبل ان تجيب كان صوت الياس يهز اركان البيت: اين هي؟ اين هي؟
صوت الخادمة خرج مرتجفاً: لو سمحت سيد الياس اهدأ.. عن اي السيدتين تسأل؟
كاد الياس ان يخنق الخادمة عندما شتت انتباهه طقطقة كعب حذائها.. انه يعرف صوت احذيتها الرفيعة جيداً.. رفع رأسه بحدة .. ليتساقط قلبه من جمال المرأة التي وقفت في منتصف البهو قائلة باستهزاء: انه يقصدني انا يا جانين.. بأمكانك الانصراف شكراً..
هربت جانين من فورها .. بينما وقف هو يتأملها بين غضب وشوق.. ولا يعلم نار أيهما كانت تحرقه أكثر.. ها هو يراها بعد شهر من الفراق والقطيعة حين سافرت بعد لقائهما الأخير الى عمتها في مصر لتزورها.... لا ينسى لقائهما الأخير الممزوج بدموعها وخيبة امله .. لقد زارته بعدها كثيراً في أحلامه.. مرة لتغويه بحبها ومرة لتقتله بحبها ايضاً... لم تبدو مختلفة كثيراً عن قبل شهر.. الفرق الوحيد انه يحبها أكثر .. هل من رجل اكثر حماقة منه؟ يعرف ان المرأة التي يحبها أمرأة مخادعة وكاذبة ومع هذا فهو يواصل حبها بل ويزداد حبا لها!...
كتّفت ذراعيها : ما الذي شرفنا بزيارة الفلاح ؟
اسودت عيناه بظلام الغضب: هل صحيح ما سمعت؟
رفعت حاجبها: هذا يعتمد على ما سمعت؟
-هل جاء معكِ ذاك المعفن؟
ببراءة اجابت: تقصد هوبا؟
كأنها فتحت أبواب الجحيم في وجهه: هوبا من يا ام هوبا.. هل تسمين المعفن هوبا الان.. هل نسيتي ما فعله؟
(لم أنسَ طبعاً ،، لكنني ايضاً لم أنسَ ما فعلته انت بي ايها الهمجي العديم القلب)
اجابت بنفس النبرة البريئة: وقد سامحته.. ثم ما دخلك انت؟
رعد : سمااااء
ارتجفت داخلياً من غضبه لكنها لم تسمح له ان يرهبها..
-انت لا تملك الحق في قول اي شئ الياس.. نحن اقارب ونتفاهم فيما بيننا.. من تكون أنت؟
طفح الكيل... طفح الكيل..
تقدم الياس نحوها بخطوات اجرامية.. مما جعل تماسكها يطير في الهواء.. حاولت ان تتراجع هاربة لكنه كان اسرع منها.. امسك بمعصمها وجرها خلفه..
صاحت معترضة: اتركني..
واصل جرها خلفه .. وشياطين العالم كانت تتقافز امام وجهه.. عبر الباب المؤدي الى الحديقة وهبط السلالم وسط اعتراضها ومحاولاتها للتملص من قبضته..
صرخت بصوت صمّ أذنه: اتركني ايها الهمجي المتوحش
التفت نحوها وامرها بغضب: اصمتي..
وجرها بقوة يحثها على التقدم لكن كعبها الرفيع افقدها توازنها فتعثرت على اخر درجة لتسقط فخطى بسرعة الى الأمام هاتفاً بإسمها لتسقط على صدره.. تشبثت به بينما امسك بخصرها.. لهث كلاهما بقوة.. عبر عطرها الى رئته فإنتشر الشوق مضاعفاً في جسده.. همس بقلق: هل انتِ بخير؟
ابتعدت محررة نفسها من بين يديه ثم رفعت عيناها الياقوتيتين اليه.. تطاير الشرر من خصلاتها الشقراء المحمرة.. ثم رفعت يدها اليمنى امام وجهه بتحدي فانقبض قلبه بشدة حين لمح خاتم خطبة يستقر في اصبعها.. لا.. لا .. لن تعيدها .. لن تقتله بنفس السلاح مرتين.. لن يتحمل ان ترتدي خاتم رجل اخر..
صاحت به: هذا ما يفعله هنا.. انه خطـ....
قبل ان تكمل كانت يده الخشنة تغطي فمها وصرخ بها: اخرسي.. اخرسي..
ازاح يده عن فمها ليمسك كفها المرفوع امامه ويستخرج منه الخاتم بقوة.. اعترضت صائحة: ماذا تفعل ايها المجنون؟
رمى الخاتم الى ابعد نقطة مكنته منها ذراعة.. وسط صرخات غضبها المعترضة .. ثم عاد ينظر اليها.. امسك بكتفيها بقوة.. وانحنى نحوها وقال بشر مطلق: أقسم أنني سأقتلكِ سماء.. وسأقتله .. وسأقتل أي رجل يفكر ان يقترب منكِ .. اذا اردتي ان يعود المعفن صاغ سليم الى امه.. انهي هذه المهزلة...
ثم رفع احدى كفيه عن كتفها ليمسك ذقنها رافعا وجهها المرتعب الى أعلى.. لتنظر في عينيه اللتين اعتمتا بشكل مخيف: إن لم تكوني لي.. لن تكوني لغيري.. اعتبريني الرجل الوحيد على هذا الكوكب يا سماء.. وبما أنكِ فقدتي فرصتكِ معي.. فلن أسمح لرجل ان يأخذ فرصته معكِ... لا أرحم ولا أترك رحمة الله تنزل.. فهمتي؟
ثم وقبل ان ترد.. نفضها عنه وابتعد ليأتيه صوتها من خلفه وقد استعادت شيئاً من شجاعتها: أنت لن تتحكم بي الياس الشيخ..
التفت نصف التفاتة وابتسم بسخريه: هل تراهنين؟
وواصل ابتعاده واضعاً يديه في جيبيه ماشياً بكل ما على الأرض من ثقة وكبرياء..

السكر likes this.

moshtaqa غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-12-16, 07:04 PM   #1595

moshtaqa

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية moshtaqa

? العضوٌ??? » 105077
?  التسِجيلٌ » Dec 2009
? مشَارَ?اتْي » 2,935
?  نُقآطِيْ » moshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond repute
افتراضي


لم تعرف زنبق كيف تصف يومها حقاً.. لقد بدأ بطريقة غريبة .. حين فتحت عينيها صباحاً كان صخر يشرف عليها من عليائه.. مرتدياً بجامة بيتية .. رمشت دون ان استيعاب.. ثم استيقظت حواسها تماماً .. لتتسع عينيها بمفاجئة.. في الحقيقة مفاجئتين.. الأولى هي وجوده هنا في غرفة نومها في حين انها حين نامت كانت وحيدة في الشقة.. أما الثانية فقد كانت مظهره البيتي الذي لم تره فيه من قبل.. والذي لسوء حظها كان يتجاوز مظهره الرسمي وسامة وجاذبية.. شعرت بسخونة ترتفع الى وجهها استقامت على السرير مرتبكة شاكرة منامتها القطنية القصيرة الأكمام لأنها "مستورة" بما يكفي ..
-كيف دخلت؟ همست أول ما خطر على بالها
دون كلام رفع امامها مفاتيح شقتها ورماها على الطاولة.. إتسعت عيناها.. متى اخذها؟
-املك الآن نسخة من مفتاح شقتك .. لم تتوقعي أن أطرق الباب وأنتظر إذنك لأدخل.. أليس كذلك؟
فعلاً لم تتوقع ....... اكتفت بالصمت وهي تخفض بصرها نحو غطاء السرير الأبيض.. وعقلها يراجع ما حصل الأمس.. كل ذلك الغضب الذي ألقاه عليها.. كل ذلك الألم الذي شعرت به حين رأته يغادر.. كيف يمكنها أن تشرح أن وقع خطواته المغادرة يفوق وجعاً في قلبها من وقع كلماته المهينة.. هل كان سينفعها لو أنها ركعت امامه.. تتوسله ان يسمعها.. أن يصدقها.. أن يحبها من جديد... إبتسمت بمرارة.. بالتأكيد لن يصدق.. لقد قالها البارحة صراحةً.. صخر لن يصدقها أبداً.. وهذا عقابها
جائها صوته أكثر برودة وقسوة: إنهضي وأعدي لي الفطور..
رفعت رأسها متفاجئة..
-ها؟
-ما هو الـ "ها"..... الفطور .. تلك الوجبة التي نتناولها صباحاً.. (رفع حاجبه) آه بالطبع طبيعة مهنتك لم تكن تؤهلك لتناول الفطور اليس كذلك؟ تأتين فجراً.. تنامين طول النهار.. ثم تخرجين مساءاً..
السكين المثلمة الصدئة عادت تذبح قلبها من جديد.. دون تعليق.. نهضت من سريرها.. تشعر بعينيه تراقبانها .. لو كانت النظرات تقتل.. لربما كان صخر قد قتلها منذ حفل عرسها.. ومن أول نظرة !
لم يكن صخر بحالٍ أفضل منها.. دخل الى شقتها قبل ساعتين.. لا ينوي على شئ سوى إخافتها ربما.. لكنه حين دلف الى غرفتها ووجدها نائمة بين الكثير من الوسائد وتحتضن احدها بكلتا يديها.. وشعرها البني يتناثر حولها مثل سهام سامة تدخل صدره .. لم يستطع ان يهزها بقوة موقظاً إياها من السلام الذي يبدو انها غارقة فيه.. وقف تحت ستر الظلام يراقب نومها الهادئ.. ويستمع الى صوت تنفسها البطئ.. بعد نصف ساعة تقريباً.. تململت بقلق.. وتعكر السلام على وجهها بتعابير متألمة.. وبدت وكأنها تحلم.. تقلصت اصابعها على الوسادة .. ومن خلف أنفاسها المضطربة سمعها تناديه.. ثم بدأت تنتحب.. وهي تهذي بكلمات معظمها غير مفهومة لكنها كررت اسمه اكثر من مرة .. كمن يتوسل.. تسارعت انفاسه حتى كاد صدره ان ينفجر.. ما الذي تفعله به هذه المرأة؟ أما يكفيها ما عاثته في قلبه من ألم ؟ لماذا تناديه بكل هذه المرارة .. لماذا تحلم به؟ لماذا؟ ... همست مرة أخرى بإسمه بعذاب .. تحرك جسده دون امر من عقله.. ركع على الأرض بجانب سريرها... ومد يده ليزيح اصابعها المتقلصة عن الوسادة ويحيطها باصابعه .. احاطت اصابعها بإبهامه وراحت تشد عليه وهي تواصل هذيانها ونحيبها.. فضغط باصابعه حول يدها.. لتسترخي اخيراً.. وتلين ملامح وجهها.. ويهدأ بكائها .. ويعود تنفسها تدريجياً الى الطبيعي.. وتغرق من جديد في نوم بلا كوابيس.. في تلك اللحظة بالذات .. تسللت اولى خيوط النور الى الغرفة.. ها قد بزغ الفجر على وجهها الجميل .. إبتسم بمرارة غير قادر على سحب يده عن يدها.. يدها الناعمة الصغيرة .. يدها الرقيقة.. يدها التي تمسك بقلبه وتعتصره دون رحمة.. أظلم وجهه بينما النور بدأ بإحتلال الغرفة.. تقلصت اصابعه على يدها بوجع.. وتدفقت ذكرياته معها لتجلده دون رحمة ..
كان يوماً شتوياً.. البرد يحتل المدينة والثلج يتساقط بغزارة.. الجميع يمشي مستعجلاً للذهاب الى مكان دافئ.. بعضهم يعود الى بيته والاخر يلتجأ الى المقاهي .. وحدهما كانا يسيران على مهل..
-احب الشتاء... علقت بصوتها البطئ الرقيق
-وماذا تحبين أيضاً؟
رفعت اليه عيناها الخضراوان الممتزجتان بالعسل.. وابتسمت بدفئ كان كافياً ليذيب كل الثلوج على هذا الكوكب وهمست بعاطفة: أحبك أنت ..
كانت المرة الأولى التي تنطقها،، المشاعر التي احسها لحظتها فاقت امكانية اللغة على الوصف.. وفاقت امكانية قلبه على التحمل.. وقف في مكانه وصاح بقوة حين كاد ان يختنق حباً :آآآآآخ
فأقتربت منه تسأل بقلق: صخر.. ما بك؟
امسك بذراعيها المندستين تحت معطفها الوردي.. وتأمل وجهها الجميل القلق .. وشعرها المغطى بقبعة وردية انوثية .. ودون سابق إنذار ، احتضنها...
لم تكن هناك كلمات يمكنها انذاك ان تصف ما يشعر به من حب فأكتفى بأخذها بين ذراعيه.. مقرباً إياها أكثر من النقطة التي تنتمي اليها.. من النقطة التي لا تحتوي غيرها... من قلبه!
ليلتها حين وقف امام عتبه بيتها ليتمنى لها ليلة طيبة.. نظرت اليه بحزن : لا أريد ان ينتهي هذا اليوم.. لا أريد ان انام
وتركته لتتجه نحو الأرجوحة وتجلس عليها.. ونظرت اليه برجاء: هل نبقى هنا؟
-أخاف ان تمرضي.. قالها بقلق وهو يجلس بجانبها بقلبٍ خافق..
جمعت ساقيها ورفعتها الى الارجوحة ومالت لتستلقي واضعة رأسها على ساقه:لن أمرض،، ستدفئني أنت..
صوتها الدافئ.. صوتها المتردد.. صوتها البطئ.... ذبحه ..
حرك الأرجوحة الى الأمام والخلف.. وضع كفه المغطاة بقفاز جلدي على كتفها.. بينما استلقت كفها المزينة بقفاز صوفي وردي قرب وجهها على ساقه..
-إحكي لي حكاية قبل النوم......
-ألم تقولي انك لا ترغبين بالنوم
-سأسمعها دون ان انام.. اعدك
-هل سألعب دور الوالد الآن؟
-أنت تلعب كل الأدوار في حياتي صخر..
اغمض عينيه وتنهد.. ماذا تفعل به هذه القصيرة القامة بمظهرها البرئ بهذه القبعة والمعطف الطفوليين..
-كان هناك اميرة.....
قاطعته: يجب ان تقول كان ياما كان، في قديم الزمان.. هكذا تبدأ الحكايات
إبتسم: حسناً حسناً.. كان ياما كان في قديم الزمان.. كان هناك اميرة...
واصل حديثه وبعد بضع دقائق .. شعر بجسدها يسترخي.. وانقطعت الـ "اجل؟" التي كانت تقولها من حين لآخر وهي تطالبه بالمتابعة..
انحنى قليلاً للأمام ليجدها قد غفت تماماً.. ابتسم وهمس لها: ألم تعدينني أنكِ لن تنامي؟...
ثم تأملها بحب وقال بحرارة: وأنا أحبك ايضاً زنبق.. أحبك جداً حبيبتي
............
عاد صخر من ذكرياته مبتسماً بمرارة، وهمس لوجهها النائم: كان علي ان اعلم منذ ذلك الحين أنكِ لا تفين بوعودك..
سحب يده ونهض مستقيما.. وظل يتأملها حتى استيقظت..
ان كان يظن أنه اعتاد على جمال عينيها فقد اثبتت له وهي تفتحهما انه مخطئ.. انشق صفي رموشها البنية عن الغابة الخضراء الداكنة التي تستقر في عينيها مختلطة بنقط العسل.. رأى الحيرة ثم الدهشة ترتسم تباعاً على ملامحها..... كيف لإمرأة واحدة لا تتعدى المئة والخمس وستين سنتمراً ان تجمع كل هذا القدر من الانوثة والجمال والزيف..... وعند ذكر الزيف عادت ذاكرته تنتعش بالحقد .. وقلبه ينتعش بالوجع .. فأنغلقت ملامحه على القسوة ..
( زنبق، لا ذكرياتنا الجميلة ولا وجهك المرتسم أمامي بكل هذه البراءة كفيل ان يغير مسار انتقامي.. لتتخلصي من حقدي وانتقامي.. تحتاجين معجزة.. وقد ولّى زمان المعجزات ! )
************************************************** ****

كانت زنبق تهم بالخروج من عتبة باب الشركة بعد يوم عمل طويل.. حين جائها اتصال انجل لتخبرها بأن جوزيف قد استيقظ منذ بضع ساعات ..
كادت زنبق ان تبكي فرحاً.. منذ دخول جوزيف وانجل الى حياتها صار يمثل كليهما قيمة كبرى بالنسبة اليها.. هذه الانسانية العالية التي يتمتعان بها.. هذا التناغم وهذا الحب.. هذا الإحساس العالي بالحماية حتى لشخص مثلها لا يمت لهم بصلة .. جعلها ترى اي جمال تحمله روحهما.. حين غاب جوزيف عن العالم شعرت زنبق بالحزن العميق.. كأن اخوها هو من رقد على ذلك السرير.. اضافة الى احساسها ان درع حمايتها الوحيد قد اختفى.. هذا عدا ذكر ألمها وتعاطفها مع ردة فعل أنجل وحزنها العميق على زوجها..
لم تعرف زنبق حباً اكبر من الحب الذي شهدته بين أنجل وجوزيف.. ربما ليس الحب وحده ما يجمعها.. انه شئ ما اكبر بكثير.. كانت تلاحظ طبيعة علاقتهما في الفترة التي عاشت فيها تحت رعاية عائلتهما.. كانا كأنهما يتحركان على نغمة واحدة.. يرتبطان بخيوط خفية تسيّرهما دوماً بذات النسق.. ويجتمعان بقوة جاذبية تجلب احدهما الى الآخر على الدوام .. كما تجتلب جاذبية الأرض التفاحة المرمية نحو الاعلى الى سطحها مرة أخرى..
انه ليس الحب فقط ما يجمعهما.. أنه انتماء كذلك.. لم يمثل جوزيف وانجل لبعضهما حبيباً.. بل وطن !
وهذا ما يجعل وضع أنجل أشد صعوبة..
دخلت المستشفى بخطى مسرعة.. قابلت كايل وزوجته اللذان كانا يتجهان الى الخارج مغادرين.. القت عليهما تحية سريعة وهنأت كايل بعودة جوزيف سالماً.. ثم إبتسمت لزوجته الهادئة : كيف حالك سيدة أرورا؟
إبتسمت لها أرورا ببرود: اهلاً زانباك..
وبعد اسئلة روتينيه عن الحال تركتهما لتتجه نحو غرفة جوزيف..
خارج الغرفة كانت انجل تجلس ممسكة بكوب ورقي تحتسي منه بشرود.. حالما لمحتها وضعت الكوب على المقعد واتجهت نحوها تعانقها بقوة ..
-لقد عاد زنبق.. عاد
احتضنتها زنبق بحب وعيناها تمتلئان بدموع التأثر: ألم أقل لكِ سيعود..
بعد دقائق كانت أنجل تنظر في قعر كوبها بقلق: لا أعلم كيف سأخبره يا زنبق..
هي الوحيدة التي تعرف تفاصيل كل ما حدث.. داخلها كانت تعلم ان معرفة جوزيف بهذه التفاصيل ستتسبب في غضبه جداً... ما فعلته انجل سيمثل صفعة قوية للثقة المتبادلة بينهما.. لكنها بالتأكيد لم تستطع ان تقول هذا لأنجل القلقة
-سيتفهمكِ أنجل.. بالنهاية لم يكن الأمر سهلاً عليكِ.. لقد رأيته بأم عينك يطلق النار على مدني.. من اين لكِ ان تعرفي أن هذا تدريب؟
-كان علي أن أسأله.. كان علي ان اثق بقلبي يا زنبق
لم تعرف زنبق ما تقوله لها.. لأن أنجل قالت ما تفكر هي به.. هي أكثر من يعلم كم ان بعض الامور التي نراها حقائق ومسلمات هي ليست كذلك في الحقيقة.. وان علينا احياناً ان نثق بقلبنا لا بالدلائل
وضعت يدها على كتف أنجل: سيمر كل شئ يا أنجل.. سيمر.... لقد مررتما بما هو اصعب.. (ثم اشارت باصبعها الى الكوب الورقي) تعلمين ان القهوة مضرة لصحة الجنين
شع حنان غامر وجه أنجل: ليست قهوة.. شاي..
-سيفرح جوزيف كثيراً بالخبر
انطفأ وجهها ثانيةً: لا أعلم ان كان سيفرح يوسف بأي شئ بعد ان اخبره بما فعلته
توجعت زنبق .. انجل لا تستحق هذا العذاب.. ولا جوزيف..
أكدت لها: بالتأكيد سيفرح.. آمني بأن حبكما سيتخطى كل الصعاب..
بعد ساعة ونصف فتحت زنبق باب شقتها لتجد صخر يقف قرب النافذة المطلة على الشارع .. خفق قلبها برعب.. كان وجهه قد استحال الى شئ يشبه اسمه.. ليصير صخر اسمٌ على مسمى.. حدق بها بغضب.. لا لم يكن غضباً.. كان شيئاً أقسى وأقوى واكثر اثارة للرعب.. وفهمت دون ان ينبس ببنت شفة انه قد رآها تنزل من سيارة السيد "ماكين".. ابتلعت ريقها بخوف تتخيل الأفكار التي تدور في رأسه.. فتحت فمها لتتكلم لكنه سبقها وتحرك.. في تلك اللحظة شعرت بأن الخوف كلمة صغيرة جداً وتافهة جداً لوصف هذه الارتجافات التي تعبر جسدها وقلبها على حد سواء..
رأت كل شئ مثل التصوير البطئ.. صخر يتقدم نحوها .. بدا لعينيها في تلك اللحظة وكأنه شفي من اصابته وان ساقه تتحرك بسرعة الساق العادية ان لم يكن أسرع.. اتسعت عيناها خوفاً لكنها لم تستطع ان تتحرك.. تسمرت في مكانها تنتظر براكين إله الحرب "أريز" لتصب فوقها.. وفعلا لم تمضي الا ثواني حتى كان أمامها.. ودون مقدمات امسك رقبتها بكفه يضغط عليها: من هذا الذي اوصلك؟
لم يكن هذا صوته الذي وصل اذنها بل صوت طبول حرب تدق في كل حرف نطقه.. شعرت بالاختناق واصابعه القوية تضغط على عنقها..
تمتمت برعب وقد شحب وجهها خوفاً: انه السيد ماكين
كان وجهه ينضح قسوة.. ويده ما زالت على عنقها
صرخ: من هو هذا اللعين؟ عشيقك؟ زبونك؟ من؟ .. من؟
كان يهزها بيده الممسكة برقبتها فأختنقت وبدأت بالسعال.. بينما دمعت عيناها وهي تحاول جاهدة التنفس.. أدرك حالتها فأرخى يده قليلاً فعبأت رئتها على الفور بنفسٍ شاهق وهمست: انه يعمل معي..
عاد يشدد على رقبتها: انتهى العمل منذ ساعتين
يده التي تعتصر رقبتها رفعتها عن الأرض مثبتةً اياها على الباب خلفها.. طوحت ساقيها برعب وهي تنظر مباشرة في عيني صخر الذي صار وجهه يقابلها تماماً.. خنقتها يده أكثر مما ذكرها بيد وليد حين حاول قتلها يوم عرسهما... اغمضت عينيها ،، وتوقفت ساقاها عن الحركة..وتمنت من كل قلبها ان يقبض صخر روحها.. لكنه لم يكن ليتركها لسلام الموت.. اذ عاد وارخى يده مبقياً اياها معلقة... فهمست من بين انفاسها المتقطعة: لقد قابلته بالمشفى.. حين ذهبت لزيارة انجل.. لقد كان يزور ابنته المريضة.. اقسم .. اقسم....
انفجرت باكية حين خانتها قوتها.. نظرت اليه من خلال دموعها وواصلت: والله لقد جاء يزور ابنته وصادفني....لم ارد ان يوصلني لكنه أصر وخجلت ان ارفض، انه بعمر والدي......... والله انه يعمل معي ...... يمكنك ان تتأكد........ أسأل عنه في الشركة التي اعمل بها
أرخى صخر يده أخيراً.. لمحت من خلف غمامات الدموع وجهه الحجري الذي لم يلن بعد.. بينما هي لم تستطع ان تتوقف عن البكاء.. ادركت ان صخر قادر على قتلها ان راوده ادنى شك عنها..
انزلها لتلامس قدمها الآرض من جديد .. لكن ساقاها لم تحملاها فجلست في مكانها.. تغطي وجهها بيديها وتبكي.. بينما وقف صخر على بعد خطوة منها يشرف عليها من صومعة حقده
وقف عاجزاً عن فعل شئ.. صدره يرتفع وينخفض بإنفعال.. المشاعر التي انتابته وهو يراها تنزل من سيارة غريبة ورجل ينزل ليودعها جعلت شياطين العالم تتقافز امام عينيه.. لم يفكر سوى بإحتمال واحد وهو ان هذا الرجل عشيقها..
والان وهي تبكي عند قدميه كما خطط دوماً.. لا ينتابه الا شعور الألم والضيق.. ابتعد عنها .. دخل الى غرفتها واجرى اتصالاً بصديقه صاحب شركة "ايزي تكنولوجي" .. بعد خمس دقائق خرج وهو متأكد ان هناك رجل في منتصف الاربعينات اسمه جون ماكين يعمل في الشركة.. وانه في اجازة لأن ابنته في المستشفى..
زنبق لم تكن تكذب.. وها هي ما زالت تجلس عند الباب مخفية وجهها خلف يديها وتذرف الدموع.. اهتز قلبه.. ماذا عليه ان يفعل؟ كيف يمكنه ان ينتقم من امراة يحبها حتى هذا الحد وكيف يمكنه ان يحب امرأة لا يثق بها الى هذا الحد.. داخله يتصارع رجلين.. رجل حاقد لكل الاكاذيب التي سردتها زنبق ولكل الدمار الذي اصابت حياته به.. والاخر رجل ضعيف وعاشق.. يتوجع على حبه المزيف.. يتلوى حنيناً وشوقاً للحظة حب صادقة مع المرأة الوحيدة التي حرّمت نفسها عليه بأفعالها... اه يا زنبق.. ماذا أفعل بكِ؟ لا الغفران ممكن، ولا الحب ممكن.... وحده الانتقام ممكن
ومع هذا فقد تقدم نحوها وهو يقول بصوت آمر: توقفي عن البكاء
لم يبدو وكأنها سمعته، اذ واصلت شهقات دموعها تعذبه.. لم يستطع ان يقاوم .. هزم العاشق فيه الحاقد.. فأنحني يبعد يديها عن وجهها بيديه .. قاومته قليلاً ثم سمحت ليديها ان تطيعاه.. الاحمرار كسى وجهها المبلل بالدموع ورفعت اليه عينان تتلألأ داخلهما المرايا العاكسة .. خفق قلبه بقوة ..
ضبط ايقاع صوته على اللاعاطفة وقال : انهضي..
نهضت بمساعدته ودموعها وشهقاتها ما زالت لم تخمد بعد..
تواجها.. خفق قلبه ويده التي سحبتها من ذراعها لتنهض ما تزال تستقر حيث هي.. لم يعرف ماذا يقول.. انه يعيش احدى لحظات ضعفه التي سيندم عليها لاحقا.. لكنه لم يكن يبالي في هذه اللحظة... لقد حصل الكثير خلال يومين ... تزوجها.. واكتشف انها تحتفظ بكل ذكرياتهما... ثم سمعها تنتحب في حلمها منادية بإسمه... كل هذا كثير.. كثير جدا على قلبه الخائن
قال اخيراً: لماذا لم تطلبي الإذن لزيارة انجل؟
رفعت عينيها اليه.. ومسحت باصابع يدها الحرة خدها المبتل فأخذت قلبه بحركتها.. واجابت بصوتها البطئ المتردد: لقد اتصلت بي حالما خرجت من العمل تخبرني ان جوزيف قد استيقظ.. من فرحتي نسيت كل شئ..
داخله شعر بسعادة لأن جوزيف ميلر نهض من ازمته سالماً... لكنه قطب آمراً: لن تذهبي الى اي مكان بعد الان دون اذن مني يا زنبق
ابتلعت ريقها وغامت عيناها المليئة بآثار الدموع بسحابات الخوف وهزت رأسها: حاضر
تلك الكلمة ضربت قلبه مثل صاعقة كهربائية.. لكم كان يحب هذه الكلمة من بين شفتيها.. كلما كانت يطلب منها ان تفعل شيئاً ما كانت تهز رأسها كما الان.. وتهمس بحب: حاضر... كما همست الآن
تزحلق السؤال من فمه دون ان يستطيع منه: هل أحببتني يوماً؟
حدقت في عمق عينيه.. بدت كأنها تخترق روحه بنظراتها.. بدت كأنها تلمس كل جراحه واحداً تلو الآخر وتشفيها.. وفاض الحب من وجهها كما كان يفعل قبل ثلاث سنوات...
وهمست له بكل ما في صوتها الانثوي الرقيق من عاطفة: دوماً يا صخر.. دوماً
في تلك اللحظة سقط الحاقد صريعاً.. حمل العاشق راية انتصاره .. واستسلم اريز إله الحرب للحب... وما بين احرف الحرب.. انتزعت كلمتها "الرّاء" لتتحول الى حب..
لقد كان صخر من جديد.. صخر الذي كان يعرفه سابقاً.. صخر الذي كان يعرفها سابقاً...
احاط وجهها بيديه القويتين .. وانحنى نحوها،، لتنهار حصونه تماماً.. ورمى جميع اسلحته.. ليلتقط شفتيها... الرقيقتين كالحرير.. الناعمتين كوريقات وردة.. الفتاكتين فتنة وغواية..
شهقتها المتفاجئة، ضاعت بين شفتيه المطبقتين على فمها.. شعر بها تتوتر قليلاً كمن تفاجأ.. فضغط على شفتيها اكثر.. بعد لحظات .. شعر بها تبادله القبلة وجسدها يسترخي في حضرة هجومه العاطفي الرقيق...
في تلك اللحظة كانا مجرد .. رجل وإمرأة.. والحب ثالثهما!

السكر likes this.

moshtaqa غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-12-16, 07:05 PM   #1596

moshtaqa

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية moshtaqa

? العضوٌ??? » 105077
?  التسِجيلٌ » Dec 2009
? مشَارَ?اتْي » 2,935
?  نُقآطِيْ » moshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond repute
افتراضي

.................................................. .................................................. ............
كان وليد يجلس في غرفته في المستشفى يراجع بعض الأوراق المتعلقة بالعمل التطوعي القادم، حين لمح صدفة بين اسماء المتطوعين أسمها.. قطب بإستغراب.. قرب الورقة الى وجهه وانحنى نحوها قليلاً ليتأكد مما قرأ رغم عدم الحاجة لذلك.. اسمها من بعيد كان واضحاً جداً.. تينا ميلر.. القى الورقة على مكتبه... وشعر بذات الإضطراب الذي تصيبه به تينا ان مر به إسمها او ذكراها أو شخصها... لا يمكن أن تكون جادة!... هل تريد ان تذهب الى "تنزانيا" كطبيبة متطوعة؟ هل هي مجنونة.. استحضر شكلها الذهبي الأرستقراطي وحاول ان يتخيلها تعمل هناك لساعات طويلة في بلد لا يشبه مناخه مناخ امريكا.. ولا يشبه اهله العادات هنا.. قد تمرض من تغيير الجو.. قد تجد صعوبة في التكيف.. يا الهي تينا... تنهد... لا يمكنه ان يسمح لها بالذهاب.. لقد اعتاد هو على هذه الأعمال التطوعية وقد ذهب الى افريقيا من قبل.. لكنها لا تبدو من النوع الذي يستطيع تحمل الصعاب والعيش في مكان لن يمنحها اي نوع من الرفاهية...
أسند رأسه الى ظهر كرسيه الجلدي.. خلال الشهر الماضي قابلها مرة فقط حين ذهب الى المستشفى التي يرقد فيها جوزيف ميلر ليزور صديق له .. صادف ان وجدها هناك تجلس في حديقة المستشفى .. تخفض رأسها وتخفيه خلف شعرها الذهبي.. وكتفاها يهتزان .. ارتجف قلبه لا ارادياً... لقد كانت تبكي.. ولأول مرة لم يعطي اي اعتبار لفكرة انه سيتأخر عن موعده وهذا أمر لا يفعله ابداً.. اتجه نحوها وكلما اقترب كان صوت بكائها يصله اوضح فيقطع قلبه.. البكاء لا يليق بهذه الذهبية
-تينا..
رفعت رأسها اليه متفاجئة.. وجهها محمر قليلاً.. رموشها تلتصق ببعضها اثر الدموع التي تملأ عينيها الزرقاوين الجميلتين..
همست: وليد
جلس الى جانبها: لماذا تبكين تينا؟
-كأنك لا تعلم.. على الأغلب انت تشعر بالسعادة.. فلم يكن من الاشخاص المفضلين لديك
لم يغضب منها لرميها اتهام كهذا في وجهه، في الحقيقة لقد ظن انه يكره جوزيف ميلر.. لكنه بالتأكيد لم يتمنى ما حصل له.. حين سمع الخبر شعر بأسف شديد .. جوزيف رجل قوي ويستحق رغم كل شئ الاحترام.. فهو يحمي ما يقع تحت جناحه بكل ما اوتي من قوة.. ورجل كهذا لا يستحق ان ينام في المستشفى بين الحياة والموت.. ثم انه شعر بحزن كبير لأنه فكر بحالها هي .. وهو يعرف الى اي مدى تتعلق تينا بأخيها .. فكر كثيراً أن يذهب اليها ليطمئن عليها.. لكن عقله منعه.. وفضل ان يبقي المسافة بينهما رسمية كما قرر بعد تلك القبلة المجنونة.. ولكن عقله بالطبع لم يحسب حساب ان يراها هنا.. وها هو يجلس بجانبها يتلقى منها كلمات كانت ستكون في ظروف اخرى، قاسية..
-بالطبع لا اشعر بالسعادة تين.. انا لست شريراً
نظرت اليه .. انحنت زاويتي شفتيها الى الأسفل قليلاً ليتجلى الحزن على وجهها
-اعتذر ما كان علي ان اقول هذا، انا ... انا
ثم عادت تبكي بوتيرة أقوى.. فما كان منه الا ان احتضنها مواسياً...
حاول اقناع نفسه انه قد احتضنها لهذا السبب.. متجاهلاً الشيطان الذي يخبره، ان مواساتها هي مجرد حجة اتخذها لأنه كان مشتاقاً جدا اليها... كان قد مر بضعة أيام فقط على قبلته لها في الحفل.. بضع أيام لم يكن ينام فيها قبل ان يفكر بحلاوة طعم الذهبية.. وحين رآها الآن لم يستطع ان يقاوم هذه الجاذبية التي تشده اليها.. لم يستطع ان يقاوم لون بشرتها المضئ.. ولا لون شعرها اللامع ولا نظراتها المنكسرة .. ان تينا ميلر تملك سيطرة عالية عليه.. وهو ينساق نحوها في كل مرة .. رغم تحذيرات عقله.. ورغم ماضيه..
تعلقت يدها على كتفيه.. تتمسك به .. وهي تدفن وجهها في التجويف بين رقبته وكتفه.. زاد النبض في قلبه ضعفاً..
-انا خائفة..
همست له فضربت انفاسها الحارة بشرته لتحرقها.. خرج قلبه من مكانه لثواني ثم عاد.. وشعر بالحزن لأجلها.. لا يريدها ان تتألم.. فألمها ينتشر في قلبه قبل قلبها على ما يبدو.. شدد من احكام ذراعيه حولها.. وقال لها ما يؤمن به: سيستيقظ تينا... هل تحبين ان اتكلم مع الطبيب بنفسي؟
رفعت وجهها: لقد تحدثت اليه.. لكن شكراً لك ويل..
التقت عيناها الحزينتين بعينيه المضطربتين.. ثم انزلق نظره دون ارادة منه نحو شفتيها.. وتذكر بعذاب لذيذ طعمهما المُسكر.. ارتبك وجهها وابتعدت عن حضنه.. وتمنى لو انه يملك من قلة العقل ما يجعله يجرها الى حضنه من جديد مقبّلاً اياها هذه المرة.. لكنه بالتأكيد لم يفعل..
حين شعر بالعجز عن السيطرة على مسار أفكاره نهض دون موافقة قلبه وهو يقول: لدي موعد مهم.. من الأفضل أن اذهب
فتحت فمها كأنها ستقول شيئاً لكنها اكتفت بهز رأسها ..
-الى اللقاء تين
-الى اللقاء ويل..
ما ان تخطاها حتى وضع يده على قلبه يحاول ان يهدأ من نبضاته، بات الآن متأكداً ان تينا تؤثر عليه بطريقة لم يعرفها من قبل.. لكنه لا يستطيع ان يتورط معها بأي شكل.. ردد عليه عقله كل الحواجز بينهما: الدين، المجتمع، العادات، وبالتأكيد صفحته السوداء مع نور !
.....
رفع وليد رأسه عن حافة كرسيه.. لن يسمح لها بالذهاب الى تنزانيا... لا يمكنه ان يعرضها لهذا العمل الشاق رغم اعجابه بشجاعتها ورغبتها في مساعدة الأقل حظاً منها.. لكنه مع هذا لا يريد ان يعرضها لما يرافق هذا العمل من صعوبات.. قد لا يستطيع ان يقترب منها بشكل شخصي لكنها دون شك تهمه.. هذه الحقيقة لا تغيرها اي من الحواجز التي وضع قائمتها في عقله..
بحث في معلومات الإتصال المرافقة لإسمها على القائمة.. استل هاتفه وطلب رقمها.. بعد ثلاث رنات جاءه صوتها: مرحباً
زفر بحدة.. صوتها ذهبي مثلها..
ضبط صوته على نبرة هادئة: وليد يتحدث تينا
على الطرف الآخر حل الصمت لثواني.. صوت انفاسها وصله فأشعل النار في قلبه .. النار التي يحاول اخمادها بمنطق العقل
قالت اخيراً: مرحباً وليد..
-هل يمكننا ان نتقابل؟
-مممم، متى؟
خفق قلبه بفرحة صغيرة، هي حتى لم تسأله بخصوص ماذا؟ .. أتراها تشتاقه كما يشتاقها؟
-بعد ساعة من الآن ربما؟
-لا أستطيع لقد استيقظ جو منذ ساعتين فقط
داخله شعر بالسعادة، اولا لعودة الرجل القوي وثانياً لأن تينا الآن بالتأكيد في قمة السعادة
-يسعدني سماع ذلك.. اهلا بعودته....
-شكراً لك ويل..
عندما تقول "ويل" بهذه الطريقة هل يكون لديها ادنى فكرة عما تبعثه فيه من هزات عاطفية؟
-اذن ربما غداً صباحاً؟
-بالتأكيد.. سأدعوك للفطور على شرف عودة جو .. لنقل في التاسعة في مقهى "أوول آر ماندايز" قرب عملي؟
ابتسم وقد انتقل اليه المرح العابق من صوتها الذهبي
-حسناً ... جيد .. إذن سأحرص على إفلاسك غداً.. سأطلب القائمة بأكملها
ضحكت بخفة.. وتسائل.. لماذا لا تعاتبه مثلاً لأنه لم يتصل بها مطمئناً على حال اخيها؟ لماذا لا تعامله برسمية لأنه تركها في ذلك اليوم في المستشفى وهرب بحجة موعده؟ لماذا لا تكون كباقي النساء بحق الله !
- الى اللقاء غدا ويل
همس: الى اللقاء غدا تين
......................................
دخلت الى المقهى وقلبها يخفق بشدة، لم يستطع الشهر المنصرم ان ينسيها عيناه السوداوين الدافئتين.. ولا قامته النحيلة الفارعة .. ولا طعم قبلته الذي قلب كيانها رأساً على عقب..
(اهدأي تينا.. لا تفضحينا بحق السماء .. تشجعي)... حثت نفسها وهي تبحث بين الطاولات عنه حتى لمحته.. رفع اليها يده ينبهها لمكان جلوسه..
(حسناً افضحينا يا تينا.. فهذا القدر من الوسامة لا يجوز ان يكون لدى رجل واحد)...
وقفت من بعيد تنظر اليه كالبلهاء.. لم تستطع حتى ان تبتسم.. وتساءلت بغيظ .. لماذا يبدو اكثر وسامة خصوصاً مع اللحية الخفيفة التي زينت وجهه.. والقميص الأسود الذي احتضن صدره الصلب بأناقة وجاذبية..
(حركي قدميكِ يا غبية... تمت مهمة فضيحتنا بنجاح)
استمعت اخيراً لعقلها وتحركت.. مسيرة بقوة عينيه المعتمة.. يا الهي من اين خرج هذا الـ وليد ليقلب كيانها.. لم يمر عليها يوم واحد حتى وهي في قمة حزنها على جو دون ان تفكر به وبالقبلة التي تبادلاها.. كأنها كانت بحاجة لأحد كي يبعثر كيانها.. كأن الماضي لا يكفيها..
وصلت اليه اخيراً...
(تينا بإمكانك ان تصرخي يا فتاة وافضحينا فضيحة محترمة... فهذا الرجل قد ازداد وسامة فعلاً.. ومن هذه المسافة القريبة.. تبدو ملامحه الشرقية فتّاكة)!
-صباح الخير تين..
(صباح الخير ماذا يا رجل.. قل صباح الجمال.. صباح الوسامة.. صباح الحماقة .. صباح الفضيحة.. صباح الـ أنت)
-صباح الخير ويل..
جلست مبتسمة.. تحاول ان تخمد افكارها الداخلية داعية ان لا تبدو لوليد بذات القدر من الحماقة التي تشعر بها..
-كيف حال جوزيف؟
ازدادت ابتسامتها اتساعاً
-جوزيف بخير.. سيعود اليوم الى البيت..
-انا سعيد لذلك.. وكيف حالكِ انتِ؟
(انا في حالة شوق.. هل ستراني مجنونة ان قفزت وعانقتك ؟)
-بخير.. وأنت؟
ابتسم لها ...(حسناً انا في حالة ذوبان)......... اجاب: بخير.. ماذا تشربين؟
(اشرب حضورك .. اشرب عتمة عينيك.. اشرب حماقتي)
-شوكولا ساخنة
رفع حاجبه وابتسم: مدللة
واشار الى النادل، وطلب لها ما ارادت وطلب لنفسه فنجان قهوة و طبقي فطور..
حين انصرف النادل نظر اليها وقال بجدية: كيف حالكِ حقاً تينا؟
نظرت اليه.. واشتعل هذا التواصل الروحي الغريب بينهما والذي يجعلهما يفهمان ويتفهمان بعضهما بطريقة لا يمكن تفسيرها..
قالت بصدق تكشف له ما اخفته عن الجميع: لقد كنت ميتة ويل.. ذلك الشهر اخذ عمري كله.. اشعر أنني كبرت عشر أعوام في اليوم الذي اصيب به جو وغاب عن الوعي... كنت اخبر الجميع انه سيستيقظ.. لكن داخلي كان يصرخ خوفاً.. انا اكثر من يعلم ان مثل هذه الحالات قد تأخذ سنوات ليستيقظ المريض.. وربما لا يفعل ابداً.. كنت اذهب اليه كل يوم.. اقف عند سريره.. وافكر بما سأفعله ان فقدته.. وكانت الفكرة وحدها قاتلة.. أتعرف أسوأ ما في الأمر.. أنني أشعر بالذنب تجاهه.. فقد كان دوماً أخاً رائعاً ومثالياً، بينما لم اكن اختاً تليق به أبداً.. لقد تسببت في أكبر كارثة في حياته.. وعرضت حياته وحياة زوجته الحامل للخطر..
امتدت يده عبر الطاولة تلتقط يدها.. شد عليها بحنان قوي.. رفعت عينيها المبللة بالدموع الى عينيه.. فوجدت في عمق الليل فيهما حناناً غامراً
-تين، اعتقد انك تقصدين ذاك الرجل مايسون الذي استغلكِ للإنتقام من جوزيف.. لكن عليكِ أن تعلمي شيئاً واحداً وهو انكِ لم تكوني تعلمين من هذا الرجل.. نحن لا نلوم انفسنا على الأشياء التي لا نعرفها وتتسبب بأذية احبائنا بل نلوم انفسنا على ما نعرفه ونخفيه خوفاً على أحبابنا فإذا بنا نجرحهم ونؤلمهم اكثر في محاولتنا لحمايتهم... لا تلومي نفسك تينا.. لأنني أعلم أنكِ إن كنتي تعلمين من هو هذا الرجل لكنتِ واجهتيه كما واجهتني في اول لقاء بيننا
تذكرت لقائهما الأول... ضحكت من بين دموعها
-لقد كدت اموت من الخوف .. كنت مرعباً كالوحش
ضحك: ومع هذا دعوتني بالولد... لا يمكنني ان انسى هذا ابداً
-اوه وكأنك لم تدعوني بالقزمة والشغالة
ضحكا معاً.. وفي تلك الاثناء جاء النادل بفطورهما..
ارتشفت قليلاً من الشوكولا الساخنة ونظرت اليه : وأنت كيف حالك وليد؟.. حقاً
اعاد وضع فنجان القهوة على الصحن: لا أعلم تينا.. انا بخير.. هكذا يبدو وهكذا اشعر معظم الوقت.. لكنني مع هذا فقدت جزءاً من وليد الهاشم... ذلك الجزء المتعلق بالثقة.. صرت أشك في كل شئ.. صرت ابحث عن المعاني الخفية في كل كلمة اسمعها.. وعن المقاصد الخفية خلف كل شئ يفعله الآخرون.. اظنني صرت مريضاً بالشك..
شعرت بالحزن .. هي تعرف ما يعنيه بالضبط.. لقد عاشت فترة طويلة بعد مايسون فاقدة للثقة بذاتها وقراراتها قبل الاخرين.. وقد احتاجت جهداً كبيراً واصراراً أكبر لتستعيد بعض الثقة.. ومع هذا فهي في احيان كثيرة وحتى الآن.. تفتقر الى الثقة بالاخرين
لم تعرف بماذا تخفف عنه لكنها قالت ما تعرف انه حقيقة: انه قرارك انت يا وليد.. أنت من تقرر ان كنت تريد ان تعيد بناء جسور الثقة بحكمك على الاخرين ام لا.. ان الامر لا يتعلق بثقتك بالاخرين.. بل بقدرتك انت على تصديق صحة تقييمك للمقابل ومنحك الثقة له .. انت تحتاج ان تؤمن بقدرتك على الحكم على الآخرين بطريقة صحيحة .. ان فعلت.. فيمكنك حل ازمة الثقة بينك وبين العالم حولك..
كان ينظر اليها بتعابير غريبة.. يتأمل وجهها بطريقة غامض اربكتها.. وجعلت قلبها يتلوى بمشاعر غير مفهومة
-أتعلمين تين.. لا أعرف حقاً كيف تفعلين هذا.. لكن لك القدرة على تلخيص ما احتاجه خلال دقائق بينما يعجز الاخرين عن فعله طيلة اشهر..
ضحكت: انه سر المهنة
-على ذكر المهنة.. لقد اردت مقابلتك بخصوص هذا الموضوع
(وانا التي ظننتك مشتاقاً الي كما انا مشتاقة اليك.. يا حسرة)
نظرت الى كوبها.. ان رمته الان في وجهه واحرقته .. تراه سيتضايق؟
-ماهو؟
-لقد قرأت اسمكِ في قائمة طلبة الطب المتطوعين للذهاب الى تنزانيا..
-أجل بالفعل.. لقد قدمت الطلب منذ فترة.. كيف حدث ووصل اليك الأمر؟
-انا الطبيب الذي يقود مجموعة المتطوعين
اتسعت عيناها بمفاجأة.. حسناً هي فعلاً لم تكن تعلم هذا.. هل تعتبر الأمر ضربة من حظها الذي وقف في صفها لأول مرة؟
-لم اكن اعلم..
-في الحقيقة تين اردت ان اطلب منك سحب اسمك
ها هو الحظ يعود لمجراه .. ان لم يفعل كانت ستستغرب
قطبت: والسبب؟
-تين انه عمل شاق.. لقد سبق وذهبت الى افريقيا.. كل شئ مختلف هناك.. انها ساعات عمل طويلة وفي ظروف غير ملائمة.. بلد غريب.. مناخ غريب.. عادات غريبة.. ستصابين بالارهاق.. لا اظن ان عملاً كهذا يناسبكِ
شعرت بالغضب.. زحف الرفض على صفحة وجهها... هذا هو الأمر اذن؟ لا يراها مؤهلة بما يكفي لتعيش في ظروف اصعب مما اعتادت.. ماذا يظنها دمية باربي؟ انها طبيبة.. وقد اختارت هذه المهنة لتساعد الاخرين لا لتتباهى بالشهادة اما فتيات مجتمعها المخملي..
هتفت بحنق: اذن انت تراني غير مؤهلة للعمل ؟
اعترض: ليس كذلك.. انه لا يناسبك.. انه عمل شاق .. وانتي .. انتي ... حسناً.. تبدين هشة جداً مثل قطعة زجاج.. لن تتحملي الوضع هناك
غلى دمها.. اكثر ما تكرهه في حياتها هو هذه الفكرة التي يأخذها الناس عنها... لقد كانت كما يقول قبل خمس سنوات.. وبسبب ذلك كادت أنجل ان تموت !.. ومنذ تلك اللحظة قررت ان تكبر.. وان تصبح شخصاً أقوى .. وان تعيش بمبادئ اكثر قيمة وان تمنح حياتها هدفاً كبيراً... لا، هي لن تقبل ان يراها احد وخصوصاً وليد على انها فتاة مدللة لا تجيد صنع شئ ولا تنفع بشئ..
نهضت من مكانها: لن اسحب اسمي يا وليد.. لقد أخطأت حين ظننت انك رأيت حقيقتي.. يبدو انك تعتقد انني مازلت فتاة طفيلية مدللة لمجرد انني من عائلة غنية !سأثبت لك وللجميع أنني لست كذلك..
نهض هو الاخر وهو يقول معترضاً: تينا لم اقصد ذلك.. لقد ...
قاطعته: لا يهمني ما قصدت (اشارت للنادل تطلب الحساب).. الموضوع الذي جئت بي لأجله تم مناقشته.. لا داعي للبقاء
-تين لماذا كل هذا الغضب.. كل ما في الآمر انني قلقت عليكِ..
جاء النادل فسبقت يدها يد وليد واخذت منه الفاتورة وسددتها ... لقد وعدته ان تدفع الحساب... وهي تفي بوعودها
قالت ببرود وهي تغادر الطاولة: سأتأخر على المستشفى... الى اللقاء
لحقها وليد منادياً بإسمها... لا تعرف لماذا تشعر بكل هذا الغضب.. ربما لأنها توقعت منه ان يعرفها بشكل أفضل.. ربما لانها أملت انه ينظر اليها بطريقة مختلفة.. لكنها مخطئة .. مخطئة
شعرت بأصابعه تحيط بأعلى ذراعها ليوقفها..
-تين توقفي للحظة
توقفت واستدارت اليه: ماذا تريد؟
وقبل ان يجيب جائها صوت من خلفها يقول بإستغراب: تينا؟
التفت الاثنان نحو الصوت.. اتسعت عينا تينا بمفاجأة.. هذا ما كان ينقصها...
همست بدهشة: جورج؟
ابتسم لها جورج: ما هذه الصدفة (ثم نظر الى وليد الممسك بذراعها بطريقة غريبة) هل من مشكلة؟
وليد لم يمهلها لتجيب بل سأل بنبرة احد من النبرة العادية: من هذا؟
تكفل جورج بالإجابة: خطيبها ..........!

السكر likes this.

moshtaqa غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-12-16, 07:06 PM   #1597

moshtaqa

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية moshtaqa

? العضوٌ??? » 105077
?  التسِجيلٌ » Dec 2009
? مشَارَ?اتْي » 2,935
?  نُقآطِيْ » moshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond repute
افتراضي

.................................................. .................................................. .............
جلس جوزيف على الأريكة في غرفة نومه، تسربت اليه ذكريات ليلة عرسه الثاني، حين جهز لأنجل مفاجأة الديكور الجديد للغرفة والحال انه نسي ان يشتري اريكة ليتخذها سريراً فكانت تلك الليلة هي الأولى التي ينام فيها مع انجل في سرير واحد.. الليلة الأولى التي يتأملها بهذا القرب.. يسمع صوت انفاسها ويشعر بحرارتها.. لم يتجرأ يومها ان يلمس حتى طرف خصلة من شعرها.. ورضي بهذا القدر منها.. هذا القدر القليل الكثير..
لقد مر هو وانجل بالكثير.. عبرا طريقاً يبدو للاخرين مستحيلاً ربما.. وواجها الكثير من الصعاب لكن بالحب تخطياها.. وسيفعلان من جديد.. اليس كذلك؟
لقد انتظر وقت اختلائه بها في البيت طوال البارحة.. أراد ان يسألها لماذا كذبت عليه.. لماذا ذهبت الى العراق؟ لماذا خاطرت بنفسها؟ وما الذي سلمته ميراندا لها؟
تلك الحادثة التي تسببت في اصابته وغيبوبته لشهر كامل زرعت في داخله الرعب.. كان قد تلقى رسالة انجل المختصرة والتي جعلت قلبه يرتجف قلقاً.. فقد لاحظ ان انجل قبل سفرها كانت متوترة كوتر مشدود.. تنظر بشرود وبغموض وكلما سألها منحته عذراً أوهى من الآخر.. حتى انها لم تشاركه السرير بل نامت في غرفة التؤام بحجة انها اشتاقت لهما بعد فترة انشغالها بالعمل وتحضيرات العرس.. وجاءت سفرتها الى خالها لتزيد شكوكه.. اتصل على الفور بها فإذا بهاتفها مغلق.. فاتصل بخالها والذي اكد ان انجل في طريقها اليه.. لكنه مع هذا لم يسترح.. قلبه كان يخبره ان انجل لم تذهب الى خالها.. ان هناك شئ ما قد حصل.. وظل يساوره الشك ويلعب بعقله حتى انتصف النهار.. اتصل على خالها مرة اخرى فأخبره انها وصلت.. حين طلب منه ان يحدثها لأن هاتفها ما يزال مغلقاً.. تعثر خالها بالكلام ثم تحجج انها نائمة ... عندها طفح الكيل ووصل قلقه الى اقصاه.. اتصل بسكرتيرته وطلب منها ان تتأكد على اية رحلة سافرت زوجته.. ربع ساعة وجاءه الخبر الذي لم يتصوره..
قالت له سكرتيرته : سيد ميلر، السيدة انجل لم تذهب في أي رحلة من الرحلات المتجهة الى كندا.. لكن اسمها موجود في رحلة الحادية عشر صباحاً المتجهة الى العراق..
تجمدت الدماء في شرايينه... العراق؟ لماذا العراق؟ لماذا لم تخبره؟ ما الذي حدث؟ ارتجف قلبه قلقاً.. ما الذي يجعل انجل تعود الى العراق؟
نظر الى ساعته فكانت تشير الى الرابعة عصراً... اي انها منتصف الليل في بغداد.. لا يمكنه ان يتصل بأحد الآن.. عليه ان ينتظر حتى يحل الصباح بتوقيت العراق .. وهذا يعني انه لن يستطيع ان يتصل بأحد حتى الليل..
اتصل ليلاً بسامح.. لم يكن يملك غيره فهو لا يعرف هاتف احد من بيت السيدة عالية... أخبره سامح ان انجل لم تتصل به .. ووعده انها حالما تتصل سيخبره.. عاش تلك الساعات على اعصابه .. كان احساس كبير بالسوء ينتابه كأن شراً يحدق به .. خاف على انجل كثيراً.. الأوضاع بالعراق لا تبشر بخير.. ماذا ان حصل لها شئ؟ هل عليه ان يذهب خلفها الى العراق؟ .. ليعطيه سامح اي معلومة وسيطير من فوره الى العراق..
لماذا يا انجل؟ لماذا ذهبتي بهذه الطريقة؟ ما الذي حصل؟ ماهو الشئ الذي جعلك تكذبين علي؟ ماهو الشئ الذي لا تريدنني ان اعرفه والذي لأجله عدتي الى العراق؟....كانت الأسئلة تحرق قلبه وفكره.. ولعن نفسه لأنه لم يستمع الى الصوت الذي ظل يخبره منذ يومين ان زوجته ليست على ما يرام وان هناك شئ ما قد تغير فيها.. لماذا لم يصدق حدسه؟ لماذا؟... طرق رأسه بالجدار طرقات خفيفة متتالية.. لماذا ؟ لماذا؟
لم يذق طوال الليل النوم.. في منتصف ظهيرة اليوم التالي اتصل به سامح ليخبره ان انجل قد اتصلت، وانها تود مقابلته في موضوع خاص واوصته ان لا يعرف هو بالامر...
اكمل سامح: لكنني لم استطع ان لا اخبرك.. اعرف انك قلق جداً عليها.. لذا اردت ان اطمئنك.. هي بخير.. وسنتقابل غداً.. وسأرى ماذا تريد مني
أظلم وجه جوزيف .. انقبض قلبه بشدة ... تقلصت عضلات معدته.. حدث ما خاف منه .. بما ان انجل عادت الى العراق خلسة.. وبما انها طلبت مقابلة سامح.. فليس من الصعب ان يخمن انها عادت تبحث عن الماضي.. لماذا وعن اي شئ بالتحديد لم يكن يعرف.. لكن التفكير المنطقي يقوده للاستنتاج انه شئ ليس بصالحه .. عليه ان يسافر حالاً الى العراق
-حسناً سامح شكرا لك على كل شئ
..
انهى الاتصال مع سامح وثم رفع هاتف مكتبه الداخلي وحدث سكرتيرته
-اريد اول حجز على اي خطوط متجهة الى العراق.. وعلى اي درجة حتى وان كانت الاقتصادية
-حاضر سيدي..
بعد قليل دخلت عليه سكرتيرته : تم الحجز سيدي على الخطوط التركية.. رحلتك في تمام الخامسة عصرا
شكرها ونهض ملتقطاً سترته: اتصلي بسائق التؤام .. قولي له انني سأقلّهما من الروضة اليوم .. لا داعي لذهابه
وخرج ليركب سيارته منطلقاً نحو روضة طفليه ليقلهما ويخبرهما بأمر سفره .. لم يشأ ان يذهب دون رؤيتهما.. ولتوفير الوقت سيأخذهما في طريقه ويعود الى البيت ليأخذ حقيبة سفره وينطلق فوراً الى المطار.. اتصل على هاتف البيت وطلب تحضير حقيبة سفر صغيرة له..
حين وصل الى الروضة.. لمح التؤام ومعهما تقف أمرأة ... امرأة يعرف خصلاتها الحمراء الشريرة جيداً... خفق قلبه بهلع.. ميراندا..!!!!..... كان عليه ان يعلم .. كان عليه ان يعلم ..
نزل من السيارة مسرعاً.. صاح على الملأ: ميراندا .. ابتعدي
اجفل الأطفال الخارجين من الروضة من هذا الرجل الذي يصرخ في وسط الشارع مهرولاً ..
التفتت اليه بهدوء.. ابتسمت بخبث.. بينما وصل اليها ليشد ولديه ويضعهما خلف ظهره..
قالت بهدوء: على رسلك جو.. ستفزع الطفلين.. هل هكذا يلتقي الاصدقاء القدامى
صك أسنانه بقوة وقلبه ما يزال يضرب بهلع: لا تقتربي منهما والا قتلكِ
ابتسمت ابتسامتها القبيحة: لكنني فعلتها واقتربت..
كان المكان قد بدأ يخلو من الأطفال المغادرين واولياء امورهم.. حتى باص الروضة كان قد انطلق ..
التفت جو الى مايا وادم اللذان ارتسم على ملامحهما القلق والخوف.. ابتسم بحب محاولاً اخفاء قلقه وغضبه: ادم خذ اختك واذهبا الى السيارة سأتبعكما بعد قليل..
وهما يبتعدان لوحت لهما ميراندا قائلة بمرح :الى اللقاء..
لوح لها الطفلان ببراءة ..
اطمئن جوزيف ان التؤأم قد دخلا السيارة بأمان ثم عاد يلتفت الى ميراندا قائلاً بغضب بارد: ما الذي جاء بك الى هنا؟ كيف تجرؤين على الاقتراب من اولادي؟
-وهل هذا ممنوع؟ لقد خرجت من السجن بعد ان اتممت مدة محكوميتي.. انا الان حرة ولا يوجد قانون يمنع من الاقتراب من هذه الروضة
تمسك جوزيف بواجهته الباردة بينما يغلي غضباً: ابتعدي عن عائلتي ميراندا والا حطمتكِ
-أولم تفعل؟ لن اتركك جوزيف ميلر.. حتى احول حياتك الى جحيم.. صحيح هل اعجبت انجل بهديتي..
دق جرس الأنذار في عقله.. تأكدت كل مخاوفه.. وسقط قلبه رعباً.. لقد عادت انجل الى العراق لشئ ما له علاقة بالماضي.. وميراندا لها علاقة بالأمر
قطّب ولم يمنحها الفرصة لتعرف ما يفكر به.. ابتسم ابتسامة تجمد البراكين: وتشكركِ عليها...
ثم استدار عنها وهو يقول بنبرة تهديد: ابتعدي عن عائلتي..
مشى بضع خطوات.. اختفت الابتسامة الباردة وحل القلق الصرف محل الجمود على وجهه.. عليه ان يذهب الى انجل.. عليه ان يسافر حالا.. كان قد قارب الوصول الى سيارته حين صدح صوتها من خلفه: أعرف انها سافرت.. وسأحرص حين تعود على قتلها.. سأقتلها كما قتلت مايسون.. سأقتلها كما قتلتني أنت.. سنتعادل..
في تلك اللحظة فقد جوزيف آخر ذرات صبره .. كل شئ الا انجل.. كل شئ الا هي..
قطع الخطوتين المتبقيتين نحو السيارة بلمح البصر.. فتح الباب المجاور لباب السائق.. ابتسم لأولاده: احبائي.. اغمضو عينيكما واغلقو اذنيكما بأيديكما.. دادي لديه مفاجئة .. عدّو حتى المئة .. اتفقنا...
هز الطفلين رأسيهما والقلق يظهر على وجهيهما غير انهما التزما بقوله... حالما فعلا .. أخرج مسدسه الذي يحتفظ به في السيارة من مكانه واستدار نحو ميراندا وصوبه نحوها وهو يقول بتهديد بارد: ابتعدي عن عائلتي ميراندا.. والا قتلتكِ..
استلت هي الاخرى مسدساً من جيب سترتها الضخمة وابتسمت بحقد: هذا ان لم اقتلك اولاً..
ولم تمهله لحظة اخرى ليستوعب.. دوى صوت مزعج.. رافقه شعور بأن شيئاً ما يخترق صدره.. بعدها غاب كل شئ في الظلام..
حين استيقظ البارحة .. اخبره الجميع انه قد القي القبض على ميراندا وانها في السجن بتهمة محاولة القتل.. غير ان كاميرات الروضة اظهرت انه هو من استل مسدسه اولا نحوها مما يبدو وكانه هو من بدأ الشجار وهي دافعت عن نفسها.. ومن الممكن جداً اطلاق سراحها ثانيةً
..
عقله لم يكن في ميراندا الان.. سيجد حلاً لها.. لكن عليه ان يعرف أولاً ما أخفته عنه أنجل..
في تلك اللحظة .. دخلت أنجل اليه مبتسمة لكن وجهها كان مرتبكاً.. بين ذراعيها حملت بازونة
قالت بمرح يشوبه القليل من التوتر: بازونة ارادت ان تاتي وتسلم على جو
ابتسم.. واخذ بازونة من بين يديها وداعبها.. ثم وضعها ارضأ وقال اخيراً: قولي ما تريدين قوله أنجل.. اعرف ان لديكِ حكاية لتخبريني بها
ارتبك وجهها.. وجهها الذي بدا نحيلاً بإرهاق.. مثل جسدها.. وكأن الشهر الذي مضى استهلكها.. وهو يعرف هذا جيداً... ففاض قلبه حباً..
ملامح وجهها الفزعة ذكرته بأيامهما الأولى فأوجعته
نهض من مكانه، نظرت اليه بقلق.. رمشت مرتين ثم قالت: انا .. انا كذبت عليك
-أعلم أنكِ كنتي في العراق أنجل
اتسعت عيناها بمفاجأة.. شحب وجهها تماماً فأكمل: ما لا أعرفه هو لماذا؟
ارتبكت اكثر.. عصرت اصابعها تنورة فستانها البسيط.. بدت كتلميذه معاقبة..
-انا... انا.... ميراندا
قاطعها جوزيف: ما هو الشئ الذي اعطتكِ إياه ميراندا وجعلكِ تعودين الى العراق؟
سحبت نفساً ثقيلاً.. اخافه مظهرها.. فقد شحب وجهها حتى قارب البياض.. نضحت عيناها احساسا بالذنب.. ودق قلبه برعب.. احساس السوء يعادوه..
مدت يدها بإرتعاش وقدمت له فلاشة صغيرة وهمست: سامحني يوسف..
تقدم نحوها خطوة اخذ الفلاش ثم احاطها بذراعه يسندها ناظراً اليها بقلق عندما بدت كمن يريد ان يفقد الوعي: حبيبتي هل أنتِ بخير؟
اغمضت عينيها واستندت اليه للحظة: فقط سامحني..
ثم انسلت من حضنه..واتجهت لتجلس على الآريكة.. قطب جوزيف مستشعراً الخطر .. نظر الى الفلاش كمن ينظر الى افعى سامة.. تقدم ببطئ يخرج الحاسوب المحمول الذي يستخدمه احياناً في غرفة النوم من الجرار .. شغله ووضع فيه الفلاش.. اتسعت عيناه.. كان جانب من التدريبات.. المقطع ليس كاملاً.. يصوره هو فقط حين كان يقوم بتدريبات ميدانية.. فجأة وضحت الصورة في رأسه...
التفت الى انجل بحدة.. لقد ظنته قاتلاً!!... المرأة التي احبها أكثر من أي شئ.. والتي حلف لها مراراً أنه لم يمس اي عراقي او غيرعراقي بأذى.. المرأة التي كان واثقاً كل الثقة انها تعرفه جيداً.. وانها لن تفكر بالسوء حوله.. وانها تثق به وبإنسانيته.. المرأة التي تصور انه محى من عقلها صورة جوزيف ميلر الجندي... تظنه قاتلاً!!!!
بللت دمعه مآقيه لم يسمح لها ان تنزل.. شعر بطعنة ما في قلبه.. طعنة تأتيه من الخلف.. تخترق ظهره وتشق صدره مكان قلبه بالضبط..
بينما شهقت هي من الملامح المتوجعة المرتسمة على وجهه ونزلت دموعها دون حساب
همس غير مصدق: لقد ظننتني قاتلاً... !
سبحت عيناها في بركتي دموع.. واجابته بصوت متعثر بالبكاء: انا اسفة.. حين ، حين رأيك الفيديو.. كدت ان اجن.. لم استطع ان افكر.. كان علي ان اعرف الحقيقة
تجمد وجهه: كان بإمكانكِ ان تسألينني يا ملاك..
سقط قلبها.. لقد ناداها ملاك...... وليس انجل...!
.................................................. .................................................. ......

ابتسم ماتيو ابتسامته اللعوب.. وهو ينظر الى المرأة التي تجلس مقيدة أمامه.. في هذا المخزن المهجور.. يحيط بهما رجاله من كل ناحية.. بينما تعلق في حزامه مسدس يلمع معدنه تحت اشعة الشمس
-أهلا ميراندا..
رفعت حاجبها بوقاحة: لم اتوقعها من رجل مثلك
اظلم وجهه قليلاً لكنه حافظ على ابتسامته: لأنك لا تعرفين رجالاً مثلي
ابتسمت هي الاخرى: انت مخطئ.. لقد عرفت امثالك طيلة حياتي.. النوع الذي قد يرمي اخاه الى الحرب
تقدم نحوها بغضب لكن جلبة ما لفتت انتباهه.. صراخ وحركة مثيرة للريبة وصوت شجار .. فتح باب المخزن فجأة .. ليظهر عدة رجال يتوسطهم شخص بدا مألوفاً لماتيو..
همَّ رجال ماتيو بالتحرك للقتال.. لكنه صاح بهم: انتظروا..
عندها تقدم الرجل وهو يعرج .. ظهرت علامات الاستغراب على كلا الرجلين حين تعرفا على هوية بعضهما
قطب صخر: ماتيو ميلر؟ ما الذي تفعله هنا؟
قطب ماتيو هو الاخر: انا من عليه ان يسأل هذا السؤال.... ما الذي تفعله هنا سيد ساكر؟

السكر likes this.

moshtaqa غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-12-16, 07:07 PM   #1598

moshtaqa

نجم روايتي وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية moshtaqa

? العضوٌ??? » 105077
?  التسِجيلٌ » Dec 2009
? مشَارَ?اتْي » 2,935
?  نُقآطِيْ » moshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond reputemoshtaqa has a reputation beyond repute
افتراضي

انتهى الفصل ... قراءة طيبة حبيباتي


moshtaqa غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-12-16, 07:18 PM   #1599

rihab91

? العضوٌ??? » 331046
?  التسِجيلٌ » Nov 2014
? مشَارَ?اتْي » 2,250
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي tunis
?  نُقآطِيْ » rihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 60 ( الأعضاء 34 والزوار 26)
‏rihab91, ‏souhai, ‏rontii, ‏حب الدنيا, ‏ghdzo, ‏nona samir, ‏noura25, ‏امل الصباح, ‏ميريزااد, ‏labwa, ‏كريستنا, ‏رزان عبدالواحد, ‏زهره محروس, ‏ميااده, ‏سومة111, ‏moshtaqa, ‏om yahyya, ‏totoranosh, ‏ريماسامى, ‏لعنتي انت, ‏b3sh0, ‏yawaw, ‏nody d, ‏fatma ahmad, ‏MaNiiLa, ‏ohusen, ‏Just give me a reason, ‏خفوق الشوق, ‏bantdubai, ‏GAZALH, ‏Lalloush, ‏SUZ


rihab91 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-16, 07:19 PM   #1600

rihab91

? العضوٌ??? » 331046
?  التسِجيلٌ » Nov 2014
? مشَارَ?اتْي » 2,250
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي tunis
?  نُقآطِيْ » rihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond reputerihab91 has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل روعة روعة روعة
جو مسكين
اتجرح من انجل


rihab91 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:24 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.