آخر 10 مشاركات
يوميات العبّادي .. * مميزة * (الكاتـب : العبادي - )           »          304 - عندما يخطيء القلب - ريبيكا ونترز (الكاتـب : عنووود - )           »          [تحميل] من عقب يُتمها صرت أبوها،للكاتبة/ حروف خرساء "سعودية" ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عيون حزينة (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب حزينة (الكاتـب : mira24 - )           »          رحلة امل *مميزة*,*مكتملة* (الكاتـب : maroska - )           »          موريس لبلان ، آرسين لوبين .. الغريقة (الكاتـب : فرح - )           »          جناح مهيض*مميزة ومكتملة* (الكاتـب : بدر albdwr - )           »          586 - حب لايموت - صوفي ويستون - ق.ع.د.ن ( عدد حصري ) (الكاتـب : سنو وايت - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > القصص القصيرة (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-02-16, 09:36 PM   #1

seba seba

قلم برونزي برسائل أنثى

 
الصورة الرمزية seba seba

? العضوٌ??? » 342169
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 43
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
?  نُقآطِيْ » seba seba is on a distinguished road
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي سيزيف


بسم الله الرحمن الرحيم


هناك أخطاء لا يمكن أن ننساها مهما عفا عليها الزمن
فهي تتربص بنا في كلّ منعطف من الطريق، تطالعنا في كلّ المرايا
و تسيطر على أفكارنا كلعنة أبديّة متوحشة



هذا ما سنراه في القصة القصيرة


( سيزيـــــــــــــــــــــ ـف)



التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 26-02-16 الساعة 12:49 AM
seba seba غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-16, 09:44 PM   #2

seba seba

قلم برونزي برسائل أنثى

 
الصورة الرمزية seba seba

? العضوٌ??? » 342169
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 43
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
?  نُقآطِيْ » seba seba is on a distinguished road
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي سيزيـــــــــــــــــــــ ـف **متميزة**

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


seba seba غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-16, 09:50 PM   #3

yarahadi7

? العضوٌ??? » 359966
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 10
?  نُقآطِيْ » yarahadi7 is on a distinguished road
افتراضي

في طور المتابعه

yarahadi7 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-16, 09:53 PM   #4

yarahadi7

? العضوٌ??? » 359966
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 10
?  نُقآطِيْ » yarahadi7 is on a distinguished road
افتراضي

الجزء ناقص عند قولك "في إحدى الليالي و بينما كان والدي في إحدى رحلات عمله هاتفنا "محمود"، الحارس الذي ...بأن يلجها، "؟؟؟

yarahadi7 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-02-16, 07:28 PM   #5

seba seba

قلم برونزي برسائل أنثى

 
الصورة الرمزية seba seba

? العضوٌ??? » 342169
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 43
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
?  نُقآطِيْ » seba seba is on a distinguished road
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

أعتذر عن الخطأ الذي وقع عند تنزيل الجزء الأوّل من القصة و هذا الجزء الكامل


seba seba غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-02-16, 07:36 PM   #6

seba seba

قلم برونزي برسائل أنثى

 
الصورة الرمزية seba seba

? العضوٌ??? » 342169
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 43
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
?  نُقآطِيْ » seba seba is on a distinguished road
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي سيزيف ** متميزة**

الجزء الأوّل


منذ تسعة و عشرين سنة، أقبلت إلى هذه الحياة كإبنة وحيدة لرجل أعمال مليونير و فنانة معتزلة، و كوريثة طال إنتظارها بعد أن تسلل اليأس أخيرا إلى قلب والديّ الثريين الذين لم يكن ينغص عليهما حياتهما سوى وحدتهما و عدم وجود طفل يحمل إسم العائلة و يرث ملايينها التي كانت تسيل لعاب الأقارب المتملقين المتربصين بالمليونير "سليمان صادق" و زوجته "مريم".
و لم أكد أتم عامي السادس حتى غيب الموت والدتي إثر سقوطها عن الدرج في إحدى أمسيات الصيف، في كوخ المزرعة أين إعتدنا قضاء الإجازة بعيدا عن قيض العاصمة و زحمتها. لذلك لا املك اي ذكرى لها في ذهني عدا بعض الصور المشوشة و الضبابية.
كانت وفاتها بمثابة الحد الفاصل بين عصرين، حد وهمي و مع ذلك كان من السهل علي إدراكه، يكفي أن والدي قد أغلق كوخ المزرعة المحبب إلى قلبه إلى الأبد و منعنا جميعا من الإقامة فيه أو زيارته حتى... بل و حرمه على نفسه بعد أن كان ملاذه الوحيد.

و في إحدى الليالي و بينما كان والدي في إحدى رحلات عمله هاتفنا "محمود"، الحارس الذي كلف بحراسة الكوخ و حمايته من اللصوص، و قد تملكه الرعب و كاد يذهب عقله، قائلا بأنه قد رأى نورا خافتا صادرا من الكوخ في منتصف الليل و لما ذهب ليتحقق الأمر، أحس بحركة غريبة في غرف المنزل، و كأن هناك من يراقبه عن بعد، و مع ذلك فقد ذهب لتفقد ما يحصل، و ما إن اقترب من الكوخ حتى سمع وقع أقدام و صوت صفق باب إرتعدت له فرائصه، ظن بأنه لص قد غافله و تسلل إلى المنزل، فسحب بندقيته و فتح باب الكوخ و تسلل على رؤوس أصابعه حتى لا يفطن إليه اللص و يلوذ بالفرار.
بحث في كل الغرف و لم يجد أثرا لمخلوق، فتحقق بأنه ربما كان حيوانا أو طيرا، فأنار الأضواء علّه يظفر بضالته و يعود إلى نومه الهانئ في غرفته القريبة.
و فجأة إنقطع التيار الكهربائي و وجد عم "محمود " نفسه وحيدا في ظلام دامس، فأخذ يتلمس طريقه إلى القبو مذعورا، و قد زاد من هلعه إنعكاس ظلال بعض التماثيل التي يعج بها الكوخ، على ضوء هلال الشهر.سلك الرجل طريقه بصعوبة بين قطع الأثاث و التحف، متجها نحو القبو أين يوجد قابس الكهرباء، و ما كاد يصله حتى مزقت صرخة سكون الليل، فجفل العم "محمود" و سقط أرضا و سقطت بندقيته وراءه تماما، فنهض مسرعا يتلمس الأرض باحثا عنها و هو يلهث من الخوف و الفرق، و في تلك اللحظة سمع وقع أقدام تقرع درج القبو الخشبي متجهة صوب الباب، فإرتعب الحارس و أخذ يزحف باحثا عن بندقيته في الأرجاء إلى أن أجفله طرق شديد على الباب، و صوت زمجرة و عويل مكتوم و كأن مخلوقا ملعونا قد عتق من عقاله و إندفع نحو الرجل يريد به سوء. فما كان من العم "محمود" سوى أن أطلق ساقيه للريح و هو يصرخ متعوذا و يتلو آيات بلسان متلعثم و يطلب الصفح و الغفران .

أثارت رواية الحارس سخرية الدادة "جيهان" مربتي الجامعية، المثقفة و لم تصدق ما قال و طلبت منه أن يتأكد مجددا فلا يسعها أن تنقل روايته الساذجة و المستحيلة إلى السيد، و لكن الرجل رفض الإقتراب من الكوخ رفضا قاطعا و طلب منها إبلاغ "السيد سليمان" بالحادثة فور وصوله. آثرت "جيهان" أن لا تبلغ والدي بهذيان الحارس "محمود" و خرافاته، و طويت حادثة الكوخ، و لكن ليس لوقت طويل.. فبعد شهرين و نيف على تلك الواقعة، أقبل العم "محمود" إلى قصر السيد في العاصمة، لأول مرة، و طالب برؤيته لأمر هام. كنت يومها ألعب مع كلبي في الحديقة، بينما غير بعيد عني، جلس والدي و العم "محمود" يتحدثان عن أمر ما، و قد بدا العم "محمود" شاحبا و مذعورا، يتحدث بإضطراب و يلوح بيديه في الهواء باستمرار و هو يصف ما رآه من أحداث مرعبة تكررت للمرة الثانية في الكوخ.

أثار إنفعال الرجل فضولي، فقطعت ألعابي المملة، و إقتربت بحذر من مجلسهما، فسمعت العم "محمود" يقول بصوت مرتعش:" أنا متأكد مما قلته لك يا سيدي، أيا كان من تسلل إلى الكوخ ليلتها فهو بالتأكيد ليس إنسانا."
فأجابه والدي ببروده المعتاد ساخرا:" و ما ماهيته إذا، بعبعا؟ جنيا؟ أم أنه شيطانا ملعونا ؟"
لاذ العم "محمود" بالصمت و هو لا يفتأ يسترق النظر إلى والدي و كأنه يريد الإفصاح عن أمر، و جاء رد والدي المتبرم "صمتك لا يطمئنني يا محمود.. أفصح بوضوح عما تريد قوله" فشجع الكهل على الإعتراف بما يدور في ذهنه منذ الليلة الأولى "في الحقيقة يا سيدي..في الحقيقة.. أنا أظن.. بأن ما حصل في الكوخ .. أظنه شبح السيدة "مريم" يا سيدي".
إنتفض والدي بعصبية و صرخ في وجه العم "محمود": "كيف تجرأ أيها الخرف أن تتفوه بكلام كهذا عن زوجتي المرحومة؟"
أسرع الرجل و إنقض على يد والدي يقبلها معتذرا طالبا للصفح:" أعذر وقاحتي يا سيدي، وأرجو حقا أن يكون كل ذلك كابوسا أو تخاريفا..أنا رجل بسيط و لكن أقسم لك بأن ما رأيته و سمعته في الكوخ ضرب من الخيال..أمر لا يصدقه عقل "

كنت في السابعة من عمري أنذاك، و أذكر بأنني عجزت عن النوم في تلك الليلة فكلما داعب النعاس أجفاني عاد كلام عم "محمود" عن شبح والدتي يرن في أذنيّ، فيزرع في قلبي الخوف و الرعب، مما دفعني إلى مغادرة غرفتي و التوجه إلى غرفة الدادة "جيهان" التي رغم صرامتها فقد أشفقت علي و سمحت لي بقضاء تلك الليلة في فراشها.

قرر والدي بعد زيارة حارس الكوخ، أن يذهب بنفسه للتحقق من الأمر، فقضى إحدى الليالي في المزرعة ، و عندما عاد كان عاجزا عن تمالك نفسه، فقد بدت عليه رغم تماسكه الظاهري علامات الخوف و التوجس التي رافقته أياما بعد عودته من المزرعة.
أكد تهامس الخدم في القصر ما شككت فيه، فقد كان الجميع يتناقلون ما عاينه السيد بنفسه في ليلة الرعب التي قضاها في كوخ المزرعة، فلم تكن رواية العم "محمود" هلوسة و لا تهيؤات، كما ظن الجميع. الكوخ كان مسكونا بشبح السيدة "مريم"، و هي تظهر مرة أو مرتين في الشهر، ترتدي نفس الثوب الذي توفيت فيه، تجول في الكوخ إلى بزوغ الفجر.
و كان سكان القرية المجاورة و حراس المزرعة و من ضمنهم العم "محمود" يروُون ما يتناهى إلى مسامعهم من صراخ السيدة المكتوم، و اصوات اخرى غريبة كصوت أزيز محركات أو أدوات منزلية، و اصوات طرق. كما كانوا يرون ضوء خافتا منبعثا من الكوخ او ربما من القبو بالتحديد.
و قد كانت هاته الظواهر العجيبة كفيلة بإبعاد الفلاحين و المتطفلين عن الكوخ، خاصة بعد أن نسجت حوله الحكايات التي غذاها خيال سكان الريف البسطاء، و اضحت ضربا من الاساطير الخرافية مع مرور السنين.
و فكر والدي في عرض المزرعة للبيع و لكن لم يجرؤ أحد على شراءها، بعد ما ا نتشر في المنطقه خبر الشبح و زياراته الشهرية، فلم يكن من والدي إلا أن سيج الكوخ و طلب من العمال و الفلاحين عدم الإقتراب منه مجددا.

مرت السنوات سريعه، و بلغتُ سن الثانية و العشرين، و أضحى لغز كوخ السيد "سليمان" و شبح سيدته قصة مرعبة ترويها الأمهات لأبنائهن الأشقياء في الريف.
لم يتزوج والدي قط بعد وفاتي والدتي، و صب جل اهتمامه في تدليلي و تنفيذ طلباتي مهما كانت مستحيلة او غريبه ربما كانت تلك الوسيلة الوحيدة التي تمكنه من التعويض عن غيابه لايام عن المنزل في رحلات عمله التي لا تنتهي او ليكفر عن جلوسه لساعات في مكتبته الضخمة التي كانت بمثابة محرابه المقدس الذي حرم على الجميع تدنيسه.
في غياب الام و انشغال الاب، تربيت في احضان الخدم و المربيات، و كلما تعلقت باحداهن رحلت لتأتي واحدة غيرها و لذلك تسلحت بالبرود و انشأت من حولي مساحة خصوصية شاسعة لا اسمح لأحد كائنا من كان بأن يلجها، كان لها الفضل في حمايتي من مشاعر التعود و الألفة و ما يليها من أحاسيس الفقد و الحنين و الألم.
و لم أشذ بذلك على القاعدة التي تحكم حياة الورثة المستهترين، الخاملين، و المنغمسين في اللهو بكل اشكاله.

و سارت حياتي على وتيرة واحدة مملة، أحداث يومي تمضي وفق روتين لا تجديد فيه و لاتغيير، إلى أن كان اليوم الأخير من شهر ديسمبر. كانت المنطقة الشمالية بأكملها قد تعرضت لعواصف لم يسبق لا مثيل منذ عقود، إنهمرت الأمطار غزيرة و إندفعت سيولها متلاطمة، ففاضت الوديان و الأنهار، و أغرقت المدن و القرى المتاخمة لمجاري المياه و أودت بحياة عدد كبير من الناس فأعلنت حالة الطوارئ و إستنفر الجميع طوال أسبوعين كاملين.

تلك الأمسية الأخيرة من السنة، كانت أول ليلة رأس سنة أقضيها رفقة والدي منذ سنوات، إذ دأب كل منا على إحيائها على طريقته، و لكن رداءة الطقس و المآسي التي خلفتها العواصف جعلت والدي يجبرني على ملازمة القصر برفقته، فقبلت على مضض .
و لم يكد الربع الأول من السهرة يمضي حتى طرقت بابنا فرقة من الشرطة، تحدثوا مع والدي قليلا، فطلب معطفه و مظلته و رافقهم دون أن ينبس بحرف.


seba seba غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-02-16, 07:38 PM   #7

seba seba

قلم برونزي برسائل أنثى

 
الصورة الرمزية seba seba

? العضوٌ??? » 342169
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 43
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
?  نُقآطِيْ » seba seba is on a distinguished road
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

أتمنى أن تعجبكم القصة


seba seba غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-16, 01:16 AM   #8

seba seba

قلم برونزي برسائل أنثى

 
الصورة الرمزية seba seba

? العضوٌ??? » 342169
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 43
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
?  نُقآطِيْ » seba seba is on a distinguished road
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي سيزيـــــــــــــف **متميزة**

الجزء الثاني


جلست أنتظر عودة والدي إلى أن غفوت على أريكة الصالون، فإنتبهت إليّ "أم سليم" مربيتي الأخيرة فأقبلت توقظني و أقنعتني بالخلود إلى النوم فيما ستنتظر هي عودة أبي.
أفقت في اليوم الموالي فزعة بعد أن راودني كابوس مريع، غيرت ثيابي على عجل و نزلت مسرعة إلى الطابق السفلي من المنزل، فوجدت والدي جالسا إلى مائدة الفطور يترشف قهوته رفقة المحامي ، تنفست الصعداء و حييت المحامي الشاب و قبلت والدي و جلست قبالتهما مستفسرة:" ما الذي حدث معك ليلة الأمس يا أبي؟.. و ما سبب قدوم الشرطة إلى منزلنا؟"
فأجابني أبي مطمئنا:" لا داعي للقلق يا عزيزتي، لقد حصل أمر ما في المزرعة، لا تشغلي نفسك به."
و أمام تكتم والدي الغريب، إلتفت إلى المحامي مستنجدة، ففهم الأخير ما أقصده، و إبتسم قائلا:" أنسة "سارة"، لقد تسببت الأمطار الغزيرة في إنجراف التربة في المزرعة و كشفت عن بقايا بشرية مما دفع الشرطة إلى فتح تحقيق في الموضوع و قد إتصلوا بالسيد "سليمان" لأنه مالك المزرعة لا غير ..لا داعي للقلق، فموقف والدك سليم تماما."
_" و لكن ما الذي تقصده ببقايا بشرية؟"
_" أعني بذلك،.. جثثا و هياكل عظمية."
وضعت يدي على فمي من الصدمة و تمتمت: "يا إلاهي.."
فقاطعني والدي متبرما:" أنهي فطورك بسرعة، و لا تفكري بالأمر، من المؤكد بأنها مقبرة قديمة."

طوقت الشرطة محيط الكوخ حيث أكتشفت بعض القبور و الهياكل كما أغلقت كل المنافذ و المعابر من و إلى مزرعتنا حتى ينتهي محققو القسم الجنائي من نبش كل الأراضي المتاخمة للكوخ بحثا عن مزيد من الضحايا أو أدلة من شأنها أن توقع الجاني.
كنت جالسة رفقة والدي في الحديقة، و قد إنهمك في تدخين سيجاره و قراءة جريدته على مهل، بينما تجاهلت الكتاب الذي أطالعه و إستسلمت للتفكير في تلك الحوادث الغريبة التي تحصل في مزرعتنا و كوخها المهجور، قصة الشبح تلك، و الآن قبور و جثث و...
و عندها أقبل المحامي "كريم"، فرحب به والدي و أجلسه قربه، و ما لبث الشاب أن أخرج من حقيبته الفاخرة، ورقة قدمها إلى والدي قائلا:" هذا إستدعاء لك سيد "سليمان" من مخفر الشرطة للمثول أمامهم غدا للتحقيق معك."
وضعت الكتاب جانبا، فيما قال أبي مستنكرا:" و ما علاقتي بالموضوع؟ .. ألم تقل بأنني سأكون في منأى عن المشاكل ما إن أمنحهم التصريح بتفتيش المزرعة و الكوخ؟.."
_" بلى يا سيدي و لكن.."
_لكن ماذا يا "كريم"؟؟..الجميع يعلم بأنني قد هجرت المزرعة و كوخها منذ وفاة زوجتي و شائعة الشبح تلك و أن لا علاقة لي بما يجري الآن.. "
ـ" أدرك تماما ما تقوله و أؤكد لك بأنك لست متّهما يا سيدي، كل ما في الأمر بأنك ستقصد المخفر لتخبرهم بما تمتلكه من معلومات عن الموضوع بما أنك مالك المزرعة و المعني الأول بما يدور فيها، كما أنك الأدرى بالعمّال و الفلاحين الذي يعملون في أرضك...إنّك شاهد فقط"
_" كريم ألا تعلم خطورة ما تقوله؟ ..إنّ مجرّد ورود إسمي في سجلات التحقيق كفيل بأن يسبب لي خسائر كبيرة، ألا يكفي ما خسرته بسبب مصيبة القبور تلك؟"
_" لا داعي للقلق.. سأحرص على أن لا يتّم المساس بسمعتك و لا تلويث إسمك."
رمى والدي جريدته في غضب على الطاولة و رحل، و تركني وحيدة رفقة المحامي، الذّي أصيب بالحرج من كلام أبي. حاولت تخفيف وطأة الموقف فبادرت "كريم" قائلة:" هل من جديد في قضية المزرعة؟"
_" لقد أنتهى المحققون من حصر عدد الضحايا و رفع الأدّلة، و هم يقومون الآن بمحاولة تتبع خيوط القضيّة.. و لكن يبدو بأنّها ستكون قضيّة طويلة،.. فهم لم يتوصلوا إلى الآن إلى مشتبه به، و هو ما دفعهم إلى إعادة إستجواب بعض الشهود و إستدعاء آخرين كوالدك."
_" مممم.. كم هو عدد الضحايا؟"
_" إنّه 89، وجد بعضها في القبو بينما دفنت معظمها في قطعة الأرض المحيطة بالكوخ."
صمت برهة محاولة إستعاب هذا الرقم المخيف، و لكنني عجزت عن ذلك، بل لم أستطع أن أتخيل أي سبب عدا الكوارث الطبيعية أو الحروب قادرا على أن يودي بحياة هذا العدد من البشر.
ترددت قليلا ثم قلت ل"كريم":" أليس من الممكن بأنها بقايا لضحايا مجزرة ما أو كارثة ربما وقعت منذ فترة طويلة في المنطقة.. ؟"
_" هذا مستحيل، فالتحاليل و الإختبارات على رفاة الضحايا أثبتت بأن بعضها تعود إلى 25 سنة خلت كأقصى تقدير و أحدثها تعود إلى ثمان سنوات تقريبا.. و لديّ صديق يعمل محققا مكلفا في هاته القضيّة قد أعلمني بأنّها كلّها قد خضعت لنمط واحد من التعذيب و القتل.."
_" التعذيب؟"
_" بلى.. إنّه أمر فظيع، أليس كذلك؟"

في الغد، عاد أبي من التحقيق و قد لاحظت بأنه كان أكثر راحة و هدوء.. و ربما أكثر ثقة.

و قد أثار ذلك حيرتي، فسرعان ما إنتشر خبر إستجوابه كالنار في الهشيم، و بدأ الجميع في التهامس و القول بأنّ "سليمان صادق" مشتبه في جرائم الكوخ، بل أخذ معظم أصدقاء العائلة في تفادينا، و لم يكن أصدقائي بأفضل من أصدقاء والدي، فبعد أن كانوا يطاردونني للخروج معهم أصبحوا يتظاهرون بالإنشغال و يتعللون بالمرض و غيره من الأعذار الواهية ليتهربوا من مرافقتي و الظهور معي في الأماكن العامة.
كانت تلك الفترة صعبة على الجميع، و خاصة علي، و لكنها في المقابل قدمت لي درسا لم و لن أنساه ما حييت.
و لم تمضي أسبوعان حتى أقبلت عليّ "أمّ سليم"، بوجه شاحب كمن رأى لتوّه شيطانا أو مسخا، وقفت قبالتي تفرك يديها في قلق، فنزعت سماعتيّ الأذن، و سألتها:" ماذا هناك؟"
_" لقد قبضوا على سفاح الكوخ.."
_" حقّا!.. هذا جيد.."
_" و إن عملتِ بأنّه العم "محمود"؟"
_" العم "محمود"؟!!... و لكن هذا لا يُعقل.."
و فجأة ولج والدي البهو، بعد أن قضى ساعاته المعتادة في مكتبته، و قال:" فعلا، إنه أمر مربك، .. من كان يظن بأن ذلك الرجل الطيّب قادر على إجتراح هكذا مجزرة؟؟..و لكن يجب أن نعترف جميعا بذكاء ذلك العجوز.. قصة الشبح تلك .. حجة ذكيّة لإبعاد الجميع عن مدفنه الخاص."
فبادرته بالسؤال:" و كيف علمتَ بذلك؟"
_"لقد إتصل بي المحامي "كريم" و أعلمني بأنّ الشرطة قد ألقت القبض عليه بالأمس.." و همّ أبي بالمغادرة فعاجلته :" و ماذا كان رد الع... ماذا كان رده؟ هل إعترف؟"
فأجابني و هو يطالع ساعته، متهيئا للخروج:" لا أظن بأن الأمر سيطول قبل أن يفعل.. فترديده بأنّ شبح والدتك الفاعل، يثير أعصابي فعلا.. ناكر الجميل ذاك إستغفل الكلّ."

لم يدم التحقيق طويلا، فعمّ "محمود" الشيخ الوقور ذو الثلاثة و الستين عاما، إنهار أمام إصرار المحققين و إعترف في النهاية بكلّ جرائمه المروّعة، و التي كان كوخ المزرعة و الأرض المحيطة به مسرحا لها، بل كما أبلغنا المحامي "كريم"، فإنّ العمّ "محمود" الطيّب إعترف بتعذيب ضحاياه، و إختتم إعترافه المخزي بأنّه كان تحت سيطرة قوى خارقة، لا يعلمها، ربما كان شبح السيّدة"مريم"، أو لعلّه الشيطان ببساطة. و نُقلت قضيّته إلى أروقة المحكمة، ليقول القانون كلمته الأخيرة في حقّ "سفاح النساء" .. العمّ "محمود".

و بعد أن أنتهى هذا الكابوس المريع، قام والدي بإقامة حفل صغير، على شرف بعض المستثمرين و أصدقاء العائلة، و إن كان هدفه الأساسي أن يعلم الضيوف من شركائه بأنّه لا يزال "سليمان صادق" رئيس مجلس إدارة أقوى الشركات في البلاد، كما كان دائما، و أن فضيحة الكوخ و جرائمه ليست سوى كبوة، نهض بعدها الجواد أقوى و أسرع و أنجح.



seba seba غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-16, 06:21 PM   #9

seba seba

قلم برونزي برسائل أنثى

 
الصورة الرمزية seba seba

? العضوٌ??? » 342169
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 43
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
?  نُقآطِيْ » seba seba is on a distinguished road
?? ??? ~
My Mms ~
:sss4: سيزيــــــــــــف ** متميزة**

الجزء الثالث و الأخير

مرّت سبعة أشهر على واقعة كوخ "سليمان صادق" و طالت محاكمة السّفاح "محمود" و كثرت تفاصيلها، فأصيب الناس بالملل و فقدوا الإثارة و إنشغلوا عنها بأعمالهم. و عاد كل شئ إلى ماكان عليه، بينما أحدثت مآساة الكوخ تغييرا كبيرا في نفسي، إذ أدركت و لأول مرة بأنّ الحياة أقصر من أن أضيعها في الإستهتار و الفوضى.

كان أمامي الكثير لأتعلمه في مدرسة الحياة، بعد أن فوّت على نفسي فصولها لسنوات طويلة.

إستيقظت ذات يوم ربيعي، هادئ، فوجدت بأني قد فوّت عليّ أولى محاضرات الصباح، بسبب سهري لإنهاء كتاب في الليلة السابقة،
فالمطالعة أصبحت أحدى أهم هواياتي. بقيت في الفراش لبعض الوقت، ثم قررت أن أنزل لتناول الفطور و الخروج إلى الحديقة للإستمتاع بالطقس الخلاب.
أذكر يومها، بأنني لم أكد أقطع نصف الرواق المؤدي إلى حديقة القصر، حتى أقبلت إحدى مدبرات المنزل و سلمتني مفتاحا عتيقا قائلة:" لقد وجدت هذا المفتاح في جيب سترة السيد "سليمان" قبل أن أرسلها للتنظيف"

_" آه لابد بأنه قد نسيه..شكرا."

قلّبت المفتاح بين أناملي، و إستقرت عيناي على باب المكتبة الموصد، و ظننت بأن والدي لن يمانع في أن أستعير بعضا من كتبه القيمة.

أدرت المفتاح في القفل و فتحت الباب، فأصدر صريرا إقشعر له بدني، ربما بسبب كل ذلك الترقب الطويل قبل أن تتاح لي الفرصة في إكتشاف عالم أبي السري، الذي طالما أثار فضولي.

كانت المكتبة مذهلة، كما توقعت تماما، رصّفت كتبها ذات الأغلفة الجلدية الأنيقة و الكتابات المذهبة بعناية و ترتيب.
لم أقاوم رغبتي في تمريري أصابعي على المجلدات و أنا أستنشق عبقها المسكر، خليط غريب من الروائح المخدرة. و في وسط الغرفة الواسعة، إنتصب مكتب والدي، كان فوقه كتاب ذي غلاف أسود عتيق، و بقربه آلة عرض حائطية بدائية.
إقتربت منها و وضعت بعض الصور و ضغطت زر التشغيل، و في إنتظار أن تظهر الصور، تناولت الكتاب الغريب ذي الغلاف الداكن و فتحته.

لم تكد عيني تقع على الصفحات الأولى حتى وقف شعر رأسي من هول ما قرأت،
رميت الكتاب بسرعة و تراجعت بضع خطوات و عندها إنتبهت إلى الصور التي تتشكل على حائط المقابل، و تسمرت في مكاني مرتاعة، واضعة يدي على فمي لأكتم صرخة تتحشرش في حلقي.

يا إلاهي، إنني أحتفظ في ذاكرتي بكل تفاصيل تلك اللحظات العصيبة، عندما وقفت أطالع في رعب الصور، أذكر بأنني هرعت و أغلقت آلة العرض و أنا أكابد شعورا مميتا بالغثيان،
و إلتفت حولي على غير هدى، فإسترعى إنتباهي، كتاب ذو غلاف أسود على أحد الرفوف، فكتاب ثان و ثالث و رابع و خامس و...

سحبتها و تصفحتها مرتعشة و كانت كلها مذكرات تروي تفاصيل جرائم الكوخ..جرائم "سفاح النساء" و لكن بخطّ والدي!!

و عندما رفعت رأسي هذه المرّة، وجدت والدي واقفا عند باب المكتبة، يطالعني بنظرات مرعبة و أحد كتبه السوداء في يدي.
و بهدوء أغلق باب الغرفة و إتجه نحوي و لما إستقر عند الجهة المقابلة من المكتب قال:" أرى بأنك قد عرفتِ سري الصغير."

نظرت إلى وجهه و كأنني أراه للمرّة الأولى، و كأنه شخص آخر لا أعرفه، و تمتمت و قد خانني صوتي:" أ..أكنتَ..أنتَ....أنتَ من إرتكب كل هاته الفظائع المنكرة؟"
و إنهمرت دموعي أخيرا

"أنتَ سفاح النساء، ... ولكن العم "محمود".. يا إلاهي أي كابوس هذا؟!!"

_" للأسف هذا ليس كابوسا يا عزيزتي، أنا .."

قاطعته :" لما؟!!" و أخذ صوتي يعلو أكثر فأكثر و صرخت في وجهه:" لماذا؟ ما الذي أذنبنه هؤلاء النسوة في حقك!!.."
و فجأة إنتبهت و تذكرت ما حدث في الكوخ في ذلك الصيف،" و ماذا عن أمي، هل قتلتها هي الأخرى.. هل إكتشفت جرائمك، فأسكتها إلى الأبد؟؟؟"

_" لا، لا.. أقسم أن وفاة والدتك كان حادثا، لا علاقة لي به.."
و أخذ يقترب مني، فيما تراجعت محافظة على مسافة أقدام بيننا،
في تلك اللحظة إنتفى كل شئ يجمعنا، صلة الدّم، سنواتنا الطويلة معا كأب و إبنته،
كلها إندثرت بينما واصل "سليمان صادق" كلامه هامسا:" لم أكن موجودا عندما وقعت والدتك عن الدرج في ذلك اليوم، ألا تذكرين ذلك؟ لقد كنت في القرية أقتني بعض الأسمدة و المعدات للمزرعة..ما حدث في ذلك الكوخ، كان خطأ و قد مضى دون رجعة، أنا اليوم رجل سوي رمى كل الماضي وراء ظهره و يسعى إلى عيش حياة مستقيمة.."

_" خطأ؟!! وأي خطأ ذاك الذي يتسبب بمجزرة تزهق فيها أرواح 89 إمرأة؟ .. بل 90 روحا إذا ما إحتسبنا العم "محمود" الذي يحاكم الآن على جرائم لم يقترفها، جرائمك التي ستقوده إلى حبل المشنقة..أي وحش أنت..أي وحش أنت!!!"

_" هذا الوحش هو للأسف والدك يا سارة، فما الذي ستفعلينه حيال ذلك؟ هل ستهرعين إلى المخفر و تبلغين الشرطة بأن والدك هو الفاعل و ليس الشيخ "محمود"؟
.. هه، في الوقت الذي ستقضينه تروين تفاصيل إكتشافك هذا، سأكون قد أعدمت كل الأدلة التي تدينني، الصور، و المذكرات كما أعدمت كوخ المزرعة..
و عندها سيكون كلامك في مقابل كلامي و ترسانة محاميّ، من برأيك سيكسب في النهاية؟"

لزمت الصمت، فإقترب مني و سحب الكتاب الأسود من بين يدي فلم أقاومه، أغلقه و وضعه على الطاولة قائلا:" هب أنك نجحت و كنت المنتصرة، و خلّصتِ عنق ذلك الشيخ الخرف الذي لم تريه سوى في مناسبات معدودة من حبل المشنقة
و لففته حول عنق والدك الذي لم يبخل يوما في تلبية رغباتك و السهر على راحتك،
والدك الذي كان إسمه جواز سفرك لتحقيق أحلامك حتى المستحيلة منها..ما الذي سيحصل برأيك بعد ذلك؟

ستنتشر قصة بطولتك في الآفاق و ستتصدرين عناوين الصحف التي سيمجد صحافيوها المتسلقون موقف "سارة صادق" التي سلمت والدها إلى العدالة،
سيحبك الناس و سيطالعونك بإعجاب و سيتحدثون عن شجاعتك و دفاعك عن الحقّ...
و سيكون هذا إنجازك الوحيد بعيدا عن مساعدتي و علاقاتي و إسمي،
الشئ الوحيد الذي قمت به و ستبرعين فيه دون شك إلى درجة إذهال الجميع هو تدمير والدك و عائلتك و نفسك في نهاية المطاف.

ألم يخطر ببالك أن نشوة إنتصارك هذه ستختفي بأسرع مما تتوقعين،
عندما يظهر إنجاز حقيقي يسحب البساط من تحت قدميك، فينفّض الجميع من حولك و يطوي "بطولتك" النسيان،
و تعودين إلى الواقع، واقعك و حقيقتك ك"سارة سليمان صادق" بدون ألقاب البطولة و التبجيل، "سارة سليمان صادق" مجرد إبنة لسفاح، كان فيما مضى مليونيرا ذو نفوذ، و لكن إبنته المدللة و التي أحبها أكثر من نفسه حكمت عليه و على نفسها بالإعدام..
أنتِ تعلمين بأنّك ستعانين بقدر ما سأعاني أو أكثر حتى،
لأنه ما إن أتدلى من حبل المشنقة حتى تنتهي معاناتي إلى الأبد، و لكنّ معاناتك يا صغيرتي ستتواصل..
أتذكرين يا سارة، عندما تمّ إستجوابي من قبل الشرطة؟..
عندما بدأ الجميع من حولنا بتفادينا، أنا و أنتِ، لمجرّد الشك بأن لي يدا في جرائم الكوخ،
أتذكرين رفاق طفولتك و أصدقائك المقربين؟
أتذكرين كيف إبتعدوا عنك و لفظوك و كأنك وباء قاتل سيلوثهم،

ها قد بدأت تتذكرين يا عزيزتي، أرى ذلك الإحساس في عينيك يا صغيرتي.."

و أمسك والدي وجهي بين يديه و نظر في عيني قائلا:"و الآن هل ستكونين قادرة على التعايش مع هذا الإحساس المميت لبقية عمرك يا سارة؟.."

أخفضت رأسي و يدي والدي لا زالتا تطوقانه، و عينيه مثبتتان على شفتي، ينتظر بإهتمام ما سأقوله. فتمتمت دون أن أرفع رأسي و أنا أشهق:" و لكن ما ذنب العم "محمود"؟"

فإحتضنني والدي و همس في أذني:" و ما ذنبك أنتِ؟"

كانت تلك هي المرة الأخيرة التي تحدثت فيها مع "سليمان صادق"، فلم يطل بي الأمر قبل أن أنهار تماما أمام شعوري بالذنب و التواطئ في إعدام عم "محمود" الذي لا أعلم إلى اليوم لما إعترف بأرتكابه لتلك الجرائم،
فتركتُ كل شئ خلفي و غادرتُ إلى أبعد مكان إستطعت الوصول إليه.

و لم أدرك حينها بأنني و لسوء حظّي قد حزمت الندم و الأرق الطويل و تأنيب الضمير متاعا في حقيبتي، في الوقت الذي كنت أناضل فيه للهروب من هاته الأحاسيس القاتمة التي تأكل روحي...

كنت محكومة بالعذاب و الألم تماما كسيزيف، أنوء تحت حمل صخرة الذنب الثقيلة، أدفع نفسي المتهالكة بصبر نحنو قمة النسيان، فتتدحرج الصخرة و تعيدني إلى نقطة البداية. .

قرأتُ في إحدى ليالي أرقي الطويلة كتابا، لا أذكر منه سوى جملة وحيدة تتردد في ذهني كلّ مساء و أنا أرتعد فرقا من حلول الظلام و ما يجلبه معه من كوابيس و خيالات لم تفلح الأدوية المهدئة و لا جلسات العلاج النفسي في تخفيفها،

و تقول تلك الجملة بأن "ضمير المذنب عدّوه" و قد بليتُ بأشرس الأعدّاء....


النهاية


seba seba غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:33 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.